معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > الأبحاث العلمية و الإجتماعية > رسالة حول‌ مسألة‌ رؤية‌ الهلال
كتاب "رساله رؤيت هلال" / قسمت هشتم: معني موضوعيت در رؤيت هلال، پاسخ دوم آية الله خوئي به نقد مولف، نامه سوم مولف در نقد پاسخ آية الله خوئي قدس‌سره

قيام‌ البيّنة‌ مقام‌ الرؤية‌ لا ينافي‌ مو ضوعيّة‌ الرؤية‌

وأمّا قولك‌ بـ «اعتبار البيّنة‌ مقام‌ الرؤية‌ ، فلو كانت‌ جزءاً بنحو الصفتيّة‌ لما استقام‌ قيام‌ البيّنة‌ مقامها.» ؛ فعجيب‌ منك‌ . لانّ استحالة‌ قيام‌ البيّنة‌ مقام‌ القطع‌ الموضوعيّ بنحو الصفتيّة‌ ، إنّما هي‌ في‌ ما إذا كان‌ قيامها مقامه‌ بنفس‌ أدلّة‌ حجّيّتها واعتبارها ؛ لا في‌ ما إذا دلّ دليل‌ خاصّ علي‌ القيام‌ .

صرّح‌ بذلك‌ شيخنا الانصاريّ قدّس‌ سرّه‌ ، وكلّ من‌ تأخّر عنه‌ حتّي‌ في‌ زماننا هذا من‌ مشايخنا قدّس‌ الله‌ أسرارهم‌ .

و هذا هو الذي‌ صرّحتْ به‌ نفسك‌ الشريفة‌ في‌ مجلس‌ البحث‌ . فكأنّي‌ الآن‌ أسمع‌ كلامك‌ ، حيث‌ أفدت‌ بقولك‌ :

إنّ الامارات‌ بنفس‌ دليل‌ حجّيّتها تقوم‌ مقام‌ القطع‌ الطريقيّ المحض‌ ، وهذا ممّا لا ريب‌ فيه‌ بل‌ لا معني‌ لحجّيّة‌ الامارات‌ إلاّ هذا .

كما لا ريب‌ في‌ عدم‌ قيامها بدليل‌ حجّيّتها مقام‌ القطع‌ الموضوعيّ علي‌ وجه‌ الصفتيّة‌ .

وليس‌ هذا لاجل‌ استحالة‌ ذلك‌ ، لانّ موضوعات‌ الاحكام‌ بيد الحاكم‌ ، فكما يمكن‌ أن‌ يرتّب‌ الحكم‌ علي‌ خصوص‌ القطع‌ يمكن‌ أن‌ يرتّبه‌ علي‌ الاعمّ منه‌ ومن‌ موارد قيام‌ الامارة‌ ؛ بل‌ لاجل‌ عدم‌ نهوض‌ أدلّة‌ حجّيّتها بذلك‌ ، فإنّ أدلّتها ناظرة‌ إلي‌ إثبات‌ الواقع‌ وترتيب‌ آثار الواقع‌ ، وليست‌ ناظرةً إلي‌ أنّه‌ يترتّب‌ علي‌ الامارة‌ ما يترتّب‌ علي‌ القطع‌ من‌ حيث‌ كونه‌ صفةً خاصّةً قائمةً بنفس‌ القاطع‌ ـ انتهت‌ الإفادة‌ .

و معلوم‌ أنّ قيام‌ الامارات‌ مقام‌ الرؤية‌ ، إنّما هو بأدلّة‌ خاصّة‌ واردة‌ في‌ مقامنا هذا .

مثل‌ ما مضي‌ آنفاً وهو ما رواه‌ المفيد قدّس‌ سرّه‌ في‌ «المقنعة‌» عن‌ ابن‌ أبي‌ نجران‌ عن‌ عبد الله‌ بن‌ سنان‌ عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ : لَا تَصُمْ إلَّا لِلرُّؤْيَةِ ، أَوْ يَشْهَدَ شَاهِدَا عَدْلٍ .

و ما رواه‌ الكلينيّ بإسناده‌ عن‌ الحلبيّ عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ : إنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقُولُ : لَا أُجِيزُ فِي‌ الهِلَالِ إلَّا شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ .[121]

و ما رواه‌ أيضاً بإسناده‌ عن‌ حمّاد عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ : قَالَ أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي‌ الهِلَالِ ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ . ورواه‌ الصدوق‌ مرسلاً نحوه‌ .[122]

و ما رواه‌ محمّد بن‌ الحسن‌ الطوسيّ قدّس‌ سرّه‌ بإسناده‌ عن‌ قيس‌ عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌ قال‌ : قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : إذَا رَأَيْتُمُ الهِلَالَ فَأَفْطِرُوا ؛ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ عَدْلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ـ الرواية‌ .[123]

و ما رواه‌ أيضاً بإسناده‌ عن‌ أبي‌ بصير عن‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ : إنَّهُ سُئِلَ عَنِ اليَوْمِ الَّذِي‌ يُقْضَي‌ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ : لَا تَقْضِهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الصَّلَوةِ مَتَي‌ كَانَ رَأْسُ الشَّهْرِ ـ الحديث‌ .[124]

و ما رواه‌ أيضاً بإسناده‌ عن‌ منصور بن‌ حازم‌ عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ أنّه‌ قال‌ : صُمْ لِرُؤْيَةِ الهِلَالِ ، وَأَفْطِرْ لِرُؤْيَتِهِ ؛ فَإنْ شَهِدَ عِنْدَكُمْ شَاهِدَانِ مَرْضِيَّانِ بِأَنـَّهُمَا رَأَيَاهُ فَاقْضِهِ . [125]

و غير ذلك‌ من‌ الروايات‌ الكثيرة‌ الدالّة‌ علي‌ قيام‌ البيّنة‌ مقام‌ الرؤية‌ في‌ خصوص‌ المقام‌ .

و مع‌ ذلك‌ كيف‌ يمكن‌ أن‌ يُتفوّه‌ بعدم‌ إمكان‌ قيام‌ الامارات‌ مقام‌ الرؤية‌ ، حتّي‌ إذا فرض‌ أنّ الشارع‌ صرّح‌ ونادي‌ بأعلي‌ صوته‌ بمدخليّة‌ الرؤية‌ بما أنّها رؤية‌ ، لا بما أنّها كاشفة‌ محضة‌ .

و بذلك‌ يظهر أنّ ما أفدتَ من‌ تضعيف‌ دعوانا انصراف‌ الإطلاقات‌ ، من‌ أنّ هذه‌ عدول‌ عن‌ الموضوعيّة‌ إلي‌ طريقيّة‌ الرؤية‌ ، بدعوي‌ حكومة‌ البيّنة‌ بوجود المرئيّ في‌ أُفق‌ المكلّف‌ وإن‌ لم‌ يره‌ ؛ خال‌ عن‌ السداد .

كما أنّ بناء دعوي‌ ارتكاز لزوم‌ الرؤية‌ المستفادة‌ من‌ دليل‌ لزومها علي‌ الطريقيّة‌ دون‌ الصفتيّة‌ كذلك‌ .

لانّ هذه‌ النقود إنّما نهضت‌ لكسر الدعوي‌ إذا تمسّكنا بنفس‌ أدلّة‌ حجّيّة‌ الامارة‌ واعتبارها ؛ وأمّا مع‌ الادلّة‌ الخاصّة‌ في‌ المقام‌ ، فلا ريب‌ في‌ قيام‌ المدّعي‌ علي‌ ساقه‌ .

فإذاً لا مناص‌ من‌ دعوي‌ حكومة‌ أخبار البيّنة‌ إلي‌ الآفاق‌ القريبة‌ ، بتوسعة‌ دائرة‌ الرؤية‌ التي‌ هي‌ عبارة‌ عن‌ الإبصار بالعيون‌ المتّصلة‌ بالإبصار بالعيون‌ المنفصلة‌ بالجعل‌ التشريعيّ دون‌ البعيدة‌ منها ؛ للزوم‌ رفض‌ الرؤية‌ كما عرفت‌ في‌ الرسالة‌ .

و أمّا ما أفدتَ من‌ عدّ الثلاثين‌ إذا لم‌ تتيسّر الرؤية‌ والبيّنة‌ ، حيث‌ إنّه‌ يوجب‌ العلم‌ بخروج‌ السابق‌ ودخول‌ اللاحق‌ ؛ ففيه‌ ما مرّ من‌ أنّ الثلاثين‌ يعدّ في‌ الاخبار الكثيرة‌ عِدلاً للرؤية‌ ، ولم‌ يظهر في‌ واحد منها أنّه‌ يكون‌ طريقاً وكاشفاً إلي‌ دخول‌ الشهر الجديد .[126]

وجوب‌ قضاء يوم‌ الشكّ الذي‌ أُفطر ، لا يدلّ علي‌ طريقيّة‌ الرؤية‌

و ما أفدتَ من‌ وجوب‌ قضاء يوم‌ الشكّ الذي‌ أُفطر لعدم‌ طريق‌ إلي‌ ثبوته‌ ، فتبيّن‌ بعد ذلك‌ بالبيّنة‌ أو بالرؤية‌ ليلة‌ التاسع‌ والعشرين‌ من‌ صومه‌ ، وجودُ الشهر في‌ يوم‌ إفطاره‌ ، ففات‌ عنه‌ الواجب‌ الواقعيّ ؛ فلا يدلّ علي‌ الطريقيّة‌ المحضة‌ للرؤية‌ .

و ذلك‌ ، لانّ الرؤية‌ أو البيّنة‌ ليلة‌ التاسع‌ والعشرين‌ من‌ صومه‌ ، كما أنّها كاشفة‌ وطريقة‌ إلي‌ ثبوت‌ الفطر ، كذلك‌ كاشفة‌ وطريقة‌ إلي‌ ثبوت‌ الهلال‌ قبل‌ مضيّ تسعة‌ وعشرين‌ يوماً من‌ رؤيته‌ .[127] لانّ مفاد أدلّة‌ حجّيّة‌ الامارة‌ هو تتميم‌ الكشف‌ ، وجعلها بمنزلة‌ اليقين‌ الواقعيّ .

فللرؤية‌ أو البيّنة‌ في‌ هذا المقام‌ كشفان‌ : أحدهما دخول‌ الفطر والشهر الجديد ، والآخر خروج‌ الصيام‌ والشهر الماضي‌ المتحقّق‌ مقداره‌ بنفس‌ هذه‌ الرؤية‌ أو البيّنة‌ .

إجزاء صوم‌ يوم‌ الشكّ ، لا يدلّ علي‌ كاشفيّة‌ الرؤية‌

و أمّا ما أفدتَ من‌ إجزاء صومه‌ إذا صامه‌ بنيّة‌ شعبان‌ أو صوم‌ آخر كان‌ عليه‌ فتبيّن‌ بعدُ أنّه‌ من‌ رمضان‌ (معلّلاً في‌ النصوص‌ بِأَنَّهُ يَوْمٌ وُفِّقَ لَهُ) مستدلاّ بأنّ الإجزاء فرع‌ ثبوت‌ التكليف‌ ؛ ففيه‌ ما لايخفي‌ .

لانّ تبيّن‌ أنّ ما صامه‌ من‌ رمضان‌ ، إنّما هو بقيام‌ البيّنة‌ بعد ذلك‌ علي‌ الرؤية‌ ليلة‌ الصيام‌ ، أو بالرؤية‌ أو بالبيّنة‌ عليها ليلة‌ التاسع‌ والعشرين‌ من‌ صومه‌ ، وما شابهها .

و معلوم‌ أنّ التكليف‌ الواقعيّ المترتّب‌ علي‌ شهر رمضان‌ حينئذٍ ثبت‌ بالرؤية‌ أو البيّنة‌ .

هذا مضافاً إلي‌ أنّ في‌ بعض‌ الاخبار ما يدلّ علي‌ أنّ صحّة‌ صومه‌ مبني‌ّ علي‌ التساهل‌ والإرفاق‌ .

مثل‌ ما رواه‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكلينيّ بإسناده‌ عن‌ سماعة‌ قال‌ : قُلْتُ لاِبِي‌ عَبْدِ اللَهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : رَجُلٌ صَامَ يَوْمًا وَلَا يَدْرِي‌ أَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هُوَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ، فَجَآءَ قَوْمٌ فَشَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ؛ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ عِنْدَنَا : لَا يُعْتَدُّ بِهِ . فَقَالَ : بَلَي‌ .

فَقُلْتُ : إنَّهُمْ قَالُوا : صُمْتَ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي‌ أَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هَذَا أَمْ مِنْ غَيْرِهِ . فَقَالَ : بَلَي‌ ، فَاعْتَدَّ بِهِ ؛ فَإنَّمَا شَيْءٌ وَفَّقَكَ اللَهُ لَهُ . إنَّمَا يُصَامُ يَوْمُ الشَّكِّ مِنْ شَعْبَانَ وَلَا يَصُومُهُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، لاِنَّهُ قَدْ نُهِيَ أَنْ يَنْفَرِدَ الإنْسَانُ بِالصِّيَامِ فِي‌ يَوْمِ الشَّكِّ ؛ وَإنَّمَا يَنْوِي‌ مِنَ اللَّيْلَةِ أَنَّهُ يَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ، فَإنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَجْزَأَ عَنْهُ ؛ بِتَفَضُّلِ اللَهِ تَعَالَي‌ وَبِمَا قَدْ وَسَّعَ عَلَي‌ عِبَادِهِ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَهَلَكَ النَّاسُ .[128]

وبالجملة‌ ، لا مساغ‌ للقول‌ بالكاشفيّة‌ المحضة‌ للرؤية‌ وأخذها طريقاً صرفاً إلي‌ ثبوت‌ الهلال‌ ، وواسطةً في‌ الإثبات‌ .

وكونها أتمّ وأسهل‌ وأعمّ لكلّ أحد ، إنّما هو الداعي‌ إلي‌ جعلها موضوعاً واحداً فارداً في‌ عالم‌ الجعل‌ والإنشاء وواسطةً في‌ الثبوت‌ ؛ لا أنّها طريق‌ إلي‌ إحراز الهلال‌ المولِّد للشهر الذي‌ هو تمام‌ الموضوع‌ .

هذا كلّه‌ ما أردنا من‌ حديث‌ الجزئيّة‌ .

معني‌ صفتيّة‌ الرؤية‌

وأمّا حديث‌ الصفتيّة‌ في‌ رسالتنا ، فليس‌ المراد بالرؤية‌ المقيّدة‌ بها ، هي‌ الرؤية‌ بما أنّها صفة‌ وكيفيّة‌ نفسانيّة‌ كالحبّ والبغض‌ ونحوهما . بل‌ المراد ، أنّ الرؤية‌ التي‌ هي‌ كاشفة‌ إلي‌ ثبوت‌ الهلال‌ في‌ الاُفق‌ ، جُعلت‌ دليلاً عليه‌ بما أنّها رؤية‌ وكاشفة‌ خاصّة‌ وطريقة‌ مخصوصة‌ ، لا بما أنّها كاشفة‌ صرفة‌ غير ملحوظة‌ فيها خصوصيّة‌ الرؤية‌ .

لانّه‌ كما يمكن‌ جعل‌ القطع‌ موضوعاً لحكم‌ علي‌ وجه‌ الكاشفيّة‌ المحضة‌ ، يمكن‌ أن‌ يجعل‌ موضوعاً علي‌ وجه‌ الصفتيّة‌ والكاشفيّة‌ الخاصّة‌ ، كما يمكن‌ أن‌ يجعل‌ علي‌ وجه‌ الصفتيّة‌ بلا لحاظ‌ جهة‌ الكاشفيّة‌ بل‌ بما أنّه‌ كيف‌ نفسانيّ كسائر الصفات‌ ، إمّا لإلغاء جهة‌ كشفه‌ وإمّا لاعتبار خصوصيّة‌ فيه‌ من‌ كونه‌ من‌ سبب‌ خاصّ أو شخص‌ كذلك‌ أو غيرهما .

نصّ علي‌ ذلك‌ المحقّق‌ الخراسانيّ قدّس‌ سرّه‌ في‌ حاشيته‌ علي‌ مبحث‌ القطع‌ لشيخنا الانصاريّ قدّس‌ سرّه‌ . حيث‌ إنّه‌ قسّم‌ القطع‌ الموضوعيّ إلي‌ ما هو تمام‌ الموضوع‌ ، وإلي‌ ما هو جزئه‌ . وعلي‌ التقديرين‌ إمّا يلاحظ‌ بما أنّه‌ كاشف‌ صرف‌ وطريق‌ محض‌ ، وإمّا يلاحظ‌ بما أنّه‌ صفة‌ خاصّة‌ وطريقة‌ مخصوصة‌ و كشف‌ خاصّ . وثالثةً بما أنّه‌ صفة‌ للقاطع‌ بإلغاء جهة‌ كشفه‌ أو بملاحظة‌ اعتبار خصوصيّة‌ فيه‌ .[129]

و معلوم‌ أنّ الرؤية‌ بما هي‌ رؤية‌ ، وهي‌ الطريق‌ العلميّ من‌ جهة‌ خصوص‌ الإبصار ، إذا جعلت‌ طريقاً إلي‌ ثبوت‌ الهلال‌ وكاشفةً عن‌ تحقّقة‌ ، لا يقوم‌ مقامها سائر الطرق‌ العلميّة‌ إلاّ بدليل‌ خاصّ ؛ وهذا معني‌ الصفتيّة‌ .

هذا كلّه‌ مضافاً إلي‌ ما ذكرنا في‌ الرسالة‌ : أنّ علّة‌ عدم‌ إمكان‌ الاخذ بالإطلاقات‌ ، هو القرائن‌ العقليّة‌ والنقليّة‌ الموجودة‌ في‌ المقام‌ المانعة‌ من‌ الاخذ بها .

مضافاً إلي‌ الانصراف‌ ، بدعوي‌ حكومة‌ أخبار البيّنة‌ في‌ المقام‌ علي‌ الروايات‌ الدالّة‌ علي‌ لزوم‌ الرؤية‌ ، في‌ الآفاق‌ القريبة‌ دون‌ البعيدة‌ . وإن‌ تنزّلنا إلي‌ طريقيّتها فلابدّ وأن‌ تجعل‌ طريقاً إلي‌ كون‌ الهلال‌ في‌ الاُفق‌ لامحالة‌ .

فإن‌ أبيتَ عن‌ دعوي‌ الحكومة‌ ، فلا محيص‌ عن‌ التخصيص‌ ، كما عبّر به‌ العلاّمة‌ قدّس‌ سرّه‌ في‌ «التذكرة‌» . وإن‌ أبيت‌ عن‌ أصل‌ دعوي‌ الانصراف‌ ، فلا محيد عن‌ تسليم‌ القرائن‌ العقليّة‌ والنقليّة‌ المانعة‌ عن‌ الاخذ بها . هذا مع‌ أنّ المقدّمات‌ العلميّة‌ في‌ الموسوعة‌ ، لاتبقي‌ مجالاً للاخذ بالإطلاقات‌ حتّي‌ إذا فُرضت‌ نصوصاً فكيف‌ بكونها ظواهر دانيةً .

تبصرة‌ وتنبيه‌ :

ما أفدتَ من‌ قولك‌ بورود النصوص‌ المعتبرة‌ الناطقة‌ بأن‌ لو رآه‌ واحد لرآه‌ خمسون‌ أو لرآه‌ مائة‌ أو لرآه‌ ألف‌ ؛ لم‌ نجد روايةً بهذا المضمون‌ .

بل‌ لنا في‌ هذا المعني‌ عبارتان‌ :

الاُولي‌ : ما رواه‌ في‌ «التهذيب‌» بإسناده‌ عن‌ أبي‌ أيّوب‌ إبراهيم‌ بن‌ عثمان‌ الخزّاز عن‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ : قُلْتُ لَهُ : كَمْ يُجْزِي‌ فِي‌ رُؤْيَةِ الهِلَالِ ؟ فَقَالَ : إنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ فَرِيضَةٌ مِنْ فَرَآئِضِ اللَهِ فَلَا تُؤَدُّوا بِالتَّظَنِّي‌ . وَلَيْسَ رُؤْيَةُ الهِلَالِ أَنْ يَقُومَ عِدَّةٌ فَيَقُولَ وَاحِدٌ : قَدْ رَأَيْتُهُ ، وَيَقُولَ الاخَرُونَ : لَمْ نَرَهُ ؛ إذَا رَءَاهُ وَاحِدٌ رَءَاهُ مِائَةٌ وَإذَا رَءَاهُ مِائَةٌ رَءَاهُ أَلْفٌ . وَلَا يُجْزِي‌ فِي‌ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي‌ السَّمَآءِ عِلَّةٌ أَقَلُّ مِنْ شَهَادَةِ خَمْسِينَ ؛ وَإذَا كَانَتْ فِي‌ السَّمَآءِ عِلَّةٌ قُبِلَتْ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ يَدْخُلَانِ وَيَخْرُجَانِ مِنْ مِصْرٍ .[130]

والثانية‌ : ما في‌ صحيحة‌ ابن‌ مسلم‌ علي‌ ما رواه‌ في‌ «الفقيه‌» و«الاستبصار» ، و ما في‌ صحيحة‌ الخزّاز علي‌ ما رواه‌ في‌ «الكافي‌» و«التهذيب‌» ، عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌ ، قال‌ : إذَا رَأَيْتُمُ الهِلَالَ فَصُومُوا ، وَإذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا ؛ وَلَيْسَ بِالرَّأْي‌ِ وَلَا بِالتَّظَنِّي‌ . وَلَيْسَ الرُّؤْيَةُ أَنْ يَقُومَ عَشْرَةُ نَفَرٍ فَيَقُولَ وَاحِدٌ : هُوَ ذَا ، وَيَنْظُرُ تِسْعَةٌ فَلَا يَرَوْنَهُ ؛ لَكِنْ إذَا رَءَاهُ وَاحِدٌ رَءَاهُ أَلْفً .[131]

و أمّا الاستشهاد الثالث‌ بجمل‌ الذكر والآية‌ في‌ معني‌ يوم‌ العيد وليلة‌ القدر وما شابههما ، فقد قلنا :

إنّ المراد منها إمّا ليل‌ طويل‌ هو مجموع‌ تلك‌ الظلمة‌ في‌ دور كامل‌ أرضيّ يبلغ‌ أربعاً وعشرين‌ ساعةً ، ولكلّ بقعة‌ حدّ خاصّ وتعيّن‌ مخصوص‌ منها ؛ أو نهار طويل‌ كذلك‌ . وإمّا ليل‌ قصير كلّيّ ينطبق‌ علي‌ مصاديق‌ عديدة‌ ، حسب‌ الآفاق‌ المختلفة‌ ؛ أو نهار قصير كذلك‌ .

فسماحتك‌ اختارت‌ الشقّ الاوّل‌ من‌ التقسيم‌ ، حيث‌ أفدتَ أنّها هي‌ الواحدة‌ المحدودة‌ بتمام‌ دور الارض‌ بظلّها الكلّيّ .

غاية‌ الامر أنّ المشار إليه‌ بلفظ‌ «هذا» عندك‌ جميع‌ الظلمة‌ أو النور في‌ الدور الكامل‌ الارضيّ ، وعندنا هو تعيّن‌ مخصوص‌ من‌ تلك‌ الظلمة‌ أو النور في‌ كلّ صقع‌ بحسبه‌ . فالمشار إليه‌ علي‌ كِلَا المذهبين‌ هو الظلمة‌ أو النور المشخّصة‌ الخارجيّة‌ .

لكن‌ لمّا كان‌ مجموع‌ تلك‌ الظلمة‌ أو النور البالغ‌ لاربع‌ وعشرين‌ ساعةً في‌ الدور الكامل‌ الارضيّ ، هو ترسيم‌ فكريّ وتصوير ذهنيّ فقط‌ ، لجميع‌ النقاط‌ المارّة‌ عن‌ محاذاة‌ القمر عند غروب‌ الشمس‌ أو جميع‌ النقاط‌ المارّة‌ عن‌ محاذاة‌ الشمس‌ عند طلوعها من‌ هذه‌ الدورة‌ الكاملة‌ ، خارجٌ عن‌ محطّ الصدق‌ اللغويّ والعرفيّ من‌ معني‌ الليل‌ والنهار ؛ اخترنا أنّ المراد من‌ المشار إليه‌ هو البُعد ما بين‌ غروب‌ الشمس‌ وطلوعها أو البعد ما بين‌ طلوعها وغروبها من‌ الدورة‌ .

فما ذهبنا إليه‌ في‌ مدلول‌ لفظ‌ «هذا» بهذا التعيّن‌ والتشخّص‌ ، هو المساعد للدليل‌ .

وأمّا الشقّ الثاني‌ وهو جعل‌ الليل‌ كلّيّاً منطبقاً علي‌ أفراد عديدة‌ ، فلا ريب‌ أنّ هذا الكلّيّ طبيعيّ خارجيّ ، لا كلّيّ منطقيّ ولا عقليّ . وبلفظ‌ «هذا» يشار إلي‌ هذه‌ الطبيعة‌ المتّحدة‌ مع‌ مصاديقها خارجاً . ونظير هذا الاستعمال‌ في‌ محاوراتنا كلّ يوم‌ يبلغ‌ آلافاً .

ختام‌ الموسوعة‌ الثانية‌

هذا آخر ما وفّقني‌ الله‌ تعالي‌ لتحرير الجواب‌ ، دفاعاً عن‌ رسالتنا التي‌ لو انتشرت‌ في‌ بلاد العامّة‌ من‌ المسلمين‌ لاضطرّتهم‌ إلي‌ القبول‌ ، بالموازين‌ العلميّة‌ المدرجة‌ فيها ، التي‌ لا مناص‌ لاحد عن‌ قبولها ؛ ولَهداهم‌ إلي‌ سبيل‌ الحقّ ، وهو أحقّ أن‌ يُتّبع‌ .

وأمّا الباعث‌ لي‌ في‌ النهوض‌ بتحرير الرسالة‌ وهذا الجواب‌ ، مع‌ كثرة‌ ما ورد علَيّ من‌ الموانع‌ والصوارف‌ ، تبديل‌ نظرك‌ الشريف‌ ورأيك‌ المنيف‌ .

عسي‌ أن‌ يمدّك‌ الله‌ بتوفيقه‌ ، فتَسود علي‌ أهل‌ الفضل‌ واليقين‌ بالعبور عن‌ هذه‌ المرحلة‌ التي‌ لا يكاد يعبر عنها إلاّ المخلِصون‌ ؛ والمخلِصون‌ في‌ خطر عظيم‌ .

فإن‌ قبلتَ هديّتي‌ هذه‌ ، وهي‌ هديّة‌ نمليّة‌ إلي‌ ملِك‌ الفضل‌ والنباهة‌ وسليمان‌ العلم‌ والشرف‌ ، فهو أجري‌ ومثوبتي‌؛ وما عند الله‌ خير وأبقي‌ . وإن‌ أبيت‌ ، فلا أقلّ من‌ الاحتياط‌ الذي‌ هو سبيل‌ النجاة‌ ، وإرجاع‌ الناس‌ إلي‌ الغير كي‌ يتخلّصوا من‌ المحاذير المُضلّة‌ والاهواء المُردية‌ والفتن‌ المُهوية‌ . و هذا دلالة‌ ناصح‌ مشفق‌ .

جزاك‌ الله‌ عن‌ العلم‌ والورع‌ وأهلهما خير الجزاء ، وأبقي‌ حياتك‌ السامية‌ للاُمّة‌ خير البقاء ، ويرعاك‌ في‌ كلّ حال‌ ولا ينساك‌ في‌ الاُولي‌ والآخرة‌ ، والسلام‌ عليك‌ ورحمة‌ الله‌ وبركاته‌ .

فَإن‌شِئتَ أن تَحيي سعيداً فَمُتْ         به‌ شهيداً وإلاّ فالغَرامُ لهُ أهْلُ

أحِبّةَ قَلبي‌ وَالمَحَبَّةُ شافِعي        ‌ لَدَيكُم‌ ، إذا شِئتُم‌ بِها اتّصَلَ الحَبْلُ

عَسَي‌ عَطفةٌ مِنكُم‌ عَلَيَّ بِنَظرَةٍ         فَقَد تَعِبَتْ بَيني‌ وَبَينَكُمُ الرُّسْلُ[132]

وله‌ الحمد في‌ كلّ حال‌ ، وإليه‌ المرجع‌ والمآب‌ .

ربّنا اجعلنا من‌ الذين‌ قالوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ٓ أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ، الَّذِي‌ٓ أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن‌ فَضْلِهِ لَايَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ .[133]

رَبَّنَا اغْفِرْلَنَا وَ لإخْوَ ٰ نِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَـٰنِ وَ لَا تَجْعَلْ فِي‌ قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ .[134] ربَّنا لا تَكلْنا إلي‌ أنفسنا طرفةَ عين‌ أبداً في‌ الدنيا والآخرةِ ، فَلا نُنادَي‌ من‌ بُطنانِ العَرشِ : ألا أيّتها الاُمّةُ المتحيّرةُ الضالّةُ بعد نبيّها ! لا وَفّقكم‌ اللَهُ لاضحَي‌ ولا لفطر ؛ ولا تُجابَ فينا دعوةُ الملَكِ : لا وَفَّقكمُ اللهُ لصوم‌ ولا فطر .

اللهمّ ما عَرّفتَنا من‌ الحقّ فحَمِّلناه‌ ؛ وما قصُرنا عنه‌ فبَلِّغناه‌ .

خُتم‌ هذا الجواب‌ بحول‌ الله‌ وقوّته‌ ؛ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلاّ بالله‌ العليّ العظيم‌ ؛ في‌ الساعة‌ الثالثة‌ من‌ الليلة‌ السادسة‌ والعشرين‌ من‌ شهر شعبان‌ المعظّم‌ ، سنة‌ ألف‌ وثلاثمائة‌ وسبع‌ وتسعين‌ بعد الهجرة‌ ، علي‌ هاجرها آلاف‌ التحيّة‌ والسلام‌ .

وأنا الراجي‌ عفو ربّه‌ محمّد الحسين‌ بن‌ محمّد الصادق‌ الحسينيّ الطهرانيّ ببلدة‌ طهران‌ .

محـمّـد حـسـيـن‌

الحسيني‌ّ الطهراني‌ّ

القسم‌ الثالث‌ :

جواب‌ العلاّمة‌ الخوئيّ عن‌ الموسوعة‌ الثانية‌

 

بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

هذه‌ صورة‌ ما أجاد به‌ سيّدنا الاُستاذ العلاّمة‌ الخوئيّ أدام‌ الله‌ أيّام‌ بركاته‌ ثانياً ، جواباً عن‌ جوابنا الذي‌ أرسلنا إلي‌ محضره‌ دفاعاً عن‌ الموسوعة‌ المرسلة‌ إلي‌ جنابه‌ في‌ لزوم‌ اشتراك‌ النواحي‌ في‌ الآفاق‌ في‌ رؤية‌ الهلال‌ للحكم‌ بدخول‌ الشهور القمريّة‌ ؛ وجواباً عمّا أجاب‌ به‌ أوّلاً .

نقلناه‌ هاهنا بعين‌ العبارة‌ ، لتسهيل‌ المراجعة‌ والمطابقة‌ مع‌ جوابنا الثاني‌ الماضي‌ ذكره‌ ، وجوابنا الثالث‌ الآتي‌ نصّه‌ .

وقد أفاد مُدّ ظلّه‌ السـامي‌ في‌ الكتاب‌ الذي‌ أرسله‌ معه‌ أن‌ هذا الجواب‌ قد صدر من‌ بعض‌ الافاضل‌ من‌ العلماء بأمر منه‌ أطال‌ الله‌ بقاءه‌ .

وها إليك‌ نصّ الجواب‌ :

المدخل‌

بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

بعد السلام‌ عليكم‌ ورحمة‌ من‌ الله‌ وبركات‌ ، اطّلعنا علي‌ ما ذكرته‌ في‌ موسوعتك‌ المتكفّلة‌ لمسألة‌ الهلال‌ ، وكيفيّة‌ ثبوته‌ .

وهي‌ تنمّ عن‌ سعة‌ اطّلاعك‌ وطول‌ باعك‌ في‌ ما هو مرتبط‌ بالموضوع‌ ، من‌ البحوث‌ العلميّة‌ والقضايا الفلكيّة‌ التي‌ حاولتَ أن‌ تُخرج‌ علي‌ ضوئها الادلّة‌ والروايات‌ الواردة‌ في‌ المسألة‌ من‌ الناحية‌ الشرعيّة‌ ، فتستنتج‌ منها ما هو بصالح‌ القول‌ باشتراط‌ وحدة‌ الآفاق‌ في‌ ثبوت‌ الشهور القمريّة‌ .

وكأنّك‌ افترضت‌ أنّ هذا القول‌ هو الانسب‌ من‌ الناحية‌ الواقعيّة‌ والعمليّة‌ ، لانّه‌ الاقرب‌ إلي‌ ذوق‌ المتشرّعة‌ من‌ الناس‌، بل‌ ذوق‌ العرف‌ والعقلاء بشكل‌ عامّ ؛ وأنّ القول‌ الآخر الذي‌ هو المختار قد استوجب‌ مزيداً من‌ الاوهام‌ ، وأوقع‌ كثيراً من‌ الاضطراب‌ عند العوامّ ، فكثر الشجار والقيل‌ والقال‌ ، حتّي‌ ...

مع‌ أنّ واقع‌ الحال‌ بحسب‌ تصوّراتنا علي‌ عكس‌ ما تقول‌ تماماً .

فإنّ القول‌ بوحدة‌ مبدأ حساب‌ الشهور وتاريخها فهو المتطابق‌ مع‌ المرتكزات‌ العقلائيّة‌ ، والمناسب‌ مع‌ ذوق‌ وحدة‌ مبدأ التاريخ‌ لجميع‌ سكّان‌ الارض‌ ، وأنّ الاختلاف‌ والتقدّم‌ والتأخّر في‌ حساب‌ الايّام‌ أمر علي‌ خلاف‌ طباعهم‌ ، كما لا تناسب‌ وحدة‌ شعائرهم‌ المرتبطة‌ بالايّام‌ والتواريخ‌ . وأيّاً ما كان‌ فلعلّه‌ بالنظر في‌ ما نورده‌ لك‌ من‌ النقاط‌ التالية‌ ، يتّضح‌ لديك‌ المراد من‌ قولنا المختار فتوي‌ ومدركاً ، بنحو يندفع‌ ما زعمتَ عليه‌ من‌ وجوه‌ الإيراد والمؤاخذة‌ .

فنقول‌ :

الاستدلال‌ علي‌ طريقيّة‌ الرؤية‌

1 ـ إنّ الظاهر الاوّليّ في‌ كلّ عنوان‌ يؤخذ في‌ موضوع‌ حكم‌ شرعيّ ، وإن‌ كان‌ يقتضي‌ اعتباره‌ قيداً دخيلاً في‌ ذلك‌ الحكم‌ ، إلاّ أنّه‌ في‌ جملة‌ من‌ الآجال‌ قد يكون‌ هنالك‌ ارتكازٌ عرفيّ أو متشرّعيّ يمنع‌ عن‌ انعقاد هذا الظهور ، ويقتضي‌ حمل‌ العنوان‌ في‌ لسان‌ الدليل‌ علي‌ الطريقيّة‌ والمعرّفيّة‌ .

ومن‌ جملة‌ موارد هذا الارتكاز بل‌ من‌ أوضح‌ مصاديقه‌ عرفاً ما إذا ورد عنوان‌ العلم‌ أو الرؤية‌ أو التبيّن‌ ونحو ذلك‌ في‌ موضوع‌ حكم‌ شرعيّ واقعيّ .

فإنّ ارتكازيّة‌ كون‌ هذه‌ العناوين‌ لدي‌ الإنسان‌ هي‌ الطريق‌ في‌ إثبات‌ الواقع‌ وكشفه‌ ، ولا يمكن‌ من‌ دونها الوصول‌ إلي‌ الواقع‌ المطلوب‌ ، يوجب‌ فهم‌ العرف‌ المُلقي‌ إليه‌ الخطاب‌ لهذه‌ العناوين‌ علي‌ أنّها مجرّد طرق‌ في‌ إثبات‌ الواقع‌ الذي‌ هو موضوع‌ الحكم‌ الشرعيّ من‌ دون‌ دخالتها بنفسها فيه‌ .

وهذا الظهور العامّ لعلّه‌ من‌ المسلّمات‌ الفقهيّة‌ التي‌ لا تشكيك‌ فيها .

وما أكثر المسائل‌ التي‌ ورد في‌ لسان‌ أدلّتها عنوان‌ العلم‌ أو التبيّن‌ ، ومع‌ ذلك‌ لم‌ يحتمل‌ فقيه‌ أن‌ يكون‌ ذلك‌ دخيلاً في‌ الحكم‌ الشرعيّ .

هذا علي‌ العموم‌ ، وفي‌ المقام‌ بالخصوص‌ يضاف‌ إلي‌ ذلك‌ ما ورد في‌ ذيل‌ روايات‌ الباب‌ ، من‌ أنّ الصوم‌ بالرؤية‌ لا بالتظنّي‌ والرأي‌ والاحتمال‌ ؛ ممّا يدلّ علي‌ أنّ المقصود من‌ الرؤية‌ إحراز الواقع‌ بها ولزوم‌ التثبّت‌ فيه‌ .

وكذلك‌ ما هو ثابت‌ نصّاً وفتوي‌ من‌ كفاية‌ قيام‌ البيّنة‌ التي‌ هي‌ تبيّن‌ الواقع‌ ـ كما يشعر به‌ لفظها ـ علي‌ ذلك‌ ، أو مضي‌ّ ثلاثين‌ يوماً من‌ شعبان‌ ولو لم‌ ير أحد الهلال‌ .

وكذلك‌ ما ثبت‌ من‌ لزوم‌ قضاء يوم‌ الشكّ الذي‌ أُفطر فيه‌ لعدم‌ طريق‌ له‌ إلي‌ ثبوت‌ الهلال‌ ، فتبيّن‌ بعد ذلك‌ بالبيّنة‌ أو الرؤية‌ ليلة‌ التاسع‌ والعشرين‌ من‌ صيامه‌ وجود الشهر يوم‌ إفطاره‌ .

فإنّ هذه‌ الاحكام‌ جميعاً وإن‌ أمكن‌ تخريجها علي‌ أساس‌ الحكومة‌ ونحوها كما أُفيد ، إلاّ أنّه‌ لا إشكال‌ في‌ أنّه‌ خلاف‌ ظاهر الادلّة‌ ؛ بمعني‌ أنّ العرف‌ يستفيد من‌ مجموعها أنّ الرؤية‌ مجرّد طريق‌ لإثبات‌ الشهر وليست‌ مقوّمةً له‌ .

والوجه‌ في‌ ذلك‌ أنّ الحكومة‌ والتنزيل‌ مؤونة‌ زائدة‌ لابدّ في‌ مقام‌ استفادتها من‌ دليل‌ ، أن‌ يكون‌ ذلك‌ الدليل‌ واضح‌ الظهور في‌ كونه‌ بصدد التنزيل‌ والحكومة‌ .

ومجرّد معقوليّة‌ الحكومة‌ ثبوتاً لا يشفع‌ لاستفادتها إثباتاً كما هو واضح‌.

أضف‌ إلي‌ ذلك‌ : أنّ عنوان‌ الشهر الذي‌ أُنيط‌ به‌ الحكم‌ بوجوب‌ الصوم‌ ، أمر عرفيّ وليس‌ من‌ مستحدثات‌ الشارع‌ ؛ ومن‌ الواضح‌ أنّ الشهر عند العرف‌ أمر واقعيّ ، وليس‌ للرؤية‌ دخل‌ فيه‌ إلاّ بنحو الطريقيّة‌ المحضة‌ .

فلو أُريد الدوران‌ مدار الرؤية‌ ، كان‌ لابدّ من‌ الالتزام‌ بأنّ الحكم‌ الشرعيّ بوجوب‌ الصوم‌ قد أُخذ في‌ موضوعه‌ ثبوت‌ الشهر والعلم‌ به‌ عن‌ طريق‌ الرؤية‌ مثلاً ؛ وهذا بنفسه‌ بعيد عن‌ مساق‌ أدلّة‌ الصوم‌ الظاهرة‌ في‌ ترتيب‌ الصوم‌ علي‌ نفس‌ الشهر علي‌ حدّ سائر الاحكام‌ الشرعيّة‌ المترتّبة‌ علي‌ الاهلّة‌ والشهور .

2 ـ حمل‌ الرؤية‌ علي‌ الطريقيّة‌ المحضة‌ ، لا يعني‌ أن‌ يكون‌ الميزان‌ واقع‌ خروج‌ الهلال‌ عن‌ تحت‌ الشعاع‌ أو المحاق‌ كما أُفيد . بل‌ هناك‌ مطلب‌ ثالث‌ عرفيّ ومطابق‌ أيضاً مع‌ ما هو المستفاد من‌ أدلّة‌ الباب‌ ، وهو أن‌ يكون‌ الشهر عبارةً عن‌ بلوغ‌ الهلال‌ في‌ الاُفق‌ مرتبةً يمكن‌ للعين‌ المجرّدة‌ رؤيته‌ .

وهذا غير أخذ الرؤية‌ أو العلم‌ موضوعاً ، بل‌ الرؤية‌ ليست‌ إلاّ طريقاً إلي‌ إحراز هذه‌ المرتبة‌ في‌ تكوّن‌ الهلال‌ وظهوره‌ في‌ الاُفق‌ .

ووجه‌ عرفيّة‌ هذا المطلب‌ ومطابقته‌ مع‌ المرتكزات‌ واضح‌ ؛ حيث‌ قلنا إنّ الشهر بحسب‌ المرتكزات‌ العرفيّة‌ أمر واقعيّ علي‌ حدّ الاُمور الواقعيّة‌ الاُخري‌ التكوينيّة‌ ، فلا يناسب‌ أن‌ يكون‌ للعلم‌ والجهل‌ دخل‌ فيه‌ .

كما أنّ الخروج‌ عن‌ المحاق‌ بحسب‌ المقاييس‌ الدقيقة‌ التي‌ لا تثبت‌ إلاّ بالاجهزة‌ والآلات‌ أيضاً ليس‌ ميزاناً لدخول‌ الشهر عند العرف‌ ، لعدم‌ ابتناء الاُمور العرفيّة‌ علي‌ المداقّة‌ والحسابات‌ الرياضيّة‌ أو الفلكيّة‌ .

فيتعيّن‌ أن‌ يكون‌ الميزان‌ عندهم‌ ما ذكرناه‌ من‌ ظهور الهلال‌ ، وتكوّنه‌ وبلوغه‌ مرتبةً قابلةً للرؤية‌ بالعين‌ المجرّدة‌ .

ووجه‌ مطابقة‌ هذا المطلب‌ مع‌ الروايات‌ أنّ عنوان‌ الرؤية‌ الوارد فيها وإن‌ كان‌ علي‌ نحو الطريقيّة‌ المحضة‌ ، إلاّ أنّ ذا الطريق‌ هو الهلال‌ البالغ‌ مرتبةً قابلةً للرؤية‌ بالعين‌ المجرّدة‌ ، لا مجرّد الخروج‌ عن‌ المحاق‌ ولو لم‌ يكن‌ قابلاً للرؤية‌ . والحمل‌ علي‌ الطريقيّة‌ لايقتضي‌ أكثر من‌ إلغاء موضوعيّة‌ الرؤية‌ ، لا المرتبة‌ المفروضة‌ في‌ المرئيّ كما هو واضح‌ .

مضافاً إلي‌ أنّ هذا هو مقتضي‌ حمل‌ الدليل‌ علي‌ الميزان‌ العرفيّ الارتكازيّ في‌ كيفيّة‌ تكوّن‌ الشهر الهلاليّ ، وقد عرفت‌ أنّه‌ يقتضي‌ ذلك‌ أيضاً .

ثمّ إنّكم‌ إمّا تعتبرون‌ الرؤية‌ الخارجيّة‌ بالفعل‌ ، أو تكتفون‌ بالرؤية‌ التقديريّة‌ أيضاً ، بمعني‌ صدق‌ القضيّة‌ الشرطيّة‌ القائلة‌ : إنّه‌ لو استهلّ الناس‌ ولم‌ يكن‌ حاجب‌ كالغيم‌ مثلاً لرئي‌ الهلال‌ .

فإن التزم‌بالاوّل‌ ، لزم‌ القول‌ بعدم‌ دخول‌ الشهر ولو علم‌ بوجود الهلال‌ في‌ الاُفق‌ بنحو قابل‌ للرؤية‌ ولكن‌ قد حجبه‌ غيم‌ مكثّف‌ عن‌ تحقّق‌ الرؤية‌ خارجاً . كما لو علم‌ بذلك‌ نتيجة‌ رصده‌ في‌ السماء أو تشخيصه‌ بالاجهزة‌ الحديثة‌ التي‌ تخرق‌ حجاب‌ الغيم‌ ، أو افترضنا إخبار معصوم‌ لنا بذلك‌ .

والالتزام‌ بهذا بعيد جدّاً . ومن‌ يخالف‌ لاينبغي‌ أن‌ يكون‌ خلافه‌ كبرويّاً ، بل‌ في‌ الصغري‌ والمنع‌ عن‌ إمكان‌ تحصيل‌ العلم‌ بوجوده‌ كذلك‌ في‌ الاُفق‌ .

وإن‌ التزم‌ بكفاية‌ الرؤية‌ التقديريّة‌ ، كان‌ ذلك‌ عبارةً أُخري‌ عن‌ إلغاء دخالة‌ الرؤية‌ في‌ تكوّن‌ الشهر ، وحملها علي‌ الطريقيّة‌ المحضة‌ إلي‌ بلوغ‌ الهلال‌ في‌ نفسه‌ مرتبةً قابلةً للرؤية‌ في‌ السماء .

عدم‌ التلازم‌ بين‌ خروج‌ القمر عن‌ تحت‌ الشعاع‌ وإمكان‌ رؤيته‌

3 ـ إنّ خروج‌ الهلال‌ عن‌ المحاق‌ أو تحت‌ الشعاع‌ ، لا يساوق‌ العلم‌ بإمكانيّة‌ رؤيته‌ في‌ نقطة‌ ما علي‌ سطح‌ الارض‌ ـ وهي‌ النقطة‌ التي‌ تشرف‌ فيها الشمس‌ علي‌ المغيب‌ من‌ مجموع‌ الكرة‌ الارضيّة‌ ـ لكي‌ يمكن‌ دعوي‌ : أنّ جعل‌ الرؤية‌ طريقاً محضاً يلزم‌ منه‌ أن‌ يكون‌ الشهر الشرعيّ مساوقاً مع‌ الشهر الفلكيّ دائماً ؛ وذلك‌ لاحتمال‌ أن‌ لا يكون‌ الهلال‌ الخارج‌ عن‌ تحت‌ الشعاع‌ قابلاً للرؤية‌ في‌ تلك‌ النقطة‌ .

لا من‌ جهة‌ احتمال‌ وجود أحد العوامل‌ الطبيعيّة‌ أو الفلكيّة‌ أو الفيزيائيّة‌ التي‌ اعترفتم‌ بإمكان‌ منعها عن‌ الرؤية‌ فحسب‌ ، بل‌ ولاحتمال‌ أن‌ لا يكون‌ الهلال‌ بعد قد وصل‌ في‌ سيره‌ حول‌ الارض‌ إلي‌ أُفق‌ تلك‌ المنطقة‌ التي‌ تغرب‌ فيها الشمس‌ ، لكي‌ يمكن‌ أن‌ يري‌ بمجرّد خروجه‌ عن‌ تحت‌ الشعاع‌ .

فإنّ الخروج‌ عن‌ تحت‌ الشعاع‌ وحده‌ لا يحقّق‌ إمكانيّة‌ الرؤية‌ ، بل‌ لابدّ من‌ افتراض‌ زوال‌ أشعّة‌ الشمس‌ عن‌ منطقة‌ الرؤية‌ أيضاً .

وهذا لا يكون‌ إلاّ مع‌ تطابق‌ الاُفقين‌ والمغربين‌ ، لكي‌ يتاح‌ للنظر رؤية‌ الهلال‌ بمجرّد خروجه‌ عن‌ الشعاع‌ .

وهذا التطابق‌ لا دليل‌ علي‌ أنّه‌ يحصل‌ بمجرّد خروج‌ الهلال‌ عن‌ تحت‌ الشعاع‌ ، لانّ الدائرة‌ التي‌ ينعكس‌ فيها القمر من‌ سطح‌ الكرة‌ الارضيّة‌ أصغر من‌ الدائرة‌ التي‌ تنعكس‌ فيها الشمس‌ منه‌ ، لكبر حجم‌ الشمس‌ وصغر حجم‌ القمر .

وقد عرفنا أنّ الكوكب‌ الاكبر إذا كان‌ منيراً ، يحتلّ مساحةً أكبر في‌ إشعاعه‌ علي‌ الارض‌ من‌ كوكب‌ آخر أصغر حجماً .

فمن‌ الطبيعيّ أن‌ يكون‌ مغرب‌ القمر قبل‌ مغرب‌ الشمس‌ في‌ أوّل‌ الامر حين‌ تقارن‌ النيّرين‌ ، ثمّ يبدأ المغربان‌ بالتقارب‌ ؛ أي‌ يبدأ مغرب‌ القمر بالاقتراب‌ من‌ مغرب‌ الشمس‌ ، نتيجة‌ حركته‌ إلي‌ جهة‌ المغرب‌[135] حول‌ الارض‌ ؛ حتّي‌ يصل‌ الحال‌ في‌ دورانه‌ ووصوله‌ إلي‌ الناحية‌ الاُخري‌ المقابلة‌ لجهة‌ الشمس‌ من‌ الارض‌ ، أن‌ يكون‌ بداية‌ غروب‌ الشمس‌ هي‌ بداية‌ طلوع‌ القمر وبداية‌ طلوع‌ الشمس‌ هي‌ بداية‌ غروب‌ القمر وهكذا .

هذا مضافاً إلي‌ عوامل‌ أُخري‌ ربّما تفرض‌ دخالتها في‌ عدم‌ تطابق‌ دائرتي‌ الانعكاس‌ علي‌ سطح‌ الارض‌ من‌ النيّرين‌ ، نتيجة‌ ميلان‌ أحدهما علي‌ الآخر في‌ السماء في‌ نفسها ، أو نتيجة‌ ميلان‌ الارض‌ في‌ الفصول‌ الاربعة‌ .

فعلي‌ كلّ حال‌ ، مجرّد تحقّق‌ المغرب‌ في‌ نقطة‌ ما علي‌ سطح‌ الارض‌ في‌ كلّ آن‌ حتّي‌ آن‌ خروج‌ القمر عن‌ تحت‌ الشعاع‌ ، لايلازم‌ دخول‌ الشهر ؛ لانّه‌ لا يلازم‌ بلوغ‌ القمر إلي‌ تلك‌ النقطة‌ في‌ الاُفق‌ بحيث‌ يكون‌ قابلاً للرؤية‌ ، بل‌ قد يكون‌ لا يزال‌ في‌ الآفاق‌ والدوائر الارضيّة‌ التي‌ تقابل‌ ضوء الشمس‌ ويكون‌ الوقت‌ فيها نهاراً ، فلا يكون‌ قابلاً للرؤية‌ .

اشتراك‌ الآفاق‌ ، معنيً غير محدّد

4 ـ إنّ الاشتراك‌ في‌ الآفاق‌ ، لا نفهم‌ له‌ معنيً محدّداً محصّلاً .

وتوضيح‌ ذلك‌ : أنّ رؤية‌ الهلال‌ كما قلنا ، تتحقّق‌ نتيجة‌ سير القمر إلي‌ جهة‌ المغرب‌[136] من‌ الارض‌ بنحو يخرج‌ عن‌ المحاق‌ ويكون‌ قابلاً للرؤية‌ في‌ نقطة‌ مغرب‌ الشمس‌ في‌ سطح‌ الارض‌ .

فإذا لاحظنا تلك‌ النقطة‌ من‌ سطح‌ الارض‌ ، فتمام‌ النقاط‌ التي‌ تقع‌ علي‌ جهة‌ المغرب‌ منها وعلي‌ خطّ عرض‌ واحد ، تكون‌ مشتركةً معها في‌ الاُفق‌، لانّها جميعاً حين‌ يمرّ عليها نفس‌ هذا الغروب‌ يكون‌ الشهر داخلاً بالنسبة‌ إليهم‌ لرؤيتهم‌ الهلال‌ ، ولكنّ النقاط‌ الواقعة‌ إلي‌ جهة‌ المشرق‌ منها مهما تكون‌ قريبةً منها لا تكون‌ مشتركةً في‌ الاُفق‌ معها ، لعدم‌ إمكان‌ رؤية‌ الهلال‌ فيها عند مغربها بحسب‌ الفرض‌ .

وهكذا النقاط‌ التي‌ تقع‌ إلي‌ جهة‌ الشمال‌ أو الجنوب‌ منها ، بنحو تخرج‌ عن‌ الدائرة‌ التي‌ تنعكس‌ علي‌ الارض‌ من‌ القمر حين‌ مغيب‌ الشمس‌ عنها .

فهل‌ يا تري‌ يلتزم‌ باشتراك‌ بلدين‌ متباعدين‌ جدّاً في‌ دخول‌ الشهر وعدم‌ الاشتراك‌ مع‌ البلد المجاور القريب‌ من‌ أحدهما ؟

هذا بحسب‌ المكان‌ ؛ وكذلك‌ الامر غير محدّد بحسب‌ الزمان‌ . إذ ربّما يكون‌ خروج‌ القمر عن‌ تحت‌ الشعاع‌ مصادفاً في‌ شهر لنقطة‌ من‌ سطح‌ الارض‌ حين‌ مغيب‌ الشمس‌ فيها ، بنحو يري‌ الهلال‌ منها غير ما يصادفه‌ في‌ الشهر الآخر ، نتيجة‌ اختلاف‌ ميلان‌ الارض‌ وحركتها المحقِّقة‌ للفصول‌ أو نتيجة‌ اختلاف‌ بروج‌ القمر وميلانه‌ أو لغير ذلك‌ من‌ العوامل‌ ؛ فيلزم‌ أن‌ يكون‌ بَلَدان‌ بعينهما مشتركَين‌ في‌ أُفق‌ واحد في‌ شهر وغير مشتركين‌ في‌ شهر آخر .

و هذا ممّا لا يمكن‌ الالتزام‌ به‌ ، لا عرفاً ولا فقهيّاً .

النقوض‌ والمحاذير ، مشترك‌ اللزوم‌ بين‌ القولين‌

5 ـ وأمّا المشكلة‌ التي‌ آثرتَها بناءً علي‌ المختار ، من‌ أنّ ذلك‌ يؤدّي‌ إلي‌ لزوم‌ افتراض‌ ليلة‌ أوّل‌ الشهر واحدةً في‌ تمام‌ المنقطة‌ التي‌ تحلّ بها الظلمة‌ من‌ الكرة‌ الارضيّة‌ ، فيؤدّي‌ إلي‌ أن‌ يكون‌ الليل‌ في‌ المنطقة‌ الواقعة‌ شرق‌ منطقة‌ رؤية‌ الهلال‌ منذ بدايته‌ ليلة‌ أوّل‌ الشهر مع‌ أنّه‌ في‌ بدايتها ـ التي‌ قد يكون‌ قبلها باثنتي‌ عشرة‌ ساعةً فما دون‌ـ يكون‌ القمر لا يزال‌ في‌ المحاق‌ فكيف‌ يمكن‌ أن‌ يحسب‌ من‌ الشهر القادم‌ ؛ فهذه‌ المشكلة‌ أوّلاً لا تختصّ علي‌ القول‌ بالرأي‌ المختار ، بل‌ يمكن‌ إيرادها علي‌ القول‌ بلزوم‌ الاشتراك‌ في‌ الآفاق‌ أيضاً .

وذلك‌ في‌ ما إذا افترضنا أنّ خروج‌ الهلال‌ عن‌ الشعاع‌ بنحو قابل‌ للرؤية‌ بالعين‌ المجرّدة‌ قد صادف‌ المغرب‌ في‌ نقطة‌ من‌ سطح‌ الارض‌ ، مشتركة‌ في‌ الاُفق‌ مع‌ نقطة‌ أُخري‌ واقعة‌ علي‌ خطّ طول‌ آخر يحلّ فيه‌ غروب‌ الشمس‌ من‌ قبل‌ ؛ فإنّه‌ مثل‌ هذه‌ الفرضيّة‌ سوف‌ يكون‌ خروج‌ الهلال‌ عن‌ تحت‌ الشعاع‌ بالنسبة‌ إلي‌ النقطة‌ الثانية‌ بعد المغرب‌ فيها بزمان‌ ، مع‌ أنّه‌ من‌ بداية‌ الليل‌ يعتبر من‌ الشهر اللاحق‌ .

وثانياً حلُّها : أنّ رؤية‌ الهلال‌ في‌ نقطة‌ من‌ الارض‌ عند غروب‌ الشمس‌ فيها إنّما يوجب‌ الحكم‌ بأنّ النهار القادم‌ بعد ذلك‌ الليل‌ من‌ الشهر القادم‌، بالنسبة‌ إلي‌ تمام‌ النقاط‌ من‌ الكرة‌ الارضيّة‌ التي‌ تشترك‌ مع‌ منطقة‌ رؤية‌ الهلال‌ في‌ ذلك‌ الليل‌ ، دون‌ النقاط‌ التي‌ لا تشترك‌ معها في‌ تلك‌ الليلة‌ .

والروايات‌ الخاصّة‌ أيضاً لا تدلّ علي‌ أكثر من‌ هذا المقدار ، حيث‌ تأمر بقضاء النهار القادم‌ بعد ليل‌ الرؤية‌ ولو في‌ مصر آخر . وواضح‌ أنّ هذا لا يشمل‌ ما إذا كانت‌ رؤية‌ الهلال‌ في‌ نقطة‌ المغرب‌ معاصراً مع‌ النهار عندنا؛ فإنّه‌ ليس‌ نهار ما بعد تلك‌ الليلة‌ التي‌ هي‌ ليلة‌ الرؤية‌ .

وهذا إن‌ كان‌ مطابقاً مع‌ المرتكزات‌ العرفيّة‌ ، بأن‌ فرض‌ أنّ العرف‌ أيضاً يكتفي‌ في‌ دخول‌ الشهر الجديد أن‌ يخرج‌ الهلال‌ عن‌ تحت‌ الشعاع‌ بنحو قابل‌ للرؤية‌ في‌ نقطة‌ مشتركة‌ معنا في‌ الليل‌ ولو كان‌ المقدار الباقي‌ منه‌ عندنا أقلّ منه‌ في‌ تلك‌ النقطة‌ ، لانّ الميزان‌ عنده‌ وقوع‌ النهار الذي‌ يلي‌ الرؤية‌ بعد خروج‌ الهلال‌ سواء وقعت‌ ليلته‌ كاملةً بعده‌ أم‌ لا ؛ فقد تطابق‌ المستفاد من‌ الروايات‌ مع‌ المرتكزات‌ ، وإلاّ فلا أقلّ من‌ أن‌ يكون‌ الحكم‌ الشرعيّ بالصوم‌ بمقتضي‌ الروايات‌ المذكورة‌ منوطاً بذلك‌ .

و علي‌ كلّ حال‌ ، لا إشكال‌ في‌ عدم‌ وجود ارتكاز معاكس‌ علي‌ الخلاف‌ ، لكي‌ يتجرّأ أن‌ يرفع‌ اليد به‌ عن‌ مقتضي‌ ظهور أدلّة‌ الباب‌ المتمثّلة‌ في‌ الروايات‌ الخاصّة‌ التي‌ استند إليها في‌ اختيار القول‌ بعدم‌ لزوم‌ الاشتراك‌ في‌ الآفاق‌ .

6 ـ اتّضح‌ من‌ مجموع‌ ما تقدّم‌ أنّ ما هو نسبيّ ويختلف‌ من‌ منطقة‌ إلي‌ أُخري‌ في‌ مسألة‌ الهلال‌ ، إنّما هو إمكانيّة‌ الرؤية‌ ، ونعني‌ بها بلوغ‌ الهلال‌ مرتبةً من‌ الظهور في‌ نفسه‌ بحيث‌ يكون‌ قابلاً للرؤية‌ لولا وجود سحاب‌ ونحوه‌ ، وأمّا خروجه‌ عن‌ تحت‌ الشعاع‌ فلا يختلف‌ فيه‌ نقطة‌ عن‌ أُخري‌ .

فلو كان‌ الحكم‌ الشرعيّ منوطاً بالاوّل‌ ، كان‌ حكماً نسبيّاً لا محالة‌ مختلفاً من‌ بلد إلي‌ آخر ، وللزم‌ اشتراك‌ البلدان‌ في‌ أُفق‌ الرؤية‌ لترتّب‌ الحكم‌ فيه‌ . ولو كان‌ منوطاً بالثاني‌ ، كان‌ مطلقاً غير نسبيّ ولم‌ يلزم‌ الاشتراك‌ في‌ الآفاق‌ .

والمستفاد من‌ روايات‌ حكم‌ الصوم‌ الاوّليّة‌ ، وإن‌ كان‌ هو الاوّل‌ أعني‌ إناطة‌ الحكم‌ بإمكانيّة‌ الرؤية‌ ، إلاّ أنّ ما جاء في‌ الروايات‌ الخاصّة‌ من‌ كفاية‌ حصول‌ الرؤية‌ في‌ مصر لتحقّق‌ الشهر في‌ جميع‌ الامصار التي‌ تشترك‌ مع‌ ذلك‌ المصر في‌ ليل‌ الرؤية‌ ، دلّنا علي‌ عدم‌ لزوم‌ الاشتراك‌ في‌ الآفاق‌ .ـ انتهي‌ الجواب‌ .

الموسوعة‌ الثالثة‌

بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

وصلّي‌ الله‌ علي‌ محمّد وآله‌ الطاهرين‌

ولعنة‌ الله‌ علي‌ أعدائهم‌ أجمعين‌

هذه‌ صورة‌ ما جري‌ علي‌ فكري‌ الفاتر وقلمي‌ القاصر ، جواباً ثالثاً عن‌ الجواب‌ الثاني‌ للعلاّمة‌ الاُستاذ الخوئي‌ّ أنعم‌ الله‌ علي‌ المسلمين‌ بطول‌ بقائه‌ .

ذكرتُ فيها مواضع‌ النقد من‌ جوابه‌ ، وأدرجت‌ فيها ما هو المؤيّد للموسوعة‌ من‌ لزوم‌ الاشتراك‌ في‌ الآفاق‌ في‌ رؤية‌ الهلال‌ للحكم‌ بدخول‌ الشهور القمريّة‌ ؛ تذكرةً للإخوان‌ المشتغلين‌ ؛ وتبصرةً للاخلاّء المحصّلين‌ .

والحمد للّه‌ ربّ العالميـن‌ حمداً أبديّاً ما دامت‌ السماوات‌ والارضين‌ .

المدخل‌

بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

و صلّي‌ الله‌ علي‌ محمّد وآله‌ الطاهرين‌

و لعنة‌ الله‌ علي‌ أعدائهم‌ أجمعين‌

 

السلام‌ علي‌ ميزان‌ الاعمال‌ ومقلّب‌ الاحوال‌ وسيف‌ ذي‌ الجلال‌ و ساقي‌ السلسبيل‌ الزلال‌ أمير المؤمنين‌ ورحمة‌ الله‌ وبركاته‌

مطلع‌ الموسوعة‌ الثالثة‌

 

أيُّها الرّاكِبُ المُجدُّ رُوَيْداً                         بِقُلوبٍ تَقَلَّبَت‌ مِن‌ جَواهَا

إن‌ تَراءَتْ أرضُ الغَريَّينِ فَاخضَع‌         وَ اخلَعِ النَّعلَ دونَ وادي‌ طُواهَا

وإذا شِمتَ قُبّةَ العالَم‌ الاعـ                     ـلي‌ وَأنوارَ رَبِّها تَغْشاهَا

فَتَواضَعْ فَثَمَّ دارَةُ قُدسٍ                         تَتَمَنَّي‌ الافلاكُ لَثْمَ ثَراهَا

قُل‌ لَهُ وَالدُّموعُ سَفْحَ عَقيقٍ             وَ الحَشا تَصطَلي‌ بِنار غَضاهَا

يَابنَ عَمِّ النَّبيِّ أنتَ يَدُ اللَـ               ـهِ التي‌ عَمَّ كُلَّ شَي‌ءٍ نَداهَا

أنتَ قُرآنُهُ المَجيدُ وَأوْصا                             فُكَ آياتُهُ التي‌ أوْحاهَا

خَصَّكَ اللهُ في‌ مَآثِرَ شَتَّي ‌                  هِيَ مِثْلُ الاعْدادِ لا تَتَناهَي‌

أنتَ بَعدَ النَّبيّ خَيْرُ البَرايا                   وَ السَّما خَيرُ ما بِها قَمَراهَا

لَكَ نَفسٌ مِن مَعدِنِ اللطفِ صيغَتْ          جَعَلَ اللهُ كُلَّ نَفسٍ فِداهَا

يا أبَا النَّيِّرَيْنِ أنتَ سَماءٌ                      قَد مَحَي‌ كُلَّ ظُلمَةٍ نَيِّراهَا

لَكَ ذاتٌ مِنَ الجَلالةِ تَحوي ‌          عَرْشَ عِلمٍ عَلَيـهِ كانَ اسْـتِواهَا

فَتَرَكتَ الرَّشَادَ فَوقَ الثُّرَيّا                     وَ مَقامَ الضَّلالِ تَحتَ ثَراهَا

يا أخا المُصْطَفَي‌ لَدَيَّ ذُنُوبٌ         هِيَ عَينُ القَذَي‌ وَأنتَ جَلاهَا[137]

سلام‌ علي‌ السيّد الاكرم‌ والحبر الاعظم‌ ، فخر العلماء الاعلام‌ ، سيّد الفقهاء العظام‌ ، الآية‌ الحجّة‌ الحاجّ السيّد أبي‌ القاسم‌ الخوئيّ ، زاده‌ الله‌ علماً وبركةً وأدامه‌ الله‌ عمراً وبقاءً ورحمةً ، بحقّ محمّد وآله‌ آمين‌ .

يا أخِلاّي‌َ هَل‌ يَعودُ التَّدانِي‌             مِنكُمُ بِالحِمَي‌ بِعَودِ رُقادِي‌

ما أَمَرَّ الفِراقَ يا جِيرَةَ الحَـی             وأحلَی التَّلاقَ بَعدَ انفِرادِ

کَیفَ یَلتَذُّ بالحیوة مُعَنّیً                  بَينَ أحْشائِهِ كَوَرْي‌ِ الزِّنادِ

عُمرُهُ وَاصطِبارُهُ في‌ انتِقاصٍ                 وَجَواهُ وَوَجدُهُ في‌ ازديادِ

فَغَرامي‌ القَديمُ فيكُمْ غَرامي‌                 وَوِدادي‌ كَما عَهِدتُم‌ وِدادِي‌   

قَد سَكَنتُم‌ مِنَ الفُؤادِ سُوَيْدا            هُ وَمِن‌ مُقْلَتي‌ سَواءَ السَّوادِ

يا سَميري‌ رَوِّحْ بِمَكَّةَ رُوحي             ‌ شادياً إن‌ رَغِبتَ في‌إسْعادِي‌

فَذَراها سِرْبي‌ وَطِيبي‌ ثَراها             وَ سَبيلُ المَسيلِ وِرْدي‌ وَزادي‌

كانَ فيها أُنْسي‌ وَمِعْراجُ قُدْسي           ‌ وَ مَقامي‌ المَقامُ وَالفَتحُ بادِ

قَسَماً بِالحَطيمِ وَالرُّكنِ والاسْـ               تارِ وَالمَرْوَتَينِ مَسْعَي‌ العِبادِ

وَ ظِلالِ الجَنابِ وَالحِجْرِ وَالميـ                       ـزابِ وَالمُستَجابِ لِلقُصّادِ

ما شَمِمْتُ البَشامَ إلاّ وَأهْدَي            ‌ لِفُؤادي‌ ، تَحيَّةً مِن‌ سُعادِ[138]

وبعد التحيّة‌ والإكرام‌ ، والتبجيل‌ والإعظام‌ ، وإهداء خلوصي‌ وودّي‌ ودعائي‌ آناء ليلي‌ وأطراف‌ نهاري‌ ، لدوام‌ الصحّة‌ والعافية‌ وطول‌ العمر بالبركة‌ والرحمة‌ ، وغاية‌ شعفي‌ حين‌ ذكراك‌ ، وشغفي‌ إلي‌ لُقياك‌ ؛ قد افتخرت‌ باستلام‌ كتابك‌ المبارك‌ ، الحاكي‌ عن‌ طلعتك‌ المنيرة‌ وسيّما وجهك‌ الميمون‌ ، وحبّك‌ القديم‌ وخلقك‌ العظيم‌ ، فقلت‌ في‌ نفسي‌ :

فَبَشِيري‌ لَو جَاءَ مِنكَ بِعَطْفٍ         وَ وجودِي‌ في‌ قَبْضَتي‌ قُلتُ هاكَا

فُقْتَ أهْلَ الكَمالِ حُسْناً وَحُسْنَي             ‌ فَبِهِم‌ فاقَةٌ إلي‌ مَعْناكَا

وَ كَفانِي‌ عِزّاً بحُبِّك‌ ذُلّي‌         و خُضوعي‌ ولَستُ مِن‌ أكْفا كَا[139]

فلثمته‌ لما فيه‌ من‌ أطايب‌ روائح‌ الكرامة‌ الفائحة‌ من‌ ضمير أُستاذنا المعظّم‌ ، أدام‌ الله‌ ظلاله‌ السامية‌ .

وكانت‌ معه‌ رسالة‌ صدرت‌ من‌ بعض‌ الافاضل‌ من‌ العلماء حفظه‌ الله‌ ، بأمر السيّد الاُستاذ ، جواباً عن‌ بعض‌ ما حرّرتُه‌ ثانياً حول‌ مسألة‌ لزوم‌ اشتراك‌ الآفاق‌ في‌ رؤية‌ الهلال‌ للحكم‌ بدخول‌ الشهور القمريّة‌ .

فطالعتها بأتمّ الدقّة‌ وأكملها ، فلم‌ أجد فيها ما يشفي‌ العليل‌ أو يروي‌ الغليل‌ ، بعد اعترافه‌ أوّلاً بتماميّة‌ بحوثنا العلميّة‌ حول‌ المسألة‌ ، من‌ ناحية‌ المسائل‌ الفلكيّة‌ في‌ ما هو مرتبط‌ بالمقام‌ ؛ واعترافه‌ أخيراً من‌ الناحية‌ الشرعيّة‌ أيضاً لما هو المستفاد من‌ روايات‌ الصوم‌ الاوّليّة‌ لولا ما تَوهّم‌ من‌ دلالة‌ الروايات‌ الخاصّة‌ علي‌ كفاية‌ حصول‌ الرؤية‌ في‌ مصر .

هذا ، فلمّا كان‌ بعض‌ ما أجاب‌ به‌ في‌ هذه‌ الرسالة‌ غير مستند إلي‌ المقدّمات‌ البرهانيّة‌ ، وبعضه‌ ناشئاً من‌ عدم‌ التأمّل‌ والدقّة‌ في‌ ما أوردناه‌ في‌ الموسوعة‌ ، فلم‌ ينهض‌ في‌ كسر ما اختاره‌ المشهور أو في‌ إقامة‌ ما اخترتم‌ بوجه‌ من‌ الوجوه‌ ، بل‌ كلّ ما أوردناه‌ قائم‌ علي‌ ساقه‌ ؛ استجزت‌ من‌ جنابك‌ أن‌ أكتب‌ جواباً عمّا أورده‌ ، فأقول‌ بعد الصلاة‌ والاستخارة‌ :

بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌

 والصلاة‌ والسلام‌ علي‌ خاتم‌ الانبياء و المرسلين‌ محمّد وآله‌ الاطيبين‌ الانجبين‌ الغُرّ الميامين‌ ، ولعنة‌ الله‌ علي‌ أعدائهم‌ أجمعين‌

 ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ بالله‌ العليّ العظيم‌ .

 

يَسْـَئلُونَكَ عَنِ الاهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَ قِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ .[140] صدق‌ اللهُ العليُّ العظيمُ .

أفاد المجيب‌ حفظه‌ الله‌ أوّلاً : أنّ القول‌ بوحدة‌ مبدأ حساب‌ الشهور وتاريخها ، هو المتطابق‌ مع‌ المرتكزات‌ العقلائيّة‌ والمناسب‌ مع‌ ذوق‌ وحدة‌ مبدأ التاريخ‌ لجميع‌ سكّان‌ الارض‌ ، وأنّ الاختلاف‌ والتقدّم‌ والتأخّر في‌ حساب‌ الايّام‌ أمر علي‌ خلاف‌ طباعهم‌ ، كما لا تناسبه‌ وحدة‌ شعائرهم‌ المرتبطة‌ بالايّام‌ والتواريخ‌ .

ثمّ أورد أُموراً ستّةً في‌ دفع‌ ما أوردناه‌ من‌ النقود علي‌ القول‌ بعدم‌ لزوم‌ الاشتراك‌ في‌ الآفاق‌ وبلزوم‌ الطريقيّة‌ المحضة‌ للرؤية‌ ، المساوق‌ لرفضها بتّاً .

ونحن‌ نبحث‌ أوّلاً عن‌ كيفيّة‌ مبدأ التاريخ‌ ، ثمّ عن‌ هذه‌ الاُمور الستّة‌ واحداً بعد واحد ، طبقاً لما أفاده‌ .

أما القول‌ بلزوم‌ وحدة‌ المبدأ في‌ حساب‌ الشهور المبتني‌ علي‌ رفض‌ مدخليّة‌ الاختلاف‌ في‌ الآفاق‌ فقد تقدّم‌ عليه‌ في‌ هذه‌ النكتة‌ السيّد أبو تراب‌ الخونساريّ قدّس‌ سرّه‌ في‌ كتابه‌ «سبيل‌ الرشاد» في‌ شرح‌ كتاب‌ الصوم‌ من‌ «نجاة‌ العباد» ؛ حيث‌ قال‌ : « و يؤيّده‌ أنّ عدم‌ اختلاف‌ الشهور في‌ الامصار ، لكون‌ المدار علي‌ ذلك‌ ، أنسب‌ إلي‌ الضبط‌ وعدم‌ تشويش‌ الحساب‌ ، وأوفق‌ للحكمة‌ جدّاً ؛ فيناسب‌ أن‌ يكون‌ هو المعتبر عرفاً وشرعاً. »[141]

أقول‌ : وهو المتبادر إلي‌ بعض‌ الاذهان‌ ، والمتسابق‌ إلي‌ الافهام‌ ، حيث‌ إنّه‌ كلام‌ لطيف‌ علي‌ أساس‌ حلاوة‌ الذوق‌ ورقّة‌ الإحساس‌ ؛ لكنّه‌ خال‌ عن‌ السداد .

و قبل‌ الخوض‌ في‌ المطلب‌ لابدّ من‌ تمهيد مقدّمتين‌ :

المقدّمة‌ الاُولي‌ للمقال‌ : خطّ الزمان‌ الدولي‌ّ

الاُولي‌ :

الارض‌ كرويّة‌ ، وتدور حول‌ نفسها دوراً كاملاً في‌ ما يقرب‌ من‌ أربع‌ وعشرين‌ ساعةً ، ويتحقّق‌ بذلك‌ نهار واحد وليلة‌ واحدة‌ في‌ النواحي‌ المعمورة‌ .

سبب‌ تعيين‌ مبدأ فرضي‌ّ للزمان‌

إنّ لجميع‌ النواحي‌ الواجهة‌ لضوء الشمس‌ المشتركة‌ في‌ الاستنارة‌ يحسب‌ نهار واحد ، كما أنّ لجميع‌ النواحي‌ المعاكسة‌ لضوئها المشتركة‌ في‌ الظلمة‌ الواقعة‌ في‌ الظلّ المخروطي‌ّ تحسب‌ ليلة‌ واحدة‌ . ولمّا لم‌ يكن‌ لكرويّتها ميز وشاخص‌ يتميّز ويتشخّص‌ به‌ بعض‌ الاصقاع‌ عن‌ بعض‌ ، في‌ تعيين‌ مشخّصات‌ الايّام‌ والليالي‌ وحدودها من‌ تقويم‌ الاسابيع‌ والشهور ؛ وقعت‌ مشكلة‌ عويصة‌ وهي‌ تمادي‌ يوم‌ واحد وليلة‌ واحدة‌ ، إلي‌ مرّ الاسابيع‌ والشهور وكرّ الاعوام‌ والدهور ، ما بقيت‌ أرض‌ مستنيرة‌ وشمس‌ منيرة‌ .

مثلاً إذا سمّينا الناحية‌ الواجهة‌ للشمس‌ من‌ الكرة‌ الارضيّة‌ يوم‌ الجمعة‌، لم‌ يتغيّر هذا اليوم‌ إلي‌ الابد ولو تدور الارض‌ حول‌ نفسها آلاف‌ مرّة‌ .

وذلك‌ لعدم‌ تعيّن‌ مبدأ له‌ بدءاً ونهايةً ، ولا يمكن‌ أن‌ نتصوّر قبله‌ ولا بعده‌ من‌ خميس‌ وسبت‌ فكيف‌ بسائر أيّام‌ الاُسبوع‌ ؛ لعدم‌ إمكان‌ تصوّر القَبليّة‌ والبَعديّة‌ .

وبهذه‌ الموازاة‌ لايمكن‌ لنا تقدير أيّام‌ الشهور ، أيّ شهر كان‌ شمسيّاً أو قمريّاً ، لعدم‌ تمايز الايّام‌ بعضها عن‌ بعض‌ .

وهذه‌ المشكلة‌ إنّما حدثت‌ بعد كشف‌ قارّة‌ إمريكا ، والعلم‌ بكرويّة‌ الارض‌، وبعد مسافرة‌ السَّيَّاح‌ المعروف‌ ماجلاّن‌ بسفائنه‌ حول‌ الارض‌ في‌ مدّة‌ ثلاث‌ سنين‌ ، من‌ إسبانيا إلي‌ جهة‌ المغرب‌ . حيث‌ إنّ راكبي‌ هذه‌ السفن‌ كانوا يعدّون‌ الايّام‌ بغاية‌ الدقّة‌ ، وقبل‌ الوصول‌ إلي‌ أوطانهم‌ عند ما نزلوا في‌ إحدي‌ الجزائر كانوا يعلمون‌ أنّ اليوم‌ يوم‌ الاربعاء ، فلمّا سألوا أهلها اتّفقوا جميعاً علي‌ أنّ اليوم‌ يوم‌ الخميس‌ .[142]

ولم‌ يدروا أنّ هذا الاختلاف‌ وهو يوم‌ واحد ، نشأ من‌ خلاف‌ جهة‌ مسيرهم‌ لمسير الارض‌ ، وهي‌ من‌ المغرب‌ إلي‌ المشرق‌ .

فإنّهم‌ كانوا يسيرون‌ حول‌ الارض‌ بحسب‌ تعداد الايّام‌ ، مدّةً أزيد من‌ مدّة‌ حسبوها ، وهي‌ مدّة‌ دوران‌ الارض‌ حول‌ نفسها دوراً واحداً البالغة‌ أربعاً وعشرين‌ ساعةً .

فهذه‌ المدّة‌ بمثابة‌ عدم‌ تحويل‌ الشمس‌ عنهم‌ في‌ طول‌ مدّة‌ اثنتي‌ عشرة‌ ساعةً ، فكأنّهم‌ واجهون‌ لضوء الشمس‌ يومين‌ متواليين‌ ، لكنّهم‌ كانوا يحسبونهما يوماً واحداً .

وأمّا قبل‌ كشف‌ هذه‌ القارّة‌ فالعلماء كانوا بانين‌ إمّا علي‌ عدم‌ كرويّة‌ الارض‌ وإمّا علي‌ انحصار المعمورة‌ بنصفها الممتدّ من‌ جزائر خالدات‌ إلي‌ أقصي‌ بلاد الصين‌ واليابان‌ . وعلي‌ كلّ ، كان‌ مبدأ الايّام‌ عندهم‌ عند بزوغ‌ الشمس‌ في‌ هذه‌ البلاد ، كما أنّ المنتهي‌ غروبها في‌ هذه‌ الجزائر .

الارجاعات:


[121] ـ «وسائل‌ الشيعة‌» كتاب‌ الصوم‌ ، ج‌ 7 ، ص‌ 207 .

[122] - نفس المصدر

[123] ـ «وسائل‌ الشيعة‌» ، ص‌ 191 .

[124] ـ «وسائل‌ الشيعة‌» ، ص‌ 208 .

[125] ـ «وسائل‌ الشيعة‌» ، ص‌ 208 .

[126] ـ فإذاً الرؤية‌ هي‌ الموضوع‌ لدخول‌ الشهر الجديد ، ونفهم‌ من‌ مضيّ الثلاثين‌ أنّ الهلال‌ قد كان‌ موجوداً فوق‌ الاُفق‌ ولكن‌ لم‌ يُرَ لمانع‌ خارجيّ ـ م‌ .

[127] ـ لايقال‌ : كاشفيّة‌ الرؤية‌ الفعليّة‌ أو البيّنة‌ ليلة‌ التاسع‌ والعشرين‌ عن‌ ثبوت‌ رمضان‌ يوم‌ الشكّ إنّما تتمّ بعد ضمّ مقدّمة‌ خارجة‌ وهي‌ إثبات‌ أنّ الشهر لا يمكن‌ أن‌ يكون‌ أنقص‌ من‌ تسعة‌ وعشرين‌ يوماً ، وحيث‌ كانت‌ هذه‌ الضميمة‌ قضيّةً خارجيّةً علميّةً ، لا يمكن‌ الاستناد إليها بعد فرض‌ لزوم‌ الرؤية‌ الفعليّة‌ الخارجيّة‌ لتحقّق‌ الشهور الشرعيّة‌ كما ستبيّن‌ .

لانّه‌ يقال‌ : إنّا لا نستند في‌ إثبات‌ هذه‌ القضيّة‌ الخارجيّة‌ إلي‌ مقدّمات‌ علميّة‌ نجوميّة‌ فقط‌ ، بل‌ نستند إلي‌ الروايات‌ الواردة‌ في‌ المقام‌ ؛ وهي‌ كثيرة‌ أوردها في‌ «الوسائل‌» كتاب‌ الصيام‌ ، أبواب‌ أحكام‌ شهر رمضان‌ ، الباب‌ 5 ، ج‌ 7 ، ص‌ 189 إلي‌ 193 :

فمنها ما رواه‌ عن‌ الشيخ‌ بإسناده‌ عن‌ محمّد بن‌ مسلم‌ عن‌ أحدهما (يعني‌ أبا جعفر وأبا عبد الله‌ عليهما السلام‌) قال‌ : شَهْرُ رَمَضانَ يُصيبُهُ ما يُصيبُ الشُّهورَ مِنَ النُّقْصانِ ؛ فإذا صُمْتَ تِسْعَةً وعِشْرينَ يَوْمًا ثُمَّ تَغَيَّمَتِ السَّمآءُ فَأتِمَّ الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ .

ومنها ما رواه‌ عنه‌ بإسناده‌ عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ : إنَّ رَسولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إنَّ الشَّهْرَ هَكَذا وَهَكَذا وهَكَذا ؛ يُلْصِقُ كَفَّيْهِ وَيَبْسُطُهُمَا . ثُمَّ قالَ : وَهَكَذا وَهَكَذا وَهَكَذا ، ثُمَّ يَقْبِضُ إصْبَعًا واحِدةً في‌ ءَاخِرِ بَسْطِهِ بِيَدَيْهِ وَهِيَ الإبْهامُ . فَقُلْتُ : شَهْرُ رَمَضانَ تامٌّ أبَدًا أمْ شَهْرٌ مِنَ الشُّهورِ ؟ فَقالَ : هُوَ شَهْرٌ مِنَ الشُّهورِ . ثُمَّ قالَ : إنَّ عَليًّا عَلَيْهِ السَّلامُ صامَ عِنْدَكُمْ تِسْعَةً وَعِشْرينَ يَوْمًا ، فَأتَوْهُ فَقالوا : يا أميرَ المُؤْمِنينَ ! قَدْ رَأَيْنا الهِلالَ . فَقالَ : أفْطِروا .

ومنها ما رواه‌ عنه‌ عن‌ عليّ بن‌ مهزيار عن‌ عثمان‌ بن‌ عيسي‌ عن‌ سماعة‌ قال‌ : صِيامُ شَهْرِ رَمَضانَ بِالرُّؤْيَةِ وَلَيْسَ بِالظَّنِّ . وَقَدْ يَكونُ شَهْرُ رَمَضانَ تِسْعَةً وَعِشْرينَ يَوْمًا وَقَدْ يَكونُ ثَلاثينَ ؛ وَيُصيبُهُ ما يُصيبُ الشُّهورَ مِنَ التَّمامِ والنُّقْصانِ .

وعنه‌ عن‌ عثمان‌ بن‌ عيسي‌ عن‌ رفاعة‌ عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ مثله‌ .

ومنها ما رواه‌ عنه‌ بإسناده‌ عن‌ يونس‌ بن‌ يعقوب‌ قال‌ : قُلْتُ لاِبي‌ عَبْدِاللَهِ عَلَيْهِ السلامُ : إنّي‌ صُمْتُ شَهْرَ رَمَضانَ عَلَي‌ رُؤْيَةٍ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَما قَضَيْتُ . قالَ : فَقالَ : وَأنَا قَدْ صُمْتُهُ وَما قَضَيْتُ . ثُمَّ قالَ لي‌ : قالَ رَسولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَءَالِهِ وَسَلَّمَ : الشُّهورُ شَهْرٌ كَذا وَكَذا وَشَهْرٌ كَذا وَكَذا .

وبسند آخر عن‌ يونس‌ بن‌ يعقوب‌ مثله‌ إلاّ أنّه‌ قال‌ : ثُمَّ قالَ لي‌ : قالَ رَسولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَءَالِهِ وَسَلَّمَ : الشُّهورُ شَهْرٌ كَذا ؛ وَقالَ بِأصابِـعِ يَدَيْهِ جَمِيعًا ، فَبَسَطَ أصابِعَهُ كَذا وَكَذا وكَذا، وَكَذا وَكَذا وَكَذا ؛ فَقَبَضَ الإبْهامَ وَضَمَّها . قالَ : وَقالَ لَهُ غُلامٌ لَهُ وَهُوَ معتب‌ : إنّي‌ قَدْ رَأَيْتُ الهِلالَ ؛ قالَ : فَاذْهَبْ فَأعْلِمْهُمْ .

ومنها ما رواه‌ عنه‌ بإسناده‌ عن‌ أبي‌ خالد الواسطي‌ّ عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌ في‌ حديث‌ قال‌ : إنَّ رَسولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَءَالِهِ وَسَلَّمَ قالَ : وَإذَا خَفِيَ الشَّهْرُ فَأتِمُّوا الْعِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ، وَصومُوا الواحِدَ وَثَلاثِينَ . وَقالَ بِيَدِهِ : الواحِدُ وَاثْنانِ وَثلَاثَةٌ واحِدٌ وَاثْنانِ وَثَلاثَةٌ ويزوي‌ إبْهامَهُ . ثُمَّ قالَ : أَيُّها النَّاسُ ! شَهْرٌ كَذا وَشَهْرٌ كَذا .

ومنها ما رواه‌ عنه‌ بإسناده‌ عن‌ جابر عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ : سَمِعْتُهُ يَقولُ : ما أدْري‌ ما صُمْتُ ثَلاثينَ أوْ أكْثَرَ أوْ ما صُمْتُ تِسْعَةً وَعِشْرينَ يَوْمًا ؛ إنَّ رَسولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَءَالِهِ وَسَلَّمَ قالَ : شَهْرٌ كَذا وَشَهْرٌ كَذا وَشَهْرٌ كَذَا يَعْقِدُ بِيَدِهِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا .

وغيرها من‌ الروايات‌ الكثيرة‌ ؛ فإذ اً كاشفيّة‌ الرؤية‌ الفعليّة‌ أو البيّنة‌ ليلة‌ التاسع‌ والعشرين‌ عن‌ خروج‌ الشهر الماضي‌ شرعاً ؛ بعد هذه‌ المقدّمة‌ الشرعيّة‌ ممّا لا خفاء فيها ـ منه‌ عفي‌ عنه‌ .

[128] ـ «الكافي‌» طبعة‌ دار الكتب‌ الإسلاميّة‌ ـ طهران‌ ، ج‌ 4 ، ص‌ 82 .

[129] ـ «درر الفوائد» في‌ الحاشية‌ علي‌ «الفرائد» ص‌ 28 ، و من‌ الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ص‌ 6 .

[130] ـ «وسائل‌ الشيعة‌» ج‌ 7 ، ص‌ 209 .

[131] ـ «وسائل‌ الشيعة‌» ج‌ 7 ، ص‌ 209 ؛ و«الكافي‌» ج‌ 4 ، ص‌ 77 .

[132] ـ«ديوان‌ ابن‌ الفارض‌» ص‌ 156 إلي‌ 158 .

[133] ـ الآيتان‌ 34 و35 ، من‌ السورة‌ 35 : فاطر .

[134] ـ الآية‌ 10 ، من‌ السورة‌ 59 : الحشر .

[135] ـ الصحيح‌ : جهة‌ المشرق‌ ؛ كما يأتي‌ في‌ «التنبيه‌» في‌ ص‌ 214 ـ م‌ .

[136] - نفس التعليقه

[137] ـ القصيدة‌ الهائيّة‌ للشيخ‌ الكاظم‌ الاُزريّ ، طبعت‌ في‌ مجموعة‌ مطبوعة‌ بالطبعة‌ الحجريّة‌ ، ص‌ 156 إلي‌ 159 .

[138] ـ «ديوان‌ ابن‌ الفارض‌» ص‌ 153 إلي‌ 156 .

[139] ـ نفس‌ المصدر ، ص‌ 186 إلي‌ 191 ؛ وفيه‌ بدل‌ «أهل‌ الكمال‌» ، «أهل‌ الجمال‌» ـ م‌ .

[140] ـ الآية‌ 189 ، من‌ السورة‌ 2 : البقرة‌ .

[141] ـ «سبيل‌ الرشاد» في‌ شرح‌ كتاب‌ الصوم‌ من‌ «نجاة‌ العباد» الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ص‌ 112 .

[142] ـ ترجمة‌ «رحلة‌ ماجلاّن‌» الفارسيّة‌ ، ص‌ 278 .

      
  
الفهرس
  القسم‌ الاوّل:كلام‌ العلاّمة‌ الخوئيّ
  الدليل‌ الاوّل‌ علي‌ كفاية‌ الرؤية‌ الاءجمالية‌
  الدليل‌ الثاني‌ علي‌ عدم‌ اعتبار الاتـّحاد في‌ الاُفق‌
  الشواهد علي‌ عدم‌ لزوم‌ الاشتراك‌ في‌ الا´فاق‌
  الموسوعة‌ الاُولي‌
  سبب‌ كتابة‌ الموسوعة‌
  البحث‌ عن‌ الجهة‌ العلميّة‌ في‌ المسألة‌
  المقدّمة‌ الاُولي‌ والثانية‌
  المقدّمة‌ الثالثة‌ و الرابعة‌
  المقدّمة‌ الخامسة‌
  المقدّمة‌ السادسة‌ والسابعة‌
  المقدّمة‌ الثامنة‌
  المقدّمة‌ التاسعة‌
  المقدّمة‌ العاشرة‌ والحادية‌ عشرة‌ والثانية‌ عشرة‌
  الاُمور الدخيلة‌ في‌ إمكان‌ رؤية‌ الهلال‌
  المقدّمة‌ الثالثة‌ عشرة‌
  المقدّمة‌ الرابعة‌ عشرة‌
  المقدّمة‌ الخامسة‌ عشرة‌
  مبدئيّة‌ خروج‌ القمر عن‌ تحت‌ الشعاع‌ ، تخالف‌ اتّفاق‌ جميع‌ الاقوام‌ والاُمم‌
  اختلاف‌ الا´فاق‌ هو السبب‌ الاصلي‌ّ لرؤية‌ الهلال‌ في‌ بعض‌ البلاد دون‌ بعض‌
  طلوع‌ القمر واقعة‌ سماوية‌ مرتبطة‌ بالارض‌ وبقاعها
  مناط‌ اتّحاد الاُفق‌ واختلافه‌
  بيان‌ ضابطة‌ كلّيّة‌ لتعيين‌ الحدّ في‌ اشتراك‌ الاُفق‌
  البحث‌ عن‌ الجهة‌ الشرعيّة‌ في‌ المسألة‌
  مجعوليّة‌ الرؤية‌ ، علي‌ سبيل‌ الموضوعيّة‌ لا الطريقيّة‌
  التفصيل‌ بين‌ البلاد الواقعة‌ فوق‌ الارض‌ والواقعة‌ تحتها ، لا يدفع‌ الاءشكال‌
  سبب‌ فتوي‌ المشهور هو موضوعيّة‌ الرؤية‌ ومدخليّة‌ البقاع‌ فيها
  استدلال‌ القائلين‌ بعدم‌ لزوم‌ الاشتراك‌ مبني‌ّ علي‌ منع‌ اختلاف‌ المطالع‌
  كلمات‌ العلاّمة‌ (قدّه‌) حول‌ المسألة‌
  كلام‌ صاحب‌ الحدائق‌ (ره‌) في‌ المقام‌
  كلام‌ الشهيد (قدّه‌) في‌ «الدروس‌»
  كلام‌ النراقي‌ّ (ره‌) في‌ «المستند» علي‌ خلاف‌ المشهور
  البحث‌ حول‌ كلام‌ «المستند»
  البحث‌ حول‌ كلام‌ صاحب‌ الوافي‌ (قدّه‌) في‌ المقام‌
  البحث‌ حول‌ كلام‌ السيّد الحكيم‌ (قدّه‌) في‌ مستمسكه‌
  الكلام‌ حول‌ التمسّك‌ بالاءطلاقات‌ ، لعدم‌ لزوم‌ الاشتراك‌
  القرائن‌ العقليّة‌ المانعة‌ عن‌ انعقاد ظهور روايات‌ الباب‌ في‌ الاءطلاق‌
  القرائن‌ النقليّة‌ المانعة‌ عن‌ إطلاق‌ الروايات‌
  الرؤية‌ جزء الموضوع‌ ؛ و الجزء الا´خر هو وجود الهلال‌
  وجه‌ انصراف‌ الروايات‌ إلي‌ الا´فاق‌ القريبة‌
  توسيع‌ دائرة‌ الحكومة‌ إلي‌ الا´فاق‌ البعيدة‌ مساوق‌ لاءنكار الرؤية‌
  الكلام‌ حول‌ ما استُشهد به‌ علي‌ عدم‌ لزوم‌ الاشتراك‌ في‌ الا´فاق‌
  كيفيّة‌ تصوير الايـّام‌ و الليالي‌ إمّا جزئيّات‌ أو كلّيّات‌
  ختام‌ الموسوعة‌ الاُولي‌
  القسم‌ الثاني‌ :جواب‌ العلاّمة‌ الخوئيّ عن‌ الموسوعة‌ الاُولي‌
  المدخل‌
  تبيين‌ المراد من‌ بداية‌ الشهر و بداية‌ الحساب‌
  الكلام‌ حول‌ القول‌ بجزئيّة‌ الرؤية‌ للموضوع‌ ، و القول‌ بانصراف‌ الاءطلاقات‌
  البحث‌ حول‌ الاءشكال‌ في‌ الاستشهادات‌
  الموسوعة‌ الثانية‌
  مطلع‌ الموسوعة‌ الثانية‌
  مقدّمات‌ المبحث‌
  الاُمور المترتبة‌ علي‌ حركة‌ الارض‌ حول‌ نفسها
  الاءشكالات‌ الواردة‌ علي‌ التفريق‌ بين‌ بداية‌ الشهر و بداية‌ النهار
  الاءشكال‌ علي‌ التفصيل‌ بين‌ النصف‌ الفوقانيّ و النصف‌ التحتانيّ ، باق‌ علي‌ حاله‌
  الجواب‌ عن‌ الاءشكالات‌ الواردة‌ علي‌ مجعوليّة‌ الرؤية‌ جزءاً للموضوع‌
  لو كانت‌ الرؤية‌ طريقاً محضاً لوجب‌ أن‌ تخلفها سائر الطرق‌ اليقينيّة‌
  إن‌ الاصحاب‌ رفضوا الروايات‌ الدّالّة‌ علي‌ أماريّة‌ غير الرّؤية‌
  الاءشكال‌ علي‌ أدلّة‌ طريقيّة‌ الرؤية‌
  الكتاب‌ و السنّة‌ يدلاّن‌ علي‌ مجعوليّة‌ الرؤية‌ بنحو الصفتيّة‌
  قيام‌ البيّنة‌ مقام‌ الرؤية‌ لا ينافي‌ مو ضوعيّة‌ الرؤية‌
  وجوب‌ قضاء يوم‌ الشكّ الذي‌ أُفطر ، لا يدلّ علي‌ طريقيّة‌ الرؤية‌
  إجزاء صوم‌ يوم‌ الشكّ ، لا يدلّ علي‌ كاشفيّة‌ الرؤية‌
  معني‌ صفتيّة‌ الرؤية‌
  >>ختام‌ الموسوعة‌ الثانية‌
  القسم‌ الثالث‌ : جواب‌ العلاّمة‌ الخوئيّ عن‌ الموسوعة‌ الثانية‌
  المدخل‌
  الاستدلال‌ علي‌ طريقيّة‌ الرؤية‌
  عدم‌ التلازم‌ بين‌ خروج‌ القمر عن‌ تحت‌ الشعاع‌ وإمكان‌ رؤيته‌
  اشتراك‌ الا´فاق‌ ، معنيً غير محدّد
  النقوض‌ والمحاذير ، مشترك‌ اللزوم‌ بين‌ القولين‌
  الموسوعة‌ الثالثة‌
  المدخل‌
  مطلع‌ الموسوعة‌ الثالثة‌
  المقدّمة‌ الاُولي‌ للمقال‌ : خطّ الزمان‌ الدولي‌ّ
  سبب‌ تعيين‌ مبدأ فرضي‌ّ للزمان‌
  خطّ الزمان‌ وخطّ نصف‌ نهار كرينويج‌ ، ينصفان‌ كرة‌ الارض‌
  المقدّمة‌ الثانية‌ : اختلاف‌ مبدء طلوع‌ القمر في‌ أوّل‌ كلّ شهر
  مبدء الشهر لجميع‌ النواحي‌ ، يختلف‌ بيوم‌ واحد ؛ علي‌ كلا القولين‌
  المصير إلي‌ كفاية‌ الرؤية‌ الاءجمالية‌ لايوجب‌ وحدة‌ التواريخ‌ والشعائر
  الردّ علي‌ النقاط‌ الستّ في‌ الجواب‌ عن‌ الموسوعة‌ ؛ النقطة‌ الاُولي‌
  الفرق‌ بين‌ «العلم‌» و«التبيّن‌» عند الاخذ في‌ موضوع‌ الحكم‌
  دعوي‌ استعمال‌ «الرؤية‌» بعنوان‌ الكاشفيّة‌ المحضة‌ ، وهم‌
  القرائن‌ الدالّة‌ علي‌ موضوعيّة‌ الرؤية‌
  كلام‌ القاضي‌ ابن‌ البرّاج‌ (قدّه‌) حول‌ انحصار طريقيّة‌ الرؤية‌
  دلالة‌ الروايات‌ المفسّرة‌ للاهلّة‌ ، علي‌ انحصار مدخليّة‌ الرؤية‌
  الجواب‌ عن‌ الاستدلال‌ لطريقيّة‌ الرؤية‌ بكفاية‌ قيام‌ غيرها مقامها
  الردّ علي‌ الاستدلال‌ لطريقيّة‌ الرؤية‌ بلزوم‌ القضاء يوم‌ الشكّ
  الكلام‌ حول‌ النقطة‌ الثانية‌
  محطّ الطريقيّة‌ والموضوعيّة‌ كلتيهما هو كون‌ القمر قابلاً للرؤية‌
  الكلام‌ حول‌ النقطة‌ الثالثة‌
  الجواب‌ عن‌ النقطة‌ الرابعة‌
  الردّ علي‌ النقطة‌ الخامسة‌
  كفاية‌ الرؤية‌ الاءجماليّة‌ توجب‌ الحكم‌ بدخول‌ الشهر عند المحاق‌
  الجواب‌ عن‌ النقطة‌ السادسة‌
  التنبيه‌ علي‌ أُمور ؛ الاوّل‌ : استقلال‌ كلّ من‌ الادلّة‌ العلميّة‌ والشرعيّة‌
  التنبيه‌ الثاني‌ : الجهات‌ الاصليّة‌ لتعقيب‌ المباحث‌
  التنبيه‌ الثالث‌ : أخذ الاءطلاقات‌ ورفض‌ روايات‌ الرؤية‌ ، متنافيان‌
  التنبيه‌ الرابع‌ : موضوعيّة‌ الرؤية‌ لكلّ أُفق‌ ، تُناسب‌ الشريعة‌ السمحة‌ السهلة‌
  التنبيه‌ الخامس‌ : الكلام‌ حول‌ الاستدلال‌ بصحيحة‌ محمّد بن‌ عيسي‌
  التنبيه‌ السادس‌ ، والتنبيه‌ السابع‌
  ختام الموسوعة‌ ‌ الثالثة‌

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی