معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > اعتقادات > معرفة‌ الإمام > معرفة الامام(المجلدالثاني‌عشر)
کتاب معرفة الامام / المجلد الثانی عشر / القسم الثانی: علی علیه السلام و الاخبار الغیبیة

قتل‌ خالد سعد بنَ عُبادة‌ ونسبته‌ القتل‌ إلی الجنّ

 ونقول‌ في‌ توضيح‌ هذه‌ المسألة‌: لمّا امتنع‌ سعد بن‌ عُبادة‌، [1] رئيس‌ الخزرج‌، وهم‌ من‌ أنصار المدينة‌، من‌ بيعة‌ أبي‌ بكر بعد حادثة‌ سقيفة‌ بني‌ ساعدة‌، وأراد المبايعون‌ لابي‌ بكر أن‌ يطالبوه‌ بالبيعة‌، قال‌ لهم‌ ولده‌ قيس‌: إنّي‌ ناصح‌ لكم‌، فاقبلوا منّي‌. قالوا: وما ذاك‌؟ قال‌: إنّ سعداً حلف‌ أن‌ لايبايعكم‌. وإذا حلف‌، فعل‌. ولن‌ يبايعكم‌ حتّي‌ يقتل‌. ولن‌يقتل‌ حتّي‌ يقتل‌ معه‌ ولده‌ وأهل‌ بيته‌. ولن‌ يقتلوا حتّي‌ تقتل‌ الخزرج‌ كلّها. ولن‌يقتلوا حتّي‌ تقتل‌ الاوس‌ كلّها ( ذلك‌ أ نّهما من‌ الانصار في‌ مقابل‌ المهاجرين‌ ). ولن‌يقتل‌ الاوس‌ والخزرج‌، حتّي‌ تقتل‌ اليمن‌ كلّها. فلاتفسدوا عليكم‌ أمراً قد كمل‌ واستتمّ لكم‌. فسمعوا نصيحته‌ وقبلوها، ولم‌يتعرّضوا لسعد.

 ثمّ إنّ سعداً خرج‌ من‌ المدينة‌ إلی الشام‌، فنزل‌ في‌ قري‌ غسّان‌ من‌ بلاد دمشق‌. وكان‌ غسّان‌ من‌ عشيرته‌. وكان‌ خروج‌ سعد مثيراً لانصار الخلافة‌، بخاصّة‌ أنّها أقلقت‌ الاجواء من‌ خلال‌ معارضة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وعدم‌بيعته‌ هو وجميع‌ بني‌ هاشم‌ وكثير من‌ الانصار، والوجهاء من‌ المهاجرين‌. وكان‌ خالد بن‌ الوليد يومئذٍ بالشام‌. وكان‌ ممّن‌ يعرف‌ بجودة‌ الرمي‌، وكان‌ معه‌ رجل‌ من‌ قريش‌ موصوف‌ بجودة‌ الرمي‌. فاتّفقا علی قتل‌ سعدبن‌ عبادة‌ لامتناعه‌ من‌ البيعة‌ لقريش‌، فاستترا ليلة‌ بين‌ شجر وكرم‌. فلمّا مرّ بهما، رمياه‌ بسهمين‌، وأنشدا بيتين‌ من‌ الشعر ونسباهما إلی الجنّ:

 نَحْنُ قَتَلْنَا سَيِّدَ الخَزْرَجِ               سَــعْـدَ بْــنَ عُـبَــادَه‌

 وَرَمَـيْـنَـاهُ بِـسَـهْـمَـيْـنِ              فَـلَــمْ نُـخْــطِ فَــؤَادَه‌

 وقرأهما ليلة‌ بالمدينة‌ من‌ داخل‌ بئر فظنّ الناس‌ أ نّهما للجنّ، وأنّ الجـنّ قتلـوه‌. ولمّـا ملـك‌ عمـر، ورأي‌ خالـداً يومـاً في‌ بعض‌ بسـاتيـن‌ المدينة‌، قال‌ له‌: يا خالد! أنت‌ الذي‌ قتلت‌ مالك‌ بن‌ نويـرة‌؟ فقال‌ خالـد: يَا أَمِيرَالمُؤْمِنِينَ! إن‌ كُنتُ قَتَلْتُ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ لِهَنَاتٍ كَانَتْ بَيْنِي‌ وَبَيْنَهُ، فَقَدْ قَتَلْتُ لَكُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ لِهَنَاتٍ كَانَتْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ. فسُرّ عمر بكلامه‌ وأُعجب‌ به‌، وقام‌ وضمّه‌ إلی صدره‌، وقال‌ له‌: أَنتَ سَيْفُ اللَهِ وَسَيْفَ رَسُولِهِ.

 ولم‌ يتعرّض‌ عمر لخالد بعد ذلك‌ لا نّه‌ علم‌ أنّ قاتل‌ سعد بن‌ عبادة‌ هو خالد نفسه‌، فجعل‌ دم‌ مالك‌ بدم‌ سعد بن‌ عبادة‌، وتجاوز عن‌ خالد، وهو الذي‌ أقسم‌ في‌ أيّام‌ أبي‌ بكر إنّه‌ لو ملك‌، لاقتصّ منه‌: وَاللَهِ لَئِنْ وُلِّيتُ الاَمْرَ، لاَقَيِّدَنَّكَ بِهِ! وعلي‌ هذا اسـتبان‌ ممّا ذكـرناه‌ أنّ عمر لم‌يدافـع‌ عن‌ مالك‌بن‌ نويرة‌، بل‌ كان‌ شريكاً في‌ دمه‌. إذ لم‌ يقتصّ في‌ أيّام‌ حكومته‌ من‌ خالد لاجل‌ مصالحه‌ الدنيويّة‌![2]

 وكانت‌ مظلوميّة‌ مالك‌ منذ البداية‌ موضع‌ بحث‌ واحتجاج‌ بين‌ علمائنا ومخالفينا. وهي‌ مذكورة‌ في‌ الكتب‌ الكلاميّة‌ والتواريخ‌، منها: « تاريخ‌ الطبري‌ّ »، و « الكامل‌ » لابن‌ الاثير الجَزَريّ، و « روضة‌ الاحباب‌ » لعطاءالله‌، و « نهاية‌ العقول‌ » للفخر الرازيّ، و « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ » لابن‌ أبي‌ الحديد، و « الاستيعاب‌ » لابن‌ عبدالبرّ، و « العِقد الفريد » لابن‌ عبد ربّه‌، و « المغني‌ » للقاضي‌ عبدالجبّار، وكتب‌ التفتازانيّ، والقوشجيّ، والشريف‌ الجرجاني‌ّ، والشريف‌ المرتضي‌ في‌ « الشافي‌ في‌ الإمامة‌ »، وكتب‌ العلاّمة‌ الحلّي‌ّ، وكتب‌ العلاّمة‌ المجلسيّ رحمه‌ الله‌ وغيرهم‌. وما نقلناه‌ هنا مختصر من‌ الطعن‌ الخامس‌ للمجلسيّ علی أبي‌ بكر، الوارد في‌ « بحار الانوار »،[3] مع‌ جمل‌ من‌ « تاريخ‌ الطبري‌ّ »[4].

إخبار أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بالمغيّبات‌

 قال‌ الشيخ‌ المفيد في‌ « الإرشاد »: والذي‌ كان‌ من‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ هذا الصدد ( أي‌ الإخبار بالغيب‌ ) ما لا يستطاع‌ إنكاره‌ إلاّ مع‌ الغباوة‌ والجهل‌ والبهت‌ والعناد. ألا تري‌ إلی ما تظاهرت‌ به‌ الاخبار، وانتشرت‌ به‌ الآثار، ونقلته‌ الكافّة‌ عنه‌ عليه‌ السلام‌ من‌ قوله‌ قبل‌ قتاله‌ الفرق‌ الثلاث‌ بعد بيعته‌: أُمِرْتُ بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ وَالقَاسِطِينَ وَالمَارِقِينَ. ( والمقصود من‌ هؤلاء هم‌ أصحاب‌ الجمل‌، وأصحاب‌ معاوية‌، وخوارج‌ النهروان‌ الذين‌ قاتلهم‌ في‌ الجمل‌، وصفّين‌، والنهروان‌ ) فقاتلهم‌ عليه‌ السلام‌ وكان‌ الامر فيما خبّر به‌ علی ما قال[5]‌.

 وقال‌ عليه‌ السـلام‌ لطلحـة‌ والزبيـر حين‌ اسـتأذنـاه‌ في‌ الخـروج‌ إلی العُمـرة‌: وَاللَهِ مَا تُرِيدَانِ العُمْـرَةَ وَإنَّمَا تُريدَانِ البَصْـرَةَ. وكان‌ الامـر كما قال‌.[6]

 وقال‌ عليه‌ السلام‌ لابن‌ عبّاس‌ يخبره‌ عن‌ استئذانهما له‌ في‌ العُمرة‌: إنَّنِي‌ أَذِنْتُ لَهُمَا مَعَ عِلْمِي‌ بِمَا قَدِ انْطَوَيَا عَلَيْهِ مِنَ الغَدْرِ وَاسْتَظْهَرْتُ بِاللَهِ عَلَيْهِمَا وَإنَّ اللَهَ تَعَالَي‌ سَيَرُدُّ كَيْدَهُمَا وَيَظْفُرُنِي‌ بِهِمَا. فكان‌ الامر كما قال‌ [7].

 وقال‌ ابن‌ شهرآشوب‌ بعد الرواية‌ الاُولي‌ التي‌ قال‌ فيها عليه‌ السلام‌: وَإِنَّمَا تُرِيدَانِ البَصْرَةَ: وفي‌ رواية‌: إِنَّمَا تُرِيدَانِ الفِتْنَةَ. وقال‌ عليه‌ السلام‌ أيضاً: لَقَدْ دَخَلاَ بِوَجْهٍ فَاجِرٍ وَخَرَجَا بِوَجْهٍ غَادِرٍ، وَلاَأَلْقَاهُمَا إِلاَّ فِي‌ كَتِيبَةٍ، وَأَخْلَقُ بِهِمَا أَنْ يُقْتَلاَ.

 وفي‌ رواية‌ أبي‌ الهَيْثَمْ بن‌ التَّيِّهان‌، وعبد الله‌ بن‌ رافع‌ ( أ نّه‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ لهما ): وَلَقَدْ أُنْبِئْتُ بِأَمْرِكُمَا وَأُرِيتُ مَصَارِعَكُمَا؛ فَانْطَلَقَا وَهُوَ يَقُولُ، وَهُمَا يَسْمَعَانِ: «فَمَن‌ نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَي‌' نَفْسِهِ»[8].

 ونقل‌ المجلسيّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ عن‌ « المناقب‌ » لابن‌ شهرآشوب‌، عن‌ ابن‌عبّاس‌، أنّ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ يوم‌ الجمل‌: لَنَظْهَرَنَّ علی هَذِهِ الفِرْقَةِ وَلَنَقْتُلَنَّ هَذَينِ الرَّجُلَيْنِ. وفي‌ رواية‌: لَتَفْتَحُنَّ البَصْرَةَ وَلَيأْتِيَنَّكُمُ اليَوْمَ مِنَ الكُوفَةِ ثَمَانِيَةُ آلافٍ وَبِضْعٌ وَثَلاَثُونَ رَجُلاً. [9] فكان‌ كما قال‌. وفي‌ رواية‌: ستّة‌ آلاف‌ وخمسة‌ وستّون‌.

إخباره‌ أُويس‌ القرني‌ّ ومجي‌ء ألف‌ رجل‌ من‌ الكوفة‌

 وقال‌ الشيخ‌ المفيد: وقال‌ عليه‌ السلام‌ بذي‌ قار وهو جالس‌ لاخذ البيعة‌: يَأْتِيكُمْ مِنْ قِبَلِ الكُوفَةِ أَلْفُ رَجُلٍ لاَ يَزِيدُونَ رَجُلاً وَلاَيَنقُصُونَ رَجُلاً يُبَايُعوني‌ علی المَوْتِ.

 قال‌ ابن‌ عبّاس‌: فجزعتُ لذلك‌ وخفتُ أن‌ ينقص‌ القوم‌ عن‌ العدد أو يزيدوا عليه‌ فيفسد الامر علينا. ولم‌ أزل‌ مهموماً دأبي‌ إحصاء القوم‌، حتّي‌ ورد أوائلهم‌، فجعلت‌ أُحصيهم‌، فاستوفيت‌ عددهم‌ تسعمائة‌ رجل‌ وتسعة‌ وتسعين‌ رجلاً. ثمّ انقطع‌ مجي‌ء القوم‌، فقلتُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. ماذا حمله‌ علی ما قال‌؟

 فبينا أنا مفكّر في‌ ذلك‌ إذ رأيت‌ شـخصاً قد أقبل‌، حتّي‌ إذا دنا، فإذا هـو راجل‌ عليه‌ قبـاء صـوف‌، معه‌ سـيفه‌ وتُرسـه‌ وإداوته‌، فقـرب‌ من‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ فقال‌ له‌: أُمدُدْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ.

 فقال‌ له‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: عَلاَمَ تُبَايِعُنِي‌؟

 قال‌: علی السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالقِتَالِ بَيْنَ يَدَيْكَ حَتَّي‌ أَمُوتَ أَوْ يَفْتَحَ اللَهُ عَلَيْكَ.

 فقال‌ له‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: ما اسمك‌؟ قال‌: أُوَيْس‌. قال‌: أَنْتَ أُوَيْسُ القَرَنِي‌ُّ؟ قال‌: نعم‌.

 قال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: اللَهُ أَكْبَرُ، أَخْبَرَنِي‌ حَبِيبِي‌ رَسُولُاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: أَ نِّي‌ أُدْرِكُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِهِ يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسُ القَرَنِي‌ُّ، يَكُونُ مِنْ حِزْبِ اللَهِ وَرَسُولِهِ، يَمُوتُ علی الشَّهَادَةِ، يَدْخُلُ فِي‌ شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ، اللَهُ أَكْبَرُ.

 قال‌ ابن‌ عبّاس‌: فَسُرِي‌َ وَاللَهِ عَنِّي‌[10].

 وقال‌ الشيخ‌ المفيد أيضاً: ومن‌ ذلك‌ ( أي‌ إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بالغيب‌ ) قوله‌ وقد رفع‌ أهل‌ الشام‌ المصاحف‌، وشكّ فريق‌ من‌ أصحابه‌ ولجؤوا إلی المسالمة‌ ودعوه‌ إليها: وَيْلَكُمْ، إِنَّ هَذِهِ خَدِيعَةٌ وَمَا يُرِيدُ القَوْمَ القُرْآنَ لاِ نَّهُمْ لِيْسُـوا بِأَهْلِ قُرْآنٍ، فَاتَّقُوا اللَهَ وَامْضُوا علی بَصَائِرِكُمْ فِي‌ قِتِالِهِمْ، فَإن‌ لَمْتَفْعَلُوا تَفَرَّقَتْ بِكُمُ السُّبُلُ وَنَدِمْتُمْ حَيْثُ لاَتَنْفَعُكُمُ النَّدَامَةُ.

 فكان‌ الامر كما قال‌. وكفر القوم‌ بعد التحكيم‌، وندموا علی ما فرط‌ منهم‌ في‌ الإجابة‌ إليه‌، وتفرّقت‌ بهم‌ السبل‌، وكان‌ عاقبتهم‌ الدمار[11].

إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بقتل‌ ذي‌ الثديّة‌ بالنهروان‌

 وقال‌ الشيخ‌ المفيد أيضاً: وقال‌ عليه‌ السلام‌ وهو متوجّه‌ إلی قتال‌ الخوارج‌: لَوْلاَ أَ نِّي‌ أَخَافُ أَنْ تَتَّكِلُوا وَتَتْرُكُوا العَمَلَ لاَخْبَرْتُكُمْ بِمَا قَضَاهُ علی لِساَنِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِيمَنْ قَاتَلَ هَؤُلاَءِ القَوْمَ مُسْتَبْصِراً بِضَلاَلَتِهِمْ، وَإِنَّ فِيهِمْ لَرَجُلاً مَوْذُونَ[12] اليَدِ، لَهُ ثَدْي‌ٌ كَثَدْي‌ المَرْأَةِ، وَهُمْ شَرُّ الخَلْقِ وَالخَلِيقَةِ، وَقَاتِلُهُمْ أَقْرَبُ خَلْقِ اللَهِ إلی اللَهِ وَسِيلَةً.[13]

 ولم‌ يكن‌ المُخْـدِجُ [14] ( وهـو ذو الثُّدَيَّة‌ الـذي‌ كانت‌ إحـدي‌ يديـه‌ ناقصـة‌وهي‌ كالثدي‌ في‌ جانب‌ صدره‌ ) معروفاً في‌ القوم‌. فلمّا قتلوا جعل‌ ( أميرالمؤمنين‌ ) عليه‌ السلام‌ يطلبه‌ في‌ القتلي‌، ويقول‌: وَاللَهِ مَا كَذَبْتُ وَلاَكُذِبْتُ. حتّي‌ وُجد في‌ القوم‌، فَشُقّ قميصه‌ فكان‌ علی كتفه‌ سلعة‌ كثدي‌ المرأة‌، عليها شعرات‌ إذا جذبت‌ انجذب‌ كتفه‌ معها. وإذا تُركت‌ رجع‌ كتفه‌ إلی موضعه‌. فلمّا وجده‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، كبّر، ثمّ قال‌: إِنَّ فِي‌ هَذَا لَعِبْرَةٌ لِمَنِ اسْتَبْصَرَ. [15]

 قال‌ المجلسيّ: روي‌ ابن‌ أبي‌ الحديد أنّ أهل‌ السير كافّة‌ ذكروا أنّ عليّاً عليه‌ السلام‌ لمّا طحن‌ الخوارج‌، طلب‌ ذا الثُّديَّة‌ طلباً شديداً، وقلّب‌ القتلي‌ ظهراً لبطن‌، فلم‌ يقدر عليه‌، فساءه‌ ذلك‌ وجعل‌ يقول‌: وَاللَهِ مَا كَذَبْتُ وَلاَ كُذِبْتُ! اطلبوا الرجل‌ وإنّه‌ لفي‌ القوم‌. فلم‌ يزل‌ يتطلّبه‌ حتّي‌ وجده‌ و ( هُوَ رَجُلٌ مُخْدِجُ اليَدِ كَأَ نَّهَا ثَدْي‌ٌ فِي‌ صَدْرِهِ ) [16].

 وروي‌ إبراهيم‌ بن‌ ديزيل‌ في‌ كتاب‌ « صفيّن‌ » عن‌ الاعمش‌، عن‌ زيد ابن‌وهب‌ قال‌: لمّا شـجر أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ الخـوارج‌ بالرماح‌، قال‌: اطلبوا ذا الثُّديَّة‌، فطلبوه‌ طلباً شديداً حتّي‌ وجدوه‌ في‌ وهدة‌ من‌ الارض‌ تحت‌ ناس‌ من‌ القتلي‌. فأُتي‌ به‌ وإذا رجل‌ علی يديه‌ مثل‌ سبلات‌[17] السِّنَّوْر، فكبّر علی عليه‌ السلام‌، وكبّر الناس‌ معه‌ سروراً بذلك[18]‌.

 وروي‌ مُسْلِم‌ الضَّبّي‌ّ أيضاً عن‌ حَبَّةَ العُرَنِيّ أنّ ذا الثُّديَّة‌ كان‌ رجلاً أسوداً منتن‌ الريح‌، له‌ ثدي‌ كثدي‌ المرأة‌، إذا مُدّت‌ كانت‌ بطول‌ اليد الاُخري‌. وإذا تُركت‌ اجتمعت‌ وتقلّصت‌ وصارت‌ كثدي‌ المرأة‌ عليها شعرات‌ مثل‌ شوارب‌ الهرّة‌. [19]

 فلمّا وجدوه‌ قطعوا يده‌ ونصبوها علی رمح‌. ثمّ جعل‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ينادي‌: صَدَقَ اللَهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ. لم‌يزل‌ يقول‌ ذلك‌ هو وأصحابه‌ من‌ العصر إلی أن‌ غربت‌ الشمس‌ أو كادت‌. [20]

 وروي‌ ابن‌ ديزيل‌ أيضاً، قال‌: لمّا عيل‌ صبر عليّ عليه‌ السلام‌ في‌ طلب‌ المخدج‌، قال‌: آتوني‌ ببلغة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، فركبها، وأتبعه‌ الناس‌: فرأي‌ القتلي‌ وجعل‌ يقول‌: اقلبوا. فيقلبون‌ قتيلاً عن‌ قتيل‌ حتّي‌ استخرجه‌، فسجد علی عليه‌ السلام‌ شكراً. [21]

 وروي‌ كثير من‌ الناس‌ أ نّه‌ لمّا دعا بالبغلة‌، قال‌: ائتوني‌ بها فإنّها هادية‌. فوقفت‌ به‌ علی المخدج‌، فأخرجه‌ من‌ تحت‌ قتلي‌ كثيرين‌. [22]

 وروي‌ العوامّ بن‌ حَوشَب‌ عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌: يزيد بن‌ رويم‌، قال‌: قال‌ علی عليه‌ السلام‌ ( بالنهروان‌ ): يقتل‌ اليوم‌ أربعة‌ آلاف‌ من‌ الخوارج‌ أحدهم‌ ذوالثديّة‌، فلمّا طحن‌ القوم‌، ورام‌ استخراج‌ ذي‌الثديّة‌، فأتعبه‌، أمرني‌ أن‌ أقطع‌ له‌ أربعة‌ آلاف‌ قصبة‌. ( وركب‌ بغلة‌ رسول‌الله‌ وقال‌ لي‌: اطرح‌ علی كلّ قتيل‌ منهم‌ قصبة‌ ). [23] فلم‌ أزل‌ كذلك‌ وأنا بين‌ يديه‌ وهو راكب‌ خلفي‌، والناس‌ يتبعونه‌، حتّي‌ بقيت‌ في‌ يدي‌ واحدة‌.

 فنظرت‌ إليه‌ وإذا وجهه‌ أربد، وإذا رجله‌ في‌ يدي‌، فجذبتها، وقلتُ: هذه‌ رِجل‌ إنسان‌! فنزل‌ عن‌ البغلة‌ مسرعاً، فجذب‌ الرِّجل‌ الاُخري‌، وجرّرناه‌ حتّي‌ صار علی التراب‌ فإذا هو المخدج‌. فكبّر علی عليه‌ السلام‌ بأعلي‌ صوته‌، ثمّ سجد فكبّر الناس‌ كلّهم‌. [24]

شكّ جندب‌ بن‌ عبد الله‌ وإخبار الإمام‌ عن‌ أهل‌ النهروان‌

 قال‌ الشيخ‌ المفيد: وروي‌ أصحاب‌ السيرة‌ في‌ حديثهم‌ عن‌ جُندب‌بن‌ عبدالله‌ الازدي‌ّ أ نّه‌ قال‌: شهدتُ مع‌ علی عليه‌ السلام‌ الجمل‌ وصفّين‌، لا أشكّ في‌ قتال‌ من‌ قاتله‌، حتّي‌ نزلنا النهروان‌. فدخلني‌ شكّ وقلتُ: قُرَّاؤُنَا وَخِيَارُنَا نَقْتُلُهُمْ؟ إنَّ هَذَا الاَمْرَ عَظِيمٌ.

 فخرجت‌ غدوةً أمشي‌ ومعي‌ إداوة‌ ماء حتّي‌ برزتُ عن‌ الصفوف‌، فركزت‌ رمحي‌، ووضعت‌ ترسي‌ إليه‌ واستترتُ من‌ الشمس‌. فإنّي‌ لجالس‌ حتّي‌ ورد علی أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السـلام‌ فقال‌ لي‌: يا أخا الازد! أمعك‌ طهور؟! قلتُ: نعم‌. فناولته‌ الإداوة‌.

 فمضي‌ حتّي‌ لم‌ أره‌. ثمّ أقبل‌ وقد تطهّر فجلس‌ في‌ ظلّ التُّرس‌، فإذا فارس‌ يسـأل‌ عنه‌، فقلتُ: يا أمير المؤمنين‌! هـذا فارس‌ يريـدك‌! قال‌: فأشِـرْ إليه‌، فأشرتُ إليه‌، فجاء، فقال‌: يا أمير المؤمنين‌! قَدْ عَبَرَ القَوْمُ، وَقَدْ قَطَعُـوا النَّهْرَ. فقال‌ ( عليه‌ السـلام‌ ): كَلاَّ ما عَبَـرُوا. فقال‌: بَلَي‌ وَاللَهِ لَقَدْ فَعَلُـوا. قال‌: كَلاَّ مَا فَعَلُـوا. قال‌: فَإنَّـهُ لَكَذَلِـكَ. إذ جـاء آخر، فقال‌: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! قَدْ عَبَرَ القَوْمُ. فقال‌ الإمام‌: كَلاَّ مَا عَبَرُوا.

 قال‌: والله‌ ما جئتك‌ حتّي‌ رأيتُ الرايات‌ في‌ ذلك‌ الجانب‌ والاثقال‌. فقال‌ الإمام‌: وَاللَهِ مَا فَعَلُوا وَإنَّهُ لَمَصْرَعُهُمْ وَمُهَرَاقُ دِمَائِهِم‌.

 ثمّ نهض‌ ( أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ) ونهضتُ معه‌. فقلتُ في‌ نفسي‌: الحمد للّه‌ الذي‌ بصّرني‌ هذا الرجل‌، وعرّفني‌ أمره‌. هذا أحد رجلين‌: إمّا رجل‌ كذّاب‌ جري‌ء أو علی بيّنة‌ من‌ ربّه‌، وعهد من‌ نبيّه‌. اللهمّ إنّي‌ أُعطيك‌ عهداً تسألني‌ عنه‌ يوم‌ القيامة‌: إن‌ أنا وجدتُ القوم‌ قد عبروا أن‌ أكون‌ أوّل‌ من‌ يقاتله‌، وأوّل‌ من‌ يَطعنُ بالرمح‌ في‌ عينه‌. وإن‌ كان‌ القوم‌ لم‌يعبروا، أن‌ أُقيم‌ علی المناجزة‌ والقتال‌.

 فدُفعنا إلی الصفوف‌، فوجدنا الرايات‌ والاثقال‌ كما هي‌. قال‌: فأخذ ( أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ) بقفاي‌ ودفعني‌، ثمّ قال‌: يَا أَخَا الازْدِ! أَتَبَيَّنَ لَكَ الاَمْرُ؟ قلتُ: أجل‌ يا أمير المؤمنين‌. فقال‌ ( أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ): فَشَأْنَكَ بِعَدُوِّكَ. فقتلتُ رجلاً من‌ القوم‌. ثمّ قتلتُ آخر، ثمّ اختلفتُ أنا ورجل‌ آخر أضربه‌ ويضربني‌ فوقعنا جميعاً، فاحتملني‌ أصحابي‌ فأفقتُ حين‌ أفقتُ وقد فرغ‌ من‌ القوم‌.

 قال‌ الشيخ‌ المفيد في‌ ذيل‌ هذه‌ الرواية‌: وهذا حديث‌ مشهور شائع‌ بين‌ نقلة‌ الآثار، وقد أخبر به‌ الرجل‌ عن‌ نفسه‌ في‌ عهد أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وبعده‌. فلم‌يدفعه‌ عنه‌ دافع‌، ولا أنكر صدقه‌ فيه‌ مُنكرٍ. وفيه‌ إخبار بالغيب‌، وإبانة‌ عن‌ علم‌ الضمير ومعرفة‌ ما في‌ النفوس‌. والآية‌ فيه‌ باهرة‌ لايعادلها إلاّ ما ساواها في‌ معناها من‌ عظيم‌ المعجِز وجليل‌ البرهان‌. [25]

 وذكر ابن‌ شهرآشوب‌ هذا الحديث‌ بحذافيره‌، ونقله‌ المجلسيّ عنه‌. وفيه‌ أنّ جُندباً قال‌: رَأَيْتُ أَصْحَابَ النَّهْرَوَانِ وَلَهُمْ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ، وفِيهِمْ أَصْحَابُ البَرَانِسِ. والبرنس‌ قلنسوة‌ طويلة‌ كانت‌ تُلبَس‌ في‌ صدر الإسلام‌، وهي‌ للمشايخ‌ والناس‌ المحترمين‌.

 وفي‌ هذا الحديث‌ أيضاً أنّ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: مصرعهم‌ ومهراق‌ دمائهم‌ في‌ هذا الجانب‌ من‌ النهر. وفي‌ رواية‌: لاَ يَبْلِغُونَ إلی قَصْرِ بُورَي‌ بِنْتِ كِسْرَي‌. [26]

 وقال‌ الشـريف‌ الرضي‌ في‌ « نهج‌ البلاغة‌ »: لمّا عـزم‌ الإمام‌ عليه‌ السـلام‌ علی حرب‌ الخوارج‌، وقيل‌ له‌: إنّ القوم‌ قد عبروا جسر النهروان‌، قال‌: مَصَارِعُهُمْ دُونَ النُّطْفَةِ. وَاللَهِ لاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ، وَلاَيَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ. [27]

 قال‌ الشـريف‌ الرضيّ: يعني‌ بالنطفة‌ ماء النهـر، وهي‌ أفصـح‌ كناية‌ عن‌الماء وإن‌ كان‌ كثيراً جمّاً. وقد أشـرنا إلی ذلك‌ فيما تقدّم‌ عند مضيّ ما أشبهه‌.

كلام‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ إعجاز إخبار الإمام‌ بالغيب‌

 وقال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ شرحه‌: هذا الخبر من‌ الاخبار التي‌ تكاد تكون‌ متواترة‌، لاشتهاره‌ ونقل‌ الناس‌ كافّة‌ له‌؛ وهو من‌ معجزاته‌ وأخباره‌ المفصّلة‌ عن‌ الغيب‌.

 ثمّ قال‌: الاخبار علی قسمين‌:

 أحدهما: الاخبار المجملة‌، ولا إعجاز فيها، نحو أن‌ يقول‌ الرجل‌ لاصحابه‌: إنّكم‌ ستنصرون‌ علی هذه‌ الفئة‌ التي‌ تلقونها غداً. فإن‌ نُصِرَ، جعل‌ ذلك‌ حجّة‌ له‌ عند أصحابه‌، وسمّها معجزة‌. وإن‌ لم‌ ينصر، قال‌ لهم‌: تغيّرت‌ نيّاتكم‌ وشككتم‌ في‌ قولي‌، فمنعكم‌ الله‌ نصره‌، ونحو ذلك‌ من‌ القول‌.

 ولا نّه‌ قد جرت‌ العادة‌ أنّ الملوك‌ والرؤساء يعدون‌ أصحابهم‌ بالظفر والنصر، ويُمنّونهم‌ الدول‌؛ فلا يدلّ وقوع‌ ما يقع‌ من‌ ذلك‌ علی إخبار عن‌ غيب‌ يتضمّن‌ إعجازاً.

 والقسم‌ الثاني‌: الاخبار المفصّلة‌ عن‌ الغيوب‌، مثل‌ هذا الخبر، فإنّه‌ لايحتمل‌ التلبيس‌ لتقييده‌ بالعدد المعيّن‌ في‌ أصحابه‌ وفي‌ الخوارج‌، ووقوع‌ الامر بعد الحرب‌ بموجبه‌ من‌ غير زيادة‌ ولا نقصان‌. وذلك‌ أمر إلهيّ عرفه‌ من‌ جهة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، وعرفه‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ من‌ جهة‌ الله‌ سبحانه‌. والقوّة‌ البشريّة‌ تقصُر عن‌ إدراك‌ مثل‌ هذا. ولقد كان‌ له‌ ( لاميرالمؤمنين‌ ) عليه‌ السلام‌ من‌ هذا الباب‌ ما لم‌يكن‌ لغيره‌. وبمقتضي‌ ما شاهد الناس‌ من‌ معجزاته‌، وأحواله‌ المنافية‌ لقوي‌ البشر، غلا فيه‌ من‌ غلا، حتّي‌ نُسب‌ إلی أنّ الجوهر الإلهي‌ّ حلّ في‌ بدنه‌، كما قالت‌ النصاري‌ في‌ عيسي‌ عليه‌ السلام‌.

 وقد أخبره‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بذلك‌، فقال‌: يَهْلِكُ فِيكَ رَجُلاَن‌: مُحِبٌّ غَالٍ وَمُبْغِضٌ قَالٍ.

 وقال‌ له‌ تارة‌ أُخري‌:

 وَالَّذِي‌ نَفْسِي‌ بِيَدِهِ، لَوْلاَ أَ نِّي‌ أُشْفِقُ أَنْ يَقُولَ طَوائِفُ مِنْ أُمَّتِي‌ فِيكَ مَا قَالَتِ النَّصَارَي‌ فِي‌ ابْنِ مَرْيَمَ، لَقُلْتُ اليَوْمَ فِيكَ مَقَالاَ، لاَتَمُرُّ بِمَلاَ مِنَ النَّاسِ إلاَّ أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ لِلبَرَكَةِ. [28]

 وروي‌ ابن‌ شهرآشوب‌ عن‌ ابن‌ بطّة‌ في‌ « الإبانة‌ »، وأبي‌ داود في‌ « السنن‌ » عن‌ أبي‌ مجلد في‌ خبر أنّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ في‌ الخوارج‌ مخاطباً أصحابه‌: وَاللَهِ لاَ يُقْتَلُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ.

 وفي‌ رواية‌ أُخري‌: وَلاَ يَنْفَلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ وَلاَ يَهْلِكُ مِنَّا عَشَرَةٌ. فقُتل‌ من‌ أصحابه‌ تسعة‌، وانفلت‌ من‌ أهل‌ النهروان‌ تسعة‌: اثنان‌ إلی سجستان‌، واثنان‌ إلی عُمان‌، واثنان‌ إلی بلاد الجزيرة‌، واثنان‌ إلی اليمن‌، وواحد إلی مَوْزَن‌. [29] والخوارج‌ من‌ هذه‌ المواضع‌ منهم‌.

 وقال‌ الاعثم‌: المقتولون‌ من‌ أصحاب‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: رُوَيبَة‌بن‌ وَبَر العجليّ، وسَعد بن‌ خالد السبيعي‌ّ، وعبدالله‌بن‌ حَمَّاد الاَرْحَبـي‌ّ، والفيّاض‌ بن‌ خليل‌ الازديّ، وكَيْسُـوم‌ بن‌ سَـلِمَة‌ الجَهَني‌ّ، وعُبَيدبن‌ عُبَيد الخَوْلاَنِيّ، وجميع‌ بن‌ جشم‌ الكِندِي‌ّ، وضَبّبن‌ عاصم‌ الاَسدي‌ّ. [30]

إخبار الإمام‌ بالحوادث‌ التي‌ ستقع‌ بعده‌ ـ إخباره‌ بفتن‌ بني‌ أُميّة‌

 ونقرأ في‌ « نهج‌ البلاغة‌ » خطبة‌ للإمام‌ عليه‌ السلام‌ فيها إخبار بِمُغَيَّبات‌ كثيرة‌. يقول‌ عليه‌ السلام‌:

 أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ! فَأَنَا فَقَأْتُ عَيْنَ الفِتْنَةِ، وَلَمْ تَكُنْ لِيَجْرُأَ عَلَيْهَا أَحَدٌ غَيْرِي‌ بَعْدَ أَنْ مَاجَ غَيْهَبُهَا، وَاشْتَدَّ كَلَبُهَا. فَاسْأَلُوني‌ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي‌؟ فَوَ الَّذِي‌ نَفْسِي‌ بِيَدِهِ لاَ تَسْأَلُونِي‌ عَنْ شَي‌ءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَلاَعَنْ فِئَةٍ تَهْدِي‌ مِائَةً وَتُضِلُّ مِائَةً إِلاَّ أَنْبَأَْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَقَائِدِهَا[31] وَسَائِقِهَا وَمُنَاخِ رِكَابِهَا وَمَحَطِّ رِحَالِهَا؛ وَمَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا قَتْلاً، وَيَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتاً.

 وَلَوْ قَدْ فَقَدْتُمونِي‌ وَنَزَلَتْ بِكُمْ كَرَائِهُ الاُمُورِ، وَحَوازِبُ الخُطُوبِ، لاَطْرَقَ كَثِيرٌ مِنَ السَّائِلِينَ وَفَشِلَ كَثِيرٌ مِنَ المَسْؤولِينَ. وَذَلِكَ إذَا قَلَّصَتْ حَرْبُكُمْ وَشَمَّرَتْ عَنْ سَاقٍ، وَضَاقَتِ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ ضَيْقاً تَسْتطِيلُونَ مَعَهُ أَيَّامَ البَلاَءِ عَلَيْكُمْ حَتَّي‌ يَفْتَحَ اللَهُ لِبَقِيَّةِ الاَبْرارِ مِنْكُمْ. إنَّ الفِتَنَ إذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ، وَإذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ. يُنْكَرْنَ مُقْبِلاَتٍ وَيُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ، يَحُمْنَ حَوْلَ الرِّيَاحِ، يُصِبْنَ بَلَداً وَيُخْطِئْنَ بَلَداً.

 أَلاَ إِنَّ أَخوَفَ الفِتَنِ عِنْدِي‌ عَلَيْكُمْ فِتْنَةُ بَنِي‌ أُمَيَّةَ، فَإنَّهَا فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ عَمَّتْ خُطَّتُهَا وَخَصَّتْ بَلِيَّتُهَا وَأَصَابَ البَلاَءُ مَنْ أَبْصَرَ فِيهَا، وَأَخْطَأَ البَلاَءُ مَنْ عَمِي‌َ عَنْهَا. وَأَيْمُ اللَهِ لَتَجِدُنَّ بَنِي‌ أُمَيَّةَ لَكُمْ أَرْبَابَ سُوءٍ كَالنَّابِ الضَّرُوسِ تَعْذِمُ بِفِيهَا وَتَخْبِطُ بِيَدِهَا وَتَزْبِنُ بِرِجْلِهَا وَتَمْنَعُ دَرَّهَا. لاَيَزَالُونَ بِكُمْ حَتَّي‌ لاَيَتْرُكُوا مِنْكُمْ إِلاَّ نَافِعاً لَهُمْ أَوْ غَيْرَ ضَائِر بِهِمْ. وَلاَ يَزَالُ بَلاَؤُهُمْ حَتَّي‌ لاَيَكُونَ انْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ إِلاَّ كانْتِصَارِ العَبْدِ مِنْ رَبِّهِ، وَالصَّاحِبِ مِنْ مُسْتَصْحِبِهِ. تَرِدُ عَلَيْكُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوْهَاءَ مَخْشِيَّةً وَقِطَعاً جَاهِلِيَّةً لَيْسَفِيهَا مَنَارُ هُدَيً، وَلاَعَلَمٌ يُرَي‌.

 نَحْنُ أَهْلُ البَيْتِ[32] مِنْهَا بِمَنْجَاةٍ وَلَسْنَا فِيهَا بِدُعَاةٍ. ثُمَّ يُفَرِّجُهَا اللَهُ عَنْكُمْ كَتَفْرِيجِ الاَدِيمِ بِمَنْ يَسُومُهُمْ خَسْفاً، وَيَسُوقُهُمْ عُنْفاً، وَيَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ، لاَيُعْطِيهِمْ إلاَّ السَّيْفَ وَلاَ يُحْلِسُهُمْ إلاَّ الخَوْفَ.

 فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَدُّ قُرَيْشٌ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَوْ يَرَوْنَني‌ مَقَاماً وَاحِداً وَلَوْ قَدْرَ جَزْرِ جَزُورٍ لاِقْبَلَ مِنْهُمْ مَا أطْلُبُ اليَوْمَ بَعْضَهُ فَلاَيُعْطُونَنِي‌.[33]

 قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ شرح‌ هذه‌ الخطبة‌: إنّما قال‌ ] أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ [: وَلَمْ يَكُنْ لِيَجْتَرِي‌َ عَلَيْهَا أَحَدٌ غَيْرِي‌، لانّ الناس‌ كلّهم‌ كانوا يهابون‌ قتال‌ أهل‌ القبلة‌، ولا يعلمون‌ كيف‌ يقاتلونهم‌؟ هل‌ يتبعون‌ مولِّيهم‌ أم‌ لا؟ وهل‌ يجهزون‌ علی جريحهم‌ أم‌ لا؟ وهل‌ يقسمون‌ فيئهم‌ أم‌ لا؟ وكانوا يستعظمون‌ قتال‌ من‌ يؤذّن‌ كأذاننا، ويصلّي‌ كصلاتنا، واستعظموا أيضاً حرب‌ عائشة‌ وحرب‌ طلحة‌ والزبير لمكانهم‌ في‌ الإسلام‌، وتوقّف‌ جماعتهم‌ عن‌ الدخول‌ في‌ تلك‌ الحرب‌، كالاحنف‌ بن‌ قيس‌، وغيره‌. فلولا أنّ عليّاً اجترأ علی سلّ السيف‌ فيها ما أقدم‌ أحدٌ عليها.

 ثمّ قال‌ عليه‌ السلام‌: سَلُوني‌ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُوني‌. روي‌ صاحب‌ كتاب‌ « الاستيعاب‌ » وهو أبو عمر محمّد بن‌ عبد البرّ عن‌ جماعة‌ من‌ الرواة‌ والمحدّثين‌، قالوا: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِي‌َ اللَهُ عَنْهُمْ: «سَلُوني‌» إلاَّ عَلِي‌ُّبْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ.

 وروي‌ شيخنا أبو جعفر الإسكافيّ في‌ كتاب‌ « نقض‌ العثمانيّة‌ » عن‌ علي‌ّبن‌ الجعد، عن‌ ابن‌ شُبْرمة‌، قال‌: لَيْسَ لاِحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ علی المِنْبَرِ: «سَلُوني‌» إلاَّ علی بْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. ثمّ فتح‌ ابن‌ أبي‌ الحديد فصلاً في‌ أُمور غيبيّة‌ أخبر بها الإمام‌ عليه‌ السلام‌، فقال‌ ما نصّه‌:

 اعلم‌ أنّ عليّاً عليه‌ السلام‌ قد أقسم‌ في‌ هذا الفصل‌ بالله‌ الذي‌ نفسه‌ بيده‌، إنّهم‌ لايسألونه‌ عن‌ أمر يحدث‌ بينهم‌ وبين‌ القيامة‌ إلاّ أخبرهم‌ به‌. وإنّه‌ ما صحّ من‌ طائفة‌ من‌ الناس‌ يهتدي‌ بها مائة‌ وتضلّ بها مائة‌، إلاّ وهو مخبر لهم‌ ـإن‌ سألوه‌ـ برعاتها، وقائدها، وسائقها، ومواضع‌ نزول‌ ركابها وخيولها، ومن‌ يُقتَلُ منها قتلاً، ومن‌ يموت‌ منها موتاً.

 وهذه‌ الدعوي‌ ليست‌ منه‌ عليه‌ السلام‌ ادّعاء الربوبيّة‌، ولا ادّعاء النبوّة‌؛ ولكنّه‌ كان‌ يقول‌: إنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أخبره‌ بذلك‌.

عدد من‌ أخبار الإمام‌ الغيبيّة‌

 ولقد امتحنّا إخباره‌ عليه‌ السلام‌، فوجدناه‌ موافقاً. فاستدللنا بذلك‌ علی صدق‌ الدعوي‌ المذكورة‌، كإخباره‌ عن‌ الضربة‌ التي‌ يُضربُ بها في‌ رأسه‌ فتخضب‌ لحيته‌.

 وإخباره‌ عن‌ قتل‌ الحسين‌ ـابنه‌ـ عليهما السلام‌، وما قاله‌ في‌ كربلاء حين‌ مروره‌ بها.

 وإخباره‌ بملك‌ معاوية‌ الامر من‌ بعده‌.

 وإخباره‌ عن‌ الحجّاج‌ ] بن‌ يوسف‌ الثقفي‌ّ [، وعن‌ يوسف‌ بن‌ عمر، وما أخبر به‌ من‌ أمر الخوارج‌ بالنهروان‌.

 وما قدّمه‌ إلی أصحابه‌ من‌ إخباره‌ بقتل‌ من‌ يقتل‌ منهم‌، وصلب‌ من‌ يصلب‌، وإخباره‌ بقتال‌ الناكثين‌ والقاسطين‌ والمارقين‌.

 وإخباره‌ بعدّة‌ الجيش‌ الوارد إليه‌ من‌ الكوفة‌ لمّا شخص‌ عليه‌ السلام‌ إلی البصرة‌ لحرب‌ أهلها.

 وإخباره‌ عن‌ عبد الله‌ بن‌ الزبير، وقوله‌ فيه‌: خَبٌّ ضَبٌّ، [34] يَرُومُ أَمْرَاً وَلاَيُدْرِكهُ، يَنْصِبُ حَبَالَةَ الدِّينِ لاِصطِيَادِ الدُّنْيَا، وَهُوَ بَعْدُ مَصْلُوبُ قُرَيْشٍ.

 وكإخباره‌ عن‌ هلاك‌ البصرة‌ لحرب‌ أهلها. وهلاكها تارة‌ أُخري‌ بالزنج‌، وهو الذي‌ صحّفه‌ قوم‌، فقالوا: بالريح‌.

 وكإخباره‌ عن‌ ظهور الرايات‌ السود من‌ خراسان‌، وتنصيصه‌ علی قوم‌ من‌ أهلها يعرفون‌ ببني‌ رزيق‌ ( بتقديم‌ الراء المهملة‌ علی الزاي‌ المعجمة‌) وهم‌ آل‌مصعب‌ الذين‌ منهم‌ طاهر بن‌ الحسين‌ وولده‌، وإسحاق‌بن‌ إبراهيم‌. وكانوا هم‌ وسلفهم‌ دعاة‌ الدولة‌ العبّاسيّة‌.

 وكإخباره‌ عن‌ الائمّة‌ الذين‌ ظهروا من‌ ولده‌ بطبرستان‌، كالناصر، والداعي‌، وغيرهما، في‌ قوله‌ عليه‌ السلام‌: وَإنَّ لآلِ مُحَمَّدٍ بِالطَّالَقَانِ لَكَنْزاً سَيُظْهِرُهُ اللَهُ إذَا شَاءَ. دُعَاؤُهُ حَقٌّ، يَقُومُ بِإذْنِ اللَهِ فَيَدْعُو إلی دِينِ اللَهِ.

 وكإخباره‌ عن‌ مقتل‌ ذي‌ النفس‌ الزكيّة‌ بالمدينة‌، وقوله‌: إنَّهُ يُقْتَلُ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ. وكقوله‌ عن‌ أخيه‌ إبراهيم‌ المقتول‌ بباب‌ حمزة‌: يُقْتَلُ بَعْدَ أَنْ يَظْهَرَ وَيُقْهَرُ بَعْدَ أَنْ يَقْهَرَ.

 وقوله‌ فيه‌ أيضاً: يَأْتِيهِ سَهْمُ غَرْبٍ يَكُونُ فِيهِ مَنِيَّتُهُ. فَيَابُؤْسَاً لِلرَّامي‌! شَلَّتْ يَدَهُ، وَوَهَنَ عَضُدُهُ.

 وكإخباره‌ عن‌ قتلي‌ وَجّ، [35] وقوله‌ فيهم‌: هُمْ خَيْرُ أهْلِ الاَرْضِ.

 وكإخباره‌ عن‌ المملكة‌ العلويّة‌ بالغرب‌، وتصريحه‌ بذكر كتامة‌، وهم‌ الذين‌ نصروا أبا عبد الله‌ الداعي‌ المعلّم‌. وكقوله‌ وهو يشير إلی أبي‌عبدالله‌ المهدي‌ّ: وَهُوَ أَوَّلُهُمْ، ثُمَّ يَظْهَرُ صَاحِبُ القَيْرَوَانِ [36] الغَضُّ البَضُّ، ذُو النَّسَبِ المَحْضِ، المُنْتَجَبُ مِنْ سُلاَلَةِ ذِي‌ البَدَاءِ، المُسَجَّي‌ بِالرِّدَاءِ.

 وكان‌ عبيد الله‌ المهديّ أبيضاً مترفاً مشرباً بحُمرة‌، رخص‌ البدن‌، تارّ الاطراف‌.[37] وذو البداء إسماعيل‌ بن‌ جعفر بن‌ محمّد عليهما السلام‌. وهو المسجّي‌ بالرداء، لانّ أباه‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ سجّاه‌ بردائه‌ لمّا مات‌. وأدخل‌ إليه‌ وجوه‌ الشيعة‌ يشاهدونه‌، ليعلموا موته‌، وتزول‌ عنهم‌ الشبهة‌ في‌ أمره‌.

 وكإخباره‌ عن‌ بني‌ بويه‌ وقوله‌ فيهم‌: وَيَخْرُجُ مِنْ دَيْلَمَانَ بَنُو الصَّيَّادِ. إشارة‌ إليهم‌. وكان‌ أبوهم‌ صيّاد السمك‌ يصيد منه‌ بيده‌ ما يتقوّت‌ هو وعياله‌ بثمنه‌. فأخرج‌ الله‌ تعالي‌ من‌ ولده‌ لصلبه‌ ملوكاً ثلاثة‌، [38] ونشر ذرّيّتهم‌ حتّي‌ ضربت‌ الامثال‌ بملكهم‌. وكقوله‌ عليه‌ السلام‌ فيهم‌: ثُمَّ يَسْتَشْرِي‌ أَمْرُهُمْ حَتَّي‌ يَمْلِكُوا الزَّوْرَاءَ وَيَخْلَعُوا الخُلَفَاءَ. فقال‌ له‌ قائل‌: فكم‌ مدّتهم‌ يا أميرالمؤمنين‌؟ فقال‌: مِائَةٌ أَوْ تَزِيدُ قَلِيلاً.

 وكقوله‌ فيهم‌: وَالمُتْرَفُ ابْنُ الاَجْذَمِ، يَقْتُلُهُ ابْنُ عَمِّهِ علی دِجْلَةَ. وهو إشارة‌ إلی عِزِّ الدَّوْلَةِ بختيار بن‌ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ أبي‌ الحسين‌. وكان‌ مُعِزُّالدَّوْلَةِ أقطع‌ اليد، قطعت‌ يده‌ للنكوص‌ في‌ الحرب‌. وكان‌ ابنه‌ عِزُّالدَّوْلَةِ بختيار مترفاً، صاحب‌ لهو وشرب‌. وقتله‌ عَضُدُ الدَّوْلَةِ فَنَّاخُسْرُو ابن‌عمّه‌ بقصر الجُصّ علی دجلة‌ في‌ الحرب‌، وسلبه‌ ملكه‌.

 وأمّا خلعهم‌ للخلفاء، فإنّ مُعِزَّ الدَوْلَةِ خلع‌ المُسْتَكْفِي‌ّ، ورتّب‌ عوضه‌ المُطِيعَلِلَّهِ. و بَهَاءُالدَّوْلَةِ أبو نصر بن‌ عَضُد الدُّوْلَةِ خلع‌ الطَّائِعَلِلَّهِ ورتّب‌ عوضه‌ القَادِرَبِاللَهِ. وكانت‌ مدّة‌ ملكهم‌ كما أخبر به‌ عليه‌ السلام‌.

 وكإخباره‌ عليه‌ السلام‌ لعبد الله‌ بن‌ عبّاس‌ رحمه‌ الله‌ تعالي‌ عن‌ انتقال‌ الامر إلی أولاده‌. فإنّ علی بن‌ عبد الله‌ لمّا ولد، أخرجه‌ أبوه‌ عبدالله‌ إلی أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، فأخذه‌، وتفل‌ في‌ فيه‌ وحنّكه‌ بتمرة‌ قد لاكها، ودفعه‌ إليه‌، وقال‌: خُذْ إلَيْكَ يَا أَبَا الاَمْلاَكِ. هكذا الرواية‌ الصحيحة‌. وهي‌ التي‌ ذكرها أبوالعبّاس‌ المبرّد في‌ « الكامل‌ » وليست‌ الرواية‌ التي‌ يذكر فيها العدد بصحيحة‌، ولامنقولة‌ من‌ كتاب‌ معتمد عليه‌.

 وكم‌ له‌ من‌ الإخبار عن‌ الغيوب‌ الجارية‌ هذا المجري‌، ممّا لو أردنا اسـتقصاءه‌ لكرّسـنا له‌ كراريـس‌ كثيرة‌. وكتب‌ السـير تشـتمل‌ عليها مشروحة‌.

سبب‌ اعتقاد الناس‌ بأُلوهيّة‌ الإمام‌ دون‌ رسول‌ الله‌

 فإن‌ قلتَ: لماذا غلا الناس‌ في‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، فادّعوا فيه‌ الإلهيّة‌ لإخباره‌ عن‌ الغيوب‌ التي‌ شـاهدوا صدقها عياناً. ولم‌يغلوا في‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ فيدّعوا له‌ الإلهيّة‌، وأخباره‌ عن‌ الغيوب‌ الصادقة‌ قد سمعوها وعلموها يقيناً. وعلي‌ هذا كان‌ النبي‌ّ أولي‌ بذلك‌، لا نّه‌ الاصل‌ المتبوع‌، ومعجزاته‌ أعظم‌، وأخباره‌ عن‌ الغيوب‌ أكثر؟!

 قلتُ: إنّ الذين‌ صحبوا رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، وشاهدوا معجزاته‌، وسمعوا إخباره‌ عن‌ الغيوب‌ الصادقة‌ عياناً، كانوا أشدّ آراءً، وأعظم‌ أحلاماً، وأوفر عقولاً من‌ تلك‌ الطائفة‌ الضعيفة‌ العقول‌، السخيفة‌ الاحلام‌ الذين‌ رأوا أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ آخر أيّامه‌، كعبدالله‌بن‌ سبأ وأصحابه‌، فإنّهم‌ كانوا من‌ ركاكة‌ البصائر وضعفها علی حال‌ مشهورة‌. فلاعجب‌ عن‌ مثلهم‌ أن‌ تستخفّهم‌ المعجزات‌، فيعتقدوا في‌ صاحبها أنّ الجوهر الإلهيّ قد حلّه‌، لاعتقادهم‌ أ نّه‌ لا يصحّ من‌ البشر هذا إلاّ بالحلول‌.

 وقد قيل‌: إنّ جماعة‌ من‌ هؤلاء كانوا من‌ نسل‌ النصاري‌ واليهود، وقد كانوا سمعوا من‌ آبائهم‌ وسلفهم‌ القول‌ بالحلول‌ في‌ أنبيائهم‌ ورؤسائهم‌، فاعتقدوا فيه‌ عليه‌ السلام‌ مثل‌ ذلك‌.

 ويجوز أن‌ يكون‌ أصل‌ هذه‌ المقالة‌ من‌ قوم‌ ملحدين‌ أرادوا إدخال‌ الإلحاد في‌ دين‌ الإسلام‌. فذهبوا إلی ذلك‌. ولو كانوا في‌ أيّام‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌، لقالوا فيه‌ مثل‌ هذه‌ المقالة‌، إضلالاً لاهل‌ الإسلام‌، وقصداً لإيقاع‌ الشبهة‌ في‌ قلوبهم‌. ولم‌ يكن‌ في‌ الصحابة‌ مثل‌ هؤلاء. ولكن‌ قد كان‌ فيهم‌ منافقون‌ وزنادقة‌، ولم‌ يهتدوا إلی هذه‌ الفتنة‌، ولاخطر لهم‌ مثل‌ هذه‌ المكيدة‌.

 وممّا ينقدح‌ لي‌ من‌ الفرق‌ بين‌ هؤلاء القوم‌، وبين‌ العرب‌ الذين‌ عاصروا رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أنّ هؤلاء من‌ العراق‌ وساكني‌ الكوفة‌، وطينة‌ العراق‌ ما زالت‌ تنبت‌ أرباب‌ الاهواء وأصحاب‌ النحل‌ العجيبة‌ والمذاهب‌ البديعة‌. وأهل‌ هذا الإقليم‌ أهل‌ بَصَر وتدقيق‌ ونظر، وبحث‌ عن‌ الآراء والعقائد، وشبه‌ معترضة‌ في‌ المذاهب‌. وقد كان‌ منهم‌ في‌ أيّام‌ الاكاسرة‌ مثل‌ ماني‌، ودَيصان‌، ومزدك‌، وغيرهم‌.

 وليست‌ طينة‌ الحجاز هذه‌ الطينة‌، ولا أذهان‌ أهل‌ الحجاز هذه‌ الاذهان‌. والغالب‌ علی أهل‌ الحجاز الجفاء، والعجرفة‌، وخشونة‌ الطبع‌. ومن‌ سكن‌ المدن‌ منهم‌ كأهل‌ مكّة‌، والمدينة‌، والطائف‌، فطباعهم‌ قريبة‌ من‌ طباع‌ أهل‌ البادية‌ بالمجاورة‌. ولم‌ يكن‌ فيهم‌ من‌ قبلُ حكيم‌ ولافيلسوف‌، ولاصاحب‌ نظر وجدل‌، ولا موقع‌ شبهة‌، ولامبتدع‌ نحلة‌. ولهذا نجد مقالة‌ الغلاة‌ طارئة‌ وناشئة‌ من‌ حيث‌ سكن‌ علی عليه‌ السلام‌ بالعراق‌ والكوفة‌، لا في‌ أيّام‌ مقامه‌ بالمدينة‌، وهي‌ أكثر عمره‌.

 ثمّ شرع‌ ابن‌ أبي‌ الحديد بشرح‌ ألفاظ‌ الخطبة‌ وكلماتها وعباراتها بمقدار غيرقليل‌. وقال‌ في‌ شرح‌ كلامه‌ عن‌ انقراض‌ الحكومة‌ الامويّة‌: ثُمَّ يُفَرِّجُهَا اللَهُ عَنْكُم‌ كَتَفْرِيجِ الاَدِيمِ: هذا الكلام‌ إخبار عن‌ ظهور المسوَّدة‌، وانقراض‌ ملك‌ بني‌ أُميّة‌. ووقع‌ الامر بموجب‌ إخباره‌ صلوات‌الله‌ عليه‌، حتّي‌ لقد صدق‌ قوله‌: لَقَدْ تَوَدُّ قُرَيْشٌ... الكلام‌ إلی آخره‌؛ فإنّ أرباب‌ السير كلّهم‌ نقلوا أنّ مروان‌بن‌ محمّد ( مروان‌ الحمار، آخر حاكم‌ أموي‌ّ غاصب‌ ) قال‌ يوم‌ الزاب‌، [39] لمّا شاهد عبد الله‌ بن‌ علی بن‌ عبد الله‌ بن‌ عبّاس‌ بإزائه‌ في‌ صفّ خراسان‌: لَوَدِدْتُ أَنَّ علی بْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ تَحْتَ هَذِهِ الرَّايَةِ بَدَلاً مِنْ هَذَا الفَتَي‌. والقصّة‌ طويلة‌ وهي‌ مشهورة‌.

 وهذه‌ الخطبة‌ ذكرها جماعة‌ من‌ أصحاب‌ السير، وهي‌ متداولة‌ منقولة‌ مستفيضة‌، خطب‌ بها علی عليه‌ السلام‌ بعد انقضاء أمر النهروان‌. وفيها ألفاظ‌ لم‌يوردها الشريف‌ الرضي‌ّ رحمه‌ الله‌. من‌ ذلك‌ قوله‌ عليه‌ السلام‌:

 وَلَمْ يَكُنْ لِيَجْتَرِي‌َ عَلَيْهَا غَيْرِي‌ وَلَوْ لَمْ أَكُ فِيكُمْ مَا قُوتِلَ أَصْحَابُ الجَمَلِ وَالنَّهْرَوَانِ. وَأَيْمُ اللَهِ لَوْلاَ أَنْ تَتْكِلُوا فَتَدَعُوا العَمَلَ لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا قَضَي‌ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ علی لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لِمَنْ قَاتَلَهُمْ مُبْصِراً لِضَلاَلَتِهِمْ، عَارِفاً لِلْهُدَي‌ الَّذِي‌ نَحْنُ عَلَيْهِ. سَلُونِي‌ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي‌، فَإنِّي‌ مَيِّتٌ عَنْ قَرِيبٍ أَوْ مَقْتُولٌ بَلْ قَتْلاً، مَا يَنْتَظِرُ أَشْقَاهَا أَنْ يَخْضِبَ هَذِهِ بِدَمٍ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ إلی لِحْيَتِهِ. ( قوله‌: عارفاً للهدي‌... أي‌ّ مقامات‌ ودرجات‌ منحهم‌ الله‌، وإلي‌ أي‌ّ مدي‌ رفع‌ مقامهم‌، وكرّم‌ منزلتهم‌ ).

 ومنها في‌ ذكر بني‌ أُميّة‌: يَظْهَرُ أهْلُ بَاطِلهَا علی أهْلِ حَقِّهَا، حَتَّي‌ تَمْلاَ الارْضَ عُدْوَاناً وَظُلْماً وَبِدَعاً إلی أَنْ يَضَعَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ جَبَرُوتَهَا، وَيَكْسِرَ عَمَدَهَا، وَيَنْزِعَ أَوْتَادَهَا. أَلاَ وَإنَّكُمْ مُدْرِكُوهَا، فَانْصُرُوا قَوْماً كَانُوا أَصْحَابَ رَايَاتِ بَدْرٍ وَحُنَيْنٍ، وَلاَ تَمَالَئُوا عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ، فَتَصْرَعَكُمُ البَلَيَّةُ وَتَحِلَّ بِكُمُ النِّقْمَةُ.

 ومنها: إلاَّ مِثْلَ انْتِصَارِ العَبْدِ مِنْ مَوْلاَهُ، إذَا رَآهُ أَطاعَهُ، وَإنْ تَوَارَي‌ عَنْهُ شَتَمَهُ. وَأَيْمُ اللَهِ لَوْ فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُلِّ حَجَرٍ لَجَمَعَكُمُ اللَهُ لِشَرِّ يَوْمٍ لَهُمْ.

إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بقيام‌ الإمام‌ المهدي‌ّ عليه‌ السلام‌

 ومنها: فَانْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ! فَإنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا وَإنْ اسْتَنْصَرُوكُمْ فَانْصُرُوهُمْ، فَلَيُفَرِّجَنَّ اللَهُ الفِتْنَةَ بِرَجُلٍ مِنَّا أَهْل‌ البَيْتِ. بِأَبِي‌ ابْنُخِيَرَةِ الإمَاءِ، لاَيُعْطِيهِمْ إلاَّ السَّيْفَ هَرْجاً هَرْجاً، مَوْضُوعاً علی عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ حَتَّي‌ تَقُولَ قُرَيْشٌ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ لَرَحِمَنَا. يُغْريه‌ اللَهُ بِبَنِي‌ أُمَيَّةَ حَتَّي‌ يَجْعَلَهُمْ حُطَاماً وَرُفَاتاً «مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُو´ا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللَهِ فِي‌ الَّذِينَ خَلَوْا مِن‌ قَبْلُ وَلَن‌ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَهِ تَبْدِيلاً». [40]

 

ارجاعات


[1] ـ ذكرت‌ ترجمته‌ في‌ كتب‌ التراجم‌، وجاء نسبه‌ في‌ «الإصابة‌» و«أُسد الغابة‌» كالآتي‌: سـعدبن‌ عبادة‌ بن‌ دليم‌ بن‌ حارثة‌ بن‌ حـرام‌ بن‌ خزيمة‌ بن‌ ثعلبة‌ بن‌ طـريف‌ بن‌ الخزرج‌بن‌ ساعدة‌بن‌ كعب‌بن‌ الخزرج‌ الانصاريّ، سيّد الخزرج‌ («الإصابة‌» ج‌ 2، ص‌ 27؛ و«أُسد الغابة‌» ج‌ 2، ص‌ 283 ).

[2] ـ ذكر الحلبيّ في‌ سيرته‌، ج‌ 3، ص‌ 220، وابن‌ كثير في‌ تاريخه‌، ج‌ 7، ص‌ 115: أنّ أصل‌ العداوة‌ بين‌ خالد وعمر علی ما حكاه‌ الشعبيّ أ نّهما وهما غلامان‌ تصارعا، وكان‌ خالد ابن‌ خال‌ عمر. فكسر خالد ساق‌ عمر فعولجت‌ وجبرت‌. ولمّا ولي‌ عمر كان‌ أوّل‌ شي‌ء بدأ به‌ عزل‌ خالد لِما تقدّم‌ وقال‌: لا يلي‌ لي‌ عملاً أبداً. ومن‌ ثمّ أرسل‌ إلی أبي‌ عُبيدة‌ الجرّاح‌ بالشام‌ إن‌ أكذب‌ خالد نفسه‌، ] إذ كان‌ قد بلغ‌ عمر أنّ خالداً أعطي‌ الاشعث‌ بن‌ قيس‌ عشرة‌ آلاف‌ درهم‌ [ فهو أمير علی ما كان‌ عليه‌. وإن‌ لم‌ يكذب‌ نفسه‌، فهو معزول‌، فانتزع‌ عمامته‌، وقاسمه‌ ماله‌ نصفين‌. فلم‌ يكذب‌ نفسه‌، فقاسمه‌ أبو عبيدة‌ ماله‌ حتّي‌ إحدي‌ نعليه‌ وترك‌ له‌ الاُخري‌. وخالد يقول‌: سمعاً وطاعة‌ لامير المؤمنين‌.

[3] ـ «بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 264 إلی 268 تحت‌ عنوان‌: «مطاعن‌ أبي‌ بكر والاحتجاج‌ بها علی المخالفين‌ بإيراد الاخبار من‌ كتبهم‌»، طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[4] ـ «تاريخ‌ الاُمم‌ والملوك‌» ج‌ 2، ص‌ 502 إلی 504، طبعة‌ مطبعة‌ الاستقامة‌ 1357.

[5] ـ «الإرشاد» ص‌ 173 و 174، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[6] ـ «الإرشاد» ص‌ 174.

[7] ـ «الإرشاد» ص‌ 174.

[8] ـ الآية‌ 10، من‌ السورة‌ 48: الفتح‌. ذُكر ذلك‌ في‌ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 421، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ و«بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 584، طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[9] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 585؛ و«المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 426، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[10] ـ «الإرشاد» ص‌ 174، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ وفي‌ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌ إشارة‌ إلی هذا الموضوع‌، ج‌ 1، ص‌ 426.

[11] ـ «الإرشاد» ص‌ 174 و 175.

[12] ـ جاء في‌ «أقرب‌ الموارد» في‌ مادّة‌ وذن‌: تَوَذَّنَهُ تَوَذُّناً: صَرَفَهُ وَحَوَّله‌. وحينئذٍ يكون‌ معني‌ موذون‌ اليد: صاحب‌ اليد الملتوية‌.

[13] ـ قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2، ص‌ 267، طبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌، تحقيق‌ محمّد أبو الفضل‌ إبراهيم‌: في‌ «مسند أحمد بن‌ حنبل‌» عن‌ مسروق‌، قال‌: قالت‌ لي‌ عائشة‌: إنّك‌ من‌ ولدي‌ ومن‌ أحبِّهم‌ إليَّ، فهل‌ عندك‌ علم‌ من‌ المخدَج‌؟ فقلتُ: نعم‌، قتله‌ علي‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علی نهر يقال‌ لاعلاه‌ تاقرّا، ولاسفله‌ النهروان‌ بين‌ لخاقيق‌ وطرفاء. قالت‌: ابغي‌ علی ذلك‌ بيّنة‌. فأقمتُ رجالاً شهدوا عندها بذلك‌. قال‌: فقلت‌ لها: سألتُكِ بصاحب‌ القبر، ما الذي‌ سمعتِ من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ فيهم‌؟ فقالت‌: نعم‌، سمعته‌ يقول‌: إنَّهُمْ شَرُّ الخَلْقِ وَالخَلِيقَةِ، يَقْتُلُهُمْ خَيْرُ الخَلْقِ وَالخَلِيقَةِ وَأَقْرَبَهُمْ عِنْدَاللَهِ وَسِيلَةً.

[14] ـ خَدَجَت‌ خِداجاً وأخدَجَت‌ الدَّابَّة‌: ألقت‌ ولدها ناقص‌ الخلق‌ أو قبل‌ تمام‌ الايّام‌، فهي‌ خادج‌ ومخدِج‌، وولدها خديج‌ وخُدُوج‌ ومُخْدَج‌. أَخْدَجَ الشي‌ء: نقص‌.

[15] ـ «الإرشاد» ص‌ 175؛ و«بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 577 طبعة‌ الكمباني‌ّ، وفي‌ ï ïالطبعة‌الحديثة‌ (الحيدري‌) ج‌ 41، ص‌ 283؛ والمسعوديّ في‌ «مروجّ الذهب‌» ج‌ 2، ص‌ 417، طبعة‌ مصر، مطبعة‌ السعادة‌.

[16] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 592، طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[17] ـ يقال‌ لشارب‌ الإنسان‌: سبِيل‌ (بالفارسية‌). وأصله‌ سَبَلَة‌ وهو عربيّ جمعه‌ سبلات‌.

[18] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 592، طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[19] ـ جاء في‌ «النهاية‌» لابن‌ الاثير الجزريّ، ج‌ 4، ص‌ 195، في‌ باب‌ الكاف‌ واللام‌، في‌ كلمة‌ كَلَبَ: وفي‌ حديث‌ ذي‌ الثَّدِيّة‌: يَبْدو في‌ رأْسِ ثَدْيِهِ شُعَيْرَاتٌ كَأَ نَّهَا كُلْبَةُ كَلْبٍ، أي‌: مخالبه‌. هكذا قال‌ الهرويّ، ولكن‌ الزمخشريّ قال‌: كَأَ نَّهَا كُلْبَةُ كَلْبٍ أَوْ سِنَّوْر. وهي‌ الشعر النابت‌ في‌ جانبي‌ أنفه‌. ويقال‌ للشعر الذي‌ يخرز به‌ الإسكاف‌: كُلْبَة‌.

[20] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 592: طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[21] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 592: طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[22] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 592: طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[23] ـ العبارة‌ بين‌ الهلالين‌ مذكورة‌ من‌ مصدر هذه‌ الرواية‌ في‌ تعليقة‌ «بحار الانوار» ج‌ 41، ص‌ 341، الطبعة‌ الحديثة‌.

[24] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 592، طبعة‌ الكمبانيّ. وهذه‌ الروايات‌ الستّ الاخيرة‌ التي‌ نقلها المجلسيّ عن‌ أبن‌ أبي‌ الحديد، كلّها مذكورة‌ في‌ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌»، طبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌، تحقيق‌ محمّد أبوالفضل‌ إبراهيم‌، ج‌ 2، ص‌ 275 إلی 277. وجاء بعد قوله‌ في‌ الرواية‌ الاخيرة‌ في‌ «الشرح‌»: أربد وجه‌ عليّ: قال‌ علی عليه‌ السلام‌: وَاللَهِ مَا كَذَبْتُ وَلاَكُذِّبتُ. فإذا خرير ماء عند موضع‌ دالية‌. فقال‌ لي‌: فتّش‌ هذا ففتّشته‌، فإذا قتيل‌ قد صار في‌ الماء، وإذا رِجله‌ في‌ يدي‌ـإلي‌ آخر الرواية‌.

[25] ـ «الإرشاد» ص‌ 175 و 176؛ و«بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 577 و 578، طبعة‌ الكمباني‌ّ، نقلاً عن‌ «الإرشاد» للمفيد؛ وذكر السيّد عبد الحسين‌ شرف‌ الدين‌ العاملي‌ّ نفس‌ هذا المتن‌ في‌ كتاب‌ «النصّ والاجتهاد» ص‌ 113 و 114، الطبعة‌ الثانية‌، عن‌ الطبرانيّ في‌ «الاوسط‌» تحت‌ عنوان‌: جندب‌بن‌ زهير بن‌ الحارث‌ الازدي‌ّ.

[26] ـ «المناقب‌»، ج‌ 1، ص‌ 426؛ و«بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 585، طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[27] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 59؛ وقال‌ المجلسـيّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 592، طبعة‌ الكمباني‌ّ: ذكر المدائنيّ في‌ كتاب‌ «الخوارج‌» أنّ عليّاً عليه‌ السلام‌ لمّا خرج‌ إلی أهل‌ النهروان‌، أقبل‌ رجل‌ من‌ أصحابه‌ ممّن‌ كان‌ علی مقدّمته‌ فأخبره‌ بأنّ القوم‌ قد عبروا النهر، فحلّفه‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ثلاث‌ مرّات‌ في‌ كلّها يقول‌: نعم‌. فقال‌ عليه‌ السلام‌: وَاللَهِ مَا عَبروه‌ ولن‌يعبروه‌، وإنّ مصارعهم‌ دون‌ النطفة‌. فجاء الفرسان‌ كلّهم‌ يركضون‌ ويقولون‌ ما قاله‌ الاوّل‌، فلم‌يكترث‌ عليه‌ السلام‌ بقولهم‌ حتّي‌ ظهر خلاف‌ ما قالوا.

[28] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، طبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌، تحقيق‌ محمّد أبوالفضل‌ إبراهيـم‌، ج‌ 5، ص‌ 3 و 4؛ ونقلـه‌ المجلسـيّ عن‌ «نهج‌ البلاغة‌» و«شـرح‌ ابن‌أبي‌الحديد» في‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 594، طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[29] ـ في‌ «القاموس‌»: مَوْزَن‌ كمقعد: موضع‌، وقال‌ في‌ «معجم‌ البلدان‌»: قياسه‌ كسر الزاي‌، وإنّما جاء فتحها شاذّاً. وهو بلد بالجزيرة‌، ثمّ ديار مُضَر.

[30] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 422، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[31] ـ روي‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ هذه‌ الخطبة‌ الشريفة‌ إلی هذه‌ الكلمة‌ في‌ «الملاحم‌ والفتن‌» ص‌ 16، عن‌ أبي‌ هـارون‌ الكوفيّ، عن‌ عمـرو بن‌ قيـس‌ الهلاليّ، عن‌ المنهال‌، عن‌ ابن‌عمرو، عن‌ زرّ بن‌ حبيش‌ أنّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ هكذا.

[32] ـ إنّ معني‌ قوله‌ عليه‌ السلام‌: «نحن‌ أهل‌ البيت‌ منها بمنجاة‌» هو أ نّنا لانتلوّث‌ روحاً، ويبقي‌ ديننا فيها سليماً، كما أنّ قوله‌: ولسنا فيها بدُعاة‌ جملة‌ تفسيريّة‌، وإلاّ فإنّ ما نزل‌ ï ïبأهل‌البيت‌ من‌ بلايا ومصائب‌ مادّيّة‌ وبدنيّة‌ كالقتل‌ والصلب‌ والسبي‌ والتعذيب‌ والحبس‌ ونهب‌ الاموال‌ وتضييع‌ الحقوق‌ قد بلغ‌ ما بلغ‌ حتّي‌ ملا صفحات‌ التأريخ‌. وهل‌ استشهاد سيّد الشهداء وأولاده‌ وهتك‌ حريمه‌ ونهب‌ أمواله‌، وكذلك‌ استشهاد الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌، وزيدبن‌ علي‌ّبن‌ الحسين‌، ويحيي‌ بن‌ زيد، وغيرهم‌ إلاّ جنايات‌ الامويّين‌ أنفسهم‌؟

[33] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 91، طبعة‌ مصر، مطبعة‌ عيسي‌ البابي‌ الحلبي‌ّ، وتعليقة‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌، ج‌ 1، ص‌ 182 إلی 184؛ وفي‌ نسخة‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: لِيَجْتَرِي‌ عَلَيْهَا مكان‌ لِيَجْرُأ عَلَيْهَا. وهذه‌ أوّل‌ خطبة‌ نقلها إبراهيم‌ بن‌ محمّد الثقفيّ في‌ غاراته‌، ص‌ 1 إلی 13 بألفاظ‌ أكثر. ورواها بسندين‌ عن‌ زرّ بن‌ حُبَيْش‌؛ ورواها المجلسيّ عنه‌ في‌ «بحار الانوار» باب‌ قتال‌ الخوارج‌ واحتجاجاته‌، ج‌ 8، ص‌ 605 و 606 طبعة‌ الكمباني‌ّ.

 وروي‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ شـرحه‌، طبعة‌ دار الإحيـاء بمصـر، ج‌ 2، ص‌ 286 عن‌ ابن‌هلال‌ الثقفيّ في‌ كتاب‌ «الغارات‌»، عن‌ زكريّا بن‌ يحيي‌ العطّار، عن‌ فضيل‌، عن‌ محمّدبن‌ علی أ نّه‌ قال‌: لمّا قال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: سلوني‌ قبل‌ أن‌ تفقدوني‌، فوالله‌ لاتسألوني‌ عن‌ فئة‌ تُضلّ مائةً وتهدي‌ مائةً إلاَّ أنبأتُكم‌ بناعقها وسائقها، قام‌ إليه‌ رجل‌ فقال‌: أخبرني‌ بما في‌ رأسي‌ ولحيتي‌ من‌ طاقة‌ شعر. فقال‌ له‌ علی عليه‌ السلام‌: والله‌ لقد حدّثني‌ خليلي‌ رسول‌الله‌ أنّ علی كلّ طاقة‌ شعر من‌ رأسك‌ ملكاً يلعنك‌، وأنّ علی كلّ طاقة‌ شعر من‌ لحيتك‌ شيطاناً يغويك‌، وأنّ في‌ بيتك‌ سخلاً يقتل‌ ابن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ـوكان‌ ابنه‌ قاتل‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ يومئذٍ طفلاً يحبو، وهو سنان‌ بن‌ أنس‌ النخعي‌ّـ وذكر الشيخ‌ المفيد هذه‌ الرواية‌ بهذا السند في‌ «الإرشاد» ص‌ 182 و 183، الطبعة‌ الحجريّة‌، إلاّ أنّ فيها إضافة‌، وهي‌ قوله‌: لو لم‌ يكن‌ برهان‌ سؤالك‌ عسيراً، لاخبرتك‌ بشعر رأسك‌ ولحيتك‌. وآية‌ صدق‌ كلامي‌ أنّ في‌ بيتك‌ طفلاً يقتل‌ ابن‌ رسول‌ الله‌. ولم‌ يذكر اسم‌ القاتل‌ في‌ هذه‌ الرواية‌ أيضاً.

[34] ـ الخبّ: الخدّاع‌ والمحتال‌. الضبّ: الحسود والحقود بحقد خفي‌ّ. ويقال‌ في‌ المحاورات‌: فلان‌ خبّ ضبّ، أي‌: مراوغ‌. والمراوغ‌ هو الذي‌ يصارع‌ بخدعة‌ فيصرع‌ منافسه‌ علی الارض‌.

[35] ـ جاءت‌ هذه‌ الكلمة‌ بالواو وتشديد الجيم‌ في‌ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد بطبعتيه‌: طبعة‌ بيروت‌ ذات‌ الاجزاء الاربعة‌، وطبعة‌ مصر ذات‌ الاجزاء العشرين‌. ويبدو أ نّه‌ سهو. والصحيح‌ هو فَخّ بالفاء والخاء المشدّدة‌. كما نقلها الشارح‌ الميرزا حبيب‌الله‌ الهاشميّ الخوئيّ في‌ شرحه‌، ج‌ 7، ص‌ 83 من‌ الطبعة‌ الحديثة‌ في‌ شرح‌ هذه‌ الخطبة‌، وذلك‌ عن‌ ابن‌أبي‌ الحديد. وواقعة‌ فَخّ مشهورة‌ كالشمس‌ في‌ كبد السماء. وفَخّ موضع‌ بين‌ مكّة‌ والتنعيم‌، علی بعد فرسخ‌ عن‌ مكّة‌. وتكرّرت‌ فيها قصّة‌ عاشوراء بمواصفاتها كلّها، لكنّها كانت‌ في‌ سنة‌ 169 ه، أي‌ بعد واقعة‌ الطفّ بثماني‌ ومائة‌ سنة‌. واستشهد فيها الحسين‌بن‌ علي‌ّبن‌ الحسن‌ بن‌ الحسن‌ بن‌ الحسن‌ بن‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليهم‌ السلام‌. وهو حفيد الحسن‌ المثلّث‌ ومن‌ أولاد الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ عليه‌ السلام‌. ويقال‌ له‌: الحسين‌بن‌ علی شهيد فَخّ في‌ مقابل‌ شهيد كربلاء الحسين‌ بن‌ علی شهيد الطفّ. وما ورد من‌ الاخبار في‌ شهداء فَخّ الذين‌ كانوا قرابة‌ ثلاثمائة‌، كلّه‌ مدح‌ وثناء وتمجيد بهم‌، ذلك‌ أنّ الحسين‌بن‌ علی شهيد فخّ لم‌يخرج‌ من‌ أجل‌ الرئاسة‌ والمنصب‌، بل‌ نهض‌ من‌ أجل‌ صدّ الظلم‌. إذ كان‌ والي‌ المدينة‌ في‌ عصره‌ من‌ أحفاد عمر بن‌ الخطّاب‌، وقد شدّد النكير علی العلويّين‌ إلی درجة‌ أ نّه‌ قال‌: إذا غاب‌ العلوي‌ّ الفلاني‌ّ، ولم‌ يعرّف‌ نفسه‌ كلّ يوم‌، فسأقتلكم‌ جميعاً إن‌ لم‌ تحضروه‌. وكان‌ هذا الخطاب‌ موجّهاً إلی العلويّين‌. وحينئذٍ وقع‌ العلويّون‌ في‌ مأزق‌ لم‌ يجدوا منه‌ محيصاً إلاّ الخروج‌. وكان‌ خروجهم‌ ذهاباً من‌ المدينة‌ إلی مكّة‌ بتأييد الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌. ï ïوكان‌معهم‌ ولده‌ عبدالله‌بن‌ جعفر. وتوجّهوا إلی مكّة‌ ليس‌ لهم‌ شغل‌ بأحد حتّي‌ فاجأهم‌ جيش‌ موسي‌ الهادي‌ّ العبّاسي‌ّ فقتل‌ ذلك‌ السيّد الجليل‌ مع‌ جميع‌ أهل‌ بيته‌ وأصحابه‌. والاخبار المأثورة‌ عن‌ الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌ تثني‌ عليهم‌ ثناءً بليغاً. ومنها قول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: هم‌ خير أهل‌ الارض‌؛ من‌ خير أهل‌ الارض‌. وأمّا وجّ فلم‌ نظفر بمعني‌ مناسب‌ لها. وذكر ياقوت‌ في‌ «معجم‌ البلدان‌» أنّ وجّ اسم‌ الطائف‌. وفي‌ حديث‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: إنّ آخر وطأة‌ للّه‌ يوم‌ وجّ. والمراد بلدة‌ الطائف‌. وكانت‌ غزوة‌ الطائف‌ آخر غزوات‌ رسول‌الله‌.

[36] ـ كان‌ أُمراء مصر والقيروان‌ من‌ الإسماعيليّة‌.

[37] ـ التارّ: الممتلي‌ جسمه‌ وعظمه‌ ريّاً.

[38] ـ أولاد بويه‌ الثلاثـة‌ هم‌: عمـاد الدولة‌ علی بن‌ بويه‌، ركن‌ الدولة‌ حسـن‌ بن‌ بويه‌، معزّالدولة‌ أحمد بن‌ بويه‌.

[39] ـ الزاب‌ موضعٌ فرّ إليه‌ مروان‌ الحمار للتخلّص‌ من‌ هجوم‌ الجيش‌ العبّاسي‌ّ. وذكر ابن‌الاثير الجَزَريّ في‌ كتاب‌ «الكامل‌ في‌ التاريخ‌» ج‌ 5، ص‌ 417 إلی 429، طبعة‌ بيروت‌ سنة‌ 1385 ه، قصّة‌ فراره‌ إلی ذلك‌ المكان‌ وإلي‌ مناطق‌ أُخري‌، ومن‌ ثمّ قتله‌ وانقراض‌ ملك‌ بني‌ أُميّة‌.

[40] ـ الآيتان‌ 61 و 62، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌.

      
  
الفهرس
  الدرس‌ السادس‌ والستّون‌ بعد المائة‌ إلی السبعين‌ بعد المائة‌
  اختصاص‌ الله‌ تعالي‌ بعلم‌ الغيب‌ وإظهار الرسل‌ عليه‌
  معرفة‌ الانبياء علم‌ الغيب‌ الإلهي‌ّ
  علم‌ الإمام‌ والرسول‌ عين‌ علم‌ ذات‌ الحقّ
  إخبار رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بالغيب‌ علی لسان‌ القرآن‌
  الكلام‌ الغيبي‌ّ الذي‌ قاله‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لخولة‌ الحنفيّة‌
  قتل‌ خالد بن‌ الوليد مالك‌ بن‌ نويرة‌ وزناه‌ بزوجته‌
  قتل‌ خالد سعد بنَ عُبادة‌ ونسبته‌ القتل‌ إلی الجنّ
  إخبار أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بالمغيّبات‌
  إخباره‌ أُويس‌ القرني‌ّ ومجي‌ء ألف‌ رجل‌ من‌ الكوفة‌
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بقتل‌ ذي‌ الثديّة‌ بالنهروان‌
  >>شكّ جندب‌ بن‌ عبد الله‌ وإخبار الإمام‌ عن‌ أهل‌ النهروان‌
  كلام‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ إعجاز إخبار الإمام‌ بالغيب‌
  إخبار الإمام‌ بالحوادث‌ التي‌ ستقع‌ بعده‌ ـ إخباره‌ بفتن‌ بني‌ أُميّة‌
  عدد من‌ أخبار الإمام‌ الغيبيّة‌
  سبب‌ اعتقاد الناس‌ بأُلوهيّة‌ الإمام‌ دون‌ رسول‌ الله‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بقيام‌ الإمام‌ المهدي‌ّ عليه‌ السلام‌
  ذمّ طلحة‌ والزبير وعائشة‌
  الإخبار بقيام‌ إمام‌ العصر والزمان‌ عليه‌ السلام‌ وانقراض‌ بني‌ أُميّة‌
  كلام‌ العلاّمة‌ الخوئي‌ّ في‌ الرواية‌ الماضية‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بعدم‌ هلاك‌ الخوارج
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بحكومة‌ معاوية‌ في‌ الشام‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بجلب‌ جنازة‌ من‌ اليمن‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بفتنة‌ صاحب‌ الزنج‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بغارة‌ التتر وجنكيزخان‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بالفتن‌ التي‌ تقع‌ في‌ آخر الزمان‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بانقراض‌ الامويّين‌ علی أيدي‌ أعدائهم‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بحكومة‌ الحجّاج‌ بن‌ يوسف‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ ببقاء معاوية‌ بعده‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ ببيعة‌ ثمانية‌ نفر ضبّاً
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بطول‌ عمر أبي‌ الدنيا
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ أهل‌ إصفهان‌، وتحدّثه‌ بلغتهم‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ مسجد براثا
  أخبار غيبيّة‌ في‌ شقّ الارض‌ وانبجاس‌ الماء في‌ طريق‌ صفین
  إسلام‌ الراهب‌ لمشاهدته‌ معجزات‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌
  قصيدة‌ الحميري‌ّ في‌ القصّة‌ الماضية‌
  إخبار الإمام‌ بمشاركة‌ حبيب‌ بن‌ جمار في‌ حرب‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بمقتل‌ جويرية‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بواقعة‌ كربلاء
  قصيدة‌ القاضي‌ الجليس‌ في‌ واقعة‌ كربلاء
  الدرس‌ الحادي‌ والسبعون‌ بعد المائة‌ إلی الثالث‌ والسبعين‌ بعد المائة‌
  تفسير الآيات‌ الاُولي‌ من‌ سورة‌ العلق‌
  شدّة‌ اتّصال‌ أمير المؤمنين‌ برسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ منذ الطفولة
  معني‌ علم‌ المنايا والبلايا والاعمار والملاحم‌ والفتن
  إخبار الإمام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بأمر لعنه‌
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمقتل‌ حُجر بن‌ عدي‌ّ
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بالحوادث‌ التي‌ ستقع‌ بعده‌
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمواصفات‌ بني‌ العبّاس‌
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بخراب‌ المدن‌ وغارة‌ المغول
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمواصفات‌ مدينة‌ الزوراء
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمقتل‌ بعض‌ أصحابه‌
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ باستشهاد عمرو بن‌ الحَمِق‌ الخزاعي‌ّ
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ باستشهاد كميل‌ بن‌ زياد
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بكيفيّة‌ استشهاد ميثم‌ التمّار
  إخباره‌ باستشهاده‌ عليه‌ السلام‌
  كيفيّة‌ استشهاده‌ عليه‌ السلام‌
  أبيات‌ شعريّة‌ منظومة‌ فيه‌ عليه‌ السلام‌
  الدرس‌ الرابع‌ والسبعون‌ بعد المائة‌ إلی السادس‌ والسبعين‌ بعد المائة‌
  تفسير الآية‌: يَرْفَعِ اللَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَ...
  كلام‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ أنّ جميع‌ العلوم‌ تنتهي‌ إلی أمير المؤمنين‌
  تقدّم‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ الفصاحة‌ والبلاغة‌
  جَمْعُ القرآن‌ من‌ قِبَل‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ التفسير
  قصّة‌ جَلد صُبَيْغ‌ بن‌ عَسَل‌ ومنع عمر إیّاه من‌ السؤال‌ عن‌ القرآن‌
  منع‌ عمر المسلمين‌ من‌ البحث‌ في‌ الآيات‌ القرآنيّة‌
  حديث‌ الثقلين‌ وعدم‌ افتراق‌ الإمام‌ عن‌ القرآن‌
  تقدّم‌ الإمام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الفقه‌
  تقدّم‌أميرالمؤمنين‌عليه‌السلام‌في‌علـم‌الروايـات‌(علـم‌الحديث‌)
  تقدّم‌ أميـر المؤمنين‌ عليه‌ السـلام‌ فـي‌ علم‌ الكلام‌ والجدل‌ والبحث‌ الفلسفي‌ّ
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ النحو
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الخطابة‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الفصاحة‌ والبلاغة‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ الشعر
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ العَروض‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الوعظ‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الفلسفة‌ والحكمة‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الهندسة‌ والرياضيّات‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ النجوم‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الحساب‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الكيمياء
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الطبّ
  علم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بلغة‌ الحيوانات‌ والملائكة‌
  تفسير أمير المومنين‌ عليه‌ السلام‌ صوت‌ الناقوس‌
  جواب أمیر المؤمنین علی عليه‌ السلام‌ عن‌ أسئلة‌ ملك‌ الروم‌
  أبيات‌ الميرزا حبيب‌ الله‌ الخراساني‌ّ في‌ مدح‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌
  الدرس‌ السابع‌ والسبعون‌ بعد المائة‌ إلی الثمانين‌ بعد المائة‌
  لم‌ يكن‌ أحد عارفاً بالقرآن‌ بعد رسول‌ الله‌ كأمير المؤمنين‌
  فتح‌ ألف‌ باب‌ من‌ العلم‌ لامير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ عليه‌ السلام‌
  أحوال‌ الشاعر الشيعي‌ّ الناشي‌ الاكبر (التعلیقة)
  تقرير الإمام‌ عليه‌ السلام‌ حول‌ علمه‌
  قوله‌: «سلوني‌» يرتبط‌ بحقائق‌ القرآن‌ وباطنه‌ لا بظاهره‌
  خطبة‌ الإمام‌ وقوله‌: «سلوني‌»
  سؤالُ ذِعْلِب‌ الإمام حولَ رؤية‌ الله‌
  كلام‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ جواب‌ الاشعث‌ حول‌ المجوس‌
  جواب‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ للسائل‌ الذي‌ طلب‌ النجاة‌ من‌ النار
  كلام‌ الحسنين‌ عليهما السلام‌ وروايتهما حديثين‌ في‌ علم‌ علی
  خطبة‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ التوحيد جواباً علی سؤال‌ ذِعلِب‌
  خطبه‌ عليه‌ السلام‌ في‌ التوحيد..
  توضيح‌ وتفسير التوحيد الحقّ الحقيقي‌ّ لذات‌ الحقّ تعالي‌
  كلام‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ حول‌ خطب‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ التوحيد
  جواب‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ أسئلة‌ عبد الله‌ بن‌ الكوّاء
  مواطن‌ عديدة‌ نطق‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ فيها بقوله‌: «سلوني‌»
  فضيحة‌ قتادة‌ بعد قوله‌: سلوني‌
  عجز عمر في‌ المسائل‌ العلميّة‌
  المضامين‌ المتفاوتة‌ للروايات‌ المأثورة‌ في‌ «سلوني‌»
  الاشخاص‌ الذين‌ قال‌ كلّ منهم‌: سلوني‌، وافتضحوا
  قصور عمر وعجزه‌ عن‌ إدراك‌ المسائل‌ العلميّة‌
  معرفة‌ الإمام‌ أسمي‌ وسيلة‌ لبلوغ‌ التوحيد

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی