معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > اعتقادات > معرفة‌ الإمام > معرفة الامام(المجلد السادس‌عشر والسابع‌عشر)
کتاب معرفة الامام / المجلد السادس عشر و السابع عشر / القسم الحادی عشر: مواعظ الامام الصادق لسفیان الثوری

علوم‌ الإمام‌ الصادق‌ كالشجي‌ المعترض‌ في‌ حلق‌ المنصور

 روي‌ القطب‌ الراونديّ عن‌ صفوان‌ الجمّال‌ قال‌: كنتُ بالحيرة‌ مع‌ أبي‌ عبدالله‌ ( الإمام‌ الصادق‌ ) عليه‌ السلام‌ إذ أقبل‌ الربيع‌، وقال‌: أجب‌ أميرالمؤمنين‌، فلم‌ يلبث‌ أن‌ عاد. قلتُ: أسرعتَ الانصراف‌! قال‌: إنّه‌ سألني‌ عن‌ شي‌ء، فاسأل‌ الربيع‌ عنه‌!

 فقال‌ صفوان‌: وكان‌ بيني‌ وبين‌ الربيع‌ لطف‌. فخرجت‌ إلی‌ الربيع‌ وسألته‌، فقال‌: أُخبرك‌ بالعجب‌: إنّ الاعراب‌ خرجوا يجتنون‌ الكماة‌، فأصابوا في‌ البرّ خلقاً مُلقيً، فأتوني‌ به‌. فأدخلته‌ علی الخليفة‌، فلمّا رآه‌ قال‌: نحّه‌ وادعُ جعفراً! فدعوته‌.

 فقال‌: يا أبا عبدالله‌ أخبرني‌ عن‌ الهواء ما فيه‌؟ قال‌: فِي‌ الهَوَاءِ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ [1] قال‌: ففيه‌ سكّان‌؟ قال‌: نعم‌! قال‌: وما سكّانه‌؟

 قال‌: خَلْقٌ أَبْدَانَهُمْ أَبْدَانُ الحِيتَانِ، وَرُؤُوسُهُمْ رُؤُوسُ الطَّيْرِ، وَلَهُمْ أَعْرِفَةٌ كَأَعْرِفَةِ الدِّيَكَةِ، وَنَغَانِغُ [2] الدِّيَكَةِ، وَأجْنِحَةٌ كَأَجْنِحَةِ الطَّيْرِ، مِنْ أَلْوَانٍ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الفِضَّةِ المَجْلُوَّةِ.

 فقال‌ الخليفة‌: هلمّ الطشت‌! فجئت‌ بها وفيها ذلك‌ الخلق‌. وإذا هو والله‌ كما وصفه‌ جعفر. فلمّا نظر إلیه‌ جعفر، قال‌: هَذَا هُوَ الخَلْقُ الَّذِي‌ يَسْكُنُ المَوْجَ المَكْفُوفَ. فأذن‌ له‌ بالانصراف‌. فلمّا خرج‌، قال‌: وَيْلَكَ يَا رَبِيعُ، هَذَا الشَّجَي‌ المُعْتَرِضُ فِي‌ حَلْقِي‌ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ![3]

 روي‌ الشيخ‌ الصدوق‌ في‌ أمإلیه‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ الربيع‌ صاحب‌ المنصور ونديمه‌، قال‌: بعث‌ المنصور إلی‌ الصادق‌ جعفر بن‌ محمّد عليهما السلام‌ يستقدمه‌ لشي‌ءٍ بلغه‌ عنه‌. فلمّا وافي‌ بابه‌ خرج‌ إلیه‌ الحاجب‌، فقال‌: أُعِيذُكَ بِاللَهِ مِنْ سَطْوَةِ هَذَا الجَبَّارِ، فَإنِّي‌ رَأَيْتُ حَرْدَهُ عَلَيْكَ شَدِيداً!

 فقال‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: عَلَيَّ مِنَ اللَهِ جُنَّةٌ وَاقِيَةٌ، تُعيني‌ عليه‌ إن‌ شاءالله‌. استأذن‌ لي‌ عليه‌! فاستأذن‌ فأذن‌ له‌. فلمّا دخل‌ سلّم‌، فردّ عليه‌السلام‌، ثمّ قال‌ له‌: يا جعفر! قد علمتَ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ قال‌ لابيك‌ عليّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌: لَوْلاَ أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي‌ مَا قَالَتِ النَّصَارَي‌ في‌ المَسِيحِ، لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلاً لاَ تَمُرُّ بِمَلاَ إلاَّ أَخَذُوا مِنْ تُرَابِ قَدَمَيْكَ، يَسْتَشفُونَ بِهِ!

 وقال‌ عليّ عليه‌ السلام‌: يَهْلِكُ فِي‌َّ اثْنَانِ وَلاَ ذَنْبَ لِي‌: مُحِبٌّ غالٍ وَمُبْغِضُّ مُفَرِّطٌ. قال‌: قال‌ ذلك‌ اعتذاراً منه‌ أ نّه‌ لا يرضي‌ بما يقول‌ فيه‌ الغإلی‌ والمفرّط‌. لعمري‌ إنّ عيسي‌ ابن‌ مريم‌ عليهما السلام‌ لو سكت‌ عمّا قالت‌ فيه‌ النصاري‌ لعذّبه‌ الله‌.

 ولقد تعلم‌ ما يقال‌ فيك‌ من‌ الزور والبهتان‌، وإمساكك‌ عن‌ ذلك‌ ورضاك‌ به‌ سخط‌ الديّان‌، زعم‌ أوغاد الحجاز، ورعاع‌ الناس‌، أ نّك‌ حبر الدهر، وناموسه‌ وحجّة‌ المعبود وترجمانه‌، وعيبة‌ علمه‌، وميزان‌ قسطه‌، ومصباحه‌ الذي‌ يقطع‌ به‌ الطالب‌ عرض‌ الظلمة‌ إلی‌ ضياء النور، وأنّ الله‌ لايقبل‌ من‌ عامل‌ جهل‌ حدّك‌ في‌ الدنيا عملاً، ولا يرفع‌ له‌ يوم‌ القيامة‌ وزناً. فنسبوك‌ إلی‌ غير حدّك‌، وقالوا فيك‌ ما ليس‌ فيك‌. فقُل‌ فإنّ أوّل‌ من‌ قال‌ الحقّ جدّك‌، وأوّل‌ من‌ صدّقه‌ عليه‌ أبوك‌ وأنت‌ حريٌّ أن‌ تقتصّ آثارهما، وتسلك‌ سبيلهما.

الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ يُطفي‌ غضب‌ المنصور

 فقال‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: أَنَا فَرْعٌ مِنْ فُرُعِ الزَّيْتُونَةِ، وَقِندِيلٌ مِنْ قَنَاديلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَأَدِيبُ السَّفَرَةِ، وَرَبِيبُ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَمِصْبَاحٌ مِنْ مَصَابِيحِ المِشْكَاةِ الَّتِي‌ فِيهَا نُورُ النُّورِ، وَصَفْوَةُ الكَمِبَةِ البَاقِيَةِ فِي‌ عَقِبِ المُصْطَفَيْنَ إلی‌ يَوْمِ الحَشْرِ!

 فالتفت‌ المنصور إلی‌ جلسائه‌، فقال‌: هَذَا قَدْ أَحَالَني‌ علی بَحْرٍ مَوَّاجٍ لاَ يُدْرَكُ طَرَفُهُ، وَلاَ يُبْلَغُ عُمْقُهُ، تُحَارُ فِيهِ العُلَمَاءُ، وَيَغْرَقُ فِيهِ السُّبَحَاءُ، وَيَضِيقُ بِالسَّابِحِ عَرْضُ الفَضَاءِ، هَذَا الشَّجَي‌ المُعْتَرِضُ فِي‌ حُلُوقِ الخُلَفَاءِ، الَّذِي‌ لاَ يَجُوزُ نَفْيُهُ، وَلاَ يَحِلُّ قَتْلُهُ.

 وَلَوْلاَ مَا يَجْمَعُنِي‌ وَإيَّاهُ شَجَرَةٌ طَابَ أَصْلُهَا، وَبَسَقَ فَرْعُهَا، وَعَذُبَ ثَمَرُهَا، وَبُورِكَتْ فِي‌ الذَّرِّ، وَقُدِّسَتْ فِي‌ الزُّبُرِ، لَكَانَ مِنِّي‌ إلیهِ مَا لاَ يُحْمَدُ فِي‌ العَوَاقِبِ، لِمَا يَبْلُغُنِي‌ عَنْهُ مِنْ شِدَّةِ غَيْبِهِ لَنَا، وَسُوءٍ القَوْلِ فِينَا.

 فقال‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: لاَ تَقْبَلْ فِي‌ ذِي‌ رَحِمِكَ وَأَهْلِ الرِّعَايَةِ مِنْ أَهْل‌ بَيْتِكَ قَوولَ مَنْ حَرَّمَ اللَهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ، وَجَعَلَ مَأْوَاهُ النَّارَ. فَإنَّ النَّمَّامَ شَاهِدُ زُورٍ، وَشَرِيكُ إبْلِيسُ فِي‌ الإغْرَاءِ بَيْنَ النَّاسِ. فَقَدْ قَالَ اللَهُ تَعَإلی‌:

 «يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن‌ جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُو´ا ( وثبّتوا عند العمل‌ بمقتضات‌ ) أَن‌ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَـ'لَةٍ فَتُصْبِحُوا علی مَا فَعَلْتُمْ نَـ'دِمِينَ». [4]

 وَنَحْنُ لَكَ أَنْصَارٌ وَأَعَْوَانٌ، وَلِمُلْكِكَ دَعَائِمُ وَأَرْكَانٌ مَا أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَالإحْسَانِ، وَأَمْضَيْتَ فِي‌ الرَّعِيَّةِ أَحْكَامَ القُرْآنِ، وَأَرْغَمْتَ بِطَاعَتِكَ لِلَّهِ أَنْفَ الشَّيْطَانِ، وَإنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْكَ فِي‌ سَعَةِ فَهْمِكَ وَكَثْرَةِ عِلْمِكَ وَمَعْرِفَتِكَ بِآدَابِ اللَهِ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِي‌ مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ! فَإنَّ المُكَافِي‌َ لَيْسَ بِالوَاصِلِ. إنَّمَا الوَاصِلُ مَنْ إذَا قَطَعْتَهُ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. فَصِلْ رَحِمَكَ يَزِدِ اللَهُ فِي‌ عُمْرِكَ، وَيُخَفِّفْ عَنْكَ الحِسَابَ يَوْمَ حَشْرِكَ!

 فقال‌ المنصور: قد صفحتُ عنك‌ لقدرك‌، وتجاوزتُ عنك‌ لصدقك‌. فحدّثني‌ عن‌ نفسك‌ بحديثٍ أتّعظ‌ به‌، ويكون‌ لي‌ زاجر صدق‌ عن‌ الموبقات‌!

 فقال‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: عَلَيْكَ بِالحِلْمِ، فَإنَّهُ رُكْنُ العِلْمِ، وَامْلِكْ نَفْسَكَ عِنْدَ أَسْبَابِ القُدْرَةِ! فَإنَّكَ إنْ تَفْعَلْ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ كُنْتَ كَمَنْ شُفِيَ غَيْظاً، أَوْ تَدَاوَي‌ حِقْداً، أَوْ يُحِبُّ أَنْ يُذْكَرَ بِالصَّوْلَةِ. وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ إنْ عَاقَبْتَ مُسْتَحِقَّاً لَمْ تَكُنْ غَايَةُ مَا تُوصَفُ بِهِ إلاَّ العَدْلَ، وَالحَالُ الَّتِي‌ تُوجِبُ الشُّكْرَ أَفْضَلُ مِنَ الحَالِ الَّتِي‌ تُوجِبُ الصَّبْرَ. ( أي‌: يشكرك‌ الناس‌ عند العفو والصفح‌ عنهم‌، ويصبرون‌ مرغمين‌ عند العقوبة‌والبطش‌).

 فقال‌ المنصور: وعظتَ فأحسنتَ، وقلتَ فأوجزتَ! فحدّثني‌ عن‌ فضل‌ جدِّك‌ عليّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ حديثاً لم‌ تأثره‌ العامّة‌.

 فقال‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: حدّثني‌ أبي‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌ قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: لَمَّا أُسْرِيَ بِي‌ إلی‌ السَّمَاءِ عَهِدَ إلی رَبِّي‌ جَلَّ جَلاَلُهُ فِي‌ عَلِيٍّ ثَلاَثَ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! فَقُلْتُ: لَبَيْكَ رَبِّي‌ وَسَعْدَيْكَ!

 فَقَالَ: عَزَّوَجَلَّ: إنَّ عَلِيّاً إمَامُ المُتَّقِينَ، وَقَائِدُ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، وَيَعْسُوبُ المُؤْمِنِينَ، فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ! فَبَشَّرَهُ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ بِذَلِكَ. فَخَرَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَاجِداً شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَهِ بَلَغَ مِنْ قَدْرِي‌ حَتَّي‌ أَنِّي‌ أُذْكَرُ هُنَاكَ؟!

 قَالَ: نَعَمْ، وَإنَّ اللَهَ يَعْرِفُكَ وَإنَّكَ لَتُذْكَرُ فِي‌ الرَّفِيقِ الاَعلی.

 فقال‌ المنصور: ذَلركَ فَضْلُ اللَهِ يُؤْتِيهِ مَن‌ يَشَآءُ. [5]

موقف‌ الإمام‌ الحكيم‌ من‌ المنصور

 إذا أنعمنا النظر في‌ هذه‌ الرواية‌ فإنّ مطالب‌ مهمّة‌ تستبين‌ لنا:

 أوّلاً: حاول‌ المنصور أن‌ يجبر الإمام‌ علی الإقرار بأنّه‌ خليٌّ من‌ العلوم‌ الملكوتيّة‌ والسرِّيَّة‌، وبعامّة‌ أراد أن‌ يجعله‌ في‌ عداد العوام‌ من‌ الناس‌.

 ثانياً: لم‌ يعترف‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بهذا الامر بأيّ وجه‌ من‌ الوجوه‌، بل‌ أصرّ علی أ نّه‌ من‌ تلك‌ الشجرة‌ الزيتونة‌ المباركة‌، وأ نّه‌ فرع‌ منها.

 ثالثاً: بأيّ بيانٍ منطقيّ مرن‌ نافع‌ يستطيع‌ أن‌ يُقنع‌ المنصور بأنّ الانتقام‌ عمل‌ مذموم‌، وأنّ العالِم‌ يجب‌ أن‌ يكون‌ حليماً؟ وإلاّ يصبح‌ العلم‌ حربةً بِيَدِ زنجيٍّ سِكِّير.

 رابعاً: في‌ الوقت‌ نفسه‌ نصح‌ المنصور نصيحة‌ مقبولة‌، لا نصيحة‌ تثيره‌ وتزيد حدّته‌ وتشدّده‌.

 ويتّضح‌ هنا جيّداً كيف‌ يجب‌ علی الإمام‌ عليه‌ السلام‌ أن‌ يتحمّل‌ هذه‌ المصائب‌ مع‌ المنصور، ويؤدّي‌ رسالته‌ بالنسبة‌ إلی‌ الاُمّة‌ جميعها، بل‌ بالنسبة‌ إلی‌ المنصور ذاته‌، وينقذ نفسه‌ من‌ قتلٍ لاطائل‌ تحته‌ فيتسنّي‌ له‌ أن‌ يوصل‌ ثِقْل‌ الإمامة‌ والولاية‌ الحقيقيّة‌ إلی‌ مكانه‌ المنشود.

  لم‌ يهدأ المنصور عن‌ إرسال‌ الجواسيس‌ إلی‌ المدينة‌ مع‌ يقينه‌ بعدم‌ خروج‌ الإمام‌

 ما كان‌ أبو مسلم‌ الخراسانيّ، ولا أبو سلمة‌ من‌ أهل‌ الولاية‌ ومن‌ أنصار الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌. ومع‌ ذلك‌ كانت‌ تصل‌ رسائلها إلیه‌ عليه‌ السلام‌ لجسّ نبضه‌ فيما إذا كان‌ من‌ أهل‌ الثورة‌ والخروج‌ بالسلاح‌ أو لا.

 عندما اجتمع‌ عبدالله‌ المحض‌ وولداه‌: محمّد وإبراهيم‌ مع‌ عبدالله‌ السفّاح‌ والمنصور وجماعة‌ آخرين‌ من‌ بني‌ هاشم‌ في‌ الابواء بالمدينة‌ من‌ أجل‌ أخذ البيعة‌ لاحد وَلَدي‌ عبدالله‌ المحض‌، دخل‌ عليهم‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ بغتة‌ علی الرغم‌ من‌ عدم‌ رغبتهم‌ في‌ ذلك‌، وقال‌: لا تصحّ هذه‌ البيعة‌، لانّ محمّداً ليس‌ مهدي‌ آل‌ محمّد. وإنّ محمّداً وإبراهيم‌ سيقتلان‌ بِيَدِ صاحب‌ القباء الاصفر ( المنصور أبي‌ الدوانيق‌ )، وهو الذي‌ سيقبض‌ علی الخلافة‌.

 وبعد مضي‌ أيّام‌ سافر عبدالله‌ السفّاح‌ مع‌ أهل‌ بيته‌ من‌ المدينة‌ إلی‌ الكوفة‌ خفية‌، وخطّط‌ للخلافة‌ مع‌ أبي‌ سلمة‌ الخلاّل‌. وحين‌ بويع‌ استوزره‌ فاشتهر بوزير آل‌ محمّد. لكنّه‌ قُتل‌ بعد أربعة‌ أشهر، والذي‌ قتله‌ هو أبو مسلم‌.

 قال‌ المحدِّث‌ القمّيّ ( ما تعريبه‌ ): استوزر السفّاح‌ أبا سلمة‌ حفص‌ الخلاّل‌، فدُعي‌ وزير آل‌ محمّد. وهو أوّل‌ مَن‌ وزر في‌ الدولة‌ العبّاسيّة‌. ثمّ همّ أبو مسلم‌ بقتله‌، وكان‌ ينتهز الفرصة‌ حتّي‌ خرج‌ ذات‌ ليلة‌ من‌ عند السفّاح‌ قاصداً منزله‌، فهجم‌ عليه‌ أصحاب‌ أبي‌ مسلم‌ وسفكوا دمه‌. وكان‌ قتله‌ بعد أربعة‌ أشهر مرّت‌ علی حكومة‌ السفّاح‌. ولمّا كانت‌ الدولة‌ العبّاسيّة‌ قد قامت‌ بجهود أبي‌ مسلم‌، لذلك‌ يمسّه‌ السفّاح‌ بأذي‌، بل‌ كان‌ يحترمه‌. وظلّ أبو مسلم‌ حتّي‌ إذا هلك‌ السفّاح‌، وجلس‌ المنصور مجلسه‌ أمر بقتله‌ في‌ رومية‌ المدائن‌ يوم‌ الخامس‌ والعشرين‌ من‌ شعبان‌ سنة‌ 137 ه وكان‌ معروفاً بالحزم‌ والبطش‌ والغيرة‌، وكان‌ سفّاكاً للدماء حتّي‌ أُحصي‌ عدد المقتولين‌ بيده‌ صبراً فكانوا ستمائة‌ ألف‌. [6]

الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ يجيب‌ جواسيس‌ المنصور بالنفي‌

 وعندما أخذ العبّاسيّون‌ البيعة‌ لانفسهم‌ وتربّعوا علی أريكة‌ الحكم‌، وصلت‌ رسائل‌ من‌ أبي‌ مسلم‌ وأبي‌ سلمة‌ إلی‌ المدينة‌ استعلما فيها عن‌ خلافة‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، وعبدالله‌ المحض‌، وعمرو الاشرف‌ وهم‌ من‌ أولاد أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وسألا فيها عن‌ مدي‌ استعدادهم‌ للخلافة‌. أمّا الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ فقد رفض‌ تلك‌ الرسائل‌ وقال‌: العجب‌ أنّ رجالاً أجانب‌ يطالبون‌ بالخلافة‌ لنا!

 لقد كان‌ هؤلاء كلّهم‌ جواسيس‌ أرادوا أن‌ يقيسوا قابليّة‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ للثورة‌ والعمل‌ في‌ مقابل‌ العبّاسيّين‌، فيفعلوا به‌ ما فعلوا بعبدالله‌ المحض‌ وإخوته‌ وولديه‌ وعشيرته‌، بَيدَ أنّ الإمام‌ كان‌ واعياً نابهاً من‌ أُولي‌ الفهم‌ والدراية‌. فلم‌ يعبأ بتلك‌ المراسلات‌، ولم‌ يتخطَّ طريقه‌، إذ كان‌ يعلم‌ علم‌ إلیقين‌ أنّ إبراهيم‌ الإمام‌ وأخَوَيه‌ السفّاح‌ والمنصور ليسوا ممّن‌ يتنازل‌ عن‌ الحكم‌ ويسلّم‌ الخلافة‌ لاهلها ويجعلها في‌ مكانها الحقيقيّ. إنّهم‌ يفكّرون‌ بمصالحهم‌ الخاصّة‌ فحسب‌، ولم‌ يفكّروا إلاّ بتمشية‌ تلك‌ المصالح‌ والمقاصد تحت‌ عنوان‌ دعم‌ أهل‌ البيت‌ والإعلان‌ عن‌ غصب‌ حقّ العلويّين‌. واتّخذوا من‌ هذا العنوان‌ ذريعة‌ لإمارتهم‌ ورئاستهم‌ وحكومتهم‌. ولو لم‌يكن‌ ذلك‌، فَلِمَ لَمْ يُطلعوا الإمام‌ علی هذا الامر في‌ المدينة‌، وذهبوا إلی‌ الكوفة‌ سرّاً لاخذ البيعة‌ من‌ أهلها؟!

 وأمّا عبدالله‌ المحض‌، فلم‌ يَخبُرْ حقيقة‌ الاشياء، ولم‌ يستضي‌ء بنور الباطن‌ والفراسة‌ العميقة‌ فيدرك‌ كُنه‌ الاُمور، فلهذا خُدِعَ بأوراق‌ مزوّرة‌ ورسائل‌ لا مغزي‌ فيها من‌ شيعة‌ خراسان‌، حتّي‌ أ نّه‌ أساء الظنّ بالإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ وخال‌ أ نّه‌ لا يبايع‌ ولده‌ محمّد النفس‌ الزكيّة‌ حسداً مع‌ وجود الرسائل‌ التي‌ بعثها شيعة‌ خراسان‌ إلیه‌.

 قال‌ المستشار عبدالحليم‌ الجنديّ: كتب‌ أبو مسلم‌ الخراسانيّ أيّامئذٍ إلی‌ الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌:

 إنِّي‌ قَدْ أَظْهَرْتُ الكَلِمَةَ، وَدَعَوْتُ النَّاسَ عَنْ بَنِي‌ أُمَيَّةَ إلی‌ مَوَالاَةِ «أَهْل‌ البَيْتِ» فَإنْ رَغِبَتَ فَلاَ مَزِيدَ عَلَيْكَ.

 وأجاب‌ جعفر الصادق‌ معلناً فلسفته‌: مَا أَنْتَ مِنْ رِجَإلی‌، وَلاَ الزَّمَانُ زَمَانِي‌. [7]

 وفي‌ ذات‌ الوقت‌ بعث‌ أبو سلمة‌ الخلاّل‌ ـ الملقّب‌ بوزير آل‌ محمّد، والذي‌ سيُصبح‌ وزيراً للسفّاح‌ أوّل‌ خلفاء بني‌ العبّاس‌ ـ إلی‌ جعفر الصادق‌، وعبدالله‌ بن‌ الحسن‌ بن‌ « الحسن‌ »، وعمرو الاشرف‌، من‌ أبناء عليّ، مع‌ رجل‌ من‌ موإلی‌ أبي‌ سلمة‌ قائلاً له‌: إن‌ أجاب‌ جعفر فلا تذهب‌ إلی‌ غيره‌! وإن‌ لم‌ يجب‌ فاقصد إلی‌ عبدالله‌، فإن‌ أجاب‌ فأبطل‌ كتاب‌ عمرو. ( وإن‌ لم‌يجب‌ عبدالله‌ فاقصد عمرو الاشرف‌ )!

 وذهب‌ الرسول‌ إلی‌ جعفر، فقال‌: مَا لِي‌ وَلاِبِي‌ سَلَمَةَ وَهُوَ شِيعَةٌ لِغَيْرِي‌، وَوَضَعَ الكِتَابَ فِي‌ النَّارِ حَتَّي‌ احْتَرَقَ ـ وَأَبَي‌ أَنْ يَقْرَأَهُ.

 قَالَ الرَّسُولُ: أَلاَ تُجِيبُهُ؟!

 قَالَ: رَأَيْتُ الجَوَابَ!

 ثمّ مضي‌ الرسول‌ إلی‌ عبدالله‌. فقرأ الكتابَ، وقصد إلی‌ جعفر الصادق‌ يُنبئه‌ بورود الكتاب‌ إلیه‌ من‌ شيعته‌ بخراسان‌.

 قال‌ الصادق‌ له‌: وَمَتَي‌ كَانَ لَكَ شِيعَةٌ بُخَراسَانَ؟! أَأَنْتَ وَجَّهْتَ أَبَا مُسْلِم‌ إلیهِمْ؟! هَلْ تَعْرِفُ أَحَداً مِنْهُمْ بِاسْمِهِ؟! فَكَيْفَ يَكُونُونَ شِيعَتَكَ وَهُمْ لاَ يَعْرِفُونَكَ وَأنْتَ لاَ تَعْرِفُهُمْ؟!

 قال‌ عبدالله‌: كَأَنَّ هَذَا الكَلاَمَ مِنْكَ لِشَي‌ءٍ؟!

 قال‌ الصادق‌: قَدْ عَلِمَ اللَهُ أَنِّي‌ أُوجِبُ النُّصْحَ علی نَفْسِي‌ لِكُلِّ مُسْلِم‌ فَكَيْفَ أَدَّخِرُوهُ عَنْكَ؟ فَلاَ تَمُنَّ نَفْسَكَ فَإنَّ الدَّوْلَةَ سَتَتِمُّ لِهَؤلاَءِ! [8]

تشيّع‌ جعفر بن‌ محمّد بن‌ الاشعث‌ بسبب‌ علوم‌ الإمام‌ الغيبيّة‌

التجسّس‌ علی العلويّين‌ وخداعهم‌ بالمال‌ الكثير

 روي‌ الشيخ‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكلينيّ في‌ « الكافي‌ » عن‌ أبي‌ عليّ الاشعريّ، عن‌ محمّد بن‌ عبدالجبّار، عن‌ صفوان‌ بن‌ يحيي‌، عن‌ جعفر بن‌ محمّد بن‌ الاشعث‌ [9] قال‌: قال‌ لي‌: أتدري‌ ما كان‌ سبب‌ دخولنا في‌ هذا الامر ومعرفتنا به‌ وما كان‌ عندنا منه‌ ذِكرٌ ولا معرفة‌ شي‌ء ممّا عند الناس‌؟ قال‌: قلتُ له‌: ماذاك‌! قال‌: إنّ أبا جعفر ـ يعني‌ أبا الدوانيق‌ ـ قال‌ لابي‌، محمّدٍ بن‌ الاشعث‌: يا محمّد! ابغِ لي‌ رجلاً له‌ عقل‌ يؤدّي‌ عنّي‌! فقال‌ له‌ أبي‌: قد أصبته‌ لك‌، هذا فلان‌ ابن‌ مهاجر خإلی‌. قال‌: فأتني‌ به‌! قال‌: فأتيته‌ بخإلی‌.

 فقال‌ له‌ أبو جعفر: يا ابن‌ مهاجر! خذ هذا المال‌ وأت‌ المدينة‌ وأت‌ عبدالله‌ بن‌ الحسن‌ بن‌ الحسن‌ وعدّةً من‌ أهل‌ بيته‌ فيهم‌ جعفر بن‌ محمّد فقل‌ لهم‌: إنّي‌ رجل‌ غريب‌ من‌ أهل‌ خراسان‌ وبها شيعة‌ من‌ شيعتكم‌ وجَّهوا إلیكم‌ بهذا المال‌! وادفع‌ إلی‌ كلّ واحد منهم‌ علی شرط‌ كذا وكذا. فإذا قبضوا المال‌، فقل‌: إنّي‌ رسولٌ وأُحِبُّ أن‌ يكون‌ معي‌ خطوطكم‌ بقبضكم‌ ما قبضتم‌! فأخذ المال‌ وأتي‌ المدينة‌، فرجع‌ إلی‌ أبي‌ الدوانيق‌ ومحمّد بن‌ الاشعث‌ عنده‌. فقال‌ له‌ أبو الدوانيق‌: ما وراءك‌؟!

 قال‌: أتيتُ القوم‌ وهذه‌ خطوطهم‌ بقبضهم‌ المال‌ خلا جعفر بن‌ محمّد. فإنّي‌ أتيتُه‌ وهو يصلّي‌ في‌ مسجد الرسول‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌. فجلستُ خلفه‌ وقلتُ حتّي‌ ينصرف‌، فأذكر له‌ ما ذكرتُ لاصحابه‌. فعجّل‌ وانصرف‌، ثمّ التفت‌ إلی‌َّ فقال‌:

 يَا هَذَا! اتَّقِ اللَهَ وَلاَ تَغُرَّ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، فَإنَّهُمْ قَرِيبُ العَهْدِ بِدَوْلَةِ بَنِي‌ مَرْوَانَ وَكُلُّهُمْ مُحْتَاجٌ!

 فقلتُ: وما ذاك‌ أصلحك‌ الله‌؟!

 قال‌: فأدني‌ رأسه‌ منّي‌ وأخبرني‌ بجميع‌ ما جري‌ بيني‌ وبينك‌ حتّي‌ كأنّه‌ كان‌ ثالثنا. قال‌: فقال‌ له‌ أبو جعفر: يابن‌ مهاجر! اعلم‌ أ نّه‌ ليس‌ من‌ أهل‌ بيت‌ نبوّة‌ إلاّ وفيه‌ مُحَدَّثٌ،[10] وأنّ جعفر بن‌ محمّد محدَّثنا إلیوم‌.

 قال‌ جعفر بن‌ محمّد بن‌ الاشعث‌: وكانت‌ هذه‌ الدلالة‌ سبب‌ قولنا بهذه‌ المقالة‌. [11]

 روي‌ القطب‌ الراونديّ عن‌ مهاجر بن‌ عمّار الخزاعيّ قال‌: بعثني‌ أبو الدوانيق‌ إلی‌ المدينة‌، وبعث‌ معي‌ بمال‌ كثير، وأمرني‌ أن‌ أتضرّع‌ لاهل‌ هذا البيت‌، وأتحفّظ‌ مقالتهم‌.

 قال‌: فلزمتُ الزاوية‌ التي‌ ممّايلي‌ القبر، فلم‌؟ ن‌ أتنحّي‌ منها في‌ وقت‌ الصلاة‌، لا في‌ ليل‌ ولا في‌ نهار. قال‌: وأقبلتُ أطرح‌ إلی‌ السُّؤَّال‌ الذين‌ حول‌ القبر الدراهم‌ ومن‌ هو فوقهم‌ الشي‌ء بعد الشي‌ء حتّي‌ ناولتُ شباباً من‌ بني‌ الحسن‌ ومشيخة‌ حتّي‌ ألفوني‌ وألفتهم‌ في‌ السرّ.

 قال‌: وكنتُ كلّما دنوتُ من‌ أبي‌ عبدالله‌ ( جعفر بن‌ محمّد الصادق‌ » يُلاطفني‌ ويُكرمني‌، حتّي‌ إذا كان‌ يوماً من‌ الايّام‌ دنوتُ من‌ أبي‌ عبدالله‌ وهو يُصلّي‌. فلمّا قضي‌ صلاته‌، التفت‌ إلی وقال‌: تعالَ يا مهاجر ـ ولم‌ أكن‌ أتسمّي‌ ولا أتكنّي‌ بكُنيتي‌ ـ فقال‌: قل‌ لصاحبك‌: يقول‌ لك‌ جعفر:

 كَانَ أَهْلُ بَيْتِكَ إلی‌ غَيْرِ هَذَا مِنْكَ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إلی‌ هَذَا!

 تَجِي‌ءُ إلی‌ قَوْمٍ شَبَابٍ مُحْتَاجِينَ فَتَدُسَّ إلیهِمْ. فَلَعَلَّ أَحَدَهُمْ يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ تَسْتَحِلُّ بِهَا سَفْكَ دَمِهِ. فَلَوْ بَرَرْتَهُمْ وَوَصَلْتَهُمْ وَأَغْنَيْتَهُمْ كَانُوا أَحْوَجَ مَا تُرِيدُ مِنْهُمْ!

 قال‌: فلمّا أتيتُ أبا الدوانيق‌ قلتُ له‌: جئتُك‌ من‌ عند ساحر كذّاب‌ كاهن‌. من‌ أمره‌ كذا وكذا. قال‌: صدق‌ والله‌ كانوا إلی‌ غير هذا أحوج‌. وإيّاك‌ أن‌ يسمع‌ هذا الكلام‌ منك‌ إنسان‌! [12]

 هؤلاء الجواسيس‌ كانوا يطّوقون‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ وأصحابه‌ من‌ جهة‌، ويحظرون‌ عليه‌ لقاء بالناس‌ من‌ جهة‌ أُخري‌. وهذه‌ كانت‌ مشكلة‌ سواء للإمام‌ الذي‌ لم‌ يهمّه‌ إلاّ بثّ العلوم‌ ونشر المعارف‌، أم‌ لجميع‌ الناس‌ الذين‌ ينبغي‌ أن‌ يرتووا من‌ منهله‌ العذب‌ الصافي‌ ليخرجوا من‌ عبوديّة‌ العباد إلی‌ عبوديّة‌ الله‌. ومع‌ خطر اللقاء والتدريس‌ والتحدّث‌ إلی‌ الناس‌ فسيظلّ بحر العلم‌ الهادر هذا مختفياً، وسيبقي‌ جبل‌ المعرفة‌ الراسخ‌ الشاهق‌ ذاك‌ بلا ثمرة‌ تُذْكَر.

 روي‌ القطب‌ الراونديّ عن‌ هارون‌ بن‌ خارجة‌ قال‌: كان‌ رجل‌ من‌ أصحابنا طلّق‌ امرأته‌ ثلاثاً، فسأل‌ أصحابنا فقالوا: ليس‌ بشي‌ء. فقالت‌ امرأته‌: لا أرضي‌ حتّي‌ تسأل‌ أبا عبدالله‌! وكان‌ بالحيرة‌ إذ ذاك‌ أيّام‌ أبي‌ العبّاس‌. قال‌: فذهب‌ إلی‌ الحيرة‌ ولم‌ أقدر علی كلامه‌ إذ منع‌ الخليفة‌ الناس‌ من‌ الدخول‌ علی أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ وأنا أنظر كيف‌ ألتمس‌ لقاءه‌، فإذا سواديّ عليه‌ جبّة‌ صوف‌ يبيع‌ خياراً، فقلتُ له‌: بكم‌ خيارك‌ هذا كلّه‌؟! قال‌: بدرهم‌! فأعطيته‌ درهماً، وقلتُ له‌: أعطني‌ جبّتك‌ هذه‌! فأخذتها ولبستها وناديتُ: من‌ يشتري‌ خياراً؟ ودنوتُ منه‌، فإذا غلام‌ من‌ ناحية‌ ينادي‌ يا صاحب‌ الخيار! فقال‌ عليه‌ السلام‌ لي‌ لمّا دنوتُ منه‌: ما أجود ما احتلتَ! أي‌ شي‌ء حاجتك‌؟!

 قلتذ: إنّي‌ ابتُليتُ فطلّقتُ أهلي‌ في‌ دفعةٍ ثلاثاً، فسألتُ أصحابنا فقالوا: ليس‌ بشي‌ء وإنّ المرأة‌ قالت‌: لا أرضي‌ حتّي‌ تسأل‌ أبا عبدالله‌ عليه‌ السلام‌. فقال‌: ارْجِعْ إلی‌ أَهْلِكَ! فَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ! [13]

 روي‌ ابن‌ شهرآشوب‌ عن‌ محمّد بن‌ سنان‌، عن‌ المفضّل‌ بن‌ عمر أنّ المنصور قد كان‌ همّ بقتل‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ غير مرّةٍ. فكان‌ إذا بعث‌ إلیه‌ ودعاه‌ ليقتله‌. فإذا نظر إلیه‌ هابه‌ ولم‌ يقتله‌ غير أ نّه‌ منع‌ الناس‌ عنه‌، ومنعه‌ من‌ القعود للناس‌، واستقصي‌ عليه‌ أشدّ الاستقصاء، حتّي‌ أ نّه‌ كان‌ يقع‌ لاحدهم‌ مسألة‌ في‌ دينه‌، في‌ نكاح‌ أو طلاق‌ أو غير ذلك‌، فلا يكون‌ علم‌ ذلك‌ عندهم‌، ولا يصلون‌ إلیه‌ فيعتزل‌ الرجل‌ وأهله‌.

 فشقّ ذلك‌ علی شيعته‌ وصعب‌ عليهم‌، حتّي‌ ألقي‌ الله‌ عزّوجلّ في‌ روع‌ المنصور أن‌ يسأل‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ ليُتحفه‌ بشي‌ء من‌ عنده‌، لايكون‌ لاحد مثله‌.

 فبعث‌ إلیه‌ بمِخْصَرَة‌ [14] للنبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ طولها ذراع‌. ففرح‌ بها فرحاً شديداً، وأمر أن‌ تشقّ له‌ أربعة‌ أرباع‌ وقسّمها في‌ أربعة‌ مواضع‌.

 ثمّ قال‌ له‌: مَا جَزَاؤُك‌ عِنْدِي‌ إلاَّ أَنْ أُطْلِقَ لَكَ، وَتُفْشِي‌ عِلْمَكَ لِشِيعَتِكَ وَلاَ أَتَعَرَّضُ لَكَ، وَلاَ لَهُمْ، فَاقْعُدْ غَيْرَ مُخْتَشَمٍ وَأَفْتِ النَّاسَ، وَلاَ تَكُنْ فِي‌ بَلَدٍ أَنَا فِيهِ! فَفَشَا العِلْمُ عَنِ الصَّادِقِ. [15]

تقيّة‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ الشديدة‌ وخوفه‌ علی سفيان‌

 وورد في‌ بعض‌ الآثار أنّ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ لم‌ يُنجز للراويّ مجال‌ التوقّف‌، لا نّه‌ يكون‌ مظنّة‌ لتهمة‌ اللقاء والحديث‌، ممّا يستتبع‌ عواقب‌ وخيمة‌.

 وجاء في‌ الرواية‌ التي‌ نقلها سفيان‌ الثوريّ عن‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ أنّ الإمام‌ قال‌ له‌: غَيْرَ مَطْرُودٍ يَا سُفْيَانُ! فَفَرَقٌ عَلَيْكَ مِنَ السُّلْطَانِ!

 ولم‌ اعثر علی الرواية‌ الآتية‌ التي‌ سأنقلها عن‌ سفيان‌ بهذا الشكل‌ وهذا التفصيل‌ في‌ المجاميع‌ المعروفة‌،[16] بل‌ أنقلها هنا عن‌ خطٍّ مبارك‌ للمرحوم‌ جدّي‌ آية‌ الله‌ السيّد إبراهيم‌ الطهرانيّ رضوان‌ الله‌ عليه‌.

 لقد ذكر هذه‌ الرواية‌ في‌ صفحة‌ سابقة‌ عن‌ ثماني‌ مخطوطات‌ لاُصول‌ قدمائنا، وكان‌ قد جمعها في‌ مجموعة‌ حبيبيّة‌ بخطّ النستعليق‌ الجميل‌. وفيما يأتي‌ نصّ الرواية‌:

مواعظ‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ لسفيان‌ الثوري‌ّ

 رُوِيَ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ [17] قَالَ: لَمَّا حَجَجْتُ فِي‌ بَعْضِ السِّنِينَ، أَرَدْتُ زِيَارَةَ الصَّادِقِ أَبِي‌ عَبْدِاللَهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَنَشَدْتُ عَنْهُ فَأُرْشِدْتُ إلیهِ فَجِئْتُ، طَرَقْتُ البَابَ.

 فَقَالَ: مَنْ؟! قُلْتُ: صَاحِبُكَ سُفْيَانُ!

 فَفَتَحَ البَابَ وَوَقَفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ علی ثَلاَثِ مَرَاقٍ وَقَالَ: مَرْحَباً يَا سُفْيَانُ! مِنَ الجِهَةِ الشِّمَإلیةِ؟!

 قُلْتُ: نَعَمو يَابْنَ رَسُولِ اللَهِ. مَا لِي‌ أَرَاكَ قَدِ اعْتَزَلْتَ النَّاسَ؟!

 قَالَ: يَا سُفْيَانُ! فَسَدَ الزَّمَانُ، وَتَغَيَّرَ الإخْوَانُ، وَتَقَلَّبَ الاَعْيَانُ، فَرَأيْتُ الانْفِرَادَ أَسْكَنَ لِلفُؤَادِ! أَمَعَكَ شَي‌ءٌ تَكْتُبُ فِيهِ؟!

 قُلْتُ: نَعَمْ! فَقَالَ: اكتُب‌:

 ذَهَبَ الوَفَاءُ ذَهَابَ أَمسِ الذَّاهِبِ             والنَّاسُ بَيْنَ مُخَائِلٍ وَمَوَارِبِ

 يَغْشُونَ بَيْنَهُمْ المَوَدَّةَ وَالصَّفَا                  وقُلُوبُهُمْ مَحْشُوَّةٌ بِعَقَارِبِ

 قُلْتُ: زِدْنِي‌ يَابْنَ رَسُولِ اللَهِ! قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: اكْتُبْ:

 لاَ تَجْزَعَنَّ لِوَحْدَةٍ وَتَفَرُّدِ               ومِنَ التَّفَرُّدِ فِي‌ زَمَانِكَ فَازْوَدِ

 ذَهَبَ الاخَاءُ فَلَيْسَ ثَمَّ أُخُوَّةٌ                    إلاَ التَّمَلُقُ بِاللِّسَانِ وَبِإلیدِ

 فَإذَا نَظَرْتَ جَمِيعَ مَا بِقُلُوبِهِمْ                   أبْصَرْتَ ثَمَّ نَقِيعَ سَمِّ الاَسْوَدِ [18]

 ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: غَيْرَ مَطْرُودٍ يَا سُفْيَانُ فَفَرَقٌ عَلَيْكَ مِنَ السُّلْطَانِ! فَقُلْتُ: سَمْعاً، زِدْنِي‌!

 قَالَ: إذَا تَظَاهَرَتْ عَلَيْكَ الهُمُومُ فَقُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ. وَإذَا اسْتَبَطأتَ الرِّزْقَ عَلَيْكَ فَعَلَيْكَ بالاسْتِغْفَارِ، وَعَلَيْكَ بِالتَّقْوَي‌، وَالزَمِ الصَّبْرَ، وَكُنْ علی حَذَرٍ فِي‌ أَمْرِ دُنيَاكَ وَآخِرَتِكَ. [19]

 قَقُمْتُ وَانْصَرَفْتُ. [20]

 أجل‌، يستفاد من‌ هذه‌ الرواية‌ أنّ الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌ كان‌ مُحاصراً، وكان‌ يخشي‌ بطش‌ المنصور به‌ للحظاتٍ من‌ توقّف‌ سفيان‌ عنده‌. ومن‌ الطبيعيّ أنّ مطالب‌ مهمّة‌ تُستشفّ من‌ الإمعان‌ في‌ تضاعيف‌ الرواية‌، ونُحيل‌ ذلك‌ إلی‌ أُولي‌ الالباب‌ والعلوم‌.

 ونقل‌ المحدِّث‌ القمّيّ رواية‌ أُخري‌ عن‌ سفيان‌ يحسن‌ بنا أن‌ نذكرها هنا. قال‌: نُقل‌ عن‌ سفيان‌ أ نّه‌ لقي‌ الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌، وقال‌ له‌: يا ابن‌ رسول‌ الله‌ انصحني‌! فقال‌ عليه‌ السلام‌:

 يَا سُفْيَانُ! لاَمُرُوَّةَ لِكَذُوبٍ، وَلاَ أَخَ لِمُلُوكٍ، وَلاَ رَاحَةَ لِحَسُودٍ، وَلاَ سُؤدَدَ لِسَيِّي‌ءِ الخُلقِ.

 فقال‌: يا ابن‌ رسول‌ الله‌ زدني‌! فقال‌ عليه‌ السلام‌:

 يَا سُفْيَانُ! ثُِقْ باللَهِ إنْ كُنتَ مُؤمِناً، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَهُ لَكَ تَكُنْ غَبْتّاً، وَأَحْسَنِ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِماً، وَلاَ تَصْحَبِ الفَاجِرَ فَيُعَلِّمَكَ مِنْ فُجُورِهِ، وَشَاوِرْ فِي‌ أَمْرِكَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ!

 إلی‌ أن‌ قال‌: وممّا أوصاني‌ به‌ أبي‌ أ نّه‌ قال‌: يَا بُنَيَّ مَنْ يَصْحَبْ صَاحِبَ السَّوْءِ لاَ يَسْلَمْ، وَمَنْ يَدْخُلْ مَدَاخِلَ السَّوْءِيُتَّهَمْ، وَمَنْ لاَ يَمْلِكَ لِسَانَهُ يَأثَمْ.[21]

  كانت‌ مصيبة‌ الإمام‌ الكبري‌ ابتلاءه‌ بولاة‌ الجور بالمدينة‌ في‌ العصرين‌ الامويّ والعبّاسيّ

 إذا أحصينا السنين‌ التي‌ استغرقتها إمامة‌ الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌ منذ وفاة‌ والده‌ سنة‌ 114 حتّي‌ وفاته‌ سنة‌ 148، وجدناها تبلغ‌ أربعاً وثلاثين‌ سنة‌. وقد عاصر فيها الإمام‌ عليه‌ السلام‌ الحكومتين‌ السفّاكتين‌ الهتّاكتين‌: الامويّة‌ والعبّاسيّة‌. وفيما يأتي‌ أسماء السلاطين‌ الجائرين‌ الذين‌ عاصروه‌: هشام‌ بن‌ عبدالملك‌ المتوفّي‌ سنة‌ 125، والوليد بن‌ يزيد بن‌ عبدالملك‌ المتوفّي‌ سنة‌ 126، وإبراهيم‌ بن‌ يزيد بن‌ عبدالملك‌ المتوفّي‌ سنة‌ 127، ومروان‌ بن‌ محمّد بن‌ مروان‌ بن‌ الحكم‌ المتوفّي‌ سنة‌ 132، وأبو العبّاس‌ السفّاح‌ المتوفّي‌ سنة‌ 136، وأبو جعفر المنصور الدوانيقيّ المتوفّي‌ سنة‌ 158. وهو الذي‌ قضي‌ علی الإمام‌ بالسمّ سنة‌ 158، وعاش‌ بعده‌ عشر سنين‌. وبلغت‌ المدّة‌ التي‌ عاصر فيها الإمام‌ عليه‌ السلام‌ المنصور اثنتي‌ عشرة‌ سنة‌. ويتبيّن‌ هذا الامر جيّداً من‌ ملاحظة‌ الجدول‌ أدناه‌. [22]

معاناة‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ من‌ الولاة‌ الجائرين‌

 يتولّي‌ ولاة‌ المدينة‌ المنصوبون‌ من‌ قبل‌ السلطان‌ مقإلید الحكم‌ فيصدرون‌ الاوامر، ويقتلون‌ ويصلبون‌ وينهبون‌، ويقيمون‌ الجمعة‌ ويخطبون‌ فيها، ويقيمون‌ صلاة‌ العيدين‌، وصلاة‌ الجماعة‌ وغير ذلك‌ من‌ الاُمور التي‌ تعدّ من‌ مناصب‌ السلطان‌. فهم‌ بمنزلة‌ مكبّرة‌ الصوت‌ لافكار السلطان‌ وآرائه‌ وآثاره‌ ونيّاته‌ وعقائده‌. وهم‌ ـ في‌ الحقيقة‌ ـ نوّابه‌ ويأتون‌ في‌ الدرجة‌ الثانية‌ بعده‌.

 ومن‌ الواضح‌ أنّ السلطان‌ لا ينصب‌ شخصاً مخالفاً له‌ في‌ العمل‌ والقصد والمنهج‌ والاُسلوب‌، لانّ مثل‌ هذا النصب‌ بمنزلة‌ إضعاف‌ حكومته‌ وإمارته‌. وإضعاف‌ الحكومة‌ يعني‌ ضعف‌ الحدود، ومن‌ ثمّ ضعف‌ استقلال‌ المركزيّة‌ ووحدة‌ البلاد.

 من‌ هنا، كان‌ السلاطين‌ الامويّون‌ والعبّاسيّون‌ الذين‌ يعدّون‌ من‌ النواصب‌ أعداء آل‌ محمّد يسعون‌ دائماً في‌ نصب‌ ألدّ أعداء أهل‌ البيت‌ وأقساهم‌ علی المدينة‌ التي‌ كانت‌ مركز أهل‌ البيت‌ وَرَثة‌ الرسول‌ الاكرم‌. وهم‌ ممّن‌ كانوا منقادين‌ لاوامرهم‌، ونيفّذونها بنحو أكمل‌ وأتمّ.

 فانظروا ماذا سيجزي‌ في‌ تلك‌ الفترات‌ المظلمة‌ الطويلة‌ علی أهل‌ البيت‌ بخاصّة‌ علی الائمّة‌ الذين‌ كان‌ لهم‌ عنوان‌ الرئاسة‌ والزعامة‌؟!

 وكانت‌ المشاركة‌ في‌ صلاة‌ الجمعة‌ والجماعة‌ واجبة‌ من‌ جهة‌، وإذا لم‌يحضر أحد يؤاخذه‌ الوإلی‌، ومن‌ جهة‌ أُخري‌ كان‌ حاكم‌ المدينة‌ يمجّد ويعظّم‌ رؤساءه‌ في‌ كلّ خطبة‌. ويسبّ عليّاً عليه‌ السلام‌ حتّي‌ عصر عمربن‌ عبدالعزيز، ويعدّ مثالب‌ الاعداء فضائل‌ لاهل‌ البيت‌، وعلی العكس‌ فضائل‌ أهل‌ البيت‌ مثالب‌ الاعداء. سُبْحَانَ اللَهِ! أيّ قلب‌ للحقائق‌ هذا! وأيّ تحريف‌ في‌ القول‌ والعمل‌؟!

 مع‌ هذه‌ الاحوال‌، علی أئمّة‌ الشيعة‌ عليهم‌ السلام‌ أن‌ يجلسوا تحت‌ منابر وعّاظ‌ السلاطين‌ ويستمعوا. فإذا نهضوا للمناقشة‌، فإنّ عملهم‌ هذا يمسّ أصل‌ الجهاز الحاكم‌، ويعدّ مسّاً للسلطات‌ العليا. وكنّا نري‌ ونلاحظ‌ ماذا يستتبع‌ من‌ عواقب‌ وخيمة‌. وإذا سكتوا ولم‌ يُدافعوا، فأيّ غيور يتحمّل‌ قدفَ فاتح‌ بدر وأُحد وخيبر وحُنين‌ بحبّ الدنيا والرئاسة‌، وعدّ أُولئك‌ الاوغاد الجبناء محبّين‌ للإسلام‌ مفكِّرين‌ بالمصلحة‌ العامّة‌؟!

 أنا كلّما أفكّر، لا أتصوّر مصيبة‌ أعظم‌ من‌ هذه‌ المصيبة‌، ولا أخال‌ عناءً وموتاً بطيئاً أمرّ وأشدّ من‌ هذا العناء وهذا الموت‌ البطي‌ء.

 كان‌ الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ الصلاة‌ والسلام‌ يواجه‌ هذه‌ المشكلات‌، ولولا سكوته‌ لما بقي‌ اسم‌ للمذهب‌ الشيعيّ والحديث‌ الإماميّ. ولرُمي‌ بيته‌ بالحجارة‌، وأُحرق‌، وأُسقط‌ سقفه‌ علی الاحياء. ولو سكت‌ فسكوته‌ يعني‌ تأييد تلك‌ الخطب‌ الباطلة‌ التي‌ تُلقي‌ لتثبت‌ حكم‌ السلطان‌، وسير الاُمور في‌ نقطة‌ مضادّة‌ للحقّ، وسيتماشي‌ مع‌ الباطل‌.

 فلهذا نجد إمامنا ووليّنا الفاني‌ الناطق‌ الساكت‌، ومُظهر المعجزة‌ كان‌ يعترض‌ ويدافع‌ في‌ كلماته‌ بين‌ الحين‌ والآخر كي‌ لا يتغلّب‌ الباطل‌ ويشوّه‌ وجه‌ الحقيقة‌ بصدأ التمويه‌ والخدع‌ والمكر الفاسد. ولم‌ يَدَع‌ عليه‌ السلام‌ النطق‌ بالحقّ في‌ مثل‌ هذه‌ المواقف‌ وإن‌ أدّي‌ ذلك‌ إلی‌ قتله‌ والقضاء عليه‌. لانّ للحياة‌ شأنها واعتبارها إلی‌ درجة‌ معيّنة‌ مادامت‌ لا تُفضي‌ إلی‌ التجريد من‌ الشرف‌ الرفيع‌، وإلاّ فالموت‌ خير من‌ الحياة‌ حينئذٍ.

 

خطبة‌ وإلی‌ المدينة‌ واعتراض‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌

 روي‌ الشيخ‌ الطوسيّ في‌ أمإلیه‌ عن‌ الشيخ‌ المفيد بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ عبدالله‌ بن‌ سليمان‌ التميميّ، قال‌: لمّا قُتل‌ محمّد وإبراهيم‌ ابنا عبدالله‌ بن‌ الحسن‌ بن‌ الحسن‌ عليه‌ السلام‌، صار إلی‌ المدينة‌ رجل‌ يقال‌ له‌ شَيْبَة‌ بن‌ غفال‌، ولاّه‌ المنصور علی أهلها. فلمّا قدمها، وحضرت‌ الجمعة‌، صار إلی‌ مسجد النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ فرقي‌ المنبر وحمد الله‌ وأثني‌ عليه‌، ثمّ قال‌: أَمَّا بَعْدُ، فَإنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ شَقَّ عَصَا المُسْلِمِينَ، وَحَارَبَ المُؤْمِنِينَ، وَأَرَادَ الاَمْرَ لِنَفْسِهِ، وَمَنَعَهُ أَهْلُهُ، فَحَرَّمَهُ اللَهُ عَلَيْهِ وَأَمَاتَهُ بِغُصَّتِهِ. وَهَؤلاَءِ وُلْدُهُ يَتَّبِعُونَ أَثَرَهُ فِي‌ الفَسَادِ وَطَلَبِ الاَمْرِ بِغَيْرِ اسْتِحقَاقٍ لَهُ، فَهُمْ فِي‌ نَوَاحِي‌ الاَرْضِ مَقْتُولُونَ، وَبِالدِّمَاءِ مُضَرَّجُونَ.

 فعظم‌ هذا الكلام‌ منه‌ علی الناس‌، ولم‌ يجسر أحد منهم‌ ينطق‌ بحرفٍ. فقام‌ إلیه‌ رجل‌ عليه‌ إزار قومسيٌّ سخين‌، فقال‌:

 وَنَحْنُ نَحْمَدُ اللَهَ وَنُصَلِّي‌ علی مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّنَ وَسَيِّدِ المُرْسَلِينَ، وَعلی رُسُلِ اللَهِ وَأَنْبِيَائِهِ أَجْمَعِينَ! أَمَّّا مَا قُلْتَ مِنْ خَيْرٍ فَنَحْنُ أَهْلُهُ، وَمَا قُلْتَ مِنْ سُوءٍ فَأَنْتَ وَصَاحِبُكَ بِهِ أَوْلَي‌. فَاخْتَبِرْ يَا مَنْ رَكِبَ غَيْرَ رَاحِلَتِهِ، وَأَكَلَ غَيْرَ زَادِهِ! ارْجِعْ مَأْزُوراً!

 ثمّ أقبل‌ علی الناس‌، فقال‌:

 أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَخْلَي‌ النَّاسِ مِيزَاناً يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَبِينَهِمْ خُسْرَاناً؟ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ، وَهُوَ هَذَا الفَاسِقُ!

 فأسكت‌ الناس‌، وخرج‌ الوإلی‌ من‌ المسجد لم‌ ينطق‌ بحرفٍ. فسألتُ عن‌ الرجل‌، فقيل‌ لي‌: هَذَا جَعْفَرُ مُحَمَّدِ بْنَ عَلِيَّ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ صَلَواتُ اللَهِ عَلَيْهِمْ. [23]

 وروي‌ في‌ « علل‌ الشرائع‌ » بسنده‌ عن‌ الربيع‌ صاحب‌ المنصور قال‌: قال‌ المنصور يوماً لابي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ وقد وقع‌ المنصور ذباب‌ فذبّه‌ عنه‌، ثمّ وقع‌ عليه‌ فذبّه‌ عنه‌، ثمّ وقع‌ عليه‌ فذبّه‌ عنه‌، فقال‌: يا أبا عبدالله‌! لايّ شي‌ءٍ خَلَقَ الله‌ عزّوجل‌ الذبابَ؟ قال‌: لِيُذِلَّ بِهِ االجَبَّارِينَ.[24]

 روي‌ الشيخ‌ الصدوق‌ بسنده‌ عن‌ الإمام‌ أبي‌ عبدالله‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: كنتُ قد زياد بن‌ عبيدالله‌ وجماعة‌ من‌ أهل‌ بيتي‌، فقال‌: يا بني‌ عليٍّ وفاطمة‌! ما فضلكم‌ علی الناس‌؟ فسكتوا، فقلتُ: إنّ مِنْ فَضْلِنَا علی النَّاسِ أَ نَّا لاَ نُجِبُّ أَنْ نَكُونَ مِنْ أَحَدٍ سِوَانَا، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ لاَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنَّا إلاَّ أَشْرَكَ!

 ثمّ قال‌: ارْوُوا هَذَا الحَدِیث.[25]

 وقال‌ آية‌ الله‌ المظفّر بعد نقل‌ هذه‌ القصّة‌ في‌ كتابه‌ بدون‌ كلمة‌ إلاَّ أَشْرَكَ: لقد جاءه‌ بالمُسكِت‌. وهذه‌ الكلمة‌ علی اختصارها جمعت‌ الفضائل‌، وأغنت‌ عن‌ الدلائل‌. [26]

قتل‌ المعلی بن‌ خنيس‌ ومصادرة‌ أموال‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌

 وكان‌ داود بن‌ عليّ بن‌ عبدالله‌ بن‌ العبّاس‌ ( عمّ المنصور الدوانيقيّ ) وإلیاً علی المدينة‌ من‌ قبل‌ المنصور، فأرسل‌ خلف‌ المعلی بن‌ خُنيس‌ مولي‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، وأراد أن‌ يدلّه‌ علی أصحاب‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ وخواصّه‌، فتجاهل‌ عليه‌ المعلی بمعرفتهم‌، فألحّ عليه‌، ثمّ هدّده‌ بالقتل‌، فقال‌ له‌ المعلی:

 أَبَالقَتْلِ تُهَدِّدُنِي‌؟ وَاللَهِ لَوْ كَانُوا تَحْتَ قَدَمِي‌ مَا رَفَعْتُ قَدَمِي‌ عَنْهُمْ. وَإنْ أَنْتَ قَتَلْتَنِي‌ يُسْعِدْنِي‌، وَأَشْقَيْتُكَ!

 فلمّا رأي‌ داود شدّة‌ امتناع‌ المعلی، قتله‌، واستلب‌ أمواله‌، وكانت‌ للصادق‌ عليه‌ السلام‌.

 فلمّا بلغ‌ الصادق‌ ذلك‌ قام‌ مغضباً يجرّ رداءه‌ ودخل‌ علی داود، وقال‌ له‌: قَتَلْتَ مَوْلاَيَ وَأَخَذْتَ مَإلی‌! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الرَّجُلَ يَنَامُ علی الثَّكْلِ وَلاَ يَنَامُ علی الحَرَبِ؟!

 ثمّ إنّ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ طلب‌ منه‌ القِوَدَ، فقدّم‌ له‌ قاتله‌ فقتله‌ به‌، وهو صاحب‌ شرطته‌. ولمّا قدّموه‌ ليقتل‌ اقتصاصاً جعل‌ يصيح‌: يأمروني‌ أن‌ أقتل‌ لهم‌ الناس‌، ثمّ يقتلونني‌!

 ثمّ إنّ داود بعد ذلك‌ أرسل‌ خمسة‌ من‌ الحرس‌ خلف‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، وقال‌ لهم‌: ائتوني‌ به‌. فإن‌ أبي‌ فائتوني‌ برأسه‌! فدخلوا عليه‌ وهو يصلّي‌، فقالوا: أجب‌ داود! قال‌: فإن‌ لم‌ أُجب‌. قالوا: أُمرنا ب‌.مرٍ. قال‌: انصَرِفُوا فَإنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ فِي‌ دُنيَاكُمْ وَآخِرَتِكُمْ! فأبوا إلاّ خروجه‌. فرفع‌ يديه‌ فوضعهما علی منكبيه‌، ثمّ بسطهما، ثمّ دعا بسبّابته‌، فسُمع‌ يقول‌: السَّاعَةَ! السَّاعَةَ! حَتَّي‌ سُمِعَ صُرَاخٌ عَالٍ. فَقَالَ لَهُمْ: إنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ مَاتَ، فَانْصَرَفُوا. [27]

 وذكر الكلينيّ، والحافظ‌ رجب‌ البُرسيّ، وابن‌ شهرآشوب‌ مضمون‌ هذه‌ القصّة‌ ومحتواها. [28]

 أجل‌، هذه‌ بعض‌ المواقف‌ التي‌ سجّلها الإمام‌ عليه‌ السلام‌ مقاوماً أمام‌ أبي‌ الدوانيق‌، مؤاخِذاً إيّاه‌ أو مؤاخذِاً ولاته‌ المنصوبين‌ علی المدينة‌ من‌ قبله‌، وإن‌ أدّي‌ ذلك‌ إلی‌ مقتله‌ وبذل‌ مهجته‌ وإبداء صفحته‌ للسيف‌.

 كان‌ المعلی بن‌ خُنَيْس‌ من‌ الرواة‌ الموثّقين‌، ومن‌ أهل‌ الجنّة‌. دعا الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بالخير له‌. وعيبه‌ الوحيد أ نّه‌ كان‌ يكشف‌ أسرار الإمام‌، ويتحدّث‌ بما عنده‌ من‌ أسرار ملكوتيّة‌ أمام‌ المناوئين‌. ومنعه‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ مراراً، فلم‌ يمتنع‌، حتّي‌ أفضي‌ ذلك‌ إلی‌ شهرته‌، فدعاه‌ وإلی‌ المدينة‌ من‌ بين‌ أصحاب‌ الإمام‌ ليدلّه‌ عليهم‌، بَيدَ أ نّه‌ صمد ولم‌ يبح‌ بشي‌ء حتّي‌ قُتل‌ وصُلِبَ وسُلِبَ.

 الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌ تحت‌ الإقامة‌ الجبريّة‌ في‌ المدينة‌.

 علی الرغم‌ من‌ جميع‌ ما ذكرناه‌، ومن‌ تلك‌ الرِّحلات‌ العديدة‌، والمحاورات‌ التي‌ كانت‌ للإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ مع‌ المنصور، وكلماته‌ المنطقيّة‌ العلميّة‌ التي‌ أعيت‌ المنصور عن‌ الجواب‌، بَيدَ أ نّه‌ لم‌ يكن‌ مختاراً في‌ كلامه‌ وبيانه‌ وتدريسه‌ ولقائه‌ أُولي‌ الإقبال‌ والإيمان‌. فقد كان‌ خاضعاً لرقابه‌ المنصور وولاته‌ الجائرين‌ وجواسيسه‌ المتنوّعين‌، وكان‌ محرَجاً من‌ بعض‌ المتردّدين‌ عليه‌ حتّي‌ جاز لنا أن‌ نقول‌: إنّه‌ كان‌ تحت‌ الإقامة‌ الجبريّة‌، يُسمح‌ له‌ بالخروج‌ من‌ المدينة‌ ولقاء أرباب‌ الولاية‌.

 روي‌ الشيخ‌ الكشِّيّ بسنده‌ عن‌ عَنْبَسة‌ قال‌: سمعت‌ أبا عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ يقول‌: أَشْكُو إلی‌ اللَهِ وَحْدَتِي‌، وَتَقَلْقُلِي‌ مِنْ أهْلِ المَدِينَةِ حَتَّي‌ تَقْدَمُوا، وَأَرَاكُمْ وَأُسَرَّ بِكُمْ. قَلَيْتَ هَذِهِ الطَّاغِيَةَ أَذِنَ لِي‌ فَاتَّخَذْتُ قَصْراً فَسَكَنْتُهُ وَأَسْكَنْتُكُمْ مَعِي‌، وَأَضْمَنُ لَهُ أَنْ لاَ يَجِي‌ءَ مِنْ نَاحِيَتِنَا مَكْرُوهٌ أَبَداً. [29]

 وروي‌ أيضاً بسنده‌ عن‌ عيص‌ بن‌ القاسم‌ قال‌: دخلتُ علی أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ مع‌ خإلی‌ سليمان‌ بن‌ خالد، فقال‌ لخإلی‌: مَن‌ هَذَا الفتي‌؟! قال‌: هذا ابن‌ أُختي‌! قال‌: فَيَعْرِفُ أَمْرَكُمْ؟! فقال‌ له‌: نعم‌! فقال‌: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ لَمْ يَجْعَلْهُ شَيْطَاناً. ثمّ قال‌: يَا لَيْتَنِي‌ وَإيَّاكُمْ بِالطَّائِفِ، أُحَدِّثُكُمْ وَتُؤْنِسُونِّي‌، وَأَضْمَنُ لَهُمْ أَنْ لاَ نَخْرُجَ عَلَيْهِمْ أَبَداً. [30]

 أجل‌، ها نحن‌ نريد أن‌ نختم‌ البحث‌ الاوّل‌ المرتبط‌ بموقع‌ الإمام‌ جفعر الصادق‌ عليه‌ السلام‌ وعلاقاته‌ بالمنصور، ثمّ ندخل‌ في‌ البحث‌ الثاني‌ الذي‌ يدور حول‌ مدرسة‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ وعلومه‌ وتلاميذه‌. فمن‌ المناسب‌ أن‌ نسرد محصّلة‌ لابحاث‌ الماضي‌ في‌ سياق‌ تثبيتها وتقريرها، بألفاظٍ للمتسشار عبدالحليم‌ الجنديّ:

 من‌ كلام‌ لافلاطون‌ قال‌ فيه‌: السُّلْطَانُ كَرَاكِبِ الاَسَدِ، يَهَابُهُ النَّاسُ وَهُوَ لِمَرْكُوبِهِ أَهْيَبُ.

 

ارجاعات


[1] ـ في‌ «مجمع‌ البحرين‌»: وفي‌ الدعاء: «العنان‌ المكفوف‌» أي‌: الممنوع‌ من‌ الاسترسال‌ أن‌ يقع‌ علی‌ الارض‌، وهي‌ معلّقة‌ بلا عَمَدٍ.

[2] ـ في‌ «أقرب‌ الموارد»، مادّة‌ نغنغ‌: النُّغْنُغ‌: اللحمة‌ في‌ الحلق‌ عند اللهازم‌. وقيل‌: موضع‌ بين‌ اللهاة‌ وشوارب‌ الحنجور وـ الذي‌ يكون‌ فوق‌ عنق‌ البعير إذا احترَّ تحرّك‌ وـ عرف‌ الدِّيك‌ وقيل‌ ما سال‌ تحت‌ منقاره‌ كاللحية‌. والجمع‌ نَغَانِغ‌.

[3] ـ «الخرائج‌ والجرائح‌»، ص‌ 234؛ و«بحار الانوار» ج‌ 47، ص‌ 170.

[4] ـ الآية‌ 6، من‌ السورة‌ 49: الحجرات‌.

[5] ـ «الامإلی‌» للشيخ‌ الصدوق‌، ص‌ 611؛ و«بحار الانوار» ج‌ 47، ص‌ 167 إلی‌ 169.

[6] ـ «تتمّة‌ المنتهي‌ في‌ وقائع‌ الخلفاء» ص‌ 156 و 157، الطبعة‌ الثالثة‌. وقال‌ في‌ الهامش‌: كان‌ أبو مسلم‌ يقول‌: مثلي‌ مع‌ العبّاسيّين‌ مثل‌ رجل‌ من‌ الصالحين‌ رأي‌ عظام‌ أسد، فدعا الله‌ تعإلی‌ فأحياه‌. ولمّا حيي‌، قال‌ له‌: لك‌ علی حقّ عظيم‌، لكن‌ المصلحة‌ تفتضي‌ أن‌ أقتلك‌. إذ إنّك‌ مستجاب‌ الدعوة‌! فلعلّك‌ تدعو الله‌ تعإلی‌ مرّة‌ أُخري‌ فيُميتني‌، أو يخلق‌ أسداً أقوي‌ منّي‌ فيكون‌ سبباً لضرري‌، فمصلحتي‌ تستوجب‌ قتلك‌. وهكذا العبّاسيّون‌ فإنّهم‌ حين‌ استقووا بي‌ رأوا من‌ مصلحتهم‌ أن‌ يقتلوني‌. وجملة‌ القول‌ أ نّه‌ قد حدث‌ ما قال‌. واستشار أبو جعفر المنصور أحد العقلاء في‌ قتله‌. فقال‌ له‌: لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلاَّت‌ اللَهُ لَفَسَدَتَا (الآية‌ 22، من‌ السورة‌ 21: الانبياء) فصلاحك‌ في‌ قتله‌. وربّما أراد المنصور قتله‌، فقال‌ له‌ أبو مسلم‌: أبقتني‌ لاعدائك‌، فقال‌: أيّ عدوٍّ لي‌ أكبر منك‌؟! ولمّا قُتل‌ أبو مسلم‌ استقرّ الحكم‌ للعبّاسيّين‌. وعن‌ «ربيع‌ الابرار» للزمخشريّ قال‌: كان‌ أبو مسلم‌ يقول‌ في‌ عرفات‌: اللهمّ إنّي‌ تائبٌ إلیك‌ ممّا لا أظنّك‌ تغفره‌ لي‌! فقيل‌ له‌:

 أيعظم‌ علی‌ الله‌ غفران‌ ذنبٍ؟ فقال‌: إنّي‌ نسجتُ ثوبَ ظلمٍ لا يبلي‌ مادامت‌ الدولة‌ لنبي‌ العبّاس‌. فكم‌ مِن‌ صارخةٍ تلعنني‌ عند تفاقم‌ الظلم‌! فكيف‌ يُغفر لمن‌ هذا الخلق‌ خضماؤه‌؟! (ج‌ 3، ص‌ 497، تحقيق‌ د. سليم‌ النعيميّ، دار الذخائر، قم‌، 1410 ه.)

[7] ـ الدليل‌ علی‌ أنّ العبّاسيّين‌ ووزراءهم‌ وعمّالهم‌ كانوا يريدون‌ القضاء علی‌ أهل‌ البيت‌ هو أنّ أبا مسلم‌ الخراسانيّ قتل‌ عبدالله‌ بن‌ معاوية‌ بن‌ عبدالله‌ بن‌ جعفر بن‌ أبي‌ طالب‌ لا لذنب‌ إلاّ لا نّه‌ علويّ. قال‌ عبدالحليم‌ الجنديّ في‌ الهامش‌: خرج‌ هذا الرجل‌ علی‌ بني‌ مروان‌ سنة‌ 127 في‌ الري‌ بخراسان‌، ثمّ استسلم‌ لابي‌ مسلم‌ بعد إذ ظفر الاخير بجيوش‌ بني‌ مروان‌. وكتب‌ إلیه‌ يستعطفه‌ بقوله‌: من‌ الاسير بين‌ يديه‌ بلا ذَنبٍ إلیهِ وَلاَ خِلاف‌ علیه‌. فإنّ الناس‌ من‌ حوضك‌ رواء ونحن‌ ظماء، رزقنا الله‌ منك‌ التحنّن‌... فإنّك‌ أمينٌ مستودعٌ ورائد مصطنع‌ والسلام‌ علیكم‌ ورحمة‌ الله‌. ولم‌ يُطلقه‌ أبو مسلم‌، بلا أورده‌ حتفه‌. وقيل‌: سمّه‌.

[8] ـ كتاب‌ «الإمام‌ جعفر الصادق‌» تخريج‌ جمهوريّة‌ مصر العربيّة‌، المجلس‌ الاعلی‌ للشؤون‌ الإسلاميّة‌، ص‌ 74 و 75.

 سرد أحمد أمين‌ بك‌ المصريّ هذه‌ القصّة‌ في‌ كتاب‌ «ضحي‌ الإسلام‌» ج‌ 3، ص‌ 262، بالنحو الآتي‌: حكي‌ المسعوديّ أنّ أبا سَلِمة‌ (داعية‌ العبّاسيّين‌) حين‌ بلغه‌ مقتل‌ إبراهيم‌ الإمام‌ أضمر الرجوع‌ ـ عمّا كان‌ علیه‌ من‌ الدعوة‌ العبّاسيّة‌ ـ إلی‌ آل‌ أبي‌ طالب‌. فبعث‌ بكتابين‌ مع‌ رسولٍ إلی‌ المدينة‌. أحدهما إلی‌ جعفر (الصادق‌)، والآخر إلی‌ عبدالله‌ بن‌ الحسن‌ بن‌ الحسن‌ بن‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌. فلمّا وصل‌ الرسول‌ إلی‌ جعفر أعلمه‌ أ نّه‌ رسول‌ أبي‌ سَلِمَة‌ ودفع‌ إلیه‌ كتابه‌ ليلاً. فقال‌ جعفر: وأنا وأبو سَلِمة‌؟! وأبو سَلِمة‌ شيعةٌ لغيري‌؟ قال‌ له‌: إنّي‌ رسول‌، فتقرأ كتابه‌ وتجيبه‌ بما رأيتَ. فدعا جعفر بسراج‌، ثمّ أخذ كتاب‌ أبي‌ سلمة‌ فوضعه‌ علی‌ السراج‌ حتّي‌ احترق‌، وقال‌ للرسول‌: عرِّف‌ صاحبك‌ بما رأيتَ! ثمّ تمثّل‌ بقول‌ الكميت‌.

 ايا مُوقِداً ناراً لغيرّك‌ ضَوؤها                  ویاحاطِباً في‌ غير حَبلك‌ تحطِبُ

 فخرج‌ الرسول‌ من‌ عنده‌. («مروج‌ الذهب‌» ج‌ 2، ص‌ 166 ).

[9] ـ هو جعفر بن‌ محمّد بن‌ الاشعث‌ بن‌ قيس‌. جدّه‌ الاشعث‌ صهر أبي‌ بكر علی‌ أُخته‌. كان‌ من‌ أعداء أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ وشريك‌ ابن‌ ملجم‌ في‌ دم‌ الإمام‌. وكان‌ نجله‌ محمّد من‌ أُمراء جيش‌ ابن‌ زياد في‌ واقعة‌ الطفّ وممّن‌ اشترك‌ في‌ قتل‌ سيّد الشهداء علیه‌ السلام‌. وابنته‌ جُعدة‌ زوجة‌ الإمام‌ الحسن‌ علیه‌ السلام‌، وهي‌ التي‌ سمّته‌ وقتلته‌. ولهذا تعدّ أُسرة‌ الاشعث‌ من‌ النواصب‌ ومن‌ أعداء آل‌ محمّد، وما يُستشفُّ من‌ هذه‌ الرواية‌ هنا أنّ ابن‌ محمّد وهو جعفر قد تشيّع‌ لا نّه‌ سمع‌ خال‌ أبيه‌ ابن‌ مهاجر يتحدّث‌ عن‌ علم‌ الغيب‌ عند الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ وعن‌ إعجازه‌.

[10] ـ المحدَّث‌ بصيغة‌ اسم‌ المفعول‌ يُطلَقُ علی‌ من‌ تُحدِّثه‌ الملائكة‌ من‌ غير أن‌ يراها، فتنكشف‌ له‌ من‌ العوالم‌ الغيبيّة‌ بهذا المقدار. وهذا ليس‌ وحياً. وروي‌ العامّة‌ والخاصّة‌ عن‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ أ نّه‌ قال‌ ما مضمونه‌: في‌ أُمّتي‌ مُحَدَّثون‌. منهم‌ الصِّدِّيقة‌ الكبري‌ فاطمة‌ الزهراء سلام‌ الله‌ علیها فقد كانت‌ محدَّثة‌.

[11] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1، ص‌ 475، الرواية‌ 6، كتاب‌ الحجّة‌.

[12] ـ «الخرائج‌ والجرائح‌» ص‌ 244؛ «بحار الانوار» ج‌ 47، ص‌ 172، عن‌ «الخرائج‌».

[13] ـ «الخرائج‌ والجرائح‌» ص‌ 234؛ و«بحار الانوار» ج‌ 47، ص‌ 171، عن‌ «الخرائج‌».

[14] ـ قال‌ العلاّمة‌ المجلسيّ رضوان‌ الله‌ علیه‌ في‌ بيانه‌: في‌ «القاموس‌» المِخْصَرَة‌ كمِكْنَسَة‌ ما يُتَوكّأ علیها كالعصا ونحوه‌. وما يأخذه‌ الملك‌ يُشير به‌ إذا خاطب‌، والخطيب‌ إذا خطب‌.

[15] ـ «المناقب‌» ج‌ 3، ص‌ 364؛ و«بحار الانوار» ج‌ 47، ص‌ 180.

[16] ـ نقّبتُ عن‌ هذه‌ الرواية‌ فوجدتها في‌ كتاب‌ «الاثني‌ عشريّة‌ في‌ المواعظ‌ العدديّة‌» ص‌ 72، باب‌ الثلاثيّات‌، الفصل‌ التاسع‌. لكن‌ جاءت‌ كلمة‌ «فَازْدَدْ» بدل‌ «فَازْوَد»، و«فَفَرَقٌ» مكان‌ «نَفْرق‌». كذلك‌ ذكرها في‌ كتاب‌ «روضات‌ الجنّات‌» ج‌ 4، ص‌ 65، الطبعة‌ الحديثة‌، في‌ ترجمة‌ سفيان‌ الثوريّ نقلاً عن‌ «الاثني‌ عشريّة‌».

[17] ـ قال‌ المحدِّث‌ القمّيّ في‌ كتاب‌ «تتمّة‌ المنتهي‌ في‌ أيّام‌ الخلفاء» ص‌ 211 و 212، الطبعة‌ الثالثة‌، ما تعريبه‌: توفّي‌ سفيان‌ بن‌ سعيد الثوريّ (بفتح‌ المثلّثة‌) المنسوب‌ إلی‌ «ثور تميم‌» بالبصرة‌ في‌ أوّل‌ سنة‌ 161. قال‌ الدميريّ: كان‌ سفيان‌ من‌ أهل‌ الكوفة‌. سئل‌ مرّة‌ عن‌ عثمان‌ وعلی، فقال‌: أهل‌ البصرة‌ يفضّلون‌ عثمان‌، وأهل‌ الكوفة‌ يفضّلون‌ علیاً علیه‌ السلام‌. فقيل‌ له‌: وأنت‌؟! قال‌: أنا من‌ أهل‌ الكوفة‌. أي‌: أقول‌ بتفضيل‌ علی علیه‌ السلام‌ ـ انتهي‌... ووردت‌ أحاديث‌ كثيرة‌ عن‌ الإماميّة‌ في‌ ذمّة‌.

 وفي‌ رواية‌ «الكافي‌» عندما جاء إلی‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ ووجده‌ قد ركب‌ دابّته‌، قال‌ له‌: حدّثنا بحديث‌ خطبة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ في‌ مسجد الخيف‌. فقال‌: دعني‌ حتّي‌ أذهب‌ في‌ حاجي‌ فإنّي‌ قد ركبت‌ حدّثتني‌. قال‌: فنزل‌. فقال‌ له‌ سفيان‌: مُر لي‌ بدواة‌ وقرطاس‌ حتّي‌ أُثبته‌، فدعا به‌، ثمّ قال‌: اكتب‌: بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌، خطبة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ في‌ مسجد الخَيْف‌: نَضَّرَ اللهُ عبداً سمع‌ مقالتي‌ فوعاها وبلّغها إلی‌ من‌ لم‌ يبلغه‌. يا أيّها الناس‌ ليبلّغ‌ الشاهد الغائب‌ فُرَبَّ حامل‌ فقه‌ ليس‌ بفقيه‌، ورُبَّ حامل‌ فقه‌ إلی‌ مَن‌ هو أفقه‌ منه‌. ثلاثٌ لا يغلّ علیهنّ قلب‌ امري‌ مسلم‌: إخلاص‌ العمل‌ للّه‌، والنصيحة‌ لائمّة‌ المسلمين‌، واللزوم‌ لجماعتهم‌، فإنّ دعوتهم‌ محيطةٌ من‌ ورائهم‌. المؤمنون‌ إخوةٌ تتكافي‌ دماؤهم‌، وهم‌ يدٌ علی‌ مَن‌ سواهم‌، يسعي‌ بذمّتهم‌ أدناهم‌. فكتبه‌ سفيان‌ ثمّ عرضه‌ علیه‌ وركب‌ أبو عبدالله‌ في‌ حاجته‌، ورجع‌ سفيان‌. فلمّا كان‌ في‌ بعض‌ الطريق‌ فكّر في‌ قوله‌: النصيحة‌ لائمّة‌ المسلمين‌ فعرف‌ أنّ المراد أميرالمؤمنين‌ وأولاده‌. وخرق‌ الكتاب‌ وقال‌ لرفيقه‌: لا تخبر به‌ أحداً.

 وحكي‌ هذا الحديث‌ مفصّلاً المحقّق‌ العظيم‌ السيّد علی‌ خان‌ المدنيّ الشيرازيّ في‌ «شرح‌ الصحيفة‌ الكاملة‌ السجّاديّة‌». ونحن‌ نذكره‌ هنا عن‌ الجزء الثاني‌ من‌ «تلخيص‌ الرياض‌» ص‌ 111 إلی‌ 113: روي‌ الكلينيّ في‌ «الكافي‌» بسنده‌ عن‌ الحاكم‌ بن‌ مسكين‌، عن‌ رجلٍ من‌ قريش‌ من‌ أهل‌ مكّة‌ قال‌: قال‌ سفيان‌ الثوريّ: اذهب‌ بنا إلی‌ جعفر بن‌ محمّد. قال‌: فذهبتُ معه‌ إلیه‌، فوجدناه‌ قد ركب‌ دابّته‌. ثمّ نقل‌ الرواية‌ كالرواية‌ المرويّة‌ عن‌ «منتهي‌ الآمال‌». وزاد في‌ آخرها أنّ ذلك‌ الرجل‌ قال‌: فلمّا كنّا في‌ بعض‌ الطريق‌ قال‌ لي‌: كما أنتَ حتّي‌ أنظر في‌ هذا الحديث‌! فقلتُ له‌: قد والله‌ ألزم‌ أبو عبدالله‌ علیه‌ السلام‌ رقبتكَ شيئاً لا يذهب‌ من‌ رقبتك‌ أبداً! فقال‌: وأيُّ شي‌ءٍ ذلك‌؟! فقلتُ له‌: ثلاث‌ لا يغلّ علیهنّ قلبُ امري‌ مسلم‌، إخلاص‌ العمل‌ للّه‌ قد عرفناه‌، والنصيحة‌ لائمّة‌ المسلمين‌. من‌ هؤلاء الائمّة‌ الذين‌ تجب‌ علینا نصيحتهم‌؟! معاوية‌ بن‌ أبي‌ سفيان‌، ويزيد بن‌ معاوية‌، ومروان‌ بن‌ الحكم‌، وكلّ مَن‌ لا تجوز شهادته‌ عندنا ولا تجوز الصلاة‌ خلفهم‌؟! وقوله‌: واللزوم‌ لجماعتهم‌، فأيّ الجماعة‌؟ مُرجي‌ يقول‌: مَن‌ لم‌ يُصلّ، ولم‌ يَصُم‌، ولم‌ يغتسل‌ من‌ جنابة‌، وهدم‌ الكعبة‌، ونكح‌ أُمّه‌ فهو علی‌ إيمان‌ جبرئيل‌ وميكائيل‌؟ أو قَدَريّ يقول‌: لا يكون‌ ما شاءالله‌ عزّ وجلّ، ويكون‌ ما شاء إبليس‌؟ أو حَرُوريّ يتبرّأ من‌ علی بن‌ أبي‌ طالبٍ وشَهِدَ علیه‌ بالكفر؟ أو جَهميّ يقول‌: إنّما هي‌ معرفة‌ الله‌ وحدو ليس‌ الإيمان‌ شي‌ء غيرها؟ قال‌: وَيْحَكَ! وأيّ شي‌ء يقولون‌؟ فقلتُ: يقولون‌: إنّ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ واللَهِ الإمام الذي‌ يجب‌ علینا نصيحته‌، ولزوم‌ جماعتهم‌ أهل‌ بيته‌، قال‌: فأخذ الكتاب‌ فخرقه‌، ثمّ قال‌: لا تُخبر بها أحداً!

[18] ـ جاءت‌ في‌ كتاب‌ «مطالب‌ السئول‌» ص‌ 72، معلومات‌ حول‌ وصيّة‌ الإمام‌ لسفيان‌ في‌ العُزلة‌ والخمول‌ والصمت‌.

[19] ـ ذكر هذا المضمون‌ مع‌ استشهاد الإمام‌ بالآيات‌ القرآنيّة‌ في‌ تحقّق‌ هذه‌ الاُمور، في‌ أواخر ص‌ 81، من‌ كتاب‌ «مطالب‌ السئول‌».

[20] ـ ذكر المحدِّث‌ القمّيّ صدر هذه‌ الرواية‌ مرسلاً مع‌ بيتين‌ من‌ الابيات‌ المذكورة‌ في‌ «منتهي‌ الآمال‌» ج‌ 2، ص‌ 89، طبعة‌ «علميّة‌ إسلاميّة‌» الرحليّة‌، وج‌ 2، ص‌ 253، الطبعة‌ الحديثة‌ لمؤسّسة‌ انتشارات‌ هجرت‌. وأورد في‌ «تتمّة‌ المنتهي‌» ص‌ 211، الطبعة‌ الثالثة‌. ما أورده‌ في‌ «منتهي‌ الآمال‌» مع‌ إضافة‌ ذيلها اعتباراً من‌ ثمّ استزاده‌ الثوريّ إلی‌ قوله‌: فقمت‌ وانصرفت‌.

[21] ـ «تتمّة‌ المنتهي‌» ص‌ 211، الطبعة‌ الثالثة‌.

وذکر فی کتاب« مطالب السئول» ص 82، انّ رجلا من أهل السواد یلزم جعفرا ففقده، فسأل عنه. فقال له رجل یرید أن یستنقص به: إنّه لبطیء. فقال الإمام علیه السلام: أصل الرجل عقله و حسبه دینه وکرمه تقواه و الناس فی آدم مستوون.فاستحیی ذلک القائل.

[22] ـ سنون‌ الحكومة‌ الامويّة‌ والمروانيّة‌

ذكر المستشار عبدالحليم‌ الجنديّ الذي‌ يعدّ من‌ أركان‌ المجلس‌ الاعلی‌ للشؤون‌ الإسلاميّة‌ بمصر، في‌ هامش‌ ص‌ 51 من‌ كتابه‌ الثمين‌ «الإمام‌ جعفر الصادق‌» سلاطين‌ بني‌ أُميّة‌ وبني‌ مروان‌ ومدّة‌ حكومتهم‌ بالنحو الآتي‌: بنو أُميّة‌: معاوية‌ ( 41 ـ 60 ) يزيد ( 60 ـ 64 ) معاوية‌ بن‌ يزيد (ثلاثة‌ أشهر في‌ سنة‌ 64 ).

 بنو مروان‌

  مدّة‌ الخلافة

 مروان‌ بن‌ الحكم

64-65

عبدالملك‌ بن‌ مروان

64-86

 الوليد بن‌ عبدالملك

86-96

 سليمان‌ بن‌ عبدالملك

96-99

 عمر بن‌ عبدالعزيز بن‌ مروان

99-101

يزيد بن‌ عبدالملك

101-105

هشام‌ بن‌ عبدالملك

105-125

الوليد بن‌ يزيد بن‌ عبدالملك

125-126

 يزيد بن‌ الوليد بن‌ عبدالملك

126

 إبراهيم‌ بن‌ الوليد بن‌ عبدالملك

126

مروان‌ بن‌ محمّد بن‌ مروان

127-132

                                                             ‌

 وذكر المسعوديّ في‌ «مروّج‌ الذهب‌» المدّة‌ التي‌ حكم‌ فيها الامويّون‌ بدقّة‌.

 أقول‌: ونورد فيما يأتي‌ موجزاً لما ذكره‌ المسعوديّ في‌ «مروج‌ الذهب‌» ج‌ 3، ص‌ 249، الطبعة‌ الثانية‌، سنة‌ 1367 ه:

 إلیوم‌                        الشهر                     السنة‌                     اسم‌ الحاكم‌

..                              ..                              20                           معاوية‌ بن‌ أبي‌ سفيان‌

 14                            8                             3                              يزيد بن‌ معاوية‌

 11                            01                            0                              معاوية‌ بن‌ يزيد

 05                            08                            0                              مروان‌ بن‌ الحكم‌

 20                            01                            21                            عبدالملك‌ بن‌ مروان‌

 02                            08                            9                              الوليد بن‌ عبدالملك‌

 15                            06                            2                              سليمان‌ بن‌ عبدالملك‌

 05                            05                            2                              عمر بن‌ عبدالعزيز

 13                            00                            4                              يزيد بن‌ عبدالملك‌

 09                            09                            19                            هشام‌ بن‌ عبدالملك‌

 00                            03                            1                              الوليد بن‌ يزيد بن‌ عبدالملك‌

 10                            02                            0                               يزيد بن‌ الوليد بن‌ عبدالملك‌

 10                            02                            5                              مروان‌ بن‌ محمّد بن‌ مروان‌

-----------------------------------------------------

14 08        90                            بنو أُميّة‌ وأبو العاص‌ (مجموع‌ السنين‌ التي‌ غُصبت‌ فيها الخلافة‌).

 قال‌ المسعوديّ: وأسقطنا أيّام‌ إبراهيم‌ بن‌ الوليد بن‌ عبدالملك‌ كإسقاطنا أيّام‌ إبراهيم‌ بن‌ المهديّ أن‌ يعدّ في‌ الخلفاء العبّاسيّين‌، فتكون‌ الجملة‌ تسعين‌ سنة‌ وأحد عشر شهراً وثلاثة‌ عشر يوماً. يضاف‌ إلی‌ ذلك‌ الثمانية‌ أشهر التي‌ كان‌ مروان‌ يقاتل‌ فيها بني‌ العبّاس‌ إلی‌ أن‌ قُتل‌، فيصير ملكهم‌ إحدي‌ وتسعين‌ سنة‌ وسبعة‌ أشهر وثلاثة‌ عشر يوماً. يُوضَع‌ من‌ ذلك‌ أيّام‌ الحسن‌ بن‌ علی ـ وهي‌ خمسة‌ أشهر وعشرة‌ أيّام‌ ـ وتُوضَع‌ أيّام‌ عبدالله‌ بن‌ الزبير إلی‌ الوقت‌ الذي‌ قُتل‌ فيه‌ ـ وهي‌ سبع‌ سنين‌ وعشرة‌ أشهر وثلاثة‌ أيّام‌ ـ فيصير الباقي‌ بعد ذلك‌ ثلاثاً وثمانين‌ سنة‌ وأربعة‌ أشهر. يكون‌ ذلك‌ ألف‌ شهر سواء. وقد ذكر قوم‌ أنّ تأويل‌ قوله‌ عزّ وجلّ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّن‌ أَلْفِ شَهْرٍ ما ذكرناه‌ من‌ أيّامهم‌.

 * ـ قال‌ المجلسيّ في‌ الجزء التاسع‌ من‌ «البحار» ص‌ 594، في‌ كلام‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ «نهج‌ البلاغة‌» حول‌ مروان‌ بن‌ الحكم‌: أما إنّ له‌ امرةً كلَعْقة‌ كَلب‌: والتشبيه‌ لمدّة‌ ملكه‌ بلعقه‌ الكلب‌ أنفَه‌، للتنبيه‌ علی‌ قصر أمرها، وكانت‌ مدّة‌ إمرته‌ أربعة‌ أشهر وعشراً، وروي‌ ستّة‌ أشهر.

 [23] ـ «أمإلی‌ الطوسيّ» ص‌ 31 و 32، المجلس‌ الثاني‌؛ و«بحار الانوار» ج‌ 47، ص‌ 165؛ وكتاب‌ «الإمام‌ جعفر الصادق‌» للمظفّر، ج‌ 1، ص‌ 120 و 121.

[24] ـ «علل‌ الشرائع‌» ص‌ 496؛ «بحار الانوار» ج‌ 47، ص‌ 166؛ ونقله‌ المظفّر في‌ كتاب‌ «الإمام‌ جعفر الصادق‌» ص‌ 115، عن‌ «نور الابصار» للشبلنجيّ، ص‌ 141، وذكر في‌ ذيله‌ أنّ المنصور سكت‌ علماً منه‌ أ نّه‌ لو ردّ علیه‌ لوخزه‌ بما هو أمضّ جرحاً، وأنفذ طعناً. ومن‌ الغرائب‌ أنّ السيوطيّ نسب‌ هذا الكلام‌ في‌ «تاريخ‌ الخلفاءش‌ ص‌ 269، الطبعة‌ الرابعة‌، إلی‌ مقاتل‌ بن‌ سليمان‌ في‌ قوله‌: روي‌ أنّ المنصور ألحّ علیه‌ ذبابٌ، فطلب‌ مقاتل‌ بن‌ سليمان‌ فسأله‌: لِمَ خلق‌ الله‌ الذبابَ؟! قال‌: ليذلّ به‌ الجبّارين‌.

[25] ـ «علل‌ الشرائع‌» ص‌ 538؛ «بحار الانوار» ج‌ 47، ص‌ 166.

[26] ـ كتاب‌ «الإمام‌ الصادق‌» ج‌ 1، ص‌ 121، طبعة‌ جماعة‌ المدرّسين‌.

[27] ـ «الإمام‌ الصادق‌» للمظفّر، ج‌ 1، ص‌ 120 إلی‌ 122، طبعة‌ جماعة‌ المدرّسين‌ بقم‌.

[28] ـ «الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 562؛ «مشارق‌ أنوار إلیقين‌» ص‌ 111؛ «المناقب‌» ج‌ 3، ص‌ 357؛ «بحار الانوار» ج‌ 47، ص‌ 177 و 181 و 209، الطبعة‌ الحديثة‌.

[29] ـ «اختيار معرفة‌ الرجال‌» ص‌ 233؛ و«بحار الانوار» ج‌ 47، ص‌ 185.

[30] ـ «اختيار معرفة‌ الرجال‌» ص‌ 221.؛ و«بحار الانوار» ج‌ 47، ص‌ 185.

      
  
الفهرس
  الدرس‌ السادس‌ والعشرون‌ بعد المائتين‌ إلی‌ الاربعين‌ بعد المائتين‌:تقدّم‌ الشيعة‌ وتأسيسهم‌
  عظمة‌ الكلمات‌ الآفاقيّة‌ والانفسيّة‌
  كلمات‌ قصار للعلماء في‌ عظمة‌ القلم‌ والكتابة‌
  كلام‌ أبي‌ سعيد في‌ رواية‌ الحديث
  الصحابة‌ يكتبون‌ جميع‌ ما يسمعونه‌ من‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌
  خلاف‌ العامّة‌ في‌ صيغة‌ التشهّد
  تدوين‌ الشيعة‌ الحديث‌ اقتداءً بأئمّتهم‌
  أئمّة‌ العامّة‌ الاربعة‌ من‌ الناس‌ العاديّين‌ في‌ أعصارهم‌
  تدوين‌ الشيعة‌ التابعين‌ للحديث‌
  منزلة‌ أبي‌ حمزة‌ الثمالی‌ّ
  منزلة‌ بُريد، وزرارة‌، ومحمّد بن‌ مسلم‌، وأبي‌ بصير
  كلام‌ الشهرستانيّ في‌ تبجيل‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  ‌ دفاع‌ الشهرستانيّ عن‌ هشام‌ بن‌ الحكم‌
  المدوّنون‌ من‌ أصحاب‌ الإمام‌ الكاظم‌ حتّي‌ العسكري‌ّ عليهما السلام‌
  كلام‌ عبد الحليم‌ الجندي‌ّ في‌ تدوين‌ الشيعة‌ للسنّة‌ النبويّة‌
  الشيخ‌ الطوسي‌ّ والشريفان‌ المرتضي‌ والرضي‌ّ
  السبّاقون‌ في‌ التدوين‌ هم‌ شيعة‌ علی من‌ الصحابة‌ والتابعين‌
  شروط‌ الشيعة‌ في‌ قبول‌ الحديث‌ ممّن‌ يرويه‌
  الشيعة‌ يروون‌ عن‌ أهل‌ السنّة‌ أيضاً
  رواة‌ الشيعة‌ أفذاذ في‌ الحفظ‌ والإتقان‌ والورع‌
  مائة‌ من‌ مشايخ‌ الشيعة‌ كانوا من‌ شيوخ‌ العامّة‌ في‌ الرواية‌
  ترجمة‌ معروف‌ الكرخي‌ّ وتوثيقه‌
  ذنب‌ المحدِّثين‌ من‌ الشيعة‌ تشيّعهم‌!
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ تأسيس‌ العلوم‌ الإسلاميّة‌
  الشيعة‌ هم‌ السبّاقون‌ في‌ العلوم‌ القرآنيّة‌ المتنوّعة‌
  أئمّة‌ علم‌ القرآن‌ من‌ الشيعة‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الحديث‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الدراية‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الرجال‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الفقه‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الكلام‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ مكارم‌ الاخلاق‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ فنّ الجغرافيّة‌ في‌ صدر الإسلام‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الاخبار والتواريخ‌ والآثار، ومزيّتهم‌ علی الآخرين‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ اللغة‌
  تقدم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الإنشاء والكتابة‌
  الاحاديث‌ النبويّة‌ في‌ لزوم‌ التشيّع‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌عصر سيّد الشهداء عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ زين‌ العابدين‌ عليه‌ السلام‌
  ثورة‌ المختار والثناء عليه‌
  ثورة‌ التوّابين‌ (التعلیقة)
  جرائم‌ الحجّاج‌ وعبد الملك‌ ضدّ الشيعة‌
  كان‌ الكثير من‌ حكّام‌ الجور في‌ بادي‌ أمرهم‌ من‌ أهل‌ الزهد والعبادة‌ (التعلیقة)
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ موسي‌ الكاظم‌ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ الرضا عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ الجواد عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ عليّ الهاديّ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ الحسن‌ العسكريّ عليه السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ المهديّ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ الغيبة‌ الكبري‌
  الدرس‌ الحادي‌ والاربعون‌ بعد المائتين‌ إلی‌ الخامس‌ والخمسين‌ بعد المائتين‌
  الكلمة‌ الطيّبة‌ هي‌ حقيقة‌ الولاية‌
  ردّ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ علی الآلوسي‌ّ في‌ الدفاع‌ عن‌ بني‌ أُميّة‌
  حقيقة‌ الكلمة‌ التكوينيّة‌ الطيّبة‌ وجود سرّ الإنسان‌ الكامل‌
  كلام‌ المرحوم‌ الكمباني‌ّ في‌ الفرق‌ بين‌ الكلمة‌ والكتاب‌ الإلهي‌ّ
  رسول‌ الله‌ وآله‌ لهم‌ المقام‌ الجمعي‌ّ في‌ أعلی القلم‌
  وراثة‌ الإمام‌ الصادق‌ العلوم‌ الكلّيّة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌
  عمر الإمام‌ الصادق‌ الطويل‌ أحد البواعث‌ علی ظهور علومه‌
  أسباب‌ تسمية‌ التشيّع‌ بالمذهب‌ الجعفري‌ّ
  تعبّد الناس‌ بفقه‌ العامّة‌ حتّي‌ عصر الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  دور الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ في‌ عرض‌ الاُسس‌ الإسلاميّة‌
  عمل‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ إبانة‌ الإسلام‌ الحقيقي‌ّ
  سبب‌ امتناع‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ قبول‌ الخلافة
  كلام‌ مترجم‌ كتاب‌ «مغز متفكّر جهان‌ شيعة‌» حول‌ المذهب‌ الجعفري‌ّ (التعلیقة)
  تفصيل‌ مواقف‌ المنصور الدوانيقي‌ّ من‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  كان‌ المنصور الدوانيقي‌ّ يعطي‌ الامان‌ ويقتل‌
  اعتقال‌ المنصور بني‌ الحسن‌ في‌ سجن‌ الهاشميّة‌
  موقف‌ المنصور من‌ محمّد الديباج‌ وتعذيبه‌
  المنصور أوّل‌ مثير للخلاف‌ بين‌ العبّاسيّين‌ والعلويّين‌
  شدّة‌ حرص‌ المنصور الدوانيقي‌ّ وبخله‌
  استدعاء الامويّين‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ إلی‌ الشام‌
  استدعاء المنصور الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌من‌المدينة‌إلی‌قصرالحمراء
  حوار المنصور مع‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ ولين‌ الإمام‌
  إغلاق‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ كلّ طريق‌ للانتهاك‌ أمام‌ المنصور
  موقف‌ آخر للمنصور من‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  جواب‌ الإمام‌ الصادق‌ للمنصور حول‌ سبب‌ امتناعه‌ عن‌ مخالطته‌
  دعاء الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ في‌ دفع‌ شرّ المنصور عنه‌
  استدعاء المنصور، واستحلاف‌ الإمام‌ الصادق‌ الرجل‌ الكاذب‌ وهلاكه‌
  ضعف‌ الاسباب‌ في‌ استدعاء المنصور للإمام‌ الصادق‌ عدّة‌ مرّات‌
  عدم‌ استطاعة‌ المأمون‌ تحمّل‌ الإمام‌ الرضا عليه‌ السلام‌
  احتجاج‌ رجل‌ صوفي‌ّ، وعزم‌ المأمون‌ علی قتل‌ الإمام‌ الرضا
  >>علوم‌ الإمام‌ الصادق‌ كالشجي‌ المعترض‌ في‌ حلق‌ المنصور
  الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ يُطفي‌ غضب‌ المنصور
  موقف‌ الإمام‌ الحكيم‌ من‌ المنصور
  الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ يجيب‌ جواسيس‌ المنصور بالنفي‌
  تشيّع‌ جعفر بن‌ محمّد بن‌ الاشعث‌ بسبب‌ علوم‌ الإمام‌ الغيبيّة‌
  التجسّس‌ علی العلويّين‌ وخداعهم‌ بالمال‌ الكثير
  تقيّة‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ الشديدة‌ وخوفه‌ علی سفيان‌
  مواعظ‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ لسفيان‌ الثوري‌ّ
  سنون‌ الحكومة‌ الامويّة‌ والمروانيّة‌ (التعلیقة)
  معاناة‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ من‌ الولاة‌ الجائرين‌
  خطبة‌ والی‌ المدينة‌ واعتراض‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  قتل‌ المعلی بن‌ خنيس‌ ومصادرة‌ أموال‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌
  تبديل‌ الثورة‌ الدينيّة‌ للعبّاسيّين‌ إلی‌ إمبراطوريّة‌
  اعتقال‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ ودعاؤه‌ بالخلاص‌
  بعض‌ الإصلاحات‌ التي‌ قام‌ بها عمر بن‌ عبد العزيز
  حوار الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ مع‌ المتصوّفة‌ حول‌ الزهد الحقيقي‌ّ
  البحث‌ الثاني‌ في‌ مدرسة‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ وعلومه‌ وتلامذته‌
  تلاميذ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أربعة‌ آلاف‌
  جمع‌ كثير من‌ المشايخ‌ كانوا تلاميذ الإمام‌ عليه‌ السلام‌
  تلمذة‌ مالك‌ للإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ وأبو حنيفة‌
  تمجيد أبي‌ حنيفة‌ للإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  بحث‌ حول‌ مالك‌ بن‌ أنس‌ بن‌ أبي‌ عامر الاصبحيّ المدنيّ أحد أئمّة‌العامّة‌في‌الفقه‌
  تمجيد مالك‌ للإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  ردّ الإمام‌ الكاظم‌ عليه‌ السلام‌ أحاديث‌ العامّة‌ للحسن‌ بن‌ عبد الله‌
  بحث‌ حول‌ أبي‌ حنيفة‌: النعمان‌ بن‌ ثابت‌ بن‌ زُوطي‌ التميميّ إمام‌ آخر من‌ أئمّة‌العامّة‌الاربعة‌
  مناقب‌ مزيّفة‌ مزعومة‌ لابي‌ حنيفة‌ (التعلیقة)
  مخالفة‌ أبي‌ حنيفة‌ للسُّنّة‌ النبويّة‌ الشريفة‌ في‌ مواضع‌ كثيرة‌
  صلاة‌ القفّال‌ المروزي‌ّ علی فتوي‌ أبي‌ حنيفة‌
  ترجمة‌ أبي‌ يوسف‌ القاضي‌ تلميذ أبي‌ حنيفة‌
  عبارات‌ دامغة‌ لاعاظم‌ السنّة‌ في‌ أبي‌ حنيفة‌
  كرامتان‌ باهرتان‌ لقبر أبي‌ حنيفة‌
  قصّة‌ الرجل‌ الزائر مع‌ خادم‌ قبر أبي‌ حنيفة‌
  مدّة‌ الحمل‌ عند العامّة‌ ومدّة‌ حمل‌ الشافعي‌ّ
  استهزاء أبي‌ حنيفة‌ بقول‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌
  كلام‌ الخطيب‌ البغدادي‌ّ في‌ أبي‌ حنيفة‌
  حكم‌ أبي‌ حنيفة‌ في‌ قطع‌ يد السارق‌ الذي‌ سرق‌ فسيل‌ النخل‌
  تشبيه‌ أبي‌ حنيفة‌ بالمولّدين‌ من‌ بني‌ إسرائيل‌
  كلام‌ شريك‌ حول‌ انحراف‌ أبي‌ حنيفة‌
  فتوي‌ أبي‌ حنيفة‌ تفصل‌ النساء عن‌ أزواجهنّ
  شهادة‌ علماء العامّة‌ علی جهل‌ أبي‌ حنيفة‌
  اتّهام‌ مؤمن‌ الطاق‌ أبا حنيفة‌ بالتناسخ‌
  ردّ ابن‌ المبارك‌ علی أحاديث‌ أبي‌ حنيفة‌
  مرجع‌ الكتب‌ الشاملة‌ لفتاوي‌ الفقهاء الاربعة‌
  حوار يوحنّا مع‌ علماء العامّة‌
  أبو حنيفة‌: حكم‌ القاضي‌ نافذ ظاهراً وباطناً
  تصديق‌ المذنب‌ الشهودَ يوجب‌ سقوط‌ الحدّ!
  موارد من‌ فتوي‌ أبي‌ حنيفة‌ المخالفة‌ للشرع‌ والعقل‌
  مالك‌ يجيز اللواط‌
  الحنابلة‌ يقولون‌ بجسمانيّة‌ الله‌
  بعض‌ علماء العامّة‌ يكفّرون‌ الشيعة‌ ويستحلّون‌ دماءهم‌
  مدح‌ الصحابة‌ بشرط‌ عدم‌ ارتدادهم‌
  إشكالات‌ الجويني‌ّ علی مالك‌
  جواز تعاطي‌ البنج‌ ولعب‌ الشطرنج‌ و... عند الفقهاء الاربعة‌
  ردّ استدلال‌ المالكيّين‌ علی جواز وط‌ء الغلام‌
  مسألة‌ رضاع‌ الكبير عند العامّة‌
  قصّة‌ رضاع‌ سالم‌ مولي‌ أبي‌ حذيفة‌
  رضاع‌ الكبير عند عائشة‌ من‌ الثدي‌
  بحث‌ حول‌ محمّد بن‌ إدريس‌ الشافعيّ القُرَشيّ المُطَّلِبيّ
  حوار الشافعي‌ّ مع‌ مالك‌
  شعر الشافعي‌ّ في‌ ولاء أهل‌ البيت‌
  شعر الشافعي‌ّ في‌ حبّ آل‌ محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌
  كان‌ الشافعي‌ّ عامّي‌ّ المذهب‌ ومعتقداً بالخلفاء
  الشافعي‌ّ سنّي‌ّ معتدل‌
  الشافعي‌ّ لا يجيز العمل‌ بالرأي‌ والقياس‌
  ردّ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ علی أبي‌ حنيفة‌ قوله‌ بالقياس‌
  نصائح‌ الإمام‌ الصادق‌ للإمام‌ الكاظم‌ علی ما نقله‌ الدميري‌ّ
  حوار الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ مع‌ أبي‌ حنيفة‌ حول‌ الرأي‌ والقياس‌
  أهل‌ القياس‌ يبدّلون‌ الحلال‌ والحرام‌ أحدهما بالآخر (التعلیقة)
  كان‌ أبو بكر لا يجيز العمل‌ بالرأي‌ والقياس‌
  روايات‌ الشيعة‌ في‌ حرمة‌ العمل‌ بالقياس‌
  وفاة‌ الشافعي‌ّ وشي‌ء من‌ شعره‌
  بحث‌ حول‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ حَنْبَل‌ الشَّيْبانيّ المروزيّ البغداديّ
  من‌ مشاهير المعتزلة‌
  لقاء أحمد بأحد مشايخ‌ الشيعة‌ بالكوفة‌
  كيفيّة‌ تقليد العامّة‌ قبل‌ الرشيدَين‌ وبعدهما
  أحمد بن‌ حنبل‌ يجيز لعن‌ يزيد ويسبّب‌ لعن‌ بعض‌ الصحابة‌
  شعر الزمخشري‌ّ في‌ كتمان‌ مذهبه‌
  العواقب‌ السيّئة‌ لغلق‌ باب‌ الاجتهاد والقول‌ بعدالة‌ الصحابة‌
  الإماميّة‌ يعتقدون‌ بالعدل‌ الإلهي‌ّ وعصمة‌ الانبياء
  الاشاعرة‌ يعتقدون‌ بجسمانيّة‌ الله‌ في‌ رؤيته‌
  رأي‌ الشيعة‌ وأهل‌ السنّة‌ في‌ العدل‌
  كلام‌ الشيعة‌ وأهل‌ السنّة‌ في‌ عصمة‌ الانبياء
  عقائد الاشاعرة‌ في‌ التوحيد والعدل‌ مدعاة‌ إلی‌ البراءة‌ من‌ الإسلام‌
  الحُسن‌ والقبح‌ العقليّان‌ من‌ منظار الشيعة‌ والاشاعرة‌
  إن‌ الله‌ تعالی‌ لا یفعل‌ القبيح‌
  أفعال‌ الله‌ معلّلة‌ بأغراض‌
  صفات‌ النبي‌ّ عند الشيعة‌ وأهل‌ السنّة‌
  انتهاء علوم‌ الفقهاء الاربعة‌ إلی‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  خطأ أحمد أمين‌ في‌ الحكم‌ بأخذ الشيعة‌ عن‌ المعتزلة‌
  خطأ أحمد أمين‌ في‌ التأريخ‌ وعلم‌ المصادر
  دخول‌ مالك‌ علی أبي‌ جعفر المنصور الدوانيقي‌ّ بمني‌
  أمر المنصور مالكاً بتالیف‌ كتاب‌ الفقه‌
  دفاع‌ مالك‌ عن‌ فتواه‌ في‌ القسامة‌
  حوار المغيرة‌ المخزومي‌ّ ـ تلميذ مالك‌ـ مع‌ أبي‌ يوسف‌ القاضي‌
  موطّأ مالك‌ دستور المنصور الانقلابي‌ّ للبلاد
  أبيات‌ الشاعرة‌ بروين‌ اعتصامي‌ّ في‌ ظلم‌ الحكّام‌
  سبب‌ تقليل‌ روايات‌ «الموطّأ»
  سبب‌ تألیفه‌ وزمن‌ تألیف‌ «الموطّأ»
  تهرّب‌ مالك‌ من‌ أمر المنصور بتإلیف‌ الرسالة‌
  الانحراف‌ التدريجي‌ّ لمالك‌ وركونه‌ إلی‌ المنصور
  كلام‌ عبد الحليم‌ الجندي‌ّ في‌ انتقال‌ الفقه‌ من‌ المدينة‌ إلی‌ العراق‌
  المذهب‌ الجعفري‌ّ يبطل‌ القياس‌
  كلام‌ قادح‌ لاحمد أمين‌ في‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  عظمة‌ محمّد بن‌ زيد في‌ معاملة‌ ابن‌ هشام‌ الاموي‌ّ
  نماذج‌ الاصالة‌ عند محمّد بن‌ زيد العلوي‌ّ
  شعر الشافعي‌ّ في‌ مقتل‌ أبي‌ عبد الله‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌
  فضيلة‌ زيارة‌ قبر الإمام‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ (التعلیقة)
  أبيات‌ من‌ القصيدة‌ الاُزريّة‌ في‌ عظمة‌ مقام‌ الائمّة‌

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی