معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > محطّات من السيرة النبوية ـ محرّم الحرام عام 1411 هـ > المحاضرة الثالثة: مرحلة الزواج
محطّات من السيرة النبويّة ـ المحاضرة الثالثة

_______________________________________________________________

هو العليم

محطّات من السيرة النبويّة

المحاضرة الثالثة

مرحلة الزواج

( زواجه من خديجة مكانتها لديه أميّته وعلمه محن السبايا والإمام السجّاد عليه السلام في مدينة الشام )

ألقى هذه المحاضرة باللغة الفارسية

سماحة آية الله السيّد محمّد محسن الطهراني حفظه الله

بعنوانه خطيباً حسينياً في مجلس عزاء الإمام الحسين عليه السلام
المُقام في شهر محرّم الحرام لعام 1411 هجرية قمرية

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف                                          

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله ربّ العالمين
و الصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا
أبي القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين المكرّمين
و اللعنة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ‏ * والضُّحى‏ * واللَّيْلِ إِذا سَجى‏ * ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وما قَلى‏ * ولَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى‏ * ولَسَوْفَ يُعْطيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏ * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتيماً فَآوى‏ * ووَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى‏ * ووَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى‏ * فَأَمَّا الْيَتيمَ فَلا تَقْهَرْ * وأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ * وأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}
{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ‏ *أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * ووَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * ورَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ * فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وإِلى‏ رَبِّكَ فَارْغَبْ}


لتعجيل فرج إمام الزمان عليه السلام، ورفع البلاء والمصائب عن شيعة أمير المؤمنين عليه السلام صلّوا على محمّد وآل محمّد.
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد.

    

اختيار خديجة للزواج من رسول الله

تحدّثنا يوم أمس عن خصوصيّات حضرة السيّدة خديجة سلام الله عليها وصفاتها البارزة، ووصل بنا الكلام إلى هذا الموضوع : أنّها سلام الله عليها كانت متوفّرة على جميع الإمكانات والقدرات المالية، كما كانت ذات مكانة اجتماعية رفيعة، ومع ذلك قبلتْ بالارتباط بالنبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله والحال أنّه كان مشهوراً بـ "يتيم بني هاشم"، نعم، هو كان معروفاً بين الناس بمكارم الأخلاق والمناقب الروحيّة والمعنويّة.
لقد حازت هذه المسألة على اهتمام خاصّ في حياة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله، فقد ورد في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال أنّ النبيّ الأكرم ذكر خديجة عليها السلام أمام عائشةـ التي هي إحدى زوجات النبيّ ـ فغضبت، وقالت للنبي: حتّى متى تذكر هذه العجوز، وقد أبدلك الله خيراً منها ؟ فغضب النبيّ وقال لها: ... إنّها قد آمنت بي عندما كفرتم، وصدّقتني عندما أعرضتم عنّي وكذّبتموني... [1]
كما أنّ السنّة أنفسهم ينقلون هذا المطلب عن عائشة أنّها قالت : ما غِرت من أحدٍ أبداً إلاّ عندما كان النبيّ يذكر خديجة، عندئذٍ فقط كنت أشعر بالغيرة والحسد لها ... وقد كان النبيّ ـ لمصالح يراها ويراعيها ـ كثيراً ما يذكر خديجة عليها السلام، وقد كان محقّاً في ذلك .. فمثلاً كان يذبح شاة قربة إلى الله تعالى ويهدي ثوابها إلى السيّدة خديجة، وكان يذكر ذلك علناً، أو كان يرسلها إلى أقارب خديجة وصديقاتها ممّا كان يحرّك غيرة بعض زوجاته غير الصالحات خصوصاً عائشة [2] . وبشكل عام، فإنّ رسول الله كان يحيي ذكر خديجة عليها السلام طوال حياته.
ينقل محمّد حسين هيكل في كتابه "حياة محمّد" مطلباً يوضّح هذا الأمر إلى حدّ ما، حيث يقول : كان النبيّ في كلّ سنة يذهب عدّة أيّام إلى غار حراء، ولم يكن ذلك مقصوراً على شهر رمضان حيث كان يقضي الشهر بأكمله هناك، بل إنّه كان يذهب إلى هناك كثيراً في بقيّة أيّام السنة. وقد كانت محبّة السيّدة خديجة للنبيّ وتعلّقها به شديداً بحيث يقلّ نظيره ؛ فهي ـ كما ذكرنا ـ قد قدّمت جميع أموالها للنبي صلّى الله عليه وآله، ثمّ قالت له :" أنا أمَتك "، كما أنّها شاركت النبيّ في جميع المشاكل والمصاعب التي واجهته، علماً أنّ المشاكل التي واجهت النبيّ لم تكن مشاكل عاديّة، بل كانت مشاكل شديدة إلى درجة لو أنّ واحداً بالمائة منها .. بل واحداً بالألف منها أصابنا لفارقنا الحياة من هولها !
إنّ السيّدة خديجة عليها السلام أقدمت على هذا الزواج وهي تعلم أنّه سيسبّب لها الهوان والاحتقار في قومها وعشيرتها، فأعمامها كانوا يحذّرونها من هذا الزواج ويعيّرونها به ( أرجو أن تلتفتوا بشكل كامل إلى هذه النكات المهمّة) ولم يؤيّد زواجها هذا من عائلتها إلا ابن عمّها ورقة بن نوفل، الذي كان من علماء النصارى وكان قد شاهد أوصاف النبيّ في الكتب، فشجّعها على الإقدام على هذا الزواج.
إضافة إلى ذلك، فإنّ امرأة كهذه لها تلك المكانة الاجتماعيّة بين قومها ـ بحيث أنّ كلّ واحد من أكابر قومها كان مستعدّا أن يقدّم ثروته كلّها مهراً لها ـ تركت كلّ ذلك، واختارت أن تتزوّج شابّاً لا يملك إلاّ الثوب الذي يلبسه! فلماذا اختارت الزواج منه ؟ اختارت ذلك من أجل الله تعالى .. يعني لو نظرنا إلى حياة السيّدة خديجة فلن نجد عاملاً آخر دفعها إلى قبول هذا الارتباط سوى التقرّب من الله تعالى، خصوصاً إذا لاحظنا أنّها كانت مطّلعة على جميع المصائب التي ستواجه النبيّ لاحقاً، إذ كانت كثيراً ما تقول للنبيّ قبل بعثته : أنا أعرف المصاعب التي ستواجهها في المستقبل .. لقد أخبروني بها جميعاً ؛ إنّ هؤلاء الكفّار سيؤذونك، وسيقف مشركو قريش في وجهك، ولكن عليك أن تبقى صابراً ثابتاً على مرامك ونهجك !
هل يوجد مثيل لهذه المرأة ؟! فالمشاكل والمصاعب التي تحمّلتها السيّدة خديجة منذ بعثة النبيّ صلّى الله عليه وآله كانت واقعاً في غاية الشدّة والصعوبة. وهذه هي المسألة التي جعلت النبيّ يكثر من ذكر هذه الزوجة الكريمة بالخير طوال حياته، وهي وقوفها إلى جانبه ومشاركتها له في مسيرته، وإلاّ فلو كانت كبقيّة زوجاته تفعل ما تريد وتمضي في الطريق الذي تشاؤه هي كما هو واضح لمن يراجع صفحات التاريخ ...

    

لزوم العمل بما نعتقد به من الحقّ (عفّة المرأة وكيفيّة الحجاب نموذجاً)

إذا اعتقد الإنسان أنّ المنهج الذي يؤمن به هو منهج صحيح، فلا معنى بعد ذلك لأن يخالف ذلك المنهج والمرام، ومسألة السيّدة خديجة ليست مختصّة بها لوحدها، فمواجهة المشاكل والمصاعب والصبر عليها وسعة الصدر والمثوبة التي يعطيها الله للإنسان جزاء على ذلك ليست أموراً مختصّة بالسيّدة خديجة، بل إنّ كلّ من يرى شخصاً ساعياً في طريق الخير وفي طريق الله سبحانه، فيساعده في ذلك ويؤيّده ـ بمقدار طاقته واستطاعته ـ فإنّ نفس ذلك سيكون من نصيبه !
طبعاً، المسائل المذكورة في حقّ السيّدة خديجة محفوظة في مكانها، ولكنّ كلامنا في أنّنا نزعم أنّنا من أتباع شريعة النبيّ والمطيعين له، ثمّ لا نترك خطأ ولا ذنباً إلاّ فعلناه، والحال أنّنا يجب أن نعلم أنّ كل شخص يسير في طريق الله ينبغي مساعدته و تأييده و دعمه...
فحتّى في أوساطنا نحن، وفي هذا الجمع الحاضر، فقد أخبرتني إحدى النساء : عندما أدعو إلى غطاء الوجه وأقول أن لبس "البوشيّة" أو النقاب لازم، فإنّ الجميع يخالفونني ويواجهونني .. جميع عائلتي وأقاربي يقفون بوجهي .. حتّى أولئك الأفراد الذين ينسبون أنفسهم إلى هذه المدرسة ويحضرون المجالس ويزعمون أنّهم مطيعون ومنقادون ومتابعون للحقّ، ولكن عندما يريد الإنسان أن يضع قدماً واحدة في طريق الحقّ والواقعية فإنّ المخالفة والاعتراض تبدأ فوراً، والحال أنّنا لو قلنا لها انزعي حجابك وعباءتك واخرجي بدون حجاب لما اعترض أحد من عائلتها أبداً ! وإذا قلنا لها عليك أن تتحرّكي في نفس الصراط الذي مشى فيه أولياء الله، فإنّهم يعترضون.
إنّ هذه مسائل بسيطة وجزئيّة، و مقام السيّدة خديجة أعلى بكثير من ذلك .. أعلى بكثير !! فطائر خيالنا لا يمكن له أن يصل إلى تلك القمّة العاليّة، ولكنّ المقصود من هذا الكلام أنّ ذلك المِلاك الذي دفع بالسيّدة خديجة إلى الارتباط بالنبيّ ينبغي أن نطبّقه نحن بعينه في حياتنا. وأنا قد ذكرت مرّة لأحد الأصدقاء أنّ السبب الذي يدفعنا إلى بيان هذه المسألة والدعوة إليها والإصرار عليها هو أنّنا قد وصلنا إلى هذه المدرسة وتوصّلنا إلى تلك النتيجة ؛ فماذا علينا أن نفعل إن كان هذا هو ما وجدناه في الكتب والروايات؟! فليتفضّل من عنده رأي مخالف وليبيّن لنا أنّ الحقّ خلاف ذلك لنتراجع عن موقفنا دون تردّد، ف موقفنا ليس نابعاً من مصلحة شخصيّة، إذ لو جاء شخص وبيّن لنا أنّ هذا المنهج خاطئ وأنّ هذا الأسلوب في التربية والحياة خاطئ، فإنّنا سنتراجع عنه ونتركه، لنرتاح كبقيّة الناس .. والله كنّا سنرتاح! ولكن ماذا نفعل إذا كنّا قد وصلنا إلى هذه النتيجة فعلاً؟
فعندما نجد أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله يقول ليس للمرأة لباس خير من السروال، فلا يمكن أن نردّ ذلك حتّى لو خالفونا أو اعترضوا علينا ؛ وحينما يقول الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله لفاطمة الزهراء ـ سلام الله عليها ـ عندما جاء ذلك الرجل الأعمى ووقف بجانب الباب فابتعدت السيّدة الزهراء عن المكان، فسألها النبيّ : لماذا ابتعدت رغم أنّه أعمى ؟ فقالت : إذا لم يكن يراني، أفلا يحس بوجودي وحضوري ؟ وربّما لو أنّها كانت قد تعطّرت لأضافت إلى ذلك : أوَلا يشمّ رائحة العطر الذي أضعه ؟!
إنّ هذه المسائل قد وصلتنا وهي موجودة ومثبتة في الكتب ...
و من هذا القبيل أيضاً قول أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه الإمام الحسن عليه السلام : " ... وإن استطعت ألا يعرفن غيرك فافعل ..." [3]
فلولا أنّ هذه الأدلّة قد وصلت إلينا وبلغتنا وألزمتنا الحجّة، لسعينا إلى راحة البال واطمئنان الخاطر، ولكن لا مناص لنا مع وجود أمثال هذه النصوص الواضحة التي بلغتنا. و هنا نسأل السؤال التالي: إذا قصّرنا في واجبنا في هذه المسألة بعد ثبوتها عندنا، فما هو حالنا عندئذٍ ؟ سنكون مثل الآخرين ! فإمّا أن يطبّق الإنسان نفسه وحياته على ما يعتقد أنّه حقّ وعلى وما ثبت لديه بأنه صحيح، أو أن يترك الإدعاء و التظاهر!

    

السبب في اهتمام الله ورسوله بشأن خديجة

لقد تخلّت حضرة السيّدة خديجة سلام الله عن جميع الأوهام والاعتبارات من أجل طلب مرضاة الله سبحانه فقط، ولهذا فمن الطبيعي أن يذكرها النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله طوال عمره، وهذا الذكر من النبيّ لها هو ما يدفعني في هذا اليوم إلى ذكرها مبيّناً كمالاتها وخصائصها، إذ إنّ النبيّ الأكرم لا يذكر أحداً بهذا الشكل دون سبب؛ فهل كان ذكر النبيّ لها مجرّد ذكر لإحدى زوجاته التي توفّيت عن عمر يناهز الخامسة والستين ؟! ما الذي يدعوه إلى ذكرها حتّى آخر حياته؟ أم ما الذي يدفعه إلى البكاء عليها؟! نعم، فالنبيّ كان يذكرها ويبكي عليها ! فهذه الأمور ليست اعتباطيّة أبداً بل لها ألف حساب وكتاب .
فهذا جابر بن عبد الله الأنصاري يروي عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : عندما رجعت من المعراج، قلت لجبرئيل : يا جبرئيل هل لك من حاجة ؟ فقال : حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومنى السلام وحدثنا عند ذلك أنها قالت حين لقيها نبي الله عليه وآله السلام فقال لها الذي قال جبرئيل، قالت : إنّ الله هو السلام، ومنه السلام، وإليه السلام، وعلى جبرئيل السلام. [4]
فالله سبحانه يقول لنبيّه في ليلة المعراج أن يقرأ السلام على زوجته خديجة ! ونحن نعلم أنّ الله لا تربطه علاقة ولا قرابة بأحد، بل بابه مفتوح لجميع الناس، فالسيّدة خديجة كانت امرأة كبقيّة النساء، وفرداً كبقيّة الأفراد، لكنّها جاءت وخطت بقدم الصدق في طريق الله سبحانه، فبلغت إلى ذلك المقام الرفيع بحيث أنّ الله سبحانه ـ كما أوصى نبيه بأمير المؤمنين عليه السلام في ليلة المعراج ـ فإنّه أوصاه كذلك بالسيّدة خديجة، وطلب منه أن يقرأها السلام عنه!
يقول محمّد حسين هيكل في كتابه "حياة محمّد" : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يذهب إلى غار حراء مرّات عديدة طوال السنّة، ولكنّه بالإضافة إلى ذلك كان يقضي شهر رمضان كاملاً في غار حراء. وكانت السيّدة خديجة تبقى لوحدها في المنزل طوال مدّة غيبته، وكانت سلام الله عليها تحمل له الطعام بشكل منتظم فتصعد به إلى الغار في أعالي جبل النور ... نسأل الله أن يكتب لمن لم يذهب بعد إلى هناك أن يوفّقه الله للذهاب وزيارة ذلك الغار ليرى بنفسه إلى أين ذهب النبيّ وإلى أين وصل؟ فقد ورد عندنا في الروايات أنّ هذا الغار الذي كان يذهب إليه النبيّ صلّى الله عليه وآله كان إبراهيم عليه السلام يذهب إليه أيضاً. اذهبوا إلى هناك لتروا المكان الذي انتخبه النبيّ لنفسه وتعلمون حقيقة قول الشاعر :
كار پاکان را قياس از خود مگير [5]


اذهب لتشاهد المكان الذي انتخبه النبيّ في أعالي الجبال، وترى الغار في وسط ذلك الجبل بحيث أنّ الوصول إليه عسير حتّى لمن يعرفه، فما بالك بمعرفة موقعه من الأساس ؟!
لقد قضى النبيّ سنوات عديدة على هذه الحال، وكانت السيّدة خديجة ـ رغم صعوبة الوصول إلى هناك ـ تذهب كلّ أسبوع إلى غار حراء مشياً على الأقدام لكي تحضر الطعام للنبيّ ! فلماذا كانت تفعل ذلك ؟ لكي تساعد النبيّ في الوصول إلى المقام الذي ينبغي أن يصل إليه .. لكي لا يضطرّ النبيّ إلى الرجوع إلى مكّة من أجل تحصيل الغذاء .. هل تفهمون ما أرمي إليه ؟ فهذا يعني أنّ السيّدة خديجة تحمّلت مصاعب الوحدة والبعد عن النبيّ الأكرم؛ فهي رغم تعلّقها الشديد به لكنّها كانت تبقى صابرة في المنزل لكي يصل النبيّ إلى المقام المطلوب منه ويطوي المراحل التي أمامه، فهي كانت تعرف المراحل التي على النبيّ الأكرم أن يقطعها، وكانت تعلم أنّ قطعها وعبورها يستلزم المجيء إلى الغار، فالوصول إلى تلك المراحل العالية يقتضي أن يختار الإنسان العزلة والبعد عن الناس، ويجب أن يحدّد لنفسه في كلّ يوم وقتاً ليخلو به مع نفسه، و نحن لدينا العديد من الروايات الواردة بشأن العزلة، كما يوجد بعض التعارضات التي ينبغي بيانها ...
و من ذلك ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: اجعل لنفسك وقتاً لتتفكّر في نفسك وأعمالك. فإذا ما واظب المرء على ذلك، صارت عنده ملكة ، وانتقلت فائدة ذلك إلى بقية الأوقات، أمّا من لا يفعل ذلك، فإنّ الأحداث التي تمرّ عليه أثناء اليوم ستحرف ذهنه بشكل كامل عن الالتفات إلى القضايا الواقعية، فلا يبقى له حضور قلب ولا توجّه...
و ما شابه ذلك من الروايات التي وصلت إلينا وتتحدّث عن هذا الأمر، ونحن لسنا بصدد بيانها الآن ...
لقد كان النبيّ صلّى الله عليه وآله بحاجة إلى الذهاب إلى غار حراء لكي يصل إلى المقام المنشود، وإلاّ فقد كان بإمكانه أن يبقى في منزله، فذلك النبيّ الذي له تلك الخصوصيّات المعيّنة كان يتوجب عليه أن يبتعد عن زوجته ... هل التفتّم ؟ فرغم أن السيّدة خديجة كان لها ذلك المقام الرفيع، إلا أنّ النبيّ كان بحاجة إلى الابتعاد عن كلّ شيء حتّى عن السيّدة خديجة وإلى الذهاب إلى غار حراء. وكانت السيّدة خديجة تفهم ذلك وتدركه جيّداً، وهي قد تحمّلت ذلك وصبرت عليه من أجل مساعدة النبيّ في الوصول إلى هدفه المنشود .

    

اختيار النبيّ لخديجة

هذا من ناحية السيدة خديجة عليها السلام، أمّا من الناحية الأخرى [أي من ناحية النبيّ الأكرم] فنلاحظ أنّ النبيّ قد تزوّج السيّدة خديجة وهو في الخامسة والعشرين من عمره .. في سن الخامسة والعشرين!! ذلك السنّ الذي يكون الإنسان فيه في قمّة فوران غرائزه، فصحيح أنّ السيّدة خديجة في ذلك الوقت كانت ذات مكانة اجتماعيّة وذات ثروة عظيمة كما ذكرنا سابقاً، ولكنّها عند الزواج من النبيّ الأكرم كان عمرها أربعين سنة، وبالتالي فقد كانت أكبر من النبيّ بخمسة عشر عاماً !! كما أنّها كانت قد تزوّجت مرتين قبله، وكلا زوجيها كان قد ارتحل من الدنيا.
فالنبيّ الأكرم الذي كان في ذروة شبابه، وفي الفترة التي تكون الغرائز فيها في أقوى مراحلها ـ فالنبيّ الأكرم كان في النهاية شابّاً كسائر الشباب، أضف إلى ذلك أنّه كان يعيش في الجزيرة العربيّة حيث الأجواء الحارّة و ما يقتضيه ذلك من طبائع خاصّة عند أهل تلك البلاد ـ إنّ مثل هذا النبيّ يقدم على الزواج من امرأة عمرها أربعون سنة، و استمرّ زواجه منها حتّى زمان بعثته الشريفة خمس عشرة سنة، وبهذا يكون عمر السيّدة خديجة عند بعثة النبيّ الأكرم خمساً وخمسين سنة، ثمّ كان ارتحال السيّدة خديجة بعد عشر سنوات من البعثة ؛ أي في الخامسة والستين من عمرها الشريف. وبالتالي يظهر لنا أنّ النبيّ الأكرم تزوّج من السيّدة خديجة في الخامسة والعشرين من عمره، وكان في الخمسين من عمره عند وفاتها، وكما تعلمون فإنّ تمتّع الشاب بالمسائل الجنسيّة يبلغ ذروته وأوجه في هذه الخمسة والعشرين سنة من عمره، أليس كذلك ؟ فهذه المرحلة تبدأ من الرابعة والعشرين أو الخامسة والعشرين حتّى الخامسة والأربعين أو حتّى الخمسين كحدٍّ أقصى، وبعد ذلك تبدأ بالتراجع تدريجيّاً.
و هنا لنا الحقّ أن نسأل بأنّه : هل كان ذلك الزواج زواجاً عاديّاً ؟! والأعظم من ذلك، أنّ النبيّ الأكرم ـ صلّى الله عليه وآله ـ لم يتزوّج من امرأة أخرى طالما كانت السيّدة خديجة على قيد الحياة ؛ يعني إنّ النبيّ الأكرم حتّى وفاة السيّدة خديجة وهي في الخامسة والستين من عمرها، وهو في الخمسين من عمره لم يتزوّج من امرأة أخرى إطلاقاً ! إنّ النبيّ الأكرم لم يتزوّج امرأة أخرى طوال هذه المدّة احتراماً وتعظيماً للسيّدة خديجة عليها السلام!
ثمّ بعد ذلك نأتي لنرى أنّ هؤلاء المستشرقين المعاندين يدّعون أنّ النبيّ الأكرم كان إنساناً شهوانيّاً طالباً للرئاسة والسلطة، وأنّ الهدف من دعوته كان الوصول إلى الملك والسلطنة، وأنّه كان كثير الزواج بحيث أنّه كان ينتخب زوجة من كلّ مكان يذهب إليه، وكلّما أعجبته فتاة فإنّه كان يتزوّجها، حتّى بلغ عدد زوجاته تسعة أو إحدى عشر أو ثلاثة عشر بناء على أحد الأقوال، ما عدا الإماء اللاتي كنّ عنده !!
و الحال أنّنا رأينا أنّ النبيّ الأكرم لم يتزوّج هؤلاء النساء إلاّ بعد الخمسين من عمره، رغم أنّ أقصى درجات القدرة إنما كانت في السنوات الخمسة والعشرين السابقة لذلك والتي قضاها مع السيّدة خديجة، ومع ذلك لم يتزوّج امرأة غيرها، فهذا النبيّ عندما تزوّج بعد ذلك فهل كان الدافع وراء زواجه هو هذه المسائل العاديّة ؟! وهل كان زواجه مبنيّاً على هذه المسائل المتعارفة ؟! كلاّ، من الواضح أنّه لم يكن كذلك؛ بل كان ذلك مبنيّاً على حسابات أخرى غير هذه؛ فالنبيّ كان في أفق آخر .. النبيّ الأكرم كان يحلّق عالياً في مكان آخر .. النبيّ الأكرم لم يكن في هذا العالم أصلاً !!
و من هنا نعلم لماذا أمر الله سبحانه جبرئيل في ليلة زواج النبيّ من خديجة أن يأخذ قبضة من مسك الجنّة وقبضة من العنبر وقبضة من الكافور، فينثرها على جبال مكّة، ويقال أنّ جميع أهل مكّة كانوا يتعجّبون من راحة العطر التي شمّوها في تلك الليلة. إنّ هذا الأمر يعدّ من ضمن التأثيرات الملكوتيّة لهذا الزواج المبارك! وهذه تأثيرات عجيبة، وأظنّ أنّكم سمعتم بأنّه في بعض الأوقات قد تترشّح من الإنسان رائحة عطرة بسبب بعض الحالات الروحيّة فتعطّر الأجواء، وهذا العطر هو عطر من الجنّة، لا مثيل له في الدنيا. ينقل عن المرحوم السيّد علي القاضي، أو عن المرحوم السيّد جمال الدين الكلبايكاني أنّه كان قد ذهب إلى وادي السلام في النجف وبينما هو في طريق العودة ينقل أحدهم ـ ويبدو أنّه المرحوم الشيخ محمّد تقي الآملي ـ أنّه أحسّ برائحة عطر غاية في اللطف تترشّح منه وتتصاعد، ويقول: لقد تتبّعت مصدر العطر وسرتُ خلف صاحبه، فلمّا وصلت إلى سوق النجف والتقيت بأحد كبار النجف ومراجعه وسلّمت عليه وتكلّم معي أن أين أنتم؟ ولماذا لا نراكم في مجالسنا؟! فزالت تلك الرائحة العطرة، حينها يلتفت صاحب هذه الرائحة إلى ورائه ـ وهو يعلم بمن وراءه غاية الأمر أنّ من وراءه لم يكن يعرف ذلك ـ ويقول لي: أرأيت كيف أنّ لقاء واحداً وكلاماً واحداً يسلب من الإنسان ما آتاه الله.. حديث واحد وسلام واحد مختصر.. فما هو ذاك العطر الذي لا نظير له؟ إنّه تلك الجهة الملكوتيّة للإنسان والتي حصلت له بسبب زيارة وادي السلام.
وعلى أيّة حال، فقد قضى النبيّ صلّى الله عليه وآله مدّة من عمره في غار حراء كما تنقل الروايات، وقد كان يذهب إلى الغار في مختلف أيّام السنة إضافة إلى أيام شهر رمضان المبارك، إلى أن بعث بالرسالة في السابع والعشرين من رجب كما هو معروف في القصّة المفصّلة. وقد كان من المتعارف في ذلك الزمان عند الكثير من رجال العرب ومفكّريهم أن يعتزلوا الناس ويقضوا مدّة من عمرهم في التفكّر تقرّباً إلى الآلهة، وذلك نظير الاعتكاف الرائج عند المسلمين، وقد كان يحصل لهؤلاء روحانيّة خاصّة وتجرّد في الجملة فتمتاز أعمالهم وسيرتهم عمّا عليه الناس، وبالطبع لم يكن هؤلاء من الموحّدين، إلاّ أنّهم كانوا يعدّون الأصنام وسائط للوصول إلى الله والتقرّب منه، وكان يسمّى عملهم هذا بالتحنّف، وهو يعني الاستقامة وصحّة العبادة لله، تقول الآية: {وَ ما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاء} [6]، {ما كانَ إِبْراهيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكين‏} [7]، فالحنيف هو سالك الصراط المستقيم وطريقه هو الطريق المستقيم.

    

معنى أميّة النبيّ

وقد كانت من خصوصيّات النبيّ الأكرم البارزة أنّه لم يقرأ ولم يكتب شيئاً قبل بعثته، فهذه إحدى خصوصيّات النبيّ صلّى الله عليه وآله، ولدينا الكثير من الروايات في ذلك، فعن الإمام الباقر عليه السلام عندما سئل عن الأميّ في قوله تعالى: {هُوَ الَّذي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ} [8] قال: نسب إلى مكة ، وذلك من قول الله : {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى‏ وَ مَنْ حَوْلَها} " وأم القرى مكة ، فقيل أميّ لذلك، [9] وأمّ القرى أفضل القرى والأماكن، فلأنّ النبيّ كان من أمّ القرى خاطبه الله بالأميّ، {هو الذي بعث في الأميّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة}. [10] وهناك رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام جاء فيها: كان النبيّ يقرأ الكتاب ولا يكتب[11]، ومسألة كتابة النبي وقراءته هي مسألة مخالفة لما هو شائع بين العوام من أنّ النبيّ لم يكن يكتب ويقرأ شيئاً حتّى آخر عمره، فقد كان النبيّ يقرأ ويكتب، نعم قبل بعثته لم تكن قد صدرت منه كتابة، ولذلك تقول الآية الشريفة: وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون [12]

ينقل البيزنطي عن الإمام الجواد عليه السلام أنّه حين سئل عن معنى الأميّ قال: ما يقول الناس قال: قلت له: جعلت فداك يزعمون إنّما سمّي النبيّ الأميّ لأنّه لم يكتب، فقال: كذبوا عليهم لعنة الله، أنّى يكون ذلك والله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة. فكيف كان يعلمهم مالا يحسن؟ والله لقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يقرأ ويكتب باثنين وسبعين أو بثلاثة وسبعين لساناً وإنّما سمّي الأميّ لأنّه كان من أهل مكّة و مكّة من أمّهات القرى، وذلك قول الله تعالى في كتابه لتنذر أمّ القرى ومن حولها [13]

وهناك رواية أخرى عن الإمام الجواد بهذا المضمون، ولكن بطريق آخر [14]. وكذلك لدينا رواية عن الإمام الصادق عليه السلام تفيد أنّه كان يقرأ الكتاب ولا يكتب قبل البعثة، فما يقوله بعض المستشرقين من أنّ الراهب كان يعلّم النبيّ صلّى الله عليه وآله أثناء سفره وتردّده على ديره في الشام أثناء أسفار تجارته بمال خديجة، فهذا كلّه خرافات باطلة، فقد كان النبيّ يقرأ، ولكنّه لم يكن يكتب قبل البعثة، إذاً لارتاب المبطلون.
ومن هنا يقول السيّد المرتضى والذي هو من كبار علماء الإماميّة بأنّ الجمع بين الروايات التي تنصّ على أنّ النبيّ الأكرم لم يكن يقرأ والأخرى التي تفيد أنّه كان يقرأ ويكتب، هو بأنّ النبيّ قبل البعثة كان يقرأ ولم يكن يكتب، أما بعد زمان البعثة فقد كان يتّفق أحياناً أن يكتب النبيّ صلّى الله عليه وآله، ويذكر السيّد شواهد على ذلك.

    

الجمع بين لدنيّة علوم المعصوم وبين ما يحدث له من الالتفات إلى المطالب بعد أن لم تكن

وقد تقدّم بالأمس سؤال حول كيفيّة الجمع بين كون علوم النبيّ والأئمّة المعصومين علوماً لدنيّة تحيط بما كان ويكون وبين ما يحدث له من الالتفات إلى المطالب والهدايات الخاصّة التي تصير له بعد أن لم تكن؟
إنّ كافّة العلوم التي يفيضها الله تعالى على المعصوم هي علوم تتجلّى وتظهر له بواسطة نفس ذلك المعصوم، أما العلوم التي نتعلّمها نحن فهي علوم ذهنيّة اكتسابيّة، أي أننا نقرأ مطلباً ما أو نسمعه ونخزّنه في الذهن ونستفيد منه، وعندما نستفيد منه نلتفت إليه، وعندما لا نلتفت إليه ونشتغل بغيره فإنّه يبقى مختفياً في خزانة الذهن. أما علوم الأئمّة فليست كذلك، علومهم التي يختصّهم الله بها هي علوم إشرابيّة وإشراقيّة، أي أنّ نفس الإمام تتّصل بمبدأ الفيض فتأخذ منه العلم وتعقله، فهي ليست كعلومنا المتراكمة في أذهاننا والتي لا نحضرها إلى الذهن إلاّ حينما نريد الاستفادة منها، وفي سائر الأوقات تبقى في الذهن بنحو مندمج ومجمل، فهذه تسمّى بالعلوم الاكتسابيّة، علم الإمام ليس اكتسابياً كهذا، فهو لا تجتمع العلوم في ذهنه ليستفيد منها تارة ويتركها أخرى، لا بل هناك علم واحد هو علم الله، هناك شيء واحد مخزّن فقط هو ذخيرة الله، نعم بواسطة الاتّصال العمليّ وبواسطة أداء الأعمال واتّصال النفس بالمبدأ وبمعدن عظمة الله وعلمه ينزل هذا العلم إلى ذهن الإمام ونفسه الماديّة والملكيّة، فنفس الإمام المباركة في عالم الملكوت واجدة لهذا العلم من حيث رتبة الولاية والسيطرة على ما كان وما يكون، ولكنّ هذا الإمام عندما يكون في حال التحدّث إلينا أو الاشتغال بعمل ما ولا يريد الاستفادة من ذلك العلم قد يكون [ من حيث نفسه الملكيّة] غافلاً عمّا يجري في نفسه [الملكوتيّة]، فمرتبة نفس الإمام ونزولها إلى عالم الملك تختلف عن مرتبة إحاطته وسيطرته وولايته على الملكوت، فهذه مراتب بعضها في طول بعض.
من هنا يمكن أن يكون النبيّ قبل البعثة مطّلعاً على جميع العالم ومحيطاً بجميع العلوم، إلاّ أنّ نفسه المباركة لم تتّصل بعد بنفسه القدسيّة الملكوتيّة، وذلك بسبب نزولها إلى عالم الملك، وبعناية الله يتحقّق ذلك الاتّصال في بعض الأوقات، أما في الأوقات الأخرى فلا اتصال له بها، لذا فهو يتكلّم ويتعامل مع الناس من غير أن يكون مطّلعاً على تلك الأسرار، بمعنى أنّه لمّا يأخذها بعد من نفسه الملكوتيّة، فهو لم يحصل بعد على الاتصال بذلك العالم، وعناية الله هي التي تسبّب هذا الاتصال فيبيّن هذه المطالب، وأما في غير هذا الوقت فلا اطلاع له عليها في نفسه المُلكيّة وتنزّله في عالم المُلك، وذلك تحقيقاً لبعض المصالح ولأغراض متعدّدة.
فإذاً بالالتفات إلى سلسلة مراتب النفس وكون هذه العلوم علوماً غير اكتسابيّة، وكونها علوماً إشراقيّة فإنّ إحاطة النبيّ الأكرم والأئمة المعصومين عليهم السلام والأنبياء الذين وصلوا إلى مرتبة الصفات والأسماء هي عبارة عن صعودهم وارتقائهم إلى ذلك العلم، وأما إن لم يرتقوا إليه فلا يكون لهم، تماماً كما نفعل نحن من أجل تذكّر شيء فنرجع إلى أنفسنا ونعمل فكرنا ونعمل رويّتنا ونضغط على أنفسنا لنحضر مسألة مختفية في ذهننا كانت قد حصلت في زمان بعيد، فالأئمة والأنبياء الواجدون للصفات الكماليّة الإلهيّة يقومون بنفس عملنا هذا ولكن في سبيل اتصال مرتبة النفس بالمرتبة التي فوقها؛ ومن هنا نجد في كثير من الموارد أنّ الإمام عليه السلام يقول أنا مطّلع على جميع العلوم، وفي بعض الموارد يقول الإمام الصادق مثلاً: يظنّ هؤلاء الناس أنّ لنا علم بالغيب، مع أنّي أبحث عن جاريتي فلا أجدها. [15] والجمع بين هذين النوعين من الروايات هو في أنّ الإمام المعصوم عليه السلام عندما يريد أن يستفيد من ذلك العلم ويطّلع عليه فإنّه يخرج نفسه من حيثيّة عالم المُلك ويعطيها الحيثيّة الملكوتيّة، وبواسطة الاتصال بين الحيثيّة الملكية والأخرى الملكوتيّة يظهر ذلك العلم في النفس الملكيّة للإمام، وعندما لا يريد الإمام بمشيئته أن يطّلع على ذلك العلم فإنّه يبقي تلك الحيثيّة الملكيّة التي هي مرحلة متنزّلة في نفسه على ما هي عليه، وذلك في نفس الوقت الذي له مقام الجامعية ما بين الملك والملكوت، وهذا من العجائب، فالعجب هو في عدم غفلة الإمام عليه السلام عن الجهة الملكوتية لما له من الولاية ومقام الجامعيّة، فهو بما له من الجامعيّة يرى الجانب الملكوتي في نفسه في الوقت الذي يرى فيه الجانب الملكي، لذا نرى أنّ كافة الخصوصيّات الحسنة للنفس الملكيّة للإمام محفوظة مع الجهة الملكوتيّة وهذا هو معنى الجامعيّة. الإنسان [غير الحاصل على مقام الجامعيّة] إذا ارتقى إلى مرحلة الملكوت يترك جانب الملك، وبواسطة الهبوط إلى عالم الدنيا والنزول إلى عالم الملك يفقد الجهة الملكوتيّة

من ملك بودم و فردوس برين جايم بود
                              آدم آورد درين دير خراب آبادم.
[16]


يقول: لقد كنت ملاكاً وكان الفردوس الأعلى مكاني وإنّ آدم عليه السلام هو الذي جاء بي إلى هذا الدير الخرب.
لقد كنت في عالم الملكوت ونزلت إلى عالم الملك، ولم يعد لي علم بالملكوت، وما دمت أسير عالم المُلك فلا خبر لي عن الملكوت، وإذا ما أمكن للإنسان أن يعرج إلى الملكوت الصرف فلن يكون له اطلاع على الملك، أما السرّ في مقام الجامعيّة فهو أنّ النفس بواسطة الصعود والنزول ستكون جامعة لجميع العوالم الملكوتيّة والملكيّة، بحيث تحيط بهما معاً، ومع حفظ جانب الملكوت تستفيد من عالم الملك ومقتضياته ولوازمه وتبعاته وشروطه وحدوده وقيوده، لذا نجد أنّ الإمام عليه السلام أو الأولياء الواصلين إلى مقام الجامعيّة يتحدّثون مع الناس ولهم سلوكهم الماديّ المرتبط بعالم الدنيا ومع ذلك يحفظون ذلك الجانب الملكوتي، نعم إذا شاءوا العروج إلى ذلك العالم [وحده] فبإمكانهم ذلك، ومع أنّهم حاصلون على تلك الجهة الملكوتيّة [منذ البداية] فإنّهم يقطعون نفوسهم الملكيّة التي تقتضي الحديث والتعامل مع الناس ويجعلونها متّصلة بذلك العالم وحده، واتصال النفس الملكيّة بالملكوتيّة يتمّ من خلال حفظ الجهة الملكوتيّة.
لذا نجد أنّ النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله في سنّ طفولته وحتّى بعد البعثة مع أنّه واجد لجميع علوم الأولين والآخرين، بل مقامه أرفع من ذلك، وكذا الأئمّة المعصومون عليهم السلام كانوا يقومون ببعض الأعمال يظهرون بها عدم الاطلاع، ولربّما أخبروا أنّهم لا اطلاع لهم على موضوع ما، كلّ ذلك هو بسبب جهة النزول والنفس الملكيّة لهم عليهم السلام.
وبعد ذلك يذكر السيّد المرتضى ما يدلّ قطعاً على أنّ النبيّ الأكرم كان يقرأ قبل البعثة وكان يكتب بعدها، ومنها حديث الكتف والدواة اللذين دعا بهما رسول الله صلّى الله عليه وآله ليكتب كتاباً لا يضلّوا بعده أبداً. ثمّ ينقل مخالفة عمر ومعرفته مراد النبي وقوله إنّ الرجل ليهجر. [17]
نعم لقد كان النبيّ مطّلعاً على كلّ شيء، وكان على علم بما سيجري على أهل البيت وعلى أولاده عليهم السلام، وكان يعلم بما سيصنع المنافقون بهم.

    

إعراض النبيّ عن اللعب واللهو منذ طفولته

وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: إنّ النبيّ في كلّ عمره لم يكن ليلهو ويلعب، حتّى قبل رسالته وفي سنيّ طفولته، وعندما كان شباب مكّة يخوضون في اللعب واللهو كان النبي يبتعد عنهم، وعندما كان طفلاً لم يكن ليختار تلك الألعاب اللهويّة اللغويّة، وينقل التاريخ أنّ أهل مكّة كانوا يقامرون وقد كان يجتنبهم ولا يشترك معهم في ذلك، فقد كان ذلك الملاك ينهاه ولا يدعه يشترك معهم، بل أصلاً لم يكن ليقترب منهم.
والنبي صلّى الله عليه نفسه يقول: لم أر لعباً ولهواً إلا وكان قبيحاً. وهذا يرويه جابر بن عبد الله الأنصاري. ويقول أمير المؤمنين أنّ النبيّ كان يلعب مع أطفال مكّة إلا أنّ لعبه لم يكن لهواً ولغواً.
ويروى عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال:
لمّا حمل رأس الحسين بن علي إلى الشام أمر يزيد لعنه الله فوضع ونصبت عليه مائدة فأقبل هو وأصحابه يأكلون ويشربون الفقاع ، فلما فرغوا أمر بالرأس فوضع في طشت تحت سريره وبسط عليه رقعة الشطرنج وجلس يزيد لعنه الله يلعب بالشطرنج إلى أن قال : ويشرب الفقاع ، فمن كان من شيعتنا فليتورع من شرب الفقاع والشطرنج[18]

    

طرف من مصائب الإمام السجّاد وقافلة السبايا

يقول المنهال بن عمر كنت أمّر في بعض أحياء الشام فسمعت ضجيجاً وصراخاً، أقبلت فوجدت أنّ أصوات البكاء ترتفع من ناحية النساء، ورأيت السجاد متكئاً على عصى والدم يسيل من قدميه، أقبلت عليه وسألته عن حاله: كيف أصبحت يا ابن رسول الله؟ قال: وكيف تكون حال من قتل قومه، ويساق بنسائه وأبنائه من بلد إلى بلد؟
ثم قال: أصبحت العجم تعرف للعرب حقها بأنّ محمداً كان منها، وأصبحت العرب تعرف لقريش حقها بأنّ محمداً كان منها ، وأصبحت قريش تفتخر على العرب بأنّ محمداً كان منها وأصبحت العرب تفتخر على العجم بأنّ محمداً كان منها[19]وهم يقتلون أبناءه ويقودونهم في البلاد مقيّدين كأسرى الترك والديلم. فلما سمعت النساء ذلك ارتفع صراخهنّ، فقال علي بن الحسين: أما تسمع ضجيج أهل بيت النبيّ، لقد أسكنونا في مكان لا سقف له، وقد ذهبت حرارة الشمس بقوّتنا.

شد چو در شام اختران برج دين
                              آسمان گفتي فرو شد بر زمين


بسته ره حزب شياطين از هجوم
                              بر سنان سرها درخشان چون رجوم

شاميان بر دست وپا رنگين خضاب
                              چهره خون آلود آل بو تراب

خواجه سجاد آن فخر كبار
                              همچو مصحف در كف كفار خار

شهر شام وعترة پاك رسول
                              در اسار زاده هند جهول

خواجه سجّاد در ذل قيود
                              چون مسيحا در كليساى يهود


خواجه سجاد سبط مستطاب
                              كرد با آن دل سيه روى عتاب

گفت ويحك اى سيه بخت جهول
                              هين گمانت چيست در حق رسول

گر ببيند با چنين حال عجيب
                              بالله اين مستورگان بي حجيب

وه چه گويم من زبانم بسته باد
                              خامه خون بار من اشكسته باد

كه چه رفت از ضربت چوب جفا
                              زان سپس بر بوسگاه مصطفى
[20]


يقول:
ـ أمست نجوم سماء الدين على أرض مدينة الشام، وكأنّ السماء قد سقطت على الأرض.
فها هي نجوم السماء المتلألئة على الأسنّة تصدّ هجوم حزب الشياطين صدّ الشهب والرجوم للشياطين.
وقد اجتمع أهل الشام مخضّبين فرحاً لرؤية وجوه آل أبي تراب المخضّبة بالدماء.
وها هو الإمام السجّاد فخر العظام الكبار كالمصحف في أيدي أذلاء الكفار.
فمدينة الشام وعترة الرسول الطاهرة كلاهما في أسر ابن هند الجهول.
وكأنّ الإمام السجّاد في ذلّ القيود كالمسيح في كنيسة اليهود.
التفت الإمام السجّاد والسبط المستطاب إلى أسود القلب معاتباً..
وقال: ويحك أيها السيّئ الحظّ الجهول! بالله ما هو ظنّك بالرسول..
إذا ما رأى المخدّرات باديات حاسرات على هذا الحال العجيب؟
آه ماذا أقول فلساني أخرس ويراعي مكسور يقطر دماً؟!
لما أحدثت ضربة عصى الحقد على أكتاف السجّاد، ومن بعدها على موضع قبلات المصطفى!


وسيعلم الذين ظلموا آل محمّد أيّ منقلب ينقلبون، إنا للّه وإنا إليه راجعون، نسألك اللهمّ وندعوك وننشدك ونرجوك بمحمّد وعليّ وأهل بيته الأطهار يا الله يا الله يا الله.... اللهمّ اعف عنّا وارحمنا.. ولا تخرجنا من الدنيا حتّى ترضى عنا.. اللهمّ خطّ بقلم العفو على جرائمنا.. ولا تجعل أيدينا تقصر في الدنيا والآخرة عن ولاية محمّد وآله، لا تحرمنا شفاعتهم، اللهمّ انصر الإسلام والمسلمين واخذل الكفار والمخالفين، اللهم ردّ شرّ الأعداء إلى نحورهم، اللهم ضاعف من تأييدك لقائد الثورة، اللهم عجّل في فرج إمام الزمان واجعلنا من المنتظرين له، اشف مرضى المسلمين وارحم أمواتهم بالنبي وآله وعجّل اللهم لوليّك الفرج.


[1] ـ ورد في "أسد الغابة" لابن الأثير : عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها فذكرها يوماً من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت: هل كانت إلاّ عجوزاً، فقد أبدلك الله خيراً منها، فغضب حتى اهتزّ مقدم شعره من الغضب، ثمّ قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها؛ آمنت إذ كفر الناس، وصدّقتني وكذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء.

[2] ـ جاء في "أسد الغابة" لابن الأثير، ج 5، ص 438 : عن عائشة قالت: ما غرت على أحد من أزواج النبي ما غرت على خديجة وما بي أن أكون أدركتها (أي والحال أنّي لم أكن أدركتها )، وما ذاك إلاّ لكثرة ذكر رسول الله صلّى الله عليه [و آله] و سلّم لها، وإن كان ربما يذبح الشاة يتبع بها صدائق خديجة فيهديها لهن.

[3] ـ نهج البلاغة، ص 56.

[4] ـ تفسير العيّاشي، ج 2، ص 279

[5] ـ هذا صدر بيت شعر مشهور ، ورد في الدفتر الأول من ديوان مثنوي معنوي : كار پاکان را قياس از خود مگير ، گرچه ماند در نويشتن شير شير يقول : لا تقس أفعال الطاهرين على نفسك، فرغم أنّ الأسد و الحليب ـ في اللغة الفارسيّة ـ كلاهما يكتب بلفظ "شير" إلا أنّ بينهما بوناً شاسعاً.

[6] ـ سورة البينة، الآية 5

[7] ـ سورة آل عمران، الآية 67

[8] ـ سورة الجمعة، جزء من الآية 2

[9] ـ تفسير العياشي محمد بن مسعود العياشي ج 2 ص 31. البحار ج 6 : 129 . البرهان ج 2 : 40 . الصافي ج 1 : 616 عن علي بن أسباط قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : لم سمى النبي الأمي ؟ قال الحديث.

[10] ـ سورة الجمعة ، الآية 2

[11] ـ علل الشرائع الشيخ الصدوق ج 1 ص 126 حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي عن محمد ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله " ع " قال : كان النبي ( ص ) يقرأ الكتاب ولا يكتب.

[12] ـ سورة العنكبوت، الآية 48

[13] ـ بصائر الدرجات محمد بن الحسن الصفار ص 245 246 حدثنا أحمد بن محمد عن أبي عبد الله البرقي عن جعفر بن محمد الصوفي قال سألت أبا جعفر عليه السلام محمد بن علي الرضا عليه السلام وقلت له يا بن رسول الله لم سمى النبي الأمي قال ما يقول الناس قال قلت له جعلت فداك يزعمون إنما سمى النبي الأمي لأنه لم يكتب فقال كذبوا عليهم لعنة الله أنّى يكون ذلك والله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة فكيف كان يعلمهم مالا يحسن والله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرأ ويكتب باثنين وسبعين أو بثلاثة وسبعين لسانا وإنما سمى الأمي لأنه كان من أهل مكة و مكة من أمهات القرى وذلك قول الله تعالى في كتابه لتنذر أم القرى ومن حولها.

[14] ـ بصائر الدرجات محمد بن الحسن الصفار ص 246 247 حدثنا عبد الله بن محمد عن الحسن بن موسى الخشاب عن علي بن أسباط أو غيره قال قلت لأبي جعفر عليه السلام إنّ الناس يزعمون أنّ رسول الله لم يكن يكتب ولا يقرأ، فقال: كذبوا لعنهم الله أنّى ذلك وقد قال الله: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين. فيكون أن يعلمهم الكتاب الحكمة وليس ويحسن أن يقرأ ويكتب؟ قال: قلت: فلم سمّي النبيّ صلّى الله عليه وآله أمياً؟ قال: نسبت إلى مكة وذلك قول الله عز وجل لتنذر أمّ القرى ومن حولها فأمّ القرى مكة فقيل أميّ لذلك.

[15] ـ الكافي الشيخ الكليني ج 1 ص 257. أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن عباد بن سليمان ، عن محمد بن سليمان عن أبيه ، عن سدير قال : كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد الله عليه السلام إذ خرج إلينا وهو مغضب ، فلما أخذ مجلسه قال: يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب ، ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة ، فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي قال سدير : فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير وميسر وقلنا له : جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب قال : فقال : يا سدير : ألم تقرء القرآن ؟ قلت : بلى ، قال : فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل : " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " قال : قلت : جعلت فداك قد قرأته ، قال : فهل عرفت الرجل ؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب ؟ قال : قلت : أخبرني به ؟ قال : قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب ؟ ! قال : قلت جعلت : فداك ما أقل هذا فقال : يا سدير : ما أكثر هذا ، أن ينسبه الله عز وجل إلى العلم الذي أخبرك به يا سدير ، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل أيضا : " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال : قلت : قد قرأته جعلت فداك قال : أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه ؟ قلت : لا ، بل من عنده علم الكتاب كله ، قال : فأومأ بيده إلى صدره وقال : علم الكتاب والله كله عندنا ، علم الكتاب والله كله عندنا.

[16] ـ ديوان حافظ، طبع پژمان، ص 162.

[17] ـ معرفة الإمام ج‏1ص : 289 يروي ابن سعد في الطبقات، (ج 2، ص 242، طبعة بيروت، 1376هـ) بإسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال: اشتكى النبيّ صلى الله عليه [و ءاله‏] و سلّم يَوْمَ الخميسِ، فَجَعَلَ يعني ابن عباس يَبكي و يقولُ: يَومُ الْخَمِيسِ وَمَا يَومُ الخميس! إشْتَدَّ بِالنَبيّ صلى الله عليه [و ءاله‏] وَجَعُهُ فَقَالَ: إئتُوني بِدَوَاةٍ وَ صَحِيفَةٍ أكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أبَدًا. قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ، إنَّ نَبِيّ اللهِ ليهْجُرُ! قالَ: فَقِيلَ لَهُ: ألَا نَأتِيكَ بِمَا طَلَبْتَ؟ قَالَ: أوَ بَعْدَ مَاذَا؟ قالَ: فَلم يَدْعُ بِهِ.

[18] ـ وسائل الشيعة (آل البيت) الحر العاملي ج 25 ص 363 محمد بن علي بن الحسين ، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول: الخبر. وفي ( عيون الأخبار ) بهذا الاسناد مثله

[19] ـ بحار الأنوار العلامة المجلسي ج 45 ص 84

[20] ـ آتشكده نير، حجة الإسلام نيّر تبريزي، ص 93.

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی