معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > الاخلاق والحكمة و العرفان > الشمس المنيرة

 

من الأمور التي كانت تشغلُ بالَ العلامة الطهراني وفكره دائماً، مسألة تشكيل حكومة إسلاميّة، فكان يطرح هذه المسألة دائماً في جلسات العلماء والمحافل الخاصّة والعامّة، كما أنّه طرحها عندما كان في النجف على الجامعة العلميّة هناك، وتكلّم حولها بإلحاح وتأكيد في بحث صلاة الجمعة للمرحوم آية الله الشاهرودي، وقال بوجوب إقامة هذه الفريضة الإلهيّة وعقد صلاة الجمعة في زمن غيبة إمام الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف في إطار الحكومة الإسلاميّة، وحرّر رسالة استدلاليّة مبيّنة حول هذا الموضوع، وقدّم لها المرحوم آية الله العظمى الحاج آغا بزرگ الطهرانيّ ـ رحمة الله عليه ـ وهي موجودة فعلاً في مكتبته.

وكان يقول:

عندما عدتُ إلى إيران كانَ جلّ اهتمامي وسعيي منصبّاً على تربية النفوس المستعدّة وهداية الناس نحو الاهتمام والنظر بمباني الحكومة الإسلاميّة.

وكانت جميع أحاديثه في خطبه ومواعظه وجلساته ليلة الثلاثاء في مسجد القائم والجلسات الدوّارة يوم الجمعة، تدور حول ضرورة تشكيل حكومة إسلاميّة، وإخراج جراثيم الكفر والنفاق من البلاد الإسلاميّة والشيعيّة. وكانَ جهازُ الأمن يراقب تلك الجلسات والخُطب بشدّة، لذا كان العلاّمة ينتخب القرّاء المشهورين لإحياءِ المناسبات بشكلٍ مدروس، وفي مناسبات مختلفة كان يدير المجلس بنفسه، وكان يضع على بطاقات المعايدة التي توزّع في المناسبات عبارات تفيد هذا المعنى. وفي إحدى السنوات في عيد النصف من شعبان، وبمناسبة ولادة بقيّة الله الأعظم أرواحنا فداه، كتبَ جزءً من دعاء الافتتاح على بطاقات المعايدة، وهي العبارة التالية؛ اللهمّ إنّا نرغب إليك في دولة كريمة...

وفي بعض الأيّام صرّح المهندس مهدي بازرگان في جلسةٍ بقوله:

"عندما كانت جميع الأصوات خافتة وتمام الحركات نائمة، كان الصوتُ الوحيد الذي يدوّي، هو ذاك الصادر من مسجد القائم".

ويقول آية الله الحاج الشيخ صدر الدين الحائري الشيرازي دامت بركاته:

"عندما قامت ثورة سنة (1342)، كثرت الجماعات المنحرفة، وخوفاً من تسلّل هذه الجماعات إلى صفوف الأمّة الإسلاميّة في إيران، طلبَ آية الله الخميني ـ رحمة الله عليه ـ من الحاج السيّد محمّد حسين (العلامة الطهراني) أن يتولّى مسؤوليّة حفظ هذه الحركة، بحيث صار يجب على كل من يريدُ الدخول في نشاطات هذه الثورة المقدّسة ـ سواء كانَ من العلماء أو العوامّ ـ أن يدخل من خلاله، ويُزانَ من خلال شخصيّته ويعبر من هذا المكان الصافي؛ حتّى لا تتورّط الثورة الإسلاميّة بأحداث غير مدروسة وتبتلى بمصائب قطّاع الطرق". وكان يقول: "إنّ العلامة الطهراني بمثابة الحجر الأساس في هذه الثورة، لكن للأسف هذه مطالب لم يطّلع عليها أحد".

كان المرحوم العلامة الطهراني يرى أنّ الثورة الإسلاميّة هبةً إلهيّةً للأمّة الشيعيّة الاثني عشريّة في إيران، وكان يقول:

يجب على الناس أن يعرفوا قَدَرَ هذه الهديّة الإلهيّة، ويتلقَّوها بشكلٍ جيّد؛ فيعملوا على تقوية النقاط الإيجابيّة، ورفع السلبيّات وإصلاحها.

المرحوم العلامة كانَ يرى أنّ الثورة الإسلاميّة موهبة إلهيّة لجميع الأمّة الشيعيّة

وكان يشارك شخصيّاً في كثير من المظاهرات، كما أنّه شارك في جميع الانتخابات، سواء عندما كان في طهران أو بعد تشرّفه بالذهاب إلى ساحة القدس الرضويّة. وعند الاستفتاء الشعبي على إقامة جمهوريّة إسلاميّة في إيران كان في طليعة الحاضرين في مسجد القائم صباحاً وبقي إلى ساعة متأخّرة من الليل يراقب سير الانتخابات، وقال عند وضعِ ورقة التصويت في الصندوق:

لقد دُفن النظام الشاهنشاهيّ تحت التراب إلى الأبد.

ينبغي التأمّل في هذه المسألة؛ وهي أنّه عندما فرّ الشاه محمّد رضا بهلوي من إيران إلى مصر، آلت مجريات الأمور في إيران إلى فوضى في النظام السياسي فضلاً عن القلقِ الناتج عن دسائس دول الكفر، وهو ما أبقى أكثر الناس وجلّ كوادر الثورة حيارى. وصار لدى الناس خوف حقيقي من احتمال حصول انقلاب على الثورة، وحصول مجازر عامّة قد تُرتكب بحقّ الناس العزّل وتؤدّي إلى ذهاب الكيان الإسلامي، وبشكل عام أدّى التخوّف من اتّحاد جميع الدول الإلحاديّة والظالمة مقابل أمّة إيران المظلومة، إلى تسرّب القلق لأذهانِ القيّمين على الثورة الإسلاميّة. ففي أحد الأيّام التقى به أحدُ رفقائه وكانَ قلقاً شديدَ الاضطراب، وأبدى توقّعه وتخوّفه من حصول انقلاب على الثورة برعايةٍ أمريكيّة في القريب العاجل، تُراق فيه دماء الناس ويُعاد الشاه المخلوع. فأجابه بلسان قاطع وجواب حاسم:

اعلم أنّ الشاه لن يعود إلى إيران أبداً، ولن يحصل أيّ شيء آخر.

وكان يقول:

علينا أنْ نحافظ على دماء شهدائنا المظلومين بمنتهى طاقتنا، ولا نقصّر في ذلك أبداً.

وكان يرى وجوب رعاية القوانين الحكوميّة، ويعتبر مخالفتها حراماً شرعاً، كما أنّه كان يرى وجوب الالتزام بمقررات شرطة المرور، باعتبار أنّها تنشأ من الناحية الولائيّة لمقام الفقيه، وكان يقول:

عليكم أنْ لا تتأخّروا في دفع فواتير المياه والكهرباء وغيرها، ويجب الحفاظ على صندوق الدولة الإسلاميّة وإبقائه مملوّاً وغنيّا.

وكان يشارك في صلاة الجمعة من أوّل تشكيلها في طهران إلى حين انتقاله منها، وحينما تشرّف بالإقامة في المشهد الأقدس، بقي يشارك في صلاة الجمعة إلى أن منعه الأطباء من الذهاب. وكان يُقال له أحياناً:

إنّهم يُخضعوك للتفتيش حين ذهابك إلى صلاة الجمعة، وهذا يستوجب هتك الاحترام! فكان يجيبهم:

المشاركة في صلاة الجمعة واجبة، وهذه الأمور لن تستدعي رفع اليد عن الوجوب، وإذا كان قصد الإنسان القربة، وميمّماً وجهه نحو مرضاة الله، فأيّ مشكلة في هذه المسائل!.

وقال يوماً:

كمْ هو مناسبٌ أنْ تقرأ كلمات رسول الله التوحيديّة حين فتحه مكّه

كان حكم الشاه البهلوي في الواقع حكمَ الكفر، وكانت حكومته حكومة كفر، أما الثورة الإسلاميّة فهي حكومة التوحيد والعدل والولاية والإسلام والتشيّع، هي حكومةٌ تَرفعُ لواءَ لا إله إلا الله، وتلغي أصنامَ الكفر والإلحاد, الشرقيّة والغربيّة، وتحوّل الناس من التوجّه إلى الشرق الملحد والغرب الكافر نحو الرضى الإلهي ومراتب التوحيد العالية. وبناء عليه، فكان من المناسب عندما سقط الشاه, وتولّت الحكومة الإسلاميّة الأمور وصارت الإذاعة بيد الأمّة الإسلاميّة، أن يُعمل بدلاّ من بثّ الأناشيد، على بثّ الكلمات التوحيديّة لرسول الله عندما فتحت مكّة حيث كان أمير المؤمنين عليه السلام يرمي الأصنام من ظهر الكعبة ويهلّل قائلاً: "لا إله إلا الله إلهاً واحداً ونحن له مسلمون، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إيّاه مخلصين له الدين ولو كره المشركون، لا إله إلا الله ربّنا وربّ آبائنا الأولين، لا إله إلا الله وحده وحده وحده، صدق عبده، وأنجز وعده، ونصر عبده، وأعزّ جنده، وهزم الأحزاب وحده، فله الملك وله الحمد، يُحيي ويُميت و يُميت ويُحيي، وهو حيّ لا يموت، بيده الخير وهو على كل شئ قدير".

نعم، هكذا كان نظره واعتقاده بالنسبة إلى الحكومة الإسلاميّة والثورة الإسلاميّة في إيران.

وبقي العلامة الطهراني مدّة اثنين وعشرين عاماً في طهران مشغولاً بالإرشاد والإفاضة على المستعدّين, وتعليم الأفواج من الطلاّب ومحصّلي العلوم الدينية، وتربيتهم على الأسس العرشية لمدرسة الإمام الصادق عليه السلام, ومباني وحقائق علوم أهلِ بيت العصمة والطهارة، إلى أن وفّقه الله تعالى بعد نجاح الثورة الإسلاميّة الإيرانيّة إلى الهجرة, لاثماً العتبة الملكوتيّة لساحة ثامنِ الحجج علي بن موسى الرضا عليهما السلام، وهاجر إليه بقصد التوطن الدائم والإقامة في ديار المحبوب.

      
  
الفهرس
15   ديباجة
15   العلامة الطهراني من سلالة العلماء المشهورين
35-21   الفصل الأول : الهجرةُ إلى قُمْ واكتسابُ المعارفِ الإلهيّةِ بعنوانها الطريق الوحيد للسعادة
23   أساتذته في دروس السطوح ومعرفته بالعلامة الطباطبائيّ.
25   كلام سيّد الشهداء يدلّ على انحصار معرفة الإمام عليه السلام بطريق العرفان
25   لا بدّ للمرشد والهادي في طريق السير والسلوك أنْ يكون قد فنيَ في مقام الولاية
31   العلاّمة الطباطبائيّ هو المشرف المباشر على البناء العلمي والمعرفي للعلامة الطهراني
33   العلامة الطباطبائيّ يرى أنّ لمدرسة العرفان أركان ثلاث: العقل والشرع والشهود
39-53   الفصل الثاني: الهجرة إلى النجف
41   ارتباط العلامة الطهراني الوثيق بآية الله السيّد جمال الدين الگلبايكاني في النجف
45   تقسيم برنامجه وأوقاته في النجف على أساس المحورين العلمي والعملي
47   الآراء المختلفة لأساتذة العلاّمة الحوزويّين بالنسبة إلى العرفان والشهود
51   آفة التقليد أنه يزيل الاعتقاد بالحق..
57 ـ 59   الفصل الثالث أساتذته في العلوم المختلفة وتعرفه على المرحوم الأنصاري
59   تعرفه على المرحوم الشيخ الأنصاري رضوان الله عليه
63 ـ 74   الفصل الرابع :التعرف على المرحوم الحداد والرجوع إلى الوطن بأمرٍ من الأستاذ
65   مكانة أساتذته ورتبتهم بالنسبة إلى العلامة الطهراني وكيفية ابتناء ارتباطه
67   يمكننا أن نستكشف شدّة علاقته بالمرحوم الحداد من خلال إحدى الرسائل
69   عودته إلى الوطن والتزامه بنشر المعارف الإسلامية إنما كان بأمرٍ من أستاذه
73   الهداية حق فطري لجميع البشر
74   عدم ذكر شيء عنه ضمن تاريخ الانقلاب
77 ـ 108   الفصل الخامس: أسسه التربوية ومنهاجه في المسائل المختلفة
79   السفر إلى الخارج لأجل التداوي مع وجود الأطباء الحاذقين مخالف لعزة الإسلام
81   تربيته للتلاميذ السلوكيين وطلاب العلوم الدينية
85   المنع من دخول الأفراد في المعاملات الربوية البنكية
87   حرمة الرجوع إلى الحكام الظلمة في المرافعات والخصومات
91   برنامجه في مسجد القائم
93-107   الولاية المطلقة للإمام عليه السلام هي عين التوحيد
95   العلامة الطهراني كأستاذه لا يتنازل عن التوحيد أبداً
97   لا يستحسن الجمع بين زيارة الإمام الرضا و أمثال الحكيم السبزواري و بايزيد البسطامي
99   الميزان في صحة حال السالك الموافقة للموازين العقلية والشرعية
103   لا بد من كتابة الكلمة المباركة "بسم الله الرحمن الرحيم" بدلاً من  باسمه تعالى
  من الخطأ نسبة الكلمة المعروفة "إنّما الحياة  عقيدة وجهاد" إلى سيد الشهداء
107   تأكيد العلاّمة على ضرورة رؤية الهلال لترتيب الأحكام الشرعيّة وعدم اعتنائه بالتقويم
111 ـ 115   الفصل السادس : الشخصية السياسية و مشروع إيجاد الحكومة الإسلامية
113   المرحوم العلامة كانَ يرى أنّ الثورة الإسلامية موهبة إلهية لجميع الأمة الشيعية
115   كم هو مناسب أن تقرأ كلمات رسول الله التوحيدية حين فتحه مكه
119 ـ 128   الفصل السابع: الهجرة إلى مشهد و الشروع بالتأليف
121   تعريف إجمالي لمؤلفات العلامة الطهراني
125   يلحظ القارئ أن مؤلفات العلامة تبعث في نفسه روح الحياة والانبساط
127   من خصائص العلامة الطهراني خدمة الناس و إيجاد المحبة و نشر الصفاء بين الأفراد
131 ـ 134   الفصل الثامن : غربته وعدم معرفة شخصيّته
133   إن السيد محمد حسين سيد الطائفتين؛ علماء الظاهر, وعلماء الباطن.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی