معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > اعتقادات > معرفة‌ الإمام > معرفة الامام(المجلدالثاني‌عشر)
کتاب معرفة الامام / المجلد الثانی عشر / القسم الثامن: تقدم علی علیه السلام فی العلوم المختلفة

تقدّم‌أميرالمؤمنين‌عليه‌السلام‌في‌علـم‌الروايـات‌(علـم‌الحديث‌)

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌: علم‌ الحديث‌. وأنّ أصحاب‌ الحديث‌ الذين‌ رووا عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بلا واسطة‌ نيّف‌ وعشرون‌ رجلاً، منهم‌: ابن‌عبّاس‌، وابن‌ مسعود، وجابر الانصاريّ، وأبو أيّوب‌، وأبوهريرة‌، وأنس‌، وأبوسعيد الخُدريّ، وأبو رافع‌، وغيرهم‌. وكان‌ علي‌ّبن‌ أبي‌طالب‌ عليه‌ السلام‌ أسبقهم‌ وأتقنهم‌ وآمنهم‌ لا نّه‌ أكثرهم‌ رواية‌ وأتقنهم‌ حجّة‌، وهو مأمون‌ الباطن‌ لقول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: علی مَعَ الحَقِّ.

 وذكر الترمذيّ والبلاذريّ أ نّه‌ قِيلَ لِعَلي‌ٍّ: مَا بَالُكَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ حَدِيثَاً؟ قَالَ: كُنْتُ إذَا سَأَلْتُهُ أَنْبَأَنِي‌، وَإذَا سَكَتُّ عَنْهُ ابْتَدَأَنِي‌.

 وورد في‌ كتاب‌ ابن‌ مردويه‌ أ نّه‌ قال‌: كُنْتُ إذَا سَأَلْتُ أُعْطِيتُ، وَإذَا سَكَتُّ ابْتُدِيتُ.

 وقال‌ محمّد الإسكافي‌ّ:

حِبْـرٌ عَلِيـمٌ بِالَّذِي‌ هُـوَ كَائِـنٌ                     وَإلَيْهِ فِي‌ عِلْمِ الرِّسَـالَةِ يُرْجَعُ

أصْفَاهُ أحْمَدُ مِنْ خَفِي‌ِّ عُلُومِهِ                  فَهُوَ البَطِينُ مِنَ العُلُومِ الاَنْزَعُ

 تقدّم‌ أميـر المؤمنين‌ عليه‌ السـلام‌ فـي‌ علم‌ الكلام‌ والجدل‌ والبحث‌ الفلسفي‌ّ

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌: علم‌ الكلام‌. وقد ظهر المتكلّمون‌ في‌ هذا الموضوع‌، وأميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ هو الاصل‌ في‌ علم‌ الكلام‌. وقال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: علی رَبَّانِي‌ُّ هَذِهِ الاُ مَّةِ. وفي‌ الاخبار: أنَّ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ دَعْوَةَ المُبْتَدِعَةِ بِالمُجَادِلَةِ إلی الحَقِّ علی عَلَيهِ السَّلاَمُ.

 وقد ناظره‌ الملاحدة‌ في‌ ( ما زعموه‌ من‌ ) مناقضات‌ القرآن‌. وأجاب‌ مشكلات‌ مسائل‌ الجاثليق‌ حتّي‌ أسلم‌. ونقل‌ أبو بكر بن‌ مردويه‌ في‌ كتابه‌ عن‌ سفيان‌ أ نّه‌ قال‌: مَا حَاجَّ علی أَحَداً إلاَّ حَجَّهُ.

 ولمّا قال‌ له‌ رأس‌ الجالوت‌ ( كبير علماء اليهود ): لم‌ تلبثوا بعد نبيّكم‌ إلاّ ثلاثين‌ سنة‌ حتّي‌ ضرب‌ بعضكم‌ وجه‌ بعض‌ بالسيف‌، قال‌ عليه‌ السلام‌: وَأَنْتُمْ لَمْ تَجِفَّ أَقْدَامُكُمْ مِنْ مَاءِ البَحْرِ حَتَّي‌ قُلْتُمْ لِمُوسَي‌: اجْعَلْ لَنَا إلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ.

 وأرسل‌ إليه‌ أهل‌ البصرة‌ كُليباً الجرميّ بعد يوم‌ الجمل‌ ليزيل‌ الشبهة‌ عنهم‌ في‌أمره‌ فذكر له‌ ما علم‌ أ نّه‌ علی الحقّ. ثمّ قال‌ له‌: بايع‌. فقال‌ كُلَيْب‌: إنّي‌ رسول‌ لقوم‌ فلا أُحدث‌ حدثاً حتّي‌ أرجع‌ إليهم‌.

 فقال‌ له‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ الَّذِينَ وَرَاءَكَ بَعَثُوكَ رَائِدَاً تَبْتَغِي‌ لَهُمْ مَسَاقِطَ الغَيْثِ، فَرَجَعْتَ إلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتَهُمْ عَنِ الكَلاَ وَالمَاءِ؟ قَالَ: فَامْدُدْ إذاً يَدَكَ. [1]

 إنّ الذين‌ وراءك‌ بعثوك‌ لتجد لهم‌ في‌ الصحراء الجافّة‌ القاحلة‌ أرضاً خضراء تهطل‌ فيها الامطار فتخبرهم‌ ليأتوها ويحطّوا رحالهم‌ فيها ويسكنوها. وأنتَ وجدتَ مثل‌ هذه‌ الارض‌ ورجعتَ إليهم‌ لتخبرهم‌ عن‌ مكان‌ الماء والعلف‌ والعشب‌. فإذا شربتَ ماءً قبل‌ رجوعك‌ إليهم‌، وألقيت‌ رحلك‌ هناك‌، فهل‌ ارتكبتَ جرماً أو قمتَ بعمل‌ صحيح‌؟ إنّ إرسالك‌ كإرسال‌ رائدٍ يفتّش‌ عن‌ الماء والكلا في‌ الصحراء، فإذا بلغ‌ الماء، شرب‌ منه‌ فوراً وأنقذ حياته‌، ثمّ رجع‌ إلی قومه‌ يخبرهم‌ عن‌ الماء والكلا ويهديهم‌ إلی ذلك‌ المكان‌. قال‌ كُليب‌: فو الله‌ ما استطعتُ أن‌ أمتنع‌ عند قيام‌ الحجّة‌ عَلَي‌َّ، فبايعتُه‌ عليه‌ السلام‌. [2]

 ومن‌ كلام‌ الإمام‌ الحكميّ والفلسفيّ قوله‌ عليه‌ السلام‌: أوَّلُ مَعْرِفَةِ اللَهِ تَوْحِيدُهُ، وَأَصْلُ تَوْحِيدِهِ نَفْي‌ُ الصِّفَاتِ عَنْهُ ـإلي‌ آخر الخبر.

 وما أطنب‌ المتكلّمون‌ في‌ أُصول‌ الدين‌ وأطالوا إنّما هو زيادة‌ لتلك‌ الجمل‌ وشرح‌ لتلك‌ الاُصول‌، فالإماميّة‌ يرجعون‌ إلی الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ في‌ هذه‌ المعاني‌، وهو إلی آبائه‌ الكرام‌. أمّا المعتزلة‌ والزيديّة‌، فإنّ ما عندهم‌ من‌ هذه‌ الاُمور يرويه‌ لهم‌ القاضي‌ عبدالجبّاربن‌ أحمد، عن‌ أبي‌عبدالله‌ الحسـين‌ البصـريّ، عن‌ أبي‌ إسـحاق‌ عبّاس‌، وهـذان‌ عن‌ أبي‌هاشـم‌ الجبّائـي‌ّ، عن‌ أبيه‌ أبي‌ علی، عن‌ أبي‌ يعقـوب‌ الشـحّام‌، عن‌ أبي‌هُذيل‌ العـلاّف‌، عن‌ أبي‌ عثمـان‌ الطـويل‌ عن‌ واصـل‌ بن‌ عطـاء، عن‌ أبي‌هاشـم‌ عبدالله‌بن‌ محمّد بن‌ علی، عن‌ أبيه‌ محمّد ابن‌الحنفيّة‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌.

 وقال‌ الورّاق‌ القمّي‌ّ:

 عليّ لِهَـذَا النَّاسِ قَـدْ بَيَّنَ الَّذِي                ‌ هُـمُ اخْتَلَفُـوا فِيهِ وَلَـمْ يَتَـوَجَّمَ

 عليّ أَعَـاشَ الدِّيـنَ وَفَّـاهُ حَقَّهُ                وَلَوْلاَهُ مَا أُفْضَي‌ إلی عُشْرِ دِرْهَمِ

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ النحو

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌: علم‌ النحو وبرز فيه‌ علماء، وعلي‌ّ عليه‌ السلام‌ مؤسّـس‌ علم‌ النحـو وواضعـه‌، ذلك‌ أنّ علمـاء النحـو رووا هذا العلم‌ عن‌ الخليل‌بن‌ أحمدبن‌ عيسي‌ بن‌ عمرو الثقفي‌ّ، عن‌ عبدالله‌بن‌ إسحاق‌ الحضرمي‌ّ، عن‌ أبي‌ عمرو بن‌ العلاء، عن‌ ميمون‌ الافرن‌، عن‌ عنبسة‌ الفيل‌، عن‌ أبي‌ الاسود الدُّؤَلي‌ّ، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌.

 والسبب‌ في‌ ذلك‌ أنّ قريشاً يزوّجون‌ بالانباط‌،[3] فوقع‌ فيما بينهم‌ أولاد، ففسد لسانهم‌، حتّي‌ أنّ بنتاً لخويلد الاسدي‌ّ كانت‌ متزوّجة‌ برجل‌ من‌ الانباط‌ فقالت‌: إنَّ أَبَوَي‌َّ مَاتَ وَتَرَكَ علی مَالٌ كَثِيرٌ. ( تريد أنّ أبويها ماتا وتركا لها مالاً كثيراً ). وهذه‌ الجملة‌ لحن‌، والصحيح‌: أَنَّ أَبَوَي‌َّ مَاتَا وَتَرَكَا لِي‌ مَالاَ كَثِيراً. فلمّا علم‌ الإمام‌ فساد لسانها، أسّس‌ النحو.

 وروي‌ أنّ أعرابيّاً سمع‌ سوقيّاً يقرأ: إِنَّ اللَهَ بَرِي‌ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِهِ. فشجّ رأسه‌، فخاصمه‌ إلی أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. فسأله‌ عن‌ سبب‌ شجّ رأسه‌، فقال‌ الاعرابي‌ّ: إنّه‌ كفر بالله‌ في‌ قراءته‌. فقال‌ عليه‌ السلام‌: إنّه‌ لم‌يتعمّد ذلك‌. [4]

 وروي‌ أيضاً أنّ أبا الاسود كان‌ في‌ بصره‌ سوء، وله‌ بنت‌ تقوده‌ إلی علی عليه‌ السلام‌، فقالت‌: يَا أَبَتَاه‌! مَا أَشَدَّ حَرُّ الرَّمْضَاءِ، تريد التعجّب‌ ( وهذا لحن‌، والصحيح‌ أن‌ تقول‌: يَا أَبَتَاهْ! الرَّمْضَاءُ مَا أَشَدَّ حَرَّاً، أو تقول‌: مَا أَشَدَّ حَرَّ الرَّمْضَاءِ!) فنهاها عن‌ مقالتها، وأخبر أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بذلك‌، فأسّس‌ علم‌ النحو.

 وروي‌ كذلك‌ أنّ أبا الاسود كان‌ يمشي‌ خلف‌ جنازة‌. فقال‌ له‌ رجل‌: مَنِ المُتَوَفِّي‌؟ ( وهو يريد: مَنِ المُتَوَفَّي‌؟) فقال‌: اللَهُ. ثمّ أخبر عليّاً عليه‌ السلام‌ بذلك‌، فأسّس‌ علم‌ النحو.

 وعلي‌ كلّ وجه‌، كتب‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أُصول‌ علم‌ النحو في‌ رسالة‌ وأعطاها أبا الاسود وقال‌ له‌: مَا أَحْسَنَ هَذَا النَّحْوَ! أُحْشُ لَهُ بِالمَسَائِلِ. فَسُمِّي‌َّ نَحْوَاً. [5]

قال‌ ابن‌ سلام‌: كان‌ ما في‌ الرقعة‌ قوله‌: الكَلاَمُ ثَلاَثَةُ أَشْيَاءَ: اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ جَاءَ لِمَعْنَيً. فَالاسْمُ مَا أَنْبَأَ عَنِ المُسَمَّي‌، وَالفِعْلُ مَا أَنْبَأَ عَنْ حَرَكَةِ المُسَمَّي‌، وَالحَرْفُ مَا أَوْجَدَ مَعْنَيً فِي‌ غَيْرِهِ.

 وكتب‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بعد ذلك‌: كَتَبَ علی بْنُ أَبُو طَالِبٍ. فعجز النحويّون‌ وعلماء البلاغة‌ والادب‌ عن‌ ذلك‌ ( إذكيف‌ كتب‌: أبوطالب‌، بينما ينبغي‌ أن‌ يكتب‌: أبي‌ طالب‌ ). فقال‌ بعضهم‌: أبوطالب‌ اسمه‌ كنيته‌. وقال‌ بعض‌ آخر: هذا تركيب‌ مثل‌ درّاحنا، وحضرموت‌. وقال‌ الزمخشريّ في‌ « الفائق‌ »: تُرك‌ في‌ حال‌ الجرّ علی لفظه‌ في‌ حال‌ الرفع‌، لا نّه‌ اشتهر بذلك‌، وعُرّف‌. فجري‌ مجري‌ المثل‌ الذي‌ لايتغيّر.

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الخطابة‌

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌: علم‌ الخطابة‌. وكان‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أخطب‌ الخطباء. [6] ألا تري‌ إلی خطبه‌ مثل‌ خطبة‌ التوحيد، والشقشقيّة‌، والهداية‌، والملاحم‌، واللؤلؤة‌، والغرّاء، والقاصعة‌، والافتخار، والاشباح‌، والدرّة‌ اليتيمة‌، والاقاليم‌، والوسيلة‌، والطالوتيّة‌، والنخيلة‌، والسليمانيّة‌، والناطقة‌، والدامغة‌، والفاضحة‌، بل‌ « نهج‌ البلاغة‌ » الذي‌ جمعه‌ الشريف‌ الرضي‌ّ، وكتاب‌ « خطب‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ » عن‌ إسماعيل‌بن‌ مهران‌ السكوني‌ّ، عن‌ زيد بن‌ وهب‌ أيضاً؟

 وقال‌ الحِمْيَري‌ّ:

مَنْ كَانَ أَخْطَبَهُمْ وَأَنطَقَهُـمْ وَمَنْ              قَدْ كَـان‌ يَشْـفِي‌ حَـوْلَهُ البُرَحَـاء

مَنْ كَانَ أَنْزَعَهُمْ مِنَ الإشْرَاكِ أَوْ               لِلْعِلْـمِ كَـانَ البَطْـنُ مِـنْـهُ خَفَّـاء

مَنْ ذَا الَّذِي أُمِرُواإذَااخْتَلَفُوا بِأَنْ               يَـرْضَـوا بِهِ فِي‌ أَمْـرِهِـمْ قَضَّـاء

مَنْ قِيلَ لَوْلاَهُ وَلَوْلاَ عِلْمُهُ                        هَلَكُـوا وَعَاثُـوا فِتْنَـةً صَـمَّـاء[7]

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الفصاحة‌ والبلاغة‌

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌، علم‌ الفصاحة‌ والبلاغة‌. وأمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أوفر الفصحاء والبلغاء حظّاً فيه‌. قال‌ الشريف‌ الرضي‌ّ: أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ مشرع‌ الفصاحة‌ وموردها، ومنشأ البلاغة‌ ومولدها. ومنه‌ ظهر مكنونها، وعنه‌ أخذت‌ قوانينها.

 وقال‌ الجاحظ‌ في‌ كتاب‌ « الغُرّة‌ »: كتب‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ إلی معاوية‌: غَرَّكَ عِزُّكَ، فَصَارَ قُصَارَ ذَلِكَ ذُلُّكَ، فَاخْشَ فَاحِشَ فِعْلِكَ، فَعَلَّكَ تَهْدِي‌ بِهَذَا (بِهُدي‌ـ ظ‌). [8]

 وقال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: مَنْ آمَنَ أَمِنَ.

 وروي‌ الكلينيّ عن‌ أبي‌ صالح‌، وأبو جعفر بن‌ بابويه‌ بإسناده‌ عن‌ الإمام‌ الرضا عليه‌ السلام‌، عن‌ آبائه‌ عليهم‌ السلام‌ أ نّه‌ اجتمعت‌ الصحابة‌ فتذاكروا أنّ الالف‌ أكثر دخولاً في‌ الكلام‌. فارتجل‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ الخطبة‌ المونقِة‌ التي‌ أوّلها: حَمِدْتُ مَنْ عَظُمَتْ مِنَّتُهُ، وَسَبَغَتْ نِعْمَتُهُ، وَسَبَقَتْ رَحْمَتُهُ، وَتَمَّتْ كَلِمَتُهُ، وَنَفَذَتْ مَشِيَّتُهُ، وَبَلَغَتْ قَضِيَّتُهُ ـ إلی آخرها. [9]

 ثمّ ارتجل‌ عليه‌ السلام‌ خطبة‌ أُخري‌ من‌ غير نقط‌، وأوّلها: الحَمْدُ لِلَّهِ أَهْلِ الحَمْدِ وَمَأْوَاهُ، وَلَهُ أَوْكَدُ الحَمْدِ وَأَحْلاَهُ، وَأَسْرَعُ الحَمْدِ وَأَسْرَاهُ، وَأَطْهَرُ الحَمْدِ وَأَسْمَاهُ، وَأَكْرَمُ الحَمْدِ وَأَوْلاَهُ ـ إلي‌ آخرها. [10]

 قال‌ ابن‌ شهرآشوب‌: وقد أوردتُ الخطبتين‌ في‌ كتاب‌ « المخزون‌ المكنون‌ ».

 ومن‌ كلامه‌ عليه‌ السـلام‌: تَخَفَّفُـوا تَلْحَقُـوا، فَإنَّمَا يُنْتَظَـرُ بِأَوَّلِكُـمْ آخِرُكُمْ.[11]

 وقوله‌ عليه‌ السلام‌: مَنْ يَقْبِضْ يَدَهُ عَنْ عَشِيرَتِهِ فَإنَّمَا يَقْبِضُ عَنْهُمْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ وَتُقْبَضُ مِنْهُمْ عَنْهُ أَيْدٍ كَثِيرَةٌ.

 وقوله‌ عليه‌ السلام‌ أيضاً: وَمَنْ تَلِنْ حَاشِيَتُهُ يَسْتَدِمْ مِنْ قَوْمِهِ المَوَدَّةَ.

 وقوله‌ عليه‌ السلام‌: وَمَنْ جَهِلَ شَيئاً عَادَاهُ. فالإنسان‌ عدوّ مجهولاته‌. ومثل‌ هذا الكلام‌ قوله‌ تعالي‌: بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ. [12]

 وقوله‌ عليه‌ السلام‌: المَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ، فَإذَا تَكَلَّمَ ظَهَرَ. ومثله‌ قوله‌ تعالي‌: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي‌ لَحْنِ الْقَوْلِ. [13]

 وقوله‌ عليه‌ السلام‌: قِيمَةُ كُلِّ امْرِءٍ مَا يُحْسِنُ. [14] ومثله‌ قوله‌ تعالي‌: إِنَّ اللَهَ اصْطَفَـ'هُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ و بَسْطَةً فِي‌ الْعِلْمِ وَالجْسِمِ. [15]

 وقوله‌ عليه‌ السلام‌: القَتْلُ يُقِلُّ القَتْلَ. [16] ومثله‌ قوله‌ تعالي‌: وَلَكُمْ فِي‌ الْقِصَاصِ حَيَو'ةٌ. [17]

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ الشعر

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌، علم‌ إنشاء الشعر. وكان‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أشعر الشعراء. وذكر الجاحظ‌ في‌ كتاب‌ « البيان‌ والتبيين‌ » وفي‌ كتاب‌ « فضائل‌ بني‌هاشم‌ »، وأيضاً البلاذري‌ّ في‌ كتاب‌ « أنساب‌ الاشراف‌ » أَنَّ عَلِيَّاً أَشْعَرُ الصَّحَابَةِ وَأَفْصَحُهُمْ وَأَخْطَبُهُمْ وَأَكْتَبُهُمْ.

 وفي‌ تاريخ‌ البلاذري‌ّ كان‌ أبو بكر يقول‌ الشعر، وعمر يقول‌ الشعر، وعثمان‌ يقول‌ الشعر، وكان‌ علی عليه‌ السلام‌ أشعر الثلاثة‌.

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ العَروض‌

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌: علم‌ العروض‌. وظهر العروضيّون‌، وخرج‌ علم‌ العروض‌ من‌ دار علی عليه‌ السلام‌. ورُوي‌َ أنّ الخليل‌ بن‌ أحمد أخذ رسم‌ العروض‌ عن‌ رجل‌ من‌ أصحاب‌ محمّد بن‌ علی الباقر أو علي‌ّبن‌ الحسين‌ عليهما السلام‌، فوضع‌ لذلك‌ أُصولاً.

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ العربيّة‌ واللغة‌ والاشتقاق‌

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌، علم‌ العربيّة‌. وخرج‌ العلماء فيها من‌ رياضه‌، وكان‌ عليه‌ السلام‌ أحكمهم‌ وأتقنهم‌.

 روي‌ ابن‌ الحريريّ البصريّ في‌ كتاب‌ « درّة‌ الغوّاص‌ »، وابن‌فيّاض‌ في‌ « شرح‌ الاخبار » أنّ الصحابة‌ قد اختلفوا في‌ المَوْءُودَةِ، فقال‌ لهم‌ علی عليه‌ السلام‌: إنَّها لاَ تَكُونُ مَوْءُودَة‌ حَتَّي‌ يَأْتِي‌َ عَلَيْهَا الثَّارَاتُ السَّبْعُ. [18] فقال‌ له‌ عمر: صدقتَ أطال‌ الله‌ بقاك‌.

 وأراد الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بذلك‌ المراحل‌ المبينة‌ في‌ قوله‌ تعالي‌: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَـ'نَ مِن‌ سُلَـ'لَةٍ مِّن‌ طِينٍ إلی آخر الآيات‌ الواردة‌. [19] وفي‌ ضوء هذا الاستشهاد، أشار الإمام‌ إلی أ نّه‌ إذا استهلّ بعد الولادة‌ ثمّ دُفن‌، فقد وُئِدَ.

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الوعظ‌

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌، علم‌ الوعظ‌. فقد ظهر وعّاظ‌، وليس‌ لاحد من‌ الامثال‌ والعبر والمواعظ‌ والزواجر ما له‌، نحو قوله‌: مَنْ زَرَعَ العُدْوَانَ حَصَدَ الخُسْرَانَ. وقوله‌: مَنْ ذَكَرَ المَنِيَّةَ نَسِي‌َ الاُمنِيَّةَ. وقوله‌: مَنْ قَعَدَ بِهِ العَقْلُ قَامَ بِهِ الجَهْلُ. وقوله‌: يَا أَهْلَ الغُرُورِ مَا أَبْهَجَكُمْ بِدَارٍ خَيْرُهَا زَهِيدٌ، وَشَرُّهَا عَتِيدٌ، وَنَعِيمُهَا مَسْلُوبٌ، وَعَزِيزُهَا مَنْكُوبٌ، وَمُسَالِمُهَا مَحْرُومٌ، وَمَالِكُهَا مَمْلُوكٌ، وَتُرَاثُهَا مَتْرُوكٌ.

 وصنّف‌ عبد الواحد الآمدي‌ّ كتاب‌ « غرر الحكم‌ ودرر الكلم‌ » في‌ غرر كلامه‌ عليه‌ السلام‌. [20]

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الفلسفة‌ والحكمة‌

 ومن‌ العلوم‌، علم‌ الفلسفة‌ والحكمة‌. وكان‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أرجح‌ الفلاسفة‌ والحكماء. ومن‌ كلامه‌ في‌ هذا المجال‌: أَنَا النُّقْطَةُ أَنَا الخَطُّ، أَنَا الخَطُّ أَنَا النُّقْطَةُ، أَنَا النُّقْطَةُ وَالخَطُّ. [21]

 وقال‌ جماعة‌ في‌ تفسير هذه‌ الجمل‌ وبيانها: القدرة‌ هي‌ الاصل‌، والجسم‌ حجاب‌ القدرة‌، والصورة‌ حجاب‌ الجسم‌. لانّ النقطة‌ هي‌ الاصل‌، والخطّ حجابه‌ ومقامه‌، والحجاب‌ غير الجسد الناسوتي‌ّ.

 وسُئِل‌ عن‌ العالَم‌ العلوي‌ّ، فقال‌:

 صُوَرٌ عَارِيَةٌ عَنِ المَوَادِّ، عَالِيَةٌ عَنِ القُوَّةِ وَالاسْتِعْدَادِ، تَجَلَّي‌ لَهَا فَأَشْرَقَتْ، وَطَالَعَها فَتَلالاَتْ، وَأَلْقَي‌ فِي‌ هُوِيَّتِهَا مِثَالَهُ فَأَظْهَرَ فِيهَا أَفْعَالَهُ. وَخَلَقَ الإنسان ذَا نَفْسٍ نَاطِقَةٍ إنْ زَكَّاهَا بِالعِلْمِ فَقَدْ شَابَهَتْ جَوَاهِرَ أَوَائِلِ عِلَلِهَا، وَإذَا اعْتَدَلَ مِزَاجُهَا وَفَارَقَتِ الاَضْـدَادَ فَقَدْ شَـارَكَ بِهَا السَّـبْعَ الشِّـدَادَ.[22]

 وقال‌ ابن‌ سينا: لَمْ يَكُنْ شُجَاعَاً فَيْلَسُوفاً قَطُّ إلاَّ علی عَلَيْهِ السَّلاَمُ.

 وقال‌ الشريف‌ الرضي‌: من‌ سمع‌ كلامه‌ لا يشكّ أ نّه‌ كلامُ من‌ قبع‌ في‌ كَسر بيتٍ أو انقطع‌ في‌ سفح‌ جبل‌ لا يسمع‌ إلاّ حسّه‌، ولايري‌ إلاّ نفسه‌، ولايكاد يوقن‌ بأ نّه‌ كلام‌ من‌ يتغمّس‌ في‌ الحرب‌، مصلتاً سيفه‌ فيقطّ الرقاب‌ ويجدّل‌ الابطال‌، ويعود به‌ ينطف‌ دماً، ويقطر مُهَجاً، وهو مع‌ ذلك‌ زاهد الزهّاد، وبدل‌ الابدال‌. وهذه‌ من‌ فضائله‌ العجيبة‌ وخصائصه‌ التي‌ جمع‌ بها بين‌ الاضداد. [23]

 وقال‌ السوسي‌ّ:

وَفِي‌ كَفِّهِ سَـبَبُ المَـوْتِ الوَفِي‌ِّ فَمَـنْ                  عَـصَــاهُ مَـدَّ لَـهُ مِـنْ ذَلِــكَ السَّـبَبِ

فِي‌فِيهِ سَـيْفٌ حَكَـاهُ سَـيْـفُ رَاحَـتِـهِ                   سِـيَّانَ ذَاكَ وَذَا فِي‌ الخَطْـبِ وَالخُطَبِ

لَوْ قَالَ لِلحَي‌ِّ مُتْ لَمْ يَحْمِيَ مِنْ رَهَبٍ                  أَوْ قَالَ لِلْمَيْتِ عِـشْ مَا مَاتَ مِنْ رُعُبِ

أَوْ قَـالَ لِلَّيْـلِ كُـنْ صُبْحَـاً لَكَـانَ وَلَـوْ                       لِلشَّـمْـسِ قَالَ اطْلُعِي‌ بِالَّليْلِ لَـمْ تَغِبِ

أَوْ مَدَّ كَفَّـاً إلی الدُّنْيَـا لِيَقْلِبَـهَـا                  هَـانَـتْ عَـلَـيْـهِ بِـلاَ كَـدٍّ وَلاَ تَـعَـبِ

ذَاكَ الإمام الَّـذِي‌ جِـبْـرِيـلُ خَـادِمُـهُ                      إنْ نَـابَ خَطْـبٌ نِيـبَ عَـنْـهُ وَلاَ يَنُبِ

وَعِـزْرَيَـائيـلُ مِطْـوَاعٌ لَـهُ فَمَتَي‌ يَقُلْ                     أَمِـتْ ذَا يُمِـتْ أَوْ هِبْـهُ لِـي‌ يَهَبِ

رِضْـوَانُ رَاضٍ بِـهِ مَـوْلَــيً وَمَـالِــكُ                       مَمْـلُـوكٌ يُطِـيعَـانِـهِ فِـي‌ كُـلِّ مُنْتَـدَبِ

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الهندسة‌ والرياضيّات‌

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌، علم‌ الهندسة‌ والمحاسبات‌ الرياضيّة‌، وظهر فيه‌ مهندسون‌ كان‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أعلمهم‌. ونقل‌ ابن‌شهرآشوب‌ هنا قصّة‌ الرجلين‌ اللذين‌ كانا جالسين‌ في‌ زمن‌ عمر، فمرّ بهما عبدٌ مقيّد. فقال‌ أحدهما: إنّ لم‌ يكن‌ وزن‌ قيده‌ كذا فامرأتي‌ طالق‌. وحلف‌ الآخر مثل‌ حلف‌ صاحبه‌ بخلاف‌ المقدار الذي‌ ذكره‌. فارتفعا إلی عمر، فقال‌ لهما: اعتزلا نساءكما. ثمّ بعث‌ إلی أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، فحدّد كيفيّة‌ وزن‌ القيد، وبعد ذلك‌ ذكر قصّة‌ الرجل‌ الذي‌ كان‌ قد حلف‌ علی وزن‌ الفيل‌، وبين‌ الطريقة‌ التي‌ وزن‌ بها الإمام الفيلَ، وكلّ أُولئك‌ جعل‌ عمر يتعجّب‌. [24]

 ثمّ قال‌ ابن‌ شهرآشوب‌: وَيُقَالُ: وَضَعَ كَلَكَاً وَعَمِلَ المِجْدَافَ وَأَجْرَي‌ علی الفُرَاتِ أَيَّامَ صِفِّينَ. الكَلَك‌ مركب‌ يُركب‌ في‌ أنهار العراق‌. والمجداف‌ خشبة‌ طويلة‌ مبسوطة‌ أحد الطرفين‌.

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ النجوم‌

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌، علم‌ النجوم‌. وكان‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أكيس‌ المنجّمين‌. قال‌ سعيد بن‌ جُبَير: [25] استقبل‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ دهقان‌ ـ وفي‌ رواية‌ قيس‌ بن‌ سعد أ نّه‌ مزجان‌ بن‌ شاشوا ( في‌ النسخة‌ البدل‌: « مرخان‌بن‌ شاسوا ) ـ استقبله‌ من‌ المدائن‌ إلی جسر بوران‌، فقال‌ له‌: يا أميرالمؤمنين‌! تناحستِ النجوم‌ الطالعات‌، وتناحست‌ السعود بالنحوس‌. فإذا كان‌ مثل‌ هذا اليوم‌، وجب‌ علی الحكيم‌ الاختفاء. ويومك‌ هذا يوم‌ صعب‌ قد اقترن‌ فيه‌ كوكبان‌، وانكفي‌ فيه‌ الميزان‌، وانقدح‌ من‌ بُرجك‌ النيران‌، وليس‌ الحرب‌ لك‌ بمكان‌.

 فقال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: أَيُّهَا الدِّهْقَانُ المُنْبِي‌ُ بِالآثَارِ المَخَوِّفُ (المُحَذِّرُ ـ خ‌ ل‌) مِنَ الاَقْدَارِ، مَا كَانَ البَارِحَةَ صَاحِبُ المِيزَانِ؟ وَفِي‌ أَي‌ِّ بُرْجٍ كَانَ صَاحِبُ السَّرَطَانِ؟ وَكَمِ الطَّالِعُ مِنَ الاَسَدِ (المَطَالِعِـ خ‌ ل‌)؟ وَالسَّاعَاتُ مِنَ الحَرَكَاتِ (المُحَرَّكَاتِـ خ‌ ل‌)؟ وَكَمْ بَيْنَ السَّرَارِي‌ وَالذَّرَارِي‌؟

 قال‌ الدهقان‌: سأنظر إلی الاُصطرلاب‌ ( أُصطُلاّب‌ ـ خ‌ ل‌ ). ( وفي‌ « الاحتجاج‌ »: وأومأ بيده‌ إلی كُمّه‌ وأخرج‌ منه‌ أُصطرلاباً ينظر فيه‌ ).

 فتبسّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وقال‌ له‌: وَيْلَكَ يَا دِهْقَانُ؛ أَنْتَ مُسَيِّرُ الثَّابِتَاتِ؟ أَمْ كَيْفَ تَقْضِي‌ علی الجَارِيَاتِ؟ وَأَيْنَ سَاعَاتُ الاَسَدِ مِنَ المَطَالِعِ؟ وَمَا الزُّهْرَةُ مِنَ التَّوَابِعِ [26] وَالجَوَامِعِ؟ وَمَا دَوْرُ السَّرَارِي‌ المُحَرَّكَاتُ؟ وَكَمْ قَدْرُ شُعَاعِ المُنِيرَاتِ؟ وَكَمِ التَّحْصِيلُ بِالغُدَواتِ؟ ( من‌ أذان‌ الصبح‌ إلی طلوع‌ الشمس‌ ).

 قال‌ الدهقـان‌: لا علـم‌ لي‌ بذلـك‌ يا أميـر المؤمنيـن‌. فقـال‌ له‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: يَا دِهْقَانُ! هَلْ نَتَجَ عِلْمُكَ أَنِ انْتَقَلَ بَيْتُ مَلِكِ الصِّينِ! وَاحْتَرَقَتْ دُورٌ بِالزَّنْجِ؟ وَخَمَدَ بَيْتُ نَارِ فَارِسَ؟ وَانْهَدَمَتْ مَنَارَةُ الهِنْدِ؟ وَغَرَقَتْ سَرَانَدِيبُ؟ وَانْقَضَّ حِصْنُ الاُنْدُلُسِ؟ وَنَتَجَ (فَتَحَـ خ‌ ل‌) بُتْرُكُ الرُّومِ بِالرُّومِيَّةِ؟

 وفي‌ رواية‌: البَارِحَةَ وَقَعَ بَيْتٌ بِالصِّينِ، وَانْفَرَجَ بُرْجُ مَاجِينَ، وَسَقَطَ سُورُ سَرَانَدِيبَ، وَانْهَزَمَ بِطْرِيقُ الرُّومِ بِأَرْمِنِيَّةِ، وَفُقِدَ دَيَّانُ اليَهُودِ بِإيلَةَ، وَهَاجَ النَّمْلُ بِوَادِي‌ النَّمْلِ، وَهَلَكَ مَلِكُ إفْرِيقِيَّةِ. أَكُنْتَ عَالِمَاً بِهَذَا؟ قَالَ: لاَ، يَا أَمِيرَالمُؤْمِنِينَ.

 وفي‌ رواية‌: أَظُنُّكَ حَكَمْتَ بِاخْتِلاَفِ المُشْتَرِي‌ وَزُحَلُ إنَّمَا أَنَارَ لَكَ فِي‌ الشَّفَقِ، وَلاَحَ لَكَ شُعَاعُ المِرِّيخُ فِي‌ السَّحَرِ، وَاتَّصَلَ جُرْمُهُ بِجُرِمِ القَمَرِ.

 ثمّ قال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: البَارِحَةَ سَعَدَ سَبْعُونَ أَلْفَ عَالَمٍ، وَوُلِدَ فِي‌ كُلِّ عَالَمٍ سَبْعُونَ أَلْفَاً. وَاللَّيْلَةَ يَمُوتُ مِثْلُهُمْ وَهَذَا مِنْهُمْ ـوَأَوْمَي‌ بِيَدِهِ إلی سَعْدِ بْنِ مَسْعَدَةَ الحَارِثِيِّ وَكَانَ جَاسُوسَاً لِلْخَوَارِجِ فِي‌ عَسْكَرِهِـ فَظَنَّ المَلْعُونُ أَ نَّهُ يَقُولُ: خُذُوهُ، فَأُخِذَ بِنَفْسِهِ فَمَاتَ. فَخَرَّ الدِّهْقَانُ سَاجِدَاً. فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ: أَلَمْ أُرَوِّكَ مِنْ عَيْنِ التَّوْفِيقِ؟ قَالَ: بَلَي‌. فَقَالَ: أَنَا وَصَاحِبِي‌ لاَ شَرْقِيُّونَ وَلاَ غَرْبِيُّونَ، نَحْنُ نَاشِئَةُ القُطْبِ وَأَعْلاَمُ الفُلْكِ.

 أَمَّا قَوْلُكَ انْقَدَحَ مِنْ بُرْجِكَ النِّيرَانُ، فَكَانَ الوَاجِبُ أَنْ تَحْكُمَ بِهِ لِي‌ لاَ عَلَي‌َّ. أَمَّا نُورُهُ وَضِيَاؤُهُ فَعِنْدِي‌، وَأَمَّا حَرِيقُهُ وَلَهَبُهُ فَذَهَبَ عَنِّي‌. وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَمِيقَةٌ احْسِبْهَا إنْ كُنْتَ حَاسِبَاً. [27] فَقَالَ الدِّهْقَانُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَهِ، وَأَ نَّكَ علی وَلِي‌ُّ اللَهِ. [28]

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الحساب‌

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌، علم‌ الحساب‌ وكان‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أوفر العلماء نصيباً.

 ] قال‌ [ ابن‌ أبي‌ ليلي‌: إنّ رجلين‌ تغدّيا في‌ سفر ومع‌ أحدهما خمسة‌ أرغفة‌، ومع‌ الآخر ثلاثة‌. فجاء شخص‌ ذلك‌ وواكلها، فأعطاهما ثمانية‌ دراهم‌ عوضاً. فاختصما وارتفعا إلی أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. فقال‌: هذا أمر فيه‌ دناءة‌، والخصومة‌ فيه‌ غير جميلة‌ والصلح‌ أحسن‌. فأبي‌ صاحب‌ الثلاثة‌ إلاّ مُرّ القضاء وقال‌: احكم‌ بيننا بالقضاء الحتمي‌ّ وتعيين‌ المقدار الحقيقي‌ّ.

 فقال‌ الإمام‌: إذا كنت‌ لا ترضي‌ إلاّ بمُرّ القضاء، فإنّ لك‌ واحد من‌ ثمانية‌، ولصاحبك‌ سبعة‌. أليس‌ كان‌ لك‌ ثلاثة‌ أرغفة‌ ولصاحبك‌ خمسة‌؟ قال‌: بلي‌.

 قال‌: فهذه‌ أربعة‌ وعشرون‌ ثلثاً. أكلتَ منه‌ ثمانية‌، والضيف‌ ثمانية‌. فلمّا أعطاكما الثمانية‌ الدراهم‌، كان‌ لصاحبك‌ سبعة‌ ولك‌ واحد. [29]

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الكيمياء

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌، علم‌ الكيمياء. وكان‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أكثر أصحاب‌ الكيمياء حظّاً فيه‌. وقد سئل‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ هذه‌ الصنعة‌، فَقَالَ: هِي‌َ أُخْتُ النُّبُوَةِ، وَعِصْمَةُ المُرُوَّةِ، وَالنَّاسُ يَتَكَلَّمُونَ فِيهَا بِالظَّاهِرِ، وَأَ نِّي‌ لاَعْلَمُ ظَاهِرَهَا وَبَاطِنَهَا. هِيَ وَاللَهِ مَا هِيَ إلاَّ مَاءٌ جَامِدٌ، وَهَوَاءٌ رَاكِدٌ، وَنَارٌ جَائِلَةٌ، وَأَرْضٌ سَائِلَةٌ.

 وسئل‌ عليه‌ السلام‌ في‌ أثناء خطبته‌: هل‌ الكيمياء كانت‌؟ فقال‌: كانت‌ وهي‌ كائن‌. فقيل‌: من‌ أي‌ّ شي‌ء؟ فقال‌: إنَّهَا مِنَ الزَّيْبَقِ الرَّجْرَاجِ، وَالاُسْرُبِ وَالزَّاجِ، وَالحَدِيدِ المُزْعَفَر، وَزِنْجَارِ النُّحَاسِ الاَخْضَرِ الخَوَرِ (الحبورـ خ‌ ل‌) إلاَّ تَوَقَّفَ علی عَابِرِهِنَّ.

 فقيل‌ له‌: فهمنا لا يبلغ‌ ذلك‌. فَقَالَ: اجْعَلُوا البَعْضَ أَرْضَاً، وَاجْعَلُوا البَعْضَ مَاءً، وَأَفْلِحُوا الاَرْضَ بِالمَاءِ، وَقَدْ تَمَّ.

 فقيل‌ له‌: زدنا يا أمير المؤمنين‌. فَقَالَ: لاَ زِيَادَةَ عَلَيْهِ، فَإنَّ الحُكَمَاءَ القُدَمَاءَ مَا زَادُوا عَلَيْهِ كَيمَا يَتَلاَعَبَ بِهِ النَّاسُ. [30]

 وقال‌ ابن‌ رَزّيك‌ أبو الطَّلايع‌:

 علی الَّـذِي‌ قَـدْ كَـانَ نَـاظِـرُ قَلْـبِـهِ                        يُـرِيـهِ عَـيَـانـاً مَـا وَرَاءَ العَـوَاقِـبِ

 علی الَّذِي‌ قَـدْ كَانَ أَفْـرَسَ مَنْ عَلاَ          عَلَي‌ صَهَواتِ الصَّافِنَاتِ الشَّوَارِبِ

 ( وتتميّز هذه‌ الخيول‌ علی أمثالها، وأنّ امتطاءَها أعسر من‌ امتطاء غيرها ).

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الطبّ

 روي‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ كان‌ يقول‌:

 إذَا كَانَ الغُلاَمُ مُلْتَاثَ الاُدْرَةِ، صَغِيرَ الذَّكَرِ، سَاكِنَ النَّظَرِ، فَهُوَ مِمَّنْ يُرْجي‌ خَيْرُهُ، وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ. وَإذَا كَانَ الغُلاَمُ شَدِيدَ الاُدْرَةِ، كَبِيرَ الذَّكَرِ، حَادَّ النَّظَرِ، فَهُوَ مِمَّنْ لاَ يُرْجَي‌ خَيْرُهُ، وَلاَ يُؤْمَنُ شَرُّهُ.

 وعن‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أيضاً: أ نّه‌ قال‌: يعيش‌ الولد لستّة‌ أشهر ولسبعة‌ ولتسعة‌ ولا يعيش‌ لثمانية‌ أشهر.

 وعنه‌ عليه‌ السلام‌: لبن‌ الجارية‌ وبولها يخرج‌ من‌ مثانة‌ أُمّها. ولبن‌ الغلام‌ يخرج‌ من‌ العضدين‌ والمنكبين‌.

 وعنه‌ أيضاً: يشبّ الصبي‌ كلّ سنة‌ أربع‌ أصابع‌ بإصابع‌ نفسه‌.

 وسأل‌ رجل‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ الولد: ما باله‌ تارة‌ يشبه‌ أباه‌ وأُمّه‌، وتارة‌ يشبه‌ خاله‌ وعمّه‌؟ فقال‌ للحسن‌ عليه‌ السلام‌: أجبه‌.

 فقال‌ الإمام‌ الحسن‌ عليه‌ السلام‌: أمّا الولد، فإنّ الرجل‌ إذا أتي‌ أهله‌ بنفس‌ ساكنة‌ وجوارح‌ غير مضطربة‌، اعتلجت‌ النطفتان‌ كاعتلاج‌ المتنازعين‌. فإن‌ علت‌ نطفة‌ الرجل‌ نطفة‌ المرأة‌، جاء الولد يشبه‌ أباه‌. وإذا علت‌ نطفة‌ المرأة‌ نطفة‌ الرجل‌، يشبه‌ أُمّه‌.

 وإذا أتاها بنفس‌ منزعجة‌ وجوارح‌ مضطربة‌ غير ساكنة‌، اضطربت‌ النطفتان‌ فسقطتا عن‌ يمنة‌ الرحم‌ ويسرته‌، فإن‌ سقطت‌ عن‌ يمنة‌ الرحم‌ سقطت‌ علی عروق‌ الاعمام‌ والعمّات‌. فأشبه‌ أعمامه‌ وعمّاته‌. وإن‌ سقطت‌ عن‌ يسرة‌ الرحم‌، سقطت‌ علی عروق‌ الاخوال‌ والخالات‌، فأشبه‌ أخواله‌ وخالاته‌. فقام‌ الرجل‌ وهو يقول‌:

 اللَهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالاَتِهِ. [31]

 ورُوي‌ أنّ هذا الرجل‌ هو الخضر.

 وسئل‌ النبي‌ّ الاكرم‌: كيف‌ تؤنّث‌ المرأة‌ وكيف‌ يذكّر الرجل‌؟ فقال‌: يلتقي‌ الماءان‌، فإذا علا ماء المرأة‌ ماء الرجل‌، أُنثت‌. وإن‌ علا ماء الرجل‌ ماء المرأة‌، أُذكرت‌.

 تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الاقتصاد والمعاملة‌

 ومن‌ جملة‌ العلوم‌، علم‌ المعاملة‌ علی طريق‌ السوقيّة‌ ومجري‌ المعاملات‌ والمقايضات‌. ويعترف‌ التجّار والسوقيّة‌ أنّ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ هو الاصل‌ في‌ علومهم‌. ولا يوجد لغيره‌ إلاّ اليسير حتّي‌ قال‌ مشايخهم‌: لو تفرّغ‌ علی عليه‌ السلام‌ إلی إظهار ما علم‌ من‌ علومنا، لاغني‌ في‌ هذا الباب‌.

 إحاطة‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بالتوراة‌

 ومن‌ فرط‌ حكمته‌ عليه‌ السلام‌ ما روي‌ عن‌ أُسامة‌ بن‌ زيد، وأبي‌رافع‌ في‌ خبر أنّ جبرئيل‌ عليه‌ السلام‌ نزل‌ علی النبيّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، فقال‌: يا محمّد! ألا أُبشّرك‌ بخبيئةٍ لذرّيّتك‌، فحدّثه‌ بشأن‌ التوراة‌ أ نّه‌ قد وجدها رهط‌ من‌ أهل‌ اليمن‌ بين‌ حجرين‌ أسودين‌، وسمّاهم‌ له‌. فلمّا قدموا علی رسول‌الله‌، قال‌ لهم‌: كما أنتم‌ حتّي‌ أُخبركم‌ بأسمائكم‌ وأسماء آبائكم‌، وأنتم‌ وجدتم‌ التوراة‌، وقد جئتم‌ بها معكم‌. فدفعوها إليه‌ وأسلموا. فوضعها النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ عند رأسه‌، ثمّ دعا الله‌ باسمه‌، فأصبحت‌ عربيّة‌ ففتحها ونظر فيها، ثمّ رفعها إلی علي‌ّبن‌ أبي‌طالب‌ عليه‌ السلام‌ وقال‌:

 هَذَا ذِكْرٌ لَكَ وَلِذُرِّيَّتِكَ مِنْ بَعْدِي‌.

 وروي‌ عن‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ قوله‌ تعالي‌: رُسُلاً قَدْ قَصَصْنَـ'هُمْ عَلَيْكَ ـ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ، [32]بعث‌ الله‌ نبيّاً أسوداً لم‌يقصّ علينا قصّته‌.

 وكتب‌ معاوية‌ إلی أبي‌ أيّوب‌ الانصاريّ: أمَّا بَعْدُ؛ فَحَاجَيْتُكَ (فَحُجَّيْتُكَـ خ‌ ل‌) بِمَا لاَ تَنْسَي‌ شَيْبَاءُ. قال‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: أَخْبَرَهُ أَ نَّهُ مِنْ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، وَأَنَّ مَنْ قُتِلَ عِنْدَهُ مِثْلُ الشَّيْبَاءَ لاَ تَنْسَي‌ قَاتِلَ بِكْرَهَا وَلاَ أَبَا مُخَدِّرِهَا (مُحَذِّرِهَا ـ خ‌ ل‌) أَبَدَاً. [33]

 علم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بلغة‌ الحيوانات‌ والملائكة‌

 ومن‌ وفور علمه‌ عليه‌ السلام‌ أ نّه‌ عبّر منطق‌ الطير والوحوش‌ والدوابّ. روي‌ زرارة‌ عن‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أ نّه‌ قال‌: قال‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ كَمَا عُلِّمَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيهِ السَّلاَمُ، وَكُلِّ دَابَّةٍ فِي‌ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ. [34]

 وروي‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أنّ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: صياح‌ الديك‌: اذْكُرُوا اللَهَ يَا غَافِلِينَ. وصهيل‌ الفرس‌: اللَهُمَّ انْصُرْ عِبَادَكَ المُؤْمِنِينَ علی عِبَادِكَ الكَافِرِينَ. ونهيق‌ الحمار: أَنْ يَلْعَنَ العَشَّارِينَ، وينهق‌ في‌ عين‌ الشيطان‌. ونقيق‌ الضفدع‌: سُبْحَانَ رَبِّي‌َ المَعْبُودِ المُسَبَّحِ فِي‌ لُجَجِ البِحَارِ. وأنيق‌ القبّرة‌ ( عصفورة‌ خاصّة‌ تتّخذ من‌ الجبال‌ والصحاري‌ منزلاً لها غالباً ): اللَهُمَّ الْعَنْ مُبْغِضِي‌ آلِ مُحَمَّدٍ.

 قال‌ العبدي‌ّ:

وَعَلَّمَـكَ الَّذِي‌ عَلَّـمَ البَـرَايَا                       وَأَلْهَمَـكَ الَّـذِي‌ لاَ يَعْلَـمُـونَا

فَزَادَكَ فِي‌ الوَرَي‌ شَـرَفاً وَعِزَّاً                 وَمَجْدَاً فَوْقَ وَصْفِ الوَاصِفِيَنَا

 وروي‌ سعيد بن‌ ظريف‌ عن‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، وروي‌ أبو أُمامة‌ الباهلي‌ّ كلاهما عن‌ النبي‌ّ الاكرم‌ في‌ خبر طويل‌ ـواللفظ‌ لابي‌أُمامة‌ـ أنّ الناس‌ دخلوا علی النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وهنّؤوه‌ بمولود رزقه‌ الله‌ به‌. ثمّ قام‌ رجل‌ في‌ وسط‌ الناس‌، فقال‌: بأبي‌ أنت‌ وأُمّي‌ يا رسول‌ الله‌، رأينا من‌ علی عجباً في‌ هذا اليوم‌.

 قال‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ وآله‌: وما رأيتم‌؟

 قالوا: أتيناك‌ لنسلّم‌ عليك‌ ونهنّئك‌ بمولودك‌ الحسين‌ فحجبنا عنك‌ وأعلمنا أ نّه‌ هبط‌ عليه‌ مائة‌ وأربعة‌ وعشرون‌ ألف‌ مَلَك‌، فعجبنا من‌ إحصائه‌ وعدّه‌ الملائكة‌.

 فأقبل‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بوجهه‌ إلی علی مبتسماً وقال‌: ما علّمك‌ أ نّه‌ هبط‌ علی مائة‌ وأربعة‌ وعشرون‌ ألف‌ ملك‌؟

 قال‌ علی عليه‌ السلام‌: بأبي‌ أنت‌ وأُمّي‌ يا رسول‌ الله‌ سمعت‌ مائة‌ وأربعة‌ وعشرين‌ ألف‌ لغة‌ فعلمتُ أ نّهم‌ مائة‌ وأربعة‌ وعشرون‌ ألف‌ مَلَك‌.

 قال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌:

 زَادَكَ اللَهُ عِلْماً وَحِلْمَاً يَا أَبَا الحَسَنِ.

 وروي‌ الزمخشريّ في‌ كتاب‌ « الفائق‌ » أنّ شُريح‌ القاضي‌ سُئل‌ عن‌ امرأة‌ طُلّقت‌ فذكرت‌ أ نّها حاضت‌ ثلاث‌ حيضات‌ في‌ شهر واحد.

 فقال‌ شُريح‌: إن‌ شهدت‌ ثلاث‌ نسوة‌ من‌ بطانة‌ أهلها أ نّها كانت‌ تحيض‌ قبل‌ طلاقها في‌ كلّ شهر، فالقول‌ قولها.

 فقال‌ علی عليه‌ السلام‌: قالون‌ ( فالون‌ ـ خ‌ ل‌ ) أي‌: أصبتَ ( بالروميّة‌ ). وهذا إذا اتُّهمت‌ المرأة‌ ( أي‌: الحاجة‌ إلی الشهادة‌ عند الاتّهام‌ بالكذب‌، ولاحاجة‌ إليها في‌ غير الاتّهام‌ ).

 وروي‌ في‌ « بصائر الدرجات‌ » عن‌ سعد القمّي‌ّ أنّ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ نزل‌ قَطْقَطا عند مجيئه‌ إلی النهروان‌، فأجتمع‌ إليه‌ أهل‌ باد وريا فشكوا ثقل‌ خراجهم‌، وكلّموه‌ بالنبطيّة‌ فقالوا: لنا جيران‌ أوسع‌ أرضاً منّا وأقلّ خراجاً. فأجابهم‌ عليه‌ السلام‌ بالنبطيّة‌ قائلاً: زعرا وطائه‌ من‌ زعرا رباه‌. ومعناه‌ بالعربيّة‌: دُخْنٌ صَغِيرٌ خَيْرٌ مِنْ دُخْنٍ كَبِيرٍ. [35]

 وروي‌ أ نّه‌ قال‌ عليه‌ السلام‌ لابنة‌ يزدجرد: ما اسمكِ؟ قالت‌: جهان‌ بانويه‌. فقال‌ عليه‌ السلام‌: بل‌ اسمك‌ شهربانويه‌، وأجابها بالعجميّة‌.

 

ارجاعات


[1] ـ ذكر الشريف‌ الرضي‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ هذا الموضوع‌ في‌ «نهج‌ البلاغة‌» الخطبة‌ 168، وفي‌ طبعة‌ مصر وشرح‌ محمّد عبده‌:ج‌ 1،ص‌ 317 و 318. وفيه‌: كَلَّم‌ به‌ بعض‌ العرب‌ وقد أرسله‌ قوم‌ من‌ أهل‌ البصرة‌ لمّا قرب‌ عليه‌ السلام‌ منها ليعلم‌ لهم‌ حقيقة‌ حاله‌ مع‌ أصحاب‌ الجمل‌ لتزول‌ الشبهة‌ من‌ نفوسهم‌ فبيّن‌ له‌ عليه‌ السلام‌ من‌ أمره‌ معهم‌ ما علم‌ به‌ أ نّه‌ علی الحقّ. ثمّ قال‌ له‌: بايع‌، فقال‌: إنّي‌ رسول‌ قوم‌ ولا أُحدث‌ حدثاً حتّي‌ أرجع‌ إليهم‌. فقال‌ له‌ عليه‌ السلام‌: أرأيتَ لو أنّ الذين‌ وراءك‌ بعثوك‌ رائداً تبتغي‌ لهم‌ مساقط‌ الغيث‌ فرجعتَ إليهم‌ وأخبرتهم‌ عن‌ الكلا والماء فخالفوا إلی المعاطش‌ والمجادب‌، ما كنتَ صانعاً؟ قال‌: كنتُ تاركهم‌ ومخالفهم‌ إلی الكلا والماء. فقال‌ عليه‌ السلام‌: فامدد إذاً يدك‌. فقال‌ الرجل‌: فو الله‌ ما استطعت‌ أن‌ أمتنع‌ عند قيام‌ الحجّة‌ علی فبايعتُه‌ عليه‌ السلام‌. والرجل‌ يعرف‌ بكُليب‌ الجَزمي‌ّ.

 إنّ هذا الضرب‌ من‌ التعبير أبلغ‌ في‌ إلزام‌ الخصم‌ وتقرير الجدل‌ من‌ العبارة‌ التي‌ نقلناها عن‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ مناقبه‌ (الطبعة‌ الحجريّة‌، ج‌ 1، ص‌ 269، والطبعة‌ الحديثة‌ في‌ المطبعة‌ العلميّة‌ بقم‌، ج‌ 2، ص‌ 26 ). ذلك‌ أ نّه‌ لم‌ يذكر في‌ كلتا الطبعتين‌ قوله‌: فخالفوا إلی المعاطش‌ والمجادِب‌، ما كنتَ صانعاً؟ قال‌: كنتُ تاركهم‌ ومخالفهم‌ إلی الكلا والماء. ومن‌ الواضح‌ أنّ عبارة‌ «نهج‌ البلاغة‌» أبلغ‌.

[2] ـ ذكره‌ الشريف‌ الرضي‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ «نهج‌ البلاغة‌» قسم‌ الحِكَم‌، رقم‌ 317.

[3] ـ الانباط‌ جمع‌ النَّبَط‌ قوم‌ كانوا يسكنون‌ بين‌ العراق‌ والشام‌. وكانوا يسافرون‌ إلی المدينة‌ في‌ الجاهليّة‌ والإسلام‌ لشراء وبيع‌ أمتعتهم‌ كالدرمك‌ (دقيق‌ القمح‌ الابيض‌) والزيت‌. وضبط‌ المجلسيّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 624، طبعة‌ الكمباني‌ّ: الدرثوك‌ بدل‌ الدرمك‌، عن‌ تفسير علي‌ّبن‌ إبراهيم‌، ونقل‌ عن‌ الجوهريّ أنّ الدرثوك‌ ضرب‌ من‌ البُسُط‌ ذو خُمل‌ وتشبه‌ به‌ فروة‌ البعير.

[4] ـ النصف‌ الاوّل‌ من‌ الآية‌ 3، من‌ السـورة‌ 9: براءة‌: وَأَذَ ' نٌ مِّنَ اللَهِ وَرَسُولِهِ إلی النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الاْكْبَرِ أَنَّ اللَهَ بَرِي‌´ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ. ويلاحظ‌ أنّ قوله‌ وَرَسُولُهُ مرفوع‌، وهو معطوف‌ علی اللَه‌ محلاّ. وهو مبتدأ مرفوع‌ أو عطف‌ علی قوله‌ إِنَّ اللَهَ، وهذا مرفوع‌ محلاّ علی الابتدائيّة‌ أيضاً، وقُري‌ في‌ بعض‌ القراءات‌ بالنصب‌ وَرَسُولَهُ، فيكون‌ معطوفاً علی اللَهَ. والمعني‌ في‌ كلتا الحالتين‌ واحد، وهو صحيح‌. وأمّا إذا قري‌ بالجرّ وَرَسُولِهِ، كما فعل‌ السوقي‌ّ، فالمعني‌ كلّه‌ يتغيّر، ويعطي‌ العكس‌. فلهذا لمّا سمع‌ الاعرابي‌ّ ذواللسان‌ الصحيح‌ ذلك‌، عدّه‌ كفراً، وضرب‌ السوقي‌ّ علی رأسه‌.

[5] ـ قال‌ المستشار عبد الحليم‌ الجندي‌ّ في‌ كتابه‌ الثمين‌ «الإمام‌ جعفر الصادق‌» هامش‌ ص‌ 29: روي‌ الانباري‌ّ في‌ «تأريخ‌ الاُدباء» أنّ سبب‌ وضع‌ علی كرّم‌ الله‌ وجهه‌ لهذا العلم‌ ما روي‌ أبوالاسود الدؤلي‌ّ حيث‌ قال‌: دخلتُ علی أميرالمؤمنين‌ علي‌ّ، فوجدتُ في‌ يده‌ رقعة‌. فقلتُ: ما هذه‌ يا أمير المؤمنين‌؟ فقال‌: إنّي‌ تأمّلتُ كلام‌ العرب‌ فوجدته‌ قد فسد بمخالطة‌ هذه‌ الحمراء (يعني‌ الاعاجم‌)، فأردتُ أن‌ أضع‌ شيئاً يرجعون‌ إليه‌. ثمّ ألقي‌ إلی الرقعة‌ ومكتوب‌ فيها: الكلام‌ كلّه‌ اسم‌ وفعل‌ وحرف‌. فالاسم‌ ما أنبأ عن‌ المسمّي‌، والفعل‌ ما أُنبي‌ به‌، والحرف‌ ما أفـاد معني‌. وقال‌ لي‌: انح‌ هـذا النحو، وأضف‌ إليه‌ ما وقـع‌ عليك‌. واعلم‌ يا أبا الاسود أنّ الاسماء ثلاثة‌: ظاهر، ومضمر، واسم‌ لا ظاهر ولا مضمر. وإنّما يتفاضل‌ الناس‌ ياأباالاسود فيما ليس‌ بظاهر ولا مضمر (أراد بذلك‌ الاسم‌ المبهم‌). قال‌ ] أبو الاسود [: ثمّ وضعتُ بابَي‌ العطف‌ والنعت‌، ثمّ بابَي‌ التعجّب‌ والاستفهام‌ إلی أن‌ وصلتُ إلی باب‌ إنّ وأخواتها، فكتبتُها ما خلا لكنّ. فلمّا عرضتها علی أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، أمرني‌ بضمّ لكنّ إليها. وكلّما وضعتُ باباً من‌ أبواب‌ النحو، عرضتُه‌ عليه‌، إلی أن‌ حصلت‌ مافيه‌ الكفاية‌. فقال‌: ما أحسنَ هذا النحو الذي‌ نحوتَ، فلهذا سمّي‌ النحو. وأنّ المرء ليلاحظ‌ أنّ هذا الفتح‌العظيم‌ في‌ العلم‌ كان‌ من‌ اهتماماته‌، وهو أمير المؤمنين‌، ليس‌ لديه‌ يوم‌ واحد خلا من‌ معركة‌ أو استعداد لمعركة‌. وأنّ أبا الاسود هو واضع‌ علامات‌ الإعراب‌ في‌ المصحف‌ في‌ أواخر الكلمات‌ بصبغ‌ يخالف‌ لون‌ المداد الذي‌ كتب‌ به‌ المصحف‌. فجعل‌ علامة‌ الفتح‌ نقطة‌ فوق‌ الحرف‌. والضم‌ نقطة‌ إلی جانبه‌، والكسر نقطة‌ في‌ أسفله‌، والتنوين‌ مع‌ الحركة‌ نقطتين‌. ثمّ وضع‌ نصربن‌ عاصم‌ ـ تلميذ أبي‌ الاسودـ النقط‌ والشكل‌ لاوائل‌ الكلمات‌ وأواسطها. ثمّ جاء الخليل‌بن‌ أحمد فشارك‌ في‌ إتمام‌ بقيّة‌ الإعجام‌. والخليل‌ شيعي‌ّ كأبي‌الاسود. وهو واضع‌ علم‌ العروض‌ وصاحب‌ المعجم‌ الاوّل‌ وواضع‌ النحو علی أساس‌ القياس‌. فاللغة‌ العربيّة‌ مدينة‌ لعلي‌ّ وتلاميذ علي‌ّ. وكمثلها البلاغة‌ العربيّة‌. وعلي‌ّ معدود من‌ خطباء التأريخ‌ العالمي‌ّ بخطبه‌ والمناسبات‌ التي‌ دعت‌ إليها.

[6] ـ إنّ أكبر دليل‌ علی فصاحة‌ الإمام‌: «نهج‌ البلاغة‌» الذي‌ قال‌ فيه‌ جورج‌ جرداق‌ في‌ كتابه‌: «الإمام‌ علی صوت‌ العدالة‌ الإنسانيّة‌» ص‌ 684: فكان‌ له‌ من‌ بلاغة‌ الجاهليّة‌ وسحر البيان‌ النبوي‌ّ ما حدا بعضهم‌ إلی أن‌ يقول‌ في‌ كلامه‌ إنّه‌ دون‌ كلام‌ الخالق‌ وفوق‌ كلام‌ المخلوقين‌. ولا غرو في‌ ذلك‌، فقد تهيّأت‌ لعلي‌ّ جميع‌ الوسائل‌ التي‌ تعدّه‌ لهذا المكان‌ بين‌ أهل‌ البلاغة‌.

[7] ـ هذه‌ الابيات‌ من‌ قصيدة‌ للحميريّ تقع‌ في‌ أربعة‌ وعشرين‌ بيتاً، وهي‌ في‌ ص‌ 53 إلی 60 من‌ ديوانه‌. أخرجها ] جامع‌ «الديوان‌» أو محقّقه‌ أو مصحّحه‌ [ عن‌ «أعيان‌ الشيعة‌»، و«مناقب‌ آل‌ أبي‌ طالب‌»، وذكرها تحت‌ الرقم‌ 5، وأوّلها:

بيـت‌ الرسـالة‌ والنبـوّة‌ والذين‌                                نـعـدّهـم‌ لـذنـوبـنـا شــفـعـاء

 إلی أن‌ بلغ‌ قوله‌ في‌ البيتين‌ 14 و 15:

مَنْ كَان‌ أعلمهم‌ وأقضاهم‌ ومن‌                             جعـل‌ الرعيّـة‌ والرُّعـاة‌ سـواء

مَن‌ كان‌ باب‌ مدينة‌ العلم‌ الذي                               ‌ ذكـر الـنـزول‌ وفـسّـر الانـبـاء

 والابيات‌ 16 إلی 19 هي‌ الابيات‌ الاربعـة‌ التي‌ ذكرناها في‌ المتن‌ نقلاً عن‌ «المناقب‌» لابن‌شهرآشوب‌. وثمّة‌ اختلاف‌ يسير في‌ بعض‌ الكلمات‌. مثلاً ذكر في‌ البيت‌ الاوّل‌ قَوْلَهُ مكان‌ حولَهُ، وفي‌ الثاني‌ حفاء بحاء مهملة‌ وتخفيف‌ الفاء بدل‌ خفّاء بالخاء المعجمة‌ وتشديد الفاء، وفي‌ الرابع‌ عانوا بالنون‌ مكان‌ عاثوا بالثاء المثلثة‌.

[8] ـ قال‌ المرحوم‌ المغفور الآية‌ الحجّة‌ السيّد حسن‌ اللواساني‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ جدّ قرّة‌ عيني‌ المكرّم‌ وصهري‌ المعظّم‌ السيّد إبراهيم‌ اللواساني‌ دام‌ عزّه‌ في‌ كتابه‌ «كشكول‌ لطيف‌» ص‌ 33، طبعة‌ طهران‌: نُقل‌ أنّ معاوية‌ بن‌ أبي‌ سفيان‌ كتب‌ إلی أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ العبارة‌ الآتية‌ بلا تنقيط‌: (علا قدري‌، علا قدري‌) وقصده‌ من‌ الاُولي‌ علوّ قدره‌، ومن‌ الثانية‌ غليان‌ قدره‌ كناية‌ عن‌ عظمة‌ شأنه‌. (عَلا قَدْري‌، غَلا قِدْري‌). فكتب‌ إليه‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ما يأتي‌ بلا تنقيط‌: عرك‌ عرك‌ فصار فصار دلك‌ دلك‌ فاحس‌ فاحس‌ فعلك‌ فعلك‌ نهدي‌ نهدي‌. فلم‌يفهم‌ معناها، وحار في‌ أمره‌. وقصد الإمام‌ هو: غَرَّكَ عِزُّكَ، فَصَارَ قُصَارَ ذَلِكَ ذُلُّكَ، فَاخْشَ فَاحِشَ فِعْلِكَ، فَعَلَّكَ تَهْدِي‌ بِهُديً!

[9] ـ ذكر المرحوم‌ الآية‌ الحجّة‌ اللواساني‌ هذه‌ الخطبة‌ الطويلة‌ جدّاً في‌ ص‌ 30 إلی 33 من‌ كشكوله‌.

[10] ـ ذكر المرحوم‌ اللواساني‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ خطبة‌ أُخري‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بلانقطة‌ وذلك‌ في‌ كتابه‌ «كشكول‌» ص‌ 25 و 26. وأوّلها: الحمد للّه‌ الملك‌ المحمود، المالك‌ الودود، مصوّر كلّ مولود، ومآل‌ كلّ مطرود.

[11] ـ ورد هذا الكلام‌ في‌ خطبتين‌ من‌ خطب‌ «نهج‌ البلاغة‌» الاُولي‌: الخطبة‌ 21: فَإنَّ الغاية‌ أمامَكم‌، وَإنَّ وراءكم‌ الساعة‌ تَحدوكم‌، تَخَفَّفوا تَلْحَقوا، فإنّما يُنْتظر بأوّلكم‌ آخِرُكم‌. وقال‌ الشريف‌ الرضي‌ هنا: هذا الكلام‌ لو وزن‌ بعد كلام‌ الله‌ سبحانه‌، وبعد كلام‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ بكلّ كلام‌ لمال‌ به‌ راجحاً وبرّز عليه‌ سابقاً. فأمّا قوله‌ عليه‌ السلام‌: تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا، فما سُمع‌ كلام‌ أقلّ منه‌ مسموعاً ولا أكثر محصولاً، وما أبعد غورها من‌ كلمة‌، وأنقع‌ نطفتها من‌ حكمة‌. الثانية‌: الخطبة‌ 165 إذ قال‌ بعد كلام‌ له‌ في‌ كتاب‌ الله‌ والنصيحة‌ في‌ العمل‌: بَادِرُوا أَمْرَ العَامَّةِ وَخَاصَّةَ أَحَدِكُمْ وَهُوَ المَوْتُ، فَإنَّ النَّاسَ أَمَامَكُمْ وَإنَّ السَّاعَةَ تَحْدُوُكُمْ مِنْ خَلْفِكُمْ، تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا، فَإنَّمَا يُنْتَظَر بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ ـالخطبة‌. طبعة‌ مصر وشرح‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌، الاُولي‌ في‌ ص‌ 58 و 59. والثانية‌ في‌ ص‌ 314 و 315 من‌ الجزء الاوّل‌.

[12] ـ الآية‌ 39، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌: بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ و كَذَ ' لِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن‌ قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّـ'لِمِينَ.

[13] ـ الآية‌ 30، من‌ السورة‌ 47: محمّد: وَلَوْ نَشَآءُ لاَرْيَنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَـ'هُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي‌ لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ.

[14] ـ جاء في‌ «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2، الحكمة‌ 81: قِيمةُ كُلِّ امْرِي‌ٍ مَا يُحْسِنُهُ. قال‌ الشريف‌ الرضي‌ّ: وهذه‌ الكلمة‌ التي‌ لا تصاب‌ لها قيمة‌، ولا توزن‌ بها حكمة‌، ولا تقرن‌ إليها كلمة‌. («نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2، ص‌ 154، طبعة‌ مصر، شرح‌ عبده‌).

[15] ـ الآية‌ 247، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌: وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمُ إِنَّ اللَهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُو´ا أَ نَّي‌' يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَهَ اصْطَفَب'هُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ و بَسْطَةً فِي‌ الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَهُ يُؤْتِي‌ مُلْكَهُ و مَن‌ يَشَآءُ وَاللَهُ وَ ' سِعٌ عَلِيمٌ.

[16] ـ هذا التعليم‌ من‌ عجائب‌ الاحكام‌ القضائيّة‌، إذ إنّ الحكم‌ بالقصاص‌ نفسه‌ يحول‌ دون‌ الجريمة‌. وهو من‌ الموارد التي‌ يوجب‌ الحكم‌ بها عدم‌ تحقّق‌ مصداقها.

[17] ـ الآية‌ 179، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌: وَلَكُمْ فِي‌ الْقِصَاصِ حَيَو'ةٌ يَـ'´أُولِي‌ الاْلْبَـ'بِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.

[18] ـ قال‌ الاستاذ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ «الميزان‌» ج‌ 20، ص‌ 323: الموءُودة‌ البنت‌ التي‌ تدفن‌ حيّةً ـ انتهي‌. وعلي‌ هذا يجب‌ أن‌ تولد هذه‌ البنت‌ حيّة‌ ثمّ تُدفَن‌ حيّة‌ ليصدق‌ عليها معني‌ الموءودة‌. وهذا هو ما عناه‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ قوله‌: يأتي‌ عليها... إذ ينبغي‌ أن‌ تمرّ بمراحل‌ الجنين‌ السبع‌ وهي‌: سلالة‌ الطين‌، والنطفة‌، والعلقة‌، والمضغة‌، والعظم‌، وكسو العظم‌ لحماً، ونفخ‌ الروح‌ فيه‌، ثمّ تأتي‌ إلی الدنيا حيّة‌ لينطبق‌ عليها معني‌ المـوءودة‌. وإلاّ لو مرّ هـذا الجنين‌ ببعض‌ المراحـل‌ دون‌ بعض‌، فلايصـدق‌ عليه‌معني‌ الموءودة‌، ولايكون‌ هو المقصود من‌ الآية‌ المباركة‌ وَإِذَا الْمَؤْءُودَةُ سُئِلَتْ. وأمّا تعبير الإمام‌ عنه‌ بالجنين‌ الذي‌ تأتي‌ عليه‌ الثارات‌ السبع‌، فالسبب‌ فيه‌ أنّ كلّ مرحلة‌ من‌ مراحل‌ الجنين‌ لو ضُيِّعت‌ أو أُسقطت‌، فلها دية‌ خاصّة‌ يجب‌ علی الجاني‌ دفعها. ودية‌ النطفة‌ 20 ديناراً، والعلقة‌ 40 ديناراً، والمضغة‌ 60 ديناراً، والعظم‌ 80 ديناراً، واللحم‌ الذي‌ يكسو العظم‌ 100 دينار. فهذه‌ خمس‌ مراحل‌ تُسدَّس‌ بالمرحلة‌ الاُولي‌ المتمثّلة‌ بسلالة‌ الطين‌، وإذا نفخت‌ فيه‌ الروح‌، فديته‌ دية‌ إنسان‌ كامل‌، وهي‌ ألف‌ دينار. ويقول‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌: إنّ الموءودة‌ هي‌ الجنين‌ الذي‌ أتت‌ عليه‌ هذه‌ الثارات‌ السبع‌ كلّها. أي‌: إذا وُلد الجنين‌ وقُتل‌، فإنّه‌ يستحقّ ثأر النطفة‌، أي‌: تُدفع‌ إليه‌ دية‌ النطفة‌. كما يستحقّ ثأر العلقة‌، ويجب‌ أن‌ تدفع‌ إليه‌ دية‌ العلقة‌، وهنا اندكّت‌ دية‌ النطفة‌ في‌ دية‌ العلقة‌. وله‌ أيضاً ثأر المضغة‌، وينبغي‌ أن‌ تدفع‌ إليه‌ ديتها. غاية‌ الامر أنّ دية‌ النطفة‌ والعلقة‌ مندكّة‌ في‌ دية‌ المضغة‌. وهكذا حتّي‌ نبلغ‌ مرحلة‌ إنشاء الروح‌ ونفخ‌ النفس‌ الناطقة‌ فيه‌، ولها ديتها. وأنّ جميع‌ الديات‌ السابقة‌ مندكّة‌ فيه‌. فهذا الجنين‌ المولود حيّاً قد استحقّ سبع‌ مراحل‌ من‌ الديات‌، وطلب‌ ثأره‌ سبع‌ مرّات‌، واقتصّ من‌ الجاني‌ عليه‌. وقال‌ الفيروزآباديّ في‌ «شرح‌ القاموس‌»: الثأر الدم‌ نفسه‌، وطلب‌ الدم‌، وقاتل‌ حميمك‌، وأثآر كأشجار، وآثار كآجال‌ جمعه‌. واسم‌ المصدر ثؤرة‌ وثوؤرة‌.

[19] ـ الآيات‌ 12 إلی 14، من‌ السورة‌ 23: المؤمنون‌: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَـ'نَ مِن‌ سُلَـ'لَةٍ مِّن‌ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَـ'هُ نُطْفَةً فِي‌ قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَـ'مًا فَكَسَونَا الْعِظَـ'مَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَـ'هُ خَلْقًا ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَهُ أَحْسَنُ الْخَـ'لِقِينَ.

[20] ـ «غرر الحكم‌ ودرر الكلم‌» للعالم‌ الجليل‌ عبد الواحد بن‌ محمّد التميمي‌ّ الآمدي‌ّ. ويعرف‌ بـ«غُرَر ودُرَر الآمدي‌ّ». جمع‌ فيه‌ مؤلّفه‌ خمسين‌ وإحدي‌ عشرة‌ ألف‌ كلمة‌ من‌ الكلمات‌ القصار لامير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. وشرحه‌ المحقّق‌ البارع‌ جمال‌الدين‌ محمّد الخوانساري‌ّ. وطُبع‌ في‌ ستّة‌ أجزاء سنة‌ 1383 ه مع‌ مقدّمة‌ وتصحيح‌ وتعليق‌ مير جلال‌الدين‌ الحسيني‌ّ الاُرموي‌ّ. ومن‌ الكتب‌ التي‌ جمعت‌ الكلمات‌ القصار للإمام‌ كتاب‌ العالم‌ الربّاني‌ّ كمال‌الدين‌ ميثم‌بن‌ علی بن‌ ميثم‌ البحراني‌ّ، وضمّ شرحاً لمائة‌ كلمة‌ من‌ كلماته‌ عليه‌ السلام‌، وطبعه‌ الاُرموي‌ّ أيضاً سنة‌ 1390 ه مع‌ شرحين‌ آخرين‌ لهذه‌ الكلمات‌ المائة‌: الاوّل‌ لعبدالوهاب‌، والثاني‌ لرشيد وطواط‌. وجمعت‌ هذه‌ الشروح‌ الثلاثة‌ في‌ إضمامة‌. ومن‌ الكلمات‌ القصار للإمام‌: الحِكَم‌ التي‌ أوردها الشريف‌ الرضي‌ّ رحمه‌ الله‌ في‌ «نهج‌ البلاغة‌» بعد خطبه‌ وكتبه‌ عليه‌ السلام‌. وتبلغ‌ هذه‌ الكلمات‌ الحكميّة‌ أربعمائة‌ وثمانين‌ كلمة‌ كما جاء في‌ «نهج‌ البلاغة‌» المطبوع‌ بمصر لشارحه‌ محمّد عبده‌. وذكر ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ آخر شرحه‌ للنهج‌ تسعمائة‌ وثماني‌ وتسعين‌ كلمة‌ قصيرة‌ من‌ الكلمات‌ المنسوبة‌ إلی أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. ونقل‌ الشيخ‌ سليمان‌ القندوزي‌ّ الحنفي‌ّ سبعين‌ حديثاً من‌ الكلمات‌ القصار للإمام‌ عليه‌ السلام‌ وذلك‌ في‌ باب‌ الفضائل‌ السبعين‌ لاهل‌ البيت‌ من‌ كتابه‌ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 230 إلی 241، طبعة‌ إسلامبول‌. ولا يخفي‌ أنّ المؤرّخ‌ الامين‌ المسعودي‌ّ عرض‌ في‌ «مروج‌ الذهب‌» ج‌ 2، ص‌ 299 إلی 303 بعض‌ الكلمات‌ القصار لرسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وقال‌: هذه‌ الكلمات‌ لرسول‌الله‌، ولم‌ يتقدّمه‌ بها أحد من‌ الناس‌.

[21] ـ معني‌ قوله‌: أنا النقطة‌ مقام‌ الوحدة‌. وأنا الخطّ مقام‌ الكثرة‌، إذ ينزل‌ هنا من‌ الوحدة‌. ومعني‌ أنا الخطّ أنا النقطة‌ مقام‌ الكثرة‌، ثمّ يرتقي‌ من‌ هناك‌ إلی مقام‌ الوحدة‌. وأنا النقطة‌ والخطّ مقام‌ الجامعيّة‌ بين‌ الاثنين‌، ومقام‌ الوحدة‌ في‌ الكثرة‌، والكثرة‌ في‌ الوحدة‌، إذ سـيكون‌ هو النقطة‌ الوحدة‌ بين‌ قوسي‌ الاحديّة‌ والواحديّة‌ والفناء في‌ الذات‌ مع‌ البقاء بالذات‌.

[22] ـ ورد بحث‌ موجز حول‌ هذا الحديث‌ الشريف‌ في‌ الجزء الثالث‌ من‌ كتابنا «معرفة‌ المعاد» في‌ سلسلة‌ دورة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإسلاميّة‌، المجلس‌ 17.

[23] ـ ذكر الشريف‌ الرضي‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌ هذه‌ الكلمات‌ مع‌ مطالب‌ نفيسة‌ أُخري‌ في‌ مقدّمته‌ علی «نهج‌ البلاغة‌». وقال‌ المولي‌ فتح‌ الله‌ الكاشيّ شارح‌ «نهج‌ البلاغة‌» بالفارسيّة‌ في‌ شرح‌ الكلمات‌ المشار إليها: ويدعم‌ القول‌ المذكور أنّ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ صلّي‌ ليلة‌ الهرير بصفّين‌ ألف‌ ركعة‌، وأرسل‌ خمسمائة‌ وثلاثة‌ وعشرين‌ منافقاً إلی جهنّم‌ ذخراً ليوم‌ المعاد. وعلوّ مرتبة‌ ذلك‌ أعلي‌ مرتبة‌ علی وجه‌ أنّ العقل‌ الحصيف‌ لايدرك‌ سرادق‌ رفعته‌. ومن‌ النظم‌ قولهم‌:

علوّ اوست‌ به‌ جائي‌ كه‌ اختر از پروين‌                           فشانده‌ در قدمش‌ جمله‌ لولوئي‌ منثور

زهي‌ به‌ علم‌ ازل‌ في‌ البديهه‌ حل‌ كرده‌                        نكات‌ دفتـر تورات‌ و مشـكلات‌ زبور

كجا شوند به‌ صد قرن‌ ديگران‌ چون‌ او                           سـتاره‌ ما جهانتاب‌ كي‌ شـود به‌ مرور

 يقول‌: «بلغ‌ علوّه‌ مبلغاً أنّ النجمة‌ والثريّا نثرتا اللؤلؤ علی قدمه‌.

 طوبي‌ لمن‌ أُوتي‌ علم‌ الازل‌ فحلّ ـ علی البديهة‌ ـ نكات‌ التوراة‌ ومشاكل‌ الزبور.

 أ نّي‌ للآخرين‌ أن‌ يكونوا مثله‌ حتّي‌ لو مضت‌ مائة‌ قرن‌؟ وهل‌ تبلغ‌ النجمةُ القمر المنير علی تواتر القرون‌؟».

[24] ـ استعرضنا هاتين‌ القضيّتين‌ في‌ الجزء الحادي‌ عشر من‌ كتابنا هذا «معرفة‌ الإمام‌» الدرس‌ 161 إلی 165. في‌ المبحث‌ المتعلّق‌ بقضاء أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌.

[25] ـ سعيد بن‌ جُبير ـ بضمّ الجيم‌ ـ بن‌ هشام‌ الاسديّ الوالبيّ، كوفيّ الاصل‌، كان‌ يسكن‌ مكّة‌، وهو أحد التابعين‌. عدّه‌ الشيخ‌ الطوسيّ من‌ أصحاب‌ الإمام‌ زين‌ العابدين‌ عليه‌ السلام‌ وذكره‌ العلاّمة‌ الحلّيّ في‌ القسم‌ الاوّل‌ من‌ خلاصته‌. ورُوي‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنّ سعيدبن‌ جبير كان‌ يأتمّ بعلي‌ّ بن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌، وكان‌ الإمام‌ يثني‌ عليه‌. قُتل‌ علی يد الحجّاج‌، وما كان‌ سبب‌ قتله‌ إلاّ علی هذا الامر، وكان‌ مستقيماً. ولمّا دخل‌ علی الحجّاج‌، قال‌ له‌: أنت‌ شقي‌ّبن‌ كسير؟ قال‌ سعيد: أُمّي‌ كانت‌ أعرف‌ باسمي‌ منك‌، سمّتني‌ سعيدبن‌ جبير. قال‌ الحجّاج‌: ما تقول‌ في‌ أبي‌ بكر وعمر هما في‌ الجنّة‌ أو في‌ النار؟ قال‌: لو دخلتُ الجنّة‌، فنظرتُ إلی أهلها، لعلمتُ من‌ فيها. ولو دخلتُ النار ورأيت‌ أهلها لعلمتُ من‌ فيها. فقال‌ الحجّاج‌: فما قولك‌ في‌ الخلفاء؟ قال‌ سعيد: لستُ عليهم‌ بوكيل‌. قال‌ الحجّاج‌: أيّهم‌ أحبّ إليك‌؟ قال‌: أرضاهم‌ لخالقي‌. قال‌: فأيّهم‌ أرضي‌ لخالقك‌؟ قال‌: علم‌ ذلك‌ عند الذي‌ يعلم‌ سرّهم‌ ونجواهم‌. قال‌: أبيتَ أن‌ تصدقني‌؟ قال‌: بل‌ لم‌ أُحبّ أن‌ أكذبك‌. ثمّ أمر الحجّاج‌ بنطع‌، وقطع‌ رأسه‌ أمامه‌، فقال‌ سعيد عند ذبحه‌: اللهمّ لا تسلّطه‌ علی أحد يقتله‌ بعدي‌. وكان‌ قَتلُ سعيد في‌ سنة‌ 95 ه وهو ابن‌ 49 سنة‌. ولم‌ يلبث‌ الحجّاج‌ بعده‌ إلاّ خمس‌ عشرة‌ ليلة‌، ولم‌يقتل‌ أحداً بعده‌ لدعائه‌ عليه‌. وكان‌ سعيد من‌ مشاهير الثقات‌. وهو معروف‌ بالزهد والعبادة‌ والفقه‌ وعلم‌ التفسير. أخذ علمه‌ من‌ ابن‌ عبّاس‌. وكان‌ ابن‌ عبّاس‌ إذا أتاه‌ أهل‌ الكوفة‌ يستفتونه‌، يقول‌: أليس‌ فيكم‌ ابن‌ أُمّ الدهماء؟ يعني‌ سعيد بن‌ جبير. وكان‌ يسمّي‌: جِهبِذ العلماء. والجِهبذ بكسر الجيم‌ هو النقّاد الخبير. وكان‌ يقرأ القرآن‌ في‌ ركعتين‌. قيل‌: وما علی الارض‌ أحد إلاّ وهو محتاج‌ إلی علمه‌.

 («رجال‌ الطوسي‌ّ» ص‌ 90؛ «خلاصة‌ العلاّمة‌ الحلّي‌ّ» ص‌ 79؛ «رجال‌ الكشّي‌ّ» ص‌ 110؛ «سفينة‌ البحار» ج‌ 1، ص‌ 621؛ و«تهذيب‌ التهذيب‌» ج‌ 4، ص‌ 11 ).

[26] ـ روي‌ المرحوم‌ السيّد هبة‌ الله‌ الشهرستانيّ في‌ كتاب‌ «الهيئة‌ والإسلام‌» ص‌ 353، طبعة‌ دار الثقافة‌، عن‌ كتاب‌ «فرج‌ المهموم‌» للسيّد ابن‌ طاووس‌، و«بحار الانوار» بأسناد كثيرة‌ عن‌ اميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أ نّه‌ قال‌ للمنجّم‌ الفارسيّ سرسفيل‌ الدهقان‌ علی سبيل‌ التعجيز والامتحان‌ أخبرني‌ عن‌ طول‌ الاسد وتباعده‌ عن‌ المطالع‌ والمراجع‌، وما الزهرة‌ من‌ التوابع‌ والجوامع‌؟ ثمّ قال‌ الشهرستانيّ في‌ شرح‌ الفقرة‌ الاخيرة‌: قد اشتهر بين‌ المتأخّرين‌ إطلاق‌ التوابع‌ علی الاقمار من‌ جهة‌ أ نّها تابعة‌ في‌ السير للكرات‌ السيّارة‌، وفي‌ المولد أيضاً علی ما يقولون‌ كمتابعة‌ السيّارات‌ للشمس‌. وقد يصفون‌ الشموس‌ بالجوامع‌ نظراً إلی أ نّها هي‌ الجامعة‌ بنظامها شمل‌ السيّارات‌ والحافظة‌ بجذبها بناتها عن‌ الشتات‌. ويعتقدون‌ توسّط‌ عنوان‌ السيّارات‌ بين‌ عنوان‌ الاقمار التابعة‌ وبين‌ عنوان‌ الشموس‌ الجامعة‌. وأنّ السيّارات‌ بنات‌ الجوامع‌ وأُمّهات‌ التوابع‌ ومجذوبات‌ لتلك‌ وجاذبات‌ لهذه‌. وهكذا في‌ أكثر الجهات‌ ترتبط‌ السيّارات‌ مع‌ الجوامع‌ والتوابع‌ وتتوسّط‌ بينهما في‌ السير وفي‌ الجذب‌ وفي‌ التكوين‌ وفي‌ المحلّ وفي‌ الحجم‌ وفي‌ غير ذلك‌.        وعلي‌ هذا يتّضح‌ معني‌ قول‌ وصي‌ّ النبي‌ّ: وما الزهرة‌ من‌ التوابع‌ والجوامع‌؟ أي‌: وما نسبة‌ عنوان‌ سيّارة‌ زُهرة‌ من‌ عنوانيهما؟ ] هل‌ هي‌ من‌ التوابع‌ والاقمار أم‌ من‌ الجوامع‌؟ [ ولو كان‌ سرسفيل‌ عالماً بالهيئة‌ العصريّة‌ لقال‌: نسبة‌ عنوانها هي‌ التوسّط‌ بين‌ التوابع‌ والجوامع‌. أي‌: أنّ نسبة‌ الاقمار إلی السيّارات‌ كنسبة‌ السيّارات‌ إلی الشموس‌. وبناءً علی هذا يكون‌ مقصود الإمام‌ من‌ ذكر زهرة‌ مطلق‌ السيّارات‌ كافّتها. وإنّما خصّ زُهرة‌ بالذكر دون‌ البقيّة‌ لكونها أظهر أفراد السيّارات‌ لدي‌ الحواسّ، وأعرفهنّ بين‌ الناس‌.

[27] ـ مضافاً إلی «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، فقد ذكر الشيخ‌ الطبرسيّ خبر الدهقان‌ بحذافيره‌ في‌ «الاحتجاج‌» ج‌ 1، ص‌ 355 إلی 357، الطبعة‌ الحديثة‌ ـ النجف‌، وسنده‌ سعيدبن‌ جبير.

[28] ـ ذكر الشيخ‌ الطبرسيّ هذه‌ الرواية‌ في‌ «الاحتجاج‌» ج‌ 1، ص‌ 355 إلی 357، طبعة‌ مطبعة‌ النعمان‌ بالنجف‌؛ ونقلها المجلسيّ عنه‌ في‌ كتاب‌ «السماء والعالم‌» وقال‌ في‌ آخرها: ما قصّة‌ صاحب‌ الميزان‌؟ أي‌ الكواكب‌ التي‌ الآن‌ في‌ برج‌ الميزان‌ أو الكواكب‌ المتعلّقة‌ بذلك‌ البرج‌ المناسبة‌ لها. وكذا صاحب‌ السرطان‌. ومعني‌: كم‌ الطالع‌ من‌ الاسد، أي‌: كم‌ طلع‌ من‌ ذلك‌ البرج‌ الآن‌؟ والساعات‌ أي‌: كم‌ مضي‌ من‌ الساعات‌ من‌ طلوع‌ سائر المتحرّكات‌؟ ولعلّ المراد بالسراري‌ الكواكب‌ الخفيّة‌، تشبيهاً لها بالسريّة‌، والدراريّ الكواكب‌ الكبيرة‌ المضيئة‌. أو اصطلاحان‌ في‌ الكواكب‌ لا يعرفهما المنجّمون‌. والغرض‌ أ نّه‌ لو كان‌ هذا العلم‌ حقّاً، فإنّما يمكن‌ الحكم‌ به‌ بعد الإحاطة‌ بجميع‌ أوضاع‌ الكواكب‌ وأحوالها وخواصّها في‌ كلّ آن‌ وزمان‌، والمنجّمون‌ لم‌يرصدوا من‌ الكواكب‌ إلاّ أقلّها، ومناط‌ أحكامهم‌ أوضاع‌ السيّارات‌ فقط‌ مع‌ عدم‌إحاطتهم‌ بأحوال‌ تلك‌ أيضاً. ثمّ نبّهه‌ عليه‌ السلام‌ علی عدم‌ إحاطته‌ بذلك‌ العلم‌، أو عدم‌كفايته‌ للعلم‌ بالحوادث‌ بجهله‌ بكثير من‌ الاُمور الحادثة‌.

 وقال‌ صاحب‌ «القاموس‌»: البطريق‌ ـ ككبريت‌ ـ القائد من‌ قوّاد الروم‌ تحت‌ يده‌ عشرة‌ آلاف‌ رجل‌ـانتهي‌. وديّان‌ اليهود عالمهم‌، وفي‌ بعض‌ النسخ‌ بالنون‌ جمع‌ دنّ، وهو الحبّ العظيم‌. وصاحبي‌ أي‌ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌. لاشرقي‌ّ ولاغربي‌ّ إيماء إلي‌قوله‌ سبحانه‌: لاَشَرقِيَّةً وَلاَغَرْبِيَّةً. والغرض‌: لسنا كسائر الناس‌ حتّي‌ تحكم‌ علينا بأحكامهم‌ كالنجوم‌ المنسوبة‌ إلی العرب‌ أو إلی الملوك‌ أو إلی العلماء والاشراف‌ فإنّا فوق‌ ذلك‌ كلّه‌. نحن‌ ناشئة‌ القطب‌ أي‌ الفرقة‌ الناشئة‌ المنسوبة‌ إلی القطب‌. أي‌ حقيقة‌ لثباتهم‌ واستقرارهم‌ في‌ درجات‌ العزّ والكمال‌، أو كناية‌ عن‌ أ نّهم‌ عليهم‌ السلام‌ غير منسوبين‌ إلی الفلك‌ والكواكب‌، بل‌ هي‌ منسوبة‌ إليهم‌ وسعادتها بسببهم‌، وأ نّهم‌ قطب‌ الفلك‌، إذ الفلك‌ يدور ببركتهم‌. و هم‌ أعلام‌ الفلك‌ بهم‌ يتزيّن‌ ويتبرّك‌ ويسعد. ثمّ ألزم‌ عليه‌ السلام‌ عليه‌ في‌ قوله‌: انقدح‌ من‌ برجك‌ النيران‌ بأنّ للنار جهتين‌: جهة‌ نور، وجهة‌ إحراق‌. فنورها لنا وإحراقها علی عدوّنا. ويحتمل‌ أن‌ يكون‌ المراد به‌ أنّ الله‌ يدفع‌ ضررها عنّا بتوسّلنا به‌ تعالي‌ وتوكّلنا عليه‌. فهذه‌ مسألة‌ عميقة‌ أي‌ كَوننا متميّزين‌ عن‌ سائر الخلق‌ في‌ الاحكام‌، أو كون‌ النيران‌ خيراً لنا وشرّاً لعدوّنا، أو أنّ التوسّل‌ والدعاء يدفع‌ النحوس‌ والبلاء مسألة‌ عميقة‌ خارجة‌ عن‌ قانون‌ نجومك‌ وحسابك‌، ويبطل‌ جميع‌ ما تظنّ من‌ ذلك‌. («بحار الانوار» ج‌ 14، ص‌ 114، طبعة‌ الكمباني‌ّ؛ وج‌ 58، ص‌ 221 و 222 الطبعة‌ الحديثة‌).

[29] ـ تحدّثنا عن‌ هذه‌ المسألة‌ في‌ الجزء الحادي‌ عشر من‌ كتابنا هذا: «معرفة‌ الإمام‌» الدرس‌ 157 إلی 160.

[30] ـ تحدّث‌ المجلسيّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 14، ص‌ 332، طبعة‌ الكمباني‌ّ، في‌ كتاب‌ السماء والعالم‌ عن‌ إمكان‌ وعدم‌ إمكان‌ تبدّل‌ بعض‌ الفلزّات‌ بنوع‌ آخر. قال‌: ذهب‌ كثير من‌ العقلاء إلی أنّ تكوّن‌ الذهب‌ والفضّة‌ بالصنعة‌. وذهب‌ ابن‌ سينا إلی أ نّه‌ لم‌ يظهر له‌ إمكان‌ فضلاً عن‌ الوقوع‌، لانّ الفصول‌ الذاتيّة‌ التي‌ بها تصير هذه‌ الاجساد أنواعاً أُمور مجهولة‌، والمجهول‌ لايمكن‌ إيجاده‌. نعم‌ يمكن‌ أن‌ يعمل‌ النحاس‌ بصبغ‌ الفضّة‌، والفضّة‌ بصبغ‌ الذهب‌، وأن‌ يزال‌ عن‌ الرصاص‌ أكثر ما فيه‌ من‌ النقص‌، لكنّ هذه‌ الاُمور المحسوسة‌ يجوز أن‌ لاتكون‌ هي‌ الفصول‌ بل‌ عوارض‌ ولوازم‌.

 وأُجيب‌ ابن‌ سينا بأ نّا لا نسلّم‌ اختلاف‌ الاجسام‌ بالفصول‌ والصور النوعيّة‌ بل‌ هي‌ متماثلة‌ لاتختلف‌ إلاّ بالعوارض‌ التي‌ يمكن‌ زوالها بالتدبير. ولو سُلّم‌ وقُبل‌ كلامكم‌، نقول‌: إن‌ أُريد بمجهوليّة‌ الصور النوعيّة‌ والفصول‌ الذاتيّة‌ أ نّها مجهولة‌ من‌ كلّ وجه‌ فممنوع‌، كيف‌ وقد علم‌ أ نّها مبادٍ لهذه‌ الخواصّ والاعراض‌. وإن‌ أُريد أ نّها مجهولة‌ بحقائقها وتفاصيلها، فلانسلّم‌ أنّ الاءيجاد موقوف‌ علی العلم‌ بذلك‌، وأ نّه‌ لا يكفي‌ العلم‌ بجميع‌ الموادّ علی وجه‌ حصل‌ الظنّ بفيضان‌ الصور عنده‌ لاسباب‌ لا تُعلم‌ علی التفصيل‌ كالحيّة‌ من‌ الشعر، والعقرب‌ من‌ البادروج‌ ونحو ذلك‌. وكفي‌ بصنعة‌ الترياق‌ وما فيه‌ من‌ الخواصّ والآثار شاهداً علی إمكان‌ ذلك‌. نعم‌، الكلام‌ في‌ الوقوع‌ وفي‌ العلم‌ بجميع‌ الموادّ وتحصيل‌ الاستعداد، ولهذا جعل‌ الكيمياء في‌ اسمٍ بلا مسمّي‌.

 وقال‌ المجلسيّ هنا: أقول‌: ويظهر من‌ بعض‌ الاخبار تحقّقه‌، لكنّ علم‌ غيرالمعصوم‌ به‌ غيرمعلوم‌. ورأينا وسمعنا ممّن‌ يدّعي‌ علم‌ ذلك‌ منهم‌ أصحاب‌ خديعة‌ وتدليس‌، ومكر وتلبيس‌ ولايتبعهم‌ إلاّ مخدوع‌، وصرف‌ العمر فيه‌ لا يسمن‌ ولا يغني‌ من‌ جوع‌ـ انتهي‌ كلام‌ المجلسيّ رحمه‌ الله‌.

 وأنا أري‌ أنّ علم‌ الإكسير وعلم‌ الكيمياء كليهما ممكن‌. وأنّ مقصود أهل‌ الصنعة‌ من‌ علم‌ الإكسير هو إمكان‌ تبديل‌ النحاس‌ فضّةً وذهباً بواسطة‌ الحَجَر الفلسفيّ والحجر المكرَّم‌. وفي‌ ضوء ما قاله‌ الخوارزميّ في‌ «مفاتيح‌ العلوم‌» المقالة‌ الثانية‌ من‌ الباب‌ التاسع‌، فإنّ هذا الحجر يصنع‌ من‌ تركيب‌ بعض‌ الاجزاء الحيوانيّة‌ وبعض‌ الفلزّات‌ المعدنيّة‌ التي‌ تُركّب‌ وتقطّر وتصعَّد وتعقّد وتشمَّع‌ وتُكلَّس‌ وتُلغَم‌ وتُجري‌ عليها أعمال‌ أُخري‌ بواسطة‌ أدوية‌ وعقاقير خاصّة‌ لكي‌ تتصلّب‌ وتتحجّر، واسم‌ هذا هو الإكسير. ثمّ إذا سُحق‌ هذا الحجر بمقدار معيّن‌ كالزاج‌ وخُلط‌ بدهن‌ الشعر، وضُرب‌ بالنحاس‌ المذاب‌، فإنّ الذهب‌ أو الفضّة‌ حسب‌ الاختلاف‌ يُستعمل‌ للإكسير. ومقصودهم‌ من‌ علم‌ الكيمياء هو إمكان‌ إيجاد الذهب‌ أو الفضّة‌ الاصطناعيّة‌ بواسطة‌ تركيب‌ بعض‌ الاعمال‌ الكيمياويّة‌ وتطبيقها. ويري‌ رجال‌ المختبرات‌ اليوم‌ أ نّه‌ يمكن‌ صناعة‌ الذهب‌ أو الفضّة‌ الاصطناعيين‌ كما يصنع‌ الياقوت‌ والزمرّد والعقيق‌ والاحجار الكريمة‌ الاُخري‌ من‌ خلال‌ القيام‌ ببعض‌ الاعمال‌ الكيمياويّة‌، بَيدَ أنّ نفقات‌ صنعها أكثر من‌ الذهب‌ والفضّة‌ أنفسهما. نعم‌، كان‌ عند الائمّة‌ المعصومين‌ عليهم‌ السلام‌ كيمياء، ولم‌يؤثَر أ نّهم‌ مارسوها.

 وذهبتُ يوماً إلی منزل‌ أحد العلماء الخطباء لزيارته‌ إذ حلّ ضيفاً في‌ مدينتنا. فكان‌ يقول‌: عندي‌ كيمياء وأُريد أن‌ أُعطيكها. قلتُ: لا حاجة‌ بي‌ إليها. قال‌: ولِمَ؟ أنا لم‌أُعطها أحداً حتّي‌ الآن‌. قلتُ: كنتُ مشغولاً بالدراسة‌ في‌ المدارس‌ الدينيّة‌ أيّام‌ شبابي‌، ونتيجة‌ لكثرة‌ الاشتغال‌ والمطالعة‌ رجوتُ الله‌ تعالي‌ أن‌ لو مدّ اليوم‌ إلی أكثر من‌ 24 ساعة‌ ليتسـنّي‌ لي‌ استيفاء حظّي‌ من‌ العلم‌. وإلي‌ الآن‌ لم‌ يتّفق‌ لي‌ أن‌ أقف‌ عمري‌ علی جمع‌ المال‌. وحقيق‌ بي‌ أن‌ لا أحصل‌ علی الذهب‌ والفضّة‌.

تو به‌ غير علم‌ عشق‌ ار دل‌ نهي                 ‌ سنگ‌ استنجا به‌ شيطان‌ مي‌ دهي‌

لوح‌ دل‌ از فضلة‌ شيطان‌ بشوي‌                   أي‌ مدرّس‌ درس‌ عشقي‌ هم‌ بگوي‌

 فدعا لي‌ ذلك‌ العالم‌ الكبير، وأثني‌ عَلَي‌َّ.

 وتعريب‌ البيتين‌: «إذا أُغريتَ بعلم‌ غير علم‌ العشق‌، فإنّك‌ تعطي‌ الشيطان‌ حجر الاستنجاء.

 طهّر قلبكَ من‌ رِجس‌ الشيطان‌، وأنتَ أيّها المدرّس‌ علّم‌ درس‌ العشقَ أيضاً».

[31] ـ الآية‌ 124، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌، والآية‌ هي‌: اللَهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ.

[32] ـ الآية‌ 164، من‌ السورة‌ 4: النساء. ونصّ الآية‌: وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَـ'هُمْ عَلَيْكَ مِن‌ قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْنَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ.

[33] ـ حكي‌ الميدانيّ في‌ «مجمع‌ الامثال‌» أنّ العرب‌ تسمّي‌ الليلة‌ التي‌ تُفترع‌ فيها المرأة‌: ليلة‌ شيباء. وتسمّي‌ الليلة‌ التي‌ لا يقدر الزوج‌ فيها علی افتضاضها: ليلة‌ حِرَة‌. فيقال‌: باتت‌ فلانة‌ بليلة‌ حرة‌ إذا لم‌ يغلبها الزوج‌. وباتت‌ بليلة‌ شيباء إذا غلبها فافتضّها (حرة‌ في‌ الاصل‌ وحر، كعدِة‌ في‌ الاصل‌ وعد. ومعني‌ الوَحْر الحقد والضغينة‌ وشدّة‌ الغضب‌). البِكر بكسر الباء هي‌ الباكرة‌. والعُذرَة‌ ـبضمّ العين‌ـ دم‌ البكارة‌. وجاء في‌ المثل‌: لاتنسي‌ المرأة‌ أباعذرِها (أبا مخدرها، أبا محذرها) (صاحب‌ حجابها وبكارتها أو مسبّب‌ خوفها) وقاتل‌ بِكرها. ويقال‌ للمرأة‌ شيباء مجازاً تشبيهاً لها بالليلة‌ الشيباء.

 وأراد معاوية‌ في‌ كلامه‌ هذا أن‌ يقول‌ لابي‌ أيّوب‌ الانصاريّ: أنت‌ من‌ قَتَلة‌ عثمان‌، ومثلك‌ مثل‌ الشيباء التي‌ لا تنسي‌ من‌ افترعها وافتضّ بكارتها وأسال‌ دمها أبداً. وأنتَ باشتراكك‌ في‌ قتل‌ عثمان‌ تستوجب‌ مهاجمتي‌ إيّاك‌ وتعرّضي‌ لك‌ وطلبي‌ بثأره‌ منك‌. وفهم‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ هذه‌ الإشارة‌ في‌ كلام‌ معاوية‌ بما أُوتي‌ من‌ فطنة‌ ودهاء عظيم‌، وهي‌ ما احتاجت‌ إلی ذلك‌ الشرح‌ والتفصيل‌. وجاء في‌ الطبعة‌ الحجريّة‌ لمناقب‌ ابن‌شهرآشوب‌: (شيئاً) مكان‌ (شيباء): أمّا بعد؛ فحاجيتك‌ بما لاتنسي‌ شيئاً. وإذا كان‌ كذلك‌، فاستفادة‌ هذا المعني‌ الدقيق‌ والخافي‌ من‌ لفظ‌ (شيئاً) أعجب‌.

[34] ـ كثر الكلام‌ حول‌ منطق‌ الطير. فبعضٌ يري‌ أنّ لها لغةً كالإنسان‌، وأ نّها تُفهِم‌ جميع‌ مفاهيمها ومقاصدها بواسطة‌ تلك‌ اللغة‌. وبعضٌ يذهب‌ إلی أ نّها تعبّر عن‌ مقاصدها في‌ حدود حاجتها بأنواع‌ الاصوات‌ والاشكال‌. وقيل‌ الكثير أيضاً في‌ من‌ يطّلع‌ علی منطق‌ الطير ويفهم‌ كلامها كالنبي‌ّ سليمان‌ الذي‌ قال‌ تعالي‌ فيه‌: عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ. ويعتقد البعض‌ أنّ الله‌ سبحانه‌ علّمه‌ لغات‌ الطيور، فعلم‌ أنواعها وضروبها علی أساس‌ لغات‌ مختلفة‌. بيد أنّ الذي‌ يبدو هو أنّ تعليم‌ سليمان‌ عليه‌ السلام‌، ومولانا أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، وسائر الائمّة‌ صلوات‌ الله‌ عليهم‌، والإمام‌ الرضا عليه‌ السلام‌ الذي‌ تكلّم‌ مع‌ الغزال‌، والإمام‌ الهادي‌ّ عليه‌ السلام‌ الذي‌ أُلقي‌ في‌ بركة‌ السباع‌ وتكلّم‌ مع‌ الوحوش‌، كلّ ذلك‌ ليس‌ من‌ باب‌ تعليم‌ اللغات‌ وتعلّمها بواسطة‌ وجود كثرتها، بل‌ من‌ باب‌ سيطرة‌ نفس‌ الإمام‌ والنبي‌ّ علی ملكوتها، وإدراك‌ مقاصدها عبر الإحاطة‌ النفسانيّة‌ بها. وإذا صلبت‌ نفس‌ المؤمن‌ واجتاز هواه‌، فإنّه‌ يتمتّع‌ بالسعة‌ والإحاطة‌، فيقف‌ علی ملكوت‌ الكائنات‌ أيّاً كانت‌: طيوراً أم‌ حيوانات‌ مفترسة‌ أم‌ إنساً أم‌ جنّاً أم‌ حيوانات‌ بحريّة‌ أم‌ نباتات‌ وأشجار وجمادات‌. وحينئذٍ يتيسّر للمؤمن‌ المحيط‌ المسيطر علی النفوس‌ أن‌ يتكلّم‌ مع‌ نفس‌ كلّ موجود سواءً حرّك‌ لسانه‌ وفقاً للسانها أم‌ لم‌يحرّكه‌. ومن‌ هذا القبيل‌ تكلُّم‌ المؤمن‌ بلغته‌ الاُمّ مع‌ غير أهل‌ لغته‌. وربما شوهد في‌ الحجّ أو في‌ المشاهد المشرّفة‌ الاُخري‌ أنّ بعض‌ المؤمنين‌ الوافدين‌ من‌ أقطار مختلفة‌ ـولم‌يفهم‌ أحدهم‌ لغة‌ الآخر، كالترك‌ والعرب‌ والهنودـ يتعارفون‌ ويجلسون‌ بعضهم‌ مع‌ بعض‌ ساعات‌، ويتحدّثون‌ عمّا في‌ طويّاتهم‌، ويطّلع‌ بعضهم‌ علی طريق‌ ومسير وأحوال‌ البعض‌ الآخر تماماً. ويقال‌ إنّ الحيوانات‌ كلّها ذلولة‌ ومطيعة‌ للمؤمن‌ العارف‌ بالله‌. ونُقل‌ في‌ أحوال‌ سعيدبن‌ جبير أ نّه‌ لمّا قُبض‌ عليه‌ واقتيد إلی الحجّاج‌ بن‌ يوسف‌، كان‌ مشغولاً بالصلاة‌ والقرآن‌ ليلاً في‌ طريق‌ الصحراء، فاجتمعت‌ حوله‌ الوحوش‌ ولم‌ تؤذه‌ قطّ. وثمّة‌ شواهد كثيرة‌ مثل‌ هذه‌ الوقائع‌ في‌ التواريخ‌ الثابتة‌ المسلّمة‌. وما أروع‌ وأعمق‌ ما أنشده‌ المرحوم‌ آية‌الله‌ الحاجّ الميرزا حبيب‌الله‌ الخراساني‌ّ أعلي‌ الله‌ مقامه‌ الشريف‌ في‌ هذا المجال‌! ونِعَم‌ ما نظم‌! إذ قال‌:

                 از آن‌ خسرو كه‌ جمشيدش‌ بود نام‌                       نوشته‌ ديدم‌ اين‌ خط‌ بر لب‌ بام‌

كه‌ بايد درخدا جوئي‌ چو پرگار                       به‌ گرد خويشتن‌ زد روز و شب‌ گام‌

رسد چون‌ نقطة‌ أوّل‌ به‌ آخر                         يكي‌ گردد همه‌ آغاز و انجام‌

بجوي‌ اين‌ را ز جاني‌ در دساتير                    كز آن‌ خسرو رقم‌ شد دور أيّام‌

بگو جم‌ كيست‌ آن‌ كس‌ مرغ‌ و ماهي                          ‌ به‌ افسون‌ از هنرمندي‌ كند رام‌

دم‌ پير من‌ است‌ آن‌ كز فسونش‌                  خروس‌ عرش‌ نيز افتاده‌ در دام‌

دل‌ پير من‌ است‌ آن‌ سحر مسحور                               كه‌ گه‌ پر جوش‌، گاهي‌ هست‌ آرام‌

اگر حق‌ را هزار اسماء حسني‌ است‌                          بود جمع‌ آن‌ هزار اندر يكي‌ نام‌

بگو كاوّل‌ علی، آخر علی بود                      بگو باطن‌ علی، ظاهر علی بود

 («ديوان‌ حبيب‌» ص‌ 201، الطبعة‌ الثانية‌ ـ طهران‌)

 يقول‌: «رأيت‌ هذا الخطّ مكتوباً علی حافّة‌ الكأس‌ وهو لذلك‌ الملك‌ الذي‌ كان‌ اسمه‌ جمشيد.

 وعلي‌ الذي‌ يبحث‌ عن‌ الله‌ أن‌ يكون‌ كالفرجار في‌ حركة‌ مستمرّة‌ حول‌ نفسه‌ ليل‌ نهار.

 وإذا بلغت‌ النقطة‌ الاُولي‌ آخر ما يخطّه‌ الفرجار فإنّ مبدأه‌ ومنتهاه‌ يصبح‌ واحداً.

 ابحث‌ عن‌ هذا السرّ الروحي‌ّ في‌ الاساطير، فإنّ دورة‌ الايّام‌ بدأت‌ من‌ ذلك‌ الملك‌ (جمشيد) (أي‌: أنّ النقطة‌ الاصليّة‌ للفرجار كانت‌ منه‌).

 قل‌: من‌ هو جمشيد؟ هو من‌ ذلّل‌ الطير في‌ الجوّ والحيتان‌ في‌ الماء بسحره‌ المنبعث‌ من‌ براعته‌.

 إنّه‌ نَفَس‌ شيخي‌ الذي‌ من‌ سحره‌ سقط‌ ديك‌ العرش‌ في‌ الفخّ (أي‌ أ نّه‌ جذّاب‌ حتّي‌ ذلّل‌ ديك‌...)

 إنّه‌ قلب‌ شيخي‌ ذلك‌ السحر المسحور، الذي‌ يهيج‌ تارة‌، ويهدأ أُخري‌.

 إذا كان‌ للحقّ (الله‌) ألف‌ من‌ الاسماء الحسني‌، فإنّها تُجمع‌ في‌ اسم‌ واحد.

 قل‌: إنّ الاوّل‌ هو علی، والآخر علی، والباطن‌ علی، والظاهر علي‌ّ».

[35] ـ قال‌ في‌ «أقرب‌ الموارد»: الدُّخن‌ حبّة‌ صغيرة‌ وملساء جدّاً، وهو غيرالجاوَرس‌. بَيدَ أ نّه‌ جاء في‌ «لغتنامه‌ دهخدا» (= مُعجم‌ دِهْخُدا) في‌ مادّة‌ دخن‌، ص‌ 291، جزء الدال‌ بعد بحث‌ طويل‌: الدُّخن‌ إذا كان‌ ناعماً وأصفر فهو: أرْزَن‌ (بالفارسيّة‌)، وإذا كان‌ خشناً وأبيض‌ فهو جاوَرس‌ (بالعربيّة‌ أيضاً: جاوَرس‌) وگاورس‌ (بالفارسيّة‌). ويستبين‌ من‌ جواب‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لاهل‌ باد ورَيا أ نّه‌ أراد أن‌ يقول‌ علی سبيل‌ التمثيل‌: لمّا كان‌ الدخن‌ الناعم‌ أجود من‌ الدخن‌ الخشن‌، والناس‌ ترغب‌ فيه‌ أكثر، وكانت‌ أرضكم‌ القليلة‌ أجود من‌ أرض‌ جيرانكم‌ الواسعة‌، لذلك‌ فإنّ خراجكم‌ أكثر من‌ خراجهم‌.

      
  
الفهرس
  الدرس‌ السادس‌ والستّون‌ بعد المائة‌ إلی السبعين‌ بعد المائة‌
  اختصاص‌ الله‌ تعالي‌ بعلم‌ الغيب‌ وإظهار الرسل‌ عليه‌
  معرفة‌ الانبياء علم‌ الغيب‌ الإلهي‌ّ
  علم‌ الإمام‌ والرسول‌ عين‌ علم‌ ذات‌ الحقّ
  إخبار رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بالغيب‌ علی لسان‌ القرآن‌
  الكلام‌ الغيبي‌ّ الذي‌ قاله‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لخولة‌ الحنفيّة‌
  قتل‌ خالد بن‌ الوليد مالك‌ بن‌ نويرة‌ وزناه‌ بزوجته‌
  قتل‌ خالد سعد بنَ عُبادة‌ ونسبته‌ القتل‌ إلی الجنّ
  إخبار أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بالمغيّبات‌
  إخباره‌ أُويس‌ القرني‌ّ ومجي‌ء ألف‌ رجل‌ من‌ الكوفة‌
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بقتل‌ ذي‌ الثديّة‌ بالنهروان‌
  شكّ جندب‌ بن‌ عبد الله‌ وإخبار الإمام‌ عن‌ أهل‌ النهروان‌
  كلام‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ إعجاز إخبار الإمام‌ بالغيب‌
  إخبار الإمام‌ بالحوادث‌ التي‌ ستقع‌ بعده‌ ـ إخباره‌ بفتن‌ بني‌ أُميّة‌
  عدد من‌ أخبار الإمام‌ الغيبيّة‌
  سبب‌ اعتقاد الناس‌ بأُلوهيّة‌ الإمام‌ دون‌ رسول‌ الله‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بقيام‌ الإمام‌ المهدي‌ّ عليه‌ السلام‌
  ذمّ طلحة‌ والزبير وعائشة‌
  الإخبار بقيام‌ إمام‌ العصر والزمان‌ عليه‌ السلام‌ وانقراض‌ بني‌ أُميّة‌
  كلام‌ العلاّمة‌ الخوئي‌ّ في‌ الرواية‌ الماضية‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بعدم‌ هلاك‌ الخوارج
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بحكومة‌ معاوية‌ في‌ الشام‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بجلب‌ جنازة‌ من‌ اليمن‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بفتنة‌ صاحب‌ الزنج‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بغارة‌ التتر وجنكيزخان‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بالفتن‌ التي‌ تقع‌ في‌ آخر الزمان‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بانقراض‌ الامويّين‌ علی أيدي‌ أعدائهم‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بحكومة‌ الحجّاج‌ بن‌ يوسف‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ ببقاء معاوية‌ بعده‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ ببيعة‌ ثمانية‌ نفر ضبّاً
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بطول‌ عمر أبي‌ الدنيا
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ أهل‌ إصفهان‌، وتحدّثه‌ بلغتهم‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ مسجد براثا
  أخبار غيبيّة‌ في‌ شقّ الارض‌ وانبجاس‌ الماء في‌ طريق‌ صفین
  إسلام‌ الراهب‌ لمشاهدته‌ معجزات‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌
  قصيدة‌ الحميري‌ّ في‌ القصّة‌ الماضية‌
  إخبار الإمام‌ بمشاركة‌ حبيب‌ بن‌ جمار في‌ حرب‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بمقتل‌ جويرية‌
  إخبار الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بواقعة‌ كربلاء
  قصيدة‌ القاضي‌ الجليس‌ في‌ واقعة‌ كربلاء
  الدرس‌ الحادي‌ والسبعون‌ بعد المائة‌ إلی الثالث‌ والسبعين‌ بعد المائة‌
  تفسير الآيات‌ الاُولي‌ من‌ سورة‌ العلق‌
  شدّة‌ اتّصال‌ أمير المؤمنين‌ برسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ منذ الطفولة
  معني‌ علم‌ المنايا والبلايا والاعمار والملاحم‌ والفتن
  إخبار الإمام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بأمر لعنه‌
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمقتل‌ حُجر بن‌ عدي‌ّ
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بالحوادث‌ التي‌ ستقع‌ بعده‌
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمواصفات‌ بني‌ العبّاس‌
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بخراب‌ المدن‌ وغارة‌ المغول
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمواصفات‌ مدينة‌ الزوراء
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بمقتل‌ بعض‌ أصحابه‌
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ باستشهاد عمرو بن‌ الحَمِق‌ الخزاعي‌ّ
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ باستشهاد كميل‌ بن‌ زياد
  إخباره‌ عليه‌ السلام‌ بكيفيّة‌ استشهاد ميثم‌ التمّار
  إخباره‌ باستشهاده‌ عليه‌ السلام‌
  كيفيّة‌ استشهاده‌ عليه‌ السلام‌
  أبيات‌ شعريّة‌ منظومة‌ فيه‌ عليه‌ السلام‌
  الدرس‌ الرابع‌ والسبعون‌ بعد المائة‌ إلی السادس‌ والسبعين‌ بعد المائة‌
  تفسير الآية‌: يَرْفَعِ اللَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَ...
  كلام‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ أنّ جميع‌ العلوم‌ تنتهي‌ إلی أمير المؤمنين‌
  تقدّم‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ الفصاحة‌ والبلاغة‌
  جَمْعُ القرآن‌ من‌ قِبَل‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ التفسير
  قصّة‌ جَلد صُبَيْغ‌ بن‌ عَسَل‌ ومنع عمر إیّاه من‌ السؤال‌ عن‌ القرآن‌
  منع‌ عمر المسلمين‌ من‌ البحث‌ في‌ الآيات‌ القرآنيّة‌
  حديث‌ الثقلين‌ وعدم‌ افتراق‌ الإمام‌ عن‌ القرآن‌
  تقدّم‌ الإمام‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الفقه‌
  تقدّم‌أميرالمؤمنين‌عليه‌السلام‌في‌علـم‌الروايـات‌(علـم‌الحديث‌)
  تقدّم‌ أميـر المؤمنين‌ عليه‌ السـلام‌ فـي‌ علم‌ الكلام‌ والجدل‌ والبحث‌ الفلسفي‌ّ
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ النحو
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الخطابة‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الفصاحة‌ والبلاغة‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ الشعر
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ العَروض‌
  >>تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الوعظ‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الفلسفة‌ والحكمة‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الهندسة‌ والرياضيّات‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ النجوم‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الحساب‌
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الكيمياء
  تقدّم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ علم‌ الطبّ
  علم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بلغة‌ الحيوانات‌ والملائكة‌
  تفسير أمير المومنين‌ عليه‌ السلام‌ صوت‌ الناقوس‌
  جواب أمیر المؤمنین علی عليه‌ السلام‌ عن‌ أسئلة‌ ملك‌ الروم‌
  أبيات‌ الميرزا حبيب‌ الله‌ الخراساني‌ّ في‌ مدح‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌
  الدرس‌ السابع‌ والسبعون‌ بعد المائة‌ إلی الثمانين‌ بعد المائة‌
  لم‌ يكن‌ أحد عارفاً بالقرآن‌ بعد رسول‌ الله‌ كأمير المؤمنين‌
  فتح‌ ألف‌ باب‌ من‌ العلم‌ لامير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ عليه‌ السلام‌
  أحوال‌ الشاعر الشيعي‌ّ الناشي‌ الاكبر (التعلیقة)
  تقرير الإمام‌ عليه‌ السلام‌ حول‌ علمه‌
  قوله‌: «سلوني‌» يرتبط‌ بحقائق‌ القرآن‌ وباطنه‌ لا بظاهره‌
  خطبة‌ الإمام‌ وقوله‌: «سلوني‌»
  سؤالُ ذِعْلِب‌ الإمام حولَ رؤية‌ الله‌
  كلام‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ جواب‌ الاشعث‌ حول‌ المجوس‌
  جواب‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ للسائل‌ الذي‌ طلب‌ النجاة‌ من‌ النار
  كلام‌ الحسنين‌ عليهما السلام‌ وروايتهما حديثين‌ في‌ علم‌ علی
  خطبة‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ التوحيد جواباً علی سؤال‌ ذِعلِب‌
  خطبه‌ عليه‌ السلام‌ في‌ التوحيد..
  توضيح‌ وتفسير التوحيد الحقّ الحقيقي‌ّ لذات‌ الحقّ تعالي‌
  كلام‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ حول‌ خطب‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ التوحيد
  جواب‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ أسئلة‌ عبد الله‌ بن‌ الكوّاء
  مواطن‌ عديدة‌ نطق‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ فيها بقوله‌: «سلوني‌»
  فضيحة‌ قتادة‌ بعد قوله‌: سلوني‌
  عجز عمر في‌ المسائل‌ العلميّة‌
  المضامين‌ المتفاوتة‌ للروايات‌ المأثورة‌ في‌ «سلوني‌»
  الاشخاص‌ الذين‌ قال‌ كلّ منهم‌: سلوني‌، وافتضحوا
  قصور عمر وعجزه‌ عن‌ إدراك‌ المسائل‌ العلميّة‌
  معرفة‌ الإمام‌ أسمي‌ وسيلة‌ لبلوغ‌ التوحيد

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی