معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > الأبحاث التفسيریّة > رسالة‌ جديدة‌ في‌ بناء الإسلام‌ علی‌ الشهور القمرية
رسالة جديدة / القسم الثالث:استبدال السنین الشاهنشاهیة بالسنین الهجریة، الجمع بین التاریخ القمری و الشمسی غیر صحیح، ضرورة احیاء المناسبات الاسلامي

 استبدال‌ السنين‌ الفارسيّة‌ القديمة‌ بالشمسيّة‌ في‌ الدورة‌ الخامسة‌

فكانت‌ الدورة‌ الخامسة‌ لمجلس‌ النوّاب‌ التي‌ عقدت‌ جلستها الثالثة‌ والاربعين‌ بعد المائة‌ يوم‌ الثلاثاء 27 حوت‌ 1303 شمسي‌ّ المصادف‌ 21 شعبان‌ 1342 قمري‌، فنسخت‌ التأريخ‌ الشمسي‌ّ الذي‌ كان‌ وفقاً للشهور العربيّة‌ وبأسماء عربيّة‌، وأبدلته‌ بالتأريخ‌ الهجري‌ّ الشمسي‌ّ القديم.

 وكلّ ما طرح‌ في‌ المجلس‌ من‌ كلمات‌ وخطب‌ للحؤول‌ دون‌ تحقيق‌ هذا الامر لم‌ يؤت‌ أُكُله. ولا سيّما كلمة‌ السيّد شريعتمدار الدامغاني‌ّ الذي‌ تحدّث‌ بنحو استدلإلی، فقال‌ :

 إنّ الشهور الشمسيّة‌ المعيّنة‌ وفقاً لحركة‌ الشمس‌ في‌ البروج‌ أفضل‌ من‌ الشهور التأريخيّة‌ القديمة‌ المزيّفة‌ المختلفة‌ التي‌ لا تنسجم‌ مع‌ المبادي‌ العلميّة‌ من‌ قريب‌ أو بعيد.

علماً أنّ أصل‌ الاقتراح‌ الذي‌ طرح‌ في‌ المجلس‌ جاء من‌ قبل‌ الاقطاعي‌ّ كيخسرو شاهرخ[74] المجوسي‌ّ المعادي‌ للاءسلام‌ وأحد أعضاء المحفل‌ الماسوني‌ّ الاءيراني‌ّ، وبتشجيع‌ من‌ قبل‌  السيّد حسن‌ تقي‌ زاده‌[75] العميل‌ الخاصّ للاجانب‌ في‌ إيران‌ ومن‌ رؤساء المحفل‌ الماسوني‌ّ والمتمرّسين‌ ذوي‌ الخبرة‌ الممتدّة‌ ستّين‌ سنة‌ فيه.

 وكان للسیدمحمّد تديّن[76] دور ملحوظ‌ في‌ هذا الموضوع‌ كما يظهر من‌ كلامه‌ في‌ ذلك‌ المجلس.

 وهذا الاقتراح‌ يقضي‌ بإجراء تغييرين‌ في‌ التأريخ‌ الشمسي‌ّ الرسمي‌ّ للبلاد :  الاوّل‌ :  استبدال‌ الشهور العربيّة‌ كالحمل‌ والثور والجوزاء بالشهور. الشهور الفارسيّة‌ القديمة‌ وهي‌ :  فروردين‌ أُرديبهشت،  خُرداد ،  تِير ،  أُمرداد ،  شهريور ،  مهر ،  آبان،  آذر ،  دي، بهمن،  إسفند .[77]

 الثاني‌ :  يكون‌ عدد أيّام‌ الشهور الستّة‌ الاُولي‌ : 31 يوماً والشهور الخمسة‌ التي‌ تليها : 30 يوماً، والشهر الاخير : 29 يوماً فيصبح‌ المجموع‌ : 365 يوماً. ويحسب‌ الشهر الاخير (إسفند) : 30 يوماً في‌ كلّ أربع‌ سنوات‌، وذلك‌ للكسر الموجود فتحسب‌ تلك‌ السنة‌ : 366 يوماً.

 وكانوا يقولون‌ :

 إنّ هذا التقويم‌ مأخوذ من‌ تقويم‌  السلطان‌ ملك‌ شاه‌ السلجوقي‌ّ . حيث‌ إنّ هذا الملك‌ لمّا رأي‌ أنّ السنين‌ الشمسيّة‌ تسير إلی الوراء بسبب‌ عدم‌ محاسبة‌ التعديلات‌، وعدم‌ محاسبة‌ السنين‌ الكبيسة‌ بدقّة‌، لذلك‌ جعل‌ السنين‌ الشمسيّة‌ بهذا الشكل‌ مستهدياً بتنظيم‌ وتنسيق‌ الحكيم‌ عمر الخيّام‌ وبعض‌ المنجّمين‌ الآخرين‌ ؛ إذ تكون‌ الشهور جميعها ثلاثين‌ يوماً في‌ كلّ شهر، ويصبح‌ المجموع‌ ثلاثمائة‌ وستّين‌ يوماً، وعندها كانوا يضيفون‌ خمسة‌ أيّام‌ لآخر شهر آبان‌ أو إسفند، لكي‌ لا يحصل‌ نقص‌ في‌ السنين‌، ويسمّون‌ تلك‌ الايّام‌ الخمسة‌ :  الخَمْسَة‌ المُسْتَرَقَّةَ . ويعود السبب‌ في‌ ذلك‌ إلی أنّ المجوس‌ قبل‌ الإسلام‌ كانوا لا يحسبون‌ خمسة‌ أيّام‌ من‌ السنة‌ ضمن‌ السنة‌، وكانوا يتطوّعون‌ للقيام‌ بالاعمال‌ الخيريّة‌ خلال‌ تلك‌ الايّام.

 وكانت‌ السنة‌ تتألّف‌ من‌ ثلاثمائة‌ وخمسة‌ وستّين‌ يوماً بالايّام‌ الخمسة‌ المضافة‌ إليها. وكانوا يكبسون‌ سنة‌ في‌ كلّ أربع‌ سنوات‌، فيحسبونها ثلاثمائة‌ وستّة‌ وستّين‌ يوماً. وللحصول‌ علي‌ حساب‌ أدق‌، كانوا يحسبون‌ كبيسة‌ ثانية‌، ويجعلون‌ السنة‌ الكبيسة‌ سنة‌ خامسة‌ مرّة‌ واحدة‌ في‌ كلّ ثلاث‌ وثلاثين‌ سنة‌، أي‌ : كان‌ المفروض‌ أن‌ يحسبوا سنة‌ 32 كبيسة‌ بعد سنين‌ 29، 30، 31. إلاّ أنـّهم‌ أخّروها سنة‌ وكبسوا سنة‌ 33.[78]

 وفي‌ ضوء هذا الحساب‌، تتأخّر السنون‌ الشمسيّة‌ يوماً واحداً فحسب‌ إلی ستّة‌ آلاف‌ سنة.

 وهكذا نظّم‌  السلطان‌ ملك‌ شاه‌ السلجوقي‌ّ  هذا التقويم‌، وجعل‌ يوم‌ جلوسه‌ علي‌ العرش‌ بداية‌ للسنة‌ معرضاً عن‌ التأريخ‌ الهجري‌ّ ومهملاً إيّاه. وأراد أن‌ يشيع‌ هذا التقويم. إلاّ أنّ الناس‌ رفضوا ذلك‌ بسبب‌ تغيير بداية‌ التأريخ‌ من‌ الهجرة‌ إلی الجلوس‌ علي‌ العرش‌، فلم‌ يلق‌ تقويمه‌ ترحيباً من‌ الناس‌، غير أنـّه‌ دقيق‌ من‌ حيث‌ المحاسبة.

 فإذا جعلنا أيّام‌ الشهور الستّة‌ الاُولي‌ من‌ السنة‌ : 31 يوماً، وأيّام‌ الشهور الستّة‌ الاُخري‌ : 30 يوماً، وأيّام‌ إسفند : 29 يوماً، ونكبس‌ كلّ أربع‌ سنين‌ مرّة‌ واحدة‌، وكلّ ثلاث‌ وثلاثين‌ سنة‌ نكبس‌ كبيسة‌ ثانية‌، فلا يظهر أي‌ّ تغيير في‌ عدد أيّام‌ السنة‌، ولا تتأخّر السنة‌ أيضاً أي‌ : أنّ هذا الحساب‌ ينسجم‌ مع‌ تقويم‌ ملك‌ شاه‌ من‌ حيث‌ المحتوي‌ ويغايره‌ من‌ حيث‌ عدد أيّام‌ كلّ شهر خاصّة. وهذا الامر ليس‌ ذا بال.

 وخلاصة‌ القول‌ إنّ هذا الحساب‌ ضروري‌ّ في‌ السنين‌ الشمسيّة‌ بمقدار أوّل‌ السنة‌ وآخرها، ولكن‌ ليس‌ هناك‌ من‌ فرق‌ فيما إذا كانت‌ أيّام‌ الشهر الشمسي‌ّ ثلاثون‌ أو واحد وثلاثون‌، أو قلّ عن‌ ذلك‌ أو زاد، فالاصل‌ في‌ الحساب‌ هو مجموع‌ أيّام‌ السنة.

 نحن‌ نجعل‌ اسم‌ فروردين‌ للشهر الاوّل‌ من‌ الربيع‌، طابق‌ شهر الحَمَل‌ أو لم‌ يطابق.

 هذا من‌ حيث‌ عدد أيّام‌ الشهور، وأمّا من‌ حيث‌ تغيير الاسمإ فقد قالوا :

 لا يهمّنا، لانّ التغيير هو تغيير الالفاظ‌، ولا يضرّ أحداً. إذ إنّه‌ رفع‌ للالفاظ‌ العربيّة‌ واستعاضة‌ الالفاظ‌ التراثيّة‌ القديمة‌ بها، وفي‌ ذلك‌ إحيإ للسنن‌ القوميّة. وكلّ شعب‌ ينبغي‌ أن‌ يحترم‌ طقوسه‌ وشعائره. ويزيدون‌ علي‌ ذلك‌ أنـّهم‌ يزعمون‌ بأنّ الإسلام‌ دعاهم‌ إلی إحياء السنن‌ القوميّة.

 ولمّا قيل‌ لهم‌ : إنّكم‌ تقصدون‌ رفع‌ محرّم‌ وصفر وطمس‌ معالمهما  ! قالوا :

 لا، لا نقصد ذلك‌ ! فالاُمور الشرعيّة‌ لها حرمتها وإنّما نريد رفع‌ الالفاظ‌ العربيّة‌ ووضع‌ ألفاظنا العريقة‌ الجميلة‌ العذبة‌ موضعها ! ولا ينبغي‌ لنا أن‌ نكون‌ أشدّ تحمّساً علي‌ العروبة‌ من‌ العرب‌ أنفسهم. فما يستعمل‌ بين‌ النهرين‌ (العراق‌) وغيره‌ هذا اليوم‌ هو : تشرين‌، وكانون‌، وشباط‌، ولا نعرف‌ دولة‌ من‌ الدول‌ العربيّة‌ قد استعملت‌ الحَمَل‌، والجوزاء، والسنبلة.

 وهنا قال‌  المرحوم‌ المجاهد والعالم‌ العظيم‌ السيّد حسن‌ المُدَرِّس‌ :

 إنّ الاقطار الإسلاميّة‌ كلّها تستعمل‌ مُحَرَّم‌، وصَفَر.

 فقالوا :

 لا يعنينا محرّم‌، وصفر، فهما ممّا يعني‌ الشعوب‌ ويخصّها، إذ تقوم‌ بشؤونها الشرعيّة‌ حسب‌ تلك‌ الشهور، وإنّما يرجع‌ كلامنا إلی التقويم‌ الحكومي‌ّ الرسمي‌ّ، لا الشؤون‌ الشرعيّة‌ للناس. وها نحن‌ نريد أن‌ نغيّر أسمإ الشهور في‌ هذا التقويم‌ الرسمي‌ّ الشمسي‌ّ نفسه‌ الذي‌ لا زلنا نعهده‌ إلی اليوم. هو أمر لا ضرر فيه‌، ولا علاقة‌ له‌ بمحرّم‌ وصفر، إذ لهما حرمتهما. وما نريده‌ هو استبدال‌ الحَمَل‌ والجوزاء بأُرديبهشت‌ وفروردين‌ وليس‌ هذا إلاّ إحياءً لتقاليدنا العريقة‌ وتراثنا القديم.

 فقال‌ أحد النوّاب‌ المعارضين‌ :

 إذا أردتم‌ تغيير الالفاظ‌ فغيّروها إلی الالفاظ‌ التي‌ اخترعها أحد المنجّمين‌ المعاصرين‌ لهذه‌ الشهور، وهي‌ تناسبها أكثر من‌ غيرها. وهذا المنجّم‌ هو  السيّد جلال‌ الدين‌ الطهراني‌ّ ، فقد وضع‌ تقويماً، وجعل‌ شهور السنة‌ الشمسيّة‌ كالآتي‌ :  چَمَنْ آرا، گُل‌ آور، جان‌ پرور، گرما خيز، آتش‌ بيز، جهان‌ بخش‌، دِژَم‌ خوي‌، باران‌ ريز، أندوهگين‌، سرماده‌، برف‌ آور، مشگين‌ فام.[79]

 فهذه‌ الاسماء أجمل‌، وتناسب‌ الشهور من‌ حيث‌ المعني‌ أكثر من‌ الاسماء التي‌ أعدّها الاءقطاعي‌ّ كيخسرو من‌ الكتب‌ القديمة.

 فچمن‌ آرا أكثر مناسبة‌ من‌ فروردين‌ الذي‌ ترجم‌ إلی «هم‌ مانندي‌ روانان‌» ويعني‌ : مساواة‌ الارواح.  ] چمن‌ آرا في‌ اللغة‌ العربيّة‌ يعني‌ : مُزيّن‌ المرج‌ [ . وگل‌ آور أفضل‌ من‌ أُرديبهشت‌ الذي‌ ترجم‌ إلی «النظم‌ التامّ وقدسيّة‌ الافضل‌».

 أسماء الشهور الفارسيّة‌ القديمة‌ موافقة‌ لاسماء الملائكة‌ في‌ دين‌ المجوس‌

 والخلاصة‌ فقد أصرّوا علي‌ أنّ فروردين‌ وأُرديبهشت‌ وغيرهما أفضل‌، وذلك‌ إحياءً للاعراف‌ القديمة. وحتّي‌ أنـّهم‌ قالوا بأنّ مُرداد ينبغي‌ أن‌ يكون‌ : أمرداد، وذلك‌ لمجيئة‌ بالهمزة‌ المفتوحة‌ في‌ اللغة‌ القديمة.[80]

 وكم‌ دعا النوّاب‌ المعارضون‌ إلی :

 التأمّل‌ في‌ هذه‌ الاُمور، وإلی اهتمام‌ المجلس‌ بأعمال‌ أهمّ منها، ومناقشة‌ الموادّ المهمّة‌ التي‌ تستلزم‌ الاهتمام‌، وعدم‌ تضييع‌ الوقت‌ في‌ تغيير الاسماء، إلاّ أنّ دعوتهم‌ لم‌ تلق‌ أُذناً صاغية‌، إذ تمّ التصويت‌ علي‌ ما أرادوا حالاً.

 وحقّاً لقد خدعوا النوّاب‌ المعارضين‌ في‌ هذه‌ الجلسة‌، وقالوا :

 إنّها ألفاظ‌ تراثيّة‌ قديمة‌ لاجل‌ حفظ‌ الروح‌ القوميّة.

 ولم‌ يناقش‌ أحد أنّ هذه‌ الالفاظ‌ أُخذت‌ من‌  «الابستا» ، وأنّ أسماء ستّة‌ من‌ الملائكة‌ الممثّلين‌  لاهُورمزدا   ] وجود غير مرئي‌ّ وخالق‌ الروح‌ والحياة‌ [  الحي‌ الدائم‌ موجودة‌ بين‌ هذه‌ الشهور، وهي‌ : أُرديبهشت‌، وخرداد وأمرداد، وشهريور، وبهمن‌، وإسفند.

 وكثير من‌ النوّاب‌ المعارضين‌ أصابهم‌ الدوار فلم‌ يعرفوا ماذا يقولون. وكانوا يقولون‌ :

 نحن‌ لا نعارض‌ الآداب‌ والتقاليد القوميّة.

 فلم‌ يقل‌ أحد : هذه‌ الآداب‌ القوميّة‌ هي‌ آداب‌ زرادشت‌ والمجوس‌ وقد نسف‌ الإسلام‌ دين‌ زرادشت‌ وآدابه‌ وشعائره‌، وشعّت‌ شمسه‌ المتألّقه‌ فأذابت‌ كلّ ما يدعو إلی ذكر  « أهورمزدا »  وملائكته.

 وماذا يعني‌ أن‌ نجعل‌ التأريخ‌ علي‌ أساس‌ الايّام‌ والشهور المجوسيّة‌ في‌ دولة‌ إسلاميّة‌ نظامها محمّدي‌ّ وتوجّهاتها قرآنيّة‌ ؟ إنّه‌ نسخ‌ للإسلام‌، وليس‌ حديثاً عن‌ ألفاظ‌ جميلة‌ حلوة. بل‌ هو حديث‌ عن‌ غزو شيطاني‌ّ غاشم‌ لكيان‌ الإسلام‌ العظيم. إنّكم‌ تضعون‌ أسماء الشهور هذا اليوم‌ بأسماء ملائكة‌ الدين‌ المجوسي‌ّ ! وتبقون‌ الهجرة‌ النبويّة‌ بداية‌ للتأريخ‌ بسبب‌ خوفكم‌ وعدم‌ مؤاتاة‌ الظروف‌ ! وستبدّلونه‌ غداً ! وتجعلون‌ مكانه‌ التأريخ‌ الهخامنشي‌ّ مع‌ بداية‌ جلوس‌ سيروس‌، وهو أكبر ملك‌ هخامنشي‌ّ علي‌ العرش‌، أو مع‌ بداية‌ سلطنة‌ كورش‌ أو داريوش‌ ! أو تجعلون‌ بداية‌ التأريخ‌ اعتلاء البهلوي‌ّ علي‌ العرش‌، كما فعل‌ السلطان‌ السلجوقي‌ّ، زاعمين‌ أنـّه‌ المبدع‌ للجديد، والثائر ضدّ الرجعيّة‌ والافكار البالية‌ !

 لقد دافع‌ أحد النوّاب‌ في‌ تلك‌ الجلسة‌ نوعاً ما، وهو المرحوم‌ شريعتمدار الدامغاني‌ّ فقال‌ مستدّلاً :

 لا فائدة‌ في‌ تغيير أيّام‌ الشهور وهو يمثّل‌ خروجاً علي‌ الموازين‌ العلميّة‌، وأسماء الحَمَل‌، والثَوْر والجَوْزاء، أفضل‌ من‌ أسماء فروردين‌، وأُرديبهشت‌، وغيرها التي‌ لا تحمل‌ معني‌ مناسباً.

 قال‌ ذلك‌ إلاّ أنـّه‌ لم‌ يسبر أغوار الموضوع‌ ولم‌ يبرهن‌ علي‌ أنّ الاقتراح‌ المطروح‌ حول‌ تغيير التأريخ‌ بوصفه‌ إحياءً للسنن‌ القوميّة‌، هو في‌ الحقيقة‌ إحياء لسنّة‌ زرادشت‌ والمجوس‌ وإماتة‌ للاحكام‌ الشرعيّة‌ والمحمّديّة‌ الاساسيّة‌ في‌ بلد إسلامي‌ّ، إذ ـ كما قلنا هنا، وكما ذكرنا ملائكة‌ الدين‌ الزرادشتي‌ّ في‌ التعلیقة‌  لعلّه‌ لم‌ يعلم‌، ولم‌ يطّلع‌ علي‌ جذور هذا التغيير. لانّ المقترحين‌ خبّأوا مقاصدهم‌، وخاضوا في‌ الموضوع‌ من‌ منطلق‌ استبدال‌ الالفاظ‌ العربيّة‌ بالالفاظ‌ القديمة‌ فقط‌، وقالوا :

 إنّ المسألة‌ مسألة‌ تغيير الالفاظ‌ فحسب‌، وهي‌ سهلة‌ ويسيرة‌ جدّاً.

 وفي‌ السابع‌ والعشرين‌ من‌ حوت‌ 1303 الموافق‌ للحادي‌ والعشرين‌ من‌ شعبان‌ سنة‌ 1342، ولثلاثة‌ أيّام‌ بقين‌ للنوروز تمّ التصويت‌ بأقصي‌ سرعة‌ وفي‌ جلسة‌ واحدة‌[81]فبدّلوا التأريخ‌،[82]   وبعد إجراء المراسيم‌ المطلوبة‌، صادقوا علي‌ هذا الاقتراح‌ في‌ الحادي‌ عشر من‌ فروردين‌ سنة‌ 1304 شمسي‌ّ  ] 31/3/1925م‌ [ . وكان‌ مؤتمن‌ الملك‌ (حسين‌ بيرنيا) رئيساً للمجلس‌ يومئذٍ، فأرسل‌ ما صادق‌ علیه‌ المجلس‌ إلی الحكومة‌ بوصفه‌ بلاغاً تعميميّاً تنفّذه‌ الدوائر الحكوميّة. وجاءوا بالالفاظ‌ الجميلة‌ لاُرديبهشت‌، وبهمن‌، وغيرها بوصفها هديّة‌ العيد للشعب‌ الإيراني‌ّ (عيد النوروز القومي‌ّ). وسقوا الشعب‌ المسكين‌ هذا السمّ الزعاف‌ الذي‌ تعلوه‌ طبقة‌ من‌ القوميّة‌ المعسولة‌، إلی درجة‌ أنّ كثيراً من‌ الناس‌ لم‌ يعوا حقيقة‌ الامر لحدّ الآن‌ فهم‌ ينطقون‌ بالاسماء القديمة‌ دون‌ أن‌ يعرفوا جذورها.

 وفي‌ أعقاب‌ اتّخاذ تلك‌ الاسماء (فروردين‌، أُرديبهشت‌ وغيرهما) طابعاً رسميّاً في‌ الدوائر الحكوميّة‌، والمدارس‌، والتقاويم‌ والإعلانات‌، نلاحظ‌  أوّلاً :  أنّ هذه‌ الاسماء التي‌ لم‌ يعرفها إلی ذلك‌ الزمن‌ إلاّ عدد يسير من‌ الناس. قد اشتهرت‌ وعرفت‌، وانتقلت‌ من‌ المدارس‌ إلی البيوت‌، ومن‌ تقاويم‌ إداريّة‌ إلی تقاويم‌ جداريّة‌ وبيتيّة‌ فحفظ‌ الكبير والصغير، والرجل‌ والمرأة‌ آذر، وبهمن‌، وإسفند كما تحفظ‌ سورة‌ الإخلاص.

 و ثانياً :  أنّ أسماء : محرّم‌، وصفر، وربيع‌ الاوّل‌، وجمادي‌ الآخرة‌، وذي‌ القعدة‌ وغيرها قد زالت‌ تدريجيّاً. فلا أحد يعرف‌ هذه‌ الشهور، ولا يدري‌ متي‌ تبدأ ومتي‌ تنتهي‌، ولا يطبّق‌ ممارساته‌ اليوميّة‌ وواجباتة‌ الاجتماعيّة‌ ومراسيمه‌ ودعواته‌ وحفلاته‌ ومآتمه‌ علي‌ هذه‌ الشهور.

 وكان‌ شهر محرّم‌، وشهر رمضان‌ أشهر من‌ غيرهما نسبيّاً بسبب‌ إقامة‌ العزاء، والصوم. وجميع‌ الناس‌ الذين‌ كانوا يصومون‌ ـ إلاّ الشيوخ‌ الكبار منهم‌  يقولون‌ : نصوم‌ هذه‌ السنة‌ من‌ 15 بهمن‌ إلی 14 إسفند. مثلهم‌ في‌ ذلك‌ مثل‌ الشباب‌ الذين‌ يقيمون‌ في‌ الخارج‌ فإنّهم‌ يؤدّون‌ عباداتهم‌ حسب‌ الشهور الميلاديّة‌ مثل‌  فبراير، ومارس‌، وأبريل‌، ومايو، ويونيو، ويوليو ، وغيرها. وهذا التوجّه‌ يتأسّي‌ بالمنهج‌ الذي‌ رسمه‌ الاستعمار الكافر لعزل‌ النظام‌ الإسلامي‌ّ الرصين.

استبدال‌ السنين‌ الشاهنشاهيّة‌ بالسنين‌ الهجريّة‌

ومن‌ هنا نفهم‌ جيّداً مبلغ‌ ما حقّقه‌ الكافر من‌ نجاح‌ في‌ تحقيق‌ هدفه‌، إذ وضع‌ الاسماء الاجنبيّة‌ والمجوسيّة‌ بدل‌ الاسماء الاءسلاميّة‌ وجعلها متداولة‌ مستعملة‌ من‌ قبل‌ الرجل‌ والمرأة‌، والعالم‌ والعامّي‌ّ والموظّف‌ الحكومي‌ّ والتاجر، والعامل‌ والفلاّح‌،[83]   حتّي‌ لوحظ‌ أنّ بعض‌ العلماء يستعملون‌ الشهور

   القديمة‌ في‌ بياناتهم‌ أيضاً. ويستعملون‌ التأريخ‌ الشمسي‌ّ والاسماء المجوسيّة‌ في‌ تواقيعهم. وقد يلحقون‌ التأريخ‌ القمري‌ّ بها أحياناً، فيستعملون‌ ما يطابق‌ السابع‌ من‌ المحرّم‌ سنة‌ 1387 ه مثلاً. وقد يتركون‌ ذلك‌ التأريخ‌ مكتفين‌ بالتأريخ‌ القديم‌ وحده.

 فهذه‌ هي‌ المرحلة‌ الثانية‌ من‌ التغيير، وقد طوت‌ خمسين‌ سنة‌ من‌ عمرها. وكانوا يتحيّنون‌ الفرص‌ باستمرار لتنفيذ المرحلة‌ الثالثة‌ من‌ المشروع‌، والاهم‌ من‌ التغيير الحاصل‌ في‌ المرحلتين‌ السابقتين‌ وهو نسخ‌ التأريخ‌ الهجري‌ّ واستبداله‌ بالتأريخ‌ الشاهنشاهي‌ّ. أي‌ : نسخ‌ رسول‌ الله‌ نفسه‌، وسيطرة‌ الطاغوت‌، ورسميّة‌ حكّام‌ الجور وتلاعبهم‌ بمقدّرات‌ الشعب‌ وعقائده.

 وعلي‌ الرغم‌ من‌ أنّ الطاغوت‌ كان‌ يحكم‌ قبضته‌ علي‌ الشعب‌ مدّة‌ طويلة‌، إلاّ أنـّه‌ لم‌ يعلن‌ حتّي‌ ذلك‌ الحين‌ عن‌ نسخ‌ حكومة‌ رسول‌ الله‌، والقرآن‌، ونسخ‌ الشرف‌ والفضيلة‌ والوحي‌ والنبوّة‌ والولاية‌، ونسخ‌ الإيمان‌ والعقيدة.

 وإذا هم‌ يعلنون‌ ـ بهذا التغيير ـ علي‌ رؤوس‌ الاشهاد عدم‌ الحاجة‌ إلی الدين‌، والنظام‌ المحمّدي‌ّ، وقطع‌ حلقة‌ الوصل‌ بين‌ الظاهر والباطن‌، والخروج‌ من‌ كنف‌ رسول‌ الله‌ المعنوي‌ّ الروحاني‌ّ والاستغناء عن‌ الاحكام‌ الإلهيّة.

 ونعرض‌ فيما يلي‌ ما جاء في‌ العدد 14959 من‌ صحيفة‌ « اطّلاعات‌ »  المؤرّخة‌ في‌ 24 إسفند 1354  ] 15/3/1975 م‌ [  ثمّ نتطرّق‌ إلی الحديث‌ عنه‌ بشكل‌ مقتضب‌ :

 العنوان‌ البارز في‌ الصحيفة‌ :

 تمّت‌ اليوم‌ المصادقة‌ علي‌ قرار تأريخي‌ّ اتّخذه‌ المجلسان‌ في‌ جلستهما المشتركة‌ ويقضي‌ بتغيير التقويم‌ وبداية‌ التأريخ‌ في‌ إيران. وسيكون‌ عيد النوروز القادم‌ في‌ سنة‌ 2535 الشاهنشاهيّة.

 هويدا، رئيس‌ الوزراء : التقويم‌ الديني‌ّ سيبقي‌ ساري‌ المفعول‌ كما في‌ السابق.

 القرار الصادر عن‌ الجلسة‌ المشتركة‌ لمجلسي‌ الشيوخ‌ والنوّاب‌ التي‌ ترأسها جعفر شريف‌ إمامي‌ في‌ قصر الاعيان.

 حيّا رئيس‌ الجلسة‌ في‌ البداية‌ العائلة‌ البهلويّة‌ المالكة‌ وقدّم‌ شكره‌ لها علي‌ ما قامت‌ به‌ من‌ جهود مضنية‌ لرفعة‌ البلد وشموخه‌ ورقيّة‌ طيلة‌ خمسين‌ عاماً معرباً عن‌ تقديره‌ لذلك. واعتبر ثورة‌ الشاه‌ والشعب‌ السبيل‌ الوحيد لتحرّر الوطن‌ واستقلاله.

 وفيما يلي‌ نصّ القرار :

 بإيمان‌ قاطع‌ بالنظام‌ الشاهنشاهي‌ّ  ] الملكي‌ّ [  الذي‌ كان‌ منذ أكثر من‌ خمسة‌ وعشرين‌ قرناً ركناً ركيناً لدولتنا وحصناً حصيناً لقوميّتنا قـرّر المجلسـان‌ اعتبار حكـومة‌ كـورش‌ الكبير مؤسّـس‌ النظام‌ الشاهنشاهي‌ّ في‌ إيران‌ بداية‌ للتقويم‌ واستهلالاً لتأريخ‌ إيران‌ القومي‌ّ.[84]   وباعتقاد راسخ‌ بمبادي‌ حزب‌ رستاخيز  ] البعث‌ [  الإيراني‌ّ صادق‌ المجلسان‌ علي‌ هذا القرار وذلك‌ في‌ جلستهما المؤرّخة‌ في‌ الرابع‌ والعشرين‌ من‌ إسفند سنة‌ ألف‌ وثلاثمائة‌ وأربع‌ وخمسين.

 وقد استهلّ رئيس‌ المجلس‌ الكلام‌ في‌ هذه‌ الجلسة‌، ثمّ تلاه‌ السناتور الدكتور عيسي‌ صدّيق‌، وتحدّث‌ بعده‌ كلّ من‌ : هلاكو رامبد والسناتور عماد تربتي‌، والدكتور مصطفي‌ ألموتي‌، والسناتور شوكت‌ ملك‌ جهانباني‌، والدكتورة‌ مهين‌ صنيع. وعندها تمّت‌ المصادقة‌ علي‌ القرار بالإجماع.

 وقد أثني‌ شريف‌ إمامي‌ في‌ كلمته‌ الافتتاحية‌ علي‌ جهود الشاه‌ ودعا إلی دمج‌ المجلسين‌ بسبب‌ ضيق‌ الوقت‌، ثمّ طلب‌ أن‌ يتكلّم‌ ثلاثة‌ أعضاء من‌ كلّ مجلس‌ (يوم‌ ميلاد رضا شاه‌).

 وتُلي‌ القرار من‌ قبل‌ الدكتور جواد سعيد نائب‌ رئيس‌ المجلس‌ النيابي‌ّ، ثمّ تحدّث‌ هويدا.

 وكان‌ المتحدّث‌ الاوّل‌ هو الدكتور صدّيق‌، فأشاد بجهود رضا شاه‌، وتحدّث‌ عن‌ الظروف‌ التي‌ كانت‌ تمرّ بها إيران‌ آنذاك‌ والفوضي‌ التي‌ كانت‌ سائدة. وأحصي‌ الإنجازات‌ الهامّة‌ التي‌ حقّقها رضا شاه‌ يومئذٍ، ومنها :

 إيفاد الطلبة‌ الجامعيّين‌ إلی الخارج‌، وتأسيس‌ جامعة‌ طهران‌ في‌ فروردين‌ سنة‌ 1310  ] 1931 م‌ [  والتعلیم‌ المجّاني‌ّ في‌ جميع‌ أرجاء البلاد، وتشكيل‌ النوادي‌، وإنشاء المسابح‌ من‌ قبل‌ ولي‌ّ العهد، وإقامة‌ الذكري‌ الالفيّة‌ للفردوسي‌ّ سنة‌ 1313، وافتتاح‌ مقبرته‌ في‌ طوس‌ (وفي‌ تلك‌ السنة‌ أقامت‌ الجامعات‌ العالميّة‌ المهمّة‌ احتفالات‌ لتكريم‌ الفردوسي‌ّ وخدماته‌ للغة‌ الفارسيّة‌، والقوميّة‌ الفارسيّة‌، وتأريخ‌ الفرس‌)، وإنجاز مهم‌ جدّاً كان‌ يبدو مستحيلاً، وهو إلغاء الحجاب‌ في‌ 17 دي‌ 1314  ] 7/1/1935 م‌ [ ، وتجمّع‌ العلماء من‌ شتّي‌ أنحاء العالم‌ للتحقيق‌ حول‌ الفردوسي‌ّ والمفاخر الفارسيّة. حيث‌ أطال‌ الشرح‌ في‌ هذا المجال‌، وتحدّث‌ عن‌ جهود الشاه‌ محمّد رضا وخدماته. ثمّ تطرّق‌ إلی ما يسمّي‌ بالثورة‌ البيضاء. وتحدّث‌ بعده‌ السناتور عماد تربتي‌ فتطرّق‌ إلی مواضيع‌ شتّي‌ كما فعل‌ صدّيق. وتلاه‌ السناتور شوكت‌ ملك‌ جهانباني‌، فتحدّث‌ عن‌ جهود رضا شاه‌ في‌ إعلانه‌ وإلغاء الحجاب. وتحدّث‌ بعده‌ الدكتور مصطفي‌ ألموتي‌ فخاض‌ في‌ ما خاضوا فيه. أعقبه‌ هلاكو رامبد، فالدكتورة‌ مهين‌ صنيع‌ اللذين‌ دار حديثهما حول‌ المواضيع‌ المطروحة‌ نفسها.

وبعد المصادقة‌ علي‌ القرار، تحدّث‌ السناتور العلاّمة‌ وحيدي. ولمّا كان‌ حديثه‌ مشحوناً بالافتراء والكذب‌ والمكر، وفيه‌ ما فيه‌ من‌ التشويه‌ والتدليس‌ والتبديل‌ المعنوي‌ّ، إذ أعلن‌ عن‌ دعمه‌ لحكّام‌ الجور بدهاء عجيب‌ مع‌ الدليل‌ والبرهان‌، وأشاد بهم‌ علي‌ لسان‌ رسول‌ الله‌ مطبّقاً الروايات‌ والاخبار المأثورة‌ حول‌ الإمام‌ العادل‌ علي‌ السلاطين‌ الجائرين‌ والحكّام‌ الفاسقين‌ الظالمين‌، لذلك‌ ننقل‌ حديثه‌ هنا نصّاً ليطّلع‌ القرّاء علي‌ كيده‌ وتدليسه‌ وتلبيسه. بدأ حديثه‌ قائلاً :

 اسمحوا لي‌ أن‌ أوافيكم‌ بموجز عن‌ عظمة‌ كورش‌ الكبير مؤسّس‌ الشاهنشاهيّة‌ الفارسيّة‌، وعن‌ وجوب‌ طاعة‌ الملوك‌ والحكّام‌ مستهدياً بمبادي‌ الدين‌ الإسلامي‌ّ المبين‌، وموازين‌ الاستنباط‌ والاجتهاد.

 لقد جاء في‌ علم‌ الاُصول‌ أنّ مصادر الاستنباط‌ هي‌ : الكتاب‌، والسنّة‌، والإجماع‌، والعقل. فالكتاب‌ هو القرآن‌ المجيد، كتاب‌ سماوي‌ّ ومرشد عالمي‌ّ نزل‌ علي‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم. ويلاحظ‌ في‌ هذا الكتاب‌ الإلهي‌ّ المقدّس‌ آيات‌ باهرة‌ تتحدّث‌ عن‌ شخصيّة‌ كورش‌ الكبير وإنسانيّته‌ وحبّه‌ الخير للآخرين‌، وتسمّيه‌ :  ذُو الْقَرْنَيْنِ . قال‌ تعإلی :  وَيَسْئَلُونَكَ عَن‌ ذِي‌ الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو مِنْهُ ذِكْرًا ، وتسمية‌ كورش‌ الكبير بذي‌ القرنين‌ من‌ لطائف‌ المعجزات‌ في‌القرآن‌ المبين‌، إذ ثبت‌ بعد بحوث‌ علميّة‌ دقيقة‌ أنّ طرفي‌ قبّعة‌ هذا الإمبراطور لهما نتوآن. ولذلك‌ ذكر القرآن‌ الكريم‌ هذا الملك‌ العظيم‌ بذي‌ القرنين.

 ثمّ قال‌ دفعاً للشبهة‌ التي‌ تري‌ أنّ المقصود بذي‌ القرنين‌ هنا هو الإسكندر :

 كان‌ الإسكندر ظالماً سفّاحاً، والقرآن‌ الكريم‌ لا يمدح‌ الظالم‌ السفّاح‌ أبداً.

 وقال‌ بعد ذلك‌ :

 وتعكس‌ آيات‌ أُخري‌ أيضاً فكر هذا الإمبراطور العادل‌ وسلوكه.

 وأردف‌ قائلاً :

 وأنا أتحدّث‌ عن‌ عظمة‌ هذا الملك‌ والاعتقاد بنظام‌ الملكيّة‌ والسلطنة‌، أنقل‌ لكم‌ ما جاء في‌ الخبر أنّ الله‌ الجليل‌ خاطب‌ نبيّه‌ إبراهيم‌ الخليل‌ قائلاً : يا إبراهيم‌ ! أنت‌ مظهر علمنا والمَلِك‌ مظهر ملكنا. ويستنبط‌ من‌ هذا الخبر أنّ مقام‌ الملكيّة‌ والسلطنة‌ الشامخ‌ كان‌ ولا يزال‌ يستظلّ بعناية‌ إلهيّة‌ خاصّة.

 وقال‌ الشاعر جلال‌ الدين‌ مولوي‌ّ إشارة‌ إلی مضمون‌ هذا الخبر : «پادشاهان‌ مظهر شاهي‌ حقّ»[85]

 وتقرّر السنّة‌ النبويّة‌ هذا الخبر أيضاً. وجاء في‌ المأثور والخبر المشهور أنّ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ يشير مراراً إلی عظمة‌ الزمن‌ الذي‌ ولد فيه‌، فقد نقل‌ عنه‌ قوله‌ في‌ جمع‌ من‌ أصحابه‌ :  وُلِدْتُ فِي‌ زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ.  ونجد هنا أنّ النبي‌ّ الاعظم‌ يثني‌ بكلّ صراحة‌ علي‌ أنوشيروان‌ إمبراطور فارس‌ آنذاك.

 أمّا الحديث‌ الآخر الذي‌ يوجب‌ طاعة‌ الملك‌ بكلّ وضوح‌ وأري‌ من‌ الافضل‌ قبل‌ ذكره‌ أن‌ أُنْبّه‌ علي‌ مصدره‌، ثمّ أتطرّق‌ إليه‌ لئلاّ يتبادر إلی الاذهان‌ أنّ هذا الكلام‌ غير مأثور، ولا يمكن‌ التعويل‌ علیه. فمصدره‌ كتاب‌ معتبر وعظيم‌ لاحد علماء الإسلام‌، وهو الشيخ‌ الصدوق. والحديث‌ مذكور في‌ كتابه‌ «الامإلی»، وجاء فيه‌ :  لاَ تُذِلُّوا رِقَابَكُمْ بِتَرْكِ طَاعَةِ السُّلْطَانِ !  إلی أن‌ يقول‌ : وَإِنَّ صَلاَحَكُمْ فِي‌ صَلاَحِ سُلْطَانِكُمْ وَإنَّ السُّلْطَانَ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ الرَّحِيمِ ؛ فَأحِبُّوا لَهُ مَا تُحِبُّونَ لاِنْفُسِكُمْ وَاكْرَهُوا لَهُ مَا تَكْرَهُونَ لاِنْفُسِكُمْ.

 وثمّة‌ حديث‌ آخر جاء في‌ هذا الكتاب‌ المعتبر والقيّم‌، وهو قوله‌ : قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ :  طَاعَةُ السُّلْطَانِ وَاجِبَةٌ، وَمَنْ تَرَكَ طَاعَةَ السُّلْطَانِ فَقَدْ تَرَكَ طَاعَةَ اللَهِ، عَزَّ وَجَلَّ وَدَخَلَ فِي‌ نَهْيِهِ.

 ونري‌ هنا أنّ هذا الحديث‌ يعتبر طاعة‌ الملك‌ كطاعة‌ الله‌ ولا غبار علیه.

 وأمّا وجوب‌ طاعة‌ الملك‌ بالإجماع‌، فإنّنا لمّا كنّا نعلم‌ أنّ الإجماع‌ هو الرأي‌ الكاشف‌ عن‌ قول‌ المعصوم‌، وأنّ سيّد المعصومين‌ وإمامهم‌ أوجب‌ طاعة‌ الملك‌ بالنظر إلی وحدة‌ الملاك‌ فمن‌ هذا المنطلق‌ تصبح‌ طاعة‌ الملك‌ واجبة.

 وبخاصّة‌ علینا نحن‌ الإيرانيّون‌ الذين‌ لنا خصوصيّاتنا الإيمانيّة‌ والروحانيّة‌ كما قال‌ مولي‌ المتّقين‌ وأمير المؤمنين. وقد عُرفنا في‌ التأريخ‌ أنـّنا نعتبر أوامر الشاه‌ هي‌ أوامر الله‌ سواء كانت‌ صادرة‌ من‌ الله‌ أو من‌ الشاه‌، وذلك‌ انطلاقاً من‌ سنننا القوميّة.

 ومن‌ الجدير ذكره‌ أنّ طاعة‌ الملك‌ مسلّمة‌ الصدور عن‌ المعصوم‌ حسب‌ ما تفيده‌ الاخبار العديدة‌، لذلك‌ نعتبرها كالإجماع‌ المصطلح‌ بالنظر إلی وحدة‌ الملاك.

 وأمّا الدليل‌ العقلي‌ّ الذي‌ يدور حول‌ لزوم‌ طاعة‌ الملك‌، فمن‌ البديهي‌ّ أنّ معصية‌ الملك‌ العادل‌ والعالِم‌ والمقتدر تؤدّي‌ إلی تخلخل‌ النظم‌، وتصدّع‌ الاُمور السياسيّة‌ والاجتماعيّة‌ والعلميّة‌ والاقتصاديّة‌ وغيرها.

 لَوْلاَ السُّلْطَانُ لاَكَلَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً.

 أيّها النوّاب‌ المحترمون‌ ! ولحسن‌ الختام‌ نذكر حديثاً مشهوراً نقله‌ شيخ‌ المحدّثين‌ الحرّ العاملي‌ّ، وهو قوله‌ :  السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَهِ فِي‌ الاْرْضِ، يَأْوِي‌ إلَيْهِ كُلُّ مَظْلُومٍ . وقد ترجمه‌ الشاعر العزيز سعدي‌ شعراً، وأضاف‌ إليه‌ امتزاج‌ الظلّ بصاحبه‌ :

 پادشه‌ ساية‌ خدا باشد سايه‌ از ذات‌ كي‌ جدا باشد؟[86]

 والآن‌ حيث‌ تمّ تشكيل‌ هذه‌ الجلسة‌ الحماسيّة‌ المشتركة‌ لتكريم‌ الذكري‌ الخمسين‌ للحكومة‌ الشاهنشاهيّة‌ البهلويّة‌ المباركة‌ التي‌ تتزامن‌ مع‌ الميلاد السعيد لعميد الاُسرة‌ الشاهنشاهيّة‌، يطيب‌ لي‌ أن‌ أبعث‌ السلام‌ والتحيّة‌ إلی الروح‌ الطاهرة‌ لهذا الشاهنشاه‌ الكبير، وأسأل‌ الله‌ تعإلی أن‌ يمنّ علینا بتوفيق‌ الطاعة‌ لجلالة‌ الشاهنشاه‌ آريامهر وخدمته‌ أكثر فأكثر.

 يحيا الشاهنشاه‌ آريامهر، والملكة‌ الكريمة‌ فرح‌، وولي‌ّ العهد الميمون‌ رضا.

 تحيا  إيران.

 ويلاحظ‌ من‌ خلال‌ التمعّن‌ في‌ هذا الكلام‌ كم‌ مسخ‌ العلاّمة‌ الوحيدي‌ّ نفسه‌ وكم‌ شوّه‌ الحقائق‌ الواضحة.[87]

 ولا نناقش‌ هنا ما قاله‌ سائر المتحدّثين‌، ولا قضيّة‌ رفع‌ الحجاب‌ وانتهاك‌ عفّة‌ النساء، أو تكريم‌ الفردوسي‌ّ صانع‌ الاساطير الذي‌ اعتبروه‌ رمزاً للقوميّة‌، ورفعوه‌ في‌ مقابل‌ الإسلام‌ بذريعة‌ مجابهة‌ العرب‌ ومواجهتهم‌، وتجمّعوا حول‌ تمثاله‌ ليلطموا علیه‌ الصدور، وأمثال‌ هذه‌ الخزعبلات‌، ذلك‌ لانّ هؤلاء المتحدّثين‌ أشخاص‌ معروفون‌ لا يخفي‌ أمرهم‌ علي‌ أحد، إذ درسوا منذ طفولتهم‌ في‌ هذه‌ المدارس‌ الاستعماريّة‌، وتعلّموا علي‌ يد هؤلاء المعلّمين‌ الذين‌ يسيرون‌ علي‌ منهج‌ مرسوم‌ لهم‌ من‌ الخارج‌ لإضعاف‌ الإسلام‌ والتبجّح‌ بالقوميّة‌ الفارسيّة‌ الزرادشتيّة‌ المجوسيّة‌ البالية. فلا نرتّب‌ أثراً علي‌ سماع‌ هذه‌ الكلمات‌ المكرورة‌ التي‌ يجترّونها.

 وذلك‌ لانّ اتّجاه‌ هؤلاء ومبدأهم‌ ومنتهاهم‌ وغايتهم‌ وهدفهم‌ ليس‌ إلاّ هذه‌ الكلمات‌ الجوفاء الفارغة‌ التي‌ لا تُغني‌ ولا تُسمن. ولعلّهم‌ درسوا في‌ الخارج‌ وسمعوا هذه‌ الاباطيل‌ من‌ أُولئك‌ الاساتذة‌ الاجانب‌ الذين‌ يتظاهرون‌ برغبتهم‌ في‌ تقدّم‌ البلدان‌ الشرقيّة‌ ورقيّها كأنـّهم‌ أعطف‌ علیها من‌ أهلها. ولنا أن‌ نقول‌ لهم‌: أظئر أعطف‌ من‌ أُمّ علي‌ ولدها ! فقد سمعوا تلك‌ الاباطيل‌ وتعلّموها وتعلّقت‌ بها أرواحهم‌ فأصبحوا أدوات‌ طيّعة‌ بِيَدِ الاجانب‌ والاستعمار الكافر. لذلك‌ لا عجب‌ أن‌ يعتبروا الشاه‌ البهلوي‌ّ الإمبراطور العادل‌ الوحيد الذي‌ يرعي‌ شعبه‌، وهو الذي‌ يشهد التأريخ‌ علي‌ عمالته‌ للاستعمار، وقد تسلّط‌ علي‌ رقاب‌ الناس‌ بالحديد والنار، وفُرض‌ علي‌ الشعب‌ المسلم‌ طيلة‌ خمسين‌ سنة‌ فأذاقه‌ الامرّين‌ إبعاداً وسجناً وتعذيباً وقتلاً وأسراً.

 بل‌ العجب‌ من‌ الوحيدي‌ّ وأمثاله‌، إذ كيف‌ يبيعون‌ شرفهم‌ وكرامتهم‌ وهم‌ علي‌ ما هم‌ علیه‌ من‌ الرصيد العلمي‌ّ تطييباً لقلب‌ ملك‌ جائر هم‌ أعرف‌ بظلمه‌ منّا، ويلهجون‌ باسمه‌ في‌ المجالس‌ والمحافل‌ الخاصّة‌ من‌ أجل‌ حطام‌ الدنيا الزائل. ويتملّقون‌ تملّقاً تشمئزّ منه‌ الطباع‌ ليقتاتوا من‌ فتات‌ مائدته‌ الوضيعة. ويضحّون‌ بدينهم‌ وكتابهم‌ ونبيّهم‌ ويبيعونها بثمن‌ بخس‌ من‌ أجل‌ منصب‌ لا يبقي‌، وبغية‌ التزوّد من‌ الحطام‌ الكاسد لاُولئك‌ الزعانف‌ التافهين.

 فكلّ عاقل‌ وعالم‌ له‌ أدني‌ إلمام‌ بمادي‌ الاُصول‌ والفقه‌ في‌ الإسلام‌ يفهم‌ من‌ كلام‌ هذا الرجل‌ أنـّه‌ لم‌ يأت‌ بشي‌ء غير التزوير والخداع‌ والمكر والزيغ‌، ولم‌ يقدّم‌ للناس‌ إلاّ تشويه‌ الحقائق.

 فالقرآن‌ الذي‌ نزل‌ من‌ الباري‌ تعإلی لتوطيد دعائم‌ العدل‌ والتوحيد، متي‌ أوجب‌ طاعة‌ الحاكم‌ ؟ والنبي‌ّ الذي‌ عاني‌ ما عاني‌ من‌ الهموم‌ طيلة‌ ثلاث‌ وعشرين‌ سنة‌ لتثبيت‌ أركان‌ التوحيد والعدل‌ والكفاح‌ ضدّ الشرك‌ والظلم. وطيلة‌ مدّة‌ هجرته‌ لعشرة‌ سنوات‌ في‌ المدينة‌ كان‌ في‌ الصفّ الاوّل‌ للمجاهدين‌ وأقربهم‌ إلی العدوّ، وكان‌ يذهب‌ في‌ الغزوات‌ التي‌ كانت‌ تقع‌ في‌ كلّ شهرين‌ علي‌ النحو المتوسّط‌، كيف‌ يأمر بإطاعة‌ الملك‌، ويفرض‌ اتّباعه‌ بلا نقاش‌ ؟

 وهذه‌ الروايات‌ التي‌ نقلها مع‌ ما فيها من‌ الضعف‌ والإرسال‌ في‌ سندها لا تدلّ علي‌ اتّباع‌ الحاكم‌ الجائر. فالمراد بالسلطان‌ هو السلطان‌ العادل‌، والإمام‌ بالحقّ أو الفقيه‌ الجامع‌ للشرائط‌ المنصوب‌ من‌ قبل‌ الإمام.

 وحرمة‌ اتّباع‌ السلطان‌ الجائر، والاقتداء بالحاكم‌ الفاسق‌ العاصي‌ وفقاً للحديث‌ المتّفق‌ علیه‌ بين‌ الفريقين‌ القائل‌ :  لاَ طَاعَة‌ لِمَخْلُوقٍ فِي‌ مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ  لا تُبقي‌ إطلاقاً أو عموماً لمطلقات‌ وجوب‌ طاعة‌ السلطان‌ علي‌ فرض‌ صحّة‌ سندها. وقد حصر القرآن‌ الكريم‌ وجوب‌ الطاعة‌ برسول‌ الله‌، وأُولي‌ الامر المراد بهم‌ أئمّة‌ الدين‌ وخلفاء المرسلين‌ بالحقّ، وأوجب‌ القرآن‌ طاعة‌ الانبياء العظام‌ المبعوثين‌ من‌ ربّ العالمين‌ لا غير، وأمر بلزوم‌ اتّباعهم‌ واقتداء الناس‌ بهم.

 والقرآن‌ الذي‌ يعنّف‌ حكّام‌ الجور في‌ العالم‌ كفرعون‌، والنمرود، وهامان‌ ومن‌ دار في‌ فلكهم‌، ويأمر الاُمم‌ باتّباع‌ الانبياء ويحثّها علي‌ التمرّد ضدّ أُولئك‌ الطغاة‌ الذين‌ وقفوا بوجه‌ الانبياء، كيف‌ يوجب‌ طاعة‌ أمثالهم‌ بلا قيد ولا شرط‌ ؟

 إنّ خيانة‌ الوحيدي‌ّ في‌ نقل‌ هذه‌ الاخبار تتمثّل‌ بـ :  أوّلاً :  في‌ طرحه‌ هذه‌ الاخبار وكأنـّها صحيحة‌ السند ومشهورة‌ ومعروفة‌، وهي‌ ليست‌ كذلك‌ طبعاً، ولم‌ يذكرها أي‌ّ كتاب‌ من‌ مجاميع‌ الشيعة‌ أو السنّة‌ بسند صحيح. وثانيا : في‌ إطلاقه‌ لها وتغاضيه‌ عن‌ ذكر القيد والمقيّد والخاصّ، والمخصّص. وهذه‌ خيانة‌ عظمي‌.

 وثمّة‌ مؤاخذة‌ كبيرة‌ علي‌ من‌ قال‌ بأنّ ذا  القرنين‌ المذكور في‌ القرآن‌ هو كورش‌ الفارسي‌ّ. وعلي‌ فرض‌ صحّة‌ هذا المعني‌، فإنّ القرآن‌ أثني‌ علي‌ شمائل‌ ذي‌ القرنين‌ وحسب‌، ولم‌ يرد فيه‌ ذكر يؤكّد علي‌ لزوم‌ متابعته‌ بوصفه‌ ملكاً، فأين‌ وجد ذلك‌ ؟ ليدلّنا ويرينا ما وجده.

 والعجيب‌ أنـّه‌ يستدلّ علي‌ أنّ ذا  القرنين‌ لا يمكن‌ أن‌ يكون‌ الإسكندر المعروف‌، لما قيل‌ إنّه‌ كان‌ ظالماً والقرآن‌ لا يمدح‌ الظالم‌، فكيف‌ يجوز له‌ حينئذٍ أن‌ يوظّف‌ هذا الكلام‌ من‌ أجل‌ لزوم‌ اتّباع‌ الشاه‌ والشاهنشاه‌ والاُسرة‌ البهلويّة‌، ويزعم‌ أنّ ذلك‌ جاء في‌ بيان‌ القرآن‌ وعلي‌ لسان‌ الاخبار ؟ وكأنّ هؤلاء جميعهم‌ معصومون‌ وطاهرون‌ ومطهّرون‌، أو كأنـّهم‌ ملائكة‌، أو هم‌ الذين‌ نزلت‌ فيهم‌ آية‌ التطهير !

 إنّ ما ينسب‌ إلی رسول‌ الله‌ قوله‌ :  وُلِدْتُ فِي‌ زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ حديث‌ مزيّف‌ وموضوع‌ لم‌ تذكره‌ كتب‌ الحديث‌ الشيعيّة‌ والسنيّة‌ كلّها. فقد كان‌ أنوشيروان‌ رجلاً ظالماً ولم‌ يمدحه‌ رسول‌ الله. وقوله‌ :  « كلام‌ مأثور وخبر مشهور أنّ النبي‌ّ الاكرم‌ كان‌ يشير مراراً إلی عظمة‌ الزمن‌ الذي‌ ولد فيه‌، وهو في‌ جمع‌ من‌ أصحابه‌ »  كذب‌ محض.

 من‌ أين‌ جاءت‌ شهرة‌ هذا الخبر ؟ وفي‌ أي‌ّ كتاب‌ من‌ كتب‌ الحديث‌ أو الفقه‌ أو الرجال‌ اشتهر ؟ ونبيّنا لم‌ ينطق‌ بذلك‌ في‌ جمع‌ من‌ أصحابه‌ قطّ، فضلاً عن‌ أنـّه‌ قال‌ ذلك‌ مراراً.

 وكلام‌ الفردوسي‌ّ :  « چه‌ فرمان‌ يزدان‌ چه‌ فرمان‌ شاه‌»  أي‌ :  « سواء كانت‌ أوامر الله‌ أو أوامر الشاه‌ »  يتوكّأ علي‌ دين‌ المجوس‌ الذين‌ يعتقدون‌ أنّ الشاه‌ ممثّل‌ عن‌ الله‌، فما علاقة‌ ذلك‌ بالإسلام‌ ؟ والإسلام‌ يرفض‌ الإله‌ الذي‌ هو في‌ مقابل‌ الشيطان‌، ويعتبر الاعتقاد به‌ شركاً وثنويّة‌، فضلاً عن‌ أنـّه‌ ظلّ الله‌ وممثّله‌.

 إنّ الفردوسي‌ّ مسؤول‌ أمام‌ الله‌ وسيقف‌ في‌ ساحة‌ العدل‌ الإلهي‌ّ في‌ عرصات‌ القيامة‌ علي‌ ما ارتكبه‌ من‌ أخطاء، وما فعله‌ من‌ خلط‌ وخبط. وعلیه‌ أن‌ يستعدّ للجواب. فشعره‌ أبعد ما يكون‌ عن‌ الحقائق‌ وقد فرض‌ علي‌ الناس‌ طاعة‌ السلطان‌ والشاه‌ والحاكم‌ مهما كانوا.

 ثمّ إنّ الوحيدي‌ّ قلب‌ المعني‌ تماماً في‌ كلام‌ نقله‌، وهو قوله‌ :  وَإنَّ صَلاَحَكُمْ فِي‌ صَلاَحِ سُلْطَانِكُمْ . لانّ معني‌ هذا الكلام‌ هو  « أنـّكم‌ ستكونون‌ صالحين‌ إذا كان‌ سلطانكم‌ صالحاً » . أمّا الوحيدي‌ّ فإنّه‌ قلب‌ المعني‌ بقوله‌ :  « صلاحكم‌ فيما يراه‌ الملك‌ صالحاً لكم‌ » . أي‌ : ستكونون‌ صالحين‌ إذا طبّقتم‌ ما يراه‌ الملك‌ صالحاً لكم‌ ! وهذه‌ خيانة‌ في‌ الترجمة.

 وممّا يستشكل‌ علیه‌ (الوحيدي‌ّ) هو أنـّه‌ لمّا أراد الاستهداء بالإجماع‌ كأحد الادلّة‌ الاصطلاحيّة‌ الاُصوليّة‌ الاربعة‌ التي‌ أقامها، ولم‌ يكن‌ هناك‌ إجماع‌ قطّ، قال‌ : لمّا كان‌ قول‌ المعصوم‌ ملاكاً لحجيّة‌ الإجماع‌، وقوله‌ حجّة‌ من‌ حيث‌ الكاشفيّة‌، وجاء ذكره‌ في‌ هذه‌ المسألة‌، فملاك‌ الإجماع‌ قائم‌ بناءً علي‌ وحدة‌ ملاك‌ الإجماع‌ والخبر الصادر عن‌ المعصوم. في‌ حين‌ أنّ أهل‌ العلم‌ والتخصّص‌ في‌ علم‌ الاُصول‌ يعلمون‌ أنّ هذا ليس‌ إجماعاً، فالإجماع‌ في‌ مقابل‌ السنّة‌ التي‌ تمثّل‌ الروايات‌ الصادرة‌ عن‌ المعصوم‌، عبارة‌ عن‌ اتّفاق‌ المسلمين‌ جميعهم‌ اتّفاقاً كاشفاً عن‌ رأي‌ المعصوم. أمّا هذا المُتَحَدِّث‌ فإنّه‌ زوّر معني‌ الإجماع‌ ليزيد أدلّته‌، وبعبارة‌ أُخري‌، أراد الخيانة‌ أيضاً في‌ مسألة‌ أُصوليّة‌، لتتمّ خدمته‌، وتظهر الادلّة‌ الاربعة‌ جميعها قائمة‌ وثابتة.

 وأمّا الدليل‌ العقلي‌ّ، فإنّ العقل‌ يحكم‌ بخلاف‌ ما قالوا، ويحكم‌ بأنّ الإنسان‌ لا ينبغي‌ له‌ أن‌ يتّبع‌ الباطل‌ والفساد، ولا يحقّ له‌ أن‌ يطيع‌ السلطان‌ الجائر والحاكم‌ الظالم‌، بل‌ علیه‌ أن‌ يحرّر نفسه‌ من‌ ربقة‌ حكومته‌ التعسفيّة. يطيع‌ السلطان‌ العادل‌ ذا الرؤية‌ الواقعيّة‌، المنكر لذاته‌ والمضحّي‌ والمتحمّس‌ من‌ أجل‌ الاُمّة‌، والمتحقّق‌ بالحقيقة‌ وواقع‌ الامر، ذا  السريرة‌ النقيّة‌ من‌ شوائب‌ الرذائل‌ الاخلاقيّة‌ وحبّ الدنيا ونزوة‌ حبّ الظهور والصيت‌ والسمعة‌، والنَّفَس‌ الاستكباري‌ّ والغرور، والعجب‌، والتمحور.

 أجل‌، فلقد فصّلنا الكلام‌ هنا في‌ تفسير ما قاله‌ ليعلم‌ الناس‌ أنّ حكّام‌ الجور في‌ كلّ زمان‌ يحتضنون‌ مثل‌ هؤلاء في‌ أجهزتهم‌ الحكوميّة‌ ويهتمّون‌ بإعدادهم‌ إعداداً خاصّاً وذلك‌ لخداع‌ الناس‌ وإضلالهم‌، وليسود الصمت‌ المطبق‌ والوجوم‌ علي‌ الاجواء فلا ينبس‌ أحد ببنت‌ شفة.

 وعندئذٍ لا يتعجّب‌ أحد كيف‌ أصبح‌ أمثال‌ أبي‌ هُريرة‌، وأبي‌ الدرداء، وكعب‌ الاحبار، وسَمُرَة‌ بن‌ جُنْدُب‌ وغيرهم‌ من‌ الذين‌ كانوا في‌ عداد الصحابة‌ فترة‌ من‌ عمرهم‌، بطانة‌ لمعاوية‌، ومن‌ الذين‌ يسيل‌ لعابهم‌ علي‌ مائدته‌ الملوّنة‌ مقتاتين‌ من‌ فضلاتها. وعند ذاك‌ يحلو لهم‌ أن‌ يختلقوا آلاف‌ الاحاديث‌ في‌ فضيلة‌ الشيخين‌، وبني‌ أُميّة‌، وعثمان‌، ومعاوية. ولا يتورّعوا عن‌ اختلاق‌ الطعن‌ والقدح‌ في‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ والتحدّث‌ إلی الناس‌ من‌ علي‌ المنبر نقلاً عن‌ لسان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم.

 فالتأريخ‌ يعيد نفسه‌ ولا يمثّل‌ إلاّ تكراراً للحوادث‌ الواقعة. ولو أردنا أن‌ نتمثّل‌ بلاط‌ معاوية‌، فلننظر إلی مجلسي‌ الشيوخ‌ والنوّاب‌ وأعضائهما. فالصورة‌ واحدة‌، وما نراه‌ اليوم‌ مرآة‌ تعكس‌ ذلك‌ الوضع‌ تماماً.

 ولقد أرسل‌  معاوية‌  إلی  سَمُرَة‌ بن‌ جُنْدُب‌  ووعده‌ ببذل‌ مائة‌ ألف‌ درهم‌ له‌ ليروي‌ أنّ قوله‌ تعإلی :  وَمِنَ النَّاسِ مَن‌ يَشْرِي‌ نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَهِ وَاللَهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَاد.[88]   نزل‌ في‌ ابن‌ ملجم‌ أشقي‌ رجل‌ في‌ قبيلة‌ مراد. وقوله‌ تعإلی :  وَمِنَ النَّاسِ مَن‌ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ و  فِي‌ الْحَيَو'ةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَهَ عَلَي‌' مَا فِي‌ قَلْبِهِوَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّي‌' سَعَي‌' فِي‌ الاْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإثْمِ فَحَسْبُهُ و  جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ.[89]   نزل‌ في‌ أمير المؤمنين‌  علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب، فلم‌ يقبل. فبذل‌ له‌ مائتي‌ ألف‌ درهم‌، فلم‌ يقبل. فبذل‌ له‌ أربعمائة‌ ألف‌ درهم‌، فقبل.[90]

 فتغيير التأريخ‌ يمثّل‌ نهاية‌ المرحلة‌ الثالثة‌ من‌ المراحل‌ التي‌ تمّ تطبيقها من‌ قبل‌ الاستعمار دون‌ أي‌ّ اطّلاع‌ قبلي‌ّ من‌ الشعب‌، وبادروا إلی اتّخاذ هذه‌ الخطوة‌ بأسرع‌ ما يكون‌ إذ دمجوا المجلسين‌ معاً خوفاً من‌ اطّلاع‌ الناس‌ علیه‌، حيث‌ من‌ الطبيعي‌ّ أن‌ يكون‌ في‌ الفترة‌ التي‌ تتخلّل‌ المجلسين‌، ممّا قد يؤدّي‌ إلی قيام‌ الشعب. فبادروا إلی ذلك‌ لكي‌ لا يعترض‌ أحد ويطالب‌ بحظر القرار.

 وكان‌ واضحاً في‌ تلك‌ الجلسة‌ أنّ تغيير التأريخ‌ يعني‌ أنّ أمر الإسلام‌ قد انتهي‌ وأنـّهم‌ قد قضوا علیه. ومن‌ الوجهة‌ السياسيّة‌ قدّموا للشعب‌ المحروم‌ والمظلوم‌ في‌ إيران‌ تعصّبهم‌ القومي‌ّ والزرادشتيّة‌ المجوسيّة.

 وتحدّث‌  هوشنك‌ النهاوندي‌ّ  رئيس‌ الجامعة‌، فقال‌ :

 «إنّ تعيين‌ بداية‌ جديدة‌ لتأريخنا يعتبر أهمّ خطوة‌ لترسيخ‌ القوميّة‌ الفارسيّة‌ العريقة‌، وإعطاءها الصفة‌ الرسميّة. والتقويم‌ الجديد تقويم‌ فارسي‌ّ قومي‌ّ كامل‌ بكلّ معني‌ الكلمة. ويعبّر عن‌ تطوّر أصيل‌ في‌ تأريخنا الحافل‌ بالمفاخر والامجاد».

 وقال‌  فرهنك‌ مِهر ، رئيس‌ جامعة‌ بهلوي‌ّ في‌ شيراز :

 «وُلِدَتْ إيران‌ وحدة‌ مستقلّة‌، وولد شعبها كتلة‌ منظّمة‌ مع‌ كورش‌ والسلسلة‌ الهخامنشيّة‌».

 وتحدّث‌  أمير عبّاس‌ هويدا ، رئيس‌ الوزراء، بعد المصادقة‌ علي‌ القرار فقال‌ في‌ بعض‌ كلامه‌ :

 «نتحدّث‌ في‌ هذه‌ اللحظات‌ من‌ القرن‌ السادس‌ والعشرين‌ للتأريخ‌ الشاهنشاهي‌ّ. ومن‌ البديهي‌ّ أنّ التقويم‌ الهجري‌ّ وهو تقويمنا الديني‌ّ سيبقي‌ ساري‌ المفعول‌ وله‌ حرمته‌ الخاصّة... إلاّ أنّ قراركم‌ هذا اليوم‌ يمثّل‌ هذه‌ الحقيقة‌، وهي‌ وجود إيران‌ واحدة‌ ونظام‌ شاهنشاهي‌ّ واحد علي‌ امتداد هذه‌ المدّة‌ الطويلة‌ وهما متلاصقان‌ بحيث‌ يمثّلان‌ مفهوماً واحداً».

 وفي‌ غد ذلك‌ اليوم‌، أي‌ : يوم‌ الاثنين‌ 25 إسفند 1354 شمسي‌ّ كتبت‌ صحيفة‌  « اطّلاعات‌ »  في‌ مقالتها الافتتاحيّة‌ قائلة‌ :

 «ونلاحظ‌ الآن‌ من‌ خلال‌ القرار المصادق‌ علیه‌ في‌ الجلسة‌ المشتركة‌ للمجلسين‌ أنّ هذا التقويم‌ القومي‌ّ السابق‌ (المقصود هو فروردين‌، وأُرديبهشت‌، ولكن‌ علي‌ أساس‌ تأريخ‌ الهجرة‌ النبويّة‌) قد أصبح‌ ينطلق‌ الآن‌ من‌ قاعدة‌ أدق‌ متمثّلة‌ ببداية‌ الإمبراطوريّة‌ الفارسيّة‌، أي‌ : جلوس‌ كورش‌ الكبير علي‌ عرش‌ الحكم‌ الفارسي‌ّ. فتقويمنا القومي‌ّ الذي‌ يبدأ باليوم‌ الاوّل‌ من‌ فروردين‌، وشهوره‌ الاثنا عشر كلّها فارسيّة‌، وأسماؤها تراثيّة‌ فارسيّة‌ عريقة‌، كان‌ يشكو من‌ النقص‌ كما يبدو إذ لم‌ يشمل‌ تأريخ‌ فارسي‌ّ قبل‌ الإسلام...»

 إلی أن‌ قالت‌ الصحيفة‌ :

 «فهذا الوضع‌ السائد ليس‌ منطقيّاً لدولة‌ لها تأريخها المدوّن‌ والمنظّم‌، وقاعدتها الشاهنشاهيّة‌ مستمرّة‌ منذ جلوس‌ كورش‌ الكبير علي‌ العرش‌ إلی يومنا هذا. وذلك‌ لانّ الاحداث‌ التأريخيّة‌ كلّها، ومنها هجوم‌ العرب‌ علي‌ بلاد فارس‌ لم‌ تخلخل‌ استمرار التأريخ‌ والإمبراطوريّة‌ الفارسيّة.

 وفي‌ الوقت‌ الذي‌ قبلنا فيه‌ الدين‌ الإسلامي‌ّ المقدّس‌، ونعتزّ بذلك. فقد كان‌ ولا زال‌ لنا تأريخنا وحضارتنا. وتقويمنا الديني‌ّ الذي‌ يبدأ بالمحرّم‌، وينتهي‌ بذي‌ الحجّة‌، كما في‌ البلدان‌ الإسلاميّة‌ جميعها، له‌ منزلته‌ الخاصّة‌ به. وتقويمنا القومي‌ّ الذي‌ يبدأ بفروردين‌، وينتهي‌ بإسفند له‌ منزلته‌ أيضاً.

 فذلك‌ هو التقويم‌ الهجري‌ّ، وهذا هو التقويم‌ الشاهنشاهي‌ّ، أحدهما يمثّل‌ ديننا، والآخر يمثّل‌ قوميّتنا».

 يستبين‌ جيّداً ممّا تقدّم‌ أنّ القصد من‌ تغيير التأريخ‌ هو فصل‌ الدين‌ عن‌ القوميّة‌، وفصله‌ عن‌ السياسة‌ والشؤون‌ الاجتماعيّة‌، وإضفاء الرسميّة‌ علي‌ الشعائر القوميّة‌ والآداب‌ والسنن‌ الجاهليّة‌، وعزل‌ الدين‌ الحقّ والسنّة‌ المحمّديّة‌ عن‌ الحياة‌، ومصادرة‌ الاصالة‌ والشرف‌ المودعين‌ في‌ فطرة‌ الناس‌ واللذين‌ يؤيّدهما الدين‌ ويعزّزهما.

 وقد أشرنا فيما سبق‌ إلی أنّ هؤلاء يقولون‌ :  « لا شغل‌ لنا بالتأريخ‌ الهجري‌ّ، فله‌ موقعه‌ ومنزلته. إلاّ أنّ التأريخ‌ الرسمي‌ّ الحكومي‌ّ ينبغي‌ أن‌ يكون‌ شمسيّاً وفروردينيّاً وشاهنشاهيّاً » .

 أي‌ : أنّ ما ينفع‌ البلاد هو فروردين‌، والاعتزاز بعرش‌ كورش‌ والملوك‌ الهخامنشيّين. وهذا هو الذي‌ يفصل‌ الناس‌ عن‌ الدين‌ ويقطع‌ علاقتهم‌ بدينهم‌، ودفاعهم‌ عن‌ وطنهم‌ وأعراضهم‌ وأرواحهم‌ وأموالهم‌ ضدّ الاجانب. وهو ما يروق‌ للاستعمار.

 وأي‌ّ ضرر يصيب‌ الاستعمار وخططه‌ المشؤومة‌ إن‌ وضعت‌ العجوز الفلانيّة‌ التأريخ‌ الهجري‌ّ في‌ طيّات‌ مفاتيح‌ الجنان‌، أو عيّن‌ الشيخ‌ الفلاني‌ّ آداب‌ ليلة‌ الرَّغائب‌ وأعمالها في‌ ضوئه‌ ؟

 يقولون‌ :

 «لو اتّخذنا الهجرة‌ النبويّة‌ بداية‌ لتأريخنا، فإنّ هذا يؤدّي‌ إلی النقص‌ والانكسار في‌ تأريخنا، ولكن‌ لو اتّخذنا جلوس‌ كورش‌ علي‌ العرش‌ بداية‌ له‌، فإنّ هذا يبعث‌ علي‌ رفعتنا وشموخنا » .

 أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن‌ دُونِ اللَهِ.[91]

 فشعوب‌ العالم‌ بأسرها تفتخر وتتشرّف‌ بانتمائها إلی أنبيائها. والنصاري‌ في‌ شتّي‌ أرجاء العالم‌ يتّخذون‌ ميلاد السيّد المسيح‌ علیه‌ السلام‌ تأريخاً لهم. وهؤلاء المجوس‌ واليهود جميعهم‌ يجعلون‌ تقويهم‌ علي‌ هذا الاساس‌ نفسه.

 فهل‌ صار محمّد المصطفي‌ وصمة‌ عار لكم‌ حتّي‌ تأبوا من‌ الانتماء له‌ ؟!

 أنتم‌ مطيّة‌ الاستعمار، تركتم‌ البلدان‌ الاستعماريّة‌ جميعها وراءكم‌ ! فإنّها غيّرت‌ تأريخها من‌ الهجري‌ّ إلی الميلادي‌ّ. والسيّد المسيح‌ نبي‌ّ عظيم‌، وقد أعرضتم‌ عنه‌ أيضاً ! بل‌ وعن‌ جميع‌ الانبياء إذ نبذتموهم‌ وراء ظهوركم‌ وأقبلتم‌ علي‌ كورش‌ وسيروس‌ لائذين‌ بهما من‌ دون‌ الانبياء !  أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَسِيرُونَ عَلَي‌ مَنْهَجِ الشَّيْطَانِ.

 وهنا تثور غِيرة‌ الله‌ سبحانه‌ تعإلی، ويأبي‌ مقام‌ عزّته‌ مثل‌ هذه‌ الانتهاكات‌ الصارخة. وبعد مراحل‌ ثلاث‌ : الاُولي‌ : استبدال‌ الشمسي‌ّ بالهجري‌ّ، الثانية‌ : استبدال‌ القديم‌ بالشمسي‌ّ،  الثالثة‌ :  استبدال‌ الشاهنشاهي‌ّ بالقديم. فلابدّ أن‌ يعمّهم‌ البلاء ويذوقوا وبال‌ أمرهم‌ ويلاقوا جزاء ما كسبت‌ أيديهم‌ وما سوّلت‌ لهم‌ أنفسهم. وتنهار قصورهم‌ علي‌ رؤوسهم. ويستبدل‌ الخبر بالاثر.  فَجَعَلْنَـ'هَا حَصِيدًا كَأَن‌ لَّمْ تَغْنَ بِالاْمْسِ.[92]

 فَأَخَذَتْهُمْ صَـ'عِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ.[93]

 وكان‌ من‌ المتوقّع‌ ممّا نقلناه‌، وبعد انهيار قصر الظلم‌ والاستبداد، والتحرّك‌ العارم‌ للشعب‌ المسلم‌ الذي‌ ارتضع‌ أبناؤه‌ لبن‌ أُمّهات‌ أرضعنهم‌ باسـم‌ الحبيب‌ المصطفي‌ خـلال‌ ألف‌ وأربعمائة‌ سنة‌، وتفويض‌ أمر الشعب‌ إلی الشعب‌ نفسه‌ في‌ مجلس‌ الخبراء، أن‌ يكون‌ التأريخ‌ هجريّاً قمريّاً فقط‌، إلاّ أنـّهم‌ لم‌ يفعلوا ذلك. وتمّ تدوين‌ المادّة‌ السابعة‌ عشرة‌ من‌ دستور الجمهوريّة‌ الإسلاميّة‌ الإيرانيّة‌ علي‌ النحو التالی :

 «بداية‌ التأريخ‌ الرسمي‌ّ للبلاد هجرة‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ وكلا التأريخين‌ : الشمسي‌ّ، والهجري‌ّ رسميّان‌ معتبران. وتعتمد الدوائر الحكوميّة‌ في‌ أعمالها علي‌ التأريخ‌ الشمسي‌ّ. والعطلة‌ الرسميّة‌ الاُسبوعيّة‌ هي‌ يوم‌ الجمعة‌».

الجمع‌ بين‌ التأريخ‌ القمري‌ّ والتأريخ‌ الشمسي‌ّ غير صحيح

ونري‌ هنا أنّ الإصلاح‌ الذي‌ أُجري‌ في‌ هذا المجال‌ تناول‌ المسألة‌ الثالثة‌ فقط‌، أي‌ : الرجوع‌ من‌ التأريخ‌ الشاهنشاهي‌ّ إلی التأريخ‌ الهجري‌ّ الشمسي‌ّ. وحيث‌ السنون‌ الشمسيّة‌ لا زالت‌ رسميّة‌ سارية‌ المفعول‌، والشهور المجوسيّة‌ القديمة‌ كخرداد وبهمن‌ لم‌ تتغيّر أيضاً.

 وهنا ثلاثة‌ إشكالات‌ :

 الاوّل‌ :  ما هو معني‌ الجمع‌ بين‌ التأريخين‌ واعتبارهما رسميّين‌ معاً  ؟ ونحن‌ نعلم‌ أنّ القرآن‌ الكريم‌ يركّز علي‌ الشهور القمريّة‌ في‌ التأريخ‌ فقط. وكذلك‌ السنّة‌ النبويّة‌ ومنهج‌ أئمّة‌ الدين‌ فإنّهما يقتصران‌ علي‌ الشهور القمريّة‌ لا غير إجماعاً واتّفاقاً، فرسميّة‌ الشهور والسنين‌ الشمسيّة‌ منضمّة‌ إلی الشهور القمريّة‌ أمر غير صحيح‌ أبداً.

 و الثاني‌ :  لماذا تتبنّي‌ الدوائر الحكوميّة‌ التأريخ‌ الشمسي‌ّ في‌ أعمالها، إذ يبقي‌ الإشكال‌ قائماً في‌ كلا  المرحلتين‌ ؟ وإذا كان‌ الدين‌ غير منفصل‌ عن‌ السياسة‌، فلابدّ أن‌ تتبنّي‌ الدوائر الحكوميّة‌ الشهور القمريّة‌ فقط. فمن‌ أين‌ جاء هذا الانفصال‌ ؟

 و الثالث‌ :  أنّ تبنّي‌ التأريخ‌ الشمسي‌ّ من‌ قبل‌ الدوائر الحكوميّة‌ عبارة‌ أُخري‌ لإضفاء الرسميّة‌ علي‌ الشهور والسنين‌ الشمسيّة‌، لانّ الرسميّة‌ لا معني‌ لها إلاّ أن‌ يطبّق‌ التأريخ‌ عمليّاً. وعلي‌ هذا فالدوائر الحكوميّة‌ تعترف‌ بالتأريخ‌ الشمسي‌ّ لا القمري‌ّ. وتتعامل‌ فيما بينها به‌ دون‌ القمري‌ّ. وهذا هو المحذور عينه‌ والحرج‌ نفسه.

 وما الفرق‌ بين‌ هذا المشروع‌ وذلك‌ المشروع‌ الذي‌ تمثّل‌ بالتغيير الثالث‌ المصادق‌ علیه‌ في‌ المجلسين‌ ؟ فأصحاب‌ ذلك‌ المشروع‌ كانوا يقولون‌ :

 «التأريخ‌ الهجري‌ّ له‌ موقعه‌ وحرمته‌، ويستعمل‌ عند القيام‌ بالاُمور الدينيّة. والتأريخ‌ الشاهنشاهي‌ّ القديم‌ يستعمل‌ في‌ الشؤون‌ الرسميّة‌ للبلاد ودوائرها، وفي‌ الزيارات‌ الحكوميّة‌ الرسميّة‌، والجلسات‌، والندوات‌، والمؤتمرات‌ والاحتفالات‌، والمناسبات‌، والمعاهدات‌، وغير ذلك‌».

 إحياء المناسبات‌ علي‌ أساس‌ التأريخ‌ القمري‌ّ

وهؤلاء اليوم‌ لا يهتمّون‌ بالتأريخ‌ القمري‌ّ في‌ الشؤون‌ الرسميّة‌، ويؤرّخون‌ ذكري‌ الثورة‌، واستشهاد رجالها، والاحتفالات‌ وغيرها بالتأريخ‌ الشمسي‌ّ. فاستشهاد المرحوم‌ الشيخ‌ مرتضي‌ مطهّري‌[94] مثلاً كان‌ في‌ اليوم‌ الخامس‌ من‌ جمادي‌ الآخرة‌، بينما يؤرّخونه‌ في‌ اليوم‌ الثاني‌ عشر من‌ أُرديبهشت.

   وهكذا دأبهم‌ في‌ المناسبات‌ الاُخري‌، فيؤرّخون‌ استشهاد المرحوم‌ دستغيب‌، والمرحوم‌ صدوقي‌، والمرحوم‌ قاضي‌، والمرحوم‌ أشرفي‌، والمرحوم‌ مفتّح‌ الذي‌ جعلوا يوم‌ استشهاده‌ يوماً للفيضيّة‌ (مدرسة‌ دينيّة‌ في‌ قم‌) والجامعة‌، ويوماً لتلاحم‌ طلاّب‌ العلوم‌ الدينيّة‌ مع‌ طلاّب‌ الجامعات‌، وغير ذلك‌ من‌ المناسبات‌ بالتأريخ‌ الشمسي‌ّ الفارسي‌ّ.

 ويؤرّخون‌ رحلة‌ العلاّمة‌ آية‌ الله‌ الطباطبائي‌ّ التي‌ وقعت‌ في‌ الثامن‌ عشر من‌ المحرّم‌،[95]   في‌ 24 آبان‌، في‌ حين‌ أنّ روح‌ ذلك‌ المرحوم‌ تستاء من‌ إحياء المناسبات‌ السنويّة‌ بالتأريخ‌ الشمسي‌ّ. وهو متحقّق‌ بالحقّ وحقّانيّة‌ تطبيق‌ الشهور والسنين‌ القمريّة.

 

ارجاعات


[74] يرجع‌ إلی كتاب‌ «فراموشخانه‌ وفراماسونري‌ در ايران‌» وتعني‌ : «المحفل‌ الماسوني‌ّ والماسونيّة‌ في‌ إيران‌» تأليف‌ إسماعيل‌ رائين‌، الطبعة‌ الخامسة‌، ج‌  2 ، ص‌ 142  إلی ص‌  147 . وكذلك‌ الصفحات‌  49  و  50  و  54  و  75  و  451 .

[75] ـ «فراموشخانه‌ و فراماسونري‌ در إيران‌» ج‌  3 ، ص‌  531  إلی  534 .

[76] كان‌ لهذا الشخص‌ دور يؤبه‌ له‌ في‌ مؤازرة‌ البهلوي‌ّ  ] رضا خان‌ [  وتمكينه‌ من‌ التسلّط‌ علي‌ الناس. وكان‌ عضواً في‌ مجلس‌ الشوري‌ لعدّة‌ سنين‌، ثمّ رئيساً للوزراء في‌ عهده‌ ثمّ في‌ زمن‌ ابنه‌  ] محمّد رضا [ .

[77] ذكر المسعودي‌ّ هذه‌ الاسماء في‌ كتاب‌ «التنبيه‌ والإشراف‌» ص‌  184 .

[78] في‌ ضوء محاسبات‌ الخيّام‌، ينبغي‌ كبس‌ ثماني‌ سنين‌ في‌ كلّ ثلاث‌ وثلاثين‌ سنة‌ لكي‌ لا يظهر اختلاف. لذلك‌ بناءً علي‌ هذا الوضع‌، يكبسون‌ سنة‌ في‌ كلّ أربع‌ سنين. وفي‌ رأس‌ السنة‌ الاخيرة‌ وهي‌ السنة‌ الثالثة‌ والثلاثون‌ يجعلون‌ الكبيسة‌ في‌ رأس‌ السنة‌ الخامسة‌ وهي‌ السنة‌ الثالثة‌ والثلاثون. لذلك‌ فالدورة‌ الاخيرة‌ للسنين‌ الاربع‌ البسيطة‌ والسنة‌ الخامسة‌ ستكون‌ كبيسة.

[79] ذكر السيّد جلال‌ الدين‌ الطهراني‌ّ هذه‌ الاسماء في‌ الصفحة‌  79  من‌ تقويمه‌ المؤرّخ‌ سنة‌  1309  شمسي‌ّ.  ] 1930  م‌ [ .

[80] يقول‌ دهخدا في‌ معجمه‌  ] معجم‌ خاصّ باللغة‌ الفارسيّة‌ [  في‌ مادّة‌ أمرداد : جاء في‌  «الابستا» : أَمُرْتات‌ . وتات‌ مقطع‌ أخير في‌ الكلمة‌، وليس‌ له‌ استعمال‌ مستقلّ. ويلاحظ‌ هذا المقطع‌ في‌ خُرداد أيضاً.

 وأمّا المقطع‌ الآخر في‌ الكلمّة‌ فإنّه‌ يتألّف‌ من‌ جزءين‌ : الاوّل‌ : «اَ» وهو من‌ أدوات‌ النفي‌، يعني‌ : لا. ويستعمل‌ له‌ بالفارسيّة‌ كلمة‌ «نا» أو «بي‌». الثاني‌ :  مِرْت‌  أو مَرْت‌  ويعني‌ : الموت‌ والوفاة‌ والفناء والهلاك. فيعني‌ أمرداد ـ إذَنْ : عدم‌ الموت‌ والفناء أو الخلود. وينبغي‌ أن‌ يكون‌ مُرداد بأداة‌ النفي‌ : «اَ» لا مجرّداً عنها، لانّ المعني‌ يخالفه.  و أَمرداد  في‌ دين‌ زرادشت‌ :  أمشاسْپَندي‌،  ويمثّل‌ عدم‌ الفناء، والخلود، أو مظهر الذات‌ التي‌ لا تزول‌ :  أهُورمزدا  ] وجود غير مرئي‌ّ وخالق‌ الحياة‌ وواحد لا شريك‌ له‌ وعظيم‌ وعالم‌ [ . وقد فوّض‌ إليه‌ حراسة‌ النباتات‌ والخضروات‌ في‌ عالم‌ التراب‌ (الارض‌) (عن‌ «معجم‌ إيران‌ القديمة‌» بقلم‌ إبراهيم‌ پور داود، ص‌  59 ). ويُرجع‌ إلی : «مزديستا»  ] يطلق‌ علي‌ دين‌ زرادشت‌ [  وتأثيره‌ في‌ الادب‌ الفارسي‌ّ، للدكتور معين. وكذلك‌ يرجع‌ إلی :  «أمشاسْپَندان‌» .

 وخلاصة‌ ما نقلناه‌ هنا عن‌ «معجم‌ دهخدا» جاء في‌ تعلیقة‌ مادّة‌ مرداد من‌ هذا المعجم. ويقول‌ أيضاً : أمرداد وهو الشهر الخامس‌ في‌ السنة‌، وقد وكّل‌ إليه‌ اليوم‌ السابع‌ من‌ الشهر، من‌  أمشاسْپَندان‌  ومظهر  أهورمَزدا  في‌ الخلود، وثواب‌ أعمال‌ المحسنين‌ في‌ جنّات‌ الله‌ تعإلی. ورعاية‌ النباتات‌ في‌ العالم‌ الارضي‌ّ تقع‌ علي‌ أمرداد.

 ورأي‌ المؤرّخ‌ اليوناني‌ّ  إسترابون‌  معبد أمرداد في‌ آسيا الصغري. وكان‌ يقام‌ حفل‌  أمردادگان‌  في‌ يوم‌ أمرداد من‌ شهر أمرداد.

 ويسمّيه‌ المجوس‌ في‌ إيران‌ : أمرداد أيضاً (من‌ حاشية‌ الدكتور معين‌ علي‌ «البرهان‌ القاطع‌» ذيل‌ مرداد). وجاء في‌ هذه‌ التعلیقة‌ أيضاً أنّ تات‌ وهو المقطع‌ الاخير في‌ الكلمة‌ يدّل‌ علي‌ اسم‌ مؤنّث‌ مجرّد.

 ويقول‌ في‌ هذا المعجم‌ أيضاً في‌ مادّة‌  أمشاسْپَند  : هو المَلَك. وجاء في‌الابستا «أمِشَه‌ وسِپَنته‌» مركّبة‌ من‌ جزءين‌ : الاوّل‌ «أمشه‌» وهو مركّب‌ أيضاً من‌ «اَ» علامة‌ النفي‌، و «مشه‌» من‌ مادّة‌ مَرْ بمعني‌ مُردن‌  ] الموت‌ [ . الثاني‌ «سپنته‌» يعني‌ المقدّس. فيكون‌ المعني‌ : «جاودان‌ مقدّس‌»  ] الخالد المقدّس‌ [ .

 عدد «أمشاسپندان‌» أو «مهين‌ فرشتگان‌» سبع‌، وقد اندرج‌ ستّ منها في‌ الشهور الاثني‌ عشر الحاليّة. هو من‌ =  بَهْمَن، اشـه‌ وهيشـته‌ =  أُرديبهشـت، خشـتره‌ وائيريه‌ =  شهريور ، سپنته‌ أرمئيتي‌ =  سپندارمذ ، هئورو تات‌ = خرداد، أمرتات‌ = أمرداد ، ووقع‌  سپتامينيو  (العقل‌ المقدّس‌) علي‌ رأس‌ هذه‌ الستّ. بعد ذلك‌ استبدلوا أهورا مزدا  به‌، وقد ذكر اسم‌  أمشاسْپندان‌  مرّات‌ عديدة‌ في‌ «گات‌» وهو أقدم‌ قسم‌ في‌ الابستا.

[81] بحيث‌ إنّهم‌ لم‌ يعيّنوا تعديل‌ هذا التأريخ‌ واكتفوا بجعل‌ إسفند ثلاثين‌ يوماً في‌ السنين‌ الكبيسة‌، إلاّ أنّ السنة‌ الكبيسة‌ لم‌ تعيّن. ولهذا السبب‌ كاد الخطأ يقع‌ في‌ سنة‌  1308 ، لانـّه‌ كان‌ واضحاً كالمعتاد أنّ السنة‌ الرابعة‌ بعد السنوات‌ الثلاث‌ :  305 ، 306 ،  307  يجب‌ أن‌ تحسب‌ كبيسة‌، بينما الصحيح‌ هو أنـّها يجب‌ أن‌ تكون‌ بسيطة‌ لانّ  سنة‌  1309  هي‌ آخر سنة‌ من‌ دوران‌  33  سنة‌، ممّا ينبغي‌ أن‌ تجعل‌ كبيسة. ولهذا السبب‌ أخطأ أحد التقاويم‌ فيها، فاعتبر شهر إسفند من‌ سنة‌  1308  ثلاثين‌ يوماً. وهذا العمل‌ يقتضي‌ أن‌ يكون‌ اليوم‌ الثاني‌ من‌ الحمل‌ مطابقاً لليوم‌ الاوّل‌ من‌ فروردين. وهذا الخطأ منبثق‌ عن‌ خلل‌ قانوني‌ غفل‌ عنه‌ المجلس‌ («تقويم‌ سنة‌  1309 » للسيّد جلال‌ الدين‌ طهراني‌ّ، ص‌  78 ).

[82] ما ذكرناه‌ هنا عن‌ مجلس‌ النوّاب‌ حول‌ تغيير التأريخ‌،نقلناه‌ عن‌ الصحف‌  الرسميّة‌ الملكيّة‌  ] التي‌ كانت‌ تصدر في‌العهد البهلوي‌ّ البائد [  من‌ ص‌  1010  إلی 1014  ومن‌ ص‌  1056  إلی ص‌  1060 . فيما يتعلّق‌ بالجلسة‌ الثالثة‌ والاربعين‌ بعد المائة‌ المحضر المفصّل‌، صباح‌ الثلاثاء  27  حوت‌  1303  الموافق‌ للحادي‌ والعشرين‌ من‌ شعبان‌ سنة‌  1342 .

[83] وأحدثوا مثل‌ هذا التغيير في‌ الساعات‌، وذلك‌ بناءً علي‌ دخول‌ الشهور القمريّة‌ التي‌ تبدأ بخروج‌ القمر من‌ تحت‌ الشعاع‌، ورؤيته‌ بعد غروب‌ الشمس‌، فإنّ أوّل‌ كلّ شهر قمري‌ّ يبدأ من‌ أوّل‌ ليلته‌، وليلة‌ كلّ يوم‌ مقدّمة‌ علي‌ اليوم‌ نفسه. لذلك‌ فإنّ الساعة‌  12  هي‌ أوّل‌ الغروب‌ وبداية‌ دخول‌ الليل‌، وكلّ ساعة‌ تمرّ تعني‌ أنّ ساعة‌ واحدة‌ من‌ الليل‌ قد مضت. ولهذا جاء في‌ الشرع‌ المقدّس‌ ذكر الواجبات‌ التي‌ يقوم‌ بها الإنسان‌ في‌ الساعة‌ الاُولي‌ أو الثانية‌ أو الثالثة‌ أو الرابعة‌ التي‌ مضت‌ من‌ الليل. وهذا يكون‌ إذا ما جعلنا بداية‌ حساب‌ الساعة‌، وهو أوّل‌ الليل‌، الساعة‌ 12، أي‌ : أوّل‌ الساعة‌، وحينئذٍ نري‌ أوّلاً : أنـّه‌ سيتّضح‌ كم‌ ساعة‌ قد مضت‌ من‌ الليل‌، فالساعة‌ السادسة‌ تعني‌ أنّ ستّ ساعات‌ مضت‌ من‌ الليل. وثانياً : أنـّنا سنعلم‌ عدد ساعات‌ النهار من‌ خلال‌ بياض‌ النهار، لانّ الساعة‌  12  تعني‌ غروب‌ الشمس‌ وبداية‌ الليل‌، فنعلم‌ أنّ الساعة‌  5  في‌ النهار تعني‌ أنّ عندنا سبع‌ ساعات‌ من‌ النهار، والساعة‌  9  تعني‌ أنّ عندنا ثلاث‌ ساعات‌ من‌ النهار. وعلي‌ هذا فساعة‌ التوقيت‌ المسائي‌ّ لتحديد مقدار الليل‌، ومقدار النهار بسيطة‌ ومفيدة‌ جدّاً. والمسلم‌ الذي‌ يريد أن‌ يستفيد من‌ ليلة‌ ويستمثر نهاره‌ يعلم‌ كم‌ مضي‌ من‌ الليل‌، وكم‌ بقي‌ للنهار.

 وأمّا الساعات‌ الزواليّة‌ (التوقيت‌ الظهري‌ّ) فلا تدلّ علي‌ الليل‌ والنهار. أنـّها تدلّ علي‌ منتصف‌ الليل‌ ومنتصف‌ النهار فقط‌، بينما نري‌ أنّ عملنا يبدأ من‌ أوّل‌ الغروب‌، فما جدوي‌ بداية‌ منتصف‌ الليل‌ لنا ؟ مضافاً إلی ذلك‌ فإنّ الساعة‌ الواحدة‌ تعني‌ الواحدة‌ صباحاً، بينما قد مضي‌ علي‌ أوّل‌ الليل‌ ساعات‌ أكثر، والساعة‌ الواحدة‌ لا تعني‌ الساعة‌ الواحدة‌ حينئذٍ.

 والصبح‌ بالنسبة‌ إلی الإنسان‌ المسلم‌ عبارة‌ عن‌ أوّل‌ الفجر الصادق‌ أو أوّل‌ طلوع‌ الشمس‌، وبعد ذلك‌ يبدأ يومه‌، لا أنّ يومه‌ يبدأ من‌ منتصف‌ الليل. فبداية‌ منتصف‌ الليل‌ للاشخاص‌ الذين‌ لا يفرّقون‌ بين‌ الليل‌ والنهار وبداية‌ كلّ واحد منهما ونهايته. إذ إنّهم‌ قسّموا الساعات‌ الاربع‌ والعشرين‌ إلی قسمين‌ كلّ منهما اثنتا عشرة‌ ساعة‌، بداية‌ منتصف‌ النهار، ومنتصف‌ الليل‌، شأنهم‌ بذلك‌ كغير المسلمين. وفي‌ هذه‌ الحالة‌ فإنّ ما بعد الساعة‌  12  ليلاً يعود إلی غد تلك‌ الليلة‌، ومنتصف‌ الليل‌ بعد ذلك‌ اليوم‌ إلی الساعة‌  12  يعود إلی اليوم‌ نفسه‌ أيضاً. أي‌ : أنّ كلّ يوم‌ كامل‌ يتألّف‌ من‌ منتصفي‌ ليل‌ مقدّم‌ ومؤخّر. ولهذا يقولون‌ : ليلة‌ الثلاثاء، ومساء الثلاثاء، أي‌ : ليلة‌ سابقة‌ وليلة‌ تالية.

 أمّا في‌ ضوء الشهور القمريّة‌ فإنّ لليوم‌ ليلة‌ كاملة‌ حتماً، وتلك‌ الليلة‌ تسبق‌ نهار ذلك‌ اليوم‌، فلا يحدث‌ خطأ في‌ الحساب‌، فليلة‌ الثلاثاء تعني‌ الليلة‌ التي‌ تسبق‌ يوم‌ الثلاثاء، والليلة‌ الرابعة‌ عشرة‌ من‌ شهر رمضان‌ تعني‌ الليلة‌ التي‌ تلي‌ اليوم‌ الثالث‌ عشر منه‌، وهكذا ؛ وجميع‌ الاحكام‌ والواجبات‌ المقرّرة‌ لليإلی، هي‌ لليإلی التي‌ تسبق‌ النهار، وتبدأ من‌ أوّل‌ الليل‌، أي‌ : الساعة‌  12 ، أوّل‌ التوقيت‌ المسائي‌ّ.  ] التوقيت‌ يبدأ من‌ الغروب‌ [

 ولكن‌ لمّا كانت‌ ساعات‌ التوقيت‌ الظهري‌ّ  ] الظهر بداية‌ التوقيت‌ [  متداولة‌ في‌ البلدان‌ الغربيّة‌، فإنّ حكومات‌ البلدان‌ الإسلاميّة‌ وقّتت‌ ساعاتها تدريجيّاً علي‌ أساس‌ ساعة‌ غرينتش‌ الزواليّة. وسارت‌ الشعوب‌ شيئاً فشيئاً علي‌ نهج‌ حكوماتها. إذ وقّت‌ الناس‌ الساعات‌ في‌ بيوتهم‌ حسب‌ التوقيت‌ الظهري‌ّ، وذلك‌ من‌ أجل‌ الاستماع‌ إلی المذياع‌ وغيره‌ حيث‌ تستعمل‌ الساعات‌ الزواليّة‌، ومن‌ أجل‌ إرسال‌ أطفالهم‌ إلی المدارس‌، والذهاب‌ إلی الدوائر. في‌ حين‌ أنـّهم‌ يحصلون‌ علي‌ فوائد أكثر إذا استعملوا  التوقيت‌ المسائي‌ّ  ] الغروب‌ بداية‌ التوقيت‌ [ .

 وكانت‌ ساعة‌ التوقيت‌ الظهري‌ّ تسمّي‌ الساعة‌ الإفرنجيّة‌  ] الاجنبيّة‌ [ ، أو الإنجليزيّة‌، أمّا ساعة‌ التوقيت‌ المسائي‌ّ فتسمّي‌ : الساعة‌ الشرعيّة‌

[84] ينبغي‌ أن‌ نعلم‌ أنّ جميع‌ المسلمين‌ في‌ العالم‌، منذ عصر صدر الإسلام‌ وإلی الآن‌، جعلوا بداية‌ تأريخهم‌ هجرة‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ من‌ مكّة‌ المكرّمة‌ إلی المدينة‌ المنوّرة. وهذا القرار الذي‌ صادق‌ علیه‌ المجلسـان‌ يمثّل‌ خروجاً من‌ الصفّ الإسلامي‌ّ، وإعلان‌ الانفصال‌ عن‌ المسلمين‌ بعدم‌ الاهتمام‌ بشأن‌ رسول‌ الله. وذكر المسعودي‌ّ في‌ كتاب‌ «التنبيه‌ والإشراف‌» ص‌  195  إلی  240  : أنّ المسلمين‌ بعد الهجرة‌ كانوا يسمّون‌ السنين‌ بالحوادث‌ المهمّة‌ التي‌ تقع‌ فيها، ويصبح‌ ذلك‌ الاسم‌ علماً لها، فأطلقوا علي‌ السنة‌ الاُولي‌ : سنة‌ الهجرة‌، والثانية‌ : سنة‌ الامر، والثالثة‌ : سنة‌ التمحيص‌، والرابعة‌ : سنة‌ الترفيه‌، والخامسة‌ : سنة‌ الاحزاب‌، والسادسة‌ : سنة‌ الاستئناس‌، والسابعة‌ : سنة‌ الاستغلاب‌، والثامنة‌ : سنة‌ الفتح‌، والتاسعة‌ : سنة...، والعاشرة‌ : سنة‌ حجّة‌ الوداع‌، والحادية‌ عشرة‌ : سنة‌ الوفاة‌ ؛ ويقول‌ في‌ ص‌  252  : وفي‌ السنة‌  17  أو  18  شاور عمر الصحابة‌ حول‌ التأريخ‌، فكثر منهم‌ القول‌، فأشار علیه‌ أمير المؤمنين‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ أن‌ يؤرّخ‌ بهجرة‌ النبي‌ّ وتركه‌ أرض‌ الشرك. فجعلوا التأريخ‌ من‌ المحرّم‌، وذلك‌ قبل‌ مقدم‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌  ] وآله‌ [  وسلّم‌ إلی المدينة‌ بشهرين‌ واثني‌ عشر يوماً، لانـّهم‌ أحبّوا أن‌ يبتدئوا بالتأريخ‌ من‌ أوّل‌ السنة.

[85] معناه‌ : الملوك‌ مظهر لملك‌ الحقّ.

[86] وتعريبه‌ : السلطان‌ ظلّ الله‌، ومتي‌ انفصل‌ الظلّ عن‌ الذات‌ ؟

[87] العلاّمة‌ الوحيدي‌ّ نجل‌ الشيخ‌ أبو القاسم‌ رئيس‌ العلماء الكرمانشاهي‌ّ، ومن‌ أحفاد المرحوم‌ آية‌ الله‌ الشيخ‌ محمّد باقر الوحيد البهباني‌ّ. وكان‌ من‌ الطلاّب‌ الفضلاء في‌ النجف‌ الاشرف‌، ومن‌ تلاميذ أساتذة‌ بارزين‌ كالشيخ‌ ضياء الدين‌ العراقي‌ّ. وقيل‌ إنّه‌ حصل‌ علي‌ إجازات‌ متعدّدة‌ في‌ الاجتهاد من‌ مختلف‌ العلماء. وفي‌ سنة‌  1314  شمسي‌ّ ( 1935  م‌) حيث‌ أمر رضا شاه‌ بعقد مجالس‌ الضيافة‌ المختلطة‌، كان‌ هذا الرجل‌ وزوجته‌ من‌ المدعوّين‌ في‌ كرمانشاه. وكان‌ المضيّف‌ هو السيّد أصغر شاه. وبينما حضر مدير شرطة‌ المدينة‌ وكثير من‌ المدعوّين‌ مع‌ زوجاتهم‌ السافرات‌، دخل‌ العلاّمة‌ الوحيدي‌ّ، وكان‌ يعتبر أحد العلماء، دخل‌ بزي‌ّ علماء الدين‌ مع‌ زوجته‌ ونظم‌ قصيدة‌ طويلة‌ قرأها في‌ ذمّ الحجاب‌ مطلعها : «به‌ شرع‌ أحمد مرسل‌ حجاب‌ لازم‌ نيست‌» يعني‌ : «لا ضرورة‌ للحجاب‌ في‌ شريعة‌ أحمد المرسل‌». ثمّ تعرّض‌ إلی مدح‌ البهلوي‌ّ. وجاء بعدها إلی طهران‌ ونزع‌ العمامة‌ والجبّة‌ والعباءة‌ ولبس‌ البنطلون‌ ووضع‌ رباط‌ العنق‌، وحلق‌ لحيته. ولم‌ يألُ جهداً في‌ مؤازرة‌ الاُسرة‌ البهلويّة‌ حتّي‌ آخر عمره. وكان‌ من‌ وعّاظ‌ السلاطين. وأحد أعضاء مجلس‌ الشيوخ‌ والنوّاب‌ مدّة‌ طويلة‌ إلی أن‌ نزلت‌ علي‌ رأسه‌ صاعقة‌ وذاق‌ جزاء أعماله‌ المشينة.  وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم‌ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن‌ دَارِهِمْ حَتَّي‌' يَأْتِيَ وَعْدُ اللَهِ إِنَّ اللَهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ  (الآية‌  31 ، من‌ السورة‌  13  : الرعد). وعاش‌ الوحيدي‌ّ حياة‌ الترف‌ طيلة‌ الحكم‌ البهلوي‌ّ الجائر الذي‌ امتدّ لخمسين‌ سنة. وباع‌  دينه‌ وشرفه‌ لاجل‌ دنياه. وأصبح‌ في‌ زمرة‌ المستجدين‌ والوصوليّين‌ النفعيّين‌ المجتمعين‌ علي‌ مائدة‌ الظلمة‌ الملطّخة‌ بالدم‌ إلی أن‌ صار هدفاً لرصاصة‌ الغيب‌ الإلهي‌ّ  خائباً قد خَسِرَ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةَ ذَ   لِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ، وإذا به‌ يهوي‌ في‌ جهنّم‌ بغتة‌، فيُحشر مع‌ مواليه‌ ؛  الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِن‌ بَعْضٍ . وهذا هو الجزاء الدنيوي‌ّ، فماذا سيكون‌ الجزاء الاُخروي‌ّ،  وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلاَّ الْمَوْتُ لَكَفَي‌، كَيْفَ وَمَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَعْظَمُ وَأَدهَي.

[88] الآية‌  207 ، من‌ السورة‌  2  : البقرة.

[89] الآيات‌  204  إلی  206 ، من‌ السورة‌  2  : البقرة.

[90] «الغدير» ج‌  2 ، ص‌  101 ، عن‌ «تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌  5 ، ص‌  229 ، و «الكامل‌» لابن‌ الاثير، ج‌  3 ، ص‌  117  ؛ و «شرح‌ ابن‌ أبي‌ الحديد» ج‌  2 ، ص‌  24 .

[91] ـ  الآية‌  67 ، من‌ السورة‌  21  : الانبياء.

[92] الآية‌  24 ، من‌ السورة‌  10  : يونس.

[93] الآية‌  17 ، من‌ السورة‌  41  : فصّلت.

[94] استشـهد المرحوم‌ المطهّـري‌ في‌ الخامـس‌ من‌ جمادي‌ الآخرة‌ سنة‌ 1399  ه الموافق‌  12  أُرديبهشت‌ سنة‌  1358 .

[95] كانت‌ وفاته‌ في‌ صباح‌ يوم‌ الاحد  18  محرّم‌ الحرام‌ سنة‌  1402  ه قبل‌ الظهر بثلاث‌ ساعات. وأرجي‌ تشييع‌ جثمانه‌ الطاهر إلی اليوم‌ التالی ريثما يطّلع‌ الاخيار والابرار في‌ المدن‌ الاُخري.

      
  
الفهرس
  المقدّمة‌
  مسير رسول‌ الله‌ من‌ مكّة‌ إلي‌ عرفات‌
  تحقيق‌ حول‌ صلاة‌ الظهر التي‌ أُقيمت‌ في‌ عرفات‌
  خطبة‌ النبي‌ّ الاكرم‌ في‌ مني‌
  تفسير الا´ية‌ التي‌ تبيّن‌ حرمة‌ النسي‌
  كلام‌ وتفسير «مجمع‌ البيان‌» و«أبي‌ السعود» في‌ ا´ية‌ النسي‌
  الروايات‌ الواردة‌ في‌ تفسير النسي‌ء بتأخير الاشهر الحرم‌
  الروايات‌ الواردة‌ في‌ تفسير آية‌ النسي‌ء بدوران‌ الشهور
  كلام‌ الفخر الرازي‌ّ في‌ تفسير آية‌ النسي‌ء
  كلام‌ الفخر الرازي‌ّ في‌ إقدام‌ العرب‌ علي‌ عمل‌ الكبس‌
  كلام‌ البيروني‌ّ حول‌ نسي‌ء السنة‌ القمريّة‌ بالشمسيّة‌
  كلام‌ أبي‌ معشر البلخي‌ّ حول‌ النسي‌ء والكبس‌ عند العرب‌
  للنسي‌ء معني‌ عامّ ويشمل‌ كلا النوعين‌
  عدم‌ شرعيّة‌ استبدال‌ الشهور الشمسيّة‌ بالقمريّة‌
  تأريخ‌ الاءسلام‌ تأريخ‌ قمري‌ّ
  يجب‌ أن‌ يكون‌ تأريخ‌ جميع‌ المسلمين‌ في‌ العالم‌ هجري‌ّ قمري‌ّ
  إلید الاجنبيّة‌ في‌ تغيير التأريخ‌ الاءسلامي‌ّ
  استبدال‌ السنين‌ الشمسيّة‌ بالقمريّة‌ في‌ الدورة‌ الثانية‌ لمجلس‌ النوّاب
  استبدال‌ السنين‌ الفارسيّة‌ القديمة‌ بالشمسيّة‌ في‌ الدورة‌ الخامسة‌
  أسماء الشهور الفارسيّة‌ القديمة‌ موافقة‌ لاسماء الملائكة‌ في‌ دين‌ المجوس‌
  استبدال‌ السنين‌ الشاهنشاهيّة‌ بالسنين‌ الهجريّة‌
  الجمع‌ بين‌ التأريخ‌ القمري‌ّ والتأريخ‌ الشمسي‌ّ غير صحيح
  إحياء المناسبات‌ علي‌ أساس‌ التأريخ‌ القمري‌ّ
  نماذج‌ من‌ التواريخ‌ الشمسيّة‌ المختلفة‌
  فوائد و منافع‌ الشهور القمريّة‌

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی