معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات العلامة الطهراني > محاضرات شهر رمضان > تأثير الصلاة في غفران الذنوب - 1

_______________________________________________________________

هو العليم

تأثير الصلاة في غفران الذنوب

المحاضرة الأولى

 

سماحة العلامة الراحل

آية الله الحاج السيّد محمد الحسين الحسين الطهراني

أفاض الله علينا من بركات نفسه القدسية

_______________________________________________________________

أعوذُ بالله منَ الشيطانِ الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء و المرسلين.
والصلاة و السلام على أشرف السفراء المكرّمين، خاتم الأنبياء و المرسلين،
حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين،
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين، من الآن إلى يوم الدين.

قال الله الحكيم في كتابه الكريم:
{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }[1]
صلّوا على محمد وآل محمد!

    

حقيقة التوبة وطرقها

التوبة هي إحدى موجبات غفران الذنوب؛ فعندما يتوب الإنسان من أيّ ذنب تقبل توبته، وهي تعني «الرّجوع إلى الله» فحينما يذنب الإنسان فما إن يتب ويرجع إلى الله، فإنّ نفس هذا الرّجوع إلى الله هو موجبٌ لغفران ذنوبه كلّها دون استثناء, حتّى الشرك بالله!
فإذا أشرك شخص بالله، فإن تاب من شركه.. رجع عنه وصار موحّداً، فنفس توحيده هذا يستوجب العفو عما سبق من شركه.
وما في الآية القرآنيّة المباركة:
{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً}[2]
من أنّ الله لا يغفر للمشركين به، وإنّما يغفر غير الشرك لمن يريد فهو ليس في صورة ندمهم وإنابتهم وتوبتهم؛ بل هو خاصّ بالذين لم يتوبوا! أي للمشركين الذين لم يتوبوا ولم يتحوّلوا إلى موحّدين, فجرم هؤلاء غير قابل للعفو والتجاوز. أمّا سائر الذنوب التي لم يتب منها الإنسان فإن شاء الله غفرها ولو بدون توبة, فله سبحانه وتعالى ذلك والأمر بيده! وأمّا مع تحقّق التّوبة، فإنّ الله يعفو حتماً عن كلّ ذنب حتّى عن الشرك.
ولدينا روايات عن الرّسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم تصرّح بأنّ: "الإسلام يجبّ ما قبله"
يعني « الإسلام يقطع ويجتثّ ما قبله»
فالذين لم يكونوا من المسلمين، بل كانوا فجّاراً.. كانوا مشركين.. كانوا مادّيين.. كانوا عبدة للبقر، وارتكبوا ذنوباً مختلفة، فعندما أسلموا واعتقدوا بالإسلام, فنفس هذا الإسلام يكون موجباً لغفران جميع ذنوبهم, وسوف لا يؤاخذهم الله على ما سلف منها.
بل حتّى الأفراد الكافرون.. والذين لا يخرجون الخمس.. ولا يزكّون.. وأكلوا الأموال الرّبوية اعتماداً على مشروعية ذلك في دينهم ومذهبهم، فبمجرّد أن يسلموا فإنّ جميع ذنوبهم تغفر، ولا يحقّ للمجتهد الجامع للشرائط أن يأخذ منهم خمساً أو زكاة على أموالهم السّابقة.
فـ "يَجُبُّ" يعني « يَقطَعُ »؛ فبلوغ مرحلة الإسلام بنفسها تكفّر سيئاتهم السّابقة. صحيح!
فهناك أمام الإنسان مراحل مختلفة ودرجات متفاوتة في اجتيازه مراحل اليقين والتوحيد؛ وتجاوز كلّ درجة وبلوغ الدرجة الأعلى هو بحدّ نفسه مستوجب لغفران الذنوب في الدّرجات السّابقة.
فلو كان بين عالم الشرك وعالم التوحيد عشر درجات مثلاً, بحيث أنّ من يريد أن يترك الشرك ويصير مسلماً موحّداً، فعليه أن يطوي هذه الدرجات العشر ليصل إلى أعلى مراتب مقام التوحيد واليقين.
ففي الدّرجة الأولى، تصدر منه طاعات مختلفة.. تصدر منه حسنات متعدّدة.. وتصدر منه ذنوب أيضاً, وتلك الذنوب مساوية لطاعاته في الدرجة؛ لأنّ كلاّ من الطاعات والمعاصي إنّما تحقّق في الدرجة الأولى.
وحينما يصل إلى المرحلة الثانية, فسوف تكون الطاعات أدقّ وألطف, لأنّها أصبحت في رتبة الدّرجة الأعلى، فالعبادات هنا أرَقّ.. ألطف.. والذنوب أيضاً أدقّ وأخطر؛ فهي ليست كذنوب المرحلة الأولى.
وحينما يعبر من المرحلة الثانية إلى المرحلة الثالثة, تصبح الطاعات فيها أكثر لطفاً ودقّة، كذلك الذنوب تصبح أخفى وأدهى مما كانت عليه في المرحلة السابقة؛ وهكذا الأمر حتى نصل إلى الدّرجة العالية.. الدّرجة العاشرة.
ففي الدّرجة الأولى حينما تصدر من الإنسان الطاعات والحسنات، كذلك تصدر منه الذنوب أيضاً، وعلى الإنسان أن يتوب من تلك الذنوب فإما أن يقول: يا الله! قد أذنبت وعصيت, وأنا الآن تائب من ذلك الذنب.. ولن أعود إليه؛ فهذا الاعتراف هو توبة له.
وعوضاً عن ذلك فهناك طريق آخر للتوبة, وهو أنْ يعبر من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثّانية من مراحل التوحيد، بأن يقوّي توحيده؛ فنفس هذا العبور يكون مثل النّار التي تحرق وتزيل جميع الذنوب التي اقترفها في تلك المرحلة الأولى! فيجد نفسه لا ذنب عليه!!
والآن وبعد أن ورد في المرحلة الثانية من التوحيد، فقد تصدر منه في هذه الرتبة ذنوب كثيرة أيضاً ، فهو لم يزل في المرحلة الثانية فقط, أي إنّ توحيده لا يزال ضعيفاً ، فإن تحرّك و وَردَ الدرجة الأعلى من التوحيد، فنفس الحالة التوحيديّة التي يحصل عليها, ونفس اليقين الجديد الذي يتحقّق به يستوجب غفران تمام الذنوب التي ظهرت منه في المرحلة السابقة.
وهكذا يرتفع ويرتقي من درجة إلى درجة , حتّى يبلغ الدرجة العليا من التوحيد، وهنا لا معنى للذنب أصلاً؛ لأنّ الذنب عبارة عن العمل الذي يرتكبه الإنسان غافلاً عن الواقع وجاهلاً بالحقّ, وفي عالم التوحيد علم محض! فلا جهل ولا غفلة. كلّ عمل يصدر من الإنسان عن جهل وغفلة ويكون موجباً لابتعاد الإنسان عن طريق الله يسمّى معصية؛ وكلّ عمل يقرّب الإنسان إلى الله ويهيئ المقدّمات التي تقرّبه الإنسان إلى الله ويرضي الله نسمّى ثواباً وأجراً. فالذي أوصل نفسه إلى الدرجة العليا من التوحيد إلى حيث العلم المحض والمعرفة الخالصة, حيث لا معنى للنسيان, والجهل, والغفلة، فهذا لا يتأتّى منه صدور الذنب بل لا معنى لذلك, لأنّ الميزان في تشخيص الذنب وتمييزه عن الطاعة هو نسيان الله والبعد عن أسباب التقرّب، والابتعاد عن ساحة قربه، وميزان الطاعة هو القرب من الله، والحال أنّ عالم التوحيد هو قرب محض, كما أنّ عالم الشرك عبارة عن بعد محض.
فالمشرك لا تصدر منه إلا الذنوب، حتّى أعماله الخيّرة هي ذنوب أيضاً، والأعمال الخيّرة التي يقوم بها المشرك هي في الواقع سيّئة؛ فهو لا يستطيع أن يعمل عملاً حسناً، لأنّه مشرك ولديه حالة تمنعه من أن ينوي نيّة حسنة، فقلبه هو مصدر للنّار ومنه تترشّح النار، مع أنّه قد يقوم بعمل مدهش ومقبول من الناحية الظاهريّة وباهر نظراً إلى الحسابات الخارجيّة، لكنْ ذلك العمل ليس له باطن وليس فيه روح، مثله كالميّت الذي ألبسوه لباساً فخماً وعلّقوا عليه أوسمة وجواهر وعطّروه, ووضعوا أيضاً على رأسه قبّعة وألبسوه حذاءً لامعاً؛ وجهزوه بأدوات قيّمة، لكنّ باطنه ميّت، لا يملك روحاً وحياة .
وقد شبّهت السّيّدة زينب سلام الله عليها أهل الكوفة بالموتى في تلك الخطبة التي ألقتها فيهم فجعلتهم بمنزلة الميّت النائم البالي في قبره, لكن زيّنوا له ظاهر قبره، وبنوا عليه تمثالاً فخماً لذلك الميّت؛ فهذا هو مثلهم، أي أنّ لكم ظاهراً يا أهل الكوفة لكنّكم لا تمتلكون الروح والحقيقة.
فالشخص الذي أشرك بالله ولا يعتبر ذلك المبدأ الأزلي مؤثّراً تترشّح منه آلاف الأعمال الفاسدة، مع أنّ ظاهر الكثير منها مقبول في نظر الناس إلا أنّها خاوية لا باطن لها! بينما نجد أنّ الموحّد الغارق في بحر التوحيد، الذائب في عالم المعرفة الخالصة والعلم المحض، نجده على حال وملكة تجعل كلّ عمل يصدر منه عينَ الحقيقة وعين الطاعة, فليس في هذا العالَم ذنب أصلاً! بل حتّى لو صدر منه أحياناً عمل قد لا تكون صورته مقبولة بين الناس لأنّهم لم يطّلعوا على حقيقته، إلا أنّ عمله هذا القبيح في نظرهم، هو عمل حسن وحقّ عند الله! فلا يصدر العمل القبيح من الموحّد. صحيح..!

    

أثر الصلاة في غفران الذنوب

يقول الله في هذه الآية المباركة التي قُرئت في عنوان ومطلع الجلسة:
«أيّها النبي! {أَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات} أي قم للصلاة بعزم وثبات في طرفيّ النّهار، أي الصّبح والعصر! لماذا؟ كي تُذهب الحسنات السيّئات.. فتغسلها.. وتُذيبها، فلا للسيئة مع وجود الحسنة»
فالصلاة لها حكم الحسنة التي تكفّر سيّئاته السابقة؛ هذا هو معنى الآية.
والآن كيف تكون الصلاة مكفّرة لسيّئات الإنسان؟
لأنّ الصلاة عبارة عن التوجّه إلى الله, والصلاة رجوع إلى الله؛ فكما أنّ التوبة رجوع، كذلك الصلاة هي رجوع وإنابة. فالشخص الذي يريد أن يتوب، لا يجب عليه أن يقول: أتوب إلى الله، أرجع إلى الله، تبت إلى الله، أستغفر الله، لا.. بل نفس حالة الرجوع والإنابة التي يعيشها بوجوده وقلبه والتي تجعله متوجّها إلى ربّه غير غافل عنه, نفس ذلك هو توبة.
وكما قال الإمام السّجّاد عليه السّلام:
"كفى بالنّدم توبة" أي «نفس الندم الذي يحصل للإنسان على الذنب هذا النّدم هو توبة».
كذلك الذي يصلّي ويتوجّه إلى ربه، ويعيش حالة الحبّ والعشق اتجاهه, ويتعامل معه على أنّه هو صاحب صفات الجمال والكمال ويثني عليه، ويعترف في الصلاة بالعبوديّة له, ويظهر في أفعالها ومقاطعها عبوديّته لذات الله ولربوبيّته، ويقرّ بفقره واحتياجه, ويستمدّ منه القدرة على السير والسلوك والسفر إليه! فالصلاة سفر باتّجاه الله، ورجوع وإنابة وارتحال إليه سبحانه وتعالى، فهي حسنة يلزم منها غفران الذنوب التي ارتكبها الإنسان سابقاً؛ إذن الصلاة مكفّرة للسيّئات!
{إنّ الحسنات يذهبن السيئات}
فلا ينبغي أن يعجب الإنسان ويقول: أيّها السيّد العزيز! كيف نرتكب الذنب, ثم نأتي ونصلّي ركعتين, فتصبح هاتان الركعتان من الصلاة سبباً لغفران كلّ ذنوبنا وإزالتها؟! فالحقيقة هي ذلك, لأنّ صلاتنا لهاتين الركعتين بشكل جيّد تؤدّي إلى التوبة! فالذي يصلّي الركعتين بشكل جيّد فهو لا يذنب لأنّ الذنوب قد ذابت واختفت؛ لأنّ الفرض أنّ الصلاة قد رفعته إلى المرحلة الأعلى, ولا ذنب في تلك المرحلة، كما لم تعد الذنوب السابقة موجودة، فمن صلّى ركعتين لا يستطيع بعد ذلك أن يرتكب الذنوب السّابقة. كما ولا يحتاج أيضاً إلى التّوبة اللفظية, بأن يقول: يا الله أنا تبت؛ بل نفس صلاته هذه توبة موجبة لترقّيه وتعاليه.
بناءً على ذلك, فحينما يبتلى بالشّدائد المختلفة.. المشقّات.. المعاملات.. والغفلات التي تعرض الإنسان, ويصاب جرّاءها بتكدّر وظلمة وقذارة في قلبه, فلأجل أن يمحوها يجب أن يقوم ويشتغل بالصلاة؛ فنفس هذه الصلاة تغسلها وتزيلها كلّها, وتضفي على القلب صفاء ونورانيّة.

    

الأدلة القرآنية على ما سبق

والشّاهد على هذا المطلب مجموعتان من آيات القرآن.
المجموعة الأولى: وهي الآيات التي تصرّح بإحباط كلّ عمل يقوم به المشركون أي إفساده وإزالته، وعندما نحشرهم إلينا فإذا هم خالي الأيدي.
فهو عملَ عملاً صالحاً.. عمل عملاً حسناً، لكنْ حيث إنّه لم يؤمن ولم يصلّ، فإنّ عمله الصالح ذلك قد احترق بشعلة عود ثقاب واحدة، كالذي جرف السيل غنمه، أو الذي صارت أشجاره التي زرعها عرضة للصّاعقة، وفي آخر المطاف لا يوجد شيء لديه!
كقوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[3]
أي «أولئك الأشخاص الذين لا يتوجّهون إلى الله.. يهرعون وراء الدنيا ويركنون إلى زينتها.. يتعلّقون بها.. يعشقونها، فهؤلاء لا يعرفون معنى الوجدان والحقيقة والصدق والعفّة والواقعيّة، فنحن نوفّيهم أجر تلك الأعمال التي عملوها في الدنيا ونعطيهم أجورهم فيها, (فنوصلهم إلى شهواتهم في الدنيا ولا نبخسهم شيئاً؛ فحيث أنّ قلوبهم وأفكارهم متعلّقة بما سوى الله من الأشياء الباطلة، فسوف يعطيهم الله ما تعلّقوا به بنحو أتمّ وأكمل!!) ولكن ليس لهم بعد ذلك محلّ في الآخرة غير النّار؛ لأنّ نتيجة تلك الأهواء والآراء والأفكار إنّما تتحوّل في ذلك العالم إلى النار؛ {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ} فالأعمال الحسنة التي عملوها أيضا كلّها تحبَط! أي تزول وتضمحل.
مثل أولئك كمن أخذ بيده قالباً من الثلج لينقله معه إلى ذلك الموطن فيتخذ منه شراباً بارداً، وبينما هو في طريقه ذاب قالب الثلج واستحال ماءً، وما إن يصل إلى الطرف الثاني حتى لا يبقى منه شيء، لأنّه إنّما يعبر من مكان حار، وهذا الحر لا يدع الثلج يصل إلى الطرف الآخر {وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي تبطل هناك جميع آثار أفعالهم وتتوقّف فاعليّتها.
كذلك قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً }[4]
أي «أيّها النبی! قل لهم: أتريدون أن أنبّئكم وأعلمكم من هم أسوأ الناس حظّاً من بين جميع الأفراد؟! أولئك الذين يعملون أعمالاً حسنة ويتعبون ويكدحون, ولكن أعمالهم الحسنة تضيع, ولا تدخل في ملفّهم, يعني أعمالهم تضيع! فيتحركون من هنا ويذهبون إلى العالم الآخر, وحينما يصلوا إلى هناك يبحثون عن تلك الأعمال الصالحة التي عملوها, فلا يعثرون عليها ولا يسمعون لها حسيساً!! قد ضاعت وتلاشت! ضاعت!) أيّ أفرادٍ هم هؤلاء؟ أولئك الذين يكذّبون بلقاء الله, يقولون الإنسان لا يصل إلى لقاء الله، {الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ} يكذّب بآيات الله، يكذّب بلقاء الله. أي (يعمل عملاً حسناً بالظاهر إلا أنّه يصدر عن قلب مشرك.. فهو يعمل عملاً حسناً إلا أنّه بسبب شركه يكون كمن عمل عملاً سيئاً واقترف جناية في الطرف المقابل! أي يعمل عملاً حسناً ولكنّه في الطرف المقابل لا يصلّي.. لا يصلّى ركعتين لله, فهو غير مستعدّ لأن يضع جبهته الشريفة واللطيفة على التراب في مقابل الله، بل يقول: إلهي أنت لست أهلاً لأن أسجد لك وأقع على الأرض لك.. فيعتبر نفسه أعلى من الله!)
{فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} أي حبطت جميع أعمالهم الصالحة وتلاشت وضاعت؛ (الحبط يعني الزوال؛ مثل قالب الثلج ذاك، يصير ماء؛ فهو في ذلك الموطن يعاني العطش والجوع.. يلهث.. ويعلو صراخه من العطش.. لا قطرة ماء باردة يضعها في فمه؛ لماذا؟ لأنّ سيره كان في منطقة حارّة! لأنّ الشمس أفسدت جميع أعماله الصالحة, والآن جاء خالي اليدين؛ لماذا؟ فأيّ شمس تكون تلك التي أفسدت أعماله الصالحة؟ إنّها نار الشرك بالله.. عدم الثقة بالله.. ترك الصلاة.. ترك الإحسان.. عدم الاعتراف بربوبيّته تعالى وبرسالة الأنبياء والمرسلين.. فيأتي الأمر الإلهي: جرّوه إلى هذا الشقاء والنكبة {فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} وفي يوم القيامة أصلا لا نقيم له وزناً, ليس له وزن ؛ لأنّ الوزن في يوم القيامة للعمل الصالح، ولا وزن ولا قيمة للعمل الطالح، بل هو أجوف.. ضائع.. زائل؛ فلا يوجد هناك للإنسان أيّة هديّة أو عطيّة تمكّنه من الدخول إلى الجنّة, لذلك يخلد في جهنّم».
تاركو الصلاة.. الذين يكذّبون بلقاء الله, ويكفرون بآياته, لا يقام لهم يوم القيامة وزن، لا شيء عندهم مما يوزن, فهم كالعدم ولا شيئيّة لهم! وحينما يواجهون عالم النور, فحيث أنّ لعالم الأنوار قدرته الهائلة, فهو يصدمهم ويرميهم مثل القشّة في ظلمات جهنّم؛ لا يستطيعون أن يردوا عالم النور, لأنّه عالم يحتاج إلى القوّة والاستعداد للنورانيّة. هذه هي المجموعة الأولى.
وأمّا المجموعة الثانية: فهناك آيات عديدة تنصّص على أنّ الأفراد الذين اقترفوا الذنب, إذا اهتدوا إلى نور التوحيد وعرفوا الله غفرت جميع ذنوبهم.
فحينما كانوا مشركين: كالكفّار.. اليهود.. والنصارى.. وقد ارتكبوا الجنايات, وارتكبوا السرقات.. قاموا بإراقة الدماء, ووقعوا في الزنا زمان الجاهليّة إلى ما شاء الله...! فبمجرد أنْ جاؤوا إلى النبيّ وآمنوا عن معرفة, فإنّ النبيّ لم يؤاخذهم بعد ذلك, ولم يسألهم عن سبب سفكهم للدماء أو سرقتهم الناس أو زناهم السابق؛ فـ الإسلامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وعفا الله عما سلف، فالماضي صار مقطوعاً ولا أثر ولا تبعة تترتّب عليه، الإسلام مثل المقصّ يقطعك عن السابق، فمن الآن استأنف العمل وفكّر ماذا عليك أن تصنع؟! فجميع تلك الذنوب قد عُفي عنها والله لا يؤاخذك عليها؛ لأنّك أسلمت وأقررت بربوبيّة الربّ, وانكشفت لك درجة من التوحيد؛ فتلك الذنوب إنّما صدرت منك وأنت في درجة أدنى من التوحيد, صدرت منك وأنت في حالة الشرك, فليس لتلك الذنوب أهليّة الورود في هذه المرحلة من التوحيد.
وبنفس ذاك التصوير الذي ذكرناه عن قالب الثلج والماء البارد (حيث ذكرنا أنّ المشرك لا يتمكّن من بلوغ مرحلة السكون والاطمئنان حتّى يتسنّى له الاستفادة من الماء البارد العذب), فالأمر هنا بالعكس تماماً, فالذنوب التي اقترفها هذ المشرك سابقاً تشبه قصّة النار والماء, لكن تلك النيران إنّما كانت تحرقه في الوقت الذي لم يكن يتحرّك فيه من تلك المرحلة إلى مرحلة أخرى؛ أي لم يتحرّك من الشرك إلى التوحيد, فكانت تهبّ رياح النيران عليها! أما الآن فقد أسلم وصار موحّداً، وأصبح معترفاً بأنّه قد أكثر من الذنوب، ولكن بما أنّه قد عبر من عالم الشرك إلى عالم التوحيد فمهما يبحث في هذه الجهة وتلك الجهة لا يرى أنّ لديه ذنباً، فالنار انطفأت.. ونار الشرك زالت وانقطعت.. لأنّ الإسلام والإيمان أزالا ذنوبه السابقة ولم يبقيا لها أثراً.
{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً } [5]
«فعباد الله هم الذين لا يرجون مع الله إلها آخر, ولا يطلبون مؤثّراً غيره، ولا يقتلون النفس المحترمة التي حرّم الله دمها إلا بالحق, كذلك هم لا يزنون. وإن فعل أحد منهم هذه الأفعال قتل نفساً محترمة أو زنى) فقد اقترف إثماً وأحاط به ذنبه وأظلم قلبه, وتضاعف عذابه واشتدّ يوماً بعد يوم» {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }[6]عذابه يكون شديداً جدّاً ويصير مُخَلّدا في جهنّم، يخلد في جهنّم مهاناً ذليلاً.. صحيح..!
{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً }[7] أي «إلا أن يرجع الذين قتلوا النفس المحترمة واقترفوا الزنا... و نادوا بنداء التوبة أن: يا الله ها نحن قد رجعنا.. و أنبنا! فيرجعون بشكل صحيح أيضاً، ويؤمنون أيضاً, ويعملون عملاً صالحاً أيضاً»، فتبدّل الذنوب التي اقترفها هؤلاء في السابق إلى حسنات!
فهو قد زنى لكن لا زنى في صحيفة عمله!! وإنّما كتب نكاح! كذلك قتل إنساناً, والآن لا يوجد قتل إنسان في صحيفة عمله, يوجد إحياء للنّفس! قد تبدّل عمله القبيح إلى آخر حسن! لماذا؟ لأنّه عبر من مرحلة الشرك إلى مرحلة التوحيد.
فعالم التوحيد هو عالم الحياة، عالم التوحيد هو عالم الحسن, فالآن تترشّح من نفسه الحسنات؛ وقد مضى ذلك الوقت الذي صدرت فيه السيئات, والآن نفسه ليست تلك النفس السابقة؛ نفسه السابقة كانت نفساً مشركة, كانت نفساً خائنة, أمّا الآن فقد رمى بنفسه في البوتقة مثل الذهب, وأزال حقدها وأذهب المغشوش عنها، وأزال أوساخها, ليصبح ذهباً لامعاً خالصاً. فماذا يصنع الله بهذا الذهب اللامع؟ فهل يقوم برميه ثانية في البوتقة!! هل يجب أن يحرقه ثانية؟!! لا.. فهو ليس مغشوشاً يا عزيزي.. فالنفس تبدّلت وصفت ونظفت, ومكان الأطهار الصافين هو الجنّة, هل التفتّم جيداً! {فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }[8]
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ }[9]
أي «أولئك الذين آمنوا وعملوا صالحاً وآمنوا بكلام النبيّ، آمنوا بالذي أنزله الله على النبيّ واعتقدوا بأنّه كلام حقّ: حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، حرام محمد حرام إلى يوم القيامة, وهم معترفون مقرّون بذلك، فهؤلاء تغفر جميع ذنوبهم! وعلاوة على ذلك يصلح الله قلوبهم أيضاً، فلا يُكتفى بأمر الملائكة بمحو الذنوب وغفرانها, بل يرسل الله مجموعة من الملائكة لتطهير قلوبهم أيضاً؛ فتفتح باب القلب وتأتي بمضخّة وتحضر بعض المواد وتصبّها داخل هذا القلب، (فتخرج جميع أوساخه, تماماً مثل هذه المضخّات التي تستخدم في أعمال التنظيف, هل رأيتم كيف ينظفون السيارات ويمسحون أوساخها؟) كذلك القلب يطهر.
بالتأكيد ليس هذا القلب ها! فهناك قلب آخر؛ كذلك المضخّة، المضخّة لها شكل آخر؛ أولئك الملائكة الذين يأتون أيضاً ليس لهم جناح وريش؛ كذلك المادّة التي يصبّونها داخل القلب والتي ينظّفون بها, فليست مثل البنزين والزيوت وأمثال ذلك، فتلك أيضا لها شكل آخر. وعلى كلّ حال فالقلب سيطهر، ونحن نريد طهارة القلب, وبأية وسيلة يتحقّق ذلك.. فليكن.
فالقلب الطاهر إنّما تصدر منه الحسنات دون السيّئات؛ ماذا يفعل الله مع الإنسان المحسن؟ فالذي طهر يريد أن يأتي إلى الله, فهل يقول الله له: أريد أن أدخلك إلى جهنّم لأنّك قمت باقتراف السيّئة؟! يعني لسان حال العبد أن يقول: حسناً.. أنا اقترفت السيّئات سابقاً, ولكن الآن غيّرت نفسي, وها أنا معترف الآن.. أعترف الآن بربوبيّتك {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ }[10] فهذه أيضاً آية من القرآن, وهي تصرّح بأنّ «من صار في ذاته محسناً فلا خوف عليه» فهم إنّما يأخذون المجرم ويعذّبونه، دون المحسن فهو غير مستوجبٍ للعذاب.
نعم هذه هي الصلاة, فهي حسنة توجّه الإنسان إلى الله؛ عندما ينادي المؤذّن "الله أكبر"، فيجب أن لا تؤخَّر الصلاة، يشرع المؤمن بالوضوء ويقف في مصلاّه إن كان في المنزل, وما أحسنها أن يكون في المسجد فيؤدّيها جماعة، فيشرع بصلاة ركعتين يتحدّث فيهما مع الله:
« يا الله منذ الصباح إلى الآن تشكّلت مجموعة من الأفكار لديّ.. وظهرت العديد من الخيالات.. وحصلت لي نزعات تشدّني نحو الدنيا.. فوقع بصري على العمارة الفلانيّة فهتف إليها قلبي.. كذلك رأيت السيّارة الفلانيّة أرادها قلبي، لمحت المرأة الفلانيّة فخطفت قلبي.. فجميع هذه المظاهر الدنيويّة قد أخذت بقلبي.. والآن جئت لأنظّف نفسي وأطهّرها.. لأغسلها.. يا الله أنت أجمل من أولئك! أنت أجمل من تلك السّيّارة! أنت أجمل من تلك العمارة! أنت أجمل من تلك المرأة! أنت ألطف من تلك الأموال! (كيف تقول لله ذلك لتبرهن على صدق إنابتك ورجوعك إلى الله؟ تقول: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }[11]أي الحمد والثناء والتمجيد لك ليس لهم!).
فحينما يقول المصلّي {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فهل تبقى تلك المرأة وتلك العمارة وتلك السيّارة اللائي أخذن قلبه وخطفن لبّه هل تبقى في قلبه أو أنّها تخرج من قلبه جميعا؟! ينبغي يا عزيزي أن تخرج جميعها من قلبه.. فبقوله: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} لا يعود بإمكانهنّ أن يحيين ويترعرعن في قلبه, فيودّعن ويذهبن, فلا يبقى بعد ذلك شيء في قلبه؛ وهو معنى أنّ الصلاة تغسل القلب.
يكون جالساً في دكّانه, ويفكّر بألف خطّة.. ما الذي يجب عليّ أن أقوم به كي أستجلب الزبائن! كي أهزم زملائي وجيراني من التجار!! يبقى يفكّر بهذه الأفكار... ولكن يرجع إلى الصلاة ويقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}[12] أي >يا الله أنا أطلب المساعدة فقط وفقط منك لا من غيرك!» فلا أريد المساعدة من الزبائن, لا أريد المساعدة الزبائن بأن يأتون إليّ دون أن يذهبوا إلى دكّان جاري! فأنا لا أطب النفع والعون من أحد؛ لا من زيد, ولا من عمرو, لا من الأب, لا من الأم, لا من الرفيق ولا من الشريك, ولا من الحكومة.. أنا لا أريد المنفعة والعون من أيّ من هؤلاء, لا أريد المساعدة من أحد, بل أريد منك أنت.. فقد جئتك ولجئت إليك!
حينئذٍ هل تتصورون أنّ حالة «توجّهت إليك» لا تكون تطهيراً للقلب؟!! ألا يكون هذا اللجوء حسنة يمكن لها أن تغسل وتزيل تلك السيئات السابقة؟ نعم, هذا هو الذي يحصل, فالصلاة تزيل السيئات بهذا النحو.
هناك رواية تبيّن أنّه: عندما أكل آدم أبو البشر من شجرة القمح تلك في الجنّة, وأنزله الله العليّ الأعلى إلى الأرض صار جميع بدنه مصاباً بالبرص! ( بثور سوداء من رأسه إلى أظافر قدمه, كانت تشاهد بثور سوداء في بدنه بأسوأ وضع), فنظر آدم نظرة إلى نفسه فاستاء كثيراً! استاء كثيرا كثيراً! فبكى على خطيئته تلك مائتي سنة! بعد مائتي سنة جاء جبرائيل وقال:
يا آدم أأنت نادم؟
قال: نعم!
أتريد أن ينظّف بدنك ويطهر؟
قال: نعم!
قال: قم وتوضأ! (تَوَضّأَ) صلّي!
فعلّمه الصلاة الأولى، من الصّلوات الخمسة؛ عندما صلّى آدم الصلاة الأولى ذهب البرص وزالت تلك البثور السوداء من رأسه ورقبته؛ فأصبح الرأس والرقبة مشرقان نورانيان، فكان يأنس ويتلذّذ حينما يشاهد نفسه في الماء أو مقابل أيّ جسم كالمرآة. فلمّا صار وقت الصلاة الأخرى, توضّأ وصلّي صلاة أخرى! صلّى الصلاة على نفس النسق, فزال البرص حتّى وسطه؛ فأصبح لونه أبْيَضا, مثل الفضّة اللامعة! نظر آدم إلى نفسه فرأى أنّه صار جميلا جداً. فنظر نظرة إلى أعلى بدنه من الوسط إلى الأعلى رأى كم هو أبيض.. كالفضّة.. جميل! ولكن إلى الأسفل, ما زالت تلك البثور السوداء والبرص موجودة, فكان يستاء منها؛ فصبر إلى وقت الصلاة الثالثة, فجاءه جبرائيل: آدم قمْ و توضّأ وصلّ ركعتين! فصلّى الصلاة, وزال البرص إلى أوّل الركبة. ثم حان وقت الصلاة الرابعة, فجاء جبرائيل وأمره بالوضوء والصلاة! وزال البرص إلى ظاهر القدم (يعني إلى الكاحل), ثمّ حان وقت الصلاة الخامسة, فصار بدنه إلى طرف ظفره فضّياً ولم يبقى أثر واحد من تلك البثور السوداء!
هذا ما حصل لظاهر بدنه, ها..! لكنْ بنفس الوقع وبشكل متزامن مع هذه الطهارة الظاهريّة, كانت قد طهرت روحه أيضا؛ بل ببركة طهارة الروح قد زالت تلك البثور السوداء, (حيث كانت وروحه قد توجّهت إلى غير الله من مقام النفس) فأثر الصلاة هو الذي أدى إلى تطهير روحه ونفسه, وبتبعها طهر بدنه أيضاً.
خطب أمير المؤمنين عليه السّلام يوماً بالناس في مسجد الكوفة: أيُّها الناس :
أيّة آية في كتاب الله أرجى عندكم؟ «أيّ واحدة من آيات القرآن، في القرآن تشعر الإنسان رجاءً أكثر؟ وتجعله ذا رجاء؟»
فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين هذه الآية:
{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}[13] أي >إنّ الله لا يغفر للمشركين، أمّا بالنسبة لغير المشركين فالله يغفر لمن يشاء حسبما يريد» هذه الآية موجبة لأمل ورجاء الإنسان.
فقال أمير المؤمنين: حسنة, وليست إياها أي «هذه الآية آية حسنة, لكنّها ليست أرجى آية, ليست الآية التي أريدها»
فقال بعضهم يا آمير المؤمنين هذه الآية:
 {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً}[14]أي «يا أيّها النبي قل يا عبادي الذين أسرفتم على أنفسکم لا تيأسوا من رحمة الله! اليأس أسوء من جميع الذنوب, فلا تيأسوا, لأنّ الله يغفر جميع الذنوب.»
قال الإمام:
حسنة, وليست إياها «هذه الآية آية حسنة لكنّها ليست أرجى آية؛ ليست أرجى آية من آيات القرآن».
قال بعضهم : يا أمير المؤمنين هذه الآية :
{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ }[15] «أولئك الأشخاص الذين عملوا سيّئة، عملوا عملا قبيحاً، لكن بعد ذلك يندمون.. يذكرون الله.. يستغفرون.. فالله يرحمهم ويغفر ذنبهم ويدخلهم الجنّة<.
قال أمير المؤمنين:
حسنة, وليست إياها «هذه الآية آية حسنة لكنّها ليست تلك الآية».
ثم أحْجَمَ الناس (أحْجَمَ مع حاء حطّي) يعني تراجع الجميع وسکت؛ لم يجب أيّ شخص آخر»
فقال أمير المؤمنين عليه السلام:
يا قوم! مالكم يا معشر المسلمين؟! «لماذا لا تجيبون؟»
قالوا: بالأخير لا نعلم شيئا أيّها السيّد! قرأنا لك أفضل الآيات التي كانت موجبة للرّجاء في القرآن المجيد, وأنت لم تمض أنّها أرْجَى آية في كتاب الله؛ الآن هل تستطيع أن تمنّ علينا وتبين لنا بنفسك؟
فقال أمير المؤمنين:
أرْجَى آية في كتاب الله هذه الآية : {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }[16] أي «صلّ الصلوات في أوّل الصبح وآخر النهار! صلّ صلاتك العشائيّة، صلّ صلاتك المغربيّة عندما يمضي مقدار من الليل, فإن قمت بذلك فاعلم أنّ الحسنات تُزيل السيّئات و تُمحيهنَّ!» هذه أفضل لرجاء الإنسان من جميع الآيات.
(فحينما يقترف الإنسان ذنبا, فما إن يأتي إلى الله ويؤوب إليه ويقول: يا ربّ أنا اشتبهت؛ فالمقصود من الإتيان بالحسنة هو التوجّه إلى الله، فمع التوجّه إلى الله لا تبقى هناك سيئّة أبداً..)
حينها قال الإمام:
قال لي النبی الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم يوما: «يا علي ! أيّ من المؤمنين يكون عنده إيمان بالله وإيمان بي ويتوضأ بصدق للصّلاة، بنفس الصورة التي يصبّ فيها هذا الماء وقطرات الوضوء من وجهه ويده، تنحدر عنه الذنوب وتتساقط عنه!
تماماً مثل غصن الشجرة الذي صارت أوراقه صفراء في فصل الخريف, فما إن يمدّ الإنسان يده ويلامسه حتّى تتساقط جميع أوراقه بسهولة, كذلك الأمر بالنسبة للوضوء, فما إنْ ينحدر ماء الوضوء على وجه الرّجل المصلّي وينسال على يديه؛ تتساقط عند ذنوبه أجمع.
بعد أن يقوم ويصلّي ركعتين, ويكون ملتفتاً لما يتكلّم به مع ربّه, سوف يطهّره الله من الذنوب كيوم ولدته أمّه! مثل اليوم الذي ولدته فيه الأم, فلا ذنب عليه الآن, لذلك عليه أن يراقب نفسه من الآن فصاعداً ويحاسب نفسه من جديد! وعندما يصلّي الصلوات الخمسة لا يبقى في سويداء قلبه ذرّة من الذنب, حينئذ يأتي ملائكة الرحمة ويعطونه بشارة الجنّة ويدعونه إلى الجنّة. في ذلك الوقت قال النبی لي: «يا علي! أتعلم ما هو مثل الصلاة؟»
قلت: بيّن لي يا رسول الله!
قال النبي: مثلها مَثَلُ النهر الجاري أمام بيوتكم؛ فإن كان أمام دار أحدكم نهرٌ جاري, فإن يخرج أحدكم من بيته في الليل والنهار خمس مرات ويغتسل في هذا النهر ويغسل بدنه, ألا يصير بذلك نقيّاً؟ هل يبقى في بدنه قيح أو وسخ؟!
قلت: لا أبداً! فعلى الإنسان أن يبادر لغسل نفسه في اليوم والليلة خمس مرات بشكل منتظم!!
قال النبي: مَثَلُ الصلاة مَثلُ ذلك النهر الجاري أمام بيوتكم؛ تردون في هذا النهر خمس مرات فتغمر رؤوسكم وأقدامكم بفيوضات ورحمة ربّكم, فيغسل قلوبكم, ويضفي عليها الصفاء, يعطيها الرقّة, ويوجّهكم إلى مقام الأبديّة والأزليّة لله تعالى, ومع وجود هذا النهر لن يكون بعد ذلك ذنب لأمّتي.»

هذا كلام حضرت الرسول؛ وهذه الرواية رأيتها في ثلاثة مواضع: في «مجمع البحرين», وفي كتاب «عَوَالي اللئَالي»، وفي « تفسير العيّاشي»؛ تفسير العيّاشي من كتب الشيعة المهمة، يقول كثير من العلماء إنّه أهمّ وأقوى سنداً من «الكافي».
مع الأسف إنّ هذا الكتاب الشريف أكثر من نصفه ليس بأيدينا اليوم، ونصفه الآخر؟ إمّا أنّ نسخته غير موجودة أصلا, وإمّا أنّها موجودة ولكن ليس لأحد أيّ اطلاع عليها.
على كلّ تقدير لم تتوفر في المكتبات المعروفة في الدنيا التي فهرست النسخ الخطّية، والحال أنّ نفس العيّاشي كتب التفسير إلى الآخر يقينا. وهذا التفسير نصفه الأول (أي من الأوّل إلى سورة الكهف أو سورة مريم التي تكون الجزء الخامس عشر من القرآن) في متناول اليد, وهو كتاب معتبر جدّا! وأسماء الرجال الواقعين في سنده هم أكثر الرجال ثقة واعتبارا, لذلك لهذا الكتاب اعتبار مميّز عند العلماء.
حسناً، كان جميع هذا الكلام لأجل أن يصير الإنسان مصلّياً، وليقيم الصلاة. فالشخص الذي يصير مصلّيا تصبح الحسنات تترشّح من وجوده وتتأتّى من ذاته؛ والشخص الذي لا يصلّي تتطاير من قلبه الظّلمة؛ فتخرج تلك الظلمة وتبدو من قلبه، أيهما أفضل النور أم الظلمة؟ النور هو الجيّد وليس الظلمة! {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[17]، فالصلاة هي الجيّدة وليس تركها؛ فالصلاة توجّه الإنسان إلى الله! وضد ها أي ترك الصلاة يعني التوجه إلى أمور الدنيا الفانية! الشخص المصلّي, عنده توجّه نحو الله، وتارك الصلاة إلى غير الله، {وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[18]!
أشهد أنّكم قد أقمتم الصلاة وآتيتم الزّكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر.
عجيب جدا! واقعاً ما قام به سيّد الشهداء عليه السلام هو إحياء هذا النهج وهو درس للبشريّة حتّى يوم القيامة.
أمّا معاوية.. يزيد.. عبيد الله بن زياد.. عمر بن سعد.. شمر.. سنان بن أنس.. أولئك القادة العسكريون، هؤلاء جميعاً كانوا يعملون لأجل الدنيا، لا يوجد لهم اسم في الدنيا ولا رسم، ليس لهم أنصار ومؤيدون ، ليس هناك مذهب يبلّغ لهم ويقوّي وجودهم، لا يوجد مجلس يذكرون فيه، حتّى بينهم ها! لا يستطيعون أن يذكروا اسم أولئك على أنّهم عظماء ونبلاء مخلدون!! وإن يفعلوا ذلك يخيبوا.
أين قبر معاوية في الشّام؟ الشام كانت عاصمة حكومة معاوية التي بلغت نهاية مطافها ما بين مشرق العالم ومغربه (كانت حكومة بني أميّة بالأخير من الأندلس حتى سمرقند والمشرق وبخارا وپيوه وبلخ!) قبره موجود في مركز عاصمته في بلدة دمشق؛ فما لم يذهب الإنسان ويرى، لا يصدّق أنّ قبره بهذه الصورة؛ لا يصدّق!
أتعلمون أيّة مزبلة هي؟! إن تقفوا لبضع دقائق هناك... ينبغي أن تغلقوا أنفكم وتخرجون بسرعة!! في ذاك المكان قبره؛ في مركز حكومته!
أمّا سيّد الشهداء فقد جاؤوا به إلى أرض قفراء بلا ماء.. وذات طعام خشن.. وقطعوا رأسه.. كلّ ذلك حتى لا يبقى اسمه في الدنيا؛ ثمّ إنّ يزيدا أيضا كتب إلى حكّامه وعمّاله أنّه: ذهب الحسين بن عليّ من دار الدنيا بموت إلهي، وأمرهم أن يعلنوا أنّ الحسين انتقل من دار الدنيا, لينهي القصة والفضيحة إلى هذا الحدّ؛ محاولاً أن يعرض المسألة على أنّها مجرد قضيّة شخصيّة ويغطّون عليها ولا يعلم أحد.
تلك الأرض اليابسة الخالية من الماء والطعام، الآن أنظروا أيّ مدينة تكون! أنظروا إلى النّجف أيّ مدينة تكون! النجف!! التي لم تكن مدينة أصلا.. فهي قبر أمير المؤمنين.. كان قبره على تلّة خارج المدينة، تبعد عن المدينة فرسخين، الآن خربت الكوفة، وصار هناك النجف!
"الكاظمين" كانت مقابر قريش (مقبرة أهل البيت.. مقبرة قريش) كانت خارج المدينة، أمّا الآن فقد صارت المركز! مركز التبليغ، مركز الترويج، مركز التحصيل، مركز الأبّهة والجلال، مركز العلم والأدب، مركز الأخلاق والإنسانيّة.
كربلاء مركز الإنسانيّة؛ يعنى نهج الإمام الحسين يعطي للإنسان درساً في الإنسانيّة، وهذا النهج لا يزول، بل يصير يوماً بعد يوم واضحاً بالأخير؛ كما قال النبيّ لحضرة الإمام الحسين (حسبما هو المروي عن أمّ أيمن) بأنّه يصبح يوماً بعد يوم أوضح وأظهر .
قتل من جنود عمر بن سعد أكثر بكثير من جنود أبي عبد الله؛ جنود أبي عبد الله كانوا أفراداً قلّة, فعددهم قليل لكن كلّ واحد منهم قتل مئة, مائتين, ثلاثمائة, خمسمائة نفر منهم, هل يوجد اسم لأولئك؟ هل يوجد رسم؟! لا ! {وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[19] ضاعوا وذهبوا، ضاعوا! ليس لهم وجود في عالم الحقيقة! أمّا هؤلاء الذين كانوا أصحابا، هؤلاء نموا وباستمرار، نموا.
حبيب بن مظاهر أظهر نفسه للعالم، مسلم بن عوسجة عرفه العالم كلّه؛ عجيب كيف يظهر, ها! يعني: هذا الرجل الهرم الكهل, يظهر نفسه للبشرية وكأنّه الآم ماثلاً أمامها!! يتّخذ مكانا في القلوب والأفكار؛ في كل مجلس في الدنيا, فأين لا يأتي ذكر حبيب بن مظاهر طوال العام؟! أي لا يأتي ذكر زهير؟! ألا يذكر هلال بن نافع؟! ألا يذكر اسم مسلم بن عوسجة؟!
فعملهم.. ومنهجهم.. أمرهم بالمعروف.. نهيهم عن المنكر.. إقامتهم للصّلاة مثل الذرة التي أشرقت عليها الشّمس وكبّرتها وأعطتها بريقاً في الأفكار, فأوصلت هذا النهج, نهج الإنسانيّة الأصيل في عالم الإنسانيّة, إلى مرحلة الإثبات وأمضته.
فلهؤلاء قيمة كبيرة, حتّى يقول سيّد الشهداء عليه السلام:
قد أقمتم الصلاة! «أنتم أقمتم الصلاة» ورفعتم راية التوحيد والصلاة التي قد محاها ودثرها بنو أميّه، أنتم رفعتم هذه الراية؛ يعني الصلاة التي نحن نصلّيها اليوم, وهي باقية بسبب مجاهدتكم، ولولاها لما بقي للدّين اسم في أيّ مكان من الدنيا.
فكم لهؤلاء من قيمة عند سيّد الشهداء عليه السلام! فهؤلاء أفراد قد ذهب حضرة السجّاد وحضرة الإمام جعفر الصادق لزيارة قبورهم، إمام الزمان يذهب ويقف مقابل قبرهم ويقول:
بأبي أنتم وأمّي ! يعني «أبی وأمّي فداء لكم!»
هذه الكلمة ليست مزاحاً ها..! نحن حينما نذهب ماذا نقرأ في كتاب الأدعية؟ ففي كلّ زيارة لسيّد الشهداء، فإمّا في آخر الزيارة وإمّا في نفس الزيارة نوجّه الخطاب إلى أصحاب سيّد الشهداء:
أشهد أنّكم قد أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر.
بل إنّ نفس سيّد الشهداء عليه السلام قد ذكرهم، وفي أيّ أوقات حسّاسة كان قد ذكرهم! في الوقت الذي ذهب فيه الجميع من دار الدنيا ولم يبق أحد في المعسكر، لا يوجد أيّ شخص آخر؛ لا حضرت أبي الفضل.. ولا حضرت عليّ الأكبر.. لا بُرَيْر.. لا زُهَيْر.. في ذلك الوقت: اتّكأ على رمح الغربة، (لا يوجد في عنوان الرواية رمح الغربة) لكن اتّكأ على رمح في تلك الحالة لأنّه كان غريباً وحيداً ولم يكن بجانبه أحد؛ وهذا معنى رمح الغربة فلم يكن هناك أحد!!!
فوقف بين الجيشين وقرأ خطبة مفصّلة وقرأ رجزاً ؛ فكان الإمام عندما يخطب كان دائماً يؤثّر في المحيطين به فوراً, عندما كان يرجز كان يؤثّر في المحيطين به أيضاً, والآن خطب خطبة مفصّلة, رجز رجزاً, وهو ينظر من حوله ليرى أنّه لا يوجد أحد ! فنادى:
يا مسلم بن عقيل! يا هاني بن عروة! يا حبيب بن مظاهر! يا هلال بن نافع! يا برير ! يا زهير! يا أخي، أبا الفضل! ما لي أناديكم فلا تجيبون؟! وأدعوكم فلا تسمعون؟!
«يا مسلم بن عقيل! يا أيّها المعين المضحّي الذي لا مثيل له! يا هاني بن عروة! (أين كانا هذان العظيمان؟ فقد استشهدا في الكوفة، هما أوّلا الشهداء الذين قدّمهم سيّد الشهداء في الكوفة!) يا أيّها الكبير في السن، القارئ للقرآن، يا فقيه أهل البيت، يا حبيب بن مظاهر! يا مسلم بن عوسجة! يا هلال بن نافع! يا برير! يا زهير! أين أنتم؟! يا أخي العباس!!! أين أنت؟! ما لي أناديكم فلا تجيبون؟! «ماذا حدث حتّى أنّي كلّما أناديكم لا تجيبون؟!» وأدعوكم فلا تسمعون؟! « أدعوكم.. أناديكم بالاسم, لكنّ صوتي لا يصل إلى سمعكم؟!»
أنتم نيام أرجوكم تنتبهون؟! أم حالت مودّتكم عن إمامكم فلا تنصرونه؟!
«لا أعلم هل أخذكم نوم ثقيل! أرجو أن تنهضوا من هذه الرقدة ، أو أنّكم تركتم صلة محبّتكم وولايتكم ومودّتكم بإمامكم, فكلّما أنادي لا تردّون جوابي» .

{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }[20]
{ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }[21]


[1] ـ سورة هود (11) الآية 114.

[2] ـ سورة الإسراء (4) صدر الآية 48

[3] ـ سورة هود (11) الآية 15 16.

[4] ـ سورة الكهف (18) الآية 103 105 .

[5] ـ سورة الفرقان (25) الآية 68.

[6] ـ سورة الفرقان (25) صدر الآية 69.

[7] ـ سورة الفرقان (25) صدر الآية 70.

[8] ـ سورة الفرقان (25) ذيل الآية 70.

[9] ـ سورة محمد (47) الآية 2.

[10] ـ سورة التوبة (9) قسم من أية 91.

[11] ـ سورة الحمد (1) الآية 2.

[12] ـ سورة الحمد (1) صدر الآية 5.

[13] ـ سورة النساء صدر الآية 48.

[14] ـ سورة الزمر (29) صدر الآية 53.

[15] ـ سورة آل عمران (3) صدرة الآية 135.

[16] ـ سورة هود (11) الآية 114

[17] ـ سورة النور (24) صدر الآية 35.

[18] ـ سورة القصص (28) قسم من الآية 60

[19] ـ سورة القصص (8) ذيل الآية 75.

[20] ـ سورة الشعراء (26) الآية 227.

[21] ـ سورة البقرة (2) الآية 156.

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی