گالری تصاویر آرشیو بانک صوت کتابخانه پرسش و پاسخ ارتباط با ما صفحه اصلی
 
اعتقادات اخلاق حکمت عرفان علمی اجتماعی تاریخ قرآن و تفسیر جنگ
کتابخانه > مباحث علمی و اجتماعی > تعلیقه بر رساله وجوب نماز جمعه

الفصل الثالث: فى أدلّة القول المختار 

بسم الله الرّحمن الرّحيم

فى أدلّة القول المختار

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المذهب المنصور عندنا كما أشرنا إليه هو الوجوب التعيینى إلی يوم القيامة بلا شرط فى وجوبها و لا فى عقدها بإقامة الإمام أو المنصوب من قبله[1]، و الدليل علی هذا اُمور:

الدّليل الأوّل من أدلّة القول المختار: الکتاب الشريف

الأوّل: الكتاب، و هو قوله تعالی (يَأَيهَُّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلىَ‏ ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُواْ الْبَيْعَ  ذَالِكُمْ خَيرٌْ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون‏)[2] وجه الاستدلال أنّه تعالی أوجب السعى إلی صلاة الجمعة عند النداء، و من المعلوم أنّ السعى مقدّمة لها سواء كان المراد به المشى سريعاً أو شدّة الاهتمام بها، و لا معنی لإيجاب المقدّمة دون ذيها، مضافاً إلی أنّ التعبير بمثل السعى و نظائره كالتسريع دلّ علی لزوم شدّة الاهتمام بالمقدّمة خوفاً من عدم الإتيان بها علی وجهها كى لا توصل إلی ذى المقدّمة، فالآية تدلّ علی وجوب صلاة الجمعة بأبلغ وجه[3] هذا مع أنّ الله تعالی نهي عن البيع عقيب إيجابه السعى، و من المعلوم أنّ هذا النهى إرشادىٌّ يدلّ علی عدم جواز كلّ ما كان منافياً للصلاة، و هذا أيضاً ممّا يدلّ علی شدّة أهمّيّة هذه الصلاة عند الشارع و إلاّ فنفس إيجاب الصلاة كافية للمنع عن الإتيان بالمنافيات عقلاً، و لعلّ تخصيص البيع بالذكر لمكان أنّ عمدة اشتغال الناس فى اُمور دنياهم ممّا فيه منفعتهم هو البيع و المبادلة، أو لمكان أنّ التجّار لمّا أوردوا أمتعتهم فى المدينة يضربون بالطبل كى يطّلع الناس علی ورودهم فيقبلون علی شرائها فلذا عقّبه سبحانه بقوله: (وَ إِذَا رَأَوْاْ تجَِرَةً أَوْ لهَْوًا انفَضُّواْ إِلَيهَْا) [4] الخ. و علی كلّ حال تكون دلالة الآية علی الوجوب ممّا لا يكاد يخفي، لكنّ القائلين بالعدم أوردوا علی الاستدلال بها بوجوه:

الإشکالات الواردة من جانب القائلين بعدم الوجوب و الجواب عنها

منها: أنّه علّق فى الآية وجوب السعى علی النداء، و التّعليق إنما هو بكلمة «إذا» و ليس لها عموم كى يدلّ علی أنّه كلّما نودى للصلاة يجب السعى إليها، بل إنّها موضوعة لبيان التوقيت علی وجه الإهمال.

و فيه ما لا يخفي لأنّها و إن لم توضع للعموم ولكن لا مجال لإنكار الإطلاق فيها لتماميّة مقدّماته، كيف و لو لم تكن مطلقة تُخرِج الآية من كلام الحكيم؟! مضافاً إلی أنّ إنكار الإطلاق فى نظائر هذا المورد مستلزم لتعطيل جلّ من الاحكام بل كلّها إلاّ ما شذّ و ندر موجب للخروج عن الدين، لأنّ مدارك غالب الأحكام إطلاقات لا تزيد عن هذا الإطلاق قوّةً[5].

و منها: أنّ وجوب السعى مشروط بالنداء و من المعلوم أنّ المراد منه ليس كلّ نداء و لو من قبل خلفاء الجور كمعاوية و يزيد لعنهم الله بل المراد منه نداء خاصّ و هو النّداء مع النّبىّ و الأئمّة عليهم السّلام، و قرينة أنّ المراد منه إرادة خصوص المعصوم أنّ الأمر بالسعى الدالّ علی الوجوب لا يكون إلاّ فى زمانهم عليهم السّلام لأنّ الأصحاب لا يقولون بالوجوب تعيينًا حال الغيبة بل غايتهم القول بالوجوب التخييرىّ.

و فيه[6] أنّ المراد بالنّداء هو دخول الوقت، فهو كناية عنه بشهادة الفهم العرفى، كما أنّ أمثال هذه الكنايات الواقعة فى كلامهم أمارةً عن أوقات خاصّة كثيرةٌ جدّاً، و يدلّ علي هذا أنّا نقطع أنّه لو لم يُؤَذِّن المؤذّن و لم ينادِ المنادى فى زمن النّبىّ و الأئمّة عليهم السّلام نسياناً أو غفلةً أو عصياناً مع بنائهم عليهم السّلام علی عقدها لما انتفی الوجوب، و هذه قرينة علی عدم خصوصيّة فى التعليق علی النداء، و لذا ذهب جمع كثير إلی وجوب الأذان لصلاة الجمعة كفايةً كى يطّلع الناس علی دخول الوقت فيسارعون إليها، هذا مضافاً إلی أنّه يجب الحضور إلی الجمعة لمن كان بَعُد عنها بفرسخَين، و من المعلوم أنّ مَن كان بعيداً عنها بهذا المقدار لا يتمكّن من السّعى عند النداء، بل لابدّ و أن يسعي إليها أوّل الصبيحة كى يصل إلی الجمعة عند الوقت، و لذا صرّح فى الرواية بأنّها واجبة لمن كان إن صلّي الغداة فى أهله يتمكّن من الحضور للجمعة، و بالجملة أنّ ما أجبنا هو الجواب الصحيح عن هذا الإشكال.

و لكنّ بعض الفقهاء المعاصرين[7] تصدّوا لجواب آخر: و هو أنّ النداء فى الآية مطلق و الشارع جعل الملازمة بين وجوب السعى و بين طبيعة النداء أيّاً ما كان، و إنّما يكون نداء النبىّ و الإمام من أحد مصاديقه غاية الأمر أنّه لو تصدّی لإقامة الجمعة مَن لم يكن له أهليّةٌ لها كمن كان يقدّم علی الإمام يكون نداؤه خارجاً عن إطلاق النداء للقطع بحرمة التقدّم علی المعصوم بالضرورة من المذهب، لكنّه غير جيّد لأنّا لو التزمنا بإطلاق النداء لزم خروج أفراد كثيرة منه و لم يبق فى الملازمة إلاّ أفراد نادرة منه جدّاً[8]، مثلاً إذا نادی إلی الصلاة كاذب أو ناسٍ عن الجمعة أو غافلٌ أو كان النداء من قِبَل الفاسق أو الجائر أو لإقامة اُخری فيما دون الفرسخ سواء كان فى زمان المعصوم أو غيبته فلا إشكال فى عدم وجوب ترتيب الأثر علی هذا النداء، و ينحصر وجوب ترتيب الأثر علی نداء مَن كان له أهليّة للإقامة و هو المعصوم أو العدول علی تقدير وجوبها التعيينىّ، و لا يخفی أنّ جعلَ الملازمة الواقعة فى مقام الثبوت بين وجوب السعى و بين نداء من كان له أهليّة للإقامة مع التعبير عن الملازمة فى مقام الإثبات بين وجوب السعى و بين مطلق النّداء الذى كانت سعته بهذا المقدار من المستهجن، غايته فلا مناص إلاّ بأن يقال: إنّ الظاهر من الكلام هو نداء مَن كان له أهليّةٌ، و هذا القيد من قبيل القرائن المتّصلة العقليّة الّتى تمنع الكلام عن انعقاد ظهوره فى الإطلاق، فعلي هذا لو خلّينا و أنفسنا لا يمكن استفادة وجوب السعى فى زمن الغيبة عند إقامة من كان بصفات أئمّة الجماعة من نفس الآية، بل لابدّ و أن ينظر فى دليل آخر و تشخيص أهليّته لذلك كما أنّ الآية بمنطوقها لا تدلّ علی أنّ المراد من النداء نداء من قبل المعصوم، بل المراد أنّ نداء المعصوم من مصاديق نداء من كان له أهليّة له للضرورة من المذهب علی أنّ المعصوم يكون أهلاً له، و من ذلك يُعلم أنّ ما ذكره بعض المعاصرين[9] فى رسالته و سمعت منه قدّس سرّه مشافهةً من دلالة الآية عقلاً علی حرمة صلاة الجمعة فى زمان الغيبة غير سديد.

بيان ذلك: أنّه قدّس سرّه استدلّ علی حرمتها بأنّ المراد من النّداء فى الآية حين نزولها هو خصوص النّداء من قبل النّبىّ صلّي الله عليه و آله و سلّم فلو نادی أحد للصلاة مع غيره لم يجب إجابته بل تحرم، فکما تحرم فى حضوره تحرم مع غيبته لأنّها خلاف للكتاب.

وجه الفساد، أوّلاً: ما ذكرنا من عدم اختصاص النبىّ صلّي الله عليه و آله و سلّم فى كونه منادياً للصلاة. و ثانياً: أنّ حرمة نداء غيره مع حضوره إنّما هو بدليل آخر و هو حرمة المزاحمة مع النّبىّ صلّي الله عليه و آله و سلّم بالضرورة من المذهب. و أين هذا من دلالة الآية علی حرمة إقامة غيره فى زمان الحضور، فلذا لو لم يحضر النبىّ أو الإمام للجمعة لمصلحة يجب الحضور لغيره[10]، بل الآية تدلّ علی وجوب السعى عند النداء إذا كان من قِبَل مَن كان له أهليّة له، و فى زمان الحضور دلّ الدّليل عل حرمتها تقدّماً للمعصوم و ليس هذا الدليل فى زمان الغيبة[11].

اختلاف الأصحاب فى قضيّة القيام بإيجاد الحکومة الإسلاميّة (ت)

هذا كلّه علی تقدير موضوعیّة النداء لوجوب السعى و قد عرفت ضعفه[12].

الإشکالات الواردة من جانب القائلين بعدم الوجوب و الجواب عنها

منها: أنّ الاستدلال بالآية دورىّ، لأنّ مشروعيّة الصلاة معلّقة علی مشروعيّة النداء، و مشروعيّة النداء متوقِّفة علی مشروعيّة الجمعة للقطع بأنّها لو لم تكن مشروعة لم یصحّ النداء لها أيضاً، و فيه ما ذكرنا آنفاً من أنّ النداء كناية عن دخول الوقت فلا إشكال.[13]

و قد أجاب الشهيد الثّانى فى رسالته بجواب آخر و حاصله: أنّ الأمر بالسعى معلّق علی مطلق النداء للصلاة الصالح لجميع أفراده و خروج بعض الأفراد بدليل خارج و اشتراط بعض الشرائط فيه لا ينافى أصل الإطلاق، و كلّ ما يدلّ دليل علی خروجه فالآية متناولة له و به يحصل المطلوب، و فيه ما ذكرناه آنفاً من أنّ المراد من النداء فى الآية ليس النداء علی الإطلاق يقيناً[14].

و قد أجاب فى الحدائق بجواب آخر:

و هو أنّ المنادى للصلاة يوم الجمعة لم ينادِ لخصوص صلاة الجمعة لأنّ بعض المكلّفين كانت وظيفتهم الإتيان بأربع ركعات كالمريض و المجنون و المرأة و العبد و غيرهم، و بعضهم كانت وظيفتهم ركعتين لا غير كالمسافر، بل ينادى لمطلق الفريضة أيّما كانت، فعلي هذا ليس الأذان لخصوص صلاة الجمعة حتّي تكون مشروعيّته معلّقة علی مشروعيّتها، و كأنّه قيل: إذا نودي يوم الجمعة لطبيعة الصلاة المختلفة أفرادها علی حسب اختلاف أشخاص المكلّفين فاسعوا أيّها الحاضرون البالغون الرجال الأحرار إلی خصوص صلاة الجمعة، فأين الدَّور؟

و هذا الجواب جيّد جدّاً[15].

و منها: أنّ الأمر بالسعى علی تقدير النداء المذكور ليس عامّاً بحيث يكون المنادى جميع المكلّفين للإجماع علی أنّ الوجوب مشروط بشرائط خاصّة كالعدد و الجماعة و غيرهما، و حيثما لم تذكر الشرائط فى الآية فالآية تكون مجملة بالنسبة إلی الدلالة علی الوجوب المتنازع فيه.

و فيه: أنّه لا وجه لرفع اليد عن الإطلاق من هذه الجهة[16]، غاية الأمر أنّه كلّما ثبت قيد نأخذ به فنقيّد به الإطلاق كما هو الشأن فى سائر الموارد.

و من الغريب تمسّك صاحب «الجواهر» رحمه الله بهذا الإشكال و ارتضاؤه به حيث قال: بل قد يقال لا يتمّ الاستدلال بها بناءً علی إجمال العبارة و شرطيّة ما شكّ فيها إذ لم تثبت صلاة الجمعة إلاّ مع المعصوم و نائبه، مع أنّ‌ مبناه قدّس سرّه علی خلاف ذلك

و منها: ما حُكى عن «المستند» و هو أنّ إرادة الأذان عند الزوال من النداء غير معلومة، لجواز أن يراد منه أذان الفجر الّذى هو أيضاً للصلاة يوم الجمعة، و فيه الخدشة الظاهرة من وجوه:

الأوّل: ما حُكى من إجماع المفسّرين علی أنّ هذه الآية نزلت لصلاة الجمعة، بل كان ذلك متواتراً عندهم.

الثّانى: ما عقّبه بقوله تعالی (وَ ذَرُواْ الْبَيْعَ )[17] لأنّه من المعلوم أنّ أهل المدينة ما كانوا يبايعون عند طلوع الفجر.

الثالث: قوله تعالی عقيبه (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَوةُ فَانتَشِرُواْ فىِ الْأَرْضِ وَ ابْتَغُواْ مِن فَضْلِ الله‏)[18] حيث فُسِّر «ابتغاء الفضل» بطلب المعيشة، و من المعلوم أنّ التكسّب فى صبيحة يوم الجمعة مكروهٌ كما دلّت عليه الرّوايات، بل دلّت الرّوايات علی استحباب التهيّؤ لصلاة الجمعة و الدعاء بخلاف عصر يوم الجمعة.

الرابع: قوله تعالی عقيبه (وَ إِذَا رَأَوْاْ تجَِرَةً أَوْ لهَْوًا)[19] الخ. حيث إنّ نزول التجّار فى أوّل طلوع الفجر و إعلامهم الناس بالطبل، فمع بُعده فى نفسه قد دلّت التفاسير علی أنّ ترك المصلّين للنّبىّ و الفضّ إلی التجّار إنّما كان فى صلاة الجمعة.

و منها: أنّ المراد من «ذكر الله» هو رسول الله كما دلّت عليه رواياتٌ، أو المراد منه هو الخطبة، أو الخطبة و الصلاة معاً لا خصوص الصلاة، فعلی الأوّل فلا دلالة فى الآية علی وجوب السعى إلی الصلاة، و علی الأخیرين فإنّ استماع الخطبة ليس بواجب إجماعاً، و إذَن لابدّ و أن يحمل الأمر بالسعى علی الاستحباب فلا دلالة حینئذٍ علی وجوب الخطبة و الصلاة كما لا يخفی.

و فيه: أنّ «الذّكر» إنّما هو بمعنی إخطار الشىء بالبال، و هذا معنی جامع شاملٌٌ لجميع العبادات الّتى كانت مذكّرة لله تعالی و من ذلك يصحّ أن يقال: إنّ رسول الله و المعصومين حتّی الأولیاء و العلماء ذِكر الله لأنّ التوجّه و النّظر إليهم يوجب التوجّه إلی الله.

إذا عرفتَ هذا فقد علمتَ أنّ استعمال الذِّكر فى الآية من باب استعمال الكلّى و إرادة بعض أفراده و هو الصلاة لأنّها ذكر الله، و قد ورد فى القرآن (َ أَقِمِ الصَّلَوةَ لِذِكْرِى‏)[20] و فى الرّواية «الصلاة قربان كلّ تقى» و يدّل علی هذا اتّفاق جميع المفسّرين علی أنّ المراد من الذكر فى خصوص الآية هو صلاة الجمعة أو خطبتها أو هما معاً، و لم أدرِ كيف أصَرّ المخالفون بأنّ المراد منه رسول الله صلّی الله عليه و آله و سلّم؟! مع وضوح أنّه لو قلنا بأنّه تعالی هو المراد من الآية لسقطت الآية عن البلاغة خصوصاً بعد تفريع قوله سبحانه فإذا قضيت الصلاة، الخ. بل لا يزال يزيدنى تعجّباً ما حكي فى «الجواهر» عن «كشف اللثام» من التعريض علی القائلين بالوجوب حيث قال: إنّ الرسول صلّی الله عليه و آله و سلّم أظهر من إرادة الخطبة أو الصلاة فى الآية[21].

و لا تُصغ إلی ما يدّعي من إجماع المفسّرين علی إرادة أحديهما خصوصاً إذا كنت إماميّاً تعلم أنّه لا إجماع إلاّ بقول المعصوم[22]، و من ذلك یعلم أنّه لا يحتاج فى الجواب إلی ما أجاب عنه الحلبى قدّس سرّه من أنّ للقران ظهراً و بطناً و أنّ‌ الصلاة هى من المعانى الظاهريّة للذکر و الرسول من المعانى الباطنيّة كما ورد فى تفسير قوله تعالی (* إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْاحْسَنِ وَ إِيتَاى ذِى الْقُرْبىَ‏ وَ يَنْهَى‏ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنكَرِ وَ الْبَغْىِ  يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون‏)[23] أنّ المراد من العدل هو رسول الله و من الإحسان هو أميرالمؤمنين و من الفحشاء و المنكر و البغى هو الخصوص الثلاثة فعلي هذا لم يكن إرادة الصلاة من الذكر منافِيَة لإرادة الرسول صلّی الله عليه و آله و سلّم.

أقول: قد ورد فى الروايات المستفيضة أنّ القرآن يجرى مجري الشمس و القمر، فهذه معانٍ حقيقيّة ظاهریّة للقرآن كقوله (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم‏)[24] حيث فسّر بالإسلام و بالإيمان و بصراط علىّ بن أبى طالب عليه السّلام، و لا إشكال فى أنّ كلّها صراط مستقيم، فما ذهب إليه قدّس سرّه لعلّه فهم من هذه الاُمور معانٍ مختلفة مع ذهابه إلی عدم جواز استعمال اللفظ فى أكثر من معنی، لکنّک عرفتَ أنّ اللفظ لم يستعمل فى خصوصيّات هذه المعانى بل فى جامعها.

و منها: أنّ الآية خطاب للمؤمنين و هو مختصّ للحاضرين، و إسراءُ الحُكم الثابت به إلی الغائبين الموجودين فى زمان الغيبة يحتاج إلی التمسّك بذيل قاعدة الاشتراك فى التكليف الثابت بالإجماع، فيما إذا لم نحتمل خصوصيّة لزمان الحضور فى الخطاب، و أمّا فيما نحن فيه فلمّا كنّا مُحتملِين لذلك فلا إجماع للاشتراك.

و فيه: أنّ الحقّ هو شمول الخطاب للغائبين بل المعدومين مطلقاً، و بيان ذلك يحتاج إلی تمهيد مقدّمة، و هى أنّه ربّما قيل: بأنّ النزاع فى شمول الخطاب للمعدومين و عدم شموله لهم عقلى، و الكلام إنّما هو فى إمكان المخاطبة مع المعدوم و استحالته، لكنّه ليس بسديد، لأنّ توجيه الخطاب الحقيقى إلی الحاضر فى مجلس التخاطب غير الملتفت بالخطاب ممّا لا إشكال فى قبحه فضلاً عن توجيهه إلی الغائب أو المعدوم، كما أنّه لا إشكال فى توجيه الخطاب الإنشائى بالنسبة إلی المعدوم فضلاً عن الغائب. فالنّزاع إنّما هو فى إمكان شمول أدوات الخطاب للمعدومين وضعاً، فمن يقول بأنّها وضعت للمخاطبة الحقيقيّة يذهب إلی الامتناع، و من يقول بوضعها للخطاب الإنشائى ذهب إلی شمولها لهم، و الأقوی أنّها وضعت للخطاب الإنشائى لأنّا نری أنّ استعمالها للخطاب الإنشائى بأىّ داعٍ من الدّواعى كإظهار الحسرة و التلهّف و كذا إظهار الشعف و التيمان كقول الشاعر:

أيا جَبَلَى نعمان بالله خليّا

 

نسيم الصّبا يخلصْ إلىَّ نسيمها[25]

و قوله أيضاً:

أسِربَ القَطا هل مَن يُعير جناحه

 

لَعلِّى إلی مَن قد هويت أطيرُ[26]،[27]

لم يكن مغايراً لاستعمالها فى الخطاب الحقيقى و لا يحتاج إلی إعمال مؤنة زائدة، و هذا أدلّ دليل علی أنّ خصوصيّة التفهیم الخارجىّ و كذا سائر الدّواعى ليست ممّا هى دخيلة فى الموضوع له من اللفظ، فإذا خاطب الغائب أو المعدوم بداعى التفهيم فى ظرف الاطّلاع و الوجود لم يكن مجازاً، فإذا وضعت للخطاب الإنشائى فحال الموجودين فى زمن الغيبة مع حال الحاضرين فى المدينة‌ فى زمان الحضور بل الحاضرين فى مجلس التخاطب علی حدّ سواء، و علی فرض تسليم اختصاصها بالمشافهين وضعاً نقول: لا إشكال فى عدم اختصاص الخطابات القرآنيّة بالحاضرين فى مجلس الوحى الموجودين فى المسجد و غيره، فيكون هذا قرينة علی أنّها تستعمل مجازاً حتّی تشمل غيرهم، و ادّعاء استعمالها فى خصوص الموجودين فى زمان الحضور مجازاً بحيث لا تشمل الباقين مجازفةٌ.

کان رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم كالمرآة‌ بالنسبة‌ إلي تلؤلؤ أنوار الشّمس (ت)

فكلٌّ محلٌّ لتنزيل القرآن و تلقّيه (ت)

هذا كلّه علی فرض أن يكون المخاطبة من الله مع المشافهين بلسان الرسول بحيث يكون صلّی الله عليه و آله و سلّم واسطة صرفة فى الحكاية، و أمّا علی ما هو الحقّ من أنّها وردت علی قلبه المبارك ثمّ بيّنها تدريجاً فلا ريب حینئذٍ من عدم وجود مخاطب حقيقة عند الوحى، فتشمل المعدومين و الغائبين بعين شمولها للحاضرين، فهذا الإشكال باطل من رأسه[28].

وجه فساد ما ذهب إلیه المحقِّق السبزوارى

و ممّا ذكرنا يعلم فساد ما ذهب إليه المحقّق السبزوارى قدّس سرّه حيث إنّه جعل الآية من مؤيّدات الوجوب التعيينىّ لأن أدلّته بملاحظة هذا الإشكال، و المحصّل فى الجواب إنكار اختصاص الخطاب بالمشافهين، و أمّا علی تقدير التسليم و الاحتياج بقاعدة الاشتراك لا مدفع له بوجهٍ لأنّ القاعدة توجب سراية الحُكم الثابت للمشافهين بجميع ما له من الشرائط و القيود، و لا تدلّ علی نفي اشتراط حضور الإمام فى تكليف الحاضرين، فإذا احتملنا مدخليّة الحضور فى حكمٍ من الأحكام فكيف يمكن إثبات هذا الحكم لزمان الغيبة[29].

وجه فساد ما ذهب إلیه صاحب الحدائق (ره)

و من هذا تعرف أيضاً فساد ما أجاب به صاحب «الحدائق» عن هذا الإشكال من أنّ الروايات المستفيضة دلّت بالمضامين المختلفة علی أنّ حلال محمّد حلال إلی يوم القيامة و حرامه حرام إلی يوم القيامة و من أنّ الإجماع المدّعی للاشتراك لم یكن فى خصوص مسألة مسألة حتّی نتوقّف فيما لا ينعقد الإجماع عليه، بل معقد الإجماع أمر واحد و هو اشتراك جميع المكلّفين إلی يوم القيامة فى جميع الأحكام الثابتة[30].

و منها: أنّ الآية تدلّ علی وجوب السعى إلی الجمعة المنعقدة، و لا دلالة لها علی وجوب عقد الجمعة، و قد جعله صاحب «الجواهر» من أقوی الإشكالات الواردة عليها.

و فيه ما مرّ كراراً من أنّ المراد بالنداء هو دخول الوقت أو الأذان لمطلق الصلاة الواجبة فى ظهر يوم الجمعة، لا النداء لخصوص صلاة الجمعة، و سيأتى إن شاء الله تعالی ما يوضِّح لك الجواب علی تقدير كون النداء بنفسه ممّا له مدخليّة فى وجوب السعى عند جواب القائلين بوجوب صلاة الجمعة اجتماعاً بعد عقدها.

و أمّا ما أجاب عنه بعض المعاصرين: من أنّه لا معنی لإيجاب مقدّمات شىء أو بعض مقدّماته مع عدم وجوب ذلك الشىء. فيه نظر واضح، لأنّ المستشكِل لم يكن بصدد استظهار وجوب السعى من دون وجوب الصلاة، بل كان بصدد وجوب الصلاة و السعى إليها عند النداء[31].

هذا تمام الكلام فى دلالة الآية و قد عرفت قوّتها و ضعف الإيرادات الواردة علی الاستدلال بها، و من العجب العجاب ما ذهب إليه صاحب «الجواهر» قدّس سرّه تبعاً لبعضٍ من منع إطلاقٍ لهذه الآية فقال: إنّها وردت فى مقام بيان مجرّد التشريع كقوله تعالی (وَ أَقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَ ءَاتُواْ الزَّكَوةَ )[32] و قد تبعه بعض من تأخّر عنه أيضاً علی هذا المنع.

أقول: إنّه إذا لم يكن لهذه الآية الّتى أمر الله تعالی فيها المؤمنين بوجوب السعى بعد دخول الوقت ثمّ زجرهم عن البيع و الاشتغال بما ينافيها ثمّ رخّص لهم الاشتغال فى الاُمور الدنيويّة بعد أدائها إطلاقٌ للوجوب، فمن أين نجد إطلاقاً فى آيةٍ أو روايةٍ‌[33]؟! و من الغرائب أنّهم كانوا بصدد إثبات الإطلاق فى بعض المقامات بتمحّلاتٍ بعيدةٍ و تعسّفات غريبة و أنكروا إطلاق هذه الآية مع أنّه من أظهر موارده[34].

و ربّما استدلّ علی وجوبها فى «الحدائق» بقوله تعالی:( حَافِظُواْ عَلىَ الصَّلَوَاتِ وَ الصَّلَوةِ الْوُسْطَى‏ وَ قُومُواْ لِلَّهِ قَنِتِين‏)[35] علی ما فسّر الصلاة الوسطی بصلاة الظهر الشاملة لصلاة الجمعة، و بقوله تعالی (يَأَيهَُّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلْهِكمُ‏ْ أَمْوَالُكُمْ وَ لَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ الله)‏[36] بناءً علی أنّ المراد من الذِّكر هو صلاة الجمعة، و فيهما ما لا يخفی.

الدّليل الثّانى علي القول المختار: صحيحة زرارة

الثّانى من الأدلّة: صحيحة زرارة:

«قال: قلت لأبى جعفر عليه السّلام: علی مَن تجب الجمعة؟ قال: علی سبعة نفرٍ من المسلمين، و لا جمعة لأقلّ من خمسةٍ أحدهم الإمام، فإذا اجتمع سبعةٌ و لم يخافوا أمّهم[37] بعضهم و خطبهم[38]».

بيان الاستدلال: أنّ زُرارة سأله عن شرائط الجمعة علی من جری عليه قلم التكليف، فأجاب الإمام عليه السّلام أوّلاً بأنّ الشرط للوجوب إنّما وجود سبعة من المسلمين بحيث كلّما تحقّقت تجب الصلاة، و هذا بإطلاقه[39] يدلّ علی نفى الاشتراط بالنسبة إلی حضور الإمام و كذا سائر الشّرائط من الحُرِّيَّة و السَّلامة و غيرهما، غاية الأمر أنّه كلّما دلّ الدليل علی اشتراط الوجوب ببعض القيود نقيّده به و نتمسّك بالإطلاق، بالإضافة إلی ما لم يثبت الاشتراط به كما هو الشأن فى سائر موارد الإطلاقات، ثمّ بيّن الإمام عليه السّلام بأنّ السبعة إنّما هى شرط الوجوب[40]، و أمّا الانعقاد فقد يتحقّق بمجرّد وجود خمسة منهم و ليس إمامهم خارجاً عنهم بل هو محسوب من العدد، فلمّا لم يُبيّن بأنّ إمام السبعة أيضاً داخل فى العدد فَرَّع عليه السّلام ثانياً علی ما ذكره أولاً بأنّ الإمام فى السبعة أيضاً ليس خارجاً عنهم، بل كلّما تحقّقت السبعة تجب الصلاة بأن ياُمّهم بعضهم، و لا يخفی أنّ هذه الفقرة فى نفسها لها أقوی ظهور فى عدم اشتراط إقامة المعصوم أو نائبه فى الوجوب، لأنّ المراد من ظاهر البعض هو أىّ بعض يكون و ليس فيه خصوصيّةٌ لا بعضاً مبهماً حتّی لا ينافيه إرادة شخصٍ خاصٍّ للإمامة من المعصوم أو المنصوب من قِبَله.

و قد تمحّل فى «مصباح الفقيه» لتوجيه هذه الرواية لما ذهب إليه مع اعترافه بظهورها فى الوجوب التعيینى بحملها علی: الاستحباب، أو بيان مطلق المشروعيّة، أو يكون المقصود بأمّهم بعضهم البعض المعهود عندهم لا مطلقه، و أنت خبير بأنّ هذه التوجيهات الّتى لا يتحمّله اللفظ تكون فى حكم طرح الرّواية بتعبير آخر[41].

الدّليل الثالث علي القول المختار: موثّقة ابن بکير

الثالث: موثّقة ابن بكير عن زرارة عن عبدالملك عن أبى جعفر عليه السّلام:

«قال: قال: مثلك يهلك و لم يصلّ فريضةً فرضها الله، قال: قلت: كيف أصنع؟ قال: صلّوا جماعة، يعنى الجمعة[42]».

و لا يخفی أنّها نصّ فى الوجوب، فيدلّ علی شدّة الاهتمام بها من وجوه خمسة:

الأوّل: أنّ كلمة «مثل» مُصَدَّر بالاستفهام المَحذوف و ظاهره التوبيخ علی تركها، و من المعلوم أنّه لا يوبّخ إلاّ عند ترك أمرٍ إلزامىٍّ.

الثّانى: الإيراد بكلمة مثل، و الإيراد بها فى أمثال المقام إنّما هو لبيان أنّ شدّة قبح التّرك بلغت بمرتبة يخجل المتكلّم من أن يَنْسِبَه إلی المخاطب فحينئذٍ يُعبِّر بأنّ مَن كان مثلاً لك فى الصفات لا يجوز له أن يرضی بالترك.

الثالث: كلمة الهلاك، و هو لغة الموت علی وجه سوء.

الرابع: كلمة الفريضة، و الفرض لغة بمعني الوجوب.

الخامس: انتساب الفريضة إلی الله، فإنّه و إن كان جميع الفرائض من قِبَل الله سبحانه إلاّ أنّ بيان نسبة هذه الفريضة إلی الله و تخصیصها بالذكر لمكان تفهيم المخاطب كى يتوجّه دائماً بأنّ هذا الأمر صدر من الله الملك السُّلطان القادر القاهر علی جميع الاُمور، فَتَرْك هذه الفريضة إنّما هو مساوق للخروج عن تحت رِقِّيَّته و عبوديّته، مع أنّه من أعظم القبائح، و هذا نظير ما إذا قيل لأحدٍ من الرعايا: أنت تركت أمراً أمر به السلطان، و هو أبلغ بمراتب ممّا إذا قيل: أأنت تركت الأمر الفلانى؟

و لمّا كان عبدالملك عالماً بأنّه لا يجوز عقد جمعتين فى محلّ واحد مع علمه بأولويّة الإمام فى الإمامة و عدم جواز تقديمه نفسَه عليه فقد تحيّر من كلامه عليه السّلام فقال: كيف أصنع بدونكم؟ فأجاب: صلّوا عندكم جماعةً؛ و هذه الرِّواية أدلّ دليل علی أنّ عدم جواز إقامة الجمعة فى زمان الحضور مع قيام الإمام بها ليس لاشتراطها به بل لأنّه عليه السّلام كان أولی الناس بإقامتها، كما كان هذا ضروريّاً من المذهب فإذا لم يتمكّن عليه السّلام من الإقامة كان الوجوب باقياً بالنسبة إلی الباقين، و سيأتى توضيح ذلك إن شاء الله تعالی.

و من الغريب استدلال صاحب «الجواهر» و بعض من تبعه بهذه الرواية علی استحباب الجمعة مع عدم حضوره و سلطنته عليه السّلام بأنّ عبدالملك من أجلاّء الأصحاب، و هذه الرواية دلّت علی استمرار تركه إيّاها و لذا تأسّف من عدم تمكّنه لها لعدم تمكّن إمامه عليه السّلام فأجازه الإمام عليه السّلام بإقامتها.

أقول: إنّ استمرار ترك عبدالملك بل جميع الأصحاب و إن كان ممّا لا خدشة فيه إلاّ أنّه كان لمكان التقيّة الرافعة للتكليف ـ كما سيأتى توضيحه ـ فلمّا ضعفت التقيّة بحيث كان عبدالملك متمكّناً من عقدها فاعترض الإمام عليه السّلام بتركها و وبّخه علی ذلك؛ فلا يقال: إن کان ترك عبدالملك مع جلالة قدره و عظم شأنه لعذرٍ لا محالة فكيف يصحّ التوبيخ؟! لأنّا نقول: إنّ تركه مدّة استمرار التقيّة و إن كان لعذرٍ إلاّ أنّ توبيخه عليه السّلام لم يكن لذلك بل كان فى زمان ضعفت التقيّة و صار متمكّناً من عقدها مع نَفَرٍ یسير من المؤمنين لمكان انتظاره بأن يؤمّ بهم الإمام عليه السّلام كما يظهر من قوله: كيف أصنع؟ فالإمام وبّخه علی تركه حینئذٍ و دلّه علی أنّ بقاء‌ التقيّة بالنسبة إليه عليه السّلام لا يوجب رفع التكليف بالنسبة إلی الباقين[43].


پاورقي


[1]ـ صلاة الجمعة واجبة مطلقةً لا مشروطة بوجود الإمام أو المنصوب أو الفقيه الجامع المبسوط اليد فى الحكومة الشّرعيّة لكنّها لا تصحّ إلاّ بإقامة الإمام أو مَن يحذو حذوه و مَثَلُها كَمَثَل صلاة الظهر بالنسبة إلی الطهارة لا مثل الحج بالنسبة إلی الاستطاعة، فعلی المسلمين النهوض و القيام للحكومة الشرعيّة و إيجاد اقتدارٍ و بسطٍ للحاكم كى يتمكّن من الإقامة الّتى هى من مناصبه، فالمسلمون آثمون فى تركها مطلقاً، و إن أقامها غير الحاكم لا تصحّ صلواتهم، بل لابدّ و أن يوجدوا ما هو مقدّمةٌ لها فى الصّحّة و الإيجاد و هو القيام للحكم الشرعى بحيث يقتدر الحاكم من القضاء و إجراء الحدود و ما شابههما، فلا تغفل (منه عُفى عنه، فى 18 / ج 1 / 1399)*

* ـ لا يخفي أنّ ما أفاده ـ رضوان الله عليه ـ من الحكم بالوجوب التّعيينى لصلاة الجمعة فى كلّ حال و زمان كلام متين تامّ لا تعتريه أىّ شبهة و ضلال لكنّ تنظيرها بمسألة وجوب الصلاة بالنسبة إلي الطهارة حيث حكم بوجوبها إطلاقاً و باشتراط صحّتها بتحقّق الحكومة الشّرعيّة و ï ï استعدادها لإجراء الحدود و القضاء محلّ تأمّل و إشكال لاقتضائه انهدام البناء و رفع اليد عن إطلاقيّة الوجوب بالنّسبة إليها لعدّة وجوه:

الأوّل: أنّ المايز بين الواجب المشروط و المطلق هو عدم اختيار المكلّف لتحصيل بعض الشروط و الظروف لإيجاد الواجب فى الأوّل، و اختياره و استعداده لهذا فى الثانى. فالشّارع حين العقد إذا اعتبر تحصيل المكلّف به فى ظرف خاصّ كدخول الوقت بالنسبة إلي الصلاة، أو شرط كالاستطاعة للحجّ فمن حيث إنّ تحصيل هذه المسائل خارج عن إرادة و استعداد المكلّف و لو من بعض الجهات، فهذا التكليف يعدّ مشروطاً بالنسبة إليها، و إذا لاحظ التكليف مطلقاً بالنسبة إلي بعض الشروط و الظروف فى الوقت الذى يكون المكلّف قادراً علي إتيانه علي أىّ حال كالصلاة بالنسبة إلي الطهارة و لبس الطاهر و الاستقبال و ... فيعدّ هذا مطلقاً.

إذا عرفت هذا فاللازم علينا تطبيق هذه القاعدة علي ما نحن فيه من لحاظ الشارع صلاة الجمعة مطلقاً من أيّ شرط و ظرف للإقامة و لحاظ صحّتها و أداء الذّمّة علي الإتيان بها فى أزمنة الحكومة الشّرعيّة، و بدون تحصيل هذه المسألة لا تقبل الصلاة و تبطل مطلقاً كما اعترف به المؤلِّف قدّس الله سرّه استناداً إلي ما أشارت إليه الرّوايات فى الباب مع اضطراب الفحوي و رعاية الجمع بينها. و من البديهى ـ أشدّ البداهة ـ أنّ مسألة إيجاد الحكومة الشرعيّة مسألة اجتماعيّة لا شخصيّة، فبقيام الواحد أو الاثنين أو أكثر لا يتحقّق هذا المهمّ بل يحتاج إلي عِدّة و عُدّة و لزوم الحركة و قيام اجتماعى بكمّيّة کبيرة و ضخمة من جهة، و مساعدة الظروف و الحوادث غير الاختياريّة من جهة اُخري كما يشهد به الوجدان و التاريخ فى طول الأزمنة و الأعصار و عدم توفيق جلّهم فى الظفر بهذه الغاية، بل لا نري حصول نتيجة لهم إلاّ نادراً و قليلاً جدّاً جدّاً فى بعض الأحيان، و هذا ليس من تساهل الشيعة و استبطائهم و إجمالهم لهذه المسألة إطلاقاً، بل لعدم اختيارهم و قدرتهم علي تحصيله، فكيف يمكن لنا أن نحكم بوجوب صلاة الجمعة فى هذه الأحوال؟!

الثانى: الواجب المطلق واجب فى كلّ الأحوال و السنين و الشرائط، فإذا فرضنا أنّ الصّبىّ المراهق وصل إلي حدّ البلوغ، فبمجرّد البلوغ تجب عليه الصلاة من دون اشتراط بشرط و أمّا إذا قلنا إنّه يجب عليه أداء الصلاة فى ظرف استقرار الحكومة الشرعيّة، فهل يمكن أن يصل إلي ï ï هذا المطلب بيوم أو ليلة ؟ أو هل من اللازم عليه أن يصرف أيامه و سنينه بل و عشرات السنين فى تحصيل الحكومة؟ ففى هذه الفترة ما حكمه بالنسبة إليها، أهى واجبة و إن لم تحصل له الحكومة؟ فهذا ينافى اشتراط الصحّة، أو ليست بواجبة؟ فهو ينافى إطلاقيّة الوجوب فى كلّ الأحوال إلي يوم القيامة! فهل يعدّ عاصياً كما اعترف به المؤلِّف قدّس سرّه مع قيامه بالتكليف؟ و هل هذا إلاّ التزام بالتناقض فى ترتّب العقاب و الثواب؟! و هل التكليف بالصلاة فى هذه الفترة تكليفاً اختيارياً ليس خارجاً عن عهدته و قدرته؟ و كذا الكلام بالنسبة إالي سائر الأفراد فى البقاع المختلفة و الظروف المتشتّتة.

الثالث: أنّ الحوادث و الظروف لم تسمح للأئمّة عليهم السّلام القيام بإيجاد الحكومة الشرعيّة إلاّ فى الفترة الأخيرة لحياة أميرالمؤمنين عليه السّلام، فلو كان الوجوب مطلقاً لوجب عليهم القيام بأىّ نحو كان مع أنّا نري عدم الإقدام منهم عليهم السّلام، بل إنكارهم الشديد و رفضهم لذلك كما وقع عن الإمامين الصّادق و الرّضا عليهما السّلام، بل نهيهم لأصحابهم لأجل التّقيّة كنهى الكاظم عليه السّلام هشام بن الحَكَم و المعلّي و غيرهما، و ها بأيدينا هذه الأحاديث المؤكّدة فى التقيّة والنهى البليغ عن القيام و الإقدام بهذه التعابير عن العنيفة الكاشفة عن المبغوضيّة فى نظر المعصوم عليه السّلام بحيث لا يمكن لأحد إنكارها إلاّ للمكابر الجاحد.

الرابع: أنّه لا علاقة بين الالتزام بوجوب الصلاة مطلقاً و اشتراطها كذلك فى الصحّة و الإجزاء كما يفهم من الاختلاف فى الروايات فى ذلك، و سنوضِّح لك بمزيد من البيان إن شاء الله. (منه عفا الله عن جرائمه).

[2] ـ سورة الجمعة (62) الآية 9.

[3]ـ لا شكّ أنّ وجوب المقدّمة من ناحية وجوب ذيها، فالأمر بها بعد الفراغ عن وجوب التكليف يدلّ علي شدّة الاهتمام كما قال به قدّس سرّه كالأمر بالقيام و الاستعداد السفر للحجّ و أداء الزكاة و القيام إلي الجهاد و هكذا.

فعلي هذا صرف التأكيد و الأمر من الشارع علي القيام بمقدّمات هذه التكاليف لا يدلّ علي وجوب ذيها مطلقاً بل ساكت عن هذا المقام مثل أمر الشارع بلزوم تحصيل الطهارة لصلاة الزّوال لا يدلّ علي وجوبها مطلقاً بالنسبة إلي الزّوال بل هو مشروط. فاستفادة الإطلاق من الآية علي وجوبها محلّ إيراد، و لا فرق بين الإطلاق و الشمول إلاّ من حيث الأدوات و الأوزان كما قرّرناه فى الاُصول. فالآية من هذه الجهة ساكتة (منه عُفى عن جرائمه).

[4] ـ سورة الجمعة (62) صدر الآية 11.

[5]ـ قد مرّ منا آنفاً مساوقة الإطلاق مع العموم فى شمول الأدلّة لكلّ فرد من أفراد التكليف بلا فرق فى تحصيل رضي المولي و تحقيق غرضه، كما أنّ العموم لا يدلّ علي كيفيّة حصول الوجوب و شرائطه، بل يدلّ علي الإتيان به باستقرار الأفراد فى الأزمنة و الأحوال، فكذلك المطلق طابق النعل بالنعل، فالآية و إن دلّت بإطلاقها علي وجوب الإتيان بها وقت النّداء لكن لا تدلّ علي كيفيّة وجوبها حسب الشرائط و الظروف و الأحوال، فهى بهذه الحيثيّة مهملة و لا فرق فى هذا المقام بين العموم و الإطلاق حتّي لو قلنا بدلالة لفظ «إذا» علي العموم، فتدبّر. (منه عُفى عن جرائمه).

[6] ـ هذا خلاف الظهور و المتفاهم من النداء فى الآية الشريفة، بل الأقرب عند دوران الأمر بين الوجوه إذا لم نقل بأنّ المراد منه هو خصوص الأذان كما نبّه عليه المؤلّف قدّس الله سرّه هو القيام بإقامة الصلاة فى المدن و البلدان سواء كان فى زمن الأئمّة عليهم السّلام أو غيره كزماننا هذا، و بيانه: هذا مضافاً إلي أنّه ... يؤيّد ما قوّيناه من الوجه المختار. (منه عفا الله عن جرائمه).

[7]ـ هو الشیخ محمّد رضا الإصفهانى مدّ ظلّه.

[8]ـ لكنّ الإنصاف خروج هذه المصاديق موضوعاً لعدم کون هذه الموارد مراداً جدّيّاً من متكلّم عادىّ فكيف بالمولي الحكيم؟! فعلي هذا لا يبقي تحت هذا المفهوم إلاّ ندائَين: أحدهما من الحاكم العادل، و الثانى من الجائر الفاسق، فالتّخصيص فى غير محلّه، و مع ذلك يمكن إن يقال: انّ تعقيب الأمر بالسعى إلي ذكر الله يشعر بإقامة ذكر الله و إحياء الشعائر الإسلاميّة، و من البديهى أنّه لا يتحقّق إلاّ فى الحكومات الشرعيّة أو ظروف غير خاضعة للجبابرة و الظَّلَمة فى علاقتهم بشريعة الوحى و أهل بيت النّبوّة صلوات الله عليهم أجمعين، فالآية من ابتداء الأمر غير مطلقة بالنسبة إلي نداء أهل الظلم و الفسقة كما أشار إليه المؤلّف قدّس الله سرّه. (منه عفا الله عن جرائمه).

[9]ـ السیّد میرزا هادى الخراسانى رحمه الله.

[10]ـ إذا علم رضاهما بإقامته (منه عفى عنه).

[11]ـ و فى زمان الغيبة دلّ الدليل علی حرمة التقدّم علی المجتهد الجامع للشرائط الباسط اليد أو المنصوب من قِبله (منه عُفى عنه).*                                                                  ï

 ï * ـ هذا إذا صدق کون القيام بصلاة الجمعة تقدّماً علي الإمام عليه السّلام أو المجتهد الجامع بأن تقام الصلاة بدون الإذن منهما و رضاهما و إلاّ فلو أقامها أهل قرية من غير تعارض معهما بل كان فى طريق المتابعة و الانقياد فلا يعدّ تقدّماً. (منه عُفى عن جرائمه)

[12]ـ و الّذى ظهر لنا بعد التأمّل هو أنّ النّداء إنّما هو الإعلان و الإعلام للحضور و الجماعة سواءٌ كان من طريق الأذان أو من غيره؛ كما كان الدّأب فى زمن النّبىّ صلّی الله عليه و آله و سلّم عند ما تحدثُ حادثة يلزم فيها حضور الجماعة و اجتماعهم عنده ينادى منادٍ من قِبَلِه صلّی الله عليه و آله و سلّم: الصلاة جامعة. فيحضر الناس عنده فى المسجد فيصعد المنبر و يخطب و ينبّئهم بما أراد من التّنبيه فى اُمورهم؛ فإذَن يكون المراد من النداء هو الإعلان من قِبَل من كان له أهليّة له، فالآية تدلّ فقط علی وجوب السعى فيما إذا أقام الجمعة الإمام أو المنصوب من قِبَلِه خصوصاً، أو من أدلّة النّيابة و الخلافة العامّة عموماً كالمجتهد الجامع الباسط اليد فى الحكومة الشّرعيّة الإسلاميّة، أو عند النهضة و القيام لهذه الحكومة. و أمّا وجوب الصلاة عند عدم إقامة الإمام أو الفقيه الباسط اليد لأجل غلبة حكومة الجور و الخلاف و عدم التّمکّن منها يستفاد من دليل آخر و هو الإطلاقات و النّصوص الصّريحة العامّة المؤذنة للوجوب، فلا مناص للمسلمين من قیامهم للعدل و إقامتهم الحكومة الشرعيّة كى يتمكّن الحاكم من إقامة القضاء و الحدود و الجمعة فيتمكّنون من الصلاة الواجبة المطلقة المشروط وجودها بإقامة الإمام أو نائبه لا وجوبها*. (منه عُفى عنه).**

* ـ اعلم أنّ ما أفاده ـ رضوان الله عليه ـ فى هذه التّعليقة فى أواخر حياته الشريفة الطيّبة يناقش ما قد سبق منه بالنّسبة إلي النّداء، و يؤيّد ما قوّيناه من إرادة القيام بإقامة الصلاة آنفاً و الأمر سهل إلاّ أنّ دلالة الآية علي إقامة ‌الإمام أو المنصوب من قِبَلِه محلّ تأمّل بل منع، لعدم وجود أىّ إشارة إلي هذه النّكتة إلاّ ما ذكرنا فى التّعليقة من الغرض فى إحياء الشعائر الإسلاميّة و ذكر الله تعالي، و هو كما يتحقّق من قِبَل الإمام عليه السّلام أو الفقيه الجامع لشرائط الحكومة فكذلك يتحقّق من قِبَل غيرهما إذا كان من الطائفة المحقّة و کان علي الولاء؛ فالقول بدلالة الآية` ` علي وجوب الإقامة ‌إمّا من قِبَل الإمام أو الفقيه بالنيابة عنه غير موجّه و الله العالم. ( منه عُفى عن جرائمه)

اختلاف الإصحاب فى قضية القيام بإيجاد الحکومة الإسلاميّة (ت)

** ـ اعلم أنّ قضيّة ‌القيام بإيجاد الحكومة الإسلاميّة لا يزال مطروحاً فى الكتب بين الفحول و الأعلام و مورداً للنّقض و الإبرام فَمِن مثبت مبرمٍ قائلٍ بوجوبه من غير تعلّقه بأىّ شرطٍ و تهيئة أىّ ظرف و استعداد للمجتمع متّكئاً علي أدلّة الوجوب بإقامة العدل و رفع الظلم و تحقيق المعروف و إمحاء ‌المنكر من الآيات و الروايات و هى علي إطلاقها المدّعي كثيرة متضافرة، و من منكر رادعٍ لا يري لإنجاز هذه المسألة أىّ مجال و موقعيّة فى عصر الغيبة و يرفضها بأشدّ الرّفض‌ و النكير، بل لا يري الإقدام و القيام بها إلاّ إقداماً علي المهلكة و ارتكاباً للحرام و إهراقاً لدماء الأبرياء و زيادة فى الفتنة و المصيبة و الشدائد، و هو يري أنّ القيام بهذه المسألة يختصّ بالإمام المعصوم عليه السّلام و هو من مناصبه الخاصّة لا يجوز لأحد التّعدّى عليها و التّجاوز لحدودها مستنداً إلي أدلّة الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و رعاية شرائطها و شروطها كما رُوى عن المعصومين عليهم السّلام فى الرّدع عن القيام و معارضة الحكومات الجائرة فى زمن الغيبة، و ظاهر كلام المؤلِّف قدّس الله سرّه الميل إلي الوجوب و الإقدام مهما أمكن و عدم الوقوف و المماشاة‌ مع أئمّة الكفر و الإلحاد، بل صرّح بأنّ المسلمين آثمون من هذه الجهة حتّي يصلوا إلي النّتيجة المطلوبة‌. لكنّ التحقيق فى المسألة يقتضي بياناً أبسط حسب رعاية هذا الموجز من غير اختصار مخلّ و لا تطويل مملّ.

فنقول و الله العالم بحقائق الاُمور: لا شكّ أنّ القيام بالعدل و إمحاء ‌الباطل من أهمّ الفرائض و آكدها المشار إليها فى الكتاب و السنّة كما قال الله تعالي:

(وَ لْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلىَ الخَْيرِْ وَ يَأْمُرُونَ بِالمَْعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر )(سورة آل عمران (3) الآية 104) و من أبرز مصاديقه القيام بانعقاد الحكومة الإسلاميّة حيث يكون القانون فى المجتمع، و الذّى عليه المدار فى تعامل المجتمع و الاُمّة هو القانون الإسلامى المشرَّع من ناحية الله تعالي، و هذا أمر واضح لا يعتريه الشّبهة و الرّيب، كما أنّ العقل حاكم بإنجازه بلا احتياج إلي دليل آخر، و بعبارة اُخري: هى من القضايا التى قياساتها معها.

و لكنّ المطلب فى هذا المجال هو حصول النتيجة‌ و الظّفر بالمطلوب عقيب القيام و الحركة‌ و ` ` الوصول إلي الغاية‌ و المقصد الأعلي، و للتأمّل فى هذا المطلب مجال واسع حسب ما تقتضيه الحوادث و الوقايع الخارجيّة‌ و القضايا التّاريخيّة و الآثار المرويّة عنهم عليهم السّلام. فمن البديهىّ أنّ الله تعالي علّق عالم التّشريع و التّربية‌ علي اختيار النّاس فى أفعالهم و لم يجعلهم مجبولين علي الجبر و العمل علي وتيرة واحدة بحيث يكونوا مسلوبى الإرادة‌ و الاختيار و لا علي جرى الاُُمور و المسائل بواسطة‌ غلبة ‌القوي السماويّة و العوامل الغيبيّة‌ فى كلّ شىء و موطن و موقف، و هذا واضح، و من ناحية ‌اُخري فإنّ الناس بالنّسبة إلي مدارج الإيمان و آثاره و لوازمه من الإنفاق و بذل المال و النفس و التّشبّث و الصّبر فى المصائب و الشّدائد و الأهوال ذوو مراتب مختلفة و درجات متفاوتة، فعلي هذا الذّى رأيناه فى التاريخ و نشاهده عياناً و نشعر به بالوجدان هو عدم تحقّق هذه الفريضة ‌الإلهيّة بعد زمن النبىّ صلّي الله عليه و آله و سلّم من القيام بالوظيفة ‌الشرعيّة و إثبات الخلافة لصاحبها المنصوب من قبل الله تعالي، بل القيام باغتصاب الحكومة‌ من قِبَل الأراذل و السفلة و اعتزال أميرالمؤمنين عليه السّلام عن الناس و التزام بيته و تفرّق أصحابه عنه، فكيف یا تری بالأجانب و سائر الأفراد إلاّ قليل لا يتجاوزون الخمسة؟! و استمرار هذا الحال إلي خمس و عشرين سنة، فالسؤال الذّى يطرح نفسه هيهنا هو مَنِ الآثم و العاصى فى هذه الأوقات؟ و مَنِ المتمرّد قبال أوامر المولي؟ و من المسؤول عن عدم تحقّق الخلافة‌ و الحكومة ‌الشرعيّة عند صاحبها؟ هل هو سلمان و عمّار و أبوذرّ و مقداد، أم سائر الأفراد من المسلمين و الأصحاب؟

و إذا التزمنا أنّه يجب القيام أمام الحكومة الجائرة و مقاتلتها مهما أمكن و فى أىّ لحظة‌ و فرصة فأوّل مَن رفض هذه الوظيفة و لم يعمل بواجبه هو أميرالمؤمنين عليه السّلام (نعوذ بالله) حيث اكتفي بصرف البيان و النصيحة و لم يقم بشىء عنيف من القتال و الجهاد و الضّرب و النّهب إلي غير ذلك حتّي أنّه منع أصحابه من القيام بأزيد من البيان و الدّلالة بالكلام، فهذا أمر لا يقبله ذو مسكنة كيف و هو إمام المؤمنين و يعسوب الدّين و قائد الغرّ المحجّلين و اُسوة العارفين و من اقتدي به نجا و من تخلّف عنه هلك.

و هكذا بالنّسبة إلي الإمام المجتبي عليه السّلام حيث أمر أصحابه فى مواجهة ‌العدوّ بالصبر و الاستقامة و عدم القيام و الإقدام أمام الطاغية الملعون، و کذا کان أخيه الحسين عليه السّلام ` ` حيث عاش عشر سنوات مع هذا الطاغى اللعين و لم يقدم علي شىء‌، و كذا سائر الأئمّة‌ حتّي زمن الغيبة لم يقوموا بهذه الفريضة‌ أبداً مع نهيهم البليغ و رفضهم الشّديد عن الإقدام أمام خلفاء ‌الجور كما يشهد به صريح الرّوايات عنهم و الأمر بالتّقية و إبراز الأسف و الألم الشّديد عند مشاهدتهم خلاف التّقيّة من أحد أصحابهم كهشام بن الحكم و المعلّي.

كل هذه المسائل تدلّ أشدّ الدّلالة و الوضوح علي عدم الرّضا منهم عليهم السّلام بالقيام فى هذه الظروف، بل وقع من بعضهم التصريح بأنّ القيام موجب لزيادة حزننا و ألَمنا و كراهیتنا. فعلی هذا نقطع بأنّ التمرّد و المخالفة‌ عند أمر الإمام عليه السّلام بالقتال أمام الفسقة كأمر أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السّلام لمّا كان حراماً قطعاً، فكذلك التمرّد و المخالفة ‌عند نهى الإمام عليه السّلام كقضيّة الإمام المجتبي مع معاوية لعنه الله تعالي، و كذلك قضيّة الإمام علىّ عليه السّلام فى أثناء‌ الحرب مع معاوية حيث أمر مالك بالكفّ عن القتال و رجوع العسكر عند غلبة ‌مكر الشّياطين و خِدَع الفسقة و اغترار بعض أصحابه و التّضييق عليه بالكفّ عن القتال كان حراماً قطعاً.

و ما نقل عن بعض الأعلام من أنّ هذه الرّوايات تدلّ علي النهي منهم عليهم السّلام عند إعلان الجماعة‌ و رفع رايات القيام باسم راية‌ المهدى المنتظر عجّل الله فرجه، و لا تدلّ علي حرمة ‌القيام عند سائر الرايات و الإعلام من قِبَل الشيعة کلّ هذا ليس فى محلّه، لأنّ فحوي الرّوايات آبية عن مثل هذا التوجيه و ما شابهه و هى صريحة فى ما بيّناه بلا كلام.

و علي أىّ حال فالمحصّل من صريح الآيات فى وجوب إقامة العدل و رفع الباطل و الرّوايات فى ذلك و من سائر الرّوايات فى لزوم الصّبر و التثبّت و عدم الوقوع فى المهلكة و شهادة التّاريخ فى منهج الأئمّة ‌المعصومين عليهم السّلام مع الطّغاة‌ و الكفرة هو وجوب تحقيق الحقّ و إمحاء ‌الظلم بقدر الاستطاعة و الإمكان، و بحسب ما تسمح الظروف و الشرائط، فإنّ لإقامة ‌العدل و إمحاء ‌الظلم مراتب فى الإنجاز كما حقّق فى محلّه، فالقول بأنّ إقامة ‌الحكومة ‌الشّرعيّة ‌ليست من وظائفنا ليس فى محلّه كما أنّ إيجاب هذه المسألة فى كلّ ظرف و مجال و لو بلغ ما بلغ غير موجّه و الله هو العالم بحقائق الاُمور. ( منه عُفى عن جرائمه)

[13]ـ هذا إذا اُريد من النّداء صرف دخول الوقت، و أمّا إذا اُريد منه إلاعلان بإقامة صلاة الجمعة كما أفاده المؤلّف بالتّعليقة هذه فالإشكال بحاله، و أمّا علي ما استفدنا و قرّرنا من أنّ الآية تدّل علي صرف الوجوب بدون أىّ قيد و شرط فلا إطلاق فى الآية كى يرد عليه الإشكال. (منه عُفى عن جرائمه)

[14]ـ يمكن أن يلتزم بالإطلاق بالتقرير السابق منّا. (منه عُفى عن جرائمه)

[15]ـ و فيه نظر لظهور تخصيص النّداء بصلاة الجمعة ‌لتخصيص الشّارع إيّاها بالنّداء من بين سائر الصلوات فى الأيّام الاُخَر فالنّداء لصلاة ‌الجمعة لا لمطلق الصلاة. (منه عفى عن جرائمه)

[16]ـ بل لرفع اليد عنه وجه موجّه و مجال واسع. (منه عفى عن جرائمه)

[17] ـ سورة الجمعة (62) من الآية 9.

[18] ـ سورة الجمعة (62) صدر الآية 10.

[19] ـ سورة الجمعة (62) صدر الآية 11.

[20] ـ سورة طه (20) ذيل آيه 14.

[21]ـ أقول: إنّ أمثال هذه الاستدلالات لعبٌ بالقرآن العظیم و إخراج عن الحکم الإلهى تحکّماً (منه عُفى عنه).

[22]ـ فليعلم أنّّنا قد عملنا رسالة مستوفاة فى بطلان الإجماع و عدم حجيّته بتّاً فكيف بإجماع المفسّرين الّذى لا أساس له لا عقلاً و لا نقلاً. ( منه عُفى عن جرائمه)

[23] ـ سورة النّحل (16) الآية 90.

[24] ـ سورة الفاتحة (1) الآية 5.

[25]ـ جامع الشواهد نقلاً عن المغنى اللبيب، باب النّداء، و هو من أبيات لقيس بن الملوّح و هو مجنون ليلي العامريّة.

[26]ـ جامع الشواهد نقلاً عن السيوطى، باب الموصولات، و هو من أبيات لقيس بن الملوّح و هو مجنون ليلي العامريّة.

[27]ـ لا يخفي أنّ هذه الأمثله كلّها واردة فى الخطاب غير الحقيقى كالتلهّف و الشّعف و هكذا، و الكلام إنّما هو فى الخطاب الحقيقى الجدّى، و فى مثل هذا إن كانت قرينة علي لحاظ معني مشتركٍ عامٍّ شاملٍ للغائبين و الحاضرين بملاك واحد فالخطاب يشمل الغائبين و إلاّ فلا، ففى ما نحن فيه لابدّ من إثبات هذه الخصوصيّة و القرينة‌ و هى غير موجودة علي حسب دعوي المدّعى. (منه عُفى عن جرائمه)

[28]ـ هذا الجواب متينٌ جيّدٌ بحسب القواعد لكنّ الّذى استفدنا و سمعنا من جنابه ـ رضوان الله عليه ـ عدّة مرّات فى هذا الموضوع هو أدقّ و أعمق و ألطف من هذا الكلام المذكور هيهنا و هو:

کان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلّم كالمرآة‌ بالنسبة‌ إلي تلؤلؤ أنوار الشّمس (ت)

أنّ القرآن و إن كان مُنزّل علي قلب رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم فى زمن الرّسالة حتّي الوفاة إلاّ أنّ النبىّ صلّي الله عليه و آله و سلّم ليس فقط واسطة فى الإبلاغ و الإيصال إلي الناس و تبيين المفاهيم و الأحكام و النّصح و الوعيد و الإنذار بل هو كالمرآة‌ بالنسبة‌ إلي تلؤلؤ أنوار الشّمس و انعكاسها إلي الجوانب و الأطراف، فالمرآة‌ من هذه النّاحية تكون آلة و وسيلة‌ لإظهار ` ` النّور و انتشاره إلي حولها و جوانبها لا أكثر. و الآيات القرآنيّة حاكية عن هذا المعني، فمنها: (ُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ)

و منها:( إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون‏).

و منها: (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنينَ خَصيما)

و منها:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ في‏ صُدُورِ الَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ).

و منها:( وَ الَّذينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْيانا).

كلّ هذه الآيات تدلّ علی أنّ القرآن نُزِّل إلي كلّ فرد من الحاضرين و الغائبين إلي يوم القيامة. فما قيل: إنّ هذا القرآن لا يكون حجّة ‌لغير المشافهين بالخطاب و سقوط ظواهر الكتاب لغير المشافهين ففى غاية ‌الضعف و البطلان، و لهذا نري بأنفسنا حين نقرأ ‌القرآن كأنّنا نحن المخاطبون بالآيات الشريفة بدون أيّة واسطة، ‌فكأنّ الله تعالي هو الّذى ألقي إلينا هذه الآيات و نحن الّذين تلقّیناها منه، و لهذا فإنّ قراءة القرآن توجب أثراً إيجابيّاً علي النفس و روحانيّة ‌مشهودةً، و كذلك ما قد يقال: إنّ قراءة أمثال هذه السور: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد) ینبغى أن تكون بلسان الحكاية‌ لا بلسان الخطاب، فهو خارج عن ميزان الوحى و التنزيل، ساقط من رأسه، و لَعمري ما أظنّ أن أكون مخطئاً فى أنّ هذه المسائل قد نشأت من عدم التدبّر فى الحقائق و المعارف الإسلاميّة‌ و رفض جلّ المعارف الإلهيّة و معظم الدراسات الدينيّة كالتفسير و الفلسفة‌ و العرفان و إبعادها عن دائرة التعليم و التّعلّم و الاكتفاء بالفقه و الاُصول و الانعزال عمّا هو الأصل بالنسبة إليهما من الاُسس المشيدة بالعرفان و الولاية، ‌و اقتناص أنوار المعرفة من منبع الوحى و أهل بيت النّبوّة صلوات الله عليهم أجمعين.

فكلٌّ محلٌّ لتنزيل القرآن و تلقّيه (ت)

فما أبعد ما بين المسلكَين؟! کبُعد المشرقَين، حيث يقول أحدهم: بأنّ كلّ إنسان مخاطب بخطاب حقيقى و واقعى بالقرآن الكريم، فالنّبىّ صلّي الله عليه و آله و سلّم كالمرآة و مسؤوليّته صرف البلاغ و الإبلاغ فكلٌّ محلّ لتنزيل القرآن و تلقّيه، و آخر يقول: بأنّ القرآن نُزِّل علي الرّسول و لا دخل لنا به، و ظواهره حجّة ‌بالنسبة‌ إليه أو إلي الحاضرين وقت النزول و لا فائدة لنا فيه إلاّ أن نأخذه بعنوان التبرّك فى المجالس، و فرق کبير فى الصلاة‌ بين هذين المسلكَين، و کذا فى إحساس الروحانيّة‌ و الحياة‌ و النشاط العلوىّ و عدم إدراك شىء‌ من هذه المعانى فى القسم ` ` الآ‌خر، و یا للفارق بين قراءة القرآن بحيث يحسب القاريٌ نفسه هو المستمع و القاريٌ المُلقى هو الله عند القراءة كما تشير إلي هذا بعض الرّوايات، كالمرويّة عن الصادق عليه السّلام فى قراءته (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِين‏ )و بين من يقول: إنّه ليس حجّة بالنسبة إلينا لا ظواهره و لا إطلاقاته و لا و لا ... فهذا الطريق هو الطريق المُبعِد عن الله و التّقرب إليه، المؤدِّى إلي الحرمان من الفيوضات الرّبّانيّة‌ و صيرورة ‌الأعمال، صرف تحرّك الجوارح بلا روح و لا حياة ‌بل أفعالاً جامدة متحجّرة جافة لا حقيقة‌ وراءها و الله من ورائهم محيط.

و لا يظنّ أحد أنّ مقصودنا من المخاطبين بالقرآن أنّه منافٍ لما ورد من أنّ القرآن نزل فى بيت الوحى و الولاية و أنّ الأئمّة عليهم السّلام هم أهل الذّكر كما اُشير إليه فى القرآن و أنّ المسلم لا مناص له لمعرفة ‌الكتاب و تبيّن حقائقه من الرجوع إليهم صلوات الله عليهم أجمعين، بل هذا حقّ و الحقّ وراؤه، بل المقصود أنّ الإنسان إذا يقرأ القرآن عليه أن يعلم أنّه هو المخاطب الحقيقى و لابدّ لفهم معانى الخطاب و حقائقه من الرجوع إلي أهل الذّكر، و هم أهل بيت الوحي سلام الله عليهم أجمعين؛ و كذلك ليس مقصودنا من لزوم القرآن علي كلّ فرد فرد ما يقول به الجهّال و المنعزلين عن حقائق المعرفة و الإسلام من أنّ القرآن له مراتب من المعني حسب إدراك كلّ أحد فما يفهمه من الآيات هو حجّة له و ليس له معني ثابتٌ حقيقىٌ مرادٌ من الله تعالي، إذ من البديهى أنّ الالتزام بهذا المبني مُوجِب لسقوط الآيات عن الحجّيّة بتّاً و إدراجها تحت كلام العبث و اللغو والهزل نعوذ بالله من الجهالة‌ و الضلالة،‌ فنسأل الله تعالي أن يوفّقنا للتعرّف حقّ المعرفة علي شريعته و ما أنزل علي النبىّ و ما بيّنه أئمّتنا و قادتنا و موالينا صلوات الله عليهم أجمعين، و أن يزيد فى فهمنا و إدراكنا و يثبّتنا علي المنهج المرضىّ من أهل بيت محمّد صلّي الله عليه و آله و سلّم، إنّه خير موفِّق و معين آمين. (منه عُفى عن جرائمه)

[29]ـ لكنّ الإنصاف أنّ احتمال حضور الإمام و المعصوم باقٍ فى كِلا الاحتمالَين سواء ‌قلنا بشمول الخطاب للغائبين أو باشتراك الأحكام، و القول بالشمول لا يدفع هذا الاحتمال. فلإثبات الوجوب مطلقاً حتّي فى غير زمن الحضور نحتاج إلي دليل آخر. اللهمّ إلاّ أن نقول: إنّ هذا الاحتمال لا موقع له مع ثبوت الوجوب فى الآية، فأمثال هذه الاحتمالات تدفع بالأصل، فإنّ لهذه النكتة‌ موقعاً للتأمّل و التدبّر. (منه عُفى عن جرائمه)

[30]ـ لا يخفي أنّه بملاحظة‌ التّعليقة ‌السّابقة‌ منّا لا مجال للإيراد علي ما أفاده المحقّق البحرانى قدّس سرّه، لأنّه لو فرض أنّ الآية دالّة‌ علي ثبوت الوجوب إطلاقاً بمعونة‌ دفع الاحتمال بالأصل فبضميمة ‌هذا البيان، يثبت للغائبين حتّي بدون الضميمة‌ أيضاً فتدبّر. (منه عُفى عن جرائمه)

[31]ـ وهذا المقدار من الوجوب مُسلَّم، ولکنّا ندّعى الوجوب فى غير مورد النداء بدليل آخر وهو الاطلاقات، فلا تنافى بين مدلوليهما (منه عُفى عنه).

[32]ـ سورة البقرة (2) صدر الآية 43.

[33]ـ الإطلاقات فى الروايات كثيرة‌ فسنوضِّح إن شاء ‌الله. (منه عُفى عن جرائمه)

[34]ـ الأخذ بالإطلاق هنا منافٍ للتّعليقة‌ السابقة منه قدّس سرّه حيث حَكَم بوجوب الصلاة عند النّداء‌ فى الجملة و السراية إلي غيره بالإطلاقات. و منه يعلم أنّه يلوح من الاختلاف و الاضطراب فى تعابيره أنّه لم يظهر له إطلاق جدّىّ واضح من غير شوب إبهام و لا إجمال، بل هو قدّس سرّه كان متردّداً علي حسب الظروف و المجالات، فتارة‌ كان يحكم بالإطلاق و التصريح بنحو مؤكّدٍ، و تارة‌ كان يحكم بالوجوب لا أكثر. (منه عُفى عن جرائمه)

[35] ـ سورة البقرة (2) الآية 238.

[36] ـ سورة المنافقون (63) صدر الآية 9.

[37]ـ اعلم أنّ فى التّصريح بهذه الكلمة نكتة ‌سنبيّنها لك إن شاء‌ الله عند استظهار الوجوب مطلقاً فى أىّ موقف و موقع من غير اشتراط للحكومة ‌الشرعيّة كما اشترط المؤلّف رضوان الله عليه. (منه عُفى عن جرائمه)

[38]ـ وسائل الشيعة، أبواب صلاة الجمعة و آدابها، باب 2، ج 5، ص 8، ح 4.

[39]ـ لا يخفي أنّ الرّاوى سأل الإمام عليه السّلام عن وجوب الصلاة‌ و هو فى زمن أئمّة‌ الجور و العدوان الغاصبين لحقّ آل محمّد صلّي الله عليه و آله و سلّم، فالرّواية ‌صريحة‌ فى عدم اشتراط حضور الإمام عليه السّلام أو الحكومة‌ الإسلاميّة‌ و ليس هيهنا إطلاق يتمسّك به فى نفى الاشتراط بل صريحٌ بعدم الاشتراط بمعونة القرائن الحاليّة، فلا تغفل. (منه عُفى عن جرائمه)‌

[40]ـ اشتراط وجود السبعة‌ لثبوت وجوب الصلاة‌ منافٍ لما ذكر فى ابتداء‌ الرسالة‌ من أنّ الصلاة‌ بالنسبة‌ إلي حضور الأفراد و استعدادهم للصلاة‌ مطلقة‌ لا مشروطة، علي أنّنا لم نحصل علي معني شرطيّة السبعة‌ فى الوجوب و الخمسة‌ فى الانعقاد إلاّ أن يقال باستحباب الصلاة‌ فى الخمسة‌ بحيث يتدارك بها مصلحة‌ الصلاة ‌الواجبة‌ اختياراً لا إلزاماً. (منه عُفى عن جرائمه)

[41]ـ و ليت شعرى أيّة حاجة‌ لهم فى هذه التّوجيهات المضحكة‌ و التّأويلات الرّديّة المحرّفة لكلام المعصوم عليه السّلام عن منهجه و مساقه؟! و هل هذا إلاّ لعب بكلام الإمام عليه السّلام؟! (منه عُفى عن جرائمه)

[42]ـ وسائل الشّیعة، باب 5، ص 12، ح 2.

[43]ـ هذا و لكن يمكن أن يكون التّوبيخ لمكان التّنبيه بالاهتمام لا لقصوره، و مثل هذا يقع كثيراً فى المحاورات لأنّه من المحتمل جدّاً عدم اطّلاعه علي عموميّة الخطاب لكلّ الظروف و المجالات و الإمام عليه السّلام بيّن له هذه النّكتة بهذا التّعبير. (منه عُفى عن جرائمه)

      
  
فهرست
10   المقدمة
  سبب منع الأئمّة علیهم السّلام إقامة الصلاة بشکل عامّ.
19   اعتقاد المصنّف قدّس سرّه بلزوم إيجاد الحكومة ‌الإسلاميّة
23   إرسال المصنِّف قدِّس سرّه رسائل إلی کثیر من العلماء و المراجع العظام
25   الکلام فى صلاة الجمعة یقع فى الجهتَین، السیاسیّة و الأخلاقیّة
26   الجهة الثانیة و هى الجهة الأخلاقیّة أهمّ من الاُولی..
28   اختصاص التصدّى لهذا المقام بخلفاء الله و أصفیائه
30   تصنیف المصنّف العلاّمة رضوان الله علیه سِفراً قیّماً فى مسألة ولایة الفقیه.
32   الأمور اللازم علي أئمة الجمعة.
33   المطالب الّتى یجب أن تکون الخطبة مشتملة علیها
36   الاُمور الّتى تجب علی خطباء الجمعة
39   إنّ الأصل فى صلاة الجمعة الوجوب العینى التعیینى..
41   الفصل الأوّل: فى الرّوایات الواردة فى صلاة الجمعة
45   الروایات الواردة فى صلاة الجمعة
57   الفصل الثّانى: أقوال الأصحاب حول مسألة صلاة الجمعة
60   إنّ ترک صلاة الجمعة مساوق لذهاب روح الإسلام و حقیقته
61   اختلاف العلماء فی هذه المسألة إلی أربعة أقوال
63   الفصل الثالث: فى أدلّة القول المختار
65   فى أدلّة القول المختار
67   الدّليل الأوّل من أدلّة القول المختار: الکتاب الشريف..
68   الإشکالات الواردة من جانب القائلين بعدم الوجوب و الجواب عنها
73   اختلاف الأصحاب فى قضيّة القيام بإيجاد الحکومة الإسلاميّة (ت)
76   الإشکالات الواردة من جانب القائلين بعدم الوجوب و الجواب عنها
83   کان رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم كالمرآة‌ بالنسبة‌ إلي تلؤلؤ أنوار الشّمس (ت)
84   فكلٌّ محلٌّ لتنزيل القرآن و تلقّيه (ت)
85   وجه فساد ما ذهب إلیه المحقِّق السبزوارى..
86   وجه فساد ما ذهب إلیه صاحب الحدائق (ره)
88   >>الدّليل الثّانى علي القول المختار: صحيحة زرارة
90   الدّليل الثالث علي القول المختار: موثّقة ابن بکير
92   الدّليل الرابع علي القول المختار: سائر الإطلاقات الواردة فى المقام
97   تقیید هذه الإطلاقات بصورة إقامة الإمام أو المنصوب من قبله مستهجن
101   الإشکالات الواردة من جانب المخالفين علي الأخذ بالإطلاق و جوابها
  المانع الأساسى فى ذهاب المشهور إلی عدم وجوبها التعيينى..
105   الجواب عن الإجماع المحصَّل المدّعَي..
106   وجود المخالفين من القدماء و المتأخِّرين ناقضٌ لإجماع المحصَّل و المنقول فى المقام
115   الجواب عن الإجماع المنقول المدّعي..
117   لا قيمة للإجماع بمقدار فَلسٍ فى المقام
119   الثالث من أدلّة القائلين بالوجوب التعيينى: الإجماع
123   الأضبط تفريق الرّوايات و تقسيمها إلي وجوه قبل النظر فى المسألة (ت)
125   الفصل الرّابع: فى الأدلة المشتركة بين القائلين بعدم وجوب صلوة الجمعة تعیینا
127   الدّليل الأوّل المشترک بينهم: الأصل
132   الدّليل الثّانى المشترک بينهم: الإجماع
132   الدّليل الثالث المشترک بينهم: السيرة
137   الدّليل الرابع المشترک بينهم: الروايات
142   استدلال القائلین بالحرمة بطوائف من الرّوایات
142   الطائفة الاُولی من الرّوايات و الجواب عنها
144   الطائفة الثّانیة من الرّوايات و الجواب عنها
146   الطائفة الثّالثة من الرّوايات و الجواب عنها
148   إنّ صاحب الدعائم من أجلاّء الإماميّة
151   کتاب الجعفریّات من الکتب المعتبرة المعوّل علیها عند الأصحاب
152   إنّ صاحب الجواهر ليس من الماهرين المتبحّرين فى فنّ الرجال
153   الإشکال فى سند الصحیفة السجّادیّة إنّما ناشئ من عدم الخبرویّة بالکتب و الرّواة
155   إنّ «الصحيفة» ممّا لا ريب فيه و لا يبعد دعوي تواترها
  الطائفة الرّابعة من الرّوايات و الجواب عنها
157   الاحتمالات الأربعة فى موثّقة ابن بکیر
160   الطائفة الخامسة من الرّوايات و الجواب عنها
161   دلیل من ذهب إلی عدم حرمة صلاة الجمعة و إجزائها عن الظهر
162   لیست الصلاة محصورة علی المسائل السیاسیّة فحسب (ت)
162   معني عدم افتراق المسائل الشّرعيّة عن السّياسيّة فى الإسلام (ت)
164   هل الاجتماع مظنّة النّزاع و مثار الفتن؟
165   الفصل الخامس: فى أدلّة القائلین بالوجوب التخییرى
165   في ادلة القائلين بالوجوب التخييري
167   الدّليل الأوّل للقائلين بالوجوب التخييرى الإطلاقات الواردة و الجواب عنها
168   الدّلیل الثّانى للقائلین بالوجوب التخییرى روایة زرارة و الجواب عنها
170   کیفیّة التقیّة فى زمن الصادقَین علیهما السّلام
172   المحصّل من جميع ما ورد فى الباب (ت)
175   خاتمة: فى شرائط الجمعة
  من الشرائط: أن لا يكون هناك جمعة اُخری..
180   حکم انعقاد الجمعَتين المقارنتَین بأقلّ من ثلاثة أمیال
184   صور المسألة فى ما اتّفق تقارن الجمعَتين بأقلّ من ثلاثة أميال
187   فيمن تجب عليه الجمعة
188   کیفیّة الجمع بین الرّوایات الموجودة
190   هل العَرَج أيضاً عذرٌ مانع أم لا؟
190   قال أبوعبد الله عليه السّلام: لا بأس بأن تدع الجمعة فى المطر
192   هل توجد الملازمة بین وجوب الجمعة و بین الإتمام
193   النکتة الأساسيّة لبناء هذه الرسالة (ت)

کلیه حقوق در انحصارپرتال متقین میباشد. استفاده از مطالب با ذکر منبع بلامانع است

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی