گالری تصاویر آرشیو بانک صوت کتابخانه پرسش و پاسخ ارتباط با ما صفحه اصلی
 
اعتقادات اخلاق حکمت عرفان علمی اجتماعی تاریخ قرآن و تفسیر جنگ
کتابخانه > مباحث علمی و اجتماعی > تعلیقه بر رساله وجوب نماز جمعه

بسمه تعالی شأنه العزيز

هذه الرّسالة فى صلاة الجمعة

أوردت فيها استدلال المذاهب المختلفة

و ذكرت فيها وجوب هذه الفريضة تعييناً فى كلّ زمان و مكان

بوجوه عديدة و أشرتُ إلی بعض المطالب العالية

و المباحث السّامية ببيان واضح و نسأله تعالي

أن يجعلها ذُخراً لى فى يوم المعاد

و أنا الرّاجى السيّد محمّد حسين الحسينى الطهرانى

9 صفر 1372

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم و به نستعين

و الصّلوى و السّلام علی سيّدنا و نبيّنا محمّد

و علی آله الطيّبين الطّاهرين

و لعنى الله علی أعدائهم أجمعين من الآن إلی قيام يوم الدّين

الروایات الواردة فى صلاة الجمعة

الروايات الواردة فى صلاة الجمعة:

صحيحة زرارة عن أبى جعفر عليه السّلام: الجمعة واجبة علی من إن صلّي الغداة فى أهله، أدرك الجمعة. الحديث[1]

خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام: إنّما وجبت الجمعة علی من يكون علی فرسخَين لا أكثر[2].

صحيحة محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله عليه السّلام عن الجمعة فقال: تجب علی من كان منها علی رأس فرسخَين فإن زاد علی ذلك فليس عليه شىء[3].

رواية حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: ليس علی أهل القري جمعة و لا خروج فى العيدَين[4].

صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن اُناس فى قرية، هل يصلّون الجمعة جماعةً؟ قال: نعم يصلّون أربعاً إذا لم يكن مَن يخطب[5].

صحيحة الفضل بن عبدالملك، قال: سمعت أبا عبدالله عليه السّلام يقول: إذا كان قوم فى قرية صلّوا الجمعة أربع ركعات، فإن كان لهم من يخطب بهم، جمعوا إذا كانوا خمسة نفر. و إنّما جُعِلَت ركعتَين لمكان الخطبتَين[6].

رواية طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علىّ عليهم السّلام قال: لا جمعة إلاّ فى مصرٍ تقام فيه الحدود[7].

موثّقة ابن بُكير قال: سألت أبا عبدالله عليه السّلام عن قومٍ فى قرية ليس لهم من يجمع بهم، أيصلّون الظهر يوم الجمعة فى جماعة؟ قال: نعم إذا لم يخافوا[8].

فى العيون و العلل عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام قال: فإن قال قائل: فَلِم صارت صلاة الجمعة إذا كانت مع الإمام ركعتين، و إذا كانت بغير إمام ركعتين و ركعتين؟ قيل: لعلل شتّي، منها: أنّ الناس يتخطّون إلی الجمعة من بُعدٍ فأحبّ الله عزّ و جلّ أن يخفّف عنهم لموضع التّعب الّذى صاروا إليه. و منها: أنّ الإمام يحبسهم للخُطبة و هم منتظرون للصلاة، و من انتظر الصلاة فهو فى الصلاة فى حكم التّمام. و منها: أنّ الصلاة مع الإمام أتمّ و أكمل؛ لعلمه و فقهه و عدله و فضله. و منها: أنّ الجمعة عيدٌ و صلاة العيد ركعتان، و لم تقصّر لمكان الخطبتين، فإن قال: فَلِم جعل الخطبة؟ قيل: لأنّ الجمعة مشهد عامّ، فأراد أن يكون للأمير (و فى العلل: للإمام كما عن العيون) سبب إلی موعظتهم و ترغيبهم فى الطّاعة، و ترهيبهم من المعصية، و توقيفهم علی ما أراد من مصلحة دينهم و دنياهم، و يخبرهم بما ورد عليهم من الآفاق[9] الّتى لهم فيها المضرّة و المنفعة، و لا يكون الصائر فى الصلاة بل منفصلاً و ليس بفاعل غيره ممّن يؤمّ الناس فى غير يوم الجمعة. فإن قال: فَلِمَ جعل الخطبتين؟ قيل: لأنْ يكون واحداً للثناء علی الله و التمجيد و التقديس لله عزّ و جلّ، و الاُخری للحوائج و الإعذار و الإنذار و الدّعاء و ما يريد أن يعلمهم من أمره و نهيه و ما فيه الصّلاح و الفساد (ذكر فى الوسائل أنّ قوله: «و ليس بفاعل غيره» غير موجود فى العيون)[10]

موثّقة سماعة‌، قال: سألت أبا عبدالله عليه السّلام عن الصلاة يوم الجمعة فقال: أمّا مع الإمام فركعتان، و أمّا لمن صلّي وحده فهى أربع ركعات و إن صلّوا جماعة[11].

موثّقة سماعة،‌ قال: سألت أبا عبدالله عليه السّلام عن الصلاة يوم الجمعة فقال: أمّا مع الإمام فركعتان و أمّا من يصلّى وحده فهى أربع ركعات بمنزلة الظّهر يعنى إذا كان إمامٌ يخطب، فإن لم يكن إمام يخطب فهى أربع ركعات و إن صلّوا جماعة[12].

دعائم الإسلام عن علىّ عليه السّلام أنّه قال: لا يصلح الحكم و لا الحدود و لا الجمعة إلاّ للإمام أو من يقيمه الإمام. و المروىُّ عن كتاب الأشعثيّات مرسلاً: أنّ الجمعة‌ و الحكومة لإمام المسلمين[13].

عن رسالة الفاضل بن عصفور مرسلاً عنهم عليهم السّلام: «أنّ الجمعة لنا و الجماعة لشيعتنا»[14].

أرسل عنهم عليهم السّلام: «لنا الخمس و لنا الأنفال و لنا الجمعة و لنا صفو المال[15]».

فى النبوىّ: أربع إلی الولاة: الفَىء و الحدود و الجمعة و الصدقات[16].

فى النبوّى: أنّ الجمعة‌ و الحكومة لإمام المسلمين[17].

فى الصّحيفة السّجّاديّة‌ فى دعاء الجمعة و ثانى العيدين: اللهمّ إنّ هذا المقام لخلفائك و أصفيائك و مواضع اُمنائك فى الدّرجة الرّفيعة التى اختصصتهم بها، قد ابتزّوها و أنت المُقدّر لذلك... إلی أن قال: حتّي عاد صفوتك و خُلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزّين، يرون حكمك مبدّلاً... إلی أن قال: اللهمّ العن أعداءهم مِنَ الأوّلین و الآخرین و مَن رضى بفعالهم و أشياعَهم لعناً وبيلاً[18].

خبر إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه أنّ علىّ بن أبى طالب عليه السّلام كان يقول: إذا اجتمع عيدان للنّاس فى يوم واحد، فإنّه ينبغى للإمام أن يقول للنّاس فى الخطبة الاُولی، إنّه قد اجتمع لكم عيدان فأنا أصلّيهما جميعاً، فمن كان مكانه قاصياً فأحبَّ ان يَنصرف فقد أذِنت له[19].

خبر سلمة عن أبى عبدالله عليه السّلام قال: اجتمع عيدان علی عهد أميرالمؤمنين عليه السّلام فقال: هذا يوم اجتمع فيه عيدان، فمن أحبّ أن يجمع معنا فليفعل، و من لم يفعل فإنّ له رخصةً، يعنى من كان متنحّياً[20].

خبر الحلبى أنّه سأل أبا عبدالله عليه السّلام عن الفطر و الأضحي إذا اجتمعا فى يوم الجمعة فقال: اجتمعا فى زمان علىّ فقال: من شاء أن يأتى إلی الجمعة فليأت، و من قعد فلا يضرّه، و ليصلّ الظُّهر. و خطب خطبتين جمع فيهما خطبة العيد و خطبة الجمعة[21].

موثّقة سماعة الواردة فى العيد قال: قلت لأبى عبدالله عليه السّلام متي يذبح؟ قال: إذا انصرف الإمام. قلت: فإذا كنت فى أرض ليس فيها إمام فأصلّى بهم جماعة؟ فقال: إذا استقلّت الشّمس، و لا بأس أن تصلّى وحدك، و لا صلاة إلاّ مع إمامٍ[22].

حسنة زرارة، قال: كان أبوجعفر عليه السّلام يقول: لا تكون الخُطبة و الجمعة و صلاة ركعتين علی أقلّ من خمسة رهطٍ، الإمام و أربعة[23].

حسنة محمّد بن مسلم، قال: سألته عن الجمعة فقال: أذان و إقامة، يَخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر. الحديث[24].

صحيحة محمّد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السّلام قال: تجب الجمعة علی سبعة نفر من المسلمين و لا تجب علی أقلّ من خمسة منهم الإمام و قاضيه و المدّعى حقّاً و المدّعی عليه و الشاهدان و الّذى يضرب الحدود بين يَدَى الإمام[25].

صحيحة زرارة عن أبى جعفر عليه السّلام قال: صلاة الجمعة فريضة و الاجتماع إليها فريضة مع الإمام، فمن ترك ثلاث جمع ترك ثلاث فرائض، و لا يترك ثلاث فَرائض من غير عذر و لا علّة إلاّ منافق[26].

صحيحة زُرارة عن أبى جعفر عليه السّلام قال: فرض الله علی النّاس من الجمعة إلي الجمعة خمساً و ثلاثين صلاة، منها صلاة واحدة فرضها الله عزّ وجلّ فى جماعة، و هى الجمعة، و وضعها عن تسعة: عن الصغير و الكبير و المجنون و المسافر و العبد و المرأة و المريض و الأعمي و مَن كان علی رأس فرسخَين[27].

صحيحة أبي بصير و محمّد بن مسلم عن أبى عبدالله عليه السّلام قال: إنّ الله عزّ و جلّ فرض فى كلّ سبعة أيّام خمساً و ثلاثين صلاة، منها صلاة واجبة علی كلّ مسلم أن يشهدها إلاّ خمسة: المريض و المملوك و المسافر و المرأة و الصبيّ[28].

صحيحة أبى بصير و محمّد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السّلام قال: مَن ترك الجمعة ثلاث جمعات متواليات طبع الله علی قلبه[29]

صحيحة زرارة قال: قال أبوجعفر عليه السّلام: الجمعة واجبةٌ علی [كلّ] من إن صلّي الغداة فى أهله أدرك الجمعة. و كان رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم إنّما يصلّى العصر فى وقت الظهر فى سائر الأيّام، كى إذا قضوا الصلاة مع رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم رجعوا إلی رحالهم قبل اللّيل، و ذلك سنَّةٌ إلی يوم القيامة[30].

صحيحة منصور عن أبى عبدالله عليه السّلام قال: يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد، فإن كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم، و الجمعة واجبة علی كلّ أحدٍ، لا يعذر النّاس فيها إلاّ خمسة: المرأة و المملوك و المسافر و المريض و الصبىّ[31].

قول أميرالمؤمنين عليه السّلام فى خطبةٍ: و الجمعة واجبة علی كلّ مؤمن إلاّ علی الصبىّ، الخ[32].

النبوىّ: الجمعة حقّ واجب علی كلّ مسلم إلاّ أربعة[33].

النبوىّ: من ترك ثلاث جمع متهاوناً بها طبع الله علی قلبه[34].

النبوىّ: من ترك ثلاث جمع متعمّداً من غير علّة طبع الله علی قلبه بخاتم النفاق[35].

النبوّى: لينتهينّ أقوام من [عن] ودعهم الجمعات أو ليختمنّ الله علی قلوبهم ثم ليكوننّ من الغافلين[36].

النبوّى: إنّ الله فرض عليكم الجمعة، فمن تركها فى حياتى أو بعد موتى استخفافاً بها أو جحوداً لها، فلا جمع الله شمله، و لا بارك الله فى أمره، ألا و لا صلاة له، ألا و لا زكاة له، ألا و لا حجّ له، ألا و لا صوم له، ألا و لا برّ له حتّي يتوب[37].

حسنة ابن مسلم أو صحيحته عن أبى جعفر عليه السّلام: إنّ الله أكرم بالجمعة المؤمنين، فسنّها رسول الله بشارة لهم و توبيخاً للمنافقين، و لا ينبغى تركها، فمن تركها متعمّداً فلا صلاة له[38].

صحيحة عمر بن يزيد عن أبى عبدالله عليه السّلام قال: إذا كانوا سبعة‌ يوم الجمعة فليصلّوا فى جماعة، و ليلبس البُرد و العمامة، و ليتوكّأ علی قوس أو عصي، و ليقعد قعدة بين الخُطبتَين، و يجهر بالقراءة و يقنت فى الركعة الاُولی منهما قبل الركوع[39].

صحيحة زرارة قال: حثّنا أبو عبدالله عليه السّلام علی صلاة الجمعة حتّي ظننت أنّه يريد أن نأتيه، فقلت: نغدو عليك؟ فقال: لا، إنما عنيت عندكم[40].

صحيحة زُرارة قال: قلت لأبى جعفر عليه السّلام: علی مَن تجب الجمعة، قال: علی سبعة نفر من المسلمين، و لا جمعة لأقلّ من خمسة أحدهم الإمام، فإذا اجتمع سبعة و لم يخافوا أمَّهم بعضهم و خطبهم[41].

موثّقة ابن بُكير عن زُرارة عن عبدالملك عن أبى جعفر عليه السّلام قال: قال: مثلك يهلك و لم يصلّ فريضة فرضها الله؟! قال: قلت: كيف أصنع؟ قال: صلّوا جماعة. يعنى الجمعة[42].

خبر عمر بن حنظلة قال: قلت لأبى عبدالله عليه السّلام: القنوت يوم الجمعة؟ فقال: أنت رسولى إليهم فى هذا، إذا صلّيتم فى جماعة ففى الركعة الاُولی، و إذا صلّيتم وحداناً ففى الرّكعة الثانية[43].

«دعائم الإسلام» عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنّه قال: يجتمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فصاعداً، و إن كانوا أقلّ من خمسة لم يجتمعوا[44].

الشيخ جعفر بن أحمد القمّى فى كتاب «العروس» عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: لا جمعة إلاّ فى مصرٍ تقام فيه الحدود[45].

و عنه عليه السّلام أنّه قال: ليس علی أهل القري جماعة و لا خُروج فى العيدَين[46].

«دعائم الإسلام» عن أبى جعفر محمّد بن علىّ عليهما السّلام أنّه قال: تجب الجمعة علی من كان منها علی فرسخَين إذا كان الإمام عدلاً.[47]

«الجعفريّات» مسنداً عن الحسين عن أبيه عليهما السّلام قال: قال: العشيرة إذا كان عليهم أمير يقيم الحدود عليهم فقد وجب عليهما [عليهم] الجمعة و التشريق[48].

«الجعفريّات» مسنداً عن الحسين عن أبيه عليهما السّلام قال: لا يصحّ الحُكم و لا الحدود و لا الجمعة إلاّ بإمام[49].

«الجعفريّات» مسنداً عن الحسين عليه السّلام أنّ عليّاً عليه السّلام سُئل عن الإمام يهرب و لا يخلف أحداً يصلّى بالنّاس، كيف يصلّون الجمعة؟ قال: يصلّون أربع ركعات[50].

«دعائم الإسلام» عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنّه قال: لا جمعة إلاّ مع إمام عدل تقىّ. و عن علىّ عليه السّلام أنّه قال: لا يصحّ الحكم و لا الحدود و لا الجمعة إلاّ بإمام عدل[51].

السيّد على بن طاووس فى كتاب «كشف اليقين» عن الثّقة محمّد بن عبّاس فى تفسيره عن محمّد بن همام بن سهيل مسنداً عن موسي بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام عن رسول الله صلّي الله عليه و آله فى حديث المعراج قال: أوحي الله إليه: هل تدرى ما الدّرجات؟ قلت: أنت أعلم يا سيّدى. قال: إسباغ الوضوء فى المكروهات، و المشى علی الأقدام إلی الجمعات معك و مع الأئمة من ولدك، و انتظار الصلاة بعد الصلاة، الخبر[52].

الفصل الثّانى: أقوال الأصحاب حول مسألة صلاة الجمعة

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم و به نستعين

و الصّلوى و السّلام علی سيّدنا و نبيّنا محمّد

و علی آله الطيّبين الطّاهرين

و لعنى الله علی أعدائهم أجمعين من الآن إلی قيام يوم الدّين

 

أمّا بعد، فإنّى لمّا تأمّلت فى الروايات الواردة فى صلاة الجمعة، و راجعت كتب القوم علی قدر الميسور، و نظرت فى أدلّتهم الّتى كانوا يستدلّون بها علی آرائهم المختلفة، أردت أن أكتب ما قوى بنظرى القاصر و بالى الفاتر، كى يكون تذكرة لى عند المراجعة، و تبصرة لغيرى، و نسأله جلّ و علا أن يوفّقنا لما يحبّ و يرضي، فأقول و بالله الاستعانة:

لا إشكال فى أنّ من تدبّر فى هذه الروايات مع كثرة أسانيدها و وضوح دلالتها و اعتبار رواتها، ينبغى أن يحصل له الجزم علی أنّ صلاة الجمعة تكون من الواجبات العينيّة التعيينيّة فى كلّ زمان كسائر الفرائض، بل من أعظمها، بل لا يكون شىء من الفرائض بهذه المثابة من الأهمّيّة فى نظر الشارع، كيف؟!

و هو علامة الإيمان و معرّفه، و قوام الإسلام و شعاره، و عمود الدين و حياته، كما تدلّ علي هذا روايات عديدة.

ففى حسنة ابن مسلم أو صحيحه عن أبى جعفر عليه السّلام:

«إنّ الله أكرم بالجمعة المؤمنين، فسنّها رسول الله بشارةً لهم و توبيخاً للمنافقين، و لا ينبغى تركها، فمن تركها متعمّداً فلا صلاة له»[53]

إنّ ترک صلاة الجمعة مساوق لذهاب روح الإسلام و حقیقته

فإذَن نستكشف إنّاً، أنّ تركه مساوق لذهاب روح الإسلام و حقيقته، و موجب للتفرقة بين المؤمنين، و لقطع البركات النازلة بها، و لسلب التوفيق لسائر العبادات، بل مطلق الخيرات، و إسوداد القلب و انطباعه كما فى النبوىّ:

«إنّ الله فرض عليكم الجمعة فمن تركها فى حياتى أو بعد مماتى استخفافاً بها أو جحوداً لها فلا جمع الله شمله و لا بارك الله فى أمره، ألا و لا صلاة له، ألا و لا زكاة له، ألا و لا حجّ له، ألا و لا صوم له، ألا و لا برّ له حتّي يتوب[54]».

و فى النبوىّ الآخر:

«مَن ترك ثلاث جُمع متهاونًا بها طبع الله علی قلبه»[55].

و فى الثالث:

«من ترك ثلاث جمع متعمّداً من غير علّة، طبع الله علی قلبه بخاتم النفاق»[56]

إلی غير ذلك من الروايات التى وردت للحثّ عليها و لذمّ تاركها. لكنّه مع ذلك قد حصلت شبهة فى وجوبها التعيينى لكثير من الأعاظم الأعلام ـ رضوان الله عليهم ـ فلم يفتوا عن شدّة ورعهم و احتياطهم بوجوب إقامتها علی الإطلاق، زعماً منهم أنّ وجوبها مشروطٌ بوجود الإمام و أنّ إقامتها من مناصب الإمام و مختصّاته، و من العجب أنّ الرسول الأكرم قد أخبر عن ذلك، ففى النبوىّ:

«ليَنتهينّ أقوام من [عن] ودعهم[57] الجمعات أو ليختمنّ الله علی قلوبهم ثمّ ليكوننّ من الغافلين»2.

اختلاف العلماء فی هذه المسألة إلی أربعة أقوال

و اختلف هؤلاء عند عدم إقامة الإمام أو المنصوب من قِبَلِه علی أقوال أربعة:

القول الأوّل: أنّها حرام عند عدم إقامة الإمام أو المنصوب من قبله سواء كان ذلك فى زمان حضوره عليه السّلام و عدم اقتداره علی الإقامة أو فى زمان غيبته، و هو ظاهر الشيخ قدّس سرّه فى «الخلاف». و حكى عن صريح سلاّر و ابن إدريس و «كاشف اللثام» و الشيخ إبراهيم القطيفى و الشيخ سليمان بن أبى ظبية و العلاّمة فى جهاد «التحرير» و صلاة «المنتهی»، و ظاهر المرتضی فى «أجوبة مسائل المحمديّات و الميّارفاقيات» أنّهم ذهبوا إلی الحرمة، و إن ذهب الأخيران فى غير هذه الكتب إلی الوجوب التخييرى، وكذا نسب القول بالحرمة إلی «كاشف الرموز» و صاحب «رياض المسائل»، و كذا نسب إلی الشهيد فى «الذكری» و لكنّه ليس بصحيح كما يظهر بالتّأمّل فى عبارته.

القول الثّانى: أنّها واجبة تخييراً، و لا يشترط فى إمامها إلاّ شروط مطلق إمام الجماعة من دون اشتراط الفقيه، فتارةً يعبّر بالوجوب التخييرىّ و اُخری بالجواز، و ثالثة بالاستحباب المُسقِط للوجوب، و هو صريح العلاّمة فى «التذكرة»، و الشيخ فى «النهاية» و «المبسوط» و «المصباح»، و المحقّق فى «الشرايع» و «النافع» و «المعتبر»، و عن الشهيد فى «البيان» و «الذكري» و «الحواشى»، و العلاّمة فى «المختلف» و «التذكرة» و «المنتهي»، و كذا عن «جامع الشرايع» و «التلخيص» و «غاية المراد» و «الموجز الحاوى» و «المقتصر» و تعليق «الإرشاد» و «الميسيّه»، و الشهيد الثّانى فى «الروض» و «الروضة» و «المقاصد العليّة» و «تمهيد القواعد»، و ظاهر «غاية المراد» و «نهاية الأحکام» و «كشف الغطاء»، و كذا فى «الجواهر» و «مصباح الفقيه».

القول الثالث: أنّها واجبة تخييراً مع الفقيه الجامع الشرائط، و هو خيرة الشَّهيد فى «اللمعة» و «المقاصد العليّة» و «جامع المقاصد» و «شرح الألفيّة» للمحقق الثّانى و رسالته فى الجمعة، و عن «التنقيح» و «فوائد الشرائع» و «الجعفريّة» و «إرشاد الجعفريّة» و «الغريّة» و «الدروس».

القول الرابع: أنّها واجبة تعييناً عند إقامة الإمام أو المنصوب من قِبَلِه، و مستحبّة عند عدم قيام أحدهما، و لا یجتزي بها عن الظهر، هذا و قد ذهب بعض الأعلام من المتأخّرین،[58] و بعض السادة من أساتذتنا إلی أنّها واجبة اجتماعاً لا عقداً بمعني أنّ أصل عقدها لم يكن واجباً تعيیناً، ولكنّه علی فرض عقدها و تحقّقها يجب السعي للجمیع و حضورهم، و ربّما نسب إلی الشهيد فى «غاية المراد» و الفاضل المقداد فى «التنقيح» القول بأنّ عقد الجمعة و الاجتماع إليها مستحبّ لكنّه بعد العقد و الاجتماع يتعيّن الجمعة، فهذا قول آخر، فعلي هذا أنّ جميع الأقوال علی ما ظفرنا إليها سبعة.

 پاورقي


[1]ـ وسائل الشيعة، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الجمعة و آدابها، باب 4، ج 5، ص 11، ح 1.

[2]ـ المصدر السابق، ح 4.

[3]ـ المصدر السابق، ص 12، ح 6.

[4]ـ المصدر السابق، باب 3، ص 10، ح4.

[5]ـ المصدر السابق، ح 1.

[6]ـ المصدر السابق، ح 2.

[7]ـ المصدر السابق، ح 3.

[8]ـ المصدر السابق، باب 12 ص 26، ح1.

[9]ـ خ ل: من الأهوال.

[10]ـ مصباح الفقيه، ج 2، ص 438، نقلاً عن العلل.

[11]ـ وسائل الشيعة، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الجمعة و آدابها، باب 6 ج 5 ص 16 ح 8.

[12]ـ المصدر السابق، باب 5، ص13، ح 3.

[13]ـ مصباح الفقيه، ج 2، ص 438، نقلاً عن دعائم الإسلام.

[14]ـ المصدر السابق، نقلاً عن رسالة الفاضل بن عصفور.

[15]ـ المصدر السابق.

[16]ـ المصدر السابق.

[17]ـ المصدر السابق.

[18]ـ الصحيفة السجّاديّة الكاملة، ص 281.

[19]ـ وسائل الشيعة، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، باب 15، ج 5، ص 116، ح 3.

[20]ـ المصدر السابق، ح 2.

[21]ـ المصدر السابق، ح 1.

[22]ـ المصدر السابق، باب2، ص 96، ح 6.

[23]ـ المصدر السابق، أبواب صلاة الجمعة و آدابها، باب 2، ص 7، ح 2.

[24]ـ المصدر السابق، باب 25، ص 39، ح 3.

[25]ـ المصدر السابق، باب 2، ص 9، ح 9.

[26]ـ مصباح الفقيه، ج 2، ص 439؛ و وسائل الشيعة، أبواب صلاة الجمعة و آدابها، باب 2، ج 5، ص 4، ح 8 و 12، مع إختلاف قليل.

[27]ـ وسائل الشيعة، أبواب صلاة الجمعة و آدابها، باب 1، ج 5، ص 2، ح 1.

[28]ـ المصدر السابق، باب 1، ص 5، ح 14.

[29]ـ مصباح الفقيه، ج 2، ص 440؛ و وسائل الشيعة، أبواب صلاة الجمعة و آدابها، باب 1، ج 5، ص 5، ح 15، مع اختلاف قليل.

[30]ـ وسائل الشيعة، أبواب صلاة الجمعة و آدابها، باب 4، ج 5، ص 11، ح 1.

[31]ـ المصدر السابق، باب 2، ص 8، ح 7، و باب 1، ص 5، ح 16.

[32]ـ المصدر السابق، باب 1، ص 3، ح 6.

[33]ـ المصدر السابق، باب 1، ص 6، ح 24.

[34]ـ المصدر السابق، ح 25.

[35]ـ المصدر السابق، ح 26.

[36]ـ المصدر السابق، ح 27.

[37]ـ المصدر السابق، ص 7، ح 28؛ و فى مصباح الفقيه، ج 2، ص 440 ولا وتر له.

[38]ـ وسائل الشيعة، أبواب القراءة فى الصلاة، باب 70، ج 4، ص 815، ح 3.

[39]ـ المصدر السابق، أبواب صلاة الجمعة و آدابها، باب 6، ج 5، ص 15، ح 5.

[40]ـ المصدر السابق، باب 5، ص 15، ح 1.

[41]ـ المصدر السابق، باب 2، ص 8، ح 4.

[42]ـ المصدر السابق، باب 5، ص 12، ح 2.

[43]ـ المصدر السابق، كتاب الصلاة، أبواب القنوت، باب 5، ج 4، ص 903، ح 5.

[44]ـ مستدرك الوسائل، ج 6 ص 11، ح 6298/2.

[45]ـ المصدر السابق، ص 12، ح 6299/1.

[46]ـ المصدر السابق، ح 6300/2.

[47]ـ المصدر السابق، ح 6302/1.

[48]ـ المصدر السابق، ص 13، ح 6303/1.

[49]ـ المصدر السابق، ح 6304/2.

[50]ـ المصدر السابق، ح 6305/3.

[51]ـ المصدر السابق، ح 6306/4.

[52]ـ المصدر السابق، ح 6308/6.

[53]ـ وسائل الشيعة، أبواب القراءة فى الصلاة، باب 70، ج 4، ص 815، ح 3.

[54]ـ المصدر السابق، أبواب وجوب صلاة الجمعة و آدابها، باب 1، ج 5، ص 7، ح 28؛ و فى مصباح الفقيه، ج 2، ص 440 ولا وتر له.

[55]ـ المصدر السابق، ص 6، ح 25.

[56]ـ المصدر السابق، ح 26.

[57] ـ الودع: الترک. (مجمع البحرین، ج 4، ص 400).        المصدر السابق، ح 27.

[58]ـ و هو العلاّمة الحاج السيد ابوالقاسم الخوئي مد ظلّه و ان ذهب اخيراً فى مجلس بحثه علی ما نقل عنه إلی الوجوب التخييرى عقداً و اجتماعاً. (منه عُفى عنه، فى 18 / ج 1 / 1399 الهجريّة القمريّة)

      
  
فهرست
10   المقدمة
  سبب منع الأئمّة علیهم السّلام إقامة الصلاة بشکل عامّ.
19   اعتقاد المصنّف قدّس سرّه بلزوم إيجاد الحكومة ‌الإسلاميّة
23   إرسال المصنِّف قدِّس سرّه رسائل إلی کثیر من العلماء و المراجع العظام
25   الکلام فى صلاة الجمعة یقع فى الجهتَین، السیاسیّة و الأخلاقیّة
26   الجهة الثانیة و هى الجهة الأخلاقیّة أهمّ من الاُولی..
28   اختصاص التصدّى لهذا المقام بخلفاء الله و أصفیائه
30   تصنیف المصنّف العلاّمة رضوان الله علیه سِفراً قیّماً فى مسألة ولایة الفقیه.
32   الأمور اللازم علي أئمة الجمعة.
33   المطالب الّتى یجب أن تکون الخطبة مشتملة علیها
36   الاُمور الّتى تجب علی خطباء الجمعة
39   إنّ الأصل فى صلاة الجمعة الوجوب العینى التعیینى..
41   الفصل الأوّل: فى الرّوایات الواردة فى صلاة الجمعة
45   الروایات الواردة فى صلاة الجمعة
57   الفصل الثّانى: أقوال الأصحاب حول مسألة صلاة الجمعة
60   إنّ ترک صلاة الجمعة مساوق لذهاب روح الإسلام و حقیقته
61   اختلاف العلماء فی هذه المسألة إلی أربعة أقوال
63   الفصل الثالث: فى أدلّة القول المختار
65   فى أدلّة القول المختار
67   الدّليل الأوّل من أدلّة القول المختار: الکتاب الشريف..
68   الإشکالات الواردة من جانب القائلين بعدم الوجوب و الجواب عنها
73   اختلاف الأصحاب فى قضيّة القيام بإيجاد الحکومة الإسلاميّة (ت)
76   الإشکالات الواردة من جانب القائلين بعدم الوجوب و الجواب عنها
83   کان رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم كالمرآة‌ بالنسبة‌ إلي تلؤلؤ أنوار الشّمس (ت)
84   فكلٌّ محلٌّ لتنزيل القرآن و تلقّيه (ت)
85   وجه فساد ما ذهب إلیه المحقِّق السبزوارى..
86   وجه فساد ما ذهب إلیه صاحب الحدائق (ره)
88   الدّليل الثّانى علي القول المختار: صحيحة زرارة
90   الدّليل الثالث علي القول المختار: موثّقة ابن بکير
92   الدّليل الرابع علي القول المختار: سائر الإطلاقات الواردة فى المقام
97   تقیید هذه الإطلاقات بصورة إقامة الإمام أو المنصوب من قبله مستهجن
101   الإشکالات الواردة من جانب المخالفين علي الأخذ بالإطلاق و جوابها
  المانع الأساسى فى ذهاب المشهور إلی عدم وجوبها التعيينى..
105   الجواب عن الإجماع المحصَّل المدّعَي..
106   وجود المخالفين من القدماء و المتأخِّرين ناقضٌ لإجماع المحصَّل و المنقول فى المقام
115   الجواب عن الإجماع المنقول المدّعي..
117   لا قيمة للإجماع بمقدار فَلسٍ فى المقام
119   الثالث من أدلّة القائلين بالوجوب التعيينى: الإجماع
123   الأضبط تفريق الرّوايات و تقسيمها إلي وجوه قبل النظر فى المسألة (ت)
125   الفصل الرّابع: فى الأدلة المشتركة بين القائلين بعدم وجوب صلوة الجمعة تعیینا
127   الدّليل الأوّل المشترک بينهم: الأصل
132   الدّليل الثّانى المشترک بينهم: الإجماع
132   الدّليل الثالث المشترک بينهم: السيرة
137   الدّليل الرابع المشترک بينهم: الروايات
142   استدلال القائلین بالحرمة بطوائف من الرّوایات
142   الطائفة الاُولی من الرّوايات و الجواب عنها
144   الطائفة الثّانیة من الرّوايات و الجواب عنها
146   الطائفة الثّالثة من الرّوايات و الجواب عنها
148   إنّ صاحب الدعائم من أجلاّء الإماميّة
151   کتاب الجعفریّات من الکتب المعتبرة المعوّل علیها عند الأصحاب
152   إنّ صاحب الجواهر ليس من الماهرين المتبحّرين فى فنّ الرجال
153   الإشکال فى سند الصحیفة السجّادیّة إنّما ناشئ من عدم الخبرویّة بالکتب و الرّواة
155   إنّ «الصحيفة» ممّا لا ريب فيه و لا يبعد دعوي تواترها
  الطائفة الرّابعة من الرّوايات و الجواب عنها
157   الاحتمالات الأربعة فى موثّقة ابن بکیر
160   الطائفة الخامسة من الرّوايات و الجواب عنها
161   دلیل من ذهب إلی عدم حرمة صلاة الجمعة و إجزائها عن الظهر
162   لیست الصلاة محصورة علی المسائل السیاسیّة فحسب (ت)
162   معني عدم افتراق المسائل الشّرعيّة عن السّياسيّة فى الإسلام (ت)
164   هل الاجتماع مظنّة النّزاع و مثار الفتن؟
165   الفصل الخامس: فى أدلّة القائلین بالوجوب التخییرى
165   في ادلة القائلين بالوجوب التخييري
167   الدّليل الأوّل للقائلين بالوجوب التخييرى الإطلاقات الواردة و الجواب عنها
168   الدّلیل الثّانى للقائلین بالوجوب التخییرى روایة زرارة و الجواب عنها
170   کیفیّة التقیّة فى زمن الصادقَین علیهما السّلام
172   المحصّل من جميع ما ورد فى الباب (ت)
175   خاتمة: فى شرائط الجمعة
  من الشرائط: أن لا يكون هناك جمعة اُخری..
180   حکم انعقاد الجمعَتين المقارنتَین بأقلّ من ثلاثة أمیال
184   صور المسألة فى ما اتّفق تقارن الجمعَتين بأقلّ من ثلاثة أميال
187   فيمن تجب عليه الجمعة
188   کیفیّة الجمع بین الرّوایات الموجودة
190   هل العَرَج أيضاً عذرٌ مانع أم لا؟
190   قال أبوعبد الله عليه السّلام: لا بأس بأن تدع الجمعة فى المطر
192   هل توجد الملازمة بین وجوب الجمعة و بین الإتمام
193   النکتة الأساسيّة لبناء هذه الرسالة (ت)

کلیه حقوق در انحصارپرتال متقین میباشد. استفاده از مطالب با ذکر منبع بلامانع است

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی