معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات العلامة الطهراني > محاضرات متعددة > بعض شروط المجتهد المرجع

_______________________________________________________________

هو العليم

بعض شروط المجتهد

 

ألقى هذه المحاضرة
سماحة العلاّمة آية الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني
رضوان الله عليه

في مسجد القائم في طهران

في شهر رمضان من عام 1398 هجري قمري

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف                                           تحميل الملف الصوتي للمحاضرة

أعوذ باللهِ من الشّيطانِ الرّجيم‏
بسم الله الرّحمن الرّحيم‏
و صلى اللهُ علَى مُحمّدٍ و آلهِ الطاهِرين‏
و لَعنَة الله علَى أعدائِهم أجمَعين‏

إنّ من ضروريّات الدين الإسلاميّ كون القوانين و الأحكام الإسلاميّة أبديةً؛ بمعنى أنّها غير قابلة للنسخ و التغيير، فلا يمكن لأيّ حكم أو قانون سماويّ أو غير سماويّ حتّى قيام الساعة أن ينسخ حكم الإسلام و يحلّ محلّه.
و قد ورد في الحديث المرويّ عند الشيعة و السنّة عن الرسول الأكرم صلّى الله عليه و آله و سلم أنّه: «حلال محمّد حلالٌ إلى يوم القيامة، وحرام محمّد حرامٌ إلى يوم القيامة».
فيجب على الناس في زمن حضور الإمام أن يأخذوا أحكامهم من نفس الإمام و يسألوه عمّا يحتاجون إليه، و ذلك في حالة قدرتهم على الوصول إلى الإمام عليه السلام؛ و إلاّ فإن لم يكن بإمكانهم الوصول إلى الإمام و سؤاله بشكل مباشر، فيجب عليهم أن يرجعوا إلى نوّاب الإمام و الأفراد الذين يمتلكون قوّة الاجتهاد، و يستطيعون أن ينظروا بأنفسهم في كتاب الله و سنّة رسوله و الروايات الواردة عن الأئمّة من بعده ليستنبطوا منها حكم الله تعالى في الوقائع المختلفة. و من هنا يظهر أنّ باب الاجتهاد مفتوح حتّى في زمان حضور نفس الإمام.
و ذلك أنّه في زمان الأئمّة عليهم السلام كالإمام زين العابدين، و الإمام الحسن ، و الإمام موسى بن جعفر ـ سلام الله عليهم و على سائر الأئمةّ أجمعين ـ لم يكن بإمكان الناس في جميع أقطار العالم الإسلامي أن يصلوا دائماً إلى الإمام ، و لكنّهم كانوا يرجعون بأمر الإمام نفسه في كلّ بلد و في كلّ مدينة إلى عالم تلك المدينة الذي كان حائزاً على الشرائط اللازمة لاستنباط الأحكام الشرعيّة، فكان ذلك العالم ـ بإمضاء الأئمّة و إذنهم ـ يقوم باستنتاج حكم الله تعالى من كتاب الله و سنّة رسوله [و روايات الأئمّة عليهم السلام] ، ثمّ يبيّن ذلك للناس.
و الأمر في زمان الغيبة لا يختلف عن زمان الحضور من هذه الناحية؛ إذ على الأفراد الذين لا يمكنهم أن يصلوا إلى إمامهم بشكل مباشر أن يرجعوا إلى العلماء الأتقياء الجامعين للشرائط ليأخذوا أحكام الدين منهم؛ أمّا لو أدّى المكلّف أعماله بدون الرجوع إلى أهل الخبرة في هذا المجال أي إلى المجتهد الجامع للشرائط، فإنّ عمله سيكون باطلاً.
إنّ أولئك الأفراد المعيّنين من قبل الإمام لكي يرجع إليهم الناس و يقلّدوهم، يجب أن يكونوا قد وصلوا أوّلاً إلى مرتبة الاجتهاد؛ يعني ينبغي أن يكون علمهم غزيراً ، و قدرتهم الذهنيّة قويّة ، و فكرهم و نظرهم حادّاً و دقيقاً ، و أن يكون عندهم ملكة قدسيّة إلهيّة حتّى يتمكّنوا من النظر في الآيات القرآنيّة و الأخبار الواردة (الأخبار المطلقة و المقيّدة ، و العامّة و الخاصّة، و المجملة و المبيّنة.. والأخبار التي جاءت لبيان الحكم الواقعي، و الأخبار التي وردت بسبب التقيّة) ، فيستنبطون حكم الله من خلال جميع هذه الأخبار التي كثيراً ما يقع التعارض بينها من حيث الدلالة؛ و هذا ما يسمّى بـ "ملكة الاجتهاد".
و بالإضافة إلى ذلك ينبغي لهذا العالم أن يكون من أهل العدالة؛ أي أن يكون عادلاً و ليس من أهل الفسق و الفجور و الذنوب.
بل الأمر أعلى من ذلك؛ إذ ينبغي له أن يكون مخالفاً لهوى نفسه مطيعاً لأمر مولاه، و ذلك يعني ألاّ يكون طالباً للرئاسة و الزعامة، فلا يدعوَ الناس إلى تقليده بهدف الوصول إلى الرئاسة و السلطة، و يجب أن يكون عبداً مطيعاً لأمر الله مائة بالمائة، و أن يحفظ نفسه بالتجاوز عن الآراء الشيطانيّة و الخاطرات النفسانيّة ، و أن تكون أعماله و نواياه و أفكاره جميعاً خالصة لوجه الله تعالى.
كما لا بدّ في مقام الفتوى أن يكون المفتي رجلاً ذكراً، فالمرأة لا يمكن لها أن تصدر الفتاوى. نعم، إذا وصلت المرأة إلى مرحلة الاجتهاد، فيحرم عليها أن تقلّد غيرها، و يجب عليها أن تعمل طبقاً للأحكام التي تتوصّل إليها بنفسها من خلال إعمال النظر و الاستنباط من الأدلّة، فرأيها حجّة على نفسها و لكنّه ليس حجّة على الآخرين حتّى النساء منهم.
فبناء على ذلك يجب على الأفراد الذين لا يمكنهم الوصول إلى إمامهم (سواء كان سبب ذلك هو غيبة الإمام ، أو تغييب الإمام في السجن كما في عهد الإمام الكاظم عليه السلام حيث كان محبوساً في سجن بغداد، أو أن يكون الإمام في المدينة المنوّرة ، فلا يتمكّن أهالي المناطق الأخرى من الوصول إليه) و هم أنفسهم ليس عندهم ملكة الاستنباط بحيث يستنتجون الأحكام من كلمات الإمام و كتاب الله و سنّة رسوله بأنفسهم.. يجب على هؤلاء أن يرجعوا إلى العلماء الشيعة الإماميّة الإثني عشريّة الذين هم من الذكور و من أولاد الحلال (ليسو من أبناء الزنا) و عندهم ملكة الاجتهاد و ملكة العدالة، و فوق ذلك يمتلكون نفساً قدسيّة بحيث يقدرون تطبيق الأحكام على موضوعاتها تاركين لهوى النفس و تسويلاتها، و يقلّدهم الناس في الأحكام الشرعيّة.
هذه هي الشرائط التي إذا توفّرت في شخص فإنّه يسمّى «المجتهد الجامع للشرائط»؛ و مثل هذا الشخص يمكن له أن يفتي الناس ، و رأيه حجّة بالنسبة للأفراد الذين لم يصلوا على هذه المرحلة، و الرجوع إلى غيره حرام ؛ سواء رجع الإنسان إلى علماء السنّة ، أو إلى علماء الشيعة الذين لم يصلوا إلى درجة الاجتهاد و لكنهم مع ذلك يُبدون رأيهم و نظرهم في الأحكام، أو إلى من وصل إلى درجة الاجتهاد و لكنّه ليس بعادل، أو أن يكون عنده الدرجة العادية من العدالة الظاهرية دون أن يكون تاركاً لهوى نفسه، أو أن لا يكون رجلاً ذكراً .. كلّ هؤلاء لا يجوز تقليدهم في أخذ الأحكام و لا الرجوع إليهم في فصل الخصومات و النزاعات.
لنفرض أن شخصين تنازعا في مِلكٍ من الأملاك ، أو في مالٍ أو ماء أو صناعة أو تجارة أو نكاح أو طلاق... أو في أي موضع يقع فيه نزاع و خصومة بين شخصين ، فإن الواجب أن يكون الذي يتولّى حلّ النزاع بينهما هو مجتهدٌ جامع للشرائط؛ و إلاّ فإن لم يرجعوا إلى المجتهد الجامع للشرائط و لجؤوا إلى حكم آخر فجعلوه نافذاً عليهم فقد ارتكبوا أمراً محرّماً.
فالمسلمون يحرم عليهم إذا وقعت بينهم خصومة أو نزاع أن يرجعوا إلى المحاكم التي لا تحكم بناء على أحكام الإسلام، أو تلك التي يكون حكمها على أساس الإسلام لكن لا يكون القاضي مجتهداً عادلاً جامعاً للشرائط.
و في رواية أوردها المشايخ الثلاثة (يعني المرحوم الشيخ الكليني، و المرحوم الشيخ الطوسي، و المرحوم الشيخ الصدوق) في كتبهم باسم «مقبولة عمر بن حنظلة».. جُعل الرجوع إلى أمثال هؤلاء في حدّ الشرك بالله تعالى. و سوف نقرأ فقرات من تلك الرواية القيّمة بمقدار الحاجة؛ لأنّ الرواية طويلة و مفصلة جدّاً و الهدف من ذلك أن نتعرّف على واجبنا و تكليفنا.
عن عمر بن حنظلة (الذي كان من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام) قال:
سَألتُ أبا عَبدِ الله علَيه السّلام عَن رَجُلَينِ مِن أصحابِنا يَكونُ بَينَهُما مُنازَعَة في دَيْنٍ أو ميراثٍ فتَحاكَما إلى السُّلطانِ أو إلى القُضاة، أيَحِلُّ ذَلِكَ؟
قالَ عَليه السّلام: «مَن تَحاكَمَ إلَيهِم في حَقٍّ أو باطِلٍ فإنّما تَحاكَمَ إلى الطّاغُوت، وَ ما يُحكَمُ لَهُ فإنّما يَأخُذُهُ سُحْتًا و إن كانَ حَقُّه ثابِتًا! لأنّهُ أخَذَ بحُكمِ الطّاغُوتِ و إنّما أمَرَ اللهُ أن يُكفَرَ بِهِ؛ قالَ اللهُ تعالى:{ يُريدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِه‏}»[1]
قُلتُ: فكَيفَ يَصنَعان؟
قَالَ: «يَنظُران مَن كانَ مِنكُم مِمَّن قَد رَوَى حَدِيثَنا و نَظَرَ في حَلالِنا و حَرامِنا و عَرَفَ أحكامَنا فَلْيَرضَوا به حَكَمًا، فإني جَعَلتُهُ علَيكُم حاكِمًا؛ فَإذا حَكَمَ بِحُكمِنا فَلَم يُقبَلْ مِنهُ فَإنّما بحُكمِ اللهِ استَخَفَّ و علَينا قد رَدَّ! و الرّادُّ عَلَينا الرّادُّ علَى الله و هُوَ علَى حَدِّ الشِّركِ بِالله! ».

و كذلك يوجد رواية أخرى واردة في كتاب «الاحتجاج» ينقلها الشيخ الطبرسيّ عن تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام، و هي رواية مفصّلة جدّاً يرويها عليه السلام عن جدّه الإمام الصادق عليه السلام.
و هذه الرواية عجيبة جدّاً و شريفة جدّاً حتّى أن الشيخ الأنصاري يعبّر عنها في كتاب الرسائل بأنّها «يلوح منها آثار الصدق» [2]؛ يعني أنّ هذا الخبر لا يحتاج إلى البحث في سنده و التأكّد من صحّة السند و سقمه؛ و ذلك لأنّه من الواضح أنّ هذه المطالب قد صدرت من معدن الولاية فآثار الصدق مشهودة في نفس متن الرواية و بالتالي فلا حاجة لمراجعة السند.
إنّ الرواية مفصّلة و طويلة جدّاً، و قد نقلها الشيخ في «الرسائل» و لكنّ أصلها موجود بمزاياه الكاملة في «الاحتجاج» الشيخ الطبرسي ، لكنّ الشيخ الأنصاري نقل الرواية دون تلك الزيادات، و ذلك حتّى يصل إلى حيث يقول الإمام الصادق عليه السلام:
«فأمّا مَن كانَ مِنَ الفُقَهاء: صائِنًا لِنَفْسِهِ (من تسويلات الشيطان و هوى النفس الأمّارة)، حافِظًا لِدِينِه (من تلاعب الشيطان و الآراء الباطلة و النيّات السيّئة)، مُخالفًا علَى هَواهُ، مُطِيعًا لأمرِ مولاه، فَلِلعَوامِ أن يُقَلِّدُوهُ».
هل التفتّم؟
صلّوا على محمّد و آل محمّد.

 


[1] ـ قسم من الآية 60 من سورة النساء

[2] ـ جاء في فرائد الأصول ـ "الرسائل" ، ج 1، ص 141: دلّ هذا الخبر الشريف اللاّئح منه آثار الصدق...

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی