معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > الأبحاث العلمية و الإجتماعية > ولاية‌ الفقيه‌ في‌ حكومة‌ الإسلام > ولاية‌ الفقيه‌ في‌ حكومة‌ الإسلام المجلد الرابع
كتاب ولاية الفقيه فی حکومة الاسلام / المجلد الرابع/ القسم الخامس :المکتوب علي قبر أرسطو، خطبة‌ الامير حول‌ ما للوالی و الرعيّة‌ كلٌّ علی الآخر من‌ حقوق‌، أوامر الوالی لا تكون‌ حجّة‌ في‌ صورة‌ المعصية‌ و العلم‌ بالخلاف‌

يقول‌ عمر: بما أنـّي‌ قد فررتُ يوم‌ أُحد، فلا حقّ لولدي‌ بالجائزة‌

 ويروي‌ ابن‌ أبي‌ الحديد أيضاً عن‌ فُضيل‌ بن‌ عيّاض‌ أ نَّه‌ قال‌ حول‌ عمربن‌ الخطّاب‌: أعْطَيَ رَجُلاً عَطاءَهُ أرْبَعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ زادَهُ ألْفاً؛ فَقيلَ لَهُ: ألاَ تَزيدُ ابْنَكَ عَبْدَاللَهِ كَما تَزيدُ هَذا؟! فَقالَ: إنَّ هَذا ثَبَتَ أبوهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَإنَّ عَبْدَاللَهِ فَرَّ أبوهُ وَلَمْ يَثْبُتْ.[1]

 وعليه‌، فقد ثبتت‌ عدالة‌ عمر من‌ خلال‌ إعطائه‌ لهذا الشخص‌ وعدم‌ إعطائه‌ لابنه‌. ولايخفي‌ أ نَّه‌ مع‌ هذا الكلام‌، لابدّ من‌ نظر، حيث‌:

 أوّلاً: إنَّ هذه‌ القضيّة‌ توضِّح‌ أنَّ عمر قد فرَّ يوم‌ أُحد(وَإنَّ عَبْدَاللَهِ فَرَّ أَبُوهُ وَلَمْيَثْبُتْ) وترك‌ النبي‌ّ وحيداً بين‌ المشركين‌ ليخرج‌ سالماً بنفسه‌. فبأي‌ّ دليل‌ جاء ليجلس‌ مكان‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ويسمّي‌ نفسه‌ خليفة‌ المؤمنين‌ ويمدّ يده‌ إلی أموال‌ وأعراض‌ وأرواح‌ الناس‌؟!

 ثانياً: بأي‌ّ مجوِّز يقوم‌ بتقسيم‌ بيت‌ المال‌ علی أساس‌ نظره‌، مع‌ أنَّ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ قد قال‌ بأ نَّه‌ يجب‌ أن‌ يوزَّع‌ بين‌ الجميع‌ بالسويّة‌؟ فهل‌ بيت‌ المال‌ هو من‌ الاموال‌ الشخصيّة‌ لكي‌ يتصرّف‌ فيه‌ بأي‌ّ نحوٍ شاء، فيعطي‌ القليل‌ منه‌ لشخص‌ بينما يزيد لآخر؟ فإنَّ الالف‌ درهم‌ التي‌ زادها لذلك‌ الشخص‌ هي‌ حقّ لشخص‌ آخر، وتصرّف‌ منه‌ في‌ حقّ ا لآخرين‌، وهذا ظلم‌.

 وهذا الامر محلّ للتأمّل‌ والدقّة‌ ولا يجب‌ أن‌ نستصغره‌، إذ لاتزال‌ الدنيا إلی هذه‌ الايّام‌ تكتوي‌ بنار التمييز والتفرقة‌. وقد كانت‌ غيبة‌ الإمام‌ صاحب‌ الزمان‌ عليه‌ السلام‌ بسبب‌ هذه‌ النظرات‌ الشخصيّة‌، والتبريرات‌ التي‌ لامحلّ لها. عندما يقول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ إنَّ الشخص‌ الذي‌ أسلم‌ حديثاً فقد صار مسلماً، ويتمتّع‌ بحقوق‌ متساوية‌ مع‌ ا لآخرين‌، فلافرق‌ بين‌ العرب‌ والعجم‌، وذوي‌ السابقة‌ وغيرهم‌، والكبير والصغير، ويكون‌ دمه‌ كسائر الدماء، فمن‌ يَقتل‌ مسلماً يجب‌ أن‌ يُقتل‌، ودماء الجميع‌ متساوية‌ سواء كان‌ القاتل‌ صاحب‌ سابقة‌ في‌ الإسلام‌ أو لم‌ يكن‌. حيث‌ ترتبط‌ هذه‌ الاُمور بالدرجات‌ الاُخرويّة‌؛ ولا يسوّغ‌ كون‌ الإنسان‌ مسلماً أو مجاهداً أو مشاركاً في‌ بدر أو أُحد.. لا يسوّغ‌ لان‌ يجعل‌ ذلك‌ وسيلة‌ للوصول‌ إلی الدنيا، ويصير باعثاً علی إعطائه‌ حقّاً أكبر من‌ بيت‌ المال‌.

 فيجب‌ تقسيم‌ بيت‌ المال‌ بالتساوي‌ بين‌ المسلمين‌، أمّا الاعمال‌ والجهود المبذولة‌ في‌ سبيل‌ الله‌، فلها أجرها عند الله‌ في‌ ا لآخرة‌، ولايستدعي‌ ذلك‌ أن‌ يصبح‌ طعامه‌ ألذّ، بينما يعيش‌ الذين‌ لاسابقة‌ لهم‌ في‌ الفقر والمسكنة‌ والجوع‌. فأيّة‌ مناسبة‌ للإسلام‌ والعزّة‌ والتضحية‌ في‌ سبيل‌الله‌ مع‌ ازدياد المال‌؟!

 من‌ الواضح‌ جدّاً أنَّ أُولئك‌ الذين‌ قسّموا بيت‌ مال‌ الإسلام‌ قد قسّموه‌ علی أساس‌ هذه‌ الاُمور المادّيّة‌ والاعتباريّة‌، كالسابقة‌ في‌ الإسلام‌ والمشاركة‌ في‌ بدر وأُحد، أو الصحبة‌ للرسول‌ وغير ذلك‌. وهذا أكبر ظلم‌ ألحقوه‌ بالإسلام‌. ومع‌ ذلك‌، تراهم‌ يعتبرون‌ هذه‌ القضيّة‌ رمزاً لعدالة‌ عمر، ومحبّته‌ للإسلام‌ وما شابه‌! ولعلّ جميع‌ هذه‌ الوقائع‌ تزوير ومغالطات‌ وانحراف‌ بالحكم‌ الإلهي‌ّ الاساسي‌ّ عن‌ مجراه‌ الواقعي‌ّ. إنَّ العدالة‌ هي‌ أكبر وأغلي‌ شي‌ء تقوم‌ عليه‌ الشريعة‌ في‌ الدنيا، وهي‌ قوام‌ العالم‌. والعدالة‌ لاتعني‌ لزوم‌ التعامل‌ مع‌ الجميع‌ بنحو واحد، وإنَّما العدالة‌ هي‌ أن‌ يُعطي‌ كلّ شخص‌ حقّه‌، فالعدالة‌: وَضْعُ كُلِّ شَي‌ءٍ في‌ مَوْضِعِه‌. والعدالة‌ عين‌ الحقّ، الحقّ والعدالة‌ لهما معنيان‌ مختلفان‌. أي‌ أ نَّهما بالحمل‌ الاوّلي‌ّ الذاتي‌ّ متفاوتان‌، لكنّهما متساويان‌ بالحمل‌ الشائع‌، فحيثما يكون‌ هناك‌ حقّ تجد العدالة‌، وكلّ شي‌ء يحمل‌ عليه‌ ويصدق‌ عليه‌ عنوان‌ العدالة‌ في‌ الخارج‌ يصدق‌ عليه‌ الحقّ أيضاً.

 عندما قال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: إنَّ العالم‌ يقوم‌ علی أساس‌ الحقّ، هذا يعني‌ أنَّ العالم‌ يقوم‌ علی أساس‌ العدالة‌، ويجب‌ أن‌ يُعطي‌ كلّ شخص‌ بمقدار حقّه‌ وميزانه‌. فحقوق‌ كلٌّ من‌ المرأة‌ والطفل‌ مختلفة‌، ويجب‌ أن‌ تُعطي‌ لهم‌ علی أساس‌ ذلك‌ الاختلاف‌؛ فليس‌ معني‌ العدالة‌ أن‌ يتعامل‌ مع‌ جميع‌ هؤلاء بنحو واحد، إذ عند ذلك‌ ينحقّق‌ خلاف‌ العدالة‌ باستمرار.

 لو أردنا إعطاء الطفل‌ الرضيع‌ الطعام‌ الذي‌ يأكله‌ الشابّ مدّعياً اقتضاء العدالة‌ بهذا المعني‌ من‌ خلاف‌ مفهوم‌ المساواة‌ بين‌ جميع‌ أفراد الاُمّة‌، فهكذا عدالة‌، سوف‌ تقضي‌ علی ذلك‌ الطفل‌. فإذا كان‌ للشابّ قدرة‌ رفع‌ مائة‌ كيلوغرام‌، فإنّنا لا نستطيع‌ إجبار المرأة‌ أو الطفل‌ علی رفع‌ هذا المقدار، لانَّ ذلك‌ يقضي‌ عليهم‌. فالعدالة‌ إذَن‌، بالحمل‌ الشائع‌ تساوق‌ الحقّ، ولاتفيد(إعْطاءُ كُلِّ ذي‌ حَقٍّ حَقَّه‌) التساوي‌ من‌ جهة‌ المقدار، لانَّ المساواة‌ في‌ المقدار عين‌ الظلم‌، وإذا أردنا أن‌ نراعي‌ المساواة‌ في‌ جميع‌ الشؤون‌ ـكما يُفتخر بذلك‌ في‌ كثير من‌ البلدان‌ـ فإنَّ النتيجة‌ المترتّبة‌ علی ذلك‌ هي‌ الظلم‌. ومن‌ الثابت‌ عدم‌صحّة‌ هذا المعني‌ وكونه‌ عين‌ الظلم‌.

 فالمساواة‌ هنا هي‌ عين‌ الإرفاق‌ ومراعاة‌ عدم‌ التساوي‌. إنَّ أساس‌ العالم‌ قائم‌ علی العدالة‌. وتقتضي‌ العدالة‌ القائمة‌ علی نظام‌ التكوين‌ أن‌ يكون‌ ثمّة‌ تباين‌ بين‌ استفادة‌ الموجودات‌ من‌ مواهب‌ عالم‌ المادّة‌. فانتفاع‌ الشجرة‌ الباسقة‌ من‌ الهواء والنور والماء والارض‌ يختلف‌ عن‌ انتفاع‌ النبتة‌ الخضراء اليانعة‌. كما أنَّ الاختلاف‌ بينهما من‌ ناحية‌ القوّة‌ والمتانة‌ كبير أيضاً.

الكتابة‌ المذكورة‌ علی الاضلع‌ الثمانية‌ لقبر أرسطو

 طلبَ منّي‌ المرحوم‌ والدي‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌ في‌ أحد الايّام‌ في‌ بداية‌ دراستي‌ أن‌ أُسجِّل‌ هذه‌ الجمل‌ وأحفضها؛ فقمت‌ بكتابتها وحفظها. وهذه‌ الجمل‌ هي‌: العَالَمُ حَديقَةٌ سِياجُها الشَّريعَةُ؛ وَالشَّريعَةُ سُلْطانٌ تَجِبُ لَهُ الطَّاعَةُ؛ وَالطَّاعَةُ سِياسَةٌ يَقومُ بِها المُلْكُ؛ وَالمُلْكُ نِظامٌ يَعْضُدُهُ الجَيْشُ؛ وَالجَيْشُ أعْوانٌ يَكْفُلُهُمُ المَالُ؛ وَالمَالُ رِزْقٌ تَجْمَعُهُ الرَّعِيَّةُ؛ وَالرَّعِيَّةُ سَوادٌ يَسْتَعْبِدُهُمُ العَدْلُ؛ وَالعَدْلُ أساسٌ بِهِ قِوامُ العالَمِ. فَبِالعَدْلِ قِوامُ العالَمِ، فَبِالعَدْلِ قِوامُ العالَمِ، فَبِالعَدْلِ قِوامُ العالَم‌! ومنذ ذلك‌ الحين‌ إلی اليوم‌، وقد مضي‌ حو إلی خمسين‌ سنة‌، لم‌أعثر علی هذه‌ الجمل‌ ومصدرها، لكن‌ قبل‌ سبع‌ سنوات‌، بينما كنتُ أُطالع‌ تفسير الطنطاوي‌ّ [2] في‌ إحدي‌ اللي إلی، وجدت‌ أ نَّه‌ قد كتب‌ فيه‌: يُقالُ: إنَّ أرَسْطاطاليسَ أوْصَي‌ أنْ يُدْفَنَ وَيُبْنَي‌ عَلَيْهِ بَيْتٌ مُثَمَّنٌ، يُكْتَبُ في‌ جِهاتِهِ ثَمانُ كَلِماتٍ جامِعاتٍ لِجَميعِ الاُمورِ الَّتي‌ بِها مَصْلَحَةُ النَّاسِ؛ وَتِلْكَ الكَلِماتُ الثَّمانِ هي‌َ عَلَیهَذَا المِثالِ.

 

 وتفيد هذه‌ العبارة‌ نفس‌ معني‌ العبارة‌ التي‌ ذكرها لي‌ المرحوم‌ الوالد تقريباً. ولابدّ أ نَّه‌ كان‌ قد نقلها من‌ سندٍ آخر، نطّلع‌ علی عبارته‌ فيما بعد إنَّ شاءالله‌ أيضاً.[3]

 فالمساواة‌ هي‌ أنَّ العالم‌ حقيقة‌ هو في‌ حكم‌ البستان‌، وحفظ‌ مجموع‌ البستان‌ والاشجار والنباتات‌ وكلّ من‌ يعيش‌ فيه‌ بالعدل‌. فإن‌ لم‌يكن‌ ثمّة‌ عدل‌، فلايستطيع‌ أي‌ُّ فرد أن‌ يستفيد من‌ استعداداته‌ الكامنة‌ والتمتّع‌ بالمواهب‌ الإلهيّة‌.

 يروي‌ الغزّ إلی عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أ نَّه‌ قال‌: يَوْمٌ مِنْ وَالٍ عَادِلٍ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ سَنَةً؛ ثُمَّ قَالَ: أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.[4]

 ويجمل‌ القول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ نفس‌ هذه‌ الخطبة‌ التي‌ تدور حول‌ حقّ الو إلی علی الرعيّة‌ والرعيّة‌ علی الو إلی: يجب‌ أن‌ يُقام‌ العدل‌ بين‌ الو إلی والرعيّة‌، إذ إنَّ أوّل‌ حقّ للو إلی علی الرعيّة‌ وما للرعيّة‌ علی الو إلی هو العدل‌، وبقيّة‌ الحقوق‌ تتفرّع‌ منه‌؛ ولذلك‌ ذكر العدالة‌ من‌ بين‌ حقوق‌ الو إلی وبقيّة‌ المسائل‌ من‌ ضمن‌ الحقوق‌.

 والعدالة‌ أمر مفروغ‌ منه‌، ولا ينبغي‌ ذكره‌ في‌ زمرة‌ الحقوق‌ في‌ الحقيقة‌، فإنَّما تطبّق‌ الاُمور بواسطة‌ العدالة‌ في‌ الو إلی والرعيّة‌، أي‌ أ نَّه‌ من‌ دون‌ العدالة‌ لايثبت‌ أي‌ّ حقّ أصلاً. والعدالة‌ ما بِهِ يُنْظَر، لا ما فيهِ يُنْظَر. وبما أ نَّها حقّ مشترك‌ بين‌ الو إلی والرعيّة‌، فلانعدّها من‌ حقوق‌ الرعيّة‌ ولامن‌ حقوق‌ الو إلی.

 يقول‌ الإمام‌ السجّاد: فَإذَا أَدَّتِ الرَّعِيَّهُ إلَی الوَ إلی حَقَّهُ، وَأَدَّي‌ الوَ إلی إلَيْهَا حَقَّهَا عَزَّ الحَقُّ بَيْنَهُمْ... وَإذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا، وَأَجْحَفَ الوَ إلی بِرَعِيَّتِهِ اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الكَلِمَةُ....[5]

 أي‌ عندما يُقام‌ الحقّ وتُقام‌ العدالة‌ فجميع‌ الجهات‌ الاُخري‌ ستتحقّق‌ في‌ ظلّهما، وإذا ما حصل‌ اختلاف‌ وزال‌ الحقّ من‌ البين‌، فإنَّ جميع‌ المفاسد تنبع‌ من‌ ذلك‌.

خطبة‌ الامير حول‌ ما للو الی والرعيّة‌ كلٌّ علی ا لآخر من‌ حقوق‌

أوّل‌ حقّ للو الی علی الرعيّة‌ هو حقّ الطاعة‌

 ويقول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ آخر الخطبة‌ التي‌ يأمر الناس‌ فيها بالسير إلی الشام‌ لمحاربة‌ القاسطين‌:

 أَيُّهَا النَّاسُ! إنَّ لِي‌ عَلَيْكُمْ حَقَّاً وَلَكُمْ عَلَیحَقٌّ! فَأمَّا حَقُّكُمْ علی: فَالنَّصِيحَةُ لَكُمْ، وَتَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ، وَتَعْلِيمُكُمْ كَيْلاَ تَجْهَلُوا وَتَأْدِيبُكُمْ كَيْمَا تَعْلَمُوا. وَأَمَّا حَقِّي‌ عَلَيْكُمْ: فَالوَفَاءُ بِالبَيْعَةِ، وَالنَّصِيحَةُ فِي‌ المَشْهَدِ وَالمَغِيبِ، وَالإجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ وَالطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ. [6]

 قوله‌ عليه‌ السلام‌: « النصيحة‌ لكم‌ » النصيحة‌ من‌ مادّة‌ النصح‌، أي‌ طلب‌ الخير في‌ جميع‌ الاُمور والإرشاد والدلالة‌ والمساعدة‌ والعون‌ وكلّ ما ينضوي‌ تحت‌ عنوان‌ النصيحة‌.

 وعندما يكون‌ شخص‌ ما مريداً لخير شخص‌ آخر حقيقة‌، فإنَّه‌ يلاحظ‌ له‌ جميع‌ جهات‌ الحُسن‌، وينفي‌ عنه‌ جميع‌ جهات‌ الضعف‌ والذلّة‌ والتردّي‌ والنكبة‌.

 قوله‌ عليه‌ السلام‌: « وتوفير فيئكم‌ عليكم‌ » أي‌ فلا أقوم‌ بأي‌ّ حيف‌ أو ميل‌، وأُقسّمه‌ بينكم‌ بنحوٍ كافٍ ووافٍ وبشكلٍ صحيح‌ وسليم‌.

 قوله‌ عليه‌ السلام‌: « وتعليمكم‌ كيلا تجهلوا، وتأديبكم‌ كيما تعلموا » أي‌ ليس‌حقّكم‌ عَلَیفقط‌ هو أزيد من‌ مالكم‌ أو أبني‌ لكم‌ البيوت‌ أو أُعمّر زراعتكم‌ أو آتيكم‌ بالماء والكهرباء، بل‌ عَلَی تَعْلِيمُكُمْ، أي‌ أ نَّكم‌ جاهلون‌ وأُمَّه‌ ورعيّة‌ وأنا واليكم‌، وحقّكم‌ عَلَیهو أن‌ أُوَزِّع‌ عليكم‌ من‌ جميع‌ تلك‌ الثمرات‌ الفكريّة‌ التي‌ أمتلكها، وأن‌ أدعوكم‌ إلی الإسلام‌ والإيمان‌ والإيقان‌، لكي‌ تخرجوا من‌ حالة‌ الجهل‌، وأن‌ أُأدِّبكم‌ كما يشذّبون‌ الشجرة‌ ويقلّمون‌ الاغصان‌ الزائدة‌ منها لكي‌ تُصبح‌ جاهزة‌ لإعطاء الثمر.

 وأنتم‌ أيضاً نفوسٌ هيولانيّة‌، تمتلكون‌ القابليّة‌ لكلّ شي‌ء، فإن‌ لم‌تُشَذّبوا وتُؤدَّبوا بالرياضات‌، أي‌ إن‌ لم‌ تؤدّبوا با لآداب‌ الشرعيّة‌، فستصبحون‌ كالشجرة‌ غير المشذّبة‌، ولن‌ يمكن‌ الاستفادة‌ منكم‌ أبداً، فيجب‌ أن‌ تقلّم‌ أغصان‌ الشجرة‌ وتُحرق‌. أمّا إذا أدّبتكم‌ فإنَّكم‌ تنتجون‌ إنساناً كاملاً؛ وهذا حقّ لكم‌ علی.

 وأمّا حقّي‌ عليكم‌ فهو: أن‌ تفوا ببيعتكم‌ لي‌ عندما بايعتموني‌ بالإمامة‌ والإمارة‌. والحقّ ا لآخر هو: النصيحة‌ في‌ الحضور والغيبة‌، فعليكم‌ أن‌ تنصحوني‌ سواء في‌ حضوري‌ أم‌ في‌ غيبتي‌، لا أ نَّكم‌ تنصحون‌ وتطلبون‌ لي‌ الخير في‌ حضوري‌ بينما تقومون‌ بأعمالكم‌ في‌ غيابي‌. فيجب‌ أن‌ تكونوا ناصحين‌ من‌ أعماق‌ قلوبكم‌. والثالث‌ هو: الإجابة‌ حين‌ أدعوكم‌، والطاعة‌ حين‌ آمركم‌.

 وعبارة‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ الواقع‌ هي‌ نفس‌ المفاد الذي‌ ذكرناه‌ في‌ الخطبة‌( 214) حول‌ حقّ الو إلی علی الرعيّة‌. وقد ذكرنا هناك‌ أ نَّه‌ يُستفاد منها ثلاثة‌ أُمور:

 الاوّل‌: السمع‌ والطاعة‌. والثاني‌: النصح‌. والثالث‌: التعاون‌. وهنا يرجع‌ المطلب‌ أيضاً إلی الاُمور الثلاثة‌. فالنصيحة‌ في‌ المشهد والمغيب‌ أي‌ في‌ الحضور والخفاء هو عنوان‌ النصح‌. وَالإجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ وَالطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ، يرجع‌ إلی الطاعة‌. وأمّا الوفاء بالبيعة‌ فيقع‌ تحت‌ عنوان‌ التعاون‌. فالتعاون‌ عنوان‌ عامّ يشمل‌ الوفاء بالبيعة‌ وأمثال‌ ذلك‌. فهذه‌ من‌ الحقوق‌ التي‌ للرعيّة‌ علی الو إلی وللو إلی علی الرعيّة‌.

 فلنرَ ا لآن‌ تفسير تلك‌ الحقوق‌ التي‌ للو إلی علی الرعيّة‌ وللرعيّة‌ علی الو إلی؛ إنَّ أوّل‌ حقّ للو إلی، أي‌ للدولة‌ الإسلاميّة‌( ولاية‌ الفقيه‌) علی الناس‌ هو حقّ الطاعة‌، ويسمّي‌ هذا في‌ تأريخ‌ الإسلام‌: حَقٌّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة‌( وهو بحرف‌ الجرِّ مصطلح‌).

 فيقولون‌: حقّ بالسمع‌ والطاعة‌، وهذا مأخوذ أيضاً من‌ روايات‌ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، حيث‌ يقول‌( ما معناه‌): علی الاُمَّة‌ أن‌ تُطيع‌ الو إلی والحاكم‌ بالسمع‌ والطاعة‌. ولعُبادة‌بن‌ الوليد في‌ كتاب‌ « الموطَّأ » لمالك‌ رواية‌ تفيد بأنَّ النبي‌ّ قد عبَّر عن‌ ذلك‌ بعنوان‌ الحقّ بالسمع‌ والطاعة‌ في‌ الشدّة‌ والرخاء، وفي‌ النشاط‌ والكسل‌، أي‌ أنَّ علی الاُمّة‌ أن‌ تُطيع‌ الو إلی؛ وهذا مأخوذ من‌ ا لآية‌ القرآنيّة‌:

 إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن‌ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـ'´ءِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. [7]

 وعلی هذا، فأصل‌ إطاعة‌ الاُمّة‌ للو إلی موافق‌ لهذه‌ ا لآية‌ القرآنيّة‌ الشريفة‌.

إِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ تفيد السمع‌ والطاعة‌ مطلقاً

 وأمّا مفاد ا لآية‌: إِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، فلايختصّ بالحكم‌ في‌ المنازعات‌ والمرافعات‌ والمناقشات‌، فعلی الاُمّة‌ أن‌ ترجع‌ إلی الله‌ ورسوله‌ بشكل‌ عامّ لكي‌ يُطبَّق‌ عليها حكم‌ الله‌ ورسوله‌؛ وعليهم‌ أن‌ يقبلوا ذلك‌ بالسمع‌ والطاعة‌.

 وتقع‌ هذه‌ ا لآية‌ الشريفة‌ في‌ مجموعة‌ آيات‌ متوالية‌ ترتبط‌ ببعضها وتُبيِّن‌ مطالب‌ مهمّة‌.

 أمّا ا لآيات‌ التي‌ سبقتها، فهي‌: وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللَهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّي‌' فَرِيقٌ مِّنْهُم‌ مِّن‌ م‌ بَعْدِ ذَ ' لِكَ وَمَآ أُولَـ'´ءِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ.[8]

 وَإِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُم‌ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم‌ مُّعْرِضُونَ.[9]

 وَإِن‌ يَكُن‌ لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُو´ا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ.[10]

 فهم‌ حيث‌ يكون‌ الحقّ لهم‌ يقبلون‌، وأمّا إذا كان‌ عليهم‌ فهم‌ يعرضون‌. أي‌ أنَّ هؤلاء ـباختصارـ لايتّبعون‌ الحقّ والصدق‌، وإنَّما يتتبّعون‌ أهواءهم‌ ورغباتهم‌، سواء انسجمت‌ مع‌ الحقّ أم‌ لم‌تنسجم‌.

مفاد: أَفِي‌ قُلُوبِهِم‌ مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُو´ا أَمْ يَخَافُونَ...

 أَفِي‌ قُلُوبِهِم‌ مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُو´ا أَمْ يَخَافُونَ أَن‌ يَحِيفَ اللَهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُو بَلْ أُولَـ'´ءِكَ هُمُ الظَّـ'لِمُونَ.[11]

 فلماذا يكون‌ هؤلاء بهذا الشكل‌، فهل‌ في‌ قلوبهم‌ مرض‌ يمنعهم‌ من‌ قبول‌ الحقّ ويجعلهم‌ يرتضون‌ مدركاتهم‌ وأهوائهم‌؟!( القلب‌ مريض‌) أي‌ أ نَّهم‌ يشكّون‌ ويرتابون‌ في‌ صدق‌ رسول‌ الله‌، ويخشون‌ ألاَّ يكون‌ النبي‌ّ صادقاً في‌ كلامه‌ وأن‌ يكون‌ ثمّة‌ ظلم‌ وجور في‌ حكمه‌! أم‌ أنَّهم‌ يخافون‌ أن‌ يحيف‌ عليهم‌ الله‌ ورسوله‌؟ أي‌ أن‌ يظلماهم‌ ويأخذوا منهم‌ شيئاً لانفسهما. أَن‌ يَحِيفَ اللَهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ معناه‌ أ نَّهم‌ يخافون‌ أن‌ يغتال‌ الله‌ ونبيّه‌ منهم‌ خيراً أو عزّة‌ أو فلاحاً بواسطة‌ أحكامهما، ويأخذان‌ ذلك‌ لانفسهما. بَلْ أُولَـ'´ءِكَ هُمُ الظَّـ'لِمُونَ.

 ثمّ يقول‌ بعد ذلك‌: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن‌ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـ'´ءِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[12].

 ثمّ يقول‌ بعدها: وَمَن‌ يُطِعِ اللَهَ وَرَسُولَهُ و وَيَخْشَ اللَهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَـ'´ءِكَ هُمُ الْفَا´ئِزُونَ.[13]

 وَأَقْسَمُوا بِاللَهِ جَهْدَ أَيْمَـ'نِهِمْ لَنءِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل‌ لاَّتُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَهَ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ.[14]

 فالله‌ تع إلی يقول‌ للنبي‌ّ: قل‌ لهم‌ لا تقسموا، وعندما آمركم‌ بالحرب‌ أطيعوا( فاذعنوا بالمعروف‌ من‌ دون‌ ضجيج‌ وجدال‌، وانهضوا إلی الحرب‌؛ فما فائدة‌ القسم‌ إذا أعقبه‌ الإنكار؟!).

 قُلْ أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن‌ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم‌ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن‌ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَیالرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلَـ'غُ الْمُبِينُ.[15]

 أي‌ أنَّ النبي‌ّ ليس‌ مسؤولاً عن‌ عملكم‌، فقد حمّلناه‌ مسؤوليّة‌ دعوتكم‌ فقط‌، فإن‌ أطعتموه‌ فأنتم‌ الذين‌ تسعدون‌ بذلك‌ [16]، ثمّ يأتي‌ بعد هذه‌ ا لآيات‌ بآية‌ تكون‌ بمنزلة‌ النتيجة‌.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد

 

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

بِسْـمِ اللَهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِـيـمِ

وصلَّي‌ اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ ا لآنَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العلی العَظِيمِ

 

 يقول‌ الله‌ تعالی بعد ا لآيات‌ المذكورة‌ في‌ سورة‌ النور:

 وَعَدَ اللَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي‌ الاْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي‌ ارْتَضَي‌' لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن‌ م‌ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي‌ لاَ يُشْرِكُونَ بِي‌ شَـْئًا ومَن‌ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَـ'´ءِكَ هُمُ الْفَـ'سِقُونَ.[17]

 تأتي‌ هذه‌ ا لآية‌ الشريفة‌ بعد آيات‌ تدلّ علی وجوب‌ الطاعة‌ بالنحو الاكمل‌، وتعتبر أنَّ جميع‌ المفاسد ناتجة‌ عن‌ عدم‌ طاعة‌ الكفّار لرسول‌الله‌ واعوجاجهم‌ الفكري‌ّ وتأمر المؤمنين‌ بلزوم‌ الانصياع‌ لرسول‌ الله‌ بالسمع‌ والطاعة‌، وتَعِدُ المؤمنين‌ بخلافة‌ الارض‌ وحكومة‌ الدين‌ والعبادة‌ الخالصة‌ من‌ دون‌ خـوف‌ ورعب‌. ومن‌ هنا يسـتفاد ابتناء هذا الوعـد علی هذه‌ الطاعة‌؛ أي‌ أنَّ أُولئك‌ الذين‌ يطيعون‌ الله‌(إِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) [18] ويتقبّلون‌ كلام‌ الله‌ ورسوله‌ بقلوبهم‌ وأرواحهم‌، فإنَّ نتيجة‌ عملهم‌ هي‌ استخلافهم‌ في‌ الارض‌، وخروجهم‌ آخر الامر من‌ تحت‌ لواء الشرك‌ ليعبدوا الله‌ من‌ دون‌ أي‌ّ تقيّد أو تشويش‌، وسوف‌ يتبدّل‌ خوفهم‌ أمناً، ويُجعل‌ دين‌ الله‌ ذلك‌ الدين‌ المرضي‌ّ المرتضي‌ في‌ متناولهم‌، ويتمكّنون‌ في‌ دينهم‌ ومبادئهم‌. وكلّ ذلك‌ من‌ جرّاء الطاعة‌ للّه‌ ولرسوله‌ وللحاكم‌ المعيّن‌ من‌ قبل‌ رسول‌الله‌ ومن‌ قِبل‌ المعصوم‌.

حكم‌ الحاكم‌ ليس‌ قطعيّاً، ويُحتمل‌ فيه‌ الخطأ

لا يقبل‌ حكم‌ الحاكم‌ عند اليقين‌ بالخلاف‌

 ويدور بحثنا ا لآن‌ حول‌: هل‌ تجب‌ إطاعة‌ أوامر ونواهي‌ الولي‌ّ الفقيه‌ مطلقاً، ومهما كانت‌ صورتها وكيفيّتها؟ أو أنَّ وجوب‌ الطاعة‌ منحصر في‌ صورة‌ عدم‌علم‌ المكلّف‌ بالخلاف‌؟ ومثال‌ ذلك‌، لو حكم‌ الولي‌ّ الفقيه‌ بأنَّ هذه‌ الليلة‌ هي‌ الليلة‌ الاُولي‌ من‌ شهر رمضان‌، وبناءً علی ذلك‌ فعلی الناس‌ أن‌ يصوموا غداً، وكان‌ البعض‌ يعلم‌ أنَّ غداً هو آخر شهر شعبان‌، إذ وفقاً للحسابات‌ التي‌ جرت‌ علی الشهر السابق‌ الذي‌ شوهد الهلال‌ فيه‌، فينبغي‌ أن‌ يكون‌ اليوم‌ مثلاً هو الثامن‌ والعشرون‌، ويوم‌ الغد هو التاسع‌ والعشرون‌ فعندما يقول‌ الفقيه‌: عليكم‌ أن‌ تصوموا غداً؛ فإنَّ ذلك‌ مخالف‌ للواقع‌ بشكل‌ قطعي‌ّ، لانَّ الشهر لا يمكن‌ أن‌ يكون‌ ثمانية‌ وعشرون‌ يوماً، فهل‌ يجب‌ والحال‌ هذه‌ اتّباع‌ الفقيه‌ هنا أيضاً؟

 كما لو امتنع‌ الحاكم‌ عن‌ الحكم‌ برؤية‌ الهلال‌ بعد مضي‌ تسع‌ وعشرين‌ يوماً من‌ شهر رمضان‌، لا نَّه‌ لم‌ يثبت‌ له‌ ويجعل‌ شهر رمضان‌ ثلاثين‌ يوماً، بينما نحن‌ نكون‌ قد رأينا الهلال‌ بأعيننا ليلة‌ الثلاثين‌؛ فهل‌ يجب‌ اتّباع‌ أمره‌ هنا، بأن‌ نصوم‌ الغد ونجعل‌ العيد بعد الغد؟ أو أنَّ حكم‌ الحاكم‌ في‌ هذه‌ الصورة‌ ليس‌حجّة‌ ونستطيع‌، بل‌ يجب‌ علينا أن‌ نفطر ونعمل‌ وفق‌ عملنا؟

 ومهما كان‌ الامر، فإنَّ من‌ المسلّم‌ به‌ أنَّ حكم‌ الفقيه‌ لاموضوعيّة‌ له‌، وإنَّما هو طريق‌ وأمارة‌ للواقع‌، فحكم‌ الفقيه‌ هو إحدي‌ الامارات‌،والامارات‌ إنَّما تكون‌ حجّة‌ عندما تكون‌ مخالفة‌ للواقع‌، وجميع‌ أدلّتنا الشرعيّة‌ هي‌ من‌ الامارات‌، حتّي‌ قول‌ النبي‌ّ وقول‌ المعصوم‌ أيضاً هما أمارة‌ علی الواقع‌، غاية‌ الامر نحن‌ نقبل‌ قول‌ المعصوم‌ من‌ دون‌ أي‌ّ تردّد ونتّبعه‌ لانَّ عصمته‌ مانعة‌ عن‌ احتمال‌ الخلاف‌، فتكون‌ هذه‌ الامارة‌ مصيبة‌ للواقع‌ قطعاً.

 وذلك‌ لانَّ الحكم‌ الموجود في‌ عالم‌ الواقع‌ واحد لا أكثر، وحكم‌ المعصوم‌ ليس‌بخلافه‌، بل‌ هو عين‌ الحكم‌ الواقعي‌ّ؛ وحكم‌ الفقيه‌ أيضاً بهذا النحو، غاية‌ الامر أ نَّه‌ لا عصمة‌ للفقيه‌، ويحتمل‌ فيه‌ الخلاف‌، ونحن‌ نتعبّد في‌ موارد احتمال‌ الخلاف‌ بالعمل‌ والالتزام‌، لكن‌ في‌ موارد القطع‌ بالخلاف‌ فلن‌يكون‌ للتعبّد من‌ معني‌ معقول‌. وعلی هذا، فجميع‌ الامارات‌ ـومنها قطع‌ الحاكم‌ـ هي‌ حجّة‌ فيما لو لم‌ يكن‌ هناك‌ قطع‌ بالخلاف‌ عند المكلّف‌.

 فحكم‌ الحاكم‌ ليس‌ حكماً واقعيّاً، وإنَّما هو حكم‌ ظاهري‌ّ، وقد يطابق‌ الواقع‌ أو لايطابقه‌؛ و إنَّ لِلَّهِ تَبارَكَ وَتَع إلَی حُكْماً يَشْتَرِكُ فيهِ العالِمُ وَالجاهِلُ، فالحكم‌ الواقعي‌ّ هو المجعول‌ للجميع‌ بشكل‌ متساوٍ، وهذا محلّ اتّفاقنا. إذ لو لم‌ نقل‌ بذلك‌ للزم‌ التصويب‌، وذلك‌: إمَّا أن‌ يكون‌ هنالك‌ في‌ الواقع‌ حكم‌ وقد جُعل‌ لنا حكم‌ آخر علی خلافه‌، أو أنَّ الواقع‌ خالٍ من‌ الحكم‌ وما يحكم‌ به‌ الحاكم‌ هو الحكم‌ الواقعي‌ّ المجعول‌ لنا، أو بأي‌ّ نحو أوجب‌ التصويب‌. وهو باطل‌ عندنا علی جميع‌ التقادير.

 وعلی هذا، فلا نستطيع‌ اعتبار حكم‌ الحاكم‌ حكماً واقعيّاً في‌ مقابل‌ حكم‌الله‌، بل‌ هو حكم‌ ظاهري‌ّ، من‌ قبيل‌ الامارات‌ التي‌ تُثبت‌ لنا حكماً ظاهريّاً. فتارة‌ تصيب‌ الواقع‌، وتُخطي‌ أُخري‌. وعندئذٍ يجري‌ الكلام‌ المذكور في‌ الجمع‌ بن‌ الحكم‌ الواقعي‌ّ والحكم‌ الظاهري‌ّ وذلك‌ النزاع‌ وطريق‌ البحث‌ والتصحيح‌ هنا أيضاً.

 يقول‌ المرحوم‌ ا لآخوند: إنَّ الحكم‌ الظاهري‌ّ ليس‌ حكماً، وإنَّما هو عنوان‌ المُعَذِّريّة‌ و المنجِّزيّة‌. فهناك‌ حكم‌ واقعي‌ّ واحد لاغير. والامارات‌ الدالّة‌ عليه‌ إمَّا أن‌ تكون‌ مصيبة‌ فتوجب‌ تنجّزه‌ وتجعل‌ الحكم‌ إلزاميّاً أو لاتصيب‌ الواقع‌ فتكون‌ بالنتيجة‌ موجبة‌ للمعذّريّة‌ وعدم‌التنجّز.

 وقام‌ البعض‌ بردّ هذا الكلام‌ وقال‌: إنَّ التعذير والتنجيز ليس‌عين‌ الحكم‌، وإنَّما هو من‌ اللوازم‌ العقليّة‌ للحكم‌، فإذا ورد حكم‌ وكان‌ مطابقاً للواقع‌ فلازمه‌ التنجيز، وإلاّ فالتعذير. ولا نستطيع‌ القول‌ بأنَّ الجعل‌ قد تعلّق‌ بنفس‌ المعذّريّة‌ والمنجّزيّة‌.

 وأمّا المرحوم‌ ضياء الدين‌ العراقي‌ّ فقد صوّر الحكم‌ الظاهري‌ّ بجعل‌ الحكم‌ المماثل‌، أي‌ أ نَّنا نمتلك‌ حكمين‌؛ أحدهما الحكم‌ الواقعي‌ّ، وا لآخر الحكم‌ الظاهري‌ّ. والحكم‌ الظاهري‌ّ أيضاً حكم‌ علی حدة‌ مجعول‌ لنا مماثل‌ للحكم‌ الواقعي‌ّ.

 وقد رفعوا الإشكال‌ المفترض‌ بهذا النحو: لا يُعقل‌ أن‌ تكون‌ هناك‌ منجّزيّة‌ للحكمين‌ المتضادّين‌ معاً حين‌ جعلهما، لكن‌ عندما لايكون‌ الحكم‌ الواقعي‌ّ منجّزاً( لا نَّه‌ قد قامت‌ أمارة‌ علی خلافه‌، وإنَّما تكون‌ له‌ شأنيّة‌ التنجيز فحسب‌) فما الإشكال‌ في‌ أن‌ يكون‌ للحكم‌ الظاهري‌ّ تنجيز؟

 فإذا جعل‌ الحكم‌ الواقعي‌ّ علی الوجوب‌ مثلاً، لكن‌ بما أ نَّه‌ لم‌يتنجّز علی المكلّف‌ بسبب‌ عدم‌إصابة‌ الامارات‌، ولم‌ يعلم‌ المكلّف‌ به‌ لكي‌ يتنجّز عليه‌، فلايمكنه‌ أن‌ يسوق‌ المكلّف‌ ويبعثه‌ نحو المطلوب‌. وعند ذلك‌ يجعل‌ له‌ حكم‌ آخر يكون‌ منجّزاً ويُعدّ حكماً ظاهريّاً. فقد قام‌ رحمه‌ الله‌ بتصحيح‌ المسألة‌ بهذا النحو.

 وردّ المرحوم‌ النائيني‌ّ كِلا الامرين‌ بقوله‌: ليس‌ هناك‌ شي‌ء غير الطريقيّة‌، فالامارة‌ طريق‌ إلی الواقع‌. وهناك‌ حكم‌ واحد فقط‌ وهو الحكم‌ الواقعي‌ّ، فإذا قامت‌ الامارة‌ عليه‌ فقد قام‌ الطريق‌ عليه‌، وإلاّ فلايكون‌ هذا الطريق‌ قد قاد إلی الواقع‌. والتعذير والتنجيز أيضاً من‌ آثار ذلك‌ الواقع‌، ولامعني‌ لجعل‌ الحكم‌ المماثل‌ أيضاً، وإنَّما الامارة‌ هي‌ طريق‌ محض‌ في‌ صورة‌ الإصابة‌ وعدمها، كسائر الطرق‌ المجعولة‌ عند العقلاء.

 وجعل‌ الامارة‌ طريقاً للواقع‌ ليس‌ من‌ مبتدعات‌ الشارع‌ ومخترعاته‌، بل‌ هي‌ طريق‌ متداول‌ بين‌ العقلاء، إذ عندما يجعل‌ قانون‌ ما ومن‌ ثمّ تقوم‌ عليه‌ أمارة‌ فإنَّهم‌ يعملون‌ بها من‌ باب‌ الطريقيّة‌، لا أ نَّهم‌ يثبتون‌ للامارة‌ المعذّريّة‌ أو المنجّزيّة‌ أو جعل‌ الحكم‌ المماثل‌. وعلی هذا، فليس‌ثمّة‌ شي‌ء غيرالطريقيّة‌.

 فبناء علی كلام‌ النائيني‌ّ، أو كلام‌ ا لآقا ضياء الدين‌، أو المرحوم‌ ا لآخوند، فلا حجّيّة‌ لحكم‌ الحاكم‌ في‌ صورة‌ العلم‌ بالخلاف‌. إذ لو قلنا بالحجّيّة‌ فسوف‌ نقع‌ في‌ التصويب‌ علی كلّ هذه‌ التقادير، وعلی الجميع‌ أن‌ يجدوا المخرج‌ من‌ هذا الامر.

 وعلی كلّ تقدير، فبناء علی مسلك‌ التعذير والتنجيز أو الحكم‌ المماثل‌ أو الطريقيّة‌، فإنَّما يكون‌ حكم‌ الحاكم‌ ممضي‌ عندما لايكون‌ لدينا علم‌ بالخلاف‌، وإلاّ فلايكون‌ حجّة‌ أصلاً.[19]

 ولذا، ففي‌ صورة‌ حكم‌ الحاكم‌ بعدم‌ دخول‌ شوّال‌ مع‌ علم‌ المكلّف‌ بخلافه‌، كأن‌ يكون‌ قد رأي‌ الهلال‌، فإنَّه‌ والحال‌ هذه‌ لايستطيع‌ أن‌ يصوم‌ ويجب‌ عليه‌ الإفطار. نعم‌؛ في‌ تلك‌ المسائل‌ التي‌ يلزم‌ فيها تحقيق‌ عنوان‌ الاتّحاد والاجتماع‌ حول‌ حكمه‌، فيجب‌ أن‌ يحترم‌ حكمه‌؛ فعلی من‌ يريد الإفطار مثلاً فليس‌ له‌ أن‌ يجاهر في‌ الإفطار أمام‌ الملا العامّ، والإتيان‌ بصلاة‌ العيد علی مرأي‌ من‌ عامّة‌ الناس‌، وما ينبغي‌ له‌ هو أن‌ يتمّ ذلك‌ في‌ المنزل‌. وهذا من‌ ا لآثار المترتّبة‌ علی الجانب‌ الاجتماعي‌ّ لحكم‌ الحاكم‌.

 وهكذا الامر في‌ سائر الموارد المشابهة‌. كما أنَّ الموقف‌ من‌ فتوي‌ الفقيه‌ أيضاً بهذا النحو. ففتوي‌ الفقيه‌ تكون‌ في‌ المسائل‌ الكلّيّة‌، بينما حكم‌ الحاكم‌ في‌ المسائل‌ الجزئيّة‌. فإذا كانت‌ فتوي‌ الفقيه‌ في‌ المسألة‌ الكلّيّة‌ مطابقة‌ للواقع‌ فهي‌ حجّة‌، وإلاّ فلا. وإذا أفتي‌ الفقيه‌ بحكم‌ ما وكان‌ لدينا علم‌ بالخلاف‌ ففتواه‌ ليست‌ بحجّة‌، لانَّ فتوي‌ الفقيه‌ أمارة‌، والامارة‌ لاحجّيّة‌ لها في‌ صورة‌ العلم‌ بالخلاف‌. كما أنَّ فتوي‌ الفقيه‌ في‌ البديهيّات‌ والمسلّمات‌ واليقينيّات‌ والوجدانيّات‌ لا حجّيّة‌ لها، وفتواه‌ في‌ أُصول‌ الدبن‌ التي‌ يجب‌ أن‌ يصل‌ إليها الإنسان‌ بالادلّة‌ العقليّة‌ بالقطع‌ واليقين‌ ليست‌حجّة‌ أيضاً. هذا تمام‌ معني‌ الاماريّة‌.

 فلو حكم‌ فقيه‌ ما مثلاً في‌ مسألة‌ كلّيّة‌، كما لو حكم‌ في‌ وجوب‌ إقامة‌ الصلاة‌ مثلاً لاباستحبابها المؤكّد، وتمكّن‌ المكلّف‌ من‌ الوصول‌ إلی الإمام‌ وسؤاله‌ عن‌ وجوب‌ إقامتها وعدمه‌، وأجابه‌ الإمام‌ بعدم‌ الوجوب‌ وبأ نَّها مستحبّ مؤكّد، فإنَّ فتوي‌ الفقيه‌ في‌ هذه‌ الصورة‌ لاتكون‌ حجّة‌.

 ومحصّل‌ الكلام‌ هو: أنَّ موضوع‌ جميع‌ الامارات‌ الشكّ، وما لم‌يكن‌ هناك‌ شكّ فلاموضوعيّة‌. والامر بهذا النحو بالنسبة‌ للقاضي‌ أيضاً، فحكم‌ القاضي‌ حجّة‌ علی نحو الطريقيّة‌ لا الموضوعيّة‌.

 فلو ادّعي‌ عمرو مثلاً مالاً علی زيد، وأتي‌ علی مدّعاه‌ بشاهد وبيّنة‌، فحكم‌ القاضي‌ بأنَّ المال‌ لعمرو وفقاً لشهادة‌ الشهود، ففيما لو كان‌ عمرو كاذباً في‌ ادّعائه‌، وكان‌ الشهود قد أدّوا الشهادة‌ زوراً وكذباً، فهل‌ ينتقل‌ المال‌ إلی ملكيّة‌ عمرو ويزول‌ حقّ زيد بماله‌ ولا يجوز له‌ استرداده‌ من‌ عمرو ولو بالسرقة‌ لو تمكّن‌ منها مثلاً دون‌ أن‌ يلتفت‌ عمرو أو يترتّب‌ علی ذلك‌ مفسدة‌؟ أو أنَّ المال‌ لا ينتقل‌ لملكيّة‌ عمرو واقعاً، فيستطيع‌ زيد أن‌ يقوم‌ بتصرّف‌ ما من‌ هذا قبيل‌؟

 قال‌ البعض‌ بعدم‌ ملكيّة‌ عمرو، وإنَّه‌ لا إشكال‌ في‌ أن‌ يقوم‌ زيد بسرقة‌ ماله‌، بينما قال‌ البعض‌ ا لآخر بأنَّ المال‌ يخرج‌ من‌ ملكيّة‌ زيد وينتقل‌ إلی ملكيّة‌ عمرو بواسطة‌ حكم‌ الحاكم‌، وذلك‌ لانَّ حكم‌ الحاكم‌ يمكنه‌ أن‌ يغيّر عنوان‌ الملكيّة‌، وكون‌ هذا الشاهد قد شهد زوراً، وارتكب‌ معصية‌ أمر يرتبط‌ بيوم‌ القيامة‌، لكنَّ القوانين‌ والقرارات‌ الاجتماعيّة‌ تتطلّب‌ حكماً آخر.

 أو نقول‌ بوجوب‌ العمل‌ بحكم‌ الحاكم‌ من‌ باب‌: إن‌ لم‌ نعمل‌ به‌ فلاتكون‌ له‌ أيّة‌ فائدة‌ أصلاً. فإذا تقرّر أن‌ يرجع‌ المتداعيان‌ إلی الحاكم‌ وأن‌ يقوم‌ الحاكم‌ بالحكم‌ فيجب‌ أن‌ يكون‌ الحكم‌ علی أساس‌ البيّنات‌ والايمان‌؛ وقد يطابق‌ كلاّ من‌ الشاهد واليمين‌ الواقع‌ أحياناً، كما من‌ الممكن‌ أن‌ لايطابقاه‌. وليس‌ لنا من‌ طريق‌ لفصل‌ الخصومة‌ غير هذا الطريق‌. وقد قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: إنَّمَا أَقْضِي‌ بَيْنَكُمْ بِالاَيْمَانِ وَالبَيِّنَاتِ.[20]

 والحكم‌ الداودي‌ّ الذي‌ يكون‌ بحسب‌ الواقع‌ إنَّما يختصّ بحسب‌ النصوص‌ والروايات‌ بالإمام‌ صاحب‌ الزمان‌ عجلّ الله‌ تع إلی فرجه‌ الشريف‌، والحكم‌ في‌ زمان‌ الغيبة‌ علی أساس‌ الايمان‌ والشهادات‌. ومن‌ المسلّم‌ أنَّ الحكم‌ بهذه‌ الطريقة‌ قد يخالف‌ الواقع‌ في‌ بعض‌ الاحيان‌.

وجوب‌ العمل‌ وفق‌ حكم‌ القاضي‌ وإن‌ بان‌ خلافه‌

 وإذا تقرّر أن‌ يعمل‌ بخلاف‌ حكم‌ الحاكم‌، فإنَّ ذلك‌ يوجب‌ إلغائه‌ وتعطيله‌، ولذا قالوا من‌ باب‌ الاضطرار: إنَّ العمل‌ بحكم‌ القاضي‌ واجب‌ حتّي‌ ولو انكشف‌ الخلاف‌، وليس‌ من‌ حقّ الطرفين‌ تخطّيه‌، ولو كانا علی يقين‌ من‌ أنَّ الواقع‌ بخلافه‌، وكلّ ذلك‌ احتراماً لحكم‌ الحاكم‌. وهذا من‌ باب‌ التعبّد في‌ مقابل‌ الحقّ؛ أي‌ وإن‌ كان‌ الإنسان‌ يعلم‌ أنَّ المال‌ ماله‌، لكنّ الامر ليس‌كذلك‌ في‌ حال‌ منعه‌ من‌ قبل‌ الشارع‌ في‌ مورد معيّن‌ من‌ ماله‌ بسبب‌ طروء دعوي‌ ما عليه‌، ولابدّ من‌ الخضوع‌ لامر حكم‌ الحاكم‌ احتراماً له‌ ولدفع‌ المفاسد.

 ولدينا الكثير من‌ نظير هذه‌ المسألة‌ في‌ الاحكام‌، حيث‌ يتبدّل‌ الحكم‌ بسبب‌ تبدّل‌ بعض‌ العناوين‌، ونؤمَر بتنفيذ بعض‌ الاُمور علی الرغم‌ من‌ علمنا بالواقع‌، وقطعنا بخلاف‌ ما نؤمر به‌!

 فالبيت‌ الذي‌ يكون‌ محلّ نزاع‌ بين‌ زيد وعمرو مثلاً ويرجعان‌ إلی الحاكم‌ فيه‌، يقول‌ أحدهما إنَّ كلّ البيت‌ هو لي‌، بينما يقول‌ ا لآخر إنَّ البيت‌ كلّه‌ لي‌ أنا. ولا يأتي‌ أي‌ّ منهما بشاهد علی مدّعاه‌ ويكونان‌ متساويين‌ من‌ جميع‌ الجهات‌ في‌ إقامة‌ الدعوي‌. فهنا يقوم‌ الحاكم‌ بتنصيف‌ البيت‌ بناءً علی قاعدة‌ العدل‌ والإنصاف‌، فيعطي‌ لكلّ منهما نصف‌ البيت‌؛ ولاحلّ غير ذلك‌ أيضاً، لا نَّنا نعلم‌ أ نَّه‌ في‌ هذا المورد لا مزيّة‌ لاحدهما ولامرجّح‌ له‌ علی ا لآخر. وهما متساويان‌ من‌ كلّ الجهات‌. ولدي‌ الحاكم‌ علم‌ إجمال‌ بأنَّ المال‌ إمَّا لهذا أو لذاك‌، ولا يرجع‌ إلی بيت‌ المال‌ ولا لاي‌ّ شخص‌ ثالث‌. وإن‌ كان‌ لزوم‌ المخالفة‌ القطعيّة‌ والموافقة‌ القطعيّة‌ هنا.

 وتوضيح‌ ذلك‌: أنَّ لزوم‌ المخالفة‌ القطعيّة‌ هنا لاجل‌ كون‌ البيت‌ إمَّا لزيد أو لعمرو، ونحن‌ نعلم‌ قطعاً بعدم‌ صحّة‌ كون‌ نصف‌ البيت‌ لزيد ونصفه‌ لعمرو، وجميع‌ البيت‌ هو لاحدهما. فعندما نحكم‌ بالتنصيف‌ نكون‌ قد حكمنا قطعاً بنصف‌ البيت‌ لغير صاحبه‌ الحقيقي‌ّ وبنصفه‌ ا لآخر لصاحبه‌ الحقيقي‌ّ. فهذا من‌ الموارد التي‌ صارت‌ فيها المخالفة‌ القطعيّة‌ موازية‌ للموافقة‌ القطعيّة‌، وحلّ بينهما الصلح‌ والصفاء. وليس‌ لدينا في‌ النتيجة‌ من‌ حلّ سوي‌ هذه‌ الطريقة‌ التي‌ تستلزم‌ الموافقة‌ القطعيّة‌ والمخالفة‌ القطعيّة‌ معاً.

 وأمّا الصورة‌ الاُخري‌ للمسألة‌ فهي‌ أن‌ نقول‌ بأ نَّنا لانعمل‌ هنا بقاعدة‌ العدل‌ والإنصاف‌، بل‌ نعمل‌ بالقرعة‌، و القُرْعَةُ لِكُلِّ أمْرٍ مُشْكِلٍ. وهنا يوجد بحث‌ حول‌ جريان‌ أدلّة‌ القرعة‌ في‌ باب‌ القضاء وعدمه‌. فلو فرضنا أ نَّها تجري‌، وقلنا إنَّ أدلّة‌ القرعة‌ مقدّمة‌ علی التنصيف‌، فإنَّ أدلّة‌ القرعة‌ تقول‌ بلزوم‌ إعطاء البيت‌ إمَّا لهذا الشخص‌ أو لذاك‌؛ فإذا أُعطي‌ لهذا الشخص‌ فهو موافقة‌ احتماليّة‌ ومخالفة‌ احتماليّة‌؛ وإذا أُعطي‌ لذاك‌ الشخص‌ ا لآخر فهناك‌ أيضاً موافقة‌ احتماليّة‌ ومخالفة‌ احتماليّة‌. والموافقة‌ الاحتماليّة‌ أولي‌ من‌ المخالفة‌ القطعيّة‌.

 فلو حكمنا بالتنصيف‌ بمقتضي‌ العدل‌ والإنصاف‌ فإنَّه‌ يلزم‌ المخالفة‌ القطعيّة‌؛ لكن‌ لو أعطينا البيت‌ لواحد منهما بواسطة‌ القرعة‌ ـحيث‌ إنَّ القرعة‌ هنا لها نوع‌ من‌ الاماريّة‌ـ فإنَّ ذلك‌ موجب‌ للموافقة‌ الاحتماليّة‌، وليس‌لدينا قطع‌ بالمخالفة‌. لكنّهم‌ لم‌ يعلموا بالقرعة‌ في‌ بعض‌ الموارد، ويقدّمون‌ قاعدة‌ العدل‌ والإنصاف‌ هذه‌، والتي‌ هي‌ قاعدة‌ عرفيّة‌ وعقليّة‌، وخصوصاً في‌ الموارد التي‌ يكون‌ المال‌ فيها قابلاً للقسمة‌ إلی اثنين‌ مثل‌ البيت‌. ويكون‌ الاشخاص‌ الموجودين‌ في‌ ذلك‌ البيت‌ علی نحو المالكيّة‌ قادرين‌ علی أن‌ يكونوا مالكين‌ لذلك‌ البيت‌.

 أمّا إذا كان‌ المال‌ فرساً مثلاً، ويختصّ بشخص‌ واحد، ولايستفيد منه‌ إلاّ واحد فقط‌، وليس‌ بإمكاننا العمل‌ بقاعدة‌ اليد، وليس‌ ثمّة‌ دليل‌ من‌ الشخصين‌ علی دعواهما؛ فهل‌ يحكم‌ القاضي‌ هنا بالتنصيف‌ علی أساس‌ قاعدة‌ العدل‌ والإنصاف‌؟ أو نقول‌ بوجوب‌ العمل‌ بالقرعة‌ وصرف‌ النظر عن‌ التنصيف‌، كالتصرّف‌ بالخاتم‌ وساعة‌ اليد التي‌ تتعلّق‌ بها ملكيّة‌ واحدة‌ ومالك‌ واحد غالباً؟

 علی كلّ تقدير، فالحكم‌ يفرق‌ في‌ الموضوعات‌ المختلفة‌؛ فنعمل‌ بقاعدة‌ القرعة‌ في‌ الاشياء غير القابلة‌ للتنصيف‌ كما في‌ الخاتم‌ والفرس‌ والساعة‌، بينما نحكم‌ في‌ المنزل‌ والبستان‌ والمعمل‌ وأمثال‌ ذلك‌ بالتنصيف‌ علی أساس‌ قاعدة‌ العدل‌ والإنصاف‌.

 وكلامنا ا لآن‌ في‌ الموارد التي‌ يحكم‌ القاضي‌ فيها بالتنصيف‌ وتلزم‌ منها المخالفة‌ القطعيّة‌، فعندما يحكم‌ الحاكم‌ برؤية‌ الهلال‌، فيجب‌ احترام‌ حكمه‌، وإن‌ علمنا بخلافه‌. وتجب‌ إطاعته‌ في‌ الموارد التي‌ توجب‌ مخالفة‌ حكم‌ الحاكم‌ المعارضة‌ للحكومة‌ والتأثير علی ارتباط‌ ولايته‌ بالناس‌( مثل‌ أداء صلاة‌ العيد، وتناول‌ الطعام‌ مجاهرة‌) فإطاعة‌ الحاكم‌ واجبة‌ في‌ مثل‌ هذه‌ الموارد وارتكاب‌ المخالفة‌ القطعيّة‌. فجهة‌ حفظ‌ كيان‌ ولاية‌ الحاكم‌ مقدّمة‌ علی إقامة‌ صلاة‌ العيد.

 وعلی هذا فإذا حكم‌ حاكم‌ في‌ مورد ما وكان‌ للمجتهد الجامع‌ للشرائط‌ علم‌ بخلافه‌ فليس‌ له‌ أن‌ يتظاهر بخلاف‌ حكم‌ الحاكم‌، كأن‌ يفطر جهاراً أو يقيم‌ صلاة‌ العيد، ويجري‌ هذا حتّي‌ مع‌ مَن‌ كان‌ أعلم‌ من‌ الحاكم‌ أيضاً، وذلك‌ لما لجانب‌ الوحدة‌ الذي‌ ذكرناه‌ بالنسبة‌ لحكم‌ الحاكم‌ من‌ أهمّيّة‌، ولكون‌ الحكومة‌ واحدة‌؛ إذ بعد تحقّق‌ الحكومة‌ يكون‌ حكم‌ الحاكم‌ واجب‌ الإطاعة‌ حتّي‌ علی المجتهد الاعلم‌، وعند ذلك‌ يحرم‌ الإفطار وإقامة‌ الجماعة‌ بالشكل‌ المذكور.

لاَ طَاعَةَ لِمَنْ عَصَي‌ اللَهَ، لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي‌ مَعْصِيَةِ الخَالِقِ

 لكنَّ الكلام‌ فيما لو أمر الولي‌ّ الفقيه‌ بمعصية‌ ما، فهل‌ نستطيع‌ العمل‌ بذلك‌ أو لا؟ والجواب‌: لا نستطيع‌ الالتزام‌ والعمل‌؛ لانَّ ـوكما بيّناـ لحكمه‌ أماريّة‌ فحسب‌؛ إنَّ اللَهَ لا يَأْمُرُ بِالظُّلْمِ وَالقُبْحِ وَالإثْمِ وَالعُدْوانِ، بَلْ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإحْسَانِ. فلا طاعة‌ لحكم‌ الحاكم‌ بالظلم‌.

 ووردت‌ روايات‌ عن‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ تدلّ علی هذا المعني‌؛ منها هذه‌ الرواية‌:

 لاَ طَاعَةَ لِمَنْ عَصَي‌ اللَهَ.[21]

 لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي‌ مَعْصِيَةِ الخَالِقِ [22]. ولفظ‌ الطاعة‌ جنس‌ في‌ سياق‌ النفي‌، أي‌ لايجوز إطاعة‌ كلّ شخص‌ ومخلوق‌ يقوم‌ بإصدار أمر ونهي‌ فيه‌ معصية‌ للّه‌ عزّ وجلّ.

 لاَ طَاَعَةَ فِي‌ مَعْصِيَةٍ، إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي‌ المَعْرُوفِ.[23]

 وثمّة‌ رواية‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ يقول‌ فيها: مَنْ أَحْدَثَ فِي‌ أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ. [24]( في‌ أمرنا: أي‌ في‌ ولايتنا وفي‌ حكومتنا).

 أورد البيهقي‌ّ في‌ كتاب‌ « شعب‌ الإيمان‌ » عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: مَنْ وَقَّرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَیهَدْمِ الإسْلاَمِ.[25]

 فلا يحقّ للإنسان‌ أن‌ يصغي‌ إلی من‌ كان‌ صاحب‌ بدعة‌. ومن‌ جهة‌ أُخري‌ فقد ورد في‌ القرآن‌ الكريم‌ أيضاً: وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ و عَن‌ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَب'هُ وَكَانَ أَمْرُهُ و فُرُطًا.[26]

( الفرط‌: أي‌ الظلم‌ والاعتداء والتجاوز؛ وكلّ شي‌ء يتجاوز الحدّ ويصل‌ إلی درجة‌ الاءسراف‌ يُسمّي‌ فرطاً).

 وَلاَ تُطِيعُو´ا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي‌ الاْرْضِ وَلاَيُصْلِحُونَ.[27]

 تدلّ كلّ هذه‌ النصوص‌ بوضوح‌ علی المنع‌ من‌ إطاعة‌ حاكم‌ الشرع‌ فيما لو أمر بالمعصية‌ أحياناً، علی الرغم‌ من‌ حمله‌ سمة‌ الحكومة‌ الشرعيّة‌ وكون‌ حكومته‌ صحيحة‌ وواجدة‌ لجميع‌ شرائط‌ الحكومة‌؛ فإنَّما يكون‌ حكم‌ الحاكم‌ والو إلی نافذاً مادام‌ في‌ المعروف‌ لا في‌ المنكر؛ وإذا أمر بالمنكر أو لمعصية‌، فعلی الإنسان‌ أن‌ يردّ حكمه‌ ولا يعمل‌ به‌.

روايات‌ العامّة‌ في‌ وجوب‌ إطاعة‌ ولاة‌ الجور

 لكنَّ أهل‌ السنّة‌ ينقلون‌ في‌ كتبهم‌ روايات‌ عجيبة‌ وغريبة‌ من‌ أنَّ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ قد قال‌ بشكل‌ عامّ: إنَّ علی الإنسان‌ أن‌ يطيع‌ أي‌ّ حاكم‌ وآمر كان‌، ومهما كان‌ وضعه‌، حتّي‌ لو اعتدي‌ علی الإنسان‌ وانتهك‌ ماله‌، بل‌ حتّي‌ لو كان‌ ملوّثاً بألوان‌ المعاصي‌، وكان‌ ينهب‌ أموال‌ الناس‌ ظلماً وتجبّراً وعدواناً! فعندما يكون‌ هناك‌ والياً وآمراً، فعلی الناس‌ تنفيذ أوامره‌ من‌ دون‌ أي‌ّ تردّد؛ وذكروا روايات‌ شديدة‌ اللهجة‌ وبألسنة‌ مختلفة‌ تدعو إلی التعجّب‌! وما هو مدعاة‌ للتعجّب‌ الرضوخ‌ لاُولئك‌ الذين‌ غصبوا الحكومة‌ والخلافة‌ وانحرفوا بها عن‌ مسارها الواقعي‌ّ، الذين‌ نشروا أحاديثاً موضوعة‌ بين‌ الناس‌ لضمان‌ استقرار خلافتهم‌ واستمرارها، وقد تمسّكوا بتلك‌ الاحاديث‌ ليثبّتوا ظلمهم‌ وجورهم‌ علی أساسها!

 يذكر في‌ « الغدير » عن‌ « صحيح‌ البخاري‌ّ » في‌ باب‌ السمع‌ والطاعة‌؛ وعن‌ « صحيح‌ مسلم‌ » بلفظ‌ « صحيح‌ البخاري‌ّ » أنَّ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ قال‌: اسْمَعُوا وَأطيعوا وَإنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشي‌ٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبيبَةٌ! [28].

 أي‌ حتّي‌ لو حكمكم‌ غلام‌ أسود حبشي‌ّ بصفة‌ والٍ وآمر فاسمعوا له‌ وأطيعوا.

 وينقل‌ في‌ « الغدير » أيضاً عن‌ « صحيح‌ مسلم‌ » و « سنن‌ البيهقي‌ّ » أنَّ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌: يَكونُ بَعْدي‌ أئِمَّةٌ لاَيَهْتَدونَ بِهُداي‌َ وَلاَيَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي‌ وَسَيَقومُ فيهِمْ رِجالٌ قُلوبُهُمْ قُلوبُ الشَّياطينِ فِي‌ جُثْمانِ إنْسٍ.

 قالَ حُذَيْفَةُ: قُلْتُ: كَيْفَ أصْنَعُ يا رَسولَ اللَهِ إنْ أدْرَكْتُ ذَلِكَ؟! قالَ: تَسْمَعُ وَتُطيعُ لِلاَميرِ وَإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مالُكَ، فَاسْمَعْ وَأطِعْ![29].

 وَسَأَلَ سَلِمَةُ بْنُ يَزِيدَ رَسولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ فَقالَ: يَانَبِي‌َّ اللَهِ! أرَأَيْتَ إنْ قامَتْ عَلَيْنا أُمَراءٌ يَسْأَلونا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا؟!

 فَأَعْرَضَ عَنْهُ؛ ثُمَّ سَأَلَهُ؛ فَأَعْرَضَ عَنْهُ؛ ثُمَّ سَأَلَهُ، فَجَذَبَهُ الاَشْعَثُبْنُ قَيْسٍ؛ فَقالَ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِه‌ [ وَسَلَّمَ: اسْمَعوا وَأَطِيعُوا فَإنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلوا وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ.[30]

 فهم‌ يعرفون‌ تكليفهم‌، وأنتم‌ أيضاً تعرفون‌ تكليفكم‌. وهم‌ لهم‌ وظيفة‌، وأنتم‌ لكم‌ وظيفة‌ أيضاً. ولا يُدفن‌ شخصان‌ في‌ قبر واحد، وموسي‌ علی دينه‌ وعيسي‌ علی دينه‌ كذلك‌.

بناء علی رأي‌ العامّة‌: فسق‌ الحاكم‌ لا يوجب‌ خلعه‌ من‌ الولاية‌

 كما نقل‌ عن‌ « الغدير » أيضاً عن‌ الباقلاّني‌ّ في‌ « التمهيد » أ نَّه‌ قال‌: لقد أورد جمهور من‌ أصحاب‌ الحديث‌ والاعيان‌ من‌ العلماء هذه‌ الجملة‌: لايَنْخَلِعُ الإمامُ بِفِسْقِهِ وَظُلْمِهِ بِغَصْبِ الاَمْوالِ وَضَرْبِ الاَبْشارِ وَتَناوُلِ النُّفوسِ المُحَرَّمَةِ وَتَضْييِعِ الحُقوقِ وَتَعْطيلِ الحُدود.

 ثمّ يقول‌ الباقلاّني‌ّ في‌ شرح‌ هذا الكلام‌ الذي‌ نقله‌ عن‌ إجماع‌ أهل‌ الحديث‌ وكلام‌ العلماء: وعلی هذا فلا يجب‌ الخروج‌ عليه‌، بل‌ يجب‌ وعظه‌ وتخويفه‌ وترك‌ طاعته‌ في‌ شي‌ء ممّا يدعو إليه‌ من‌ معاصي‌ الله‌. واحتجّوا في‌ ذلك‌ بأخبار كثيرة‌ متضافرة‌ عن‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌، وعن‌ الصحابة‌ في‌ وجوب‌ إطاعة‌ الائمّة‌( الحكّام‌) وإن‌ جاروا واستأثروا بالاموال‌، وأ نَّه‌ قال‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: اسْمَعوا وَأطيعوا وَلَوْ لِعَبْدٍ أجْدَعَ، وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشي‌ٍّ، وَصَلُّوا وَراءَ كُلِّ بَرٍّ وَفاجِرٍ.

 وروي‌ أنَّ النبي‌ّ قال‌: أطِعْهُمْ وَإنْ أكلُوا مالَكَ وَضَرَبوا ظَهْرَكَ، وَأطيعوهُمْ ما أقاموا الصَّلاَةَ.

 يقول‌ البلاقلاّني‌ّ: في‌ أخبار كثيرة‌ وردت‌ في‌ هذا الباب‌، وقد ذكرنا ما في‌ هذا الباب‌ في‌ كتاب‌ « إكفار المتأوّلين‌ » وذكرنا ما روي‌ في‌ معارضتها، وقلنا في‌ تأويلها بما يغني‌ الناظر فيه‌ إن‌ شاء الله‌.

 ويقول‌ الباقلاّني‌ّ في‌ « التمهيد » أيضاً: وليس‌ ممّا يوجب‌ خلع‌ الإمام‌ حدوث‌ فضل‌ في‌ غيره‌ ويصير به‌ أفضل‌ منه‌، وإن‌ كان‌ لو حصل‌ مفضولاً عند ابتداء العقد لوجب‌ العدول‌ عنه‌ إلی الفاضل‌، لانَّ تزايد الفضل‌ في‌ غيره‌ ليس‌ بحدث‌ منه‌ في‌ الدين‌ ولا في‌ نفسه‌ يوجب‌ خلعه‌. ومثل‌ هذا ما حكيناه‌ عن‌ أصحابنا أنَّ حدوث‌ الفسق‌ في‌ الإمام‌ بعد العقد له‌ لا يوجب‌ خلعه‌، وإن‌ كان‌ ما لو حدث‌ فيه‌ عند ابتداء العقد لبطل‌ العقد له‌ ووجب‌ العدول‌.[31]

 يقول‌ المرحوم‌ الاميني‌ّ: وممّا أوعز إليه‌ الباقلاّني‌ّ من‌ الاخبار الكثيرة‌ الدالّة‌ علی وجوب‌ طاعة‌ الائمّة‌( الحكّام‌) وإن‌ جاروا واستأثروا بالاموال‌ ولاينعزل‌ الإمام‌ بالفسق‌، ما يلي‌.. ثمّ يذكر خمس‌ روايات‌:

 الرواية‌ الاُولي‌: عن‌ حذيفة‌ بن‌ اليمان‌ أ نَّه‌ قال‌:

 قالَ: قُلْتُ: يَا رَسولَ اللَهِ إنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذا الخَيْرِ شَرٌّ؟ قالَ: نَعَمْ!

 قُلْتُ: وَهَلْ وَراءَ هَذَا الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قالَ: نَعَمْ!

 قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ!

 قُلْتُ: كَيْفَ يَكونُ؟!

 قالَ: يَكونُ بَعْدي‌ أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدونَ بِهُداي‌َ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتي‌ وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي‌ جُثْمانِ إنْسٍ. قُلْتُ: كَيْفَ أصْنَعُ يَارَسولَاللَهِ إنْ أدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قالَ: تَسْمَعُ وَتُطيعُ لِلاَمِيرِ وَإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مالُكَ، فَاسْمَعْ وَأطِعْ! [32]

 وقد أورد هذه‌ الرواية‌ مسلم‌ في‌ صحيحه‌ والبيهقي‌ّ في‌ سننه‌.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد

 

ارجاعات


[1] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 100.

[2] ـ تفسير «الجواهر» ج‌ 2، ص‌ 63 و 64، سورة‌ آل‌ عمران‌، الطبعة‌ المصريّة‌.

[3] ـ عثرت‌ علي‌ هذه‌ العبارات‌ أخيراً عن‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ «مطالب‌ السؤول‌» ص‌ 61، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ ولكنّ الرواية‌ فاقدة‌ للجمل‌ الثلاث‌ الاخيرة‌( فَبِالعَدْلِ قِوامُ العالَمِ)، وبدل‌ كلمة‌ « نِظامٌ »، « راعٍ » وبدل‌ « تَجْمَعُهُ »، « يَجْمَعُهُ ».

[4] ـ « إحياء العلوم‌» ج‌ 2، ص‌ 29.

[5] ـ «نهج‌ البلاغة‌» قسم‌ من‌ الخطبة‌ 214؛ ومن‌ الطبعة‌ المصريّة‌ بتعليقة‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌، ج‌ 1، ص‌ 434.

[6] ـ «نهج‌ البلاغة‌» ذيل‌ الخطبة‌ 34؛ ومن‌ الطبعة‌ المصريّة‌ بتعليقة‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌، ج‌ 1، ص‌ 84.

[7] ـ ا لآية‌ 51، من‌ السورة‌ 24: النور.

[8] ـ ا لآية‌ 47، من‌ السورة‌ 24: النور.

[9] ـ ا لآية‌ 48، من‌ السورة‌ 24: النور.

[10] ـ ا لآية‌ 49، من‌ السورة‌ 24: النور.

[11] ـ ا لآية‌ 50، من‌ السورة‌ 24: النور.

[12] ـ ا لآية‌ 51، من‌ السورة‌ 24: النور.

[13] ـ ا لآية‌ 52، من‌ السورة‌ 24: النور.

[14] ـ ا لآية‌ 53، من‌ السورة‌ 24: النور.

[15] ـ ا لآية‌ 54، من‌ السورة‌ 24: النور.

[16] ـ نقل‌ في‌ «مستدرك‌ الوسائل‌» ج‌ 2، ص‌ 310، في‌ الباب‌ 38، الطبعة‌ الحجريّة‌: أنـّه‌ لايجوز لمن‌ وصف‌ عدلاً أن‌ يُخالفه‌ إلي‌ غيره‌، روايات‌ في‌ هذا المجال‌، نقوم‌ هنا بذكرها بالمناسبة‌، لاهمّيّتها:

(1) كتاب‌ جعفر بن‌ محمّد بن‌ شريح‌، عن‌ أبي‌ الصباح‌، عن‌ خيثمة‌ الجعفي‌ّ، عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌، أنـّه‌ قال‌ في‌ حديث‌:

 وَإنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلاً ثُمَّ خَالَفَهُ إلَي‌ غَيْرِهِ.

(2) جعفر بن‌ أحمد في‌ كتاب‌ «الغايات‌» عن‌ خيثمة‌، عنه‌ مثله‌؛ وفيه‌: عَبْدٌ وَصَفَ... إلي‌ آخره‌.

(3) عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: أنـّه‌ قال‌: أَشَدُّ أَهْلِ النَّارِ عَذَابَاً مَنْ وَصَفَ عَدْلاً ثُمَّ خَالَفَ إلَي‌ غَيْرِهِ.

(4) الحسين‌ بن‌ سعيد في‌ كتاب‌ «الزهد» عن‌ النصر، عن‌ الحلبي‌ّ، عن‌ أبي‌ سعيد المكاري‌ّ، عن‌ أبي‌ بصير، عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌، في‌ قوله‌ تعالي‌: «فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ» فَإنَّهُمْ قَوْمٌ وَصَفُوا عَدْلاً بِأَلْسِنَتِهِمْ ثُمَّ خَاَلَفُوا إلَي‌ غَيْرِهِ.

(5) وعن‌ عبد الله‌ بن‌ يحيي‌، عن‌ ابن‌ مسكان‌، عن‌ أبي‌ بصير، عن‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌، في‌ قوله‌ تعالي‌: «فَكُبْكِبُوا، ا لآيَةُ» فَقَالَ: يَابَابَصِيرٍ! هُمْ قَوْمٌ وَصَفُوا عَدْلاً وَعَمِلُوا بِمُخَالِفِهِ.

(6) «فقه‌ الرضا» عليه‌ السلام‌، ونروي‌: مَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَسْرَةً؟ قَالَ: مَنْ وَصَفَ عَدْلاً فَخَالَفَهُ إلَي‌ غَيْرِهِ. ونروي‌: في‌ قوله‌ تعالي‌: «فَكُبْكِبُوا، ا لآيَةُ» قَالَ هُمْ قَوْمٌ وَصَفُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ ثُمَّ خَالَفُوا إلَي‌ غَيْرِهِ. فَسُئِلَ عَنْ مَعْنَي‌ ذَلِكَ، فَقَالَ: إذَا وَصَفَ الإنْسَانُ عَدْلاً ثُمَّ خَالَفَهُ إلَي‌ غَيْرِهِ فَرَأَي‌ يَوْمَ القِيَامَةِ الثَّوَابَ الَّذِي‌ هُوَ وَاصَفَهُ لِغَيْرِهِ عَظُمَتْ حَسْرَتُهُ.

(7) كتاب‌ «سليم‌ بن‌ قيس‌ الهلالي‌ّ»، قال‌: سَمِعْتُ عَلِيَّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ: وَإنَّ أَشَدَّ النَّاسِ نَدَامَةً وَحَسْرَةً رَجُلٌ دَعَا عَبْدَاً إلَي‌ اللَهِ فَاسْتَجَابَ لَهُ فَأَطَاعَ اللَهَ فَدَخَلَ الجَنَّةَ وَأُدْخِلَ الدَّاعِي‌ النَّارَ بِتَرْكِهِ عَمَلَهُ وَاتِّبَاعِهِ هَوَاهُ وَعِصْيَانِهِ لِلَّهِ ـالخبر.

(8) الشيخ‌ المفيد في‌ «العيون‌» و«المحاسن‌» عن‌ أحمد بن‌ محمّدبن‌ الحسن‌بن‌ الوليد، عن‌ أبيه‌، عن‌ سعدبن‌ عبد الله‌، عن‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ عيسي‌، عن‌ يونس‌بن‌ عبدالرحمن‌، عن‌ بعض‌ أصحابه‌، عن‌ خيثمة‌، عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ في‌ حديث‌، أنـّه‌ قال‌: وَإنَّ أشَدَّ النَّاسَ عَذَاباً يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلاً ثُمَّ خَالَفَهُ إلَي‌ غَيْرِهِ.

[17] ـ ا لآية‌ 55، من‌ السورة‌ 24: النور.

[18] ـ قسم‌ من‌ ا لآية‌ 51، من‌ السورة‌ 24: النور.

[19] ـ يقول‌ آية‌ الله‌ السيّد عبد الحسين‌ شرف‌ الدين‌ في‌ كتاب‌ «أبو هريرة‌» ص‌ 65، من‌ الطبعة‌ الثالثة‌: وَلَوْ أنَّ حاكِماً فِي‌ هَذِهِ الاَيَّامِ مِنْ قُضاةِ الشَّرْعِ، جامِعاً لِشَّرائِطِ الحُكومَةِ الشَّرْعيَّة‌، حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرافَعا إلَيْهِ لَوَجَبَ عَلَي‌ سائِرِ حُكَّامِ الشَّرْعِ اعْتِبَارُ حُكْمِهِ بِدونِ تَوَقُّفٍ إلاَّ مَعَ العِلْمِ بِخَطَئِه‌.

[20] ـ يقول‌ الشيخ‌ محمود أبو ريّة‌ في‌ كتاب‌ «أضواء علي‌ السُّنَّة‌» أو «دفاع‌ عن‌ الحديث‌» ص‌ 43 و 44، الطبعة‌ الثالثة‌:

 وَقَالَ  *: «وَأمَّا ما يَعْتَقِدُهُ في‌ أُمورِ أحْكامِ البَشَر الجارِيَةِ عَلَي‌ يَدَيْهِ وَقَضاياهُمْ وَمَعْرِفَةِ المُحِقِّ مِنَ المُبْطِل‌، وَعِلْمِ المُصْلِحِ مِنَ المُفْسِدِ فَبِهَذِهِ السَّبِيلِ، لِقَوْلِهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَأَنْتُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَي‌َّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي‌ لَهُ عَلَي‌ نَحْوِ مَا أَسْمَعُ. فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَي‌ءٍ فَلاَيَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئَاً فَإنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.(عَنْ أُمِّ سَلِمَة‌) وَفي‌ رِوايَةِ الزُّهَري‌ّ عَنْ عُرْوَةَ: فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسَبُ أَنـَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِي‌ لَهُ. وَهُوَ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ يَجْري‌ أحْكامَهُ عَلَي‌ الظَّاهِرِ وَموجَبِ غَلَباتِ الظَّنِّ بِشَهادَةِ الشَّاهِدِ وَيَمينِ الحالِفِ وَمُراعاةِ الاشْبَة‌... إلخ‌».

  * ـ ص‌ 180، ج‌ 2، من‌ «الشفاء».

[21] ـ كتاب‌ «القانون‌ الاساسي‌ في‌ الإسلام‌» لابي‌ الاعلي‌ المودودي‌ّ، ص‌ 57؛ وقد ذكر هذه‌ الرواية‌ أيضاً القاضي‌ القضاعي‌ّ تحت‌ الرقم‌ 630 في‌ «الشرح‌ الفارسي‌ّ لشهاب‌ الاخبار» ص‌ 345. ويقول‌ الشيخ‌ محمود أبو ريّة‌ في‌ كتاب‌ «شيخ‌ المضيرة‌، أبو هريرة‌» ص‌ 170، الطبعة‌ الثانية‌: وعندما اشتدّ غضب‌ معاوية‌ علي‌ عبادة‌ بن‌ الصامت‌ أبعده‌ إلي‌ عثمان‌ وقال‌: إنَّ عبادة‌ قد أفسد الشام‌ وخرّبها. وعندما وصل‌ عبادة‌ إلي‌ المدينة‌ ورأي‌ عثمان‌ قال‌ له‌: لقد سمعت‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ يقول‌: سَيَلِي‌ أُمُورَكُمْ بَعْدِي‌ رِجَالٌ، يُعْرِفُونَكُمْ مَا تُنْكِرُونَ وَيُنْكِرُونَ عَلَيْكُمْ مَا تَعْرِفُونَ؛ فَلاَ طَاعَةَ لِمَنْ عَصَي‌، وَلاَتَضِلُّوا بِرَبِّكُمْ! ïï       وقال‌ الشيخ‌ هادي‌ كاشف‌ الغطاء في‌ «مستدرك‌ نهج‌ البلاغة‌» ص‌ 174، طبعة‌ بيروت‌: قالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: لاَدِينَ لِمَنْ دَانَ بِطَاعَةِ مَخْلُوقٍ فِي‌ مَعْصِيَةِ الخَالِقِ.

[22] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الحكمة‌ 165؛ ومن‌ طبعة‌ مصر بتعليقة‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌، ج‌ 2، ص‌ 177؛ و«القانون‌ الاساسي‌ّ» للمودودي‌ّ، ص‌ 57.

[23] ـ «القانون‌ الاساسي‌ّ في‌ الإسلام‌» للمودودي‌ّ، ص‌ 57.

[24] ـ «القانون‌ الاساسي‌ّ في‌ الإسلام‌» للمودودي‌ّ، ص‌ 57.

[25] ـ «القانون‌ الاساسي‌ّ في‌ الإسلام‌» للمودودي‌ّ، ص‌ 57.

[26] ـ ذيل‌ ا لآية‌ 28، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[27] ـ ا لآيتان‌ 151 و 152، من‌ السورة‌ 26: الشعراء.

[28] ـ «الغدير» ج‌ 10، ص‌ 273؛ ومن‌ «صحيح‌ البخاري‌ّ» باب‌: السمع‌ والطاعة‌، ومن‌ «صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 6، ص‌ 15.

[29] ـ «الغدير» ج‌ 10، ص‌ 302؛ ومن‌ «صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 6، ص‌ 19 و 20، و«سنن‌ البيهقي‌ّ» ج‌ 8، ص‌ 157 و 158.

[30] ـ نفس‌ المصدر.

وقد ورد هذان‌ الحديثان‌ مع‌ ثلاثة‌ أحاديث‌ أُخري‌ في‌ كتاب‌ «النصّ والاجتهاد» ص‌ 394، الطبعة‌ الثانية‌؛ وأيضاً في‌ رسالة‌ «فلسفة‌ الميثاق‌ والولاية‌» ص‌ 26 و 27، طبعة‌ مكتبة‌ نينوي‌.

[31] ـ نقل‌ في‌ كتاب‌ «النصّ والاجتهاد»، ص‌ 352 عن‌ «صحيح‌ مسلم‌» في‌ كتاب‌ الإمارات‌، في‌ باب‌: حكم‌ مَنْ فرّق‌ أمر المسلمين‌ وهو مجتمع‌، عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ ï ïعليه‌وآله‌ أنـّه‌ قال‌: مَنْ أتاكُمْ وَأمْرُكُمْ جَميعٌ عَلَي‌ رَجُلٍ واحِدٍ يُريدُ أنْ يَشُقَّ عَصاكُمْ وَيُفَرِّقَ جَماعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ ـ انتهي‌.

 وأورد هذه‌ الرواية‌ أيضاً في‌ كتاب‌ «الفصول‌ المهمّة‌» ص‌ 126، الطبعة‌ الخامسة‌ عن‌ نفس‌ هذا المصدر.

[32] ـ «الغدير» ج‌ 7، ص‌ 137 و 138؛ عن‌ الباقلاّنّي‌ّ في‌ «التمهيد» ص‌ 186، و«صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 2، ص‌ 119؛ و«سنن‌ البيهقي‌ّ» ج‌ 8، ص‌ 157.

      
  
الفهرس
  الدرس‌ السابع‌ والثلاثون‌:عدم‌ جواز الجهاد في‌ ركاب‌ الإمام‌ الجائر.
  جواب‌ واستدلال‌ الإمام‌ الواضح‌ علی كلامه‌ من‌ ذيل‌ ا لآية‌ المذكورة‌
  خبر «تحف‌ العقول‌» حول‌ حرمة‌ سفك‌ دم‌ الكفّار في‌ دار التقيّة‌
  خبر عبد الملك‌: لو كان‌ جهاد الحكّام‌ خيراً لما سبقوا الإمام‌ إليه‌
  الادلّة‌ العامّة‌ علی ولاية‌ الفقيه‌ قائمة‌ لإيجاب‌ الجهاد في‌ زمن‌ الغيبة‌
  تفاؤل‌ رسول‌ الله‌ بصهيل‌ خيل‌ المجاهدين‌
  الدرس‌ الثامن‌ والثلاثون‌: وجوب‌ الجهاد في‌ الحكومة‌ الإسلاميّة‌ تحت‌ ولاية‌ الفقيه‌ الإلهي‌ّ...
  ردّ أدلّة‌ القائلين‌ بعدم‌ جواز إقامة‌ الحكومة‌ الإسلاميّة‌ و... في‌ الغيبة‌
  بطلان‌ قول‌: إنَّ العمل‌ علی إصلاح‌ المجتمع‌ يوجب‌ تأخير الظهور
  إطلاق‌ آيات‌ القرآن‌ في‌ لزوم‌ القيام‌ بالحقّ ونشر القسط‌ في‌ المجتمع‌
  مَنْ رَأَي‌ سُلْطَانَاً جَائِرَاً مُسْتَحِلاَّ لِحُرُمِ اللَهِ
  الجواب‌ علی ظاهر الروايات‌ التي‌ تدين‌ كلّ أنحاء القيام‌ قبل‌ الظهور
  قيام‌ محمّد وإبراهيم‌ ابني‌ عبد الله‌ المحض‌ لم‌ يكن‌ صحيحاً
  أسماء الائمّة‌ الاثني‌ عشر في‌ «صحيفة‌ فاطمة‌» عليها السلام‌
  الدرس التاسع و الثلاثون:لم‌ يكن‌ قيام‌ زيد ويحيي‌ بعنوان‌ المهدويّة‌ خلافاً لمحمدّ وإبراهيم‌
  عدم‌ تحمّل‌ زيد لسبّ هشام‌ وشتمه‌، ثمّ قيامه‌ في‌ الكوفة‌
  شدّة‌ تأثّر الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ لشهادة‌ عمّه‌ زيد
  كان‌ زيد من‌ علماء آل‌ محمّد، ويلي‌ المعصوم‌ في‌ الولاية‌ والعصمة‌
  لم‌ يكن‌ نهي‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ قيام‌ زيد نهياً إلزاميّاً
  مَا خَرَجَ وَلاَ يَخْرُجُ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ إلَی قِيَامِ قَائِمِنَا أَحَدٌ...
  غاية‌ قول‌ الإمام‌ في‌ رواية‌ «الصحيفة‌»، القيام‌ الذي‌ يكون‌ ضدّ الإمام‌
  كيفيّة‌ ظهور «الصحيفة‌» ومطابقتها مع‌ التي‌ كانت‌ عند الإمام‌ الصادق‌
  الدرس‌ الاربعون‌:الصحيفة‌ السجّاديّة‌ ومفاد: فَلَعَمْرِي‌، مَا الإمَامُ...
  آية‌: وَمَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِي‌´ أَرَيْنَـ كَ، والشجرة‌ الملعونة‌ حول‌ بني‌ أُميّة‌
  كلام‌ العلاّمة‌ آغا بزرك‌ الطهراني‌ّ حول‌ قائل‌: «حَدَّثَنَا»
  كُلُّ رَايَةٍ تُرْفَعُ قَبْلَ قِيَامِ القَائِمِ فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ...
  اللَهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أَ نَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي‌ كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي‌ سُلْطَانٍ
  فَلَعَمْرِي‌، مَا الإمَامُ إلاَّ الحَاكِمُ بِالكِتَابِ...
  الدرس‌ الحادي‌ والاربعون‌: في‌ الروايات‌ أيضاً ترجع‌ المتشابهات‌ إلی المحكمات‌ والظواهر إلی النصوص
  يجب‌ تخصيص‌ إطلاق‌ روايات‌ حرمة‌ القيام‌ بزمان‌ عدم‌ الإمكان‌
  آيات‌ وجوب‌ الهجرة‌ ودفع‌ الظلم‌ وعدم‌ تمكين‌ الظالمين‌
  مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ
  ينبغي‌ للحاكم‌ إصلاح‌ نفسه‌ قبل‌ إصلاح‌ الناس‌
  علی الفقيه‌ الحاكم‌ أن‌ يطالع‌ باستمرار عهد الإمام‌ لمالك‌ الاشتر
  علی الفقيه‌ حاكم‌ الشرع‌ قضاء حوائج‌ الناس‌ يوم مراجعتهم‌
  علی الفقيه‌ حاكم‌ الشرع‌ أن‌ يجعل‌ أفضل‌ أوقاته‌ للعبادة‌
  الدرس‌ الثاني‌ والاربعون‌:حقوق‌ الو الی علی الرعيّة‌، وحقوق‌ الرعيّة‌ علی الو الی
  وَلَوْ كَانَ لاِحَدٍ أَنْ يَجْرِي‌َ لَهُ وَلاَ يَجْرِي‌ عَلَيْهِ
  قيام‌ مناهج‌ الدين‌ بمراعاة‌ حقوق‌ الو إلی والرعيّة‌
  علی عباد الله‌ أن‌ يتعاونوا بمقدار جهدهم‌ لإقامة‌ الحقّ فيما بينهم‌
  إنَّ أسوأ حالات‌ الولاة‌ حبّ الفخر والتمجيد عند الناس‌
  لا تكفّوا عن‌ مقالة‌ بحقّ أو مشورة‌ بعدل‌
  الدرس‌ الثالث‌ والاربعون‌:الذاتيّة‌، أكبر آفات‌ الو إلی
  الروايات‌ والنصائح‌ في‌ ذمّ حبّ الجاه‌ والعجب‌ ومدح‌ الناس‌
  أسخف‌ حالات‌ الو الی أن‌ يكون‌ ممّن‌ يحبّ أن‌ يمدحه‌ الناس‌
  مفاد: ظُلْمُ الرَّعيَّةِ اسْتِجْلابُ البَليَّة‌
  الرعيّة‌ تتبع‌ عواطفها تجاه‌ الولاة‌ والحكّام‌ باستمرار
  إحضار عمر لعمرو بن‌ العاصّ وولده‌ لشكاية‌ شابّ مصري‌ّ
  انتقاد كيفيّة‌ عدالة‌ عمر من‌ جهات‌ مختلفة‌
  الدرس‌ الرابع‌ والاربعون‌:حقّ الرعيّة‌ علی الوالی: معالجة‌ أُمورهم‌ بنفسه‌ و...
  من‌ عوامل‌ الفساد: نفوذ أقرباء الوالی وخواصّه‌ في‌ ولايته‌
  قصّة‌ الرجل‌ الكوفي‌ّ وشكواه‌ ظلم‌ و إلی الكوفة‌ عند المأمون‌
  يقول‌ عمر: بما أنـّي‌ قد فررتُ يوم‌ أُحد، فلا حقّ لولدي‌ بالجائزة‌
  الكتابة‌ المذكورة‌ علی الاضلع‌ الثمانية‌ لقبر أرسطو
  خطبة‌ الامير حول‌ ما للو الی والرعيّة‌ كلٌّ علی ا لآخر من‌ حقوق‌
  أوّل‌ حقّ للوالی علی الرعيّة‌ هو حقّ الطاعة‌
  إِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ تفيد السمع‌ والطاعة‌ مطلقاً
  مفاد: أَفِي‌ قُلُوبِهِم‌ مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُو´ا أَمْ يَخَافُونَ...
  الدرس‌ الخامس‌ والاربعون‌:أوامر الو إلی لا تكون‌ حجّة‌ في‌ صورة‌ المعصية‌ والعلم‌ بالخلاف‌
  حكم‌ الحاكم‌ ليس‌ قطعيّاً، ويُحتمل‌ فيه‌ الخطأ
  >>لا يقبل‌ حكم‌ الحاكم‌ عند اليقين‌ بالخلاف‌
  وجوب‌ العمل‌ وفق‌ حكم‌ القاضي‌ وإن‌ بان‌ خلافه‌
  لاَ طَاعَةَ لِمَنْ عَصَي‌ اللَهَ، لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي‌ مَعْصِيَةِ الخَالِقِ
  روايات‌ العامّة‌ في‌ وجوب‌ إطاعة‌ ولاة‌ الجور
  بناء علی رأي‌ العامّة‌: فسق‌ الحاكم‌ لا يوجب‌ خلعه‌ من‌ الولاية‌
  الدرس‌ السادس‌ والاربعون‌:الشيعة‌ تري‌ الحاكم‌ جائز الخطأ في‌ حكمه‌ بينما العامّة‌ ...
  استفادة‌ المحاكم‌ الثلاث‌ من‌ عهد الإمام‌ لمالك‌ الاشتر
  يعتبر العامّة‌ الولاة‌ الجائرين‌ والظالمين‌ أُولي‌ الامر ويجب‌ اتّباعهم‌
  متكلّمو العامّة‌ يُعذرون‌ مَن‌ يمارس‌ الظلم‌ من‌ قِبَل‌ حكام‌ الجور
  كلام‌ الاميني‌ّ حول‌ عواقب‌ الالتزام‌ بمعذوريّة‌ حكّام‌ الجور
  دفاع‌ الشمر عن‌ فعله‌ مستنداً إلی رواياتهم‌ في‌ وجوب‌ طاعة‌ الولاة‌
  الحقّ الثاني‌ للو الی علی الرعيّة‌: حقّ النصح‌
  الحقّ الثالث‌ للوالی علی الرعيّة‌: التعاون‌
  الدرس‌ السابع‌ والاربعون‌:للرعيّة‌ علی الو الی حقّ الحريّة‌ والمراقبة‌ و...
  خطبة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ عرفات‌ في‌ حجّة‌ الوداع‌
  خطبة‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ مني‌ بعد تركه‌ عرفات‌
  هدر دماء الجاهليّة‌ والربا المأخوذ في‌ ذلك‌ الزمان‌
  لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِي‌ٍ مُسْلِمٍ إلاَّ بِإحْدَي‌ ثَلاَثٍ
  المحافظة‌ علی أرواح‌ وأموال‌ وأعراض‌ المسلمين‌ في‌ عهدة‌ الو إلی
  رواية‌ أمير المؤمنين‌ حول‌ لزوم‌ معالجة‌ الو إلی أمر الرعيّة‌
  وصيّة‌ الامير: وَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَإنْ سَاقَتْكَ إلَی الرَّغَائِبِ
  الدرس‌ الثامن‌ والاربعون‌:تعذيب‌ المتّهم‌ لاخذ الاعتراف‌ منه‌ ممنوع‌
  خطأ قول‌: بقاء الإسلام‌ متوقّف‌ علی تعذيب‌ المتّهم‌ قبل‌ ثبوت‌ الجرم‌
  رفض‌ حكومة‌ أمير المؤمنين‌ القيام‌ علی أساس‌ المصالح‌ السياسيّة‌
  منح‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ الخوارج‌ حرّيّة‌ الرأي‌
  كان‌ قتال‌ الخوارج‌ بعد تجاوزاتهم‌ وسفكهم‌ للدماء
  إطلاق‌ حرّيّة‌ العقيدة‌ لاهل‌ الذمّة‌ ماداموا يعيشون‌ في‌ كنف‌ الإسلام‌
  لآ إِكْرَاهَ فِي‌ الدِّينِ: ترجع‌ إلی العقيدة‌ لا إلی قبول‌ الإسلام‌ ظاهريّاً
  الحقّ الثالث‌ للرعيّة‌ علی الولاة‌: العناية‌ بصحّة‌ أبدانهم‌ وأرواحهم‌
  ليس‌ في‌ الإسلام‌ محكمة‌ خاصّة‌ للبعض‌، فالكلّ سواء أمام‌ القانون‌
  قصّة‌ سوادة‌ بن‌ قيس‌ شاهد آخر علی هذه‌ المطالب‌

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی