معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > وصايا و تعاليم و دستورات > توصيات شهر رجب > أهمية المراقبة في شهر رجب و بعض التوصيات

_______________________________________________________________

هو العليم

أهميّة المراقبة في شهر رجب

و  بعض التوصيات

مقطع من المحاضرة السابعة و العشرين من سلسلة محاضرات شرح حديث عنوان البصري

سماحة آية الله الحاج السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذُ بالله منَ الشيطانِ الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين
ولعنةُ الله على أَعدائِهم أجمَعين

    

أهميّة الصمت و أثره في نفس الإنسان

شهر رجب هو الشهر الذي مهما زاد فيه الأصدقاء من المراقبة لم يفعلوا إلا القليل. التفتوا! أنا أعبّر بهذه العبارة: مهما زدتم في المراقبة، فهو أيضاً قليل.
إنّ التكلّم في هذا الشهر ليس من المناسب حتّى في المسائل الصحيحة. إنّ التكلم يقلل من رصيد الإنسان. فعندما تكون لديكم حالٌ مّا، وعندما تحسّون في أنفسكم حالة من التوازن، ثمّ تتكلّمون بهذا المقدار، و تتحدثون، فإنّني لا أعلم كم هو تأثير هذا الحديث !! – ولكن بالطبع إن شاء الله فيما بعد وفي نفس هذه الفقرات من حديث عنوان البصري سيأتي الحديث حول كثرة الكلام، و هناك سوف أبيّن الأمر – أمّا الآن وبنحوٍ من الإجمال؛ فإنّ أحد أهم المسائل هي أن الأعاظم كانوا ينبّهون الأفراد على قلّة الكلام، فقلّة الكلام توجب بقاء الحالات التي تظهر للإنسان في نفسه، فلا تخرج خارجها.
إن البحث هنا لا يتعلّق بأحاديث اللغو و اللعب و هذه الأمور التي لا طائل منها، فهذه الأمور لا تؤدّي فقط إلى اضمحلال الحالات و زوالها، بل هي تسلب الإنسان ما كان قد حصّله أيضاً. لا أبداً. فكلامنا أصلاً هو في الكلام الصحيح، البحث هو عن الكلام الصحيح. فعلى الإنسان أن لا يتكلّم حتّى الكلام الصحيح، وإنّما يتحدث قليلاً.
إنّ السكوت عجيبٌ جدّاً. السكوت يوجد عند الإنسان حالة من التوازن، إنّ هكذا حالة من التوازن و هكذا حالة من المتانة، وهكذا حالة من الامتلاء و الاكتفاء ممّا هو يتلازم مع هذه القضية، و هي أن تتنزّل الإفاضات الإلهية على قلب الإنسان، ولكن مع التكلّم فإنّ هذه الأمور لا تتنزّل.
إنّ الأفراد الذين يكثرون من الكلام، قلبهم مشوّش، فيه اضطراب. رأيتم البعض. على سبيل المثال بعض الأشخاص نحن رأيناهم، كالمرحوم العلامة الطباطبائي أو مثلاً الأعاظم الذين رأيناهم، أو مثلاً المرحوم السيّد الحداد؛ كانوا إذا جلسوا في المجلس لا يجيبون ولا يتكلّمون إلاّ إذا سألناهم. أو كالعلاّمة الطباطبائي؛ كُنّا نجلس في حضرته ساعة، و هو ينظر إلى الإنسان هكذا.
ولكن البعض يقول: أيها السيّد! ما معنى ذلك؟ يجلس الإنسان بهذا الشكل و ينظر، يبقى ساكت، فليتكلّم كلمة أو يتحدّث في أمر مّا: يا سيّدي الهواء حارٌ اليوم، الشارع مزدحم، أسعار البضائع أصبحت مرتفعة، فنتكلّم في أمر مّا مهما يكن، فما معنى أن لا نتكلّم؟
هؤلاء لديهم اضطراب، يوجد في أنفسهم اضطراب، هذا الاضطراب لا يضمحل ليعيشوا في حال من السكينة. والارتباط بهؤلاء الأفراد مضرٌّ للإنسان. يجب على الإنسان أن يرتبط بالأشخاص الذين تكون هذه الحالة فيهم أقلّ، وبمن تكون حالة السكينة و السكون و الهدوء عندهم أكثر. و هناك الكثير من الروايات التي تتحدّث في هذا المجال، بأنّ : الملائكة موجودون حيث السكينة، الشياطين موجودون حيث الاضطراب، و هذه النقاط سوف ستأتي فيما بعد. 

     

أهميّة تشديد المراقبة في شهر رجب

في شهر رجب؛ يجب علينا أن نزيد من مراقبتنا، و أن نعلم بأنّنا إذا لم نقم بذلك؛ فإنّ هذا الشهر سوف ينقضي، و أنّ تلك النتائج التي كانت ستترتب علينا، لن تترتب. الآن إذا كان هنا شخص لا يريد أن يستفيد من فضائل شهر رجب، فلا داعي لأن نربط أنفسنا به. فإذا أراد شخصٌ معيّن أن يتحرك طبقاً لنفس طريقة سائر الأفراد العاديّن، وقد لا يكون لديه الميل للاستفادة من مواهب هذا الشهر، عندها نحن لا نستطيع أن نضحّي بأنفسنا... لا، على الإنسان أن يفهم بأنّ منزلة كل إنسان تختصّ به، وهذه المنزلة لا تأتي بعد ذلك، والآخرين لا يجيبون عن تفريطنا نحن.
فلهذا،
((المؤمن كيِّس))، و الشخص الذكي و الفطن هو الذي يجني من أفضل الفرص أفضل النتائج، وهذا الشخص يُسمّى كيِّس و فطن و ذكي. إذا كان المفترض أن يكون الإنسان ذكيّاً فليكن ذكيّاً في أمر آخرته.
وبعبارة أخرى: في يومٍ من الأيام ذهب بهلول إلى هارون، فقال له هارون: حدثني قليلاً عن الزهد، اجعل قلبي يتألّم قليلاً.
فأجابه: أنت من يجب أن تحدّثني عن ذلك.
فقال: ولمَ؟
أجابه: لأنّك أزهد منّي.
فقال: وكيف يكون ذلك؟
فأجابه: أنا زاهد في الدنيا، أمّا أنت فزاهد في الآخرة ، إذاً مقامك أعلى. وأين الآخرة من الدنيا، أنت زاهدٌ جدّاً؛ أنت تركت الآخرة، أمّا أنا فتركت الدنيا، إذاً أنت أزهد.
الآن، الإنسان الذكي و الفَطِن عليه أن يخاطب ذلك الآدمي الذي هو نفسه: يا سيّدي لا تضِع وقت الآخرين! (هكذا يكون الرجل الذكي). مضيّع لوقت الآخرين! كيف يكون ذلك؟ هل أنا أيضاً كذلك؟ (آتي معه قدماً بقدم). لا، يا سيدي العزيز! الآخرين لديهم حساب و محاسبة تختصّ بهم، ونحن لنا حسابنا و محاسبتنا، و كل إنسان له حسابه ومحاسبته الخاصّة .... . نريد أن نضيّع أوقات الآخرين إذاً نحن نخسر من رصيدنا؛ نفرّط في رصيدنا. إذاً يجب أن نفتّش عن الأعمال التي إذا عملناها عندها سنستطيع أن نستفيد أكثر و أكثر. 

    

التأكيد على الصيام في شهر رجب

لذا التأكيد على المراقبة في شهر رجب، و الصيام في شهر رجب مؤكّد عليه في مضمون بعض الروايات إلى حدٍّ قد يكون في نظر البعض فيه نوع من المبالغة، ما ورد في صيام شهر رجب أمر عجيب جدّاً؛ الإمام الصادق عليه السلام يقول: روايته أيضاً موجودة في المفاتيح يقول لسالم: (( هل صمت في الشهر شيئاً؟ قلت لا و الله يا بن رسول الله ، فقال: فقد فاتك من الثواب ما لم يعل مبلغه إلا الله (عز وجل) )) ما ذا يعني ذلك؟ ما هو الثواب؟ فوت الثواب يعني: إنّ ما فاتك هو مقدار كبير من المواهب الإلهية في الارتباط بينك و بين الله، وأنّه قد فاتك الكثير من البركات التي لا يعلمها إلى الله، فيما يتعلّق بقربك منه.
لذا وقدر الإمكان ما دام الإنسان لم يُصب بالضعف، فإنّ دأب و رأي الأعاظم كان كالتالي: يجب أن يصوم الإنسان من شهر رجب قدر الإمكان، وإذا ما كان الإنسان غير قادر على الصيام و كان لديه عذراً في ذلك، عليه أن يقرأ هذا الذكر مئة مرّة، و هو موجود في المفاتيح حيث الإمام عليه السلام يقول أنّ عليه أن يقوله:
((سُبحانَ الإلهِ الجَليلِ، سُبحانَ مَن لا يَنبَغي التَسبيحُ إلاّ لَه، سُبحانَ اْلأعزِّ اْلأكرَم، سُبحانَ مَن لَبِسَ الْعِزَّ و هُوَ لَهُ أهلٌ))، عليه أن يقول هذا الذكر مئة مرّة، عندها سيُعطى ثواب الصيام.

     

بعض الأذكار و الأدعية الواردة في شهر رجب

أحد المسائل التي تمّ التأكيد عليها بشدّة في هذا الشهر، وكذلك في شهر شعبان و شهر رمضان، هو الذِكر الدائم الذي يُديم ذكره الإنسان. الذِكر الدائم هو ذلك الذكر الذي لا عدد له و الإنسان يمكنه أن يذكره بدون عدد معيّن. هذا الذكر، يسمّى الذكر الدائم، فهو لا يدخل ضمن الأذكار العددية، ولا إشكال للشخص أن يقوله. مثل ذكر ((لا إله إلاّ الله)). فهكذا يداوم الإنسان على ذكره. يمشي في الطريق يقول: ((لا إله إلا الله)). وهو جالس ... ، بهدوء بدون أن يفهم أحد أنّه يذكر الله، أو مثلاً بدون أن يحرّك فكّيه. يقول: (( لا إله إلا الله )). هذا مناسب جدّاً. أحد تلك الأذكار، هو ذكر اليونسيّة وهو: (( لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين))، وهو موصّى به وبدون عدد. وإذا استطاع الإنسان أن يذكره بين الطلوعين مئة مرّة، أو إذا استطاع أحد أن يذكره مئتي مرّة. إنّ ذكر اليونسيّة هذا مهمُّ جدّاً.
إذن ليس هناك عدد معيّن، خمسين مرّة، سبعين مرّة، مئة مرّة، مئة و خمسين مرّة، كل شخص على حسب المقدار الذي لا يُتعِبه. وقد تمّ التأكيد عليه من الأعاظم كثيراً، ونفس هذا الحقير سمع من المرحوم السيّد الحداد – رضوان الله عليه بأنّه كان يقول: الكنوز في ذكر اليونسيّة مخفيّة، وإذا داوم الشخص عليها، فإنّ الله يوصل له نعماتٍ كبيرة جدّاً. هذا من الموارد التي تمّ التوصية بشأنها أيضاً في أشهر رجب و شعبان ورمضان.
ومن الأمور الموجودة و التي تمّ التأكيد عليها، قراءة أدعية شهر رجب، بالخصوص ذلك الدعاء المعروف الوارد من ناحية إمام الزمان عليه السلام، (
( أللهُمَّ إنّي أسألُكَ بِمَعاني جَميعِ ما يَدعوكَ بِهِ وُلاةُ أمرِكَ)) هذا الدعاء دعاءٌ عجيب جدّاً، نعم دعاءٌ عجيب جدّاً، وفي ليلة من الليالي شرح المرحوم العلاّمة – أنا أذكر ذلك، في مسجد القائم، في ليلة الثلاثاء شرح هذه الفقرة الأولى من الدعاء و بيّن معناها، تحدّث عن الفقرة الأولى بالإضافة إلى مسائل أخرى عجيبة. في نفس هذه القضيّة وصل إلى (( لي مع الله حالاتٌ لا يسعها ملكٌ مقرّب ولا نبيٌ مرسل))، هذا الدعاء يشير إلى هذا الأمر، و العجيب هنا أنّ أدعية شهر رجب كلّها أدعية توحيديّة و الجنبة التوحيديّة في هذه الأدعية ملحوظ، والأفضل للإنسان أن يقرأ هذه الأدعية في النهار؛ على فرض المثال يَقرأ أحد هذه الأدعية بعد صلاة الصبح، واحد فقط من أدعية شهر رجب – يَقرأ بعض الأدعية لا أكثر بين الظهر و العصر يَقرأ أحدها، و آخر قبل غروب الشمس، وواحد بين صلاة المغرب و العشاء، ويقرأ واحداً على سبيل المثال قبل النوم. وهذه الأدعية هي أدعية عجيبة جدّاً، حيث لها أثر عالي جدّاً في نفس الإنسان وفيما يتعلّق بالسكوت أيضاً كما تمّ توضيحه.

    

توضيح بعض فقرات دعاء الإمام الصادق في شهر رجب

أحد الأدعية الوارد قراءته في شهر رجب في كل يوم، دعاء الإمام الصادق عليه السلام والذي يوجد في المفاتيح وبأنّ الإمام كان يقرأ هذا الدعاء كلّ يوم: ((خابَ الوافِدونَ عَلي غَيرِكَ و خَسِرَ المُتُّعَرِّضونَ إلاّ لَك)). الخائب هو الشخص الذي لا يأمل الوصول إلى المطلوب، الشخص الذي يتخلّف عن القافلة يقولون عنه خائب و خاسر، عبارتين لهما مضمون متقارب في المعنى. الخائب يُطلق على الشخص الذي يضيّع الأمر من يديّه، يضيّع الأمر من بين يديّه، الخاسر يطلق على الشخص الذي يخسر، يعني ليس فقط يضيّع الأمر من بين يديه، بل لا يعود بإمكانه استعادته ولا يمكن له أن يصل إليه. ((خاب الوافدون على غيرك)) فكلّ من ورد على غيرك؛ يده خالية، هؤلاء لا مصدر لديهم يغنيهم، لأنّ كلّ شيء سواك هباء، و كلّ شيءٍ سواك عدم، كلّ شيء غيرك فقّاقيع، والأفراد الذين سعوا نحو غيرك ووضعوا أثقالهم في ساحة غير ساحتك،فذهبوا نحو المقام، أو ذهبوا نحو المال، أو ذهبوا نحو كسب الشهرة، أو ذهبوا نحو الاستفادة – الاستفادة الدنيوية كل أولئك الأفراد خائبون. الأفراد الذين ذهبوا حتّى إلى جوانب غير ماديّة، ذهبوا حتّى نحو المقام المبرّز، ذهبوا حتّى نحو الإمام، ولكن ذهابهم نحو الإمام، ذلك الإمام في تعيّنه و في حدّ الرؤية و وبدون الالتفات إلى التوحيد، نظروا إليه، أولئك أيضاً ((خاب الوافدون)). إنّ الأفراد الذين يرون أن الولاية مفصولة عن التوحيد، وأنّ الولاية أقل من التوحيد برتبة، و لا ينظرون إلى الإمام بعنوان الوسيلة بل بعنوان الموضوعيّة، يختلفون عن الأفراد الذين يتوجّهون نحو ذات الله عزّ وجلّ، وكذلك الذين يعتبرون الإمام وسيلة من أجل الوصول إليه حاسبهم يختلف أيضاً عن حساب هؤلاء.

(( و خسر المتعرضون إلا لك)) من يتعرض لغيرك فهو خاسر، من يعتبر قدراً لغيرك و يهتم بأشخاص سواك، و يبني علاقاته مع غيرك فهو خاسر، يشهد الله أن خطوراً واحدا يمرّ في ذهن الإنسان، بحيث يكون هذا الخطور غير إلهي، بل خطور مادي و دنيوي، فإنّه سوف يُكتب و يُسجّل، خطور واحد: (فلتصاحب هذا الشخص، و لتتخذه صديقاً فإنه سوف ينفعك يوماً ما، و على الأقل لا ضرر في ذلك). فإذا قام الإنسان بناءاً على هذا الخطور حتى بإلقاء السلام على ذلك الشخص، فما هي نتيجة عمله؟ ستكون ((خسر المتعرضون إلا لك)) فكل من تعرّض لغيرك يا رب سيخسر، و سيأتي اليوم الذي يتركه ذلك الشخص الذي اهتم بأمره لغير الله و سيدير ظهره له و يتجاهله، و عندها سيعرّف الإنسان أنّه قد خسر، كيف خسر؟ و ما معنى أنه خاسر؟ معناه عندما يقول الإنسان لنفسه: يا للعجب! لقد أقمت علاقة مع هذا الشخص لمدّة عامين كاملين، ثم يتركني و يذهب من أجل موضوع تافه كهذا؟!
لماذا يشعر الإنسان هنا بالضيق و الانزعاج؟ إن كل هذا الانزعاج لم يكن لأنّ ذلك الشخص قد قطع علاقته به، و إنّما هو قد تعلق بذلك الشخص لمدّة سنتين و جامله ودار في فلكه و أغدق عليه، راسماً في ذهنه خططاً للاستفادة منه، و لهذا فعندما تركه و ذهب انزعج و تضايق بهذا الشكل، و هذا معنى (خاسر).
أمّا لو أنّه أقام على علاقة معه لمدة سنتين و لكن دون أن يكون متعلّقاً به و يبني الآمال عليه، ثمّ تركه هذا الشخص، فهل سينزعج؟ أبداً، و لسان حاله سيقول: إذا أراد أن يذهب فليذهب. هل سيتضايق؟ لا، إذا أراد أن يعود و يستمرّ بالعلاقة فليعد و إن أراد أن يترك و يقطع فليترك و ليقطع.
إنّ مثل هذا الإنسان لن ينزعج و لن يتأثّر لأنّه لم يرهن قلبه لهذه العلاقة و لهذا الشخص، لقد أقام علاقة قوية، و أودع قلبه عند شخص آخر، و بنا علاقته مع شخص آخر، و هذا الشخص الآخر لم و لن يتركه و يذهب أبداً، (و إذا تركه فعلى الإنسان أن يرفع صوته بنداء وا مصيبتاه)، و لكن كلّا و هيهات، هو لا يذهب و لا يترك الإنسان أبداً، و كلّ شيء سواه فان و كل علاقة مع غيره منقطعة لا محالة.
نحن بمن تعلقنا؟ في عهد السيّد الوالد، بمن تمسكنا؟ و من اتبعنا و إلى من توجّهنا؟ و أين هم الآن؟ أين هم؟ لقد ذهبوا جميعاً، و هذه كذلك نتيجة
((و خسر المتعرضون إلا لك)).
السيد الوالد قال لنا: لا تكونوا من المتعرضين
لم نسمع نصيحته، لقد نصحنا و لكننا لم نستمع لنصحه، لقد تصورنا أن الأمر مختلف و أنّه لم يكن جادّاً في كلامه. أمّا الآن فقد فهمنا أن: لا يا عزيزي!! المطلب جديّ جداً ، لقد كان جادّا في كلامه، و كل ذلك عبرة لنا.
(
(و ضاع الملمون إلا بك)) – حيث أن الوقت قد انقضى فسنبيّن ما بقي من الدعاء سريعاً و نبيّن بعض النقاط المهمة ... ((و ضاع الملمون إلا بك)) أي ضاع كل شخص ألمّ و انحنى و خضع لغيرك ((و أجدب من انتجع إلا فضلك)) أي أن كل من طلب من غيرك فلن يحصل إلا على الفقر و الحسرة ((بابك مفتوح للراغبين)) إن باب رحمتك مفتوح دائما لكل من أراد أن يستفيض من تلك الرحمة و تلك التجلّيات، ((و خيرك مبذول للطالبين، و فضلك مباح للسائلين)).. (( و نيلك متاح للآملين)) أي أنّ عطاءك و فضلك متاح و حاضر لكل شخص أمّل و تمنى ذلك منك، (( و رزقك مبسوط لمن عصاك)).. ((و حلمك معترض لمن ناواك)) أي أنّك تقابل الشخص الذي جاء قاصداً حربك و عداءك بالحلم و الرحمة، فرحمتك شاملة حتى لمثل هذا المعادي، ((عادتك الإحسان إلى المسيئين و سبيلك الإبقاء على المعتدين)) ... (( اللهم فاهدني هدى المهتدين)) هنا يصل الإمام إلى نقطة أخرى، فبهذه العبارة يصل الإمام بدعائه إلى أوجه و إلى أعلى مستوى، فيقول: أي ربِّ، حيث أنّ عندك كل هذه الخصوصيات التي تقدمّت و الصفات الرفيعة التي ذُكرت، فأسألك أن تهديني هدى المهتدين، لن يضرك هذا العطاء و لن ينقص من ملكك شيئاً، يا من عطاؤه يشمل الجميع و بابه مفتوح دائماً و حلمه شاملٌ حتى لعدوّه، أرجوك أن تأخذ بيدي! ((و ارزقني اجتهاد المجتهدين ، و لا تجعلني من الغافلين المبعدين ، و اغفر لي يوم الدين)) .

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی