گالری تصاویر آرشیو بانک صوت کتابخانه پرسش و پاسخ ارتباط با ما صفحه اصلی
 
اعتقادات اخلاق حکمت عرفان علمی اجتماعی تاریخ قرآن و تفسیر جنگ
کتابخانه > مباحث علمی و اجتماعی > تعلیقه بر رساله وجوب نماز جمعه
کتاب الجعفریّات من الکتب المعتبر

کتاب الجعفریّات من الکتب المعتبرة المعوّل علیها عند الأصحاب

و أمّا الإشكال فى سند «الأشعثيّات» ممّا لا مجال له و قد يستفاد من التتبّع فى كلمات الأعلام أنّ «الجعفريّات» كانت من الكتب المعتبرة المعروفة المعوَّل عليها عند الأصحاب.

قال العلاّمة قدّس سرّه فى إجازته لبنى زهرة المذكورة فى إجازات «البحار» صفحة 27 ما هذا لفظه:

«و من ذلك كتاب «الجعفريّات» و هى ألف حديث بهذا الإسناد عن السيّد ضياء الدين فَضل الله بإسنادٍ واحدٍ رواه عن شيخه عبدالرحيم عن أبى شجاع صابر بن الحسين بن فضل بن مالك قال: حدّثنا أبو الحسن علىّ بن جعفر بن حمّاد بن رائق الصيّاد بالبحرين، قال: أخبرنا بها أبو علىّ محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفى عن أبى الحسن موسي بن إسماعيل بن موسي بن جعفر بن محمّد عن أبيه إسماعيل عن أبيه موسي عن أبيه جعفر عليه السّلام[38]» إلی آخر ما ذكره.

و مراده من قوله بهذا الإسناد هو أحمد بن طاوُس عن السيّد صفىّ الدين محمّد بن معد عن الشيخ نصيرالدّين راشد بن إبراهيم بن إسحاق بن محمّد البحرانى.

و بالجملة إنّ مَن راجع خاتمة «المستدرك» و تأمّل فى الوجوه الثّمانية الّتى ذكرها صاحبه العلاّمة النّورى فى لزوم الاعتماد علی هذا الكتاب يعرف أنّه من الكتب المعتبرة المنقولة بأسناد قويّة و لا بأس بالعمل بها.

و من الغريب ما صدر عن صاحب «الجواهر» فى كتاب الأمر بالمعروف حيث قال:

«و أغرب من ذلك استدلالُ من حَلَّت الوسوسة فى قلبه بعد حكم أساطين المذهب بالأصل المقطوع و إجماع ابنى زهرة و إدريس اللذين قد عرفت حالهما و ببعض النُّصوص الدالّة علی أنّ الحدود للإمام عليه السّلام خُصوصاً المروىّ عن كتاب «الأشعثیّات» لمحمّد بن محمّد بن الأشعث بإسناده عن الصّادق عن أبيه عن آبائه عن علىّ عليهم السّلام «لا يصّح الحكم و لا الحدود و لا الجمعة إلاّ بالإمام» الضَّعيف سنداً، بل الكتاب المزبور علی ما حُكى عن بعض الأفاضل ليس من الاُصول المشهورة بل و لا المعتبرة و لم يحكم أحد بصحّته من أصحابنا بل لم تتواتر نسبته إلی مصنّفه بل و لم تصحّ علی وجهٍ تطمئنُّ النّفس بها و لذا لم ينقل عنه الحُرّ فى «الوسائل» و لا المجلسى فى «البحار» مع شدّة حرصهما خُصوصاً الثّانى علی كتب الحديث و من البعيد عدم عثورهما عليه و الشيخ و النجّاشى و إن ذكرا أنّ مصنِّفه من أصحاب الكتب إلاّ أنّهما لم يذكرا الكتاب المزبور بعبارة تُشعِر بتعيینه، و مع ذلك فإنّ تتبّعه و تتبّع كتب الاُصول يعطيان أنّه ليس جارياً علی منوالها، فإنّ أكثره بخلافها و إنّما تطابق روايته فى الأكثر رواية العامّة[39]» إلی آخر ما ذكره. انتهي.

إنّ صاحب الجواهر ليس من الماهرين المتبحّرين فى فنّ الرجال

و لا يخفي أنّ ما ذكره مدفوع من وجوه عديدة أشار إليها العلاّمة النّورى، و معلوم أنّ صاحب «الجواهر» ليس من الماهرين المتبحّرين فى فنّ الرّجال و الحديث و معرفة الكتب فلا ينبغى أن يُصغَي إلی ما ذكره فى تضعيف هذا الكتاب، و من العجب العجاب أنّه مع ذلك استدلّ ب‍ «الأشعثيّات» علی ما ذهب إليه فى مقامنا هذا من الوجوب التخييرىّ لصلاة الجمعة و أصرَّ علی أنّها من مناصب الإمام و لم يعترض علی «الأشعثيّات» بكلمةٍ و لم يقدَحها بوجهٍ.

و منها: ما فى «الصَّحيفة السجّاديّة» فى دعاء الجمعة و ثانى العيدين:

«اللهمّ إنّ هذا المقام لخلفائك و أصفيائك و مواضع اُمنائك فى الدَّرجة الرفيعة الّتى اختصصتهم بها قد ابتزّوها و أنت المقدّر لذلك» إلی أن قال: «حتّي عاد صفوتك و خلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزّين يرون حكمك مبدّلاً» إلی أن قال: «اللهمّ العن أعداءهم من الأوّلین و الآخرین و مَن رضى بفعالهم و أشياعهم لعناً وبيلاً[40]».

و جوابه يظهر ممّا مرّ، و معلوم أنّ من صلّي مع وجود الإمام و تقدّم عليه فقد ابتزّ مقامه و صيّر حكم الله مبدّلاً و اُولئك الملعونون يقيناً لأنّ الله تعالی قدّم المعصومين سلام الله عليهم أجمعين من كافّة الخلائق و مع وجودهم ليس لأحدٍ أن يتقدّم عليهم، و أين هذا من استفادة اشتراط الصلاة بوجودهم عليهم السّلام حتّي مع فقدانهم ظاهراً.

الإشکال فى سند الصحیفة السجّادیّة إنّما ناشئ من عدم الخبرویّة بالکتب و الرّواة

و أمّا ما ربّما يجاب عن هذا الدّعاء بعدم صحّة سند «الصَّحيفة» فهو ناشئ من عدم الاطّلاع بالأحاديث و عدم الخبرويّة بالكتب و الرّواة، و ذلك لأنّ جماعة كثيرة من الأعلام يروى «الصَّحيفة» عن بهاء الشرف فيكون قائلُ «حَدَّثنا» فى أوَّلها أحَدَهم لا محالة، و أمّا هؤلاء الجماعة فهُم الّذين ذكرهم الشيخ نجم الدين جعفر بن نجيب الدين محمّد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلّى فى إجازته المسطورة فى إجازة صاحب «المعالِم» فى إجازات «البحار» صفحه 108:

1ـ جعفر بن علىّ المشهدى 2ـ أبو البقاء هبة الله بن نما 3ـ الشيخ المقرى جعفر ابن أبى الفضل بن شعرة 4ـ الشريف أبو القاسم بن الزّكى العلوىّ 5ـ الشريف أبو الفتح بن الجعفريّة 6ـ الشيخ سالم بن قبارويه 7ـ الشيخ عربىّ بن مسافر[41].

و غير خفىّ أنّ كلّهم أجلاّء مشاهير و أبو الفتح المعروف بابن الجعفريّة و السيّد الشريف ضياء الدين أبو الفتح محمّد بن محمّد العلوىّ الحسينىّ الحائرى و قد قرأ عليه السيّد عزّالدّين أبوالحرث محمّد بن الحسن بن علىّ العلوّى الحسينى البغدادى.

و إجازة صاحب «المعالِم» مدرجةٌ فى المجلّد الأخير من «البحار» و أدرج هو فى إجازته إجازات ثلاث وجدها بخطّ الشَّهيد الأوّل إحديهما نجم الدّين جعفر بن نما كما ذكره فى أوائل صفحة المِائة من هذا المجلّد، ثمَّ أدرجها متفرّقةً فى إجازته منها الفقرة الّتى نقلناها فقد ذكرها فى أواسط صفحة 108 من مجلّد الإجازات، ثمّ اعلم أنّه يروى «الصحيفة» عن بهاء الشّرف أيضاً علىّ بن السكون و عميد الرؤساء أيضاً، ففى إجازات «البحار» صفحة 44 ما هذا لفظه:

ما كان فى آخر صحيفة الشيخ شمس الدّين محمّد بن علىّ الجبعىّ جدّ شيخنا البهائى قدّس الله روحهما... إلی أن قال:

و بخطّه (أى بخطّ الجبعىّ) و علی النسخة الّتى بخطّ علىّ بن السكون و خطّ عميد الرؤساء قراءةً صورتها: قرأ علَىَّ السيّد الأجلّ النّقيب الأوحد العالِم جلال الدين عماد الإسلام أبوجعفر القاسم بن الحسن بن محمّد بن الحسن بن معيّة أدام علوّه قراءةً‌ صحيحة مُهَذَّبة و رويتُها له عن السيّد بهاء الشرف أبى الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد عن رجاله المسمّين فى باطن هذه الورقة و أبَحْته روايتها عنّى حسب ما وقّفته عليه و حدّدته له[42]. انتهي.

هذا و لكنّى رأيت فى بعض إجازات شيخ الشّريعة الإصفهانى قدّس سرّه أنّه قال:

إنّ عميد الرؤساء يروى عن بهاء الشَّرف يقيناً و علىّ بن السكون يمكن أن يكون راوياً عنه علی بُعدٍ فإنّ المَحكىّ عن نسخة ابن السكون أنّه ذكر فى أوّلها أخبرنا أبو علىّ الحسن بن محمّد بن إسماعيل بن اشناس البزّاز قراءةً عليه قال: أخبرنا أبوالفضل محمّد بن عبدالله بن المطّلب الشَّيبانى إلی ءآخر ما فى الكتاب، فيظهر منه أنّ ابن السكون يروى عن الشَّيبانى بواسطةٍ واحدةٍ‌ و اللاّزم من روايته عن بهاء الشرف أن يروى عن الشيبانىّ بثلاث وسائط. انتهي.

إنّ «الصحيفة» ممّا لا ريب فيه و لا يبعد دعوي تواترها

و علی كلّ حالٍ فإنّ صحّة «الصحيفة» ممّا لا ريب فيه و لا يبعد دعوي تواترها أيضاً، مضافاً إلی أنّا نرويها بطريقنا عن العلاّمة الشيخ آقا بزرگ الطهرانى مدّ ظلّه عن مشايخه العظام بطرقهم عن الشَّهيد الأوّل بطرقه عن عميد الرؤساء أيضاً، فالخدشة فى سند هذه «الصّحيفة» المباركة التى لا تنبغى أن تصدر إلاّ من موضع سِرّ الله العظيم ممّا لا ينبغى الالتفات إليها.

الطائفة الرّابعة من الرّوايات و الجواب عنها

الطائفة الرّابعة: الرّوايات الدالّة علی سقوط الجمعة لمن كان فى قرية، مثل ما رواه حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عليه السّلام قال:

«ليس علی أهل القري جمعة، و لا خروج فى العيدين[43]».

لوضوح أنّه لو كان صلاة الجمعة غير مشروطة بوجود المنصوب فاللازم أن يصلّى أهل القري صلاة الجمعة بلا ريب كما يصلّون صلاة الجماعة فى سائر الأيّام و احتمال عدم وجود إمام الجماعة فيهم ضعيف جدّاً، بل لو كانت صلاة الجمعة واجبةً تعيينيّةً لوجب عليهم تحصيل صفات أئمّة الجماعة كفايةً كسائر الواجبات الكفائيّة التى يكون أصل إيجادها فى الخارج معلوماً.

و فيه أولاً: أنّا ذكرنا أنّ إمام الجمعة ليس هو مطلق إمام الجماعة، بل مع ذلك لابدّ و أن يكون خطيباً ناطقاً واعظاً عالماً بالاُمور خبيراً بموارد الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و إرشاد الناس إلی مصالحهم الدّنيويّة و الاُخرويّة، و لا يتّفق مثل هذا الشيخ فى القري غالباً[44]، و الّذى يدلّك علی ذلك صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام:

«قال: سألته عن اُناس فى قرية هل يصلّون الجمعة جماعةً؟ قال: نعم يصلّون أربعاً إذا لم يكن من يخطب[45]».

لأنّ الإمام عليه السّلام صرّح فيها بأنّه يجب لأهل القري الجمعة إذا كان فيهم من يخطب بهم، فيستفاد من ضمّ هاتين الرّوايتين أنّ سقوط الجمعة عن أهل القري كما دلّ عليه الرّواية الاُولی إنّما هو مع عدم وجود الخطيب و هذا ممّا لا إشكال فيه، و كذا يدلّ علیه ما فى صحيحة الفضل بن عبدالملك المتقدّمة فراجع، و كذا يدلّ علی وجوب الجمعة لأهل القری تعييناً موثّقة ابن بكير قال:

«سألت أبا عبدالله عليه السّلام عن قومٍ فى قريةٍ‌ ليس لهم من يجمع بهم، أيصلّون الظهر يوم الجمعة فى جماعةٍ؟ قال: نعم إذا لم يخافوا[46]».

الاحتمالات الأربعة فى موثّقة ابن بکیر

اعلم أنّ الاحتمالات فى هذه الرواية أربعة:

الاحتمال الأوّل: أن يكون المراد ب‍ «مَن يجمع بهم» هو المنصوب من قِبَل المخالفين، و المراد من الصلاة يوم الجمعة فى جماعة هى صلاة الجمعة فعلی هذا تدلّ هذه الرّواية علی الوجوب التّعييني. لكن يمكن أن يخدش فيه: بأنّ قول الرّاوى «أيصلّون الظهر» ليس سؤالاً عن الوظيفة حتّي يكون قوله عليه السّلام «نعم» ظاهراً فى الوجوب، بل سؤال عن الجواز و ذلك لأنّ الرّاوى كان يحتمل أنّ صلاة الجمعة حينئذٍ تكون غير مشروعة لمكان التّقيّة أو للاشتراط بوجود المنصوب، فقوله عليه السّلام حينئذٍ «نعم» يدلّ علی الجواز، و هذا نظير الأمر الواقع عقيب الحظر حيث يدلّ علی الجواز لا الوجوب.

و يمكن دفعه: بأنّ الأمر المتعقّب بالحظر إنّما يدلّ علی الجواز إذا لم يحتمل الوجوب فى نفسه كما أفاده صاحب «الجواهر» فى أواخر بحث حرمة قطع الصلاة و كذلك المقام، لأنّ السؤال ظاهر فى السؤال عن الجواز حيث لم يحتمل الراوى الوجوب، و أما مع هذا الاحتمال فلا ريب فى أنّ السؤال ظاهر فى استعلام الوظيفة.

الاحتمال الثّانى: أن يكون المراد مِن «مَن يجمع بهم» هو المنصوب من قِبَل المخالفين، و المراد من «صلاة الظهر» الإتيان بأربع ركعات فلا تدلّ حينئذٍ علی الوجوب التعيينى، بل يستفاد منه أنّ عقد صلاة الظهر جماعة بأربع ركعات عند عدم وجود المنصوب من المخالفين لا مانع منه إن لم يكن خلاف التقيّة.

الاحتمال الثالث: أن يكون المراد ب‍ «مَن يجمع بهم» هو المنصوب من قِبَل الإمام عليه السّلام، و المراد من «صلاة الظهر» صلاة الجمعة و يكون حاصله السؤال عن جواز عقد الجمعة أو وجوبها عند عدم المنصوب من قِبَل الإمام فحينئذٍ يدلّ علی الوجوب التَّعيينى أيضاً، لكنّ هذا الاحتمال بعيد فى نفسه لمكان تقييد الوجوب المستفاد من الجواب بعدم الخوف، لأنّ الظاهر حينئذٍ أنّ الخوف إنّما يتحقّق فيما إذا أقاموا الجمعة بأنفسهم دون ما إذا أقامها المنصوب من قِبَل الإمام مع أنّ الخوف حاصل فى کِلا المقامَين.

هذا مضافاً إلی أنّ أصل المنصوب من قِبَل الإمام فى زمان التقيّة بعيد جدّاً.

الاحتمال الرابع: أن يكون المراد ب‍ «مَن يجمع بهم» هو المنصوب من قِبَل الإمام عليه السّلام، و المراد من «صلاة الظّهر» هى الإتيان بأربع ركعات، و يبعّده قوله «إذا لم يخافوا» لأنّه لا تقيّة فى صلاة الجماعة فى القرية‌ اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّ القرية لمكان قُربه من المدينة يجب علی أهل القرية عند العامّة السعى إلی المدينة و الحضور فى جمعتهم، فعقد الجماعة مخالف للتّقيّة و هو كما تری!

لكن يحتمل أن يكون فى القرية منصوب من قِبَل المخالفين، فعلي هذا يصحّ التقيّة، و بالجملة أنّك بالتأمّل الصّادق تعرف أنّ الاحتمال الأوّل أولی من جهاتٍ، فإذَن دلالة هذه الموثّقة فى الوجوب التعيينىّ أيضاً ظاهرة[47].

و أمّا ما فى رواية طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علىّ عليهم السّلام قال:

«لا جمعة إلاّ فى مصر تقام فيه الحدود[48]».

و كذا ما فى «المستدرك» عن الشيخ جعفر بن أحمد القمّى فى كتاب «العروس» عن الصادق، أنّه قال:

«لا جمعة إلاّ فى مصر تقام فيه الحدود[49]».

و عنه عليه السّلام أنّه قال:

«ليس علی أهل القری جماعة، و لا الخروج فى العيدين[50]»[51].

فهي مضافاً إلی ضعف سند الاُولی و الإرسال فى الثانية لا تقاوم المطلقات الكثيرة الدالّة علی الوجوب التعيينىّ مضافاً إلی قوّة صدورها تقيّة كما سيأتى الإشارة إليها، هذا مضافاً إلی ما فى «المستدرك» عن «الدعائم» عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنّّه قال:

«يجتمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فصاعداً، و إن كانوا أقلّ من خمسة لم يجتمعوا[52]». انتهی.

الدّال بإطلاقها علی الوجوب التّعيينىّ بمجرّد تحقّق الخمسة كما لا يخفی.[53]

الطائفة الخامسة من الرّوايات و الجواب عنها

الطائفة الخامسة: الرّوايات الّتى دلّت علی أنّ للإمام أن يأذَنَ للناس فى ترك الجمعة و الخروج إلی رحالهم و منازلهم فيما إذا اجتمع الجمعة و العيد، مثل خبر إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه:

«إنّ علىّ بن أبى طالب عليه السّلام كان يقول: إذا اجتمع عيدان للناس فى يوم واحد فإنّه ينبغى للإمام أن يقول للنّاس فى الخطبة الاُولی إنّه قد اجتمع لكم عيدان فأنا اُصلّيهما جميعاً، فمن كان مكانه قاصياً فأحَبَّ أن ينصرف فقد أذنتُ له[54]».

و مثل خبر سلمة عن أبى عبدالله عليه السّلام، قال:

«اجتمع عيدان علی عهد أميرالمؤمنين عليه السّلام. فقال: هذا يوم اجتمع فيه عيدان فمَن أحَبَّ أن يجمع معنا فليفعل و من لم يفعل فإنّ له رُخصةً‌. يعنى من كان متنحياً[55]».

و خبر الحلبى أنّه سأل أبا عبدالله عليه السّلام عن الفطر و الأضحی إذا اجتمعا فى يوم الجمعة فقال:

«اجتمعا فى زمان علىّ عليه السّلام، فقال: مَن شاء أن يأتى إلی الجمعة فَليأتِ، و مَن قعد فلا يضُرّه وليُصَلّ الظهر، و خطب خطبتَين جمع فيها خطبة العيد و خطبة الجمعة[56]».

و لا يخفی عدم إمكان الاستدلال بها علی المنصبيّة لأنّه يستفاد من الأخيرين أنّ صلاة الجمعة لمن حضر صلاة العيد ليست بواجبة.

و أمّا الخبر الأوّل الوارد فيه بلفظ «الإذن» فإنّه و إن كان ربّما يستشعر منه أنّ الإمام إن لم يأذَن لهم فى الترك فليس لهم الترك، إلاّ أنّه يستفاد بالتّأمّل أنّ المراد من الإذن هو بيان الرخصة الواقعيّة و الإباحة، كما يدلّ عليها الخبران الأخيران، هذا مضافاً إلی أنّه علی فرض دلالته علی كونه حقّاً للإمام يجوز له إسقاطه و عدم إسقاطه، نلتزم بكونه حقّاً لمطلق من يخطب لا خصوص المعصوم.[57]

هذا كلّه فى الطوائف من الرّوايات التى يمكن الاستدلال بها علی المنصبيّة.

دلیل من ذهب إلی عدم حرمة صلاة الجمعة و إجزائها عن الظهر

و أمّا من ذهب إلی عدم الحرمة بل إلی وجوبها و إجزائها عن الظُّهر مع وجود الفَقيه و إلی حرمتها مع عدم وجوده، ذهب إلی أنّ الفَقيه منصوب من قِبَل الإمام.

لیست الصلاة محصورة علی المسائل السیاسیّة فحسب (ت)

و فيه: عدم وفاء أدلّة النّيابة لمثل هذه الاُمور[58].

معني عدم افتراق المسائل الشّرعيّة عن السّياسيّة فى الإسلام (ت)

و القدر المتيقّن من هذه الأدلّة من التوقيع المبارك و خبر أبى خديجة و نظائرهما هو الافْتاء و القضاء.

و أمّا قوله عليه السّلام:

«مجارى الاُمور بِيَدِ العلماء[59]».

فلم يفهم منه إلاّ العلماء العاملين العارفين بالله الوسائط بينه و بين العباد و هم الذين نوّر الله قلوبهم بمعرفته بتجلّى الأنوار فى قلوبهم و انشرحت صدورهم للاكتساب من الفيوضات الرّبانيّة من العوالم النورانيّة كالأئمّة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين و من يتلو تلوهم كالأولیاء و هم الذين يقتفون أثرهم و يتّبعون أمرهم لا مطلق الفقهاء العارفين بمسائل الحرام و الحلال.

و ربّما يُستدلّ علی المنصبيّة بأنّ وجوب الجمعة بلا اشتراط الإمام أو المَنصوب الخاصّ أو العامّ كالفقهاء يوجب اختلال النظام و الهرج و المرج الشديد.

قال المحقّق فى محكىّ «المعتبر»:

«إنّ الاجتماع مظنّة النزاع و مثار الفتن، و الحِكمة موجبة لحسم مادّة النزاع و قطع نائرة الاختلاف و لن يستمرّ إلاّ مع السلطان[60]... إلی أن قال: لا يقال لو لزم ما ذكرتم لما انعقدت الجمعة ندباً مع عدمه، لانسحاب العلّة فى الموضعَين و قد أجزتم ذلك إذا امكنت الخطبة لأنّا نجيب بأنّ النّدب لا تتوفّر الدّواعى علی اعتماده فلا يحصل الاجتماع المستلزم للفتن إلاّ نادراً... إلی ءآخر ما ذكرَه.» [61].

و تبعه فى هذه الاستدلال العلاّمة و جماعة من المتأخِّرین، منهم العلاّمة الهمدانى و صاحب «الجواهر» قدّس الله سرّهم.

هل الاجتماع مظنّة النّزاع و مثار الفتن؟

و فيه: أوّلاً: أنّ الأخبار دلّت علی وجوب صلاة الجمعة عند عدم الخوف، فإذا يخاف من الفتنة لا تجب كما لا يخفی.

و ثانياً: أنّ ما ذكره يرد فى مسألة الخلافة، فعلی تماميّته لابدّ و أن يكون خلافة شخص معيّن من قِبَل الله تعالی ممتنعاً لإباء النّفوس عن الانقياد بالنسبة إليه.

و غير ذلك من الإشكالات الواردة علی هذا الاستدلال الذى جعلوه دليلاً عقليّاً للمنصبيّة كما يظهر بأدنی تأمّل، فالاعتماد علی هذه الوجوه للمنصبيّة فى قبال المطلقات و العمومات التى عرفتَ صراحتها فى الوجوب أشبه شىء باستدلالات العامّة المنحرفين عن جادّة الحقّ المنكرين للصّواب كما لا يخفی[62].


بسم الله الرّحمن الرّحيم

 

و استدلّ القائلون بالوجوب التخييرىّ علی وجوه:

الدّليل الأوّل للقائلين بالوجوب التخييرى الإطلاقات الواردة و الجواب عنها

الوجه الأوّل: ورود إطلاقاتٍ دالّةٍ علی وجوب صلاة الظُّهر أربع ركعاتٍ، و إطلاقاتٍ دالّةٍ علی وجوب صلاة الجمعة ركعتين و خطبتين، و حيث دلّ الإجماع القطعىّ علی عدم وجوبهما معاً فى ظهر يوم الجمعة فلابدّ و أن يُقيّد ظاهر كلّ منهما بنصّ الآخر فيستفاد منه التخيير، كما يُذهب إلی التخيير فى قوله عليه السّلام:

«إذا خفى الأذان فقصّر[63]» و قوله: «إذا خفيت الجدران فقصّر[64]»[65].

و غير ذلك من الموارد، و قد وجّه هذا المعني بعض أساتذتنا المحقّقين فى مجلس الدرس.

و فيه: أولاً: أنّ الرّوايات الدّالّة علی وجوب صلاة الجمعة تكون أخصّ مطلقاً بالنسبة إلی الإطلاقات الدالّة علی وجوب صلاة الظهر أربع ركعات، لأنّها مطلقة بالنسبة إلی يوم الجمعة و غيره، هذا و علی فرض وجود إطلاقاتٍ دالّةٍ علی وجوب أربع ركعات فى ظهر الجمعة فلا ريب فى وجوب حملها علی التسعة المستثناة من وجوب صلاة الجمعة[66]؛ أو علی ما إذا لم يجتمع الشرائط من العدد و الخطيب و غيرهما و ذلك لأنّ قوله عليه السّلام «صلاة الجمعة واجبة» لا يعذر النّاس فيها و قوله عليه السّلام:

«إنّ الله فرض خمساً و ثلاثين صلاة منها صلاة الجمعة[67]».

لابدّ و أن يؤتی بها فى جماعة إلی يوم القيامة نصّ فى كون صلاة الجمعة تعيينيّاً لا تخييريّاً، فهذا النَّحو من الجمع الّذى ذهب إليه مدّ ظلّه ممّا يأبي منه الذّوق العرفىّ فيخرج عن الجمع الدّلالى كما لا يخفی.

الدّلیل الثّانى للقائلین بالوجوب التخییرى روایة زرارة و الجواب عنها

الوجه الثّانى:

      
  
فهرست
10   المقدمة
  سبب منع الأئمّة علیهم السّلام إقامة الصلاة بشکل عامّ.
19   اعتقاد المصنّف قدّس سرّه بلزوم إيجاد الحكومة ‌الإسلاميّة
23   إرسال المصنِّف قدِّس سرّه رسائل إلی کثیر من العلماء و المراجع العظام
25   الکلام فى صلاة الجمعة یقع فى الجهتَین، السیاسیّة و الأخلاقیّة
26   الجهة الثانیة و هى الجهة الأخلاقیّة أهمّ من الاُولی..
28   اختصاص التصدّى لهذا المقام بخلفاء الله و أصفیائه
30   تصنیف المصنّف العلاّمة رضوان الله علیه سِفراً قیّماً فى مسألة ولایة الفقیه.
32   الأمور اللازم علي أئمة الجمعة.
33   المطالب الّتى یجب أن تکون الخطبة مشتملة علیها
36   الاُمور الّتى تجب علی خطباء الجمعة
39   إنّ الأصل فى صلاة الجمعة الوجوب العینى التعیینى..
41   الفصل الأوّل: فى الرّوایات الواردة فى صلاة الجمعة
45   الروایات الواردة فى صلاة الجمعة
57   الفصل الثّانى: أقوال الأصحاب حول مسألة صلاة الجمعة
60   إنّ ترک صلاة الجمعة مساوق لذهاب روح الإسلام و حقیقته
61   اختلاف العلماء فی هذه المسألة إلی أربعة أقوال
63   الفصل الثالث: فى أدلّة القول المختار
65   فى أدلّة القول المختار
67   الدّليل الأوّل من أدلّة القول المختار: الکتاب الشريف..
68   الإشکالات الواردة من جانب القائلين بعدم الوجوب و الجواب عنها
73   اختلاف الأصحاب فى قضيّة القيام بإيجاد الحکومة الإسلاميّة (ت)
76   الإشکالات الواردة من جانب القائلين بعدم الوجوب و الجواب عنها
83   کان رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم كالمرآة‌ بالنسبة‌ إلي تلؤلؤ أنوار الشّمس (ت)
84   فكلٌّ محلٌّ لتنزيل القرآن و تلقّيه (ت)
85   وجه فساد ما ذهب إلیه المحقِّق السبزوارى..
86   وجه فساد ما ذهب إلیه صاحب الحدائق (ره)
88   الدّليل الثّانى علي القول المختار: صحيحة زرارة
90   الدّليل الثالث علي القول المختار: موثّقة ابن بکير
92   الدّليل الرابع علي القول المختار: سائر الإطلاقات الواردة فى المقام
97   تقیید هذه الإطلاقات بصورة إقامة الإمام أو المنصوب من قبله مستهجن
101   الإشکالات الواردة من جانب المخالفين علي الأخذ بالإطلاق و جوابها
  المانع الأساسى فى ذهاب المشهور إلی عدم وجوبها التعيينى..
105   الجواب عن الإجماع المحصَّل المدّعَي..
106   وجود المخالفين من القدماء و المتأخِّرين ناقضٌ لإجماع المحصَّل و المنقول فى المقام
115   الجواب عن الإجماع المنقول المدّعي..
117   لا قيمة للإجماع بمقدار فَلسٍ فى المقام
119   الثالث من أدلّة القائلين بالوجوب التعيينى: الإجماع
123   الأضبط تفريق الرّوايات و تقسيمها إلي وجوه قبل النظر فى المسألة (ت)
125   الفصل الرّابع: فى الأدلة المشتركة بين القائلين بعدم وجوب صلوة الجمعة تعیینا
127   الدّليل الأوّل المشترک بينهم: الأصل
132   الدّليل الثّانى المشترک بينهم: الإجماع
132   الدّليل الثالث المشترک بينهم: السيرة
137   الدّليل الرابع المشترک بينهم: الروايات
142   استدلال القائلین بالحرمة بطوائف من الرّوایات
142   الطائفة الاُولی من الرّوايات و الجواب عنها
144   الطائفة الثّانیة من الرّوايات و الجواب عنها
146   الطائفة الثّالثة من الرّوايات و الجواب عنها
148   إنّ صاحب الدعائم من أجلاّء الإماميّة
151   کتاب الجعفریّات من الکتب المعتبرة المعوّل علیها عند الأصحاب
152   إنّ صاحب الجواهر ليس من الماهرين المتبحّرين فى فنّ الرجال
153   الإشکال فى سند الصحیفة السجّادیّة إنّما ناشئ من عدم الخبرویّة بالکتب و الرّواة
155   إنّ «الصحيفة» ممّا لا ريب فيه و لا يبعد دعوي تواترها
  الطائفة الرّابعة من الرّوايات و الجواب عنها
157   >>الاحتمالات الأربعة فى موثّقة ابن بکیر
160   الطائفة الخامسة من الرّوايات و الجواب عنها
161   دلیل من ذهب إلی عدم حرمة صلاة الجمعة و إجزائها عن الظهر
162   لیست الصلاة محصورة علی المسائل السیاسیّة فحسب (ت)
162   معني عدم افتراق المسائل الشّرعيّة عن السّياسيّة فى الإسلام (ت)
164   هل الاجتماع مظنّة النّزاع و مثار الفتن؟
165   الفصل الخامس: فى أدلّة القائلین بالوجوب التخییرى
165   في ادلة القائلين بالوجوب التخييري
167   الدّليل الأوّل للقائلين بالوجوب التخييرى الإطلاقات الواردة و الجواب عنها
168   الدّلیل الثّانى للقائلین بالوجوب التخییرى روایة زرارة و الجواب عنها
170   کیفیّة التقیّة فى زمن الصادقَین علیهما السّلام
172   المحصّل من جميع ما ورد فى الباب (ت)
175   خاتمة: فى شرائط الجمعة
  من الشرائط: أن لا يكون هناك جمعة اُخری..
180   حکم انعقاد الجمعَتين المقارنتَین بأقلّ من ثلاثة أمیال
184   صور المسألة فى ما اتّفق تقارن الجمعَتين بأقلّ من ثلاثة أميال
187   فيمن تجب عليه الجمعة
188   کیفیّة الجمع بین الرّوایات الموجودة
190   هل العَرَج أيضاً عذرٌ مانع أم لا؟
190   قال أبوعبد الله عليه السّلام: لا بأس بأن تدع الجمعة فى المطر
192   هل توجد الملازمة بین وجوب الجمعة و بین الإتمام
193   النکتة الأساسيّة لبناء هذه الرسالة (ت)

کلیه حقوق در انحصارپرتال متقین میباشد. استفاده از مطالب با ذکر منبع بلامانع است

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی