الفيديو المحاضرات سؤال و جواب معرض الصور صوتيات المكتبة اتصل بنا الرئیسیة
  الثلاثاء  11 ربيع الآخر  1446 - Tues  15 Oct 2024
البحوث المنتخبة    
كتاب المتقين    
موقع المتقين > التاريخ والسيرة > نبذة من حياة الإمام الحسن العسكري عليه السلام


_______________________________________________________________

هو العليم

نبذة من حياة
الإمام الحسن العسكري
عليه السلام

مستخرج من كتب وآثار

آية اللـه العلاّمة السيّد محمّد الحسين الحسيني الطهراني
قدّس سرّه

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

بسم الله الرحمن الرحيم

    

نشأة الإمام

طبقًا للرواية المشهورة، كانت ولادة الإمام الحسن العسكري ـ أبي محمّد ـ ابن الإمام الهادي ـ علي بن محمّد ـ في الثامن من شهر ربيع الثاني . فقد وُلد الإمام العسكري سنة 231 أو 232 هجريّة في المدينة المنوّرة، وجميع آبائه قد ولدوا في المدينة المنورة عدا أمير المؤمنين عليه السلام ـ الذي ولد في مكّة في داخل الكعبة ـ وكذلك الإمام صاحب الزمان الذي وُلِد في سامرّاء, فإنّ بقيّة الأئمّة عليهم السلام بما فيهم الإمام الحسن العسكري قد وُلدوا جميعاً في المدينة.

    

إبعاد الإمام وحبسه من قِبل الخلفاء العباسيّين

ففي سنة 236 هجريّة، عَمِد الخليفة العباسي إلى إبعاد الإمام العسكري مع والده الإمام علي النقي عليه السلام إلى سامرّاء ، حيث كان عمر الإمام الحسن العسكري يناهز الأربع سنين. وطوال المدة التي قضاها الإمام الحسن العسكري مع والده في سامراء كان عليه السلام تحت سطوة الرقابة والملاحقة من قبل السلطات، حيث أنّ سامرّاء كانت آنذاك عاصمة العباسيّين ومركزًا لجيوشهم في تلك الفترة. وقد عمدت السلطات إلى إبعاد الإمامين العسكريّين إلى سامرّاء بُغية إطفاء مشاعر الناس وعدم إثارة تضامنهم وتحرّكاتهم المحتملة، وكما لا يخفى فإنّ المراد بالإبعاد هو الإمام الهادي وليس الإمام الحسن العسكري, ولكن حيث أنّ الإمام الحسن العسكري كان طفلًا صغيرًا، وكان الإمام الهادي مبعدًا حتّى سنة 254 هجريّة، أي: ثمانية عشر سنةٍ كاملةٍ، وبقي تحت الرقابة والحصار؛ بحيث إنّ تعاطيه مع الناس كان محدودًا جدًا, فلم يكن هناك تردّدٌ إلى منزل الإمام، واستمرّ ذلك إلى حين ارتحال الإمام الهادي عليه السلام سنة 254 هجريّة، فانتقلت أزمّة الإمامة والولاية إلى ولده الإمام العسكري, والذي كان سِنُّه آنذاك يناهز الاثنتين والعشـرين سنة. واستمرّت إمامته إلى سنة 260 هجريّة حيث ارتحل عن دار الدنيا عن عمر يقارب الـ 28 سنة، جرّاء السمّ الذي دسّه له «المُعْتَمِد».
فأحد أئمّتنا الذين كانت حياتهم قصيرة هو الإمام الحسن العسكري, الذي كان سِنّه عند وفاته 28 سنة، كذلك الإمام الجواد - الإمام محمّد التقي عليه السلام- حيث كان عمره حين وفاته يناهز الـ 25 سنة.
كانت الفترة التي عايشها الإمامان الهادي والحسن العسكري صعبةً جدًا، وبالأخصّ الحقبة المتّصلة بإمامة الإمام الحسن العسكري، فلم يكن باستطاعته اللقاء حتّى بخواصّ شيعته، فكانوا يخافون من ذلك، وكان الشيعة ينتهزون الفرص النادرة، وذلك حينما يخرج الإمام من منزله إلى دار الإمارة ـ حينما يأمره الخليفة بذلك ليصطحبه معه أو يجلس معه ـ فكان الشيعة يلتقون بالإمام أثناء ذهابه وإيابه, وإلّا فلم يكن الإمام حرًّا طليقًا كي يتمكّن الناس من اللقاء به والنهل منه، اللهمّ إلّا الأفراد النادرين من العلماء والكبار الذين ذُكرت ودُوّنت أسماؤهم في كتب التراجم بعنوانهم من خواصّ الإمام وحواريّيه.
وبعضهم يفسّر ذلك بوجود مصلحةٍ وتقدير إلهيّين اقتضيا ابتعاد الإمام؛ والوجه فيه هو التمهيد لزمن الغيبة الكبرى، لذلك قدّر الله هذا النوع من السلوك كي يبدأ الشيعة بالاعتياد والتمرّس على الغيبة بشكلٍ تدريجي.
ففي زمان الإمام الهادي, بدأت فرصة اللقاء مع الإمام الهادي تقلّ وتتقلّص، وفي زمن الإمام العسكري ـ بالنسبة إلى زمن الإمام الهادي ـ كانت الفرصة أقلّ، وفي زمن الغيبة الصغرى لإمام الزمان انحسرت فرصة اللقاء به بشكلٍ أكبر، وأمّا في زمان الغيبة الكبرى فصارت شبه نادرة. وهكذا أصبحت الأمور ـ بشكلٍ تدريجيّ بدءًا من زمان الإمام التاسع ـ تسير باتجاه التهيئة للغيبة؛ فصار اللقاء بالأئمة والاستفادة من محضـرهم بشكل شخصـيٍ ومباشرٍ منحسرًا وقليلاً.
وقد عمد المعتمد العباسي إلى دسّ السمّ للإمام الحسن العسكري وقتله ـ وقد بينّا تفاصيل استشهاده سلام الله عليه في الجلسة السابقة بشكلٍ مفصّل في اليوم الثامن من شهر ربيع الأول ـ إذ قام الخليفة العباسي المتوكل بحبس الإمام لفترةٍ طويلةٍ، ولم يكن السبب الذي حُبس الإمام لأجله واضحًا؛ فلم تذكر التواريخ سبب حبس الإمام! ولكن من المعلوم أنّ السبب في ذاك هو الحسد والحقد من قِبل بني العباس اتّجاه العلويّين، بالإضافة إلى وشايات بعض الأفراد، وإخبارات الجواسيس ودسائسهم, وتلفيقات النمّامين التي كانوا يختلقونها، ما أدّى بالمتوكّل إلى إدخال الإمام السجن.
وقد أعقب المتوكّل في الخلافة المعتصم, وبعده المعتزّ ثم المهتدي ثمّ المعتمد، حيث استخلف كلّ واحد منهم الآخر، وكان الإمام العسكري قد عاين كلّ هذه الفترة التي اتّسمت بالتعقيد والصعوبة خلال حقباتها المؤلمة.

    

صفات الإمام عليه السلام

كان الإمام الحسن العسكري كسائر الأئمة, رجل هادئ يفرض احترامه على الآخرين، يجلّله السكون والوقار، وكان عاقلاً ومفكّرًا، حتّى أنّ أعداء الإمام مثل عبيد الله بن أحمد بن خاقان، كانوا يبيّنون في كتب التاريخ فضائل الإمام وأحواله، فمع كونه ناصبيًّا ومعاديًا لأهل البيت إلا أنّه مدَح الإمام وأثنى عليه فقال:
كان في سامرّاء رجل من العلويّين يتّصف بهذه الصفات؛ كان مقدّماً على الجميع, يحترمه الناس جميعاً, ويزينه السكون والوقار, وكان أعقل الناس وأحزمهم فكراً, هيأته كالجبل من شدّة الوقار, وكان العلماء والوزراء والكبار يحترمونه, فضلاً عن الشيعة, وكان مقدّماً على جميع العلويّين, وكانوا ينعتوه بأنّه سيّدهم ورئيسهم, والحال أنّه كان فيهم من هو أكبر سنّاً منه.[1]
والآن حينما تذهبون إلى قبر الإمام في سامرّاء ـ وهو نفس منزل الإمام الذي يحتوي على قبر الإمام علي النقي والسيّد حسين أخو الإمام الحسن العسكري حيث إنّه مدفون في الحضرة نفسها، وكذلك السيّدة حكيمة خاتون والسيّدة نرجس خاتون، فهؤلاء جميعًا مدفونين في نفس المنزل، وبعد ذلك تبدّل هذا المنزل إلى رواق وضريح وصحن و...، وهو قبر نورانيّ جدًا, وفضاء نورانيّ، ومشهود جدًا أنّه فضاءٌ رحب ورفيع وعالي. وجميع ذلك من بركات وتجليّات الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
وقد ذكر العلماء أحوال هذا الإمام بشكلٍ مفصّلٍ, نعم بالنسبة لنا لم يُنقل شيء معتدّ به عن الإمام ممّا يتوقّع نقله مفصّلاً عن الإمام الحسن العسكري, وذلك ـ أولاً: ـ لأنّ عمر الإمام كان قصيراً، وثانياً: لكون الإمام مبعداً ومحجوراً عليه غالباً, ولم يكن بمقدور جميع الشيعة أن يصلوا إليه, لذلك فإنّ المقدار الذي نقله العلماء والمؤرخون من بيانات الإمام وكلماته، نقلوه بشكل مفصّل ضمن كتبهم ومؤلفاتهم، وللعلماء شواهد على بيانات الإمام؛ من جملتها بعض الروايات التي كنّا قد بينّاها سابقاً في المسجد وفي المنزل، وأذكر أنّه في السنة الماضية قد بينّا العديد من كلماته ورواياته بشكل مفصل.

[انتخب هذا البحث من محاضرةٍ لسماحة العلاّمة الحاج السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ قدّس سرّه الشريف، وكانت بعنوان: بيان أحوال علماء السوء، وللاطّلاع على المحاضرة اضغط هنــــــــــــا]  


[1] ـ الكافي الجزء الأول ص503 عن الحسين بن محمّد الاشعري ومحمّد بن يحيى وغيرهما قالوا: كان أحمد بن عبيد الله بن خاقان على الضياع والخراج بقم فجرى في مجلسه يوما ذكر العلويّة ومذاهبهم وكان شديد النصب فقال: ما رأيت ولا عرفت بسرّ من رأى رجلاً من العلويّة مثل الحسن بن علي بن محمّد بن الرضا في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته وبني هاشم وتقديمهم إياه على ذوي السنّ منهم والخطر وكذلك القواد والوزراء وعامّة الناس، فإنّي كنت يوما قائماً على رأس أبي - وهو يوم مجلسه للناس- إذ دخل عليه حجابه فقالوا: أبو محمّد بن الرضا بالباب، فقال بصوت عال: ائذنوا له، فتعجّبت ممّا سمعت منهم أنّهم جسروا يكنّون رجلا على أبي بحضرته ولم يكن عنده إلّا خليفة أو وليّ عهد أو من أمر السلطان أن يكنّى، فدخل رجل أسمر، حسن القامة، جميل الوجه، جيّد البدن حدث السنّ له جلالة وهيبة فلمّا نظر إليه أبي قام يمشي إليه خطا ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم والقواد، فلمّا دنا منه عانقه وقبّل وجهه وصدره وأخذ بيده وأجلسه على مصلّاه الذي كان عليه وجلس إلى جنبه مقبلاً عليه بوجهه وجعل يكلّمه ويفديه بنفسه وأنا متعجّب ممّا أرى منه إذ دخل [عليه] الحاجب فقال: الموفّق قد جاء وكان الموفّق إذا دخل على أبي، تقدّم حجابه وخاصّة قواده، فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سماطين إلى أن يدخل ويخرج فلم يزل أبي مقبلاً على أبي محمّد يحدّثه حتّى نظر إلى غلمان الخاصّة قال حينئذ إذا شئت جعلني الله فداك، ثم قال لحجابه: خذوا به خلف السماطين حتّى لا يراه هذا - يعني الموفّق -، فقام وقام أبي وعانقه ومضـى، فقلت لحجاب أبي وغلمانه: ويلكم من هذا الذي كنّيتموه على أبي وفعل به أبي هذا الفعل، فقالوا: هذا علويّ يقال له الحسن بن عليّ يعرف بابن الرضا فازددت تعجّبا ولم أزل يومي ذلك قلقاً متفكّراً في أمره وأمر أبي وما رأيت فيه حتّى كان الليل وكانت عادته أن يصلّي العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج إليه من المؤامرات وما يرفعه إلى السلطان، فلمّا صلّى وجلس، جئت فجلست بين يديه وليس عنده أحد فقال لي: يا أحمد لك حاجة؟ قلت: نعم يا أبه فإن أذنت لي سألتك عنها؟ فقال: قد أذنت لك يا بنيّ فقل ما أحببت، قلت: يا أبه من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الإجلال والكرامة والتبجيل وفديته بنفسك وأبويك؟ فقال: يا بنيّ ذاك إمام الرافضة، ذاك الحسن بن عليّ المعروف بابن الرضا، فسكتّ ساعة، ثمّ قال: يا بني لو زالت الإمامة عن خلفاء بني العبّاس ما استحقّها أحد من بني هاشم غير هذا وإنّ هذا ليستحقّها في فضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه ولو رأيت أباه رأيت رجلاً، جزلاً، نبيلاً، فاضلاً، فازددت قلقاً وتفكّراً وغيظاً على أبي وما سمعت منه واستزدته في فعله وقوله فيه ما قال، فلم يكن لي همّة بعد ذلك إلا السؤال عن خبره والبحث عن أمره، فما سألت أحداً من بني هاشم والقواد والكتّاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلّا وجدته عنده في غاية الإجلال والإعظام والمحلّ الرفيع والقول الجميل والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه فعظم قدره عندي إذ لم أر له ولياً ولا عدواً إلّا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه.

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع «المتقين». يسمح بإستخدام المعلومات مع الإشارة الي مصدرها


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی