معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات العلامة الطهراني > كتاب رسالة المودة > رسالة المودة – المجلس السادس: تتمّة لزوم مودة القربى في الآيات والروايات

_______________________________________________________________

هو العليم

رسالة في مودّة ذوي القربى

تفسير آية:
{قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى}

والقربان الأوّل: حضرة الزهراء وابنها المحسن سلام الله عليهما


المجلس السادس
خلاصة محاضرة يوم الجمعة 23 جمادى الأولى
سنة 1391 هجريّة قمريّة

من مؤلفّات العلاّمة الراحل

آية الله الحاجّ السيّد محمّد الحسين الحسيني الطهراني قدس الله نفسه الزكيّة

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف                                           تحميل الملف الصوتي للمحاضرة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين
ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم

قال الله الحكيم في كتابه الكريم :
{قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبى‏ وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى‏ قَلْبِكَ وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إنّه عَليمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ * وَ هُوَ الَّذي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُو عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ * وَ يَسْتَجيبُ الَّذينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ يَزيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَ الْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَديدٌ}
(الآيات: الثالثة والعشرون إلى السادسة والعشرين من سورة الشورى, السورة الثانية والأربعين من القرآن الكريم)
نقلنا فيما سبق ما ورد في تفاسير عديدة من طريق السنّة والشيعة في تفسير آية المودّة, وصار معلوماً وواضحاً بدون أدنى شكٍّ أنّ المراد بالقربى في هذه الآية أمير المؤمنين وفاطمة والحسنين عليهم السلام.

    

نزر من الروايات في تفسير القربى

يقول المرحوم القاضي الشهيد السيّد نور الله الشوشتري: روى الجمهور في الصحيحين، وأحمد بن حنبل في مسنده، والثعلبيّ في تفسيره، عن ابن عبّاس رحمه الله، قال: لمّا نزلت {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبى}، قالوا: يا رسول الله! مَن قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: عليّ وفاطمة وابناهما.[1]
ووقد أورد العلاّمة الخبير آية الله المرعشي مُدّ ظلّه[2] في تعليقته على آية المودّة أنّ هناك خمساً وخمسين عالماً من أعاظم المحدّثين والمفسّرين والمتكلّمين من أهل السنّة قد نقلوا في كتبهم بأسانيدهم أنّ آية المودّة لذوي القربى منحصرةٌ في دلالتها على أمير المؤمنين وفاطمة والحسنين عليهم السلام. وفسّروا الآية المُباركة بوجوب المودّة لهم، وذلك من باب الأجر على الرسالة.[3]
كما ورد كذلك في كتاب (ملحقات الإحقاق) أنّ عدد العلماء الذين نقلوا ذلك يبلغ أربعاً وستّين عالماً.[4]
ويقول ابن صبّاغ المالكي: ولله درُّ القائل إذ قال:
هُمُ العُروةُ الوُثقى لِمُعتَصِمٍ بِها
                             مَناقِبُهم جَآءَتْ بِوحيٍ وإنزالِ


مَناقبُ في شورى وسورةِ هَل أتَى
                             وفي سورةِ الأحزابِ يَعرفُها التّالي


وهُمْ آلُ بيتِ المُصطفى فَوِدادُهم
                             على النّاس مَفروضٌ بِحكمٍ وإسجالِ[5]


وينقل الشبلنجي أنّ أبا الحسن بن جبير قد أنشد :
أحبُّ النبيَّ المُصطفى وابنَ عمِّهِ
                             عليّاً وسِبطَيهِ و فاطمةَ الزَّهرا


هُم أهلُ بيتٍ أُذهبَ الرجسُ عنهُمُ
                             وأطلَعَهُم أُفقُ الهُدى أنجُماً زُهرا


مُوالاتهُم فَرضٌ على كلِّ مُسلمٍ
                             وحُبُّهمُ أسنَى الذَّخائر للاُخرَى


ومَا أنا للصَّحبِ الكرامِ بمُبغضٍ
                             فإنّي أرَى البغضاءَ في حقِّهِم كُفرا[6]



وقد أورد الثعلبيّ في كتاب الكشف والبيان في تفسيره لـ {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقيم} أنّ مُسلمَ بن حيّان يقول: لقد سمعت أبا بريدة يقول: صراط محمّد وآله. [7]
ويروي الحموينيّ في (فرائد السمطين) بإسناده عن أصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال في تفسير قوله تعالى {وَ إِنَّ الَّذينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ}[8]: «الصِّراط: وِلايتنا أهلَ البيت». [9]
كما ويروي الحموينيّ في الفرائد عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنّه قال: «نحن خيرة الله ونحن الطّريق الواضح المستقيم». [10]
وقد ورد في «ذخائر العقبى» عن أبي سعيد أنّه روى بإسناده، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: «أنا وأهل بيتي شجرة في الجنّة وأغصانها في الدنيا فمن تمسّك بنا اتّخذ إلى ربّه سبيلاً». [11]
وأورد العلاّمة المرعشيّ في تعليقته على «إحقاق الحقّ» ، أنّ العلامة الحافظ ابن كثير الدمشقيّ المُتوفّى سنة 774 روى في تفسيره فقال: قال الإمام أحمد: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي حيّان التيمي، حدّثني يزيد بن حيّان، قال: انطلقت أنا وحصين بن ميسرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم رضي الله عنه، فلمّا جلسنا إليه، قال حُصين: لقد لقيتَ يا زيد خيراً كثيراً؛ رأيتَ رسول الله صلّى الله عليه وآله، وسمعتَ حديثه، وغزوتَ معه، وصلّيتَ معه. حدّثنا يا زيد ما سمعتَ من رسول الله صلّى الله عليه وآله. فقال: يا ابن أخي! كبر سنّي، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلّى الله عليه وآله، فما حدّثتكم فاقبلوه ومالم أحدّثكم فلا تكلّفونيه، ثمّ قال رضي الله عنه: قام رسول الله صلّى الله عليه وآله يوماً خطيباً فينا بماءٍ يُدعى خُمّاً بين مكّة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ، ثمّ قال صلّى الله عليه وآله: «أمّا بعد، أيّها الناس! إنّما أنا بشرٌ يُوشك أن يأتيني رسول ربّي فأجيب، وإنّي تاركٌ فيكم الثقلين أوّلهما كتاب الله تعالى فيه الهُدى والنور، فخذوا بكتاب الله فاستمسكوا به فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه، وقال صلّى الله عليه وآله: وأهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي...» ـ الخ.[12]
وقال ابن حجر في الصواعق: لقد حدّث الديلمي عن أبي سعيد الخدريّ أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال: {وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ} عَن وِلاية عليّ. [13]
ومن المحتمل أن يكون هذا المعنى نفس المراد حيث ورد هناك أنّه: رُوي أنّ المراد في {وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ} ولاية عليٍّ وأهلُ بيته عليهم السلام. [14]
ويُروى عن جابر بن عبد الله أنّه قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وقال: يا محمّد! اعرض عليّ الإسلام فقال: تشهّد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله. قال: تسألني عليه أجراً ؟! قال: لا إلاّ المودّة في القربى. قال: قرابتي أو قرابتك ؟! قال: قرابتي. قال: هات، أبايعك، فعلى من لا يحبك ولا يحب قرابتك لعنة الله. فقال النبي صلى الله عليه وآله: آمين. [15]
ورُوي عن ابن عباس أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال: «لو أنّ رجلاً صَفَنَ[16] بين الرُكن والمقام، ثمّ لقيَ الله وهو مبغضٌ لأهل بيت محمّدٍ دخل النار».[17]
ونقل الحاكم هذا الحديث في مستدركه وصحّح إسناده وكذلك صحّحه الذهبي في تلخيصه.
وروى الطبرانيّ أيضاً في «الأوسط» عن طريق أبي ليلى عن سيّد الشهداء عليه السلام، عن جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «الزموا مودّتنا أهل البيت فإنّه من لقي الله عزّ وجلّ وهو يودّنا دخل الجنّة بشفاعتنا, والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلاّ بمعرفة حقّنا». [18]
وقد روى مثله الحافظ السمّان في كتاب «الأمالي» بإسناده عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «لو أنّ عبداً عَبَدَ الله سبعة آلاف سنةٍ ـ وهو عمر الدنيا ـ ثمّ أتى الله عزّ وجلّ يُبغض علياً بن أبي طالب، جاحداً لحقه، ناكثاً لولايته؛ لأتعس الله خيره وجدع أنفه».[19]
وأخرج الخوارزمي في «المناقب» عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، أنّه قال لعليّ: «يا عليّ، لو أنّ عبداً عبد الله عزّ وجلّ مِثلَ ما قام نوح في قومه، وكان له مثل أحدٍ ذهباً فأنفقه في سبيل الله، ومدّ في عمره حتّى حجّ ألفَ عامٍ على قدميه، ثمّ قُتل بين الصفا والمروة مظلوماً، ثمّ لم يوالك يا عليّ؟ لم يشمّ رائحة الجنّة ولم يدخلها».[20]
وروى الخوارزمي مثله عن أم سلمة، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «يا أمَّ سلمة ! أتعرفينه؟! قلت: نعم، هذا عليٌّ بن أبي طالب. قال: صدقتِ، سَجيّته سجيّتي، ودمُه دمي، وهو عيبة علمي؛ فاسمعي واشهدي: لو أنّ عبداً من عباد الله عزّ وجلّ عَبدَ الله ألف عامٍ بين الركن والمقام، ثمّ لقي الله عزّ وجلّ مبغضاً لعليّ بن أبي طالب وعترتي، أكبّه الله تعالى على منخره يوم القيامة في نار جهنم».[21]
وأخرج ابن عساكر في تاريخه مسنداً عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، في حديثٍ: «يا عليّ! لو أنّ أمّتي صاموا حتّى يكونوا كالحنايا، وصلّوا حتى يكونوا كالأوتار، ثمّ أبغضوك؛ لأكبّهم الله في النار».[22]
و أخرج أبو عبد الله الملا في سيرته، عن ابن عباس: أنّه مرّ بعد ما كُفَّ بصره على قوم يسبُّون عليّاً فقال لقائده: ما سمعتَ هؤلاء يقولون؟ قال: سبّوا عليّاً! قال: رُدّني إليهم. فردّه، فقال: أيّكم السابُّ لله عزّ وجلّ؟! قالوا: سبحان الله من سبّ الله فقد أشرك. قال: فأيّكم السابُّ لرسول الله؟! قالوا: سبحان الله، ومن سبّ رسول الله فقد كفر.
قال: أيّكم السابُّ عليّ بن أبي طالب؟! قالوا: أمّا هذا فقد كان. قال: فأنا أشهد بالله وأشهد أنّي سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: «من سبّ علياً فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله عزّ وجلّ، ومن سبّ الله كبّه الله على منخريه في النار». ثمّ ولّى عنهم فقال لقائده:ما سمعتَهم يقولون؟ قال: ما قالوا شيئاً. قال: فكيف رأيت وجوههم إذ قلت ما قلت؟ قال:
نظروا إليك بأعين محمرّةٍ
                             نظر التيوس إلى شفار الجازر


قال: زدني فداك أبوك. قال:
خزر العيون نواكسٌ أبصارهم
                             نظر الذليل إلى العزيز القاهر



قال: زدني فداك أبوك. قال: ما عندي غير هذا. قال: لكن عندي:
أحياؤهم عارٌ على أمواتهم
                             والميتون فضيحةٌ للغابر[23] [24]

    

معاناة فاطمة: خيانة الأمّة في الوفاء بأجر الرسالة

ثمّ في النتيجة، ومع كل هذه التوصيات التي صدرت من جانب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم, نجد أنّ الأمّة ومنذ اليوم الأول لارتحاله قد وفّته أجر الرسالةأيّ وفاء؟! فقبل أن يدفن النبيّ ويكفّن تداعوا في سقيفة بني ساعدة على سلب الحكومة والرئاسة, ثمّ قاموا بالهجوم على بيت الولاية والطهارة.
يقول النظّام[25]: إنّ عُمَر ضرب بطن فاطمة عليها السلام يوم البيعة حتّى ألقت المُحسن من بطنها, وكان يصيح أحرقوها بمن فيها. وما كان في الدار غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين.[26]
لقد اجتمعت على فاطمة سلام الله عليها مصائب جمّة؛ فمن جهةٍ كانت تُدافع عن غصب مقام الولاية والخلافة الإسلامية وحرفها عن محورها الأصلي مع غاية الألم والمعاناة التي صاحبت ذلك.
يقول ابن قتيبة الدينوري: وخرج عليٌّ كرّم الله وجهه يحمل فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة, فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله, قد مضت بيعتنا لهذا الرجل, ولو أنّ زوجك وابن عمّك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به. فيقول عليّ كرّم الله وجهه: أفكنت أدع رسول الله صلى الله عليه وآله في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه؟! فقالت فاطمة: ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له, ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبه.[27]
ومن جهة أخرى, كانت تتعرّض للأذى والإهانة الواضحة، مضافاً إلى غصب فدك وسهمها من خيبر وسهمها من حقوق ذوي القربى, أضف إلى ذلك المخاصمات والمجدالات التي وقعت مع أبي بكر وعمر. غير أنّ الإرهاق الجسدي وإسقاط الجنين لم يُبقيا لها من حولٍ أو قوّةٍ. خاصّة أنّه مع فقدان أبٍ كرسول الله، جديراً بهذه الأمّة أن تحميها وأن لا تتركها وحيدةً, بل كان ينبغي أن تعمل على تعزيتها وتسليتها.
لكنّ هذه الأمّة وفت النبيّ أجر رسالته, حيث تركت الزهراء الصدّيقة وحيدة على سرير المرض بقلب حزين منكسر, فكما ورد في رواية ابن قتيبة أنّها لم تبق فى الدنيا بعد والدها أكثر من خمس وسبعين يوماً[28] أو في رواية ابن أبي الحديد أكثر من اثنين وسبعين يوماً.[29]
فقد آذوها إلى الحدِّ الذي لم تسمح لأبي بكر وعمر بالدخول عليها, إلى أن توسّطوا لدى أمير المؤمنين فيما بعد لعيادتها وزيارتها, فسلّموا عليها, فأدارت وجهها, ولم تردّ السلام مع أنّ ردّ السلام واجب على كلّ مسلم, ومن هنا صار معلوماً بأنها لم تعترف بإسلام أبي بكر وعمر.
يقول ابن قتيبة: بعد أن حملوا علياً إلى المسجد ولم يُبايع، ذهب بقلبٍ حزين إلى قبر النبيّ وجلس يبكي ويصيح عنده، فقال عُمَر لأبي بكر رضي الله عنهما: انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها؛ فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما, فأتيا عليّاً فكلّماه فأدخلهما عليها, فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط, فسلّما عليها فلم تردّ السلام.
ثم قال ابن قتيبة: بعد أن بدأ أبو بكر بالاعتذار بأنّني إنّما حرمتك من الإرث لأنّي سمعت رسول الله يقول: «لا نورّث، ما تركنا فهو صدقة».
فقالت: «أرأيتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم, تعرفانه وتفعلان به»؟! قالا: نعم. فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: «رضا فاطمة من رضاي و سخط فاطمة من سخطي, فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني, ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني, ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني»؟ قالا: نعم، سمعناه من رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.
قالت : «فإنّي أشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني, ولئن لقيت النبيّ لأشكونّكما إليه ... والله لأدعونّ الله عليك في كل صلاة أصلّيها»
.[30]
وقد نقلنا فيما مضى عن «أسد الغابة» أنّ فاطمة عليها السلام أوصت أن لا يدخل عليها أحدٌ, ولذا منعت أسماءُ عائشةَ عندما أرادت الدخول، رغم أنّها توسّلت بوالدها الخليفة آنذاك، وقالت له أسماء: هي أمرتني أن لا يدخل عليها أحد؛ وغسّلتها هي وعلي.[31]
ونقلنا مثله عن صحيح البخاري وأنّ عليّاً دفن فاطمة ليلاً وصلّى عليها بنفسه وأنّ أبا بكر لم يكن يعلم بذلك.[32]
ويقول عليّ بن برهان الدين الحلبي الشافعي: وقال الواقدي: وثبت عندنا أنّ عليّاً كرّم الله وجهه دفنها رضي الله عنها ليلاً وصلّى عليها ومعه العباس والفضل رضي الله عنهم, ولم يُعلموا بها أحداً.[33]
وينقل الحرّ العاملي في رجاله في رسالة بعنوان «رسالة في معرفة الصحابة» عن الكشّي، بإسناده المتصل عن زرارة، عن أبي جعفر، عن جدّه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، أنّه قال: «ضاقت الأرض بسبعة بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون, منهم سلمان وأبو ذر والمقداد وعمّار وحذيفة رحمة الله عليهم وأنا إمامهم, وهم الذين صلّوا على فاطمة».[34]


[1] ـ إحقاق الحق 3 (طبع الإسلامية) : 2.

[2] ـ كان آية الله المرعشي النجفي على قيد الحياة حين التصنيف، لذا آثرنا إبقاء النصّ على ماهو عليه. (م)

[3] ـ المصدر السابق: 2 إلى 18.

[4] ـ إحقاق الحق 9: من 92 إلى101.

[5] ـ الفصول المهمة: 11.

[6] ـ الغدير 2 : 311 (نقلاً عن كتاب نور الأبصار) .

[7] ـ المصدر السابق.

[8] ـ سورة المؤمنون، الآية: 74 .

[9] ـ الغدير 2 : 311.

[10] ـ المصدر السابق: 312.

[11] ـ المصدر السابق: 312.

[12] ـ إحقاق الحق 3 : 9.

[13] ـ سورة الصافات، الآية: 24 .

[14] ـ الغدير 2 : 310.

[15] ـ المصدر السابق: 307 , قال: وأخرجه الحافظ الكنجي في الكفاية ص 31 , من طريق الحافظ أبي نعيم عن محمّد بن أحمد بن مخلّد عن الحافظ ابن أبي شيبة بإسناده.

[16] ـ صفن الرجل: صفّ بين قدميه.

[17] ـ الغدير 2 : 301.

[18] ـ المصدر السابق , وقال: ذكر هذا الحديث الهيثمي في (المجمع) وابن حجر في (الصواعق) ومحمد سليمان محفوظ في (أعجب ما رأيت) والنبهاني في (الشرف المؤبّد) والحضرمي في (رشفة الصادي).

[19] ـ الغدير , قال: وذكره القرشي في (شمس الأخبار).

[20] ـ الغدير 2 : 302 ، ثمّ قال بعد الثاني: أخرجه الحافظ الكنجي بإسناده من طريق الحافظ أبي الفضل السلامي, ثمّ قال: هذا حديث سنده مشهور عند أهل النقل.

[21] ـ المصدر السابق.

[22] ـ المصدر السابق, ثمّ قال: وذكره الكنجي في (الكفاية)، وأخرجه الفقيه ابن المغازلي في (المناقب)، ونقله عن القرشي في (شمس الأخبار) ورواه شيخ الإسلام الحمويني في (الباب الأول). وقد روي في (المناقب) للخوارزمي بإسناده المتصل أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: حبّ عليٍ حسنةٌ لا تضر معها سيّئة وبغضه سيّئة لا تنفع معها حسنةٌ.لقد نقل عين هذه العبارة آغا جمال الدين الخونساري في (شرح الغرر والدرر للآمدي)، ج2 : 481 . وأيضاً العلاّمة الحلي في (منهاج الكرامة) خطّ عبد الرحيم, ص41 عن صاحب الفردوس، أنّه روى في كتابه عن معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وآله. (لقد أورد العلامة صاحب الكتاب قدس الله نفسه الزكيّة هذه الرواية في آخر صفحة ضمن الحاشية وذلك في النسخة الخطية ولكن للمناسبة أوردت هنا).

[23] ـ الغدير 2 : 299 ، ثمّ قال: وأخرجه محبّ الدين الطبري في (الرياض)، والكنجي في (الكفاية) ، وشيخ الإسلام الحمويني في (الفرائد) في الباب السادس والخمسين، وابن صبّاغ المالكي في (الفصول).

[24] ـ لقد نقل هذه القصة في الفصول المهمّة عن كتاب (كفاية الطالب في مناقب عليّ ابن أبي طالب) ، تأليف: الحافظ بن محمّد بن ريف محمّد الكنجي الشافعي.

[25] ـ هو رئيس الجماعة النظّاميّة اسمه نظّام بن سيّار بن هاني بن إبراهيم، ووفاته في سنة 230 هـ ، لقد قراء الكثير من كتب الفلاسفة, وبناءاً على نقل الشهرستاني ( في الجزء الأوّل, ص61 ) فقد خلط كلام الفلاسفة مع كلام المعتزلة.

[26] ـ الملل والنحل 1 (للشهرستاني) : 73.

[27] ـ الإمامة والسياسة 1 : 12.

[28] ـ الإمامة والسياسة 1 : 14.

[29] ـ شرح نهج البلاغة 16 (لإبن أبي الحديد) : 214.

[30] ـ الإمامة والسياسة 1: 13.

[31] ـ نهاية المجلس الرابع من هذا الكتاب.

[32] ـ

[33] ـ السيرة الحلبية: 399.

[34] ـ رسالة في معرفة الصحابة: 54 ( في أحوال حذيفة بن اليمان ) , وفي رجال الكشّي لم يذكر الشخص السابع لذلك لم يذكره الشيخ الحرّ العاملي هنا. وفي الاختصاص للشيخ المفيد ص 5 بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «قال أمير المؤمنين عليه السلام : خُلقت الأرض لسبعة؛ بهم ترزقون، وبهم تنصرون، وبهم تمطرون، منهم: سلمان الفارسي، والمقداد، وأبو ذر، وعمار، وحذيفة، وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: وأنا إمامهم، وهم الذين صلّوا على فاطمة صلوات الله عليها».

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی