الفيديو المحاضرات سؤال و جواب معرض الصور صوتيات المكتبة اتصل بنا الرئیسیة
  الخمیس  16 رمضان  1445 - Thers  28 Mar 2024
البحوث المنتخبة    
كتاب المتقين    
الرئيسية   أرشيف  > قيمة تاريخ عاشوراء تنشأ من وجود الإمام المعصوم فيها

قيمة تاريخ عاشوراء تنشأ من وجود الإمام المعصوم فيها


قيمة تاريخ عاشوراء تنشأ من وجود الإمام المعصوم فيها

هؤلاء الجماعة, لا يعلمون أنّ سيّد الشهداء عليه السلام كان إماماً.. إماماً معصوماً قبل إيجاد حادثة كربلاء, وأنّ قيمة تاريخ عاشوراء إنّما تتحقّق بحضور إمامٍ معصوم فيها, دون أيّ شخص عاديّ, مهما كان بالغاً من مراتب العلم والتقوى والتقرّب, وبعبارة أخرى: هذا الإمام المعصوم هو الذي يعطي لحادثة عاشوراء عزّتها وشرفها واعتبارها وهويّتها الخاصّة بها, لا أنّ عاشوراء هي التي قد شرّفت الإمام عليه السلام, وأضافت عليه العزّة والكرامة. ولو كان في هذه الواقعة العظيمة شخصٌ آخر, مهما كانت هويّته ومهما رفعتْ شخصيّته, بحيث يكون زمام أمور هذه الواقعة بيده, وتكون إدارتها على عهدته, فسوف لن تكون عاشوراءُ عاشوراءَ, بل هي حادثة كسائر الحوادث, وواقعة كسائر أخواتها ممّا لا يحصى في التاريخ, والتي حصل فيها ظلمٌ من عدّةٍ ظالمة جانية, فتغلّبوا على فئةٍ أخرى مظلومة ومهزومة ومنكوبة.

من هنا, حيث نستكشف أنّه ينبغي عدم قياس حادثة عاشوراء على غيرها من الوقائع, ولا نستعمل ـ لا قدّر الله ـ التعابير التي توحي بوجود نوع من الاتحاد أو المشابهة بين واقعة عاشوراء وغيرها, ولا نتخطّى الحدود التي وضعها لنا الأئمّة المعصومون عليهم السلام.

فمع هذا التصوّر الغير المناسب والمخطئ بالنسبة للساحة المقدّسة لحضرة مولى الكونين أبي عبد الله الحسين عليه السلام, فإنّ حقيقة الإمامة وشؤونها قد انمحقت ونُسيت بشكلٍ كاملٍ وبتمام معنى الكلمة, ولم يعد هناك أيّ معنى لكيفيّة رابطيّة الإمام مع المبدأ الأعلى, ووساطته بين ذات الحقّ المتعالي وسائر مخلوقاته (من المبدعات والمجرّدات حتّى عالم الطبع والمادّة) وتدبيره التكوينيّ في نفوس جميع الأشياء, ولكون قوام حياة الأشياء الملكيّة والملكوتيّة متقوّم بنفس هذا الإمام القدسيّة, وأنّه به يتمّ إيصال كلّ مراتب التعيّنات إلى أصلها وحقيقتها تكويناً وتشريعاً وواقعاً, فمع هذا التصوّر الخاطئ سوف يطرح كلّ ذلك في دائرة النسيان.

فالإمام عليه السلام قلب عالم الإمكان, وسرّ حقيقة تنزّل الفيض الإلهيّ في عوالم ما دون ذات الحقّ, فالمشيئة والتقدير الإلهيّين ساريان وجاريان في جميع العوالم, بواسطة نفس الإمام عليه السلام, فهو يقوم ويثور حيث تتعلّق إرادة الحقّ بالقيام والثورة, حتّى وإنْ لم يكن معه ناصر ومعين, وحيثما تتعلّق إرادة الحقّ بالسكوت والسكون فإنّه لا يبدي أيّ نظر آخر أو رأي معاكس, حتّى وإنْ كانت جميع الخلائق سائرة خلفه ومنقادة ومطيعة له. فهو قد تجاوز عن نفسه وذاته, واتّحد مع الحقّ, ولم يبقَ لديه أيّ رأي من نفسه, ولا أيّ فكر خاصّ, وليس هناك أيّ خطور يساوره في مخيّلته غير إرادة الحقّ ومشيّته, ففعله فعل الحقّ, ولا مجال للاعتراض أو الاستشكال على فعل الحقّ.

جهاد الإمام المعصوم وصلحه تابعان لإرادة الحقّ

إنّ سكوت الإمام المجتبى عليه السلام هو محلٌّ لرضى الحقّ وإرادته بنفس درجة ثورة سيّد الشهداء عليه السلام, دون أيّ اختلاف أو تفاوت ولو بمقدار رأس إبرة, ولو كان الأمر غير ذلك فسوف يكون فعل الله قبيحاً وشنيعاً, تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً. وما لم يصل الإنسان إلى هذه الحقيقة, سوف يبقى في حال الشكّ والترديد والاضطراب والاعتراض, ويظلّ يُبرز الإشكالات الواهية والتافهة اتّجاه الإمام المعصوم عليه السلام. وسيصدر منه في كلّ مناسبة أو ظرف حكمٌ خاصّ (وذلك حسب الحوادث والظروف المختلفة سواء كان ذلك مناسباً أم غير مناسب), كلّ ذلك حسب مقتضى فهمه الناقص, وطبقاً لتوهّماته وتخيّلاته بالنسبة لفعل الإمام عليه السلام, وسيظلّ متورّطاً بالشعور بالتناقض والتضادّ كلّما واجه موقفاً مشابهاً لتلك المواقف المختلفة والحيثيّات المختلفة.

ومن هنا نصل إلى هذا الحديث الشريف النبويّ القائل:

الحسن والحسين إمامان, قاما أو قعدا

فالثقافة الشيعيّة الأصيلة تقتضي أنْ يعرف الإنسان إمامه أوّلاً, ثمّ بعد ذلك يتأمّل في أفعاله وسلوكه, ولذلك نرى أنّ الكثير من كبار المعاصرين لزمن الإمام عليه السلام, كأخيه المكرّم محمّد ابن الحنفيّة أو عبد الله بن جعفر الطيّار وأمّ سلمة زوجة رسول الله, والتي كان راضياً عنها صلّى الله عليه وآله وسلّم وغيرهم, كانوا يحذّرون الإمام من الخروج والقيام! إلاّ أنّ الإمام لم يكن ليتلفت إليهم ولم يعتنِ بنصائحهم وتوصياتهم, وكذلك الحال بالنسبة لولد الإمام السجّاد عليه السلام حضرة زيد بن عليّ بن الحسين, حيث صدر منه ما يشابه ذلك, حيث كان الإمام الباقر عليه السلام قد نهاه عن الثورة ضدّ بني مروان, إلاّ أنّه لم يقبل, ثمّ اتّهمَ الإمامَ بالخوف, ورماه بعدم الجرأة على مواجهة ظلم الخلفاء وجورهم, وفي النتيجة, وبعد صراع مرير بينه وبين جنود بني مروان في ضواحي الكوفة, استشهد وبقي جسده معلّقاً أربع سنوات فوق المشنقة.([4])

فلو كان من المقرّر أنْ تكون وظيفة الإمام هي الحثّ بشكل دائم على الجهاد ومعارضة الظلم, فلماذا لم يقم الإمام الباقر عليه السلام بذلك! ولو كان المفترض أن يكون شعار سيّد الشهداء وبرنامجه التربويّ والدينيّ والاجتماعيّ هو الثورة والمواجهة مع الظلم, فلماذا رضخَ لمدّة عشر سنوات في وقت حكومة معاوية الخبيث لعنة الله عليه ولم يعلن الحرب عليه؟!

وإنْ يقال: لمْ تكن الأحوال والشروط الاجتماعية مهيّئة للقيام والثورة آنذاك, فيجب أن يُستنتج أنّ: إرجاع الفرق بين الإمامين إلى طبيعتهما ووضعيّتهما الذاتيّة لهو اشتباه كبير, وذلك بأنْ يدّعى أنّ أحدهما طالبٌ للصلح والسكون والسكوت ذاتاً وفطرةً, ثمّ ننظر إلى الآخر على أنّه ثائر ومجاهد ومعارض, هذا النوع من التفريق خطأ فادح واشتباه كبير ومرفوض, وهو ناشئ من الجهل وعدم العلم بحقيقة الإمامة والولاية؛ وحسبما يقول مولانا جلال الدين البلخيّ:

كار پاكان را قياس از خود مگير

گرچه باشد در نوشتن شير شير

جمله عالم زين سبب گمراه شد

كم كسى ز ابدال حقّ آگاه شد

همسرى با انبياء برداشتند

اولياء را همچو خود پنداشتند

اين ندانستند ايشان از عِمى

هست فرقى در ميان بى منتها

هر دو گونه زنبور خوردند از محلّ

ليك شد زان نيش وزين ديگر عسل

هر دو گون آهو گيا خوردند و آب

زين يكى سرگين شد و زان مشك ناب

هر دو نِى خوردند از يك آب خور

اين يكى خالى و آن ديگر شكر

صد هزاران اين چنين اشباه بين

فرقشان هفتاد ساله راه بين([5])

يكمن اشتباهنا في أنّنا نأتي ونقايس فعل الإمام المعصوم على عملنا العاديّ المملوء بالغلط والخطأ, ونتصوّر أنّه مادام الإمام قد ثار في مرحلة معيّنة وضمن شرائط خاصّة, فإنّ فعلَ ذلك سائغ لنا أنّى شئنا! وكذلك لو سكت أو هادنَ في ظرف معيّن فإنّه يجب علينا أن نسكت بشكل دائم! أو أنّه لو صرّح بمطلب أو قضيّة معيّنة في مرحلة من المراحل فنستنتج جواز إرسال ألسنتنا بها, أو التصرّف كما تصرّف هو حسب رغبتنا وذوقنا, وقد نسينا كلام المعصوم حينما قال: لا يقاس بنا أحد.([6])

 


 

([4]) أصول الكافي 1: 365 الحديث 16.

([5]) مثنوى معنوى, الدفتر الأوّل. والمعنى:

لا تقس عمل الصلحاء الأطهار على نفسك, فالمشابهة بينك وبينهم ليست إلا مشابهة ظاهريّة فحسب, ولا تتعدّى الاشتراك اللفظيّ فقط والحال أنّنا من حقائق مختلفة ومتفواته.

فجميع العالم قد وقعوا في الاشتباه والضلال لوجود هذه المشابهة بينهم وبين الصلحاء, والقليل النادر من رجال الغيب والأبدال هم الذين وفّقوا ووصلوا إلى هذه الرتبة من المعرفة والتمييز.

فنتيجة مقايسة أنفسهم على الصلحاء أنْ أصبحوا يخال لهم أنّهم في رتبة واحدة مع الأنبياء!

فهم لم يعرفوا لأنّهم عمي القلوب, فالفرق بينهما إلى ما لا نهاية.

فهناك نوعان من المنحل أحدهما يلدغ والآخر يجني العسل, والحال أنّهما يتغذّيان من مكان واحد.

وكلا الغزالين (المذكر والمؤنّث) يأكلان من عشب واحد ويشربان من ماء واحد, ولكن أحدهما لا يخرج منه إلا الروث ذو الرائحة الكريهة, وأمّا الآخر فإنّه يستخرج منه عطر المسك والمفضّل.

وكلّ القصب يسقى من ماء واحد, ولكن هذه القصبة خالية وتلك تعطي السكّر!

فمئات الآلاف من قبيل ذلك ممّا هما متشابهان, والحال أنّه بينهما سبعين سنّة من الفرق والاختلاف.

([6]) وردت هذه الرواية في كتب الفريقين؛ ففي كتب الشيعة وردت في كتاب علل الشرايع و عيون أخبار الرضا عليه السلام و معاني الأخبار و الاختصاص و كشف العمّة وبعض الكتب الأخرى, وعند أهل السنّة فقد وردتْ في ذخائر العقبى و كنز العمال و تاريخ دمشق و ينابيع المودّة لذوي القربى.

چاپ ارسال به دوستان
 
الإستفتاء
الإسم:    
البريد الإلكترونيّ:    
التاریخ    
الموضوع:    
النص:    

أدخل الرمز أو العبارة التي تراها في هذه الصورة بدقة

اگر در دیدن این کد مشکل دارید با مدیر سایت تماس بگیرید 
عوض الرمز الجديد

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع «المتقين». يسمح بإستخدام المعلومات مع الإشارة الي مصدرها


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی