معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > الأبحاث العلمية و الإجتماعية > نور ملكوت‌ القرآن > نور ملكوت‌ القرآن المجلد الرابع
کتاب نورملكوت القرآن/ المجلد الثالث / القسم السابع: جهاد اميرالمومنين علیه السلام، القرآن فی کلام علی علیه السلام، قراءة رسول الله صلی الله علیه و آله للقرآن

الروايات‌ الواردة‌ في‌ أنّ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ هم‌ الراسخون‌ في‌ العلم‌

 وورد أيضاً في‌ « الكافي‌ » والعيّاشي‌ّ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ قوله‌: نَحْنُ الرَّاسِخُونَ فِي‌ العِلْمِ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ.

 وروي‌ عن‌ الإمام‌ محمّد الباقر علیه‌ السلام‌ قوله‌:

 كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الرَّاسِخِينَ فِي‌ العِلْمِ، قَدْ عَلَّمَهُ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ اللَهُ عَلَيْهِ مِنَ التَّأْوِيلِ وَالتَّنْزِيلِ، وَمَا كَانَ اللَهُ لِيُنْزِلَ شَيْئَاً لَمْ يُعَلِّمْهُ تَأْوِيلَهُ، وَأَوْصِيَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَمُونَهُ كُلَّهُ.

 وورد في‌ « الكافي‌ » عن‌ الإمام‌ الباقر علیه‌ السلام‌: «وَالرَّ سِخُونَ فِي‌ الْعِلْمِ» مَن‌ لاَ يَخْتَلِفُ فِي‌ عِلْمِهِ. [201]

 وورد في‌ كتاب‌ « الاحتجاج‌ » عن‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ ـ ضمن‌ حديث‌ أ نّه‌ قال‌:

 ثُمَّ إنَّ اللَهَ جَلَّ ذِكْرُهُ بِسَعَةِ رَحْمَتِهِ وَرَأْفَتِهِ بِخَلْقِهِ وَعِلْمِهِ بِمَا يُحْدِثُهُ المُبَدِّلُونَ مِنْ تَغْيِيرِ كَلاَمِهِ، قَسَّمَ كَلاَمَهَ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ:

 قِسْمَاً مِنْهُ يَعْرِفُهُ العَالِمُ وَالجَاهِلُ؛ وَقِسْماً لاَ يَعْرِفُهُ إلاَّ مَنْ صَفَا ذِهْنُهُ وَلَطُفَ حِسُّهُ وَصَحَّ تَمَيُّزُهُ مِمَّنْ شَرَحَ اللَهُ صَدْرَهُ لِلإسْلاَمِ؛ وَقِسْماً لاَ يَعْرِفُهُ إلاَّ اللَهُ وَأَنْبِيَاؤُهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي‌ العِلْمِ.

 وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِئَلاَّ يَدَّعِي‌ أَهْلُ البَاطِلِ مِنَ المُسْتَوْلِينَ عَلَی‌ مِيرَاثِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مِنْ عِلْمِ الكِتَابِ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُمْ وَلِيَقُودَهُمُ الاضْطِرَارُ إلَي‌ الايتِمَارِ بِمَنْ وَلاَّه‌ أَمْرَهُمْ فَاسْتَكْبَرُوا عَنْ طَاعَتِهِ تَعَزُّزاً وَافْتِرَاءً عَلَی‌ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاغْتِرَاراً بِكَثْرَةِ مَنْ ظَاهَرَهُمْ وَعَاوَنَهُمْ وَعَانَدَ اللَهَ جَلَّ اسْمُهُ وَرَسُولَهُ. [202]

 وقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌:

 أَنَا قَاتَلْتُهُمْ عَلَی‌ التَّنْزِيلِ وَأَنْتَ يَا عَلِي‌ُّ تُقَاتِلُهُمْ عَلَی‌ التَّأْوِيلِ. [203]

 و علیه‌، فقد كانت‌ حروب‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ امتداداً وتبعاً لغزوات‌ الرسول‌ الاكرم‌، ولقد كان‌ مشركو الجاهليّة‌ يقاتلون‌ بدن‌ النبي‌ّ وهيكل‌ القرآن‌، فصار أصحاب‌ الجمل‌ وصفّين‌ والنهروان‌ يقاتلون‌ حقيقة‌ النبي‌ّ وواقعيّة‌ القرآن‌ المتمثّلة‌ في‌ النفس‌ المقدّسة‌ لمقام‌ الولاية‌، والولي‌ّ الرفيع‌ لعلم‌ القرآن‌، والعارف‌ بالتنزيل‌ والتأويل‌، وصدر الراسخين‌ في‌ العلم‌. و علیه‌، فقد كانت‌ هذه‌ الحروب‌ امتداداً لتلك‌ الغزوات‌، لا تفاوت‌ بينها أبداً.

قتال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ للناكثين‌ والقاسطين‌ والمارقين‌

 وقد وردت‌ في‌ كتب‌ الشيعة‌ روايات‌ جمّة‌ تقول‌ بأنّ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ أخبر كراراً بأنّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ مأمور من‌ قبل‌ الله‌ تعالي‌ بالجهاد مع‌ ثلاث‌ طوائف‌:

 الناكِثين‌ (الناقضين‌ للبيعة‌) وهم‌ عائشة‌ وطلحة‌ والزبير وأعوانهم‌: ابنَي‌ أُخت‌ عائشة‌: محمّد بن‌ طلحة‌ وعبد الله‌ بن‌ الزبير، ومروان‌ بن‌ الحكم‌ والعثمانيّين‌ وغيرهم‌، وذلك‌ في‌ حرب‌ الجمل‌.

 القاسِطين‌ (الظالمين‌ والمعتدين‌) وهم‌ معاوية‌ بن‌ أبي‌ سفيان‌ وأعوانه‌ عمرو بن‌ العاص‌ وغيره‌، في‌ معركة‌ صفّين‌.

 المارقِين‌ (الخوارج‌ عن‌ الدين‌) الذين‌ مرقوا من‌ الدين‌ كما يمرق‌ السهم‌ من‌ القوس‌، وهم‌ أصحاب‌ النهروان‌ من‌ الخوارج‌.

 لكنّنا ننقل‌ هنا مطالباً من‌ الثقة‌ الثبت‌: ابن‌ أبي‌ الحديد المعتزلي‌ّ الشافعي‌ّ، وهو من‌ العامّة‌، حيث‌ يقول‌:

 فأمّا الطائفة‌ النَّاكِثَة‌ فهم‌ أصحاب‌ الجمل‌، وأمّا الطائفة‌ القَاسِطَة‌ فأصحاب‌ صفّين‌، سمّاهم‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ القاسطين‌، وأمّا الطائفة‌ المَارِقَة‌ فقادة‌ حرب‌ النهروان‌.

 وأشرنا نحن‌ بقولنا: سَـمَّاهم‌ رسولُ الله‌ بالقَاسِـطِين‌، إلی قوله‌ علیه‌ السلام‌:

 سَتُقَاتِلُ بَعْدِي‌ النَّاكِثِينَ وَالقَاسِطِينَ وَالمَارِقِينَ.

 وهذا الخبر من‌ دلائل‌ نبوّته‌ صلوات‌ الله‌ علیه‌، لا نّه‌ إخبارٌ صريح‌ بالغيب‌ لا يحتمل‌ التمويه‌ والتدليس‌ كما تحتمله‌ الاخبار المُجملة‌.

 وصدّق‌ قـول‌ رسـول‌ الله‌ صـلّي‌ الله‌ علیه‌ ] وآله‌ [ وسـلّـم‌: المارقـين‌ (الخارجيـن‌ عـن‌ الديـن‌) قـول‌ أميـر المؤمنيـن‌ علیه‌ السـلام‌ أوّلاً بشـأن‌ الخوارج‌:

 يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمْيَةِ. [204]

 وصدّق‌ قوله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ (الناكثين‌) كونهم‌ نكثوا البيعة‌ بادي‌ بدء، وقد كان‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ يتلو عندما بايعه‌ طلحة‌ والزبير هذه‌ الآية‌:

 فَمَن‌ نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَي‌' نَفْسِهِ. [205]

 وأمّا أصحاب‌ صفّين‌ فإنّهم‌ عند أصحابنا المعتزلة‌ مخلّدون‌ في‌ النار لفسقهم‌؛ فصحّ فيهم‌ قوله‌ تعالي‌: وَأَمَّا الْقَـ'سِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا. [206]

قول‌ رسول‌ الله‌ بأنّ علیّاً خاصف‌ النعل‌ يُقاتِل‌ في‌ سبيل‌ الله‌

الروايات‌ الواردة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ في‌ جهاد أمير المؤمنين‌ للمنافقين‌

 وأمّا عن‌ قتال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ هؤلاء القوم‌ في‌ هذه‌ الحروب‌ بعنوان‌ تأويل‌ القرآن‌، فهناك‌ روايات‌ رواها ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ » عن‌ إبراهيم‌ بن‌ ديزيل‌ الهمداني‌ّ في‌ كتاب‌ « صفّين‌ »، عن‌ يحيي‌ بن‌ سلمان‌ مسنداً عن‌ أبي‌ سعيد الخدري‌ّ رحمه‌ الله‌ أ نّه‌ قال‌:

 كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَانْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ فَأَلْقَاهَا إِلَي‌ عَلِي‌ٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُصْلِحُهَا. ثُمَّ قَالَ: إنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَی‌ تَأْوِيلِ القُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی‌ تَنْزِيلِهِ.

 فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَهِ؟!

 قَالَ: لاَ!

 فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَهِ؟!

 قَالَ: لاَ! وَلَكِنَّهُ ذَاكُمْ، خَاصِفُ النَّعْلِ؛ وَيَدُ عَلِي‌ٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُصْلِحُهَا.

 قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَتَيْتُ عَلِيَّاً فَبَشَّرْتُهُ بِذَلِكَ؛ فَلَمْ يَحْفَلْ [207] بِهِ كَأَ نَّهُ شَي‌ءٌ قَدْ كَانَ عَلِمَهَ مِنْ قَبْلُ. [208]

 وكذلك‌ روي‌ ابن‌ أبي‌ الحديد عن‌ ابن‌ ديزيل‌ في‌ الكتاب‌ المذكور، عن‌ يحيي‌ بن‌ سليمان‌، عن‌ ابن‌ فضيل‌، عن‌ إبراهيم‌ بن‌ الهَجَرِي‌ّ، عن‌ أبي‌ صادق‌ قال‌:

 قدم‌ علینا أَبو أيّوبِ الانْصَاري‌ّ العراق‌، فأهدت‌ له‌ قبيلة‌ الازد جُزراً [209] فبعثوها معي‌، فدخلت‌ إليه‌ فسلّمت‌ علیه‌ وقلت‌ له‌:

 يَا أَبَا أَيُّوبَ! قَدْ كَرَّمَكَ اللَهُ بِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَنُزُولِهِ عَلَيْـكَ؛ فَمَا لِي‌ أَرَاكَ تَسْـتَقْبِلُ النَّاسَ تُقَاتِلُهُمْ، هَؤْلاَءِ مَرَّةً وَهَؤْلاَء مَرَّةً؟!

 قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إلَيْنَا أَنْ نُقَاتِلَ مَعَ النَّاكِثِينَ. فَقَدْ قَاتَلْنَاهُمْ. وَعَهِدَ إلَيْنَا مَعَ القَاسِطِينَ فَهَذَا وَجَّهَنَا إلَيْهِمْ. يَعْنِي‌ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُ. وَعَهِدَ إلَيْنَا أَنْ نُقَاتِلَ مَعَ المَارِقِينَ وَلَمْ أَرَهُمْ بَعْدُ. [210]

 يقول‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: روي‌ كثير من‌ المحدِّثين‌ عن‌ أمير المؤمنين‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ قال‌ له‌:

 إنَّ اللَهَ قَدْ كَتَبَ عَلَيْكَ جِهَادَ المَفْتُونِينَ كَمَا كَتَبَ عَلَی‌ جِهَادَ المُشْرِكِينَ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! مَا هَذِهِ الفِتْنَةُ الَّتِي‌ كَتَبَ عَلَی‌ فِيهَا الجِهَادَ؟!

 قَالَ: قَوْمٌ يَشْهَدُونَ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ وَأَ نِّي‌ رَسُولُ اللَهِ وَهُمْ مُخَالِفُونَ لِلسُّنَّةِ.

 فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! فَعَلاَمَ أُقَاتِلُهُمْ وَهُمْ يَشْهَدُونَ كَمَا أَشْهَدُ؟!

 قَالَ: عَلَی‌ الإحْدَاثِ فِي‌ الدِّينِ وَمُخَالَفَةِ الاَمْرِ!

 فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! إنَّكَ كُنْتَ وَعَدْتَنِي‌ الشَّهَادَةَ فَاسْأَلَ اللَهَ أَنْ يُعَجِّلَهَا لِي‌ بَيْنَ يَدَيْكَ!

 قَالَ: فَمَنْ يُقَاتِلُ النَّاكِثِينَ وَالقَاسِطِينَ وَالمَارِقِينَ؟ أَمَا إنِّي‌ قَدْ وَعَدْتُكَ بِالشَّهَادَةِ وَتُسْتَشْهَدْ! يُضْرَبُ هَذِهِ فَتُخْضَبُ هَذِهِ. فَكَيْفَ صَبْرُكَ إذَنْ؟!

 فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! لَيْسَ ذَا بِمَوْطِنِ صَبْرٍ. هَذَا مَوْطِنُ شُكْرٍ!

 قَالَ: أَجَلْ، أَصَبْتَ، فَأَعِدَّ لِلخُصُومَةِ فَإنَّكَ مُخَاصَمٌ.

 فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! لَوْ بَيَّنْتَ لِي‌ قَلِيلاً.

 فَقَالَ: إنَّ أُمَّتِي‌ سَتُفْتَنُ مِنْ بَعْدِي‌ فَتَنَاوَلُ القُرْآنَ وَتَعْمَلُ بِالرَّأي‌ِ وَتَسْتَحِلُّ الخَمْرَ بِالنَّبِيذِ وَالسُّحْتَ بِالهَدِيَّةِ وَالرِّبَا بِالبَيْعِ، وَتُحَرِّفُ الكِتَابَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَتَغْلِبُ كَلِمَةُ الضَّلاَلِ.

 فَكُنْ حَلَسَ بَيْتِكَ حَتَّي‌ تُقَلَّدَهَا، فَإذَا قُلِّدْتَهَا جَاشَتْ عَلَيْكَ الصُّدُورُ، وَقَلَّبَتْ لَكَ الاُمُورَ، تُقَاتِلُ حِينَئِذٍ عَلَی‌ تَأْوِيلِ القُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی‌ تَنْزِيلِهِ فَلَيْسَتْ حَالُهُمُ الثَّانِيَةُ بِدُونِ حَالِهِمُ الاُولَي‌.

 فَقُلْتُ: يَا رَسُـولَ اللَهِ! بَأَي‌ِّ المَنَـازِلِ أُنْـزِلُ هَؤُلاَءِ المَفْتُـونِيـنَ مِـنْ بَعْدِكَ؟! أَبِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ أَمْ بِمَنْزِلَةِ رِدَّةٍ؟!

 فَقَالَ: بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ يَعْمَهُونَ فِيهَا إلَي‌ أَنْ يُدْرِكَهُمُ العَدْلُ.

 فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! أَيُدْرِكُهُمُ العَدْلُ مِنَّا أَمْ مِنْ غَيْرِنَا؟!

 فَقَالَ: بَلْ مِنَّا، بِنَا فَتَحَ اللَهُ وَبِنَا يَخْتِمُ، وَبِنَا أَ لَّفَ اللَهُ بَيْنَ القُلُوبِ بَعْدَ الشِّرْكِ وَبِنَا يُؤَلِّفُ بَيْنَ القُلُوبِ بَعْدَ الفِتْنَةِ.

 فَقُلْتُ: الحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی‌ مَا وَهَبَ لَنَا مِنْ فَضْلِهِ. [211]

 إنّ الانحراف‌ عن‌ تأويل‌ القرآن‌ يُبعد الإنسان‌ عن‌ الحقيقة‌ بقدر ما يبعده‌ عنها الانحراف‌ عن‌ أصل‌ القرآن‌، علی‌ أنّ فائدة‌ القرآن‌ تتلخّص‌ في‌ فهمه‌ والعمل‌ بمضمونه‌، فإن‌ قال‌ أحد: لقد قبلتُ القرآن‌ لكنّي‌ لا أقبل‌ تأويله‌، بل‌ سأعمل‌ وفق‌ فهمي‌ وإدراكي‌ واستحساني‌، أي‌ أ نّي‌ لن‌ أُرجع‌ المتشابهات‌ إلی المحكمات‌، فهم‌ كمثل‌ من‌ يقول‌: إنّني‌ لم‌ أقبل‌ القرآن‌ أصلاً.

 ولقد كانت‌ مصيبة‌ ومحنة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ مع‌ هذه‌ الفئة‌ من‌ الناس‌، فقد ادّعي‌ معاوية‌ الماكر عابد الدنيا أ نّه‌ طالب‌ بدم‌ عثمان‌، وتمسّك‌ بآية‌: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي‌ الْقَتْلَي‌. [212]

 وآية‌: وَلَكُمْ فِي‌ الْقِصَاصِ حَيَو'ةٌ؛ [213] واتّهم‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بقتل‌ عثمان‌، وقام‌ علماء الشام‌ ممّن‌ يعيش‌ علی‌ فتات‌ موائده‌ بخداع‌ وتحريض‌ العوامّ والجهلة‌ والبسطاء علی‌ قتال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ وقتله‌، و علی‌ إقرار حكومة‌ معاوية‌ وإمارته‌ تبعاً للآية‌ الشريفة‌: وَمَن‌ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَـ'نًا. [214]

 فهذه‌ الآيات‌ من‌ القرآن‌ الكريم‌، لكنّ مفهومها ومعناها لا يتضمّن‌ حقّانيّة‌ معاوية‌، فقد كان‌ لعثمان‌ وليّاً وولداً يجب‌ علیهم‌ المطالبة‌ بدمه‌، فما شأن‌ معاوية‌ وذاك‌؟ هذا أوّلاً.

 وأمّا ثانياً، فلم‌ يكن‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ قد قاتل‌ عثمان‌، بل‌ كان‌ يمانع‌ في‌ قتله‌، فما المعني‌ من‌ التمسّك‌ والتشبّث‌ بهذه‌ الآية‌؟!

 وثالثاً: لقد بايعت‌ جميـع‌ الطـبقات‌ بالخـلافة‌ لاميـر المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، فهو الحاكم‌ المطاع‌ للمسـلمين‌، ومن‌ واجبه‌ ـ عند فرض‌ مظلوميّة‌ عثمان‌ وطلب‌ ورثته‌ القصـاص‌ من‌ القتلة‌ أن‌ يشـكّل‌ محكمة‌ تفصـل‌ في‌ الخصـومة‌، ولا شـأن‌ في‌ هـذا الامـر لمعـاوية‌ الذي‌ ليـس‌ إلاّ واحـداً مـن‌ الرعيّة‌.

 لكنّ معاوية‌ وأعوانه‌ تغاضوا عن‌ كلّ هذه‌ الخصوصيّات‌، ووضعوا الآية‌ القرآنيّة‌ في‌ غير موردها وموضوعها لإثارة‌ الغوغاء والهرج‌ سعياً للاستفادة‌ من‌ جوّ الفتنة‌ والفساد، وتوصّلاً من‌ خلاله‌ إلی ارتقاء أريكة‌ الحكم‌ أيّاماً معدودة‌.

 فهذه‌ كلّها تمثّل‌ الانحراف‌ والزيغ‌: فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَـ'بَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ. [215]

 يقول‌ السيّد الرضي‌ جامع‌ « نهج‌ البلاغة‌ »: لمّا بلغه‌ علیه‌ السلام‌ اتّهام‌ بني‌ أُميّة‌ له‌ بالمشاركة‌ في‌ دم‌ عثمان‌:

 أَوَ لَمْ يَنْهَ أُمَيَّةَ عِلْمُهَا بِي‌ عَنْ قَرَفِي‌؟ أَمَا وَزَعَ الجُهَّالَ سَابِقَتِي‌ عَنْ تُهْمَتِي‌؟ وَلَمَا وَعَظَهُمُ اللَهُ بِهِ أَبْلَغُ مِنْ لِسَانِي‌. [216]

رسالته‌ في‌ «نهج‌ البلاغة‌» لمعاوية‌ في‌ سعي‌ معاوية‌ للرئاسة‌ متأوّلاً للقرآن‌

 ومن‌ أقواله‌ علیه‌ السلام‌ بشأن‌ تصرّف‌ معاوية‌ في‌ تأويل‌ القرآن‌، رسالة‌ أرسلها له‌ وقد أظهر فيها سعي‌ معاوية‌ للرئاسة‌ بتأويل‌ القرآن‌، وقد أورد هذه‌ الرسالة‌ أيضاً السيّد الرضي‌ في‌ « نهج‌ البلاغة‌ »:

 أَمَّا بَعْدُ؛ فَإنَّ اللَهَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَعَلَ الدُّنْيَا لِمَا بَعْدَهَا وَابْتَلَي‌ فِيهَا أَهْلَهَا لِيَعْلَمَ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً. وَلَسْنَا لِلدُّنْيَا خُلِقْنَا، وَلاَ بِالسَّعْي‌ فِيهَا أُمِرْنَا. وَإنَّمَا وُضِعْنَا فِيهَا لِنُبْتَلَي‌ بِهَا.

 وَقَدِ ابْتَلاَنِي‌ اللَهُ بِكَ وَابْتَلاَكَ بِي‌! فَجَعَلَ أَحَدَنَا حُجَّةً عَلَی‌ الآخَرِ؛ فَعَدَوْتَ عَلَی‌ طَلَبِ الدُّنْيَا بِتَأْوِيلِ القُرْآنِ، فَطَلَبْتَنِي‌ بِمَا لَمْ تَجْنِ يَدِي‌ وَلاَ لِسَانِي‌؛ وَعَصَبْتَهُ أَنْتَ وَأَهْلُ الشَّامِ بِي‌.

 وَأَلَّبَ عَالِمُكُـمْ [217] جَاهِلَكُـمْ، وَقَائِمُكُـم‌ [218] قَاعِدَكُـمْ. فَاتَّـقِ اللَهَ فِي‌ نَفْسِكَ؛ وَنَازِعِ الشَّيْطَانَ قِيَادَكَ؛ وَاصْرِفْ إلَي‌ الآخِرَةِ وَجْهَكَ. فَهِي‌َ طَرِيقُنَا وَطِرِيقُكَ.

 وَاحْذَرْ أَنْ يُصِـيبَكَ اللَهُ مِنْهُ بِعَاجِـلِ قَارِعَةٍ تَمَـسُّ الاَصْـلَ وَتَقْطَـعُ الدَّابِرَ. فَإنِّي‌ أُولِي‌ لَكَ بِاللَهِ أَلِيَّةً غَيْرَ فَاجِرَةٍ: لَئِنْ جَمَعَتْنِي‌ وَإيَّاكَ جَوَامِعُ الاَقْدَارِ، لاَ أَزَالُ بِبَاحَتِكَ «حَتَّي‌' يَحْكُمَ اللَهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَـ'كِمِينَ». [219]

 وكم‌ كان‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ يتأوّه‌ متأ لّماً في‌ خطبه‌ زمن‌ خلافته‌ وقبله‌ من‌ كون‌ القرآن‌ صار مهجوراً، ويتأسّف‌ من‌ عدم‌ الاستفادة‌ من‌ هذا الكنز الثمين‌:

 إلَي‌ اللَهِ أَشْكُو مِن‌ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالاً؛ وَيَمُوتُونَ ضُلاَّلاً؛ لَيْسَ فِيهِمْ سِـلْعَةٌ أَبْـوَرُ مِـنَ الكِتَابِ إذَا تُلِي‌َ حَقَّ تِلاَوَتِهِ. وَلاَ سِـلْعَةٌ أَنْفَقُ بَيْعاً وَلاَ أَغْلَي‌ ثَمَناً مِنَ الكِتَابِ إذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ. وَلاَ عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ المَعْرُوفِ؛ وَلاَ أَعْرَفُ مِنَ المُنْكَرِ. [220]

 وكم‌ كان‌ يتأوّه‌ ويشكو من‌ اختلاف‌ الفقهاء مع‌ أن‌ مرجع‌ جميع‌ الفتاوي‌ واحد، وهو كتاب‌ الله‌، فلا محمل‌ لاختلافهم‌ هذا إلاّ الجهل‌ بمواضع‌ التأويل‌، وعدم‌ عرضهم‌ الآيات‌ علی‌ بعضها، وعدم‌ استعانتهم‌ لرفع‌ الإبهام‌ في‌ آيات‌ القرآن‌ بالقرآن‌ نفسه‌:

 وَإلَهُهُـمْ وَاحِـدٌ وَنَبِيُّهُـمْ وَاحِـدٌ. أَفَأَمَـرَهُـمُ اللَهُ تَعَالَي‌ بِالاخْتِـلاَفِ فَأَطَاعُـوهُ؟ أَمْ نَهَاهُمْ عَنْهُ فَعَصَـوْهُ؟ أَمْ أنْـزَلَ اللَهُ دِينَاً نَاقِصَاً فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَی‌ إتْمَامِهِ؟ أَمْ كَانُوا شُـرَكَاءَ لَهُ، فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْضَي‌؟ أَمْ أَنْزَلَ اللَهُ دِيناً تَامَّاً فَقَصَّرَ الرَّسُولُ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَنْ تَبْلِيغِهِ وَأَدائِهِ؟ وَاللَهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: «مَا فَرَّطْنَا فِي‌ الْكِتَـ'بِ مِن‌ شَيْءٍ» فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَي‌ءٍ. وَذَكَرَ أَنَّ الكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضَاً، وَأَ نَّهُ لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَـ'فًا كَثِيرًا».

 وإنَّ القُرآنَ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ، لاَ تَفْنَي‌ عَجَائِبُهُ وَلاَ تَنْقَضِي‌ غَرَائِبُهُ؛ وَلاَ تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إلاَّ بِهِ. [221]

«نهج‌ البلاغة‌» وشكوي‌ الإمام‌ من‌ عدم‌ تفسير بعض‌ الآيات‌ ببعضها الآخر

 ويقـول‌ في‌ موضـع‌ آخـر في‌ تعـريف‌ القـرآن‌ الكـريـم‌ وتكـريمه‌ وتعظيمه‌:

 وَكِتَابُ اللَهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نَاطِقٌ لاَ يَعْيَي‌ لِسَانُهُ، وَبَيْتٌ لاَ تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ، وَعِزٌّ لاَ تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ... إلی أن‌ يقول‌:

 كِتَابُ اللَهِ تُبْصِرُونَ بِهِ، وَتَنْطِقُونَ بِهِ، وَتَسْمَعُونَ بِهِ، وَيَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَيَشْـهَدُ بَعْضُـهُ عَلَی‌ بَعْضٍ. لاَ يَخْـتَلِفُ فِي‌ اللَهِ؛ وَلاَ يُخَـالِفُ بِصَاحِبِهِ عَنِ اللَهِ.

 قَدِ اصْطَلَحْتُمْ عَلَی‌ الغِلِّ فِيمَا بَيْنَكُمْ، وَنَبَتَ المَرْعَي‌ عَلَی‌ دِمَنِكُمْ. وَتَصَافَيْتُمْ عَلَی‌ حُبِّ الآمَالِ، وَتَعَادَيْتُمْ فِي‌ كَسْبِ الاَمْوَالِ. لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكُمُ الخَبِيثُ، وَتَاهَ بِكُمُ الغُرُورُ، وَاللَهُ المُسْتَعَانُ عَلَی‌ نَفْسِي‌ وَأَنْفُسِكُمْ. [222]

 وكان‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ يذكر القرآن‌ في‌ خطبه‌ كراراً، ويبيّن‌ عظمته‌ وكرامته‌، ويكشف‌ عن‌ أصالته‌ وإتقانه‌، ويتأسّف‌ لتقصير الناس‌ وتقاعسهم‌ عن‌ الرجوع‌ إلی هذه‌ التحفة‌ الإلهيّة‌ والمائدة‌ السماويّة‌، وتقصيرهم‌ عن‌ الاستمساك‌ الجادّ بالكتاب‌، ويتأوّه‌ ويئنّ من‌ حكّام‌ الجور المتلاعبين‌ بحقيقة‌ القرآن‌.

خطبته‌ علیه‌ السلام‌ في‌ «نهج‌ البلاغة‌» حول‌ عظمة‌ القرآن‌

 تأمّلوا في‌ الخطبة‌ التالية‌ كيفيّة‌ بحثه‌ في‌ عظمة‌ القرآن‌ والنبي‌ّ الاكرم‌، وكيف‌ بيّن‌ أنّ طريق‌ العلاج‌ الوحيد ينحصر في‌ متابعة‌ رسول‌ الله‌ والعمل‌ بالقرآن‌، وكم‌ كان‌ قلقاً من‌ عدم‌ العمل‌ بالقرآن‌:

 فَبَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِالحَقِّ لِيُخرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الاَوْثَانِ إلَي‌ عِبَـادَتِهِ، وَمِـنْ طَـاعَةِ الشَّـيْطَانِ إلَـي‌ طَاعَتِهِ، بِقُرْآنٍ قَـدْ بَيَّنَهُ وَأَحْكَمَهُ لِيَعْلَمَ العِبَادُ رَبَّهُمْ إذْ جَهِلُوهُ، وَلِيُقِرُّوا بِهِ إذْ جَحَدُوهُ، وَلِيُثْبِتُوهُ إذْ أَنْكَرُوهُ.

 فَتَجَلَّي‌ سُبْحَانَهُ لَهُمْ فِي‌ كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَتِهِ، وَخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ. وَكَيْفَ مَحَقَ بِالمَثُلاَتِ وَاحْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ.

 وَإِنَّهُ سَيَأْتِي‌ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي‌ زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِ شَي‌ءٌ أَخْفَي‌ مِنَ الحَقِّ؛ وَلاَ أَظْهَرَ مِنَ البَاطِلِ؛ وَلاَ أَكْثَرَ مِنَ الكِذْبِ عَلَی‌ اللَهِ وَرَسُولِهِ. وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ الكِتَابِ إذَا تُلِي‌َ حَقَّ تِلاَوَتِهِ؛ وَلاَ أَنْفَقَ مِنْهُ إذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ؛ وَلاَ فِي‌ البِلاَدِ شَي‌ءٍ أَنْكَرُ مِنَ المَعْرُوفِ وَلاَ أَعْرَفُ مِنَ المُنْكَرِ.

 فَقَدْ نَبَذَ الكِتَابَ حَمَلَتُهُ، وَتَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ.

 فَالكِتَابُ يَوْمَئِذٍ وَأَهْلُهُ مَنْفِيَّانِ طَرِيـدَانِ، وَصَـاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فِي‌ طَرِيقٍ وَاحِدٍ لاَ يُؤْوِيهِمَا مُؤْوٍ.

 فَالكِتَابُ وَأَهْلُهُ فِي‌ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَلَيْسَا فِيهِمْ، وَمَعَهُمْ وَلَيْسَا مَعَهُمْ، لاِنَّ الضَّلاَلَةَ لاَ تُوَافِقُ الهُدَي‌ وَإنِ اجْتَمَعَـا. فَاجْتَمَـعَ القَـوْمُ عَلَی‌ الفُرْقَةِ؛ وَافْتَرَقُوا عَنِ الجَمَاعَةِ كَأَ نَّهُمْ أَئمَّةُ الكِتَابِ وَلَيْسَ الكِتَابُ إمَامَهُمْ.

 فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ إلاَّ اسْمُهُ؛ وَلاَ يَعْرِفُونَ إلاَّ خَطَّهُ وَزَبْرَهُ. وَمِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحِينَ كُلَّ مُثْلَةٍ؛ وَسَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَی‌ اللَهِ فِرْيَةً؛ وَجَعَلُوا فِي‌ الحَسَنَةِ عُقُوبَةَ السَّيِّئَةِ.

 وَإِنَّمَا هَلَكَ مَن‌ كَانَ قَبْلَكُمْ بِطُولِ آمَالِهِمْ وَتَغَيُّبِ آجَالِهِمْ، حَتَّي‌ نَزَلَ بِهِمُ المَوْعُودُ الَّذِي‌ تُرَدُّ عَنْهُ المَعْذِرَةُ، وَتُرْفَعُ عَنْهُ التَّوْبَةُ وَتَحُلُّ مَعَهُ القَارِعَةُ وَالنِّقْمَةُ.

 أَيُّهَا النَّاسُ! إنَّهُ مَنِ اسْتَنْصَحَ اللَهَ وُفِّقَ وَمَنِ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلاً هُدِي‌َ لِلَّتِي‌ هِي‌َ أَقْـوَمُ. فإنَّ جَارَ اللَهِ آمِـنٌ، وَعَدُوَّهُ خَائِـفٌ. وَإنَّهُ لاَ يَنْبَغِي‌ لِمَنْ عَرَفَ عَظَـمَةَ اللَهِ أَنْ يَتَعَظَّـمَ. فَإنَّ رِفْعَـةَ الَّذِيـنَ يَعْلَمُـونَ مَا عَظَـمَتُهُ أَنْ يَتَوَاضَعُوا لَهُ وَسَلاَمَةُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُهُ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهُ.

 فَلاَ تَنْفِرُوا مِـنَ الحَقِّ نِفَارَ الصَّحِيحِ مِـنَ الاجْـرَبِ وَالبَارِي‌ مِـنْ ذِي‌ السُّقْمِ!

 وَاعْلَمُوا أَ نَّكُمْ لَنْ تَعْـرِفُـوا الرُّشْـدَ حَتَّي‌ تَعْـرِفُـوا الَّذِي‌ تَرَكَهُ؛ وَلَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الكِتَابِ حَتَّي‌ تَعْرِفُوا الَّذِي‌ نَقَضَهُ. وَلَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّي‌ تَعْرِفُوا الَّذِي‌ نَبَذَهُ.

 فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ فَإنَّهُمْ عَيْشُ العِلْمِ وَمَوْتُ الجَهْلِ. هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ؛ وَصَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ، وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِـمْ؛ [223] لاَ يُخَالِفُـونَ الدِّينَ وَلاَ يَخْتَلِفُـونَ فِيهِ. فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَـاهِدٌ صَادِقٌ وَصَامِتٌ نَاطِقٌ. [224]

خطبة‌ أُخري‌ له‌ علیه‌ السلام‌ حول‌ القرآن‌ وأهمّيّة‌ حماته‌ آل‌ محمّد

 وقد أورد أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ عند رجوعه‌ من‌ معركة‌ صفّين‌ [225] خطبةً في‌ عظمة‌ كتاب‌ الله‌ ووجوب‌ التمسّك‌ بآل‌ بيت‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌، فيقول‌ فيها بعد حمد الله‌ والثناء علیه‌ بلا حدّ والشهادة‌ بالتوحيد المحض‌:

 وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالدِّينِ المَشْهُورِ، وَالعَلَمِ المَأْثُـورِ وَالكِتَابِ المَسْـطُورِ، وَالنُّورِ السَّـاطِعِ، وَالضِّيَاءِ اللاَّمِـعِ، وَالاَمْرِ الصَّادِعِ.

 إزَاحَةً لِلشُّبُهَاتِ، وَاحْتِجَاجاً بِالبَيِّنَاتِ، وَتَحْذِيراً بِالآيَاتِ، وَتَخْوِيفاً بِالمَثُلاَتِ.

 وَالنَّاسُ فِي‌ فِتَنٍ انْجَذَمَ فِيهَا حَبْلُ الدِّينِ، وَتَزَعْزَعَتْ سَوَارِي‌ اليَقِينِ، وَاخْتَلَفَ النَّجْرُ، وَتَشَتَّتَ الاَمْرُ، وَضَاقَ المَخْرَجُ وَعَمِي‌َ المَصْدَرُ.

 فَالهُدَي‌ خَامِلٌ وَالعَمَي‌ شَامِلٌ، عُصِي‌َ الرَّحْمَنُ وَنُصِرَ الشَّيْطَانُ، وَخُذِلَ الإيمَانُ. فَانْهَـارَتْ دَعَائِـمُهُ، وَتَنَكَّرَتْ مَعَالِمُهُ، وَدَرَسَـتْ سُـبُلُهُ، وَعَفَتْ شُرُكُهُ.

 أَطَاعُوا الشَّيْطَانَ فَسَـلَكُوا مَسَـالِكَهُ، وَوَرَدُوا مَنَاهِلَهُ، بِهِمْ سَـارَتْ أَعْلاَمُهُ وَقَامَ لِوَاؤُهُ، فِي‌ فِتَنٍ دَاسَتْهُمْ بِأَخْفَافِهَا، وَوَطَئَتْهُمْ بِأَظْلاَفِهَا، وَقَامَتْ عَلَی‌ سَنَابِكِهَا.

 فَهُمْ تَائِهُونَ حَائِـرُونَ جَاهِلُونَ مَفْتُونُونَ فِي‌ خَيْرِ دَارٍ وَشَـرِّ جِيرَانٍ. نَوْمُهُمْ سُهُودٌ وَكُحْلُهُمْ دُمُوعٌ. بِأَرْضٍ عَالِمُهَا مُلْجَمٌ وَجَاهِلُهَا مُكَرَّمٌ.

 «وَمِنْهَا يَعْنِي‌ آلَ النَّبِي‌ِّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ»:

 مَوْضِعُ سِـرِّهِ، وَلَجَأُ أَمْـرِهِ، وَعَيْبَةُ عِلْمِهِ، وَمَوْئِلُ حِكَمِهِ، وَكُهُـوفُ كُتُبِهِ، وَجِبَالُ دِينِهِ. بِهِـمْ أَقَامَ انْحِنَـاءَ ظَهْـرِهِ، وَأَذْهَـبَ ارْتِعَـادَ فَرَائِصِـهِ الخطبة‌. [226]

 لقد استبان‌ ممّا ذكرنا أنّ القرآن‌ الكريم‌ كتابٌ لرشد النفوس‌ وتكميلها، فهو يقوم‌ بذلك‌ حين‌ لا تُصرف‌ آياته‌ فتُحمل‌ علی‌ معنيً ومحمل‌ آخر، بل‌ يؤخذ منها المراد الذي‌ عُني‌ فيها، وبغير ذلك‌ فإنّ الامر سيعطي‌ عكس‌ النتيجة‌ المتوخّاة‌:

 وَلاَ يَزِيدُ الظَّـ'لِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا. [227]

كيفيّة‌ قراءة‌ رسول‌ الله‌ للقرآن‌ الكريم‌

 ولقد كان‌ رسول‌ الله‌ يقرأ القرآن‌ فيكون‌ معه‌ كالعاشق‌ الولهان‌، تستقرّ الآيات‌ في‌ أعماق‌ روحه‌ فيصعد به‌ الوجد والسرور، أو يغرق‌ في‌ الحزن‌ والالم‌، لكأنّ كلاّ من‌ هذه‌ المعاني‌ القرآنيّة‌ اتّخذت‌ صورةً ف علیّةً خارجيّة‌ محسوسة‌ تتجسّم‌ أمام‌ ناظرَيْه‌. ولقد كان‌ تذكّر القرآن‌، وذِكر القرآن‌ وقراءته‌ واسـتماعه‌ أحلي‌ لروحه‌ من‌ كلّ لذّة‌ وأبعثَ علی‌ المسـرّة‌ والبهجة‌. [228]

 وقد ذكـر سـماحـة‌ العلاّمـة‌ الاُسـتاذ قدّس‌ الله‌ سـرّه‌ في‌ باب‌ سـننه‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌:

 180 ـ ومن‌ آدابه‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ قراءة‌ القرآن‌ ما في‌ مجالس‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ رحمه‌ الله‌ بإسناده‌ عن‌ أبي‌ الدنيا، عن‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ قال‌:

 كَانَ رَسُـولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَـلَّمَ لاَ يَحْجِـزُهُ عَنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ إلاَّ الجَنَابَةُ.

 181 ـ وروي‌ في‌ « مجمـع‌ البيان‌ » عن‌ أُمّ سَـلِمَة‌ قالـت‌: كَانَ النَّبِـي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً. [229]

 182 ـ وفي‌ « تفسـير أبي‌ الفتـوح‌ » كَانَ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَـلَّمَ لاَ يَرْقَدُ حَتَّي‌ يَقْرَأُ المُسَبِّحَاتِ، وَيَقُولُ: فِي‌ هَذِهِ السُّوَرِ آيَةٌ هِي‌َ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ. قَالُوا: وَمَا المُسَبِّحَاتُ؟!

 قَالَ: سُورَةُ الحَدِيدِ وَالحَشْرِ وَالصَّفِّ وَالجُمْعَةِ وَالتَّغَابُنِ.

 أقول‌: وروي‌ هذا المعني‌ في‌ « مجمع‌ البيان‌ » عن‌ العِرْبَاص‌ بنَ سَارِيَة‌. [230]

 183 ـ وروي‌ في‌كتاب‌ « درر اللئالي‌ » لابن‌ أبي‌ جمهـور الاحسـائي‌ّ، عن‌ جابر قَالَ: كَانَ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لاَ يَنَامُ حَتَّي‌ يَقْرَأُ تَبَارَكَ وَأل´م‌´ التَّنْزِيل‌. [231]

 184 ـ وورد في‌ « مجمع‌ البيان‌ »: روي‌ عن‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌، قال‌:

 كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ: «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الاْعْلَي‌»؛ وَأَوَّلُ مَنْ قَالَ «سُبْحَان‌ رَبِّي‌َ الاَعْلَي‌» مِيكَائِيلُ.

 أقول‌: وروي‌ صدر هذا الحديث‌ في‌ « البحار » عن‌ تفسير « الدرّ المنثور »، وهناك‌ أخبار وروايات‌ أُخري‌ في‌ ما كان‌ يقوله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ عند تلاوة‌ القرآن‌ أو عند تلاوة‌ سور أو آيات‌ مخصوصة‌، من‌ أرادها ف علیه‌ بمظانّها.

 وكان‌ له‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ خطب‌ وبيانات‌ يُرَغِّب‌ فيها ويحثّ علی‌ التمسّك‌ بالقرآن‌ والتدبّر فيه‌ والاهتداء بهديه‌ والاستنارة‌ بنوره‌.

 وكان‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ أولي‌ الناس‌ بما يندب‌ إليه‌ من‌ الكمال‌ وأسـبق‌ الناس‌ وأسـرعهم‌ إلی كلّ خير، وهو القائل‌ ـ في‌ الرواية‌ المشهورة‌: شَيَّبَتْنِي‌ سُورَةُ هُودٍ. [232]

 وقد روي‌ عن‌ ابن‌ مسعود، قال‌: أمرني‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ أن‌ أتلو علیه‌ شيئاً من‌ القرآن‌، فقرأتُ علیه‌ من‌ سورة‌ يونس‌ حتّي‌ إذا بلغتُ قوله‌ تعالي‌: وَرُدُّو´ا إِلَي‌ اللَهِ مَوْلَب'هُمُ الْحَقِّ الآية‌، [233]رأيته‌ وإذا الدمع‌ تدور في‌ عينيه‌ الكريمتَين‌. [234]

 و علی‌ هذا الاساس‌ روي‌ الكليني‌ّ عن‌ علی‌ّ بن‌ إبراهيم‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ النوفلي‌ّ، عن‌ السكوني‌ّ، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌:

 حَمَلَةُ القُرْآنِ عُرَفَـاءُ أَهْلِ الجَنَّةِ؛ وَالمُجْتَهِـدُونَ قُـوَّادُ أَهْلِ الجَنَّةِ؛ وَالرُّسُلُ سَادَةُ أَهْلِ الجَنَّةِ. [235]

حالات‌ الإمام‌ الكاظم‌ والإمام‌ السجّاد علیهما السلام‌ عند قراءة‌ القرآن‌

 وروي‌ الكليني‌ّ أيضاً عن‌ علی‌ّ بن‌ إبراهيم‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ قاسم‌ بن‌ محمّد، عن‌ سليمان‌ بن‌ داود المنقري‌ّ، عن‌ حفص‌ قال‌: سمعتُ الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر علیه‌ السلام‌ يقول‌ لرجل‌: أتحبّ البقاء في‌ الدنيا؟ فقال‌: نعم‌. فقال‌: ولِمَ؟ قال‌: لقراءة‌ قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ. فسكت‌ عنه‌. فقال‌ لحفص‌ بعد ساعة‌:

 يَا حَفَصُ! مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا وَشِيعَتِنَا وَلَمْ يُحْسِنِ القُرْآنَ عُلِّمَ فِي‌ قَبْرِهِ لِيَرْفَعَ اللَهُ بِهِ مِنْ دَرَجَتِهِ؛ فَإنَّ دَرَجَاتِ الجَنَّةِ عَلَی‌ قَدْرِ آيَاتِ القُرْآنِ، يُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ، فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْقَي‌.

 قال‌ حَفْص‌: فَمَا رَأَيْتُ أَحَدَاً أَشَـدَّ خَوْفَاً عَلَی‌ نَفْسِـهِ مِنْ مُوسَي‌ بنِ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ وَلاَ أَرْجَأَ النَّاسِ مِنْهُ. وَكَانَتْ قِرَاءَتُهُ حُزْناً. فَإذَا قَرَأَ فَكَأَ نَّهُ يُخَاطِبُ إنسَاناً. [236]

 وروي‌ الكليني‌ّ أيضاً بسنده‌ المتّصل‌، عن‌ الزهري‌ّ قال‌: قال‌ علی‌ّ بن‌ الحسين‌ علیهما السلام‌:

 لَوْ مَاتَ مَنْ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ لَمَا اسْتَوحَشْتُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ القُرْآنُ مَعِي‌. وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إذَا قَرَأَ «مَـ'لِكِ يَوْمِ الدِّينِ» يُكَرِّرُهَا حَتَّي‌ كَادَ أَنْ يَمُوتَ. [237]

 وأورد الكليني‌ أيضاً بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ الإمام‌ أبي‌ الحسن‌ موسي‌ بن‌ جعفر علیه‌ السلام‌، أنّ النوفلي‌ّ ذكر الصوت‌ عنده‌، فقال‌ علیه‌ السلام‌:

 إنَّ عَلِي‌َّ بْنَ الحُسَـيْنِ كَانَ يَقْـرَأُ فَرُبَّمَا مَـرَّ بِهِ المَارُّ فَصَعِقَ مِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ. وَإنَّ الإمَامَ لَوْ أَظْهَرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئَاً لَمَا احْتَمَلَهُ النَّاسُ مِنْ حُسْنِهِ.

 قُلْتُ: وَلَـمْ يَكُنْ رَسُـولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِـهِ يُصَـلِّي‌ بِالنَّاسِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالقُرآنِ؟

 فَقَالَ: إنَّ رَسُـولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ كَانَ يُحَمِّـلُ النَّاسَ مِـنْ خَلْفِهِ مَا يُطِيقُونَ. [238]

 وروي‌ الكليني‌ّ أيضاً بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌، قَالَ: كَانَ عَلِي‌ُّ بْنُ الحُسَيْنِ صَلَواتُ اللَهِ عَلَيْهِ أَحْسَنَ النَّاسِ صَوْتاً بِالقُرْآنِ وَكَانَ السَّقَّاؤُونَ يَمُرُّونَ فَيَقِفُونَ بِبَابِهِ يَسْمَعُونَ قِرَاءَتَهُ؛ وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَحْسَنَ النَّاسِ صَوْتاً. [239]

 لقد كانت‌ تلاوة‌ الإمام‌ زين‌ العابدين‌ علیه‌ السلام‌ للقرآن‌، وشرح‌ حالاته‌، وحال‌ الإغماء والتحيّر والفناء التي‌ كانت‌ تحصل‌ عنده‌ وقت‌ تلاوته‌ القرآن‌ لامرٌ عجيبٌ حقّاً؛ تُري‌ بأي‌ّ نظر ورؤية‌ كان‌ يتلوه‌؟ وأيّة‌ جهة‌ من‌ جهاته‌ كان‌ يواجه‌ ويُقابل‌؟ من‌ شاء الاطّلاع‌ الكامل‌ علی‌ ذلك‌ فليقرأ وليتدبّر وليتأمّل‌ دعاء الإمام‌ عند ختم‌ القرآن‌، الوارد في‌ « الصحيفة‌ السجّاديّة‌ » ليدرك‌ الابعاد الواسعة‌ والجهات‌ الكثيرة‌ التي‌ كانت‌ تستلفت‌ نظره‌ المقدّس‌ من‌ كلّ جانب‌ عند قراءته‌ القرآن‌. [240]

دعاء ختم‌ القرآن‌ في‌ «الصحيفة‌ السجّاديّة‌»

 ونكتفي‌ هنا بإيراد عدّة‌ فقرات‌ من‌ هذا الدعاء الكريم‌ المبارك‌ ونُحيل‌ القرّاء الكرام‌ إلی متن‌ الصحيفة‌ المقدّسة‌ ليستفيدوا من‌ دعاء ختم‌ القرآن‌ ومن‌ سائر أدعيتها الرشيقة‌ آناء ليلهم‌ وأطراف‌ نهارهم‌:

 اللَهُمَّ إنَّكَ أَعَنْتَني‌ عَلَی‌ خَتْمِ كِتَابِكَ الَّذِي‌ أَنْزَلْتَهُ نُورَاً؛ وَجَعَلْتَهُ مُهَيْمِنَاً عَلَی‌ كُلِّ كِتَابٍ أَنْزَلْتَهُ؛ وَفَضَّلْتَهُ عَلَی‌ كُلِّ حَدِيثٍ قَصَصْتَهُ؛ وَفُرْقَاناً فَرَقْتَ بِهِ بَيْنَ حَلاَلِكَ وَحَرَامِكَ؛ وَقُرْآناً أَعْرَبْتَ بِهِ عَنْ شَرَايعِ أَحْكَامِكَ، وَكِتَاباً فَصَّلْتَهُ لِعِبَادِكَ تَفْصِيلاً، وَوَحْيَاً أَنْزَلْتَهُ عَلَی‌ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ تَنْزِيلاً؛ وَجَعَلْتَهُ نُورَاً نَهْتَدِي‌ مِنْ ظُلَمِ الضَّلاَلَةِ وَالجَهَالَةِ بِاتِّبَاعِهِ، وَشِفَاءً لِمَنْ أَنْصَتَ بِفَهْمِ التَّصْدِيقِ إلَي‌ اسْتِمَاعِهِ، وَمِيزَانَ قِسْطٍ لاَ يَحِيفُ عَنِ الحَقِّ لِسَانُهُ، وَنُورَ هُدَيً لاَ يَطْفَأُ عَنِ الشَّاهِدِينَ بُرْهَانُهُ، وَعَلَمَ نَجَاةٍ لاَ يَضِـلُّ مَنْ أَمَّ قَصْدَ سُـنَّتِهِ؛ وَلاَ تَنَالُ أَيْـدِي‌ الهَلَكَاتِ مَنْ تَعَلَّـقَ بِعُرْوَةِ عِصْمَتِهِ.

 اللَهُمَّ فَإذَا أَفَدْتَنَا المَعُـونَةَ عَلَی‌ تِلاَوَتِهِ؛ وَسَـهَّلْتَ جَواسِي‌َ أَلْسِـنَتِنَا بِحُسْنِ عِبَارَتِهِ فَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَرْعَاهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ، وَيَدِينُ لَكَ بِاعْتِقَادِ التَّسْلِيمِ لِمُحْكَمَ آيَاتِهِ؛ وَيَفْزَعُ إلَي‌ الإقْرَارِ بِمُتَشَابِهِهِ وَمُوضِحَاتِ بَيِّنَاتِهِ.

 حتّي‌ يقول‌:

 اللَهُمَّ وَكَمَا نَصَبْتَ بِهِ مُحَمَّداً عَلَماً لِلدَّلاَلَةِ عَلَيْكَ، وَأَنْهَجْتَ بِآلِهِ سُبُلَ الرِّضَا إلَيْكَ فَصَلِّ عَلَی‌ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلِ القُرْآنَ وَسِيلَةً لَنَا إلَي‌ أَشْـرَفِ مَنَازِلِ الكَرَامَةِ؛ وَسُـلَّماً نَعْرُجُ فِيهِ إلَي‌ مَحَلِّ السَّلاَمَةِ؛ وَسَـبَباً نُجْـزَي‌ بِهِ النَّجَـاةَ في‌ عَرَصَـةِ القِيَـامَةِ، وَذَرِيعَةً نَقْـدُمُ بِهَا عَلَی‌ نَعِيـمِ دَارِ المُقَامَةِ!

 ثمّ يصل‌ إلی القول‌:

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی‌ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَدِمْ بِالقُرْآنِ صَلاَحَ ظَاهِرِنَا، وَاحْجُبْ بِهِ خَطَراتِ الوَساوِسِ عَنْ صِحَّةِ ضَمَائِرِنَا، وَاغْسِلِ بِهِ دَرَنَ قُلُوبِنَا وَعَلاَئِقِ أَوْزَارِنَا، وَاجْمَعْ بِهِ مُنْتَشَرَ أُمُورِنَا، وَأُرْوِ بِهِ فِي‌ مَوْقِفِ العَرْضِ عَلَيْكَ ظَمَأَ هَوَاجِرِنَا، وَاكْسُنَا بِهِ حُلَلَ الإيمَانِ يَوْمَ الفَزَعِ الاَكْبَرِ فِي‌ نُشُورِنَا. [241]

بلوغ‌ النبي‌ّ والائمّة‌ أسمي‌ مراتب‌ التصوّر بمجاهداتهم‌ وتبعيّتهم‌ للّه‌

 نعم‌، لقد كانت‌ آيات‌ القرآن‌ تستقرّ في‌ أعماق‌ نفس‌ الإمام‌ السجّاد علیه‌ السلام‌ فتسوق‌ فكره‌ وذِكره‌ وعنايته‌ من‌ عالم‌ الدنيا والغرور مباشرةً إلی عالم‌ التوحيد والعرفان‌ والبقاء. ولقد كان‌ القرآن‌ هو الذي‌ ينزّه‌ ويطهِّر الائمّة‌ وأولياء الله‌ ويوصلهم‌ إثر المجاهدة‌ وصقل‌ النفس‌ إلی أ علی‌ المدارج‌ المتصوّرة‌، لا أن‌ يكون‌ الله‌ قد خلق‌ وجودهم‌ ملائكيّاً لا حاجة‌ معه‌ للمجاهدة‌ والإرادة‌، أو أن‌ يكونوا قد قدموا في‌ هذا الدنيا متفرّجين‌ ومعلّمين‌ فقط‌.

 فهذا القول‌ خـلاف‌ للعقل‌، وخـلاف‌ للضـرورة‌، وخـلاف‌ الشـواهد القطعيّة‌ للكتاب‌ والسنّة‌، وهو قول‌ المتقاعسين‌ الذين‌ يقولون‌: ما لنا وللائمّة‌؟ فأُولئكَ كانوا ملكوتيِّين‌، لا ميل‌ لهم‌ إلی الشهوات‌، ولا رغبة‌ لهم‌ لسماع‌ الغناء والموسيقي‌، كما أنّ جمال‌ الوجوه‌ الفاتنة‌ كفلقة‌ قمر لا يبدو لديهم‌ إلاّ كالغول‌ البشع‌.

 والقائلين‌: إنّ مسألة‌ الائمّة‌ منفصلة‌ أساساً عن‌ البشر، فمهما جاهد البشر وتحمّل‌ الاذي‌ والمحنة‌ فلن‌ يصل‌ لمقام‌ عرفان‌ الله‌، لانّ المقام‌ السامي‌ للمعرفة‌ مختصٌّ بهم‌ ومقصورٌ علیهم‌.

 كلاّ، ليـس‌ الامـر كذلـك‌، قُلْ إِنَّمَآ أَنَا بَشَـرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَـي‌'´ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـ'هُكُمْ إِلَـ'هٌ وَ حِدٌ. [242]

 إنّ عبادات‌ رسول‌ الله‌ والائمّة‌ الطاهرين‌ وجهادهم‌ ومصابرتهم‌ وتحمّلهم‌، وآلامهم‌ ومحنهم‌، ونومهم‌ ويقظتهم‌، وعافيتهم‌ وسقمهم‌، وجوعهم‌ وشبعهم‌ تشير بجلاء في‌ جميع‌ الاُمور إلی كونهم‌ بشراً مجبولين‌ من‌ هذا الماء والطين‌، كلّ ما في‌ الامر أ نّهم‌ وصلوا إلی هذا المقام‌ بتبعيّتهم‌ لاوامر الله‌ وجهادهم‌ الشيطان‌ والنفس‌ الامّارة‌، وتحمّلهم‌ آلاف‌ المصاعب‌ والمتاعب‌، وطاعتهم‌ في‌ سـبيل‌ الله‌ وبهـدف‌ نيل‌ رضـا حضرته‌ القدسـيّة‌، وهو سبيلٌ وطريقٌ مفتوح‌ للجميع‌، وليس‌ طريق‌ العرفان‌ بمغلق‌ في‌ وجه‌ أحد، وبإمكان‌ كلّ أحد أن‌ ينال‌ مقام‌ التوحيد ويصبح‌ عبد الله‌ ووليّه‌، ويرد في‌ حرم‌ أمنه‌ وأمانه‌.

 وبالطـبع‌ فإنّ منصـب‌ الإمامة‌ منصـب‌ خاصّ منحصـر بالائمّة‌ علیهم‌ السلام‌، ولا علاقة‌ لهذا الامر بكمال‌ وتوحيد سائر الافراد، فجميع‌ سكّان‌ العالم‌ يمكنهم‌ طـي‌ّ هذا الدرب‌ في‌ ظـلّ تربية‌ وولاية‌ وإمـامة‌ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ لنيل‌ أ علی‌ درجة‌ في‌ كمال‌ الإنسانيّة‌.

باتّباع‌ المسلمين‌ لتعاليم‌ القرآن‌ قد بلغوا درجات‌ عالية‌

 إنّ المواعظ‌ الإلهيّة‌ في‌ كتاب‌ الله‌ المقدّس‌ تحرّك‌ النفس‌ الهيولانيّة‌ المسـتعدّة‌ للإنسـان‌، وتهب‌ الف علیّة‌ لجميع‌ الاسـتعدادات‌ والمواهب‌ خـلال‌ السير في‌ طريق‌ التربية‌ والت علیم‌، فهي‌ تعالج‌ الاسقام‌ الكامنة‌ والمتراكمة‌ في‌ النفوس‌، وتضـع‌ مرهم‌ الشـفاء علی‌ الجراحـات‌ المسـتعصية‌ علی‌ العـلاج‌ فتمنحها الشفاء والالتيام‌، وتعمّم‌ وتوسّع‌ رحمة‌ الظاهر ورحمة‌ الباطن‌.

 و علی‌ المؤمنين‌ أن‌ يتمسّـكوا بمثل‌ هذا الكتاب‌ ويسـعدوا ويسـرّوا بت علیم‌ القرآن‌، أي‌ بفضل‌ الله‌ ورحمته‌.

 قُلْ بِفَضْلِ اللَهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَ لِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ.[243]

 ويعجز العقل‌ عن‌ وصف‌ ما وصل‌ إليه‌ المسلمون‌ إثر ت علیم‌ القرآن‌، فأُولئك‌ الاقوام‌ المتعطّشة‌ للدماء، المفتقدة‌ للحميّة‌ والعاطفة‌ والإنصاف‌، وأُولئك‌ الذين‌ كانوا يئدون‌ بناتهم‌ أحياءً، صاروا وقد أ لَّفت‌ المودّة‌ والاُلفة‌ بين‌ قلوبهم‌ إثر اتّباعهم‌ القرآن‌ الكريم‌ بشكل‌ يصعب‌ تصوّره‌.

 وهناك‌ رواية‌ عن‌ حذيفة‌، عن‌ هشام‌ قال‌: أخذتُ إناءً في‌ معركة‌ بدر لاسقي‌ أحد إخوتي‌ في‌ الله‌، وكان‌ قد سقط‌ في‌ جانب‌ من‌ الميدان‌ تشخب‌ الدماء منه‌، فلمّا دنوتُ منه‌، قال‌: ناول‌ هذا الماء ذلك‌ الرجل‌ الساقط‌ هناك‌، فهو أشدّ ظمأً منّي‌، فأخذتُه‌ إليه‌، فقال‌: إنّ أخي‌ فلان‌ الساقط‌ علی‌ الارض‌ في‌ ذلك‌ الجانب‌ من‌ الميدان‌ أشدّ منّي‌ ظمأً، فخذ الماء إليه‌. فأخذت‌ الماء إليه‌ فوجـدتُه‌ قد فارق‌ الحياة‌، فعدتُ مسـرعاً إلی الثاني‌ فوجـدتُه‌ قد فارق‌ الحياة‌، فعجّلتُ إلی الاوّل‌ بالماء فرأيته‌ قد فارق‌ الحياة‌ أيضاً.

 كان‌ قدح‌ الماء القراح‌ في‌ يده‌، لكنّ شهداء طريق‌ الحقّ الثلاثة‌ ماتوا مؤثرين‌، يهدّهم‌ العطـش‌ والجـراح‌. ولقد كان‌ هؤلاء جميعـاً علی‌ أعتاب‌ التوحيد والعرفان‌ الإلهي‌ّ والت علیم‌ القرآني‌ّ فَبِذَ لِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ، فلقد اختمرت‌ قلوبهم‌ وضمائرهم‌ وأرواحهم‌، بهذه‌ الآية‌ فنتج‌ عنها جميعاً عجيناً واحداً خاصّاً.

 فقارنوا هذه‌ الرواية‌ مع‌ ما فعله‌ الجنود الفرنسيّون‌ الذين‌ قاتلوا في‌ جيش‌ نابليون‌ لهزيمة‌ الروس‌ في‌ روسيا، فقد جاء في‌ التأريخ‌ أنّ جنوده‌ حين‌ واجههم‌ في‌ روسيا برد الشتاء القارس‌ الذي‌ لا يُطاق‌، كانوا يعمدون‌ إلی بطون‌ المجروحين‌ الساقطين‌ علی‌ الارض‌ فيشقّونها ويدخلون‌ أيديهم‌ فيها ليدفِّئونها!!

 هذه‌ هي‌ حرب‌ الكافر وهدفه‌، وتلك‌ هي‌ حرب‌ المسلم‌ التابع‌ للقرآن‌ وهدفه‌.

سماع‌ الفضيل‌ آية‌: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَن‌ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَهِ

 ينقل‌ في‌ « سفينة‌ البحار » قصّة‌ الفُضَيل‌ بن‌ عِياض‌ [244] وكيف‌ أنّ آية‌ قرآنيّة‌ واحدة‌ استقرّت‌ في‌ أعماق‌ وجوده‌ فأثّرت‌ في‌ روحه‌ ومحت‌ برنامج‌ سنين‌ طويلة‌ من‌ القتل‌ والنهب‌ والإغارة‌، فتاب‌ وصار في‌ صفّ أولياء الله‌ والمقرّبين‌ في‌ فناء حضرته‌، وله‌ حالات‌ ومقامات‌ وكرامات‌ صارت‌ سبب‌ عبرة‌ أهل‌ زمانه‌، وقد جعله‌ كشف‌ الحجب‌ الظلمانيّة‌ ثمّ النورانيّة‌ في‌ زمرة‌ العرفاء السامين‌ الاجلاّء.

 يقول‌: كان‌ في‌ أوّل‌ أمره‌ يقطع‌ الطريق‌ بين‌ أبِيوَرْد و سَرَخْس‌، وكانت‌ القوافل‌ تعاني‌ منه‌ الامرَّين‌؛ عشق‌ جاريةً فبينما كان‌ يرتقي‌ الجدران‌ إليها سمع‌ تالياً يتلو:

 أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِيـنَ ءَامَنُـو´ا أَن‌ تَخْشَـعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْـرِ اللَهِ وَمَا نَـزَلَ مِـنَ الْحَقِّ. [245]

 فقال‌ والدموع‌ تنحدر ما مآقيه‌: آنَ، آنَ، آن‌ والله‌.

 فرجع‌ وآوي‌ الي‌ خربة‌، فإذا فيها رفقة‌، فقال‌ بعضهم‌: نرتحل‌. وقال‌ بعضهم‌: حتّي‌ نُصبح‌ فإنّ فضيلاً علی‌ الطريق‌ يقطع‌ علینا، فأخبرهم‌ الفضيل‌ بتوبته‌ وآمنهم‌ وقال‌: اذهبوا في‌ أمان‌ الله‌ لا بأس‌ علیكم‌. [246]

 ثمّ التحق‌ الفضيل‌ من‌ هناك‌ بصحبة‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ وصار من‌ أصحابه‌ وخواصّه‌ المحدِّثين‌ عنه‌، يذكره‌ جميع‌ الكبار بالوثاقة‌ والعدالة‌ ويعدّون‌ رواياته‌ معتبرة‌.

 يقول‌ المحدِّث‌ النوري‌ّ في‌ « مستدرك‌ الوسائل‌ » في‌ شرح‌ حال‌ كتاب‌ « مصباح‌ الشريعة‌ »:

 وبالجملة‌ فلا أستبعد أن‌ يكون‌ كتاب‌ « مصباح‌ الشريعة‌ » هو النسخة‌ التي‌ رواها الفضيل‌، فهو علی‌ مذاقه‌ ومسلكه‌، والذي‌ أعتقده‌ أ نّه‌ جمعه‌ من‌ ملتقطات‌ كلام‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ في‌ مجالس‌ وعظه‌ ونصيحته‌. ولو فُرض‌ فيه‌ شي‌ء يخالف‌ مضمونه‌ بعض‌ ما في‌ غيره‌ وتعذّر تأويله‌ فهو منه‌ علی‌ حسب‌ مذهبه‌ لا من‌ فِريته‌ وكذبه‌، فإنّه‌ ينافي‌ وثاقته‌ انتهي‌. [247]

 نعم‌، لقد ذهب‌ الفضـيل‌ من‌ محضـر الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السـلام‌ إلی مكّة‌ وتوفّي‌ فيها سنة‌ 187 ه. ق‌، يوم‌ عاشوراء. قيل‌: كان‌ للفضيل‌ ولد اسمه‌ علی‌ّ وكان‌ أفضل‌ من‌ أبيه‌ في‌ الزهد والعبادة‌، إلاّ أ نّه‌ لم‌ يتمتّع‌ بحياته‌ كثيراً، وكان‌ سبب‌ موته‌ أ نّه‌ كان‌ يوماً في‌ المسجد الحرام‌ واقفاً قرب‌ ماء زَمْزَم‌ فسمع‌ قارياً يقرأ:

 وَتَرَي‌ الْمُجْرِمِينَ يَؤْمَنءِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي‌ الاْصْفَادِ * سَرَابِيلُهُم‌ مِّن‌ قَطِرَانٍ [248] وَتَغْشَي‌' وُجُوهَهُمُ النَّارُ؛ [249] فصعق‌ ومات‌. [250]

 

ارجاعات


[201] ـ انظر: «تفسير الصافي‌» ج‌ 1، ص‌ 247، طبعة‌ الاُوفسيت‌، إسلاميّة‌؛ و«تفسير مجمع‌ البيان‌» ج‌ 1، ص‌ 401، طبعة‌ صيدا.

[202] ـ «تفسير الصافي‌» للمحدِّث‌ العظيم‌ الملاّ محسن‌ الفيض‌ الكاشاني‌ّ، ج‌ 1، ص‌ 247.

[203] ـ ذكر هذه‌ الروايات‌ العلاّمة‌ المجلسي‌ّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 455 و 456، طبعة‌ الكمباني‌ّ، وذكر كذلك‌ في‌ صفحة‌ 457 قضايا في‌ هذا الشأن‌. وروي‌ في‌ كتاب‌ «ينابيع‌ المودّة‌» للشيخ‌ سليمان‌ القندوزي‌ّ الحنفي‌ّ، ص‌ 233، طبعة‌ إسلامبول‌، عن‌ صاحب‌ كتاب‌ «الفردوس‌» عن‌ وهب‌ بن‌ صفي‌ البصري‌ّ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌: أَنَا أُقَاتِلُ عَلَی‌ تَنْزِيلِ القُرْآنِ، وَعَلِي‌ٌّ يُقَاتِلُ عَلَی‌ تأْوِيلِ القُرْآنِ.

[204] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 1، ص‌ 201، طبعة‌ دار الكتب‌ العربيّة‌، تحقيق‌ محمّد أبي‌ الفضل‌ إبراهيم‌.

[205] ـ الآية‌ 10، من‌ السورة‌ 48: الفتح‌: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَهَ يَدُ اللَهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن‌ نَّكَثَ فَإنَّمَا يَنكُثُ عَلَي‌' نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَي‌' بِمَا عَـ'هَدَ عَلَيْهُ اللَهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا.

[206] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 1، ص‌ 201؛ والآية‌ هي‌ الآية‌ 15، من‌ السورة‌ 72: الجنّ.

[207] ـ الحَفْل‌: المبالاة‌، حفلتُ كذا أي‌ باليتُ به‌.

[208] ـ نقلنا حديث‌ ابن‌ أبي‌ الحديد هذا من‌ بحار المجلسي‌ّ، ج‌ 8، ص‌ 457.

[209] ـ الجُزر: ما أُعدّ للذبح‌ كالشاة‌ والناقة‌.

[210] ـ «بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 457، طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[211] ـ «بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 457.

[212] ـ الآية‌ 178، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[213] ـ الآية‌ 179، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[214] ـ الآية‌ 33، من‌ السورة‌ 17: الاءسراء.

[215] ـ الآية‌ 7، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[216] ـ يشير علیه‌ السلام‌ إلی الآية‌ 12، من‌ السورة‌ 49، الحجرات‌: وَلاَ يَغْتَب‌ بَّعْضُكُم‌ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن‌ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَهَ إِنَّ اللَهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ.

[217] ـ يعني‌ به‌ أبا هريرة‌.

[218] ـ يعني‌ به‌ عمرو بن‌ العاص‌.

[219] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الرسالة‌ 55؛ وفي‌ «نهج‌ البلاغة‌» طبعة‌ مصر وت علیق‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌: ج‌ 2، ص‌ 112.

[220] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 17؛ وفي‌ طبعة‌ مصر وت علیق‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌: ج‌ 1، ص‌ 54.

[221] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 18؛ وفي‌ طبعه‌ مصر بت علیق‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌: ج‌ 1، ص‌ 55.

[222] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 131، وفي‌ طبعة‌ مصر بت علیق‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌: ج‌ 1، ص‌ 251 و 252.

[223] ـ لانّ ظاهرهم‌ في‌ هيئة‌ الخاشعين‌ والخاضعين‌، وباطنهم‌ مصفّي‌ بالصفاء الاءلهي‌ّ ومطهّر بالقدس‌ والطهارة‌ الملكوتيّة‌ والجبروتيّة‌ واللاهوتيّة‌. وقيل‌: الظاهر عنوان‌ الباطن‌.

[224] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 145؛ وفي‌ طبعة‌ مصر بت علیق‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌: ج‌ 1، ص‌ 265 إلی 267؛ وفي‌ شرح‌ الملاّ فتح‌ الله‌ الكاشاني‌ّ: ص‌ 250 إلی 253، وباعتبار اختلاف‌ ترتيب‌ خطبه‌ مع‌ سائر الشروح‌ فقد ذكر هذه‌ الخطبة‌ برقم‌ 175.

 يقول‌: في‌ «ينابيع‌ المودّة‌» الباب‌ 77، ص‌ 446، طبعة‌ إسلامبول‌: يقول‌ أمير المؤمنين‌ في‌ خطبةٍ في‌ «نهج‌ البلاغة‌»: وَاعْلَمُوا أَ نَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّي‌ تَعْرِفُوا الَّذِي‌ تَرَكَهُ... إلی قوله‌ علیه‌ السلام‌: فَإنَّهُمْ عَيْشُ العِلْمِ وَمَوْتُ الجَهْلِ.

[225] ـ يقول‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌ في‌ ت علیقته‌ علی‌ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 2، في‌ بيان‌ هذه‌ الكلمة‌: صفّين‌ كسِجِّين‌ محلّة‌ عدّها الجغرافيّون‌ من‌ بلاد الجزيرة‌ (ما بين‌ الفرات‌ ودجلة‌)، والمؤرّخون‌ من‌ العرب‌ عدّوها من‌ أرض‌ سوريا، وهي‌ اليوم‌ في‌ وادية‌ حلب‌ الشهباء، وهذه‌ الولاية‌ كانت‌ من‌ أعمال‌ سوريا.

 يقول‌ في‌ أقرب‌ الموارد: الشهباء لقب‌ مدينة‌ حلب‌، لقّبت‌ به‌ لبياض‌ صخورها.

[226] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ الثانية‌؛ وفي‌ طبعة‌ مصر وت علیق‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌: ص‌ 27 إلی 30.

[227] ـ الآية‌ 82، من‌ السورة‌ 17: الاءسراء: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّـ'لِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا.

[228] ـ أورد آية‌ الله‌ السيّد عبد الحسين‌ شرف‌ الدين‌ في‌ كتاب‌ «أبو هريرة‌» ص‌ 93، الطبعة‌ الثالثة‌، النجف‌، قال‌: وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ خُلْقِ النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَقَالَتْ: هَلْ قَرَأْتَ القُرْآنَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: خُلْقُهُ القُرْآنُ.

 ويقول‌ السيّد شرف‌ الدين‌ بعد ذلك‌: قُلْتُ: يَا لَهَا كَلِمَةً تَدُلُّ عَلَی‌ بَلاَغَتَهَا وَمَعْرِفَتَهَا بِكُنْهِ أَخْلاَقِهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَلاَ غَرْوَ فَقَدْ رَأَتْهُ وَالقُرْآنُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ، يَهْتَدِي‌ بِهَدْيِهِ، وَيَسْـتَضِي‌ءُ بِنُورِ عِلْمِهِ، مُتَعَبِّداً بِأَوَامِرِهِ وَزَوَاجِرِهِ، مُتَأدِّباً بِآدَابِهِ، مَطْبُوعَةً عَلَی‌ حِكْمَتِهِ، يَتْبَعُ أَثَرَهُ وَيَقْتَفِي‌ سُوَرَهُ.

[229] ـ أورد ابن‌ كثير الدمشقي‌ّ في‌ كتاب‌ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 7، ص‌ 162، ضمن‌ ترجمة‌ عبد الله‌ بن‌ مسعود، أ نّه‌ قال‌: قال‌ لي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ يوماً: اقْرَأْ عَلَي‌َّ.

 فقلتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟!

 قال‌: إنِّي‌ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي‌.

 ففتحت‌ سورة‌ النساء، فلمّا بلغتُ: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن‌ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَابِكَ عَلَي‌' هَـ'´ؤُلاَ´ءِ شَهِيدًا، رأَيتُ عيناه‌ تفيضان‌ من‌ الدمع‌، فقال‌ لي‌: حَسْبُكَ!

 ونقل‌ الغزّالي‌ّ هذا الخبر في‌ «إحياء العلوم‌» ج‌ 2، ص‌ 261، وأضاف‌ علیه‌:

 وفي‌ رواية‌ أ نّه‌ قرأ هذه‌ الآية‌ أو قُرئت‌ علیه‌: إنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا، فأغمي‌ علیه‌.

 وفي‌ روايةٍ أ نّه‌ بكي‌ حين‌ قرأ هذه‌ الآية‌: إِن‌ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ.

 وكان‌ من‌ عادته‌ إذا وصل‌ إلی آية‌ فيها رحمة‌ دعا واستبشر، وهو استبشارٌ ووجد أثني‌ الله‌ تعالي‌ علی‌ أصحابه‌، فقال‌: وَإِذَا سَمِعُوا مَآ أُنزِلَ إِلَي‌ الرَّسُولِ تَرَي‌'´ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ.

 وروي‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ كَانَ يُصَلِّي‌ وَلِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المِرْجَلِ.

[230] ـ روي‌ الكليني‌ّ في‌ «أُصول‌ الكافي‌» باب‌ فضل‌ القرآن‌، ج‌ 2، ص‌ 620، بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ جابر قال‌: سمعت‌ الاءمام‌ الباقر علیه‌ السلام‌ يقول‌: مَنْ قَرَأَ المُسَبِّحاتِ كُلَّهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، لَمْ يَمُتْ حَتَّي‌ يُدْرِكَ القَائِمَ؛ وَإنْ مَاتَ كَانَ فِي‌ جَوَارِ مُحَمَّدٍ النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

 أقول‌: المراد بالمسبّحات‌ السور الخمس‌ التي‌ تبدأ بـ سَبَّح‌ أو يُسَبِّح‌.

[231] ـ سورة‌ تبارك‌: السورة‌ 67، وسورة‌ ألم‌ تنزيل‌ هي‌ السورة‌ 32 من‌ القرآن‌ الكريم‌.

[232] ـ يُشير علیه‌ السلام‌ بقوله‌ هذا إلی قوله‌ تعالي‌ في‌ هذه‌ السورة‌: فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ.

 وقد وردت‌ هذه‌ الآية‌ في‌ موضعَين‌ من‌ القرآن‌، الاوّل‌ في‌ سورة‌ هود، الآية‌ 112: فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن‌ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا؛ والثاني‌ في‌ سورة‌ الشوري‌، الآية‌ 15: فَلِذَ لِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ.

 لذا ورد في‌ بعض‌ الروايات‌: شَيَّبَتْنِي‌ سُورَةُ هُودٍ وَأَخَوَاتُهَا.

 يقول‌ الشيخ‌ أبو الفتوح‌ الرازي‌ّ في‌ تفسيره‌، طبعة‌ مظفّري‌، ج‌ 3، ص‌ 101: قال‌ ابن‌ عبّاس‌: لم‌ تنزل‌ علی‌ رسول‌ الله‌ علیه‌ السلام‌ آية‌ أشدّ من‌ هذه‌ الآية‌، لذا قال‌ له‌ أصحابه‌: يَا رَسُولَ اللَهِ! أَسْرَعَ إلَيْكَ الشَّيْبُ! قال‌: شَيَّبَتْنِي‌ سُورَةُ هُودٍ. وفي‌ رواية‌: وَأَخَوَاتُهَا انتهي‌.

 وورد في‌ تفسير «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 199، طبعة‌ صيدا، بهذه‌ العبارة‌:

 وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا نُزِّلَ عَلَی‌ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ آيَةٌ كَانَتْ أَشَدَّ عَلَيْهِ وَلاَ أَشْقَي‌ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ.

 وَلِذَلِكَ قَالَ لاِصْحَابِهِ ـ حِينَ قَالُوا لَه‌: أَسْرَعَ إلَيْكَ الشَّيْبُ يَا رَسُولَ اللَهِ!: شَيَّبَتْنِي‌ سُورَةُ هُودٍ وَالوَاقِعَةُ.

 وذكرها في‌ «تفسير الصافي‌» ج‌ 2، ص‌ 815، بهذه‌ العبارة‌: وَعَنِ ابنِْ عَبَّاسٍ: مَا نُزِّلَتْ آيَةٌ كَانَتْ أَشَقَّ عَلَی‌ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: شَيَّبَتْنِي‌ هُودٌ وَالوَاقِعَةُ وَأَخَوَاتُهُمَا.

 وقال‌ الشيخ‌ علی‌ اليزدي‌ّ في‌ هامشه‌، ذيل‌ الصفحة‌: ونُقل‌ عن‌ البعض‌ أ نّه‌ قال‌: رأيت‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ المنام‌ فقلتُ له‌: يا رسول‌ الله‌! روي‌ عنك‌ قولك‌: شَيَّبَتْنِي‌ هُودٌ؟

 قال‌: نعم‌، فسألتُ: ما الذي‌ شَيّبك‌ فيها، أكان‌ قصص‌ الانبياء وهلاك‌ أُمهم‌؟

 قال‌: لا، وَلَكِنْ قَوْلُهُ: «فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتُ».

 (لا يخـفي‌ أنّ الحاجّ الشـيخ‌ علی‌ اليزدي‌ّ ـ وهو مصـحّح‌ ومتبنّـي‌ الطـبعة‌ الاُولي‌ الحجريّة‌ لـ «تفسـير الصافي‌» سنة‌ 1334، التي‌ أُعدّت‌ هذه‌ الطبعة‌ علی‌ أسـاسـها قد ذكر في‌ خاتمة‌ الكتاب‌ أ نّه‌ قد علّق‌ علی‌ بعض‌ مطالب‌ الكتاب‌، إلاّ أ نّه‌ لم‌ يُشخِّص‌ تلك‌ الموارد. ويبدو أنّ الموارد المعلمة‌ برقم‌ (110) ـ وهذا المورد منها هي‌ ت علیقاته‌).

 ويروي‌ في‌ خصال‌ الصدوق‌، ج‌ 1، ص‌ 199، باب‌ الاربعة‌، بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ أبي‌ بكر أ نّه‌ قال‌ لرسول‌ الله‌: يَا رَسُولَ اللَهِ! أَسْرَعَ إلَيْكَ الشَّيْبُ! قَالَ: شَيَّبَتْنِي‌ سُورَةُ هُودٍ وَالوَاقِعَةِ وَالمُرْسَلاَتِ وَعَمَّ يَتَساءَلُونَ.

[233] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 30، من‌ السورة‌ 10: يونس‌: هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّو´ا إِلَي‌ اللَهِ مَوْلَب'هُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم‌ مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ. وهذه‌ الرواية‌ منقولة‌ بالمعني‌.

[234] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 6، ص‌ 356 و 357.

[235] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 606.

[236] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 615.

[237] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 616.

[238] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 616.

[239] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 616.

[240] ـ ينقل‌ الشيخ‌ المفيد في‌ «الاختصاص‌» ص‌ 141، دعاءً عن‌ الاءمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ كان‌ يتلوه‌ بعد قراءة‌ القرآن‌: اللَهُمَّ إنِّي‌ قَدْ قَرَأْتُ مَا قَضَيْتَ لِي‌ مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي‌ أَنْزَلْتَهُ عَلَی‌ نَبِيِّكَ الصَّادِقِ، فَلَكَ الحَمْدُ رَبَّنَا. اللَهُمَّ اجْعَلْنِي‌ مِمَّنْ أَحَلَّ حَلاَلَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ وَآمَنَ بِمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ، وَاجْعَلْهُ لِي‌ أُنساً فِي‌ قَبْرِي‌ وَأُنساً فِي‌ حَشْرِي‌ وَأُنْساً فِي‌ نَشْرِي‌، وَاجْعَلْنِي‌ مِمَّنْ تُرَقِّيهِ بِكُلِّ آيَةٍ قَرَأْتُهَا لِي‌ دَرَجَةً فِي‌ أَعْلَي‌ عِلِّيِّينَ آمِينَ رَبَّ العَالَمِينَ، وَصَلَّي‌ اللَهُ عَلَی‌ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ... إلی آخر الدعاء الذي‌ يزيد علی‌ ما نقلنا منه‌ بمرّتين‌ ونصف‌ ويحوي‌ مضامين‌ ومفاهيم‌ عالية‌.

 وقد أورد العلاّمة‌ المحدِّث‌ الفيض‌ الكاشاني‌ّ هذا المقدار الذي‌ نقلناه‌ هنا في‌ «المحجّة‌ البيضاء» ج‌ 2، ص‌ 228.

[241] ـ الدعاء الثاني‌ والاربعون‌ من‌ «الصحيفة‌ الكاملة‌ السجّاديّة‌». واعلم‌ أنّ هذه‌ الصحيفة‌ تدعي‌ بالكاملة‌ باعتبارها مقابل‌ صحيفة‌ أُخري‌ عند الزيديّة‌ تقارب‌ نصف‌ هذه‌ الصحيفة‌. أمّا سند هذه‌ «الصحيفة‌ الكاملة‌» فهو في‌ أ علی‌ درجات‌ الاءتقان‌، لانّ كلاّ من‌ العلماء الاعلام‌ والاجلاّء الكرام‌ السبعة‌ قد رواها عن‌ بهاء الشرف‌. وبيان‌ ذلك‌ أنّ هذا الحقير التقي‌ يوماً بأُستاذه‌ في‌ فنّ الرجال‌ والحديث‌: سماحة‌ العلاّمة‌ الحاجّ الشيخ‌ آغا بزرك‌ الطهراني‌ّ قدّس‌ الله‌ سرّه‌ خلال‌ سنوات‌ دراستي‌ في‌ النجف‌ الاشرف‌، فتطرّق‌ الحديث‌ إلی «الصحيفة‌ السجّاديّة‌»، فجأء سماحته‌ بنسـخته‌ الخطّيّة‌ من‌ الصحيفة‌ وأراني‌ ما كتب‌ بإنشـائه‌ خلف‌ صفحتها الاُولي‌ كي‌ أنسخه‌، فنسخت‌ منه‌ في‌ صفحة‌ منفصلة‌ ألحقتها قبل‌ الصفحة‌ الاُولي‌ للنسخة‌ الخطّيّة‌ لصحيفتي‌.

 وإجمال‌ ذلك‌ المطلب‌ أن‌ الصحيفة‌ قد رواها عن‌ بهاء الشرف‌ الذي‌ ورد اسمه‌ في‌ بدايتها جماعة‌ ذكر منهم‌ الشيخ‌ نجم‌ الدين‌ جعفر بن‌ نجيب‌ الدين‌ محمّد بن‌ جعفر بن‌ هبة‌ الله‌ ابن‌ نما الحلّي‌ّ في‌ إجازته‌ المسطورة‌ في‌ إجازة‌ صاحب‌ «المعالم‌» وتأريخ‌ بعض‌ إجازاته‌ يرجع‌ لسنة‌ 637 ه. ق‌ كما جاء في‌ كتاب‌ إجازات‌ «البحار» ص‌ 108، وأُولئك‌ الجماعة‌ هم‌: جعفر ابن‌ علی‌ّ المشهدي‌ّ ـ أبو البقاء هبة‌ الله‌ بن‌ نما الشيخ‌ المقري‌ جعفر بن‌ أبي‌ الفضل‌ بن‌ شعرة‌ ـ الشريف‌ أبو القاسـم‌ بن‌ الزكي‌ّ العلوي‌ّ، الشـريف‌ أبو الفتح‌ بن‌ الجعفريّة‌ الشـيخ‌ سـالم‌ بن‌ قبارويه‌ الشيخ‌ عربي‌ بن‌ مسافر ـ وجميعهم‌ من‌ الاجلاّء والمشاهير انتهي‌ ملخّصاً.

 نعم‌، إنّ هذه‌ الصحيفة‌ مضافاً إلی التعبير عنها بالكاملة‌ فإنّها تُدعي‌ أيضاً بـ «أُخت‌ القرآن‌» و «إنجيل‌ أهل‌ البيت‌» و «زبور آل‌ محمّد».

 وقد قام‌ الشيخ‌ الحرّ العاملي‌ّ، المتوفّي‌ سنة‌ 1104 ه. ق‌ بجمع‌ ما ورد من‌ أدعية‌ الاءمام‌ السجّاد علیه‌ السلام‌ غير الواردة‌ في‌ «الصحيفة‌» وسمّاها بـ «الصحيفة‌ السجّاديّة‌ الثانية‌». وقام‌ الفاضل‌ المتبحّر الميرزا عبد الله‌ أفندي‌، صاحب‌ «رياض‌ العلماء» من‌ تلامذة‌ المجلسي‌ّ بجمع‌ مستدركات‌ الصحيفتَين‌ فصارت‌ «الصحيفة‌ السجّاديّة‌ الثالثة‌». وجمع‌ الشيخ‌ العلاّمة‌ الحاجّ الميرزا حسين‌ النوري‌ّ، المتوفّي‌ سنة‌ 1320 ه. ق‌ أدعية‌ الاءمام‌ التي‌ لم‌ ترد في‌ الصحيفة‌ الاُولي‌ والثانية‌ والثالثة‌، فدعيت‌ بـ «الصحيفة‌ السجّاديّة‌ الرابعة‌»، ثمّ قام‌ بعده‌ العلاّمة‌ السيّد محسن‌ الامين‌ صاحب‌ «الاعيان‌» بجمع‌ المستدركات‌ جميعها في‌ صحيفة‌ سجّاديّة‌ خامسة‌، وكذلك‌ قام‌ الشـيخ‌ محمّد صالح‌ المازندراني‌ّ الحائـري‌ّ المولود سـنة‌ 1297 ه. ق‌ بكتابة‌ صحيفة‌ سجّاديّة‌ سادسة‌ وردت‌ في‌ فهرست‌ تصانيفه‌.

 وينبغي‌ العلم‌ أ نّه‌ قد جري‌ تأليف‌ صحيفتين‌ علويّتَين‌، أُولاهما باسم‌ «الصحيفة‌ العلويّة‌ والتحفة‌ المرضـيّة‌» أ لّفها الشـيخ‌ عبد الله‌ بن‌ صـالح‌ بن‌ جمعة‌ البحـراني‌ّ، المتـوفّي‌ سـنة‌ 1135 ه. ق‌، وهو ابن‌ أخ‌ الشيخ‌ عبد علی‌ بن‌ جمعة‌ العروسي‌ّ الحويزي‌ّ صاحب‌ «تفسير نور الثقلين‌». والثانية‌ باسم‌ «الصحيفة‌ العلويّة‌ الثانية‌» جمعها المحدِّث‌ الكبير الحاجّ الميرزا حسين‌ النوري‌ّ، وهناك‌ كتاب‌ «الصحيفة‌ الحسينيّة‌» الذي‌ أ لَّفه‌ السيّد الميرزا محمّد حسين‌ الشهرستاني‌ّ المتوفّي‌ سنة‌ 1315 ه. ق‌.

 أمّا الادعية‌ الواردة‌ عن‌ الاءمام‌ الحجّة‌ عجّل‌ الله‌ تعالي‌ فرجه‌ فقد أُ لِّف‌ فيها أوّلاً «الصحيفة‌ الهادية‌ والتحفة‌ المهديّة‌» تأليف‌ الشيخ‌ إبراهيم‌ بن‌ محسن‌ الكاشاني‌ّ. وثانياً «الصحيفة‌ القائميّة‌» أو (المهدويّة‌) للعلاّمة‌ الكبير الشهيد المظلوم‌ المصلوب‌ الحاجّ الشيخ‌ فضل‌ الله‌ النوري‌ّ، ابن‌ أُخت‌ المحدِّث‌ النوري‌ّ. وثالثاً «الصحيفة‌ المهدويّة‌ في‌ أدعية‌ المهدي‌ّ» وتشمل‌ إنشاءات‌ الاءمام‌ فقط‌، لا ما نقله‌ عن‌ آبائه‌ الكرام‌، وهي‌ للعلاّمة‌ المحدِّث‌ الكبير الميرزا محمّد بن‌ رجب‌ علی‌ الطهراني‌ّ، المتوفّي‌ سنة‌ 1371 ه. ق‌، وكان‌ هذا الرجل‌ الكبير من‌ أتقياء وأعاظم‌ عصره‌، وكان‌ يمتنع‌ من‌ التصدّي‌ للاءفتاء، وتحمّل‌ في‌ هذا المجال‌ المصائب‌ أيّام‌ حياته‌، له‌ تصانيف‌ عديدة‌ أهمّها كتاب‌ كبير باسم‌ «مستدرك‌ بحار العلاّمة‌ المجلسي‌ّ»، وهو خال‌ هذا الحقير لابيه‌، وكان‌ ربيب‌ العلاّمة‌ الحاجّ الميرزا محمّد حسن‌ الشيرازي‌ّ صاحب‌ فتوي‌ تحريم‌ التنباكو، ومن‌ أعاظم‌ تلامذته‌. قضي‌ عمره‌ في‌ سامرّاء في‌ التحصيل‌ والتدريس‌ والت علیم‌ وتدوين‌ الكتب‌ وإحياء الفقه‌ الجعفري‌ّ، توفّي‌ هناك‌ في‌ التسعين‌ من‌ عمره‌ ودُفن‌ في‌ الرواق‌ المطهَّر.

[242] ـ الآية‌ 110، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[243] ـ الآية‌ 58، من‌ السورة‌ 10: يونس‌، وقال‌ قبل‌ هذه‌ الآية‌: يَـ'´أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُم‌ مَّوْعِظَةٌ مِّن‌ رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي‌ الصُّدُورِ وَهُدًي‌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ.

[244] ـ عِياض‌ (بكسر العين‌)، وقد ذكر الشيخ‌ العطّار في‌ «تذكرة‌ الاولياء» ص‌ 78 إلی 87 ترجمة‌ الفضيل‌ وشرح‌ حاله‌، يقول‌ في‌ جملته‌: ذهب‌ هارون‌ الرشيد ووزيره‌ الفضل‌ البرمكي‌ّ لرؤيته‌، فإذا هو يتلو هذه‌ الآيـة‌: أَمْ حَسِـبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّـيِّئَاتِ أَن‌ نَّجْعَلَهُـمْ كَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ. الآية‌ 21، من‌ السورة‌ 45: الجاثية‌، فقال‌ هارون‌: إن‌ جئتُ أطلب‌ الموعظة‌ ففي‌ هذه‌ كفاية‌. ثمّ قرعوا الباب‌، فقال‌: من‌ هذا؟

 قال‌ الفضل‌: أجب‌ أمير المؤمنين‌.

 قال‌: ما لي‌ ولامير المؤمنين‌؟ وما يبغي‌ منّي‌ أمير المؤمنين‌؟

 قال‌: أوَلَيست‌ طاعة‌ أُولي‌ الامر واجبة‌؟

 قال‌: لا ترغّبني‌ بذلك‌.

 قال‌: أتفتح‌ طوعاً أم‌ بأمر.

 قال‌: لا حاجة‌ للامر، إن‌ شئتم‌ الدخول‌ كرهاً فأنتم‌ وشأنكم‌.

 فدخل‌ هارون‌ وجاء قرب‌ الفضيل‌ فنفخ‌ الفضيل‌ الشمعة‌ لئلاّ يري‌ وجهه‌، فمدّ هارون‌ يده‌ إليه‌ ومدّ فضيل‌ يده‌ إليه‌، فقال‌: مَا أَلْيَنَ هَذَا الكَفَّ لَوْ نَجَا مِنَ النَّارِ!

 قال‌ هذا وقام‌ للصـلاة‌، فتغيّـر وجه‌ هارون‌ وبكي‌، وقال‌: زدني‌!... حتّي‌ يصـل‌ إلی القول‌: فبكي‌ هارون‌ بكاءً شديداً حتّي‌ كاد أن‌ يُغمي‌ علیه‌، فقال‌ الفضل‌ الوزير: كُفّ فقد قتلتَ أمير المؤمنين‌!

 قال‌: صَهْ يا هامان‌! أنت‌ وصحبُـك‌ تقتلـونه‌، ثمّ تقـول‌ لي‌: قتلتَه‌، أفهذا هو القتل‌؟! فزاد بكاء هارون‌ لهذا الكلام‌، ثمّ التفت‌ إلی الفضل‌، وقال‌:

 ولقد دعاك‌ هامان‌ ليضعني‌ مكان‌ فرعون‌.

[245] ـ صدر الآية‌ 16، من‌ السورة‌ 57: الحديد.

[246] ـ «سفينة‌ البحار» المحدِّث‌ القمّي‌ّ، ج‌ 2، ص‌ 369.

[247] ـ بحث‌ المحدِّث‌ النوري‌ّ في‌ خاتمة‌ «المستدرك‌» ج‌ 3، ص‌ 328 بشأن‌ «مصباح‌ الشريعة‌» فقال‌: وقد قطع‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ والكفعمي‌ّ والشهيد الثاني‌ بكونه‌ للاءمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌، مع‌ أنّ بعض‌ العلماء شكّكوا في‌ سـنده‌. ثمّ يبيّن‌ المحدِّث‌ النوري‌ّ رأيه‌ أخيراً ـ في‌ ص‌ 333 بالعبارات‌ التي‌ أوردناها.

[248] ـ جاء في‌ «أقرب‌ الموارد» أن‌ القِطْران‌ (بفتح‌ القاف‌ وكسرها)، و القَطِران‌ (بفتح‌ القاف‌ وكسر الطاء) مادّة‌ سائلة‌ دهنيّة‌ تستخرج‌ من‌ شجرة‌ الاُبهل‌ والارز.

[249] ـ الآيتان‌ 49 و 50، من‌ السورة‌ 14: إبراهيم‌.

[250] ـ «سفينة‌ البحار» ج‌ 2، ص‌ 369.

      
  
الفهرس
  البحث‌ الخامس‌: منطق‌ القرآن‌ هو التوحيد الخالص‌ في‌ جميع‌ الشؤون‌
  الآيات‌ الدالّة‌ علی أنّ الله‌ شهيد ورقيب‌ وحفيظ‌ ومحيط‌ بكلّ شي‌ء
  خطبة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ وجوب‌ التمسّك‌ بالقرآن‌
  ابن‌ أبي‌ الحديد ينقل‌ مطالب‌ في‌ شأن‌ القرآن‌
  روايات‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ في‌ شأن‌ القرآن‌
  القرآن‌ يربط‌ بين‌ جميع‌ الموجودات‌ بنظرته‌ التوحيديّة‌
  مقدّمات‌ الثورة‌ الاُوروبّيّة‌ علی‌ البابوات‌ دعاة‌ الجاه‌ والسلطة‌
  نقد علماء أُوروبّا في‌ مدي‌ موافقة‌ التوراة‌ والإنجيل‌ للعلم‌ والتأريخ‌
  القرآن‌ يفضح‌ أخطاء التوراة‌ والإنجيل‌ الف علیَّين‌ ويتّهم‌ القساوسة‌
  الكسيس‌ كارل‌ يوضِّح‌ علّة‌ إخفاق‌ العلوم‌ الطبيعيّة‌
  تخبّط‌ الشرق‌ والغرب‌ في‌ أسر المادّيّة‌
  تعميم‌ نعمة‌ القرآن‌ ونشرها يستوجب‌ الجهاد لذلك‌
  أحكام‌ الإسلام‌ في‌ الجهاد من‌ القتل‌ والاسر والفدية‌ والنهب‌ والإغارة‌
  فلسفة‌ الجهاد في‌ الإسلام‌ هي‌ الإيثار وإنفاق‌ التوحيد ونشره‌ علی‌ مفتقديه‌
  قصّة‌ عبور النبي‌ّ الاكرم‌ علی‌ الاسري‌ وتبسّمه‌
  بحث‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ حول‌ الرقّ والعبوديّة‌ في‌ آخر سورة‌ المائدة‌
  الآيات‌ الدالّة‌ علی‌ أنّ جميع‌ الموجودات‌ هم‌ أرقّاء وعبيد بشكل‌ مطلق‌ للّه‌
  إلغاء الإسلام‌ العبوديّة‌ الناشئة‌ من‌ جهة‌ الغلبة‌ ومن‌ جهة‌ ولاية‌ الابوين‌
  الآيات‌ الدالّة‌ علی‌ تساوي‌ أفراد البشر من‌ جميع‌ الجوانب‌ عدا التقوي‌
  شروط‌ الجهاد الإسلامي‌ّ وكيفيّة‌ قتل‌ وأسر الكافرين
  الاماكن‌ التي‌ عُهد فيها استعمال‌ الرقيق‌ في‌ قديم‌ الزمان‌ والتي‌ لم‌ يُعهد فيها
  التأريخ‌ وكيفيّة‌ تحرير العبيد
  الإنسان‌ يعيش‌ دوماً في‌ إطار محدّد، وتعبير الحرّيّة‌ المطلقة‌ اسمٌ بلا مسمّي‌
  القوّة‌ الدفاعيّة‌ في‌ القتل‌ وأسر العدوّ ضروريّة‌ لاي‌ّ مجتمع‌
  إلغاء لفظ‌ الرقّ من‌ أجل‌ الحفاظ‌ علیه‌ بنحوٍ أتمّ وأكمل‌
  الآيات‌ والروايات‌ الواردة‌ في‌ وجوب‌ الجهاد في‌ سبيل‌ الله‌
  النهضة‌ الجزائريّة‌ ضدّ الاستعمار الفرنسي‌ّ الجائر كانت‌ اتّباعاً للقرآن‌
  طريق‌ العلاج‌ الوحيد للمسلمين‌ في‌ العودة‌ إلی القرآن‌
  سيطرة‌ الاُوروبّيّين‌ علی‌ العالم‌ بعد اكتشاف‌ كريستوف‌ كولومبس‌
  علل‌ ضعف‌ المسلمين‌ ناشي‌ من‌ ضعف‌ العمل‌ بالقرآن‌
  الحروب‌ الصليبيّة‌ والإبادة‌ الجماعيّة‌ للمسلمين‌ في‌ الاندلس‌
  غلبة‌ الإنجليز علی‌ العراق‌ في‌ الحرب‌ العالميّة‌ كان‌ ناشئاً من‌ الارتشاء
  جهاد العلماء والشعب‌ ضدّ الهجوم‌ الإنجليزي‌ّ
  كانت‌ الحرب‌ العراقيّة‌ الظالمة‌ لإسقاط‌ إيران‌ الإسلاميّة‌
  السياسة‌ الإنجليزيّة‌ في‌ أي‌ّ بلد تتمثّل‌ في‌ الدعوة‌ إلی القوميّة‌
  عمل‌ المستعمرين‌ يماثل‌ أُسلوب‌ فراعنة‌ مصر مع‌ العبيد في‌ بناء الاهرام‌
  منطق‌ المستعمرين‌ هو القوّة‌ والاقتدار
  استعمار العالم‌ يمثّل‌ نفس‌ قوانين‌ الغاب‌ بصياغة‌ جديدة‌
  منطق‌ المستعمرين‌ يعاكس‌ تماماً المنطق‌ القرآني‌ّ
  رأي‌ السيّد جمال‌ الدين‌ الاسدآبادي‌ّ في‌ عداء إنجلترا للمسلمين‌
  خطبة‌ السيّد جمال‌ الدين‌ في‌ مصر حول‌ عظمة‌ القرآن‌
  الإغماء علی‌ السيّد جمال‌ الدين‌ وأعضاء الجمعيّة‌ إثر خطبة‌ حول‌ القرآن‌
  ترجمة‌ حياة‌ السيّد جمال‌ الدين‌ الاسدآبادي‌ّ ومؤلّفاته‌
  الدعوة‌ إلی الجهاد تتأ لّق‌ مضيئة‌ في‌ معالم‌ القرآن‌
  مقولة‌ محمّد عبده‌ في‌ عداء السيّد جمال‌ الدين‌ لإنجلترا
  فتن‌ الإنجليز في‌ المستعمرات‌ تنفّذ علی‌ يد عملائهم‌ الماسونيّين‌
  التدخّل‌ المقيت‌ لدولة‌ إنجلترا في‌ تعيين‌ مصير الشعب‌ الإيراني‌ّ
  تدخّل‌ الإنجليز في‌ فتنة‌ إيران‌ تحت‌ اسم‌ النهضة‌ الدستوريّة‌
  عدم‌ استسلام‌ السلطان‌ أحمد شاه‌ أمام‌ الضغوط‌ الإنجليزيّة‌ القويّة‌
  كان‌ أحمد شاه‌ يحسب‌ للعواقب‌، فلم‌ يجعل‌ المصلحة‌ العامّة‌ فداءً لرئاسته‌
  أحمد شاه‌ يطوي‌ تأريخاً مليئاً بالاحداث‌ ولا يرضي‌ بالخيانة‌
  خطاب‌ أحمد شاه‌ في‌ فرنسا بشأن‌ حقّانيّته‌
  سفر فروغي‌ إلی باريس‌ لشراء استقالة‌ أحمد شاه‌ بمليون‌ ليرة‌
  يتمثّل‌ النهج‌ الاستعماري‌ّ الكافر في‌ الخيانة‌، والنهج‌ القرآني‌ّ في‌ الحياة‌
  وجود الإمام‌ المعصوم‌ حقيقة‌ القرآن‌
  البحث‌ السادس‌: سير القرآن‌ في‌ آيات‌ الانفس‌
  تفسير آية‌: اللَهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَبًا مُّتَشَـبِهًا مَّثَانِيَ
  روايات‌ الخاصّة‌ والعامّة‌ علی‌ أنّ البسملة‌ جزء من‌ القرآن‌
  معني‌ المثاني‌ والسور الطوال‌ والمئين‌ والمفصّلات‌ والقِصار
  جميع‌ آيات‌ القرآن‌ متشابهة‌ ومثاني‌
  ماذا تفعل‌ آيات‌ القرآن‌ بنفوس‌ المؤمنين‌؟
  عدم‌ قبول‌ آيات‌ القرآن‌ من‌ علائم‌ الكفر
  موقف‌ الكفّار من‌ قبول‌ القرآن‌ موقف‌ الاصمّ الذي‌ لا يسمع‌
  الروايات‌ الواردة‌ في‌ أنّ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ هم‌ الراسخون‌ في‌ العلم‌
  قتال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ للناكثين‌ والقاسطين‌ والمارقين‌
  >>قول‌ رسول‌ الله‌ بأنّ علیّاً خاصف‌ النعل‌ يُقاتِل‌ في‌ سبيل‌ الله‌
  الروايات‌ الواردة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ في‌ جهاد أمير المؤمنين‌ للمنافقين‌
  رسالته‌ في‌ «نهج‌ البلاغة‌» لمعاوية‌ في‌ سعي‌ معاوية‌ للرئاسة‌ متأوّلاً للقرآن‌
  «نهج‌ البلاغة‌» وشكوي‌ الإمام‌ من‌ عدم‌ تفسير بعض‌ الآيات‌ ببعضها الآخر
  خطبته‌ علیه‌ السلام‌ في‌ «نهج‌ البلاغة‌» حول‌ عظمة‌ القرآن‌
  خطبة‌ أُخري‌ له‌ علیه‌ السلام‌ حول‌ القرآن‌ وأهمّيّة‌ حماته‌ آل‌ محمّد
  كيفيّة‌ قراءة‌ رسول‌ الله‌ للقرآن‌ الكريم‌
  حالات‌ الإمام‌ الكاظم‌ والإمام‌ السجّاد علیهما السلام‌ عند قراءة‌ القرآن‌
  دعاء ختم‌ القرآن‌ في‌ «الصحيفة‌ السجّاديّة‌»
  بلوغ‌ النبي‌ّ والائمّة‌ أسمي‌ مراتب‌ التصوّر بمجاهداتهم‌ وتبعيّتهم‌ للّه‌
  باتّباع‌ المسلمين‌ لتعاليم‌ القرآن‌ قد بلغوا درجات‌ عالية‌
  سماع‌ الفضيل‌ آية‌: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَن‌ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَهِ
  بشر الحافي‌ وانقلاب‌ حاله‌ من‌ كلامٍ لموسي‌ بن‌ جعفر علیهما السلام‌
  تأثير خطبة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ همّام‌ ومفارقته‌ الحياة‌
  تصدّع‌ كبد بشر الحافي‌ من‌ عشق‌ الله‌ حسب‌ نقل‌ الشهيد الثاني‌ رحمه‌ الله‌
  التدبّر والتأمّل‌ في‌ القرآن‌ مفتاح‌ النجاة‌ والسعادة‌
  الديوان‌ المنسوب‌ لامير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ والاشعار المتعلّقة‌ بالقرآن‌
  وجوب‌ الإنصات‌ للقرآن‌ عند قراءته‌
  الروايات‌ الواردة‌ حول‌ قراءة‌ القرآن‌ في‌ البيوت‌
  من‌ آداب‌ قراءة‌ القرآن‌: الصوت‌ الحسن‌، والاستعاذة‌
  لا يجب‌ قراءة‌ سورة‌ كاملة‌ في‌ الصلاة‌ بعد سورة‌ الحمد
  قراءة‌ القرآن‌ وصلاة‌ الليل‌ لامير المؤمنين‌ والفواطم‌ في‌ صحراء الهجرة‌
  ممانعة‌ قريش‌ لحركة‌ أمير المؤمنين‌ والفواطم‌ صوب‌ المدينة‌
  كيفيّة‌ أداء رسول‌ الله‌ صلاة‌ الليل‌ وتلاوة‌ القرآن‌
  في‌ الصلوات‌ الواجبة‌ والمستحبّة‌ ينبغي‌ القراءة‌ من‌ أي‌ّ موضع‌ من‌ القرآن‌
  إشراف‌ عبّاد بن‌ بشر علی‌ الموت‌ في‌ غزوة‌ ذات‌ الرقاع‌ وعدم‌ قطعه‌ تلاوته‌
  آخر خطبة‌ لامير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ وذكره‌ لإخوانه‌ الشهداء
  شهادة‌ عمّار بن‌ ياسر في‌ معركة‌ صفّين‌
  البحث‌ السابع‌: ثمرة‌ القرآن‌: تربية‌ الإنسان‌ الكامل‌
  التنزيل‌ في‌ القرآن‌ المفصّل‌، والنزول‌ في‌ القرآن‌ المحكم‌
  نفس‌ رسول‌ الله‌ متّحدة‌ مع‌ القرآن‌ السامي‌ والمحكم‌
  يمتلك‌ حملة‌ القرآن‌ أشرف‌ مكارم‌ الإنسانيّة‌
  لو أُعطي‌ القرآن‌ لاحد لنال‌ أعظم‌ المواهب‌ الإلهيّة‌
  القائد والدليل‌ إلی الله‌ ينبغي‌ أن‌ يكون‌ عارفاً بالقرآن‌
  قصّة‌ الشابّ الذي‌ قال‌ في‌ المسجد لرسول‌ الله‌: أصبحت‌ مُوقناً
  ّقول قراء القرآن‌ في‌ جواب‌ الله‌ وفي‌ آيات‌ السجدة‌
  قصّة‌ قول‌ سيّد الشهداء لحبيب‌ بن‌ مظاهر: للّه‌ درّك‌ يا حبيب‌!
  معني‌ وتفسير الروايات‌ الواردة‌ في‌ أنّ القرآن‌ بيان‌ لحقيقة‌ الاءمام‌
  آيات‌ من‌ القرآن‌ وتأويلها بشأن‌ الائمّة‌
  المراد بالصراط‌ المستقيم‌، صراط‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌
  أبيات‌ الاُزري‌ّ في‌ أنّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ حقيقة‌ القرآن‌
  معني‌ كفانا كتاب‌ الله‌: نقض‌ كتاب‌ الله‌ وعدم‌ القبول‌ به‌
  الروايات‌ الواردة‌ في‌ اتّحاد نفس‌ النبي‌ّ بأمير المؤمنين‌ في‌ التحقّق‌ بالقرآن‌
  حبيب‌ بن‌ مظاهر كان‌ يختم‌ القرآن‌ كلّ ليلة‌
  نقل‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ أنّ أصحاب‌ الإمام‌ الحسين‌ كانوا كالاُسود الضارية‌
  البحث الثا من: سیر القرآن فی آیات الآفاق، وعظمة اخلاق القرآ ن
  تفسیر آیة: سَنُرِيهِمْ ءَايَـ تِنَا فِي‌ الاْفَاقِ وَفِي‌´ أَنفُسِـهِمْ حَتَّي يَتَبَيَّنَ ...
  جمیع مراتب الحق لله تعالی
  دعوة القرآن للتفکر فی الاشیاء الخارجیة وفی صنع الله تعالی
  مضامین متباینة لآیات القرآن الکریم فی اصل خلقة الانسا ن
  کلام الطنطاوی فی تفسیر الامشاج
  تصریح الآیة القرآ نیة با لحرکة ا لجوهریة التی یقول بها صدر المتألهین
  خلق الله تعالی جمیع الموجودات أزواجا
  تفسیرآیة:: وَمِن‌ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
  معنی« زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ » فی« وَمِن‌ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ»
  إخبار القرآن با تصال الکواکب السیارة مع الکرة الأرضیة قبل انفصالها عنها
  إخبار القرآن ونهج البلاغة عن فرضیة لابلاس و نیوتن وکبلر
  کلام سماحة العلامة فی کیفیة انفصال الأجرام بعد أن کانت متصلة
  کلام الطنطاوی فی تفسیر آیة: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا...
  العلوم المادیة والطبیعیة شریفة وذات فضل مااوجبت کمال الإنسان
  تفسیر العلامة الطباطبائی لآیة: وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَي‌ بَعْضٍ فِي‌ الاْكُلِ
  الروایات الواردة فی نص:أنا وأنت یا علی من شجرة واحدة
  آیات قرآنیة أًخری تدعو الی السیر فی الآیات الآفاقیة
  الآیات الواردة فی کیفیة الإنفاق وظرائف نکات الأخلاق
  کان سخاء رسول الله صلی الله علیه وآله یفوق الحد
  آیات الإنفاق الأربع عشرة فی سورة البقرة
  آیات سورة النحل فی نعم الله تعالی
  مَا رَأَيْتُ شَيئَاً إلاَّ وَرَأَيْتُ اللَهَ مَعَهُ
  مضامین دعاء سيّد الشهداء عليه‌ السلام‌الرفیعة فی یوم عرفة‌
  عبارات دعاء عرفة تشیر إلی الله تعالی فی جمیع الموجودات
  الملکات العرفانیة لسید الشهداء علیه السلام فی الزیارة المطلقة
  البحث التاسع: العربیة وإعجاز القرآن
  تفسیر آیة الله العلامة لمعنی: إِنَّا جَعَلْنَـ هُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
  معنی أًم الکتاب و علی وحکیم من صفات القرآن
  کثرة الآیات القرآنیة التی تتحدث عن نزول القرآن بلسان عربی
  تفسیر آیة الله العلامة لایة: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ * عَلَي‌ قَلْبِكَ
  الآیات الدالة علی نزول القرآن بلسان عربی فی سور الشوری والأحقاف و طه
  مطالب عن غوستاف لوبون فی عظمة الإسلام والعرب
  کلام غوستاف لوبون فی عظمة القرآن ومعنی التوحید فی الإسلام
  غوستاف لوبون: التقاء المسلمین فی أمرین: اللغة العربیة والحج
  أمر المعصیة والعقاب أحد أهم موارد الإختلاف بین المسلمین والمسیحیین
  عقیدة النصاری فی معصیة البشر وفداء المسیح مخالفة صریح العقل
  بحث غوستاف لوبون حول اللغة العربیة
  لاتوجد فی جمیع العالم لغة تماثل العربیة جلالة ورفعة
  السید جمال الدین یهاجم رینان لادعائه عجز العرب فی العلم والفلسفة
  غوستاف لوبون یستجوب إرنست رینان فی مسألة حضارة العرب
  الافتخار بالعرق والقومیة أمرمذموم، لأن العرق لیس أمرااختیاریا
  إحراق العرب لمکتبتی الإسکندریة وإیران إشاعة کاذبة
  إحیاء اللغات الفارسیة القدیمة یمثل نکوصا عن تعالیم القرآن
  الترویج للفردوسی ودیوانه « شاهنامه‌ »،ترویج العداء للإسلام
  الاستعمار یصور الجهاد الإسلامی أشبه بهجوم الإسکندر والمغول
  هدف الاستعمارمن الثقافة ضعضعة المستوی العلمی للقرآن فی الأذهان
  القرآن کتاب محبب ومقبول حتی للکفار
  العصر السامانی هو عصر بدایة دخول المفردات العربیة فی اللغة الفارسیة.
  رسالة المطهری إلی قائد الثورة الفقید فی تشخیص هویة الدکتور شریعتی(التعلیقة)
  کلام آیة الله الشعرانی فی ضرورة حفظ الأدب القدیم لقربه من اللغة العربیة(التعلیقة)
  ضرورة التکلم باللغة العربیة لجمیع المسلمین
  یجب أن تکون اللغة العربیة اللغة الأًم لجمیع المسلمین
  علی العلماء أن یدوّنوا المطالب العلمیة باللغة العربیة
  جنایات أتاتورک والبهلوی علی القرآن واللغة العربیة
  خیانة محمدعلی فروغی فی عهدی رضا خان ومحمدرضاالبهلوی
  إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ و لَحَـ فِظُونَ
  لا ینحصر إعجاز القرآن فی بلاغته، بل یعم جمیع شؤونه
  خطبة « نهج البلاغة» فی عظمة القرآن
  البحث العاشر: عظمة القرآن الکریم و أصالته
  کلمة «لاإله إلا الله » لیست مرکبة من النفی و الإثبات
  نزول القرآن من الله تعالی، و إنما ینزله علی نبی کمحمد
  میزان الأعلمیة فی الإسلام هم الأعلمیة فی القرآن الکریم
  تأثیر القرآن فی نشوء الحضارة الإسلامیة العظیمة
  تفوق العلوم الإسلامیه علی علوم الیونان نابع من برکة القرآن
  الأعداد الأوروبیة مأخوذة من العربیه
  من ضرورات الإسلام أن ألفاظ القرآن هی – بعینها – الوحی الإلهی
  لا منافاة ل « فأنه نزله علی قلبک » مع نزول ألفاظ القرآن
  کان جمع الآیات و السور و تسمیتها فی عهد رسول الله
  دقة المسلمین فی ضبط آیات القرآن و کلماته
  وجوب طبع کتابة القرآن علی ما کان علیه
  وضع أمیر المؤمنین لعلم النحو، و تعلیمه لأبی الأسود الدؤلی
  جمع القرآن الکریم فی مصحف واحد قبل ارتحال الرسول الأکرم
  اهتمام المسلمین بأمر القرآن الکریم
  یجب أن تکون کتابة القرآن مطابقة لموازین المتقدمین
  فتوی العلامة الطباطبائی فی تحریم طبع ملحق مع القرآن الکریم
  حرمة التصرف فی کلام الآخرین و التلاعب فی مؤلفاتهم و تواقیعهم
  کلام المرحوم المحدث القمی فی أضرار التصرف فی عبارات الآخرین..
  کلام حکیم للعلامة فی إعجاز القرآن الکریم..
  مطالب « الأضواء» فی کیفیة حمع القرآن زمن أبی بکر و عثمان(التعلیقة)
  القرآن الکریم – دون غیره- قطعی الصدور.
  کتب الیهود و النصاری نظیر کتب الأخبار و التواریخ لدینا
  قصة و تأریخ التوراة الفعلیة المتداولة
  ضیاع التوراة الأصلیة علی ید بخت نصر
  الفاصلة الزمنیة بین أسر الیهود و إعادة کتابة التوراة قرن و نصف القرن
  رؤیا لبخت نصر، و تعبیر النبی دانیال
  کلام «قاموس الکتاب المقدس» فی کتابة عزرا للتوراة
  لیس هناک سبیل غیر القرآن لإثبات وجود المسیح و إنجیله الحقیقی
  الإنجیل الأصلی غیر موجود، و الأناجیل الأربعة من تألیف أفراد
  ضعف الأناجیل الأربعة، مع انتشار المسیحیة فی العالم یثیر العجب
  کلام آیة الله الشعرانی فی عدم قطعیة صدور الإنجیل
  کثرة المطالب الباطلة فی الأنجیل
  ضیاع التوراة و الإنجیل إثر غضب الله علی الیهود
  آیة: لتفسدن فی الأرض مدتین و لتعلن علوا کبیرا
  کتاب «منقول رضائی» تألیف نفیس لعالم یهودی قد أسلم حدیثا
  البحث الحادی عشر: فی قاطعیة القرآن الکریم و شموله
  القرآن الکریم یذکر مطالبه بقاطعیة و جزم.
  کیفیة اتضاح أمر إنجیل برنابا(التعلیقة)
  الدکتور سعادة: مؤلف إنجیل برنابا عالم یهودی أندلسی قد أسلم حدیثا(التعلیقة)
  أدلة الدکتور سعادة تخیلات واهیة، لا تستند إلی شواهد تأریخیة قطعیة(التعلیقة)
  إشکالات صاحب تفسیر «المنار» علی الدکتور سعادة بخصوص إنجیل برنابا(التعلیقة)
  کلام الکابلی فی صحة إنجیل برنابا و کونه متداولا قبل الإسلام (التعلیقة)
  من معجزات القرآن الکریم إخباره القاطع بالحوادث الآتیه.
  تفسیر آیة: الم * غلبت الروم*فی أدنی الأرض....
  حروب کسری أبرویز مع هرقل إمبراطور الروم.
  تکذیب المشرکین لخبر غلبة الروم علی إیران..
  إنجاز الوعد الإلهی بغلبة الروم فی بضع سنین..
  آیات القرآن الکریم القاطعة فی الإخبار بالغیب...
  کلام المؤرخین الأجانب فی إیمان نبی الإسلام بما کان یقوله.
  صبر رسول الله علی الأذی و احتماله لتکذیب الکفار و استهزائهم..
  أذی أهل الطائف لرسول الله
  استماع الجن لآیات القرآن عند عودة رسول الله من الطائف
  النبی یبلغ دعوته فی الطائف بقاطعیة و حزم مع کونه وحیدا فریدا
  الخلق العظیم للنبی الأکرم صلی الله علیه و آله و سلم
  أبیات البوصیری فی عظمة الرسول الأکرم صلی الله علیه و آله
  معنی الحق و مشتقاته فی القرآن الکریم
  تفسیر آیه: اولئک الذین حق علیهم القول
  معنی الضلال فی القرآن الکریم
  الأدب الخاص فی تعبیرات الآیات القرآنیة
  القرآن یعد السب و الشتم عیر جائزین الا للظالمین
  حجیة السنة فی قوة حجیة القرآن
  القرآن و السنة یعتبران الله العلة الفاعلة
  القرآن و السنة کجناحی الطائر، یدعم أحدهما الآخر
  بیان أمیر المؤمنین علیه السلام فی لزوم التمسک بالقرآن الکریم
  دعاء « الصحیفة السجادیة» فی لزوم التمسک بالقرآن
  لا تغتم أبدا مادام وردک الدعاء و درسک القرآن
  البحث الثانی عشر: شمول القرآن الکریم و کونه غیر قابل للتغییر
  طریق ثبوت القرآن منحصر بالتواتر
  جمع القرآن فی زمن عثمان بإشراف زید بن ثابت
  تدوین القرآن فی عصر أبی بکر و فی عصر عثمان
  امتناع ابن مسعود من تسلیم مصحفه إلی عثمان لإحراقه
  أمیر المؤمنین یحمل مصحفه علی بعیر و یأتی به إلی المسجد
  مصحف عثمان کان مورد إمضاء الأئمة، و هو کمصحف علی مقدارا
  عدم جواز قراءة القرآن بقراءة غیر متواترة
  القرآن الذی یقرأ الیوم بقراءة عاصم هو قراءة أمیر المؤمنین علیه السلام
  القراءات السبع المتواترة
  القراءات المتواترة، و الآحاد، و الشاذة
  روایات: إن القرآن نزل بحرف واحد علی نبی واحد
  إنکار صاحب «الجواهر» و آیة الله الخوئی تواتر القرآءات السبع
  کلام العلامة فی استناد القراءات إلی السماع و الروایة
  أدلة تواتر القراءات، و دلیل قراءة القراء
  شواهد و أدلة انحصار طریق القراءة فی السماع و الروایة
  مواصفات قراءة عاصم فی النقل و السماع
  التواتر فی القراء السبعة متحقق فی کلا الجانبین
  اتفاق علماء الشیعة و العامة علی تواتر القرآن
  ذکر بعض الإشکالات الواردة علی أمر تواتر القرآن، و الإجابة علیها (التعلیقة)
  المراد من الأحرف السبعة لیس القراءات السبع
  رفض مقولة: نزل القرآن علی سبعة أحرف
  فی حدیث: اقرأ القرآن کما یقرأ الناس
  الروایات المتظافرة للشیعة والعامة فی أن البسملة جزء من السورة
  المعوذتان سورتان من القرآن
  المختارة: « مَلِك يَوْمِ الدِّينِ »، لا: « مَـ لِكِ يَوْمِ الدِّينِ »
  قراءة أکثر القراء ب«ملک»، و هی الأنسب و الأعم
  خطبة « نهج البلاغه » فی نزول القرآن، و بیان الخیر و الشر
  فقرات من دعاء ختم القرآن فی «الصحیفة السجادیة»
  أم ورقة ابنة عبدالله بن الحارث کانت جامعة للقرآن و شهیدة
  حالات السیدة نفیسة، و عشقها عند الاحتضار
  القصائد التی أنشدت فی السیدة نفیسة
  الحسن بن زید بن الحسن، و أبوه زید بن الحسن، من المرفوضین
  القرآن هدی من الضلالة

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی