معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > اعتقادات > معرفة‌ الإمام > معرفة الامام (المجلد الثامن)
کتاب معرفة الامام / المجلد الثامن/ القسم السادس: فصل الدین عن السیاسة خلاف ضرورة الاسلام، اصطلاح الروحانی غیرُ اسلامی، وعد الشیخین العباس بحصّة من الخلافة

قيام‌ الإجماع‌ علی‌ عدم‌ التنافي‌ بين‌ النبوّة‌ والخلافة‌ في‌ بيت‌ واحد

 وأمّا الإجماع‌: أي‌: اتّفاق‌ الاُمّة‌ الإسلام يّة‌ برمّتها علی‌ بطلان‌ قاعدة‌ لزوم‌ عدم‌الجمع‌ بين‌ النبوّة‌ والخلافة‌ في‌ بيت‌ واحد، فهو من‌ البديهيّات‌؛ ذلك‌ أنـّنا لم‌ نر في‌ كتب‌ السيرة‌ والتأريخ‌ منذ عصر صدر الإسلام إلی‌ يومنا هذا أنَّ أحداً قد أثار إشكالاً في‌ هذه‌ المسألة‌، أعني‌: عدم‌التنافي‌ والتضادّ بين‌ النبوّة‌ والخلافة‌، فيبطل‌ أحقّيّة‌ أئمّة‌ الدين‌ وقادة‌ المسلمين‌ علیهم‌ السلام‌ بعد رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ تعويلاً علی‌ التنافي‌ بين‌ هاتين‌ المسألتين‌، بل‌ إنّنا نستطيع‌ أن‌ نثبت‌ ـعند قرإتنا تأريخ‌ ما قبل‌ الإسلام ‌ـ أحقّيّة‌ الانبياء ورئاستهم‌ الدنيويّة‌ بالإجماع‌ علی‌ عدم‌التنافي‌. وبعامّة‌، يمكننا أن‌ نقول‌ كما قلنا في‌ الموضوع‌ الآنف‌ ( العقل‌ ) إنَّ هذا الإجماع‌ ثابت‌ علی‌ أساس‌ دليل‌ العقل‌، وإنَّ الانبياء الذين‌ بعثوا لإرشاد الناس‌ وهدايتهم‌ كانت‌ لهم‌ زعامة‌ الشؤون‌ المادّيّة‌ والخلافة‌ الدنيويّة‌ الإلهيّة‌ ؛ وإلاّ فلاأثر للنبوّة‌ في‌ تطوير الفرد أو المجتمع‌ ما لم‌ تكن‌ لها ولاية‌ وإمارة‌. ولقد أرسل‌الله‌ أنبياءه‌ ليقوم‌ الناس‌ بالقسط‌، ويحافظوا علی‌ ميزان‌ الحقوق‌ البشريّة‌ مقاماً علی‌ التقوي‌ والعدل‌ ؛ وهذا لا يعقل‌ بغير إمارة‌ ورئاسة‌. قال‌ تعإلی‌: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَـ'تِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَـ'بَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَـ'فِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَهُ مَن‌ يَنصُرُهُ و وَرُسُلَهُ و بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ. [1] أي‌: هم‌ أُولو قدرة‌ ويعتمدون‌ علی‌ أنفسهم‌.

 نلاحظ‌ هنا أنَّ الله‌ جعل‌ من‌ منافع‌ الحديد صنع‌ الاسلحة‌ التي‌ يقوي‌ بها المؤمنون‌ لينهضوا بها مع‌ أنبيائهم‌ في‌ مواجهة‌ المعارضين‌، ومعاقبة‌ المعتدين‌.

 وهل‌ يتيسّر للنبي‌ّ أن‌ يقاتل‌ وهو لا حقّ له‌ في‌ التدخّل‌ في‌ الشؤون‌ الدنيويّة‌، والامر والنهي‌ في‌ تنظيم‌ المجتمع‌ ؟!

 وَكَأَيِّن‌ مِّن‌ نَّبِيٍّ قَـ'تَلَ مَعَهُ و رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَهُ يُحِبُّ الصَّـ'بِرِينَ. [2]

 وقال‌ تعإلی‌: فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إِبْرَ ' هِيمَ الْكِتَـ'بَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَـ'هُمْ مُلْكًا عَظِيمًا. [3]

 وقال‌ جلّ من‌ قائل‌: فَهَزَمُوهُم‌ بِإِذْنِ اللَهِ وَقَتَلَ دَاوُ و دُ جَالُوتَ وَءَاتَـ'هُ اللَهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ و مِمَّا يَشآءُ. [4]

 وقال‌ جلّ شأنه‌: قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي‌ وَهَبْ لِي‌ مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي‌ لاِحَدٍ مِّن‌ بَعْدِي‌´ إَنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ. [5]

 نلاحظ‌ في‌ هذه‌ الآيات‌ أنَّ الله‌ جعل‌ للانبياء ولاية‌ علی‌ الناس‌ وفوّض‌ إلیهم‌ أُمورهم‌ . ونحن‌ لا نريد أن‌ نستدلّ بالآيات‌ علی‌ هذا الرأي‌، بل‌ إنَّ ما نريده‌ هو أن‌ نتّخذ من‌ هذه‌ الآيات‌ دليلاً علی‌ الإجماع‌، والتسليم‌ بعدم‌تنافر هذين‌ المنصبين‌ في‌ كلّ زمان‌ بما فيه‌ زمان‌ الانبياء.

 ومحصّلة‌ الكلام‌ أنـّه‌ يتعذّر إرسال‌ الرسل‌ ودعوة‌ المجتمع‌ بلاضمانة‌ تتكفّل‌ تطبيق‌ الخلافة‌ والرئاسة‌ الإلهيّة‌ ؛ وأنَّ جميع‌ الانبياء المرسلين‌ لإقرار النظام‌ الاجتماعي‌ّ والحؤول‌ دون‌ اعتداء المعتدين‌ كانت‌ لهم‌ ولاية‌ وخلافة‌.

فصل‌ النبوّة‌ عن‌ الخلافة‌ والإمارة‌ هو فصلها عن‌ السياسة‌

 وهل‌ يتسنّي‌ لاحد أن‌ يتصوّر انفصال‌ النبوّة‌ عن‌ الإمارة‌ والحكومة‌ في‌ ضوء منطق‌ الشريعة‌ الإسلام يّة‌ المقدّسة‌ ؟ والدين‌ الإسلام ي‌ّ هو الدين‌ الجامع‌ لكافّة‌ الجهات‌ والابعاد، وقوانينه‌ وأحكامه‌ كلّها تلبّي‌ حاجات‌ الإنسان‌ جميعها، المادّيّة‌ والروحيّة‌، الدنيويّة‌ والاُخرويّة‌، الظاهريّة‌ والباطنيّة‌، مضافاً إلی‌ أنـّها منسجمة‌ متوائمة‌ لا تعارض‌ ولا تناقض‌ بينها، بل‌ هي‌ في‌ ذروة‌ الانسجام‌ والتلإم‌ . والدين‌ يدعو إلی‌ المحافظة‌ علی‌ الدنيا، وتعرض‌ الدنيا نفسها بوصفها مقدّمة‌ الوصل‌ بالمعني‌ . والباطن‌ يحفظ‌ الظاهر. والظاهر آية‌ الباطن‌ ومرآته‌ . والامر واحد في‌ الحقيقة‌، بَيْدَ أنَّ له‌ ظهورات‌ مختلفة‌ بهذه‌ الدرجات‌ والمراتب‌ ؛ فلهذا، أنَّ الدعوة‌ إلی‌ عزل‌ العلماء عن‌ السياسة‌ التي‌ تعتبر أخطر حربة‌ يستخدمها الاستعمار الناهب‌ لإقصاء الاديان‌ السماويّة‌ عن‌ الحياة‌، وإبعاد الحقّ والعدل‌ والقسط‌ عن‌ مسرح‌ الوجود دعوة‌ ذميمة‌ تستمدّ وجودها من‌ كلام‌ عمر وتنتهل‌ منه‌.

 وهل‌ يمكن‌ أن‌ يكون‌ لفصل‌ الخلافة‌ عن‌ النبوّة‌ وعدم‌اجتماعهما في‌ بيت‌ واحد معني‌ آخر غير هذا ؟

 قال‌ عمر: النبوّة‌ لكم‌ يا بني‌ هاشم‌، وعميدكم‌ بعد النبي‌ّ: علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌، ولا يهمّنا هذا أبداً . والإلهامات‌ والحالات‌ والمعنويّات‌ والعلاقات‌ المُلكيّة‌ والملكوتيّة‌ كلّها لكم‌، ولا تخصّنا هذه‌ الاُمور أبداً، بل‌ هي‌ لكم‌ فبوركتم‌ بها؛ بَيْدَ أنَّ الإمارة‌ والحكومة‌ ليسا من‌ شأنكم‌. بل‌ من‌ شأن‌ غيربيت‌ النبوّة‌ لمن‌ هو أعرف‌ وأعلم‌ بكتاب‌ الله‌ وسنّة‌ نبيّه‌.

 ومع‌ أنَّ أهل‌ البيت‌ هم‌ أعرف‌ بالكتاب‌ والسنّة‌، إلاّ أنـّهم‌ لايَجْدوننا نفعاً. عندنا كتاب‌ الله‌ وهو حسبنا . وبه‌ ندير شؤوننا الظاهريّة‌ والاجتماعيّة‌. وإذا بدر خطأ من‌ الاخطاء، فليس‌ مهمّاً، وأهل‌ بيت‌ النبوّة‌ المتحقّقون‌ بحقيقة‌ القرآن‌ الذي‌ لاَ يَمَسُّهُ و´ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ، [6] والذي‌ جعلّهم‌ في‌ الاُفق‌ الاعلی‌ من‌ التوحيد، ونمير الشريعة‌، ومعدن‌ الاحكام‌، هم‌ لانفسهم‌ ولاتباعهم‌. ولاشغل‌ لنا بذلك‌ . بَيْدَ أنَّ الرئاسة‌ والتصرّف‌ وحركة‌ المجتمع‌ وسيره‌ نحو السلم‌ والحرب‌ والعلم‌ والجهل‌ وغيرها، كلّ ذلك‌ بأيدينا. وهذا أجلي‌ مظهر لفصل‌ الشؤون‌ المعنويّة‌ عن‌ الشؤون‌ السياسيّة‌.

 لقد طرح‌ عمر قضيّة‌ فصل‌ الخلافة‌ عن‌ بيت‌ النبوّة‌ المتمثّل‌ ببني‌ هاشم‌، وهي‌ لامير المؤمنين‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ بلامراء، وذلك‌ بذريعة‌ أنَّ قريش‌ لا تخضع‌ لبني‌ هاشم‌، وأنَّ بني‌ هاشم‌ لا حقّ لهم‌ بالرئاسة‌ علی‌ قريش‌. ونحن‌ لم‌ نجد أحداً يضرب‌ علی‌ هذا الوتر غير أبي‌ بكر وعمر. وقصده‌ من‌ قريش‌ شخصه‌ بالذات‌، لانـّه‌ من‌ قريش‌ وليس‌ من‌ بني‌ هاشم‌. ودأب‌ الرجال‌ الذين‌ يخالون‌ أنفسهم‌ كباراً أن‌ يعبّروا عن‌ مطالبهم‌ الشخصيّة‌ باسم‌ الشعب‌ أو الدولة‌ التي‌ يحكمونها، وإن‌ عارض‌ جميع‌ أفراد الشعب‌ تلك‌ المطالب‌ . ونحن‌ نقرأ أنَّ رئيس‌ الولايات‌ المتّحدة‌ الاميركيّة‌ يقول‌ مثلاً: لا تتنازل‌ واشنطن‌ عن‌ موقفها بسبب‌ التصريح‌ الفلاني‌. أو تقول‌ إلیزابيث‌ ملكة‌ انجلترا: هذا هو ما تريده‌ لندن‌، أو يقول‌ رئيس‌ الاتّحاد السوفيتي‌ [سابقاً ]: موسكو لها نفس‌ الرأي‌ . ذلك‌ أنَّ هؤلاء المستكبرين‌ يرون‌ أنَّ الدولة‌ كلّها خاضعة‌ لسيطرتهم‌ وذائبة‌ فيهم‌. وكان‌ أحد حكّام‌ فرنسا يقول‌: فرنسا يعني‌ أنا.

فصل‌ الدين‌ عن‌ السياسة‌ يتعارض‌ مع‌ ضرورة‌ الإسلام

 إنَّ خطّة‌ عزل‌ علماء الدين‌ عن‌ السياسة‌ التي‌ طرحت‌ في‌ البلدان‌ الإسلام يّة‌، وكان‌ أشدّ المتحمّسين‌ لتنفيذها مصطفي‌ كمال‌ أتاتورك‌، ويتلوه‌ رضاخان‌ بهلوي‌، اللذين‌ نفّذاها بأعنف‌ الاسإلیب‌ ؛ فمسخا صورة‌ بلديهما بإلغاء الإسلام ‌، وفوّضا شؤونهما المختلفة‌ من‌ لباس‌ وقبّعة‌، واقتصاد، وسياسة‌، وجيش‌، وثقافة‌، وآداب‌ إلی‌ الاجانب‌، هي‌ خطّة‌ عمر نفسها التي‌ مهّدت‌ له‌ السبيل‌ إلی‌ حكومة‌ المسلمين‌، وإقصاء أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ الذي‌ يمثّل‌ أوّل‌ قائد علمي‌ّ وميداني‌ّ عظيم‌ في‌ الإسلام ‌، وكذلك‌ إقصاء أبنائه‌، وأتباعه‌ الاوفياء المخلصين‌ الذين‌ كانوا من‌ أشرف‌ الصحابة‌ وأعزّهم‌، أمثال‌: عمّار بن‌ ياسر، والمقداد، وسلمان‌، وأبي‌ذرّ، وأمثالهم‌.

 وأُلقي‌ علماء الإسلام الكبار في‌ البحر، ونزعوا العمائم‌ من‌ رؤوسهم‌ ووضعوا بدلها القبّعات‌ الاجنبيّة‌ التي‌ أنزلوها في‌ رؤوسهم‌ بالمسامير، ومنهم‌ من‌ فارق‌ الحياة‌ إثر التعذيب‌ الوحشي‌ّ في‌ السجون‌ . وكان‌ ذلك‌ كلّه‌ امتداداً للاحداث‌ الدامية‌ المؤسفة‌ التي‌ شهدها عصر صدر الإسلام ‌.

 إذ عاش‌ أمير المؤمنين‌ وقتذاك‌ عناءً لم‌ يشهده‌ أحد، وهو رجل‌ العلم‌ والفضيلة‌، والمستوعب‌ للقرآن‌، والحافظ‌ لسنّة‌ رسول‌ الله‌ وسيرته‌، والعارف‌ بمناهج‌ الحرب‌ والسلم‌، وتقسيم‌ بيت‌ المال‌، وإقرار العدالة‌. حمل‌ مسحاته‌ خمس‌ وعشرين‌ سنة‌، وانشغل‌ بالزراعة‌ وإجراء القنوات‌. وقام‌ جلاوزة‌ عثمان‌ بجرّ ابن‌ مسعود علی‌ الارض‌ وإخراجه‌ من‌ المسجد بأمر عثمان‌، وكسروا عظامه‌ حتّي‌ فارق‌ الحياة‌ . ورُفس‌ عمّار بن‌ ياسر حتّي‌ ابتلي‌ بالفتق‌، ومات‌ أبو ذرّ الغفاري‌ّ غريباً في‌ منفاه‌ القاحل‌ الجديب‌، وليس‌معه‌ أنيس‌. وقتلوا بنت‌ رسول‌ الله‌ وحبيبته‌ وبضعته‌ وروحه‌ التي‌ بين‌ جنبيه‌ وسرّه‌ وهي‌ بنته‌ الوحيدة‌ التي‌ كان‌ يحبّها . وبذلك‌ غيّروا مجري‌ التأريخ‌ الإسلام ي‌ّ، وساقوا الاُمّة‌ الإسلام يّة‌ في‌ طريق‌ غيرطريق‌ رسول‌الله‌ وأميرالمؤمنين‌ علیهما الصلاة‌ والسلام‌ . ولم‌ يبق‌ من‌ العمل‌ بالقرآن‌ إلاّ لفظه‌ واسمه‌، وأحكموا قبضتهم‌ الاستكباريّة‌ علی‌ الاُمّة‌، وتركوا الجميع‌ يئنّون‌ تحت‌ سياطهم‌ القاسية‌.

 وحُكِمَ علی‌ الائمّة‌ الطاهرين‌ سلام‌ الله‌ علیهم‌ أجمعين‌ بالسجن‌ والتعذيب‌ والنفي‌ والقتل‌ عبر تلك‌ الخطّة‌ الجهنّميّة‌ بعزل‌ العلماء عن‌ السياسة‌ التي‌ تبنّاها حكّام‌ الجور، لانَّ أُولئك‌ كانوا يقولون‌: تستلزم‌ روح‌ الإمامة‌ والولاية‌ الإلهيّة‌ الحقيقيّة‌ الحكومة‌ علی‌ الناس‌ ومسك‌ أُمورهم‌ في‌ أفضل‌ طريق‌ الرقي‌ّ والكمال‌ . وكان‌ حكّام‌ الجور يقولون‌: الولاية‌ المعنويّة‌ لكم‌، والحكومة‌ الظاهريّة‌ لنا.

 جاء في‌ كتاب‌ « ربيع‌ الابرار » للزمخشري‌ّ أنَّ هارون‌ الرشيد كان‌ يقول‌ للإمام‌ موسي‌ [بن‌ جعفر علیه‌ السلام‌ ]: خذ فدكاً ! وهو يمتنع‌ . فلمّا ألحّ علیه‌. قال‌: ما آخذها إلاّ بحدودها . قال‌: وما حدودها ؟! قال‌: الحدّ الاوّل‌ عَدَن‌. فتغيّر وجه‌ الرشيد . وقال‌: والحدّ الثاني‌ ؟! قال‌: سمرقند، فأربد وجهه‌. قال‌: والحدّ الثالث‌ ؟ قال‌: إفريقية‌، فاسودّ وجهه‌ . قال‌: والحدّ الرابع‌ ؟ قال‌: سيف‌ البحر ممّا يلي‌ الخزر وأرمينية‌ . فقال‌ هارون‌: فلم‌ يبق‌ لنا شي‌ء ! فتحوّل‌ في‌ مجلسي‌ ! فقال‌ الإمام‌: قد أعلمتك‌ أنـّي‌ إن‌ حدّدتها لم‌تردّها ! فعند ذلك‌ عزم‌ هارون‌ علی‌ قتله‌، واستكفي‌ أمره‌. [7]

 لقد مرّ علی‌ خطّة‌ فصل‌ الدين‌ عن‌ السياسة‌ زهاء قرن‌ من‌ الزمان‌. وأوّل‌ من‌ دعا إلیها هم‌ العرب‌ النصاري‌ الذين‌ رفعوا عقيرتهم‌ عإلیاً لميلهم‌ إلی‌ الميوعة‌ والانفلات‌ في‌ النظام‌ الاجتماعي‌ّ، وهما محظوران‌ في‌ الإسلام ‌.

 واقتدي‌ بهم‌ أكثر المثقّفين‌ المتديّنين‌ الملتزمين‌ من‌ العرب‌، لارغبة‌ في‌ فصل‌ الدين‌ عن‌ السياسة‌، بل‌ ردّ فعل‌ لسلوك‌ السلاطين‌ العثمانيّين‌ وحكّام‌ مصر الذين‌ كانوا يتظاهرون‌ بالدين‌، وقد استغلّوه‌ وسيلة‌ لخدمة‌ سياساتهم‌ ومآربهم‌ الخاصّة‌، وضيّقوا الخناق‌ علی‌ الشعب‌ ورجاله‌ المتلزمين‌ فلاأحد له‌ حقّ الاعتراض‌ أو التعبير عن‌ الرأي‌ . فلهذا نادي‌ أُولئك‌ المثقّفون‌ بهذه‌ الخطّة‌ لإخراج‌ الدين‌ من‌ قبضة‌ هؤلاء المستغلّين‌، وجعل‌ السياسة‌ تحت‌ لوائه‌.

 وبصورة‌ عامّة‌، لمّا كان‌ المسلمون‌ من‌ غير أتباع‌ أهل‌ البيت‌ جميعهم‌ يرون‌ السلاطين‌ والاُمراء خلفاء الله‌ وأُولي‌ الامر، ويرون‌ وجوب‌ طاعتهم‌، لذلك‌ يلحظ‌ في‌ هذه‌ المدرسة‌ أنَّ الناس‌ كلّهم‌ ضعفاء، وأنَّ الدين‌ ليس‌ إلاّ كياناً مفروضاً من‌ قبل‌ الجهاز الحاكم‌.

 وهذا من‌ أهمّ أسباب‌ تخلّف‌ أهل‌ السنّة‌ وبلدانهم‌ وشعوبهم‌ إذ يرون‌ وجوب‌ طاعة‌ الظالمين‌ والجائرين‌ علی‌ أساس‌ تعإلیم‌ مدرستهم‌. وعلی‌ هذا فسبيل‌ النجاة‌ موصد بوجوههم‌، إلاّ أن‌ ينضووا تحت‌ لواء التشيّع‌، ويتّبعوا الصالحين‌ من‌ أولياء الله‌، ويعتقدوا أنَّ أُولي‌ الامر الذين‌ ورد ذكرهم‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ هم‌ الائمّة‌ الاثنا عشر.

 بَيدَ أنَّ الدعوة‌ إلی‌ فصل‌ الدين‌ عن‌ السياسة‌ في‌ بلاد الشيعة‌ اتّخذت‌ طابعاً آخر. فإنَّ المنادين‌ بها يريدون‌ القضاء علی‌ نفوذ العلماء والفقهاء الذين‌ يحظون‌ بمنزلة‌ معنويّة‌ وروحيّة‌ بين‌ الناس‌ . ويبغون‌ إقصاءهم‌ وعزلهم‌ عن‌ الشؤون‌ السياسيّة‌ والاجتماعيّة‌ . أو بعبارة‌ أُخري‌: يخضعون‌ الدين‌ للسياسة‌، ويسيّرونه‌ حسب‌ أهوائهم‌ ومشتهياتهم‌ . وهذا خطر عظيم‌، لانـّه‌ يستهدف‌ نسخ‌ الدين‌، وطمس‌ الحقيقة‌ والمعنويّة‌ والضمير والعاطفة‌، وطمس‌ معانيها في‌ بوتقة‌ الدمار والفناء، وإحلال‌ الاستكبار والتغطرس‌ والتعظّم‌ وظواهر المدنيّة‌ الغربيّة‌ الضالّة‌ وثقافتهم‌ وعاداتهم‌ محلّها، وإغراق‌ الشعب‌ في‌ مستنقع‌ الذنوب‌ والآثام‌ والهوس‌ والغفلة‌، وبالتإلی‌ استغلاله‌ وإنهاكه‌ بأقصي‌ ما يمكن‌.

 اصطلاح‌ الروحاني‌ّ والروحانيّة‌ اصطلاح‌ كَنَسي‌ّ وليس‌ إسلاميّاً

وأساساً أنَّ تعبير ( الروحانيّة‌ ) يمثّل‌ ظاهرة‌ من‌ ظواهر الكفر الضالّة‌، إذ يطلقون‌ علی‌ علماء الإسلام ‌: الروحيّين‌ بينما هم‌ ليسواروحيّين‌ فحسب‌، بل‌ هم‌ مسلمون‌ روحيّون‌ ومادّيّون‌، دنيويّون‌ وأُخرويّون‌، من‌ أهل‌ العبادة‌ والشؤون‌ الروحيّة‌، كما أنـّهم‌ من‌ أهل‌ الشؤون‌ الاجتماعيّة‌ والسياسيّة‌، وأهل‌ التعامل‌ مع‌ المسائل‌ المادّيّة‌ والطبيعيّة‌ والدنيويّة‌.

 ولم‌ يرد لفظ‌ الروحي‌ّ والروحاني‌ّ والروحيّة‌ في‌ مفردات‌ القرآن‌ الكريم‌ والسنّة‌ النبويّة‌، والدين‌ الإسلام ي‌ّ ليس‌ دين‌ الروح‌ فحسب‌، بل‌ هو دين‌ الجسم‌، والروح‌، والعقيدة‌، والفكر، والعمل‌، والعبادة‌، والجهاد، ولايختصّ ببعد واحد . وهذه‌ الحقيقة‌ هي‌ اندكاك‌ مفهوم‌ السياسة‌ والروحيّة‌ بعضها في‌ البعض‌ الآخر.

 علماً أنَّ لفظ‌ الروحي‌ّ والروحاني‌ّ جاءنا من‌ النصاري‌ الذين‌ يعتبرون‌ عيسي‌ أباهم‌ الروحي‌ّ . ويطلقون‌ علی‌ الرهبان‌: الآباء الروحانيّين‌. فسري‌ هذا اللفظ‌ من‌ النصاري‌ إلی‌ المسلمين‌، فجاء في‌ كلماتهم‌ وكتبهم‌ ومحاوراتهم‌. ويا للاسف‌ فقد ترسّخ‌ هذا المفهوم‌ من‌ خلال‌ غفلة‌ كثير من‌ العلماء بحيث‌ إنّنا نري‌ أنَّ علماء الإسلام وفقهاءه‌ يطلقون‌ علی‌ أنفسهم‌: روحانيّين‌. أي‌: أنـّهم‌ بقبولهم‌ هذا اللقب‌ تبرّعوا لعدوّهم‌ طوعاً بنصف‌ سعادتهم‌ المتمثّلة‌ بحرّيّتهم‌ في‌ الحقوق‌ السياسيّة‌ . ولعلّهم‌ يقولون‌: نحن‌ روحانيّون‌، فما لنا نتدخّل‌ في‌ الشؤون‌ الاجتماعيّة‌ ؟

 وهذا المعني‌ في‌ الحقيقة‌ مَسْخ‌ ونسخ‌ للإسلام‌ . أَعَاذَنَا اللَهُ مِنَ الغَفْلَةِ .

 ويتحتّم‌ علینا أن‌ نستخدم‌ لفظ‌ العالِم‌ والفقيه‌ دائماً بدل‌ لفظ‌ ( الروحاني‌ّ ) ؛ ونطلق‌ لفظ‌ العلماء والفقهاء بدل‌ الروحانيّين‌؛ ونستخدم‌ كلمتي‌ الفقاهة‌ والعلم‌ محلّ كلمة‌ الروحانيّة‌ ؛ لانَّ هذه‌ المفردات‌ من‌ المصطلحات‌ التي‌ وضعها الشارع‌ المقدّس‌، ولها معني‌ صحيح‌ وشامل‌.

 وتماثل‌ هذه‌ المفردات‌ مفردات‌ أُخري‌ أدخلها الاستعمار المتيقّظ‌ في‌ مصطلحات‌ المسلمين‌، فنتج‌ عن‌ ذلك‌ أنـّه‌ عرض‌ شرفهم‌ وحياتهم‌ وولإهم‌ وبراءتهم‌ واتّحادهم‌ بأشكال‌ ممسوخة‌ منكرة‌ . مثلاً، نُسخ‌ لفظ‌ الكفر والإيمان‌، والكافر والمسلم‌ وحلّ محلّه‌ لفظ‌ الخارج‌ والداخل‌، والخارجي‌ّ والداخلي‌ّ [8]، فكلّ من‌ كان‌ داخل‌ البلد يسمّي‌ داخليّاً وإن‌ كان‌ مشركاً وكافراً. وكلّ من‌ كان‌ خارجه‌، يسمّي‌ خارجيّاً وإن‌ كان‌ مسلماً وملتزماً. وهذا التعبير خاطي‌ تماماً مائة‌ بالمائة‌.

 ونتيجة‌ الكلام‌: لا إجماع‌ عندنا علی‌ لزوم‌ الفصل‌ بين‌ الخلافة‌ والنبوّة‌، بل‌ الإجماع‌ قائم‌ علی‌ عدم‌ لزوم‌ ذلك‌، بل‌ لو لم‌ تكن‌ بيعة‌ أبي‌ بكر في‌ السقيفة‌ خفيةً، لما ارتاب‌ أحد في‌ بيعة‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌. وبدا بعد حادثة‌ السقيفة‌ أنَّ بيعة‌ أبي‌ بكر كانت‌ منكرة‌ وغير معروفة‌، ولم‌يتوقّع‌ العامّة‌ ذلك‌، وكانوا يرون‌ الاجواء مهيّأة‌ لامير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌.

قصّة‌ أبي‌ بكر وكيفيّة‌ أخذ البيعة‌، وإقصاء أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌

 وعندما تحدّث‌ أبو عبيدة‌ الجرّاح‌، وعبد الرحمن‌ بن‌ عوف‌ في‌ السقيفة‌ عن‌ فضل‌ قريش‌ والمهاجرين‌ أمام‌ الانصار، قام‌ المنذربن‌ الارقم‌ فقال‌: مَا نَدْفَعُ فَضْلَ مَنْ ذَكَرْتَ وَإنَّ فِيهُمْ لَرَجُلاً لَوْ طَلَبَ هَذَا الاَمْرَ لَمْيُنَازِعْهُ أَحَدٌ، يَعْنِي‌ علی‌َّ بْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ. [9]

لقاء أبي‌ بكر وعمر مع‌ العبّاس‌ ووعدهما إيّاه‌ بحصّة‌ من‌ الخلافة‌

 قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: قال‌ البراء بن‌ عازب‌: لم‌ أزل‌ لبني‌ هاشم‌ محبّاً. فلمّا قبض‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ [وسلّم‌ ]، خفت‌ أن‌ تتمالا قريش‌ علی‌ إخراج‌ هذا الامر عنهم‌، فأخذني‌ ما يأخذ الوالهة‌ العَجُول‌، مع‌ ما في‌ نفسي‌ من‌ الحزن‌ لوفاة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌.

 فكنت‌ أتردّد إلی‌ بني‌ هاشم‌ وهم‌ عند النبي‌ّ في‌ الحجرة‌، وأتفقّد وجوهَ قريش‌، فإنّي‌ كذلك‌ إذ فقدت‌ أبا بكر وعمر . وإذا قائل‌ يقول‌: القوم‌ في‌ سقيفة‌ بني‌ ساعدة‌ . وإذا قائل‌ آخر يقول‌: قد بويع‌ أبا بكر.

 فلم‌ألبث‌، وإذا أنا بأبي‌ بكر قد أقبل‌ ومعه‌ عمر، وأبو عبيدة‌، وجماعة‌ من‌ أصحاب‌ السقيفة‌ . وهم‌ محتجزون‌ بالاُزُر الصنعانيّة‌ لايمرّون‌ بأحد إلاّ خبطوه‌، وقدّموه‌ فمدّوا يده‌ فمسحوها علی‌ يد أبي‌ بكر يبايعه‌؛ شاء أم‌ أبي‌.

 فأنكرتُ عقلي‌، وخرجت‌ أشتدّ حتّي‌ انتهيت‌ إلی‌ بني‌ هاشم‌ وكانوا مشغولين‌ بتجهيز النبي‌ّ والباب‌ مغلق‌ . فضربت‌ علیهم‌ الباب‌ ضرباً عنيفاً، وقلت‌: قد بايع‌ الناس‌ لابي‌ بكر بن‌ أبي‌ قُحافة‌.

 فقال‌ العبّاس‌ [بن‌ عبد المطّلب‌ ]: تَرِبَتْ أيديكم‌ إلی‌ آخر الدهر يابني‌ هاشم‌ ! أما إنّي‌ قد أمرتكم‌، فعصيتموني‌ !

 فمكثتُ أُكابد ما في‌ نفسي‌، ورأيت‌ في‌ الليل‌ المقداد، وسلمان‌، وأباذر، وعُبَادَة‌ بن‌ الصامت‌، وأبا الهيثم‌ بن‌ التَّيِّهان‌، وحذيفة‌، وعماراً، وهم‌ يريدون‌ أن‌ يردّوا بيعة‌ أبي‌ بكر، ويعيدوا الامر شوري‌ بين‌ المهاجرين‌. [10] وبلغ‌ ذلك‌ أبا بكر، وعمر، فأرسلا إلی‌ أبي‌ عبيدة‌، وإلی‌ المغيرة‌بن‌ شعبة‌، فسألاهما عن‌ الرأي‌ . فقال‌ المغيرة‌: الرأي‌ أن‌ تلقوا العبّاس‌ فتجعلوا له‌ ولولده‌ في‌ هذه‌ الاءمرة‌ نصيباً، ليقطعوا بذلك‌ ناحية‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ !

 فانطلق‌ أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة‌، والمغيرة‌ حتّي‌ دخلوا علی‌ العبّاس‌. وذلك‌ في‌ الليلة‌ الثانية‌ من‌ وفاة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌. فحمد أبو بكر الله‌ وأثني‌ علیه‌، وقال‌:

 إنَّ الله‌ ابتعث‌ لكم‌ محمّداً نبيّاً، وللمؤمنين‌ وليّاً . فمنّ الله‌ علیهم‌ بكونه‌ بين‌ ظهرانيهم‌ . حتّي‌ اختار له‌ ما عنده‌ . فخلّي‌ علی‌ الناس‌ أُمورهم‌ ليختاروا لانفسهم‌ متّفقين‌ غير مختلفين‌، فاختاروني‌ علیهم‌ وليّاً، ولاُمورهم‌ راعياً؛ فتولّيت‌ ذلك‌ . وما أخاف‌ بعون‌ الله‌ وتسديده‌ وهناً ولاحيرة‌ ولاجبناً. وما توفيقي‌ إلاّ بالله‌ علیه‌ توكّلت‌ وإلیه‌ أُنيب‌.

 وما أنفكُّ يبلغني‌ عن‌ طاعن‌ يقول‌ بخلاف‌ قول‌ عامّة‌ المسلمين‌، يتّخذكم‌ ملجأً فتكونون‌ حصنه‌ المنيع‌ وخطبه‌ البديع‌ ! فأمّا دخلتم‌ فيما دخل‌ الناس‌، أو صرفتموهم‌ عمّا مالوا إلیه‌ !

 فقد جئناك‌، ونحن‌ نريد أن‌ نجعل‌ لك‌ في‌ هذا الامر نصيباً، ولمن‌ بعدك‌ من‌ عقبك‌ ؛ إذ كنتَ عمّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ ! وإن‌ كان‌ المسلمون‌ قد رأوا مكانك‌ من‌ النبي‌ّ، ومكان‌ أهلك‌، ثمّ عدلوا بهذا الامر عنكم‌ !

 وعلی‌ رِسلِكم‌ بني‌ هاشم‌ ! فإنَّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ منّا ومنكم‌ !

 فاعترض‌ كلامه‌ عمر، وخرج‌ إلی‌ مذهبه‌ في‌ الخشونة‌ والوعيد وإتيان‌ الامر من‌ أصعب‌ جهاته‌، فقال‌: إي‌ والله‌ . وأُخري‌: إنَّا لم‌نأتكم‌ حاجةً إلیكم‌، ولكن‌ كرهنا أن‌ يكون‌ الطعن‌ فيما اجتمع‌ علیه‌ المسلمون‌ منكم‌، فيتفاقم‌ الخطب‌ بكم‌ وبهم‌ . فانظروا لانفسكم‌ ولعامّتهم‌. ثمّ سكت‌.

 فتكلّم‌ العبّاس‌، فحمد الله‌ وأثني‌ علیه‌، ثم‌ قال‌:

 إنَّ الله‌ ابتعث‌ محمّداً نبيّاً كما وصفت‌، ووليّاً للمؤمنين‌، فمنّ الله‌ به‌ علی‌ أُمّته‌ حتّي‌ اختار له‌ ما عنده‌ . فخلّي‌ الناس‌ علی‌ أمره‌ ليختاروا لانفسهم‌، مصيبين‌ للحقّ، مائلين‌ عن‌ زيغ‌ الهوي‌.

 فإن‌ كنتَ برسول‌ الله‌ طلبتَ، فحقّنا أخذت‌ ! وإن‌ كنت‌ بالمؤمنين‌، فنحن‌ منهم‌ ! ما تقدّمنا في‌ أمركم‌ فرطا، ولا حللنا وسطا، ولانزحنا شحطا. فإن‌ كان‌ هذا الامر يجب‌ لك‌ بالمؤمنين‌، فما وجب‌ إذ كنّا كارهين‌ ! وما أبعد قولك‌: إنَّهم‌ طعنوا من‌ قولك‌ إنَّهم‌ مالوا إلیك‌ !

 وأمّا ما بذلت‌ لنا، فإن‌ يكن‌ حقّك‌ أعطيتناه‌، فأمسكه‌ علیك‌ ! وإن‌ يكن‌ حقّ المؤمنين‌، فليس‌ لك‌ أن‌ تحكم‌ فيه‌ ! وإن‌ يكن‌ حقّنا، لم‌نرض‌ لك‌ ببعضه‌ دون‌ بعض‌ !

 وما أقول‌ هذا أروم‌ صرفك‌ عمّا دخلت‌ فيه‌، ولكنّ للحجّة‌ نصيبها من‌ البيان‌.

 وأمّا قولك‌: إنَّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ منّا ومنكم‌، فإنَّ رسول‌الله‌ من‌ شجرة‌ نحن‌ أغصانها، وأنتم‌ جيرانها.

 وأمّا قولك‌ يا عمر: إنَّك‌ تخاف‌ الناس‌ علینا ؛ فهذا الذي‌ قدّمتموه‌ أوّل‌ ذلك‌؛ وبالله‌ المستعان‌. [11]

 ونقل‌ الكاتب‌ العبّاسي‌ّ أحمد بن‌ أبي‌ يعقوب‌ المعروف‌ بإلیعقوبي‌ّ هذا المضمون‌ في‌ تأريخه‌ . إلاّ أنَّ البراء بن‌ عازب‌ لمّا جاء إلی‌ البيت‌ الذي‌ كان‌ فيه‌ بنو هاشم‌، وضرب‌ الباب‌، وقال‌: بويع‌ أبو بكر ؛ قال‌ بعضهم‌: ما كان‌ المسلمون‌ يحدثون‌ حدثاً نغيب‌ عنه‌، نحن‌ أولي‌ بمحمّد . فقال‌ العبّاس‌: فَعَلُوهَا وَرَبِّ الكَعْبَةِ.

 وكان‌ المهاجرون‌ والانصار لا يشكّون‌ في‌ خلافة‌ علی‌ّ. فلمّا خرجوا من‌ الدار، قال‌ الفضل‌ بن‌ العبّاس‌، وكان‌ لسان‌ قريش‌: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! إنَّهُ مَا حَقَّتْ لَكُمُ الخِلاَفَةُ بِالتَّمْوِيهِ، وَنَحْنُ أَهْلُهَا دُونَكُمْ، وَصَاحِبُنَا أَولَي‌ بِهَا مِنْكُمْ! وقام‌ عُتْبَة‌ بْنُ أَبِي‌ لَهَبٍ، وقال‌:

 مَا كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ الاَمْرَ مُنْصَرِفٌ                        عَنْ هَاشِمٍ ثُمَّ مِنْهَا عَنْ أَبِي‌ الحَسَنِ

 عَنْ أَوَّلِ النَّاسِ إيمَانَاً وَسَابِقةً                  وَأَعْلَمِ النَّاسِ بِالقُرْآنِ وَالسُّنَنِ

 وَآخِرِ النَّاسِ عَهْدَاً بِالنَّبِي‌ِّ وَمَنْ                 جِبْرِيلُ عَوْنٌ لَهُ فِي‌ الغَسْلِ وَالكَفَنِ

 مَنْ فِيهِ مَا فِيهِمْ لاَ يَمْتَرُونَ بِهِ                 وَلَيْسَ فِي‌ القَوْمِ مَا فِيهِ مِنَ الحَسَنِ [12]

 

 فبعث‌ إلیه‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ فنهاه‌ عن‌ هذا الكلام‌.

 ومن‌ الموضوعات‌ المذكورة‌ في‌ « تاريخ‌ إلیعقوبي‌ّ » تخلّف‌ أبي‌ سفيان‌بن‌ حرب‌ عن‌ بيعة‌ أبي‌ بكر وقوله‌: أَرَضِيتُمْ يَا بَنِي‌ عَبْدِ مَنَافٍ أَنْ يَلِي‌ هَذَا الاَمْرَ علیكُمْ غَيْرُكُمْ ؟! وَقَالَ لِعلی‌ِّ بْنِ أَبِي‌ طالِبٍ: امْدُدْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ ـوَعلی‌ٌّ مَعَهُ قَصَي‌ٌّـ وَقَالَ:

 بَنِي‌ هَاشِمٍ لاَ تُطْمِعُوا النَّاسَ فِيكُمُ                     وَلاَ سِيَّمَا تَيْمَ بْنَ مُرَّةَ أَوْ عَدِي‌

 فَمَا الاَمْرُ إلاَّ فِيكُمُ وَإلیكُمُ                       وَلَيْسَ لَهَا إلاَّ أَبُو حَسَنٍ علی‌

 أَبَا حَسَنٍ فَاشْدُدْ بِهَا كَفَّ حَازِمٍ                فَإنَّكَ بِالاَمْرِ الَّذِي‌ يُرْتَجَي‌ مَلِي‌

 وَإنَّ امْرَءاً يَرْمِي‌ قُصَي‌ٌّ [13] وَرَاءَهُ              عَزِيزُ الحِمَي‌ وَالنَّاسُ مِنْ غَالِبٍ [14] قَصِي‌ [15]

 وذكر الشيخ‌ المفيد الذي‌ روي‌ هذه‌ الابيات‌ عن‌ أبي‌ سفيان‌ في‌ آخر هذه‌ القضيّة‌ قائلاً:

 ثُمَّ نَادَي‌ بِأَعلی‌ صَوْتِهِ: يَا بَنِي‌ هَاشِمٍ ! يَا بَنِي‌ عَبْدَ مَنَافٍ ! أَرَضِيتُمْ أَنْ يَلِي‌ علیكُمْ أَبُو فَصِيلٍ: الرَّذْلُ بْنُ الرَّذْلِ ؟! أَمَا وَاللَهِ لَوْ شِئْتُمْ لاَمْلاَنـَّهَا علیهِمْ خَيْلاً وَرَجِلاً !

 فَنَادَاهُ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ علیهِ السَّلاَمُ: ارْجِعْ يَا أَبَا سُفْيَانَ ! فَوَاللَهِ مَا تُرِيدُ اللَهَ بِمَا تَقُولُ ! وَمَا زِلْتَ تَكِيدُ لِلإسْلاَمِ وَأَهْلَهُ ! وَنَحْنُ مَشَاغِيلُ بِرَسُولِاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ؛ وَعلی‌ كُلِّ امْرِي‌ٍ مَا اكْتَسَبَ ؛ وَهُوَ وَلِي‌ُّ مَا احْتَقَبَ!

 فانصرف‌ أبو سفيان‌ إلی‌ مسجد رسول‌ الله‌، فوجد بني‌ أُميّة‌ مجتمعين‌؛ فحرّضهم‌ علی‌ الامر، فلم‌ ينهضوا له‌ .

 وكانت‌ فتنة‌ عمّت‌، وبليّة‌ شملت‌، وأسباب‌ سوء اتّفقت‌، تمكّن‌ بها الشيطان‌، وتعاون‌ فيها أهل‌ الإفك‌ والعدوان‌، فتخاذل‌ في‌ إنكارها أهل‌ الإيمان‌، وكان‌ ذلك‌ تأويل‌ قول‌ الله‌ عزّ وجلّ: وَاتَّقُوا فَتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَآصَّةً . [16] و [17]

 وكان‌ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ غائباً عند اجتماع‌ السقيفة‌ ووفاة‌ رسول‌الله‌، فقدم‌ فأتي‌ علیاً، فقال‌: هلمّ أُبايعك‌ فَوَ اللَهِ مَا فِي‌ النَّاسِ أَحَدٌ أَوْلَي‌ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ مِنْكَ.

 واجتمع‌ جماعة‌ إلی‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ يدعونه‌ إلی‌ البيعة‌ له‌. فقال‌ لهم‌: اغْدُوا علی‌ هَذَا مُحَلِّقِينَ الرُّؤُوسَ . فَلَمْ يَغْدُ علیهِ إلاَّ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ.

 وبلغ‌ أبا بكر وعمر أنَّ جماعة‌ من‌ المهاجرين‌ والانصار قد اجتمعوا مع‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ في‌ منزل‌ فاطمة‌ بنت‌ رسول‌ الله‌، فأتوا في‌ جماعة‌ حتّي‌ هجموا علی‌ الدار . وخرج‌ علی‌ّ ومعه‌ السيف‌، فلقيه‌ عمر، فصارعه‌ عمر فصرعه‌، وكسر سيفه‌، ودخلوا الدار .

 فخرجت‌ فاطمة‌، فقالت‌: والله‌ لتخرجنّ أو لاكشفنّ شعري‌ ولاعجّنّ إلی‌ الله‌ ! فخرجوا وخرج‌ من‌ كان‌ في‌ الدار، وأقام‌ القوم‌ أيّاماً. ثمّ جعل‌ الواحد بعد الواحد يبايع‌ . ولم‌ يبايع‌ علی‌ّ إلاّ بعد ستّة‌ أشهر ؛ وقيل‌: أربعين‌ يوماً. [18]

 وقال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد بسنده‌: لمّا كثر الناس‌ في‌ تخلّف‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ عن‌ بيعة‌ أبي‌ بكر، واشتدّ أبو بكر وعمر علیه‌ في‌ ذلك‌، خرجت‌ أُمّ مِسْطَح‌بن‌ أُثَاثة‌ [19]فوقفت‌ عند قبر رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ وقالت‌:

 كَانَتْ أُمُورٌ وَأَنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ             لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ تَكْثُرِ الخَطْبُ

 إنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الاَرْضِ وَإبْلَهَا                    وَاخْتَلَّ قَوْمُكَ فَاشْهَدْهُمْ وَلاَ تَغِبِ [20]

 وبعد هذه‌ القضيّة‌، يروي‌ ابن‌ أبي‌ الحديد بسنده‌ عن‌ أبي‌ الاسود أنـّه‌ قال‌: غضب‌ رجال‌ من‌ المهاجرين‌ في‌ بيعة‌ أبي‌ بكر بغيرمشورة‌، وغضب‌ علی‌ّ والزبير، فدخلا بيت‌ فاطمة‌ علیها السلام‌ معهما السلاح‌ . فجاء عمر في‌ عصابة‌، منهم‌: أُسِيْد بن‌ خَضَيْر، وسَلَمَة‌ بن‌ سَلاَمَة‌ بن‌ وَقْش‌، وهما من‌ بني‌ عبدالاشهل‌.

 فصاحت‌ فاطمة‌ علیها السلام‌، وناشدتهم‌ الله‌، فأخذوا سيفي‌ علی‌ّ والزبير، فضربوا بهما الجدار حتّي‌ كسروهما، ثمّ أخرجهما عمر يسوقهما حتّي‌ بايعا. ثمّ قام‌ أبو بكر فخطب‌ الناس‌، واعتذر إلیهم‌، وقال‌: إنَّ بَيْعَتِي‌ كَانَتْ فَلْتَةً وَقَي‌ اللَهُ شَرَّهَا. [21]

 والعجب‌ أنَّ أُولئك‌ الخلفاء المنتخبين‌ قاموا بتلك‌ الاعمال‌ والممارسات‌ باسم‌ الدين‌ ومناصرة‌ الدين‌، وطبعوها بطابع‌ الإسلام ‌، وأضفوا علیها عنوانه‌. والعجب‌ كلّ العجب‌ من‌ سير الإنسان‌ في‌ طريق‌ معكوس‌ تماماً وهو يعلم‌ بذلك‌ حقيقة‌ العلم‌، بَيدَ أنَّ هوي‌ النفس‌ قد أعماه‌ وأصمّه‌ وزيّن‌ له‌ أنـّه‌ علی‌ صراط‌ مستقيم‌، وهو منحرف‌ كلّ الانحراف‌ عن‌ هذا الصراط‌ وهذا هو ما سوّلت‌ له‌ نفسه‌، كما قال‌ تعإلی‌ في‌ كتابه‌ الحكيم‌:

 إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا علی‌'´ أَدْبَـ'رِهِم‌ مِّن‌ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَي‌ الشَّيْطَـ'نُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَي‌' لهُمْ. [22]

 وما أدري‌ هؤلاء أنَّ حقيقة‌ التخلّف‌ تتمثّل‌ في‌ التقديم‌ بين‌ يدي‌ الله‌، واستباق‌ أوامره‌، والتقدّم‌ علی‌ منهاج‌ رسول‌ الله‌ . وأنَّ كلّ من‌ رفع‌ صوته‌ فوق‌ صوت‌ رسول‌الله‌، وتعامل‌ معه‌ ومع‌ دينه‌ ونواميسه‌ كما يتعامل‌ مع‌ سائر الاُمور الاُخري‌، فقد حبطت‌ أعماله‌ وكان‌ من‌ الهالكين‌. ولايسجّل‌ في‌ كتاب‌ أعماله‌ إلاّ الخيبة‌ والخسران‌ . وكأنـّهم‌ لم‌ يسمعوا كلام‌ الله‌ حيث‌ يقول‌: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَهَ إِنَّ اللَهَ سَمِيعٌ علیمٌ * يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَرْفَعُو´ا أَصْوَ ' تَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ و بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن‌ تَحْبَطَ أَعْمَـ'لُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ.

 وصلّي‌ الله‌ علی‌ رسوله‌، وعلی‌ علی‌ّ أمير المؤمنين‌، وعلی‌ الصدِّيقة‌ الطاهرة‌ فاطمة‌ الزهراء بنت‌ الرسول‌، المكسورة‌ الضلع‌، المجهولة‌ القدر، المخفيّة‌ القبر، المظلومة‌ المضطهدة‌ بالجور، والشهيدة‌ في‌ إعلاء كلمة‌ الإسلام ‌، ونفي‌ الزيغ‌ والهوي‌ ؛ وعلی‌ الائمّة‌ المعصومين‌. ولعنة‌ الله‌ علی‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌ . ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ بالله‌ العلی‌ّ العظيم‌.

 

ارجاعات


[1] ـ الآية‌ 25 ، من‌ السورة‌ 57 : الحديد . 

[2] ـ الآية‌ 146 ، من‌ السورة‌ 3 : آل‌ عمران‌ . 

[3] ـ الآية‌ 54 ، من‌ السورة‌ 4 : النساء . 

[4] ـ الآية‌ 251 ، من‌ السورة‌ 2 : البقرة‌ . 

[5] ـ الآية‌ 35 ، من‌ السورة‌ 38 : ص‌ . 

[6] ـ الآية‌ 79 ، من‌ السورة‌ 56 : الواقعة‌ . ولمّا كان‌ للقرآن‌ باطن‌ ، بل‌ سبعة‌ بواطن‌، فلايدرك‌ حقيقة‌ معانيه‌ الحقيقيّة‌ والنوريّة‌ إلاّ من‌ تطهّرت‌ قلوبهم‌ من‌ رين‌ الهوي‌ والهوس‌، ولم‌تتطلّع‌ عيونهم‌ إلي‌ غير الله‌ . 

[7] ـ «أعيان‌ الشيعة‌» ج‌ 4 الجزء الثاني‌ ، ص‌ 88 ، سيرة‌ الإمام‌ الكاظم‌. 

[8] ـ تستعمل‌ هذه‌ الالفاظ‌ في‌ إيران‌ ، أمّا في‌ البلاد الاءسلاميّة‌ الاُخري‌ فإنَّ لفظة‌ ï ïمواطن‌تستعمل‌ للمقيم‌ في‌ البلد أو من‌ أهل‌ البلد ، ولفظة‌ أجنبي‌ّ لكلّ من‌ كان‌ خارج‌ البلد.(م‌). 

[9] ـ «تاريخ‌ اليعقوبي‌ّ» ج‌ 2 ، ص‌ 123 ، طبعة‌ بيروت‌ . 

[10] ـ جاء هذا التعبير في‌ رواية‌ أبن‌ أبي‌ الحديد الشافعي‌ّ المعتزلي‌ّ . وأمّا ما ورد في‌ روايات‌ الشيعة‌ فهو أنـّهم‌ يريدون‌ أن‌ يبايعوا أمير المؤمنين‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌. 

[11] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1 ، ص‌ 219 إلي‌ 221 ، طبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌. 

[12] ـ نقل‌ ابن‌ الاثير الجزري‌ّ هذه‌ الابيات‌ في‌ «أُسد الغابة‌» ج‌ 4 ، ص‌ 40 ، عن‌ الفضل‌بن‌ العبّاس‌بن‌ عتبة‌ بن‌ أبي‌ لهب‌ ، أنشدها في‌ رثاء أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ، ولذلك‌ فإنَّ معني‌ البيت‌ الثالث‌: * وَمَنْ جِبْرِيلُ عَوْنٌ لَهُ فِي‌ الغَسْلِ وَالكَفَنِ * هو أنَّ عليّاً كان‌ الشخص‌ الذي‌ أعانه‌ جبريل‌ في‌ تغسيل‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وتكفينه‌ . والغسل‌ والكفن‌ اسما مصدر أو مصدران‌ ولهما معني‌ مجهول‌ ومعني‌ الفعل‌ المعلوم‌ ، لانَّ الفضل‌ بن‌ العبّاس‌ بن‌ عتبة‌ إمَّا لم‌يكن‌ مولوداً عند وفاة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أو كان‌ طفلاً وقتذاك‌. ونسب‌ عبدالجليل‌ القزويني‌ّ الرازي‌ّ هذه‌ الابيات‌ في‌ كتاب‌ «النقض‌» المعروف‌ بـ «بعض‌ مثالب‌ النواصب‌ في‌ نقض‌ بعض‌ فضائح‌ الروافض‌» والمؤلّف‌ حوالي‌ سنة‌ 560 ه إلي‌ خزيمة‌بن‌ ثابت‌ ذي‌ الشهادتين‌ الذي‌ بلغت‌ منزلته‌ بين‌ الصحابة‌ درجة‌ أنَّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ جعل‌ شهادته‌ شهادة‌ رجلين‌ . مضافاً إليها هذا البيت‌ :

 مَنْ ذَا الَّذِي‌ رَدَّكُمْ عَنْهُ فَنَعْلَمَهُ                            هَا إنَّ بَيْعَتَكُمْ مِنْ أَغْبَنِ الغَبَنِ

 نظمها عندما سمع‌ ببيعة‌ أبي‌ بكر .

 وقال‌ المرحوم‌ المحدّث‌ الاُرموي‌ّ في‌ «تعليقة‌ النقض‌» : نسب‌ الشريف‌ المرتضي‌ هذه‌ الابيات‌ في‌ كتاب‌ «الفصول‌ المختارة‌» إلي‌ ربيعة‌ بن‌ الحارث‌بن‌ عبدالمطّلب‌، واختاره‌ القاضي‌ نور الله‌ الشوشتري‌ّ في‌ المجلس‌ الثالث‌ من‌ كتاب‌ «مجالس‌ المؤمنين‌» في‌ ترجمة‌ العبّاس‌ بن‌ عتبة‌ بن‌ أبي‌ لهب‌.

 وقال‌ القاضي‌ نور الله‌ : «جاء في‌ كتاب‌ «الاءصابة‌» أنَّ والد العبّاس‌ بن‌ عتبة‌، أي‌: عتبة‌، مات‌ كافراً بدعاء النبي‌ّ . وترك‌ ولده‌ هذا ، أي‌ : العبّاس‌ الذي‌ كان‌ شابّاً عند وفاة‌ النبي‌ّ. وله‌ ولد يدعي‌ الفضل‌ ، كان‌ شاعراً مشهوراً . وهو صاحب‌ القصيدة‌ المشهورة‌ في‌ حقّ أميرالمؤمنين‌، ومطلعها: مَا كُنْتُ أَحْسِبُ ، إلي‌ آخر الابيات‌». ïï      ثمّ قال‌ القاضي‌ نور الله‌ : «وقال‌ البعض‌ : إنَّ هذه‌ الابيات‌ لحسّان‌ بن‌ ثابت‌ نظمها في‌ أيّام‌ حكومة‌ أبي‌ بكر قبل‌ أن‌ يستخلصه‌ عثمان‌ لنفسه‌ ويبعده‌ عن‌ حبّ أميرالمؤمنين‌ بتفويض‌ بيت‌ المال‌ إليه‌ . وصرّح‌ به‌ القاضي‌ البيضاوي‌ّ في‌ تفسيره‌ ، وغيره‌ أيضاً. أقول‌: «ويعضد هذا أنَّ الشيخ‌ محمّد محيي‌ الدين‌ شيخ‌ زادة‌ ذكر في‌ شرحه‌ علي‌ تفسير البيضاوي‌ّ، ج‌ 2 ، ص‌ 1 هذه‌ الابيات‌، ونقل‌ البيت‌ الثاني‌ بهذه‌ العبارة‌:

 أَلَيْسَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّي‌ لِقِبْلَتِكُمْ                  وَأَعْرَفَ النَّاسِ بِالقُرْآنِ وَالسُّنَنِ

 وقال‌ : هذه‌ الابيات‌ لحسّان‌ بن‌ ثابت‌ الانصاري‌ّ» . والصواب‌ هو أنَّ هذه‌ الابيات‌ لربيعة‌بن‌ الحارث‌بن‌ عبد المطّلب‌ ، أنشدها عندما بويع‌ أبو بكر ؛ كما نصّ علي‌ ذلك‌ الشريف‌ المرتضي‌ علم‌ الهدي‌ في‌ كتاب‌ «المجالس‌» .

 والقرينة‌ علي‌ كذب‌ نسبة‌ هذه‌ الابيات‌ إلي‌ ابن‌ العبّاس‌ بن‌ عتبة‌ هي‌ أنَّ مضمون‌ هذا المصرع‌: * مَا كُنْتُ أَحْسِبُ هَذَا الاَمْرَ مُنْصَرِفَاً * لا يقوله‌ إلاّ من‌ كان‌ موجوداً قبل‌ انصراف‌ الخلافة‌ عن‌ أمير المؤمنين‌ ، فلا يحسب‌ انصراف‌ الخلافة‌ عن‌ الاءمام‌ . ويبدو أنَّ العبّاس‌ لم‌يكن‌ مدركاً عند انصراف‌ الخلافة‌ ؛ علي‌ عكس‌ حسّان‌ الذي‌ كان‌ موجوداً علي‌ عهد النبي‌ّ، ولم‌يخطر علي‌ باله‌ انصراف‌ ذلك‌ الامر الخطير عن‌ الامير ، ولم‌يظنّه‌ هكذا»ـ انتهي‌ كلام‌ القاضي‌ نورالله‌.

 ونسب‌ سُلَيْم‌ بن‌ قيس‌ الهلالي‌ّ هذه‌ الابيات‌ في‌ كتابه‌ إلي‌ العبّاس‌ بن‌ عبدالمطّلب‌ في‌ خبر طويل‌ قال‌ فيه‌ : فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ ، وَأَنْشَأَ العَبَّاسُ يَقُولُ : مَا كُنْتُ أَحْسِبُ ـإلي‌ آخر الخبر.

 ونقل‌ المجلسي‌ّ رحمة‌ الله‌ عليه‌ هذا الحديث‌ في‌ الجزء الثامن‌ من‌ «بحار الانوار» في‌ باب‌ غصب‌ الخلافة‌ (ج‌ 8 ،ص‌ 57 ، طبعة‌ كمباني‌) . وما قاله‌ صاحب‌ «روضة‌ الصفا» في‌ أواخر الجزء الثاني‌ من‌ كتابه‌ ضمن‌ عرض‌ أُمور وقعت‌ في‌ دومة‌ الجندل‌ فهو إشارة‌ إلي‌ هذا الكلام‌، وتبيان‌ لهذه‌ الرواية‌ . وفيما يلي‌ نصّ كلامه‌ :

 «أمّا عدي‌ّ بن‌ حاتم‌ الطائي‌ّ فقد عارض‌ في‌ هذا المجال‌ وقال‌ : لا يجوز القتال‌ بدون‌ إذن‌ من‌ الاءمام‌. وشقّ ذلك‌ كثيراً علي‌ أهل‌ الحجاز والعراق‌ ، لا سيّما علي‌ بني‌ هاشم‌. وترنّم‌ بالابيات‌ التي‌ أنشـدها العبّاس‌ بن‌ عبد المطّلب‌ عند بيعة‌ أبي‌ بكر [ وما كنت‌ أحسـب‌...إلي‌ آخرها [ .

 وأشار القاضي‌ نور الله‌ إلي‌ هذا الموضوع‌ في‌ «مجالس‌ المؤمنين‌» وذلك‌ عندما قال‌ في‌ أوائل‌ المجلس‌ الثالث‌ ، ترجمة‌ العبّاس‌ بن‌ عبد المطّلب‌ ، ص‌ 38 ، الطبعة‌ الاُولي‌: ذكر صاحب‌ «روضة‌ الصفا» أنَّ أبا بكر عندما غصب‌ الخلافة‌ من‌ وحي‌ جلافته‌، أنشد العبّاس‌ عدداً من‌ الابيات‌ مضمونها : ما كنت‌ أحسب‌ ... إلي‌ آخرها.

 ونقل‌ المجلسي‌ّ في‌ «البحار» (ج‌ 8 ، ص‌ 68 ) عن‌ ابن‌ أبي‌ الحديد أنـّه‌ قال‌: قَالَ بَعْضُ وُلْدِ أَبِي‌ لَهَب‌ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِب‌ : مَا كُنْتُ أَحْسِبُ ... إلي‌ آخر الابيات‌ . وبالجملة‌ فإنَّ نسبة‌ هذه‌ الابيات‌ إلي‌ خزيمة‌ بن‌ ثابت‌ لم‌ تثبت‌ في‌ مصدر من‌ المصادر مع‌ أنَّ له‌ أشعاراً في‌ إمامة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ، إلاّ أنـّه‌ غير هذا الشعر المذكور. («النقض‌» ص‌ 30 و 31 ). 

[13] ـ يلتقي‌ نسب‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بنسب‌ أبي‌ سفيان‌ عند عبد مناف‌بن‌ قصي‌ّ. فهو أبو الحسن‌ : علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ بن‌ عبد المطّلب‌ بن‌ هاشم‌ بن‌ عبد مناف‌بن‌ قصي‌ّبن‌ كلاب‌ بن‌ مرّة‌ . وأبو سفيان‌ هو : حرب‌ بن‌ أُميّة‌ بن‌ عبد شمس‌ بن‌ عبد مناف‌بن‌ ï ïقصي‌ّبن‌ كلاب‌ بن‌ مرّة‌ . وعلي‌ هذا فعلي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ قرشي‌ّ هاشمي‌ّ ، وأبو سفيان‌ قرشي‌ّ أَموي‌ّ، وكلاهما من‌ أبناء عبد مناف‌ الذي‌ ولد له‌ اثنان‌ من‌ أُمّ واحدة‌ ، سمّي‌ أحدهما هاشماً، وسمّي‌ الآخر عبد شمس‌ ، فبنو هاشم‌ من‌ هاشم‌ بن‌ عبد مناف‌ ، وبنو أُميّة‌ من‌ أُميّة‌ حفيد عبدمناف‌. وعلي‌ هذا فالطائفتان‌ هما بنو أعمام‌ . ويقول‌ أبو سفيان‌ في‌ هذه‌ الابيات‌: ياعلي‌ّ! إنَّ جميع‌ أبناء قصي‌ّ ، سواء كانوا أبناء أُميّة‌ أم‌ هاشم‌ حماة‌ لك‌ ومعزّزون‌. 

[14] ـ غَالِب‌ بن‌ فَهْر بن‌ مالك‌ بن‌ النضر بن‌ كنانة‌ ، الجدّ الاعلي‌ لمرّة‌ بن‌ كعب‌: مرّة‌بن‌ كعب‌ بن‌ لؤي‌ّ بن‌ غالب‌ . ولمّا كان‌ أبو بكر ، وعمر من‌ أبناء ويبتعد نسبهم‌ كثيراً عن‌ نسب‌ بني‌ هاشم‌ وبني‌ أُميّة‌ ؛ لذلك‌ يقول‌ أبو سفيان‌ : إنَّ هذين‌ الشخصين‌ اللذين‌ هما غيرمعروفين‌ في‌ العرب‌، ونسبهما بعيد عن‌ نسبنا ونسبكم‌ ، لا ينبغي‌ لهما الحكم‌ ، بل‌ ينبغي‌ لبني‌ هاشم‌ أقارب‌ رسول‌الله‌. ونري‌ هنا أنَّ الذي‌ يؤلم‌ أبا سفيان‌ هو رئاسة‌ أفراد بعيدي‌ النسب‌؛ فلهذا يقول‌ حكومة‌ بني‌ هاشم‌ أفضل‌ لنا من‌ حكومة‌ غيرهم‌ ، لانـّهم‌ من‌ الاقرباء في‌ النسب‌. ومن‌ هذا المنطلق‌، أراد بيعة‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وتعبئة‌ بني‌ عبد مناف‌ كافّة‌ لمؤازرة‌ الاءمام‌، ومل‌ء المدينة‌ خيلاً ورَجلاً ، لا لاجل‌ الله‌ وإرضاءً للّه‌ وإعلاءً لكلمة‌ الاءسلام‌ والتوحيد والقرآن‌؛ فعلي‌ هذا نجد أنَّ أمير المؤمنين‌ يردّ طلبه‌ ويرفض‌ بيعته‌ قائلاً له‌ : أنت‌ ما زلت‌ تكيد للاءسلام‌ وتبغي‌ له‌ شرّاً! 

[15] ـ ذكر عبد الجليل‌ القزويني‌ّ الرازي‌ّ هذه‌ الابيات‌ منسوبة‌ إلي‌ أبي‌ سفيان‌ بن‌ حرب‌، وذلك‌ في‌ كتاب‌ «النقض‌» ص‌ 30 . وقال‌ إنَّه‌ جاء إلي‌ حجرة‌ علي‌ّ في‌ يوم‌ بيعة‌ أبي‌ بكر، وأنشد هذه‌ الابيات‌ بصوت‌ عالٍ. 

[16] ـ الآية‌ 25 ، من‌ السورة‌ 8 : الانفال‌ . 

[17] ـ «الاءرشاد» للشيخ‌ المفيد ، ص‌ 104 و 105 ، الطبعة‌ الحجريّة‌ . 

[18] ـ «تاريخ‌ اليعقوبي‌ّ» ج‌ 2 ، ص‌ 123 إلي‌ 126 . 

[19] ـ أُمّ مسطح‌ بنت‌ أبي‌ رُهْم‌ بن‌ المطّلب‌ بن‌ عبد مناف‌ ، قرشيّة‌ مطّلبيّة‌ . واسم‌ أبي‌ رُهم‌: أنيس‌. وكانت‌ بنت‌ خالة‌ أبي‌ بكر ، وأُمّها بنت‌ صخر بن‌ عامر . وقيل‌ : إنَّ اسم‌ أُمّها: بنت‌ صخربن‌ عامر بن‌ كعب‌ بن‌ سعد بن‌ تيم‌ بن‌ مُرَّة‌ . («أُسد الغابة‌» ج‌ 5 ، ص‌ 618 من‌ الطبعة‌ القديمة‌، وج‌ 7 ، ص‌ 393 من‌ الطبعة‌ الجديدة‌) . 

[20] ـ نسب‌ الطبرسي‌ّ في‌ «الاحتجاج‌» هذين‌ البيتين‌ مع‌ ستّة‌ أبيات‌ أُخري‌ إلي‌ السيّدة‌ فاطمة‌ الزهراء سلام‌ الله‌ عليها . أنشدتهما في‌ آخر خطبتها المعروفة‌ . ج‌ 1 ، ص‌ 145 ، طبعة‌ النجف‌. 

[21] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2 ، ص‌ 50 ، طبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌ . 

[22] ـ الآية‌ 25 ، من‌ السورة‌ 47 : محمّد .

      
  
الفهرس
  الدرس‌ السادس‌ بعد المائة‌ إلی‌ التاسع‌ بعد المائة‌في‌ تفسير الآية‌: إلیومَ ...
  أشعار الطاهر والحميري‌ّ في‌ الآية‌: إلیومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
  روايات‌ الخطيب‌ البغدادي‌ّ وابن‌ عساكر وابن‌ مردويه‌ في‌ آيه‌ إكمال‌ الدين‌
  روايات‌ ابن‌ المغازلي‌ّ والحمّوئي‌ّ في‌ آية‌ إكمال‌ الدين‌
  روايات‌ سبط‌ بن‌ الجوزي‌ّ والسيّد الرضي‌ّ في‌ آية‌ إكمال‌ الدين‌ و ...
  عمل‌ الناس‌ بأربع‌، وتركوا الولاية‌
  العامّة‌ يقولون‌ غالباً: نزلت‌ آية‌ إكمال‌ الدين‌ في‌ يوم‌ عرفة‌
  عدم‌ نزول‌ آية‌ الإكمال‌ في‌ يوم‌ عرفة‌
  عرض‌ تفصيلي‌ّ حول‌ نزول‌ آية‌ الإكمال‌
  ما هو المراد بإلیوم‌ في‌ آية‌ الإكمال‌ ؟
  استنباط‌ معني‌ إلیوم‌ من‌ الآية‌ نفسها إلیومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
  المراد من‌ خشية‌ الله‌، الخوف‌ في‌ مقام‌ الولاية‌
  الفرق‌ بين‌ الكمال‌ والتمام‌ في‌ كمال‌ الدين‌ وتمام‌ النعمة‌
  المراد من‌ النعمة‌ الولاية‌
  آية‌ إكمال‌ الدين‌ من‌ مصادق‌ الآية‌: وَعَدَ اللَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ
  المراد من‌ إلیوم‌ في‌ آية‌ الإكمال‌ يوم‌ الغدير
  يمكن‌ أن‌ يكون‌ نزول‌ آية‌ الولاية‌ في‌ يوم‌ عرفة‌، وتبليغها يوم‌ الغدير
  قول‌ إلیهود: لو كانت‌ آية‌ الإكمال‌ نازلة‌ علینا لاتّخذنا ذلك‌ إلیوم‌ عيداً
  كمال‌ الدين‌ وتمام‌ النعمة‌ سنّة‌ قائمة‌ لا تزول‌
  وقوع‌ آية‌ الإكمال‌ بين‌ آيات‌ محرّمات‌ الطعام‌ شي‌ء عجيب‌
  قصيدة‌ الملاّ علی‌ الخوئي‌ّ في‌ وصف‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌
  أبيات‌ لابي‌ بكر القريعي‌ّ
  الدرس‌ العاشر بعد المائة‌ إلی‌ الخامس‌ عشر بعد المائة‌ :التقديم‌ بين‌ يدي‌ الله‌ هو التخلّف‌ نفسه‌
  حوار بين‌ شيعي‌ّ وسنّي‌ّ حول‌ لزوم‌ الخلافة‌
  استعراض‌ تهنئة‌ الشيخين‌ في‌ كتاب‌ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌
  أبيات‌ السيّد الحميري‌ّ في‌ تهنئة‌ الشيخين
  الروايات‌ الواردة‌ حول‌ عدم‌ رسوخ‌ الولاية‌ في‌ نفوس‌ شيوخ‌ قريش‌
  كلام‌ معارضي‌ الولاية‌ في‌ عصر رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌
  أبيات‌ البشنوي‌ّ في‌ كلام‌ المعارضين‌ الذين‌ قالوا لا نسلّم‌ الإمامة‌ لعلی‌ّ
  أعيان‌ من‌ علماء العامّة‌ ذكروا تهنئة‌ الشيخين‌
  كلام‌ صاحب‌ تفسير «المنار» في‌ أنَّ العامّة‌ يعتقدون‌ بالولاية‌
  التصويت‌ السرّي‌ّ المموّه‌ بالخداع‌ في‌ السقيفة‌
  إقصاء أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ عن‌ الخلافة‌ بسبب‌ حداثة‌ السنّ
  تفنيد الإشكال‌ المثار حول‌ حداثة‌ سنّ الإمام‌ علیه‌ السلام‌
  نصّ رسول‌ الله‌ علی‌ إمارة‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ للمؤمنين‌
  أمير المؤمنين‌ لقب‌ خاصّ للإمام‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌
  أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ متحمّس‌ لهداية‌ الناس‌ كرسول‌ الله‌
  النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ حريصاً علی‌ هداية‌ الناس‌
  كلام‌ أمير المؤمنين‌ للعبّاس‌ وأبي‌ سفيان‌ بعد وفاة‌ رسول‌ الله‌
  الخطبة‌ الشقشقيّة‌ التي‌ ألقاها أمير المؤمنين‌ في‌ أيّام‌ خلافته‌
  كلام‌ عمر حول‌ لزوم‌ الجمع‌ بين‌ النبوّة‌ والخلافة‌ في‌ بيت‌ واحد
  جواب‌ ابن‌ عبّاس‌ الصارم‌ لعمر حول‌ عدم‌ الجمع‌ بين‌ النبوّة‌ والخلافة‌
  قصد عمر من‌ نسبة‌ الهجر إلی‌ رسول‌ الله‌ إثارة‌ اللغط‌ والضجيج‌
  اعتراف‌ عمر بأحقّيّة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ للخلافة‌
  الخلفاء المنتخبون‌ بعد رسول‌ الله‌ مدانون‌ في‌ محكمة‌ التأريخ‌
  بطلان‌ لزوم‌ عدم‌ الجمع‌ بين‌ النبوّة‌ والخلافة‌ في‌ بيت‌ واحد عقلاً
  قيام‌ الإجماع‌ علی‌ عدم‌ التنافي‌ بين‌ النبوّة‌ والخلافة‌ في‌ بيت‌ واحد
  فصل‌ النبوّة‌ عن‌ الخلافة‌ والإمارة‌ هو فصلها عن‌ السياسة‌
  فصل‌ الدين‌ عن‌ السياسة‌ يتعارض‌ مع‌ ضرورة‌ الإسلام ‌
  اصطلاح‌ الروحاني‌ّ والروحانيّة‌ اصطلاح‌ كَنَسي‌ّ وليس‌ إسلاميّاً
  قصّة‌ أبي‌ بكر وكيفيّة‌ أخذ البيعة‌، وإقصاء أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌
  >>لقاء أبي‌ بكر وعمر مع‌ العبّاس‌ ووعدهما إيّاه‌ بحصّة‌ من‌ الخلافة‌
  الدرسان‌ السادس‌ عشر والسابع‌ عشر بعد المائة‌ :أمير المؤمنين‌ ...
  في‌ تفسير: ال´م‌´ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن‌ ... باختبار الناس‌ في‌ أمير المؤمنين‌
  قيام‌ الصحابة‌ الكرام‌ في‌ مسجد رسول‌ الله‌ واحتجاجهم‌ علی‌ أبي‌ بكر
  احتجاج‌ خالد بن‌ سعيد بن‌ العاص‌ علی‌ أبي‌ بكر بسوابق‌ أمير المؤمنين‌
  احتجاج‌ أبي‌ ذرّ الغفاري‌ّ في‌ مسجد النبي‌ّ علی‌ أبي‌ بكر وأعوانه‌
  احتجاج‌ عمّار بن‌ ياسر وقيس‌ بن‌ سعد في‌ المسجد علی‌ أبي‌ بكر
  احتجاج‌ سهل‌ بن‌ حُنيف‌ وابن‌ التيّهان‌ في‌ المسجد علی‌ أبي‌ بكر
  احتجاج‌ أبي‌ أيّوب‌ الانصاري‌ّ في‌ المسجد علی‌ أبي‌ بكر
  عدم‌ الإذن‌ بالقيام‌ بالسيف‌ بعد وفاة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌
  إطلاق‌ حزب‌ علی‌ّ عنوان‌ الغاصب‌ علی‌ أبي‌ بكر منذ إلیوم‌ الاوّل‌ لخلافته‌
  كلام‌ المسعودي‌ّ في‌ مناصرة‌ أعيان‌ الشيعة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌
  تأمير أُسامة‌ بن‌ زيد علی‌ أبي‌ بكر وعمر
  اعتراض‌ أُسامة‌ بن‌ زيد وأبي‌ قُحافة‌ علی‌ أبي‌ بكر في‌ الخلافة‌
  الدرس‌ الثامن‌ عشر بعد المائة‌ إلی‌ العشرين‌ بعد المائة‌ :في‌ المدينة‌ الفاضلة‌‌...‌
  إضفاء عمر الصبغة‌ الدينيّة‌ علی‌ بِدَعِه‌
  تخطيط‌ عمر في‌ الشوري‌ لخلافة‌ عثمان‌
  شروط‌ عمر التعجيزيّة‌ تحول‌ دون‌ خلافة‌ أمير المؤمنين‌
  كان‌ واضحاً منذ أيّام‌ عمر أنَّ عثمان‌ هو الخليفة‌ بعده‌
  تعزيز عمر موقع‌ بني‌ أُميّة‌ أمام‌ بني‌ هاشم‌
  إنذار معاوية‌ المهاجرين‌ توطيداً لعثمان‌
  تفريط‌ عمر بالإسلام من‌ أجل‌ عزّة‌ العرب‌
  ثقل‌ إمارة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ علی‌ عمر
  التخطيط‌ المسبق‌ للشوري‌ والحؤول‌ دون‌ خلافة‌ أمير المؤمنين‌
  الشوري‌ الخاضعة‌ لإشراف‌ عمر ليست‌ شوري‌ بل‌ هي‌ الاستبداد عينه‌
  حوار معاوية‌ مع‌ زياد بن‌ حصين‌ حول‌ اختلاف‌ المسلمين‌
  كلام‌ الغزّإلی‌ّ في‌ الغدير وانحراف‌ الخلفاء المنتخَبِين‌
  من‌ كبار الشيعة‌ والعامّة‌ الذين‌ يرون‌ أنَّ كتاب‌ «سرّ العالمين‌» للغزّإلی‌ّ
  ردّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ سنّة‌ الشيخين‌
  رسالة‌ عشرة‌ من‌ الصحابة‌ إلی‌ عثمان‌ حول‌ انتهاكاته‌
  خطبة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ حول‌ نسف‌ السنن‌ المخالفة‌
  قول‌ معاوية‌: لا يقرّ قراري‌ ما لم‌ أدفن‌ اسم‌ محمّد حتّي‌ لا يُصاح‌ به‌...
  نظرة‌ معاوية‌ إلی‌ نبوّة‌ رسول‌ الله‌ علی‌ أنـّها سلطة‌ حكوميّة‌
  نجدة‌ الإسلام بحركة‌ الإمام‌ الحسين‌ العمليّة‌ وحركة‌ الإمام‌ الباقر العلميّة‌

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی