معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > اعتقادات > معرفة‌ الإمام > معرفة الامام(المجلد السادس‌عشر والسابع‌عشر)
کتاب معرفة الامام / المجلد السادس عشر و السابع عشر / القسم الخامس عشر: حکم رضاع الکبیر عند عائشة، الشافعی لا یجیز العمل بالرأی و القیاس

جواز تعاطي‌ البنج‌ ولعب‌ الشطرنج‌ و... عند الفقهاء الاربعة‌

وما أجمل‌ هذا الرباعيّ [1] الطريف‌ الذي‌ أنشده‌ الشاعر الشيعيّ الظريف‌ بداهةً فقال‌:

 شافعي‌ گفت‌ كه‌ شطرنج‌ مباح‌ است‌ مادام‌ [2]             راست گفته‌ است‌ چنين‌ است‌ كه‌ فرموده‌امام‌

 خواجه‌ مالك‌ سخني‌ گفت‌ ازين‌ باريكتر                     که به‌ نزديك‌ خردمند مباح‌ است‌ غلام‌

 بو حنيفة‌ به‌ ازين‌ گويد در باب‌ شراب                        كه‌ ز جوشيده‌ بخور كان‌ نبود هيچ‌ حرام‌

 حنبلي‌ گفت‌ كه‌ گز زانكه‌ ز غم‌ درماني                     بستة‌ بنگ‌ تناول‌ كن‌ و خوش‌ باش‌ مدام‌

 بنگ‌ و مي‌ مي‌خور و كون‌ ميدر و ميباز قمار               که مسلماني‌ ازين‌ چار امام‌ است‌ تمام‌ [3]

 ووردت‌ أخبار كثيرة‌ من‌ طريق‌ أهل‌ السنّة‌ في‌ منع‌ وط‌ء المرأة‌ من‌ دبرها.

 ويستفاد من‌ شرح‌ عقائد النسفيّ ـ وهو من‌ أعاظم‌ علمائهم‌ ـ أ نّه‌ يقول‌ بكفر فاعله‌. لكن‌ المشهور أنّ مالكاً كان‌ يراه‌ حلالاً، كما أشار الملاّ عبدالرحمن‌ الجاميّ إلی‌ هذا المعني‌ في‌ « بهارستان‌ » فقال‌:

 گفت‌ مملوكه‌ اي‌ به‌ مالك‌ خويش                 كز قفايش‌ گرفت‌ راه‌ فساد

 ترك‌ اين‌ فعل‌ كن‌ كه‌ جايز نيست‌                  نزددین پروران‌ شرع‌ نهاد

 گفت‌: خامش‌ كه‌ شيخ‌ دين‌ مالك                به‌ چنين‌ عيش‌ رخصت‌ ما داد

 گفت‌ مسكين‌ ز زيراوكه‌: خدات                   در زد و گير مالك‌ اندازاد [4]

 والكلام‌ المنسوج‌ علی هذا المنوال‌ نظماً ونثراً كثير في‌ كتب‌ القوم‌. وقد نُقل‌ منه‌ ما لا يُحصي‌، لكنّي‌ اقتطفتُ باقة‌ ورد من‌ بستان‌ محبّة‌ أنوار الولاية‌ ليشمّها طلاّب‌ الحقّ والولاية‌ فتُطرفهم‌. [5]

 اللهمّ اجعلنا من‌ المتمسّكين‌ بولايتهم‌، والراسخين‌ في‌ محبّتهم‌، والآمين‌ من‌ الفزع‌ الاكبر بشفاعتهم‌ بحقّهم‌ يا الله‌. [6]

ردّ استدلال‌ المالكيّين‌ علی جواز وط‌ء الغلام‌

 أقول‌: تُبيح‌ المالكيّة‌ وط‌ء الغلام‌. وقد نُقلت‌ في‌ التواريخ‌ والسير حكايات‌ وقضايا مُخجلة‌ لاتُنكَر في‌ أحوال‌ مشايخ‌ المالكيّة‌ من‌ علمائهم‌ وقضاتهم‌ وأرباب‌ فتاواهم‌ وأئمّة‌ جماعتهم‌.

 والآن‌ أيضاً لايُنكر المالكيّة‌ هذا العمل‌. ويدافعون‌ عن‌ فتوي‌ رئيسهم‌ مالك‌ بن‌ أنس‌ عند النقاش‌، ويعدّون‌ حلّيّة‌ مطابقة‌ للمطّلقات‌.

 كان‌ سماحة‌ صديقي‌ الكريم‌ العالم‌ الجليل‌ آية‌ الله‌ السيّد موسي‌ الشُّبَيْريّ الزنجانيّ دامت‌ بركاته‌ يقول‌: عندما تحدّثتُ مع‌ أحد مشايخ‌ المالكيّة‌ في‌ المدينة‌ حول‌ هذا الموضوع‌. أي‌ جواز وط‌ء الغلام‌.

 قال‌: الآية‌ القرآنيّة‌ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُروجِهِمْ. حَـ'فِظُونَ * إِلاَّ علی'´ أَْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـ'نُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [7] تدلّ علی الجواز، لانّ قوله‌ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـ'نُهُمْ عامّ يشمل‌ الغلام‌ والجارية‌.

 قلتُ: الغلام‌ خارج‌ عن‌ مدلول‌ هذه‌ الآية‌ بالإجماع‌.

 قال‌: هذا إجماعكم‌، وليس‌ إجماعنا ـ انتهي‌.

 أقول‌: لا إطلاق‌ في‌ الآية‌ حتّي‌ يدور الكلام‌ حول‌ التخصيص‌ وعدم‌ التخصيص‌. لانّ قرينة‌ ذكر الازواج‌، وما هو مألوف‌ من‌ المواقعة‌ في‌ القُبُل‌ يفيدان‌ أنّ المراد من‌ تخصيص‌ إِلاَّ علی'´ أَزْوَ ' جِهِمْ المضاجعة‌ والمباشرة‌ المعروفة‌، فلا ينعقد لها الإطلاق‌ حتّي‌ تشمل‌ الوط‌ء المستهجن‌ وغير المألوف‌ في‌ الدُّبُر. وبهذا البيان‌ في‌ قوله‌ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـ'نُهُمْ وبقرينة‌ العطف‌ علی الازواج‌ ينبغي‌ أن‌ نقول‌: هو وط‌ء الإماء في‌ قُبُلهنّ، لا في‌ دُبُرهنّ. ولا وط‌ء الغلمان‌، إذ إنَّ انصراف‌ الوط‌ء إلی‌ الوط‌ء المعروف‌ المألوف‌ قرينة‌ مقاميّة‌ لصرف‌ لفظ‌ أَزْوَ ' جِهِمْ في‌ خصوص‌ الموضع‌ المتعارف‌، وصرف‌ مَا مَلَكَتْ أزيْمَـ'نُهُمْ في‌ خصوص‌ الإماء، وفي‌ الموضع‌ المتعارف‌ فحسب‌.

 هذا إذا خصّصنا قوله‌ قَدْ أَفْلَحَ الْمُوْمِنُونَ بالرجال‌ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ اللَّفْظِ. أمّا إذا عمّمناه‌ علی المؤمنين‌ والمؤمنات‌ بتنقيح‌ الملاك‌، وكان‌ لفظ‌ الازواج‌ جمعاً للزوج‌، وكان‌ شاملاً للزوج‌ والزوجة‌ معاً، وفرضنا صحّة‌ الاخذ بالإطلاق‌ حسب‌ استدلال‌ العالم‌ المالِكي‌ّ، فلابدّ أن‌ نُبيح‌ وط‌ء الغلمان‌ للنساء اللاتي‌ الغلمان‌ ملك‌ أيمانهنّ. ومن‌ الثابت‌ أنّ هذه‌ المسألة‌ خلاف‌ الإجماع‌ والضرورة‌ عند المالكيّة‌ أنفسهم‌.

 أمّا الردّ علی المالكيّة‌ فينبغي‌ أن‌ نقول‌: أوّلاً: بمناسبة‌ الحكم‌ وموضوع‌ أحكام‌ المضاجعة‌ والمباشرة‌، يكون‌ المراد من‌ قوله‌: مَا مَلَكَتْ أَيْمَـ'نُهُمْ بخاصّة‌ أ نّه‌ عُطف‌ علی الازواج‌ اللائيّ هنّ النساء، ملِك‌ إلیمين‌ من‌ النساء، أي‌: الإماء.

 إنّ الوط‌ء في‌ الدُّبُر ليس‌ وطئاً في‌ السبيل‌، بل‌ هو قطع‌ السبيل‌. والمتبادر من‌ حلّيّة‌ الوط‌ء حلّيّته‌ في‌ الموضع‌ المعروف‌ حسب‌ الغريزة‌ والرغبة‌، لا الوط‌ء في‌ المواضع‌ القبيحة‌ المضرّة‌ غير الملائمة‌، ويمكن‌ بادّعاء التبادر وصحّة‌ السلب‌ وتناسب‌ الحكم‌ والموضوع‌ أن‌ نصرف‌ مورد الآية‌ أوْ مَا مَلَكْت‌ أَيْمَـ'نُهُمْ من‌ الغلمان‌، ونحصره‌ في‌ الإماء. كانصراف‌ الآيات‌ الدالّة‌ علی حلّيّة‌ لحوم‌ البهائم‌ من‌ الكلب‌، لانّ لحم‌ الكلب‌ لا يرغب‌ فيه‌ الناس‌، حتّي‌ الذين‌ يجمنون‌ الكلاب‌ في‌ بيوتهم‌ ويرون‌ طهارتها كالنصاري‌ والملحدين‌، فلم‌ يُلْحَظْ قطّ أ نّهم‌ يستحلّون‌ أكلها.

 لهذا فإنّ السبب‌ في‌ عدم‌ بيان‌ حرمة‌ لحم‌ الكلب‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ كونه‌ غير متعارف‌ بحيث‌ لو ذُكرت‌ حرمته‌ فإنّه‌ يعدّ ذكراً لحرمة‌ أمر بديهيّ وزائد ولا يليق‌.

 ثانياً: كان‌ السَّبب‌ في‌ عذاب‌ قوم‌ لوط‌ هو هذا العمل‌ الشنيع‌. وتحدّث‌ القرآن‌ الكريم‌ عن‌ شناعته‌ بألفاظٍ تشير إلی‌ هذا الفعل‌ القبيح‌ مع‌ الرجال‌ بنحو مطلق‌ وعامّ سواء كان‌ غلام‌ شخصٍ أم‌ لم‌ يكن‌. قال‌ تعإلی‌:

 وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَـ'حرشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَـ'لَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالِ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي‌ نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلآ أَن‌ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَهِ إِن‌ كُنْتَ مِنَ الصَّـ'دِقِينَ. [8]

 يُلحظ‌ في‌ هاتين‌ الآتين‌ أ نّهما أدانتا هذا العمل‌ بتعبير شديدٍ قارع‌، فلفظ‌ الْفَـ'حِشَةَ، وخصوصيّة‌ مَا سَبَقَكُم‌ بِهَا مِن‌ أَحَدٍ مِّنَ الْعَـ'لَمِينَ، وعبارة‌ إتيان‌ الرجال‌، وعبارة‌ تَقْطَعُونَ السَّبِيلَ، وقوله‌: تَأْتُونَ فِي‌ نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ، كلّ ذلك‌ يدلّ علی أنّ هذا الفعل‌ الشنيع‌ قد بلغ‌ من‌ القبيح‌ مبلغاً بحيث‌ إنّ كلّ عقل‌ وضمير يحكمان‌ بتحريمه‌ علی الإطلاق‌.

 في‌ ضوء هذه‌ الآية‌، نلحظ‌ في‌ قوله‌: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ... وَالَّذِينَ هُم‌ لِفُرُوجِهِم‌ حَـ'فِظُونَ، إِلاَّ علی'´ أَزْوَ ' جِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـ'نُهُمْ [9] أنّ الغلام‌ وملك‌ إلیمين‌ من‌ جنس‌ الرجال‌ ـ علی فرض‌ الإطلاق‌ ـ يدخلان‌ في‌ عمومات‌ المستثني‌ منه‌ بوضوح‌. والمفلح‌ هو المؤمن‌ الذي‌ يصون‌ فرجه‌ عن‌ ذلك‌.

 أُفٍّ لِمَالِكٍ وَلِمُتَابِعِيهِ كَيْفَ غَيَّرُوا حُكْمَ اللَهِ ظَهْرَ المِجَنِّ وَأَتَوا بِالشَّنَاعَةِ وَالقَبَاحَةِ مَكَانَ الحُسْنِ وَالجَمَالِ! واستدلّوا بالقرآن‌ نفسه‌ علی خلاف‌ مراده‌.

 وليت‌ شعري‌ لو كانوا عملوا بالقياس‌ في‌ الملاكات‌ الظّنّية‌ والوهميّة‌ بل‌ الاستحسانيّة‌، فهلاّ يخرج‌ حكمهم‌ في‌ هذا المورد عن‌ التحريم‌؟! أجل‌، إنّ من‌ قطع‌ حبلِ الولاء لاهل‌ البيت‌ ولم‌ يعتصم‌ بهم‌، فلا مصير له‌ إلاّ النار. وَمَن‌ لزمْ يَجْعَلِ اللَهُ لَهُ و نُورًا فَمَا لَهُ و مِن‌ نُّورٍ. [10]

  القضيّة‌ التأريخيّة‌ المخزية‌ لعائشة‌ المتمثّلة‌ في‌ عدم‌ اشتراطها الطفوليّة‌ في‌ الرضاع‌ وكانت‌ تأمر الرجال‌ بالارتضاع‌ من‌ ثدي‌ أُختها أُمّ كلثوم‌ خمس‌ مرّات‌ تامّة‌ لكي‌ يكونوا من‌ محارمها حتّي‌ تتحقّق‌ شروط‌ الرضاع‌ المحرّم‌ فيستطيع‌ الرجال‌ أن‌ يختلوا بها بسبب‌ المحرميّة‌

 إنّ من‌ عجائب‌ التأريخ‌ التي‌ تدلّ علی افتضاح‌ عائشة‌ وصلافتها بنحو كامل‌ تامّ موضوع‌ الرضاع‌. فقد كانت‌ تري‌ أنّ صغر سنّ المرتضع‌ ليس‌ شرطاً. وكانت‌ تعتقد أنّ الرضا يتحقّق‌ بين‌ الكبار أيضاً. لذلك‌ كانت‌ تأمرهم‌ بالارتضاع‌ من‌ ثدي‌ أُختها أُمّ كلثوم‌ خمس‌ مرّات‌ لتحقّق‌ الرضاع‌ ومحرميّة‌ الاجانب‌ معها إذ تُعدّ خالتهم‌ من‌ الرضاعة‌، فتستطيع‌ بذلك‌ أن‌ تلتقي‌ بهم‌ بعيداً عن‌ الانظار.

 لا جَرَمَ أنّ هذه‌ القضيّة‌ من‌ مختلقاتها نفسها، وهي‌ لاتنسجم‌ مع‌ ناموس‌ الرسالة‌ وعصمة‌ زوجة‌ النبوّة‌. أوّلاً: تصوّروا كيف‌ يجلس‌ رجل‌ أجنبيّ بلحيته‌ وشاربه‌ في‌ حجر أُمّ كلثوم‌ ابنة‌ أبي‌ بكر ويرضع‌ من‌ ثديها خمس‌ مرّات‌؟ ولذا رفضت‌ سائر أزواج‌ النبيّ رأي‌ عائشة‌ ولم‌ يوافقنها في‌ ذلك‌.

مسألة‌ رضاع‌ الكبير عند العامّة‌

 قال‌ ابن‌ رشد في‌ كتاب‌ « بداية‌ المجتهد » المصنَّف‌ في‌ فقه‌ العامّة‌: واتّفقوا علی أنّ الرضاع‌ يحرم‌ في‌ الحولين‌، واختلفوا في‌ رضاع‌ الكبير. فقال‌ مالك‌، وأبو حنيفة‌، والشافعيّ، وكافّة‌ الفقهاء: لا يحرم‌ رضاع‌ الكبير. وذهب‌ داود وأهل‌ الظاهر إلی‌ أ نّه‌ يحرم‌. وهو مذهب‌ عائشة‌. ومذهب‌ الجمهور هو مذهب‌ ابن‌ مسعود، وابن‌ عمر وأبي‌ هُريرة‌، وابن‌ عبّاس‌، وسائر أزواج‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌.

 وسبب‌ اختلافهم‌ تعارض‌ الآثار في‌ ذلك‌. وذلك‌ أ نّه‌ ورد في‌ ذلك‌ حديثان‌. أحدهما حديث‌ سالم‌، وقد تقدّم‌. والثاني‌ حديث‌ عائشة‌. خرّجه‌ البخاريّ، ومسلم‌، قالت‌: دخل‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌، وعندي‌ رجل‌. فاشتدّ ذلك‌ عليه‌، ورأيتُ الغضب‌ في‌ وجهه‌. فقلت‌: يا رسول‌ الله‌! إنّه‌ أخي‌ من‌ الرضاعة‌. فقال‌: انْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ مِنَ الرَّضَاعَةِ؟! فَإنَّ الرَّضَاعَةَ مِنَ المَجَاعَةِ!

 فمن‌ ذهب‌ إلی‌ ترجيح‌ هذا الحديث‌ قال‌: لا يحرم‌ اللبن‌ الذي‌ لا يقوم‌ للمرضع‌ مقام‌ الغذاء. إلاّ أنّ حديث‌ سالم‌ نازل‌ في‌ عين‌، وكان‌ سائر أزواج‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ يرون‌ ذلك‌ رخصة‌ لسالم‌. ومَن‌ رَجّح‌ حديث‌ سالم‌ وعلّل‌ حديث‌ عائشة‌ بأنّها لم‌ تعمل‌ به‌، قال‌: يحرم‌ رضاع‌ الكبير. [11]

 ثانياً: الرضاع‌ الموجب‌ للمحرميّة‌ هو بسبب‌ اللبن‌ الذي‌ يمثّل‌ غذاء الطفل‌، الذي‌ يجعل‌ خلايا جسمه‌ تشبه‌ صاحَب‌ اللبن‌ ومُرْضِعَهُ. ويتحقّق‌ عنوان‌ الاُمومة‌ والاُخوة‌ وأمثالها بسبب‌ وحدة‌ الدم‌. وهذا يجب‌ أن‌ يكون‌ في‌ زمن‌ حضانة‌ الطفل‌، أي‌: بين‌ الحولَين‌. ويتّفق‌ علی هذا عامّة‌ الشيعة‌، وجمهور فقهاء العامّة‌. ولمّا كان‌ ارتضاع‌ بعد حولين‌ غير مؤثِّرٍ في‌ اتّحاد خلايا الدم‌ وأنسجه‌ الجسم‌، لهذا لا يوجب‌ المحرميّة‌ ووحدة‌ الرحم‌.

 وأمّا أصل‌ القصّة‌ التي‌ نقّحت‌ عائشة‌ ملاكها وعيّنت‌ مناطها خطأً، فقد كانت‌ في‌ مورد خاص‌ يرتبط‌ بسالم‌. فقد أراد رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بأمره‌ الولائيّ أن‌ يرفع‌ الحَرَج‌ والعُسر عن‌ سهلة‌ زوجة‌ أبي‌ حذيفة‌، لهذا فتح‌ طريقاً لها بذلك‌. وهذه‌ القصّة‌ تخصّ سهلة‌، ولا يمكن‌ أن‌ تسري‌ إلی‌ مورد آخر.

قصّة‌ رضاع‌ سالم‌ مولي‌ أبي‌ حذيفة‌

 جاء في‌ موطّأ مالك‌ ما نصّه‌: حدّثني‌ يحيي‌ عن‌ مالك‌، عن‌ ابن‌ شهاب‌ أنّه‌ سُئل‌ عن‌ رضاعة‌ الكبير فقال‌: أخبرني‌ عروة‌ بن‌ الزبير أنّ أبا حذيفة‌ بن‌ عتبة‌ بن‌ ربيعة‌، وكان‌ من‌ أصحاب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌، وكان‌ قد شهد بدراً، وكان‌ تبنّي‌ سالماً الذي‌ يقال‌ له‌: سالم‌ مولي‌ أبي‌ حذيفة‌، كما بتنّي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ زيد بن‌ حارثة‌. وأنكح‌ أبو حذيفة‌ سالماً، وهو يري‌ أ نّه‌ ابنه‌، أنكحه‌ ابنة‌ أخيه‌ فاطمة‌ ابنة‌ الوليد بن‌ عتبة‌ بن‌ ربيعة‌. وهي‌ يومئذٍ من‌ المهاجرات‌ الاوَل‌، وهي‌ من‌ أفضل‌ أيامي‌ قريش‌.

 فلمّا أنزل‌ الله‌ تعإلی‌ في‌ كتابه‌ في‌ زيد بن‌ حارثة‌ ما أنزل‌، فقال‌: ادْعُوهُمْ لاِبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَهِ فَإِن‌ لَّمْ تَعْلَمُوا ءَابَآءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي‌ الدِّينِ وَمَوَ ' لِيكُمْ. [12] رُدَّ كُلُّ واحدٍ من‌ أُولئكَ إلی‌ أبيه‌، فإن‌ لم‌ يُعلَم‌ أبوه‌ رُدَّ إلی‌ مولاه‌.

 فجاءت‌ سهلة‌ ابنة‌ سهيل‌، وهي‌ امرأة‌ أبي‌ حُذيفة‌، وهي‌ من‌ بني‌ عامر بن‌ لؤي‌ إلی‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌، فقالت‌: يا رسول‌ الله‌! كنّا نري‌ سالماً ولداً وكان‌ يدخل‌ علَيَّ وأنا فُضُل‌، [13] وليس‌ لنا! لاّ بيت‌ واحد، فماذا تري‌ في‌ شأنه‌؟!

 فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌: أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَيَحْرُمُ بِلَبَنِهَا! وكانت‌ تراه‌ ابناً من‌ الرضاعة‌. فأخذت‌ بذلك‌ عائشة‌ أُمّ المؤمنين‌ فيمن‌ كانت‌ تحبّ أن‌ يدخل‌ عليها من‌ الرجال‌. فكانت‌ تأمر أُختها أُمّ كلثوم‌ ابنة‌ أبي‌ بكر وبنات‌ أخيها أن‌ يرضعن‌ من‌ أحبّت‌ أن‌ يدخل‌ عليها من‌ الرجال‌.

 وأبي‌ سائر أزواج‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ أن‌ يدخل‌ عليهنّ بتلك‌ الرضاعة‌ أحد من‌ الناس‌، وقُلن‌: لاَ وَاللَهِ! ما نري‌ الذي‌ أمر به‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ سهلة‌ ابنة‌ سهيل‌ إلاّ رخصة‌ من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ في‌ رضاعة‌ سالم‌ وحده‌. لاَ وَاللَهِ! لا يدخل‌ علينا بهذه‌ الرضاعة‌ أحد.

 فعلی هذا كان‌ أزواج‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ في‌ رضاعة‌ الكبير. [14]

 روي‌ مسلم‌ بن‌ الحجّاج‌ في‌ هذا الباب‌ ستّة‌ أحاديث‌ عن‌ عائشة‌، نكتفي‌ منها بذكر حديثين‌:

 الاوّل‌: روي‌ بسنده‌ عن‌ أبي‌ مليكة‌ أنّ القاسم‌ بن‌ محمّد بن‌ أبي‌ بكر أخبره‌ أنّ عائشة‌ أخبرته‌ أنّ سهلة‌ ابنة‌ سهل‌ بن‌ عمرو جاءت‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌، فقالت‌: يا رسول‌ الله‌! إنّ سالماً ( لسالم‌ مولي‌ أبي‌ حذيفة‌ ) معنا في‌ بيتنا. وقد بلغ‌ ما يبلغ‌ الرجال‌، وعلم‌ ما يعلم‌ الرجال‌.

 قال‌: أرضعيه‌ تحرمي‌ عليه‌!

 قال‌ أبو مليكة‌: فمكثتُ سنةً أو قريباً منها لا أُحدّث‌ به‌، وهبتُه‌. ثمّ لقيتُ القاسم‌، فقلتُ له‌: لقد حدّثنتي‌ حديثاً ما حدّثتُه‌ بعد. قال‌: فما هو؟ فأخبرته‌. قال‌: فحدّثه‌ عني‌ أنّ عائشة‌ أخبرتنيه‌. [15]

 الثاني‌: روي‌ بسنده‌ عن‌ أبي‌ عبيدة‌ بن‌ عبدالله‌ بن‌ زَمْعة‌ أنّ أُمّه‌ زينب‌ ابنة‌ أبي‌ سلمة‌ أخبرته‌ أنّ أُمّها أُمّ سلمة‌ زوج‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ كانت‌ تقول‌: أبي‌ سائر أزواج‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ أن‌ يُدخلن‌ عليهنّ أحداً بتلك‌ الرضاعة‌. وقلن‌ لعائشة‌: والله‌ ما نري‌ هذا إلاّ رخصة‌ أرخصها رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ لسالم‌ خاصّة‌. فما هو بداخل‌ علينا أحدٌ بهذه‌ الرضاعد. ولا رائينا. [16]

رضاع‌ الكبير عند عائشة‌ من‌ الثدي‌

 أجل‌، إنّ موضوع‌ الارتضاع‌ من‌ ثدي‌ أُمّ كلثوم‌، وبنات‌ أُخت‌ عائشة‌ بلغ‌ من‌ الوقاحة‌ مبلغاً أنّ بعض‌ علماء السُّنّة‌ أرادوا أن‌ يُخفوه‌، ويغسلوا هذا العار إلی‌ حدٍّ ما، ولهذا برّروه‌ بقولهم‌: إنّ رضاع‌ الكبير ليس‌ بمصّ الثدي‌، بل‌ بشرب‌ اللبن‌ المحلوب‌ من‌ الثدي‌ في‌ إناء.

 قال‌ محمّد فؤاد عبدالباقي‌ في‌ هامش‌ حديث‌ « الموطّأ »: أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ: قال‌ أبو عمر: صفة‌ رضاع‌ الكبير أن‌ يُحَلب‌ له‌ اللبن‌ ويُسقاه‌. فأمّا أن‌ تلمقمه‌ المرأة‌ ثديها، فلا يتبغي‌ عند أحد من‌ العلماء. وقال‌ عيّاش‌: ولعلّ سهلة‌ حلبت‌ لبنها فشربه‌ من‌ غير أن‌ يمسّ ثديها، ولا التقت‌ بشرتاهما. إذ لا يجوز رؤية‌ الثدي‌ ولا مسّه‌ ببعض‌ الاعضاء.

 قال‌ النوويّ: وهو حَسَنٌ. [17]

 بَيدَ أنّ هذا التبرير ليس‌ وجيهاً، لانّ الذي‌ جاء في‌ الحديث‌ هو قوله‌: أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ! والإرضاع‌ عبارة‌ عن‌ التغذية‌ بالثدي‌، سقي‌ اللبن‌ خارج‌ الثدي‌، وفرق‌ بين‌ قولهم‌: أَرْضَعَتْهُ، وقولهم‌: سَقَتْهُ اللَّبَنَ.

 المراد من‌ الآية‌ الكريمة‌: وَالْوَ ' لِدَ ' تُ يُرْضِعْنَ أَوْلَـ'دَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن‌ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ، [18] والآية‌ الكريمة‌: وَأُمَّهَـ'تُكُمُ الَّـ'تِي‌ أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَ ' تُكُمْ مِّنَ الرَّضَـ'عَةِ، [19] هو الإرضاع‌ بالثدي‌. فلهذا لو حُلب‌ اللبن‌ خلال‌ هذه‌ المدّة‌ ثمئ سُقِيَه‌ الطفل‌، فلا يتحقّق‌ الرضاع‌.

 سلّمنا أنّ الرضاع‌ في‌ هذا المورد بمعني‌ سقي‌ اللبن‌ مجازاً، لكنّا ماذا نفعل‌ بذيل‌ الديك‌ [20]؟! وماذا نفعل‌ إذا كانت‌ الذيول‌ كثيرة‌؟

 الاوّل‌: جاء في‌ الحديث‌ الاوّل‌ لمسلم‌ أنّ سهلة‌ قالت‌ للنبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: وَكَيْفَ أُرضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ؟! [21] فأيّهما يثير عجب‌ سهلة‌: الإرضاع‌ من‌ الثدي‌، أو حَلْب‌ اللبن‌ في‌ إناء وسقيه‌ إيّاه‌؟!

 الثاني‌: جاء في‌ الحديث‌ الثالث‌ لمسلم‌ أنّ أبا مليكة‌ قال‌: فمكثتُ سنة‌ أو قريباً منها لا أُحدِّث‌ به‌، وهِبْتُه‌. [22]

 فهل‌ ذكر إرضاع‌ الكبير من‌ الثدي‌ أخافَ أبا مليكة‌ وجعله‌ يمكث‌، أو حلب‌ اللبن‌ في‌ إناء وسقيه‌ إيّاه‌؟!

 الثالث‌: جاء في‌ حديث‌ مسلم‌ الآخر أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّلا لمّا قال‌: أَرْضِعِيهِ! قالت‌: إنَّهُ ذُو لِحْيَةَ. [23]

 فهل‌ الإرضاع‌ بالثدي‌ أثار دهشة‌ سهلة‌ وسؤالها بالنسبة‌ إلی‌ رجل‌ ذي‌ لحيةٍ أو حلب‌ اللبن‌ من‌ الثدي‌ وسقيه‌ سالماً من‌ إناء!! ألا يشرب‌ الرجل‌ ذول‌ اللحية‌ اللبن‌ من‌ إناء؟! هل‌ كان‌ أبو عمر، والقاضي‌ عيّاض‌، والنوويّ الذين‌ تحملّوا وزراً بتريرهم‌ الحديث‌ بهذا الشكل‌ يحلقون‌ لحاهم‌ عندما يريدون‌ شرب‌ اللبن‌؟!

 أجل‌، لا يمكن‌ تبرئة‌ أُمّ المؤمنين‌ عائشة‌ واستصواب‌ حكمها بهذه‌ التأويلات‌ الباردة‌.

 أمّا حلّ المسألة‌ عندي‌ فأقول‌: كان‌ سالم‌ ابن‌ سهلة‌ وأبي‌ حذيفة‌ بالتبنيّ!، ونشأ في‌ بيتهما منذ طفولته‌، وبلغ‌ سنّ الرشد والكمال‌ فيه‌. وكان‌ العرب‌ في‌ الجاهليّة‌ ككثير من‌ الشعوب‌ غير المسلمة‌، بل‌ المسلمة‌ حإلیاً غير عارفين‌ بالاحكام‌، فكانوا يتعاملون‌ مع‌ الابن‌ بالتبنّي‌ معاملة‌ الابن‌ الحقيقيّ. أي‌: أ نّهم‌ ينظرون‌ إلیه‌ كأحذد محارمهم‌. فيذهبون‌ عنده‌ غير متسترّين‌، ويقبّلونه‌، ويحتضنوه‌. وإذا قيل‌ له‌ أو للبنت‌ بالتبنّي‌: أنت‌ لستَ ولدنا، فإنّه‌ يفزع‌ ويتألّم‌. وإذا تحجّبت‌ منه‌ أُمّه‌ بالتبنّي‌ عند بلوغه‌ واختفت‌ وراء الستار، فإنّه‌ يصاب‌ بالدهشة‌ والاضطراب‌ لما حصل‌.

 لهذا ينبغي‌ أن‌ يُفَهَّمَ الابناء أو البنات‌ الذين‌ يبلغون‌ في‌ بيتٍ غير بيت‌ والديهم‌ الحقيقيَّين‌ منذ البداية‌ علی أنّ الابن‌ بالتبنّي‌ ليس‌ ابناً حقيقيّاً وذلك‌ تدريجيّاً. وإذا كانت‌ جنسيّته‌ باسم‌ هذين‌ الوالدين‌ فهي‌ حرام‌ وباطلة‌، حي‌ لا يحرم‌ الناس‌ من‌ رعاية‌ الاطفال‌ الذين‌ لا معيل‌ لهم‌، ولينالوا هذا الفيض‌، والاطفال‌ أيضاً لا يكونوا بمنزلة‌ أولادهم‌ الحقيقيِّين‌.

 كان‌ سالم‌ بن‌ أبي‌ حذيفة‌ بالتبنّي‌، وكان‌ ذلك‌ في‌ وقتٍ لم‌ ينزل‌ فيه‌ حكم‌ القرآن‌ برفعه‌. فلهذا كان‌ يتعامل‌ مع‌ سهلة‌ وأبي‌ حذيفة‌ معاملة‌ الوالِدَين‌، وهما أيضاً كانا يتعامللان‌ معه‌ نفس‌ المعاملة‌. فهو عندهم‌ بمنزلة‌ المحرم‌. ولعلّه‌ كان‌ يقبّل‌ سهلة‌ ويحتضنها كأُمٍّ له‌، ولم‌ يكن‌ إرضاعه‌ من‌ الثدي‌ مستبعداً ومستهجناً كثيراً، فلهذا قال‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ما مضمونه‌: أعلم‌ أ نّه‌ كبير، لكن‌ مع‌ ذلك‌ أرضعيه‌!

 وهذا الامر الاختصاصي‌ مولويّ بنويّ لرفع‌ الحرج‌ والضيق‌ الذي‌ كان‌ قد حصل‌ لابي‌ حذيفة‌ بعد نزول‌ القرآن‌ بإلغاء التبنّي‌. من‌ هنا ليس‌ لنا أن‌ نطبّقه‌ علی سائر الاولاد بالتبنّي‌، لا نّه‌ مختصّ بهذا المورد. من‌ جهة‌ أُخري‌ وبطرق‌ أولي‌ ليس‌ لنا أن‌ نطبّقه‌ علی الاجانب‌ كما فهم‌ ذلك‌ سائر أزواج‌ النبيّ واعترضن‌ علی عائشة‌.

 أمّا عائشة‌ التي‌ كانت‌ تري‌ نفسها صاحبة‌ رأي‌ وفتوي‌، فقد أرادت‌ أن‌ تحكم‌ وتُفتي‌ كالنبيّ، والعياذ بالله‌. وإذا اعترض‌ عليها النبيّ وقال‌ لها: لِمَ فعلتِ هذا؟! أجابته‌ فوراً: لا نّك‌ فعلتَه‌ مع‌ سهلة‌ وسالم‌!

 أجل‌. إنّنا نشكر الله‌ تعإلی‌ إذ كانت‌ عائشة‌ تري‌ الرضاع‌ خمس‌ مرّات‌ كافياً. ولو قُدِّر لها أن‌ تعمل‌ وفقاً لحكم‌ الحقّ عند الشيعد الإماميّة‌، وهو تحقّق‌ الرضاع‌ من‌ الثدي‌ عشر مرّات‌ أو خمس‌ عشرة‌ مرّة‌ متوإلیة‌. لصار طلاّب‌ لقائها وحدها أضعافاً مضاعفة‌، ذلك‌ أ نّهم‌ ينبغي‌ أن‌ ينكبّوا علی ثدي‌ أُختها أُمّ كلثوم‌، أو بنت‌ أختها، ويرضعوا عشر مرّات‌ أو خمس‌ عشرة‌ مرّة‌ حتّي‌ يشبعوا أو يكتنز لحمهم‌ وتقوي‌ عظامهم‌.

 وبالجملة‌، فقد أطّلعنا علی شي‌ء من‌ أعمال‌ هذين‌ العالمين‌ الرئيسين‌ المتقديَين‌ عند العامّة‌ وفتاواهم‌ وأحوالهم‌. فمن‌ المناسب‌ أن‌ نُرخي‌ العنان‌ للقلم‌ فينعطف‌ نحو إمامَيْهم‌ الآخرين‌:

  بحث‌ حول‌ محمّد بن‌ إدريس‌ الشافعيّ القُرَشيّ المُطَّلِبيّ

 قال‌ البحّاثة‌ العليم‌ السيّد محمّد باقر الموسويّ الخوانساريّ في‌ روضاته‌:

 السيّد المشكور والمقتدي‌ المشهور في‌ مذهب‌ الجمهور محمّد بن‌ إدريس‌ ابن‌ العبّاس‌ بن‌ عثمان‌ بن‌ الشافع‌ بن‌ السائب‌ بن‌ عُبَيد بن‌ عبد يزيد بن‌ هاشم‌ بن‌ المطلّب‌ بن‌ عبد مناف‌ القرشيّ المطلّبي‌ المشتهر بالإمام‌ الشافعيّ

  قال‌ صاحب‌ « القاموس‌ » في‌ نسبه‌: وبنو شافع‌ من‌ بني‌ المطلّب‌ بن‌ عبد مناف‌. منهم‌ الإمام‌ الشافعيّ. ونظم‌ نسبه‌ الإمام‌ الرافعيّ، فقال‌:

 مُحَمَّد إدريسٌ عَبَّاس‌ وَمَن                      بَعْدَهُمْ عُثْمَانُ بْنُ شَافِعْ

 وَسَائِبَ بْنُ عُبَيْدٍ سَابِعْ                عَبْدُ يَزِيدُ ثَامِنٌ وَالتَّاسِعْ

 هَاشِمٌ المَوْلُودُ ابْنُ المُطَّلِبْ                    عَبْدُ مَنَافٍ لِلْجَمِيعِ تَابِعْ

 وذكره‌ ابن‌ خلّكان‌ في‌ « وفيّات‌ الاعيان‌ » فقال‌ بعد جرّ نسبه‌ إلی‌ عبد مناف‌ المعروف‌ من‌ أجداد سيّد ولد عدنان‌: لقي‌ جدّه‌ شافع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وهو مترعرع‌. وكان‌ أبوه‌ السائب‌ صاحب‌ راية‌ بني‌ هاشم‌ يوم‌ بدر، وأُسر وفدي‌ نفسه‌، ثمّ أسلم‌. فقيل‌ له‌: لِمَ لَمْ تُسلم‌ قبل‌ أن‌ تفدي‌ نفسك‌؟ قال‌: ما كنتُ أحرم‌ المؤمنين‌ طمعاً لهم‌ فيّ. [24]

 وقال‌ الشافعيّ: قدمتُ علی مالك‌ بن‌ أنس‌ وقد حفظتُ « الموطّأ »، فقال‌ لي‌: أحضر من‌ يقرأ لك‌. فقلتُ: أنا قاري‌. فقرأتُ عليه‌ « الموطّأ » حفظاً. فقال‌: إن‌ يك‌ أحد يُفلح‌ فهذا الغلام‌!

 وكان‌ سفيان‌ بن‌ عينية‌ إذا جاءه‌ شي‌ من‌ التفسير أو الفتيا، التفت‌ إلی‌ الشافعيّ، فقال‌: سلوا هذا الغلام‌!

 وقال‌ أحمد بن‌ حنبل‌: ما أحد ممّن‌ بيده‌ محبرة‌ أو ورق‌ إلاّ وللشافعيّ في‌ رقبته‌ مِنّة‌! وكان‌ الزعفرانيّ يقول‌: كان‌ أصحاب‌ الحديث‌ رقوداً حتّي‌ جاء الشافعيّ فأيقظهم‌، فيتقّظوا. وفضائله‌ أكثر من‌ أن‌ تُعدّ.

 ومولده‌ سنة‌ خمسين‌ ومائة‌، وقد قيل‌: إنّه‌ وُلِدَ في‌ إلیوم‌ الذي‌ توفّي‌ فيه‌ الإمام‌ أبو حنيفة‌.

 وأورد صاحب‌ « روضات‌ الجنّات‌ » هنا شرحاً مشبعاً في‌ بيان‌ مدّة‌ الحمل‌ وأكثره‌ وأقلّه‌، ومقدار حمل‌ رسول‌ الله‌، وآية‌ النسي‌ء نقلاً عن‌ كتاب‌ « مقامع‌ الفضل‌ » للآغا محمّد عليّ الكرمانشاهيّ، ثمّ قال‌ بعد ذلك‌:

 رجعنا إلی‌ كلام‌ صاحب‌ « الوفيّات‌ ». قال‌: وقدم‌ بغداد سنة‌ خمسة‌ وتسعين‌ ومائة‌، فأقام‌ بها سنتين‌، ثمّ خرج‌ إلی‌ مكّة‌، ثمّ عاد إلی‌ بغداد سنة‌ ثمان‌ وتسعين‌ ومائة‌، فأقام‌ بها شهراً، ثمّ خرج‌ إلی‌ مصر. وكان‌ وصوله‌ إلیها في‌ سنة‌ تسع‌ وتسعين‌ ومائة‌، ولم‌ يزل‌ بها إلی‌ أن‌ توفّي‌ يوم‌ الجمعة‌ آخر يوم‌ من‌ رجب‌ سنة‌ أربع‌ ومائتين‌. ودُفن‌ بعد العصر من‌ يومه‌، بالقرافة‌ الصغري‌، وقبره‌ يزار بها بالقرب‌ من‌ المقطّم‌ ـ انتهي‌ كلام‌ ابن‌ خلّكان‌. [25]

 وقال‌ ابن‌ خلّكان‌ في‌ ترجمة‌ أبي‌ جعفر محمّد بن‌ أحمد بن‌ نصر الترمذيّ الفقيه‌ الشافعيّ، أ نّه‌ كان‌ يقول‌: تفقّهتُ علی مذهب‌ أبي‌ حنيفة‌، فرأيتُ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ مسجد المدينة‌ عام‌ حججتُ، فقلتُ: يا رسول‌ الله‌ قد تفقّهت‌ بقول‌ أبي‌ حنيفة‌، أفآخذ به‌؟! فقال‌: لا. فقلتُ: آخذ بقول‌ مالك‌ بن‌ أنس‌؟! فقال‌: خذ منه‌ ما وافق‌ سنّتي‌! قلتُ: أفآخذ بقول‌ الشافعيّ؟! فقال‌: مَا هُوَ بِقَوْلِهِ إلاَّ أَ نَّهُ أَخَذَ بِسُنَّتِي‌ وَرَدَّ علی مَنْ خَالَفَهَا.

 قال‌: فخرجتُ علی أثر هذه‌ الرؤيا ] إلی‌ مصر [ وكتبتُ كتب‌ الشافعيّ.

 وقال‌ الدار قطني‌: هو ثقة‌ مأمون‌ ناسك‌.

 هذا وفي‌ أوّليّات‌ الفاضل‌ السيوطيّ وغيره‌ أنّ الشافعيّ أوّل‌ من‌ صنّف‌ آيات‌ الاحكام‌، وأوّل‌ من‌ صنّف‌ في‌ أُصول‌ الفقه‌، وأوّل‌ من‌ تكلّم‌ في‌ مختلف‌ الحديث‌ وصنّف‌ فيه‌.

 قال‌ صاحب‌ « الروضات‌ »: قلتُ: ومن‌ جملة‌ ما صنّفه‌ أيّام‌ مقامه‌ ببغداد هو كتابه‌ القديم‌ الذي‌ سمّاه‌ « الحجّة‌ » كما ذكره‌ محيي‌ الدين‌ النوويّ في‌ شرح‌ مشكلات‌ كتاب‌ « التنبيه‌ ».

حوار الشافعي‌ّ مع‌ مالك‌

وقال‌ الدميريّ في‌ كتاب‌ « حياة‌ الحيوان‌ »: حكي‌ البويطيّ عن‌ الشافعيّ قال‌: إنّه‌ كان‌ في‌ مجلس‌ مالك‌ بن‌ أنس‌ وهو غلام‌، فجاء رجل‌ إلی‌ مالك‌ استفتاه‌، فقال‌: إنّي‌ حلفتُ بالطلاق‌ الثلاث‌ إنّ هذا البليل‌ لا يهدأ من‌ الصياح‌، فقال‌ له‌ مالك‌: قد حنثت‌! [26]

 فمضي‌ الرجل‌: فالتفت‌ الشافعيّ إلی‌ بعض‌ أصحاب‌ مالك‌، فقال‌: إنّ هذه‌ الفتيا خطأ. فأخبر مالك‌ بذلك‌، وكان‌ مالك‌ مهيب‌ المجلس‌ لايجسر أحد أن‌ يرادّه‌. وكان‌ ربّما جاء صاحب‌ الشرطة‌، فوقف‌ علی رأسه‌ إذا اجلس‌ في‌ مجلسه‌.

 فقالوا لمالك‌: إنّ هذا الغلام‌ الشافعيّ يزعم‌ أنّ هذه‌ الفتيا إغفال‌ وخطأ. فقال‌ له‌ مالك‌: من‌ أين‌ قلت‌ هذا؟! فقال‌ له‌ الشافعيّ: إلیس‌ أنت‌ الذي‌ رويتَ لنا عن‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ قصّة‌ فاطمة‌ ابنة‌ قيس‌ أ نّها قالت‌ للنبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أنئ أبا جهم‌، ومعاوية‌ خطبا في‌َّ! فقال‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: أمّا أبو جهم‌ فلا يضع‌ العصا عن‌ عاتقة‌، وأمّا معاوية‌ فصعلوك‌ لا مال‌ له‌. فهل‌ كانت‌ عصا أبي‌ جهم‌ دائماً علی عاتقة‌؟! وإنّما أراد من‌ ذلك‌ الاغلب‌. فعرف‌ مالك‌ محلّ الشافعيّ ومقداره‌.

 قال‌ الشافعيّ: فلمّا أردتُ أن‌ أخرج‌ من‌ المدينة‌ جئت‌ إلی‌ مالك‌ فودّعته‌. فقال‌ لي‌ مالك‌ حين‌ فارقته‌: يا غلام‌؛ اتّق‌ الله‌ تعإلی‌ ولا تُطفي‌ هذا النور الذي‌ أعطاكه‌ الله‌ عزّوجلّ بالمعاصي‌! يعني‌ بالنور العلم‌، وهو قول‌ الله‌ تعإلی‌: وَمَن‌ لَّمْ يَجْعَلِ اللَهُ لَهُ و نُورًا فَمَا لَهُ و مِن‌ نُّورٍ. [27]

 وقال‌ السيّد أحمد بن‌ محمّد بن‌ أحمد الحافي‌ الحسينيّ في‌ كتابه‌ المسمّي‌ بـ « التبر المذاب‌ » في‌ بيان‌ ترتيب‌ الاصحاب‌ عند عدّه‌ لفاضئل‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: أخذه‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وربّاه‌ ودعاه‌ إلی‌ الإسلام‌ فلبّاه‌. فلمّا بُعث‌ كان‌ عمره‌ اثنتي‌ عشرة‌ سنة‌، وكان‌ أوّل‌ من‌ آمن‌ به‌، لما رواه‌ الإمام‌ أحمد في‌ مسنده‌ بسنده‌ إلی‌ حَبَّة‌ العُرَنيّ.

 إلی‌ أن‌ قال‌: وجميع‌ العلوم‌ أهلها تنتمي‌ إلیه‌. فالفقهاء الاربعة‌ يرجعون‌ إلیه‌. أمّا الإمام‌ أبو حنيفة‌ فهو تلميذ الصادق‌ جعفر بن‌ محمّد الباقر بن‌ عليّ بن‌ زين‌ العابدين‌ بن‌ الحسين‌ بن‌ عليّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌.

 وأمّا الإمام‌ الشافعيّ فإنّه‌ قرأ علی محمّد بن‌ الحسن‌ الشيبانيّ تلميذ أبي‌ حنيفة‌، وعلی مالك‌ بن‌ أنس‌، فيرجع‌ فقهه‌ إلیه‌.

 وأمّا الإمام‌ مالك‌ فقرأ علی اثنين‌ أحدهما ربيعة‌ الرأي‌ تلميذ عكرمة‌، وهو تلميذ ابن‌ عبّاس‌، وهو تلميذ عليٍّ عليه‌ السلام‌، والثاني‌ جعفر بن‌ محمّد الصادق‌ عليهما السلام‌.

 وأمّا الإمام‌ أحمد فقرأ علی الشافعيّ، فيرجع‌ فقهه‌ إلیه‌. انتهي‌.

 وللشافعيّ أشعار فاخرة‌ ونظمات‌ شتّي‌ في‌ مختلفات‌ من‌ المعني‌ ذكر جملة‌ منها أيضاً صاحب‌ « الوفيّات‌ ». منها قوله‌، وهو من‌ أجود أشعاره‌:

 يَا رَبِّ! أَعْضَاءُ الوُضُوءِ عِتْقُهَا                    مِنْ فَضْلِكَ الوَافِي‌ وَأَنْتَ الوَاقِي‌

 وَالعِتْقُيَسْرِي‌ فِي‌ الغِنَي‌ يَا ذَاالغِنَي                    فَامْنُنْ علی الفَانِي‌! بِعِتْقِ البَاقِي‌

 وله‌ أيضاً:

 وَلَوْلاَ الشِّعْرُ بِالعُلَمَاءِ يُزْرِي                     لَكُنْتُ إلیوْمَ أَشْعَرَ مِنْ لَبِيدِ

 وله‌ أيضاً:

 يَقُولُونَ أَسْبَابَ الفِرَاغِ ثَلاَثَةٌ                     وَرَابِعُهَا خَلْوَةٌ وَهُوَ خِيَارُهَا

 وَقَدْ ذَكَرُوا مَالاً وَأَمْناً وَصِحَّةً                    وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الشَّبَابَ مَدَارُهَا

 وله‌ أيضاً:

 مِحَنُ الزَّمَانِ كَثِيرَةٌ لاَ تَنْقَضِي                 وَسُرُورُهُ يَأْتِيكَ كَالاَعْيَادِ

 تَأْتِي‌ المَكَارِهُ حِينَ تَأْتِي‌ جُمْلَةٌ                وَتَرَي‌ السُّرُورَ يَجِي‌ءُ كَالفَلَتَاتِ

 وله‌ أيضاً:

 وَإذَا عَجَزْتَ عَنِ العَدُوِّ فَدَارِه                    وَامْزَحْ لَهُ إنَّ المُزَاحَ وِفَاقُ

 فَالمَاءُ بِالنَّاِ الَّتِي‌ هِيَ ضِدُّه                     يُعْطِي‌ النَّضَاجَ وَطَبْعُهَا الإحْرَاقُ

شعر الشافعي‌ّ في‌ ولاء أهل‌ البيت‌

 وله‌ أيضاً في‌ الولاية‌ شي‌ كثير ومدائح‌ غفيرة‌ لمن‌ نزل‌ في‌ شأنهم‌ آية‌ التطهير. منها ما نقله‌ صاحب‌ « حدائق‌ الشيعة‌ » من‌ أنّ الشافعيّ سأله‌ بعض‌ الناس‌ عن‌ صفة‌ مولانا أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، فقال‌:

 مَا يَسَعُنِي‌ أَنْ أَقُولَ فِي‌ حَقِّ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ ثَلاَثٌ مَعَ ثَلاَثٍ لَمْ يَجْتَمِعْنَ فِي‌ أَحَدٍ قَطُّ: الجُودُ مَعَ الفَقْرِ، وَالجَلاَدَةُ مَعَ الرَّأْي‌، وَالعِلْمُ مَعَ العَمَلِ. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

 أَنَا عَبْدٌ لِفَتَي‌ أُنْزِلَ فِيهِ هَلَ أَتَي               إلی‌ مَتَي‌ أَكْتُمُهُ إلی‌ مَتَي‌ إلی‌ مَتَي‌؟

 ونُقل‌ عنه‌ أيضاً أ نّه‌ قال‌ في‌ جواب‌ رجل‌ آخر سأله‌ عن‌ ذلك‌:

 مَا أَقذولُ فِي‌ رَجُلٍ أَسَرَّ أَوولِيَاؤُهُ مَنَاقِبَهُ تَقِيَّةً، وَكَتَمَهُ أَعْدَاؤُهُ حَنَقاً وَعَدَاوَةً، وَمَعَ ذَلِكَ قَد شَاعَ مِنْهُ مَا مَلاَتِ الخَافِقِينَ. [28]

 وقد أخذ منه‌ السيّد تاج‌ الدين‌ العامليّ رحمه‌ الله‌ هذا المعني‌ في‌ قوله‌:

 لَقَدْ كَتَمَتْ آثَارَ آلِ مُحَمَّدٍ              مُحِبُّوهُمُ خَوْفاً وَأَعْدَاؤُهُمْ بُغْضَا

 فَأُبْرِزَ مِنْ بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ نَبَذَةٌ                    بِهَا مَلاََ اللَهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضَا

 ومن‌ المشهور المتواتر عنه‌ نقله‌ قوله‌ في‌ جملة‌ ما نُسب‌ إلیه‌ كلّه‌:

 لَو أنَّ المُرْتَضَي‌ أَبْدَا مَحَلَّهْ                      لَخَرَّ النَّاسُ طُرّاً سُجَّداً لَهُ

 وَمَاتَ الشَّافِعيُّ لَيْسَ يَدْرِي                    عَلِيٌّ رَبُّهُ أَمْ رَبُّهُ اللَهُ

 وقوله‌:

 إذَا فِي‌ مَجْلِسٍ ذَكَرُوا عَلِيّاً                      وَشِبْلَيْهِ وَفَاطِمَةَ الزَّكِيَة‌

 يُقَالُ: تَجَاوُزُوا يَا قَوْمِ عَنْهُ                        فَهَذا مِنْ حَدِيثِ الرَّافِضِيَّة‌

 بَرِئتُ إلی‌ المُهَيْمِنِ مِنْ أُنَاسٍ                  یَرَوْنَ الرَّفْضَ حُبَّ الفَاطِمِيَّة‌

 علی آلِ الرَّسُولِ صَلاَةُ رَبِّي‌                    وَلَعْنَتُهُ لِتِلْكَ الجَاهِلِيَّة‌

شعر الشافعي‌ّ في‌ حبّ آل‌ محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌

 وله‌ أيضاً برواية‌ ابن‌ الحجر المكّيّ في‌ كتاب‌ « الصواعق‌ »:

 يَا أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَهِ حُبُّكُمُ                 فَرْضٌ مِنَ اللَهِ فِي‌ القُرْآنِ أَنْزَلَهُ

 كَفَاكُمُ مِنْ عَظِيمِ القَدْرِ أَ نَّكُمُ                  مَن‌ لاَ يُصَلِّي‌ عَلَيْكُمْ لاَ صَلاَةَ لَهُ

 وعن‌ رواية‌ محمّد بن‌ يوسف‌ الزَّرنديّ أ نّه‌ لمّا صرّح‌ محمّد بن‌ إدريس‌ الشافعيّ المطَّلبيّ بمحبّته‌ لاهل‌ بيت‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، وقيله‌ فيه‌ ما قيل‌ من‌ الكلام‌ الطويل‌، عرّض‌ علی أصحاب‌ التخطئة‌ في‌ ذلك‌ بقوله‌:

 إذَا نَحْنُ فَضَّلْنَاعَلِيَّاً فَإنَّنَا              رَوَافِضُبالتَّفْضِيل عِنْدَأُولِي‌الجَهْلِ

 وَفَضْلٌ أَبِي‌ بَكْرٍ إذَا مَا ذَكَرْتُهُ                   رُمِيتُ بِنَصْبٍ عِندَ ذِكْرِي‌ لِلفَضْلِ

 فَلاَ زِلْتُ ذَا رَفْضٍ وَنَصْبٍ كِلاَهُمَا               بِحُبِّيهِمَا حَتَّي‌ أُوَسَّدَ فِي‌ الرَّمْل‌

 وله‌ أيضاً برواية‌ صاحب‌ « التبر المذاب‌ » وغيره‌ أشعار ومراثي‌ كثيرة‌ في‌ الحسين‌ بن‌ عليّ عليهما السلام‌. وقد ذكر جملة‌ منها في‌ أواخر المجلّد العاشر من‌ « بحار الانوار » ( طبعة‌ الكمبانيّ ) فليلاحظ‌ إن‌ شاء الله‌.

 وينسب‌ إلیه‌ أيضاً برواية‌ ابن‌ الصبّاغ‌ المالكيّ في‌ كتابه‌ « الفصول‌ المهمّة‌ »:

 يَا رَاكِباً قِفْ بِالمُحَصَّبِ [29] مِنْ مِنَي                       وَاهْتَفْ بِسَاكِنِ خَيْفِهَا والنَّاهِضِ

 سَحَراً إذَا فَاضَ الجَمِيعُ إلی‌ مِنَي                        فَيَضآ كَمُلْتَطَمِ الفُرَاتِ الفَائِضِ

 إنْ كَانَ رَفْضاً حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ                    فَلْيَشْهَدِ الثَّقَلاَنِ أَنِّي‌ رَافِضِي‌ [30]

 هذا ومن‌ جملة‌ فوائده‌ المرضيّة‌ بنقل‌ صاحب‌ « الاثنا عشريّة‌ »:

 مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ عَظُمَتْ قِيَمُتُه‌، وَمَن‌ تَعَلَّمَ الفِقْهِ نَبُلَ مِقْدَارُهُ، وَمَنْ كَتَبَ الحَدِيثَ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ، وَمَنْ تَعَلَّمَ الحِسَابَ جَزُلَ رَأْيُهُ، وَمَنْ تَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ رَقَّ طَبْعُهُ، وَمَنْ لَمْ يَصُنْ نَفْسَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ. انتهي‌.

 وعن‌ كتاب‌ « تفضيل‌ فرق‌ الشيعة‌ » للشيخ‌ أبي‌ المعإلی‌ الجوينيّ أ نّه‌ لمّا كانت‌ الغلبة‌ مع‌ الشافعيّ دائماً في‌ مناظراته‌ مع‌ محمّد بن‌ الحسن‌ الشيبانيّ وأبي‌ يوسف‌ القاضي‌ تلميذي‌ أبي‌ حنيفة‌ الكوفيّ، صار ذلك‌ سبباً في‌ سعايتهما له‌ إلی‌ الخليفة‌ بأنّ له‌ داعية‌ الخلافة‌ ونحوها، إلی‌ أن‌ تغيّر عليه‌ وجهه‌ كثيراً. ثمّ لمّا أراد الله‌ تعإلی‌ خلاف‌ ما طلباه‌، وانكشف‌ كذبهما في‌ كلّ ما نمياه‌ إلیه‌ انقلبت‌ القضيّة‌، وصار ذلك‌ منشأ لقرب‌ مكانته‌ من‌ الخليفة‌ وشدّة‌ غضبه‌ عليهما، بحيث‌ قد صدر الامر العإلی‌ بإخراجهما من‌ المجلس‌ الرفيع‌، بأن‌ يُسحبا علی وجوههما في‌ التراب‌، ويجرّ بأرجلهما إلی‌ خارج‌ الباب‌؛ وهما بعد ما وقعا عرضة‌ لهذه‌ الفضيحة‌ أخذا في‌ الدعوة‌ علی الشافعيّ، فكانا يقولان‌ بعد ذلك‌: اللَهُمَّ أَمِتْهُ وَأَهْلِكْهُ. فلمّا بلغ‌ الشّافعيّ ذلك‌ أنشأ يقول‌:

 تَمَنَّي‌ رِجَالٌ أَنْ أَمُوتَ وَإنْ أَمُتْ                فَتِلْكَ سَبِيلٌ لَسْتُ فِيهَا بِأَوْحَدِ

 فَقُلْلِلَّذِي‌ يَبْقَي‌ خِلاَفَالَّذِي‌مَضَي‌               تَهَيَّأْ لاِخْرَي‌ مِثْلِهَا فَكَأَنْ قَدِ [31]

 قال‌ ابن‌ حجر الهيتميّ المكّيّ في‌ صواعقه‌ بعد نقل‌ الابيات‌ الثلاثة‌ عن‌ الشافعيّ: «يا راكباً»: قال‌ البيهقيّ: وإنّما قال‌ الشافعيّ ذلك‌ حين‌ نسبة‌ الخوارج‌ إلی‌ الرفض‌ حسداً وبغياً. وله‌ أيضاً، وقد قال‌ المزنيّ: إنّك‌ رجل‌ توإلی‌ أهل‌ البيت‌ فلو علمتَ في‌ هذا الباب‌ أبياتاً، فقال‌:

 وَمَا زَالَ كَتمْاً مِنْكَ حَتَّي‌ كَأَنَّنِي‌                بِرَدِّ جَوَابِ السَّائِلِينَ لاَعْجَمُ

 وَأَكْتُمُ وُدِّي‌ مَع‌ صَفَاءِ مَوَدَّتِي‌                  لِتَسْلَمَ مِنْ قَوولِ الوُشَاةِ وَأَسْلَمُ

 وقال‌ الشافعيّ أيضاً:

 قَالُوا تَرَفَّضْتَ قُلْتُ كَلاَّ                مَا الرَّفْضُ دِينِي‌ وَلاَ إعْتِقَادِي‌

 لَكِنْ تَوَلَّيْتُ غَيْرَ شَكٍّ                  خَيْرَ إمَامٍ وَخَيْرَ هَادِي‌

 إنْ كَانَ حُبُّ الوَلِيِّ رَفْضاً             فَإنَّنِي‌ أَرْفَضَ العِبَادِ [32]

كان‌ الشافعي‌ّ عامّي‌ّ المذهب‌ ومعتقداً بالخلفاء

 يتبيّن‌ ممّا ذكرناه‌ أنّ الشافعيّ كان‌ يري‌ الإمام‌ عليّاً أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وأبناءه‌ الطاهرين‌ في‌ كمال‌ العلوّ والسموّ، وكان‌ يحبّهم‌. بَيدَ أ نّه‌ لم‌ يخضع‌ لولايتهم‌ ولم‌ يتبرّأ من‌ أبي‌ بكر، وعمر. بل‌ كان‌ يقرّ بفضائلها ويعتقد بخلافتهما. وكذلك‌ كان‌ يقرّ لعثمان‌ بمنزلة‌ وفضيلة‌، كما سُمعت‌ له‌ أبيات‌ حكاها الربيع‌ بن‌ سليمان‌ عنه‌. [33]

 وهي‌ قوله‌:

 شَهِدْتُ بِأَنَّ اللَهَ لاَرَبَّ غَيْرُهُ                     وأَشْهَدُ أَنَّ البَعْثَ حَقٌّ وَأُخْلِصُ

 وَأَنَّ عُرَا الإيمان قَوْلٌ مُحَسَّنٌ                  وفِعْلٌ زَكِيٌّ قَدْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ

 وَأَنَّ أَبَابَكْرٍ خَلِيفَةُ رَبِّه                 وَكَانَ أَبُو حَفْص علی الخَيْرِة‌يَحْرِصُ

 وَأُشْهِدُ رَبِّي‌ أَنَّ عُثْمَانَ فَاضِلٌ                  وأَنَّ عَلِيّاً فَضْلُهُ مُتَخَصَّصُ

 أَئِمَّةُ قَوْمٍ نَهْتَدِي‌ بِهُداهُمُ                        لَحَا اللَهُ مَنْ إيَّاهُمُ يَتَنَقَصُ [34]

 في‌ ضوء ذلك‌ لا تدلّ أشعاره‌ الرفيعة‌ جميعها علی تشيّعه‌، لا8نّ التبرّ لازم‌ في‌ التشيّع‌ مضافاً إلی‌ التولّي‌. وهو كابن‌ أبي‌ الحديد المعتزليّ، فمع‌ قصائده‌ السبع‌ الغرّ النادرة‌ المثال‌، ومع‌ المحامد والمحاسن‌ التي‌ ذكرها في‌ « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ »، لكنّه‌ رجل‌ سنّيّ عامّيّ! لقوله‌ بحقّانيّة‌ خلافة‌ الشيخين‌.

الشافعي‌ّ سنّي‌ّ معتدل‌

 أمّا الشافعيّ فهو سنّيّ معتدل‌ لا متجاوز ولا متهتّك‌، لا نّه‌ أوّلاً: لايتبع‌ الاشعريّ في‌ الاُصول‌ كسائر العامّة‌، ويقول‌ بالعدل‌. وثانياً: يردّ الرأي‌ والقياس‌ الظنّي‌ والاستحسان‌ في‌ الفروع‌، فهو ليس‌ كأبي‌ حنيفة‌ ومالك‌.

 أمّا العدل‌ الإلهيّ، فهو يعتقد به‌ كالشيعة‌ والمعتزلة‌. كما روي‌ عنه‌ الشيخ‌ سليمان‌ الحنفيّ القندوزيّ أ نّه‌ قال‌ في‌ شعره‌:

 لَوْ فَتَّشُوا قَلْبِي‌ لاَلْفَوا بِهِ                        سَطْرَْین قَدْ خُطَّا بِلاَ كَاتِبِ

 العَدْلُ وَالتَّوْحِيدُ فِي‌ جَانِبٍ                      وَحُبُّ أَهْلِ البَيْتِ فِي‌ جَانِبِ [35]

 كما نُقل‌ في‌ أشعاره‌ السابقة‌ عن‌ « النجوم‌ الزاهرة‌ » تصريحه‌ بأنّ الإيمان‌ يزيد وينقص‌. وهذه‌ من‌ المسائل‌ التي‌ شمرّ أبو حنيفة‌ عن‌ ساعد الجدّ في‌ ردّها. وقال‌ بصراحة‌: الإيمان لاَ يَزِيدُ وَلاَ يَنْقُصُ.

 وأمّا العمل‌ بالرأي‌ والقياس‌ والإستحسان‌، فينبغي‌ أن‌ نقول‌: تفرّد الشافعيّ في‌ عدم‌ العمل‌ بها. [36]

 الرأي‌ هو فتوي‌ الفقيه‌ عند عدم‌ الإطّلاع‌ علی مدارك‌ الحكم‌ من‌ الكتاب‌ والسنّة‌. والقياس‌ هو تطبيق‌ الحكم‌ علی موضوع‌ مماثل‌ عند القطع‌ أو الظنّ أو الاحتمال‌ بوجود الملاك‌ والمناط‌ في‌ هذا الموضوع‌ المماثل‌ مع‌ موضوع‌ الحكم‌. والاستحسان‌ هو الإفتاء في‌ شي‌ء بمجرّد استحسانه‌ في‌ النظر مع‌ أنّ حكم‌ الكتاب‌ والسنئة‌ يخالفه‌.

 والعمل‌ بالرأي‌ خطأٌ في‌ كلّ حال‌. إذ إنّ الشريعة‌ هي‌ الحكم‌ الإلهيّ الموجود في‌ الكتاب‌ والسُّنّة‌، والإجماع‌ القطعيّ علی وجود الحجّة‌ أو دخول‌ المعصوم‌. والعمل‌ بالرأي‌ هو العمل‌ القائم‌ بشخص‌ في‌ مقابل‌ الشرع‌.

 العمل‌ بالقياس‌ صحيح‌ عند تنقيح‌ المناط‌ القطعّ والملاك‌ إلیقينيّ. وعند عدم‌ إلیقين‌ بوجود ملاك‌ الحكم‌ في‌ الموضوع‌ المعهود، فإنّ جرّ الحكم‌ من‌ الموضوع‌ القطعيّ إلی‌ هذا الموضوع‌ الظنّيّ والاحتمإلی هو جرّ الحكم‌ من‌ المتيقّن‌ إلی‌ المشكوك‌. وعلی أيّه‌ حال‌ فهو مرفوض‌ ومُدان‌ في‌ ضوء الآيات‌ القرآنيّة‌ والاحاديث‌ المستفيضة‌ الدالّة‌ علی لزوم‌ تحصيل‌ إلیقين‌. [37]

الشافعي‌ّ لا يجيز العمل‌ بالرأي‌ والقياس‌

 يري‌ الشافعيّ العمل‌ بالاستحسان‌، والرأي‌، والقياسات‌ الوهمّيّة‌ والظّنّية‌ باطل‌. ولا يُقبل‌ القياس‌ عنده‌ إلاّ إذا حصل‌ القطع‌ بالملاك‌. من‌ هنا فلا خلاف‌ بين‌ مصادر فتواه‌ وفتوي‌ علماء الشيعة‌.

 وعلی الرغم‌ من‌ أنّ المذهب‌ الشافعيّ يختلف‌ عن‌ المذهب‌ الشيعيّ الجعفريّ في‌ الفروع‌ كثيراً، بَيدَ أ نّا يمكن‌ أن‌ نقول‌: هو أقرب‌ إلیه‌ من‌ مذاهب‌ العامّة‌ جميعها. [38]

 قال‌ أبو المعإلی‌ عبدالملك‌ الجوينيّ في‌ إثبات‌ المذهب‌ الشافعيّ، وردّ المذهب‌ الحنفيّ في‌ موضوع‌ الاستحسان‌:

 القول‌ بالاستحسان‌: وذلك‌ عمل‌ بلا دليل‌، فإنّ حاصله‌ يرجع‌ إلی‌ أنّ الدليل‌ معكم‌ من‌ الخبر والقياس‌ ولكنّي‌ أَسْتَحْسِن‌ مخالفته‌ وهذا إثبات‌ للشرع‌ من‌ تلقاء نفسه‌. وقال‌ الشافعيّ رضي‌ الله‌ عنه‌ حين‌ ناظر محمّد بن‌ الحسن‌ في‌ هذه‌ المسألة‌: مَن‌ استحسن‌ فقد شرّع‌، ومَن‌ شرّع‌ فقد أشرك‌.[39]

 وقال‌ الشافعيّ نفسه‌ في‌ كتاب‌ « الاُمّ » في‌ إبطال‌ الاستحسان‌: ( قال‌ الشافعيّ: ) وكلّ ما وصفتُ مع‌ ما أنا ذاكر وساكت‌ عنه‌ اكتفاء بما ذكرت‌ منه‌ عمّا لم‌ أذكر من‌ حكم‌ الله‌ ثمّ حكم‌ رسوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌، ثمّ حكم‌ المسلمين‌ دليل‌ علی أن‌ لا يجوز لمن‌ استأهل‌ أن‌ يكون‌ حاكماً أو مفتياً أن‌ يحكم‌ أو يُفتي‌ إلاّ من‌ جهة‌ خبر لازم‌. وذلك‌ الكتاب‌ ثمّ السنّة‌. أو ما قاله‌ أهل‌ العلم‌ لا يختلفون‌ فيه‌، أو قياس‌ علی بعض‌ هذا، ولا يجوز له‌ أن‌ يحكم‌ ولا يُفتي‌ بالاستحسان‌. [40] إذ لم‌ يكن‌ الاستحسان‌ واجباً، ولا في‌ واحدٍ من‌ هذه‌ المعاني‌.

 فإن‌ قال‌ قائل‌: فما يدلّ علی أن‌ لا يجوز أن‌ يستحسن‌ إذا لم‌ يدخل‌ الاستحسان‌ في‌ هذه‌ المعاني‌ مع‌ ما ذكرت‌ في‌ كتابك‌ هذا؟! قيل‌: قال‌ الله‌ عزّ وجلّ: أَيَحْسَبُ الإنسَـ'نُ أَن‌ يُترَكَ سُدًي‌. [41]

 فلم‌ يختلف‌ أهل‌ العلم‌ بالقرآن‌ فيما علمتُ أنّ السدي‌ الذي‌ لا يؤمر ولايُنهي‌. ومن‌ أفتي‌ أو حكم‌ بما لم‌ يؤمر به‌ فقد أجاز لنفسه‌ أن‌ يكون‌ في‌ معاني‌ السّدي‌، وقد أعلمه‌ الله‌ أ نّه‌ لم‌ يتركه‌ سدي‌، ورأي‌ أن‌ قال‌: أقول‌ بما شئت‌. وادّعي‌ ما نزل‌ القرآن‌ بخلافه‌ في‌ هذا، وفي‌ السنن‌، فخالف‌ منهاج‌ النبّيين‌ صلّي‌ الله‌ عليهم‌ ] وآلهم‌ [ وسلّم‌ أجمعين‌ وعوامّ حكم‌ جماعة‌ من‌ روي‌ عنه‌ من‌ العالمين‌. [42]

 وجملة‌ القول‌: أنّ من‌ ضرورات‌ المذهب‌ الشيعيّ بطلان‌ وحرمة‌ الحكم‌ والفتوي‌ بالرأي‌ والاستحسان‌ والقياس‌. [43] ومن‌ الطبيعيّ أنّ القياس‌ العلميّ فله‌ الحجّيّة‌ في‌ درجة‌ الكتاب‌ والسنّة‌ والإجماع‌ المحقّق‌. ويُدعي‌ هذا القياس‌ قياساً مستنبط‌ العلّة‌، أي‌: استنبطت‌ فيه‌ علّة‌ الحكم‌، ومتي‌ تحقّقت‌ العلة‌ تحقّق‌ الحكم‌ الذي‌ هو معلولها. كما ورد في‌ رواية‌ المعصوم‌:

 لاَ تَشْرَبِ الخَمْرِ لاِنَّهُ مُسْكِرٌ. نلحظ‌ هنا أنّ حرمة‌ شرب‌ الخمر لا تتعلّق‌ بموضوع‌ الخمر، لا نّه‌ خمر أو غير ذلك‌، بل‌ إنّ علّة‌ الحرمة‌ إسكاره‌، لهذا متي‌ تحقّق‌ الإسكار في‌ موضوع‌ تعلّقت‌ الحرمة‌ به‌ سوائ كان‌ من‌ مادّة‌ مخمَّرة‌، أم‌ من‌ غير مخمَّرة‌ كالبنج‌ وغيره‌. ذلك‌ أنّ موضوعنا في‌ الحقيقة‌ يتبدّل‌ إلی‌ موضوع‌ آخر، وهو: لاَ تَشْرَبْ كُلَّ مُسْكِرٍ!

 أو نحو الاولويّة‌ القطعيّة‌ مثل‌ قوله‌ تعإلی‌: فَلاَ تَقُل‌ لَّهُمَا أُفٍّ! [44] فيُستفاد منه‌ أنّ ضربهما حرام‌ بطريق‌ أولي‌. فجاز لنا أن‌ نستنتج‌ من‌ الحكم‌ بحرمة‌ قول‌: أُفٍّ، الحكم‌ بحرمة‌ الإساءة‌ إلیهما، وسبّهما، وضربهما بطريق‌ الاولويّة‌.

 أمّا في‌ القياسات‌ المحتملة‌ الملاك‌ والمظنونة‌ المناط‌، فلا يتسنّي‌ لنا أن‌ نحكم‌ حكماً قطعيّاً بسراية‌ الحكم‌، فلهذا يحظر استعمالها لاستنتاج‌ الاحكام‌ الشرعيّة‌ والقضايا المتوّعة‌، وهذا الباب‌ مسدود تماماً أمام‌ المجتهدين‌ والفقهاء.

 

ارجاعات


[1] ـ ليس‌ رباعيّاً.

[2] ـ قال‌ الشيخ‌ الطائفة‌ الشيخ‌ الطوسيّ رضوان‌ الله‌ تعإلی‌ علیه‌ في‌ كتاب‌ «الخلاف‌» ج‌ 2، ص‌ 625، طبعة‌ كوشانپور: في‌ أنّ اللاعِبَ بالشِّطْرنج‌ فاسِقٌ، المسألة‌ 51: اللعب‌ بالشطرنج‌ حرام‌ علی‌ أيّ وجه‌ كان‌، ويفسق‌ فاعله‌ به‌ ولا تقبل‌ شهادته‌. وقال‌ مالك‌ وأبو حنيفة‌: مكروه‌، إلاّ أنّ أبا حنيفة‌ قال‌: هو يلحق‌ بالحرام‌. وقالا جميعاً: تردّ شهادته‌. وقال‌ الشافعيّ: هو مكروه‌ وليس‌ بمحظور ولا تردّ شهادة‌ اللاعب‌ به‌ إلاّ ما كانف‌ يه‌ قماراً وترك‌ الصلاة‌ حتّي‌ يخرج‌ وقتها متعمّداً، ويتكرّر ذلك‌ منه‌ وإن‌ لم‌ يتعمّد ترك‌ الصلاة‌ حتّي‌ يذهب‌ وقتها. وقال‌ سعيد بن‌ المسيّب‌ وسعيد بن‌ جُبَير: هو مباح‌. دليلنا إجماع‌ الفرقة‌ وأخبارهم‌. وأيضاً روي‌ الحسن‌ البصريّ عن‌ رجالٍ من‌ أصحاب‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ عن‌ النبيّ علیه‌ السلام‌ أ نّه‌ نهي‌ عن‌ اللعب‌ بالشطرنج‌. وروي‌ عن‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ أ نّه‌ مرّ بقومٍ يلعبون‌ بالشطرنج‌ فقال‌: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيل‌ الَّتِي‌ أَنتم‌ لَهَا عَاكِفُونَ * فشبّهها بالاصنام‌ المعبودة‌. وروي‌ عنه‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ أ نّه‌ قال‌: اللاعب‌ بالشِّطرنج‌ مِن‌ أَكْذَبِ خَلْقِ اللَهِ يَقُولُ: مَاتَ وَمَا مَاتَ يَعني‌: قولهم‌: شَاهْ مَاتَ.

* ـ الآيتان‌ 51 و 52، من‌ السورة‌ 21: الانبياء وَلَقَدْ ءَاتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ و مِن‌ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَـ'لِمِينَ * إِذْ قَالَ لاِبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـ'ذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي‌ أَنتُمْ لَهَا عَـ'كِفُونَ.

[3] ـ يقول‌: «قال‌ الشافعيّ: الشطرنج‌ مباح‌ دائماً، قال‌ حقّاً، هكذا قال‌ الإمام‌.

 وقال‌ مالك‌ كلاماً أدقّ من‌ هذا، قال‌: نكاح‌ الغلام‌ مباح‌ عند العقلاء.

 وقال‌ أبو حنيفة‌ أفضل‌ منه‌ في‌ باب‌ الشراب‌، قال‌: الشراب‌ المغليّ ليس‌ حراماً».

 إذا أصابك‌ غمّ فتناول‌ شراب‌ النبج‌ وكن‌ سعيداً علی‌ الدوام‌

 تعاطَ البنج‌ والخمر، ومزّق‌ دُبُر الصيبيّ، وقامر. فقد كمل‌ الإسلام‌ بفتاوي‌ هؤلاء الائمّة‌ الاربعة‌!»

[4] ـ يقول‌: «قالت‌ المملوكة‌ لمالكها الذي‌ كان‌ يواقعها من‌ دبرها مُفسداً.

 اترك‌ هذا فإنّه‌ لا يجوز عند أُولي‌ الدين‌ المتشرّعين‌.

 قال‌: اسكتي‌ فإنّ شيخ‌ ديننا مالكاً رخّصه‌ لنا.

 قالت‌ المسكينة‌ وهي‌ تحته‌: ابتلاك‌ الله‌ بمالك‌ ليفعل‌ بك‌ كما تفعل‌ معي‌».

[5] ـ إلی‌ هنا المطالب‌ الواردة‌ في‌ كتاب‌ «سنة‌ الهداية‌» للآغا محمّد علی‌ البهبهانيّ نجل‌ الوحيد البهبهانيّ الآغا محمّد باقر، علی‌ ما نقل‌ المرحوم‌ صاحب‌ الحاشية‌.

[6] ـ يمكن‌ أن‌ يكون‌ الدعاء تتمّة‌ لمطالب‌ صاحب‌ كتاب‌ «سنة‌ الهداية‌» والاظر أ نّه‌ من‌ إنشاء صاحب‌ الحاشية‌.

[7] ـ الآيتان‌ 5 و 6، من‌ السورة‌ 23: المؤمنون‌.

[8] ـ الآيتان‌ 28 و 29، من‌ السورة‌ 29: العنكبوت‌.

[9] ـ الآيتان‌ 5 و 6، من‌ السورة‌ 23: المؤمنون‌.

[10] ـ الآية‌ 40، من‌ السورة‌ 24: النور.

[11] ـ «بداية‌ المجتهد ونهاية‌ المقتصد» ج‌ 2، ص‌ 34، طبعة‌ مطبعة‌ مصطفي‌ البابي‌ الحلبيّ في‌ مر، سنة‌ 1339 ه؛ وورد هذا الحديث‌ في‌ صحيح‌ مسلم‌، طبعة‌ بولاق‌، مصر، سنة‌ 1290 ه، ج‌ 1، ص‌ 416؛ ومن‌ طبعة‌ بيروت‌ بتحقيق‌ محمّد فؤاد عبدالباقي‌، ج‌ 2، ص‌ 1078، في‌ باب‌ إنّما الرضاعة‌ من‌ المجاعة‌.

[12] ـ الآية‌ 5، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌. وقبلها قوله‌ تعإلی‌: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَ ' لِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَ ' هِكُمْ وَاللَهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي‌ السَّبِيلَ.

 وقال‌ سبحانه‌ في‌ زيد بن‌ حارثة‌، في‌ الآية‌ 37، من‌ هذه‌ السورة‌: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي‌´ أَنْعَمَ اللَهُ علیهِ وَأَنْعَمْتَ علیهِ أَمْسِكْ علیكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَهَ وَتُخْفِي‌ فِي‌ نَفْسِكَ لِكَيْ لاَ يَكُونَ علی‌ الْمُوْمِنِيَ حَرَجٌ فِي‌ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَهِ مَفْعُولاً.

[13] ـ في‌ «أقرب‌ الموارد»: (الفُضُل‌) الثوب‌ يتفضّل‌ فيه‌ الرجل‌. والمرأة‌ «خرجت‌ في‌ فضل‌» ثوب‌ واحد (رجل‌ وامرأة‌ فُضُل‌) أي‌: متفضّل‌ في‌ ثوب‌ واحد. وقال‌ محمّد فؤاد عبدالباقي‌ في‌ الهامش‌: (فُضُلٌ) أي‌: مكشوفة‌ الرأس‌ والصدر. وقيل‌: علی‌ ثوب‌ واحد لا إزار تحته‌. وقيل‌: متوشّحة‌ بثوب‌ علی‌ عاتقها خالفت‌ بين‌ طرفيه‌. قال‌ ابن‌ عبدالبرّ: أصحّها الثاني‌، لانّ كشف‌ الحرّة‌ الصدر لا يخفي‌ عند محرم‌ ولا غيره‌.

[14] ـ «الموطّأ» ج‌ 2، ص‌ 605 و 606، طبعة‌ بيروت‌، دار إحياء التراث‌ العربيّ، تحقيق‌ محمّد فؤاد عبدالباقي‌، كتاب‌ الرضاع‌، باب‌ ما جاء في‌ الرضاعة‌ بعد الكبر.

[15] ـ «صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 1، ص‌ 415، طبعة‌ بولاق‌، سنة‌ 1290 ه، باب‌ رضاعد الكبير؛ وطبعة‌ بيروت‌ بتحقيق‌ محمّد فؤاد عبدالباقي‌، ج‌ 2، ص‌ 1076، تحت‌ الرقم‌ 28 من‌ هذا الباب‌.

[16] ـ «صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 1، ص‌ 416، طبعة‌ بولاق‌، سنة‌ 1290 ه؛ وفي‌ طبعة‌ بيروت‌ بتحقيق‌ محمّد فؤاد عبدالباقي‌: ج‌ 2، ص‌ 1078، رقم‌ 31.

[17]ـ «موطّأ مالك‌» ج‌ 2، ص‌ 605، طبعة‌ بيروت‌، هامش‌ رقم‌ 12.

[18] ـ الآية‌ 233، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[19] ـ الآية‌ 23، من‌ السورة‌ 4: النساء

[20] ـ ذيل‌ الديك‌ حكاية‌ بالفارسيّة‌ ملّخصها: أنّ رجلاً سرق‌ ديكاً وخبّأه‌ في‌ جيبه‌. فلمّا أمسكوه‌، أنكر وكان‌ ذيل‌ الديك‌ خارجاً من‌ جيبه‌ وهو لم‌ يره‌. فقالوا له‌: كيف‌ تنكر وهذا ذيل‌ الديك‌؟!

[21] ـ. « صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 1، ص‌ 415، طبعة‌ بولاق‌، وفي‌ طبعة‌ بيروت‌ بتحقيق‌ محمّد فؤاد عبدالباقي‌: ج‌ 2، ص‌ 1076.

[22] ـ صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 1، ص‌ 415، طبعة‌ بولاق‌، وفي‌ طبعة‌ بيروت‌ بتحقيق‌ محمّد فؤاد عبدالباقي‌: ج‌ 2، ص‌ 1076.

[23] ـ «صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 1، ص‌ 416، طبعة‌ بولاق‌، ج‌ 2، ص‌ 1078، طبعة‌ بيروت‌.

[24] ـ «تاريخ‌ بغداد» للخطيب‌، ج‌ 2، ص‌ 58.

[25] ـ إنّ ما نقله‌ صاحب‌ «الروضات‌» عن‌ صاحب‌ «وفيّات‌ الاعيان‌» موجود في‌ تاريخ‌ ابن‌ خلّكان‌، ج‌ 2، ص‌ 214 إلی‌ 218، طبعة‌ بولاق‌؛ و: ج‌ 4، ص‌ 163 إلی‌ 169، الرقم‌ 558، طبعة‌ يروت‌ بتحقيق‌ الدكتور إحسان‌ عبّاس‌.

[26] ـ العامّة‌ جميعهم‌ يحلفون‌ باللاق‌، رأي‌: زوجتي‌ مطَلَّقة‌ إذا لم‌ يكن‌ كذا أو لم‌ أفعل‌ كذا. بَيدَ أنّ الشيعة‌ مجمعون‌ علی‌ بطلان‌ هذا النوع‌ من‌ القسم‌ وأمثاله‌ كالقسم‌ بالعتاق‌ وإعطاء المال‌ في‌ سبيل‌ الله‌، ويقولون‌: القسم‌ النافذ هو القسم‌ بالله‌ تعإلی‌ فحسب‌.

[27] ـ الآية‌ 40، من‌ السورة‌ 24: النور.

[28] ـ قال‌ في‌ «أقرب‌ الموارد» الخافقان‌ المشرق‌ والمغرب‌، لانّ الليل‌ والنهار يخفقان‌ فيهما. خَفَقَ النَّجْمُ خُفُوقاً: غاب‌. وكذلك‌ الشمس‌ والقمر.

[29] ـ قال‌ في‌ «مجمع‌ البحرين‌»: وفي‌ الحديث‌: فَرَقَدَ رَقْدَةً بِالمُحَصَّبِ. هو بضمّ الميم‌ وتشديد الصاد موضع‌ الجمار عند أهل‌ اللغة‌. والمراد به‌ هنا كما نصّ علیه‌ بعض‌ شرّاح‌ الحديث‌ الابطح‌، إذا لمحصّب‌ يصحّ أن‌ لكلّ موضعٍ كثيرة‌ حصباؤه‌. والابطح‌ مسيل‌ واسع‌ فيه‌ دقاق‌ الحصي‌. وهذا الموضع‌ تارة‌ يسمّي‌ بالابطح‌ وأُخري‌ بالمحصّب‌. أوّله‌ عند منقطع‌ الشعب‌ من‌ وادي‌ مني‌ وآخره‌ متئصل‌ بالمقبرة‌ التي‌ تسمّي‌ عند أهل‌ مكّة‌ بالمعلی‌. وليس‌ المراد بالمحصّب‌ موضع‌ الجمار بمني‌، وذلك‌ لانّ السنّة‌ يوم‌ النفر من‌ مني‌ أن‌ ينفر بعد رمي‌ الجمار، وأوّل‌ وقته‌ بعد الزوال‌ وليس‌ له‌ أن‌ يلبث‌ حتّي‌ يُمسي‌. وقد صلّي‌ به‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ المغرب‌ والعشاء الآخرة‌، وقد رقد به‌ رقدةً، فعلمنا أنّ المراد من‌ المحصّب‌ ما ذكرنا.

 وقال‌ في‌ «لسان‌ العرب‌»: والحصّب‌ موضع‌ رمي‌ الجمار بمني‌. وقيل‌: هو الشِّعب‌ الذي‌ مخرجه‌ إلی‌ الابطح‌ بين‌ مكّة‌ ومني‌، يُنام‌ فيه‌ ساعة‌ من‌ الليل‌ ثمّ يُخرج‌ إلی‌ مكّة‌.

 وعلی‌ أي‌ تقدير، من‌ المعلوم‌ أنّ مراد الشافعيّ من‌ المحصّب‌ موضع‌ رمي‌ الجمار، لا نّه‌ يقول‌: قف‌ بالمحصّب‌ من‌ مني‌ واهتف‌ بالناس‌ سَحَراً. ومن‌ الطبيعيّ أنّ الناس‌ يأتون‌ عند السحر من‌ المشعر إلی‌ مني‌، لا من‌ مني‌ إلی‌ مكّة‌.

[30] ـ ذكر هذه‌ الابيات‌ الإمام‌ الفخر الرازيّ في‌ ج‌ 27، ص‌ 166، و القندوزيّ الحنفيّ! في‌ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 568، طبعة‌ النجف‌، نقلاً عن‌ ابن‌ حجر الهيتميّ في‌ «الصواعق‌» مع‌ بيت‌ رابع‌ جعله‌ الثالث‌ منهاف‌ ي‌ ينابيعه‌، و البثت‌ هو:

 وَ أُخوبرهم‌ أنّي‌ من‌ النفر الذي                            لو لاء أهل‌ البيت‌ ليس‌ بناقض‌

 لكن‌ ابن‌ حجر لم‌ يذكر هذا البيت‌ في‌ «الصواعق‌ المحرقة‌» ص‌ 79. و نقل‌ المستشار عبدالحليم‌ الجنديّ في‌ كتاب‌ «الإمام‌ جعفر الصادق‌» ص‌ 51، البتين‌ الاوّل‌ و الرابع‌ عن‌ الشافعيّ، و نقّط‌ بينهما، أي‌: أنّ بيتاً موجود بينهما. و ذكر البيت‌ الاوّل‌ بلفظ‌:

 واهتف‌ بقاعد خفيها و الناهضِ.

 و قال‌: سَمِعَ العالَمُ الشَّافِعِيَّ في‌ جامع‌ عمرو يهتزُّ تَحْناناً إلی‌ أبناء علی في‌ الحجاز، فينشد....

[31] ـ «روضات‌ الجنّات‌» ج‌ 2، ص‌ 54 إلی‌ 156، طبعة‌ الحجرّة‌؛ والطبعة‌ الحديثة‌، بيروت‌، ج‌ 7، ص‌ 257 إلی‌ 263. وذكر أبو المعإلی‌ الجوينيّ البتين‌ الاخيرين‌ أيضاً في‌ كتاب‌ «مغيث‌ الخلق‌ في‌ ترجيح‌ القول‌ الحقّ» ص‌ 84، الطبعة‌ الاُولي‌، 1352 ه.

[32] ـ «الصواعق‌ المحرقة‌ في‌ الردّ علی‌ أهل‌ البدع‌ والزندقة‌» ص‌ 79.

[33] ـ من‌ جملة‌ الإشكالات‌ التي‌ سجّلها الجميع‌ علی‌ الشافعيّ فتواه‌ بجواز نكاح‌ البنت‌ المولودة‌ من‌ رجل‌ بالزنا. قال‌ الشافعيّ: الزنا يبطل‌ النسب‌، وليس‌ لولد الزنا علاقة‌ بأبٍ وأُمّ من‌ جهة‌ الإرث‌ والنظر وما شابههما، فلا يصدق‌ عنوان‌ البنت‌ علیها شرعاً، ولا تدخل‌ في‌ قوله‌ تعإلی‌: حُرِّمَتْ علیكُمْ أُمَّـ'هَتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ (الآية‌ 23، من‌ السورة‌ 4: النساء) وللزاني‌ أن‌ ينكحها.

 وقال‌ مخالفوه‌ ومنهم‌ طائفة‌ الإماميّة‌ الحقّة‌: وردت‌ الآية‌ بتحريم‌ النكاح‌ علی‌ عنوان‌ البنت‌. ويصدق‌ عنوان‌ البنت‌ علی‌ المتولّدة‌ من‌ الزناء وتُسمّي‌ بنتاً في‌ العُرف‌ واللغة‌ لهذا يحرم‌ نكاحها، ورفع‌ إلید عن‌ بعض‌ أحكام‌ البنت‌ كالإرث‌ والنظر لا يخرجها عن‌ عنوان‌ البنت‌ في‌ اللغة‌ شرعاً. فلهذا تصحّ تلك‌ الاحكام‌ بنحو التخصيص‌. كما يصحّ عنوان‌ البنت‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌، ويحرم‌ نكاحها.

 قال‌ في‌ «الفصول‌ المختارة‌» وهو من‌ إملاء الشيخ‌ المفيد وتقرير الشريف‌ المرتضي‌، ج‌ 1، ص‌ 137 و 138: قال‌ أبو حنيفة‌: إنّ الرجل‌ إذا تزوّج‌ بالمرأة‌. ثمّ طلّقها عقيب‌ عقد النكاح‌ بلا فصل‌، فأتت‌ بولد لسنّة‌ أشهر أ نّه‌ يلحق‌ به‌ من‌ غير أن‌ يكون‌ جامعها الرجل‌ ولا خلا بها. وإنّما عقد علیه‌ لها أبوها وطلّقها هو في‌ المجلس‌ فألحق‌ بالرجل‌ غير ولده‌. وقال‌: لو عقد علیها بمصر وهي‌ ببغداد ثمّ جاءت‌ بولد وهو بمصر لم‌ يبرح‌ منها لَلَحِق‌ به‌ الولد. وقال‌ الشافعيّ بضدّ هذا إنّه‌ لو افتضّ رجل‌ بكراً وأجبلها فجاءت‌ بابنة‌ لحلّ له‌ العقد علیها وحلّ له‌ وطيها. فأباح‌ هذا نكاح‌ ابنته‌ وعلّق‌ ذلك‌ علی‌ الرجل‌ غير ولده‌.

[34] ـ «النجوم‌ الزاهرة‌ في‌ ملوك‌ مصر والقاهرة‌» تإلیف‌ يوسف‌ بن‌ تعزي‌ بردي‌ الاتابكي‌ّ، چ‌ 3، ص‌ 299، طبعة‌ دار الكتب‌ المصريّة‌، القاهرة‌ سنة‌ 1351 ه. وقال‌ المعلّق‌ في‌ الهامش‌: في‌ «تاريخ‌ ابن‌ عساكر» ج‌ 2، ص‌ 65: لاشي‌ء غيره‌. وقال‌ في‌ فضله‌ متخصّص‌: في‌ الاصل‌ فضله‌ لمخصّص‌. وما أثبتناه‌ عن‌ «تاريخ‌ ابن‌ عساكر. وأضفنا البيت‌ الخامس‌ نقلاً عن‌ «تأريخ‌ ابن‌ عساكر».

[35] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 568، الطبعة‌ السابقة‌، النجف‌ الاشرف‌، سنة‌ 1384 ه.

[36] ـ قال‌ عبدالملك‌ الجوينيّ في‌ كتاب‌ «مغيث‌ الخلق‌» ص‌ 33، في‌ دعم‌ المذهب‌ الشافعيّ وردّ المذاهب‌ الحنفيّ:

 ومنها (من‌ جملة‌ الإيرادات‌ علی‌ أبي‌ حنيفة‌): قوله‌ بأنّ الخبر الواحد إذا ورد مخالفاً للقياس‌ كان‌ مردوداً. ولا شكّ أنّ أصل‌ القياس‌ الخبر، فالواجب‌ أن‌ يطلب‌ الموافقة‌ بين‌ الفرع‌ والاصل‌، إن‌ كان‌ القياس‌ موافقاً للاصل‌ وهو الخير كان‌ مقبولاً، وإن‌ كان‌ مخالفاً للاصل‌ علم‌ بطلانه‌، فأمّا أن‌ يطلب‌ موافقه‌ الاصل‌ الفرع‌ حتّي‌ تستوي‌ الاُصول‌ علی‌ الفروع‌ فذاك‌ مستحيل‌ عقلاً ونقلاً، بل‌ الفروع‌ تُسوّي‌ علی‌ الاُصول‌ أبداً، ومثل‌ هذا كثير علی‌ أُصوله‌.

[37] ـ قال‌ في‌ كتاب‌ «مغيث‌ الخلق‌» ص‌ 35: وقال‌ إمام‌ المسلمين‌ أحمد بن‌ حنبل‌ رضي‌ الله‌ عنه‌ لمّا لقي‌ الشافعيّ رضي‌ الله‌ عنه‌: جاءنا صيرفي‌ّ الحديث‌. وقال‌ الشافعيّ رضي‌ الله‌ عنه‌: مَن‌ علم‌ الحديث‌ غزرت‌ حجّته‌. وإنّ أبا حنيفة‌ رضي‌ الله‌ عنه‌ كانت‌ بضاعته‌ من‌ علم‌ الحديث‌ مزجاة‌، والذي‌ يدلّ علیه‌ أنّ أصحاب‌ الحديث‌ شدّدوا النكير علی‌ أبي‌ حنيفة‌ رحمه‌ الله‌ فقالوا: إنّ أقواماً أعوزهم‌ حفظ‌ أحاديث‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌، فاستعملوا الرأي‌، فضلّوا وأضلّوا.

[38] ـ من‌ الفوارق‌ البيّنة‌ بين‌ الشافعيّ والإماميّة‌ نكاح‌ البنت‌ المخلوقة‌ من‌ الزنا. فذهبت‌ الإماميّة‌ إلی‌ تحريم‌ البنت‌ المخلوقة‌ من‌ الزنا علی‌ الاب‌ والاخ‌ والعمّ والخال‌، وكذا باقي‌ المحرّمات‌ المؤبدة‌ بالنسب‌. وقال‌ الشافعيّ: حلال‌. قال‌ العلاّمة‌ الحلّيّ في‌ «نهج‌ الحقّ وكشف‌ الصدق‌» ص‌ 522 و 523: وقال‌ الشافعيّ: يجوز ذلك‌. فجوّز أن‌ ينكح‌ الرجل‌ بنته‌ من‌ الزنا وأُخته‌ وأُمّه‌ وعمّته‌ وخالته‌ وكلّ من‌ حرّم‌ الله‌ تعإلی‌ في‌ كتابه‌. وكذا من‌ يجتمع‌ فيها سببا تحريم‌ وأسباب‌ كأُمّ هي‌ أُخت‌ أو بنت‌ هي‌ بنت‌ بنت‌ أو عمّة‌ هي‌ خالة‌.* وهذا بعينه‌ مذهب‌ المجوس‌ «نعوذ بالله‌ تعإلی‌ من‌ المصير إلی‌ ذلك‌». وقد قال‌ الله‌ تعإلی‌: حُرِّمَتْ علیكُمْ أُمَّهَـ'تُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ. وهذه‌ صفات‌ حقيقيّة‌ لا يتغيّر بتغيّر الشرائع‌ والاديان‌ منع‌ إلحاقهم‌ بالانساب‌ في‌ الميراث‌ وغيره‌ من‌ الحقوق‌ الشرعيّة‌ لا يخرجهم‌ عن‌ الصفات‌ الحقيقيّة‌. ولهذا تضاف‌ إلیه‌، فيقال‌: ابنته‌ أو أُمّه‌ أو أُخته‌ من‌ الزنا. وليس‌ هذا التقييد موجباً للمجازيّة‌ كما في‌ قولنا: أُخته‌ من‌ النسب‌ ليفصلها عن‌ أُخت‌ الرضاع‌، ولانّ التحريم‌ شامل‌ لمن‌ تصدق‌ علیه‌ هذه‌ الالفاظ‌ حقيقةً أو مجازاً إجماعاً ـ إلی‌ آخر كلامه‌.

[39] ـ کتاب « مغیث الخلق» ص 32.

[40] ـ قال‌ الشيخ‌ محمّد النجّار الزهريّ في‌ مقدمّة‌ كتاب‌ «الاُمّ» للشافعيّ، ص‌ «ح‌»: بن‌ الإمام‌ الشافعيّ مذهبه‌ علی‌ الكتاب‌ والسنّة‌ والاءجماع‌ والقياس‌، ولم‌ يجنح‌ إلی‌ الاستحسان‌ الذي‌ ذهب‌ إلیه‌ الإمام‌ أبو حنيفة‌. وتحرير القول‌ في‌ الخلاف‌ بين‌ الحنفيّة‌ والشافعيّة‌ في‌ اتّخاذ الاستحسان‌ أصلاً في‌ الشريعة‌، محلّه‌ كتب‌ الاُصول‌.

[41] ـ الآية‌ 36، من‌ السورة‌ 75: القيامة‌.

[42] ـ «الاُمّ» تإلیف‌ محمّد بن‌ إدريس‌ الشافعيّ، ج‌ 7، ص‌ 298، الطبعة‌ الاُولي‌، سنة‌ 1381 ه، شركة‌ الطباعة‌ الفنّية‌ المتّحدة‌.

[43] ـ تحدّث‌ الجويني‌ مفّصلاً عن‌ كيفيّة‌ أخذ القياس‌ عند الشافعيّ، وذكر في‌ كتاب‌ «مغيث‌ الخلق‌» قبل‌ ص‌ 43، سلسلة‌ المراتب‌ والدرجات‌ في‌ تنقيح‌ الاحكام‌ الشرعيّة‌، ثمّ قال‌ في‌ ص‌ 43:

 هذا تدقيق‌ نظر الشافعيّ ووجه‌ تصرّفاته‌ في‌ تفاريعه‌ حيث‌ رتّب‌ هذا الترتيب‌ وراعي‌ هذه‌ المراتب‌، وأبو حنيفة‌ ساوي‌ بين‌ المعاملات‌ والمناكحات‌ والتكبير والعبادات‌ والقرآن‌ المعجز المنزل‌ من‌ ربّ السماوات‌ والارض‌، وقال‌: ينعقد البيع‌ بغير لفظه‌، والنكاح‌ بغير لفظه‌، والتكبير بغير لفظه‌. والقرآن‌ بغير نظمه‌، حتّي‌ لو قرأ فارسيّة‌ القرآن‌ في‌ الصلاة‌ تنعقد صلاته‌. وهذا مزج‌ فن‌ بفنّ، وخلط‌ قبيل‌ بقبيل‌، وذهول‌ عن‌ الدقائق‌. فإذن‌ الشافعيّ أتمّ نظراً في‌ القياس‌ وأعممّ تدقيقاً من‌ أبي‌ حنيفة‌، فلهذا استنكف‌ محمّد بن‌ الحسن‌ وأبو يوسف‌ عن‌ متابعته‌ في‌ ثلثي‌ مذهبه‌ ووافقاً الشافعيّ في‌ أكثر المسائل‌.

[44] ـ الآية‌ 23، من‌ السورة‌ 17: الإسراء.

      
  
الفهرس
  الدرس‌ السادس‌ والعشرون‌ بعد المائتين‌ إلی‌ الاربعين‌ بعد المائتين‌:تقدّم‌ الشيعة‌ وتأسيسهم‌
  عظمة‌ الكلمات‌ الآفاقيّة‌ والانفسيّة‌
  كلمات‌ قصار للعلماء في‌ عظمة‌ القلم‌ والكتابة‌
  كلام‌ أبي‌ سعيد في‌ رواية‌ الحديث
  الصحابة‌ يكتبون‌ جميع‌ ما يسمعونه‌ من‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌
  خلاف‌ العامّة‌ في‌ صيغة‌ التشهّد
  تدوين‌ الشيعة‌ الحديث‌ اقتداءً بأئمّتهم‌
  أئمّة‌ العامّة‌ الاربعة‌ من‌ الناس‌ العاديّين‌ في‌ أعصارهم‌
  تدوين‌ الشيعة‌ التابعين‌ للحديث‌
  منزلة‌ أبي‌ حمزة‌ الثمالی‌ّ
  منزلة‌ بُريد، وزرارة‌، ومحمّد بن‌ مسلم‌، وأبي‌ بصير
  كلام‌ الشهرستانيّ في‌ تبجيل‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  ‌ دفاع‌ الشهرستانيّ عن‌ هشام‌ بن‌ الحكم‌
  المدوّنون‌ من‌ أصحاب‌ الإمام‌ الكاظم‌ حتّي‌ العسكري‌ّ عليهما السلام‌
  كلام‌ عبد الحليم‌ الجندي‌ّ في‌ تدوين‌ الشيعة‌ للسنّة‌ النبويّة‌
  الشيخ‌ الطوسي‌ّ والشريفان‌ المرتضي‌ والرضي‌ّ
  السبّاقون‌ في‌ التدوين‌ هم‌ شيعة‌ علی من‌ الصحابة‌ والتابعين‌
  شروط‌ الشيعة‌ في‌ قبول‌ الحديث‌ ممّن‌ يرويه‌
  الشيعة‌ يروون‌ عن‌ أهل‌ السنّة‌ أيضاً
  رواة‌ الشيعة‌ أفذاذ في‌ الحفظ‌ والإتقان‌ والورع‌
  مائة‌ من‌ مشايخ‌ الشيعة‌ كانوا من‌ شيوخ‌ العامّة‌ في‌ الرواية‌
  ترجمة‌ معروف‌ الكرخي‌ّ وتوثيقه‌
  ذنب‌ المحدِّثين‌ من‌ الشيعة‌ تشيّعهم‌!
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ تأسيس‌ العلوم‌ الإسلاميّة‌
  الشيعة‌ هم‌ السبّاقون‌ في‌ العلوم‌ القرآنيّة‌ المتنوّعة‌
  أئمّة‌ علم‌ القرآن‌ من‌ الشيعة‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الحديث‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الدراية‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الرجال‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الفقه‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الكلام‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ مكارم‌ الاخلاق‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ فنّ الجغرافيّة‌ في‌ صدر الإسلام‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الاخبار والتواريخ‌ والآثار، ومزيّتهم‌ علی الآخرين‌
  تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ اللغة‌
  تقدم‌ الشيعة‌ في‌ علم‌ الإنشاء والكتابة‌
  الاحاديث‌ النبويّة‌ في‌ لزوم‌ التشيّع‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌عصر سيّد الشهداء عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ زين‌ العابدين‌ عليه‌ السلام‌
  ثورة‌ المختار والثناء عليه‌
  ثورة‌ التوّابين‌ (التعلیقة)
  جرائم‌ الحجّاج‌ وعبد الملك‌ ضدّ الشيعة‌
  كان‌ الكثير من‌ حكّام‌ الجور في‌ بادي‌ أمرهم‌ من‌ أهل‌ الزهد والعبادة‌ (التعلیقة)
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ موسي‌ الكاظم‌ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ الرضا عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ الجواد عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ عليّ الهاديّ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ الحسن‌ العسكريّ عليه السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ عصر الإمام‌ المهديّ عليه‌ السلام‌
  مسار العلوم‌ وتأريخ‌ الشيعة‌ في‌ الغيبة‌ الكبري‌
  الدرس‌ الحادي‌ والاربعون‌ بعد المائتين‌ إلی‌ الخامس‌ والخمسين‌ بعد المائتين‌
  الكلمة‌ الطيّبة‌ هي‌ حقيقة‌ الولاية‌
  ردّ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ علی الآلوسي‌ّ في‌ الدفاع‌ عن‌ بني‌ أُميّة‌
  حقيقة‌ الكلمة‌ التكوينيّة‌ الطيّبة‌ وجود سرّ الإنسان‌ الكامل‌
  كلام‌ المرحوم‌ الكمباني‌ّ في‌ الفرق‌ بين‌ الكلمة‌ والكتاب‌ الإلهي‌ّ
  رسول‌ الله‌ وآله‌ لهم‌ المقام‌ الجمعي‌ّ في‌ أعلی القلم‌
  وراثة‌ الإمام‌ الصادق‌ العلوم‌ الكلّيّة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌
  عمر الإمام‌ الصادق‌ الطويل‌ أحد البواعث‌ علی ظهور علومه‌
  أسباب‌ تسمية‌ التشيّع‌ بالمذهب‌ الجعفري‌ّ
  تعبّد الناس‌ بفقه‌ العامّة‌ حتّي‌ عصر الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  دور الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ في‌ عرض‌ الاُسس‌ الإسلاميّة‌
  عمل‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ إبانة‌ الإسلام‌ الحقيقي‌ّ
  سبب‌ امتناع‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ قبول‌ الخلافة
  كلام‌ مترجم‌ كتاب‌ «مغز متفكّر جهان‌ شيعة‌» حول‌ المذهب‌ الجعفري‌ّ (التعلیقة)
  تفصيل‌ مواقف‌ المنصور الدوانيقي‌ّ من‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  كان‌ المنصور الدوانيقي‌ّ يعطي‌ الامان‌ ويقتل‌
  اعتقال‌ المنصور بني‌ الحسن‌ في‌ سجن‌ الهاشميّة‌
  موقف‌ المنصور من‌ محمّد الديباج‌ وتعذيبه‌
  المنصور أوّل‌ مثير للخلاف‌ بين‌ العبّاسيّين‌ والعلويّين‌
  شدّة‌ حرص‌ المنصور الدوانيقي‌ّ وبخله‌
  استدعاء الامويّين‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ إلی‌ الشام‌
  استدعاء المنصور الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌من‌المدينة‌إلی‌قصرالحمراء
  حوار المنصور مع‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ ولين‌ الإمام‌
  إغلاق‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ كلّ طريق‌ للانتهاك‌ أمام‌ المنصور
  موقف‌ آخر للمنصور من‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  جواب‌ الإمام‌ الصادق‌ للمنصور حول‌ سبب‌ امتناعه‌ عن‌ مخالطته‌
  دعاء الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ في‌ دفع‌ شرّ المنصور عنه‌
  استدعاء المنصور، واستحلاف‌ الإمام‌ الصادق‌ الرجل‌ الكاذب‌ وهلاكه‌
  ضعف‌ الاسباب‌ في‌ استدعاء المنصور للإمام‌ الصادق‌ عدّة‌ مرّات‌
  عدم‌ استطاعة‌ المأمون‌ تحمّل‌ الإمام‌ الرضا عليه‌ السلام‌
  احتجاج‌ رجل‌ صوفي‌ّ، وعزم‌ المأمون‌ علی قتل‌ الإمام‌ الرضا
  علوم‌ الإمام‌ الصادق‌ كالشجي‌ المعترض‌ في‌ حلق‌ المنصور
  الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ يُطفي‌ غضب‌ المنصور
  موقف‌ الإمام‌ الحكيم‌ من‌ المنصور
  الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ يجيب‌ جواسيس‌ المنصور بالنفي‌
  تشيّع‌ جعفر بن‌ محمّد بن‌ الاشعث‌ بسبب‌ علوم‌ الإمام‌ الغيبيّة‌
  التجسّس‌ علی العلويّين‌ وخداعهم‌ بالمال‌ الكثير
  تقيّة‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ الشديدة‌ وخوفه‌ علی سفيان‌
  مواعظ‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ لسفيان‌ الثوري‌ّ
  سنون‌ الحكومة‌ الامويّة‌ والمروانيّة‌ (التعلیقة)
  معاناة‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ من‌ الولاة‌ الجائرين‌
  خطبة‌ والی‌ المدينة‌ واعتراض‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  قتل‌ المعلی بن‌ خنيس‌ ومصادرة‌ أموال‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌
  تبديل‌ الثورة‌ الدينيّة‌ للعبّاسيّين‌ إلی‌ إمبراطوريّة‌
  اعتقال‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ ودعاؤه‌ بالخلاص‌
  بعض‌ الإصلاحات‌ التي‌ قام‌ بها عمر بن‌ عبد العزيز
  حوار الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ مع‌ المتصوّفة‌ حول‌ الزهد الحقيقي‌ّ
  البحث‌ الثاني‌ في‌ مدرسة‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ وعلومه‌ وتلامذته‌
  تلاميذ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أربعة‌ آلاف‌
  جمع‌ كثير من‌ المشايخ‌ كانوا تلاميذ الإمام‌ عليه‌ السلام‌
  تلمذة‌ مالك‌ للإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ وأبو حنيفة‌
  تمجيد أبي‌ حنيفة‌ للإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  بحث‌ حول‌ مالك‌ بن‌ أنس‌ بن‌ أبي‌ عامر الاصبحيّ المدنيّ أحد أئمّة‌العامّة‌في‌الفقه‌
  تمجيد مالك‌ للإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  ردّ الإمام‌ الكاظم‌ عليه‌ السلام‌ أحاديث‌ العامّة‌ للحسن‌ بن‌ عبد الله‌
  بحث‌ حول‌ أبي‌ حنيفة‌: النعمان‌ بن‌ ثابت‌ بن‌ زُوطي‌ التميميّ إمام‌ آخر من‌ أئمّة‌العامّة‌الاربعة‌
  مناقب‌ مزيّفة‌ مزعومة‌ لابي‌ حنيفة‌ (التعلیقة)
  مخالفة‌ أبي‌ حنيفة‌ للسُّنّة‌ النبويّة‌ الشريفة‌ في‌ مواضع‌ كثيرة‌
  صلاة‌ القفّال‌ المروزي‌ّ علی فتوي‌ أبي‌ حنيفة‌
  ترجمة‌ أبي‌ يوسف‌ القاضي‌ تلميذ أبي‌ حنيفة‌
  عبارات‌ دامغة‌ لاعاظم‌ السنّة‌ في‌ أبي‌ حنيفة‌
  كرامتان‌ باهرتان‌ لقبر أبي‌ حنيفة‌
  قصّة‌ الرجل‌ الزائر مع‌ خادم‌ قبر أبي‌ حنيفة‌
  مدّة‌ الحمل‌ عند العامّة‌ ومدّة‌ حمل‌ الشافعي‌ّ
  استهزاء أبي‌ حنيفة‌ بقول‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌
  كلام‌ الخطيب‌ البغدادي‌ّ في‌ أبي‌ حنيفة‌
  حكم‌ أبي‌ حنيفة‌ في‌ قطع‌ يد السارق‌ الذي‌ سرق‌ فسيل‌ النخل‌
  تشبيه‌ أبي‌ حنيفة‌ بالمولّدين‌ من‌ بني‌ إسرائيل‌
  كلام‌ شريك‌ حول‌ انحراف‌ أبي‌ حنيفة‌
  فتوي‌ أبي‌ حنيفة‌ تفصل‌ النساء عن‌ أزواجهنّ
  شهادة‌ علماء العامّة‌ علی جهل‌ أبي‌ حنيفة‌
  اتّهام‌ مؤمن‌ الطاق‌ أبا حنيفة‌ بالتناسخ‌
  ردّ ابن‌ المبارك‌ علی أحاديث‌ أبي‌ حنيفة‌
  مرجع‌ الكتب‌ الشاملة‌ لفتاوي‌ الفقهاء الاربعة‌
  حوار يوحنّا مع‌ علماء العامّة‌
  أبو حنيفة‌: حكم‌ القاضي‌ نافذ ظاهراً وباطناً
  تصديق‌ المذنب‌ الشهودَ يوجب‌ سقوط‌ الحدّ!
  موارد من‌ فتوي‌ أبي‌ حنيفة‌ المخالفة‌ للشرع‌ والعقل‌
  مالك‌ يجيز اللواط‌
  الحنابلة‌ يقولون‌ بجسمانيّة‌ الله‌
  بعض‌ علماء العامّة‌ يكفّرون‌ الشيعة‌ ويستحلّون‌ دماءهم‌
  مدح‌ الصحابة‌ بشرط‌ عدم‌ ارتدادهم‌
  إشكالات‌ الجويني‌ّ علی مالك‌
  >>جواز تعاطي‌ البنج‌ ولعب‌ الشطرنج‌ و... عند الفقهاء الاربعة‌
  ردّ استدلال‌ المالكيّين‌ علی جواز وط‌ء الغلام‌
  مسألة‌ رضاع‌ الكبير عند العامّة‌
  قصّة‌ رضاع‌ سالم‌ مولي‌ أبي‌ حذيفة‌
  رضاع‌ الكبير عند عائشة‌ من‌ الثدي‌
  بحث‌ حول‌ محمّد بن‌ إدريس‌ الشافعيّ القُرَشيّ المُطَّلِبيّ
  حوار الشافعي‌ّ مع‌ مالك‌
  شعر الشافعي‌ّ في‌ ولاء أهل‌ البيت‌
  شعر الشافعي‌ّ في‌ حبّ آل‌ محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌
  كان‌ الشافعي‌ّ عامّي‌ّ المذهب‌ ومعتقداً بالخلفاء
  الشافعي‌ّ سنّي‌ّ معتدل‌
  الشافعي‌ّ لا يجيز العمل‌ بالرأي‌ والقياس‌
  ردّ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ علی أبي‌ حنيفة‌ قوله‌ بالقياس‌
  نصائح‌ الإمام‌ الصادق‌ للإمام‌ الكاظم‌ علی ما نقله‌ الدميري‌ّ
  حوار الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ مع‌ أبي‌ حنيفة‌ حول‌ الرأي‌ والقياس‌
  أهل‌ القياس‌ يبدّلون‌ الحلال‌ والحرام‌ أحدهما بالآخر (التعلیقة)
  كان‌ أبو بكر لا يجيز العمل‌ بالرأي‌ والقياس‌
  روايات‌ الشيعة‌ في‌ حرمة‌ العمل‌ بالقياس‌
  وفاة‌ الشافعي‌ّ وشي‌ء من‌ شعره‌
  بحث‌ حول‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ حَنْبَل‌ الشَّيْبانيّ المروزيّ البغداديّ
  من‌ مشاهير المعتزلة‌
  لقاء أحمد بأحد مشايخ‌ الشيعة‌ بالكوفة‌
  كيفيّة‌ تقليد العامّة‌ قبل‌ الرشيدَين‌ وبعدهما
  أحمد بن‌ حنبل‌ يجيز لعن‌ يزيد ويسبّب‌ لعن‌ بعض‌ الصحابة‌
  شعر الزمخشري‌ّ في‌ كتمان‌ مذهبه‌
  العواقب‌ السيّئة‌ لغلق‌ باب‌ الاجتهاد والقول‌ بعدالة‌ الصحابة‌
  الإماميّة‌ يعتقدون‌ بالعدل‌ الإلهي‌ّ وعصمة‌ الانبياء
  الاشاعرة‌ يعتقدون‌ بجسمانيّة‌ الله‌ في‌ رؤيته‌
  رأي‌ الشيعة‌ وأهل‌ السنّة‌ في‌ العدل‌
  كلام‌ الشيعة‌ وأهل‌ السنّة‌ في‌ عصمة‌ الانبياء
  عقائد الاشاعرة‌ في‌ التوحيد والعدل‌ مدعاة‌ إلی‌ البراءة‌ من‌ الإسلام‌
  الحُسن‌ والقبح‌ العقليّان‌ من‌ منظار الشيعة‌ والاشاعرة‌
  إن‌ الله‌ تعالی‌ لا یفعل‌ القبيح‌
  أفعال‌ الله‌ معلّلة‌ بأغراض‌
  صفات‌ النبي‌ّ عند الشيعة‌ وأهل‌ السنّة‌
  انتهاء علوم‌ الفقهاء الاربعة‌ إلی‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  خطأ أحمد أمين‌ في‌ الحكم‌ بأخذ الشيعة‌ عن‌ المعتزلة‌
  خطأ أحمد أمين‌ في‌ التأريخ‌ وعلم‌ المصادر
  دخول‌ مالك‌ علی أبي‌ جعفر المنصور الدوانيقي‌ّ بمني‌
  أمر المنصور مالكاً بتالیف‌ كتاب‌ الفقه‌
  دفاع‌ مالك‌ عن‌ فتواه‌ في‌ القسامة‌
  حوار المغيرة‌ المخزومي‌ّ ـ تلميذ مالك‌ـ مع‌ أبي‌ يوسف‌ القاضي‌
  موطّأ مالك‌ دستور المنصور الانقلابي‌ّ للبلاد
  أبيات‌ الشاعرة‌ بروين‌ اعتصامي‌ّ في‌ ظلم‌ الحكّام‌
  سبب‌ تقليل‌ روايات‌ «الموطّأ»
  سبب‌ تألیفه‌ وزمن‌ تألیف‌ «الموطّأ»
  تهرّب‌ مالك‌ من‌ أمر المنصور بتإلیف‌ الرسالة‌
  الانحراف‌ التدريجي‌ّ لمالك‌ وركونه‌ إلی‌ المنصور
  كلام‌ عبد الحليم‌ الجندي‌ّ في‌ انتقال‌ الفقه‌ من‌ المدينة‌ إلی‌ العراق‌
  المذهب‌ الجعفري‌ّ يبطل‌ القياس‌
  كلام‌ قادح‌ لاحمد أمين‌ في‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌
  عظمة‌ محمّد بن‌ زيد في‌ معاملة‌ ابن‌ هشام‌ الاموي‌ّ
  نماذج‌ الاصالة‌ عند محمّد بن‌ زيد العلوي‌ّ
  شعر الشافعي‌ّ في‌ مقتل‌ أبي‌ عبد الله‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌
  فضيلة‌ زيارة‌ قبر الإمام‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ (التعلیقة)
  أبيات‌ من‌ القصيدة‌ الاُزريّة‌ في‌ عظمة‌ مقام‌ الائمّة‌

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی