معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > اعتقادات > معرفة‌ الإمام > معرفة الامام (المجلد الثامن)
کتاب معرفة الامام / المجلد الثامن/ القسم الرابع: تهنئة الشیخین لولایة علی علیه السلام علی نقل العامة، العامة و الولایة، نفی الخلافة عن علی علیه السلام لحداثة السن

 أبيات‌ البشنوي‌ّ في‌ كلام‌ المعارضين‌ الذين‌ قالوا لا نسلّم‌ الإمامة‌ لعلی‌ّ

ونقل‌ عن‌ البشنوي‌ّ أيضاً، أنـّه‌ أنشد قائلاً:

 فَقَالَ كَبِيرُهُمْ مَا الرَّأْي‌ُ فِيمَا                    تَرَوْنَ يَرُدُّ ذَا الاَمْرِ الجَلِي‌ِّ

 سَمِعْتُمْ قَوْلَهُ قَوْلاً بَلِيغَاً              وَأَوْصَي‌ بِالخِلاَفَةِ فِي‌ علی‌ِّ

 فَقَالُوا حِيلَةٌ نُصِبَتْ علینَا                         وَرَأْي‌ٌ لَيْسَ بالعَقْدِ الوَفِي‌ِّ

 نُدَبِّرُ غَيْرَ هَذَا فِي‌ أُمُورٍ               نَنَالُ بِهَا مِنَ العَيْشِ السَّنِي‌ِّ

 سَنَجْعَلُهَا إذَا مَا مَاتَ شُورَي‌                   لِتَيْمِي‌ٍّ هُنَالِكَ أَوْ عَدِي‌ِّ [1]

 وقال‌ ابن‌ شهرآشوب‌ أيضاً: وروي‌ أنَّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ لمّا فرغ‌ من‌ غدير خمّ وتفرّق‌ الناس‌، اجتمع‌ نفر من‌ قريش‌ يتأسّفون‌ علی‌ ما جري‌ . فمرّ بهم‌ ضبّ، فقال‌ بعضهم‌: ليت‌ محمّداً أمر علینا هذا الضبّ دون‌ علی‌ّ .

 فسمع‌ ذلك‌ أبو ذرّ الغفاري‌ّ، فحكي‌ ذلك‌ لرسول‌الله‌. فبعث‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ إلیهم‌ وأحضرهم‌ وعرض‌ علیهم‌ مقالتهم‌. فأنكروا وحلفوا أنـّهم‌ لم‌ يقولوا ذلك‌، فأنزل‌ الله‌ هذه‌ الآية‌:

 يَحْلِفُونَ بِاللَهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَـ'مِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُو´ا إِلآ أَنْ أَغْنَـ'هُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و مِن‌ فَضْلِهِ فَإِن‌ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن‌ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَهُ عَذَابًا إلیمًا فِي‌ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي‌ الاْرْضِ مِن‌ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ. [2]

 فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌: مَا أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ وَمَا أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ علی‌ ذِي‌ لَهْجَةٍ أَصْدَقُ مِنْ أَبِي‌ ذَرٍّ. [3]

 وفي‌ رواية‌ أبي‌ بصير عن‌ [الإمام‌ ] الصادق‌ علیه‌ السلام‌ في‌ خبر أنَّ النَّبِي‌َّ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ قَالَ: أَمَّا جَبْرَئِيلُ نَزَلَ علی‌َّ وَأَخْبَرَنِي‌ أَنـَّهُ يُؤْتَي‌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِقَومٍ إمَامَهُمْ ضَبُّ ؛ فَانْظُرُوا أَنْ لاَ تَكُونُوا أُولَئكَ، فَإِنَّ اللَهَ تَعَإلی‌ يَقُولُ: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ». [4]

 ونقل‌ ابن‌ شهرآشوب‌ أيضاً هذه‌ الابيات‌ عن‌ ابن‌ الطوطي‌ّ:

 وَيَوْمَ غَدِيرٍ قَدْ أَقَرُّوا بِفَضْلِهِ                     وَفِي‌ كُلِّ وَقْتٍ مِنْهُمُ الغَدْرَ أَضْمَرُوا

 أَرَي‌ دَوْحَ خُمٍّ وَالنَّبِي‌َّ مُحَمَّدَاً                   يُنَادِي‌ بِأَعلی‌ الصَّوْتِ مِنْهُمْ وَيَجْهَرُ

 أَلَسْتُ إذَنْ أَوْلَي‌ بِكُمْ مِنْ نُفُوسِكُمْ                      فَقَالُوا: بَلَي‌ وَالقَوْمُ فِي‌ الجَمْعِ حُضَّرُ

 فَقَالَ لَهُمْ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ مِنْكُمْ              فَمَوْلاَهُ بَعْدِي‌ حَيْدَرُ المُتَخَيَّرُ

 فَوَالِ مَوَإلیهِ وَعَادِ عَدُوَّهُ                         أَيَا رَبِّ وَانْصُرْهُ لِمَنْ ظَلَّ يَنْصُرُ

 فَلَمَّا مَضَي‌ الهَادِي‌ لِحَالِ سَبِيلِهِ                         أَبَانُوا لَهُ الغَدْرَ القَبِيحَ وَأَظْهَرُوا [5]

 وروي‌ في‌ كتاب‌ « ذخائر العقبي‌ » بتخريج‌ أحمد في‌ مسنده‌ عن‌ البراءبن‌ عازب‌ رضي‌ الله‌ عنهما قال‌: كنّا عند النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ سلّم‌ في‌ سفر فنزلنا بغدير خمّ . ثمّ نقل‌ خطبة‌ رسول‌ الله‌، وقال‌ في‌ ذيلها: فَلَقِيَهُ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: هَنِيئَاً لَكَ يَا ابْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ ! أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ. [6]

 وأخرج‌ أحمد بن‌ حنبل‌ هذا الحديث‌ في‌ مناقبه‌ عن‌ عمر. [7]

 وقال‌ محبّ الدين‌ الطبري‌ّ أيضاً في‌ كتاب‌ « ذخائر العقبي‌ »: عَنْ عُمَرَ رَضِي‌َ اللَهُ عَنْهُ وَقَدْ جَاءَهُ أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فَقَالَ لِعلی‌ٍّ: اقْضِ بَيْنَهُمَا يَاأَبَاالحَسَنِ. فَقَضَي‌ علی‌ٌّ بَيْنَهُمَا . فَقَالَ أَحَدُهُمَا: هَذَا يَقْضِي‌ بَيْنَنَا؟! فَوَثَبَ إلیهِ عُمَرُ وَأَخَذَ بِتَلْبِيبِهِ وَقَالَ: وَيْحَكَ ! مَا تَدْرِي‌ مَنْ هَذَا؟! هَذَا مَوْلاَي‌َ وَمَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ! وَمَنْ لَمٌ يَكُنْ مَوْلاَهُ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ. [8]

 وأخرج‌ ابن‌ السمّان‌ هذا الحديث‌ أيضاً في‌ كتاب‌ « الموافقة‌ » .

 وذكره‌ ابن‌ الاثير الجَزَري‌ّ هكذا: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: يَابْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ إلیوْمَ وَلِي‌َّ كُلِّ مُؤْمِنٍ. [9]

 وذكرها بهذه‌ العبارة‌ خواندمير: غياث‌ الدين‌ بن‌ همام‌الدين‌ الحسيني‌ّ، وهو من‌ أهل‌ السنّة‌ في‌ تأريخه‌ بعد عرض‌ واقعة‌ الغدير ونزول‌ آية‌ التبليغ‌ وتبيان‌ حديث‌ الولاية‌: مَنْ كُنْتُ مَولاَهُ فَهَذا علی‌ٌّ مَولاَهُ. اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَأَدِرِ الحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ . ثمّ جلس‌ أمير المؤمنين‌ كرّم‌ الله‌ وجهه‌ بأمر من‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ [وآله‌ ] وسلّم‌ في‌ خيمة‌ ليزوره‌ الناس‌ ويهنّئوه‌، وفيهم‌ أمير المؤمنين‌ عُمَرُبْنُ الخَطَّابِ رَضِي‌َ اللَهُ عَنْهُ فَقَالَ: بَخٍّ بَخٍّ يَابْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ مَوْلاَئي‌ وَمَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ. [10]

 ثمّ أمر النبي‌ّ أُمّهات‌ المؤمنين‌ بالدخول‌ علی‌ أمير المؤمنين‌ وتهنئته‌. [11]

 ونقل‌ ميرمحمّدبن‌ خاوند شاه‌ المعروف‌ بميرخواند في‌ تأريخه‌ هذه‌ العبارات‌ نفسها باللغة‌ الفارسيّة‌. [12]

أعيان‌ من‌ علماء العامّة‌ ذكروا تهنئة‌ الشيخين‌

 وخصوص‌ حديث‌ تهنئة‌ الشيخين‌ ( أبي‌ بكر وعمر ) رواه‌، مضافاً إلی‌ علماء الشيعة‌ رضوان‌ الله‌ علیهم‌ من‌ أئمّة‌ التأريخ‌ والتفسير والحديث‌ من‌ رجال‌ السنّة‌ كثير لا يستهان‌ بعدّتهم‌ بين‌ راوٍ أيّاه‌ بمسانيد صحاح‌ برجال‌ ثقات‌ تنتهي‌ إلی‌ ابن‌ عبّاس‌، وأبي‌ هريرة‌، وزيد بن‌ أرقم‌، والبراءبن‌ عازب‌، وبين‌ راوٍ مرسلاً له‌ إرسال‌ المسلّمات‌ .

 وذكره‌ بعض‌ العامّة‌ بلفظ‌: بَخٍّ بَخٍّ يَا علی‌ٍّ، وبعضهم‌ بلفظ‌ هَنِيئَاً لَكَ، وبعضهم‌ بلفظ‌ طُوبَي‌ لَكَ ؛ ومن‌ جهة‌ أُخري‌، نقله‌ بعضهم‌ بلفظ‌ أَصْبَحْتَ، وبعضهم‌ بلفظ‌ وَأَمْسَيْتَ، وبعضهم‌ بلفظ‌ أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ . ورواه‌ جماعة‌ عن‌ عمر، وجماعة‌ عن‌ أبي‌ بكر وعمر كليهما . ومفاد متن‌ الحديث‌ متباين‌ أيضاً، فبعضهم‌ رواه‌ بلفظ‌ مَوْلاَي‌َ وَمَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وبعضهم‌ بلفظ‌ مَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وبعضهم‌ بلفظ‌ مَوْلَي‌ كُلِّ مُسْلِمٍ، وبعضهم‌ بلفظ‌ مَوْلاَي‌َ وَمَوْلَي‌ كُلِّ مُسْلِمٍ . أذكر فيما يلي‌ زبدة‌ ما ذكره‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ رحمة‌الله‌ علیه‌ ولكن‌ بترتيب‌ وأُسلوب‌ خاصّ بنا .

 الاوّل‌: الحافظ‌ أحمد بن‌ عقدة‌ في‌ كتاب‌ «الولاية‌»، والحافظ‌ أبو عبدالله‌ المرزباني‌ّ في‌ كتاب‌ «سرقات‌ الشعر»، والحافظ‌ علی‌ّ بن‌ عمر الدارقطني‌ّ بناءً علی‌ نقل‌ ابن‌ حَجَر في‌ «الصواعق‌»، وأبي‌ محمّد العاصمي‌ّ في‌ كتاب‌ «زَيْن‌ الفتي‌»، والحافظ‌ أبو عبد الله‌ الكنجي‌ّ في‌ كتاب‌ «كفاية‌ الطالب‌»، وابن‌ حجر العسقلاني‌ّ الهيتمي‌ّ في‌ كتاب‌ «الصواعق‌ المحرقة‌»، وشمس‌ الدين‌ المناوي‌ّ الشافعي‌ّ في‌ كتاب‌ «فيض‌ القدير» وأبو عبدالله‌ الزرقاني‌ّ في‌ كتاب‌ «شرح‌ المواهب‌»، وسيّد أحمد زَيني‌ دَحْلان‌ في‌ كتاب‌ «الفتوحات‌ الإسلام يّة‌» . أخرجه‌ هؤلاء بالعبارة‌ التإلیة‌: «قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: أَمْسَيْتَ يَا بْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ ! مَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ».

 الثاني‌: الحافظ‌ أبو عبد الله‌ ابن‌ بطّة‌ في‌ كتاب‌ «الإبانة‌»، والقاضي‌ أبوبكر الباقلاّني‌ّ في‌ كتاب‌ «تمهيد الاُصول‌»، ذكراه‌ هكذا: إنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمَّا سَمِعَا قَالاَ: يَا بْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ ! أَنْتَ مَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ!

 الثالث‌: الحافظ‌ أبو بكر ابن‌ شيبة‌ في‌ كتاب‌ «المُصَنَّف‌»، وأحمدبن‌ حنبل‌ في‌ مسنده‌، والحافظ‌ أبو عبّاس‌ الشيباني‌ّ، والحافظ‌ أبو يعلی‌ الموصلي‌ّ في‌ مسنده‌، والحافظ‌ أبو سعد السمعاني‌ّ في‌ «فضائل‌ الصحابة‌»، وأبو الفرج‌ ابن‌ الجوزي‌ّ الحنبلي‌ّ في‌ مناقبه‌، وأبو المظفّر سبط‌ ابن‌ الجوزي‌ّ الحنفي‌ّ في‌ «تذكرة‌ خواصّ الاُمّة‌»، وعمر بن‌ محمّد الملاّ في‌ «وسيلة‌ المتعبّدين‌» . والحافظ‌ محبّ الدين‌ الطبري‌ّ في‌ «الرياض‌ النضرة‌»، وشيخ‌ الإسلام «الحمّوئي‌ّ» في‌ «فرائد السمطين‌»، وولي‌ّ الدين‌ الخطيب‌ في‌ «مشكاة‌ المصابيح‌»، وجمال‌ الدين‌ الزرندي‌ّ في‌ «نظم‌ درر السمطين‌» وأبو الفداء ابن‌ كثير الشامي‌ّ الشافعي‌ّ في‌ «البداية‌ والنهاية‌»، وتقي‌ الدين‌ المقريزي‌ّ المصري‌ّ في‌ «الخطط‌»، ونور الدين‌ بن‌ صبّاغ‌ المالكي‌ّ في‌ «الفصول‌ المهمّة‌» وكمال‌ الدين‌ الميبدي‌ّ في‌ «شرح‌ الديوان‌ المنسوب‌ إلی‌ أميرالمؤمنين‌»، وجلال‌ الدين‌ السيوطي‌ّ في‌ «جمع‌ الجوامع‌» بناءً علی‌ نقل‌ «كنز العمّال‌»، ونور الدين‌ السمهودي‌ّ الشافعي‌ّ في‌ «وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفي‌»، وسيّد علی‌ّ بن‌ شهاب‌ الدين‌ الهمداني‌ّ في‌ «مودّة‌ القربي‌»، وسيّد محمود الشيخاني‌ّ القادري‌ّ في‌ «الصراط‌ السوي‌ّ في‌ مناقب‌ آل‌ النبي‌ّ»، والشيخ‌ أحمد با كثير المكّي‌ّ في‌ «وسيلة‌ المآل‌ في‌ عَدّ مناقب‌ الآل‌»، والميرزا محمّد البدخشاني‌ّ في‌ «مفتاح‌ النجا في‌ مناقب‌ آل‌ العبا»، والشيخ‌ محمّد صدر العالم‌ في‌ «معارج‌ العلی‌ في‌ مناقب‌ المرتضي‌»، وأبو ولي‌ّالله‌ العُمَري‌ّ الدهلوي‌ّ، وسيّد محمّد الصنعاني‌ّ في‌ «الروضة‌ النديّة‌ شرح‌ التحفة‌ العلويّة‌»، والمولوي‌ّ محمّد مبين‌ اللكهنوي‌ّ في‌ «وسيلة‌ النجاة‌»، والشيخ‌ محمّد حبيب‌ الله‌ الشنقيطي‌ّ المالكي‌ّ في‌ «كفاية‌ الطالب‌ في‌ حياة‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌» . نقله‌ هؤلاء كلّهم‌ بالعبارة‌ التإلیة‌: «قَالَ عُمَرُ: هَنِيئَاً لَكَ يَابْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ!

 الرابع‌: الحافظ‌ أبو جرير الطبري‌ّ في‌ تفسيره‌، والحافظ‌ أبو سعيد الخركوشي‌ّ في‌ «شرف‌ المصطفي‌»، وأبو حامد الغزإلی‌ّ في‌ «سرّ العالمين‌»، وأخطب‌ خطباء خوارزم‌ موفّق‌ بن‌ أحمد الحنفي‌ّ في‌ مناقبه‌، وفخرالدين‌ الرازي‌ّ الشافعي‌ّ في‌ تفسيره‌، ونظام‌ الدين‌ القمّي‌ّ النيسابوري‌ّ، وسيّد عبدالوهّاب‌ الحسيني‌ّ البخاري‌ّ، ومحمّد محبوب‌ العالم‌ في‌ «تفسير شاهي‌» . نقله‌ هؤلاء بالعبارة‌ التإلیة‌: فَلَقِيَهُ عُمَرُ فَقَالَ: هَنِيئَاً لَكَ يَا بْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ.

 الخامس‌: الحافظ‌ ابن‌ سمّان‌ الرازي‌ّ بناءً علی‌ نقل‌ محبّالدين‌ الطبري‌ّ في‌ «الرياض‌ النضرة‌»، والشنقيطي‌ّ في‌ «حياة‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌»، وحُسام‌الدين‌ بايزيد السَّهَانبوري‌ّ في‌ «مرافض‌ الروافض‌» . ذكره‌ هؤلاء العبارة‌ التإلیة‌: فَلَقِي‌َ علیاً علیهِ السَّلاَمُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: هَنِيئَاً يَابْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ ! أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلاَي‌َ وَمَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ.

 السادس‌: أبو إسحاق‌ الثعلبي‌ّ في‌ تفسيره‌ «الكشف‌ والبيان‌»، والحافظ‌ أبو بكر البيهقي‌ّ بناءً علی‌ نقل‌ «الفصول‌ المهمّة‌»، والحافظ‌ أبو بكر الخطيب‌ البغدادي‌ّ، والفقيه‌ أبو الحسن‌ ابن‌ المغازلي‌ّ في‌ «المناقب‌»، وأبو الفتح‌ الاشعري‌ّ الشهرستاني‌ّ في‌ «الملل‌ والنحل‌»، والقاضي‌ نجم‌الدين‌ الاذرعي‌ّ الشافعي‌ّ في‌ «بديع‌ المعاني‌» . نقله‌ هؤلاء بالعبارة‌ التإلیة‌: فَلَقِيَهُ عُمَرُ فَقَالَ: هَنِيئَاً لَكَ يَا بْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ ! أَصْبَحْتَ مَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ.

 السابع‌: الفقيه‌ ابن‌ المغازلي‌ّ في‌ «المناقب‌» بسند آخر، والخطيب‌ الخوارزمي‌ّ في‌ «المناقب‌»، بسند آخر، نقلاه‌ هكذا: بَخٍّ بَخٍّ يَا أَبَا الحَسَنِ! أَصْبَحْتَ مَوْلاَي‌َ وَمَوْلَي‌ كُلِّ مُسْلِمٍ!

 الثامن‌: أبو الفتح‌ محمّد بن‌ علی‌ّ النطنزي‌ّ في‌ «الخصائص‌ العلويّة‌»، والشيخ‌ الحمّوئي‌ّ بسند آخر، روياه‌ كالآتي‌: قَالَ عُمَرُ: بَخٍّ بَخٍّ يَابْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ مَوْلاَي‌َ وَمَوْلَي‌ كُلِّ مُسْلِمٍ!

 التاسع‌: أبو محمّد العاصمي‌ّ في‌ «زين‌ الفتي‌» بسند آخر، قال‌ فيه‌: قَالَ عُمَرُ: هَنِيئَاً لَكَ يَا أَبَا الحَسَنِ ! أَصْبَحْتَ مَوْلَي‌ كُلِّ مُسْلِمٍ!

 العاشر: أبو السعادات‌ ابن‌ الاثير الشيباني‌ّ في‌ «النهاية‌»، وشهاب‌ الدين‌ القسطلاني‌ّ في‌ «المواهب‌ اللَّدُنِّيَّة‌»، أورداه‌ بهذه‌ العبارة‌: قَوْلُ عُمَرُ لِعلی‌ٍّ: أَصْبَحْتَ مَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ .[13]

 الحادي‌ عشر: عزّ الدين‌ بن‌ الاثير الشيباني‌ّ، ذكره‌ بهذه‌ العبارة‌: قَالَ عُمَرُ: يَابْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ ! أَصْبَحْتَ إلیوْمَ مَوْلَي‌ كُلِّ مُؤْمِنٍ.

 فهذه‌ بعض‌ الاحاديث‌ والروايات‌ الدالّة‌ علی‌ أنَّ الشيخين‌ قد أقرّا واعترفا بولاية‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ إلاّ أنـَّهما حملا الولاية‌ علی‌ معني‌ آخر غيرالإمامة‌ والإمارة‌ والخلافة‌ لئلاّ تصطدم‌ بإمارتهما وحكومتهما. وهذا الحمل‌ غير صحيح‌ لانَّ ما نصّ علیه‌ أهل‌ اللغة‌ والشعراء، وما عُرفَ من‌ المعني‌ الاصلي‌ّ للولاية‌ ـكما ذكرنا في‌ المباحث‌ المتقدّمة‌ـ هو أنَّ الولاية‌ بمعني‌ الاولويّة‌ من‌ جميع‌ الوجوه‌، والقُرب‌ بكلّ ما للكلمة‌ من‌ معني‌، وهو ما يستلزم‌ الرئاسة‌ والحكومة‌ والخلافة‌ وحقّ التصرّف‌ في‌ الدين‌ والدنيا.

 إنَّ أُولئك‌ ينكرون‌ هذه‌ الحقيقة‌ مع‌ أنـّها أظهر من‌ الشمس‌، ويتشبّثون‌ بأدلّة‌ واهية‌ كقولهم‌: إنَّ الحكومة‌ منفصلة‌ عن‌ الولاية‌، وإنَّ علی‌ الناس‌ أن‌ ينهضوا لتعيين‌ الإمام‌ ؛ كما نلاحظ‌ أنَّ كثيراً من‌ العامّة‌ يقولون‌ في‌ كيفيّة‌ الاستدلال‌: إنَّ الحديث‌ المعروف‌: مَنْ كُنْتُ مَولاَهُ فَعلی‌ٌّ مَوْلاَهُ حديث‌ صحيح‌ وأنـّه‌ ثابت‌ الصدور عن‌ رسول‌ الله‌، ومتواتر، بيد أنَّ الولاية‌ لاتعني‌ الحكومة‌ والخلافة‌ . إنَّهم‌ يقولون‌: إنَّ أفضل‌ دليل‌ علی‌ هذا الموضوع‌ هو أنَّ الشيخين‌ هنّئا أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بعدما سمعا هذا الحديث‌ من‌ رسول‌ الله‌ واعترفا به‌، بيد أنـّهما اجتمعا في‌ سقيفة‌ بني‌ ساعدة‌ ومعهما جماعة‌ وأبو بكر .

كلام‌ صاحب‌ تفسير «المنار» في‌ أنَّ العامّة‌ يعتقدون‌ بالولاية‌

 يقول‌ السيّد محمّد رشيد رضا: « يقول‌ أهل‌ السنّة‌: إنَّ الحديث‌ لايدلّ علی‌ ولاية‌ السلطة‌ التي‌ هي‌ الإمامة‌ أو الخلافة‌ . ولم‌يستعمل‌ هذا اللفظ‌ في‌ القرآن‌ بهذا المعني‌ . بل‌ المراد بالولاية‌ فيه‌ ولاية‌ النصرة‌ والمودّة‌ التي‌ قال‌ الله‌ فيها في‌ كلّ من‌ المؤمنين‌ والكافرين‌: « بعضهم‌ أولياء بعض‌ » . ومعني‌ الحديث‌: « من‌ كنت‌ ناصراً وموإلیاً له‌ فعلی‌ّ ناصره‌ وموإلیه‌ » ؛ أو « من‌ والاني‌ ونصرني‌ فليوال‌ علیاً وينصره‌ » . وحاصل‌ معناه‌ أنـّه‌ يقفو أمر النبي‌ّ فينصر من‌ ينصر النبي‌ّ . وعلی‌ من‌ ينصر النبي‌ّ أن‌ ينصره‌ [علی‌ّ علیه‌ السلام‌ ] .

 وهذه‌ مزية‌ عظيمة‌ . وقد نصر كرّم‌ الله‌ وجهه‌ أبا بكر، وعمر، وعثمان‌ ووالاهم‌. فالحديث‌ ليس‌ حجّة‌ علی‌ من‌ والاهم‌ مثله‌، بل‌ حجّة‌ له‌ علی‌ من‌ يبغضهم‌ ويتبرّأ منهم‌ . وإنَّما يصحّ أن‌ يكون‌ حجّة‌ علی‌ من‌ وإلی‌ معاوية‌ ونصره‌ علیه‌.

 فهو لا يدلّ علی‌ الإمامة‌ بل‌ يدلّ علی‌ نصره‌ إماماً ومأموماً، ولو دلّ علی‌ الإمامة‌ عند الخطاب‌، لكان‌ إماماً مع‌ وجود النبي‌ّ ؛ والشيعة‌ لاتقول‌ بذلك‌.

 وللفريقين‌ أقوال‌ في‌ ذلك‌ لا نحبّ استقصاءها والترجيح‌ بينها، لانـّها من‌ الجدل‌ الذي‌ فرّق‌ بين‌ المسلمين‌، وأوقع‌ بينهم‌ العداوة‌ والبغضاء. ومادامت‌ عصبيّة‌ المذاهب‌ غالبة‌ علی‌ الجماهير، فلا رجاء في‌ تحرّيهم‌ الحقّ في‌ مسائل‌ الخلاف‌، ولا في‌ تجنّبهم‌ ما يترتّب‌ علی‌ الخلاف‌ من‌ التفرّق‌ والعداء.

 ولو زالت‌ تلك‌ العصبيّة‌ ونبذها الجمهور، لما ضرّ المسلمين‌ حينئذٍ ثبوت‌ هذا القول‌ أو ذاك‌، لانـّهم‌ لا ينظرون‌ فيه‌ حينئذٍ إلاّ بمرآة‌ الإنصاف‌ والاعتبار، فيحمدون‌ المحقّين‌، ويستغفرون‌ للمخطئين‌.

 رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَ'نِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَـ'نِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي‌ قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ. [14]

 أمّا نحن‌ فقد أبنّا بحول‌ الله‌ وقوّته‌ إبانة‌ الشمس‌ الساطعة‌ أنَّ معني‌ الولاية‌ هو مقام‌ العبوديّة‌ المحضة‌ ورفع‌ الحجاب‌ بين‌ المعبود وعبده‌، وشرط‌ ذلك‌ القُرب‌ الملازم‌ للسيطرة‌ التكوينيّة‌ علی‌ عالم‌ الملك‌ والملكوت‌، الذي‌ لا تبارحه‌ الرئاسة‌ والإمارة‌ والإمامة‌، إذ هي‌ من‌ شؤونه‌ ولوازمه‌ التي‌ لا تنفصل‌ عنه‌ ؛ والفصل‌ بينهما، بخاصّة‌ في‌ خطبة‌ رسول‌الله‌ ومع‌ هذه‌ القرائن‌ والشواهد الجمّة‌، أمر لا يقرّه‌ العقل‌.

 فالحديث‌ يدلّ علی‌ الولاية‌ المتمثّلة‌ بإمارة‌ أمير المؤمنين‌، كما يدلّ علی‌ وجوب‌ موالاة‌ موإلیه‌ كسلمان‌، وأبي‌ ذرّ، والمقداد، وعمّار وَمَنْ يَحْذُو حَذْوَهُمْ ؛ وعلی‌ وجوب‌ معاداة‌ أعدائه‌ أيّاً كانوا . ذلك‌ أنَّ التَّوَلِّي‌ والتَّبَرِّي‌ ركنان‌ من‌ الاركان‌ الثابتة‌ للمذهب‌ من‌ وحي‌ هذا المنطلق‌ . أمّا النقاشات‌ المتحيّزة‌ فهي‌ خاطئة‌ وعقيمة‌ دائماً، بيد أنَّ النقاش‌ الذي‌ يتوخّي‌ تقصّي‌ الحقائق‌ واستنتاج‌ الرأي‌ الصحيح‌، ومعرفة‌ المحقّ من‌ المفسد والمنصف‌ من‌ المُدغِل‌ المكابر لتشييد الآراء علی‌ أساس‌ مذهب‌ صحيح‌، واتّباع‌ الحقّ دون‌ الباطل‌ فهو ممدوح‌ ولازم‌ بل‌ وضروري‌ّ . وأنـّي‌ لنا معرفة‌ المذهب‌ الصحيح‌ من‌ غيرالصحيح‌ ما لم‌ نتوفّر علی‌ بحث‌ دقيق‌ وصحيح‌ في‌ التأريخ‌ التحليلي‌ّ للصحابة‌ في‌ صدر الإسلام ؟

 وحينئذٍ علی‌ أي‌ّ منهج‌ من‌ المناهج‌ نرسّخ‌ آراءنا وعقائدنا وأخلاقنا وأعمالنا ؟ فمعرفة‌ الصحابة‌ وأُسلوب‌ تفكيرهم‌ ضروري‌ّ لنا. وكلّ من‌ كان‌ من‌ أهل‌ التمحيص‌ والتنقيب‌ والبحث‌ عن‌ المذهب‌ الصحيح‌، لايمكنه‌ أن‌ يتملّص‌ من‌ هذه‌ المسألة‌، فيتّبعهم‌ اتّباعاً أعمي‌ بلا معرفة‌ تَقْلِيدَاً لِبَعْضِ السَّلَفِ ؛ وهذا خلاف‌ الدعوة‌ الإسلام يّة‌ . وسنتحدّث‌ عن‌ هذا الموضوع‌ إن‌ شاءالله‌.

 وأمّا ما قاله‌ إنّنا لا نحبّ استقصاء آراء الفريقين‌: الشيعة‌ والسنّة‌ والترجيح‌ بينهما ؛ فالواضح‌ أنَّ هذا الاستقصاء سيؤدّي‌ إلی‌ بروز أعراض‌ الخجل‌ علی‌ وجوه‌ أنصار الصحابة‌ ؛ ويبلغ‌ بنا في‌ البحث‌ الكلامي‌ّ نقطة‌ تستبين‌ فيها الحقيقة‌ كالشمس‌ في‌ رائعة‌ الضحي‌، أنَّ تلك‌ الشرذمة‌ قد غصبت‌ حقّ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ غصباً لا مراء فيه‌، وسجّرت‌ النار في‌ باب‌ بضعة‌ الرسول‌. وحينئذٍ فمن‌ الطبيعي‌ّ أنَّ مصلحة‌ المتمسّكين‌ بهذا الرأي‌ تتطلّب‌ أن‌ لا يستقصوا ولا يرجّحوا !

 أمّا مهمّة‌ الباحث‌ النزيه‌ فتتمثّل‌ في‌ أنـّه‌ يتابع‌ الموضوع‌ متابعة‌ دقيقة‌ ويستوفيه‌ حقّه‌ في‌ أي‌ّ بحث‌، ويعرض‌ الحقّ بلا تحيّز لفرقة‌ من‌ الفرق‌، ويضعه‌ في‌ متناول‌ أيدي‌ الباحثين‌ والقرّاء ؛ وحينئذٍ سيتعرّف‌ الناس‌ علی‌ الحقيقة‌ ويختارون‌ طريقهم‌، فلا يتحمّل‌ الباحث‌ مسؤوليّة‌ ذلك‌. والإنسان‌ الكاتب‌ بخاصّة‌ في‌ المسائل‌ الكلاميّة‌ التي‌ تمسّ عقائد الناس‌ في‌ الصميم‌ ينبغي‌ أن‌ يكون‌ أميناً، ذلك‌ أنـّه‌ يكون‌ مرجعاً لاجيال‌ تتّخذ رأيه‌ حجّة‌ بوصفه‌ مستشاراً وَالمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ .

 إنَّ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ الذي‌ يقرّ المخالفون‌ بأنـّه‌ الوحيد رجل‌ الحقّ والاستقامة‌ الحقيقي‌ّ، والاعلم‌ والافضل‌ والاورع‌ والاشجع‌ والاعرف‌ بكتاب‌ الله‌ وسنّة‌ رسوله‌، ومع‌ سابقته‌ في‌ التوحيد والإخلاص‌ والإيمان‌ والإيقان‌ والإيثار والعبوديّة‌ المحضة‌ للّه‌، وتضحيته‌ الخالصة‌ لرسوله‌ الاكرم‌ في‌ السرّاء والضرّاء وإلیسر والعسر، قد أُقصي‌ من‌ القيادة‌ بلا دليل‌ مقنع‌، فَلِمَ حدث‌ ذلك‌ ؟ وبأي‌ّ دليل‌... ؟

التصويت‌ السرّي‌ّ المموّه‌ بالخداع‌ في‌ السقيفة‌ !

 وإذا كانت‌ الإمامة‌ والحكومة‌ بتعيين‌ وانتخاب‌ الناس‌ وبوجوب‌ الرجوع‌ إلی‌ أهل‌ الخبرة‌ وأصحاب‌ الحلّ والعقد، فلماذا بادر القوم‌ سرّاً وعلی‌ عجل‌ وبسرعة‌ تفوق‌ الحدّ باتّجاه‌ السقيفة‌ دون‌ أن‌ يعلموا علیاً وشيعته‌ من‌ كبار أصحاب‌ رسول‌ الله‌ من‌ المهاجرين‌ والانصار ودون‌ أن‌ يخبروا العبّاس‌ عمّ النبي‌ّ وأولاده‌، ودون‌ أن‌ يشترك‌ أحد من‌ بني‌ هاشم‌، وتخلّف‌ جمع‌ كثير من‌ المهاجرين‌ والانصار بينما لا يزال‌ جثمان‌ رسول‌الله‌ ملقي‌ علی‌ الارض‌ وعلی‌ّ مشغول‌ بغسله‌ وتكفينه‌ ؟ ونقل‌ المؤرّخون‌ من‌ العامّة‌ أنَّ الشيخين‌ (أبو بكر وعمر) أسرعا إلی‌ سقيفة‌ بني‌ ساعدة‌ وهما يتسابقان‌. وبعد محادثات‌ دارت‌ في‌ السقيفة‌ خفية‌، وهي‌ تحوم‌ حول‌ أفضليّة‌ قريش‌ علی‌ الانصار، صوّتوا وبايعوا أبا بكر.

 وإذا كان‌ الانتماء إلی‌ قريش‌ معياراً للإمامة‌، فعلی‌ّ أفضل‌ قريش‌ وأعلمهم‌ وأقربهم‌ من‌ رسول‌ الله‌، فكيف‌ استدلّوا بالشجرة‌ وأضاعوا الثمرة‌ ؟

 يقول‌ ابن‌ قتيبة‌ الدينوري‌ّ: لمّا أُخذ علی‌ّ إلی‌ المسجد للبيعة‌، وأُمر بها قال‌: اللَهَ اللَهَ يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ ! لاَ تُخْرِجُوا سُلْطَانَ مُحَمَّدٍ فِي‌ العَرَبِ عَنْ دَارِهِ وَقَعْرِ بَيْتِهِ إلی‌ دُورِكُمْ وَقُعُورِ بُيُوتِكُمْ ! وَلاَ تَدْفَعُوا أَهْلَهُ عَنْ مَقَامِهِ فِي‌ النَّاسِ وَحَقِّهِ ! فَوَ اللَهِ يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ ! لَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ، لاَِنـَّا أَهْلُ البَيْتِ، وَنَحْنُ أَحَقُّ بِهَذَا الاَمْرِ مَنْكُمْ!

 مَا كَانَ فِينَا القَارِي‌ُ لِكِتَابِ اللَهِ، الفَقِيهُ فِي‌ دِينِ اللَهِ، العَالِمُ بِسُنَنِ رَسُولِاللَهِ، المُضْطَلِعُ بِأَمْرِ الرَّعِيَّةِ، المُدَافِعُ عَنْهُمُ الاُمُورَ السَّيِّئةَ، القَاسِمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَاللَهِ إنَّهُ لَفِينَا ؛ فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَي‌ فَتَضِلُّوا عَنْ سَبِيلِاللَهِ! فَتَزْدَادُوا مِنَ الحَقِّ بُعْدَاً.

 فَقَالَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ الاَنْصَارِي‌ُّ: لَوْ كَانَ هَذَا الكَلاَمُ سَمِعَتْهُ الاَنْصَارُ مِنْكَ يَاعلی‌ُّ قَبْلَ بَيْعَتِهَا لاِبِي‌ بَكْرٍ مَا اخْتَلَفَ علیكَ اثْنَانِ! [15]

 ينبغي‌ أن‌ نعلم‌ أنَّ بشير بن‌ سعد المذكور هو بَشِيرُ بْنُ سَعْدبْن‌ ثَعْلَبَةَبْن‌ جُلاَس‌ اَلاَنْصَارِي‌ّ الخَزْرَجِي‌ّ من‌ سادات‌ الخزرج‌ وكبارها. [16] وهو الذي‌ تنافس‌ في‌ السقيفة‌ مع‌ سعدبن‌ عبادة‌ رئيس‌ الاوس‌ حسداً، وقد سبق‌ إلی‌ بيعة‌ أبي‌ بكر حتّي‌ بادر إلیها قبل‌ عمر وأبي‌ عبيدة‌ بن‌ الجرّاح‌، فاقتفي‌ الانصار أثره‌ في‌ البيعة‌.

 وفي‌ هذه‌ الحالة‌ فإنّه‌ نفسه‌ يعترف‌ أنَّ الانصار لو كانت‌ سمعت‌ كلام‌ علی‌ّ قبل‌ بيعة‌ أبي‌ بكر، لما تخلّف‌ أحد عن‌ بيعته‌ . ويستبين‌ هنا أنَّ سقيفة‌ بني‌ ساعدة‌ كان‌ يسودها ذلك‌ الوضع‌ إذ لم‌ تشهد حضور أهمّ مرشّح‌ للخلافة‌ له‌ كلّ هذه‌ الامتيازات‌، ولو كان‌ حاضراً، فلا جرم‌ يتّخذ المجلس‌ طابعاً آخر. فلا شأن‌ إذَن‌ لذلك‌ الاختيار، ولا قيمة‌ لذلك‌ الاجتماع‌ السرّي‌ّ الذي‌ عقد خفية‌ بغياب‌ علی‌ّ وبني‌ هاشم‌ وكبار المهاجرين‌ والانصار.

إقصاء أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ عن‌ الخلافة‌ بسبب‌ حداثة‌ السنّ

 ومن‌ المؤاخذات‌ التي‌ أُثيرت‌ حول‌ خلافة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ هي‌ حداثة‌ سنّه‌. فقد كانوا يقولون‌: علی‌ّ حَدَث‌ . وأسمعه‌ أبو عبيدة‌ الجرّاح‌ ذلك‌ عندما أُخذ للبيعة‌ فقال‌ له‌:

 يَا بْنَ عَمِّ ! إنَّكَ حَدِيثُ السِّنِّ وَهَؤُلاَءِ مَشِيخَةُ قَوْمِكَ، لَيْسَلَكَ مِثْلُ تَجْرِبَتِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالاُمُورِ ؛ وَلاَ أَرَي‌ أَبَا بَكْرٍ إلاَّ أَقْوَي‌ علی‌ هَذَا الاَمْرِ مِنْكَ وَأَشَدَّ احْتِمَالاً وَاضْطِلاَعَاً بِهِ، فَسَلِّمْ لاَبِي‌ بَكْرٍ هَذَا الاَمْرَ ! فَإنَّكَ إنْ تَعِشْ وَيَطُلْ بِكَ بَقَاءٌ فَأَنْتَ لِهَذَا الاَمْرِ خَلِيقٌ وَبِهِ حَقِيقٌ فِي‌ فَضْلِكَ وَدِينِكَ وَعِلْمِكَ وَفَهْمِكَ وَسَابِقَتِكَ وَنَسَبِكَ وَصِهْرِكَ! [17]

 نلاحظ‌ في‌ هذه‌ العبارات‌ المدروسة‌ الصادرة‌ عن‌ أبي‌ عبيدة‌ الجرّاح‌، ثالث‌ من‌ بايع‌ أبا بكر، وأحد المخطّطين‌ للسقيفة‌، والباذلين‌ قصاري‌ جهودهم‌ في‌ دعم‌ الشيخين‌، كيف‌ يحذّر علی‌ّ من‌ الخلافة‌ وولاية‌ أُمور المسلمين‌ مع‌ اعترافه‌ بأفضليّته‌ علی‌ الشيخين‌ ديناً وعلماً وفهماً وسابقة‌ ونسباً ومصاهرة‌، ولا مبرّر لتحذيره‌ إلاّ حداثة‌ السنّ يقول‌ له‌: لايهمّك‌ فإنَّ الخلافة‌ ستصير إلیك‌ عند شيخوختك‌ إن‌ بقيت‌ حيّاً !

تفنيد الإشكال‌ المثار حول‌ حداثة‌ سنّ الإمام‌ علیه‌ السلام‌

 أوّلاً: لم‌ يكن‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ حدثاً عند وفاة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ بل‌ كان‌ له‌ من‌ العمر ثلاث‌ وثلاثون‌ سنة‌ ؛ وكان‌ في‌ تلك‌ المدّة‌ يحظي‌ برعاية‌ خاصّة‌ يوليها له‌ رسول‌ الله‌ منذ ولادته‌، وكان‌ ملازماً له‌ في‌ السرّ والعلن‌، وواقفاً علی‌ أسرار الدين‌، وكان‌ الحامي‌ الوحيد للرسول‌ الاعظم‌ باعتراف‌ الصديق‌ والعدوّ . وهو عيبة‌ علمه‌، العارف‌ بكتاب‌ الله‌ وسنّة‌ رسول‌ الله‌، والنازل‌ الفريد في‌ ساحات‌ الوغي‌، والحاصد لجذور الكفر والشرك‌ والعناد والتكبّر، والملقّن‌ كفّار قريش‌ دروساً مرّة‌ في‌ شتّي‌ المعارك‌ والغزوات‌.

 وكان‌ أمير المؤمنين‌ ابن‌ الدين‌ المدرّب‌ علی‌ مفاهيمه‌، والعالم‌ برموزه‌، والواقف‌ علی‌ أسراره‌ . وكان‌ يعيش‌ في‌ روح‌ الدين‌ وقلب‌ الاحداث‌ وزيراً ووليّاً وموليً ووصيّاً وأخاً وخليفة‌ وقائماً بالامر بعد رسول‌الله‌ بنصّ رسول‌ الله‌.

 وما جدوي‌ الشيخوخة‌ إن‌ لم‌ تكن‌ قرينة‌ للعلم‌ والإيمان‌ والإيثار والتضحية‌ والتحمّس‌ والاستقامة‌ والتقوي‌ ؟ إلیست‌ قيمة‌ الحبّة‌ الواحدة‌ من‌ الدرّ والجوهر المتألّق‌ تفوق‌ قيمة‌ الجبل‌ العظيم‌ من‌ الحجر ؟ ألم‌ يكن‌ الطفل‌ إلیافع‌ أغلي‌ قيمة‌ من‌ الفيل‌ المسنّ ؟ ألم‌ يتفوّق‌ الشابّ القوي‌ّ العلیم‌ المدبّر علی‌ الشيخ‌ الضعيف‌ ذي‌ الفهم‌ القليل‌ ؟

 وحينئذٍ، ماذا تعني‌ هذه‌ الفضوليّة‌ في‌ الدين‌ ؟ فعندما يعيّنه‌ رسول‌الله‌ ويسمّيه‌ خليفة‌ ووليّاً وموليً، ويدعوه‌ وزيراً ووصيّاً، وخاتم‌ الاوصياء، [18] وخاتم‌ الوصيّين‌، [19] فمن‌ تكونون‌ أنتم‌ حتّي‌ تتدخّلوا في‌ هذه‌ الاُمور ؟ ألم‌ يكن‌ هذا تدخّلاً منكم‌ في‌ المعنويّات‌ وحقيقة‌ الاسرار الإلهيّة‌ والرموز النبويّة‌ إذ أبديتم‌ آراءكم‌ مع‌ عدم‌ خبرتكم‌، وقصر باعكم‌ في‌ هذه‌ المسائل‌ الإلهيّة‌، وهذه‌ المراحل‌ من‌ التجرّد وعالم‌ الانوار، فقدّمتم‌ أبا بكر للحيته‌ البيضاء وأُبوّته‌ لزوجة‌ رسول‌ الله‌ ؟!

نصّ رسول‌ الله‌ علی‌ إمارة‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ للمؤمنين‌

 ألم‌ يكن‌ رسول‌ الله‌ أعرف‌ منكم‌ في‌ تعيين‌ علی‌ّ وصيّاً له‌ وتفويض‌ أُمور المسلمين‌ بالولاية‌ الكلّيّة‌ الإلهيّة‌ إلیه‌ ؟ ألم‌ يلقّبه‌ أميرَالمؤمنين‌، ويأمر أُمّته‌ وشيوخ‌ قريش‌ وحتّي‌ زوجاته‌ بعد فراغه‌ من‌ خطبة‌ الغدير أن‌ يسلّموا علیه‌ ويهنّئوه‌ بإمرة‌ المؤمنين‌ قائلين‌: السَّلاَمُ علیكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ؟ وهل‌ علمتم‌ أنتم‌ عدم‌ كفإته‌ للحكومة‌ ولم‌ يعلم‌ الله‌ ورسوله‌ ذلك‌ ؟

 ألم‌ ترووا في‌ كتبكم‌ أنَّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌: مَا أَنْزَلَ اللَهُ آيَةً فِيهَا «يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا» إلاَّ وَعلی‌ٌّ رَأْسُهَا وَأَمِيرُهَا. [20]

 وسمّي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ علیاً: أمِيرَ البَرَرَةِ وَإمَامَ البَرَرَةِ.

 وروي‌ الحمّوئي‌ّ بسنده‌ عن‌ عبد الرحمن‌ بن‌ بَهْمان‌ قال‌: سمعت‌ جابربن‌ عبدالله‌ [الانصاري‌ّ ] قال‌: سمعت‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وهو آخذ بضبع‌ علی‌ّ يوم‌ الحديبيّة‌ وهو يقول‌: هَذَا أمِيرُ البَرَرَةِ، قَاتِلُ الفَجَرَةِ، مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهْ، مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ [قَالَ جَابِرٌ ] مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ. [21]

 وروي‌ موفّق‌ بن‌ أحمد الخوارزمي‌ّ، عن‌ ابن‌ منصور شهرداربن‌ شيرويه‌ الديلمي‌ّ بسنده‌ عن‌ الاصبغ‌ بن‌ نباتة‌ قال‌: لَمَّا أُصِيبَ زَيْدُبْنُ صُوحَان‌ يَوْمَ الجَمَلِ أَتَاهُ علی‌ٌّ علیهِ السَّلاَمُ وَبِهِ رَمَقٌ ؛ فَوَقَفَ علیهِ وَهُوَ لِمَا بِهِ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَهُ يَا زَيْدُ، فَوَ اللَهِ مَا عَرَفْنَاكَ إلاَّ خَفِيفَ المَؤُونَةِ كَثِيرَ المَعُونَةِ! قَالَ: فَرَفَعَ إلیهِ رَأْسَهُ وَقَالَ:

 أَنْتَ مَوْلاَي‌َ يَرْحَمُكَ اللَهُ، فَوَ اللَهِ مَا عَرَفْتُكَ إلاَّ بِاللَهِ عَالِمَاً، وَبِآيَاتِهِ عَارِفَاً! وَاللَهِ مَا قَاتَلْتُ مَعَكَ مِنْ جَهْلٍ وَلَكِنِّي‌ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَبْنَ إلیمَانِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: علی‌ٌّ أمِيرُ البَرَرَةِ، وَقَاتِلُ الفَجَرَةِ، مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهْ، مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ أَلاَ وَإنَّ الحَقَّ مَعَهُ وَيَتْبَعُهُ . أَلاَ فَمِيلُوا مَعَهُ. [22]

 وفي‌ رواية‌ ابن‌ عساكر أن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ قال‌: علی‌ٌّ إمَامُ البَرَرَةِ، وَقَاتِلُ الفَجَرَةِ، مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهْ، مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ. [23]

 وروي‌ أبو نعيم‌ الإصفهاني‌ّ عن‌ معاذ بن‌ جبل‌ أنـّه‌ قال‌: قَالَ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ [وَآلِهِ ] وَسَلَّمَ: يَا علی‌ُّ ! أَخْصِمُكَ بِالنُّبُوَّةِ وَلاَنُبُوَّةَ بَعْدِي‌! وَتَخْصِمُ النَّاسَ بِسَبْعٍ ! وَلاَ يُحَاجُّكَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ ! أَنْتَ أَوَّلُهُمْ إيمَانَاً، وَأَوْفَاهُمْ بِعَهْدِ اللَهِ، وَأَقْوَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَهِ، وَأَقْسَمُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَأَعْدَلُهُمْ فِي‌ الرَّعِيَّةِ، وَأَبْصَرُهُمْ بِالقَضِيَّةِ، وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللَهِ مَزِيَّةً. [24]

 فكيف‌ يكون‌ موقفنا من‌ هذه‌ النصوص‌ التي‌ أُثرت‌ عن‌ رسول‌الله‌ ومنحت‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ عنوان‌ الإمارة‌، وجعلته‌ أميراً ورئيساً وقائداً للمسلمين‌، وعدّته‌ أبصر الناس‌ في‌ كلّ أمر وأقومهم‌ به‌ ؟ إلیس‌ من‌ المخجل‌ أن‌ يُقصي‌ بذريعة‌ حداثة‌ السنّ، وينصَّب‌ بدله‌ شيوخ‌ لايقاسون‌ به‌ أبداً ؟

 ولو كانت‌ حداثة‌ السنّ حائلاً دون‌ الإمارة‌ والحكومة‌، فلماذا أمّر رسول‌الله‌ أُسامة‌ بن‌ زيد علی‌ الجيش‌ ؟ وكان‌ شابّاً قد بلغ‌ العشرين‌ من‌ عمره‌ أو أقلّ، وفي‌ الجيش‌ مشيخة‌ قريش‌ وكبارها كأبي‌ بكر، وعمر، جعلهم‌ رسول‌الله‌ تحت‌ إمرته‌، [25] وأمر أن‌ يتحرّك‌ الجيش‌ ويعجّلوا في‌ إنفاذه‌.

 فكيف‌ يجوز أن‌ يُعَيِّن‌ حدث‌ في‌ العشرين‌ من‌ عمره‌ رئيساً وأميراً علی‌ أبي‌ بكر وعمر ؟

 ومن‌ هذا المنطلق‌، عندما غصب‌ أبو بكر خلافة‌ رسول‌ الله‌ بعد وفاته‌ لم‌يعزل‌ أُسامة‌ عن‌ إمارة‌ الجيش‌، ومع‌ أنَّ أُسامة‌ كان‌ حدثاً، إلاّ أنَّ أبا بكر قال‌: لا أعزلـه‌ عـن‌ الإمـارة‌ لانَّ رسـول‌ الله‌ نصـبـه‌، ولاأُخالـف‌ أمر رسول‌الله‌. وحتّي‌ أنـّه‌ أخذ بلحية‌ عمر وجرّها غاضباً عندما أصرّ علی‌ عزله‌، وهدّده‌ قائلاً: كيف‌ أُخالف‌ رسول‌ الله‌ ؟! استعمله‌ رسول‌الله‌ وأنا أعزله‌[26] ؟!

 بيد أنـّه‌ خالف‌ رسول‌ الله‌ في‌ أصل‌ الخلافة‌، وتربّع‌ علی‌ أريكة‌ الخلافة‌ بلامجوّز شرعي‌ّ، مخالفاً النصوص‌ الصريحة‌ الدالّة‌ علی‌ خلافة‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ .

 كان‌ يقول‌: أُقاتل‌ أهل‌ الردّة‌ ؛ ولو منعوني‌ عقالاً كانوا يعطونه‌ رسول‌الله‌ لقاتلتهم‌ . غير أنـّه‌ أخذ فدكاً من‌ الزهراء علیها السلام‌ علناً، ولم‌يجد في‌ ذلك‌ مخالفة‌ لحكم‌ رسول‌ الله‌ .

 والاحاديث‌ المتواترة‌ التي‌ رواها الفريقان‌ كثيرة‌، منها قوله‌: أنَا مَدِينَةُ العِلْمِ وَعلی‌ٌّ بَابُهَا، وَمَنْ أَرَادَ مَدِينَةَ العِلْمِ فَلْيَأْتِهَا مِنْ بَابِهَا. [27]

 وقوله‌: أَنَا دَارُ الحِكْمَةِ وَعلی‌ٌّ بَابُهَا . [28]

 وقوله‌: أنَا مَدِينَةُ الجَنَّةِ وَعلی‌ٌّ بَابُهَا . كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنـَّهُ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ غَيْرِ بَابَهَا. [29]

 ينبغي‌ الدخول‌ ـ إذَنْ ـ من‌ باب‌ الجنّة‌ والعلم‌ والحكمة‌، وذلك‌ الباب‌ هو باب‌ بيت‌ علی‌ّ . فلو دخلتَ أيّها الداخل‌ من‌ باب‌ أبي‌ بكر فسوف‌ لاتجني‌ إلاّ الخيبة‌ والخسران‌ . ما أجمل‌ هذا البيت‌ الذي‌ نقله‌ القاضي‌ نور الله‌ الشوشتري‌ّ:

 هست‌ بي‌ شبهه‌ خَطَا چون‌ بربُتان‌ نام‌ خدا               بر كسي‌ غير از تو اطلاقِ أمير المؤمنين‌ [30]

أمير المؤمنين‌ لقب‌ خاصّ للإمام‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌

 وروي‌ ابن‌ عساكر عن‌ أبي‌ المحاسن‌ عبد الرزّاق‌ بن‌ محمّد في‌ كتابه‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ العلاء بن‌ المُسَيِّب‌، عن‌ أبي‌ داود، عن‌ بُرَيدة‌ الاسلمي‌ّ قال‌: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ أَنْ نُسَلِّمَ علی‌ علی‌ٍّ بِإمْرَةِ المُؤْمِنِينَ؛ وَنَحْنُ سَبْعَةٌ وَأَنَا أَصْغَرُ القَوْمِ يَوْمَئِذٍ. [31]

 وروي‌ محمّد بن‌ علی‌ّ بن‌ شهرآشوب‌ في‌ كتاب‌ « المناقب‌ » عن‌ طريق‌ العامّة‌ بقوله‌: في‌ تفسير مجاهد قال‌: ما كان‌ في‌ القرآن‌ «يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا» فإنَّ لعلی‌ّ [بن‌ أبي‌ طالب‌ ] سابقة‌ في‌ تلك‌ الآية‌، لانـّه‌ سبقهم‌ إلی‌ الإسلام ‌. [وعلی‌ هذا ] سمّاه‌ الله‌ في‌ تسعة‌ وثمانين‌ موضعاً: أميرالمؤمنين‌، وسيّد المخاطبين‌ إلی‌ يوم‌ الدين‌ . ثمّ قال‌: الخبر الذي‌ يتضمّن‌ بالتسليم‌ علی‌ أميرالمؤمنين‌ متواتر عند الشيعة‌، ورواه‌ أكثر العامّة‌ من‌ طرق‌ مختلفة‌، فلم‌نجد أحداً من‌ رواتهم‌ طعن‌ فيها أو من‌ علمائهم‌ دفعها، قوله‌ علیه‌ السلام‌: سَلِّمُوا علی‌ علی‌ٍّ بِإمْرَةِ المُؤْمِنِينَ، روي‌ ذلك‌ علماؤهم‌ كالمنقري‌ّ بإسناده‌ إلی‌ عمران‌ عن‌ بريدة‌ الاسلمي‌ّ .

 وروي‌ يوسف‌ بن‌ كُلَيب‌ المسعودي‌ّ بإسناده‌ عن‌ أبي‌ داود السبيعي‌ّ، [قال‌ ] إنَّه‌ دخل‌ أبو بكر علی‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ فقال‌ [له‌ رسول‌الله‌ ]: اذْهَب‌ فَسَلِّمْ علی‌ إمِيرِ المُؤْمِنِينَ ! فَقَالَ: يَارَسُولَاللَهِ! وَأَنْتَ حَي‌ٌّ؟! قَالَ: وَأَنَا حَي‌ٌّ ! ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ.

 وفي‌ رواية‌ السبيعي‌ّ أنـّه‌ قال‌ عمر: ومَن‌ أمير المؤمنين‌ ؟! قال‌ [رسول‌الله‌ ]: علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ . قال‌ [عمر ]: عن‌ الله‌ وأمر رسوله‌ ؟! قال‌ [النبي‌ّ ]: نعم‌ !

 [وروي‌ ] إبراهيم‌ الثقفي‌ّ عن‌ عبد الله‌ بن‌ جَبَلة‌ الكناني‌ّ، عن‌ ذُرَيح‌ المحاربي‌ّ، عن‌ الثُّمإلی‌ّ، عن‌ [الإمام‌ ] الصادق‌ علیه‌ السلام‌ [قال‌ ]: إنَّ بريدة‌ كان‌ غائباً بالشام‌ [عند بيعة‌ أبي‌ بكر ] فقدم‌ وقد بايع‌ الناس‌ أبا بكر، فأتاه‌ في‌ مجلسه‌، فقال‌: يَا أَبَا بَكْرٍ ! هَلْ نَسِيتَ تَسْلِيمَنَا علی‌ علی‌ٍّ بِإمْرَةِ المُؤْمِنِينَ؟!

 قَالَ: يَا بُرَيْدَةُ ! إنَّكَ غِبْتَ وَشَهِدْنَا، وَإنَّ اللَهَ يُحْدِثُ الاَمْرَ بَعْدَ الاَمْرِ، وَلَمْيَكُنِ اللَهُ لِيَجْمَعَ لاَهْلِ هَذَا البَيْتِ النُّبُوَّةَ وَالمُلْكَ.

 [وذكر إبراهيم‌ ] الثقفي‌ّ، والسرّي‌ّ بن‌ عبد الله‌ بإسنادهما عن‌ عِمْران‌بن‌ حَصين‌، وأبي‌ بريدة‌ أنـّهما قالا لابي‌ بكر: قَدْ كُنْتَ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ فِيمَنْ سَلَّمَ علی‌ علی‌ٍّ بِإمْرَةِ المُؤْمِنِينَ، فَهَلْ تَذْكُرُ ذَلِكَ إلیوْمَ أَمْ نَسِيتَهُ؟! قَالَ: بَلْ أَذْكُرُهُ ! فَقَالَ بُرَيْدَةُ: فَهَلْ يَنْبَغِي‌ لاَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ أَنْ يَتَأَمَّرَ علی‌ إمِيرِالمُؤْمِنِينَ؟

 فَقالَ عُمَرُ: إنَّ النُّبُوَّةَ وَالإمَامَةَ لاَ تُجْمَعُ فِي‌ بَيْتٍ وَاحِدٍ. فَقَالَ لَهُ بُرَيْدَةُ: قَالَ اللَهُ تَعَإلی‌: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ علی‌' مَآ ءَاتَـ'هُمُ اللَهُ مِن‌ فَضْلِهِ فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إِبَرَ ' هِيمَ الْكِتَـ'بَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَـ'هُمْ مُلْكًا عَظِيمًا» [32] فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ النُّبُوَّةِ وَالمُلْكِ . قَالَ: فَغَضِبَ عُمَرُ، وَمَا زِلْنَا نَعْرِفُ فِي‌ وَجْهِهِ الغَضَبَ حَتَّي‌ مَاتَ. [33]

 ونقل‌ سُلَيم‌ بن‌ قيس‌ الهلإلی‌ّ أُموراً عن‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ قبل‌ واقعة‌ صفّين‌، منها: إنَّ العَجَبَ كُلَّ العَجَبِ مِنْ جُهَّالِ هَذِهِ الاُمَّةِ وَضُلاَّلِهَا وَقَادَتِهَا وَسَاقَتِهَا إلی‌ النَّارِ إنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ يَقُولُ عَوْدَاً وَبَدْءَاً: مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ رَجُلاً قَطُّ أَمْرَهَا وَفِيهِمْ أَعْلَمُ مِنْهُ إلاَّ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفَالاً حَتَّي‌ يَرْجِعُوا إلی‌ مَا تَرَكُوا.

 فَوَلَّوا أَمْرَهُمْ قَبْلِي‌ ثَلاَثَةَ رَهْطٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ جَمَعَ القُرْآنَ، وَلاَيَدَّعِي‌ أَنَّ لَهُ عِلْمَاً بِكِتَابِ اللَهِ وَلاَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَقَدْ عَلِمُوا أَنـِّي‌ أَعْلَمُهُمْ بِكَتَابِ اللَهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَأَفْقَهُهُمْ لِكِتَابِاللَهِ وَأَقَْضَاهُمْ بِحُكْمِ اللَهِـ إلی‌ آخره‌. [34]

 أجل‌، إنّنا لم‌ نجد في‌ آية‌ أو خبر عن‌ رسول‌ الله‌ أو في‌ سيرة‌ عقلائيّة‌ أنَّ حداثة‌ سنّ إنسان‌ في‌ الثالثة‌ والثلاثين‌ من‌ عمره‌ تحول‌ دون‌ الحكومة‌، وهي‌ التي‌ حملت‌ القوم‌ علی‌ إبعاده‌ عن‌ بيت‌ النبوّة‌ وهجره‌. وأنَّ معيار الإمامة‌ هو العلم‌ والتقوي‌ والبصيرة‌ والدراية‌ والمعرفة‌ بكتاب‌ الله‌ وسنّة‌ نبيّه‌ والنصوص‌ التي‌ منحت‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ الصدارة‌ والوزارة‌ والإمامة‌ والخلافة‌. وَإنَّهُ بِذَلِكَ لَخَلِيقٌ وَبِهِ حَقِيقٌ . صلّي‌ الله‌ علیك‌ ياأباالحسن‌ ورحمة‌ الله‌ وبركاته‌.

أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ متحمّس‌ لهداية‌ الناس‌ كرسول‌ الله‌

 وأمّا المؤاخذة‌ الاُخري‌ التي‌ سجّلوها علی‌ الإمام‌ فهي‌ أنـّه‌ يريد الإمامة‌ والحكومة‌. وتلاحظ‌ هذه‌ المؤاخذة‌ في‌ كلام‌ عمر أيضاً. فعندما طعنه‌ أبو لؤلؤة‌ بخنجره‌، ودنا أجله‌، طلبوا منه‌ أن‌ يستخلف‌، فعيّن‌ شوري‌ تتأ لّف‌ من‌ ستّة‌ أشخاص‌ وطلب‌ منهم‌ أن‌ يختاروا من‌ بينهم‌ أحداً للخلافة‌. وهؤلاء الستّة‌ هم‌: علی‌ُّ بْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانٍ، طَلْحَةُبْنُ عُبَيْداللَهِ، الزُّبَيْرُبْنُ العَوَّامِ، سَعْدُ بْنُ أَبِي‌ وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِبْنُ عَوْفٍ.

 ثمّ طلبوا منه‌ أن‌ يبدي‌ رأيه‌ فيهم‌ حتّي‌ يعرفوا منزلتهم‌ ويفيدوا من‌ رأيه‌ في‌ هذا المجال‌ فيتّبعوه‌.

 وكان‌ هؤلاء الستّة‌ حاضرين‌ في‌ المجلس‌ إلاّ طلحة‌ . فذكر عمر سبب‌ عدم‌تعيين‌ أحد منهم‌ بالتخصيص‌، وقال‌: واللَهِ مَا يَمْنَعَنِي‌ مِنْكَ أَنْ أَسْتَخْلِفَكَ يَا سَعْدُ إلاَّ شِدَّتُكَ وَغِلْظَتُكَ مَعَ أَنـَّكَ رَجُلٌ حَرْبٌ . وَمَا يَمْنَعَنِي‌ مِنْكَ يَاعَبْدَالرَّحْمَنِ إلاَّ أَنـَّكَ فِرْعَوْنُ هَذِهِ الاُمَّةِ . وَمَا يَمْنَعَنِي‌ مِنْكَ يَازُبَيْرُ إلاَّ أَنـَّكَ مُؤْمِنُ الرِّضَا كَافِرُ الغَضَبِ . وَمَا يَمْنَعَنِي‌ مِنْ طَلْحَةَ إلاَّ نَخْوَتُهُ وَكِبْرُهُ، وَلَوْ وَلِيَهَا وَضَعَ خَاتَمَهُ فِي‌ إصْبَعِ امْرَأَتِهِ، وَمَا يَمْنَعَنِي‌ مِنْكَ يَاعُثْمَانُ إلاَّ عَصَبِيَّتُكَ وَحُبُّكَ قَوْمَكَ وَأَهْلَكَ، وَمَا يَمْنَعَنِي‌ مِنْكَ يَا علی‌ُّ إلاَّ حِرْصُكَ علیهَا، وَأَنـَّكَ أَحْرَي‌ القَوْمِ إنْ وَلِتَهَا أَنْ تُقِيمَ علی‌ الحَقِّ المُبِينِ وَالصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ. [35]

 نلحظ‌ في‌ كلام‌ عمر أنـّه‌ ذكر لكلّ واحد من‌ هؤلاء صفة‌ مذمومة‌ إلاّ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ . والحقّ هو أنَّ الرئيس‌ ينبغي‌ أن‌ يكون‌ منزّهاً من‌ هذه‌ الصفات‌. أمّا أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ فإنَّه‌ يقرّ بأحقّيّته‌ وأولويّته‌ وجدارته‌ في‌ هداية‌ الناس‌ إلی‌ الصراط‌ المستقيم‌ والحقّ المبين‌، غير أنـّه‌ يراه‌ ـبزعمه‌ـ حريصاً علی‌ الإمارة‌، بيد أنـّنا نسأل‌: هل‌ هذا الحرص‌ مذموم‌ كما خيّل‌ إلی‌ عمر، أو ممدوح‌ كما سنبيّنه‌ ؟ فالموضوع‌ جدير بالبحث‌ والدراسة‌. وتوضيحاً لهذه‌ الحقيقة‌ نقول‌: إنَّ الحرص‌ علی‌ الرئاسة‌، وبعامّة‌ حبّ الرئاسة‌ علی‌ ضربين‌:

 الاوّل‌: اتّخاذ الرئاسة‌ هدفاً، والسعي‌ إلی‌ بلوغها حبّاً للتحكّم‌ في‌ الناس‌ والتسلّط‌ علی‌ الضعفاء لا غير، بحيث‌ إنَّ الإنسان‌ يحلو له‌ أن‌ تكون‌ أوامره‌ ونواهيه‌ نافذة‌، وكلامه‌ مطاعاً، ويكون‌ بعض‌ الناس‌ عبيداً له‌، فيشعر بالسرور من‌ أجل‌ ذلك‌ . ويغترّ ويتباهي‌ عندما يشاهد أنصاراً يلتفّون‌ حوله‌. ويري‌ أنَّ فقد هذه‌ الرئاسة‌ يمثّل‌ ضعفاً ونقصاً.

 هذا الضرب‌ من‌ الرئاسة‌ ناتج‌ عن‌ الحسّ الاستكباري‌ّ وحبّ الجاه‌ ممّا يسفر عن‌ الحجاب‌ بين‌ العبد وربّه‌، ويبعث‌ علی‌ بروز القوّة‌ الفرعونيّة‌، والتغافل‌ عن‌ مبدأ واجب‌ الوجود، وظهور الظلم‌ والعدوان‌؛ سواء ظلم‌ الناس‌، أو ظلم‌ النفس‌ التي‌ يحملها صاحب‌ هذه‌ القوّة‌ . وبعبارة‌ واضحة‌: خروج‌ من‌ القيم‌ الإنسانيّة‌، وتعدّي‌ حدود الله‌ التي‌ عيّنها لكلّ شخص‌.

 الثاني‌: اتّخاذها وسيلة‌ للنظر في‌ أُمور العباد، وإقامة‌ الحقّ ودفع‌ الباطل‌، وترسيخ‌ أحكام‌ الله‌ بين‌ الناس‌، وبسط‌ العدل‌ في‌ ربوع‌ الارض‌، وإغاثة‌ المظلومين‌، وقمع‌ الظالمين‌ والمعتدين‌، وتطهير الارض‌ من‌ الفحشاء والمنكر، وفسح‌ المجال‌ للناس‌ كي‌ ينعموا بالحرّيّات‌ التي‌ يرضاها الله‌، وعبادة‌ الله‌ عبادة‌ خالصة‌ لذاته‌ المقدّسة‌ تعإلی‌ شأنه‌، وتمتّع‌ عامّة‌ الناس‌ بالمواهب‌ الإلهيّة‌: المادّيّة‌ والروحيّة‌، الدنيويّة‌ والاُخرويّة‌، الظاهريّة‌ والباطنيّة‌، بحيث‌ إنَّهم‌ يعيشون‌ منعّمين‌ تحت‌ راية‌ العدل‌ والتوحيد، وفي‌ ظلّ الهدوء والسكينة‌ والطمأنينة‌، وهم‌ يقضون‌ أعمارهم‌ التي‌ تمثّل‌ أفضل‌ تحفة‌ إلهيّة‌، ثمّ ينتقلون‌ من‌ هذه‌ الدار الفانية‌ إلی‌ تلك‌ الدار الباقية‌ وهم‌ مسرورون‌ بتحقّق‌ طموحاتهم‌.

 وهذا الضرب‌ من‌ حبّ الرئاسة‌ ـعندما لا يتوفّر أفضل‌ من‌ الإنسان‌، ينظر في‌ أُمور الناس‌، ويقوم‌ بهذه‌ الاُمور علی‌ أحسن‌ وجه‌ـ حسن‌ ومحمود، بل‌ هو من‌ الصفات‌ الحميدة‌ والطباع‌ الفطريّة‌ التي‌ وهبها الله‌، ويبعث‌ علی‌ الكمال‌، ويرفع‌ الإنسان‌ من‌ حضيض‌ المادّة‌ إلی‌ عالم‌ التجرّد والملكوت‌. ذلك‌ أنَّ شرط‌ هذه‌ الرئاسة‌، التحرّر من‌ هوي‌ النفس‌، والاتّصاف‌ بالصفات‌ والاسماء الإلهيّة‌.

 وهذا الضرب‌ يماثل‌ صفة‌ الرحمة‌ التي‌ أودعها الله‌ في‌ الاب‌ تماماً، فيسعي‌ في‌ تربية‌ ابنه‌، ويبذل‌ قصاري‌ جهده‌ في‌ سبيل‌ حفظه‌ من‌ الآفات‌ والعاهات‌، ولا يضنّ علیه‌ بمساعيه‌ الجميلة‌ بغية‌ تنميته‌ وترقيته‌. وإذا لم‌يمارس‌ مثل‌ هذه‌ الرئاسة‌ بحقّه‌، وبالتإلی‌ يهمل‌ ولده‌ ولا يعتني‌ به‌، فإنَّه‌ يجني‌ علیه‌ بتعريضه‌ للامراض‌، والهلاك‌، والنقص‌ العلمي‌ّ والروحي‌ّ، ونضوب‌ القيم‌ الإنسانيّة‌ الرفيعة‌ . ويكون‌ مسؤولاً ومؤاخذاً علی‌ ذلك‌ في‌ حساب‌ العقل‌ والضمير من‌ جهة‌، وحساب‌ العقلاء من‌ جهة‌ أُخري‌، وحساب‌ الشرع‌ من‌ جهة‌ ثالثة‌ .

 فالإمامة‌ والرئاسة‌ علی‌ الناس‌ إذا مارسها إنسان‌ كفوء قد عبر من‌ هوي‌ النفس‌. والجزئيّة‌ والتحق‌ بالكلّيّة‌، فهي‌ علی‌ هذه‌ الشاكلة‌ . إذ إنَّ الرئيس‌ بهذه‌ المواصفات‌ أب‌ للاُمّة‌ . وهو مديرها ومربّيها والمشرف‌ علی‌ شؤونها، والمتحمّس‌ من‌ أجل‌ مصلحة‌ أفرادها جميعهم‌، لا يخلد إلی‌ الراحة‌ لحظة‌ واحدة‌، ولايغفل‌ عن‌ تدبير شؤون‌ الناس‌ آناً واحداً .

 وهو يري‌ أنَّ الإمامة‌ والرئاسة‌ مهمّة‌ وجدانيّة‌ وعقليّة‌ وشرعيّة‌، فيسعي‌ إلی‌ بلوغها، ولا يقرّ له‌ قرار، ولا يمكن‌ أن‌ يقرّ له‌ قرار إلاّ بتحقيق‌ ذلك‌.

 وكان‌ نبيّنا الاكرم‌، وأمير المؤمنين‌ علیهما الصلاة‌ والسلام‌ أبَوَي‌ هذه‌ الاُمّة‌. أَنَا وَعلی‌ٌّ أَبَوَا هَذِهِ الاُمَّةِ . وكما أنَّ الرسول‌ الاعظم‌ كان‌ بنصّ القرآن‌ الكريم‌ حريصاً علی‌ هداية‌ الناس‌ وإرشادهم‌ إلی‌ التوحيد حريصاً علی‌ إقرار العدل‌ بين‌ الناس‌، فكذلك‌ صنوه‌ ونظيره‌ ووزيره‌ وأخوه‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌. فليس‌ له‌ أن‌ يخلد إلی‌ الدعة‌ والسكون‌، تاركاً حبلها علی‌ غاربها.

 

ارجاعات


[1] ـ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1 ، ص‌ 539 . 

[2] ـ الآية‌ 74 ، من‌ السورة‌ 9 : التوبة‌ . 

[3] ـ « مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1 ، ص‌ 539 . 

[4] ـ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1 ، ص‌ 539 . 

[5] ـ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1 ، ص‌ 539 . 

[6] ـ «ذخائر العقبي‌» ص‌ 67 . 

[7] ـ «ذخائر العقبي‌» ص‌ 68 . 

[8] ـ «ذخائر العقبي‌» ص‌ 68 . 

[9] ـ «أُسد الغابة‌» ج‌ 4 ، ص‌ 28 . 

[10] ـ جاء في‌ نسخة‌ الكتاب‌ «مولائي‌» بالالف‌ الممدودة‌ . وهذا سهو لانَّ مَوْلَي‌ علي‌ وزن‌ مَفْعَل‌ بالالف‌ المقصورة‌ . 

[11] ـ «حبيب‌ السير» ج‌ 1 ، ص‌ 411 ، طبعة‌ حيدري‌ . 

[12] ـ «روضة‌ الصفا» ج‌ 2 ، الطبعة‌ الحجريّة‌ ، وقائع‌ السنة‌ العاشرة‌ من‌ الهجرة‌. 

[13] ـ «الغدير» ج‌ 1 ، ص‌ 272 إلي‌ 283 . 

[14] ـ «تفسير المنار» الشيخ‌ محمّد عبده‌ ، ج‌ 6 ، ص‌ 465 و 466 . وهذه‌ الفقرة‌ جزء من‌ الآية‌ 1 ، من‌ السورة‌ 59 : الحشر . 

[15] ـ «الاءمامة‌ والسياسة‌» ص‌ 12 و 13 ، طبعة‌ مصر ، سنة‌ 1328 ه . يقول‌ أحمد أمين‌ المصري‌ّ في‌ الجزء الاوّل‌ من‌ «ضحي‌ الاءسلام‌» ص‌ 402 : ابن‌ قتيبة‌ : أبو محمّد عبدالله‌بن‌ مسلم‌. أصله‌ فارسي‌ّ من‌ مرو . تربّي‌ في‌ بغداد وتولّي‌ فيها القضاء . وبعد ذلك‌ تولاّه‌ بدينور فنسب‌ إليها، ثمّ كان‌ معلّماً ببغداد . وعاش‌ من‌ سنة‌ 213 ه إلي‌ سنة‌ 276 ه. 

[16] ـ «أُسد الغابة‌» ج‌ 1 ، ص‌ 195 . 

[17] ـ «الاءمامة‌ والسياسة‌» ص‌ 12 . 

[18] ـ فرائد السمطين‌» للحمّوئي‌ّ ، ج‌ 1 ، ص‌ 145 ، الباب‌ 27 ، الحديث‌ 109 ، والحديث‌ 110 ، الباب‌ 28 ، ص‌ 147 . 

[19] - نفس المصدر.

[20] ـ «حلية‌ الاولياء» ج‌ 1 ، ص‌ 64 عن‌ محمّد بن‌ عمر بن‌ غالب‌ ، عن‌ محمّدبن‌ أحمدبن‌ أبي‌ خيثمة‌ ، عن‌ عبّاد بن‌ يعقوب‌ ، عن‌ موسي‌ بن‌ عثمان‌ الحضرمي‌ّ، عن‌ الاعمش‌، عن‌ مجاهد، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ ، عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ . وجاء في‌ «تاريخ‌ ابن‌ عساكر» ج‌ 2 ، ص‌ 428 إلي‌ 430 خمس‌ روايات‌ بأسناد مختلفة‌ تحمل‌ هذا المضمون‌ ، أو ما يماثله‌.

 وقال‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ «المناقب‌» ، ج‌ 1 ، ص‌ 546 : روي‌ جماعة‌ من‌ الثقات‌ عن‌ الاعمش‌، عن‌ عباية‌ الاسدي‌ّ ، عن‌ علي‌ّ [ بن‌ أبي‌ طالب‌ ، ورووا أيضاً عن‌ [ الليث‌، عن‌ مجاهد والسدّي‌ّ، عن‌ أبي‌ مالك‌ ؛ وابن‌ أبي‌ ليلي‌ ، عن‌ داود بن‌ علي‌ّ ، عن‌ أبيه‌ ، وابن‌ جريح‌ عن‌ عطاء وعكرمة‌ وسعيد بن‌ جبير ، كلّهم‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ ؛ وروي‌ العوّام‌ بن‌ حوشب‌ عن‌ مجاهد؛ وروي‌ الاعمش‌، عن‌ زيد بن‌ وهب‌ ، عن‌ حذيفة‌ ، كلّهم‌ عن‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أنـّه‌ قال‌:

 مَا أَنْزَلَ اللَهُ تَعَالَي‌ آيَةً فِي‌ القُرْآنِ فِيهَا «يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا» إلاَّ وَعَلِي‌ٌّ أَمِيرُهَا وَشَرِيفُهَا . وفي‌ رواية‌ حذيفة‌ : إلاَّ كَانَ لِعَلِي‌ِّ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ لُبُّهَا وَلُبَابُهَا . وفي‌ روايات‌ : إلاَّ وَعَلِي‌ٌّ رَأْسُهَا وَأَمِيرُهَا . وفي‌ رواية‌ يوسف‌ بن‌ موسي‌ القطّان‌ ووكيع‌ بن‌ الجرّاح‌ : أَمِيرُهَا وَشَرِيفُهَا . وفي‌ رواية‌ إبراهيم‌ الثقفي‌ّ وأحمد بن‌ حنبل‌ وابن‌ بطّة‌ العكبري‌ّ عن‌ عكرمة‌ ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌: إلاَّ وَعَلِي‌ٌّ رَأْسُهَا وَشَرِيفُهَا وَأَمِيرُهَا . وفي‌ صحيفة‌ الرضا عليه‌ السلام‌ : ليس‌ في‌ القرآن‌ «يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا» إلاّ في‌ حقّنا ، ولا في‌ التوراة‌ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ» إلاّ فينا . 

[21] ـ «فرائد السمطين‌» ج‌ 1 ، ص‌ 157 ، الباب‌ 32 ، الحديث‌ 119 ؛ و«غاية‌ المرام‌» القسم‌ الاوّل‌، ص‌ 17 ، الحديث‌ السابع‌ . ونقل‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ «المناقب‌» ج‌ 1 ، ص‌ 548 و 549 أنَّ الخطيب‌ البغدادي‌ّ ذكر هذه‌ القضيّة‌ في‌ ثلاثة‌ مواضع‌ من‌ «تاريخ‌ بغداد». 

[22] ـ «مناقب‌ الخوارزمي‌ّ» ص‌ 111 ، الفصل‌ الثاني‌ ، قتال‌ أهل‌ الجمل‌ ، طبعة‌ النجف‌؛ و«غاية‌ المرام‌» القسم‌ الاوّل‌ ، ص‌ 21 و 22 ، الحديث‌ 42 . 

[23] ـ كتاب‌ «الاءمام‌ المهاجر» تأليف‌ محمّد ضياء شهاب‌ ، وعبد الله‌ بن‌ نوح‌ . وهو مؤلّف‌ في‌ ترجمة‌ أحمد بن‌ عيسي‌ بن‌ محمّد بن‌ علي‌ّ العريضي‌ّ بن‌ الاءمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌.ص‌ 154 . 

[24] ـ «حلية‌ الاولياء» ج‌ 1 ، ص‌ 65 . 

[25] ـ قال‌ ابن‌ الاثير الجزري‌ّ في‌ «الكامل‌ في‌ التايخ‌» ج‌ 2 ، ص‌ 317 ، طبعة‌ بيروت‌، سنة‌ 1385 ه: في‌ المحرّم‌ من‌ السنة‌ الحادية‌ عشرة‌ ضرب‌ النبي‌ّ بعثاً إلي‌ الشام‌ وأميرهم‌ أُسامة‌بن‌ زيد، وهو ابن‌ زيد مولاه‌ . وأمره‌ أن‌ يوطي‌ الخيل‌ تخوم‌ البلقاء والداروم‌ من‌ أرض‌ فلسطين‌. فتكلّم‌ المنافقون‌ في‌ إمارته‌ وقالوا : أمّر غلاماً علي‌ جلّة‌ المهاجرين‌ والانصار . فقال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ : إنْ تَطْعَنُوا فِي‌ إمَارَتِهِ فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي‌ إمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ ، وَإنَّهُ لَخَلِيقٌ لِلاءمَارَةِ، وَكَانَ أَبُوهُ خَلِيقَاً لَهَا . وَأَوْعَبَ مَعَ أُسَامَةَ المُهَاجِرُونَ الاَوَّلُونَ ، مِنْهُمْ : أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ. 

[26] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد ، ج‌ 17 ، ص‌ 183 ؛ و«الكامل‌ في‌ التاريخ‌» لابن‌ الاثير ، ج‌ 2 ، ص‌ 35 . 

[27] ـ «تاريخ‌ دمشق‌» لابن‌ عساكر ، ج‌ 2 ، ص‌ 464 إلي‌ 480 . نقل‌ المؤلّف‌ روايات‌ جمّة‌ بهذا المضمون‌ . 

[28] ـ «تاريخ‌ دمشق‌» ج‌ 2 ، ص‌ 459 . 

[29] ـ «تاريخ‌ دمشق‌» ج‌ 2 ، ص‌ 457 . 

[30] ـ «مجالس‌ المؤمنين‌» ص‌ 287 ، في‌ الربع‌ الاخير من‌ الصفحة‌ .

 يقول‌ : «لا جرم‌ أنَّ من‌ الخطأ إطلاق‌ اسم‌ الله‌ علي‌ الآلهة‌ (الاوثان‌) كما أنَّ من‌ الخطأ إطلاق‌ لقب‌ أمير المؤمنين‌ علي‌ غيرك‌ يا علي‌ّ» . 

[31] ـ «تاريخ‌ دمشق‌» ج‌ 2 ، ص‌ 259 و 260 . 

[32] ـ الآية‌ 54 ، من‌ السورة‌ 4 : النساء . 

[33] ـ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1 ، ص‌ 456 و 457 ؛ و«غاية‌ المرام‌» القسم‌ الاوّل‌ ، ص‌ 40 .

كلّ أُمّة‌ تفوّض‌ غير الاعلم‌ أمرها ، تسير نحو التداعي‌ والتهاوي‌ (ت)

 [34] ـ «كتاب‌ سليم‌ بن‌ قيس‌» ص‌ 148 . وسنذكر في‌ الدرس‌ 116 أنَّ من‌ احتجاجات‌ سلمان‌ علي‌ أبي‌ بكر قوله‌ له‌ : كيف‌ تقوم‌ بالامر وفي‌ الاُمّة‌ من‌ هو أعلم‌ ؟! وما عذرك‌ في‌ التقدّم‌؟! ويمكن‌ الاستدلال‌ بهذه‌ الاخبار وأمثالها علي‌ وجوب‌ حكومة‌ الاعلم‌ وتقليد الاعلم‌. وكذلك‌ وردت‌ هذه‌ الحقيقة‌ في‌ خطبة‌ الاءمام‌ الحسن‌ عليه‌ السلام‌ في‌ مجلس‌ معاوية‌. «أمالي‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ» ج‌ 2 ، ص‌ 172 ؛ و«غاية‌ المرام‌» ص‌ 298 ، الحديثان‌ 26 و 27 .

 وجاء في‌ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1 ، ص‌ 547 و 548 عن‌ ابن‌ عبّاس‌ [ أنـّه‌ قال‌: [ قال‌ علي‌ّ عليه‌ السلام‌ : السلام‌ عليك‌ يا رسول‌ الله‌ ! فقال‌ [ رسول‌ الله‌ [ : وعليك‌ السلام‌ ياأميرالمؤمنين‌ ورحمة‌ الله‌ وبركاته‌ ! فقال‌ علي‌ّ : يا رسول‌ الله‌ أنت‌ حي‌ّ وتسمّيني‌ أميرالمؤمنين‌! قال‌ : نعم‌ ! إنَّما سمّاك‌ جبرئيل‌ من‌ عند الله‌ وأنا حي‌ّ . يا علي‌ّ مررت‌ بنا أمس‌ وأنا وجبرئيل‌ في‌ حديث‌ فلم‌ تسلّم‌ علينا ! فقال‌ جبرئيل‌ : ما بال‌ أمير المؤمنين‌ لم‌يسلّم‌ علينا؟ أما والله‌ لو سلّم‌ لسررنا ولرددنا عليه‌.

 ولم‌ يجوّز أصحابنا أن‌ يطلق‌ هذا اللفظ‌ لغيره‌ من‌ الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌. وقال‌ رجل‌ للاءمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ : يا أمير المؤمنين‌ ! فقال‌ له‌ الاءمام‌ : صه‌ ! ما رضي‌ أحد بهذا اللقب‌ إلاّ وابتلي‌ ببلاء أبي‌ جهل‌ـ انتهي‌.

 وفي‌ «تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 4 ، ص‌ 208 ، طبعة‌ دار المعارف‌ بمصر ، أنَّ أبا جعفر قال‌: أوّل‌ من‌ دُعي‌ أميرالمؤمنين‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ . ثمّ جرت‌ بذلك‌ السنّة‌ . واستعمله‌ الخلفاء إلي‌ ï ïاليوم‌.

 حدّثني‌ أحمد بن‌ عبد الصمد الانصاري‌ّ عن‌ أُمّ عمرو : بنت‌ حسّان‌ الكوفيّة‌ عن‌ أبيها قال‌: لمّا وُلِّي‌ عمر قيل‌ : يا خليفةَ خليفةِ رسول‌ الله‌ ! فقال‌ عمر رضي‌ الله‌ عنه‌ : هذا أمر يطول‌ كلّما جاء خليفة‌ قالوا : يا خليفةَ خليفةِ خليفةِ رسول‌ الله‌ ! بل‌ أنتم‌ المؤمنون‌ وأنا أميركم‌. فسُمّي‌: أمير المؤمنين‌. 

[35] ـ « الاءمامة‌ والسياسة‌ » لابن‌ قتيبة‌ الدينـوري‌ّ ، ص‌ 23 و 24 ، طبعة‌ مصر، سـنة‌ 1328 ه.

      
  
الفهرس
  الدرس‌ السادس‌ بعد المائة‌ إلی‌ التاسع‌ بعد المائة‌في‌ تفسير الآية‌: إلیومَ ...
  أشعار الطاهر والحميري‌ّ في‌ الآية‌: إلیومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
  روايات‌ الخطيب‌ البغدادي‌ّ وابن‌ عساكر وابن‌ مردويه‌ في‌ آيه‌ إكمال‌ الدين‌
  روايات‌ ابن‌ المغازلي‌ّ والحمّوئي‌ّ في‌ آية‌ إكمال‌ الدين‌
  روايات‌ سبط‌ بن‌ الجوزي‌ّ والسيّد الرضي‌ّ في‌ آية‌ إكمال‌ الدين‌ و ...
  عمل‌ الناس‌ بأربع‌، وتركوا الولاية‌
  العامّة‌ يقولون‌ غالباً: نزلت‌ آية‌ إكمال‌ الدين‌ في‌ يوم‌ عرفة‌
  عدم‌ نزول‌ آية‌ الإكمال‌ في‌ يوم‌ عرفة‌
  عرض‌ تفصيلي‌ّ حول‌ نزول‌ آية‌ الإكمال‌
  ما هو المراد بإلیوم‌ في‌ آية‌ الإكمال‌ ؟
  استنباط‌ معني‌ إلیوم‌ من‌ الآية‌ نفسها إلیومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
  المراد من‌ خشية‌ الله‌، الخوف‌ في‌ مقام‌ الولاية‌
  الفرق‌ بين‌ الكمال‌ والتمام‌ في‌ كمال‌ الدين‌ وتمام‌ النعمة‌
  المراد من‌ النعمة‌ الولاية‌
  آية‌ إكمال‌ الدين‌ من‌ مصادق‌ الآية‌: وَعَدَ اللَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ
  المراد من‌ إلیوم‌ في‌ آية‌ الإكمال‌ يوم‌ الغدير
  يمكن‌ أن‌ يكون‌ نزول‌ آية‌ الولاية‌ في‌ يوم‌ عرفة‌، وتبليغها يوم‌ الغدير
  قول‌ إلیهود: لو كانت‌ آية‌ الإكمال‌ نازلة‌ علینا لاتّخذنا ذلك‌ إلیوم‌ عيداً
  كمال‌ الدين‌ وتمام‌ النعمة‌ سنّة‌ قائمة‌ لا تزول‌
  وقوع‌ آية‌ الإكمال‌ بين‌ آيات‌ محرّمات‌ الطعام‌ شي‌ء عجيب‌
  قصيدة‌ الملاّ علی‌ الخوئي‌ّ في‌ وصف‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌
  أبيات‌ لابي‌ بكر القريعي‌ّ
  الدرس‌ العاشر بعد المائة‌ إلی‌ الخامس‌ عشر بعد المائة‌ :التقديم‌ بين‌ يدي‌ الله‌ هو التخلّف‌ نفسه‌
  حوار بين‌ شيعي‌ّ وسنّي‌ّ حول‌ لزوم‌ الخلافة‌
  استعراض‌ تهنئة‌ الشيخين‌ في‌ كتاب‌ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌
  أبيات‌ السيّد الحميري‌ّ في‌ تهنئة‌ الشيخين
  الروايات‌ الواردة‌ حول‌ عدم‌ رسوخ‌ الولاية‌ في‌ نفوس‌ شيوخ‌ قريش‌
  كلام‌ معارضي‌ الولاية‌ في‌ عصر رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌
  أبيات‌ البشنوي‌ّ في‌ كلام‌ المعارضين‌ الذين‌ قالوا لا نسلّم‌ الإمامة‌ لعلی‌ّ
  أعيان‌ من‌ علماء العامّة‌ ذكروا تهنئة‌ الشيخين‌
  كلام‌ صاحب‌ تفسير «المنار» في‌ أنَّ العامّة‌ يعتقدون‌ بالولاية‌
  التصويت‌ السرّي‌ّ المموّه‌ بالخداع‌ في‌ السقيفة‌
  إقصاء أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ عن‌ الخلافة‌ بسبب‌ حداثة‌ السنّ
  تفنيد الإشكال‌ المثار حول‌ حداثة‌ سنّ الإمام‌ علیه‌ السلام‌
  >>نصّ رسول‌ الله‌ علی‌ إمارة‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ للمؤمنين‌
  أمير المؤمنين‌ لقب‌ خاصّ للإمام‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌
  أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ متحمّس‌ لهداية‌ الناس‌ كرسول‌ الله‌
  النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ حريصاً علی‌ هداية‌ الناس‌
  كلام‌ أمير المؤمنين‌ للعبّاس‌ وأبي‌ سفيان‌ بعد وفاة‌ رسول‌ الله‌
  الخطبة‌ الشقشقيّة‌ التي‌ ألقاها أمير المؤمنين‌ في‌ أيّام‌ خلافته‌
  كلام‌ عمر حول‌ لزوم‌ الجمع‌ بين‌ النبوّة‌ والخلافة‌ في‌ بيت‌ واحد
  جواب‌ ابن‌ عبّاس‌ الصارم‌ لعمر حول‌ عدم‌ الجمع‌ بين‌ النبوّة‌ والخلافة‌
  قصد عمر من‌ نسبة‌ الهجر إلی‌ رسول‌ الله‌ إثارة‌ اللغط‌ والضجيج‌
  اعتراف‌ عمر بأحقّيّة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ للخلافة‌
  الخلفاء المنتخبون‌ بعد رسول‌ الله‌ مدانون‌ في‌ محكمة‌ التأريخ‌
  بطلان‌ لزوم‌ عدم‌ الجمع‌ بين‌ النبوّة‌ والخلافة‌ في‌ بيت‌ واحد عقلاً
  قيام‌ الإجماع‌ علی‌ عدم‌ التنافي‌ بين‌ النبوّة‌ والخلافة‌ في‌ بيت‌ واحد
  فصل‌ النبوّة‌ عن‌ الخلافة‌ والإمارة‌ هو فصلها عن‌ السياسة‌
  فصل‌ الدين‌ عن‌ السياسة‌ يتعارض‌ مع‌ ضرورة‌ الإسلام ‌
  اصطلاح‌ الروحاني‌ّ والروحانيّة‌ اصطلاح‌ كَنَسي‌ّ وليس‌ إسلاميّاً
  قصّة‌ أبي‌ بكر وكيفيّة‌ أخذ البيعة‌، وإقصاء أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌
  لقاء أبي‌ بكر وعمر مع‌ العبّاس‌ ووعدهما إيّاه‌ بحصّة‌ من‌ الخلافة‌
  الدرسان‌ السادس‌ عشر والسابع‌ عشر بعد المائة‌ :أمير المؤمنين‌ ...
  في‌ تفسير: ال´م‌´ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن‌ ... باختبار الناس‌ في‌ أمير المؤمنين‌
  قيام‌ الصحابة‌ الكرام‌ في‌ مسجد رسول‌ الله‌ واحتجاجهم‌ علی‌ أبي‌ بكر
  احتجاج‌ خالد بن‌ سعيد بن‌ العاص‌ علی‌ أبي‌ بكر بسوابق‌ أمير المؤمنين‌
  احتجاج‌ أبي‌ ذرّ الغفاري‌ّ في‌ مسجد النبي‌ّ علی‌ أبي‌ بكر وأعوانه‌
  احتجاج‌ عمّار بن‌ ياسر وقيس‌ بن‌ سعد في‌ المسجد علی‌ أبي‌ بكر
  احتجاج‌ سهل‌ بن‌ حُنيف‌ وابن‌ التيّهان‌ في‌ المسجد علی‌ أبي‌ بكر
  احتجاج‌ أبي‌ أيّوب‌ الانصاري‌ّ في‌ المسجد علی‌ أبي‌ بكر
  عدم‌ الإذن‌ بالقيام‌ بالسيف‌ بعد وفاة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌
  إطلاق‌ حزب‌ علی‌ّ عنوان‌ الغاصب‌ علی‌ أبي‌ بكر منذ إلیوم‌ الاوّل‌ لخلافته‌
  كلام‌ المسعودي‌ّ في‌ مناصرة‌ أعيان‌ الشيعة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌
  تأمير أُسامة‌ بن‌ زيد علی‌ أبي‌ بكر وعمر
  اعتراض‌ أُسامة‌ بن‌ زيد وأبي‌ قُحافة‌ علی‌ أبي‌ بكر في‌ الخلافة‌
  الدرس‌ الثامن‌ عشر بعد المائة‌ إلی‌ العشرين‌ بعد المائة‌ :في‌ المدينة‌ الفاضلة‌‌...‌
  إضفاء عمر الصبغة‌ الدينيّة‌ علی‌ بِدَعِه‌
  تخطيط‌ عمر في‌ الشوري‌ لخلافة‌ عثمان‌
  شروط‌ عمر التعجيزيّة‌ تحول‌ دون‌ خلافة‌ أمير المؤمنين‌
  كان‌ واضحاً منذ أيّام‌ عمر أنَّ عثمان‌ هو الخليفة‌ بعده‌
  تعزيز عمر موقع‌ بني‌ أُميّة‌ أمام‌ بني‌ هاشم‌
  إنذار معاوية‌ المهاجرين‌ توطيداً لعثمان‌
  تفريط‌ عمر بالإسلام من‌ أجل‌ عزّة‌ العرب‌
  ثقل‌ إمارة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ علی‌ عمر
  التخطيط‌ المسبق‌ للشوري‌ والحؤول‌ دون‌ خلافة‌ أمير المؤمنين‌
  الشوري‌ الخاضعة‌ لإشراف‌ عمر ليست‌ شوري‌ بل‌ هي‌ الاستبداد عينه‌
  حوار معاوية‌ مع‌ زياد بن‌ حصين‌ حول‌ اختلاف‌ المسلمين‌
  كلام‌ الغزّإلی‌ّ في‌ الغدير وانحراف‌ الخلفاء المنتخَبِين‌
  من‌ كبار الشيعة‌ والعامّة‌ الذين‌ يرون‌ أنَّ كتاب‌ «سرّ العالمين‌» للغزّإلی‌ّ
  ردّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ سنّة‌ الشيخين‌
  رسالة‌ عشرة‌ من‌ الصحابة‌ إلی‌ عثمان‌ حول‌ انتهاكاته‌
  خطبة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ حول‌ نسف‌ السنن‌ المخالفة‌
  قول‌ معاوية‌: لا يقرّ قراري‌ ما لم‌ أدفن‌ اسم‌ محمّد حتّي‌ لا يُصاح‌ به‌...
  نظرة‌ معاوية‌ إلی‌ نبوّة‌ رسول‌ الله‌ علی‌ أنـّها سلطة‌ حكوميّة‌
  نجدة‌ الإسلام بحركة‌ الإمام‌ الحسين‌ العمليّة‌ وحركة‌ الإمام‌ الباقر العلميّة‌

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی