معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
المقالات و المحاضرات > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1434 هـ ق > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1434 هـ ـ الجلسة 14: ضرورة الثبات على الطريق وعدم التخلّي عن الطلب.

_______________________________________________________________

هو العليم

شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1434 هـ

المحاضرة الرابعة عشر:
ضرورة الثبات على الطريق وعدم التخلّي عن الطلب

ألقيت هذه المحاضرة في الثامن والعشرين من شهر رمضان المبارك لعام 1434 هـ

ألقاها:
سماحة آية اللـه السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني
حفظه اللـه

 

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بِسمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحيم
و صلَّى اللهُ عَلَى سيّدنا ونَبِيّنا أبي القاسِمِ مُحمّد
اللهمّ صلّ على مُحمّد وآل مُحمّد
و عَلَى آله الطّيّبين الطّاهِرينَ واللّعنة عَلَى أعدائِهِم أجمَعينَ

عظُم يا سيّدي أملي وساء عملي فأعطني من عفوك بمقدار أملي ولا تؤاخذني بأسوء عملي؛ فإنٌّ کرَمَك يجلّ عن مجازاة المذنبين وحلمك يكُبر عن مكافات المقصِّرين.[1]
(يقول الإمام: إلهي أنا متوّجه في طلبي إليك؛ وعلاوة على طلبي غفران ذنوبي، فأنا أطلب منك أمرًا آخرًا.. يقول المرحوم العلاّمة في هذا المجال: ما دام الله هو المُعطي، فلماذا نطلب منه القليل؟ لماذا لا نطلب أكثر؟! فالله يُعطي العفو والمغفرة، ويزيد على ذلك من كرمه؛ وهذا أمر رائع! فلا بدّ من وجود فارق بين الله وغيره. نعم، لا بدّ من وجود فارق ضئيل!!! ترى الشخص يُطعِم المقابل العسل بيده، فيقوم هذا بعضّ اليد التي تُطعمه؛ فلا بدّ إذًا من وجود فارق بين هذا الإنسان الذي خلقه الله وبين مقام العِزّ الربوبي الذي هو أهل العفو والعطاء والرحمة ومانح المزيد.
ولا تؤاخذني بأسوأ عملي.. لا تنظر إلى عملي غير اللائق وغُضّ الطرف عنه؛ لأنّ كرمك أعظم وأجلّ من أن يُعاقب العاصين، وحلمك أعلى من أن يكافئ المقصّرين.
حسنًا، لقد استعرضت للأخلاّء وبمقدار فهمي الناقص مواضيعًا تتعلق بهذه الفقرات من الدعاء؛ وقلت بأنَّ الإمام السجّاد يبيّن في دعاء أبي حمزة ـ وليس في هذه الفقرات منه فقط ـ كيف يجب أن تكون رؤية الإنسان لعالم الوجود ومبدئه.

    

عدم المراقبة والاتّصال بالوليّ تُفضي لحصول تغيير تدريجي في الإنسان من دون أن يشعر

وأريد هنا أن أعرّج ـ استطرادًا ـ على موضوع آخر يتعلّق بالحديث الذي دار في شهر رمضان، حيث لم تبق لنا سوى ليلة أو ليلتين نكون فيها ـ لو أراد الله تعالى ـ في خدمة الأخلاّء؛ فقد شارف شهر رمضان على الانتهاء، ولم يبق لنا منه سوى التفكّر بكلمات الإمام السجّاد هذه؛ ونحن نشعر بالحسرة لمفارقة هذا الشهر الكريم. كنّا قادمين من مكان ما، فقلت لأحد الأصدقاء: كم كان جميلاً أن يتكرّر علينا شهر رمضان، كأن يُعاد بعد شهر مثلاً؛ فكم هو قليل أن يكون شهرًا واحدًا كلّ عام! حيث سيعود الإنسان مجدّدًا لممارسة حياته اليوميّة من الأكل والشرب والنوم والعلاقات الظاهريّة المعتادة؛ فالمراقبة ستقلّ بالطبع، وستأخذ العلاقات طابعًا آخر؛ ويبقى أنَّه على الإنسان أن يسعى للحفاظ على هذا الحال.
لقد كان العظماء كالمرحوم العلاّمة والسيِّد الحداد يقولون: عليك استصحاب الحال الذي اكتسبته في شهر رمضان معك، ولا تدعه ينتهي بانتهاء شهر رمضان فتقوم بتوديعه حتّى العام القادم؛ فمن غير المعلوم فيما إذا كان التوفيق سيكون حليفك لإدراكه مرة أخرى؛ فدع هذا الحال يستمر. فمن المعلوم أنّ حال الإنسان ـ شاء أم أبى ـ يتغيّر في شهر رمضان، كما أنّ حاله سيتغيّر وبدون شكّ بعد انتهاء الشهر؛ غير أنَّ الإنسان يستطيع من خلال المراقبة أن يحافظ على هذا الحال الذي اكتسبه أكبر وقت ممكن، ولا يدعه يُفقد بسرعة؛ فهذا الحال لا يرحل مرّة واحدة، بل يحصل الرحيل تدريجيًّا؛ وهكذا هو حال الإنسان بصورة عامّة، حيث يحصل التغيير فيه تدريجيًّا.
في أحد الأيّام، كان المرحوم العلاّمة يتكلّم حول هذا الموضوع، وكان يقول بأنَّه من اللازم على من يتصدّى لمنصب سياسي من أن يكون على اتّصال مباشر بمقام الولاية، وإلاّ فإنَّه سيتغيّر وبلا شكّ شاء ذلك أم أبى، ثمّ يضرب مثالاً على ذلك فيقول: لا تعتقد بأنَّ هذا التغيير يحصل بين ليلة وضحاها؛ ففي بادئ الأمر تكون للإنسان رؤى ومواقف خاصّةً تجاه بعض الأمور، وتكون هذه الرؤى والمواقف ـ التي تعتمد على أفكاره ـ ناشئةً من الصفات والملكات والخصائص الباطنيّة له.
هل تتذكّرون كم كنت أؤكّد عليكم في ليالي شهر رمضان كيف أنَّ أفكار الإنسان وتصرّفاته تصبح تابعة لصفاته الباطنيّة؟
إنَّ التغيّر الحاصل في حال الإنسان يلقي بآثاره على قواه العقليّة؛ فإذا ما كانت رؤيته لقضيّة ما بشكل معيّن هذا اليوم، تجد بأنّ رؤيته هذه قد تغيَّرت بعد مضيّ شهر من الزمان، في الوقت الذي لم يحصل فيه أيّ تغيير في مقدار معلوماته؛ فلم يتمّ خلال هذا الزمان إضافة أيّ شيء لمعلوماته ولو بمقدار رأس الإبرة؛ فلم يقرأ كتابًا أو صحيفةً، أو يستمع إلى شيءٍ يساعده على تحسين معلوماته خلال هذه المدّة، ولم يطرأ على معلومات هذا الشخص أيّ شيء جديد؛ فلماذا حصل له ذلك؟ فلم يتعرّض هذا الشخص لحادث يجعله يتغيَّر بهذا الشكل؛ فطبيعة الحال تقتضي أن يسمع الإنسان أو يقرأ شيئًا ما لكي تتغيَّر آراؤه، وإلاّ فإنَّ ذلك لن يحصل عن قضاء وقدر!
يحصل أن يكون لشخص ما موقفًا صلبًا تجاه قضيّة معينة، وبعد مرور فترة من الزمان يُلاحَظ بأنَّ موقفه قد تغيَّر ولم يعد يُعطي القضيّة ذلك الاهتمام بدون أن يكون ذلك ناشئًا عن حصول تغيير في معلوماته؛ فما السبب في ذلك؟ إنَّ السبب يعود إلى أنّ تغييرًا ما قد حصل في الداخل؛ فلم يحصل أيّ تغيير في الرأس، بل إنَّ التغيير يحصل في القلب فينعكس على الرأس، فيعمل هذا التغيير على الشدّ في المواقف أو التراخي فيها؛ ولذا لا ينبغي للإنسان أن يدع أيّ تغيير يحصل على قلبه. إنَّ لحال الإنسان وخصوصيّاته النفسية تأثيراً مباشراً في هذا الموضوع؛ ولهذا يجري التأكيد على اختيار الرفيق الصالح.. لماذا؟ لأنَّ الرفيق غير الصالح يعمل على التلاعب بالقلب، فيتغيَّر نتيجة لذلك نمط تفكير الإنسان شاء أم أبى.
كان المرحوم العلاّمة يقول: إنَّ هذا الأمر لا يحدث بصورة دفعيّة؛ ففي بداية الأمر، يكون للإنسان حال خاصّ وتكون له مجموعة من التصوّرات والأحكام والأفكار الخاصّة بالنسبة لما يدور حوله من أحداث، كما يكون له نمط خاصّ من التصرّف، فتجده يراعي أعلى درجات الدقّة والإتقان في المواضيع التي يطرحها، ولكن ما إن يمضي على ذلك شهر إلاّ وتراه ينفعل عندما تُذكر أمامه بعض تلك المواضيع التي كان يتبنّاها في ذلك الوقت.
ـ أنا لم أذكر شيئًا جديدًا! وأنت بنفسك كنت تتحدّث عن هذا الأمر قبل شهر من الزمان، فلماذا تنفعل ويحمرّ وجهك؟!
إنَّ السبب في ذلك هو ما حصل من تغيير في القلب، ولكنَّه لم يشعر بأنَّه يتغيَّر شيئًا فشيئًا، كما أنّ جميع الناس يقولون بعدم حصول أيّ تغيير فيهم؛ فلو سألت أيًّا منهم، لقال لك: لا يا عزيزي، فأنا حريص على نفسي، ومراقب لأحوالي؛ فهل يمكن أن يحصل لي تغيير في مواقفي؟! إنَّ المسكين لا يعلم بما يحصل له!
ثم يستمر المرحوم العلاّمة بالكلام، ويضرب مثلاً بنموّ الظفر، فيقول: هل تشعر بالنمو المستمرّ لهذا الظفر؟ لا، نحن لا نشعر به! ففي هذا الوقت الذي تستمعون فيه لكلامي، فإنَّ أظفاركم تنمو بشكل مستمرّ؛ أليس الأمر كذلك؟ نعم، فالأمر لا يحصل بشكل دفعي! وذلك بأن تُقلِّم أظافرك الآن، فتبقى على حالها هكذا، ثمّ وبعد مُضيّ أسبوع على ذلك تجد بأنَّ ظفرك قد نما بمقدار مليمتر مرة واحدة، على غرار حركة رقّاص الساعة الذي يتقدّم بحركة دفعيّة في رأس كلّ ثانية.. كلاّ! ففي كل ثانية تمرّ، ينمو الظفر بمقدار لا نستطيع إدراكه، حتّى إذا ما مضى يومين أو ثلاثة على ذلك، يُلاحظ الإنسان بأنَّ ظفره قد نما؛ فهل حصل هذا النموّ عندما كان الإنسان نائمًا أم يقظًا؟ والجواب على ذلك: أنَّه كان ينمو في كلتا الحالتين.. إنَّه ينمو بشكل بطيء ومستمرّ، بحيث لا تستطيع أن تشعر بهذا النموّ مهما حاولت ذلك، ولكنَّك إذا حاولت أن تسحب هذا الظفر لكي ينمو أبكر، تجد أنّ ذلك يُسبب لك الألم.
لقد كنَّا في السابق نسمع بحصول حالات من التعذيب بقلع أظافر السجناء في عصر الشاه.. هذا ما كانوا ينقلونه عمّا كان يحصل في ذلك الوقت، غير أنّني لا أدري ما الذي كان يحصل بالضبط! فهذا ما يُنقل عن ذلك الزمان، حيث كانوا يقلعون أظافر السجناء، فكان صراخهم يتصاعد؛ فلو قيل لذلك السجين بأنَّ هذه المسألة تحصل لك في كلّ لحظة، فلماذا لم تصرخ إذن؟!! فسيكون جوابه: إنَّ ذلك يحصل في كلّ آن بشكل تدريجي، وأنت تسحبه الآن مرّة واحدة؛ فلا بدّ أن يُرافق ذلك السحب السريع الألم وحصول جرح ونزف للدم؛ فالظفر ملتصق باللحم الذي تحته، فإذا ما تمّ سحبه دفعة واحدة، فإنّه سيؤدي إلى انفصاله عن اللحم وحصول النزف، أمّا في الحالة الطبيعيّة، فخلايا الظفر تنفصل عن الخلايا التي تحتها، لتلتصق بالخلايا التي تليها بشكل انسيابي وبدون أن يشعر الإنسان بذلك.
ثم قال المرحوم العلاّمة: وهكذا يحصل التغيير في حال الإنسان، ما لم يكن ذلك الشخص مرتبطًا بصورة مباشرة بالوليّ.
حسنًا، لنكتف بهذا القدر، ولننتقل للحديث عن مسائل أخرى!

    

ضرورة المحافظة على الحالات التي اكتسبها الإنسان في شهر رمضان

فعلى الإنسان أن يكون مراقبًا لحاله، وعليه أن يسعى على المحافظة على هذا الحال بعد انتهاء الشهر، لا أن يقول بأنَّه ما دام شهر رمضان قد انتهى، لذا فإنَّني أستطيع الآن أن آكل كلّ ما أشتهي وأتكلّم مع من أشاء، وأعمل ما يحلو لي؛ فذلك سيؤديّ إلى فقدان تلك الآثار التي ترتّبت على الصيام، بل على الإنسان أن يُحافظ على ذلك السكوت والهدوء الذي كان عليه في شهر رمضان، ويستمرّ في برنامجه الذي كان يسير بموجبه في تقليل ارتباطه بالآخرين، وفي تقليل كمية الطعام الذي يتناوله ـ لا أقول عليه الاستمرار في الصيام، بل عليه ألاّ يأكل كلّ ما يراه ـ ، وفي السيطرة على الخواطر وما يرد على الذهن من أمور، بحيث ينبغي عليه العمل بنفس الأسلوب الذي كان يعمل به في شهر رمضان، وأن يسمح لتلك الحالات لكي تبقى قليلاً، وأن يسعى لإدامة سيره بتلك الطريقة التي كان عليها؛ وكما كان المرحوم العلاّمة يقول: علينا ألاّ نُعجِّل بإخراج هذا الضيف الذي حلَّ على قلوبنا، بل علينا أن نفسح له المجال ونُبقيه أكثر.
حسنًا، لقد انتهى شهر رمضان وقلوبنا تملؤها الحسرة؛ لأنَّنا نودّع هذا الشهر وأيدينا خالية، فلم نكسب شيئًا سوى هذه المجالس التي أمضيناها في هذه الليالي في الحديث إلى الأخلاّء حول هذه الفقرات من الدعاء، وفي طرح معاناتنا وما يدور في خلدنا.
لقد قلت لأحدهم: أتعلم أنّ سروري في هذه الليالي يتمثّل في جلوسي بين الأخلاّء والمزاح معهم، حيث أطرح عليهم بعض الكلمات وأسمع منهم بعض الكلمات، ولا أريد شيئًا من هذه الدنيا سوى معاشرة هؤلاء الأصدقاء والجلوس معهم.
لقد قمنا بعرض بعض المسائل للأخلاّء خلال هذه الفترة، ولعلّها تسبّبت بإيجاد شبهات للبعض؛ فإذا ما كان لدى البعض إبهام أو اعتراض على بعض ما تمّ طرحه، فأرجو منهم إعلامي بذلك لكي أقوم بتوضيحه ـ إن شاء الله ـ خلال الليلة أو الليلتين القادمتين. ولقد نبّهني بعض الأصدقاء إلى بعض الأمور فعلاً، ولقد كانت ملاحظات جيّدة سأقوم بالتحدّث عنها إن شاء الله؛ فإذا ما كان لدى أحدكم أمرًا آخرًا فليطرحه، ولا يدعه طيّ الكتمان.

    

مناجاة الإمام عليه السلام مع الله هي مناجاةٌ لجميع الوجود معه تعالى

حسنًا، كما ذكرنا سابقًا، يقول الإمام السجّاد عليه السلام في هذه الفقرات: عظم يا سيدي أملي، ويجب أن يكون ذلك مطلبنا نحن أيضًا؛ فعندما يُناجي الإمام عليه السلام الله، فهو في مقام التحدِّث بلسان جميع الخلائق... إنَّ هذا التعبير هو تعبير خاطئ وغير قادر على إيصال المطلوب، بل يجب القول بأنَّ جميع الخلائق تتحدّث في داخل وجود الإمام، فيخرج كلامهم عن طريق لسانه؛ فهو عندما يُناجي الله، لا تكون مناجاته نيابة عن بقيّة الأشخاص؛ كالشخص الذي يعطي وكالة لآخر ويقول له: إذا ذهبت إلى الله، فلا تنساني {اذْكُرْني‏ عِنْدَ رَبِّكَ}[2]، أو كالذي قال لموسى عليه السلام: إذا ذهبت للمناجاة في جبل الطور، فاذكرني عند الله؛ فكل تلك الحالات تكون ذات طبيعة نيابيّة وتوكيليّة.
فعندما يُناجي الإمام الله، فكأنَّما كلّ حقيقة الوجود تكون في مناجاة مع الله، وكلّ نظام الوجود يتكلّم مع الله، وجميع النفوس تتكلّم مع الله من خلال نافذة الإمام؛ فهكذا مقام ليس هو مقام النيابة، بل هو عبارة عن تلك الحقيقة التي انطوت كلُّ حقيقة العالم تحت جناحها، والتي تُنطق جميع المخلوقات في مقام التخاطب مع الله؛ لا أن يكون ذلك الصوت منطلقًا من ذلك الجمع، بل تلك الحقيقة هي التي تُنطِق الجميع وتجعلهم يتكلّمون ويعرضون حوائجهم على الله في حال القيام والركوع والسجود.. هذا هو مقام الإمام عليه السلام، أي أنّ مثل هذه الحقيقة تتشكلّ في وجود الإمام.
عندما سمع أمير المؤمنين بأنَّ جماعة من جيش معاوية قد أغاروا على قرية من البلاد الواقعة تحت سلطته والمحادَّة لبلاد الشام، وانتزعوا خلخالاً من رجل امرأة يهوديّة، صعد المنبر وتكلّم وكأنَّ الخلخال قد انتزع من رجله! فهو يرى بأنَّه هو الذي تعرَّض لهذا الاعتداء والظلم، وهو يحسّ بحرقة قلب المرأة اليهوديّة في نفسه.. إنَّه يرى ذلك حقيقةً، فهو لا يقوم بالتمثيل؛ لأنَّ ذلك من شأننا نحن! هل رأيتم بعض الخطباء ـ أنا أسمع ذلك عندما أسير في الشارع حيث تُبثُ التسجيلات الخاصّة ببعض الخطباء ـ فتسمعه يبكي وكأنَّه قد فقد ابنه، وبعد لحظات يتغيّر لحن خطابه ويبدأ بالضحك! فأين ذلك البكاء من هذا الضحك، يا هذا؟! كلّ ذلك من باب التمثيل، نعم، هذا هو نوع آخر من الأفلام! فهذا ما يُشاهد في تمثيل الأفلام، فتتعجّب عندما ترى بكاء الممثّل وتقول: من أين جاء بهذا البكاء؟! وبعد لحظات تراه يضحك! فتراه يقوم بتغيير ملامح وجهه لحظة بلحظة؛ فمرّة يعبس في وجه هذا، ومرّة يُهدّد الآخر، وهكذا، وأمّا الإمام، فلا يفعل ذلك، بل هو يشعر حقيقةً بوقوع هذا الظلم عليه؛ وعندما يُدوّي بصوته، فإنَّ ذلك نابع من أعماق قلبه، وأمّا نحن ـ وأقصد بذلك أنا وأمثالي ـ ، فنحن نقوم بتمثيل الأدوار، فترانا نطرق برؤوسنا إظهارًا للأسف، لكنّ ذلك كلّه من باب التمثيل. نعم، هنالك شخص واحد فقط متحقّق بالحقّ، غير أنّه غائب عن الأبصار.
و كذلك الحال عندما يحصل سرور لشخص ما، فإنّ الإمام يرى ذلك السرور والانشراح في نفسه، ويصير مسرورًا بدلاً عنه! ومن ناحية أخرى، فإنّ الإمام مُشرف على الملك والملكوت؛ إذن علينا أن نُدرك حجم المعاناة التي يُقاسيها، ففي كلّ لحظة يحصل تغيير في وجوده وبعدد جميع الخلائق!

    

كيفيّة ارتباط الإمام عليه السلام بعالم الوجود

لقد كنت أتكلّم عن هذا الموضوع في مكان ما، ولا أتذكّر الآن في أيّة مناسبة ذكرته، فحالي لم يكن مساعدًا لحضور المجلس في هذه الليلة، لكنَّني قرّرت المشاركة وقلت مع نفسي: فلنتوكّل على الله، فبالاستمداد من نَفَس الأخلاّء سأتمكّن من مواصلة الحديث إن شاء الله. كنت حينها أقول: لو كان لأحدكم ابنًا، ومَرِض هذا الابن، فكيف سيكون حاله عندها؟ هل يستطيع أن ينام تلك الليلة؟ سيكون الأمر شاقًا عليه، ولن يستطيع النوم حتّى الصباح، بينما تنام زوجته من دون أن تُبالي.
كان أحدهم يقول: وهل يُفترض أن يكون الإمام ـ مع هذا الحال الذي هو عليه ـ أسوةً لنا؟ كلاّ، إنَّ ذلك مختصّ به، فهو قد وصل إلى هذا المقام!
قلت له: اذهب لحال سبيلك، فأنت لم تعرف حقيقة الإمام، بل أنت تتصوَّر بأنَّ للإمام نفس هذا المستوى من الإدراك الذي أنت عليه.
ثمّ قلت له: كم لك من الرفقاء في هذا المجلس ـ حيث كنَّا نحضر أحد المجالس ـ؟
قال: خمسة عشر شخصًا.
قلت له: هل حصل مرّة أن سألت أحدهم فيما إذا كان يُعاني من مرض أو قرض أو ابتلاء؟
قال: لا.
قلت له: اسمع إذًا، لو مرض أحد الأطفال، لما نام الأب والأم إلى الصباح؛ فقد ينام الطفل، لكنّ الأب والأم لا يستطيعان النوم، حيث ينتقل مرض الطفل إليهما، فيُسلب منهما النوم والاستراحة ويتوقّفان عن ممارسة حياتهما اليومية؛ وكذلك الحال فيما لو حصلت للابن مشكلة من قبيل القرض، أو أُلقي به في السجن، فلا يذوق الأب طعم الراحة ويبقى ذهنه مشغول بابنه، ويبقى يتساءل مع نفسه: ما الذي سيفعلونه بابني؟ وبأيّ حكم سيُحكم عليه؟ فيبقى ذهن الأب طيلة هذه الليالي مشغولاً بهذا الأمر، ولا يستطيع التخلّص منه. فإذا ما كان لهذا الأب ابنان، فستتضاعف عندها مشاكل هذا الأب وقلقه وانشغال باله وهمومه الباطنيّة، وإذا ما كان عدد الأولاد ثلاثة، فستتضاعف المعاناة بثلاثة أضعاف؛ فلا تنخفض المعاناة بتعدّد أسبابها ـ فقد يُقال بأنّ القدرة ستتوزّع في هذه الحالة على ثلاثة أشخاص ـ ، بل ستتضاعف تلك المعاناة بعدد الأسباب الموجبة لها. بناءً على هذا، تستطيع أن تتعرّف على حجم معاناة إمام الزمان! فجميع عالم الوجود بمثابة أبنائه؛ فكم ستكون معاناته إذًا؟
هذا مورد واحد من الموارد التي أستطيع أن أبوح بها، وأمّا الموارد الأخرى، فلا أستطيع أن أذكرها؛ فهل تظنّ بأنَّ الإمام ما دام غائبًا عن الأنظار، فوظيفته تقتصر على الدعاء بتعجيل الفرج؟! إنَّ شعور إمام الزمان بكافّة المصائب والظلم الذي يقع على الأمّة، وعلى كافّة الناس فردًا فردًا في جميع أنحاء العالم، هو نفس ذلك الشعور الذي ذكره أمير المؤمنين من على المنبر فيما يتعلق بتلك المرأة اليهوديّة، حيث قال «فلو أنّ امرءً مسلمًا مات من بعدها أسفًا ما كان عندي ملومًا»[3]. إنّ إمام الزمان هو نفس أمير المؤمنين في هذا العصر، فأمير المؤمنين كان مرتبطًا بذلك العصر، وإمام الزمان هو عين أمير المؤمنين الموجود في هذا العصر الواقع بعد أربعة عشر قرنًا؛ فعليّ الزمان شخص واحد، ولا يوجد لدينا عشرة من أمثال علي، بل هي بذرة واحدة! فقد كان هنالك عليّ: وهو الإمام الأول، وعليّ: الإمام السجّاد عليه السلام، وعليّ الثالث: الإمام الرضا عليه السلام، وعليّ الرابع: الإمام الهادي عليه السلام، وعليّ الخامس: إمام الزمان عليه السلام، غير أنّ اسمه نفس اسم رسول الله؛ فإذا كان لعليّ في هذا الزمان وجود، فهو يتمثّل في شخص واحد؛ وإذا ما كان للحسين في هذا الزمان وجود، فيوجد حسين واحد، فلا وجود لحسينين أو عشرة، بل هنالك حسين استشهد في يوم عاشوراء، ويوجد الآن حسين في هذا العصر وهو إمام الزمان؛ ولا غير، وأمّا سوى ذلك، فهو من باب الخرافات والأباطيل والتوهّمات!
يجب أن يكون لدى الإنسان غيرة تجاه دينه؛ فلو كانت غيرتنا تجاه إمام زماننا بمقدار عشرة بالمائة أو حتّى واحد بالمائة من تلك الغيرة التي نشعر بها تجاه شرفنا، لما وصل بنا الأمر إلى هذا الحدّ؛ هذا مع أنّ إمام الزمان هو شرف عالم الخلق، وهو شرف الله! فشرفنا هو إمام الزمان، أمّا بقية الأمور الظاهرية والعاديّة فلا تُعدُّ شيئًا بالنسبة لهذا الأمر.
يبدو أنَّ أولئك المدَّعين بأنَّهم من أتباع مدرسة المرحوم العلاّمة ومبادئه قد نسوا بأنَّه خصَّص الجزء الثامن عشر من كتاب معرفة الإمام للحديث عن عدم جواز إطلاق لقب الإمام على غير المعصوم! لقد تلاعبوا بمدرسة المرحوم العلاّمة وحوَّلوها إلى مسرحية وفِلم! فليس لدينا من الغيرة تجاه إمام زماننا عُشر أو واحد من العشرين من تلك الغيرة التي نُظهرها تجاه الشخص الذي يحاول التجاوز على شرفنا، والتي تصل إلى حد بقر بطن ذلك الشخص، ومتابعة الموضوع في المحاكم ومؤاخذة ذلك الشخص على ما نطق به وعدم التهاون بالموضوع.
وكأنّه لا إمام لدينا، أو كأنَّنا نجهل خصوصيَّاته والآثار واللوازم المترتّبة على إمامته! ولا نعلم بأنّه من اللازم علينا التمسّك به، وصرف أذهاننا عن التفكير في غيره، وجعلها متمركزة حوله.. للأسف، فإنَّ هذا الكلام أصبح لدى البعض بمثابة القصّة والأسطورة؛ فهم يضحكون على من يتفوّه به!

    

عدم الوصول للهدف أثناء السلوك لا يدلّ على عدم صحّة الطريق

يقول الإمام السجاد: إلهي لا تسلب منّي هذا الأمل العظيم الذي يحدوني، فأعطني من عفوك بمقدار أملي، ولا تقل[يا إلهي]: بما أنّ عملك أيها العبد لا ينسجم مع هذا الهدف، فسأعمل بدوري على تغييرك وتبديل فكرك والحطّ من توقّعاتك وسلب هذه النية منك!
فعندما يلتحق الإنسان بمدرسة ما، وتمضي عليه سنوات دون أن يتحقّق له ما كان يرجوه، يبدأ الشيطان بالوسوسة له فيقول: انصرف عن هذه المدرسة واستمرّ بالحياة على النحو الذي كنت عليه، فها قد مضت عليك سنوات وأنت على حالك! لقد كنتُ أسمع نظير ذلك في عهد المرحوم العلاّمة، وذلك بسبب عدم نضج أفكار الأشخاص وعدم وضوح الهدف بالنسبة لهم، فتكون حركة البعض منهم مبنيّة على تخيّلات ينسجها ذهنه؛ فتراه يقول: لقد التحقت بهذه المدرسة لكي أصِلَ إلى الله! انظروا إلى هذا النمط من الناس، فهذا الشخص الذي لا يستطيع إصلاح إطار سيارته، ولا يستطيع التمييز بين الله والخيار، يقول: جئت إلى هنا لكي أصل إلى الله! ما السبب في ذلك؟ إن مجيء هكذا أشخاص مبنيّ على أساس من الوهم، فيقضي في هذه المدرسة مدّة من الزمن، ويستقرّ في مستوى معيّن. إنَّ هؤلاء الأشخاص يتجمّدون في تلك الدرجات الدنيا ولا يستطيعون الترقّي عنها، حيث يحذّرنا الإمام السجّاد ويقول: إياك أن تتجمّد، وإياك أن تكسل، وإياك أن تتخلّى عن هدفك، وإياك أن تيأس لعدم حصول ما كنت تتوقّعه بعد مرور عدّة سنوات، وتقول: تكفيني الجنة التي سأدخلها إن شاء الله، و: ليس من المعلوم أن يكون وراء ذلك شيء آخر.. ألا يقولون ذلك الآن؟ ألم يقل الكثير من هؤلاء السادة هذا الشيء؟
ألم يقولوا: ما هو الدليل الذي يبني عليه العرفاء أقوالهم؟ ويتجاسر البعض ليقولوا أكثر من ذلك، فيقولون: (إنَّ ما يذكره العرفاء هو توهّم ليس إلاّ، فقد كان فلان من الناس ينتهج هذا النهج، وانتهى به الأمر إلى الجنون)، فيعملوا على تغيير مجرى الكلام باتّجاه عالم "الهبروت"، والحديث عن الأشخاص المصابين بالجنون وضعف الأعصاب وغير ذلك, وهم غير عارفين بأصل الموضوع.
لقد ذهبت يومًا بصحبة شخصين أو ثلاثة لزيارة أحدهم ـ وقد وافاه الأجل رحمة الله عليه ـ ، فكان سنّه بحدود الخمس وثمانين سنة، وكان قد ذهب للاصطياف في مكان ما ـ لا أرغب في الخوض بالتفاصيل ـ، فوجدنا لديه شخصًا كان قد جاء من طهران لأمر خاصّ، وبعد انتهاء مهمّته، سأله سؤالاً عقائديًّا وليس فقهيًا، فكان جوابه بالشكل الذي جعل مرافقيّ يضحكان، فتجهمّت في وجهيهما إشارة إلى السكوت وضرورة مراعاة الموقف، كما أنّه كان بدوره مطأطئًا برأسه إلى الأسفل، وبعد انصراف ذلك الشخص، بدآ بالحديث معه حول ذلك الموضوع، فاكتشفنا أنّ فهمه للمعارف ـ مع كون عمره بحدود خمسة وثمانين عامًا ـ لم يكن ليتجاوز فهم شابّ له من العمر ثمانية عشر عامًا!
لقد كان فهمه بالمستوى الذي أشار إليه الشاعر في قوله:
از آن چرخه كه گرداند زن پير
                             قياس چرخ گردنده از آن گير[4]
(يقول: فقس دوران الفلك الدوار بالمغزل الذي تدوّره المرأة العجوز‏)[5]


لقد كان يقول: كلّ بناء يحتاج إلى بنّاء، فهذا العالم يحتاج إلى بنّاءٍ أيضًا. قلت: إلى هذا الحدّ فقط؟ ألا يحتاج إلى معمارٍ أيضًا؟ وماذا عن العمّال يا حاجّ؟ فرأى أنَّنا نتحرّش به، فطأطأ برأسه إلى الأرض، فقلت له: ألم يكن الأجدر تخصيص مقدار من الوقت للبحث حول هذه المباني والمبادئ الأساسيّة، بدلاً من كلّ هذا التوغّل في الفروع؟ لقد قلت ما لديّ، فنحن طلبة الحوزة نتّسم بنوع من الجسارة!
لو سألت شابًا بعمر سبعة عشر عامًا عن المعارف والأصول وعن الأسماء والصفات الجماليّة والجلاليّة، وقمت بتسجيل كلامه لِترى كم يستطيع أن يتحدّث إليك في ظرف نصف ساعة عن هذه المواضيع، ثمّ لو قارنت هذا الكلام مع ما كان يتحدّث به ذلك الشخص، لربّما وجدت ما تكلّم به الشاب أفضل منه! سيرحل هذا الشخص إلى العالم الآخر بهذا المستوى من الفهم، حيث لا يفهم من ذلك العالم سوى أنَّ فيه البرتقال والتفاح والخوخ والكُمّثرى، مع هذا الفارق وهو أنَّ حجم ثمرة الكُمّثرى والبرتقال هناك بحجم البطيخ، فلا بدّ وأن يكون بطيخ ذلك العالم بحجم الغرفة!!! أنا لا أمزح، هو كان يقول ذلك، حيث كان يقول: إنَّ حجم ثمرة الكُمثرى هناك كبير جدًا، فقلت له: كم حجمها مثلاً؟ فأنا أريد أن أعرف لكي أستعدّ لذلك، فلا أتناول وجبة الفطور!! وخلاصة القول أنّه كان مجلسًا ممتعًا يتخلّله المزاح والفكاهة.
يقول الإمام السجّاد: لا تكن هكذا، ولا تدع الأمور تصل بك إلى هذا الحدّ، وتابع ذلك الهدف الذي رسمه لك العظماء؛ فإن لم تصل إليه، فلا تتخلّى عنه، بل حافظ على تلك اللّوعة في قلبك لعلّه يأتي ذلك اليوم الذي يُضاء فيه قلبك، ويُفتح لك الباب.. كن متفائلاً، ولا تقل: لا وجود لهذا الأمر، فإنّك عندما تقول ذلك، تكون قد حكمت على نفسك بالعدم.. لا تقل لا وجود لهذا الأمر، بل قل: نعم، هذا أمر موجود وواقع، غير أنِّي لم أستطع الوصول إليه، ثمّ قل: إلهي، أنا معتصم بحبلك، ومتوسِّل إليك بنبيّك، وبالأئمّة والمعصومين وبأوليائك والطاهرين والصالحين، وبكلّ من له جاه عندك، خذ بيدي واعف عنّي.
لا تُمِت ذلك الحال ولا تقضِ على تلك اللّوعة في قلبك، ولا تتنازل عن ذلك الهدف إلى ما هو أدنى وتقول: تكفيني الجنّة، ولعلّ تلك المقامات تحصل لأشخاص خاصّين، وهي مختصّة بهم ولا تعنيني، فلا ينبغي عليّ أن أشغل بالي بها؛ فهي تخصّ عوالم غيبيّة لا علاقة لبني البشر بها.
يقول الإمام السجّاد: ما دام قد حصل لديك هذا النوع من الأفكار، وما دُمتَ قد علمت بأنّه ثمّة هناك أمراً [وراء عالم الدنيا والظاهر ]، بينما الآخرون لا يعلمون بذلك، وما دام الله قد منَّ عليك بتلك النعمة، وما دام الله قد يسَّر لك الطريق للوصول إلى هذا النوع من الإدراك، فعليك أن تعرف قدر تلك النعمة؛ فكم من الناس من لا يعرف الله، بل ولا يعرف كيف يُكتب اسم الله! فاعتبر تلك المواضيع التي طرقت سمعك، وتلك الحقائق التي تعرّفت عليها في هذه المدّة بمثابة ضيف عزيز قد نزل عليك، فأكرمه ولا تدعه يُغادر قلبك؛ وقم له بواجب الضيافة! ما هو نوع الضيافة؟ عليك بإطعامه وحراسته على الدوام؛ وذلك عن طريق مطالعة سيرة العظماء، وقراءة آيات القرآن مع التدبّر في معانيها، وقراءة الأدعية الواردة عن المعصومين بحال من البكاء والحرقة والتدبّر، والتفكّر بمقدار ساعة، وحضور القلب في الصلاة.. هذه هي الضيافة التي عليك القيام بها تجاه هذا الضيف لكي لا يشعر بالملل والضجر، فيُغادر بعدما يرى بأنَّ هذا ليس مكانًا ملائمًا له؛ فيكون مَثَلك مَثَل ذلك الشخص الذي جلب لضيفه حليباً بعنوان فطور، ثمّ قال له: إن كنت ترغب بأكل الزبد أو اللبن الرائب أو الجبن، فقد جلبت لك الحليب الذي هو مصدرها جميعًا، ثمّ إنَّه قد أضاف إلى ذلك الحليب ما يعادله من الماء! فقام الآخر بدعوته أيضًا، وجلب له شيئًا ما، ثمّ قال له: كلّ ما تريده موجود هنا! هذا هو أسلوب ضيافة الناس!

    

على الإنسان أن يثبت في طريق السلوك من دون الالتفات لوساوس الخنّاسين

فهذا الضيف الذي حلَّ المنزل بحاجة إلى ضيافة، فلا بدّ من إطعامه لكي لا يمرض، ولا بدّ من توفير وسائل الراحة والرفاهية له؛ فيقول الإمام عليه السلام هنا: احترز من الكسل والملل والتعب والاستماع إلى وسوسة الخنّاسين؛ فترى أحد هؤلاء يقول: لقد مضت عليك سنوات هنا، فماذا كانت النتيجة؟ فعليك أن تُجيبه: وما الذي حصلت عليه أنت الذي لم تحضر هنا؟ ففي أسوء الأحوال نكون أنا وأنت متعادلين، فما الضير في ذلك؟! أو أن يقول: ها قد مضت عليك سنوات تعمل وفقًا لهذه المباني، فما الذي جنيته؟ فقل له: وما الذي جنيته أنت الذي لم تعمل بموجبها، فإن كنت قد جنيت شيئًا ما، فأعلمني لكي أتخلّى عن هذا المسير الذي أنا عليه.
كان الإمام الصادق عليه السلام يناظر أحد الدهريِّين حول الصلاة والقيامة وأمثال ذلك، فأجابه الإمام بجواب منطقي بسيط ـ لم يكن الموضوع بحاجة إلى جواب علمي ـ قال له: لو لم يكن أمر القيامة حقًا، فسأكون أنا وأنت على حدّ سواء، فلم أخسر شيئًا بأدائي للصلاة في الحياة الدنيا، أمّا إذا كان حقًا، فالويل لك، فسأفُلح هناك وتخسر أنت.
فإذا ما كان الإنسان مشغولاً خلال عدّة سنوات بالذكر والمراقبة، ألا يعدّ هذا الأمر في حدّ نفسه أمرًا مستحسنًا؟ انظروا إلى أوضاع الناس وإلى حالاتهم الروحية، وبأيّ شيء يمضون أوقاتهم؟ تراهم في حال من التزاحم والعراك؛ فإذا ما كان الإنسان يتّبع منهجًا يكون فيه مستغنيًا عن كلّ هذا التزاحم والتصادم، ألا يعتبر ذلك في حدّ نفسه أمرًا قيِّمًا؟ وهذا بغضّ النظر عمّا يحصل وما سيحصل في المستقبل.. أفلا يُعدّ ذلك أمرًا مستحسنًا ومفيدًا؟

    

تخلّي الإنسان عن الطلب هو بدايةٌ لموته

يقول الإمام السجّاد: عليك ألا تقنع بالمقام الدنيّ، فيجب عليك أن لا تقول: إلهي، أنا لا أفكّر في الوصول إلى حرمك والفناء في ذاتك، ولا ألتفت إلى ذلك بعد الآن، وسأكتفي بتلك الأمور الظاهريّة؛ فأنا أعلم بوجود جنّة ونار، وأمّا الدرجات العليا، فأنا لست مؤهّلاً لها، فهي مختصّة بالمقرّبين منك.. هذا هو الموت بعينه! فحياة الإنسان بالطلب، فما دام يريد الوصول للأفضل، فهو حيّ؛ وأمّا إذا انتفى من نفسه ذلك الطلب وتلك النيّة، يبدأ عندها موت الإنسان. فعندما ينتفي لديه الطلب، تراه يقتنع بأدنى ما يُعطى، فإذا ما ضُرب على رأسه يسكت، وإذا ضُرب مرّة أخرى، فهو يسكت أيضًا، ويقول: لا بأس! هكذا هو حال بعض الناس، فكلّما يُضرب على رأسه، يطأطئ رأسه إلى الأسفل أكثر، فلا يرفع رأسه ليقول: لماذا تضربني؟ ممّا يؤدّي إلى ازدياد الضرب على رأسه.
لا ترضى بالأدنى، ولا تتخلّى عن ذلك الهدف الأسمى؛ فهذه مسائل يطرحها علينا إمام معصوم، ولا مجال للمزاح فيها؛ فالإمام ليس في مقام المزاح مع الله، والإمام السجّاد يعلم من هو الله وما هي خصوصياته وصفاته؛ فلو كان الإمام السجّاد يعرف الله بتلك الأوصاف التي رسمها له الآخرين على أنَّه موجود مُخيف ومهيب وغول لا يرحم، لما قال له في موقف المناجاة: فأعطني من عفوك بمقدار أملي. فالإمام يطلب من الله أن يُحقّق له ـ علاوة على غفران ذنوبه ـ ذلك الأمل العظيم المتمثّل بالوصول إلى ذاته المقدسة.
فلو كان الله بتلك الصفات، بحيث يقول له: ما الذي تطلب؟ سأُحاسبك على الصغيرة والكبيرة، وعلى كل نيّة سوء نويتها، وعلى جميع ذنوبك وأخطائك، وسأضعها أمامك واحدة واحدة، ثمّ أحاسبك عليها! تأتي بكلّ تلك الذنوب، ثمّ تقول: ربي اغفرها لي ولا تؤاخذني عليها؟!
لو كان الأمر كذلك، لسدّ الإنسان فمه، ولما استطاعت نفسه المضي في السير، ولانسدّ فكره، فلا يستطيع عندها أن يفعل شيئًا؛ غير أن الإمام السجّاد يعرف الله جيدًا، لذا فهو يناجيه بهذا الشكل.
في أحد الأيّام، خاطب بايزيد الله قائلاً: إلهي، أعطني ولا تنظر إلى عملي القبيح، فقال الله له: وماذا ستفعل إن لم أُعطك؟ فقال: سأخبر مخلوقاتك عن نزر يسير من رحمتك وعفوك وكرمك، لا يعبدك معها أحد من مخلوقاتك إلى يوم القيامة! لقد كان من أهل الصنعة ويعلم ما الخبر هناك، ومن أيّ طريق يرد.

    

لا يُمكن تصوّر مقدار سعة الرحمة الإلهيّة

هل تتذكرون بأنّني كنت أتحدّث في إحدى الليالي من العام السابق عن مقام رحمة الله، وقلت لكم بأنَّ المرحوم العلاّمة كان يقرأ دعاء كميل بعد عودته من النجف، حيث كان يحفظ هذا الدعاء عن ظهر قلب؛ فكانوا يطفئون الإنارة، ويبدأ بقراءة الدعاء؛ لقد كان دعاءً عجيبًا ومؤثِّرًا. وبعد ذلك توقّف عن قراءة الدعاء، ثم استأنف قراءته في سنوات إقامته الأخيرة في طهران وقبل هجرته إلى مشهد. لقد تمّت إقامة عدّة مجالس في الوقت الذي كنت فيه أواصل دراستي في مدينة قم عندما كنت أعزبًا، وعند تشرّف المرحوم العلاّمة بزيارة مدينة قم، قلت له: سمعت يا سيّدي بأنَّكم استأنفتم إقامة مجالس قراءة دعاء كميل؟ فقال: نعم، لقد أقمنا تلك المجالس، لمرّتين أو ثلاثة، ثم توقّفنا. فقلت له: لماذا؟ لقد كنت أنوي السفر إلى طهران، بأمل المشاركة في ذلك المجلس! فضحك قائلاً: يا سيِّد محسن، عندما أبدأ بقراءة هذه الفقرة من الدعاء: الّلهم إنِّي أسألك برحمتِك التي وسعت كلَّ شيء ـ حيث كان يقرأ الدعاء بلحن جميل وصوت عذب ـ ، فما إن أقرأ اسم الرحمة، حتّى أرى نفسي قد وردت فجأةً في عالم ما كنت لأعود منه إلى هذا العالم لولا إرادة الله! أي أنَّ الرحمة الإلهيّة كانت تُحيطني بالشكل الذي تسلب فيه من النفس والروح والقدرةَ على البقاء في الجسم، وكنت أُعيد نفسي لكي تستقرّ في قالب الجسم بمشقّة، وبعدها أتوقّف لحظة [حتّى أتمكن من الاستمرار]. ثم وصلت إلى نتيجة وهي أنَّني إذا استمررت بقراءة الدعاء، فقد لا أتمكّن من الرجوع أبدًا؛ ولذلك قلت من الأفضل عدم الاستمرار.
فموضوع الذهاب إلى ذلك العالم ممّا لا يمكن الحيلولة دونه؛ لأنّه خارج عن إرادتي، ولا يمكن لي عدم الذهاب؛ أمّا مسألة العودة، فرأيت أنَّه من المحتمل ألاّ أتمكن من العودة، فقرّرت التوقّف.
ولا يخفى أنَّه لم يُصرَّح بسبب التوقّف عن قراءة الدعاء، ولكنَّه ذكر لي ذلك بشكل مجمل ومرموز. لقد كان يقول: لقد أرجعت نفسي بالقوّة، وتمكّنت من إعادة روحي بمشقّة لكي تستقرَّ مرة أُخرى في البدن حتّى أتمكن من إدامة قراءة الدعاء. ويبقى أنّ هذا الشرح والتوضيح هو من هذا الحقير استنادًا إلى العبارات التي صرَّح لي بها المرحوم العلاّمة.
هل التفتّم؟ فهذه هي رحمة الله.. الرحمة التي عندما يسمع وليّ الله اسمها، يذهب إلى عالم قد لا يستطيع العودة منه.
حسنًا، فكم هو ميزان استيعابنا وفهمنا لهذه الرحمة؟ إنَّه لا يتعدى هذا الحدّ بأن ينظر أحدنا إلى الآخر [نظرة تعجّب] ويضحك بوجهه، وأقصى فهمنا لهذه الرحمة هي أنّ الله سيغفر لنا ذنوبنا! هذا هو أكبر ما يمكن لنا تعقّله من الرحمة الإلهيّة، واسمحوا لي بعدم التوسِّع بالموضوع، لأنَّني أعتقد بأنِّي قد لا أستطيع استعمال العبارات المناسبة، مما يؤدِّي إلى حدوث مشاكل بسبب حصول بعض التوّهم والإبهام وبروز أسئلة للبعض.

    

ينبغي أن يتعلّق الطلب بأعلى مرتبة وهي التجلّي الأعظم

يُخاطب الإمام السجّاد عليه السلام الله تعالى قائلاً: إلهي، لقد عرفتك، ولم يعد هنالك شيء خافٍ عنّي، فلقد علمت ما يوجد في "حقيبتك" وعرفت من أنت وما هي صفاتك؛ فإن كان الأمر كذلك، فاسمع منِّي ما أطلب! فلا أطلب منك غفران ذنوبي فقط، هذا أوّلاً، ولا أطلب منك تحقيق آمالي وأمانيّ فحسب، هذا ثانيًا، بل وأطلب منك ثالثًا تحقيق أعظم أمل لي ـ كيف يستطيع الإمام السجّاد توضيح رحمة الله بأكثر من هذا؟ وهل هنالك كلمات وعبارات أقدر من هذه العبارات على توضيح الأمر؟ ـ أعظم أمل من الممكن أن يتحقّق في عالم الوجود، وهو تحقق المظهر الأتمّ للأسماء الإلهيّة في هيأة القالب البشري، أي في صورة وليّ عالم الوجود. إنَّ هذا المظهر هو أعلى درجة من درجات ظهور الله، والذي تحقّق في البداية بصورة التجلي الأعظم: «اَللّـهُمَّ إِنّي أَساَلُكَ بِالتَّجَلِي الأَعْظَمِ في هذِهِ اللَّيْلَةِ مِنَ الشَّهْرِ الْمُعَظَّمِ»[6] وهو التجلِّي المتعلّق برسول الله أوّلاً، ثمّ بأمير المؤمنين، ثمّ بعد ذلك بإمام الزمان الذي به يُختم المعصومون الأربعة عشر، ثمّ يظهر هذا التجلِّي بدرجة أقلّ في وليّ الله الذي تكون نفسه مُندكّة في نفوس الأئمّة المعصومين عليهم السلام؛ فهل يمكن لكم تصوّر مقام أعلى من هذا؟
إنَّه يُمثل أعلى درجات قدرة الله في عالم الوجود، حيث يكون خلق الأرض بإزائه بمثابة تقليم الأظافر! بل ويعتبر خلق القمر والمجرّات والعوالم الأُخرى بالنسبة إلى هذا الأمر وإلى إرادة الله وظهوره بمثابة تقليم الأظافر، أي كما يُقلّم أحدكم ظفره!
ففي هذه الفقرات من الدعاء، يكون الإمام السجاد قد وضع يده على أعلى درجات ظهور قدرة الله في مقام التكوين، حيث يقول: إلهي، أريدك أن تمنحني هذا المقام؛ لأنَّني عرفت من تكون! فقد عرفت رحمتك وعفوك وكرمك؛ فلمّا كنت قد عرفت كلّ ذلك، فسوف لن أتنازل إلى ما هو أدنى في طلبي، ولماذا أتنازل؟ فبما أنّني عرفتك بهذه الصفات، أفلا يُعدُّ التنازل إهانةً لك؟ نعم، يُعدُّ ذلك إهانة لمقام العزّ الربوبي.. إنَّه بمثابة من يقول له الله: أنا أمتلك تلك القدرة، فيقول: لا، يا إلهي إنَّك لا تمتلك تلك القدرة! ولهذا سوف لن أتوسّع في طلبي، وسأطلب منك ذلك المقدار اليسير الذي تستطيع إنجازه! ألا يعتبر ذلك إهانة؟!
فالإمام السجّاد يقول هنا: أيّها الإنسان، إذا كنت في مقام التخاطب مع الله، فتكلّم بهذا الأسلوب، ويا أيّها السالك، إذا كنت واقفًا أمام الله، فاطلب من الله بهذه الكيفيّة، ويا أيها السائر في الطريق إلى الله، إذا كنت في موقف المناجاة مع الله، فعليك أن تُحسن المناجاة، وعليك رعاية الأدب في مناجاتك؛ فليس من الأدب أن تقول لله: إلهي لا أريد منك شيئًا، فذلك منتهى إساءة الأدب. نعم، يبقى أنَّ ما يتحدّث عنه مولانا جلال الدين الرومي حين يقول:
قوم ديگر مى شناسم ز اوليا
                             كه دهانشان بسته باشد از دعا
(يقول: أعرف قومًا من الأولياء، أفواههم مكفوفة عن الدعاء)

هو أمر آخر، فنحن لسنا في هذا المقام، فذلك مختص بالأولياء؛ على أنَّه يصبّ في نفس هذا المجرى في الأخير؛ فأولئك قد وصلوا إلى الدرجة التي يكونون فيها مع الله، فما الذي سيطلبه المتحقّق بحقيقة الله؟! فهو لا يستطيع أن يطلب غير الله، فما الذي سيطلبه؟ وما الذي سيقوله في طلبه؟ فإذا ما طلب أمرًا، فسيقول له الله: ها أنذا إلى جنبك، فما الذي تريده أكثر من ذلك؟ فهذا الحال يخصّ الأولياء، أمّا نحن، فلسنا في ذلك الحال، لذا علينا أن نطلب من الله؛ فما الذي سنطلبه؟ سنطلب من الله أقصى ما يمكن له أن يفعله، ولا تكون له قدرة على فعل أكثر منه!! وهو أن يصنع مثله إذًا! أي أنَّ أقصى قدرة لله هي أن يصنع وليًّا له مقام الخلافة الإلهيّة؛ فهل يستطيع أن يصنع ما هو أكبر من ذلك؟ فما هو الشيء الأكبر من هذا والذي يستطيع الله صنعه؟

    

أسلوب المناجاة مع الله تعالى من خلال كلام الإمام السجّاد عليه السلام

وعليه، فالإمام السجّاد يخبرنا بهذا الأمر، لكن في نفس الوقت مع مراعاة منتهى درجات العبوديّة، ورعاية أعلى درجات الأدب وما يقتضيه شأن التخاطب بين الله تعالى وعبده، ويقول لنا: لا تُخدعوا في هذه الدنيا، فقد أعطيتكم المفتاح السرّي للوصول إلى الهدف. كنّا نلاحظ أنَّه في أثناء حديث المرحوم العلاّمة، يحصل أحيانًا أن ينفلت من فمه كلامًا، وعند العودة للمنزل، كنت أقول له: لقد تكلّمت عن هكذا موضوع، يا سيِّدي! فيقول: وهل تفطّنت لذلك؟ هل فهمت الموضوع أنت أيضًا؟ لا أدري كيف انفلت ذلك عن لساني! قلت: كان مقرّرًا أن ينفلت، فلا بدّ وأن يظهر بشكل أو بآخر.
وهكذا هو الأمر هنا، غير أنّي أستغفر الله أن أقول بأنّ هذا الأمر قد انفلت من فم الإمام السجّاد؛ لأنّه لا معنى لهذا الأمر. فالإمام قد كشف لنا سرّ الموضوع، فهو يقول: هذا هو سرّ المسألة، هذه هي رحمة الله، هذا هو عفوه وهذه هي قدرته! فإذا ما تهاونت في الاستجداء، فلا تلومنَّ إلاّ نفسك، والمُقصِّر هو أنت!
لذا على السالك ألاّ يكفّ عن الطلب، بل يجب أن يكون هذا الطلب مُلازمًا له في جميع الأحوال، وعليه أن ينظر دائمًا إلى ضعفه ومسكنته؛ والحذر من النظر إلى نقاط القوّة لديه، فعليكم ألاّ تنسوا ذلك أبدًا! فإذا ما حصل واعتقد الإنسان بأنَّ له شيئًا من القدرة، فسيأتيه الجواب من الله: أترى لنفسك شيئاً من القوّة، فأنت إذًا تستطيع طيّ هذا الطريق بنفسك؛ سنرى في الأخير ما الذي يُمكنك فعله!!!
فعلى السالك أن يجعل نصب عينيه وفي جميع الأحوال قصوره وضعفه، فذلك هو رأسمال السير في هذا الطريق، وأمّا إذا ما انتفى من السالك هذا النمط من التفكير، فسيكون ذلك بمثابة نفاد وقود السيارة التي يستقلّها في طيّ الطريق.
فالوقود اللازم للحركة في هذا الطريق هو:
أوّلاً: معرفة الله بالرحمانيّة والعفو المطلقين، وثانيًا: وضع العبد مقام عبوديّته نصب عينيه دائمًا، ليرى نفسه ذليلاً، فقيرًا ومُعدمًا.
سنسعى لإكمال البحث في الليالي القادمة، إن شاء الله.
اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد


[1] ـ مصباح المتهجّد وسلاح المُتعبِّد، ج 2، ص 584، فقرة من دعاء أبي حمزة الثمالي الشريف.

[2] ـ سورة يوسف (12)، جزء من الآية 42.

[3] ـ نهج البلاغة، صبحي الصالح، ص 70.

[4] ـ الديوان الكامل للحكيم النظامى الكنجوي‏.

[5] ـ كنايةً عن تلك المرأة العجوز التي سُئِلَتْ: كيف عرفتِ الله؟ أجابت: من آلة النسيج هذه، فعند ما أمسك مقبضها وأدوّره بهذا الدوران ينسج الحبل، وحيث أرفعُ يدي وأتوقف عن التدوير تتوقّف ويبقي الصوف والقطن على حاله، عندها لا نسيج ينسج، ولا ليف يبرم.من هنا أيقنت أن للأفلاك والنجوم والكواكب السيّارة والشمس والقمر والأرض ونظام الخلق بأجمعه خالقًا مقتدرًا، متى شاء عطّل الوجود ورماه في هوّة العدم. وإن شاء أمدّه بأسباب الحياة وأدار عجلة استمرار. لكن ينبغي أن يُعلم أنّه ليس من الجدير بالإنسان الاكتفاء بدين العجائز؛ راجع: (معرفة الله، ج ‏1، ص 148). المترجم

[6] ـ دعـاء ليلة المبعث.

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی <-- -->