_______________________________________________________________
هو العليم
سلسلة بحوث ودراسات تحليليّة لسيرة أهل البيت عليهم السلام
آخر الأيام والساعات من حياة سيّد الكائنات صلى الله عليه وآله
البحث الأوّل
مستخرج من كتب وآثار آية اللـه العلاّمة السيّد محمّد الحسين الحسيني الطهراني قدّس سرّه
_______________________________________________________________
بسم اللـه الرحمن الرحيم
اللحظات الأخيرة من عُمْر رسول اللـه و وصيّته لفاطمة عليها السلام
قال الشيخ الكبير والمفسّر العظيم أمين الإسلام أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسيّ قدّس اللـه نفسه صاحب تفسير «مجمع البيان» في كتابه النفيس الممتع «إعلام الورى»: وضع عليّ بن أبي طالب عليه السلام رأس رسول اللـه صلى اللـه عليه و آله في حجره، فأغمي عليه، و أكبّت فاطمة تنظر في وجهه و تندبه و تبكي و تقول: وَأبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأرَامِلِ ففتح رسول اللـه صلى اللـه عليه و آله عينيه و قال بصوت ضئيل: يَا بُنَيَّةُ! هَذَا قَوْلُ عَمِّكِ أبِي طَالِبٍ، لَا تَقُولِيهِ! وَلَكِنْ قُولِي: {وَ مَا مُحَمَّدٌ إلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإين مَّاتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أعْقَابِكُمْ}. فبكت طويلًا فأومأ إليها بالدنو منه، فدنت إليه، فأسرّ إليها شيئاً تهلّل له وجهها.[1] ثمّ قضى و يد أمير المؤمنين اليمنى تحت حنكه، ففاضت نفسه فيها فرفعها إلى وجهه فمسحه بها. ثمّ وجّهه وغمّضه ومدّ عليه إزاره واشتغل بالنظر إلى أمره. فسئلت: ما الذي قال لك رسول اللـه فسرى عنك؟! قالت: أخبرني أنّي أوّل أهل بيته لحوقاً به و أنّه لن تطول المدّة بي بعده حتّى أدركه فسرى ذلك عنّي.[2] و من الواضح هنا أنّ رسول اللـه لم يُرِدْ أن يمنع فاطمة من حقيقة و مفاد الشعر الرفيع الذي أنشده أبو طالب عليه السلام. بل أراد أن يُشعرها بأنّ يوماً عصيباً ينتظرها، وأنّ الراجعين عن الإسلام سوف يقتلونها ويغصبون حقّها وحقّ بعلها، وكلّهم سيعودون إلى البربريّة والجاهليّة حسب هذه الآية. وأنّها و بعلها عليّ بن أبي طالب من الشاكرين، وأنّ ذيل الآية: {وَ سَيَجْزِى اللـه الشَّاكِرِينَ} سيكون لهما. كيف يمكن أن نتصوّر أنّ رسول اللـه يمنع بنته من شعر حاميه و معينه و ناصره الوحيد في مكّة في حين أنّه عندما ذكر شعر أبي طالب سُرَّ سروراً بالغاً حتى ضحك من شدّة السرور والفرح؟
شعر أبي طالب في مدح رسول اللـه صلى اللـه عليه و آله
ذكر عليّ بن عيسى الإربليّ في باب معجزات رسول اللـه أنّ من معجزاته نزول المطر بدعائه صلى اللـه عليه و آله، وذلك حين شكا إليه أهل المدينة فدعا اللـه، فمطروا حتى أشفقوا من خراب دورها فسألوه في كشفه، فقال: اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَ لَا عَلَيْنَا. فَاسْتَدَارَ حتى صَارَ كَالإكْلِيلِ و الشَّمْسُ طَالِعَةٌ في المَدِينَةِ، و المَطَرُ يَجِيءُ عَلَى مَا حَوْلَهَا يرى ذَلِكَ مُؤْمِنُهُمْ وَ كَافِرُهُمْ. فضحك صلى اللـه عليه و آله و قال: للـه دَرُّ أبِي طَالِبٍ لَوْ كَانَ حَيَّاً قَرَّتْ عَيْنَاهُ. فقام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام و قال: يا رسول اللـه! كأنّك تريد قوله: وَ أبْيَضَ يُسْتَسْقَي الغَمَامَ بِوَجْهِهِ ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ للأرَامِلِ
يَطُوفُ بِهِ الهُلَّاكُ مِنْ آ لِ هَاشِمٍ فَهُمْ عِنْدَهُ في نِعْمَةٍ وَ فَوَاضِلِ
و أخرج البخاريّ في صحيحه عن عبداللـه بن عمر قال: ربّما ذكرتُ قول أبي طالب و أنا أنظر إلى وجه رسول اللـه صلى اللـه عليه و آله على المنبر يستسقي. فما ينزل حتى يجيش كلُّ ميزاب: وَ أبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامَ [3] بِوَجْهِه ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأرَامِلِ
و روى البيهقيّ في «دلائل النبوّة» عن أنس أنّ أعرابيّاً جاء فقال: يا رسول اللـه! لقد أتيناك مَا لَنَا بعيرٌ يَنَطُّ[4]، وَ لَا صَبِيّ يَصِيحُ. فصعد صلى اللـه عليه و آله المنبر ثمّ رفع يديه فقال: اللهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مُغِيثاً، مَرِيَّاً مَرِيعاً، غَدَقاً طَبَقاً، عَاجِلًا غَيْرَ رَابِثٍ،[5] نَافِعاً غَيْرَ ضَارٍّ! فما ردّ يديه في نحره حتى ألقت السماء بأردافها، و جاؤوا يضجّون: الغَرَقَ الغَرَقَ. فضحك رسول اللـه صلى اللـه عليه و آله حتى بدت نواجذه، ثمّ قال: للـه دَرُّ أبِي طَالِبٍ لَوْ كَانَ حَيَّاً قَرَّتْ عَيْنَاهُ، مَنْ يُنْشِدُنَا قَوْلَهُ؟ فقام عليّ عليه السلام فقال: يا رسول اللـه! كأنّك أردت قوله: وَ أبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامَ بِوَجْهِهِ ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأرَامِلِ يَلُوذُ بِهِ الهُلَّاكُ مِنْ آ لِ هَاشِمٍ فَهُمْ عِنْدَهُ في نِعْمَةٍ وَ فَوَاضِلِ
و قال السيوطيّ أيضاً: هذا من قصيدة لأبي طالب يمدح بها النبيّ صلى اللـه عليه و آله ويصف تمالُأ قريش عليه، و أوّلها: وَ لَمَّا رَ أيْتُ القَوْمَ لَا وِدَّ فِيهِمُ وَ قَدْ قَطَعُوا كُلَّ العُرَى وَ الوَسَائِلِ
إلى أن قال: كَذَبْتُمْ وَ بَيْتَ اللـه نُبْزِي مُحَمَّداً وَ لَمَّا نُطَاعِنْ حَوْلَهُ وَ نُنَاضِلِ وَ نُسْلمُهُ حتى نُصَـرَّعَ حَوْلَهُ وَ نَذْهَـلَ عَنْ أبْنَائِنَا وَ الحَلَائِلِ
وقال: وَ مَا تَرَكَ قَوْمٌ لَا أبَا لَكَ سَيِّداً يَحُوطُ الذِّمَارَ في مِكَرٍّ وَ نَائِلِ[6]
و أضاف العلّامة الأمينيّ بعد البيتين اللذين يبدآن بقوله: و أبيض... و يلوذ به الهلّاك... هذا البيت: وَ مِيزَانُ عَدْلٍ لا يخيسُ شَعِيرَةً وَ وَزَّانُ صِدْقٍ وَزْنُهُ غَيْرُ هَائِلِ
يستبين من هذه المطالب أنّ رسول اللـه صلى اللـه عليه و آله كان يحبّ السيّد أبا طالب حبّاً شديداً، و كان يهتمّ بشعره اهتماماً تامّاً، بَيدَ أنّه كان يرى في تلك المرحلة العصيبة- و هو على فراش الموت- وقائع مُقلِقة إلى درجة أنّ شِعر أبي طالب يُنسى معها.( ) هل يمكن أن نتصوّر خطراً أكثر من طعن رسول اللـه بالهذيان و التخريف؟ و من ثمّ عزل وليّ الدين الأعظم عليّ المرتضى سيّد الوصيّين أحد الثقلَين عن رئاسة المسلمين و زعامتهم؟ والتجرّؤ على ساحة الرسول الأكرم بوصفه بالهجر حين طلب كتفاً و دواة ليُحكم أمر عليّ، ويعلن للناس وصايته بتعليمات خطّيّة مؤكّدة، ناهيك عن خطبه و كلماته التي كان يُدلي بها! وإثارة الضجّة برفع الصوت عالياً بكلمة: كَفَانَا كِتَابُ اللـهِ، و إكثار اللغط و الجَلَبة و الضوضاء؟ و إيذاء رسول اللـه و إعناته، ليفارق الدنيا مغموماً مهموماً حزيناً، بعد ثلاث و عشرين سنة من القيام بمهمّة النبوّة؟
أمر رسول اللـه بسدّ الأبواب و الإتيان بالكتف و الدواة لكتابة الوصيّة
قال ميرخواند- و هو سنّيّ المذهب- في «روضة الصفا»: قالت أمّ سلمة: شدّ رسول اللـه على رأسه المبارك عصابة أيّام مرضه، و صعد المنبر، و استهلّ كلامه بالاستغفار لشهداء أُحُد، ثمّ أمر بسدّ أبواب الصحابة الشارعة في المسجد إلّا باب عليّ. و قال: لابدّ من صُحبته لي وصُحبتي له. قال عمر: يا رسول اللـه! إئذن لي أن أدع خوخة أرى فيها خروجك من البيت إلى المسجد! فلم يأذن له. فقال أحد الصحابة: يا رسول اللـه! ما هو المراد من فتح الأبواب؟! و ما سبب سدّها؟ قال: ما بأمري سددتها و لا بأمري فتحتها. (إلى أن قال): روى علماء السير أنّه لمّا اشتدّت العلّة برسول اللـه و كان أصحابه مجتمعين حوله في حجرته قال: إئتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلّون بعده. فاختلفوا، فمن قائل: قرّبوا يكتب لكم. و من قائل: هل هذا كلام من اشتدّ به المرض، أم كلام جِدّ؟ فقال عمر: غلب على رسول اللـه الوجع. عندنا القرآن، حسبنا كتاب اللـه. فمنهم من أيّد عمر، و منهم من أصرّ على خلافه و قالوا: قرّبوا له ما أراد، فاختصموا، و علت الأصوات في مجلسه المبارك، وتجاوز الاختلاف حدّ الاعتدال. فقال النبيّ الأقدس صلى اللـه عليه و آله: قوموا، لا ينبغي عند نبيّ نزاع! و مع ذلك قال: أوصيكم بثلاث: أخرِجوا المشركين من جزيرة العرب! و أجيزوا الوفد بنحو ما كنتُ أجيزهم. روى سليمان هذا عن سعيد بن جبير و قال: لا أعلم، لَمْ يَرَ سعيد بن جبير مصلحة في ذكر الثالثة، أو أنّه ذكرها لكنّ عناكب النسيان نسجت خيوطها في خاطري؟ قال ابن عبّاس: الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بين رسول اللـه و بين أن يكتب لهم.[7] [إلى أن قال:] قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: أوصى النبيّ في مرضه الذي مات فيه. و لمّا فرغ، نزلت سورة النصر. قلتُ: يا رسول اللـه! هذه وصيّة المودّعين؟ قال: نعم يا عليّ! ضاق صدري من هذه الدنيا. ثمّ اتّكأ، و أغمض عينه لحظة. و لمّا أفاق قال: يا جبرئيل! خذني وفِ بما وعدتني! ثمّ دعاني إليه و وضع رأسه المبارك على منكبي، وشحب لون وجهه الميمون، و تصبّب جبينه عرقاً.
حزن فاطمة عليها السلام لفقد أبيها
ولمّا رأت فاطمة ما به، قامت لجزعها، و أخذت بأيدي الحسنين و صاحت: يا أبتاه! من يرحم حال ابنتك فاطمة بعدك؟ و من يواسي ولديك الحسنين؟! و من يحفظ أفواج الناس القادمين من أطراف الآفاق؟ يا أبتاه! بنفسي أنتَ! ويل أذُني التي لن تسمع كلامك الطيّب، وويل عيني التي لن ترى وجهك الحسن! و لمّا سمع النبيّ الأقدس صلى اللـه عليه و آله أنين فاطمة، فتح عينيه و دعاها إليه و وضع يده المباركة على صدر ابنته العزيزة وقال: اللهمّ اربط على قلب فاطمة! ثمّ قال لها: أبشري، فأنتِ أوّل أهلي لحوقاً بي! قال عليّ عليه السلام: قلتُ: يا فاطمة! اسكتي و لا تذرّي الملح على جرح رسول اللـه! فقال النبيّ: دعها تذرف دموعها على أبيها! ثمّ أغمض عينيه المتعبتين. و قالت فاطمة للحسنين: قوما و ائتيا أباكما الرحيم! لعلّه ينصحكما بما يسكّن قلبيكما. فامتثل قرّتا عين الزهراء كلام أمّهما، و جاءا عند رسول اللـه. فقال الحسن: يا أبتاه كيف نصبر على فراقك؟! و من الذي نودعه أسرارنا؟! و من يرحمنا أنا و أخي و أبي بعدك؟!... قال عليّ بن أبي طالب: فبكيتُ جزعاً...[8] و قال رسول اللـه لعائشة: يا عائشة! عليكِ أن تجلسي في ركن بيتك، و تمسّكي بعروة الصبر و الستر و الحفظ الوثقى كما قال الحقّ تعالى: {وَ قَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ}[9] قال هذا الكلام و بكى بكاءً سجرت به نار المصيبة عند الجميع. قالت أمُّ سلمة: ممّ بكاؤك و قد غفر اللـه لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر؟! قال: إنَّمَا بَكَيْتُ رَحْمَةً لأُمَّتِي. ثمّ بشّر فاطمة، فسألته: أين أجدك يوم الفزع الأكبر؟! قال: تجديني على باب الجنّة تحت لواء الحمد، و أنا مشغول باستغفار الرحمن من ذنوب أمَّتي.... و وقف عزرائيل على باب حجرة رسول اللـه المباركة بهيئة أعرابيّ، و قال: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَوْضِعَ الرِّسَالَةِ! أتأذنوا لي بالدخول رحمكم اللـه؟! و كانت فاطمة الزهراء جالسة على فراش أبيها، فقالت: رسول اللـه مشغول بنفسه فلا تتيسّر زيارته الساعة. ثمّ استأذن مَلَك الموت ثانية فسمع الجواب نفسه. و في الثالثة رفع صوته عالياً حتى رجف لهيبته كلّ من كان حاضراً في المنزل المقدّس. و كان رسول اللـه صلى اللـه عليه و آله مغميّاً عليه في تلك الساعة، فأفاق، و فتح عينيه المباركتين و سأل: ما خطبكم! فأخبروه. فقال: يا فاطمة! هل علمتِ مع مَن تكلّمتِ! قالت: اللـهُ وَ رَسُولُهُ أعْلَمُ. قال: هَذَا مَلَكُ المَوْتِ، هَادِمُ اللَّذَّاتِ، وَ قاطع الأمْنِيَّاتِ، وَ مُفَرِّقُ الجَمَاعَاتِ، وَ مُرَمِّلُ النِّسَاءِ، وَ مُيَتِّمُ الأوْلَادِ. و لمّا سمعت فاطمة ذلك قالت: يَا مَدِينَتَاهْ! خَرِبَتِ المَدِينَةُ. فَأخذ رسول اللـه يدها و ضمّها إلى صدره المبارك، و لم يفتح عينيه برهة فظنّ الحاضرون أنّ روحه عرجت إلى ذي العرش. فهمست فاطمة في أُذُنه قائلة: يَا أبَتَاهْ! فلم تسمع شيئاً، فقالت: روحي لك الفداء! انظر إليّ و حدّثني! ففتح صلى اللـه عليه و آله عينيه و قال: يا بُنيّتي! دعي عنكِ البكاء فإنّ حَمَلَة العرش يبكون لبكائكِ. و نَكَفَ الدمع عن وجه عزيزته بيده، و اهتمّ بتسكينها و بشّرها و قال: اللهمّ مُنّ عليها بالصبر لفراقي! و قال لها: إذا قُبضت روحي فقولي: إنَّا للـهِ وَ إنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ. يا فاطمة! إنّ كلّ مَن أصابته مصيبة سيرى عنها عوضاً. قالت فاطمة: يا رسول اللـه! من يكون و ماذا يكون عنك عوضاً؟! ثمّ أغمض عينيه مرّة أخرى، فقالت فاطمة: وَ اكَرباه! فقال رسول اللـه: لا كرب و لا غمّ على أبيكِ بعد اليوم. أي: أنّ الحزن و الاضطراب اللذين يسيطران على الإنسان سببهما التعلّقات الجسمانيّة، و الآن قطعت علائق البشريّة، و تناهى إلى الأسماع النداء المتمثّل بقوله تعالى: {إرْجِعِي إلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً}. و ستسرع الروح اللطيفة الوديعة إلى جوار رحمة ربّ العالمين. و قد شوهد الرَّوح و الريحان وجنّة النعيم، فلن تبقى حسرة و حزن و ألم.[10]و يواصل ميرخواند الموضوع فيقول: لمّا دُفن رسول اللـه، و رجع أصحابه من قبره، جاؤوا إلى بيت فاطمة الزهراء عليها السلام و عزّوها. فسألتهم قرّة عين النبيّ: دفنتموه؟! قالوا: نعم! قالت: كيف طابت نفوسكم أن تحثوا عليه التراب؟! إنّه نبيّ الرحمة! قالوا: يا بنت رسول اللـه! نحن أيضاً محزونون لهذا المصاب، ولكن لابدّ من التسليم لحكم الباري سبحانه و تعالى. و جاء في «مقصد أقصى» ( = المقصد الأقصى): كلّما نظرت فاطمة إلى الحسن و الحسين، تحسّرت و تأوّهت لِيُتم ولديها حتى تشبّ النار من قلبها، و يبكي الناس دماً لمصابها، و [كأن][11] الأحباب و الأصحاب جميعهم يبكون معها و ينشدون هذه الأبيات في مخاطبة سيّد الكائنات و خلاصة الموجودات: اى خواجه! زين شكسته دلان تا چه ديدهاى كز ما رميـده جاى دگر آرميدهاى!
نشناختيم قدر تو أي ساية خداى زان روى سايه از سر ما در كشيدهاى
اين تنگناى فرش چو در خور تو نبود مسكن فراز عرش مُعـلّا گزيدهاى
بى بدرقه به كوى وصالش گذشتهاى بى واسطه به حضرت خاصش رسيدهاى
تو مرغ آشيانة قدسى! غريب نيست گر باز از ين قفس سوى گلشن پريدهاى
ما را شمامهاى بفرست أي گل اميد زان شمّه كز رياض حقايق شنيدهأي
در كام جان تشنه دلان جرعهاى بريز زان خمرِ بى خمار كه از حقّ چشيدهاي[12]
أهمّيّة مقام ولاية رسول اللـه و خلافته
أجل، إنّ محنة رسول اللـه في مرضه الذي مات فيه يعود معظمها إلى رحمته بالمسلمين، إذ كان يرى أمّته بلا راعٍ، و كان يدرك و يفهم جيّداً الخطط المدروسة المدبّرة لعزل أمير المؤمنين عليه السلام، و ترك الأمّة بلا إمام و ولي. و كان صلى اللـه عليه و آله يرى كالشمس الساطعة أنّ خلود نبوّته وحراستها و تثبيت القرآن و تعزيزه منوطان بوجود عليّ بن أبي طالب. و إذا كبراء القوم و رموزهم قد شدّوا عقد مآزرهم بخطط مريبة لاقتلاع هذه الشجرة و التربّع على مسند الإمامة. و الويل للُأمّة التعِسة إذا ولي أمورها إنسان غير بصير و غير مطّلع. و إذا حلّ الغراب و الحدأة محلّ البلبل في روضة النور و الوحدة و العرفان و المعرفة، ويسجن الطائر الغرِّيد المحلّق في روضة العلم و الدراية و البصيرة في القفص مهيض الجناح. ويجلس الجلّادون و الصيّادون المتربّصون على أريكة الأمر و النهي و الحكومة باسم النصراء والحماة و الناصحين و المتحمّسين و الأحمّاء، و يبدّلون النبوّة إلى حكومة و رئاسة ظاهريّة. و كان أبوبكر، وعمر، وعثمان، وعبيدة بن الجرّاح، و المغيرة بن شُعبة، و أسيد بن حُضَير، و خالد بن الوليد، و قُنفذ بن عُمير، و سالم مولى أبى حذيفة من الأشخاص المعروفين الذين تخبّطوا كالمجانين لإطفاء نور الولاية.[13]
[ملاحظة: انتخب هذا البحث من كتاب معرفة الإمام ج 13، تأليف المرحوم العلامة آية اللـه الحاج السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ رضوان اللـه عليه، وقد تمّ توثيقه ومقارنته مع المصدر الفارسي من قبل الهيئة العلمية في لجنة الترجمة والتحقيق، و تجدر الإشارة إلى أنّ العبارات و الهوامش التي وقعت بين معقوفتين هي من الهيئة العلمية ]
[1] ـ روى البخاريّ في صحيحه، ج 6، ص 10، طبعة بولاق، باب مرض النبيّ من كتاب النبيّ بسنده عن عائشة قالت: دعا النبيّ صلى الله عليه و آله فاطمة عليها السلام في شكواه الذي قبض فيه، فسارّها بشيء فبكت. ثمّ دعاها فسارّها بشيء فضحكت. فسألنا عن ذلك، فقالت: سارّني النبيّ صلى الله عليه و آله و سلّم أنّه يُقبض في وجعه الذي توفّي فيه فبكيت. ثمّ سارّنى فأخبرني أنّي أوّل أهله يتبعه فضحكتُ.
[2] ـ «إعلام الورى بأعلام الهدي» ص 143. و ذكرها الشيخ المفيد أيضاً في «الإرشاد» ص 173، طبعة إسلاميّة الحديثة سنة 1364 ه-. ش. وروى ابن سعد في طبقاته، ج 2، ص 193، بسنده عن ابن عبّاس أنّه لمّا نزلت {إذَا جَآءَ نَصْرُ اللهِ وَ الْفَتْحُ} دعا رسول الله صلى الله عليه و آله فاطمة فقال: إنّي نُعِيَتْ إلَيّ نفسي. قالت: فبكيتُ. فقال: لا تبكِ فإنّكِ أوّل أهلي بي لحوقاً فضحكتُ. و قال رسول الله {إذا جَآءَ نَصْرُ اللهِ وَ الْفَتْحُ} و جاء أهل اليمن و هم أرقّ أفئدة و الإيمان يُمَان، و الحكمة يمانيّة. (فاستعدّ للارتحال إلى ربّك بالحمد و التسبيح و الثناء، فهو التوّاب الغفّار).
[3] ـ قال في «جامع الشواهد»: الغمام منصوب بنزع الخافض. يعني: من الغَمام- انتهى. فيكون قوله: «بوجهه» نائب فاعل للفعل المجهول: يُسْتَسْقَى.
[4] ـ «الأمالي» للمفيد: يئطّ. و أطَّ الإبل: حنَّت.
[5] ـ و فيه أيضاً: غير رائث، و راث: أبطأ.
[6] ـ شرح شواهد المغني» للسيوطيّ، ج 1، ص 395 إلى 398.
[7] ـ كان الدليل الواضح على أنّ قصد الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله من عدم قراءة شعر أبي طالب، و تلاوته هذه الآية، لفت أنظار المسلمين إلى ارتداد و كفر طلّاب السلطة من الصحابة. فقد ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات القرآنيّة في مقام و شأن و عظمة النبيّ و المؤمنين الحقيقيّين، كالآية 29 من السورة 48: الفتح: {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أشِدَّآءُ على الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللهِ وَ رِضْوَانًا سِيمَاهُمْ في وُجُوهِهِم مِّنْ أثَرِ السُّجُودِ.}.. إلى آخر الآية. و الآية 2 من السورة 47: محمّد صلى الله عليه و آله: وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَ ءَامَنُوا بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ وَ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أصْلَحَ بَالَهُمْ. و حينئذٍ ما هو الداعي لرسول الله أن يغضّ الطرف عن تلاوة هذه الآيات، و يقرأ آية تدلّ على ارتداد الصحابة و كفرهم بعد وفاته؟
[8] ـ هذه المطالب كلّها التي ذكرها مير خواند في «روضة الصفا» أوردها مير خواند في «حبيب السير»، ج 1، ص 419. و قال أيضاً: يرى علماء الشيعة أنّ سبب رفض الصحابة كتابة الكتاب هو أنّ رسول الله صلى الله عليه و آله أراد أن يكتب وصيّة في ولاية أمير المؤمنين عليّ كرّم الله وجهه. و البيتان الآتيان الواردان في كتاب «كشف الغمّة» يُشعران بهذا المعنى: أوْصَــــــــــى النَّبِيّ فَقَالَ قَائِلُهُمْ قَدْ ضَلَّ يَهْجُرُ سَيِّدُ البَشَر وَ أرَى أبَا بَكْرٍ أصَابَ وَ لَمْ يَهْجُرُ وَ قَدْ أوْصَى إلى عُمَر
[9] ـ روى سليم بن قيس في كتابه ص 213، (الطبعة الثالثة، النجف) عن ابن عبّاس أنّه قال: سمعت حديثاً من عليّ عليه السلام لم أفهم معناه، سمعته يقول: إنّ رسول الله أسَرَّ إلَيّ في مرضه و عَلَّمني مفتاح ألف باب من العلم يفتح كلّ باب ألف باب. و إنّي لجالس بذي قار في فسطاط عَلِيّ و قد بعث الحسن و عمّاراً يستنفران الناس إذ أقبل عَلِيّ عليه السلام فقال: يا ابن عبّاس! يقدم عليك الحسن و معه أحد عشر ألف رجل غير رجل أو رجلين. فقلت في نفسي: إن كان كما قال فهو من تلك الألف باب. فلمّا أظلّنا الحسن بذلك الجند استقبلتُ الحسن، فقلت لكاتب الجيش الذي معه أسماؤهم: كم رجل معكم؟ فقال: أحد عشر ألف رجل غير رجل أو رجلين.
[10] ـ الآية 33، من السورة 33: الأحزاب. {وَ قَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَ لَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولى}. هذه الآية تخاطب نساء النبيّ صلى الله عليه و آله. و أشار رسول الله قائلًا لعائشة و هو ينصحها: ما أنتِ و حرب الجمل و ركوبك الجمل تقودين الجيش في ساحة القتال؟! قرّي في بيتك أيّتها المرأة و لا تخرجي من قعره طاعة لهواكِ، و طلباً للرئاسة، و حقداً دفيناً على عليّ عليه السلام!
[11] ـ ذكر آية الله السيّد عبد الحسين شرف الدين العامليّ بعض المطالب في كتابه القيِّم «النصّ و الاجتهاد» ص 93 إلى 95، الطبعة الثانية، في المتن و التعليقة، ومحصّلها: أوّلًا: إنّما فاطمة الزهراء سلام الله عليها بمثابة من القدس تعدل بها مريم ابنة عمران بحكم النصوص الصريحة في السنن المتضافرة الصحيحة، فمنها ما أخرجه ابن عبد البرّ في «الاستيعاب» و غيره من أعلام أثباتهم أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله عادها و هي مريضة. فقال: كيف تجدينك يا بُنيّة؟ قالت: إنّي لوجعة و إنّه ليزيدني أنّي ما لي طعام آكله. قال: يا بُنيّة! أما ترضين أنّكِ سيّدة نساء العالمين؟! قالت: يا أبه! فأين مريم ابنة عمران؟! قال: تلك سيّدة نساء عالمها و أنتِ سيّدة نساء عالمكِ! أما والله لقد زوّجتكِ سيّداً في الدنيا و الآخرة... إلى آخر الحديث. ثانياً: أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام أفضل من مريم ابنة عمران. و تفضيلها على مريم عليها السلام أمر مفروغ منه عند أئمّة العترة الطاهرة و أوليائهم من الإماميّة و غيرهم. صرّح بأفضليّتها على سائر النساء حتى السيّدة مريم كثير من محقّقي أهل السنّة و الجماعة كالتقيّ السبكيّ، و الجلال السيوطيّ، و البدر، و الزركشيّ، و التقيّ المقريزيّ، و ابن أبي داود، و المناويّ فيما نقله عنهم العلّامة النبهانيّ في فضائل الزهراء، ص 59 من كتابه «الشرف المؤبّد». ثالثاً: أنّ فاطمة، و مريم، و خديجة، و آسية أفضل نساء الجنّة. أخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عبّاس في ص 293 من الجزء الأوّل من مسنده. و رواه أبو داود كما في ترجمة خديجة من «الاستيعاب»، و قاسم بن محمّد كما في ترجمة الزهراء من «الاستيعاب» أيضاً. رابعاً: أنّ فاطمة و الثلاث خير نساء العالمين. أخرجه أبو داود كما في ترجمة خديجة من «الاستيعاب» بالإسناد إلى أنس. و رواه عبد الوارث بن سفيان كما في ترجمة الزهراء، و خديجة من «الاستيعاب». خامساً: أنّ فاطمة سيّدة نساء المؤمنين أو سيّدة نساء هذه الأمة. أخرجه البخاريّ في ص 64 من الجزء الرابع من صحيحه، و مسلم في باب فضائل فاطمة من الجزء الثاني من صحيحه، و الترمذيّ في الصحيح، و صاحب «الجمع بين الصحيحين»، و صاحب «الجمع بين الصحاح الستّة»، و الإمام أحمد من حديث الزهراء ص 282 من الجزء السادس من مسنده، و ابن عبد البرّ في ترجمتها من استيعابه، و محمّد بن سعد في ترجمتها من الجزء الثامن من طبقاته، و في باب ما قاله النبيّ في مرضه من المجلّد الثاني من «الطبقات الكبرى» أيضاً. و اللفظ الذي نذكره الآن هو للبخاريّ في آخر ورقة من كتاب الاستئذان، من الجزء الرابع من صحيحه، قال: حدّثنا موسى عن أبي عوانة، عن فراس، عن عامر، عن مسروق، قال: حدّثتني عائشة أمّ المؤمنين، قالت: إنّا كنّا أزواج النبيّ عنده جميعاً لم تغادر منّا واحدة، فأقبلت فاطمة تمشي، لا و الله ما تخفي مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه و آله، فلمّا رآها رحّب، و قال: مرحباً بابنتي، ثمّ أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثمّ سارت فبكت بكاءً شديداً. فلمّا رأى حزنها، سارّها الثانية، إذا هي تضحك، فقلتُ لها أنا من بين نسائه: خصّكِ رسول الله بالسرّ من بيننا، ثمّ أنتِ تبكين؟! فلمّا قام رسول الله صلى الله عليه و آله سألتُها: عمّ سارّكِ؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله سرّه. فلمّا توفّى قلتُ لها: عزمت عليك بما لي عليكِ من الحقّ لما أخبرتني. قالت: أمّا الآن فنعم، فأخبرتني. قالت: أمّا سارّني في الأمر الأوّل فإنّه أخبرني أنّ جبريل كان يعارضه بالقرآن كلّ سنة مرّة، و أنّه قد عارضني به العام مرّتين، و لا أرى الأجل إلّا اقترب، فاتّقي الله و اصبري، فإنّي نِعْمَ السلف أنا لكِ! فبكيتُ بكائي الذي رأيتِ. فلمّا رأى جزعي، سارّني الثانية، قال: يا فاطمة! ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين، أو نساء هذه الأمة؟! فضحكتُ. علماً أنّ السيّد شرف الدين ذكر هذين الحديثين أيضاً في كتابه الآخر: «الكلمة الغرّاء» ص 242 و 243.
[12] ـ تمّت إضافة عبارة [كأنّ] من الهيئة العلميّة في هذا البحث ليتناسب المعنى العربي مع ما هو مكتوب في الأصل، وهي لم تكن موجودة في الأصل العربي المطبوع! ]
[13] ـ «روضة الصفا» الجزء الثانى من الطبعة الحجريّة، باب وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله؛ و كذلك ذكر مير خواند أحوال النبيّ أيّام مرض موته في «حبيب السير» ج 1، ص 419 إلى 422. يقول: «أيّها السيّد العظيم! ماذا رأيتَ منّا نحن البائسين فتركتنا و ذهبتَ إلى مكان آخر؟ ما عرفنا قدرك يا ظلّ الله و لهذا منعتَ عنّا ظلّك. لم يَلِقْ بك هذا العالم الضيّق فاخترتَ الإقامة في العرش الأعلى. مضيتَ إلى وصاله بلا وداع، و بلغت ساحة قدسه الخاصّة بلا واسطة. ولا غرو فأنت طائر عشّه القدسيّ، إذ حلّقتَ ثانية من هذا القفص إلى الرياض. أفض علينا شيئاً من العبير الفوّاح يا زهرة الرجاء ممّا تعطّرتَ به مِن رياض الحقائق. و اسكب في أفواه الظامئين جرعة من ذلك الخمر الذي ذقته من الحقّ و ليس فيه صداع».
[14] ـ روى الشيخ المفيد في أماليه، طبعة جماعة المدرّسين، ص 49 و 50، بسنده المتّصل عن مروان بن عثمان أنّه قال: لمّا بايع الناس أبا بكر دخل عليّ عليه السلام، و الزبير، و المقداد بيت فاطمة عليها السلام، و أبَوْا أن يخرجوا فقال عمر بن الخطّاب: اضرموا عليهم البيت ناراً. فخرج الزبير و معه سيفه. فقال أبوبكر: عليكم بالكلب. فقصدوا نحوه، فزلّت قدمه و سقط إلى الأرض و وقع السيف من يده. فقال أبوبكر: اضربوا به الحجر، فضرب بسيفه الحجر حتى انكسر. و خرج عليّ بن أبي طالب عليه السلام نحو العالية (كلّ ما كان من جهة نجد من المدينة من قراها و عمائرها إلى تهامة فهو العالية. و كلّ ما كان دون ذلك فهو السافلة) فلقيه ثابت بن قيس بن شمّاس، فقال: ما شأنك يا أبا الحسن؟! فقال: أرادوا أن يحرقوا عَلَيّ بيتي و أبوبكر على المنبر يُبايَع و لا يدفع عن ذلك و لا ينكره. فقال له ثابت: لا تفارق كفّي يدك حتى اقتل دونك! فانطلقا جميعاً حتى عادا إلى المدينة، و إذا فاطمة عليها السلام واقفة على بابها، و قد خلت دارها من أحد من القوم و هي تقول: لا عهد لي بقوم أسوأ محضراً منكم، تركتم رسول الله صلى الله عليه و آله جنازة بين أيدينا و قطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا وصنعتم بنا ما صنعتم و لم تروا لنا حقّا.
|