لو أدخلتم في بداية و نهاية العبارة المتوخاة علامة " gutaion" ستحصلون علي المواضيع التي تتوفر فيها نفس هذه الكلمة أو العبارة و فيها سوي ذلك ستعبرون علي مواضيع تتوفر فيها إجدي هذه العبارات
*الكلمة المتوخاة: هي ما تبحثون عنه في مستطيل البحث.
أعوذُ بالله منَ الشيطانِ الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين ولعنةُ الله على أَعدائِهم أجمَعين
[ يزعم ابن تيمية في تفسير الآية {أولي الأمر} أنّها لا تدل على عصمة أولي الأمر قائلا: وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (النساء:59) فأمر الله المؤمنين عند التنازع بالرد إلى الله والرسول ولو كان للناس معصوم غير الرسول صلى الله عليه وسلم لأمرهم بالرد إليه فدلّ القرآن على أنّه لا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.][1]
ويمكن أن نستخلص الإجابة على هذا المدّعى من كلمات المرحوم العلامة الطهراني رضوان الله عليه ما يرد على هذا التوهم بقوله: خاطب الله تعالى المؤمنين في هذه الآية المباركة و أوجب عليهم إطاعة الله و رسوله و أولي الأمر على نحو مطلق. و لمّا كان أولو الأمر هم أصحاب الأمر و الحائزين على هذا المنصب، فقد فرض طاعتهم بدون أيّ قيد و شرط؛ و جعلها في مستوى طاعة رسوله الكريم. تعني إطاعة الله هي نفسها إطاعة رسوله الكريم؟ و هل أمرَنا الله و نهانا و أوجَب علينا الإستماع إلى أوامره و نواهيه بواسطة أُخرى غير رسوله؟ فمن المسلّم أنّ طاعة الله هي نفسها طاعة رسول الله، و أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله هو الطريق إلى تعريف أحكام الله و قوانينه. فلماذا ـ إذن ـ فُرضت طاعتان: إحداهما لِلّه، و الأخرى لرسوله العظيم؟ إنّ القصد من إطاعة الله هو اتّباع الأحكام التي نزلت على قلب رسول الله صلّى الله عليه و آله بوصفها و حياً، و التي يشمل حكمها وخطابها عامّة المؤمنين. و القرآن الكريم كلامُ حضرة الأحدية و وحيهُ إلى الناس كافّة, فإطاعة الله ـ إذن ـ تعني إطاعة كلامه الذي يمثّله القرآن الكريم, و أمّا إطاعة رسول الله فهي تنقسم إلى قسمين: الأوّل: إطاعته فيما أوحى الله إليه من تشريع الأحكام و تفصيلها، ممّا لا نجده فيالقرآن. إذ من الواضح أنّ الأحكام التي بيّنها كتاب الله هي أصول الأحكام و المواضيع الشرعية. فنرى أنّ كلام الله لا يخرج عن نطاق الإجمال فيما يخصّ الصلاة، والصوم، والحج، والجهاد، والزكوة، والنكاح، والمعاملات، و سائر العبادات و الأحكام. و أمّا كيفية الصلاة، والصوم، والحج، وسائر الموضوعات، فينبغي أن نتعلّمها من رسول الله، كما صرّح هو قائلاً: صلّوا كَمَا رَأَيْتُموُنِي أصَلّي فما علينا إلاّ الرجوع إلى رسول الله لأخذ التفاصيل و تعلّمها. الثّاني: إطاعته في الآراء الشخصية، و الأوامر النفسيّة العائدة إلى مجتمع المسلمين؛ تلك الأوامر التي هي من مهمّة الوالي و الحاكم لإقرار النظم الاجتماعي للأمّة؛ و هي لا تدخل في دائرة تشريع الأحكام: مثل الحكومة و بيان الواجبات الشخصيّة للمسلمين ونصب الولاة و الحكّام على الولايات، و تسيير الجيوش للجهاد، و تعيين القضاة و أئمّة الجماعة للنظر في الشئون الاجتماعيّة، و رفع المرافعات، و الشئون الدينيّة للمؤمنين. قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}[2] أمّا أولو الأمر فليس لهم منصب التشريع قطعاً و لا يفصّلون الأحكام الإجمالية في القرآن؛ و لا يشرّعون شيئاً منها كرسول الله. فهم يبيّنون الأحكام، و يبلّغون الآيات بين المسلمين، وفقاً لتشريع رسول الله؛ و لهم النظر في شئون المسلمين المختلفة. و على الناس أن يتّبعوهم في القضاء، و المرافعات، و سائر الشئون الاجتماعية التي تحتاج إلى رأي الرئيس لتنظيم الأمور، و الوقوف بوجه المشاكل، و الأخطار الداهمة، وتحقيق المصالح العامّة. لذلك فإنّ طاعتهم جاءت متقارنه مع طاعة رسول الله في خطّ واحد من خلال كلمة واحدة هي: {أَطِيعُوا} حيث قال عزّ شأنه: {... و أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أولي الأمر مِنكُمْ}. و في ضَوء ذلك، فإنّ طاعتهم فقط في هذا الحقل، على عكس طاعة رسول الله حيث إنّها تشمل هذا الحقل، و حقل تشريع الأحكام الجزئية، و بيان تفاصيل المسائل. و دليلنا على هذا الكلام هو مايذكره القرءان بعد تلك الآية مباشرة، إذ يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ}. فينبغي عليهم الرجوع إلى كتاب الله و سنّة رسوله في المنازعات والمشاجرات التي تقع بينهم، و ينهوا مشاجراتهم استلهاماً من ذينك المصدرين. و لو كان لأولي الأمر منصب التشريع، لوجب إرجاع المؤمنين إليهم عند المرافعة بوصفهم مشرّعين، في حين لا نجد من ذلك شيئاً. و نقول في توضيح هذا المعنى: إنّ المخاطَبين في هذه الآية هم المؤمنون، كما جاء في صدرِها قولُه: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فالمقطوع به أنّ نزاعهم مع غير أولِي الأمر؛ لأنّه لا معنى لنزاعهم معهم بعد فرض وجوب طاعتهم، و لا معنى لإرجاع إلى الله و رسوله من أجل رفع النزاع. و هذا النزاع أيضاً ليس في الأمور التي تتعلّق بالآراء و الأوامر الشخصيّة، بل هو يتعلّق بحكم الله في القضيّة المتنازع حولها، بدليل الآيات التي تليها حيث تذمّ الاشخاص الذين يتّخذون الطاغوت مرجعا لهم، و يرضون بحكمه، تاركين حكم الله و رسوله وراء ظهورهم. فالمراد هو نزاع المسلمين بعضهم مع البعض الآخر في الشئون الشخصيّة، و ما عليهم في هذه المسائل إلاّ الرجوع إلى كتاب الله و سنّة رسوله لحسم النزاع و تسوية الخلاف؛ علما بأنّ الكتاب و السنّة حجّتان قاطعتان لتسوية الخلاف و حسم النزاع عند من له علم بهما؛ و كذلك قول أولي الأمر فإنّه دليل و حجّة في فهم الكتاب والسنّة. و لمّا أوجبت الآية الشريفة طاعة أولي الأمر بلا قيد و شرط، وفسّر هؤلآء الكتاب و السنّة دون أن يحملوا عنوان التشريع، فينبغي اتّباعهم وطاعتهم. و في ضَوء ذلك نكتشف «إنّاً» حيث إنّ قولهم مطابق للواقع وخالٍ من الزلل و الخطاء. و محصّل الكلام أنّ أولي الأمر رجال من الأمّة يجب إطاعتهم بشكل مطلق و بلا قيد وشرط؛ و ذلك في جميع الحقول إلاّ حقل التشريع؛ و أنّ إطاعتهم في حكم إطاعة رسول الله. و كما أنّ أمر الرسول و نهيه لا يخالفان أمر الله و نهيه، و إلاّ يستدعي التناقض بين أمر الله و أمر الرسول ونهي الله ونهي الرسول، و هذا معنى لا يتمّ إلاّ بالتزام عصمة الرسول، فكذلك أمر أولي الأمر و نهيهم لا يخالفان أمر الله و رسول و نهي الله ورسوله. و إلاّ يفضي إلى التناقض، و الأمر بالضدّين أو النهي عن المتناقضين؛ و هذا معنى لا يتمّ أيضاً إلاّ بالتزام عصمة أُولي الأمر، وبالنتيجة، فإنّ ما يُلزِم إطاعتهم المطلقة بلا قيد و شرط هو عصمتهم. و من جهة، لمّا كنّا نعلم بأنّ أيّـاً من المذاهب الإسلامية لم يدّع العصمة لأئمّته إلاّ المذهب الإمامي، إذ يرى الشيعة عصمة أئمّتهم الاثني عشر، لذلك فانّ مفهوم الآية سوف ينطبق طبعاً على الأئمّة المعصومين سلام الله و صلواته عليهم أجمعين)[3]
مورد النزاع في «تنازعتُم» لا يمكن أن يشمل النزاع مع "أُولي الأمر"
نستفيد من هنا عدم صحّة ما ذُكِر في بعض تفاسير أهل السنّة و تفاسير بعض من حذى حذوهم حيث قالوا: إنّ السبب في أنّه تعالى لم يقل هنا: {فَرُدُّوهُ إلَی اللَهِ وَالرَّسُولِ} و "أولي الأمر" هو أنّه قوله: {فَإنْ تَنازَعْتُمْ} أي تنازعتم مع نفس أولي الأمر في أصل مسألة الولاية. كما لو قال أولو الأمر مثلا: نحن أصحاب الولاية فلو كان رأيكم بخلاف ذلك. ففي هذه الصورة يكون مرجعكم كتاب الله و رسوله. ذلك أنّ "أولي الأمر" أنفسهم هم أحد أطراف النزاع، و لم يبق ثمّة معنى هنا لأن نقول ارجعوا إلى "أولي الأمر" و لذا فانّه تعالى لم يقل هنا «و إلى أولي الأمر منكم» و هذا الكلام خاطئ، جداً و باطل، و ذلك لأنّه عند ما يوجب الله تعالى في صدر الآية إطاعة أولي الأمر على نحو الإطلاق، فلا معنى لأن يقول بعد ذلك: إذا تنازعتم مع أولي الأمر في أصل مسألة الولاية فارجعوا إلى الله و رسوله! فيجعل طاعة أولي الأمر من جهة واجبة على الناس بينما يقول من جهة أخرى: إذا تنازعتم معهم فارجعوا إلى الله و الرسول! كأن يقول الله تعالى: أطيعوا الرسول لكن إذا تنازعتم معه فافعلوا الشيء الفلاني. أو يقول: أطيعوا القرآن أو «أطيعوا الله» لكنّكم إذا وجدتم في بعض الموارد إشكالا معنى القرآن فارجعوا إلى التوراة مثلا ! فهذا الكلام خطأ. و هكذا عندما يقول الله تعالى: {أَطِيعُواْ اللَهَ وَ أَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَ أولي الأمر مِنكُمْ}, فيوجب علينا إطاعة أولي الأمر ثم يقول: إذا تنازعتم مع أولي الأمر فافعلوا كذا، فانّ هذا التفريع سيكون خطأً و لا معنى له.[4]