الفيديو المحاضرات سؤال و جواب معرض الصور صوتيات المكتبة اتصل بنا الرئیسیة
  السبت  20 جمادي الاُولي  1446 - Satur  23 Nov 2024
البحوث المنتخبة    
كتاب المتقين    
موقع المتقين > التاريخ والسيرة > طرف من مصائب الإمام السجاد عليه السلام في الشام


_______________________________________________________________

طرف من مصائب الإمام السجاد عليه السلام في الشام

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ باللـه من الشيطان الرجيم
بسم اللـه الرحمن الرحيم
وصلّى اللـه على أشرف المرسلين محمّد
وعلى آله الطيّبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين

    

[الإمام عليه السلام هو الحقيقة المتجسّدة للقرآن الكريم، والعدوان عليه عدوان على القرآن]

إنّ [صاحب مقام الولاية] والإمام‌ هو [الشخص] الذي‌ عُجِنَ القرآن وامتزج‌ بتمامه‌ مع‌ نفسه‌ الشـريفة‌، وانطبقت‌ عليه‌ كل الآيات‌ بتمام‌ معانيها ومفاهيمها ولَمَسها ومَسَّها من‌ باء بِسْم‌ اللـه الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ إلى سين‌ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّاسِ، الإمام‌ في‌ حقيقةِ وجوده هو القرآن‌ الخارجي‌ّ، وواقعيّته‌ [التكبيرُ والتسبيح‌ والتحميد والتهليل‌ والتمجيد للحقّ تعالى].
يقول أبو الفداء ابن كثير الدمشقيّ في تأريخه: وممّا قرأه‌ الحاكم‌ أبو عبد اللـه‌ النيسابوريّ عن‌ مقتل‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ بعض‌ المتقدّمين‌ هذه‌ الابيات‌:
جَاؤُوا بِرَأسِكَ يَا بْنَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ
                             مُتَزَمِّــلاً بِدِمَـــائِهِ تَزْمِيـــلاَ
وَكَأَنَّمَا بِكَ يَــا بْنَ بِنْتِ مُحَــمَّدٍ
                             قَتَلُوا جِهَارَاً عَامِدِينَ رَسُولاَ
قَتَــلُوكَ عَطْشَــانَاً وَلَمْ يَتَدَبَّرُوا
                             فِي‌ قَتْلِكَ القُــرْآنَ وَالتَّنْزِيـلاَ
وَيُكَـبِّرُونَ بِـأَنْ قُتِـلْتَ وَإنَّــمَا
                             قَتَلُوا بِكَ التَّكْبـِيرَ وَالتَّهْلِيـلاَ
[1]
فقَتْلُ الإمام‌ يُمثّل‌ قتلاً لرسول‌ اللـه‌ صلّى‌ اللـه‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، وقتلاً للقرآن‌، إذ إنّ الإمام‌ هو القرآن‌ الحي‌ّ الناطق‌.
لقد كان‌ الإمام‌ السجّاد عليه‌ السلام‌ تجسيماً وتمثيلاً حيّاً للقرآن‌، لكنّهم‌ أسروه‌ وجلسوا يتلون‌ أمامه‌ القرآن‌!
يقول‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ : وسار القوم‌ برأس‌ الحسين‌ ونسائه‌ والأسرى‌ من‌ رجاله‌، فلمّا قربوا من‌ دمشق‌ دنت‌ أُمّ كلثوم‌ من‌ شمر- وكان‌ من‌ جملتهم‌- فقالت‌ له‌: لي‌ إليك‌ حاجة‌. فقال‌: ما حاجتك‌؟
قالت‌ : إذا دخلتَ بنا البلد فاحملنا في‌ درب‌ قليل‌ النظارة‌ وتقدّم‌ إليهم‌ أن‌ يُخرجوا هذه‌ الرؤوس‌ من‌ بين‌ المحامل‌ وينحّونا عنها فقد خزينا من‌ كثرة‌ النظر إلينا. فأمر في‌ جواب‌ سؤالها أن‌ يجعل‌ الرؤوس‌ على الرماح‌ في‌ أوساط‌ المحامل بغياً منه‌ وكفراً ، وسَلَكَ بهم‌ بين‌ النظارة‌ على تلك‌ الصفة‌ حتّى أُتي بهم‌ باب‌ دمشق‌ فوقفوا على‌ درج‌ باب‌ المسجد الجامع‌ حيث‌ يُقام‌ السبي‌.[2]

    

عفو السجّاد عن الشيخ الشاميّ الذي شتم أسرى آل محمد

ويروي‌ الشيخ‌ الصدوق‌ في‌ ( الأمالي) عن‌ حاجب‌ ابن‌ زياد في‌ حديث‌ مفصّل‌ إلى‌ أن‌ يقول: فأُقيموا (الأسرى) على‌ درج‌ المسجد حيث‌ يُقام‌ السبايا وفيهم‌ علي ‌ّبن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ وهو يومئذٍ فتىً شابٌّ، فأتاهم‌ شيخٌ من‌ أشياخ‌ الشام‌ فقال‌ لهم‌ : الحمد للـه‌ الذي‌ قتلكم‌ وأهلككم‌ وقطع‌ قرون‌ الفتنة‌! فلم ‌يألُ عن‌ شتمهم‌.
فلمّا انقضى كلامه‌ قال‌ له‌ علي‌ّ بن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌: «أما قرأتَ كتابَ اللـه‌ عزّ وجلّ؟»
قال‌: نعم‌ .
قال: «أما قرأتَ هذه‌ الآية‌: {قُل لا أسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أجْرًا إلاَّ الموَدَّةَ في الْقُرْبَى}[3] ؟»
قال‌ : بلى‌ .
قال‌ : «فنحن‌ أُولئك‌»، ثمّ قال‌ : «أما قرأتَ: {وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَي‌' حَقَّهُ}[4]؟»
قال‌ : بلى‌ .
قال‌ : «فنحن‌ هم‌».
قال‌ : «فهل‌ قرأت‌ هذه‌ الآية: {‌إِنَّمَا يُرِيدُ اللَهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[5]؟»
قال‌ : بلى .
قال‌ : «فنحن‌ هم».
فرفع‌ الشامي‌ّ يده‌ إلى السماء ثمّ قال‌ : اللهمّ إنّي‌ أتوب‌ إليك‌ ـ ثلاث‌ مرّات‌، اللهُمّ إنِّي‌ أَبْرَأُ إلَيْكَ مِنْ عَدُوِّ آلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ قَتَلَةِ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى ‌اللـه عَلَيْهِ وَآلِهِ ، لَقَدْ قَرَأْتُ القُرْآنَ فَمَا شَعَرْتُ بِهَذَا قَبْلَ اليَومِ.[6]

    

[جنايات يزيد على أهل بيت النبوّة في الشام]

قال‌ السيّد ابن‌ طاووس‌: ثمّ وضع‌ (يزيد) رأسَ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ بين‌ يديه‌ وأجلس‌ النساء خلفه‌ لئلاّ ينظرن‌ إليه، فرآه‌ عليّ بن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ فلم‌ يأكل‌ بعد ذلك‌ أبداً من‌ رأس‌ غنم‌ أو غير ذلك‌، وأمّا زينب‌ فإنّها لمّا رأته‌ أهوت‌ إلى جيبها فشقّته‌، ثمّ نادت‌ بصوتٍ حزين‌ يفزع‌ القلوب‌: يَا حُسَيْنَاه‌! يَا حَبيبَ رَسُولِ اللـه! يَا بْنَ مَكَّةَ وَمِنَى‌! يَا بْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ! يَا بنَ بِنْتِ المُصْطَفَى‌!
قـال‌ الراوي‌: فأبكت‌ واللـه‌ كلّ من‌ كـان‌ في‌ المجلـس‌ ويزيد عليه‌ لعائن‌ اللـه‌ ساكت‌. ثمّ جعلت‌ امرأة‌ من‌ بني‌ هاشم‌ كانت‌ في‌ دار يزيد لعنه‌ اللـه‌ تندب‌ على الحسين‌ عليه‌ السلام‌ وتنادي‌:
يَا حُسَيْنَاهُ! يَا سَيِّدَ أَهْلِ بَيْتَاهُ! يَا بْنَ مُحَمَّدَاه‌! يَا رَبِيعَ الأرَامِلِ وَاليَتَامَى‌! يَا قَتِيلَ أَوْلاَدِ الأدْعِيَاءِ!قال‌ الراوي‌ : فأبكت‌ كلَّ مَن‌ سمعها .
وَمِمَّا يُزِيلُ القَلْبَ عَنْ مُسْتَقَرِّهَا
                             وَيَتْرُكُ زَنْدَ الغَيْظِ فِي‌ الصَّدْرِ وَارِيَا
وُقُوفُ بَنَاتِ الوَحْي‌ِ عِنْدَ طَلِيقِهَا
                             بِحَالٍ بِهَا يُشْجِينَ حَتَّى‌ الاَعَادِيَا

ثمّ دعا يزيد عليه‌ اللعنة‌ بقضيب‌ خيزران‌ فجعل‌ ينكت‌ به‌ ثنايا الحسين‌ عليه‌ السلام‌، وكان‌ عنده‌ أبو برزة‌ الأسلمي‌ّ فقال‌ له‌:
يا يزيد! ارفع‌ قضيبك‌ فو اللـه‌ لطال‌ ما رأيتُ رسول‌ اللـه‌ يقبّل‌ ثناياه‌.[7]

    

[جنايات يزيد نابعة من كفره وعدائه للرسول والقرآن]

وقال‌ ابن‌ الجوزي‌ّ في‌ كتابه‌ «الردّ على‌ المتعصّب‌ العنيد»:
ليس‌ العجب‌ من‌ فعل‌ عمر بن‌ سعد وعبيد اللـه‌ بن‌ زياد، وإنّما العجب‌ من‌ خذلان‌ يزيد وضربه‌ بالقضيب‌ على ثنية‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ وإغارته‌ على‌ المدينة‌، أفيجوز أن‌ يفعل‌ هذا بالخوارج‌؟ أوَ ليس‌ في‌ الشرع‌ أ نّهم‌ يُدفنون‌؟ أمّا قوله‌: [لي] أن‌ أسبيهم؛ فأمرٌ لا يقنع‌ لفاعله‌ ومعتقده‌ باللعنة، ولو أ نّه‌ احترم‌ الرأس‌ حين‌ وصوله‌ وصلّى‌ عليه‌ ولم‌ يتركه‌ في‌ الطست‌ ولم‌ يضربه‌ بقضيب؛ ما الذي‌ كان‌ يضرّه‌ وقد حصل‌ مقصوده‌ من‌ القتل؟ ولكن‌ أحقاد جاهليّة‌، ودليلها ما تقدّم‌ مِن‌ إنشاده‌:
لَيْتَ أشْيَاخِي‌ بِبَدْرٍ شَهِدُوا جَزَعَ الخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الاَسَل‌[8]

قال‌ سبط‌ ابن‌ الجوزيّ: قال‌ جدّي: ليس‌ العجب‌ من‌ قتال‌ ابن‌ زياد الحسين‌ عليه‌ السلام‌ وتسليطه‌ عمر بن‌ سعد على قتله‌ والشمر، وحمل‌ الرؤوس‌ إليه‌، وإنّما العجب‌ من‌ خذلان‌ يزيد وضربه‌ بالقضيب‌ ثناياه‌، وحمل‌ آل رسول ‌اللـه‌ سبايا على‌ أقتاب‌ الجمال‌، وعزمه‌ على‌ أن‌ يدفع‌ فاطمة‌ بنت‌ الحسين‌ إلى‌ الرجل‌ الذي‌ طلبها كأَمَةٍ، وإنشاده‌ أبيات‌ ابن‌ الزبعرى‌: *ليت‌ أشياخي‌ ببدرٍ شهِدوا*.[9]

[ملاحظة: انتخب هذا البحث من الجزء الأوّل من كتاب «نور ملكوت القرآن»، تأليف المرحوم العلاّمة آية اللـه الحاج السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ رضوان اللـه عليه، وقد تمّ توثيقه ومقارنته مع المصدر الفارسي من قبل الهيئة العلميّة في لجنة الترجمة والتحقيق، و تجدر الإشارة إلى أنّ العبارات و الهوامش التي وقعت بين معقوفتين هي من الهيئة العلميّة]


[1] ـ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 8، ص‌ 198. وقال‌ المرحوم‌ المحدّث‌ القمّي‌ّ في‌ «نفس‌ المهموم‌» ص‌ 271 : روي‌ أنّ بعض‌ فضلاء التابعين‌ لمّا شاهد رأس‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ بالشام‌ أخفي‌ نفسه‌ شهراً من‌ جميع‌ أصحابه‌ ، فلمّا وجدوه‌ بعد إذ فقدوه‌ سألوه‌ عن‌ سبب‌ ذلك‌ فقال‌: ألا ترون‌ ما نزل‌ بنا؟ وأنشأ يقول‌ هذه‌ الابيات‌.

[2] ـ «نفس‌ المهموم‌» ص‌ 271.

[3] ـ الآية‌ 23، من‌ السورة‌ 42: الشوري‌ .

[4] ـ الآية‌ 26، من‌ السورة‌ 17: الإسراء .

[5] ـ الآية‌ 33، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌ .

[6] ـ روي‌ في‌ «نفس‌ المهموم‌» ص‌ 273 و 274، وفي‌ «منتهي‌ الآمال‌» ج‌ 1 ، ص‌ 307 و 308 هذه‌ القصّة‌ عن‌ القطب‌ الراوندي‌ّ عن‌ المنهال‌ بن‌ عمرو ؛ وفي‌ نهايتها أنّ الرجل‌ الشامي‌ّ قال‌ للسجّاد عليه‌ السلام‌: هل‌ لي‌ توبة‌ ؟ فقال‌ له‌ : نعم‌...؛ فقال‌: أنا تائب‌. فبلغ‌ يزيد بن‌ معاوية‌ حديث‌ الشيخ‌ فأمر به‌ فَقُتِلَ.

[7] ـ «نفس‌ المهموم‌» ص‌ 280.

[8] ـ «نفس‌ المهموم‌» ، ص‌ 275.

[9] ـ نور ملكوت القرآن المجلد الأول ص65

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع «المتقين». يسمح بإستخدام المعلومات مع الإشارة الي مصدرها


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی