معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
المقالات و المحاضرات > محاضرات العلامة الطهراني > كتاب رسالة المودة > رسالة المودة – المجلس الثاني: حبّ الله من حبّ أوليائه عليهم السلام وشيعتهم

_______________________________________________________________

هو العليم

رسالة في مودّة ذوي القربى

تفسير قوله تعالى:
{قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى}

المجلس الثاني

من مؤلفّات العلاّمة الراحل

آية الله الحاجّ السيّد محمّد الحسين الحسيني الطهراني قدس الله نفسه الزكيّة

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف

أعوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيم
وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيّدِنا مُحمَّدٍ وآلِهِ الطيِّبينَ الطَّاهِرين
وَلَعنَةُ اللهِ عَلَى أعْدائِهِمْ أجْمَعين مِنَ الآنَ إلَى قِيامِ يَوْمِ الدّين
وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاّ بِاللهِ العَليِّ العَظيم

    

أثر حب المعاصي وأهلها على المحبّ

قال الله الحكيم في كتابه الكريم:
{قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}
‏(مقطع من الآية 23 من سورة الشورى: السورة الثانية والأربعون من القرآن الكريم).
لقد ذكرنا سابقاً بأنّ محبّة الله وأوليائه هي أسّ ولبّ الدين والسلوك في طريق الله، ولذلك يُعدّ تحصيل المحبّة أفضل وأسرع طريق للوصول إلى هذا المقصود. وفي مقابل ذلك فالميل إلى أهل المعاصي وأعداء الله ومحبّتهم من أشدّ درجات المعصية؛ إذ إنّ مودّة الظلَمَة والمنحرفين تترك أثر القسوة والكدورة في القلب، وتوجب انتقاش القلب بصور قلوبهم، وبالتالي تُفضي إلى ظهور صفاتهم وحالاتهم في القلب، وإلى بروز أفعالهم وتصرّفاتهم على الإنسان.

ولهذا فقد عُدّ حبّ الدنيا وزخارفها الفانية بحدّ ذاته ذنباً:{كَلاَّ بلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ}،[1] كما عُدّ حُبّ جمع المال وادّخاره كذلك ذنباً:{وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا}.[2]
ومع أنّ كلّ واحد من المنكرات يُعتبر معصيّة، فإنّ حبّ الأفعال القبيحة وانتشارها في المجتمع الإسلامي وبين المؤمنين يُعتبر كذلك معصيةً، بل إنّ تلك المحبّة نظراً لأنّها تورث الذنب بنفسها وتوجب ظهور المعاصي، فإنّها ستستتبع عقاباً شديداً:{إِنَّ الَّذينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَليمٌ فِي الدُّنْيا والْآخِرَةِ واللَّهُ يَعْلَمُ وأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}.[3]
كذلك الأمر بالنسبة إلى محبّة غير الله محبّةً استقلاليّة، ومحبّة الأصنام والأشخاص الذين يتّبعهم الإنسان ويخضع لطاعتهم ويعدّهم بمثابة شركاء لله تعالى، حيث ورد الذمّ فيها بشكل كبير في القرآن المجيد:{ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ والَّذينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}.[4]
وفي مقابل هذه الآيات التي تذمّ بشدّة حبَّ الدنيا وجمع المال ومحبّة شركاء الله وما إلى ذلك، توجد بعض الآيات التي تُثني على محبّة الله وأوليائه وتمدحها بشكل كامل:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُوني‏ يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم‏}.[5]
ومنه يتّضح أنّ محبّة الله هي أنفس وأشرف موهبة من المواهب الإلهيّة التي جعلها الله تعالى موضوعاً لكلامه ومترتّبةً على طاعة رسوله، مع أنّه كان من الممكن أن يقول [بدلاً عن ذلك]:إن كنتم تريدون أن تدخلوا الجنّة أو لا تدخلوا النار، أو ترغبون في إصلاح مجتمعكم، أو تسعون للحصول على نفس تقيّة وطاهرة وما إلى ذلك.
لكنّنا نُلاحظ بأنّه تمّ الاكتفاء [هنا] بطرح محبّة الله، وجعل نفس طاعة رسول الله أمراً ملازماً لها بعنوانها لازماً لا يقبل الانفكاك. وفي نفس الوقت الذي يُحذّر فيه الله تعالى المؤمنينَ من الارتداد ويُنذرهم من عواقبه الوخيمة ويُظهر لهم غناه وغنى رسوله عن إيمانهم وارتدادهم، فإنّه يُعرّفهم على جماعة من المؤمنين سوف يأتون من بعد ارتدادهم يحبّون رسول الله ويحبّهم رسول الله، فيكون أفضل تعريف لهم من جهة الكمالات والخصائص الإنسانيّة بلحاظ محبّتهم لرسول الله:{يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا مَنْ يرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرين}.[6]
وفي آية أخرى يعتبر سبحانه وتعالى بأنّ حبّ الطهارة وتزكية النفس هي أفضل معرّف وشاهد على خصائص الأشخاص وكمالاتهم[7].[7] يأمر الله تعالى في هذا الموضع رسوله بالصلاة في مسجد قبا والتعبّد هناك؛ لأنّه علاوةً على أنّ دعائمه قد أُسّست منذ اليوم الأوّل على التقوى، فإنّ جماعة من المؤمنين الذين يحبّون الطهارة وصفاء الباطن ولقاء الله منهمكون هناك بالصلاة والعبادة.
والأكثر من ذلك أنّ الله تعالى قام بطرد الذين يُبرزون المودّة والحبّ تجاه المحاربين لله ورسوله من زمرة المؤمنين بشكل نهائي، حتى لو كان أولئك المحاربون أبناءهم أو آباءهم أو إخوانهم أو من أهلهم وعشيرتهم.
فقد ظهر أنّ محبّة أعداء الله ورسوله تترك أثراً بالغاً في نفس الإنسان إلى درجة تُفرغ معها صفحة النفس من الإيمان بشكل كلّي، بحيث لن يبقى له أيّ أثر. وفي هذه الحالة لن تمتلك أعمال الإنسان الصالحة ـ نظيرذلك التبن والقشّ الذي ينمو في أرض قاحلة ومجدبة ـ أيّة رائحة أو نضارة أو حُسن أوجمال. فمَثل العمل الصالح المقترن بمحبّة أعداء الله كمثل وردة ونبتة نمت في مزبلة، فلو فرضنا أنّها تمتلك مظهراً خلاّباً إلاّ أنّ باطنها وأصلها سيكون قبيحاً ومنتناً.
{لا تجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْم ِالْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ ولَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ في‏ قُلُوبِهِمُ الْإيمانَ وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ويُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْري مِنْ تحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدين َفيها رَضِي َاللَّه ُعَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.[8]
في هذه الآية المباركة نلاحظ بأنّه ـ علاوةً على تمييز محبّي أعداء الله عن صفوف المؤمنين بشكل حاسم ـ قد تمّ اعتبار عدم محبّة أعداء الله بمثابة أعلى صفة يمكن للمؤمنين أن يتّصفوا بها وأجلى خصوصيّة من خصائصهم الروحيّة. ولهذا السبب سيُفاض عليهم دوماً من روح الله، وسوف يسكنون جنان الخلد، ويحوزون على رضا الله تعالى ويكونون بدورهم راضين عنه. والأهمّ من ذلك أنّ هذه الجماعة من المؤمنين الذين عُجنت أرواحهم بصفة الحبّ لله ورسوله والتبرّي من أعدائهما قد خُصّوا لوحدهم فقط باسم حزب الله، وحصر نيل السعادة والفلاح المطلق بشكل واضح بهم فقط.

    

الحبّ والبغض في الروايات أصل من أصول الدين

لقد وردت في كتب الأخبار عدّة أبواب حول الحبّ والبغض. وقد عُدّ أصل الحبّ والبغض في هذه الأخبار ـ التي يُمكننا أن نقول بأنّها من حيث المجموع قد وصلت إلى حدّ التواتر ـ من أصول الدين بحيث جُعلت بقيّة الأعمال الصالحة متفرّعة عنه.
يروي أبو عُبيدة الحذّاء عن الإمام الصادق عليه السلام:
قَالَ عَلَيهِ السلامُ: «مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ (أيّ شخص وأيّ شيء يُحبّه الله) وأَبْغَضَ لِلَّهِ (أيّ شخص وأيّ شيء يُبغضه الله) وَأَعْطَى لِلَّهِ فَهُوَ مِمَّنْ كَمَلَ إِيمَانُهُ».[9]
ويروي سعيد الأعرج عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام:
قَالَ عَلَيهِ السلامُ: «مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ (كلّ ما يُحبّه الله) وتُبْغِضَ فِي اللَّهِ (كلّ ما يُبغضه الله) وتُعْطِيَ فِي اللَّهِ (كلّ ما يُحبّ الله إعطاءه) وتَمْنَعَ فِي اللَّهِ (كلّ ما يرضى الله بمنعه)».[10]
عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنِ الْحُبِّ والْبُغْضِ أَمِنَ الإِيمَانِ هُوَ؟ فَقَالَ:«وهَلِ الإِيمَانُ إِلاّ الْحُبُّ والْبُغْضُ؟» ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ (كشاهد):{حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ والْفُسُوقَ والْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}»[11].‏[12][13]
ورُوي كذلك عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:
«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله لأَصْحَابِهِ: أَيُّ عُرَى الإِيمَان ِأَوْثَقُ؟ فَقَالُوا: اللَّهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ. وقَالَ بعْضُهُم: الصَّلاةُ. وقَالَ بعْضُهُم: الزَّكَاةُ. وقَال َبَعْضُهُم: الصِّيَامُ. وقَالَ بَعْضُهُم: الْحَجُّ والْعُمْرَةُ. وقَالَ بَعْضُهُم:الْجِهَادُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم: لِكُلِّ مَا قُلْتُمْ فَضْلٌ ولَيْسَ بِهِ. ولَكِنْ أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ والْبُغْضُ فِي اللَّهِ وتَوَالِي أَوْلِيَاءِ اللَّهِ و التَّبَرِّي مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ»
.[14]
ويُحدّث جابر الجعفي أيضاً عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّه قال:
«إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ أَنّ َفِيكَ خَيْراً فَانْظُرْ إِلَى قَلْبِكَ؛ فإِنْ كَانَ يُحِبُّ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ ويُبْغِضُ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ فَفِيكَ خَيْرٌ واللَّهُ يُحِبُّكَ، وإِنْ كَانَ يُبْغِضُ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ ويُحِبُّ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ فَلَيْسَ فِيكَ خَيْرٌ واللَّهُ يُبْغِضُكَ؛ والْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» (بمعنى أنّ للإنسان اتّصالاً تامّاً بمحبوبه، بل يمتلك معه جهة اتّحاد ومعيّة).[15]
و ينقل المرحوم المجلسي رضوان الله عليه عن «الدعوات» للراوندي أنّه:
«رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال َلِمُوسَى عليه السلامُ: هَلْ عَمِلْتَ لِي عَمَلاً قطُّ؟ قَالَ: صَلَّيْتُ لَكَ وصُمْتُ وتَصَدَّقْتُ وذَكَرْتُ لَكَ. قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: وأَمَّا الصَّلاةُ فَلَكَ بُرْهَانٌ (على إيمانك وشخصيّتك)، والصَّوْمُ جُنَّةٌ (من النار)، والصَّدَقَةُ ظِلٌّ(لرحمة الله)، والذِّكْرُ (الزكاةُ ـــ خ ل) نُورٌ(وجميع هذه الأعمال ترجع فائدتها إليك). فَأَيَّ عَمَلٍ عَمِلْتَ لِي؟قَالَ مُوسَى عليه السلامُ: دُلَّنِي عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ لَكَ! قَالَ: يَا مُوسَى هَلْ وَالَيْتَ لِي وَلِيّاً؟ وهَلْ عَادَيْتَ لِي عَدُوّاً قَطُّ؟ فَعَلِمَ مُوسَى أَنَّ أَفْضَلَ الأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ والْبُغْضُ فِي اللَّهِ».[16]

    

حبّ محمّد وأهل بيته صلوات الله عليهم وآثاره

ويقول المرحوم الراوندي بعد ذلك:
«وَإِلَيْهِ أَشَارَ الرِّضَا عليه السلام بِمَكْتُوبِهِ: كُنْ مُحِبّاً لآِلِ مُحَمَّدٍ وإِنْ كُنْتَ فَاسِقاً ومُحِبّاً لِمُحِبِّيهِمْ وإِنْ كَانُوا فَاسِقِينَ».
ويقول أيضاً (المرحوم الراوندي):
«ومِنْ شُجُونِ الْحَدِيثِ[17] أَنّ َهَذَا الْمَكْتُوب َهُوَ الآنَ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ كرمند قَرْيَةٌ مِنْ نَوَاحِينَا إِلَى أَصْفَهَانَ، مَا هِيَ. ووَقْعَتُهُ (أي قصّته)‏ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِهَا كَانَ جَمَّالاً لِمَوْلانَا أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَى خُرَاسَانَ، فَلَمَّا أَرَادَ الانْصِرَافَ قَالَ لَهُ:يَا ابْن َرَسُولِ اللَّهِ! شَرِّفْنِي بِشَيْ‏ء ٍمِنْ خَطِّكَ أَتَبَرَّكْ بِهِ. وكَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَامَّةِ. فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ الْمَكْتُوب‏».
وفي «تفسير العيّاشي» روايةٌ رواها بُريَد العِجلي:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلامُ إِذْ دَخَلَ عَلَيْه ِقَادِمٌ مِنْ خُرَاسَانَ مَاشِياً فَأَخْرَجَ رِجْلَيْهِ وقَدْ تَغَلَّفَتَا (تفطّرتا وتشقّقتا). وقَالَ: أَمَا واللَّهِ مَا جَاءَ بِي مِنْ حَيْثُ جِئْتُ إِلاّ حُبُّكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلامُ: «واللَّهِ لَوْ أَحَبَّنَا حَجَرٌ حَشَرَهُ اللَّهُ مَعَنَا. وهَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ؟ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: قُلْ إِن ْكُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ.[18] وقَالَ: يُحِبُّونَ (أنصار المدينة) مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ.[19] وهَلِ الدِّينُ إِلاّ الْحُبُّ؟»
.[20]
وروى في «علل الشرائع» بإسناده عن أنس أنّه:
جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِـ وَكَانَ يُعْجِبُنَا أَن ْيَأْتِيَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَة ِيَسْأَلُ النَّبِيَّ صلّى اللهُ عليه وآله ـ فَقَالَ: يَا رَسُول َاللَّه ِمَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ؟ فَحَضَرَتِ الصَّلَاة ُفَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟». قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: «فَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟». قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ عَمَلٍ صَلاةٍ وَلا صَوْمٍ إِلا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وآله: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ». قَالَ أَنَسٌ: فَمَا رَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ فرِحُوا بَعْدَ الإِسْلامِ بِشَيْ‏ء أَشَدَّ مِنْ فَرَحِهِمْ بِهَذَا.[21]

    

حبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام

وقد ورد في الكثير من روايات الشيعة والسنّة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يحبّ السيّدة فاطمة حبّاً جمّاً، وكان يُطلق عليها اسم سيّدة نساء العالمين.[22]
ويروي المفيد في «المجالس» بسنده المتّصل عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام الباقر عليه السلام عن أبيه عن جدّه أنّه قال:
«قَالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلّم: إنّ اللهَ لَيَغضَبُ لِغَضَبِ فاطِمةَ ويِرضى لِرِضاها».[23]
وعن «المجالس» للمفيد أيضاً و«الأمالي» للشيخ الطوسي رضوان الله عليهما بإسناد متّصل عن سعد بن مالك (أي ابن أبي وقّاص) قالَ: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلّم يقولُ: «فاطِمةُ بَضعةٌ مِنّي؛ مَن سَرَّها فَقَد سَرَّني، ومَن ساءَها فَقَد ساءَني. فاطِمةُ أَعَزُّ الناسِ إِلَيَّ».[24] [25]
ويُحدّث الشيخ الطوسي في «الأمالي» بسند متّصل عن جميع بن عمير قال: قالت عمّتي لِعائشةَ وأنا أسمعُ لَهُ: أنتِ مَسيرُكِ إلى عليٍّ ما كان؟ قالَت: دَعينا مِنكِ! إنّه ما كان مِن الرجالِ أحبُّ إلى رسولِ اللهِ مِن عليٍّ ولا مِن النساءِ أحبُّ إليه مِن فاطمةَ.[26]


[1] ـ القيامة (75)، الآية 20

[2] ـ الفجر (89)، الآية 20

[3] ـ سورة النور (24)، الآية 19

[4] ـ سورة البقرة (2)، جزء من الآية 165

[5] ـ سورة آل عمران (3)، جزء من الآية 31

[6] ـ سورة المائدة (5)، جزء من الآية 54

[7] ـ سورة التوبة (9)، جزء من الآية 108

[8] ـ سورة المجادلة (59)، الآية 22

[9] ـ أصول الكافي، ج 2، ص 124. [ويروي آية الله السيّد شرف الدين العاملي في كتاب "الفصول المهمّة"، الطبعة الخامسة، مطبعة النعمان ـــ النجف، ص 5: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا تدخلون الجنة حتّى تؤمنوا، ولا تؤمنون حتّى تحابّوا. أوَ لا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم». وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم:«الدين النصيحة». قلنا لمن؟ قال:«لله ولكتابه ولرسوله ولأئمّة المسلمين ولعامّتهم. والذي نفسي بيده لا يُؤمن عبدٌ حتّى يُحبّ لأخيه ما يُحبّه لنفسه».

[10] ـ أصول الكافي، ج 2، ص 125

[11] ـ سورة الحجرات (49)، جزء من الآية 7

[12] ـ أصول الكافي، ج 2، ص 125

[13] ـ ورُوي في ينابيع المودّة طبع إسلامبول، ص 180، عن الديلمي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «الحبّ في الله فريضة والبُغض في الله فريضة». ورُويَ كذلك عن أبي داود أنّ: «الحُبّ في الله والبُغض في الله أفضلُ الأعمال». [ويروي آية الله السيّد شرف الدين العاملي في كتاب الفصول المهمّة من ص 6 إلى ص 8 أنّه: قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إيّاكم والظنّ، فإنّ الظنّ أكذبُ الحديث، ولا تحسّسوا ولا تجسّسوا ولا تَنَاجشوا ولا تَحاسَدوا ولا تَدَابروا ولا تَبَاغضوا وكونوا عبادَ الله إخواناً، ولا يحِلُّ لِمُسلم أن يهجُرَ أخاهُ فوقَ ثلاثة أيّام». وقال صلى الله عليه وآله وسلّم: المُسلمُ أخو المُسلمِ لا يَظلِمُهُ ولا يُسلِمُهُ، ومَن كانَ في حاجةِ أخيهِ كانَ اللهُ في حاجَتِه، ومَن فرّجَ عن مُسلِمٍ كُربَةً فرّجَ اللهُ عنهُ كُربَةً مِن كُرُباتِ يومِ القِيامةِ، ومَن سَتَرَ مُؤمِناً سَتَرَهُ اللهُ يومَ القِيامةِ«. وقالَ الصادِقُ عَلَيهِ السلامُ: «المُسلِمُ أخو المُسلِمِ، هُوَ عَينُهُ ومِرآتُهُ ودَليلُه: لا يَخونُه ولا يَخدَعُه ولا يظلِمُه ولا يَكذِبُه ولا يغتابُه». وقال عليه السلامُ لِجَماعةٍ مَن شيعَتِه: «اتقوا الله َ وكونوا إخوةً بَرَرةً مُتحابّينَ في اللهِ مُتواصِلينَ مُتَراحِمينَ، تَزَاوَروا وتَلاقَوا وأحيوا أمرَنا». وعَن رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم: «إنّ أَقرَبَكم مِنّي مَجلِساً أحاسِنُكُم أخلاقاً المُوَاطِؤون (1) أكنافاً الذينَ يَألَفون ويُؤلَفون». وقال صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم: «المُؤمنُ إِلفٌ مألوفٌ، ولا خيرَ فيمَن لا يَألَفُ ولا يُؤلَف». وفي حديثٍ آخَرَ: «إنّ أحَبَّكم إلى اللهِ الذينَ يَألَفونَ ويُؤلَفون، وإنَّ أَبغَضَكم إلى اللهِ المشاؤونَ بِالنميمَةِ المُفرّقونَ بَينَ الإخوانِ». وَقالَ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه: «المُتحابّونَ في اللهِ على عَمودٍ مِن يَاقوتَةٍ حَمراءَ، رَأسُ العَمودِ سَبعونَ أَلفَ غُرفَةٍ يُشرِفونَ عَلى الجَنّةِ يُضيءُ حُسنُهم كَمَا تُضيءُ الشمسُ، عَلَيهم ثِيابُ سُندُسٍ خُضرٌ مَكتوبٌ علَى جِباهِهِم: المُتحابّونَ في اللهِ». وقَالَ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «يُنصبُ لِطائفةٍ مِنَ الناسِ كَراسِيُّ حَولَ العَرشِ يَومَ القِيامَةِ وُجوهُهم كَالقَمَر لَيلَةَ البَدرِ، يَفزَعُ الناسُ وَهُم لا يَفزَعونَ ويَخافُ الناسُ وَهُم لا يَخافونَ، أُولئِك أولياءُ اللهِ الذينَ لا خوفٌ عَلَيهِم ولا هُم يَحزَنونَ». فَقِيلَ: مَن هُم يا رسولَ اللهِ؟ فَقَال: «هُمُ المُتحابّونَ في اللهِ». وَقَالَ صلّى اللهُ عليه وآلِه: «إنّ اللهَ تعالى يَقولُ: حَقّت مَحَبّتي لِلَّذينَ يَتَزاوَرونَ مِن أَجلي، وَحَقّت مَحَبّتي لِلَّذينَ يَتَحابُّونَ مِن أَجلي، وَحَقَّت مَحَبَّتي لِلَّذينَ يَتَباذَلون مِن أَجلي، وَحَقَّت مَحَبَّتي لِلَّذينَ يَتَناصَرونَ مِن أَجلي». وَقَالَ صلّى اللهُ عليه وآلِه: «إنّ اللهَ تعالى يَقولُ يَومَ القِيامَةِ: أَينَ المُتحابُّونَ بِجَلالي؟ اليَومَ أُظِلُّهم في ظِلّي». وَعَن بَاقِرِ عُلوم النبيِّينَ عَن آبائِه الخُلفاءِ الراشِدينَ عَن جَدِّهِم سَيّدِ المُرسَلينَ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُه عَليه وَعَليهِم أَجمَعينَ مِن حَديثٍ طَويلٍ قَالَ: «إِذا كَانَ يَومُ القِيامَةِ يُنادي مُنادٍ أينَ جيرانُ اللهِ جَلَّ جَلالُه في دَارِه؟ فَيَقومُ عُنُقٌ مِن الناسِ فَتَستَقبِلُهم زُمرةٌ مِنَ المَلائِكةِ فَيَقولونَ لَهُم: ما ذا كَانَ عَمَلُكم فَصِرتُم بِهِ جِيرانَ اللهِ في دَارِه؟ فَيَقولونَ: كُنّا نَتَحابُّ في اللهِ وَنَتَباذَلُ في اللهِ وَنَتَزاوَرُ في اللهِ عزَّ وَجَلَّ. قَالَ: فَيُنادي مُنادٍ صَدَقَ عِبادي، خَلُّوا سَبيلَهُم لِيَنطلِقوا إلى جِوارِ اللهِ بِغَيرِ حِسابٍ». وَعَن عَبدِ المُؤمنِ الأَنصارِيِّ قَالَ: دَخَلتُ عَلى الإمامِ أَبي الحَسَن (الكَاظِمِ) عَلَيه السلامُ وَعِندهُ مُحمّدُ بنُ عبدِ اللهِ الجَعفريِّ، فَتَبسّمتُ إِليهِ. فَقَال عَليهِ السلامُ: «أَتُحِبُّه؟». قُلتُ: نَعَم وَمَا أَحببتُه إلاَّ لَكُم. فَقَال عَليهِ السلامُ: «هُوَ أخوكَ، وَالمُؤمنُ أَخو المُؤمنِ لِأبيهِ وأُمِّهِ. مَلعونٌ مَلعونٌ مَن اتَّهمَ أَخاهُ. مَلعونٌ مَلعونٌ مَن غَشَّ أَخاهُ. مَلعونٌ مَلعونٌ مَن لَم يَنصح أَخاهُ. مَلعونٌ مَلعونٌ مَن استَأثَرَ عَلى أَخيهِ. مَلعونٌ مَلعونٌ مَن اغتابَ أَخاهُ». وَقَالَ رَسولُ اللهِ صلّى اللهُ عَليهِ وآلِه في الثنَاءِ عَلى الإخوَةِ في الدينِ: «مَن أَرادَ اللهُ بِهِ خَيراً رَزَقهُ خَليلاً صالِحاً إن نَسِيَ ذَكَّرَهُ أو ذَكَرَ أَعانَهُ، وَمَثَلُ الأخَوَينِ إذا التَقَيا مَثَلُ اليَدَينِ تَغسِلُ إحداهُما الأُخرى، وَمَا التَقَى مُؤمِنان قَطُّ إلا أَفَادَ اللهُ أَحَدَهما مِن صَاحِبِه خيراً». وَقَالَ أميرُ المُؤمنينَ عَلَيهِ السلامُ: «عَلَيكُم بِالإِخوانِ فَإنّهُم عُدَّةٌ في الدنيا والآخِرَة، أَلَا تَسمَعونَ إلى قَولِ أهلِ النارِ: " فَمَا لَنا مِن شافِعينَ *(2) وَلَا صَديقٍ حَميمٍ». وَعَن جَريرِ بنِ عَبدِ اللهِ قَالَ: بَايَعتُ رَسولَ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيه وآلِه وَسلّمَ عَلى إِقامِ الصلاةِ وَإيتاءِ الزكاةِ وَالنُّصحِ لِكُلِّ مُسلمٍ. وَالأخبارُ في هذا مُتواترةٌ وَالصحاحُ مُتظافرةٌ، وَإذا رَاجَعت حَديثَ الفَريقَينرَأَيت الصبحَ قَد أَسفرَ لِذي عَينينِ، وَفي هذا كفايةٌ لِمن لَه مِن اللهِ هدايةٌ. (1) ـــ لقد وردت هذه الكلمة في المنابع الروائية ("أصول الكافي"، ج 2، باب حسن الخلق، ص 102، الحديث 16؛ و"بحار الأنوار"، الطبعة الحروفية، ج 66، الباب 37 (صفات خيار العباد وأولياء الله)، ص 306، الحديث 28؛ و...) بهذا الشكل: المُوَطّئون، والظاهر أنّ هذا هو الصحيح. (2) ـــ سورة الشعراء (26)، الآية 100 و101].

[14] ـ أصول الكافي، ج 2، ص 125

[15] ـ أصول الكافي، ج 2، ص 126

[16] ـ بحار الأنوار، طبع الكمباني، ج 15، ص 284؛ ومن الطبعة الحروفية، ج 69 ـــ ص 252

[17] ـ قال المجلسي (ره): الشجَن الغُصن المـُشتبِك، والحديث ذو شجون: فنون وأغراض .قوله: ما هي، أي ما هي من أصفهان لكنّها في تلك الناحية.

[18] ـ سورة آل عمران (3)، جزء من الآية 31

[19] ـ سورة الحشر (59)، جزء من الآية 9

[20] ـ بحار الأنوار، طبع الكمباني، ج 7، ص 377؛ ومن الطبعة الحروفية، ج 27، ص 95

[21] ـ بحار الأنوار، طبع الكمباني، ج 6، ص 195؛ ومن الطبعة الحروفية، ج 17، ص 13. [يقول آية الله السيّد شرف الدين العاملي في كتاب الفصول المهمّة ص 41 و42: لا يخفى أنّ شيعة علي وأهلَ البيت هم أتباعُهم في الدين وأشياعُهم من المسلمين. ونحن والحمد لله قد انقطَعنا إليهم في فروعِ الدين وعقائِدِه وأصولِ الفقه وقواعِدِه وعلومِ السنة والكتاب وفنون الأخلاق والسلوك والآداب؛ بخوعاً لإمامتهم وإقراراً بولايتهم، وقد والَيْنا أوليائهم وجانبنا أعداءهم، عملاً بقواعد المحبة وطبقا لأصول الأخلاق في المودّة، فكنّا بذلك لهم شيعةً وكانوا لنا وسيلةً وذريعةً. والحمدُ لله على هدايته لدينه والتوفيق لِما دعا إليه الرسول من التمسّك بِثقلَيه والاعتصام بِحبليه ودخولِ مدينة علمه من بابها، بابِ حطّة وأمانِ أهلِ الأرض وسفينةِ نجاة هذه الأُمّة، والحمدُ لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لِنهتديَ لولا أن هدانا الله. وأخرج ابن سعد (كما في صفحة 91 من «الصواعق») عن عليٍّ :«أخبرني رسولُ الله صلّى الله عليه وآله أنّ أوّلَ مَن يدخُلُ الجنّةَ أنا وفاطمةُ والحسنُ والحسينُ. قلت: يا رسولَ اللهِ! فَمُحِبّونا؟ قال: مِن وَرَائِكم». وأخرج الديلَمِيّ (كما في الصواعق أيضاً) مرفوعاً: «إنّما سُمّيَت ابنتي فاطمةَ لأنّ اللهَ فَطَمَها ومُحِبّيها عن النار».]1[ وأخرج ابن حنبل والترمذي (كما في صفحة 91 من «الصواعق») أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم أخذ بيد الحسنين وقال: «مَن أَحَبّني وأحبّ هذين وأباهما وأمَّهما كان معي في دَرَجَتي يوم القيامة».]2 [ ويقول بعد ذلك في ص 43 و44: وأخرج أحمد (كما في أواخر الفصل الثاني من الباب 9 من الصواعق) ]3 [عن عليّ قَال:«طَلَبني النبيُّ صلّى الله عليه وآله فَوَجدني في حائطٍ فَقالَ: قُم وَاللهِ لَأُرضينّك، أَنتَ أخي وأبو وُلدي تُقاتِل على سُنّتي. مَن مَاتَ على عَهدي فَهُو في كنز الجنّةِ، وَمَن ماتَ على عَهدِك فَقَد قَضى نحبَه، وَمَن مَات يُحِبّك بعد موتِك خَتَم اللهُ لَهُ بِالأمنِ والإيمانِ ما طَلَعت شمسٌ أو غَرَبَت». وَأَورد ابنُ حَجَر (في أوائل المقصد الثاني من المقاصد التي ذكرها في آية المودّة في القربى من صواعقه) حديثاً هذا لفظُه ]4 [: إنّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وآلِه وسلّمَ خَرَج عَلى أصحابِه ذَاتَ يَومٍ وَوَجهُه مُشرقٌ كدائِرةِ القمرِ، فَسَأَله عبدُ الرحمنِ بن عَوْفٍ عن ذلك فَقَال (صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم): «بِشارَةٌ أَتَتني مِن رَبّي في أَخي وابنِ عَمّي وَابنَتي بِأنّ اللهَ زَوّج عَليّاً مِن فاطمةَ، وَأَمَر رِضوَانَ خازِنَ الجِنان فَهزَّ شَجَرةَ طوبى فَحَمَلت رِقاقاً ـ يعني صكوكاً ـ بِعَددِ مُحبّي أهلِ بيتي، وَأَنشأَ تَحتَها مَلائِكة مِن نورٍ دَفَعَ إلى كُلّ مَلَكٍ صَكّاً، فَإذا استَوَتِ القِيامةُ بِأهلِها نَادَتِ الملائِكةُ في الخَلائِقِ، فَلا يَبقى مُحِبٌّ لأهلِ البَيتِ إلاَّ دَفَعت إليهِ صَكّاً فيه فَكاكٌ مِن النار؛ فَصارَ أخي وابنُ عمّي فَكاك رِقابِ رِجالٍ ونِساءٍ مِن أُمّتي مِن النارِ». والأخبارُ في هذا لا يَحتمِلُها هذا الإملاءُ، وفي هذا القَدرِ كِفايةٌ لِمِن كانت للهِ تعالى فِيهِ عنايةٌ. فَعَسى أن يعرفَ الشيعيُّ بعد هذا أنّ أهلَ السنّةِ قَد أنصَفوا واعترَفوا، وَعَسى أن يعرِف السنيُّ أن لا وَجهَ بعد هذه المـُبشّرات لشيءٍ مِن الضغائنِ أو الهَناةِ. والسلامُ على مَن اتَّبعَ السننَ وَجانَب الفِتنَ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه. ]1[وأخرج النسائيُّ نحوَه كما في صفحة 96 من "الصواعق". (تعليقة) ]2[وأخرجه أيضاً أبو داود (كما في صفحة 103 من "الصواعق") وزاد فيه: من مات مُتّبِعاً لِسنّتي، وبها يُعلم أنّ اتّباعَ سنّته لا يكون إلاّ بِمحبّتهم عليهم السلام. (تعليقة) ]3[صفحة 75. (تعليقة) ]4[راجعه في صفحة 103 من "الصواعق"؛ ورواه غيرُ واحد ممّن كتب في الفضائل والمناقب.(تعليقة)]

[22] ـ [أورد آية الله السيّد شرف الدين العاملي في كتاب الكلمة الغرّاء ــــ ص 339 وما بعدها ـــ روايات حول مقام السيّدة الزهراء سلام الله عليها ومنزلتها وأفضليّتها، نتعرّض لذكر البعض منها (الحديث 1 و2 و4 و5): (2) ـ قولُ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلّم: «أفضلُ نساءِ أهلِ الجَنّةِ خديجةُ بنتُ خُوَيلِد، وفاطِمةُ بنتُ محمّدٍ، وآسيا بنتُ مُزاحِمٍ امرَأةُ فِرعونَ، ومَريمُ بنتُ عِمرانَ». (أخرجَتهُ جماعَةٌ مِن المـُحدِّثين كثيرون كالإمام أحمدَ من حديثٍ رواه عن ابن عبّاسٍ في صفحة 293 من الجزء الأوّل من مسنده، وأبي داودَ كما في ترجمةِ خديجةَ من الاستيعاب، وقاسم بنِ محمّدٍ كما في ترجمةِ الزهراء من الاستيعاب، وجماعةٌ من حَمَلة الأثار وحَفَظة الأخبار لا يسعُ المقامُ استيفاءَهم.) (3) ـ قَولُ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلّم: «خيرُ نساءِ العالَمينَ أربعٌ: مَريمُ بنتُ عِمرانَ، وآسيا بِنتُ مُزاحِمٍ، وخديجةُ بنتُ خُويَلِدٍ، وفاطِمةُ بنتُ محمّدٍ». (أخرجَهُ أبو داود كما في ترجمةِ خديجةَ من الاستيعاب بالإسنادِ إلى أنس ورواه عبدُ الوارثِ بنِ سُفيانَ كما في ترجمَتيِ الزهراءِ وخديجةَ من الاستيعاب بالإسناد إلى أبي هُريرَةَ، ونقله غيرُ واحدٍ من ثقاةِ المحدِّثين بطُرُقهم إلى أنس وأبي هُريرة.) (4) ـ ما استخرَجَه أبو داود كما في ترجمةِ خديجةَ من الاستيعاب بِسَندِه إلى ابنِ عبّاسٍ قال:قالَ رَسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلّم): «سيّدةُ نِساءِ أهلِ الجنَةِ بعدَ مَريمَ بنتِ عِمرانَ، فاطِمةُ بنتُ محمّدٍ وخديجةُ وآسيا» ـ انتهى. وهذا كالأحاديثِ السابقةِ في الدلالةِ على تفضيلِ الأربع على مَن سِواهُنّ مِن نِساء العالَمين، إلاّ أنّه رُبّما يُستشعَر مِنه تفضيلُ العذراءِ على الزهراءِ؛ لكن الأدلّةَ الأُخَر التي هي أكثرُ عدداً وأصحُّ سنداً وأصرحُ دلالةً مِن هذا الحديث ونحوِه تُوجِبُ الإعراضَ عمّا يُستشعّر منه على أنّه لا يُروَى مِن طريقِ أصحابِنا كما لا يخفى. (5) ـ ما أخرَجَه البُخاريُّ (1) ومسلمٌ (2) والترمِذيُّ في صِحاحهم، وصاحبُ الجمعِ بين الصحيحين، وصاحبُ الجمعِ بين الصحاح الستةِ، والإمامُ أحمدُ مِن حديثِ الزهراءِ مِن مُسندِه (3)، وابنُ عبد البرّ في ترجمتِها من استيعابِه، ومحمّدُ بنُ سعيدٍ في ترجمتِها من الجزء الثامن من طبقاتِه وفي بابِ ما قاله النبيُّ في مرضِه من المجلّد الثاني من الطبقاتِ أيضاً، واللفظ الذي تسمعُهُ للبُخاريِّ آخر وَرَقةٍ مِن كتاب الاستئذان من الجزء الرابع من صحيحِه، قال: حدَّثَنا موسى عن أبي عوانةَ عن فراس عن عامر ٍعن مسروقٍ، حدَّثَتني عائشةُ أمُّ المؤمنين قالت: إنّا كُنّا أزواجَا لنبيِّ عندَهُ جميعاً لم تُغادِر مِنّا واحدةٌ، فأقبَلَت فاطِمةُ تمشي، لا والله ماتَخفَى مِشيتُها مِن مِشيةِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلّم). فلمّا رآها رحّبَ وقالَ: «مرحباً بِابنَتي!» ثُمّ أجلَسَها عن يَمينِه أو عن شِمالِه ثُمّ سارّها، فَبَكت بُكاءً شديداً. فَلمّا رَأى حُزنَها سَارّها الثانيَةَ إذا هِيَ تَضحكُ. فقُلتُ لها أنا مِن بينِ نِسائه: خَصّك رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليه ِوآلِهِ وسلّم)ب ِالسرّ من بَينِنا ثُمّ أنت ِتَبكينَ! فَلَمّا قامَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلّم) سألتُها: عمّا سارَّكِ؟ قالَت: «ما كُنتُ لِأُفشِي َعَلى رسولِ الله ِسِرَّهُ». فَلَمّا تُوُفّيَ قُلتُ لها: عَزَمتُ عليكِ بِما لي عليكِ مِن الحقِّ لَمّا أخبرتِنِي؟ قالت: «أمّا الآنَ فَنَعَم». فأخبَرَتني قالت: «أمّا حينَ سارَّني في الأمرِ الأوّلِ فَإنّه أخبرَني أنّ جبرائيلَ كان يُعارِضُه [بِالقُرآن] كُلَّ سَنَةٍ مرَّةً وأنَّه عارَضَنيبه العامَ مرّتين، ولا أرى الأجَلَ إلاَّ قَدِ اقتَرَب، فاتقي اللهَ واصبِرِي فَإنّي نِعمَ السلَفُ أنا لكِ». قالت: «فَبَكيُت بُكائيَ الذي رأيتِ. فَلمّا رأى جزعي سارَّني الثانيةَ قالَ: يا فاطِمةُ! ألا تَرضِيِنّ أن تَكوني سيّدَة َنِساء ِالـمُؤمنينَ أو سيّدَةَ نِساء ِهذه الأُمّة».ـ انتهى. ولفظُه فيما ذكره ابنُ حجرٍ في ترجمتِها من الإصابة وغيرُ واحدٍ مِن المحدِّثين: «ألا ترضَيِنّ أن تكوني سَيّدة َنِساءِ العالَمين؟». وكيف كان فالحديثُ صحيحٌ والنصُّ في تفضيلِها صريحٌ. وأخرجَ ابنُ سعدٍ (في باب ما قاله النبيُّ في مرضِه، من المجلّد الثاني من طبقاتِه) بالإسنادِ إلى أمّ سلمةَ قالت: لمـّا حُضِر رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلّم) دَعا فاطمةَ فَناجاها فَبَكت، ثُمّ ناجاها فَضَحِكت. فَلَم أسأَلها حتى تُوُفّيَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلّم) فَسَألتُها عن بُكائِها وضِحكِها فقالَت: «أخبّرَني أنّه يَموتُ ثُمّ أخبّرَني أنّي سيّدةُ نِساءِ أهلِ الجنّة» ــ الحديث. (وأخرَجَه أيضاً أبو يعلى كما في ترجمةِ الزهراءِ من الإصابةِ بالإسنادِ إلى أمّ سلمة، ورواه غيرُ واحدٍ من أهلِ الحديثِ.) (1) راجع آخر صفحة 64، من الجزء الرابع من صحيحه المطبوع بالطبعة المليحيّة سنة 1332. (تعليقة) (2) راجع بابَ فضائل فاطمةَ، من الجزء الثاني من صحيحه، تجد طُرُقه في هذا الحديث إلى عائشةَ مُتعدّدةً. (تعليقة) (3) راجع صفحة 382 من الجزء السادس من المـُسند. (تعليقة)]

[23] ـ بحار الأنوار، طبعة الكمباني، ج 10، ص 7؛ ومن الطبعة الحروفية، ج 43، ص 19

[24] ـ نفس المصدر، ص 9؛ ومن الطبعة الحروفية، ص 23

[25] ـ يقول الفخر الرازي في تفسيره، الطبعة الثانية لدار الكتب العلميّة، ج 27، في ذيل آية المودّة، ص 166: قالَ صلّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلّم: «فاطِمةُ بَضعةٌ منّي يُؤذيني ما يُؤذيها».

[26] ـ بحار الأنوار، طبع الكمباني، ج 10، ص 9؛ ومن الطبعة الحروفية، ج 43، ص 23. [ويروي آية الله السيّد شرف الدين العاملي في كتاب الكلمة الغرّاء ص 246: وَأَخرجَ ابنُ عبدِ البرّ (في ترجمةِ الزهراءِ مِن استيعابه) بالإسنادِ إلى ابنِ عُمَيرٍ قال: دَخَلتُ على عائِشةَ فَسَألتُها أيُّ الناسِ كانَ أحَبَ إلى رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ؟ قالَت: فاطِمةُ. قُلتُ: فَمِنَ الرجالِ؟ قالَت: زوجُها.]

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی <-- -->