معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1433 هـ ق > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1433 هـ الجلسة السادسة: الذات الإلهيّة المقدّسة هي الأمل العظيم

_______________________________________________________________

هو العليم

سلسلة شرح

دعاء أبي حمزة الثمالي
للعام 1433 هـ

المحاضرة السادسة

الأمل العظيم هو الوصول إلى الذات الإلهيّة المقدّسة

ألقيت هذه المحاضرة في الليلة السابعة و العشرين من ليالي شهر رمضان المبارك

ألقاها سماحة آية الله

السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني
حفظه الله

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

«عظُم يا سيّدي أملي وساء عملي، فأعطني من عفوك بمقدار أملي ولا تؤاخذني بأسوأ عملي»
يقول عليه السلام: إنّ أملي ومقصودي وهدفي وما أطمح إليه ـ فكلّها بمعنى واحد تقريباً ـ يا سيّدي ومولاي عظيمٌ وكبيرٌ ومرتبته عالية ومكانته رفيعةجدّاً، ولكن في المقابل فإنّ عملي سيّء وقبيح وغير موزون ولا يتناسب مع ذلك الأمل العظيم وذلك الهدف والمقصد أبداً، ولا يوجد أيّ انسجام بين عملي الذي أؤدّيه وبين مطلوبي، فحيث أنّ الأمر كذلك؛ فأعطني من عفوك وكرمك ورحمتك بمقدار أملي، وحقّق لي رجائي، ولا تنظر إلى عملي السيّء، ولا تأخذه في الحسبان، ولا تتعامل معي على وفق عملي السيّء والقبيح، ولا تُقيّم حسابي على أساس عملي، بل على أساس ذلك الأمل والهدف الذي أحمله في قلبي، وامزج ذلك برحمتك وعفوك.

    

لا نصيب لأيّ أحد من الكبرياء سوى الله تعالی

حسناً.. لقد تحدّثنا في الليالي الماضية ـ إلى حدٍّ ما ـ حول هذا المطلب، وقلنا أنّ مسألة الطلب والهدف تختلف من شخص إلى آخر، ولكن ما هي هذه «العظمة» التي يتحدّث عنها الإمام السجّاد عليه السلام في هذه الفقرات، وما هو هذا الأمل «العظيم» الذي يدّعيه في قبال ساحة الكبرياء الإلهي، فالعبد لا ينبغي أن يأتي أمام ربّه ويقول له: يا ربّ إنّ مطلوبي وما أريده أمرٌ عظيمٌ جداً، وهدفي وأملي في غاية العظمة، ومقصدي ومقصودي منزلته رفيعة جدّاً!!فهل من المناسب أن يتحدّث الإنسان بهذا الشكل مع ربّه؟! ذلك الربّ الذي نخاطبه في دعاء قنوت عيد الفطر قائلين: «اللهمّ أهل الكبرياء والعظمة».. يا ربّ أنت وحدك أهل الكبرياء والعظمة ولا أحد غيرك، فالآخرون لا يوجد عندهم عظمة ولا كبرياء. نعم.. ربما يكون عندهم كِبْر، ولكن ليس لهم نصيب من الكبرياء! فربّما يرون أنفسهم عظماء، ولكنّهم في الواقع ليسوا بعظماء، وذلك أنّ الكبرياء يعني ذلك المقام الذي لا يُسمح للأغيار بالورود إليه، وهو تلك المرتبة التي تقصر يد الغير عن الوصول إليها. هذا هو الكبرياء.

    

المعنى المراد من العظمة

وأمّا العظمة فمعناها واضح، فالعظمة تعني الكبَر في مقابل الصغر والحقارة، وهذه العظمة يمكن تفسيرها بعدّة معاني مناسبة لها، فيُمكن أن تُطلق على المرتبة الراقية والعالية مقارنة بالمرتبة الدانية، كما يمكن أن تُطلق على تلك الحقيقة ذات الشمول العامّ التي تستولي بسعتها على جميع الوجود، وذلك في مقابل الموجودات المقيّدة والجزئية، فتلك عظيمة وأمّا هذه فصغيرة وحقيرة. فلو نظرتم مثلاً إلى كوبٍ من الماء وإبريق من الماء، فأيّهما أعظم؟من الواضح أن الإبريق أكبر من الكوب؛ لأنّ الإبريق قادر على احتواء الماء الذي في الكوب، ولكن الكوب لا يتّسع للماء الذي في الإبريق، ولو حاولنا وضع ماء الإبريق في كأس فإنّه سيطفح منه؛ لأنّ سعة الكوب أقلّ من كمية الماء، وبالتالي فإنّ الإبريق أكبر وأعظم من الكوب.

    

عظمة النظام الكوني المادّي بالمقارنة مع الأرض

حسناً.. قارنوا الآن بين حوض من الماء مع إبريق الماء، ثمّ قارنوا الحوض مع النهر، ثمّ النهر مع البحيرة، ثمّ البحيرة مع البحر، ثمّ البحر مع المحيط،وهكذا فلنصعد بالمسألة، فخذوا الكرة الأرضية مثلاً مقارنة بالقمر.. فكم مرّة هي أكبر من القمر؟ الظاهر أنّها أكبر بأربع عشرة مرّة إذا لم أكن مخطئاً، وأمّا لو قارنّا الكرة الأرضيّة بالشمس، فسنجد أن الشمس أعظم بكثير، والآن قد اكتشفوا أجراماً كبيرة جداً بحيث أنّ الشمس تبدو أمامها كقطعة سكّر أمام كرة عظيمة جدّاً! هذه الشمس التي يحتاج ضوؤها إلى ثمان دقائق وثلاث عشرة ثانية حتّى يصل إلينا! يعني أنتَ عندما ترى ضوء الشمس الآن، ففي الواقع أنت لا ترى الشمس في موقعها الحالي، بل إنّ موقع الشمس قد تغيّر، وقد تحرّكت من موقعها السابق، وهذا النور الذي تراه هو النور الذي انطلق من الشمس قبل ثمان دقائق وثلاث عشرة ثانية، فوصل الآن إلينا، وكم هي المسافة التي يقطعها الضوء في كلّ ثانية؟ إنّه يقطع مسافة ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية! حسناً اضربوا ثلاثمائة ألف كيلومتر في ثمان دقائق وثلاثة عشر ثانية لكي تعرفوا المسافة بيننا وبين الشمس!
هذا وقد اكتشفوا مؤخّراً بعض النجوم التي تبعُد عن الأرض ثلاثمائة مليون سنة ضوئيّة!! يعني لكي نكتب هذه المسافة بالأرقام ينبغي لنا أن نكتب رقم واحد وبجانبه عدد كبير من الأصفار يمتدّ من هنا إلى طهران!! [يبتسم سماحة السيّد]... قبل عدّة سنوات كان أبعد نجم مُكتَشف يقع على بُعد اثني عشر مليون سنة ضوئيّة، ولكن بسبب تطوّر المعدّات وأجهزة المراصد الفلكيّة فقد اكتشفوا هذه النجوم الأبعد، بل هم يقولون إنّ معدّاتنا قادرة على اكتشاف نجوم تبعُد أربعمائة إلى خمسمائة مليون سنة ضوئيّة، وأنّ اكتشاف ذلك متوقّع قريباً!! ما أعجب ذلك! اذهبوا على البيت وحاولوا أن تحسبوا المسافة، لتروا هل بإمكان الآلة الحاسبة أن تحسب مثل هذه الأرقام الكبيرة! وإذا أردنا الدخول في هذه المسائل فسيطول بنا الكلام كثيراً.
هذا ما يسمّونه عظمة، بينما تجد أن الناس يختلفون ويتشاجرون من أجل مترين مربّعين من الأرض، فكلّ واحد منهما يريدها لنفسه، والحال أنّ هذا المقدار قياساً على الكرة الأرضيّة لا يوازي حتّى قشّة من تبن! فكيف إذا قسنا الكرة الأرضيّة إلى جميع عالم المادّة الذي اكتشفنا إلى حدّ الآن فقط أنّه يمتدّ إلى ثلاثمائة مليون سنة ضوئيّة؟ يعني هذا الضوء الذي يلمع على صفحة مرآة التلسكوب العملاق الذي اكتشفنا ذلك النجم من خلاله... هذا النور هو في الواقع قد انطلق من ذلك النجم قبل ثلاثمائة مليون سنة [ضوئيّة] ليصل إلينا لتوّه، أي أنّه انطلق قبل ثلاثمائة مليون سنة من مصدره ـ أيّاً كان ذلك المصدر ـ فتلتقطه هذه المرآة العاكسة للأنوار السماويّة، ومن خلال طوله الموجي يتمّ حساب المسافة التي قطعها هذا الضوء! فإذاً ما هي العظمة؟ هذه هي العظمة .. عندما تُقارن عالم المادّة الكبير هذا بالنسبة إلى الكرة الأرضيّة، فأيّهما العظيم؟ وأيّهما أكبر وأشمل؟ الكرة الأرضيّة أم هذا الكون؟ من الواضح أنّ الكرة الأرضيّة لا تبلغ رأس إبرة بالنسبة للكون! ثمّ ترانا ندّعي ونتفاخر!

    

عظمة العوالم السبعة بالمقارنة مع بعضها البعض

واضح؟ إنّ نسبة عالم المادّة الكبير هذا بالمقارنة مع عالم المثال ـ الذي هو علّة هذا العالم ـ تُماثل نسبة الكرة الأرضيّة إلى عالم المادّة هذا!ونقصد بعالم المادّة مجموعه كلّه، وكذلك الأمر بالنسبة لعالم المثال بالمقارنة مع العالم الذي فوقه، والعالم الذي فوقه بالمقارنةمع ما فوقه، وهكذا حتّى سبعة عوالم.. كلّ عالم منها بالنسبة لما فوقه هو بمثابة القطرة بالنسبة للمحيط!! واضح؟

    

ضرورة التفات الإنسان إلى حقارته في مقابل الله تعالى

و من هنا نفهم معنى دعاء القنوت في صلاة العيد عندما نقول: «اللهمّ أهل الكبرياء والعظمة»، وأنّ الله سبحانه هو وحده أهل العظمة، وأنّ لباس الكبرياء لا يليق إلاّ به عزّ وجلّ، وأمّا الباقون فإنّهم يدّعون العظمة والكبرياء، إلاّ أن ادّعاءهم هذا خالٍ من الحقيقة، وهم أحقر من ذلك بكثير، فإنّك لا تكاد تنفخ على الواحد منهم حتّى يسقط على الأرض! فأين العظمة والكبرياء؟! تجد الإنسان إذا أُعطي منصباً أو صار له قدرة ما يظنّ نفسه عظيماً... يا عزيزي إنّ جرثومة صغيرة جدّاً لا تُرى بالعين ـ بل لا يُمكن أن ترى بالميكروسكوب العادي ـ إذا دخلت في بدنك، فإنّك ستتحوّل إلى جثّة هامدة مطروحة على الأرض، فما هذه الادّعاءات الفارغة؟! وما معنى هذا الكلام؟! يا عزيزي إنّ نفس هؤلاء الأشخاص الذين يضربون لك التحيّة ويُطيعون أوامرك.. هؤلاء نفسهم سيأتون غداً ويصبحوا رؤساء عليك ويصدرون إليك الأوامر، فانتبه ولا تغفل! وكم هو جيّد لو أنّ الإنسان يفهم هذه الأمور ويلتفت لها مبكّراً قبل أن يفلت الوقت من يديه! وما أجمل أن يعرف الإنسان ما هي الأمور الحقيقيّة وما هي الأمور المجازيّة قبل فوات الأوان، وأن يعتني الإنسان بنفسه ويعمل على إصلاحها قبل أن تذهب الفرصة من يده!
تا ز دستت مى رسد كارى بكن
                             [پيش‌ از آن‌ كز تو نيايد هيچ‌ كار] ([1])

قبل أن تذهب الفرصة.. ففي ذلك الوقت لن يبقى عند الإنسان حال ولا مجال يُساعده لتدارك ما فات، أمّا الآن فهو قادر على ذلك!

    

المكانة الخاصّة للعظمة في التراث الإسلامي

بهذا يتبيّن معنى «العظمة». وبناءً على ذلك، نُلاحظ أنّ مسألة «العظمة» لهامكانتها ومفهومهاالخاصّين في القرآن الكريم وفي آثار أهل البيت عليهم السلاموكلمات العظماء.فمثلاً عندما نتحدّث عن الله عزّ وجلّ ونقول في الدعاء: «اللهمّ أهل الكبرياء والعظمة» ، ونقرأ في دعاء الجوشن: «اللهمّ إنّي أسألك يا عظيم...» يا من هو عظيم، وبلغ أقصى مرتبة من العظمة، كما ورد في دعاء ليلة المبعث في حقّ رسول الله: «اللهمّ إنّي أسألك بالتجلي الأعظم في هذا الليل المعظّم...»، فالإنسان يدعو الله في تلك الليلة ويقول: اللهمّ إنّني أدعوك وألتمس منك وأرجوك وأتوسّل إليك بحقّ تلك الحقيقة التي هي تجلّيك الأعظم! فما معنى «الأعظم»؟ يعني أكبر تجلّ وظهور صدر من ذاتك المقدّسة إلى الخارج، وحصل له تقيّد من مرتبة البساطة والصرافة التي لك. فنحن ما هي حقيقتنا؟ إنّما نحن تجلّيات الله سبحانه، ولو لم نكن تجلّيات الله لم نكن لنوجد، ولكُنّا عدماً صرفاً، ولما كان لنا اسمٌ ولا رسمٌ ! فكلّ ما في العالم تجلّيات الله تعالى!

    

التجلّي لا يعني الانفصال عن ذات الحقّ تعالى

التجلّي يعني أنّ حقيقةً مّا من الذات الإلهية المقدّسة قد حصل لها ظهورٌ خارجيٌّ وعينيٌّ .. هذا هو التجلّي، ولا يعني التجلّي الانفصال!! فالقول بأنّ هذه المخلوقات قد انفصلت عن الله هو كفرٌ! إنّ الانفصال هو مثل أن يأخذ الإنسان إبريق الماء ويصبّ مقداراً منه في كوب فارغ، حينئذٍ فإنّ ماء الكوب سيختلف عن ماء الإبريق ويكون منفصلاً عنه. نعم.. إن أرجعنا الماء من الكوب إلى الإبريق سيصير ماءً واحداً، ولكنّهما الآن منفصلان ويبعدان عن بعضهما مسافة مترين. فالتجلّي لا يكون بالانفصال؛ لأنّ الانفصال ليس تجلّياً بل انقطاعاً.. افرضوا أنّ عندكم كيساً من الأرزّ وكان عندكم قدح، فصرتم تأخذون الأرزّ من ذلك الكيس بالقدح مرّة بعد أخرى، ففي النهاية لن يبقى شيء من الأرزّ في الكيس، أليس كذلك؟ ولو أنّ التجليّاتالتي تصدر من الذات الإلهيّة هي مثل أقداح الأرزّ ومكاييل الأرزّ التي تحدّثنا عنها، لكان إيجاد كلّ واحد منها يؤدّي إلى حدوث نقصان في الله ـ والعياذ بالله ـ،حتّى ينتهي الأمر بنفاده بالكليّة، ولن يبقى لله أيّ شيء!! والحال أنّ وجود الله هو وجود إطلاقيّ وبالصرافة .. يعني لو أخذنا منه هذا المقدار ومائة مليار مثله، وألف مليار من هذا، فلن ينقص منه شيئاً.
فما هو نوع هذا التجلّي والظهور، بحيث مهما صدر من هذه الذات وظهر منها في الخارج فإنّ هذه الذات لا تتأثّر أبداً ولا يفرق الأمر لديها؟ وما هي حقيقة هذه المسألة؟ معنى ذلك أنّ جميع التجليّات، وتمام الظهورات، وكلّ الأعيان التي ترونها في الخارج ـ من النجوم والمجرّات إلى العوالم الربوبيّة، ومن المبدعات والعوالم المادّية وغير المادّية، وجميع ما ترونه من عوالم الملائكة وعوالم الأرواح وعوالم العقول وغير ذلك ـهي حقائق عينيّة (يعني مشخّصة ومتعيّنة) برمّتها .. هي حقائق عينية ومشخّصة وخارجيّة، وهي في عين كونها خارجيّة وفي عين تقيّدها، إلاّ أنّها لم تتحرّك قيد أنملة في الذات الإلهيّة أبداً! هذا هو معنى الوجود بالصرافة، يعني هو ذلك الوجود الذي له الاستعداد والقابليّة ـفي عين بساطة الذات ـ لكي يتقبّل جميع الأعيان الخارجيّة دون أن يُؤدّي ذلك إلى حدوث أيّ إشكال أو منافاة.حسناً.. هذا هو الذي يكون عظيماً، فهذه الذات الإلهيةّ المقدّسة «عظيمة»، وهي عظيمة لهذا السبب: وهو أنّك لا تستطيع أن تتصوّر شيئاً أو حقيقةً ما تكون أعلى وأكبر منها من ناحية السعة الوجوديّة.

    

الرسول الأكرم هو التجلّي الأعظم

فنحن جميعاً موجودات وتجليّات مقيّدة ودانية، بينما رسول الله صلّى الله عليه وآله هو التجلّي الأعظم لله تعالى من بين كلّ تجلّياته في عالم الوجود هذا، ومن الواضح أنّ هذه العظمة ليست بالقياس إلى الله تعالى، بل إنّ النبيّ أرقى وأعلى وأعظم بالنسبة إلى جميع المخلوقات بما فيها جميع الملائكة والعوالم الربوبيّة، فنفس رسول الله،وليس جسده المبارك الذي مات ودُفن قبل ألف وأربعمائة سنة، بل نفس رسول الله وذاته تمثّل أوّل التجلّيات الإلهية التي أظهرها سبحانه من ذاته المقدّسة، ومنحها العينيّة والتقيّد، فهو أعلى وأرقى التجلّيات الإلهيّة.. يعني جميع عوالم الملك والملكوت والتي كشفنا لكم قبل قليل عن قطرةً من بحرها فقط، وذكرنا أن ما تمّ اكتشافه من عالم المادّة حتّى الآن يبلغ قطره حوالي ثلاثمائة مليون سنة ضوئيّة، ومن المتوقّع أن يكتشفوا أبعاداً أكبر من ذلك بكثير، فثلاثمائة مليون [سنة ضوئيّة] ليست بالشيء الكثير! إنّ جميع هذه العوالم بالنسبة إلى ذات رسول الله صلّى الله عليه وآله هي بمثابة نسبة القطرة إلى البحر!! كمثل قطرة واحدة تضعها في المحيط الأطلسي، فما الذي سيحصل؟! هاهنا يجب على الإنسان أن يتأمّل ويفكّر حتّى يرى ما هي حقيقة الأمر؟

    

المؤمن السالك قادر على الوصول إلى مقام التجلّي الأعظم ببركة الرسول صلى الله عليه وآله

لا تتعجّبوا كثيراً، فإنّ ذلك العبد المؤمن الذي يكون من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، ويتّبع طريقه عليه السلام، ويسلك سبيل أولياء الله، ويضع نفسه في مقام التربية والتزكية، ويلتزم بالبرنامج السلوكي الذي يرشدون إليه... هذا العبد يصل إلى مقام بحيث أنّ حقيقة التجلّي الأعظم تلك التي تحدّثنا عنها ستتجلّى فيه هو!! بخٍ بخٍ!! هل تعلمون ما الذي سيحصل حينئذ؟! (نعتذر للإخوة لأنّه لابدّ لنا أن ننهي الكلام حول هذه المسألة، ونكتفي بهذا المقدار الذي فلت من لساننا!) إنّ هذا العبد الصالح يصل إلى مقام يستطيع من خلاله أن يفعل كلّ أمرٍ يريده [ويفعله] رسول الله صلّى الله عليه وآله.. ذلك النبيّ الكريم الذي تكون كلّ العوالم بالنسبة إليه كنسبة القطرة إلى البحر، وبلغ مقام التجلّي الأعظم!!
و لأنّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ هو التجلّي الأعظم، فقد صار قادراً أن يُبرز هذا التجلّي ويُظهره في الآخرين [ويُوصلهم إلى هذا المقام الرفيع]، حتّى يصلوا إلى المقام الذي يستطيعون فيه أن يفعلوا ما يقدر هو أن يفعله!

    

وصول إبراهيم عليه السلام إلى مقام الإمامة عن طريق قطع جميع التعلّقات

ولماذا صار رسول الله صلّى الله عليه وآله هو التجلّي الأعظم؟ ولماذا صار الأئمّة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين هم التجلّيات العظمى؟ لماذا؟ لأنّه لا مكان في ذات هؤلاء لشيء سوى الله تعالى، والله سبحانه عظيمٌ ... «اللهمّ أهل الكبرياء والعظمة»!
وكنّا قد قرأنا تلك الآية التي نزلت في حقّ إبراهيم عليه السلام، حيث يحكي الحقّ تعالى عن مخاطبة نبيّ الله إبراهيم لنبيّ الله إسماعيل: {قال َيا بُنَيَّ إِنِّي أَرى‏ فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى ‏قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُني‏ إِنْشاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرينَ} [2] إنّي رأيت في المنام أنّي أضحّي بك في سبيل الله، فما هو رأيك في ذلك؟{قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ}، فهو لم يقل لحضرة إبراهيم: كلاّ إنّ قتل النفس المحترمة حرامٌ ! بل قال له: {قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ}، تعال الآن وافعل ذلك، ونفّذ الأمر الإلهي بدون تردّد، وستجدني إن شاء الله من الصابرين، وسأتحمّل هذا الامتحان وأنجح فيه، وسأتجاوز عن نفسي وأتخلّى عنها، فأنت يجب أن تتخلّى عن تعلّقك وأنا أيضاً يجب أن أتخلّى عن نفسي! فالأمر متعلّق بنا كلينا!
فمسألة ذبح إسماعيل لم تكن مختصّة فقط بإبراهيم عليه السلام، فنفس حضرة إسماعيل ينبغي عليه هنا أن يتجاوز نفسه ويعبر من مقام النفس لكي يصل إلى مقام الولاية، وبدون ذلك لا فائدة من الأمر.. {ستجدني إن شاء الله من الصابرين}، هل هذا واضح؟ ثمّ يأتي حضرة إبراهيم لكي يذبحه، فيرى بأنّ السكّين لا يقطع، فيجيءه النداء الإلهي أن{قد صدّقت الرؤيا} [3]،لقد صدّقت بالرؤيا، وعملت بمضمونها، وأدخلتَها حيّز التنفيذ، وتحرّكت، وتجاوزت، وعبرت عن التعلّقات، ووصلت إلى مقام الإمامة:{وإِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إماماً}[4]، فقد كان امتحان ذبح الابن هو آخر امتحان، ومن كان هذا الابن؟ لقد كان حضرة إسماعيل الذي لا يُمكن العثور على نظير له أبداً في العالم من ناحية الكمالات والقابليّات والاستعدادات والمطالب التي كان ينطوي عليها في داخله، ومن ناحية الأرضيّة التي كان يتوفّر عليها من أجل إيجاد مقام الرسالة وإيجاد رسول الله والأئمّة الهداة صلوات الله عليهم، فكلّ هذه الأمور كانت تنطوي عليها نفسُ حضرة إسماعيل. حسناً، فما الذي سيحدث بعد ذلك في هذه الأثناء؟ قال له:{قد صدّقت الرؤيا}،ثمّ يقول بعد ذلك في هذا الموضع: {وفديناه بذبح عظيم}[5] .. ياللعجب! فأنتم تلاحظون أنّ الله تعالى جاء هنا بلفظ «العظمة»، أي أنّنا بدّلنا ذلك بذبح عظيم.. لقد قبلناك ولم نرفضك ولم نُعطك علامة سلبيّة، ومنحناك درجة القبول، لكن يبقى أنّ هذا لم يحصل إلاّ بعد أن رأى حضرة إبراهيم المنام لثلاث ليالٍ متتالية، وهذه المسألة تحتوي بحدّ ذاتها على أسرار جمّة، لماذا؟ لأنّه لم يحصل له اليقين في المرّة الأولى، فرأى المنام أيضاً للمرّة الثانية، فبقي عنده شكّ أيضاً، حتّى[رأى المنام] للمرّة الثالثة، ويدلّ هذا التكرار على أنّه عليه السلام كان محتاجاً للتكامل الروحي والمعنوي، وإلاّ لكان على حضرة إبراهيم أن يستوعب المسألة ويطّلع على حقيقة الأمر منذ الرؤيا والبشارة الأولى.

    

هل تمّ فداء إسماعيل عليه السلام بخروف فقط مع كونه نبيّاً؟

حسناً، يقول الحقّ تعالى هنا: {وفديناه بذبح عظيم}، حسناً، يوجد العديد ممّن يذكر في هذه التفاسير بأنّه نزل خروف من الجنّة، فذبحه حضرة إبراهيم، وتقبّل الله تعالى منه ذلك القربان، وقد سمعت من بعضهم ـ وكانوا من الأفاضل ـ يقول: لمّا كان هذا الخروف من الجنّة، فإنّ لديه الكثير من اللياقة والجدارة لكي يستحقّ أن يصفه الله تعالى بوصف العظمة؛ فهو من الجنّة، وليس خروفاً عاديّاً!! هل المسألة هي حقيقةً بهذا الشكل؟! لقد قلت له: يا سيّدي، من هو الذي يمتلك عظمةً أكثر: حضرة إسماعيل الذي يمتلك مقام الخلافة الإلهيّة، أو هذا الخروف الذي يُمأميء، وغاية الأمر أنّه من الجنّة؟! قال: يا سيّدي: هذا الخروف هو من الجنّة، فقلت: صحيح أنّه من الجنّة، لكنّنا وضعناه في مقابل حضرة إسماعيل! فنحن نقبل بأنّه أعلى وأفضل من شياه وأبقار وحمير الدنيا، إلاّ أنّ حضرة إسماعيل هو نبيّ من أنبياء الله، فهل يكون هذا الخروف أفضل منه؟! فالمسألة هي بهذا الشكل، ولا يُمكن أن تكون مغايرة لذلك!

    

تفسير الأئمّة عليهم السلام للذبح العظيم بالإمام الحسين عليه السلام

حسناً، يبقى هذا رأياً من الآراء، وأمّا عندما نُطالع الروايات ويأتي الإمام الصادق عليه السلام ليفسّر هذه الآية، فإنّه يقول بأنّ المراد من {فديناه بذبح عظيم} هو حضرة سيّد الشهداء عليه السلام!! إلى هذا الحدّ يصل الإنسان، حيث يُطلق الله تعالى في هذا الموضع على سيّد الشهداء اسم العظمة، فهذا هو العظيم.. وقد انتخبنا للأضحية هذا الابن [أي حضرة سيّد الشهداء] بدلاً عنه [أي عن حضرة إسماعيل].. فهناك لم يقطع السكّين، وأمّا هنا فإنّه سيقطع، وهناك رأى المنام عدّة مرّات، وأمّا هنا فقد رآه مرّة واحدةً.. إنّ الله شاء أن يراك قتيلاً، فقد قال رسول الله لسيّد الشهداء في المنام: «يا حسين، اخرج إلى العراق، فإنّ الله شاء أن يراك قتيلاً»، «شاء» يعني أنّ مشيئة الله قد تعلّقت بهذا الطلب، وبأن تُقدّم نفسك هنا فداءً لحقيقة الولاية وطريقها. ويقبل عليه السلام ويرضى بذلك من دون أن يعترض بأيّة كلمة.. ماذا يقول الخواجة [حافظ] في شعره المشهور؟يقول:
مريد پير مغانم زمن مرنج اى شيخ
                             چرا كه وعده تو كردى و او بجا آورد [6]

ما شاء الله، ماشاء الله! أحسنت، أحسنت!
أنت وعدت بأن تقدّم ابنك إسماعيل فداءً في سبيل الله، لكنّك وفيت بوعدك بعد أن رأيتَ المنام ثلاث مرّات، وأمّا هو فقد وفّى فوراً..
نعم، يبقى أنّ بعضهم قال بأنّ مراد الخواجة حافظ هنا هو سيّد الشهداء الذي قام بتنفيذ وعده، لكنّني أتصوّر بأنّ مراده هو أمير المؤمنين.. فقوله «مريد پير مغانم» (لقد أصبحت مريداً للشيخ المرشد) يقصد به أمير المؤمنين صاحب الولاية الذي وعد بأن يُقدّم ابنه الإمام الحسين في يوم عاشوراء فداءً في سبيل الله وطريق العبوديّة ومسار الولاية. وبطبيعة الحال يبقى أنّ كلا المعنيين صحيح ولا فرق كبيراً بينهما.

حسناً، بعد أن فهمنا هذا، ستُلاحظون بأنّه يستعمل هنا لفظ «عظيم».. {وفديناه بذبح عظيم}، أي على الرغم من أنّ الذبح لم يتحقّق في حقّ حضرة إسماعيل، إلاّ أنّه يوجد شخص آخر بدلاً عنه، وهو مختلف عنه، وهو عظيم، وهو الذي اشتمل على عالم الوجود برمّته، وهو الذي أضحت نفسُه تمتلك الأهليّة لإظهار الكبرياء والعظمة ـ بجميع تجليّاتها وفي أعلى مراتبها ـ في الخارج، حيث أنّ نفس سيّد الشهداء قد صارت متعيّنة في الخارج بأعلى مراتب التجلّي؛ ولهذا يقول: {وفديناه بذبح عظيم}، أي أنّ أضحية عظيمة هي في الطريق، وستصل إليها، وهذه الأضحية هي الأضحية العظيمة، هل هذا واضح؟

    

الذات الإلهيّة المقدّسة هي الأمل العظيم الذي كان يرجوه الإمام السجّاد عليه السلام

عندئذ سيتّضح لنا هنا المراد من كلام الإمام السجّاد حينما يقول: عظُم يا سيّدي أملي! انتبهوا، فقد بدأنا نقترب شيئاً فشيئاً [من المعنى المُراد].. عظُم يا سيّدي أملي، يعني أنّه في قلبي أمنيّة ومقصود وغاية وهدف عظمتُها هي نفس العظمة التي نقرؤها في أدعية أيّام شهر رمضان: يا عليّ يا عظيم، يا غفور يا رحيم.. يا من هو عالي المنزلة، أنت أعلى منزلةً من الوجود برمّته، ويا من يمتلك العظمة، وعظمتك أعظم من الوجود برمّته، نحن ندعوك بهذه العظمة وبهذا العلوّ أن تقوم بكذا وكذا وكذا. فحينئذ، عندما نتأمّل قليلاً، نرى بأنّ الإمام السجّاد يقول بدوره: عظُم يا سيّدي أملي، أي أنّ أملي وهدفي عظيم، فما هو المراد منه إذن؟ المراد منه نفس الذات الإلهيّة المقدّسة.. يقول الإمام السجّاد: هدفي ومقصودي هو الذات الإلهيّة المقدّسة، وانتهى الأمر! وليس مقصودي هو جنّته، أو الحور والغلمان والكمّثرى والتفّاح والبرتقال الموجود في الجنّة، وليس مقصودي هو {جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار}، وليس مقصودي هو التنعّم، بل مقصودي هو نفس الذات الإلهيّة المقدّسة؛ لأنّه قد ورد [في الأدعية]: اللهمّ أهل الكبرياء والعظمة، يا عليّ يا عظيم، كما ورد في وصف المتقّين عن أمير المؤمنين عليه السلام: «عظُم الخالق في أنفسهم، فصغُر ما دونه في أعينهم»، فلا يحتلّ أنفسهم وقلوبهم إلاّ عظمة واحدة وحسب، فما هي هذه العظمة؟ هي عظمة الله تعالى التي ملأت أنفسهم وألبابهم وقلوبهم، بحيث لم يبق فيها أيّ شيء. ولهذا حينما ينظر إلى ملك أو وزير، فإنّه يقول: أهؤلاء هم الذين كنتم تتحدّثون عنهم [وتُعظّمونهم]؟!، وحينما ينظر إلى العرش، فإنّه يقول: ما هو إلاّ خشب! وحينما ينظر إلى الرصاص والبنادق وأمثال ذلك، فإنّه يقول: ما هو إلاّ حديد! فكلّ شيء ينظر إليه لا يُحرّك في نفسه ساكناً! لأنّ تلك العظمة قد جاءت واستحوذت على كلّ وجوده، وحينئذ، لن يبقى المجال لأيّ شيء آخر؛ ولهذا، سيعود جميع ما سوى الله بالنسبة إليه.. بالنسبة إلى هذا الذي هو من المتقّين؛ لأنّ خطبة همّام كان قد ذكرها أمير المؤمنين في وصف المتّقين.

    

احتلال عظمة الله لقلب الإنسان يحتاج إلى التقوى والهمّة العالية

يقول أمير المؤمنين في وصفهم: عظُم الخالق في أنفسهم، أي أنّ الله تعالى عظيم في قلوبهم، فهل الله تعالى عظيم في قلوبنا نحن أيضاً؟ لا يا عزيزي، فنحن قد ملأنا قلبنا بكلّ شيء، ولم يبق منه إلاّ بعض الفُتات، ولا نعلم هل سيكفي المكان لنضع فيه الله تعالى في ذلك الجانب من الصندوق، أم لا! أليس هذا صحيح؟ كم بذلنا [من أنفسنا] لأجل هذا الإله العظيم؟ ما هو مقدار الهمّة والسعي الذي جعلناه لهذا الإله العظيم؟ كم تقدّمنا إلى الإمام لأجل هذا الإله العظيم؟ قولوا لي كم؟ أفهل يختلف سلوكنا وعملنا عن ذلك؟ أفهل يُظهر شيئاً آخر غير ذلك؟
سوف أحكي لكم حادثة واحدة، وقيسوا ذلك على بقيّة الموارد الأخرى: دعانا أحد الأشخاص لنرافقه إلى منزله، حيث كانت لديه بعض المطالب والمسائل حول مشكلة تواجهه وأمثال ذلك، فقبلنا دعوته. وقد كان من المقرّر أن يطرح في الطريق بعض الأسئلة لنجيب عليها إلى أن نصل إلى المنزل، فأتينا وامتطينا سيّارته، وقد كان باستطاعتنا أن نستقلّ سيّارة أجرة، فنتجنّب بذلك الكلام، وكسر الرقبة وصداع الرأس [إلاّ أننا أحببنا أن يستفيد من هذا الوقت في طرح أسئلته]، ولكن منذ أوّل لحظة امتطينا فيها سيّارته إلى آخر لحظة فإنّ هاتفه النقّال لم يتوقّف عن الرنين، وكان في كلّ مرّة يردّ على الاتصال قائلاً لي:
عفواً، أعتذر منكم.
حسناً، لقد قبلنا عذركم.
ثمّ بعد خمسة دقائق يُعيد الكرّة من جديد، فما إن نشرع في الحديث ويأخذ الكلام موضعه المناسببعد المقدمات والتمهيدات ـ وهي عمليّة تطول قليلاً ـ حتى يرنّ الهاتف مرّة أخرى.. فيقول:
أعتذر منكم كثيراً، هل بإمكاني أن أردّ على هذه المكالمة؟
فأجيبه: حسناً، تفضّل، أجب عنها!
فيجيب، وقد كان كلامه في هذه الاتصالات يدور حول الشؤون اليوميّة الدنيويّة المتعارفة. أهكذا تكون الأمور؟ وهل الذي يسعى نحو مقصوده ويريد أن يصل على مراده يبذل لأجله هذا المقدار فقط؟ يا عزيزي، لو أركبتَ سيّارتك شخصاً آخر غيري، هل كان هاتفك النقّال سيرنّ؟! حسناً، لقد وضعت المطلب بين أيديكم.
أتصوّر أنّه لن يكون مسموحاً لي بالكلام أكثر من هذا [7]، فعلينا أن نرجو من الله تعالى أن يُمدّنا بالهمّة..الهمّة يا عزيزي، الهمّة..
برسر تربت ماچو نگذرى همّت خواه
                             كه زيارت گه رندان جهان خواهد شد. [8]

فالذين ابتلوا بمثل هذه الأمور كانوا مفتقرين للهمّة والإحساس بالألم،ولذا لا تراهم يبحثون عن علاجه.
نرجو من الله تعالى أن يأخذ بأيدينا جميعاً، وأن يشملنا في هذا الشهر المبارك بعفوه وبكرمه ـ فحضرة السجّاد يُعلّمنا ويُرشدنا إلى الطريق ـ ونسأله أن يعفو عن خطايانا وزلاّتنا، وأن يُعاملنا بفضله، وأن يُبلّغنا ذلك الهدف المراد والمقصود والمطلوب الوارد في ضمن الكلمات العجيبة والخارقة للعادة للأئمّة المعصومين عليهم السلام.
اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد.


[1] ـ سورة الروم، الآية 7

[2] ـ الصافّات (37)، ذيل الآية 102.

[3] ـ الصافّات (37)ـ صدر الآية 105.

[4] ـ البقرة (2)، صدر الآية 124.

[5] ـ الصافّات (37)، الآية 107.

[6] ـ سورة الروم، الآية 7

[7] ـ إشارة إلى أن الطبيب قد منع سماحته من الكلام في المحاضرات إلا لمدّة قصيرة. المترجم

[8] ـ يقول: إذا مررت بتربة قبري فاطلب الهمّة، لأنّه [أي قبري] سيضحى مزاراً لشطّار العالم. المترجم

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی