معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > محاضرات تأسيسيّة حول الولاية التكوينية > المحاضرة الثالثة: الولاية التكوينية للأنبياء والأئمّة عليهم السلام

_______________________________________________________________

هو العليم

محاضرات تأسيسيّة حول الولاية التكوينية

المحاضرة الثالثة:
الولاية التكوينية للأنبياء والأئمّة عليهم السلام

 

سماحة آية الله الحاج

السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني
حفظه الله

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف                                          

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وخير البرية أجمعين
أبي القاسم محمّد بن عبدالله صلّى الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين المعصومين المكرّمين
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين

    

عرض موجز لما بحث في الجلسة السابقة

قمنا في الجلسة السابقة بتفسير مسألة «الملكوت»، وذكرنا بأنّه عالم الأمر وعالم الغيب وعالم العُلقة والارتباط بين الأشياء كلّها وبين الحق سبحانه وتعالى، حيث يقول في محكم كتابه: {وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}[1] ، ومعنى الآية: إنّ الله تعالى لا يحتاج إلى موجودٍ آخر إذا أراد أن يحدث أمراً في الخارج، بعكسنا نحن الذين نحتاج إلى الوسائط التي نرتّبها بترتيبٍ خاصٍّ لإحداث الأمور في الخارج، فليس لهذه الوسائط أيّ تأثيرٍ في الخارج إلاّ بإرادة الله سبحانه وتعالى، أي إنّ الله تعالى إذا أراد لشيءٍ أن يكون فإنّه يقع مباشرة في الخارج.
وقال تعالى في آية أخرى من سورة «يس» :{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[2] ومعنى الآية: إنّ الله سبحانه وتعالى إذا أراد أمراً، وإذا أراد لمسألةٍ معيّنةٍ أن تتحقّق في الخارج أو حادثٍ محدّدٍ فإنّه يقول له: كُن وهذه الـ «كُن» ليست مثل «كُن» [اللفظيّة] التي نستعملها نحن، بل المراد منها هو «كُن التكوينية» ، والتي تعني الإرادة الإلهيّة التي تتعلّق بتحقّق الأشياء.

    

كيف نجمع بين نسبة نفس الفعل إلى الله و إلى أحد مخلوقاته في نفس الوقت؟

وهذا هو المقصود من كلمة «كُن» التكوينيّة، ولكن مع هذا كلّه، نحن نرى أن الله تبارك وتعالى يُشير إلى وجود الوسائط الخارجيّة، مثل: الملائكة؛ ملائكة الرحمة؛ وملائكة العذاب؛ وملائكة الرزق وملائكة قبض الأرواح، قال الله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ}[3] وفي آية أخرى يقول سبحانه: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ}[4] ، ولكنّه يصف تارةً أُخرى الأمر من ناحيته فيقول: ِ{وَمَا أَمْرُنَا إِلاّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}[5] و {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[6] ، فلاحظوا أنّ الملائكة لا تقول: «كن فيكون»، ولا يقول ملك الموت ذلك أيضاً، بل إنّ هذا القول مستند إلى الله تعالى وحده وحسب.
إذن، من جهة يقول تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ} يعني: إنّما أمر الله تعالى، ويقول عزّ وجلّ:{إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، ومع ذلك نحن نرى ـ من جهة أخرى ـ أنّ الله تعالى فوّض هذا الأمر إلى ملائكته، فكيف يمكننا أن نجمع بين هذه الآيات؟ وكيف ينتفي هذا التعارض والتناقض والتضاد في هذه الآيات؟
نحن إذا تأملنا في النقاط التي طُرحت في الجلسة السابقة عن «وحدة الأفعال» وكيفيّة نُزول الفعل من عالم الوجود وعالم الإرادة إلى عالم الخلق وعالم الشهادة والمادّة، حينها سنفهم أنّه ـ في الواقع ـ لا يوجد هناك إلاّ فعلٌ واحدٌ وإرادةٌ واحدةٌ ألا وهي الفعل والإرادة الصادرة من الله سبحانه وتعالى، يعني: كما أنّنا نفعل الأشياء ونُفكر ونقوم بواجباتنا ونقوم بأعمالنا كلاً بحسب شأنه وتستمر الحياة في هذا العالم بالآلات والأدوات والوسائط التي أودعها الله تعالى فينا من القدرة والغرائز والصفات التي جعلها الله تعالى فينا، وكما أنّ الحياة تستمرُّ في هذا العالم بواسطة هذه الغرائز والصفات، فكذلك إنّ هذه القوة موجودةٌ ـ بنفس الطريقة ـ في سائر الموجودات؛ فهي موجودة في الملائكة وفي سائر البشر من الأنبياء وغيرهم من المخلوقات، وبالتالي فليس هناك من تفاوت واختلاف وليس هناك من تنافي بين هذه السلسلة من الموجودات التي في هذا العالم، يعني: كما أنّه لا يجوز لنا أن نفترض أن القوّة والاستعداد الموجود فينا ليس من عند الله تعالى! بل يجب علينا أن نقول: إنّها جميعاً من عند الله, كذلك لا يجوز لنا أن نقول: إنّ هذه القوة التي عند جبرائيل عليه السلام، وتلك القوة التي عند قابض الأرواح، والتي عند الملائكة ليست من عند الله، بل هي ليست إلاّ من عند الله.
ومن هنا، لا يوجد ـ في الواقع ـ قوّة إلاّ القوّة المستندة إلى الله تعالى، وهذا هو المنشأ الذي جعل الله يُفصح عن هذه المسألة فيقول في كتابه الكريم: {وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ}، أي: إنّ حقيقة الإرادة في هذا العالم هي الإرادة المنبعثة عن الله تعالى، وهذا يعني أنّ قابض الأرواح لا يقوم بقبض الأرواح إلاّ بإرادة الله تعالى وإذنه، وملك الموت لا يفعل أمراً إلاّ بإرادة الله تعالى وإذنه، ونحن لا نفعل أيّ فعلٍ إلاّ بإرادة الله تعالى وإذنه.

    

هل يعني توحيد الأفعال سلب الإرادة والاختيار عن الإنسان؟

 

    

النموذج الأوّل: قتل الإمام الحسين عليه السلام

وليس المقصود من الإرادة .. (التفتوا فهذه المسألة مهمّة، وهي مسألة الاختيار!!).. ليس المقصود من إرادة الله تعالى أنّه حين يريد فإنّه يُقدّر حصول فعلٍ معيّن في الخارج من دون اختيارنا، لا أبداً.
ولتوضيح المسألة أطرح السؤال التالي: لو لم تكن إرادة الله تعالى متعلّقة باستشهاد الإمام الحسين عليه السلام، فهل كان يمكن ليزيد وأعوانه أو لعُمر بن سعد أن يجعل الإمام عليه السلام يستشهد؟ فنحن نفترض هذا الفرض في هذا الموقف: إمّا أنّ إرادة الله تعالى تعلّقت باستشهاد الإمام الحسين أو لم تتعلّق، وعدم التعلّق معناه أنّه لا يرضى بحصول هذا الفعل، وإن لم يرضَ به، فلماذا لم يمنع يزيد ومعاوية وأعوانهما كشمر أن يفعلوا ما فعلوه بالإمام؟ لماذا لم يحصل كما حصل في قصّة ذبح إسماعيل؟ فإرادة الله تعالى لم تتعلّق بذبح إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، قال تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} فإبراهيم مرّر السكين على عنق إسماعيل ولكنّه رأى أنّ هذا السكين لا يقطع وتعجب من ذلك، وقال في نفسه: لماذا أمرني الله تعالى بهذا في حين أن السكين لم تذبحه, وهناك نطقت السكين وقالت له: «الخليل يأمرني والجليل ينهاني» يعني: أنت يا إبراهيم تأمرني بالذبح ولكنّ الله تعالى ينهاني، ومن هنا نعرف أنّ إرادة الله تعالى لم تتعلّق بالذبح ولذا فهذه السكين لم تذبح ولم تقتل إسماعيل، فلو أنّ إرادته عزّ وجلّ لم تتعلّق باستشهاد الإمام الحسين عليه السلام مثلما أنّها لم تتعلّق باستشهاد إسماعيل عليه السلام، لكان من الواجب أن يحصل في يوم عاشوراء نفس ما حصل مع إسماعيل عليه السلام، لكنّنا نرى أن الإمام الحسين عليه السلام قُتل مثل سائر الأفراد واستشهد في عاشوراء، وأَصابته المصائب وأصابته المِحن، وذُبح من قفاه.
من هنا نقول: يجب على الإنسان في هذه المواقف أن يُفكّر ويقول: إنّ إرادة الله تعالى تعلّقت باستشهاده عليه السلام, ولكن هل هذه الإرادة تعلّقت بدون اختيار هؤلاء الأفراد الذين قتلوا الإمام عليه السلام؟ لا، بل مع اختيار منهم.
وهذه المسألة هي المسألة مهمّة!!
إنّ هذه الارادة [وهي تعلّق إرادة الله بحصول شيءٍ معيّن] لم تتعلّق بدون اختيار الأفراد، فالأفراد لم يكونوا كالخشب أو الحديد أو كالجدران.. لا .. بل هناك اختيار لهؤلاء الأفراد، والله عزّ وجلّ يعلم أنّ هؤلاء الأفراد مصمّمين على قتله، وهذا الأمر يوجب رفع مقام الامام عليه السلام؛ فاستشهاد الإمام يوم عاشوراء هو الذي أوجب رفع مقامه عليه السلام.
لمّا خرج الإمام عليه السلام من المدينة المنورة قال لبعض إخوانه ولبعض أصحابه عندما سألوه وقالوا له: لماذا تخرج من المدينة؟ ولماذا تهاجر إلى مكّة؟ قال لهم: «إنّ الله أراد أن يراني قتيلاً» فقالوا له: إذاً لماذا تذهب بعائلتك وأسرتك معك؟ قال: «إنّ الله تعالى أراد ان يراهن سبايا» يعني: إنّ ارادة الله تعالى تعلّقت بقتلي, وكما في رواية أُخرى أنّه يا حسين: «إنّ لك عند الله لدرجةً لا تنالها إلاّ بالشهادة».
ومن هنا فاستشهاد الامام عليه السلام لا يمثّل ضرراً بالنسبة إلى حاله بل يمثّل رافعاً لدرجته، بحيث يصبح شافعاً للأمّة جمعاء، أي: إن هذا المقام هو المقام الذي ينبغي للإمام عليه السلام أن يصل إليه، لا يصل إليه إلاّ بالشهادة، والله تعالى اختار له هذا واختار له هذه الحوادث التي وقعت، فكانت جميعها حسنةً بالنسبة إلى الإمام عليه السلام! وفي نفس الوقت كانت مُضرَّةً بالنسبة إلى معانديه وقاتليه! يعني: كلٌ بحسب اختياره؛ فهذا اختار الشهادة فرفعه الله تعالى بهذا الاختيار, وهم اختاروا بالمقابل العداوة والمعاندة للإمام عليه السلام، فأذلّهم الله تعالى وأدخلهم الله تعالى النار بهذا العناد، وكلّ هذا من عند الله تعالى؛يعني: إن إرادة الله تعالى تعلّقت بهذه المسألة وبوقوع هذا الفعل في الخارج مع هذه الخصوصيات؛ وهي خصوصيّة انتساب كلّ فعلٍ إلى صاحبه، وانتساب هذا الفعل إلى الامام، وبالتالى أوجب فعل الإمام الرضوان له، وأوجب له السعادة، وهيأ الله تعالى له المراتب العالية، أمّا انتساب هذه القضيّة إلى الطرف الآخر، فسبّب لهم أن يوجب الله تعالى لهم الذلّة.
وعلى كل حال هنا السؤال هو: هل تعلّقت إرادة الله تعالى باستشهاده أم لم تتعلّق؟ لو قلنا أنّها لم تتعلّق فلماذا حصلت هذه الحادث في الخارج؟ وإذا كانت قد تعلّقت فكلاً من القوّة التي كانت عند الإمام عليه السلام والقوّة التي كانت عند معانديه هي في الواقع من عند الله تعالى، غاية الأمر أنّ الإمام عليه السلام استفاد من هذه القوّة في إصلاح حاله وتحسين حالته وفي رفع مقامه، أمّا في الطرف المقابل فنجد أنّ معانديه استخدموا هذه القوّة بخذلانه، فكانت سبباً لدخولهم في الهلكة، ولكن نفس هذه القوّة من الله تعالى.
إنّ عُمر بن سعد كان يقول في يوم عاشوراء: «يا خيل الله اركبوا واهجموا على الحسين وأتمّوا أمره... » ، وفعلاً ركبوا الخيول وهجموا على الإمام عليه السلام، وكلّ ذلك كان بقوّة الله واختياره ورفعه للموانع وإيجاده للاستعدادات وإيجاده للمقتضيات لوجود هذه الحادثة في الخارج.
كلّ هذا كان من عند الله تعالى، ولكنّ المهم هو: إنّ هذا استفاد منها بهذه الطريقة، وذاك استفاد منها بطريقة أخرى, مثلاً: السكّين، الآن السكّين بيدي ويمكن لي أن استفيد منها وأن أستعملها لمسائل نافعةً، ومن الممكن أن استعملها لأغراض سيّئةً، فأوجب الهلكة والفساد والتخريب وغير ذلك... ، فالاختيار كالسكّين؛ السكّين شيءٌ واحدٌ [يمكن الاستفادة منه بعدة طرق] ، والاختيار في الإنسان شيءٌ واحدٌ [يُمكن أن يختار به عدّة خيارات].

    

النموذج الثاني: معاجز عيسى عليه السلام

على كلّ حال، إنّ مصدر القوّة هو الله تعالى، وهذه القوّة موجودةٌ في جميع الأشياء وكلّ شيء يصدر منه فعل ففعله بالقوّة التي أعطاها له الله تعالى، ومن هنا فإنّنا نرى في الآيات أنّه عندما يتكلّم الله تعالى عن معاجز الأنبياء, وعلى سبيل المثال عندما يتكلّم عن نبيه عيسى عليه السلام بأنّه كان يفعل الفعل الفلاني بنفسه وأنّه يفعل بيده كذا وكذا ... ، نجد أنّه في الآخير يصرّح بأنّ كلّ ذلك هو إنّما بإذن الله تعالى، قال تعالى: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ}[7]

    

النموذج الثالث: بلعم بن باعورا

ويمكن للإنسان أن يستغلّ هذه الإمكانيات في غير ما أمره الله تعالى به، يعني: مع أنّ الله تعالى أعطاه هذه النعمة ووفقه إلى هذه القُوى إلاّ أنّه [لا يشكر النعمة التي أنعمت عليه]، كالرجل الذي في قصّة نبيّ الله موسى عليه السلام، وهو «بلعم بن باعورا» الذي عاش في زمن النبيّ موسى عليه السلام، وقد قال الله عزّ وجلّ عنه: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}[8] ، فهذه الآية تتكلّم عن هذا الرجل، وقد ورد في الآية التي تسبقها: {وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوين‏} ومضمون قصّته التي تشير إليها الآية أنّه لم ينتفع بعلمه في الخير، ولكنّه استفاد من علمه لمواجهة ومقارعة النبيّ موسى عليه السلام.
والآية تشير إلى قصّته فتقول: إنا أعطيناه علماً من عندنا، وقد وصل إلى بعض المراتب حيث كان يعمل بطاعة الله، وكان يدعو الله تعالى فيستجيب له، ولكن لمّا وقعت حادثة موسى عليه السلام في المدينة [التي دخلها مع بني إسرائيل]( ) ووقعت تللك القصّة العجيبة فاجتمعوا الناس حوله وطلبوا منه أن يدعو على موسى ولكنّه احترز واجتنب ذلك في البداية، ولكن بعد الإلحاح ذهب ليدعو على موسى وعلى قومه فأهلكه والله تعالى وأخذ منه هذه القوّة!!
فلماذا سلبه تلك القدرة؟ لأنها كانت من نعم الله تعالى، فلماذ تستعملها أنت في غير طاعة الله تعالى، إنّ الله تعالى منحك إياها، ومع ذلك أن تستخدمها ضد نبيّ الله تعالى؟! لذلك ينبغي أن يسلبها الله تعالى منك، وينبغي أن يأخذ منك هذه القوّة والإرادة والنعمة التي منحك إياها، ومن هنا فإنّ بلعم بن باعورا كان قد حصل على هذه الإرادة والقوّة من الله عزّ وجلّ ، والله هو الذي منحها له لكنّه لم يستخدمها إلاّ في السوء فسلبها الله تعالى منه.

    

تحقيق معنى الولاية التكوينيّة التي بيد الأنبياء عليهم السلام

حسناً، من هذا البيان يمكن لنا أن نفهم أن مسألة الولاية عبارة عن الولاية على الشيء، وهي تعني: السيطرة على فعل شيء في الخارج، وهذه الولاية [لها مراتب] فإمّا أن تكون كالولاية التي أعطيت لنا، والتي نستطيع من خلالها أن نقوم بأفعالنا فنمشي ونعمل ونسيّر بها شؤون حياتنا, وإمّا أن تكون كالولاية الممنوحة للملائكة والتي ينفّذون بها أفعالهم، (ولكن هذه الأفعال كلّها من عند الله تعالى) ، وإمّا أن تكون هذه الولاية (يعني: القدرة على الفعل في الخارج) كالقدرة الممنوحة للأنبياء والتي يستطيعون بواسطتها القيام بالمعجزة.
والمهم [بالنسبة لنا هو] أن نعرف: هل ما يفعله الأنبياء كان بسبب التغيّرات والتبدلات التي وقعت في نفوسهم أم لا؟ يعني: هل هذه المسألة مسألة بسيطة ومسألة عاديّة وتعبديّة أم هناك شيء آخر وراء الأمر؟
وبعبارة أخرى: هل أنّ النبي إذا أراد فعل معجزةٍ ما، أو إحداث أمرٍ في الخارج، فهل يدعو الله تعالى أو يدعوا ـ مثلاً ـ بأن تتحقّق المسألة الفلانيّة في الخارج وحسب؟ أي: وهل دعاؤه كدعائنا، فكما أنّنا ندعوا الله تعالى، فكذلك هو يدعو؟ أم لا، الأمر مختلف فهناك تغيّرٌ حصل في نفسه، وهناك تحولٌ حصل في باطنه، وبسببب هذا التغير والتحول صار بإمكانه وباستطاعته أن يفعل هذه الأفعال بإذن الله تعالى؟
إنّ هذه المسألة مسألةٌ مهمّةٌ وينبغي أن نفكّر فيها، فهل قوّة النبيّ والملائكة بل حتّى سائر الأفراد منفصلة عنهم؟
ولتوضيح المراد نعطي مثالاً: الآن عندما نرفع شيئاً أو عندما نتحرّك، فهل نرى أنّ هذه الحركة صادرة من أنفسنا؟
نعم، نحن نرى القدرة موجودةً فينا، ونرى أنّنا بهذه القدرة استطعنا ـ مثلاً ـ أن نرفع حجراً وزنه مئة كيلو غرام، أو مثلاً إذا رفع إنسانٌ ثلاثمائة كيلو غرام فكيف يرى هذا الإنسان هذه القوّة التي لديه؟ هل يرى أنّ هذه القوّة التي استطاع من خلالاها أن يرفع الحجر موجودةٌ في نفسه، أمّ أنّ هذه القوّة ليست في نفسه، بل إنّه دعا الله تعالى وطلب منه والله هو الذي رفع هذا الحجر؟ لا، إنّ الكافر والمسلم [ على حدٍّ سواءٍ] يريان بأنّ القدرة كانت في أنفسهما، لكنّ الإنسان إذا تأمل فإنّه يرى أنّ مصدر هذه القدرة من عند الله تعالى.
ولكنْ هذه مسألةٌ أخرى.
إذاً هو يرى أنّ القدرة في نفسه، فمثلا الآن أنا أرى في نفسي القدرة، وأنا أرفع هذه.. [ يمسك سماحة السيد بشيء أمامه ويرفعه] .. وها أنا الآن أحرِّك يدي... .
كيف يمكنني لي أن لا أرى أنّ هذا في نفسي؟! فواقعاً هذه القدرة موجودةٌ عندي، فهل أنتم حرّكتموها أم أنا؟ لا، بل هذه القدرة وهذه الحركة وهذا الفكر وهذه الخصائص وهذه الخصوصيات لا نراها إلاّ في أنفسنا، نحن جميعاً لا نرى إلاّ ذلك، ونحن نرى أنّنا و بناءً لما لدينا من الغرائز والخصوصيّات، فإنّ نستطيع أن نفعل بكلّ غريزة وبكل خصوصيّة أمراً معيّناً في الخارج، وهذه المسألة مشتركة بين المؤمن والمنافق والمشرك فالجميع يرون هذا الأمر بلا فرق، ولكن الفرق بيننا وبينهم أنّنا نقول: إنّ هذه القدرة ليست من عندك [ولم تنبع من ذاتك، بل هي ممنوحة من الله عزّ وجلّ] ؛ لأنّه من الممكن أن يسلبها الله تعالى منك.
ألم يسلب الله هذه القدرة في المنام؟! فأنت عندما تنام لا تستطيع أن تحرّك يدك، إذن أين ذهبت هذه القدرة من روحك ومن جسمك؟ وإلى أين؟
ألا ترى أنّه بواسطة بعض الموانع، وبواسطة بعض المسائل يصبح الإنسان عاجزاً، مثلاً: بواسطة الميكروب، وعند الإصابة بالمرض تجد أنّ تلك القدرة قد انتفت بالكليّة، وترى الإنسان مستلقياً في الفراش لا يستطيع أن يتحرّك أبداً، فأين هي تلك القدرة؟ ولذلك نحن نرى أنّ القدرة من عند الله تعالى.
أمّا غير المؤمن فيرى أنّ هذه القدرة فيه مع الاستقلال [أي: ليست مستمدّة من الله تعالى] ، ولذا تجده يقول: أنا أقدر.. أنا كذا وكذا.. أنا السلطان.. أنا الرئيس.. أنا الملك.. , أو كما قال فرعون: «أنا رب السماوات والأرض، الملك لي وليس بمقدور أحدٍ أن يسلب هذا المُلك منّي» ، وفي المقابل يقول الله تعالى للإنسان لا تغترّ بهذا الملك الظاهري فأنا من أعطاك هذه القوّة وهذا الملك، وأنا القادر على سلب هذا الملك منك، قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ}[10]
المُلك! ما هو المُلك؟ هو عبارة عن هذه السلطة الظاهريّة.
والله عزّ وجلّ يقول: إنّ هذه السلطة التي في العالم لي، وأنا الذي أُعطي هذا المُلك لأيّ فردٍ أريد، وأنا أنتزع هذا الملك من أيّ فردٍ أريد، فيوم لهذا، ويوم لذاك، وقد رأينا ذلك بأمِّ أعيننا.
لقد كان الشاه في زمننا في إيران، يقول بأنه هو ملك ملوك العالم، فمن يستطيع أن يفعل بنا كذا... ، أو من يستطيع أن يتكلّم علينا بكذا... ، نحن استمعنا لبعض خطاباته، وواقعاً كان يرى نفسه كفرعون أو أنّه مالك الملوك، ولقبه بعضهم بـ «شاهِنْ شاه» بالفارسيّة، ومعناها بالعربيّة «مالك ملوك العالم»، فهو كان يرى أنّه فوق الملوك كلهم، لا ملكاً على إيران وحسب، ولا ملكاً على الشرق الأوسط وحسب، ولا حتّى ملكاً على آسيا أو أمريكا أو ملكاً على أفريقيا وحسب, وإنّما مالك الملوك، فـ «شاهِنْ شاه» تعني بالعربي: «مالك ملوك العالم».
ولكن كيف أصبحت أحواله بعد ذلك؟ لقد فرّ من إيران بطريقة لم يفر أحدٌ مثلها، ولم تستقبله أيّ دولةٍ من الدول، فكلّ حكومات العالم رفضوه ولم يستقبلوه، وبقي يفر من بلدٍ إلى بلدٍ، ومن مملكةٍ إلى مملكةٍ أخرى!! لماذا؟ أين ذهب كل ذلك المُلك أين ذهبت تللك الفرعونيّة والربوبيّة التي كانت تظهره أنه ربّ الأرباب؟!!
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ } ، تعطي الأموال لمن شئت وتأخذ الأموال ممّن شئت، تعطي الصحّة لمن شئت وتأخذ الصحّة ممّن شئت، وقال تعال: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[11] ، وقال عزّ وجلّ: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}[12] أي: إنّ أصل الشفاء من عند الله تعالى، غاية الأمر أنّه يمكن أن يكون هذا الشفاء بلا واسطة، ويمكن أن يكون هذا الشفاء بواسطة، مثلاً: بواسطة الأدوية.
نعم! نحن رأينا هذا الأمر في بعض الأحيان، بل في كثير من الأحيان تجد أنّ هذه الأدوية لا تفيد!! فلماذا لا تفيد؟ لأنّ الله تعالى لا يريد ذلك، يريد لهذا الإنسان أن يرتحل ويموت، وحينها لو أكل كلّ مرّة مئة قرص من الدواء، فواقعاً لن يفيده، وفي المقابل في بعض الأحيان بالصدفة قد يشفى الإنسان؛ وهذا يعني أنّ الله تعالى أراد حياة هذا الشخص بهذا العالم، ولم يرد حياة ذلك الشخص ولذا تراه يموت لأدنى سبب.
فعلى هذا، يجب أن نفهم أنّه لا يوجد في العالم إلاّ إرادةٌ واحدةٌ وهي إرادة الله تعالى، فمثلاً إذا صدر من عندنا فعل، فإنّنا نرى في البداية أنّه من أنفسنا، ونرى أنّ هذه القدرة في أنفسنا، نشعر في البداية أنّ هذه القدرة في أنفسنا، ولكن إذا تأمّل الإنسان وفكّر للحظة فإنّه يستطيع أن يفهم أنّ هذه القدرة الموجودة في أنفسنا ليست قدرةً استقلاليّة بل هي من مِنح الله تعالى علينا ومننه، وهي من نعم الله تعالى علينا، يسلبها منّا متى شاء، ويُبقي عليها لدينا متى شاء.
نعم! إنّ هذه الولاية هي الولاية التكوينية المحدودة التي منحنا الله إياها، وهذه الولاية هي نفس الولاية الموجودة في الملائكة .. في «المدبرات أمراً».. في ملائكة العذاب.. في ملائكة الرحمة.. في ملائكة القدر.. في الملائكة التي أُرسلت إلى قوم لوط و قوم صالح و قوم شعيب وقوم يونس وسائر ملائكة العذاب.
إنّ جميع هؤلاء الملائكة يرون أنّ هذه القدرة موجودةٌ في أنفسهم، وواقعاً هم الذين يقومون بالفعل, بمعنى أنّ المَلَك المُرسل إلى قومٍ من الأقوام يرى أنّ هذه القدرة موجودةٌ في نفسه، وهو يفعل ما أمر به، ولكن في هذه النقطة مع أنّه يرى هذه القدرة في نفسه هو يعلم ـ في نفس الوقت ـ أنّها من عند الله تعالى، أمّا نحن فغافلون عن هذه المسألة فنحن نرى أنّ القدرة موجودة عندنا، ونعتقد أنّها نابعة من ذاتنا، ولكن واقعاً إذا تفكرنا في الأمر، فسنصل إلى أنّ هذه القدرة التي لدينا هي من عند الله.
نعم لا شك ولا شبهة أن لدينا قدرة، فنحن لسنا خشباً ولسنا حديداً ولسنا غير ذلك من الجمادات، ولكن مع ذلك في نفس الوقت إنّ هذه القدرة من الله تعالى.
والنظر الاستقلالي باطلٌ، وأمّا النظر الآلي جيّدٌ، فالنظر الآلي يُثبت أنّ هذه القدرة موجودةٌ في الفرد ولدى الإنسان حقيقةً، ومع ذلك وفي نفس الوقت، يُثبت أنّها من الله تعالى، فكما أنّنا الآن نُثبت أنّ فينا قوّة الحركة و قوة العمل وغير ذلك... ، ونثبت أنّ هذه القوّة حصلت بسبب معيّن من قبيل وجود هذه المواد التي نحن بها قوام جسدنا وقوّته من قبيل: الهواء والأوكسجين, الماء, الخبز, الفواكه والخضار وسائر الأطعمة ... ؛ وقد حكمنا بذلك لأنّنا وجدنا أنّه إذا لم نأكل الطعام لخمسة أيّام أو إن لم نشرب الماء ليومين، فهل نستطيع الحركه؟! لا.. وإذا لم نتنفّس لدقيقةٍ واحدة فإنّنا سنموت.
وبالتالي فهذه القوّة التي نملكها هي قوّةٌ مكوّنةٌ من عدّة مسائل: الهواء والماء والطعام ... ، ومع هذا نحن نرى كذلك أنّ القوة موجودةٌ لدينا، إذن نستطيع أن ننظر إلى المسألة من وجهتين مختلفتين، ونفهم أنّ هذا شيء وذاك شيءٌ آخر؛ من ناحية نرى أنّ هذه القِوى والحياة موجودة فينا، ومن ناحية أخرى نرى أنّ هذه القوّة والحياة ناشئةٌ عن استعمال هذه الأطعمة.
علينا أن نفكّر بنفس الطريقة عندما نفكّر في كيفيّة عالم العلّة والمعلول، وحينها سنفهم أنّ هذه القوّة من عند الله تعالى، وهو الواقع.
نعم هذا هو المقصود من «التوحيد الأفعالي»[13]، يعني: هناك قوّةٌ واحدةٌ وهي ساريةٌ وجاريةٌ في جميع الأشياء والموجودات على حدٍ سواء [تمثّل منشأ كلّ قوّة في العالم]؛ فالقوّة التي لدينا هي نفس القوّة التي عند جبرائيل، والقوّة التي في جبرائيل هي نفس القوّة التي عند عيسى.
وللتوضيح نضرب هذا المثال: إذا نظرنا إلى اليد والرجل وإلى سائر أجزاء وأعضاء الجسم المتعدّدة، فسنجد أنّ كلّ جزءٍ من أجزاء الإنسان له خاصيّة يختصّ بها؛ فالعين تُبصر والأذن تسمع واللسان يتكلّم واليد تتحرّك... ، نعم.. واقعاً نحن علينا أن نتأمل في أنفسنا ونسأل: هل نرى عندما ننظر لكلّ جزءٍ أنّ فيه قدرةً خاصّةً أم أنّنا نرى أنّ هناك قدرةٌ واحدةٌ منتشرةٌ في الجميع؟!! بل نراها قدرةً واحدةً، وهذه القدرة تظهر في بعض الأحيان من ناحية الأُذُن، وتظهر في بعض الأحيان من ناحية العين فيُبصر الإنسان بهذه القوّة، وتظهر في بعض الأحيان من ناحية اليد فتتحرّك اليد، ولكن المهم أنّ نفس القوّة واحدةٌ، غاية الأمر أنّها انتشرت في جميع الأجزاء؛ فالروح هي التي لها هذه القوّة .. هذه القوّة هي قوّة الروح والنفس، وهي تستفيد من هذه القوّة في تسيير الأجزاء وتجعل كلّ جزءٍ يعمل عمله بهذه القوّة الموجودة فيها.

    

ما هو معنى "الإذن" المعطى للأنبياء عليهم السلام في معجزاتهم؟

نعم، بناءً على ذلك يتبين لنا الآن معنى «الإذن» الذي ورد في الآية: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي}[14] الآن يتبين معنى الإذن..
الإذن هو الاستعداد والتهيّؤ في الشخص, هذا هو الإذن، فقوله تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ ... بِإِذْنِي} ، يعني: وإذ تخلق بقدرتي {فَتَنْفُخُ فِيهَا... بِإِذْنِي} يعني: بقدرتي لا بقدرتك أنت, ليس هناك أيُّ شيءٍ منك، فأنت لا شيء؛ لأنّه بدون إذني وبدون إرادتي وقدرتي فأنت حجرٌ أو شجرٌ أو خشبٌ، فكلّ هذه المسائل من عند الله تعالى، يعني: بواسطتي أنت صرت إنساناً.
ونحن كثيراً ما نستخدم نحن هذا المعنى من «الإذن» الموجودة في الآية، فمثلاً: يُقال: لا يجوز للشخص السليم الذهاب إلى الأشخاص المبتلين بالوباء وغير ذلك كالطاعون وبعض الأمراض المسرية.. لا يجوز.. لايجوز.. لماذا؟ لأن الإنسان لا يملك الوقاية من هذه الأمراض, وإذا اختلط مع هؤلاء الناس فسيسري هذا المرض إليه، ولكن حينما يقوم بالتطعيم ضد هذه الأمراض التي من قبيل: الحمى الشوكيّة، والطاعون والأمراض الصعبة مثل: الهيباتيت (الكبد الوبائي) وغيرها من الأمراض، حينها يمكن له أن يجلس مع هؤلاء المرضى ويتكلّم معهم، بل حتّى يمكنه أن يأكل ويشرب من طعامهم ولن يُؤثّر المرض به شيئاً.. لماذا؟ لأنّ الطبيب يقول له: أنت أصبحت الآن مؤذوناً بالذهاب إلى هناك، ولماذا صار مؤذوناً؟ لأنّه يمتلك الوقاية، وبسبب هذه الوقاية أُذنَ له بالذهاب إلى هؤلاء الأفراد.
أو مثلاً: يقال لأحد الأفراد: أنت لا تملك الإذن بأن تدرِّس هذا الموضوع وهذه المادّة وهذه الدراسة! لأنّك جاهلٌ بهذا العلم ولم تدْرسه، بينما يُقال لفردٍ آخر: أنت مأذونٌ لك؛ لأنّه درَس هذا العلم، وأصبح معلّماً لهذا العلم، ولذا يُقال له: أنت مأذونٌ.
أو مثلاً يُقال لشخص آخر: أنت لا تملك الإذن بتفتح مستشفى! لماذا؟ لأنّه جاهلٌ بعلم الطبّ، وفي نفس الوقت يقال لفردٍ آخر: أنت مأذونٌ بذلك؛ لأنّه درس وأصبح طبيباً حاذقاً, فالإذن سببه حذاقته في مداواة الأمراض وعلاجها.
إذاً مسألة «الإذن» ناشئةٌ عن عدم «المانع» بالنسبة إلى قيامه بهذه الأفعال الخارجيّة!
و«المانع» هو الجهل أو عدم القدرة أو عدم تعلّق إرادة الله بذلك، ولكن إذا كان الإنسان مهيّأً ومستعداً للقيام بهذا العمل في الخارج، حينها يقول له الناس: أنت تمتلك الإذن، وبعبارةٍ أخرى: إنّ هذا الإذن ليس من عند الناس في الواقع، بل إنّ هذا الإذن ـ في الحقيقة ـ من نفسه هو، من تلقاء نفسه هو!! وقول الناس سببه أنّه وصل إلى هذه المرتبة ليس إلاّ.
إنّ قضية المعجزة التي تصدر من الأنبياء، ومسألة الأفعال التي نراها تحصل في الخارج بواسطة الملائكة، الكرامات التي نراها بواسطة الأولياء، كلّها نتاجةٌ عن الإذن الذي عندهم، والذي هو عبارة عن التهيّوء والاستعداد.
وهذا الاستعداد إذا وُجد في أيّ شخصٍ يُصبح ـ واقعاً ـ مأذوناً له بإحداث هذا الفعل في الخارج، وإذا لم يكن هذا الاستعداد موجوداً في شخصٍ آخر فذلك الشخص لايملك الإذن، مثلاً: نحن غير مأذونين، لماذا؟ لأنّنا لم نصل إلى هذه المرحلة وإلى هذه الرتبة وإلى هذا المقام، بينما الإمام عليه السلام وصل، ولذا فهو مأذونٌ، نعم، هذا هو معنى الإذن في الآية.
بناءً على ما تقدّم نقول: إنّ المهم بالنسبة إلى مسألة الولاية التكوينية عند الأئمّة عليهم السلام والتي ورد فيها العديد من الروايات التي تتحدّث عن قدرة الإمام عليه السلام في عمل الخوارق للعادات، وعن قدرته في عمل المعجزات، وكذلك ما ورد من معجزات النبيّ صلّى الله عليه وآله، وما ورد كذلك عن الأفعال التي يمكن للأئمّة عليهم السلام أن يفعلوها.. المهم في كلّ ذلك هو أن نعلم ونفهم أنّ هذه القدرة التي [للنبيّ] وللإمام عليه السلام لم تكن إلاّ بواسطة توفيق الله تعالى الذي أوصلهم الى المرتبة التي أصبحوا فيها مستعدّين لإيجاد هذه الأحداث في الخارج، وهذه القدرة هي التي نسمّيها «الولاية التكوينية».
ومن العجيب ـ كما ذكرت لكم سابقاً ـ أنّنا إذا سمعنا بأنّ للملائكة القدرة على فعل الأمر الفلاني فإنّنا لا نتعجّب ولا نتفاجىء ولا نستنكر حصول ذلك منهم، ولكن إذا سمعنا بأنّ هناك إنساناً مثل الإمام عليه السلام، فإنّنا نقول: لا! هذا إنسان وهو لا يستطيع أن يفعل ذلك، ولكن ما حصل هو أنّ الله تعالى هو الذي فعل ذلك [بسبب دعائه] !!

    

إثبات الولاية التكوينيّة لبعض أفراد الإنسان من القرآن من غير الأنبياء

لقد ذكر في القرآن بعض الأفراد الذين كان لهم القدرة على أن يفعلوا الأفعال الخارجة عن العادة كما في قصّة «سليمان» مع «آصف بن برخيا» حيث يُفصح القرآن عن هذه الحقيقة، ويذكر القصّة: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَبِ أنَا آتِيكَ بِهِ قبَلَ أن يَرْتَدَّ إليكَ طَرْفُكَ} وهذا [الذي عنده علمٌ من الكتاب هو] آصف بن برخيا الذي كان وزيراً لسليمان عليه السلام، ولم يكن نبياً!! والله تعالى أقدره على هذا الفعل وهو أنّه استطاع أن يأتي بعرش بلقيس من النواحي البعيدة إلى حيث يجلس سليمان بلحظةٍ واحدةٍ.. بلحظةٍ واحدةٍ!! وهو إمّا قام بإعدام العرش في تلك البُقعة وفي تلك النقطة ثم خلقه من جديد في النقطة الأخرى وهذا احتمالٌ ممكن، وإمّا إنّه أتى به بلحظةٍ واحدةٍ بواسطة طي السماء أو بواسطة طي الأرض وهذا الاحتمال ممكنٌ أيضاً، وعلى كل حال هذه المسألة غريبة، وهي من الكرامات ومن المعاجز وقد تبين لنا أنّ هذا العمل كان بواسطة الولاية التكوينيّة، يعني: الولاية التكوينية هي العامل الذي أحدث هذه القضيّة، فالإنسان بقدرته العادية لا يستطيع أن يقوم بهذا الفعل، ونحن لا نستطيع أن نقوم بذلك.
حسناً، حينما ننظر في الروايات نجد أنّ هناك رواية تقول: إنّ الله تعالى أعطى آصف بن برخيا حرفاً من حروف [الإسم الأعظم] (فالمراد من قوله: «علَّمهُ» لا كما نتعلّم نحن، بل بمعنى أنّه ربّاه [تربيةً سلوكيّةً] حصل له على إثره هذا الأثر الخاصّ الموجود في هذه الإسم الإلهي، وبذلك صار قادراً على إيجاد هذا الشيء في الخارج) لماذا أنتم لا تتعجّبون من فعله، وفي نفس الوقت تتعجّبون أن تصدر منّا الأفعال الخارقة للعادة مع أنّ الله تعالى أعطانا اثنين وسبعين من حروفه، (أي: نحن أعلى من آصف بن برخيا في الرتبة باثنين وسبعين مرّة) [15].
لقد استطاع آصف بن برخيا بواسطة هذه القدرة التي كانت عنده، ومن يستطيع أن يأتي ـ في لحظة واحدة ـ بعرش بلقيس من تلك المناطق البعيدة إلى محضره، هو قادرٌ أيضاً على فعل كلّ شيء من قبيل: قلع الأشجار وإحداث التغييرات في العالم.
ومن هنا فما معنى هذه الولاية التكوينيّة التي عند الإمام عليه السلام؟
إذا كان آصف مستعداً لإحداث هذا الأمر مرّةً واحدةً، فنحن مستعدون اثنان وسبعون مرّةً، بل وأضعاف ذلك، هذا هو المقصود من الولاية التكوينيّة.
يقول الإمام عليه السلام: «نحن وسائط الله تعالى» يعني: روحنا وولايتنا هي الواسطة بينكم وبين الله تعالى. وكما ذكرت لكم في الجلسة الأولى أو الجلسة الثانية: إنّ الله تعالى إذا أراد أن يعمل هذا العمل في الخارج أو أراد أن يُحدث هذه الحادثة فالله تعالى يستخدم اسماً خاصّاً من أسمائه، فإذا أراد أن يرزق العباد يستعمل اسم الرازق، وإذا أراد أن يمنح العلم لأيّ شخص، فإنّه يستعمل اسم العليم، وإذا أراد أن يُحيي الأفراد وأن يجعل حياتهم تستمر، فإنّه يستعمل اسم المحيي، وإذا أراد الله تعالى أن يُميت الأفراد والأشخاص، فإنّه يستعمل اسم المُميت.
نعم، لكلّ حادث ولكل شيء في الخارج اسم خاصّ يستفيد الله تعالى منه، {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[16] ، يعني: ادعو الله تعالى بهذه الأسماء الخاصّة في كلّ مسألة خاصّة.
إنّ ولاية الإمام عليه السلام تمثّل الواسطة بين أسماء الله تعالى وصفاته وبين الأفعال في الخارج والأفعال الحادثة، مثلاً: إذا أراد الله تعالى أن يُحيي الموتى، فإنّه يستخدم هذا الاسم ويجعل الإمام عليه السلام واسطةً في تحقّق هذا الاسم في الخارج، والامام عليه السلام يمثّل الواسطة بين أسماء الله تعالى وصفاته وبين الأشياء في الخارج، وهذا هو المقصود من الولاية التكوينيّة، كذلك إذا أراد الله تعالى أن يقبض أرواح المؤمنين فإنّه يستخدم قابض الأرواح، ومن هو قابض الأرواح؟ هو عزرائيل، أو الملائكة الذين يكونون تحت حكومة عزرائيل فأولئك قابضو الأرواح أيضاً، قال تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ...}[17] .. نعم، إذن فالله تعالى يستخدم كلاً من اسم القابض واسم المميت ولكن بواسطة، وهذه الواسطة هي عزرائيل، يعني: عزرائيل هنا واسطة بين استعمال هذا الاسم وبين التحقّق الخارجي.
ونحن نقول: إنّ الأمر يحصل مع الإمام عليه السلام، فنفس الامام عليه السلام والولاية التي يمتلكها الإمام عليه السلام وحقيقة الإمام هي الواسطة بين أسماء الله تعالى وبين الخلائق، وذلك كما تشير إليه الروايات بل كما تصرّح به وتصرّ عليه الروايات، وبالتالي فإنّ قابض الأرواح إذا أراد قبض الأرواح يجب أن يَرجِع إلى نفس الإمام عليه السلام وأن يستمدّ من نفسه، كذلك ملائكة العذاب إذا أرادوا أن يعذبوا أحداً لا بدّ لهم أن يرجعوا الى نفس الإمام وأن يستمدّوا من نفس الإمام، ومعنى ذلك هو أنّ الإمام عليه السلام هو الذي يُمكّن ملائكة الرحمة من إيجاد المسألة الفلانية في الخارج، ونفس الإمام عليه السلام ـ وهو الآن في زماننا الامام المهدي عجّل الله فرجه الشريف، وجعلنا من شعيته ومواليه والذابين عنه ـ الآن الإمام الحُجّة هو الواسطة بين الله تعالى وبين ملائكته، يعني: الآن ملائكة القبض هم قادرين على القبض بواسطة الإمام المهدي، وملائكة الحياة يقومون بأعمالهم بواسطة الإمام المهدي، وكذلك ملائكة الرزق يقومون بأعمالهم بواسطة الامام المهدي.
ومن هنا فالولاية التكونيّة هي عبارة عن الوساطة بين الله تعالى وأسمائه، وهي عبارة عن كيفيّة تنزّل هذه الأسماء في الخارج وكيفيّة تعيُّن هذه الأسماء في الخارج.
نعم، كان هذا العرض متعلّقاً ببيان معنى الولاية التكوينيّة، ولكن هناك مسائل أخرى ينبغي البحث عنها:
1 هل هناك آيات في القرآن تدلّ على نفي الولاية التكوينية أم لا؟
2 كيفية الجمع بين هذه الآيات؟
3 وهل كل شيء غير موجود في القرآن يقتضي نفيه نفياً باتاً قاطعاً, أم يجب أن يكون كلّ شيء موجوداً في القرآن؟
إن شاء الله سنبحث هذه المسائل في الجلسات الآتية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

    

سؤال من الجمهور

س1: إذا كان النبي موسى يعلم أن العصا ستتحول إلى حيّة، فكيف خاف منها؟
ج1: حسناً، هذه المسألة ترجع إلى أنّ كان في أوّل الأمر يستبعد في نفسه حصول هذه القضيّة، لأنه غير متعوّد عليها من قبل، وهذه من المسائل الطبيعيّة والواضحة، لأنّها من المسائل التي تتعلّق بالنفس، والنفس حتّى الآن لم تكن متعوّدة على هذه التصرّفات، فلهذا في بداية الأمر خاف منها، فلمّا أصبح معتاداً ذهب منه الرعب.
وهذا يدلُّ على أنّ هذه القوة من الله تعالى، وأنّه سبحانه وتعالى يُريده أن يفهم بأنّه ينبغي أن لا يدخل إلى نفسه العُجب بسبب هذا الأمر، فأنت كسائر الأفراد، وهذا من نعم الله عليك، فأنت تخاف من الحية، فمع أنّ القدرة بيدك ومع أنّك تأخذ هذه العصا وتجعلها حيّة، مع ذلك كلّه أنت تخاف منها.
كما في رواية أنّه لما سلّط الله تعالى سليمان ـ على نبينا وآله وعليه السلام ـ على الرياح لتجري بأمره حيث يشاء على حدّ وصف الآيات، فالرواية تذكر أنّ سليمان ـ على نبيّنا وآله وعليه السلام ـ أحسّ بالعجب قليلاً في نفسه وبأنّه : «أنا قادرٌ على أن أحوّل الرياح إلى الأمكنة البعيدة وغير ذلك..» ، وعندها نطقت الريح، أي أنّه حصلت له مكاشفة على لسان الريح، فقالت له:
هل تعلم لماذا جعلني الله تحت سيطرتك وتحت تسلّطك؟
قال: لا.
قالت: لأنّك تعلم أن كلّ هذ
يعني كل هذا القضايا الخارجية وكل هذه المسائل والحوادث هي في مهبّ الريح، (يعني كلّ هذه القضايا الخارجيّة والحوادث مثل الرياح لا أصل لها أبداً ولا حقيقة.. لا استقلال لها أبداً، وإذا أراد الله تعالى أن تتحقّق فإنّها تتحقّق، وإن لم يرد ذلك فلا تتحقّق فلا يعجبك هذا التسلّط على الرياح)
هذا هو الجواب عن مسألة خوف النبي موسى عليه السلام.
والسلام عليكم ورحمة الله


[1] ـ سورة القمر، الآية: 50.

[2] ـ سورة يس، الآية: 82.

[3] ـ سورة النساء، الآية: 97.

[4] ـ سورة السجدة، الآية: 11.

[5] ـ سورة القمر، الآية: 50.

[6] ـ سورة يس، الآية: 82. كما ونلفت نظر القارئ المحترم إلى أنّ هذا المعنى تكرّر كثيراً في كلام الله عزّ وجلّ، ومنه الآيات التالية: { وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (البقرة: من الآية117)، و { قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (آل عمران: من الآية47) و{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (آل عمران:59) و {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ} (الأنعام: من الآية73) و{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (النحل:40) و {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (مريم:35) و { هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (غافر:68) . [المحقّق]

[7] ـ سورة آل عمران، الآيتين: 49و 50.

[8] ـ سورة الأعراف، الآية: 176.

[9] ـ ذُكرت هذه القصّة في كتب التاريخ والروايات، وقد ذكر بعضهم أنّه: لمّا دخل موسى وبني إسرائيل مدينة من المدن، خاف منهم ملكها (وقيل بل نفس فرعون) فاستشار شيوخ المدينة، فأشاروا عليه أن يطلب من «بلعم بن باعورا» وكان رجلاً صالحاً مستجاب الدعوة، فرفض في البداية ولكن بعد إلحاحهم عليه وإرسالهم الهدايا الثمينة والأموال الكثيرة مع وجهاء القوم مضافاً إلى ترغيب زوجته له في الاستجابة لهم، فإنّه في نهاية المطاف وقف بجانبهم في قبال نبيّ الله موسى عليه السلام وأراد أن يدعوا على موسى وقومه، والقصّة مفصّلة ذكرت في الكتب التاريخيّة. [المحقّق]

[10] ـ سورة آل عمران، الآية: 26.

[11] ـ سورة طه، الآية: 50.

[12] ـ سورة الشعراء، الآية: 80.

[13] ـ نلفت نظر القارئ الكريم إلى أنّ سماحته قد بحث مسألة التوحيد الأفعالي بشكل مفصّل في كتابه «أفق الوحي»، وذلك في الفصل الأوّل من الكتاب. [المحقّق]

[14] ـ سورة آل عمران، مقطع من الآية: 49.

[15] ـ قال النوفلي: «و سمعته [يعني الإمام الهادي عليه السلام] يقول: اسم اللّه الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفاً و إنّما كان عند آصف‏ بن برخيا منه حرفٌ واحدٌ فتكلّم به فانخرقت له الأرض فيما بينه و بين سبأ فتناول عرش بلقيس حتّى صيّره إلى حضرة سليمان ثم بسطت الأرض له في أقل من طرفة عين، و عندنا منه اثنان و سبعون حرفا و يُتعجّب ممّا وهبه اللّه لنا بقدرته و إذنه». إثبات الوصية ص239، وقد رُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام ما يشبه هذا المعنى، راجع: البرهان في تفسير القرآن، ج‏5، ص: 127.

[16] ـ سورة الأعراف، الآية: 180.

[17] ـ سورة النحل، الآية: 28.

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی