معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > محاضرات متفرقة لآية الله السيد محمد محسن الطهراني > كيفيّة التعامل مع المشكّكين

_______________________________________________________________

هو العليم

كيفيّة التعامل مع المشكّكين

 

ألقيت في أحد دروس الأسفار من عام 1433هـ

سماحة آية اللـه

السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني
حفظه اللـه

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

    

مقدّمة في دوافع طرح هذه المحاضرة

اليوم هو يوم الأحد كما هو معلوم، وقد قرّرنا أن نستأنف فيه الدرس بعد هذه المدّة من التأخير، وكان هناك بعض المطالب في ذهني، وكنت قد نويت أن أذكرها للإخوة، ووعدت بها منذ مدّة، وكان من المقرّر أن أذكرها في ليلة من ليالي الثلاثاء حيث تعقد الجلسات الأسبوعيّة، وقد وُجّهت حول هذه المطالب الكثيرُ من الأسئلة، ولا زالت توجّه إليّ، ولكن لوجود بعض المحذورات لم أوفّق لأكون في خدمة الرفقاء في ليلة الثلاثاء، ولو وفّقت لا أدري ما إن كان هناك فرصة لذكر هذه المطالب فيها أم لا، لذا على كلّ حال نويت أن أذكرها لكم في اليوم الأول الذي ألتقيكم فيه، لتكون كمقدّمة، وبعدها ـ إن شاء الله وبقي لنا عمرـ نستمرّ في البرنامج المتداول في بحثَي الفلسفة والفقه، غاية الأمر أن مدّة الدرس ستكون أقصر.
المسألة التي ينبغي أن يلتفت إليها الإخوة... وطبعاً هي ليست مختصّة بهذاالجمع من الحاضرين، بل متعلّقة بجميع الإخوة، سواء كانوا من الرجال أم من النساء، ومن أهل العلم أم من غيرهم، فهذه المسألة لا صلة لها بالعلم وغير العلم، بل هي ترتبط بالنفس ومسائلها, وطبعاً جميعنا نشترك في هذا الأمر حتّى نفس المتكلّم، ولذلك تجدون أنّ لي منهجاً خاصاً في العلاقات والقضايا والارتباطات، وهذا يرجع إلى طبيعة أحوالي، ولا بدّ من ذلك، ولا طريق آخر غيره، وأما مشيئة الله وإرادته فلا اطلاع لنا عليها، ولكن علينا أن نعمل على أساس التكليف، ونحن موظّفون بهذا التكليف كما يدركه عقلنا القاصر والناقص.

    

ممّا جرى بعد وفاة المرحوم الأنصاريّ رضوان الله عليه

وكما هو حاضر في ذهني، فقد كان المرحوم العلاّمة وعظماء العرفاء يؤكّدون كثيراً على كيفيّة إقامة العلاقات والروابط. وقد ذكر المرحوم العلاّمة قدراً من هذه المسألة في كتاب الروح المجرّد مع حذف الكثير من المطالب، فقد ذكر فيه أنّ بعض الأفراد أقدموا على الادّعاء بعدم الاحتياج إلى التربية والتتلمذ، وأقاموا على ذلك أدلّة واهية، من قبيل أنّ الإمام عليه السلام حيّ، وكافّة الأمور هي بيده، وأنّ المرحوم الأنصاريّ كان موجوداً وهو بعد الموت يصبح أكثر قدرة، ولذا فلا حاجة إلى أستاذ جديد، وتربية جديدة، فالتربية السابقة كافية.
وجواب المسألة بديهي، وهو أنّ نفس هؤلاء الأشخاص الذين كنتم تتلمذون عندهم، كان يتتلمذ لديهم آخرون أيضاً ولم يكونوا أقلّ علماً منكم إن لم يكونوا أكثر، فأيّ من هؤلاء كان في علمه كالمرحوم العلاّمة؟! وأيّ منهم كان في معرفته وإدراكه للمسائل مثل المرحوم العلامة أو غيره من الأفراد الذين كانوا في ذاك المجال من غير أهل العلم؟! وإن كنتم تدّعون أنتم عدم حاجتكم إلى الأستاذ، فما صلة ذلك بالآخرين؟ فالآخرون الذين تعرّفوا لتوّهم على المرحوم الأنصاري، أو أنّهم شاركوا في مجالسه بضعة أيّام، فهؤلاء حتماً لا تنطبق عليهم القضيّة، فلماذا إذاً تطرحونها وتنشرونها للعموم؟
جيّد أنتم كنتم لسنوات في خدمة المرحوم الأنصاري، وبعضكم كان يختلف إلى المرحوم القاضي، هذا جيّد، أنتم تدّعون عدم حاجتكم إلى الأستاذ، جيّد جداً، ولكن ذاك الذي التقى بالمرحوم الأنصاري ستّة أشهر فقط، أو شهراً واحداً في أواخر عمره، فهذا لم يلتق بأحد، فلماذا تقولون له أنّه لا حاجة إلى الأستاذ؟ لماذا؟ من هنا يُعلم أنّ هذا مجرّد خداع وتلاعب، وكلّ ذلك يهدف إلى الحفاظ على الدكّان الخاص وعلى المريدين والأتباع، وهذا من عمل النفس، ومن العناد والمواجهة للحقيقة. وإلا فما المشكلة في أن يكون الإنسان مدّة تحت تربية أحد الأساتذة الكبار ثمّ ينتقل إلى أستاذ آخر من العظماء؟ فما هو الأمر الذي كان يقوله المرحوم الحدّاد ولم يكن المرحوم الأنصاري يقول به؟ أو ما هو الأمر الذي كان يقول به الأنصاري ولم يكن المرحوم الحدّاد يأمر به، أو المرحوم العلاّمة؟ فالمرحوم الحدّاد لم يأمر بالانتحار أو بطلاق الزوجات أو بعمل مخالف للشرع، ألم يكن المرحوم الأنصاري يؤكّد على العمل بالتكاليف والبرامج؟ ألم يكن من أوامره صلاة الليل؟ فلماذا يقول هؤلاء لا حاجة لنا إلى صلاة الليل؟ ألم يكن من أوامر وبرامج المرحوم الأنصاري القيام بالأذكار والأوراد، فرسائله التي كان يرسلها إلى المرحوم العلاّمة حين كان في النجف لا تزال محفوظة، فإن كان من الخطأ القيام بذلك، فهو خطأ أيضاً عند المرحوم الشيخ الأنصاري، وإن كان صحيحاً فلماذا يجب أن لا يُستمرّ على هذا الصواب، لماذا؟! هل يجب أن يتوقّف العمل بالصواب عند حدّ معيّن، فإن كان الإنسان يحتاج إلى ماء فعليه أن يشرب الماء دائماً، ولا يمكن أن يشرب في زمان دون آخر، نعم ما دام لديه عطش فعليه أن يشرب، حتّى إذا ارتفع عطشه توقّف.
هذا بكلّ تفاصيله هو ما كنّا نراه ونشاهده في ذلك الزمان، وكنّا نرى الجلسات التي كانت تقام، فقد كان هؤلاء يكذبون حتّى في زمان حياة المرحوم الأنصاري، ففي حياته كانوا يكذبون، غاية الأمر أنّ حياءه وشهامته كانا يمنعان من طردهم، وإلا فهؤلاء لم يكونوا مرتبطين به حتّى في ذاك الزمان.

    

موقف بعض تلامذة المرحوم الأنصاري مما جرى بعده والأسباب المنطقيّة له

نعم كان هناك أفراد في حياة المرحوم الأنصاري قد ارتبطوا به مدّة وبعد ذلك نحَوا منحى مخالفته، وقد واجههم تلامذته ومريدوه، ولم يتركوهم فحسب، بل قطعوا صلتهم بهم كليّاً؛ وذلك لأنّ من الطبيعيّ أن تَتْرُكَ العلاقةُ مع أيّ فرد أثرَها على روحيّة الإنسان، فهذه مسألة طبيعيّة، ونحن لم نأت إلى هذه الدنيا لنقوم في كلّ يوم بتجربة ما لنصل بعدها إلى نتيجة، ثمّ نقوم في اليوم التالي بتجربة أخرى لنصل إلى النتيجة، بل نجرّب مرّة واحدة وينتهي الأمر؛ فكم هو العمر الذي أعطاه الله للإنسان؟! وكم هي فرصتنا للبقاء في هذا العالم؟! وكم يجب علينا أن نقوم بتكرار النظر في المسائل؟! عندما يرى الإنسان أنّ أمراً ما هو على هذا الحال، وعندما يشاهد خطأً ما ومخالفة، فإنّه يقوم بالتنبيه لمرّة ومرّتين وثلاث، فإن رأى أنّه لا فائدة، فيجب عليه أن لا يتلفَ عمره في هذه الأمور، وعليه أن يمضي في سبيله، فيمكن أن تظهر في مسير الإنسان وفي مسيرة الحياة بعض الأحداث والمشكلات، وعلى الإنسان أن يعمد إلى تصحيحها وتعديلها، لا شكّ في ذلك، سواء كانت هذه المسائل عائليّة أو ترتبط بإخوانه ورفاق دربه، إلا أنّ لذلك حدّ، فإذا وصلت الأمور إلى حدّ رأى فيه الإنسان أن لا فائدة، وأنّ الطرف الآخر يسير في طريق اختاره لنفسه، وهو يسعى إلى مسائل أخرى، ويعمل على جميع المريدين والأتباع والأنصار والمنافسين وأمثال هذه الأمور، فهنا على الإنسان أن لا يقصّر، وأن يقوم بقطع العلاقة والصلة، فالمسألة هنا تامّة وواضحة.
وليس الكلام هنا من باب الأستاذ والتلميذ، فلا مجال لهذا الكلام لديّ، وكما ذكرت لكم، فأنا من البداية لم أدّع ذلك ولا هو ثبوتاً متحقّق، فمقام الأستاذ ووليّ الله هو مقام آخر، ولكن كلامنا هو أنّه ماذا علينا أن نصنع ما دام الله تعالى "لم يعطنا قدرة على حمل اثنتين من ثمار البطّيخ في يد واحدة"؟ فالله أعطانا قدرة على حمل بطيّخة واحدة باليد الواحدة، ولو حملنا أكثر فإنها ستقع، لا نملك القدرة على ذلك، ولو ملكنا القوّة والقدرة على حمل وزن كهذا فإنّا لا نملك السعة والمكان لذلك، فالمكان لا يتّسع في اليد الواحدة إلا لثمرة واحدة من البطيخ، وهذا هو ما يجعلنا نتعثّر، وما يسدّ طريقنا، ويغيّر نفوسنا.

    

العلاقة مع الصديق : آثارها وحدودها

إنّ من المسائل المهمّة جدّاً في السير والسلوك والتي ينبغي الاهتمام بها بشدّة هي مسألة علاقاتنا مع الأصدقاء، فهذه العلاقة ليست علاقة مفتوحة، بل لها حدود، إنّ العلاقة والارتباط مع الصديق هي بمثابة الدعوة له للورود إلى حريم القلب، فعندما تقيم علاقة صداقة مع أحد، ففي الحقيقة تكون قد أرسلت إليه دعوة أن تفضّل واتخذ لنفسك منزلاً في هذا الحريم، اتخذ لك فيه مأوى وملجأً ومسكناً، فأنت بإمكانك الدخول إلى هذا الحريم، يمكنك أن تكون حاضراً فيه، فإذا أنا ذهبت للزيارة إلى أحد الأماكن المقدّسة فإنّي أصحبك معي، فأنتم حينما تذهبون إلى المشاهد المشرّفة ألا تدعون لإخوانكم وأصدقائكم؟! فما معنى هذا الدعاء؟ معناه حضور هؤلاء في كلّ مكان أنتم فيه، فهل حصل لكم يوماً أن ذهبتم للزيارة فأخذتم بالدعاء لعمر، أم أنّكم تلعنونه مائة مرّة أو أكثر وتقدّموا له ذلك هدية؟ هل حصل أن ذهبتم لزيارة الإمام الرضا عليه السلام فشرعتم بالدعاء ليزيد؟! لا معنى لذلك، لأنّه لا سبيل ليزيد وعمر بن سعد إلى هذا الحريم، لا سبيل لعمر وأبي بكر وخالد بن الوليد إلى هذا الحريم، ولا مكان لهم فيه، ولا سبيل للمعاند والمبغض إلى هذا الحريم، ولا معنى لأن يكون له سبيل إليه، وكذلك لا ينبغي أن يكون هناك سبيل إلى حريم قلب الإنسان لمن يتبنّى المخالفة والمواجهة والمعارضة، لماذا يكون له سبيل؟ من الذي يلزمنا بأن نرسل دعوة إلى الجميع؟ هل المرحوم القاضي؟ هل قال إمام الزمان عليه السلام: عليكم أن ترسلوا دعوة إلى الجميع، انطلاقاً من "شهرك قدس" هذه إلى ما بعدها من "برديسان" و"مهديه" [1] وقم وأطرافها أن يتفضّل الجميع، حينها سيصبح الأمر على حال لا يمكن تداركه وإصلاحه، فأنت حينما تدعو الناس إلى مجلس فإنّك تلاحظ ألف جانب وجانب، مثلاً أن لا يكون المدعوّ مريضاً بمرض معدٍ يؤدّي إلى إصابة الآخرين به، عندما تدعو شخصاً مريضاً كهذا وينقل العدوى إلى الآخرين ستكون المسؤوليّة على عهدتك أنت يا من دعاه، وسيقول لك الآخرون: لماذا دعوته؟ وإن شئت أن تدعوَه فلماذا لم تخبرنا؟ لماذا لم تخبرنا أنّ في المجلس رجلاً مريضاً؟ لقد كان في الخارج، فدعه حتّى إذا ما تحسّنت أحواله دعوته إلى المجلس، لقد دعوته على مرضه فجعلت الآخرين يصابون بما أصيب، وهذه المسؤوليّة على عاتقك يا صاحب المنزل، لقد مرض عشرة من الحاضرين، أو خمسة عشر، وإن لم يمرض الجميع. إلا أنّك لو لم تفسح له المجال ليأتي إلى هذا المجلس هل كان سيصاب هؤلاء العشرة أم لا؟ من قال أنّه يجب أن يؤتى بالمريض إلى هذا المجلس لينقل العدوى إلى الآخرين ولو إلى اثنين منهم، فهناك آلاف المجالس الأخرى ليذهب إليها، لماذا يأتي إلى هذا المجلس بشكل خاص، ما الداعي إلى ذلك؟ التفتوا فليست القضيّة سهلة إلى هذا الحدّ بحيث يقوم الإنسان بإعلان عمومي شامل من أراد أن يأتي فليأت، لا، لا بدّ أن يكون الأفراد منضبطين وفق برنامج خاص، فنحن لا ينبغي لنا في هذا الزمان أن نضيّع عمرنا كلّه في "إن قلتَ قلتُ".

    

عدم الطاعة العمياء هو الفارق بين مدرسة العرفان ومدارس التصوّف

إنّ مدرسة العرفان هي مدرسة التربية ومدرسة التعليم، كما ذكرت في المجلّد الأول أو الثاني من أسرار الملكوت والآن أعمل على إتمامه في المجلّد الثالث وهو إن شاء الله سيكون جاهزاً خلال أسبوعين ، فقد ذكرت أنّ هذه المدرسة هي مدرسة الفهم والمعرفة والإدراك، وليست مدرسة الدراويش والمتصوّفة والذين يقولون للناس: طأطئ رأسك ولا ترفعه. وقد رأينا من هذه البدع بعد زمان المرحوم العلاّمة، حيث قالوا: هنا لا ينبغي لأحد أن يتكلّم. وكانت عبارتهم بدقّتها أنّه لا ينبغي لأحد أن يرفع رأسه هنا! فمن أنت لكي لا ينبغي لأحد أن يرفع رأسه عندك؟ من أنت؟! لقد وقع الكثير من الخلط والاشتباه... لا ينبغي لأحد أن يرفع رأسه و...!!! وقد كذبوا في تلك الليلة التي تحدّثوا فيها وطرحوا آية "لا حول ولا قوّة إلا بالله" وقالوا: لو أنّ شخصاً كان تتلمذ لدى شخصين اثنين لم يصل إلى نتيجة، وأنّه يمكن أن يكون الطريق صحيحاً ولكن ينبغي أن لا توضع القدم إلا في طريق واحد"، لقد كان كلّ ذلك كذباً، وكان كلّ كلامهم كذباً وخداعاً، اليوم نتكلّم بكلام وغداً نتراجع عنه!! وبعده إذا اتضحت الأمور نقول: متى قلنا نحن ذلك؟ ألم تقل في ليلة السابع والعشرين من رجب في ذكرى المبعث أنّه لا يمكن وضع القلب في موضعين؟ ألم تقل؟ أليس تسجيل ذلك محفوظاً؟! ذاك الذي افتتح خطابه بـ "لا حول ولا قوّة إلا بالله" هل يمكن أن يتكلّم بكلامه إلا مدّعي الخلافة الحقيقيّة، لا الوصاية الظاهريّة؟ ثمّ عندما تتّضح الأمور وأنّه لا خبر عن ذلك ينطلق الكلام بأنّا متى قلنا أنّا أوصياء؟ متى قلنا بأنّا خلفاء؟ متى ومتى؟ لماذا تكذب ولماذا تخادع؟ إن كنت ارتكبت خطأ فقم بصدق وقل أنّي ارتكبت خطأ. ألم ترسل أنت إليّ رسالة تقول فيها: " لو خالفتني فليس بين الله وبين أحد قرابة"؟ من الذي يمكنه أن يتفوّه بهذا الكلام؟ لماذا لا يرسل إليّ أيّ شخص بهذا الكلام؟ لماذا لا يرسل إليّ ابن عمّتي أو ابن خالي بمثله؟ هل صار الأمر واضحاً؟
هذا كلّه من خداع النفس، ففي النفس خداع. هل سمعتم منّي منذ زمان المرحوم العلاّمة كلاماً عن ذلك، وأنّ من يأتي إلى هنا لا ينبغي أن يذهب إلى مكان آخر، فإن ذهب إلى مكان آخر فلا يأتينّ بعده إلى هنا، إن كان أحد سمع ذلك منّي فليقل، إن كنت كتبت ذلك لأحد في رسالة أو قلته له خلال كلامي معه فليأت وليقل، أبداً ليس هناك شيء من هذه المطالب، بل لحسن الحظ هناك عكس ذلك، والآن ما أكتبه في المجلّد الثالث هو عكس ذلك. إنّ طريق الوصول إلى المعرفة لا يعرف خطوطاً حمراء، وكلّ من يحتمل في مكان ما أنه سيحصّل معرفة فمن الواجب عليه أن يمضيَ إليه. ألم يقل المرحوم العلاّمة: من أراد أن يذهب إلى أيّ مكان لتحصيل العلم فلا حاجة إلى أن يستأذنني ويستجيزني، بل ليذهب إلى حيث شاء؟! ثمّ بعد ذلك جاؤوا وحرّفوا كلامه هذا، كما كان قال لي: "أعلن إلى الجميع أنّ من أراد من أهل العلم أن يذهب إلى مشهد، أو إلى قم أو إلى أصفهان أو إلى شيراز أو إلى طهران ليدرس هناك، أو لأنّه رأى فيها أستاذاً ما، فلا حاجة إلى الإجازة والسؤال وليذهب بدون ذلك، وليسعَ إلى تحصيل العلم والمعرفة".

    

المعنى الصحيح لعدم الرجوع إلى شخصين

نعم المسألة التي ذكرها من أنّه لا يمكن للإنسان أن يكون متعلّقاً بموضعين اثنين، فهذه مختصّة بوليّ الله، ومختصّة بالعلاقة بوليّ الله، حيث يجب هناك أن يأخذ أوامره السلوكيّة من شخص واحد، وهذا لا صلة له بأمثالي وأمثالك، لا صلة له بأمثالنا.
وقد كان هناك أحد أقاربنا، وشارك في مجلس من مجالس طهران ـ وهو مجلسُ المزارع الذي تحدّث عنه المرحوم العلاّمة في الروح المجرّد بأنّه يدّعي عدم الحاجة إلى الأستاذ، وهو رجل يعمل في الزراعة، وكان له مجلس في طهران، وقد توفّيَ قبل مدّة ـ ثمّ شارك في إحدى الليالي بمجلس في مشهد وقال: لقد شاركت في مجلس ذلك المزارع ويا له من كلام جميل يقال فيه! فقال له المرحوم العلاّمة: لو شاركت فيه مرّة أخرى فلا صلة بيني وبينك، وقد كان من أقرب أقاربنا. ولكن لماذا كان كلامه ذلك؟ لأنّ ذلك الرجل كان يقوم بالإغواء، لا أنّه كان يتكلّم بكلام صحيح، وكان المرحوم العلاّمة يقول: عندما أسمع أنّ رجلاً ذهب إليه فإنّ بدني يصاب بالارتجاف، لقد كان يقوم بالإغواء، ولو كان يتكلّم حقّاً لما كان للمرحوم العلاّمة أيّ إشكال. ألم يقل لنا المرحوم العلاّمة: اقصدوا العلماء العظام وأفيدوا منهم؟ ألم يقل لي شخصياً اذهب إلى المرحوم السيّد رضا بهاء الديني وإلى سماحة الشيخ بهجت واستفد منهما، واذهب إلى المرحوم العلاّمة الطباطبائي، وحتّى لو لم نذهب كان يعاتبنا ويسألنا هل ذهبت أم لم تذهب؟ هل استفدت أم لم تستفد؟
أولم يدعُ الخطباء ليخطبوا على المنبر؟ بلى دعى خطيباً، بل إنّ كلام هذا الخطيب كان مخالفاً للعرفان، وألزم الرفقاء والأصدقاء بالمجيء والجلوس تحت منبره للاستماع والاستفادة، ألم يحصل هذا الأمر؟! لو أنّ البعض كانوا حاضرين في زمن المرحوم العلامة قدّس سرّه فإنّهم سيتذكّرون ذلك.. طبعاً ليس في الحاضرين الآن أحد كان موجوداً في طهران.. كان يدعو بعض الأفراد والخطباء، وكان يقول: خذوا كلامه الجيّد، وأعرضوا عن كلامه الخاطئ، وهذا الأمر لا إشكال فيه ولا عيب.
إنّ هذا المحيط ليس محيطاً مغلقاً، بل هذه المدرسة هي أكثر المدارس تقبّلاً واحتراماً للآخرين في الدنيا، فأين تجدون مدرسة عرفانيّة مفتوحة إلى هذا الحدّ؟ ومن هو العارف الذي كتب ونشر من الكتب بمقدار ما كتب المرحوم العلامة قدّس سره؟! وأيُّ أصحاب المدارس المختلفة كان يهتم بنشر هذه العلوم والمعارف اهتمام العلامة قدّس سرّه؟ بحيث إنّه بعد أن خرج من المستشفى وحينما كان على فراش المرض كان يكتب، حتّى أنّني قلت له: سيّدنا، اصبر ولو ساعة واحدة! [يبتسم سماحة السيد] .. فكان يضحك ويقول: كم لدينا من العمر حتّى نصبر؟! اذهب وأحضر دفتري ولا تتلف وقتي!! قلت له: اصبر فقط لمدّة ساعة واحدة!! أين تجدون أحداً كهذا الرجل؟! من مثله فتح الباب إلى هذا الحدّ؟! من مثله نشر المسائل إلى هذا الحدّ؟!
لو كان منهجه كما يقول البعض: >من يأتي إلى هنا فعليه أن لا يرفع رأسه< ؛ فلمن كتب هذه الكتب إذن؟! كان عليه أن يكتب حينها بدلاً من هذه الكتب العلميّة رسالةً عمليّةً سلوكيّةً أخلاقيّةً ويقول فيها: إفعل كذا، وإذا رفعت رأسك، فاخرج من مدرستنا. وحينها لن يبقى أحد!! لكنّه لم يفعل ذلك، بل كتب هذه الكتب، وأرسلنا إلى الأعاظم: اذهب إلى السيّد الفلاني.. اذهب إلى السيد بهاء الديني.. اذهب إلى الشيخ بهجت.. فلماذا كان يفعل كلّ ذلك؟
في نفس الوقت الذي كان الحقير يدرك ويفهم وكنت مطّلعاً آنذاك.. فقد اشتركت في درس الشيخ بهجت.. حيث أمرني بالذهاب إلى درس الشيخ بهجت وذهبت، وحضرت في درسه وبحثه وأشكلت في درسه، فنحن كنّا من الأفراد السمجين [يبتسم سماحة السيّد]، ثمّ بعد ذلك شعرت أنّ ذهابي إلى درسه سيوجب الأذيّة للآخرين، ولذا قررت أن أخفّف أذيّتي، وقلت لوالدي أنّني صرت من المعذورين، فقد ذهبت إلى حيث أمرتني أن أذهب (والآن يقولون: فلان تمرّد على أمر والده!! ولم يذهب!! لا يا عزيزي لقد ذهبت وحضرت درسه مدّة من الزمن ثم بعد فترة رأيت أنّني بين خيارين: إمّا أن أجلس أصمّ أبكم وأن أنظر إلى الجدران من حولي فقط، أو أن أتكلّم بحيث يؤدّي إلى تشويش الدرس، ولذا آثرت الخروج من الدرس، وكذلك الأمر كان بالنسبة للأفراد الآخرين، وكان الرفقاء شاهدين على ذلك، حسناً.
كان هو بنفسه يسوقنا لأن نحضر في مجالس الأعاظم!! نعم هو بنفسه كان يطلب منّا متابعتهم واكتساب الفيوضات منهم، والاستفادة منهم.
وفي كلّ وقت كان يلتقي مع المرحوم الشيخ عبد الجواد الأصفهاني سواءً حينما كان يشرّفنا في منزلنا أو نتشرّف بالذهاب إلى منزله، كان يأمرني بتقبيل يديه! فما معنى هذا؟ هذا يعني أنّ هذا الرجل من الأعاظم! مع أنّه كان من أهل الظاهر، ولم يكن من العرفاء، لكنّه كان يمتلك نظراً ناضجاً وسعة أفقٍ كبيرة جداً، بحيث كان عميقاً جداً وأعمق من أن يكون محدوداً في نطاق معيّن ومحدد!! فكان يرى تجلّيَ الله عزّ وجلّ وطريقه واسعاً، ولم يكن يراه محصوراً بطريقٍ واحدٍ أو بسبيل معيّن.
ولكن مع هذا كان يصرّ كلّ الإصرار، ويمنعُ تلامذتَه ورفقاءَه وأصدقاءه بشدّة من الارتباط والتواصل مع كلّ خنّاس يوسوس في صدور الناس!! وكان يمنعهم من الارتباط مع الذين يبعثون الشكّ والترديد في أنفسهم!
بلى، في بعض الأحيان يكون الإنسان مكلّفاً بالذهاب والتكلّم: اذهب وتكلّم وحاجج وبيّن حقائق الأمور، ولكن هذا أمرٌ مختلف! ولكن في أحيان أخرى يكون الأمر بنحوٍ آخر، حيث يكون هناك تواصل وتزاور وعلاقة وسلام وكلام وجلسات وأمثال ذلك، فهذا النوع من الارتباط هو ارتباط مضرٌّ سيّئ الأثر، وعلى الإنسان أن لا يرتبط مع أفرادٍ كهؤلاء.

    

لا خطوط حمراء في البحث العلمي، و لكن لا ينبغي الإضرار بالنفس من خلال الاستمرار مع المعاند والمغرض

وأنتم لاحظتم طريقة الحقير، وقد لاحظتم أنّني لم أقل في أيّ وقتٍ من الأوقات: عليكم أن تقبلوا وتقتنعوا بالكلام الذي أقوله. فالآن هذه الدروس والأبحاث التي درّسناها لم تكن خلال سنةٍ أو سنتين فقط، سواءً حينما كنّا في مشهد أم بعد ارتحال السيّد الوالد قدّس سرّه، فالحقير منذ أن كنت في زمن الوالد، عندما كنت في مدرسة السيّد الخوئي وكنت أطرح بحثي الخارج، فمنذ ذلك الزمان كنت أطرح أبحاثي بنحوٍ حرٍّ، وكنت أطرحها بشكل حرٍّ إلى درجة أنّه حتّى في زمان الوالد قدّس سرّه كان الأفراد يتعجّبون كيف أنّني أبحث هذه الأبحاث بهذا النحو الحرّ مع أنّ النتيجة التي قد نصل إليها من الممكن أن تكون مخالفةً لبعض المطالب، فقلت حينها: نحن نبحث بأسلوب علماء الحوزة، وعلماء الحوزة ينبغي أن يكونوا أحراراً.
هكذا علّمونا، ولا تظنّوا أنّ هذه المسائل حصلت فقط بعد ارتحال المرحوم الوالد قدّس سرّه! بل كان الحقير على هذا النحو حتّى في زمن الوالد سواءً في المسائل الفلسفيّة أم في المسائل غير الفلسفيّة من الفقه و الأصول، فالحقير كان يلقي هناك أبحاثاً في الأصول والفقه والفلسفة أيضاً. وقد بحثت بحسب ما أتذكّر في درس الفقه بحث الخمس، وكان البعض من الأصدقاء حاضراً وبعضهم توفّي رحمهم الله وكان هؤلاء يتعجّبون كيف أنّني لم أكن أبحث المسائل بنحو وأسلوب معيّن، فقلت لهم: المباحث التي للتعليم لا ينبغي أن تكون محدودةً بأسلوبٍ خاصٍّ فلا ينبغي لطالب العلم أن يسعى نحو الاختصار والتلخيص ولا نحو انتخاب مواضيع محدّدة، بل عليه أن يجهّز نفسه للإجابة والجواب أمام الإمام الصادق عليه السلام وحسب!! فنحن لا نرى أمامنا أحداً إلاّ الإمام الصادق عليه السلام وهو من نحضّر أنفسنا للجواب أمامه وحسب! وهذه هي المسألة التي كان المرحوم الوالد قدّس سره يؤيّدني فيها في قبال الأفراد الآخرين الذين كانوا يمتنعون عنها.
وقد ذكرت بعض هذه الحوادث عدّة مرّات أمام الأصدقاء والرفقاء، ولم تكن حادثةً واحدة أو حادثتين بل تكرّرت عدّة مرّات.
ففي يوم من الأيام كنت أنزل عبر الدرج، فوجدت المرحوم العلاّمة يتكلّم مع فردين أو ثلاثة (وكان ذلك في أواخر عمره) وكان يقول لهم بصراحة (كان يقول هذا الكلام بدون أن أكون موجوداً ولم يقله أمامي!!) قال لهم: انظروا إلى فلان، فهو الرجل الذي (وأورد تعبيراً لن أذكره، وقال:) إنّه لا يسعى في المسائل لأن يعرف ما أقول، بل يسعى لتطبيق ما فهمه واستوعبه، وكان يصرّح لهم بذلك، وكان بعضهم من أقاربنا، وبعضهم من غيرهم، كان يقول ذلك لأخي الكبير.. حسناً .. هل هناك أصرح من ذلك! (قال هذا الكلام في أواخر عمره، وكان يعتقد أنّي لا أسمع هذا الكلام).
هذا المنهج وهذا الأسلوب هو منهج وأسلوب أولياء الله، ومتى كانوا متحجّرين وجامدين؟! وهذا الأمر هو السبب الذي أدّى إلى أن يفتح الله لنا الطريق وأن يرينا إياه بعد ارتحال الوالد العلامة قدّس سرّه الشريف، وأدّى إلى تأييدات الإمام ومساعدته وتوضيحه للمسائل وبيانها، وأنا لا أستطيع أن أعمل بأكثر ممّا أفهم وأدرك، وذلك في نفس الوقت الذي يقوم فيه نفس هذا الحقير ببيان المطالب والأمور في ليالي شرح حديث عنوان البصري لإثبات حجيّة وليّ الله. وكلّ أمر له موقعه وموطنه الخاصّ به.
فبالنسبة للمسائل العلميّة لا يوجد لطالب العلم أيّة حدود ولا خط أحمر يقف عنده، وهذا أمر خاصّ ومنفصل.
لكن الكلام هنا: هو أنّك وخلال ارتباطك وعلاقتك بأحد الأفراد لو وصلت إلى أنّه صار معانداً، فكلامنا هنا، والبحث هنا ليس بحثاً علميّاً بل هناك عناد فقط، هناك إغراض، هناك إعمال للمسائل النفسانيّة، عندما يصل الإنسان إلى هذه النقطة، فنكون ماذا؟ نكون قد خرجنا من دائرة وأفق البحث العلمي!! وهنا يبدأ الإضرار بالنفس، والأمر لم يعد طرحاً للمباحث العلميّة!!
كان هشام بن الحكم يتباحث مع العديد من الأفراد، وذلك في زمن الإمام الصادق عليه السلام، وكان الإمام يؤيّد مناظراته ومحاوراته، ويقرّبه في مجلسه ويدنيه منه، وكلّ هذه المسائل محفوظة في مكانها، وهذه المناظرات والمباحثات تبقى صحيحةً عندما تكون تحت طاعة الإمام المعصوم ومتابعته، ولكن عندما تدخل في وادي النفس، فحتّى لو كان يريد إثبات الولاية و الدفاع عنها، لكن ماذا ستكون؟ ستكون باطلةً!!
لقد قال الإمام موسى بن جعفر عليه السلام لهشام: توقّف عن الكلام! وعندما يقول: لا تتكلّم، فعليه أن يتوقّف عن التكلّم، لأنّ موسى بن جعفر هو الإمام والحجّة.. يقولون أنّك كنت تتكلّم زمان والدي الإمام الصادق عليه السلام.. حسنٌ جداً.. وكان عملك ممتازاً جداً، وكان مؤيّداً من قبل الإمام وكان الإمام يرغّبك به، وقد قمت بالدفاع عن المذهب، ولكن الآن من هو إمامك؟! هل هو الإمام الصادق أم أنا؟ بل أنا، وعندما أقول لك أنا لا تفعل، عليك أن لا تفعل!! فالزمان زمان تقيّة، والزمان زمان توقّف وسكوت، وإقدامك على التكلّم سيرتدّ بالمشاكل علينا وعلى شيعتنا، حسناً.
بعد هذا ماذا ينبغي على هشام أن يفعل؟ هل يسكت أم يقول: لا! أنا عندي قدرة على التكلّم والخطابة والمحاورة والمناظرة، فلو سكتُّ متى أستخدمها إذاً؟!
يا عزيزي! من الذي منحك هذه القدرة؟! إنّك تذهب بالاتجاه الخاطئ تماماً، هذا اشتباه كبير منك؛ لأنّ موسى بن جعفر عليه السلام هو الذي منحك هذه القدرة، لماذا عميتَ عن هذه الحقيقة؟! لماذا لا تراها؟! إنّ الذي أعطاك هذه القدرة في زمان إمامته هو الإمام، وهذا هو الإمام أيضاً يقول لك لا تعمل هذه القدرة في هذا الزمان!! فمن الذي سدّدك في مناظراتك مع الأفراد في زمن الإمام الصادق عليه السلام، مثل: عمران الصابئي؟! من؟! من الذي أدّى لأن يكون لك قدم السبق عليهم جميعاً؟ من الذي جعلك تغلبهم جميعاً؟ كان ذلك هو الإمام الصادق عليه السلام.
إنّ الإمام الصادق عليه السلام لم يكن يأتي ويمدّك بالكلام في أذنك بشكل ظاهري، ولكن نحن نفهم كيف كان يمدّك. نحن نعرف أنّه لولا مدد الإمام الصادق عليه السلام لما استطعت التغلّب على أيّ واحد من مناظريك، بل لغُلِبت دائماً، والنهاية يأتي ويربّتُ على كتفيك، ويقول لك: أحسنت، ويكافيك، وأنت تظنّ أيّها المسكين أنّك أنت الذي قمت بالعمل الجبّار، ففي الواقع هو الذي كان يقوم بكلّ العمل، فجهاز التحكم عن بعد (الريموت) بيده [يبتسم سماحته] يزيد قليلاً وينقص قليلاً، وأنت تظنّ أنّك الذي قمت بهذا العمل لأنّ الإمام أثنى عليك؟! حسناً.
الآن لماذا تخالف الإمام موسى بن جعفر؟! لماذا لا تنفّذ أمره؟! التفتوا فالمسألة دقيقةٌ جداً! فأنت تتكلّم من أجل من؟ وتدافع عمّن؟ أليس كلّ ما تفعل من أجل تثبيت الإمامة؟ لكنّ الإمام هو نفسه يقول: لا تفعل! لا تفعل! إن كان من أجلي فلا تفعل!
مثلاً، تصوّروا لو أنّ أحدهم دعا رجلاً إلى منزله، وصنع له طعاماً من نوع معيّن غير جيّد لحالته الصحيّة، فيقول له الضيف:
لماذا صنعت هذا النوع من الطعام؟
ـ صنعته من أجلك! ألست تحبّ هذا الطعام؟! فيجيبه الضيف: أنا قلت لك: أنا كنت أحبّ هذا الطعام سابقاً، ولكن الآن هو مضرّ بالنسبة لي. فيقول له الداعي: حسناً لأنّك كنت تحبّ الطعام سابقاً لذا فقد صنعته لك الآن!!! (هل كلامه مقبول؟! ) .. يقول له: أنا كنت أحبّه في السابق، ولكن الآن بسبب مرضي فلا أستطيع أن أتناوله! ..
ـ لا حتماً ينبغي أن تأكل من هذا الطعام! لا يمكن أن تتهرّب..
إنّ حالتنا مع ذاك الرجل هي عين ما نتكلّم عنه هنا.
مسألة الدفاع عن الولاية وعن الإمام دخلت في وادي النفس، دخلت في أفق النفس والنفسانيّات، كان جيّداً في السابق، ولكن الآن صار غير جيّد، صار عاطلاً؛ لذا صار مجلس هشام في زمن موسى بن جعفر خالياً من النور، ها.. لماذا؟ لأنّه صار مخالفاً للإمام، النور موجود في المكان الذي يكون تحت إشراف الإمام، في المكان الذي يكون مورداً لتأييد الإمام، هنا يحضر الإمام، أمّا إذا كان هناك مجلسٌ مخالفٌ لأوامر الإمام عليه السلام، عندها لن يكون الإمام حاضراً، بل ذلك المجلس مغضوب عليه من قبل الإمام عليه السلام، وهو يستنكره، والمسألة مسألة مهمّة جداً.
هذا هو رأي المرحوم العلامة قدّس سرّه في الارتباط بهذا النوع من الأفراد والأشخاص، وهو رأي الأعاظم أيضاً.

    

كلام السيّد الحدّاد رضوان الله عليه في العلاقة مع المشكّكين

في يوم من الأيام كنّا في العراق في كربلاء في منزل السيّد الحداد قدّس سرّه، وهناك جرى الحديث الذي تحدّث به السيد الحداد حيث قال:
إلى متى ؟ وبأي لغة ينبغي أن نتكلّم ..(أنا لا أنقل باللفظ بل بالمعنى) .. بأي لغة ينبغي أن أتكلّم مع الأصدقاء وأقول لهم: لا تجالسوا الأفراد الذين يوجبون التشكيك لكم! ولا تتكلّموا معهم، فإنّ حالة التشكيك التي عندهم ستدخل إلى قلوبكم أيضاً.
يعني: عندما يأتي وليّ الله، عندما يكون هناك شخص مثل السيّد الحداد الذي له حاكميّة على جميع العوالم، هذا الرجل يقول: إذا ذهبت وبدأت تتحدّث مع هذا الرجل الذي يثير الشكوك في نفسك فلا تلومنّ إلاّ نفسك، وبعدها لا شأن لنا بما يحصل لاحقاً.
ونحن نعمل على إتمام الحجّة عليكم، ونعرضها بخدمة جميع الأصدقاء والرفقاء، وبمحضر جميع الأفراد.
إنّ المسائل التي حصلت، كثيراً ما حصلت سابقاً وتحصل وستحصل في المستقبل، إنّ الطريق الذي أوضّحه وأبيّنه للرفقاء والأصدقاء، وإنّ المرام الذي .. فجميع الرفقاء في ذلك واحد، وجميعنا مرتبطون ببعضنا البعض كالسلسلة الواحدة.
أمّا البعض فهم ليس لديهم الميل لكي يطووا ويسيروا في هذا الطريق، حسناً، والدواعي مختلفة في ذلك، وهذه الدواعي المختلفة قد تسوق كلّ واحدٍ باتجاه سليقته الخاصّة، والحقير يقول مثلاً: عندما يكون هناك مجلس فيه نساء لا ينبغي أن تشاركوا في هذا المجلس، ولا ينبغي أن يحصل أي تواصل بين النساء والرجال بعد الآن، فأنا لمّا قلت هذا، قلته بناءً لمسألة معيّنة ولدي داعي دعاني إلى ذلك، حسناً ، قد يأتي شخص ويقول: لا يا سيد، هذا الكلام خطأ، إذا لم نذهب نحن فمن يوصل لهؤلاء هذه العلوم والمعارف؟! بلى وقد أورد على رأيه دليلاً شرعيّاً [بحسب الظاهر] ، سيدنا لو تركناهم فإنّ أسئلتهم ستبقى بلا جواب!!
يا عزيزي هل أنت نكير ومنكر حتّى تعتني بأسئلتهم؟! ما شأنك أنت بذلك؟! فلتبق، أنت فقط أجب على أسئلة الرجال، ولا شأن لك بأسئلة النساء.
سيدنا، إذا لم يسألننا هؤلاء، فمن يسألن إذاً؟
وما شأنكم أنتم؟! من الذي كلفكم؟! حسناً.
أنا أعلم أنّ هناك خلف هذه المسألة سرّ معيّن، ولهذا قلت ما قلت! وهل يمكن للإنسان أن يقول كلّ ما عنده؟ هل ينبغي أن يفشي كلّ شيء؟ وهذا الأمر يجري على كلّ المواضيع التي في هذا المجال. وما هي النتيجة؟ هي أن يقبل الإنسان الكلام من صديق له اطلاع أكثر على المسائل على الأقلّ، فهو على الأقل أدرك زمان والده، فهو على الأقل له خبرة فيما جرى في ذلك الزمن، حسناً.
إن لم يصل إلى حقيقة هذا الأمر، فماذا نقول؟! لم يصل.. لم يصل، فماذا نفعل؟! ولكن على أقل تقدير، هناك معلومات لدى الحقير في هذا الأمر.. تلك المعلومات التي يمكنني أن أدافع عنها وأن أقف بها أمام الجميع ثابتاً، فالحقير له تجربة في العلاقات بين النفوس، وقد رأيت العلاقات وسمعت الأحاديث سواءً في زمن المرحوم الوالد العلامة أم بعده، وقد جرّبت ما لا يخطر في بال أحد، ورأيت ما يحصل بين الناس، فهناك بعض المواطن الخطرة جدّاً جداً على الإنسان، ونحن لدينا اطلاع عليها.. حسناً.
نحن نضع هنا قانوناً، نضع قاعدة: أيّ فردٍ يرغب بالارتباط بنا، وأيُّ فردٍ يرغب أن يأتي إلى هنا، وأيّ فردٍ يرغب في أن يتابع ما ننقله من مسائل عن الأعاظم فأهلاً وسهلاً، أمّا من لا يريد، فلماذا يؤذينا ويؤذي الآخرين، نحن لم نرسل لأحد بطاقة دعوة، أليس كذلك؟
هنا المسألة تصبح مختلفة، انظروا الأفراد لهم مسائلهم الخاصّة، ونحن ننبّههم قبل أن يصلوا إلى تلك الحالة التي وصلوا إليها، وقد فعلنا ذلك مراراً، وباعتقادي أنّ الحقير لم يقصّر في هذا المجال أبداً.
في البداية قالوا: لا سيدنا إنّ ما يصلك هو خلاف الواقع، سيدنا لماذا لم تكلّمنا؟ سيدنا...؟!
عزيزي أنا أرى أنّك كاذب وكذّاب، فلماذا أسألك عن الأمر؟ أنت قلت كلاماً في تلك الغرفة، وأنا سمعتك بنفسي، ثمّ أتيت وأقسمت بالله قسم جلالة أمامي!! بعد هذا بماذا أشاورك؟ حسناً، جيّد جداً.
عندما يكون الأمر هكذا، فما الداعي لمواصلة العلاقة والارتباط؟! نشكرهم على قطعهم الارتباط بنا.
جاء أحد الرجال، وهو زوج إحدى النساء، جاء إليّ وقال: أنت قلت الأمر الفلاني، فقلت له: نعم أنا قلته. فقال: سيدنا هذا الكلام سيقلل نظرة زوجتي تجاهكم، فقلت: الحقير لا يهتم برأي الآخرين به، وإنّما الحقير له فكر وطريق وسبيل، وإذا كان هناك من يتّفق معه فأهلاً وسهلاً وإلاّ فأرجوا أن لا يسبب لنا الصداع، ونحن لا نلزم أحداً بأيّ شيء، فعندما لا يرسل الحقير بطاقة دعوة إلى أحد، فلماذا يصرّون إذاً على ... ، فقال: سيدنا هي مرتبطة بكم بأوثق الروابط، ومهما حصل لا يمكن أن تترككم، ولم يمضِ على هذا الكلام أكثر من أسبوعين أو ثلاث، هو بنفسه أعلن للجميع أنّنا من الآن لا علاقة لنا بفلان، وسنذهب نحو فلان [يبتسم سماحة السيد] .. لا أدري هل انقضى ثلاثة أسابيع أم لا؟
نشكرك شكراً جزيلاً، رحم الله والديك، فليعطك الله بدل الستة في الدنيا ستّين في الآخرة، ليتك فعلت ذلك قبل الآن.
أعلن: نحن اتبعنا فلاناً، وهو من تلامذة السيّد الحداد، وقد أدرك محضر السيد الحداد، وقطعاً هو أفضل من هذا الذي لم يدرك محضره.
رحم الله والديك، [يبتسم سماحة السيّد] .. إنّ الحقير يشدّ على يديك، ويوافق على فعلك تماماً، وأرجو من باقي الأفراد أن يتقبّلوه بأحسن القبول.
نعم بالنسبة للأفراد الذين يريدون أن يسلكوا السبيل وأن يفهموا الحقائق، فهؤلاء لا نتكلّم عنهم، حينما قلنا لكم: نحن نحتاج للتواصل والرفاقة، حينها قال هؤلاء: لا نحن لا نحتاج إلى ذلك، فقط عليك أن تأخذ ما قاله العلامة قدّس سره، واعمل به، وانتهى الأمر، كنّا نرى عندما قلنا ذلك أنّ هؤلاء سيصلون في يوم من الأيام إلى حيث سيلعن أحدهم الآخر، وهذا لا لأنّ لدينا علم الغيب، بل ظاهر الأمر كان واضحاً، حسناً.. أنتم لم تسمعوا الكلام، واعتبرتم أنفسكم تعرفون كلّ شيء، بالنسبة لنا فإنّ قطعكم الارتباط بنا لم يؤدّ إلى الإضرار بنا أبداً، [يبتسم سماحته] .. بل مضينا في سبيلنا، وتوسّعنا في المكان، وحمدنا الله وشكرناه، لم نسجد للآخرين كما فعل البعض، ولم نلعن أحداً كما فعل البعض الآخر، بل مشينا في الوسط، في طريق الاعتدال.
غاية الأمر، عمرنا ووقتنا ومقتضيات الأمور لم تعُد تجيز لنا أن نمضيَ يومنا بالبحث والجدال والأخذ والردّ، لا لم يعد لدينا القدرة والحال اللازمة لذلك، ووضعنا لم يعد يسمح لنا أكثر من ذلك لأن نمضي بهذه المسائل.
و لو تصرّفنا بخلاف هذا الطريق فإنّ ذلك سيكون مخالفة صريحة لدستور الأولياء، و هذا ما لا يمكننا بعد الآن أن نقبله.
فبناء على ما تقدّم، فإنّ خلاصة الكلام هي: بالنسبة للأفراد الذين يثيرون الشكّ و ....

    

تكرّر حالات العناد عبر التاريخ

و لا تتصوّروا أنّ هذا الأمر مختصّ بزماننا هذا، بل لقد كان هذا الأمر يحدث في كلّ الأزمنة؛ فقد وقعت مثل هذه الأمور في زمان السيد القاضي رضوان الله عليه، و وقعت كثيراً في زمان السيد الحداد أيضاً، و قد وقع مثل هذه الأمور حتّى في زمان المرحوم العلامة الطهراني.. ألم يأت أمثال هؤلاء الأفراد من أهل العلم و غيرهم إلى السيّد الوالد، و أرسلوا إليه رسائل التقرّب و التودّد و قالوا له: جُعلنا فداك، ثمّ انقلب الحال فجاء نفس هؤلاء الأشخاص، و قالوا: إنّ السيد محمد الحسين من أهل الدكاكين ، و مجالسه التي يقيمها عبارة عن دكّان، ليس إلاّ !! ألم يقولوا ذلك؟! و قد كان هؤلاء من أقاربنا أيضاً. ألم يأت بعض هؤلاء في البداية (وهذا الشخص ما يزال على قيد الحياة) و حضر في مجالس السيد الوالد، و كان في مجالس عصر الجمعة يبكي بحرقة عند قراءة دعاء السمات، و كان يرفع يديه بالدعاء أن: يا ربّ اجمع هذه القلوب أكثر و أكثر ... و كانوا يسطّرون العبارات البليغة؟! أليسوا هم أنفسهم الذين جاؤوا بعد ذلك و قالوا تعريضاً بالسيّد الوالد: إنّ مدرسة العرفان ليست هي الجلوس في المنزل و الهروب من المسؤوليّة؟!! أليس هو نفس الشخص؟!! ألم يصعد نفس هذا الشخص على منبر مسجد (لاله زار) في حضور السيد الوالد، و ألقى أبيات حافظ التي يقول فيها:
نه هر که چهره برافروخت دلبري داند
                             ... ... ...... ...... ......
[2]

و كان يعني السيّد الوالد بكلامه. و لكنّ الله يتدخّل هنا، ليوقع أمثال هؤلاء في المهانة، فالله لا يجلس ساكتاً .. إنّ لله سبحانه غيرة شديدة عندما يتعلّق الأمر بأوليائه. أيها الرجل.. هل كنت تظنّ أنّ مقادير الكون في يدي أنا و أنت حتّى نقرّر ما نشاء، و نصدر الأحكام كيفما نحبّ؟!!! كلاّ يا عزيزي، فنحن (كما كان يقول العلامة الطباطبائي) لسنا إلاّ بمثابة القشّة التي يحملها النهر معه إلى قلب البحر، و أمّا البحر فهو شيء آخر، و لكنّنا نظنّ اشتباهاً أنّنا نحن البحر!!
لا تظنّوا أنّ أمثال هذه القضايا مختصّة بوقتنا الحاضر.. كلاّ بل لقد حصل مثل ذلك حتّى في زمان السيّد الوالد، وقد جاء بعض الأفراد، و تتلمذوا على يديه، ثمّ تركوه، و عندما تركوه كتبوا له رسائل مليئة بالسباب و الشتائم إلى حدّ لا تتصورونه! وقد رأينا ذلك كلّه! هل التفتّم؟ لقد رأينا ذلك كلّه! رأينا التهم الكاذبة و البهتان بحقّ السيّد الوالد، و رأينا الرسائل المليئة بالسبّ و الشتم، و غير ذلك من تصرّفات. و لكن ماذا كان يفعل سماحته؟ كان يستمرّ في طريقه و منهجه [يبتسم سماحة السيد].
إنّ سيّء الحظّ هو ذلك الشخص الذي يغلق عينه عن رؤية الحقائق ولا يحبّ أن يراها.
و لهذا لا تتعجّبوا كثيراً ممّا يجري، فالبعض يقول: إذا كان طريق فلان صحيحاً فلماذا تركه فلان؟! يا عزيزي، إنّ ما حصل الآن لا يساوي قطرة في بحر ما رأيناه. فأوّلاً ما هو وجه الشبه بيني و بين أمثال السيّد الوالد و السيّد الحدّاد رضوان الله عليهما، فأين أنا منهما؟! ولكن لنفرض أنّ هناك مشابهة بيننا، و ذلك من فرض المحال؛ حسناً.. ألم يترك بعضُ الأفراد سماحةَ السيد الحدّاد في زمانه؟! فهل هذا يعني أنّ السيّد الحدّاد على الباطل؟! ألم يترك بعض الأفراد السيّد الوالد رضوان الله عليه؟! لقد رأينا ذلك كثيراً بأمّ أعيننا، والكثير من أولئك قد ارتحل عن الدنيا و الكثير منهم ما يزال على قيد الحياة، ولن نذكر الأسماء إذ لا حاجة لذلك.
واضح؟ نحن رأينا كلّ ذلك، و لذا فنحن لا نرى أنّ ما يحصل عجيب أبداً! و قد رأينا أمثال ذلك بعد وفاة المرحوم العلاّمة، فذلك الشخص الذي كان يصرّح قائلاً لي: نحن إنّما تعرّفنا على مدرسة العرفان من خلالك أنت لا من خلال والدك... ذلك الشخص انتهى به الأمر إلى صبّ أنواع الأذى علينا... أجل لقد رأينا كلّ ذلك. جيد؟
و الآن ما زلنا نرى ذلك، فهل من المفروض ألاّ نصادف أمثال هذه المسائل؟! إنّ هاهنا مسيراً يُطوى و يُقطع، وبعض الأفراد يمشي معك حتّى يصل إلى نقطةٍ ما، فيتوقّف و يقول لك: يا سيّد من الآن فصاعداً أنا لا أريد أن أكمل الطريق معك، فنقول له: حسناً في أمان الله! و هناك شخص آخر يستمرّ إلى نقطة أخرى ثمّ يتوقّف، و هكذا كلّ شخص يتوقّف في أحد المنازل عن طيّ الطريق، و يقول: أنا لم أعد راغباً في إكمال المسير، بل أريد أن أمشي في طريقي الخاصّ من الآن فصاعداً.. أصلاً أنا أريد أن أشكّل مجلس عزاء و هيأة خاصّة بي، و أريد أن أشكّل جلسات ندخّن فيها النارجيلة و نقرأ من ديوان حافظ و مثنوي!
[يبتسم سماحة السيّد و يقول:] و نحن بدورنا نقول له: جزاك الله خيراً.. امضِ وافعل ما تريد، بل نحن نساعدك أيضاً على قدر ما نستطيع، فإنّ كان ينقصك زبائن لمجلسك فأخبرنا لنرسل لك العدد الذي ينقصك [ضحك من سماحة السيّد].. كم ينقصك اليوم ؟ قل لنا: اليوم ينقصني سبعةأشخاص مثلاً، لنكمل لك نصاب المجلس!
و سأتجرّأ قليلاً وأقول هذا المطلب جسارةً أمام الرفقاء الأعزّاء حتّى يعرف ذلك الجميع، و هو: أنّني لحدّ الآن لا زلت مقصّراً في تطبيق أمر السيّد الوالد بخصوص علاقتي مع الرفقاء، فالأمر الذي كان سماحته قد أمرني به فيما يخصّ العلاقة مع الأفراد كان مختلفاً و متفاوتاً [مع ما وقع فعلاً]، و لكن على كلّ حال، كان مقصدنا هو أن نفتح هذه السفرة الوسيعة حتّى يستفيد كلّ الأفراد، و تتمّ الحجّة على الجميع، و حتّى لا يقال: إنّ فلاناً مثل سائر الأفراد قد اتّخذ لنفسه زاوية و انعزل فيها، و حصر علاقته بعدد محدودٍ من الأفراد.
على كلّ حال، لقد كان ما حصل امتحاناً من أجل أن يحدّد كلّ شخص موقعيّته من خلاله، و الحقير قد بيّن بأنحاء عديدة من التعابير أنّ البعض يتصوّرون أنّنا نسعى للشهرة و الجاه و أمثال ذلك، و هو دافع موجود عند الكثير من الأشخاص، و لكن بناء على ما في ذهني فأنا أرى أن من المستبعد أن يكون مسيرنا في هذا الاتّجاه، و حتّى عندما توسّعت الدائرة قليلاً فإنّ ذلك لم يكن باختيار الحقير، فلهذا و كما يعلم أغلب الرفقاء فإنّ بسط هذه السفرة التي فرشت، و هي سفرة المعرفة و الاستفادة من مطالب أولياء الله.. لم يكن أمراً سهلاً أبداً، فقد تحمّل الرفقاء و الإخوة العديد من المصاعب و العقبات حتّى وصل الأمر إلى ما ترون.. لقد تحمّلوا الكثير من الشدائد، و مازال الكثير منهم يتحمّل تلك المصاعب وذلك من قبيل قطع العلاقات معهم، و التّهم التي تكال لهم في غيابهم، و مطالب أخرى لم يكن من المتوقّع أن تقع، و لكن ذلك ما حصل، و (هرچه آن خسرو كند شيرين بود) [3] ، وعلى الإنسان في النهاية أن يمرّ بالتجربة التي مرّ بها السابقون.
لقد كنت أفكّر في نفسي قائلاً: هل لون دمنا أشدّ حمرة من دم أجدادنا؟! [4] ما الذي قاساه أمير المؤمنين عليه السلام؟ و ماذا فعلوا معه؟ لم يبقَ معه إلا أربعة أشخاص! و ماذا فعلوا مع الإمام الحسن عليه السلام؟ و ماذا فعلوا مع آبائنا، و غيرهم من الأولياء؟ ألم يقولوا عن سماحة الشيخ الأنصاري رضوان الله عليه بأنّه نجس؟! ها هنا في قم؟! ألم ينعتوا المرحوم القاضي في النجف بأنّه كافر و نجس؟! ألم يسحبوا سجادة الصلاة من تحت قدميه؟! ألم يقدموا على محاولة قتله؟!! لقد صار ذلك معروفاً، و نحن قد ذكرنا ذلك، و البعض قد أورده في كتابه أيضاً. حسناً ... فإذا كان الأمر كذلك، فما المشكلة لو قالوا عنّا كلمةً أو كلمتين؟! فليقولوا ما يشاؤون. ما المشكلة في ذلك؟! فليقولوا أنّنا كذابون أيضاً!! يا من تقول عنّي بأنني كذّاب، ما الذي يجعلك تسعى إليّ و تأتي نحوي إذاً؟! إنّ كلامي هو هذا: إذا كنت ترى بأنّني أستاذ كذّاب بالنسبة لك، فلماذا تتابعني و تحاول التقرّب مني حينئذٍ؟! أنا واقعاً أتعجّب من ذلك.. اذهب يا عزيزي في حال سبيلك! يا عزيزي أنا أتّفق معك بأنني كذّاب!! فأنت تقول عنّي بأنني كذّاب، و أنا أتّفق معك في ذلك و أقبله !!! فلا خلاف بيننا و لا مشكلة إذاً [تبسّم من سماحة السيّد]، لأنّ الخلاف و المشاكل تبدأ إذا كنت أنت تقول عنّي بأنني كذّاب، و أنا أرفض ذلك و أنكره، و أقول لك: بل أنت الكذّاب! لأنّ الخلاف معناه أن يمسك كلّ واحد منّا عصاً بيده و يضرب الآخر بها، و لكنّني أقبل ما تقوله عنّي، و بهذا تنتهي المشكلة، و أقول لك: أهلاً وسهلاً ، و لكن من الآن فصاعداً لن أستقبلك أبداً، فالقضيّة قد انتهت، فلا تتابع المطلب [و لا تحاول إرجاع العلاقة] !! لماذا؟ لأنني لم يعد عندي صبر و احتمال لذلك! فالزمان الذي كان عندنا فيه طاقة لاحتمال ذلك قد انقضى وانصرم، لقد كنّا نذهب إلى منازل بعض الأفراد، فكانوا يتصوّرون أنّ لهم محلاًّ من الإعراب.. هذا الزمان قد مضى!!
كما قلت: أرجو من الإخوة أن يحتملوا جسارتي في الكلام قليلاً، على أنّ هذا المطلب ليس موجّهاً للإخوة الحاضرين، بل هذه الكلمات تخصّ من هي موجّهة إليه، و هو عندما يسمعها سيفهم.
نحن لم يعد لدينا حالٌ يساعدنا على الأخذ والردّ والنقاش والذهاب إلى هنا وهناك، والأطبّاء قد منعونا أيضاً من الدخول في مثل هذه الأجواء، و صار ذلك تكليفاً شرعياً علينا.
و نحن سوف نلتزم بما أمرنا به السيّد الوالد رضوان الله عليه، فالسيّد الوالد قد أعطانا الدستور التالي: كلّ من يريد أن يوجِد فيك التشكيك، فاقطع علاقتك به.
و من هذا اليوم فإنّ الحقير يوضّح للإخوة و الرفقاء أنّ كلّ من يوافقنا في كيفيّة إقامة هذه الجلسات و يتّفق معنا في هذه الكلمات، فالأمر جيّد جدّاً، وهذا يعني أنّ هناك اشتراكاً في المسير وأخوّة إلهيّة، وكلّ من يخالف ـ حتّى وإن كان الحقّ معه ـ فلا شيء يلزمنا بحفظ العلاقة معه، بل إنّ الاستمرار بعلاقةٍ كهذه سيكون مضرّاً.. إنّ علاقةً كهذه ستكون مضرّةً، و نحن لم نأتِ إلى هذه الدنيا حتّى نعمل طبقاً لرغبات الآخرين، و لنتصرّف وفقاً لأذواقهم وأهوائهم، فيحرّكوننا ويتحكّمون بنا في الاتّجاه الذي يحبّون! كلاّ يا عزيزي!! فقد انتهت تلك الفرص و انقضت، و انتهى السلام و الكلام و السفر و الزيارات.. لقد انتهى كلّ ذلك! و صار بإمكانكم أن تنتخبوا أفراداً آخرين لكم، و تتخذوا رفقاءَ يتفقون معكم في المسلك و الذوق، و تشكّلوا لأنفسكم جلسات خاصّة بكم و تقيموا جلسة عصر الجمعة، فكلّ ذلك لا علاقة له بي أبداً، و يمكنكم أن تقيموا لأنفسكم مجالس عزاء، و لا علاقة لي بذلك... اقضوا الليل كلّه في اللطم و ضرب الرؤوس و افعلوا ما يحلوا لكم ، فمن الآن فصاعداً لم يعد لي أيّة علاقة بذلك! و قولوا بأنّكم أنتم أهل الولاء الحقيقي و أما نحن فكفّار.. لم يعد لي أيّ علاقة بذلك.

    

تمسّك العرفاء بالولاية والاستدلال على حجيّة فعل وليّ الله من نفس معنى الإمام والإمامة

وأمّا ما لي علاقة به فهو أنّنا سنستمرّ في التمسّك بهذه المدرسة العلميّة والمبنيّة على الفهم، و لا تتخيّلوا أنّ تولّيَكم [لأهل البيت عليهم السلام] أكثر من تولينا.. كلاّ .. ليس الأمر كذلك أبداً، ولو أنّكم استنشقتم نسمة من نسائم الولاية لَمَا قلتم هذا الكلام!! هل تظنّون أنكم تعرفون الإمام عليه السلام؟! إنّكم تجهلون أبسط الأحكام الفقهيّة، و تجهلون كيف تمسحون على رأسكم في الوضوء، ثمّ تأتون وتزعمون أنّكم تعرفون الإمام أفضل منّا!! فنحن لو قلنا كلمة واحدة في بيان مقام أحد الأولياء الإلهيين لما تحمّلتم ذلك، فكيف سيكون حالكم إذا كان الحديث عن الإمام عليه السلام؟! ثمّ بعد ذلك تقولون: نحن عرفنا الإمام عليه السلام أفضل من فلان!! جيد جداً .. أخبرونا بهذه المعرفة التي عندكم عن الإمام، فنحن نسعى جاهدين لكي نعرف الإمام أكثر و أكثر.
إنّ إنزال مقام أولياء الله لا يرفع مقام الإمام عليه السلام، بل أنتم بفعلكم هذا قد أنزلتم من قدر الإمام عليه السلام، فالإمام الذي لا يستطيع أن يوصل ولي الله إلى مقام الاطّلاع و العلم بكلّ شيء لا يساوي شيئاً!! إنّ إماماً ضعيفاً كهذا لا يساوي عندي أيّة قيمةٍ تُذكر، والإمام الذي لا يقدر أن يأخذ بيد وليّ الله الذي يتّبعه فيوصله إلى ذلك المقام الذي يتمكّن فيه من فعل كلّ شيء يفعله الإمام عليه السلام... مثل هذا الإمام المزعوم لا يساوي فلسين عندي!! و لكنّني أؤمن بذلك الإمام الذي يستطيع أن يوصل وليّ الله (أقول وليّ الله و ليس أي شخص آخر) إلى أن يفعل كلّ ما يفعله الإمام.. هذا هو الإمام الذي أؤمن به و أعتقد بإمامته؛ فإذا كان الإمام قادراً على ردّ الشمس فيجب أن يقدر ولي الله على ذلك، و إذا كان الإمام قادراً على شقّ القمر، فكذلك ينبغي أن يصل ولي الله إلى ذلك!! هذا الإمام هو الإمام الذي يؤمن به هذا الحقير، و أما ذلك الإمام الذي يزعمونه فليس بإمام في الواقع، بل هو إمام وهمي ضعيف، و إنّما الإمام الحقيقي (كما كان يقول المرحوم السيد الوالد) هو الذي يستطيع أن يأخذ بيد تلميذه ليوصله إلى المقام الذي وصل هو إليه، و إلاّ فإذا كان عاجزاً عن ذلك فهو ليس بإمام حينئذٍ، فكيف يكون إماماً لي إذا كان عاجزاً عن الأخذ بيدي، و ما علاقتي به؟ إنّ الإمام الذي أؤمن به هو الإمام الذي يظلّ إماماً لي حتّى أبد الآبدين!! يعني حتّى الأبد هو يأخذ بيد تلميذه ويرفعه إلى مقامه، و يستمرّ ذلك إلى الأبد، فالإمام يبقى إماماً أزلاً و أبداً !!
فما معنى كون الإمام إماماً؟ معناه أنّه هو الذي نقتدي به و هو القائد الذي نتبعه و نلحق به، و المأموم يلحق بالإمام دائماً دون توقّف ، فإذا وصلنا إلى نقطة يتوقّف فيها هذا الاتّباع، فيمضي القائد في سبيله و يتوقف المأموم، فحينئذٍ لا يصحّ أن نقول أنّه إمام !! فإمام مَنْ سيكون حين ذاك؟ ليس هذا بإمام، بل الإمام هو الذي يأخذ بيد مقلّده و المأموم الذي يتّبعه و يرفعه معه من الأزل إلى الأبد!! هذا هو الإمام!! هل فهمتم؟!
و من هنا يتّضح أن علم الإمام هو علم ولي الله، و علم وليّ الله هو علم الإمام، و لكنّ علم ولي الله يأتي من نافذة الإمام و بواسطته، و ليس هذا العلم لوليّ الله وحده بالاستقلال عن الإمام ، لأنّ الإمام سيظلّ إماماً للإنسان حتّى الأبد، و نحن سنظلّ إلى الأبد مأمومين بالنسبة للإمام عليه السلام، و سيبقى هذا الائتمام والاقتداء منّا باقياً حتّى الأبد. حسناً.. هل هذا الكلام سيّء أو خاطئ؟ أين السوء فيه؟ و ما هو الخطأ فيه؟ وأين الإشكال فيه؟!
إنّ إمام زماننا ليس إماماً لنا في هذه الدنيا فقط، بل سيظلّ إماماً لنا حتّى الأبد، فكلّ ما نُعطى في الجنّة فإنّه يأتي من خلاله، وكلّ مرتبة نحصل عليها فهي من جانبه و عن طريقه، وكلّ درجة من الدرجات فهي منه، و السير في الأسماء و الصفات إلى ما لا نهاية له فهو من الإمام عليه السلام أيضاً، و ما يتصوّره البعض أنّنا في يوم القيامة سنكون منفصلين عن الإمام و يكون لنا موقعية في مقابله، فهذا خطأ، و ذلك أن الإمام إمامنا في الدنيا، و هو إمامنا في الآخرة، و يستمرّ ذلك إلى ما لا نهاية له ؛ لأنّ فيضَ الله و عطاءه غير محدود بحدّ، و وجود الله لا حدّ له، و حيث أنّ مجرى هذا الفيض من الوجود هو الإمام عليه السلام، فهو كذلك لا حدّ له ! نسأل الله أن يرزقنا فهم هذه المطالب و إدراكها.

حسناً.. لقد بينّا المسألة بشكل جليّ للإخوة و الرفقاء، و هذا الكلام ليس مختصّاً بالإخوة الحاضرين فقط، فهم بحمد الله مطّلعون و واعون، بل الكلام موجّه لجميع الأفراد و الأصدقاء من الرجال و النساء في أيّ نقطة كانوا.. سواءً في إيران أو خارجها.. فعلى الجميع أن يعلموا بأنّ إقامة العلاقات مع الأشخاص الذين يوجدون التشكيك و الحيرة... نعم، تارة الكلام يكون علمياً، فهذا ما نبادر إلى طرحه بأنفسنا، و لكن تارة أخرى يكون الأمر من باب إقامة العلاقات الوديّة و السلام و الكلام ، فهذا النوع من العلاقة مضرّ!!
و ما علينا إلاّ البلاغ المبين.
فنحن قد ذكرنا للرفقاء المطالب التي بيّنها الأولياء الأعاظم، و أوضحنا لهم ما هو تكليفنا، و أمّا القبول و الالتزام فهو على عهدة نفس الأفراد، و هم المسؤولون عن تشخيص الكيفية التي يتصرّفون بها. و لكن الحقير و من منطلق المسؤولية الملقاة على كاهلي، و بمقتضى التزامي بإيجاد الجوّ الآمن و الأرضية المناسبة و إيجاد بيئة للترقّي و التكامل.. بيئةٍ تخلو من الجدل .. بيئةٍ تخلو من النفسانيّات.. بيئة تخلو من العناد.. بيئة تخلو من التشكيك؛ فالحقير عنده التزام بهذه القضية، و الرفقاء يتوقّعون من الحقير تحمّل هذه المسؤوليّة، ففي النهاية طالما أنّ هذه العلاقة موجودة بين الرفقاء، فينبغي على كلّ واحدٍ منّا أن يسعى جهده للحفاظ عليها، و ذلك بدلاً من إيجاد الخلافات و المشاكل التي يقومون بها، و بدلاً من إرسال الرسائل إلى هنا و هناك ونثرها كما يفعل البعض، وبدلاً من تشويش الأذهان و تخريبها... نسأل الله الهداية للجميع... بدلاً من هذا النوع من المسائل، ينبغي أن نعمل على إيجاد بيئة هادئة و آمنة، و جوّ من الطمأنينة يخلو من المشاكل.. من المسؤول عن إيجاد هذا الجوّ؟ و وظيفة من هي؟ إنّها وظيفة كلّ واحد منّا، و على الحقير نصيبه من ذلك، و لذا فأنا سأسعى في هذا الاتّجاه، و ها هنا أقول بصراحة للأفراد الذين لا يرغبون في التحرّك مع باقي الرفقاء في هذا المسير.. أقول لهم بصراحة: قبل أن تصل الأمور إلى مرتبة الانزعاج و الخلاف و المواجهة و الأذى، فلينفصلوا هم بأنفسهم، و ليبتعدوا باختيارهم قبل ذلك، ولا يسمحوا للأمر أن يصل إلى هذه المراحل، ويخرّبوا الأجواء، فينفتح المجال للقيل و القال و أمثال ذلك.
إن النكات التي أشرت إليها، و قمت ببيانها هنا، أرجو أن تقع مورداً لاهتمام الإخوة، و قد ذكرنا عدّة نقاط، ولا حاجة لتكرارها، و على كلّ حال، نحن لا ندّعي أبداً أننا مبرّؤون من أيّ اشتباه في أسلوب تفكيرنا.. نحن لا ندّعي ذلك أبداً، و لكننّا ندّعي هذه المسألة و هي أنّه طالما أنّ في فكرنا و ذهننا اعتقاداً و إيماناً بفكرة أو رأيٍ ما، فمن الطبيعي أن نقف و نلتزم بما نؤمن به، و لا نغضّ النظر عنه حتّى لو أنّ ذلك لم يعجب البعض، و كان عندهم اعتراض على هذه المطالب.
هذا هو الأمر الذي كان الحقير يريد بيانه منذ مدّة في بعض هذه الجلسات؛ لأنّ الكثير من الإخوة ما زالوا يسألوننا و يرسلون لنا الرسائل قائلين: سيّدنا، هل نستمرّ في إقامة العلاقة مع الشخص الفلاني الذي عنده الأفكار الفلانية، و نتحدّث معه بشكل طبيعي؟ و بالنسبة للشخص الفلاني الذي تربطنا به صداقة ممتدّة لسنوات كثيرة، فما هي أوامركم بالنسبة له؟ و الجواب: هو أننا ليس لدينا أوامر، و ما عندنا هو ما ذكرناه اليوم وهو أنّ العلاقة مع هذا النوع من الأفراد مضرّ لنا، و الحقير قد بيّن هذا الأمر للإخوة و الرفقاء بناء على تشخيصه.
ولكن إذا كان الإخوة و الرفقاء يرون رأياً آخر، أو أنّهم لا يرون المسألة كما نراها، أو أنّهم يلاحظون مصالحَ أخرى غير ما ذكرنا، فحينئذٍ... {لِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَة} و نحن من جهتنا أتممنا الحجّة.

اللهم صلّ على محمّد و آل محمّد.



[1] ـ هذه أسماء أماكن ومحالّ في ضواحي مدينة قم المقدّسة، ومكان إلقاء المحاضرة هو "شهرك قدس" أي محلّة القدس. (المترجم)

[2] ـ يقول: ليس كلّ من تبسّم فهو قادر على أسر القلوب

[3] ـ يقول (كلّ ما يفعله خسرو فهو لذيذ الطعم حلو المذاق)

[4] ـ ترجمة حرفية لمثل شعبي باللغة الفارسية للتعبير عن التمايز عن الآخرين، وربما يوازيه في العربية: هل فوق رؤوسنا خيمة زرقاء؟

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی