معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
المقالات و المحاضرات > وصايا و تعاليم و دستورات > أهم الأعمال في شهر ذي الحجة ، و بيان قيمة دعاء عرفة

_______________________________________________________________

هو العليم

شرح حديث عنوان البصري

مقطع من المحاضرة 213
العشر الأوائل من شهر ذي الحجة الحرام

ألقيت في التاسع والعشرين من شهر ذي القعدة الحرام عام1434هـ

ألقاها:
سماحة آية اللـه السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني حفظه اللـه

 

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

بسم الله الرحمن الرحيم

    

التوحيد هو الحاكم على فضاء هذا الشهر

حسنًا نحن على مشارف أيّام ذي الحجّة، ويبدو من خصوصيات هذا الشهر وآثاره أنّ أجواء هذا الشهر، تشتمل على أجواء توحيديّة وخصوصًا العشرة الأُوَل مِنه، يعني أنّ فضاء هذه الأيام يشتدّ في التوحيد إلى أن يصل إلى شدّتها في اليوم العاشر وهو عيد الأضحى.

    

أهم الأعمال الواردة لهذا الشهر:‌

 

    

أوّلًا أذكار أمير المؤمنين التوحيديّة

الأذكار المستحبّة في هذه الأيام هي الأذكار الواردة عن أمير المؤمنين عليه السلام، وقد ذكرتُ للإخوة فيما سبق بأنّه يُستحب للإنسان أن يقرأ هذه الأذكار مرّة واحدة على الأقل، والأفضل أن يقرأها عشر مرّات، وأن يتأمّل بها ويقرأها بدقّةٍ وتأمّلٍ؛ وأنّه ما معنى كلمة «لا إله إلا الله عدد الليالي والدهور»؟ وما معنى «لا إله إلا الله عدد لمح العيون»؟ وما معنى لا إله إلا الله عدد الشعر والوبر والشوك والشجر والرمل والقطر والبحار؟ ما معنى هذه العبارات التي يبيّنها الإمام؟ فهذه الأذكار عجيبة جداً! ومن الجيّد أن يُقرأ هذا الذكر عشر مرّات يوميّاً في شهر ذي الحجة.‌

    

ثانيًا وثالثًا: الصيام وقراءة دعاء عرفة

ومستحبٌ جدًا الصوم في هذه الأيام العشرة، وكذا قراءة دعاء عرفة مستحبٌ جدًا، وكذا صوم يومه، لكن إذا كان الصوم مُوجبًا للضَعف، فالدعاء مرجّحٌ على الصوم، وهذا الدعاء عجيب جدًا، طبعًا ما هو موجود في مفاتيح الجنان يحتوي على زيادة، وهذه الزيادة ليست من الدعاء، بل ينتهي الدعاء عند قول الإمام: «يا رب يا رب..» وتلك الزيادة ليست من الدعاء قطعًا، وبعض فقرات ذلك المقطع لا يمكنني فهمها فهماً صحيحًا، من قبيل عبارة: «إلهي أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيرًا في فقري» ، فأنا لا أفهم لماذا قيل ذلك؟! وأيُّ غنىً هذا؟! وأيُّ فقرٍ هذا الذي ينسبه الإمام إلى نفسه هل هو الفقر الظاهري؟! والحاصل: أنّه لا ينبغي الزيادة على الدعاء؛ إذ النُسَخ الأصليّة المنقولة عن السيد ابن طاووس لا تحتوي على هذه الزيادة. نعم في نسخةٍ واحدةٍ توجد هذه الزيادة. وهذا العمل [الزيادة في الدعاء] عملٌ خاطئٌ جدًا واشتباهٌ كان ولا يزال، فإنّ الزيادة والنقص والحذف والإضافة والتصرّف، كلّها خطأ بل هي خيانةٌ.

    

التصرّف بالحذف والزيادة في كلام المعصوم خيانة

حينما نأتي إلى كلام أمير المؤمنين عليه السلام ووصيّته ونحذف منها ما نشاء ونشرحها[1]، فهذا خيانة! أو بالنسبة إلى أمور أخرى، فهذه ـ للأسف ـ كانت ولا تزال موجودةٌ. فذاك الخطّاط وذاك الشخص الذي يأتي ويُعمل سليقته ويضيف على الدعاء ـ يوجد تفاصيل كثيرة في هذا المقام ـ والحال أنّ هذه المطالب التي يلقيها الإمام عليه السلام تختلف جدًا، فحال الإمام وكلام الإمام يختلف، ومن الواضح أنّ الإمام عندما يصل إلى عبارة «يا رب يا رب» ينتهي كلامه، يعني أنّ كلّ ما ينبغي أن يقوله، فقد قاله عليه السلام وذكره، وانتهى بعبارة «يا رب..» وقد أوضحنا بعض الشيء الكلام في هذه المسألة في الرسالة التي أكتبها، وذكرنا بأنّ هذه الإضافة هي من الكاتب؛ أتى بها من كتاب أحد العظماء وألصقها بالدعاء. والحال أنّ الآخرين يعتقدون بأنّ هذا الكلام من الكتاب، ثم تظهر إشكالات في ذلك، فجميع الوزر والوبال يعود في الواقع إلى ذاك الشخص الذي أضافها وقام بالخيانة، فالخيانة ليست مختصّة ببعض الأمور فقط، فأن يأتي الإنسان ويضيف أو يحذف أو يقتص ويجتزئ، أو يُعمل رأيه ونظره في النقل؛ بأن ينقل نصف الكلام ويترك النصف الآخر بحجّة أنّه ليس من الصلاح نقله، أو أن يقول: من الأفضل أن لا نقول تلك القضية الآن فإنّه لا مصلحة في ذلك فعلاً، كلّ ذلك من بابٍ واحدٍ. والحاصل أنّه ما دام للنفس دخالةٌ في المقام فسوف يحصل مثل هذه المسائل.

    

عِظَم دعاء عرفه وأهميّته

دعاء عرفة دعاءٌ عظيمٌ جداً، وكم هو حسنٌ أن يلتفت الإخوة إلى معانيه عند قراءته، ويتوجّهوا إلى مضامينه، فهو دعاءٌ عجيبٌ جدّاً، فهو مثل دعاء أبي حمزة الثمالي في اشتماله على تمام خصوصيات الإنسان وجميع شراشر وجوده ومراتبها، حيث يبيّنها الإمام عليه السلام بشكلٍ واضحٍ للإنسان ويضعها أمامه ليدعو الله بها؛ إلهي أنا كذا وأنا كذا، وكنت هكذا وهكذا، أخرجتني من العدم إلى الوجود، أخذت بيدي ووضعتني تحت تربية العظماء والأولياء، وعرّفتني الطريق القويم.
ألا يعود الإنسان إلى التفكير في نفسه واقعًا عند قراءة هذا الدعاء؟! ما الحال الذي كان عليه الآن؟ ألا يجعله يفكّر في ذلك؟! إذ بإمكان الله تعالى أن يجعل له طريقًا آخر غير هذا، بحيث لا يكون هنا، ولا يكون في هذه المدرسة، ولا يجلس على هذه المائدة، ألم يكن بمقدوره ذلك؟! لكنّه لم يفعل ذلك، بل أتى به شيئاً فشيئاً وجعله يذهب ويجرّب...، تعامل مع كلّ شخص بحسب ما يناسبه وبموقعيّته.
عندما تقرأ دعاء عرفة ترى وكأنّ الإمام الحسين يتحدّث بالنيابة عنّا، بل إنّه يتحدّث عنا فعلًا، عند ذلك يعلّم الإنسان قَدره في هذه المسألة. وأقول لكم حتماً ـ على الأقل بالنسبة لي إذ لكلّ من الإخوة أمره الخاص به ـ أقسم بالله لو لم يأخذ الله تعالى بيدي، وبالأخصّ بعد وفاة المرحوم العلّامة، فمن غير المعلوم أين كنت الآن! وأنا لا أقول هذا الأمر من باب التواضع، إذ التواضع له محلّه، لكن إذا كان هذا هو الواقع لماذا لا ينبغي عليّ أن أقوله؟! لماذا لا يدرك الإنسان النعمة التي مَنَّ الله بها عليه ويبرزها؟!
الآن عندما أنظر إلى المجتمع، وأنظر إلى الزملاء والأقران وجميع الأشخاص، أرى عجبًا وأُحدِّث نفسي: هل كان قد عمل شيئًا مع الله حتى يجعلْه يذهب في مسيرٍ آخر، ولا يختار هذا الطريق، ويجعلنا معه في مسيره وفي تلك الحال؟!
منذ عدّة سنوات أتى شخص إليّ وقال لي: هل لك أن تتكلّم مع فلان ـ وكان لديه مسؤوليّةً معيّنةً ـ فقلت له: لا فائدة في ذلك، فقال: لا، بل عليك التكلّم معه! لعلّه يقبل بكلامك، فقلت: لا فائدة من التكلّم معه! فهذا الرجل قد حدّد مساره وأجمع أمره، وعندما يحدّد الإنسان مسيره ما الذي يمكنني أن أفعله؟
نرود ميخ آهني بر سنك
                             آب در هوا كوفتن
(يقول: لا يدخل المسمار في الحجر، ومن يفعل ذلك يكون كمن يدكّ الماء في الهواء)

ولكنّه لم يقنع مني، بل ذهب وتحدّث إلى ذاك الشخص وطلب منه أن يتنازل ويأتي للجلوس معي، والحال أنّه يعلم من أنا ويعرف كلامي وأفكاري. وبعد أن ذهب إليه وعاد قال: لقد فعلت معه كلّ شيء، لكن لم أستطع أن أقنعه بالعودة عن المسير الذي اتخذه، والآن هو نفسه يقول: أنا نادم! انظروا؛ من الذي أخذ بأيدينا في هذه المسائل؟ إذ أنا مثل هذا الرجل، فما الفرق بيني وبينه؟ فهل فئة دمي مختلفة عنه؟ بل أنا مثله تمامًا، لكن من الذي أخذ بيدي؟ هنا يأتي دعاء عرفة ويقول لي: انتبه جيّدًا! من الذي ألقى هذه الأفكار في ذهنك؟ ومن الذي جعل قلبك يميل نحو هذه الأمور؟ ومن الذي جعلك تنفر من هذه الدنيا وتعلّقاتها؟ وما ذكره لنا العظماء وأملوه علينا وسطّروه وبيّنوه لنا، فهل هذا منك؟ إن كان منك، فتفضل! وعندئذٍ يرى الإنسان أنّ قدمه تزلزلت، وصار مثلَ ذاك، فيقول: إلهي لقد أخطأت وتبت إليك، فأنت الذي منحتني كلّ ذلك، فيقول الله تعالى هل تريد أن أفهمك أنّ التوفيق ليس بيدك؟
دعاء عرفة دعاءٌ مهمٌّ جداً، وقد لا تتكرّر هذه الفرصة للإنسان، لذا على الإنسان أن يستفيد من هذه الفرص.
وعيد الأضحى له خصوصيّاته أيضًا، ومن الجيد للإخوة أن يصلّوا صلاة العيد؛ إمّا جماعةً أو فرادى، أو بمن حضر في المنزل، أو كما يريدون. وليلتفتوا إلى أن آثار هذه الصلاة في عيد الأضحى إن لم تكن أكثر مِنها في عيد الفطر فليست بأقلّ حتماً، فهي مهمّةٌ جدًا، لذا كان العظماء والأولياء يؤكّدون جدًا على صلاة عيد الأضحى.
صلاة عيد الفطر له فضاؤها الخاصّ وآثارها الخاصّة، أمّا صلاة عيد الأضحى فلها فضاؤها وآثارها الخاصّة بها.

    

رابعًا: المراقبة

وعلى كل حال، المطلب الأهم في هذا الشهر المبارك هو المراقبة والعمل بما بيّنه العظماء في هذا المجال.
إن شاء الله يوفقنا الله تعالى لطريق الوصول إليه والمُقتَضِي للحركة نحوه وأسبابها، وأن يُبعدنا عمّا يوجب الانحراف والعدول عن هذا الطريق.
اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد


[1] ـ يشير سماحته إلى ما فعله أحد المترجمين في عهد الشاه عندما قام بترجمة وصية الإمام علي عليه السلام لا بنه الحسن ولم يترجم القسم الأخير منها المختص بالنساء وكيفيّة التعامل معهن.[المترجم]

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی <-- -->