معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > الأبحاث العلمية و الإجتماعية > ولاية‌ الفقيه‌ في‌ حكومة‌ الإسلام > ولاية‌ الفقيه‌ في‌ حكومة‌ الإسلام المجلد الثالث
کتاب ولایة الفقیه فی حکومة الاسلام / المجلد الثالث / القسم الثانی: حول کتاب مصباح الشریعة، اختلاف الروایات

تحقيق‌ لعالم‌ معاصر حول‌ تدوين‌ «المصباح‌» أواخر القرن‌ الثاني‌

 ويستنتج‌ أحد أخيار المعاصرين‌ الذي‌ كتب‌ مقدّمة‌ علی‌ كتاب‌ « مصباح‌ الشريعة‌ » المطبوع‌ أخيراً، وبعد بحث‌ مفصّل‌ ما يلي‌:

 وَالَّذِي‌ خَطَرَ بِبَإلی‌ وَأَرَاهُ حَقَّاً: أَنَّ هَذَا الكِتَابَ الشَّرِيفَ قَدْ جُمِعَ بَعْدَ القَرْنِ الثَّانِي‌، وَأَ لَّفَهُ مُؤَلِّفُهُ النِّحْرِيرُ الفَاضِلُ المُوَحِّدُ العَالِمُ الرَّبَّانِي‌ُّ فِي‌ قِبَالِ مَذَاهِبَ أُخَرَ، وَجَمَعَهُ تَأْيِيدَاً لِمَذْهَبِ الشِّيعَةِ الجَعْفَرِيَّةِ وَلِتَرْوِيجِ وَتَبْيِينِ أَخْلاَقِهِمْ وَتَحْكِمِ مَبَانِيهِمْ؛ وَبِهَذَا النَّظَرِ نَسَبَهُ إلَی‌ مُؤَسِّسِ المَذْهَبِ وَمُبَيِّنِ الطَّرِيقَةِ الحَقَّةِ الإمَامِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیهِ وَعلی‌ آبَائِهِ أَفْضَلُ التَّحِيَّة‌.

 وَلَمَّا كَانَ غَرَضُ المُؤَلِّفِ المُعَظَّمِ لَهُ رِضْوَانُ اللَهِ علیهِ فِي‌ تَإلیفِ هَذَا الكِتَابِ تَثْبِيتَ مَسْلَكِ الشِّيعَةِ وَتَحْقِيقَ مَذْهَبِ الجَعْفَرِيَّة‌ فِي‌ مُقَابِلِ مَذَاهِبَ أُخَرَ، فَيَكُونُ نَقْلُ الكَلاَمِ مِمَّنْ يُقْبَلُ كَلاَمُهُ مِنَ المُخَالِفِينَ لَطِيفَاً وَحَسَنَاً، تَأْيِيدَاً لِلْمَذْهَبِ وَتَحْكِيمَاً لِلْمَبْنَي‌.

 وَالَّذِي‌ نَقْطَعُ بِهِ: هُوَ أَنَّ مُؤَلِّفَ هَذَا الكِتابِ الشَّرِيفِ أَحَدُ العُلَمَاءِ المُحَقِّقِينَ، وَمِنْ أَهْلِ المَعْرِفَةِ وَإلیقِينِ، وَمِنْ أَعَاظِمِ رُؤَسَاءِ الرُّوحَانِيِّينَ، وَمِنْ أَكَابِرِ مَشَايِخِ المُتَأَ لِّهِينَ، وَمِنْ أَجِلاَّءِ أَصَحابِنَا المُتَقَدِّمِينَ.

 وَكِتَابُهُ هَذَا أَحْسَنُ كِتَابٍ فِي‌ بابِهِ، لَمْ يُؤَ لَّفْ نَظِيرُهُ إلَی‌ الآنَ؛ جَمَعَ فِي‌ اخْتِصَارِهِ لَطَائِفَ المَعَانِي‌، وَحَقَائِقَ لَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ مِنَ الكُتُبِ؛ فَلِلَّهِ دَرُّ مُؤَلِّفِهِ.

 وَيَكْفِي‌ فِي‌ مَقَامِ عَظَمَةِ هَذَا الكِتَابِ الشَّرِيفِ ـ كَمَا قُلْنَاه ُـ اشْتِبَاهُ جَمْعٍ مِنَ الاَعَاظِمِ وَالقَولُ بِأَ نَّهُ مِنْ تَإلیفِ الإمَامِ جَعْفَرِبْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیهِ السَّلاَمُ، أُو مِنْ تَقْرِيرِهِ وَإمْلاَئِهِ؛ وَكَفَي‌ بِهِ فَضْلاً وَمَقَامَاً. [1]

 كان‌ هذا كلامه‌، ومحصّله‌: أنَّ هذا الكتاب‌ ليس‌ للإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ علی‌ التحقيق‌، وأ نَّه‌ قد أُ لِّفَ بعد القرن‌ الثاني‌، أي‌ بعد مضي‌ أكثر من‌ نصف‌ قرن‌ علی‌ وفاة‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ ( لانَّ شهادة‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ في‌ سنة‌ مائة‌ وثمان‌ وأربعين‌، وقد أُ لِّف‌ هذا الكتاب‌ بعد القرن‌ الثاني‌ )، لكن‌ لم‌ يُعلم‌ زمان‌ تإلیفه‌ علی‌ التحديد.

 والباعث‌ علی‌ تإلیفه‌ هو أنَّ بعض‌ الحكماء المتأ لّهين‌ والعلماء الربّانيّين‌ والراسخين‌ في‌ العلم‌ من‌ فقهاء الشيعة‌ المهمّين‌ والحائزين‌ علی‌ مقام‌ الربّانيّة‌ والروحيّة‌، ومن‌ خلّص‌ الشيعة‌، لمّا رأوا انتشار مطالب‌ باسم‌ العرفان‌ والتوحيد والإلهيّات‌ والدعوة‌ إلی‌ الله‌، وأ نَّها موضوعات‌ مثيرة‌ للانتباه‌ أيضاً، وأنَّ أصحابها يجذبون‌ الناس‌ إلیهم‌ بهذه‌ الوسيلة‌ مع‌ أ نَّهم‌ لم‌يكونوا علی‌ الحقّ ( بإبعادهم‌ الاُمَّة‌ عن‌ مذهب‌ أهل‌ البيت‌ علیهم‌ السلام‌ ) لذا انبروا إلی‌ تإلیف‌ كتاب‌ تأييداً للمذهب‌ وتحكيماً لاساس‌ الشريعة‌ الحقّة‌ المحقّة‌ بهذا الشكل‌ وهذه‌ الصورة‌ بنحو كانت‌ جميع‌ مضامينه‌ مضامين‌ حقّة‌ وموجودة‌ في‌ الدين‌ المبين‌ أيضاً.

 وأمّا السبب‌ في‌ نسبته‌ إلی‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ دون‌ سائر الائمّة‌، فباعتبار أنَّ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ هو رئيس‌ المذهب‌، ومذهبنا منسوب‌ إلیه‌، فأرادوا القول‌ بأنَّ هذه‌ العقائد هي‌ نفس‌ العقائد الصادقيّة‌، وقصدوا بذلك‌ أن‌ يدعوا الناس‌ إلی‌ عدم‌ التوجّه‌ إلی‌ الآخرين‌، بتوهّم‌ وجود هذه‌ المطالب‌ الظريفة‌ والدقيقة‌ عند الفرق‌ الاُخري‌، وإنَّما هي‌ عن‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌، وقد تكلّم‌ بها الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌.

 وعندئذٍ فإذا شاهدنا أ نَّه‌ قد نقلت‌ بعض‌ المطالب‌ من‌ بينها أحياناً عن‌ آخرين‌ كسفيان‌ بن‌ عيينة‌ والربيع‌ بن‌ خُثيم‌ وأمثالهما فلاجل‌ تأييد هذه‌ المطالب‌ عند الآخرين‌ من‌ الذين‌ يعتمدون‌ علی‌ كلام‌ الزهّاد الثمانية‌ وأمثالهم‌، وهذا لا يعني‌ أنَّ الذين‌ جمعوا الكتاب‌ يعتقدون‌ بهم‌ حقّاً.

 فهذا ما استنتجه‌ من‌ هذا الكتاب‌ وبيّنه‌ بهذا الشكل‌.

 ولنري‌ الآن‌: هل‌ هذا الكلام‌ مقبول‌، بأن‌ يطرح‌ الإنسان‌ أساس‌ وبنيان‌ « مصباح‌ الشريعة‌ » بهذا النحو ويقول‌: إنَّه‌ قد جاء شخص‌ بعد قرنين‌ من‌ زمان‌ شريعة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌، وبعد نصف‌ قرن‌ من‌ زمان‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ علی‌ أقلّ التقادير وأ لَّف‌ كتاباً من‌ عند نفسه‌، وقال‌ فيه‌: قالَ الصَّادق‌، قالَ الصَّادق‌؛ مع‌ أ نَّه‌ لم‌ يكن‌ من‌ كلام‌ الإمام الصادق‌؟! وإنَّ هذه‌ المطالب‌ استنباطات‌ وليست‌ من‌ كلام‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ وحده‌، وقد جُمعت‌ من‌ كلام‌ الائمّة‌ ورسول‌ الله‌ وأميرالمؤمنين‌ علیهم‌ الصلاة‌ والسلام‌. فهل‌ يستطيع‌ المرء أن‌ يخرج‌ ما يراه‌ مسلّماً في‌ مذهب‌ الشيعة‌ في‌ قالب‌ عباراته‌ الخاصّة‌ ( مثل‌ الآداب‌ المذكورة‌ في‌ هذا الكتاب‌ الشريف‌ ) ويقول‌: قال‌ الصادق‌، فهل‌ هذا صحيح‌؟!

 فهل‌ بقي‌ مذهب‌ الشيعة‌ وحيداً وضعيفاً إلی‌ هذا الحدّ؟ وهل‌ بقي‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ وحيداً وضعيفاً إلی‌ هذا الحدّ لكي‌ نأتي‌ فنضع‌ رواية‌ من‌ عندنا وننسبها إلیه‌ تأييداً للمذهب‌؟! إنَّ هذا الكلام‌ غيرتامّ.

 وإضافة‌ إلی‌ ذلك‌، فبأي‌ّ دليل‌ يمكن‌ القول‌ إنَّ هذا الكتاب‌ قد أُ لِّف‌ بعد القرن‌ الثاني‌؟

ردّ صاحب‌ «المستدرك‌» علی‌ صاحب‌ «رياض‌ العلماء»

 أمّا قول‌ الملاّ عبد الله‌ الافندي‌ّ بأنَّ هذا الكتاب‌ ليس‌ من‌ تإلیف‌ هشام‌بن‌ الحكم‌أيضاً، وذلك‌ لذكره‌ أسماء أشخاص‌ كانوا بعد هشام‌، فقد كان‌ هشام‌ معاصراً للإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ ومن‌ طلاّبه‌. وإذا ثبت‌ أنَّ هؤلاء الاشخاص‌ من‌ المتأخّرين‌ عن‌ زمان‌ هشام‌ فلا تكون‌ نسبة‌ هذا الكتاب‌ إلیه‌ صحيحة‌. فقد ردّ الحاجّ النوري‌ّ هذا الكلام‌ وقال‌: إنَّ الاشخاص‌ الذين‌ ذُكرت‌ أسماؤهم‌ في‌ هذا الكتاب‌ ( مثل‌: سلمان‌، أبو ذرّ، وهب‌بن‌ منبّه‌، هرم‌بن‌ حيّان‌، أُويس‌ القرني‌ّ، زيد بن‌ ثابت‌، وأبو الدرداء وغيرهم‌ ) كلّهم‌ كانوا قبل‌ هشام‌، ما عدا سفيان‌ بن‌ عيينة‌ الذي‌ كان‌ معاصراً له‌.

 والحاجّ النوري‌ّ يعترض‌ علی‌ صاحب‌ « رياض‌ العلماء » قائلاً: إنّي‌ لاعجب‌ منه‌ في‌ العلم‌، كيف‌ يرتكب‌ خطأ كهذا مع‌ إحاطته‌ وتبحّره‌ في‌ العلم‌. ويقول‌: إنَّ بعض‌ هؤلاء الاشخاص‌ قد كانوا بعد هشام‌.

 نعم‌؛ يوجد هنا أمر وهو محلّ كلام‌، حيث‌: إذا كان‌ هذا الكتاب‌ من‌ عبارات‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌، فكيف‌ يستشهد الإمام بكلام‌ سفيان‌بن‌ عيينة‌ الذي‌ لم‌يكن‌ قد تجاوز سنّ الشباب‌ في‌ زمام‌ الإمام الصادق‌؟!

 كانت‌ وفاة‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌، علی‌ ما يبدو، في‌ السابعة‌ والستّين‌ من‌ عمره‌، سنة‌ مائة‌ وثمان‌ وأربعين‌، بينما توفّي‌ سفيان‌بن‌ عيينة‌ أواخر القرن‌ الثاني‌، أي‌ بعد سنة‌ مائة‌ وتسعين‌؛ فقد عاش‌ ما يقرب‌ خمسين‌ سنة‌ بعد الإمام الصادق‌. ولذا يكون‌ في‌ زمان‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ لايزال‌ شابّاً.

 ولم‌ يكن‌ بشكل‌ من‌ الاشكال‌ بمستوي‌ تشيّع‌ وتديّن‌ هشام‌بن‌ الحكم‌، بل‌ كان‌ شخصاً منحرفاً، وكلامه‌ بالنسبة‌ لنا ـنحن‌ الشيعة‌ـ غيرقابل‌ للاحتجاج‌ به‌، فمن‌ المستبعد جدّاً أن‌ يستشهد الإمام علیه‌ السلام‌ بكلام‌ شابّ منحرف‌.

 وعلی‌ أيّة‌ حال‌، فليس‌ من‌ الصحيح‌ أن‌ ننسب‌ الكتاب‌ إلی‌ أحد كبار علماء الشيعة‌ ( لانَّ المسلّم‌ به‌ أنَّ الذي‌ أ لَّف‌ هذا الكتاب‌ فقيه‌ شيعي‌ّ عارف‌ بالفقه‌ الاكبر والفقه‌ الاصغر معاً، وعالم‌ بالرموز والدقائق‌ العرفانيّة‌ وبروح‌ التوحيد ) دون‌ أن‌ يكون‌ قد ذكر اسمه‌، وقد جعل‌ هذه‌ العبارات‌ من‌ عنده‌ ونسبها للإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌!

الشواهد الدالّة‌ علی‌ أنَّ «المصباح‌» ليس‌ من‌ كتابة‌ الإمام‌ الصادق‌

 ولكن‌ هل‌ نستطيع‌ أن‌ نقول‌ إنَّ هذا الكتاب‌ من‌ تإلیف‌ نفس‌ الإمام، وإنَّ الإمام علیه‌ السلام‌ هو الذي‌ كتبه‌ بقلمه‌، وإنَّه‌ قال‌: قَالَ الصَّادِقُ علیهِ السَّلاَمُ كَذَا؟!

 لا يمكن‌ نسبة‌ هذا الادّعاء وذلك‌، أوّلاً: لا نَّه‌ يقول‌ في‌ صدر « مصباح‌ الشريعة‌ »: أَمَّا بَعْدُ؛ فَهَذَا كِتَابُ «مِصْبَاحِ الشَّرِيعَةِ وَمِفْتَاحِ الحَقِيقَةِ» مِنْ كَلاَمِ الإمَامِ الحَاذِقِ وَفَيَّاضِ الحَقَائِقِ، جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ، عَلَیآبَائِهِ وَعلیهِ السَّلاَمُ. وعندما يكتب‌ الإنسان‌ كتاباً من‌ عند نفسه‌ لايذكر هذه‌ العبارات‌ قائلاً: أنا فيّاض‌ الحقائق‌ والإمام الحاذق‌، بل‌ يقول‌ ـمثلاًـ كما في‌ بعض‌ الروايات‌: هَذا مَا قَالَهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ.

 وثانياً: لقد ذكر في‌ صدر جميع‌ أبواب‌ هذا الكتاب‌: قَالَ الصَّادِقُ علیهِ السَّلاَمُ. ولو كان‌ هذا الكلام‌ من‌ إملائه‌ علیه‌ السلام‌ لما قال‌: قَالَ الصَّادِقُ علیهِ السَّلاَمُ، لانَّ الصادق‌ لقب‌ له‌، لا أ نَّه‌ علیه‌ السلام‌ يسمّي‌ نفسه‌ به‌، والذي‌ ينبغي‌ قوله‌، مثلاً: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ. ولما قال‌ كذلك‌ في‌ حقّ نفسه‌ علیه‌ السلام‌، ولكن‌ يقول‌ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ غَفَرَ اللَهُ لَهُ، أو ماشابه‌ هذا التعبير.

 وعلی‌ هذا، فالمسلّم‌ به‌ أنَّ هذا الكتاب‌ ليس‌ من‌ خطّ وتإلیف‌ وكتابة‌ نفس‌ الإمام علیه‌ السلام‌. نعم‌؛ من‌ الممكن‌ أن‌ يكون‌ الإمام قد أملاه‌ علی‌ شخص‌ آخر، وقام‌ هذا بكتابته‌. وهذا أُسلوب‌ رائج‌ ودارج‌، فيضيف‌ الكاتب‌ من‌ عنده‌ لفظ‌ « علیه‌ السلام‌ » ويقول‌: قَالَ الصَّادِقُ علیهِ السَّلاَمُ، كما يذكر في‌ صدر الكتاب‌ عبارة‌: أنَّ هذا الكتاب‌ ليس‌ من‌ تإلیفي‌، وهو عن‌ الإمام الحاذق‌ وفيّاض‌ الحقائق‌ جعفر بن‌ محمّد الصادق‌، وهذا ممّا لاإشكال‌ فيه‌.

 لكنَّ العلاّمة‌ النوري‌ّ رحمه‌ الله‌ يقول‌ هنا: يجب‌ أن‌ يتّضح‌ الموضوع‌ آخر الامر ونري‌ مقالة‌ أُولئك‌ الذين‌ يشكّكون‌ في‌ هذا الكتاب‌، فهل‌ يقولون‌: إنَّ هذا الكتاب‌ تإلیف‌ أشخاص‌ كانوا قبل‌ الإمام الصادق‌ وظلّوا إلی‌ زمانه‌، وإنَّه‌ قد نُسب‌ فيما بعد إلی‌ الإمام الصادق‌؟

 فهذا كلام‌ لا يمكن‌ قبوله‌، لا نَّه‌ وإن‌ كان‌ يوجد في‌ هذا الكتاب‌ مطالب‌ دقيقة‌ في‌ علم‌ التصوّف‌، وقد ذُكر فيه‌ أشخاص‌ مثل‌ طاووس‌ إلیماني‌ّ ومالك‌بن‌ دينار وثابت‌ البناني‌ّ وأبي‌ أيّوب‌ السجستاني‌ّ وحبيب‌ الفارسي‌ّ وصالح‌ المُرّي‌ّ وأمثالهم‌ ( من‌ المتصوّفين‌ الذين‌ كانوا قبل‌ عصر الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ )، لكن‌ لم‌ يُذكر لهؤلاء كِتَابٌ يُعْرَفُ مِنْهُ أَنَّ «المِصْبَاحَ» عَلَیأُسْلُوبِهِ لكي‌ نقول‌: إنَّ كتاب‌ « المصباح‌ » هو ذلك‌ الكتاب‌، أو إنَّه‌ مقتبس‌ ومأخوذ منه‌.

 وَمِنَ الجَائِزِ أَن‌ يَكُونَ الاَمْرُ بِالعَكْسِ، أي‌ أنَّ أُولئك‌ المتصوّفين‌ المعاصرين‌ للإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ أو المتأخّرين‌ عنه‌ قد سلكوا هذه‌ المعاني‌ علی‌ طريقة‌ الإمام وأخذوا من‌ كلماته‌ الحقّة‌ ومزجوه‌ بِضِغْثٍ مِنْ أَبَاطِيلِهِمْ، كَمَا هُوَ طَرِيقَةُ كُلِّ مُبْدِعٍ مُضِلٍ، ومن‌ ثمّ قاموا بنشره‌.

 وَيُؤَيِّدُهُ اتِّصَالُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ إلَیهِ وَإلَی‌ الاَئِمَّةِ مِن‌ وُلْدِهِ كَشَقِيقِ البَلْخِي‌ِّ وَمَعْرُوفٍ الكَرْخِي‌ِّ وَأَبِي‌ يَزيدٍ البَسْطَامِي‌ِّ (طَيْفُور السَّقَّاء) كَمَا يَظْهَرُ مِن‌ تَرَاجِمِهِمْ فِي‌ كُتُبِ الفَرِيقَيْنِ، فَيَكُونُ مَا أُ لِّفَ بَعْدَهُ عَلَیأُسْلُوبِهِ وَوَتِيرَتِهِ.

 انتبهوا جيّداً إلی‌ ما يريد أن‌ يقوله‌ رحمه‌ الله‌!

«المصباح‌» ك «تحف‌ العقول‌» و«إرشاد القلوب‌» في‌ التلقّي‌ بالقبول‌

 ثمّ يجيب‌ علی‌ الإشكال‌ الذي‌ أُورد علی‌ « المصباح‌ » بفقدانه‌ للسند، فيقول‌: لدينا الآن‌ كتباً كثيرة‌ لا تمتلك‌ سنداً في‌ الواقع‌، لكنّها تُلقّيت‌ بالقبول‌ شيئاً فشيئاً وصارت‌ جزءاً من‌ الكتب‌ المعوّل‌ علیها، وماذا ينقص‌ « مصباح‌ الشريعة‌ » عنها لكي‌ تجعلوا تلك‌ الكتب‌ مداراً للعمل‌ دونه‌؟!

 فكتاب‌ « تحف‌ العقول‌ » للحسن‌ بن‌ علی‌ّ بن‌ شعبة‌ الذي‌ لم‌ يكن‌ له‌ ولالمؤلّفه‌ ذكر بين‌ أصحابنا قبل‌ كتاب‌ « مجالس‌ المؤمنين‌ »، إلاَّ مَا نَقَلْنَاهُ عَنِ الشَّيخِ إبْرَاهِيمَ القَطِيفِي‌ّ في‌ الرسالة‌ التي‌ أ لّفها في‌ الفرقة‌ الناجية‌، فقد أورد ذكر « تحف‌ العقول‌ » ومؤلّفه‌، ثمّ قام‌ بعده‌ تبعاً له‌ الشيخ‌ الحرّ العاملي‌ّ رحمة‌الله‌ علیه‌ بنقل‌ روايات‌ كثيرة‌ في‌ كتاب‌ « وسائل‌ الشيعة‌ » عن‌ « تحف‌ العقول‌ ». وما يُستفاد في‌ « أمل‌ الآمل‌ » عن‌ « مجالس‌ المؤمنين‌ » للقاضي‌ نورالدين‌ الشوشتري‌ّ هو الاكتفاء بمدح‌ الكتاب‌ ومدح‌ كاتبه‌.

 ويُشابه‌ « تحف‌ العقول‌ » ومؤلّفه‌ في‌ عدم‌ الذكر وجهالة‌ الكتاب‌ وراويه‌، كتاب‌ « إرشاد القلوب‌ » للحسن‌ بن‌ أبي‌ الحسن‌ الدَّيلَمي‌ّ، وقد نقل‌ عنه‌ صاحب‌ « وسائل‌ الشيعة‌ » كثيراً، ويعدّه‌ من‌ جملة‌ الكتب‌ المعتمدة‌ التي‌ ينقل‌ عنها، وشهد بوثاقة‌ مؤلّفها، مع‌ أ نَّه‌ لم‌ يرد ذكر لهذا الكتاب‌ فيما وصلنا والشيخ‌ الحرّ من‌ مؤلّفات‌ الاصحاب‌ سِوَي‌ مَا نَقَلَهُ عَنِ الشَّيخِ عَنِ ابْنِ فَهْدٍ في‌ « عدّة‌ الداعي‌ » من‌ أ نَّه‌ قد ذكر مؤلّفه‌ الحسن‌ بن‌ أبي‌ الحسن‌ الديلمي‌ّ في‌ بعض‌ المواضع‌.

 لكن‌ من‌ أين‌ عرف‌ الشيخ‌ الحرّ العاملي‌ّ هذا الكتاب‌؟! وكيف‌ شهد بصحّته‌؟! فَهَلْ هَذَا إلاَّ تَهَافُتٌ فِي‌ المَذَاقِ وَتَنَاقُضٌ فِي‌ المَسْلَكِ؟!

 فإذا كان‌ اللازم‌ أن‌ يصل‌ إلیكم‌ الكتاب‌ من‌ الطريق‌ المتعارف‌ ويثبت‌ طريقه‌ إلی‌ الإمام وتطمئنُّوا لنسبته‌ إلی‌ الإمام، فكيف‌ تنقلون‌ في‌ كتابكم‌ عن‌ هذه‌ الكتب‌ دون‌ وجود المستندات‌ التي‌ تقولون‌ بها وتنهجون‌ علیها، فتنقلون‌ في‌ « المسالك‌ » عن‌ « تحف‌ العقول‌ » و « إرشاد الديلمي‌ّ » مع‌ أ نَّه‌ لم‌يكن‌ لهذين‌ الكتابين‌ من‌ أثر في‌ كتب‌ الاصحاب‌؟!

 فإن‌ قلتم‌: إنَّنا نتسامح‌ من‌ باب‌ التسامح‌ في‌ أدلّة‌ السنن‌، لانَّ كتابي‌ « تحف‌ العقول‌ » و « الإرشاد » يشتملان‌ غالباً علی‌ المطالب‌ الاخلاقيّة‌ لاعلی‌ الفروع‌ والاحكام‌.

 نقول‌ جواباً علی‌ ذلك‌: فلماذا إذَن‌ لم‌ تكفكم‌ شهادة‌ جميع‌ هؤلاء الاجلاّء الذين‌ اعتبروا « مصباح‌ الشريعة‌ » واعتمدوه‌؟! وماذا ينقص‌ « مصباح‌ الشريعة‌ » عن‌ ذينك‌ الكتابين‌ لكي‌ ترونهما معتبرين‌، بينما ترون‌ « مصباح‌ الشريعة‌ » بهذه‌ الشدّة‌؟! فدعوا ذينك‌ الكتابين‌ في‌ موضعيهما، وأضيفوا إلیها ثالثاً وهو « مصباح‌ الشريعة‌ » عن‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌!

 وكذلك‌ يطرح‌ نفس‌ السؤال‌ في‌ صحّة‌ نسبة‌ كتاب‌ « الاختصاص‌ » للشيخ‌ المفيد أيضاً، وَقَدْ تَسَامَحَ فِيهِ بِمَا لاَيَخْفَي‌ عَلَیالنَّاقِدِ البَصِيرِ. وفي‌ نسبته‌ إلی‌ الشيخ‌ المفيد كلام‌؛ فلا نستطيع‌ أن‌ نقول‌ إنَّ كتاب‌ « الاختصاص‌ » هو من‌ تإلیف‌ الشيخ‌ المفيد، وغاية‌ ما يمكن‌ قوله‌: إنَّ كتاب‌ « الاختصاص‌ » منسوب‌ إلی‌ الشيخ‌ المفيد.

يعتبر العلاّمة‌ النوري‌ّ قدّس‌ سرّه‌ «المصباح‌» لفضيل‌ بن‌ عياض‌

 ويصل‌ المرحوم‌ العلاّمة‌ النوري‌ّ في‌ المطلب‌ إلی‌ هنا ثمّ يقول‌: لقد أُ لِّف‌ في‌ زمان‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ ستّة‌ كتب‌، جميع‌ مؤلّفيها من‌ طلاّب‌ وأصحاب‌ الإمام، وليس‌ في‌ أيدينا في‌ هذه‌ الايّام‌ شي‌ء من‌ هذه‌ الكتب‌، فلربّما كان‌ « مصباح‌ الشريعة‌ » واحداً من‌ هذه‌ الكتب‌ الستّة‌. ويذكر النجاشي‌ّ خمسة‌ أشخاص‌ ممّن‌ أ لَّفوا كتباً في‌ زمان‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌.

 الاوّل‌: محمّد بن‌ مَيمون‌ أبو نصر الزعفراني‌ّ، عامّي‌ّ غَيْرَ أَنَّهُ رَوَي‌ عَنْ أَبِي‌ عَبْدِاللَهِ جَعْفَرِبْنِ مُحَمَّدٍ علیهِمَا السَّلاَمُ.

 الثاني‌: فُضيل‌ بن‌ عياض‌، بصري‌ّ ثقة‌، عامّي‌ّ وهو يروي‌ أيضاً عن‌ أبي‌عبدالله‌.

 الثالث‌: عبد الله‌ بن‌ أبي‌ أُويسّ بن‌ مالك‌ بن‌ أبي‌ عامر الاصبحي‌ّ؛ لَهُ نُسْخَةٌ عَنْ جَعْفَرِبْنِ مُحَمَّدٍ علیهِمَا السَّلاَمُ.

 الرابع‌: سفيان‌ بن‌ عُيَيْنَة‌ بن‌ أبي‌ عمران‌ الهلإلی‌ّ الذي‌ كان‌ جدّه‌ أبوعمران‌ أحد عمّال‌ خالد القَسْرِي‌ّ؛ وهو أيضاً يمتلك‌ نسخة‌ عن‌ جعفربن‌ محمّد علیهما السلام‌.

 الخامس‌: إبراهيم‌ بن‌ رجاء الشيباني‌ّ أبو إسحاق‌ المعروف‌ بابن‌ أبي‌ هراسة‌ وأُمّه‌ عامّيّة‌ المذهب‌، ويروي‌ عن‌ الحسن‌ بن‌ علی‌ّ بن‌ الحسين‌ علیهما السلام‌، وعن‌ عبد الله‌ بن‌ محمّد بن‌ عمر عن‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌، وعن‌ جعفربن‌ محمَّد علیهما السلام‌؛ وَلَهُ عَنْ جَعْفَرٍ علیهِ السَّلاَمُ نُسْخَةٌ.

 ويضيف‌ المرحوم‌ الشيخ‌ في‌ « الفهرست‌ » نسخة‌ أُخري‌ عن‌ جعفربن‌ بشير البجلي‌ّ، ويقول‌: ثِقَةٌ جَلِيلُ القَدْرِ؛ إلَی‌ أن‌ قَالَ: وَلَهُ كِتَابٌ يُنْسَبُ إلَی‌ جَعْفَرِبْنِ مُحَمَّدٍ علیهِمَا السَّلاَمُ رِوَايَةَ علی‌ِّ بْنِ مُوسَي‌ علیهِمَا السَّلاَمُ.

 يقول‌ العلاّمة‌ النوري‌ّ رحمه‌ الله‌: هذه‌ النسخ‌ الستّة‌ منسوبة‌ إلی‌ الإمام أبي‌ عبدالله‌ جعفر بن‌ محمّد الصادق‌ علیه‌ السلام‌، وهي‌ بالطبع‌ غير « الرسالة‌ الاهوازيّة‌ » والرسالة‌ التي‌ كتبها الإمام لاصحابه‌ والموجودة‌ في‌ أوّل‌ « روضة‌ الكافي‌ »، فَمِنَ الجَائِزِ أن‌ يَكُونَ إحْدِيْهِمَا «المِصْبَاحُ».

 فَلِمَ لا نقول‌: إنَّ كتاب‌ « المصباح‌ » هو أحد هذه‌ النسخ‌ الستّة‌ التي‌ نُقلت‌ لنا والتي‌ فقدناها الآن‌؟ خُصُوصَاً مَا نُسِبَ إلَی‌ الفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ؛ وَهُوَ مِنْ مَشَاهِيرِ الصُّوفِيَّةِ وَزُهَّادِهِم‌ حَقِيقَةً كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَوْثِيقِ النَّجَاشِي‌ّ؛ وَمَدَحَهُ الشَّيخُ بِالزُّهْدِ.

 لماذا لا نقول‌: إنَّ مضمون‌ الكتاب‌ يطابق‌ أفكار الفضيل‌، وهو من‌ تإلیفه‌؟ لانَّ الفضيل‌ هو من‌ أُولئك‌ الصوفيّين‌ الحقيقيّين‌ والزهّاد الواقعيّين‌ ومن‌ مشاهيرهم‌ ( لامن‌ أُولئك‌ الصوفيّين‌ المعاندين‌ والظاهريّين‌، أصحاب‌ الدكاكين‌) وقد وثّقه‌ الشيخ‌ النجاشي‌ّ أيضاً، ومدحه‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ بالزهد، فَلِمَ لا نقول‌ إنَّ هذه‌ النسخة‌ هي‌ نسخة‌ فُضيل‌؟ أي‌ أنَّ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ قد أملاها، وقام‌ فضيل‌ بكتابتها.

 وأضف‌ إلی‌ ذلك‌، تلك‌ الرواية‌ التي‌ في‌ « أمإلی‌ الصدوق‌ » والمنسوبة‌ إلی‌ فضيل‌بن‌ عياض‌ ويقول‌ فيها:

 سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَهِ علیهِ السَّلاَمُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ المَكَاسِبِ فَنَهَانِي‌ عَنْهَا. وكما يبدو أ نَّها كانت‌ بعض‌ المكاسب‌ التي‌ لها جنبة‌ حكومة‌ وولاية‌ وترتبط‌ بالحاكم‌، فنهاه‌ الإمام علیه‌ السلام‌ عن‌ هذه‌ الاعمال‌ التي‌ لها علاقة‌ بالحكومة‌!

 وَقَالَ: يَا فُضَيْلُ! وَاللَهِ لَضَرَرُ هَؤُلاَءِ عَلَیهَذِهِ الاُمَّةِ أَشَدُّ مِنَ التُّرْكِ وَالدَّيْلَمِ.

 ثمّ قال‌ فضيل‌: وَسأَلْتُهُ عَنِ الوَرَعِ مِنَ النَّاسِ.

 قَالَ: الَّذِي‌ يَتَوَرَّعُ مِنْ مَحَارِمِ اللَهِ وَيَجْتَنِبُ هَؤُلاَءِ؛ وَإذَا لَمْيَتَّقِ الشُّبَهَاتِ وَقَعَ فِي‌ الحَرَامِ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُهُ؛ وَإذَا رَأَي‌ مُنْكَرَاً فَلَمْيُنْكِرْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ علیهِ فَقَدْ أَحَبَّ أَن‌ يُعْصَي‌ اللَهُ. إنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وَتَعَإلَی‌ حَمِدَ نَفْسَهُ عَلَیهَلاَكِ الظَّالِمِينَ فَقَالَ: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَـ'لَمِينَ.

 ثمّ يقول‌ العلاّمة‌ النوري‌ّ: وَقَالَ الاُسْتاذُ الاَكبَرُ ـأي‌ الوحيد البهبهاني‌ّـ في‌ التَّعلیقَةِ: وَفي‌ هَذِهِ الرِّوَايَةِ رُبَّمَا يَكُونُ إشْعَاراً بأَنَّ فُضَيْلاً لَيْسَعَامِّيَّاً؛ فَتَأَمَّل‌! أي‌ أنَّ فُضيلَ لم‌ يكن‌ عامّي‌ّ المذهب‌، لانَّ جعفربن‌ محمّد الصادق‌ علیه‌ السلام‌ لا يقول‌ للشخص‌ المخالف‌: وَاللَهِ لَضَرَرُ هَؤُلاَءِ عَلَیهَذِهِ الاُمَّةِ أَشَدُّ مِنَ التُّرْكِ وَالدَّيْلَمِ؛ فيُعلم‌ من‌ هذا أنَّ فُضيل‌ من‌ هذه‌ الاُمَّة‌.

 ثُمَّ ذَكَرَ خَبَرَاً مِنَ «العُيُونِ» فِيهِ إشْعَارٌ بِعَامِّيَّتِهِ. وينقل‌ الكليني‌ّ عن‌ الفضيل‌ رواية‌ في‌ باب‌ الحسد، ورواية‌ أُخري‌ في‌ باب‌ الإيمان‌ والكفر، وثالثة‌ في‌ باب‌ الكفالة‌ والحوالة‌.

 ويتابع‌ العلاّمة‌ النوري‌ّ رحمه‌ الله‌ علیه‌ المطلب‌ إلی‌ هنا، ويستنتج‌ آخر الامر قائلاً:

 وَبِالجُمْلَةِ: فَلاَ أَسْتَبْعِدُ أَن‌ يَكُونَ «المِصْبَاحُ» هُوَ النُّسْخَةَ الَّتِي‌ رَوَاهَا الفُضَيلُ، وَهُوَ عَلَیمَذَاقِهِ وَمَسْلَكِهِ.

 وَالَّذِي‌ أَعْتَقِدُهُ: أَ نَّهُ جَمَعَهُ مِنْ مُلْتَقَطَاتِ كَلِمَاتِهِ علیهِ السَّلاَمُ فِي‌ مَجَالِسِ وَعْظِهِ وَنَصِيحَتِهِ؛ وَلَوْ فُرِضَ فِيهِ شَي‌ءٌ يُخَالِفُ مَضْمُونُهُ بَعْضَ مَا فِي‌ غَيْرِهِ وَتَعَذَّرَ تَأْوِيلُهُ، فَهُوَ مِنهُ عَلَیحَسَبِ مَذْهَبِهِ لاَمِنْ فِرْيَتِهِ وَكِذْبِهِ، فَإنَّهُ يُنَافِي‌ وَثَاقَتَهُ.

 وَقَدْ أَطْنَبْنَا الكَلاَمَ فِي‌ شَرْحِ حَالِ «المِصْبَاحِ» مَعَ قِلَّةِ مَا فِيهِ مِنَ الاَحْكَامِ، حِرْصَاً عَلَینَثْرِ المَآثِرِ الجَعْفَرِيَّةِ وَالآدَابِ الصَّادِقِيَّةِ، وَحِفْظَاً لاِبْنِ طَاوُوسٍ وَالشَّهِيدِ وَالكَفْعَمِي‌ِّ رَحِمَهُمُ اللَهُ تَعَإلَی‌ عَن‌ نِسْبَةِ الوَهْمِ والاشْتِبَاهِ إلَیهِمْ؛ وَاللَهُ العَاصِم‌.

 لقد كانت‌ هذه‌ مطالب‌ صاحب‌ « مستدرك‌ الوسائل‌ » في‌ خاتمته‌، وإلی‌ هنا ينتهي‌ كلامه‌؛ ويصل‌ الدور الآن‌ لنري‌ هل‌ كان‌ الامر كما ذكره‌ المرحوم‌ النوري‌ّ قدّس‌ الله‌ نفسه‌، أو هو بنحو آخر؟

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد

 

 

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

بِسْـمِ اللَهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِـيـمِ

وصلَّی اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ الآنَ إلَی‌ قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العلی‌ِّ العَظِيمِ

تقع‌ روايات‌ المعصومين‌ في‌ مراحل‌ متفاوتة‌ من‌ ناحية‌ عمق‌ الدلالة‌

الروايات‌ الواردة‌ عن‌ الائمّة‌ المعصومين‌ صلوات‌ الله‌ وسلامه‌ علیهم‌ أجمعين‌ ليست‌ علی‌ نسق‌ واحد، ولها من‌ ناحية‌ المضمون‌ والمحتوي‌ مراتب‌ مختلفة‌. فبعضها يحتوي‌ علی‌ معانٍ بسيطة‌ وقابلة‌ للفهم‌ من‌ قبل‌ عامّة‌ الناس‌، وبعضها تشتمل‌ علی‌ معانٍ دقيقة‌، وبعضها أكثر دقّة‌، إلی‌ أن‌ يصل‌ الامر في‌ بعضها المشتمل‌ علی‌ المسائل‌ الحكميّة‌ والإلهيّة‌ الغامضة‌ مستوي‌ لايتمكّن‌ من‌ إدراكها فيها إلاّ الاوحدي‌ّ من‌ الناس‌.

 إنَّ ما يميّز كلمات‌ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ علی‌ سائر العبارات‌ ليست‌ من‌ ناحية‌ اللفظ‌ والعبارة‌، ولا من‌ جانب‌ الفصاحة‌ والبلاغة‌ فحسب‌، بل‌ تتميّز عن‌ سائر كلمات‌ الناس‌ بسموّ المعني‌، وعمق‌ الدلالة‌، وغني‌ المضمون‌.

 لقد التبس‌ الامر علی‌ كثير من‌ قصيري‌ النظر من‌ أهل‌ الظاهر وزمرة‌ من‌ الاخباريّين‌ في‌ هذه‌ المسألة‌ وتوهّموا أنَّ ميزة‌ كلمات‌ الائمّة‌ تنحصر في‌ حسن‌ العبارة‌ فقط‌، وعلیه‌ فهي‌ قابلة‌ للفهم‌ بالنسبة‌ إلی‌ الجميع‌، لذلك‌ يقولون‌: إنَّ الاخبار التي‌ في‌ أيدينا هي‌ كلّ شي‌ء، فلم‌ يعد ثمّة‌ حاجة‌ إلی‌ الحكمة‌ والعلوم‌ العقليّة‌، فكلّ ما هنالك‌ موجود في‌ بيت‌ أهل‌ البيت‌، ومن‌ الخطأ تجاوز هذا البيت‌.

 أجل‌؛ كلّ شي‌ء موجود في‌ بيت‌ أهل‌ البيت‌، وتجاوزهم‌ خطأ بدوره‌، لكنَّ الكلام‌ هو في‌ ماهيّة‌ ذلك‌ الشي‌ء الموجود في‌ بيت‌ أهل‌ البيت‌، فهل‌ هو ذلك‌ الشي‌ء الذي‌ يدركه‌ الجميع‌، ونجده‌ في‌ دكّان‌ كلّ بقّال‌ وعطّار؟ أم‌ أنَّ في‌ بيت‌ أهل‌ البيت‌ رموزاً وأسراراً لم‌ يتمكّن‌ حتّي‌ العلماء وكبار المحقّقين‌ والفلاسفة‌ ذوي‌ العزّ والإكرام‌ ممّن‌ صرف‌ عمراً من‌ الدراسة‌ والتحقيق‌، إلاّ إدراك‌ بعض‌ نكاتها، كما لم‌ يتمكّن‌ كبار العرفاء بعد صرف‌ عمر من‌ المشقّة‌ وحرقة‌ القلب‌ والسلوك‌ إلاّ من‌ استشمام‌ بعض‌ معانيها؟

 إنَّ كلّ شي‌ء موجود في‌ أخبار الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌، هذا صحيح‌، ولكن‌ مَن‌ الذي‌ يفهم‌ الخبر ويدركه‌؟ فهل‌ يمكن‌ الوصول‌ إلی‌ تلك‌ الاسرار من‌ دون‌ العلوم‌ العقليّة‌؟ وهيهات‌؛ فإنَّ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ كانوا يحتكّون‌ بجميع‌ طبقات‌ الناس‌، ويتكلّمون‌ معهم‌ جميعاً، وكانوا طبقاً لما قاله‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌: إنَّا مَعَاشِرَ الاَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَن‌ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَیقَدْرِ عُقُولِهِمْ. [2] يتكلّمون‌ مع‌ كلّ شخص‌ بقدر فهمه‌. يقول‌ الشاعر:

 چون‌ كه‌ با كودك‌ سر و كارم‌ فتاد                  هم‌ زبان‌ كودكان‌ بايد گشاد [3]

 ولم‌ يتكلّم‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ أيضاً مع‌ جميع‌ الناس‌ كما تكلّم‌ مع‌ خواصّه‌. فمخاطبة‌ ذوي‌ المستوي‌ الفكري‌ّ السطحي‌ّ بحسب‌ مستواهم‌ يكون‌ مفيداً لهم‌، بينما مخاطبتهم‌ بمستوي‌ أعلی‌ يعرّضهم‌ للإنكسار والإفساد لافتقارهم‌ إلی‌ الإدراك‌.

 وقد ورد في‌ الرواية‌ أنَّ تعلیم‌ الحكمة‌ للجهّال‌ يُعتبر ظلماً للحكمة‌، كما أنَّ الامتناع‌ عن‌ تعلیمها لاهلها ظلم‌ لهم‌. وقال‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: لا تعلّقوا الجواهر في‌ أعناق‌ الخنازير. [4]

في‌ أخبار الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ جواهر مثقلة‌ بالاسرار للخواصّ

 لقد كان‌ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ يتعاملون‌ مع‌ جميع‌ الناس‌، وقد صدرت‌ منهم‌ محاورات‌ ومذاكرات‌ علی‌ جميع‌ المستويات‌، لذا كان‌ معني‌ بعض‌ الروايات‌ بسيطة‌ جدّاً بنحو يمكن‌ فهمه‌ من‌ عامّة‌ الناس‌، بينما كان‌ بعضها الآخر دقيقاً، وبعضها أكثر دقّة‌، كما يوجد في‌ بعض‌ الروايات‌ معانٍ غامضة‌ صعبة‌ الفهم‌ ومشكلة‌ جدّاً.

 والروايات‌ الموجودة‌ في‌ « التوحيد » للصدوق‌ رحمة‌ الله‌ علیه‌، وكلمات‌ الإمام الرضا علیه‌ السلام‌ فيما ورد الكثير منها في‌ كتاب‌ « عيون‌ أخبار الرضا » هي‌ بهذا النحو. وتوجد في‌ بعض‌ خطب‌ « نهج‌ البلاغة‌ » معانٍ دقيقة‌ لكلمات‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، وهي‌ تتصاعد أحياناً إلی‌ حدٍّ لايستطيع‌ أحد إدراك‌ مطالبها، فكيف‌ نستطيع‌ القول‌ بأنَّ جميع‌ هذه‌ الروايات‌ قابلة‌ للفهم‌ من‌الجميع‌؟! وإنَّ كلّ ما نريده‌ يمكننا أن‌ نحصل‌ علیه‌ من‌ الروايات‌؟!

 نقل‌ عن‌ المرحوم‌ آية‌ الله‌ الحاجّ الميرزا أحمد الكفائي‌ّ الخراساني‌ّ، ابن‌ المرحوم‌ آية‌ الله‌ الحاجّ الشيخ‌ محمّد كاظم‌ الخراساني‌ّ صاحب‌ «كفاية‌ الاُصول‌» أ نَّه‌ قال‌: لقد درست‌ «شرح‌ أُصول‌ الكافي‌» للملاّ القزويني‌ّ، وقال‌ لي‌ أبي‌ يوماً: تعال‌ لكي‌ أقول‌ لك‌ شيئاً، إنَّك‌ إن‌ لم‌ تدرس‌ مقدّمات‌ الفلسفة‌ لن‌تفهم‌ شيئاً من‌ هذه‌ الروايات‌. [5]

 وذلك‌ لانَّ الاسرار الإلهيّة‌ ومقام‌ التوحيد الذي‌ يصل‌ إلیه‌ المؤمنون‌ بعد السنين‌ المتمادية‌ من‌ العلم‌ والعمل‌ لا يحصل‌ للوهلة‌ الاُولي‌، وذلك‌ المؤمن‌ الذي‌ استوعب‌ تلك‌ المعاني‌ لا يستطيع‌ نقلها وإلقاءها علی‌ من‌ لم‌يستوعبها، ولربّما كان‌ ذلك‌ سبباًلإضلالهم‌.

 ولهذا السبب‌ لم‌ يبح‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ بأسراره‌ إلاّ لاميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ فقط‌، فلدينا روايات‌ متواترة‌ عن‌ الفريقين‌ أنَّ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ قد أباح‌ بأسراره‌ للإمام وحده‌، وكذلك‌ لبعض‌ من‌ أصحابه‌ الخاصّين‌ مثل‌ سلمان‌ الذي‌ كان‌ صاحب‌ سرّ أيضاً.

 وفي‌ الرواية‌: أنَّ مدركات‌ سلمان‌ كانت‌ أكثر من‌ مدركات‌ أبي‌ ذرّ، وأنَّ مقامه‌ في‌ التوحيد كان‌ أدقّ. فذاك‌ التوحيد الذي‌ كان‌ قد أدركه‌ سلمان‌ لم‌يكن‌ قد أدركه‌ أبو ذرّ مع‌ جميع‌ تلك‌ المقامات‌ والدرجات‌ والصدق‌ الذي‌ كان‌ يمتلكه‌، لا أنَّ أبا ذرّ كان‌ رجلاً خائناً، أو معدوداً من‌ الكاذبين‌، بل‌ كان‌ من‌ خواصّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ بكلّ ما للكلمة‌ من‌ معني‌، لكنَّ وعاءه‌ الفكري‌ّ وسعته‌ ليس‌ في‌ مستوي‌ سلمان‌، وذلك‌ بمعني‌ أنَّ ذلك‌ المقدار من‌ المعرفة‌ التي‌ كان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ يتمكّن‌ من‌ إلقائها في‌ قرارة‌ ذهنه‌ ونفسيّته‌ كان‌ محدوداً بحدّ معيّن‌، بينما كان‌ استعداد سلمان‌ أكثر سعة‌، وكان‌ قد وصل‌ إلی‌ مطالب‌ أرقي‌ من‌ العرفان‌ بينما كان‌ إدراك‌ ذلك‌ الحال‌ غير ممكن‌ بالنسبة‌ إلی‌ أبي‌ ذرّ، أي‌ لو ألقي‌ سلمان‌ مطالبه‌ لابي‌ ذرّ لردّها واتّهمه‌ بالشرك‌ والكفر، وحمل‌ كلامه‌ علی‌ الكفر! لَوْ عَلِمَ أَبُو ذَرٍّ مَا فِي‌ قَلْبِ سَلْمَانَ لَقَتَلَهُ أَوْ كَفَّرَهُ. [6] 

 لاحظوا دقّة‌ المطلب‌، ففي‌ الوقت‌ الذي‌ كان‌ فيه‌ أبو ذرّ يجلس‌ مع‌ سلمان‌ ويتناولان‌ الطعام‌ معاً، وعلی‌ الرغم‌ من‌ رفاقتهما وإقامة‌ عقد الاُخوَّة‌ بينهما، لكن‌ كان‌ هناك‌ تفاوت‌ في‌ الإدراك‌ بينهما إلی‌ درجة‌ أنَّ أبا ذرّ لو اطّلع‌ علی‌ مدركات‌ سلمان‌ لقتله‌ أو لرآه‌ مهدور الدم‌، حيث‌ سيري‌ الشرك‌ أو الكفر في‌ عقيدته‌! لانَّ سلمان‌ وصل‌ إلی‌ مرحلة‌ من‌ مراحل‌ التوحيد لم‌يدركها أبو ذرّ بعد، لانَّ ذلك‌ التوحيد في‌ نظر أبي‌ ذرّ عين‌ عبادة‌ الاصنام‌.

 وهذا يشبه‌ المطالب‌ الرائجة‌ في‌ أيّامنا هذه‌ علی‌ الالسن‌ من‌ أنَّ فلاناً ممّن‌ يقول‌ بوحدة‌ الوجود، وأ نَّه‌ لا ينبغي‌ لاحد أن‌ يذكر وحدة‌ الوجود، وأنَّ العقيدة‌ في‌ وحدة‌ الوجود كفر وشرك‌!

وحدة‌ الوجود من‌ أرقي‌ أسرار آل‌ محمّد علیهم‌ السلام‌

 وحدة‌ الوجود من‌ أعظم‌ وأعلی‌ وأصعب‌ وأدقّ مسائل‌ الحكمة‌ المتعإلیة‌، وفهمها ليس‌ يسيراً هيّناً، فعلی‌ الإنسان‌ أن‌ يجدّ ويكدّ طوال‌ عمره‌ علماً وعملاً. وهل‌ سيفهمه‌ الله‌ أصل‌ وحقيقة‌ وحدة‌ الوجود أو لا؟! فهذا من‌ الاسرار التي‌ لا يمكن‌ البوح‌ بها لاي‌ٍّ كان‌.

 لو قال‌ إنسان‌ آخر: الوجود واحد. فماذا يفهم‌ من‌ هذا الكلام‌؟ يقولون‌ إنَّ معني‌ هذا الكلام‌ هو وجود واحد متحقّق‌ لا غير، وهو وجود الذات‌ الإلهيّة‌ المقدّسة‌، أي‌ أنَّ جميع‌ الاشياء هي‌ الله‌، ولذا يتوهّمون‌ بأنَّ الإنسان‌ هو الله‌ والخنزير هو الله‌ والكلب‌ هو الله‌ والقاذورات‌ هي‌ الله‌ والزاني‌ هو الله‌ والمزني‌ به‌ هو الله‌!

 هذا كفر وشرك‌؛ والقائل‌ بوحدة‌ الوجود لا يقول‌ إنَّ الزاني‌ والمزني‌ يه‌ هو الله‌، وإنَّ الكلب‌ والخنزير هو الله‌؛ وهو لا يقول‌ إنَّ الإنسان‌ هو الله‌، ولايقول‌ إنَّ من‌ هو أرقي‌ من‌ الإنسان‌ ( الملائكة‌ ) هو الله‌، ولا يقول‌ إنَّ الملائكة‌ المقرّبين‌ والروح‌ هم‌ الله‌، ولا يقول‌ إنَّ جبرئيل‌ والروح‌ الامين‌ وروح‌ القدس‌ هم‌ الله‌.

 إنَّه‌ يقول‌: إنَّ هؤلاء جميعاً موجودات‌ متعيّنة‌ ومتقيّدة‌ ومحدودة‌ ومشخّصة‌، والله‌ تعإلی‌ لا حدّ له‌، وحتّي‌ النبي‌ّ مع‌ جميع‌ تلك‌ اللامحدوديّة‌ التي‌ يمتلكها بالنسبة‌ لجميع‌ الموجودات‌، لكنّه‌ بالنسبة‌ إلی‌ الله‌ محدود وممكن‌. فهو لا يقول‌ إنَّه‌ الله‌؛ فالقائل‌ بوحدة‌ الوجود يقول‌ بأ نَّه‌ ليس‌ هناك‌ شي‌ء غيرالله‌.

 هناك‌ فرق‌ بين‌ أن‌ نقول‌ إنَّ جميع‌ الاشياء هي‌ الله‌ (كُلُّ شَي‌ْءٍ هُوَ اللَه‌) أو نقول‌ لا شي‌ء موجود غير الله‌. فالقائل‌ بوحدة‌ الوجود يقول‌: لاوجود في‌ العالم‌ لغير الذات‌ المقدّسة‌ لواجب‌ الوجود علی‌ الإطلاق‌، فالوجود الاستقلإلی‌ّ واحد فقط‌، وهو قد غمر جميع‌ الموجودات‌ وَلاَ تَشُذُّ عَنْ حيطَةِ وُجودِهِ ذَرَّة‌! وكلّ وجود تحسبونه‌ وجوداً مستقلاّ فاستقلاله‌ هذا ناشي‌ عن‌ عدم‌إبصاركم‌ وعدم‌ إدراككم‌. الوجود المستقلّ هو وجوده‌ وحده‌ فقط‌، ووجود جميع‌ الموجودات‌ ظلّي‌ّ وتبعي‌ّ واندكاكي‌ّ وإلی‌ّ لاصل‌ الوجود، ووجود الجميع‌ قائم‌ بتلك‌ الذات‌ المقدّسة‌ للحي‌ّ القيّوم‌.

 القائل‌ بوحدة‌ الوجود يقول‌: ليس‌ هناك‌ ذات‌ مستقلّة‌ يمكن‌ إطلاق‌ الوجود علیها غير الذات‌ الإلهيّة‌، وجميع‌ عالم‌ الإمكان‌ مِنَ الذَّرَّةِ إلَی‌ الدُّرَّة‌، فانٍ ومندكّ في‌ وجوده‌، وليس‌ هناك‌ وجود يمتلك‌ الاستقلال‌، أو يستطيع‌ أن‌ يظهر نفسه‌ في‌ مقابل‌ وجوده‌، فالجميع‌ ظلال‌ لوجوده‌.

 لا أن‌ يقول‌: كُلُّ شَي‌ءٍ هُوَ اللَه‌، فبلفظ‌ « الشي‌ء » يُشار إلی‌ الحدود الماهويّة‌.

 والحدود كلّها نواقص‌ وعدم‌ وفقر واحتياج‌، فأي‌ّ مناسبة‌ لها مع‌ الله‌؟ وهذا من‌ المسلّم‌ كونه‌ شركاً.

 لكنَّ هذا المطلب‌ الذي‌ يجب‌ أن‌ يثبت‌ بعد السنين‌ المتمادية‌ بالبرهان‌ القاطع‌، أو يدرك‌ بالقلب‌ بواسطة‌ السير والسلوك‌ إلی‌ الله‌، إذ وضعه‌ الإنسان‌ بين‌ يدي‌ الناس‌ حتّي‌ أُولئك‌ الذين‌ هم‌ من‌ أهل‌ العلم‌ ـلكن‌ ممّن‌ لايمتلكون‌ قدماً ثابتة‌ في‌ المعارف‌ الإلهيّة‌ـ فماذا يفهمون‌ منه‌؟ يقولون‌ إنَّ فلاناً من‌ أهل‌ وحدة‌ الوجود، ووحدة‌ الوجود شرك‌ وكفر وما شابه‌.

 إنَّك‌ لا تفهم‌ معني‌ وحدة‌ الوجود أصلاً! ولا تستوعبه‌! إنَّ وحدة‌ الوجود سرّ آل‌ محمّد، وحدة‌ الوجود حقيقة‌ الولاية‌، وحدة‌ الوجود حقيقة‌ النبوّة‌، وحدة‌ الوجود حقيقة‌ كلّ شي‌ء من‌ جهة‌ ربط‌ الخاصّ بالذات‌ الإلهيّة‌ المقدّسة‌، وحدة‌ الوجود هي‌ ذلك‌ المقام‌ التوحيدي‌ّ الذي‌ جاء النبي‌ّ وسُفكت‌ كلّ هذه‌ الدماء لكي‌ يقولوا لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ.

 لا فرق‌ بين‌ وحدة‌ الوجود وتوحيد الوجود، فالتوحيد يعني‌ جعله‌ واحداً، والوحدة‌ تعني‌ كونه‌ واحداً، فما الفرق‌ بين‌ هذا وذاك‌؟! فذاك‌ من‌ باب‌ التفعيل‌، ثلاثي‌ّ مزيد، وهذا من‌ باب‌ المجرّد، فاحذفوا لفظ‌ التوحيد في‌ الوجود الذي‌ يقوم‌ الإسلام علیه‌ وضعوا مكانه‌ لفظ‌ الوحدة‌. فيكون‌ لفظ‌ الوحدة‌ مكان‌ التوحيد.

 أنتم‌ لا تستوحشون‌ من‌ التوحيد، فَلِمَ تخافون‌ من‌ الوحدة‌؟! هذه‌ أسرار غامضة‌، لو أراد سلمان‌ أن‌ يبرزها لمن‌ هو دونه‌ لما تحمّلوها ولقالوا هذا شرك‌.

 هذه‌ أسرار حقيقة‌ القرآن‌ ونهاية‌ سير البشر، وعلی‌ الجميع‌ أن‌ يطووا هذا الطريق‌ إلی‌ أن‌ يصلوا إلی‌ هناك‌، وقد جاء النبي‌ّ لاجل‌ إيصال‌ هذا المعني‌، فلايمكن‌ تربية‌ الإنسان‌ دون‌ أن‌ يصل‌ إلی‌ ذلك‌ المعني‌، وإلاّ كان‌ العالم‌ عبثاً. كما أ نَّه‌ ومن‌ جهة‌ أُخري‌، لا يستطيع‌ بيان‌ هذا المعني‌ للجميع‌، لا نَّه‌ غير قابل‌ للإدراك‌ للجميع‌.

 ولذا، فهو يذكره‌ لبعض‌ خواصّه‌ فقط‌ الذين‌ يمتلكون‌ قابليّة‌ ذلك‌ ويستوعبونه‌، فيكون‌ بهذا جزءاً من‌ الاسرار.

 

ارجاعات


[1] ـ «مصباح‌ الشريعة‌» طبعة‌ طهران‌، مركز نشر الكتاب‌، سنة‌ 1379 هجريّة‌، مع‌ تحقيق‌ ومقدّمة‌ وتصحيح‌ الصديق‌ الجليل‌ والعالم‌ الموقّر الحاجّ الشيخ‌ حسن‌ المصطفوي‌ّ دامت‌ معالیه‌.

[2] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1، ص‌ 23، حديث‌ 15، كتاب‌ العقل‌ والجهل‌ـ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَي‌، عَنِ الحَسَنِ بْنِ علی‌ِّبْنِ فَضَّال‌، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي‌ عَبْدِ اللَهِ علیهِ السَّلاَمُ، قَالَ: مَا كَلَّمَ رَسُولُ اللَهِ صلَّی اللَهُ علیهِ وَآلِهِ العِبَادَ بِكُنْهِ عَقْلِهِ قَطُّ؛ وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صلَّی اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: إنَّا مَعَاشِرَ الاَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَن‌ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَی قَدْرِ عُقُولِهِمْ.

 وقد وردت‌ الرواية‌ في‌ «تحف‌ العقول‌» ص‌ 36؛ وفي‌ «بحار الانوار» ج‌ 17، ص‌ 41، كتاب‌ الروضة‌، طبعة‌ الكمباني‌ّ، وفي‌ الطبعة‌ الحروفيّة‌، مطبعة‌ الحيدري‌ّ، ج‌ 77، ص‌ 140 عن‌ «تحف‌ العقول‌» القسم‌ الثاني‌.

 وفي‌ «المحاسن‌» للبرقي‌ّ،، 1، ص‌ 195، يروي‌ بالإسناد عن‌ سليمان‌ بن‌ جعفربن‌ إبراهيم‌ الجعفري‌ّ مرفوعاً أ نَّه‌؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صلَّی اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: إنَّا مَعَاشِرَ الاَنْبِيَاءِ نُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَی قَدْرِ عُقُولِهِمْ.

 وأورد في‌ «المحجّة‌ البيضاء» ج‌ 1، ص‌ 66، عن‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ أ نَّه‌ قال‌: خَالِطُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَدَعُوهُمْ مِمَّا يُنْكِرُونَ، وَلاَتُحَمِّلُوا عَلَیأَنْفُسِكُمْ وَعلینَا، إنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَ يَحْتَمِلُهُ إلاَّ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَو نَبِي‌ٌّ مُرْسَلٌ أَو مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَهُ قَلْبَهُ لِلإيمَانِ (الصفّار في‌ «بصائر الدرجات‌» ص‌ 9 ).

[3] ـ يقول‌: «وحيث‌ قد صار اختلاطي‌ وانشغإلی‌ مع‌ الاطفال‌ فيجب‌ أن‌ أتكلّم‌ بلغتهم‌».

[4] ـ قال‌ المحدّث‌ القمّي‌ّ رحمة‌ الله‌ علیه‌ في‌ «سفينة‌ البحار» ج‌ 1، ص‌ 292، في‌ مادّة‌ (حَكَمَ): وفي‌ «منية‌ المريد»: رُوِي‌ عَنِ الصَّادقِ علیهِ السَّلاَّمُ، قَالَ: قَامَ عِيسَي‌ ابْنُ مَرْيَمَ عَلَی نَبِيِّنَا وَآلِهِ وَعلیهِ السَّلاَمُ خَطِيبَاً فِي‌ بَنِي‌ إسْرَائِيلَ فَقَالَ: يَابَنِي‌ إسْرَائِلَ! لاَتُحَدِّثُوا الجُهَّالَ بِالحِكْمَةِ فَتَظْلِمُوهَا؛ وَلاَتَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ! فَأَقُولُ عَلَی طِبْقِ مَا قَالَ علیهِ السَّلاَمُ: إيَّاكَ وَأَن‌ تَعْرُجَ مَعَ الجَاهِلِ عَلَیبَثِّ الحِكْمَةِ وَأَن‌ تَذْكُرَ لَهُ شَيئَاً مِنَ الحَقَائِقِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ لَهُ قَلْبَاً طَاهِرَاً لاَتَعَافُهُ الحِكْمَةُ؛ فَقَدْ قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ علیهِ السَّلاَمُ: لاَتُعَلِّقُوا الجَوَاهِرَ فِي‌ أَعْنَاقِ الخَنَازِيرِ! وفي‌ «المحجّة‌ البيضاء» ج‌ 1، ص‌ 91: وَقَالَ النَّبِي‌ُّ صلَّی اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: كَلِّمُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ! أَتُرِيدُونَ أَن‌ يُكَذَّبَ اللَهُ وَرَسُولُهُ؟ «صحيح‌ البخاري‌ّ» ج‌ 1، ص‌ 43؛ وقد أوردها في‌ «كنوز الحقائق‌» باب‌ الكفاف‌ بلفظ‌: حَدِّثُوا النَّاسَ؛ كما أوردها النعماني‌ّ في‌ «الغيبة‌» بناءً علی‌ نقل‌ «البحار» من‌ طبعة‌ الكمباني‌ّ ج‌ 2، ص‌ 77.

 وَقَالَ عِيسَي‌ علیهِ السَّلاَمُ: لاَ تَضَعُوا الحِكْمَةَ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهَا فَتَظْلِمُوهَا؛ وَلاَتَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ! كُونُوا كَالطَّبِيبِ الرَّفِيقِ يَضَعُ الدَّوَاءَ فِي‌ مَوضِعِ الدَّاءِ (ابن‌ عبدالبرّ في‌ «كتاب‌ العلم‌» كما ورد في‌ مختصره‌ ص‌ 55؛ وأيضاً الدارمي‌ّ في‌ «السنن‌» ج‌ 1، ص‌ 106 باختلاف‌ يسير في‌ اللفظ‌). وفي‌ لفظ‌ آخر: مَن‌ وَضَعَ الحِكْمَةَ فِي‌ غَيْرِ أَهْلِهَا جَهِلَ وَمَن‌ مَنَعَهَا أَهْلَهَا ظَلَمَ، إنَّ للحِكْمَةِ حَقَّاً، وَإنَّ لَهَا أَهْلاً فَأَعْطِ كُلَّ ذِي‌ حَقٍّ حَقَّهُ.

[5] ـ مجلة‌ «كيهان‌ انديشه‌» عدد 1، مرداد وشهريور 1364 ه.ش‌، ص‌ 19 في‌ ضمن‌ كلام‌ العالم‌ الجليل‌ السيّد جلال‌ الدين‌ الآشتياني‌ّ.

[6] ـ يقول‌ في‌ «الوافي‌» ج‌ 1، ص‌ 8، الطبعة‌ الحجريّة‌، سنة‌ 1324، وفي‌ ج‌ 1، ص‌ 11 من‌ الطبعة‌ الحروفيّة‌ في‌ إصفهان‌: وَقَالَ سَيِّدُ العَابِدِينَ وَزَيْنُهُمْ صَلَوَاتُ اللَهِ علیهِ: لَوْ عَلِمَ أَبْوذَرٍّ مَا فِي‌ قَلْبَ سَلْمَانَ لَقَتَلَهُ. وفي‌ رواية‌: لَكَفَّرَهُ.

 يروي‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 754، طبعة‌ الكمباني‌ّ، و ج‌ 22، ص‌ 343، حديث‌ 53، الطبعة‌ الحروفيّة‌ الحيدريّة‌، عن‌ «الكافي‌» عن‌ أحمد بن‌ إدريس‌، عن‌ عمران‌بن‌ موسي‌، عن‌ هارون‌بن‌ مسلم‌، عن‌ مسعدة‌ بن‌ صدقة‌، عن‌ الإمام الصادق‌ علیه‌ السلام‌ أ نَّه‌ قال‌: جري‌ حديث‌ عند الإمام علی‌ّ بن‌ الحسين‌ علیهما السلام‌ عن‌ التقيّة‌ فَقَالَ: لَوْ عَلِمَ أَبُوذَرٍّ مَا فِي‌ قَلْبِ سَلْمَانَ لَقَتَلَهُ، وَلَقَدْ آخَي‌ رَسُولُ اللَهِ بَيْنَهُمَا، فَمَا ظَنُّكُمْ بِسَائِرِ الخَلْقِ؟! إنَّ عِلْمَ العُلَمَاءِ صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ، لاَيَحْتَمِلُهُ إلاَّ نَبِي‌ٌّ مُرْسَلٌ أَوْ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَهُ قَلْبَهُ لِلإيمَانِ. فَقَالَ: وَإنَّمَا صَارَ سَلْمَانُ مِنَ العُلَمَاءِ لاِ نَّه‌ امْرُؤٌ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ، فَلِذَلِكَ نَسَبْتُهُ إلی‌ العُلَمَاءِ. «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1، ص‌ 401. وقد أورد عين‌ هذا المتن‌ بتفاوت‌ «فَلِذَلِكَ نَسَبَهُ إلینَا» في‌«بصائرالدرجات‌»ص‌8.

 يقول‌ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ علیه‌ في‌ بيانه‌ في‌ ذيل‌ هذه‌ الرواية‌: مَا فِي‌ قَلْبِ سَلْمَانَ أَي‌ مِن‌ مَرَاتِبِ مَعْرِفَةِ اللَهِ وَمَعْرِفَةِ النَّبِي‌ِّ والاَئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللَهِ علیهِمْ. فَلَو كَانَ أَظْهَرَ سَلْمَانُ لَهُ شَيْئَاً مِن‌ ذَلِكَ لَكَانَ لاَ يَحْتَمِلُهُ وَيَحْمِلُهُ عَلَیالكِذْبِ، وَيَنْسِبُهُ إلی‌ الارْتِدَادِ أَوِ العُلُومِ الغَرِيبَةِ وَالآثَارِ العَجِيبَةِ الَّتِي‌ لَو أَظْهَرَهَا لَهُ لَحَمَلَهَا عَلَیالسِّحْرِ فَقَتَلَهُ؛ وَكَانَ يُفْشِيهِ وَيُظْهِرُهُ لِلنَّاسِ فَيَصِيرُ سَبَبَاً لِقَتْلِ سَلْمَانَ عَلَیالوَجْهَيْنِ... إلی‌ آخره‌.

 ويروي‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 6، طبعة‌ الكمباني‌ّ، في‌ نفس‌ الصفحة‌، وفي‌ ص‌ 346 من‌ الطبعة‌ الحروفيّة‌، الحيدريّة‌، عن‌ «الاختصاص‌» للشيخ‌ المفيد، بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ عيسي‌بن‌ حمزة‌، قال‌: قُلْتُ لاِبِي‌ عَبْدِ اللَهِ علیهِ السَّلاَمُ الحَدِيثَ الَّذِي‌ جَاءَ فِي‌ الاَرْبَعَةِ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟! قُلْتُ: الاَرْبَعَةُ الَّتِي‌ اشْتَاقَتْ إلیهِمُ الجَنَّةُ. قَالَ: نَعَمْ، مِنْهُمْ سَلْمَانُ وَأَبُوذَرٍّ وَالمِقْدَادُ وَعَمَّارُ. قُلْنَا: فَأَيُّهُمْ أَفْضَلُ؟! قَالَ: سَلْمَانُ. ثُمَّ أَطْرَقَ، ثُمَّ قَالَ: عَلِمَ سَلْمَانُ عِلْمَاً لَوْ عَلِمَهُ أَبُو ذَرٍّ كَفَرَ. «الاختصاص‌» ص‌ 11. وروي‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 762، طبعة‌ الكمباني‌ّ، و ج‌ 22، ص‌ 373 و 374، حديث‌ 12، الطبعة‌ الحروفيّة‌، الحيدريّة‌؛ و«رجال‌ الكشّي‌ّ» بسنده‌ عن‌ الإمام أبي‌ جعفر محمّد الباقر علیه‌ السلام‌ قال‌: دَخَلَ أَبُو ذَرٍّ عَلَیسَلْمَانَ وَهُوَ يَطْبَخُ قِدْراً لَهُ فَبَيْنَا هُمَا يَتَحَادَثَانِ إذَا انْكَبَّتِ القِدْرُ عَلَی وَجْهِهَا عَلَی الاَرْضِ فَلَمْ يَسْقُطْ مِنْ مَرَقِهَا وَلاَ مِنْ وَدَكِهَا شَي‌ءٌ. فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ أَبُو ذَرٍّ عَجَباً شَدِيداً؛ وَأَخَذَ سَلْمَانُ القِدْرَ فَوَضَعَهَا عَلَی حَالِهَا الاَوَّلِ عَلَی النَّارِ ثَانِيَةً وَأَقْبَلا يَتَحَدَّثَانِ، فَبَيْنَمَا هُمَا يَتَحَدَّثَانِ إذَا انْكَبَّتِ القِدْرُ عَلَی وَجْهِهَا فَلَم ْيَسْقُطْ مِنْهَا شَي‌ءٌ مِنْ مَرَقِهَا وَلاَ مِنْ وَدَكِهَا! قَالَ: فَخَرَجَ أَبُوذَرٍّ وَهُوَ مَذْعُورٌ مِنْ عِنْدِ سَلْمَانَ؛ فَبَيْنَمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ إذْ لَقِي‌َ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ علیهِ السَّلامُ عَلَیالبَابِ. فَلَمَّا أَنْ بَصَّرَ بِهِ أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ علیهِ السَّلاَمُ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ! مَا الَّذِي‌ أَخَرَجَكَ وَمَا الَّذِي‌ ذَعَرَكَ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُوذَرٍّ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! رَأَيْتُ سَلْمَانَ صَنَعَ كَذَا وكَذَا فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ علیهِ السَّلامُ: يَا أَبَا ذَرٍّ! إنَّ سَلْمَانَ لَوْ حَدَّثَكَ بِمَا يَعْلَمُ، لَقُلْتَ: رَحِمَ اللَهُ قَاتِلَ سَلْمَانَ. يَاأَبَاذَرٍّ! إنَّ سَلْمَانَ بَابُ اللَهِ فِي‌ الاَرْضِ؛ مَنْ عَرَفَهُ كَانَ مُؤْمِناً، وَمَنْ أَنْكَرَهُ كَانَ كَافِراً؛ وَإنَّ سَلْمَانَ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ. «رجال‌ الكشّي‌ّ» ص‌ 10.

 وبالطبع‌ فإنَّ هذه‌ الدرجات‌ والمقامات‌ قد كانت‌ له‌ بسبب‌ عظمة‌ نفسه‌ وصبره‌ وتحمّله‌ في‌ سبيل‌ الله‌ وفي‌ ذات‌ الله‌، كما يتّضح‌ ذلك‌ من‌ قياسه‌ بأبي‌ ذرّ في‌ الرواية‌ السابقة‌.

 يروي‌ المجلسي‌ّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 748، طبعة‌ الكمباني‌ّ، و ج‌ 22، ص‌ 320، حديث‌ 8، الطبعة‌ الحروفيّة‌، الحيدريّة‌، عن‌ «عيون‌ أخبار الرضا»، عن‌ الدقّاق‌، عن‌ الصوفي‌ّ، عن‌ الروياني‌ّ، عن‌ عبد العظيم‌ الحسني‌ّ، عن‌ أبي‌ جعفر الثاني‌ (الإمام محمّد التقي‌ّ)، عن‌ آبائه‌ علیهم‌ السلام‌ أ نَّه‌:

 قَالَ: دَعَا سَلْمَانُ أَبَا ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَهِ علیهِمَا إلی‌ مَنْزِلِهِ فَقَدَّمَ إلیهِ رَغِيفَيْنِ، فَأَخَذَ أَبُوذَرٍّ الرَّغِيفَيْنِ يُقَلِّبُهُمَا؛ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: يَا أَبَا ذَرٍّ لاِي‌ِّ شَي‌ءٍ تُقَلِّبُ هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ؟! قَالَ: خِفْتُ أَنْ لاَيَكُونَا نَضِيجَيْنِ. فَغَضِبَ سَلْمَانُ مِنْ ذَلِكَ غَضَباً شَدِيداً، ثُمَّ قَالَ: مَا أَجْرَأَكَ حَيْثُ تُقَلِّبُ هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ؟! فَوَ اللَهِ لَقَدْ عَمِلَ فِي‌ هَذَا الخُبْزِ المَاءُ الَّذِي‌ تَحْتَ العَرْشِ، وَعَمِلَتْ فِيهِ المَلاَئِكَةُ حَتَّي‌ أَلقَوْهُ إلی‌ الرِّيحِ، وَعَمِلَتْ فِيهِ الرِّيحُ حَتَّي‌ أَلْقَتْهُ إلی‌ السَّحَابِ، وَعَمِلَ فِيهِ السَّحَابُ حَتَّي‌ أَمْطَرَهُ إلی‌ الاَرْضِ، وَعَمِلَ فِيهِ الرَّعْدُ وَالمَلاَئِكَةُ حَتَّي‌ وَضَعُوهُ مَوَاضِعَهُ، وَعَمِلَتْ فِيهِ الاَرْضُ وَالخَشَبُ وَالحَدِيدُ وَالبَهَائِمُ وَالنَّارُ وَالحَطَبُ وَالمِلْحُ، وَمَا لاَأُحْصِيهِ أَكْثَرُ، فَكَيْفَ لَكَ أَنْ تَقُومَ بِهَذَا الشُّكْرِ؟! فَقَالَ أَبُوذَرٍّ: إلی‌ اللَهِ أَتُوبُ وَأَسْتَغْفِرُ اللَهَ مِمَّا أَحْدَثْتُ وَإلیكَ أَعْتَذِرُ مِمَّا كَرِهْتَ.

 قَالَ: وَدَعَا سَلْمَانُ أَبَاذَرٍّ رَحْمَةُ اللَهِ علیهِمَا ذَاتَ يَوْمٍ إلی‌ ضِيَافَةٍ فَقَدَّمَ إلیهِ مِنْ جِرَابِهِ كِسَراً يَابِسَةً وَبَلَّهَا مِنْ رَكْوَتِهِ؛ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: مَا أَطْيَبَ هَذَا الخُبْزَ لَوْ كَانَ مَعَهُ مِلْحٌ! فَقَامَ سَلْمَانُ وَخَرَجَ فَرَهَنَ رَكْوَتَهُ بِمِلْحٍ وَحَمَلَهُ إلیهِ. فَجَعَلَ أَبُو ذَرٍّ يَأْكُلُ ذَلِكَ الخُبْزَ وَيَذُرُّ علیهِ ذَلِكَ المِلْحَ وَيَقُولُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ رَزَقَنَا هَذِهِ القَنَاعَةَ. فَقَالَ سَلْمَانُ: لَوْ كَانَتْ قَنَاعَةً لَمْتَكُنْ رَكْوَتِي‌ مَرْهُونَةً! «عيون‌ أخبار الرضا» ص‌ 215 و 216.

      
  
الفهرس
  الدرس‌ الخامس‌ والعشرون‌:لا تحلّ الفتيا لمن‌ لا يستفتي‌ من‌ الله‌ بصفاء سرّه‌
  رواية‌: اطْلُبُوا العِلْمَ وَلَو بِالصِينِ، وعلم‌ معرفة‌ النفس‌
  يجب‌ أن‌ يكون‌ المرجع‌ في‌ الفتوي‌ أعلم‌ الاُمّة‌
  كلام‌ العلاّمة‌ الحلّي‌ّ: لَوْلاَ زِيَارَةُ الحُسَيْنِ وَتَصْنِيفُ الاَلْفَينِ ...
  البحث‌ حول‌ سند الرواية‌ الواردة‌ في‌ «مصباح‌ الشريعة‌»
  كلمات‌ الاعلام‌ حول‌ كتاب‌ «مصباح‌ الشريعة‌»
  ردّ المجلسي‌ّ كتاب‌ «مصباح‌ الشريعة‌» وردّ النوري‌ّ علیه‌
  الدرس‌ السادس‌ والعشرون‌: البحث‌ حول‌ هويّة‌ كتاب‌ «مصباح‌ الشريعة‌ ومفتاح‌ الحقيقة‌»
  طوائف‌ آراء العلماء حول‌ «مصباح‌ الشريعة‌»
  كلام‌ الشيخ‌ علی‌ أكبر النهاوندي‌ّ والسيّد جلال‌ الدين‌ المحدِّث‌
  >>تحقيق‌ لعالم‌ معاصر حول‌ تدوين‌ «المصباح‌» أواخر القرن‌ الثاني‌
  ردّ صاحب‌ «المستدرك‌» علی‌ صاحب‌ «رياض‌ العلماء»
  الشواهد الدالّة‌ علی‌ أنَّ «المصباح‌» ليس‌ من‌ كتابة‌ الإمام‌ الصادق‌
  «المصباح‌» ك «تحف‌ العقول‌» و«إرشاد القلوب‌» في‌ التلقّي‌ بالقبول‌
  يعتبر العلاّمة‌ النوري‌ّ قدّس‌ سرّه‌ «المصباح‌» لفضيل‌ بن‌ عياض‌
  الدرس‌ السابع‌ والعشرون‌:يشترط‌ في‌ الفتوي‌ صفاء القلب‌ إضافة‌ إلی‌ الاجتهاد
  تقع‌ روايات‌ المعصومين‌ في‌ مراحل‌ متفاوتة‌ من‌ ناحية‌ عمق‌ الدلالة‌
  في‌ أخبار الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ جواهر مثقلة‌ بالاسرار للخواصّ
  وحدة‌ الوجود من‌ أرقي‌ أسرار آل‌ محمّد علیهم‌ السلام‌
  خطبة‌ «نهج‌ البلاغة‌»: وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا فِي‌َّ بِرَسُولِ اللَهِ...
  أبيات‌ مشهورة‌ للإمام‌ زين‌ العابدين‌ في‌ لزوم‌ كتمان‌ السرّ
  كان‌ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ يبيّنون‌ الاسرار لخواصّ أصحابهم‌
  إمكان‌ كون‌ كتاب‌ «مصباح‌ الشريعة‌» من‌ تإلیف‌ فضيل‌ بن‌ عياض‌
  كان‌ فُضيل‌ من‌ أعاظم‌ الصوفيّين‌ الحقيقيّين‌ ووثّقه‌ النجاشي‌ّ والشيخ‌
  يشترط‌ في‌ الإفتاء إلیقين‌ ونور الباطن‌ إضافة‌ إلی‌ الاجتهاد الظاهري‌ّ
  يجب‌ أن‌ تكون‌ الفتوي‌ معاينة‌
  الدرس‌ الثامن‌ والعشرون‌:ولاية‌ عدول‌ المؤمنين‌ وبيان‌ حقيقة‌ ولاية‌ الفقيه‌
  معني‌ حقيقة‌ الولاية‌ وولاية‌ الحيوانات‌ والبهائم‌ علی‌ أبنائها
  ولاية‌ عدول‌ المؤمنين‌، وولاية‌ فسّاقهم‌ عند عدم‌ وجود العدول‌
  معني‌ الولاية‌ إنشاء الحكم‌ في‌ الموارد الجزئيّة‌
  أهمّيّة‌ هذه‌ الولاية‌، الرَّادُّ علیهِ، الرَّادُّ علینَا
  بيان‌ الائمّة‌ للاحكام‌ علی‌ أساس‌ الولاية‌ الكلّيّة‌ والإحاطة‌ النفسانيّة‌
  مفاد: مَا مِنْ شَي‌ءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الجَنَّةِ وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ...
  يشترط‌ في‌ الفقيه‌ إضافة‌ إلی‌ أعلميّته‌ أقوائيّته‌ في‌ أداء الاُمور
  بيان‌ ومفاد: زَادَهُ و بَسْطَةً فِي‌ الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ
  الدرس‌ التاسع‌ والعشرون‌: مع‌ الاعلميّة‌، يشترط‌ في‌ ولاية‌ الفقيه‌ الإسلام والتشيّع‌
  يحرم‌ نكث‌ البيعة‌ بعد مبايعة‌ الولي‌ّ الحقّ
  علّة‌ امتناع‌ أمير المؤمنين‌ عن‌ قبول‌ مبايعة‌ الناس‌ له‌ بعد مقتل‌ عثمان‌
  الخطبة‌ 129 في‌ «نهج‌ البلاغة‌» حول‌ شرائط‌ الحاكم‌ في‌ الإسلام
  دلابة‌ آية‌: وَلَن‌ يَجْعَلَ اللَهُ لِلْكَـفِرِينَ عَلَی الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً
  وفقاً للآية‌ القرآنيّة‌: لا حكومة‌ للكافر علی‌ المؤمن‌
  طبقاً للآية‌.. انتفاء دخول‌ ممثّلي‌ أهل‌ الذمّة‌ في‌ مجلس‌ الشوري‌
  بيان‌ آية‌ الله‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ قدّس‌ سرّه‌ حول‌ حقيقة‌ التشيّع‌
  الدرس‌ الثلاثون‌:من‌ شروط‌ ولاية‌ الفقيه‌: الهجرة‌ إلی‌ دار الإسلام
  تفسير الطبرسي‌ّ لآية‌: إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَـهَدُوا...
  تفسير البعض‌ للولاية‌ في‌ هذه‌ الآية‌ بمعني‌ الإرث‌
  كلام‌ هارون‌ مع‌ الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر علیه‌ السلام‌ حول‌ إرث‌ العمّ
  اعتبر البعض‌ الولاية‌ في‌ هذه‌ الآية‌ بمعني‌ نفوذ الامان‌
  بقاء لزوم‌ الهجرة‌ إلی‌ دار الإسلام إلی‌ يوم‌ القيامة‌
  حرمة‌ التعرّب‌ بعد الهجرة‌
  لاَ تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ حَتَّي‌ تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ
  وجوب‌ الهجرة‌ علی‌ جميع‌ المسلمين‌ في‌ العالم‌ إلی‌ دار الإسلام
  حرمة‌ ولاية‌ المسلم‌ الذي‌ لم‌ يقطع‌ علاقته‌ ببلاد الكفر بالكامل‌
  الدرس‌ الحادي‌ والثلاثون‌:من‌ شروط‌ ولاية‌ الفقيه‌: الذكورة‌
  شأن‌ نزول‌ آية‌: الرِّجَالُ قَوّ مُونَ عَلَیالصالحات‌ النِّسَآءِ، طبقاً لنقل‌ المفسّرين‌
  عمومات‌ حكم‌ القصاص‌ وتخصيصها في‌ مورد حبيبة‌ زوجة‌ سعد
  رواية‌ البيهقي‌ّ عن‌ أسماء بنت‌ يزيد ورسالة‌ نساء المدينة‌ للنبي‌ّ
  أَنَّ حُسْنَ تَبَعُّلِ إحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبَهَا مَرضَاتَهُ ...
  رواية‌ أبی بكرة‌: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً
  الدرس‌ الثاني‌ والثلاثون‌:من‌ شؤون‌ ولاية‌ الفقيه‌: عدم‌ جواز عضويّة‌ النساء في‌ مجلس‌ الشوري‌
  وَاكْفُفْ علیهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إيَّاهُنَّ؛ فَإنَّ شِدَّةَ...
  الدخول‌ في‌ مجلس‌ الشوري‌ من‌ شؤون‌ الولاية‌، لا مصداقاً للوكالة‌
  دلالة‌: فَالصَّـ لِحَـ تُ قَـ نِتَـ تٌ حَـ فِظَـ تٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَهُ
  اعتراض‌ عامّة‌ المسلمين‌ علی‌ عائشة‌ في‌ خروجها بادّعاء الصلح‌
  كون‌ مجلس‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور رجالاً لا يدفع‌ إشكال‌ عضويّة‌ النساء...
  من‌ شروط‌ ولاية‌ الفقيه‌: العقل‌ والبلوغ‌
  الدرس‌ الثالث‌ والثلاثون‌:يعيّن‌ أهل‌ الحلّ والعقد الولي‌ّ الفقيه‌، لا برأي‌ أكثريّة‌ عامّة‌ الناس‌
  دلالة‌: فَسْئَلُو´ا أَهْلَ الذِّكْرِ... وآية‌: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي‌ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ...
  يتحرّك‌ أكثريّة‌ الناس‌ وفقاً لمنطق‌ الانفعال‌ لا العقل‌
  الآيات‌ الدالّة‌ علی‌ أنَّ عامّة‌ الناس‌ يفرّون‌ من‌ الحقّ
  انتخاب‌ العوامّ تبع‌ للمزاجيّة‌ والتفكير السطحي‌ّ والنظرة‌ الساذجة‌
  الإشکال‌ الوارد علی‌ مؤيّدي‌ فكرة‌ انتخاب‌ الاكثريّة‌ من‌ العامّة‌
  الشوري‌ في‌ الإسلام لاهل‌ الحلّ والعقد، وليس‌ لاكثريّة‌ العامّة‌
  دلالة‌ آية‌: وَشَاوِرْهُمْ فِي‌ الاْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَیاللَهِ
  مفاد ومعني‌ الاخذ بالمجمع‌ علیه‌ وترك‌ الشاذّ النادر
  مشورة‌ النبي‌ّ مقدّمة‌ لاخذه‌ الرأي‌ النهائي‌ّ
  الدرس‌ الرابع‌ والثلاثون‌:اعتماد ولاية‌ الفقيه‌ علی‌ القدرتين‌ العقليّة‌ والخارجيّة‌
  إثبات‌ ولاية‌ الفقيه‌ بواسطة‌ نفس‌ الطرق‌ العقلائيّة‌
  دلالة‌ عهد الإمام لمالك‌ علی‌ انحصار تعيين‌ القاضي‌ بنظر الحاكم‌
  العلم‌ الوجداني‌ّ لكلّ شخص‌ هو الذي‌ يقوده‌ إلی‌ ولاية‌ الفقيه‌
  أرسطو هو مؤسّس‌ مبدأ تفكيك‌ القوي‌ الثلاث‌
  اقتراح‌ النائيني‌ّ في‌ تفكيك‌ القوي‌ علی‌ فرض‌ وجود الحكومة‌ الجائرة‌
  نهج‌ البلاغة‌: وَالإمَامَة نِظَاماً لِلاُمَّةِ وَالطَّاعَةَ تَعظِيماً لِلإمَامَة
  تفسير آية‌: وَاجْعَل‌ لِّي‌ مِن‌ لَّدُنكَ سُلْطَـ نًا نَصِيرًا
  رواية‌ قتادة‌ في‌ تفسير: وَاجْعَل‌ لِّي‌ مِن‌ لَّدُنكَ سُلْطَـ نًا نَصِيرًا
  الدرس‌ الخامس‌ والثلاثون‌:وظيفة‌ الولي‌ّ الفقيه‌: إقامة‌ العدل‌ والصلاة‌ والزكاة‌ و...
  آية‌: الَّذِينَ إِن‌ مَّكَّنَّـ هُمْ فِي‌ الاْرْضِ أَقَامُوا الصَّلَو ةَ وَءَاتَوُا الزَّكَو ةَ
  وظيفة‌ الولي‌ّ الفقيه‌ الجهاد والامر بالمعروف‌ والنهي‌ عن‌ المنكر
  إنَّ إرسال‌ الانبياء لإخراج‌ الناس‌ من‌ نير الظالمين‌
  مفاد آية‌: وَأُمِرْتُ لاِعْدِلَ بَيْنَكُمْ
  عدم‌ تساوي‌ الحقوق‌ بين‌ المسلمين‌ وأهل‌ الذمّة‌ في‌ دولة‌ الإسلام
  لا يوجد مبدأ كالإسلام في‌ محافظته‌ علی‌ حقوق‌ الاقلّيّات‌
  حدود الإسلام هي‌ العقيدة‌، وتراب‌ المسلم‌ محترم‌
  الدرس‌ السادس‌ والثلاثون‌:الجهاد واجب‌ كفائي‌ّ في‌ كلّ عصر وبإشراف‌ ولاية‌ الفقيه‌
  يجب‌ استعمال‌ المصطلحات‌ الإسلاميّة‌ في‌ بلاد الإسلام
  الجهاد واجب‌ كفائي‌ّ في‌ كلّ زمان‌ إلی‌ يوم‌ القيامة‌
  الآيات‌ القرآنيّة‌ الدالّة‌ علی‌ إطلاق‌ وجوب‌ الجهاد
  كلام‌ الشيخ‌ في‌ وجوب‌ الجهاد مرّة‌ واحدة‌ في‌ السنة‌ علی‌ الاقلّ
  المرابطة‌ في‌ رتبة‌ متأخّرة‌ عن‌ الجهاد، وهي‌ من‌ 3 إلی‌4 0 يوماً
  الخَيْرُ كُلُّهُ في‌ السَّيْفِ وَتَحْتَ ظِلِّ السَّيْفِ
  الآيات‌ الواردة‌ حول‌ لزوم‌ الجهاد في‌ سبيل‌ الله‌ وعظمته‌
  الروايات‌ الدالّة‌ علی‌ شرط‌ الولاية‌ في‌ مشروعيّة‌ الجهاد

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی