معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > سلسلة محاضرات شرح حديث عنوان البصري > شرح حديث عنوان البصري - من المجلس رقم 201 إلى الأخير > شرح حديث عنوان البصري - الجلسة رقم 205: ارتباط السير والسلوك باللحظة المعاشة لا بطول العمر

_______________________________________________________________

هو العليم

ارتباط السير والسلوك باللحظة المعاشة
ولا علاقة له بطول العمر أو قصره

شرح حديث عنوان البصري
المحاضرة رقم 205

ألقيت في الليلة الحادية والعشرين من شهر ربيع الأول لعام 1434هـ

سماحة آية اللـه

السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهراني
حفظه اللـه

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ باللـه من الشيطان الرجيم
بسم اللـه الرحمن الرحيم
الحمد للـه ربّ العالمين
والصلاة والسلام على سيّدنا أبي القاسم محمّد
وعلى آله الطيّبين الطاهرين
واللعنة على أعدائهم أجمعين

إذا كان الإخوة يتذكّرون، فالمجلس السابق كان مرتبطاً بوصيّة الإمام عليه السلام لعنوان حول طريقة الأكل والغذاء، حيث تناولنا بعضاً منها، وأوكلنا بقيّتها إلى المجلس اللاحق.
طبعاً.. طوال المدّة التي كان الإخوة والرفقاء مرتبطين فيها بالمرحوم العلاّمة رضوان الله عليه، فقد حصل لديهم اطّلاع ـ من خلال طريقة كلامه وتعاطيه مع الأمور ـ على طبيعة هذه المسألة. كما كنّا بدورنا نتحدّث مع الأخوة حول هذه المطالب من خلال الجلسات التي أقيمت إمّا بشكل عامّ أو بشكل خاصّ.
والأمر الذي يُمكننا استخلاصه من مجموع هذه المسائل... حيث رأيت أنّه لو تحدثّنا أكثر في هذه المطالب ووسّعنا البحث فيها، فقد تتأخّر المطالب اللاحقة، فضلاً عن أنّه لم يبق كلام ممّا ينبغي أن يُقال حول هذه المسألة لم يُطرح.
وفي هذه الليلة، سأحاول أن أعرض على الإخوة بعض النقاط لكي ننهي ـ إمّا في هذه الليلة أو في الجلسة القادمة ـ هذا البحث، حتى نتمكّن من الوقوف على مسائل أهمّ وردت في فقرات أخرى [من الرواية].

    

مجيء الإنسان إلى الدنيا يكشف عن ارتباط تكامله بها

إذا كان الأخوة يتذكّرون، فقد أشرت سابقاً إلى أنّ هناك معياراً عامّاً ـ اعتماداً على ما سمعته من العظماء وشاهدته من تصرّفاتهم ـ، وهو أنّ ما ينبغي أن يُراعى في السير والسلوك والحركة إلى الله هو اعتبار الروح والنفس بمثابة الراكب، والبدن بمثابة المركب. وينبغي أن لا تُغيَّر هذه المعادلة أبداً، بأن نجعل الروح هي المركب والبدن الراكب.
ومن المعلوم أنّ الله تعالى قد قدّر لنا بعض الكمالات في هذه الدنيا، وهي تحصل من خلال ارتباط النفس بالبدن، ولو لم يكن الأمر كذلك، فلا داعي للمجيء إلى هذه الدنيا، بل كان يمكن أن يبقى الإنسان في عالم البرزخ والمثال ويتوقّف هناك، من دون أن يكون للنشأة الماديّة أيّ دور في عمليّة التكامل. إذاً، من الواضح أنّ المجيء إلى هذه الدنيا كان لأجل غرض وهدف وغاية، والله تعالى ـ الحكيم على الإطلاق ـ لا يُمكن أن يوجد أمراً من دون سبب وغاية وهدف منشود. وعليه، فنفس مجيء شخصٍ ما إلى هذه الدنيا يكشف عن لزوم مجيء ذلك الشخص إليها، أي أنّنا لسنا بحاجة إلى السعي وراء المقدّمات والبرهان وغير ذلك لكي نُثبت كم سنبقى في هذا الدنيا، وهل سنبقى فيها ثلاثين سنة، أو لكي نعرف ما الذي كان سيحصل لو أنّنا لم نأت إليها، أو لنعرف كم سنُعمّر فيها.. هل سبعين عاماً أم ستّين عاماً أم خمسين.. فجميع هذه الأمور تدخل تحت تلك القاعدة؛ إذ مجرّد أنّنا أتينا ـ أنا وأنتم ـ إلى هذه الدنيا، فهذا يعني أنّ كمالنا مترتّب على مجيئنا إليها، وإلاّ لما كنّا قد أتينا إليها!
نعم، هناك بعض الأشخاص يطوون الكمال بنحو آخر، إذ من الممكن ـ من باب المثال ـ أن يبقى بعضُهم في هذه الدنيا لمدّة خمس سنوات فقط، فسهم هذا الشخص من الدنيا كان بمقدار خمس سنوات، ثمّ يموت بعد ذلك وهو طفل صغير؛ فيكون طيُّه لبقيّة طريق تكامله في ذاك العالم هو بنفس الكيفيّة التي كان سيطوي فيها ذلك الطريق لو أنّه كان موجوداً في هذه الدنيا. فليست المسألة أنّه كلّ من ذهب إلى هناك صار من أولياء الله، لا! بل لو فرضنا أنّ هذا الطفل قد بقي في هذه الدنيا وعمّر فيها ستّين سنة أو خمسين سنة أو سبعين سنة، فإنّ حركته في ذلك العالم سوف تبتني على الكمالات التي كان سيصل إليها والملاكات التي سيحصل عليها والخصوصيّات التي سيكتسبها في هذه الدنيا، وسيصل هناك إلى النقطة التي كان ينبغي أن يصل إليها.
وقد سمعت الكثير من المطالب عن العظماء والأولياء حول هذه المسألة، وحول أنّه لا مجال هناك للاعتراض أبداً؛ بأنّه لماذا كان هذا أكثر من ذاك ولماذا هذا أقلّ...

    

العبرة بالثبات على المبادئ والالتزام بالمباني لا بكثرة ملازمة الوليّ والأستاذ

جاء أحد الأشخاص عند المرحوم العلاّمة، وقد كان رجلاً جيّداً في متوسّط العمر ولم يتعدّ الأربعين سنة بحسب ما أتذكّره، وقد بقي مع المرحوم العلاّمة لمدّة لا تتجاوز الأربعة أشهر، حيث دفعه المرض إلى المجيء إلى طهران.. والظاهر أنّه كان يُعاني من مرض في عينه، حيث كانت عينه مُصابة بتمزّق في الشبكيّة (دِكُلمان)[1]. فبعد أن أتى إلى المستشفى، وأُجريت له عمليّة على عينه، توُفّي والتحق برحمة الله تعالى. فقد استيقظ صباحاً لأداء الصلاة، فشعر بألم، واستقلّ سيّارته للذهاب إلى المستشفى. وفجأةً وأثناء انتظاره قدوم الطبيب من أجل إجراء الفحوصات اللازمة، فإذا بروحه تعرج إلى رحمة الله في نفس ذلك الموضع. وقد تأثّر المرحوم العلاّمة بسبب ذلك كثيراً، وأرسلني للمشاركة في تشييعه ودفنه. وبعد أن عدت من الدفن، ذكر لي المرحوم العلاّمة عبارةً لن أنساها أبداً، حيث قال: «هنيئاً له! فقد أتى بسرعة وأحكم علاقته [بمدرسة السير والسلوك]، ثمّ ارتحل، وسوف يستمر في طيّ مسيره هناك». يعني أنّ الأمر قد تمّ بالنسبة إليه.. هنيئاً له إذن! فما الذي نريده نحن؟! هذا هو الذي نريده. لقد أتى بسرعة جدّاً، وأحكم علاقته [بمدرسة السير والسلوك]، ثمّ ارتحل، وسوف يستمرّ... فعندما يقول أنّه سيُكمل مسيرته هناك، فهذا يعني أنّه [أي المرحوم العلاّمة] يُراقبه من هنا، فيشدّ الحبل تارةً ويرخيه تارةً أخرى، ويعقد له دروساً، فلا يتركه أبداً! فلا تتخيّلوا أنّ المسألة تنتهي في هذه الدنيا، لا، بل في ذلك العالم أيضاً له عمل معه، إذ هناك أيضاً يوجد درس وبحث وأمثال ذلك.. وواقعاً هنيئاً له!
وفي نفس الوقت، يوجد أشخاص لازموا المرحوم العلاّمة لمدّة أربعين سنة ـ أو أكثرـ، أو لازموا غيره، وعندما ارتحلوا عن هذه الدنيا، قال عنهم بأنّهم لم يستفيدوا شيئاً..
انظروا! فالمسألة ليست خاضعة للقلّة والكثرة، بل المسألة ترتبط بما يجري هنا، وبالذي يحصل هنا! إذ لا ينفع هنا تكثير السواد، ولا فائدة من كثرة الذهاب والمجيء وسماع كلام العظماء.. فهذه ليست وحدها كافية في التحرّك، كما أنّ مجرّد الكلام معهم ليس هو العلّة التامّة للسير والتكامل والتطوّر، بل ما يفيد في المقام هو الاهتمام، أي بذل الهمّة والثبات في العمل.. فإلى أي حدّ نحن جادّون ومطيعون؟! وإلى أي حدّ لدينا إيمان بهذه المسألة؟ وإلى أي حدّ رتّبنا الأثر على المطالب التي ذُكرت لنا؟! هذه هي المسألة.. أمّا أن يأتي الإنسان ويذهب وأمثال ذلك، وينقضي عمرُه في هذه الأمور... فقد يبقى الإنسان لمدّة أربعين سنة مع العظماء والأولياء، وتبيضّ لحيته وينحني ظهره، وبعد ذلك وفي السنوات الأخيرة، عندما يبيّن المرحوم العلاّمة الحكم الشـرعي وفتواه في مسألة ترتبط بالإرث [وتكون على خلاف ما يرغب به]، يأتي ذلك الشخص إلى قمّ مع بعض أصدقائه، ويذهب إلى الحوزة وبيوت المراجع وبعض الأشخاص ليطّلع على رأيهم حول هذه المسألة.
انظروا، فهذا أيضاً يسمّي نفسه تلميذاً! لكن ما هي نتيجة ذلك؟ نتيجة ذلك أن يقال له: في أمان الله!
حسناً، هذه القضية ترجع إلى اعتقاد الإنسان بهذه المسألة واهتمامه بها. لهذا، لو أنّ ذلك الرجل ـ ذو النهاية السعيدة ـ قد بقي مع المرحوم العلاّمة أسبوعاً واحداً فقط بدلاً من أربعة أشهر، لكان قد حصل على نفس الشيء.. فأربعة أشهر هي مدّة طويلة!! وأسبوع واحد يكفي، بل تكفيه ساعة واحدة فقط. فكم ساعة بقي الحرّ مع الإمام الحسين عليه السلام؟! إذ أنّه لم يكن مع الإمام عليه السلام، بل الأكثر من ذلك أنّه وقف بوجهه، وجاء ليصدّه، وجميع الأحداث التي جرت في كربلاء كانت بسببه هو، فلو لم يأت الحرّ، لجرت المسألة بنحو آخر، ولما وقعت تلك الأحداث من الأساس.
فهكذا هم الأولياء.. فلم يحصل أن أغلقوا أبواب منازلهم أمام أحد، لماذا؟ لأنّهم ليسوا كالبشر في خضوعهم للحبّ والبغض والنفس والقضايا النفسانيّة، بل نحن الذين هم كذلك.. ماذا؟! لقد تعاملت معي البارحة بهذا الشكل؟! انتظر لترى ما الذي سأفعله بك غداً! لقد فعلت بي كذا في السنة الماضية، حسناً، سوف أحتفظ بذلك في حساب خاصّ لكي أردّ لك الصاع صاعين حينما تحين الفرصة! نحن الذين هم على هذه الشاكلة.. لقد فعلت بي كذا قبل سنتين، انتظر حتّى أصل إلى ذلك المقام ثمّ... ففي الأخير، «گذر پوست به دبّاغى مى افته».[2] إنّ هؤلاء [أي الأولياء] ليسوا من أهل الدباغة وسلخ الجلود ونظير هذه المسائل.. إنّ أولياء الله هم مظهر الأسماء الجماليّة والجلاليّة للحقّ تعالى، وليسوا مقيّدين بالقوالب البشريّة.
لهذا، عندما أتى الحرّ عند الإمام، تحيّر ولم يدر ماذا يصنع! ألم يقل عمر بن سعد بأنّني على يقين بأنّني سأدخل جهنّم بسبب ما أقوم به؟! لقد كان الحرّ يمتلك نفس هذا اليقين، فكلاهما كان يمتلك نفس اليقين، غير أنّني في نفس الوقت [والكلام لعمر بن سعد] لا أستطيع أن أتخلّى عن حكومة الريّ وملك الريّ. حسناً، لقد كان الأمر بالنسبة للحرّ على نفس هذا المنوال، لهذا، كان يرى نفسه في يوم عاشوراء بين الجنّة والنار.. مخيّراً بينهما، يعني أنّ نفس ذلك الاعتقاد الذي كان يحمله أحدهما كان يحمله الآخر، غير أنّ واحداً منهما عمل به، والآخر لم يرتّب أثراً عليه..
نعم، كان هناك بعض الأشخاص الذين غُرّر بهم، وأمّا بالنسبة للذين شكّلوا أصل القضيّة نظير عمر بن سعد وغيره... [فمسألتهم مختلفة] ومع هذا يقول: إنّني أعلم بأنّي سأدخل جهنّم بهذا العمل! حسناً، أنا لا أعلم كيف يُمكن للإنسان أن يكون مطّلعاً على وجود جهنّم، ثمّ يتجرّأ على القيام بمثل هذا الفعل؟! فانظروا إلى هذه النفس وكيف أنّها صيغت بنحوٍ لا يُمكن حتّى لتصوّر جهنّم والنار والعقاب الأخروي أن يصدّها عن تحقيق رغباتها وأهوائها.. على المرء أن يستعيذ بالله تعالى من السقوط وزلّة القدم.. فعندما يقع الإنسان تحت سيطرة النفس وسيطرة الأنانية، فإنّه سينُحّي جميع معتقداته جانباً، أي أنّه سيُغمض العين ويغضّ الطرف عنها، ويقول حسناً حسناً، سنرى ما الذي سيحصل! وأمّا الحرّ، فقد أتى، وثبت على اعتقاده، وبالتالي، فقد كانت المسألة منتهية بالنسبة إليه، حيث رأى أنّ هذا ابن النبيّ، وهو لم يرتكب ذنباً كي نأتي ونقتله..
عندها، أتى إلى عمر بن سعد وسأله: هل تريد القتال حقّاً؟! فأجابه: وماذا كنت تعتقد! فلأيّ شيء أتيت بثلاثين ألفاً من الجيش؟! أنا لم أكن أتوقّع ذلك! بل كنت أظنّ أنّك تُريد ممارسة بعض الضغوط على الإمام، بأن يرى الحسين بن علي الجيش أمامه فيتراجع قليلاً، ويتراجع يزيد بدوره قليلاً، ثمّ تنتهي المسألة بعقد اتّفاق معيّن، كأن يتمّ نفي الإمام أو منحه الحكم في مكان ما، لكنّني لم أكن أعلم بأنّ المسألة جديّة إلى هذا الحدّ، وأمّا إذا كانت كذلك، فإنّ مسألتي أنا أيضاً جديّة، وإذا صارت مسألتي كذلك، فلا يمكنني أن أمزح أو أتهرّب، وأقول دع هذا الأمر الآن.. هذا لا يصحّ. لهذا، فقد تقدّم نحو سيّد الشهداء عليه السلام، وبقي معه ربع ساعة أو عشرين دقيقة، فشملته بحار الرحمة الإلهيّة التي لا تنظر إلى هذه المسائل، بل تنظر إلى ما يجري في هذا القلب، فلا يهمّ ما كان قد فعله قبل هذه اللحظة، بل المهمّ هو ما الذي يفعله الآن، وما الذي يجري في داخله الآن.. لقد قام بذلك الفعل في السابق، وهو فعل قبيح جداً. حسناً، لقد صدر منه هذا الفعل القبيح، لكن ماذا هناك الآن؟! وهذا من الأمور العجيبة، ويُعدّ بشارةً كبيرة بالنسبة إلينا..

    

السالك ابن لحظته ولا ينظر إلى الماضي ولا المستقبل

يأتي الكثير من الأصدقاء والأشخاص ـ غرباء وغيرهم ـ ويقولون: يا سيّدي، لقد كنّا في حالة الشباب نفعل كذا وكنّا كذا.. فأقول لهم: ما علاقة ذلك بالآن؟ فالآن هو ليلة السبت.. العشرون من ربيع الأوّل من سنة 1434، ونحن متواجدون في قمّ.. حرم أهل البيت وحرم السيّدة فاطمة المعصومة عليها السلام. فهذه الليلة ـ وهي ليلة السبت ـ لها حكمها الخاصّ بها، ولا علاقة لها بالأمس والغد، ولا بالسنة السابقة.. وما يهمّ هو الحالة التي عليها نحن الآن فعلاً! فعندما يقول الله تعالى: {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللـهِ إِنَّ اللـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَميعا}[3]، فإنّ ذلك يعني أنّ لكلّ لحظة وجوداً خاصّاً مختصّاً بها، وهذا الوجود يختلف عن وجود ما مضى ووجود ما يأتي، فلكلّ لحظة تجلٍّ خاصّ بها.. تجلّ من ظهور الباري مختصّ بتلك اللحظة. وينبغي على الإنسان أن يحسب حساب تلك اللحظة، فلو كان الإنسان قد أذنب سابقاً، فما دخل ذلك بالآن؟ وبالمستقبل؟ لهذا يُقال:
صوفى ابن ‏الوقت باشد اى ‏رفيق
                             نيست فردا گفتن از شرط طريق‏
(يقول: كن صوفيّاً ابن وقتك أيّها الرفيق، فالتأجيل للغد ليس من شروط الطريق)

فينبغي على الإنسان أن يعرف قدر نفس اللحظة التي يعيشها، وعليه أن يحافظ على هذه اللحظة؛ لأنّ الله تعالى يفتح للإنسان في نفس تلك اللحظة حسابها المختصّ بها. فلننظر إلى قلوبنا، ولنر هل نحن نادمون على ما صدر منّا من أخطاء في السابق، أم لا؟ هل نحن مصمّمون على العودة إلى الذنب، أم لا؟ هل نحن خجلون من ربّنا تعالى، أم لا؟ فإن كنّا خجلين، فإنّ ذلك يعني أنّ باب الرحمة لا يزال مفتوحاً، وأمّا إن لم نكن خجلين ونادمين، فباب الرحمة مغلق، إذ سوف يصدر منّا هذا الذنب مرّة أخرى لأنّنا لسنا نادمين. فإذا كنّا نقول: سنعود إلى ذلك العمل الذي قمنا به سابقاً، فلنعلم بأنّ وضعنا سيّء للغاية، وعلينا أن نفكّر جدّياً في الأمر. فعلينا أن ننظر إلى القلب.. إلى هذا القلب، وإلى الحالة التي يعيشها الآن هذا القلب وهذا الضمير وهذا الذهن وهذه النفس، هل هذا واضح؟ فهذه المسألة موجودة دائماً.
بحسب ماكنّا نسمعه دائماً من المرحوم العلاّمة والعظماء، فإنّ الواجب علينا هو أن نرى الحالة التي عليها نحن الآن؟ وما هي الظروف التي نعيشها الآن؟ فقد كان يتّفق أحياناً ـ عند الحديث حول أحد الأشخاص ـ أن يقول المرحوم العلاّمة: «فلان حالته جيدة، ووضعه حسن»، بينما كان يقول حول شخص آخر: «فلان الآن حالته جيّدة! » فهذه "الآن" التي ذكرها تُخفي تحتها إشارة معيّنة، [أو يقول:] «فلان حالته الفعليّة غير سيّئة».. فهذه كلّها كانت عبارة عن إشارات خاصّة، حيث كنّا نرى بعد مدّة أنّ تلك القضيّة تتحقّق بنفس الطريقة التي تمّ الإخبار بها عنها.. [أو يقول:] «فلان سوف تكون عاقبته حسنة ويُختم له بخير»، فنعرف أنّ مسيرته سوف تعترضها بعض الأحداث وبعض التعرّجات والتقلّبات، لكن سيعتدل مسيره في نهاية المطاف. فهؤلاء [أي الأولياء] كانوا على علم بهذه الأمور وملتفتين إليها.
فما كنّا نراه ونسمعه ـ طيلة هذه المدّة ـ من هؤلاء هو أنّهم لم يكونوا يلتفتون إلى الأحداث الماضية أبداً، بل كانوا يتعاملون مع الشخص على أساس حالته الفعليّة.. وهذا هو الملاك والمبنى الذي يجب أن نتّخذه في طريقنا، فقد كانوا يقولون لنا دائماً: عليكم أن تنظروا كيف هو ارتباطكم الآن بطريق الله تعالى. فقد كان بعض الأشخاص يقولون [للمرحوم العلاّمة]: يا سيّدي، نحن لا نعلم هل ترقّينا أم لا، ففي السابق كنّا نستيقظ بسرعة لأداء صلاة الليل، ولم نكن بحاجة إلى منبّه ليوقظنا، أمّا الآن فصرنا بحاجة إليه، فكان يقول: هذه كلّها ليست هي الملاك، وأمّا الملاك، فيكمن في مدى التزامكم بالسلوك ومباني السلوك، وإلى أيّ حدّ وصل هذا الالتزام بالنسبة للتعاليم التي لُقّنتموها، وبالنسبة للمباني التي عُرضت عليكم، وبالنسبة للقضايا التي طُرحت أمامكم طيلة هذه المدّة، ولا يتعلّق الالتزام فقط بالنسبة للمائدة التي وُضعت أمامكم وأطباق الأرزّ والمرق والزعفران والحلوى التي قدّمت لكم[4].. بل يتعلّق بحالات المدّ والجزر التي تحصل لكم في هذه الحياة، وبحالات الإغماض والتسامح التي كان ينبغي أن تُمارسوها ولم تُمارسوها! وبحالات الرحمة والعطف التي ينبغي أن تكون لديكم، وببشاشة الوجه والظهور بمظهر مؤدّب وعدم إيذاء الناس ـ لكن ينبغي أن يكون هذا في محلّه، وأمّا في بعض الموارد فيجب التنبيه والتذكير وأمثال ذلك ـ وكذلك فيما يخصّ الشعور بالوحدة والانتماء إلى نوع واحد بالنسبة للخدمة والذين هم تحت إمرتكم.

    

ضرورة التعامل بتواضع مع الأدنى مقاماً

فهل يبتني تعامُلك مع من هم تحتك على أساس التكليف، أم على أساس أنّك أنت السيّد؟! فإن كنت تُعاملهم على أساس التكليف، فلا ضير في ذلك، لأنّه من الواجب على المكلَّف أن يُؤدّي الوظيفة الملقاة على عاتقه، فإذا قصّر في ذلك، يجب توبيخه، أمّا أن تقول له: افعل! لا تفعل! أو أطعني لأنّني أنا هو الرئيس.. فهذا الأمر يختلف عن ذاك، وهذا المقام هو مقام الأنا لا التكليف.. هذه هي حقيقة المسألة! أو تقول: بما أنّني أنا هو صاحب المنزل، فمن المفروض عليك أن تقوم بهذا العمل! كلاّ، هذا غير صحيح؛ لأنّ صاحب المنزل هو الله. فمن الممكن أن يأتي الإنسان بخادم لكي يقوم ببعض الأعمال المنزليّة، وعلى ذلك الخادم أن يؤدّي الوظيفة الملقاة على عاتقه، لكن ينبغي علينا الالتفات إلى طريقة الكلام معه وأمره.
فعندما كانت المائدة توضع أمام الإمام الرضا عليه السلام، كان يستدعي جميع الغلمان والخدمة ليجلسوا حول المائدة، ولا يجلس هو إلاّ بعد أن يأتي آخر واحد منهم. فيُجلسهم حول المائدة.. لأنّه لا فرق بيني وبينك في هذا الموضع، فكلّنا عبيد لله! لكن عندما كان يخطئ ذلك العبد، كان الإمام يفرك أذنه ويعاتبه: لماذا لم تقم بما طلبته منك؟ وحينما ذهبتَ لكي تُحضر البنّاء، لماذا لم تتّفق معه قبل ذلك؟ ألم آمرك بأن تتّفق معه أوّلاً؟! لاحظوا! ينبغي أن يكون كلّ شيء محفوظ في محلّه.. كان الإمام عليه السلام يُوبّخ ويُعاتب.. لماذا لم تقم بهذا العمل؟ وهذا ما كنّا نراه أيضاً من العظماء، لا أنّ كلّ من يأتي، فإنّهم يتبسّمون في وجهه ويُرحّبون به، بل كان هناك عتاب أيضاً، فعندما كان أحدهم يتعدّى حدوده، كانوا يعاتبونه ويطردونه ويوبّخونه وأمثال ذلك.
أفهل تظنّون أنّ أولياء الله تعالى أو الأئمّة لا يُظهرون إلاّ وجوهاً مبتسمة، وأنّهم يمزحون مع الجميع، لا! ليس الأمر بهذا النحو، فلكلّ شيء حسابه الخاصّ، ولكلّ شيء مكانه المحفوظ.
في أحد الأيّام من بداية الثورة، قال أحد الأشخاص: لقد دَعَونا الناس للإفطار في يوم من أيّام شهر رمضان.. وكان منزله مؤلّفاً من ثلاث طبقات، فكان يتواجد في الطبقة الأخيرة منه (أي الثالثة) عشرةُ أو اثنا عشر شخصاً، وكانت توجد في الطبقة الأدنى (المتوسّطة) مجموعة أخرى من الأشخاص، وتوجد مجموعة ثالثة في الطبقة الأدنى تضمّ الأشخاص المستضعفين والبؤساء وتتألّف ـ فرضاً ـ من مائتي شخص.. إذ كلّما صعدنا إلى الأعلى، فإنّ شكل الهرم يصير أصغر بالطبع! وكلّما ترقّينا في مقام القُرب ـ لكنّ القُرب هنا هو بالغين (غُرب) وليس بالقاف [5]ـ، فإنّ شكل الدائرة من ذلك الشكل المخروطي سيصير أضيق، إلى أن نصل إلى النقطة التي تُشكّل الرأس، هل هذا واضح؟! فكانت دعوته للإفطار بهذا الشكل!! فجاء الجميع، وياله من مجلس كان!!! لو كان الإمام الرضا هو الداعي، هل كان سيقسّم مدعوّويه بحسب الطبقات الثلاث؟ فلا بدّ إذن أن يجلس أحد الأشخاص فوق السطح؛ لأنّه لا أحد...!!! لقد كان الإمام الرضا يُحضر [إلى مائدة الطعام] حتّى غلمانه، هل هذا واضح؟ وكان المرحوم العلاّمة يقول لهذا الحقير: عندما ينعقد مجلس ما، ادع جميع من يتواجد بالمنزل للحضور والجلوس.. هذا هو الذي يُمكننا أن نقول عنه أنّه مثل ذاك [أي الإمام عليه السلام].

    

قيمة الإنسان تظهر عند التعرّض للابتلاءات

فينبغي علينا عند التعاطي مع الأمور أن نُراعيَ كلّ شيء بحسبه. لقد كان هذا المنهج وهذا النحو من التمسّك بالقواعد والأصول هو الذي يسألنا العظماء عن مقدار ما حقّقنا منه في أنفسنا، فيكفي أن نتعرّض ـ فجأةً ـ لصدمة ما حتّى ننسى كلّ شيء، وبمجرّد أن نخضع لبعض التقلّبات، فإنّ فكرنا وذهننا وبرامجنا تتغيّر بأجمعها. وما إن يقع بصرنا على مسألة من المسائل حتّى تتبدّل ذهنيّتنا بشكل كامل.. ما الذي حصل؟ وما هي حقيقة المسألة؟ فمادام الإنسان لا يُمكنه الحصول على الثبات إلاّ من خلال التجلّيات الجذّابة ـ سواءً كان ذلك مالاً أوجمالاً أوامرأةً أورجلاً [بالنسبة للمرأة] أوقدرةً أو غير ذلك من الأمورـ، فإنّه لن يكون قد قام بشيء يستحقّ المدح. فالأمر الذي يستحقّ المدح هو أن يُحافظ المرء ـ في مثل هذه الموارد الخاصّة وبالنظر إلى الظروف الحاكمة عليه ـ على توازنه في السير، ولا يذهب يميناً ولا شمالاً. ويوجد شعر يُحكى ـ وأنا غير متأكّد من صحّته ـ مفاده:
در جوانى پاک بودن شيوه پيامبريست
                             ورنه هر گبرى به پيرى مى‏شود پرهيزگار.
[6]
ففي اللحظة المناسبة، على الإنسان أن يكون... فلا يُمكننا أن نتعرّف على مهارة الإنسان في السباحة إلاّ في حالة وجود الماء، وأمّا إذا لم تتحقّق للمرء تلك الأرضيّة، فلن يكون للامتحان أيّ معنى. وعليه، فإنّ الله تعالى يوفّر للإنسان بعض الظروف التي يُمكنه من خلالها أن يختبر نفسه، وهذا أمر يعمّ الجميع.. أنا وأنتم وبقيّة الأشخاص، فلا تتوهمّوا [العكس]! چند مرده حلاّج[7]. فعلى المرء أن يرجو من الله تعالى أن [يُوفّقه] في تلك الظروف.
يقول المرحوم العلاّمة: لا يُمكنك أن تُقيّم حركتك وتعرف مدى توفيقك فيها وهل تقدّمت في مسيرك أم لا، إلاّ إذا كنت ملتزماً بالمباني السلوكيّة والتعاليم التي تلقّيتها. نعم، بالنسبة للحبّ والعشق والمحبّة والقيام لصلاة الليل، فأمرها مختلف؛ لأنّها مرتبطة بحالة الإنسان وظروفه والأجواء التي تحيط به وتعبه أو ارتياحه، وبنومه هل هو جيّد أم لا، وبكيفيّة غذائه.. فهذه الأمور تختلف من إنسان إلى آخر. فالإنسان عليه أن يهتمّ بتلك المسألة ويكون مصبّ نظره إلى تلك القضيّة، لكي يعرف نفسه إلى أين قد وصل وإلى أيّة درجة تقدّم.

    

السالك الحقيقي لا يصرف كلّ همّه في الحوادث الغيبيّة (نظير تعيين وقت ظهور صاحب الزمان)

لقد كانت هذه بمثابة مقدّمة لما سيأتي، وأمّا بالنسبة لمسألة التغذية، فالقضيّة هي بهذا النحو أيضاً. فالأمر الذي فرضه الله سبحانه وتعالى علينا في هذه الدنيا هو أن نجعل البدن مركباً لكي تمتطيه النفس فتتحرّك بواسطته نحو التجرّد.. والله تعالى هو الذي جعل هذا القانون، فما دمنا في هذه الدنيا، فإنّ الله سبحانه قد وضع لنا فيها برنامجاً، وهذه مسألة يجب أن لا تغيب عن أذهاننا. أشعر أنّ كثيراً من الرفقاء ـ وبعضهم يسألني عن ذلك ـ ينتظرون ما الذي سيحدث بعد خمس سنوات؟! ما الذي سيحدث بعد خمس سنوات؟! فلعلّ أمراً يحدث بعد سنتين.. وتُفهم هذه التساؤلات من حالاتهم، وبعضهم يقول: قد يظهر إمام الزمان عليه السلام في الوقت الفلاني.. من أين حصل لكم العلم بذلك؟! من الذي يضمن لي ولك أن نبقى أحياء إلى زمان الظهور؟! لهذا، نرى بأنّ أولئك الأشخاص الذين توجّهوا إلى الناس وضمنوا لهم ذلك، قد ماتوا ـ بأنفسهم ـ قبل الجميع! والآن أيضاً هناك كثير من الأشخاص الذين يدّعون بأنّ إمام الزمان سوف يظهر قريباً.. هذا كلّه هراء، كلّه هراء، ووسيلة لجمع الناس!
يا عزيزي، ليس هناك حاجة لأن نذكر مثل هذه الأمور الغيبيّة للنّاس ثمّ نُحرج أنفسنا بعد ذلك. تعالوا لنعلّم الناس قواعد التربية والإنسانيّة، ولنعلّمهم المباني وكيفيّة الوصول إلى الحقّ والواقع... اليوم سيحدث كذا وغداً سيحدث كذا، أفهل أنت متربّع على عرش القضاء والقدر لتقول مثل هذا الكلام؟! من أين حصل لك العلم بذلك؟! ألم يقولوا بأنّ زلزالاً سيُصيب طهران؟! متى حصل ذلك؟! لقد مضت عدّة سنوات على ذلك من دون أن يقع أيّ شيء.. ما هذا الهراء؟ ما هذا الكلام الفارغ؟ أتى شخص إلى المرحوم العلاّمة وقال له: كنت مارّاً من المكان الكذائي، فجاء أحد الدراويش وقال لي: إذا رأيت بأنّ الشارع الكذائي صار به كذا وكذا، فاخرج منه سريعاً، لأنّه سيُصاب بالزلزال. فضحك المرحوم العلاّمة وقال: لن يكون هناك زلزال في ذلك الشارع. وقد مضى على ذلك الكلام إلى الآن ثلاثون سنة.. ما هذا الكلام، فهذه الأمور كلّها بيد الله.
يأتي الرجل ويجلس ويتكلّم ليشغل الناس بمسائل لا فائدة منها، فينخدع بعض البسطاء والشباب ـ وحتّى غير الشباب ـ بهذا الكلام، فيقولون: فلان الفلاني يعرف بعض الأمور الغيبيّة! وعندما لا يتحقّق ذلك الأمر [الذي تنبّأ به]، يقول لهم: لقد لجأ الأولياء إلى الدعاء، فتأخّر [القضاء]. لا يا سيّدي، لم يقم أحد بالدعاء ولم يكن هناك قضاء من الأساس! أفهل نحن مرضى حتّى نشغل أنفسنا بمثل هذه المطالب؟! يوجد لدينا الكثير من الحقائق الدينيّة، والكثير من الحقائق الإسلاميّة، والكثير من الحقائق السلوكيّة، بحيث تغنينا عن أن نجلس لنقول: اليوم ستحدث زلزلة، وغداً صاعقة.. علينا أن نفرّ إلى الجبل.. وسيحصل حريق في المكان الفلاني! فنشغل الناس بهذا الكلام الفارغ الذي لا طائل منه، ونُبعدهم عن الأعمال الأساسيّة. نجلس هنا [يشير السيّد إلى جانبه] ونقول: سيّدنا سيحصل زلزال هنا. أيّ زلزال؟! اذهب واهتمّ بصلاتك.. اذهب وانجز أعمالك.. قم وطالع واقرأ وحاول أن تستوعب بعض الكلام لكي يستقرّ في عقلك، وتزيد من فهمك.. ما هذه الأعمال؟! وما هذا الكلام الفارغ؟! هل هذا واضح؟ وهذا نظير أولئك الأشخاص الذين قالوا: البشارة[8] بعد سنتين.. البشارة بعد أربع سنوات.. سيظهر الإمام في السنة الفلانيّة والفلانيّة.. أين كلّ ذلك؟ لقد مضى على بعض ذلك عشرون سنة ومضى على بعضه عشر سنين، ولكنّه لم يحصل أيّ شيء، والمطالب كلّها من هذا القبيل.
نعم، نحن كذلك ندعو لأجل ظهور الإمام، ولكنّنا لا نصـرف كلّ همّنا وغمّنا في هذه القضيّة، فهذا تعطيل؛ لأنّ الشخص الذي يعتقد بظهور الإمام بعد خمس سنوات، فإنّه يجلس ويضع يداً على يد، ولا يقوم بأيّ عمل، ويشتغل بالمسائل التي تخصّه فقط؛ لأنّ إمام الزمان ـ بحسبه ـ سيظهر بعد خمس سنوات، فينتظم كلّ شيء ويتحسّن، فلماذا نعمل إذن! هذا تعطيل للنفس، وهذا توقّف ووقوف عن الحركة، وهذا هو عين عدم الوصول إلى الغاية والهدف المنشود.

    

لكلّ لحظة من حياة الإنسان تكليفها الخاصّ بها ولا فرق في الطريق بين من عمّر كثيراً أو قليلاً

إنّهم لم يعطوا ضماناً لأحد، ولم يضمنوا ذلك لأيّ شخص، وكلّ ما فعلوه لنا هو أنّهم منحونا هذه الليلة، وهي ليلة السبت. فعلينا أن نرى ما الذي يجب علينا أن نعمله في هذه الليلة؟ هذا هو الذي نستطيع أن نقطع بأنّه ممنوح لنا! إنّ معنى قول الشاعر: «صوفي ابن الوقت باشد»[9] هو هذا، أي أنّه في تلك اللحظة التي يعيشها الإنسان، عليه أن يُؤدّي العمل الملزم به في نفس تلك اللحظة، ولا علاقة له بما سيحصل في الغد، وليس عليه أن يفكّر بما فعله سابقاً؛ فما عمله في الأسبوع السابق قد عمله وانقضى، وما كان في الأسبوع الماضي فهو مرتبط بذلك الأسبوع. فلو أنّه صلّى صلاة الليل أو أنفق في الأسبوع الماضي، فما علاقة ذلك بالآن؛ إذ أنّ ذلك العمل كان مرتبطاً بملفّه الخاصّ. إنّ هذه الليلة، واليوم الآتي، وكلّ لحظة وجوديّة عارضة على الإنسان لها ملفّها وحسابها الخاصّ. لهذا، على الإنسان أن ينظر لنفسه فقط، فإذا أعطى الله شخصاً عمراً بمقدار عشرين سنة، فإنّ هذا يعني أنّه من اللازم عليه أن ينجز الأمور المرتبطة به في تلك العشرين سنة.. هذه هي حقيقة المسألة. وإن أعطى الله شخصاً عمراً بمقدار خمس وثلاثين سنة، فهذا يعني أنّ ملفّه يتضمّن خمساً وثلاثين سنة.
فليس هناك فرق بين الشخص الذي عمَّر خمساً وثلاثين سنة والشخص الذي عمَّر ثلاثمائة وخمسين سنة.. فكم كان عُمرُ سلمان؟ لقد وصلوا في حسابهم لعمره إلى مائتين وثمانين سنة، وحتّى أنّي رأيت في بعض الكتب أنّه قد وصل إلى ثلاثمائة وعشرة أو عشرين سنة. وعلى أقلّ الأقوال أنّه وصل إلى حدّ المائتين سنة.. لقد كان عمر سلمان طويلاً جداً، فما هو الفرق بين سلمان الفارسي وبين صحابي من أصحاب سيّد الشهداء التحق به عليه السلام في ليلة عاشوراء؟! فكلاهما قد وصل، مع أنّ ذلك عمره مائتين وثمانين عاماً، وهذا عمره خمسون عاماً؛ فهذه الخمسون عاماً وتلك المائتان وثمانون عاماً كلاهما واحد، ولا يوجد أيّ فارق بينهما، لِماذا؟ (يبقى أنّ هناك فرق بين أصحاب سيّد الشهداء، وحالاتهم كانت متفاوتة، فمقصودي هنا هو بعضهم لا كلّهم) لأنّ تلك الحالة التي كان يعيشها عند التحاقه بسيّد الشهداء هي التي تأخذه وتوصله ـ بواسطة الحركة التي أبداها في هذه المسألة ـ إلى نفس ذلك المكان الذي قد وصل إليه سلمان مع أنّ عمره خمسون سنة، لِماذا؟ لأنّ نيّته هي نفس النيّة، وتفكيره هو نفس التفكير، واهتمامه هو نفس الاهتمام، وإدراكه للولاية هو نفس الإدراك، وأفق المعرفة الذي انفتح له سيوصله إلى نفس تلك النقطة، غاية الأمر أنّ الوقت لم يحن بعد؛ لأنّه من اللازم عليه أن يعيش وقائع حادثة عاشوراء... وتجدر الإشارة إلى أنّني مشتغل ـ لو وفّقني الله تعالى ـ في كتابة مقالة حول واقعة عاشوراء، ولكنّ بعض الإخوة ألزموني وكلّفوني بتفصيلها وبسط الكلام فيها شيئاً ما، وتبديلها إلى كتاب باسم «سيماى عاشوراء»[10]. وإذا وفّقنا الله تعالى، فمن الممكن أن نتعرّض لذكر تلك المسائل التي سمعناها من العظماء، ونذكر ما الذي حصل في يوم عاشوراء.. هل هذا واضح؟! فالله تعالى قد عيّن لذلك الشخص عمراً بهذا المقدار، ومن خلاله سيصل إلى نفس المقام.
وأنا الآن أريد أن أسألكم سؤالاً واحداً.. سؤالاً بسيطاً جدّاً: ما هو المقام الذي يمتلكه حضرة عليّ الأكبر؟ وهل نحن على علم بذلك من الأساس؟! فعلي الأكبر هو الابن الأكبر لسيّد الشهداء عليه السلام، وقد كان أكبر من الإمام السجّاد ببضع سنوات.. إنّ العبارة التي قالها الإمام الحسين في حقّ علي الأكبر لا تُقال إلاّ في حقّ الأئمّة، يعني أنّه كان تالياً للإمام في المرتبة. لقد كان عليّ الأكبر يلي الإمام في المرتبة، فلم يكن يفتقد إلاّ لمنصب الإمامة.. ذلك المنصب الخاصّ والتجلّي الخاصّ الذي يختصّ بالمعصومين الأربعة عشر وحسب، وأمّا بالنسبة لغير ذلك، فقد كان حائزاً على جميع المراتب الوجوديّة، وطهارة النفس، وقداسة السرّ. حسناً، كم كان عمر علي الأكبر؟ كان عمره لا يزيد عن بضع وثلاثين سنة.. ثلاثاً وثلاثين أو أربعاً وثلاثين سنة. نعم، يوجد خلاف بينهم حول هذه المسألة، فمنهم من يقول أنّ عمره كان أقلّ من ثلاثين سنة، ومنهم من يقول أكثر من ثلاثين سنة، ولكن بشكل عامّ كان عمره في ضمن هذه الحدود.
وأمّا حضرة علي الأصغر، فكم كان عمره؟ ستّة أشهر، أليس كذلك؟! حسن جدّاً، ما هو الفارق الموجود بين علي الأصغر وعلي الأكبر؟! ما الفارق الموجود بينهما؟! فكلاهما ابن للإمام عليه السلام، وكلاهما نال الشهادة، وكلاهما نال الشهادة باختياره.. وهذا أيضاً من ضمن الأسرار والرموز التي سمعناها من العظماء.. فكلاهما نال الشهادة باختياره. حينئذٍ، لو يأتي علي الأصغر ويقول لله تعالى: إلهي، أيّ ذنب ارتكبت حتّى أُستشهد في عمر لا يربو عن ستّة أشهر من دون أن أحصل على تلك المراتب التي حصل عليها أخي الأكبر الذي أوجبت عليه أن يستشهد في تلك السنّ، فبماذا سيجيبه الله تعالى؟ فإذا كان هذا شهيد، فذاك أيضاً شهيد. وإذا كان هذا معصوم، فذاك أيضاً طفل معصوم؛ لأنّه من المسلّم أنّ الطفل الذي يبلغ من العمر ستّة أشهر لم يرتكب أيّ ذنب. وإن كان الملاك هو بحسب السير إلى الله والسلوك وطيّ مراتب القرب، فإنّه [عليّ الأصغر] سيقول: لو كنت بقيت في هذه الدنيا، لحصلت على نفس تلك الأمور، ولطويت نفس المراحل.. فمع وجود أب كهذا، ومع وجود ظروف كهذه، هل سينقصني شيء عن حضـرة علي الأكبر؟! وواقعاً إنّ الأمر كذلك! إذ أنّ حضرة علي الأصغر ـ في عالمه ـ يساوي حضرة علي الأكبر من دون أن يوجد بينهما أيّ فارق، غير أنّ عمره أصغر، وزنه أقلّ.. فوزن هذا لا يتجاوز بضع كيلوات، ووزن الآخر يبلغ ستّين أو سبعين كيلو مثلاً. فقد يكون أصغر في السنّ وأقلّ في الوزن، لكن ما هي الأجواء التي تعيشها نفسُه، وما هو مقدار سعة نفسه، وما هي الشرائط النفسيّة الحاصل عليها؟
إنّ الحالة النفسيّة والروحيّة عند حضرة علي الأصغر وحضرة علي الأكبر واحدة من دون أن يوجد بينهما أيّ تفاوت! لهذا، ينبغي عليكم أن تنظروا إلى عليٍّ الأصغر بنفس النظرة التي تنظروا بها إلى عليٍّ الأكبر، بمعنى أنّ عليّاً الأصغر هو نفس علي الأكبر، لكن بشكل مصغّر. نعم، يبقى أنّ هذا الأمر مرتبط بذلك الزمان، وأمّا الآن فقد صار بنفسه هو حضرة علي الأكبر؛ فقد كان حضرة علي الأصغر موجوداً في ذلك الزمان، أي قبل ألف وأربعمائة سنة، حين الشهادة ووقوع حادثة عاشوراء، وأمّا عندما يرحل إلى ذلك العالم ويطوي تلك العوالم المعنويّة تحت رعاية والده، فإلى أين سيصل؟ سيصل إلى مقام علي الأكبر. حسناً، كم كان نصيبه من هذه الدنيا؟ كان نصيبه ستّة أشهر، وقد وصل خلال ستّة أشهر، بينما وصل علي الأكبر خلال بضع وثلاثين سنة.. كلاهما واحد.. هذه هي العدالة.. كلاهما واحد، ذاك في ستّة أشهر، وهذا في سنة، والآخر في سنتين، وذاك في عشر سنين، وذاك في عشرين سنة مثلاً، وذاك في سبعين سنة، وذاك في سبعمائة سنة، وبعضهم في ألفي سنة.. فلكلّ يوم حسابه الخاص، بل لكلّ ساعة حسابها الخاص.. وهذا ممّا يجب ألاّ ننساه أبداً.

    

على السالك أن يطوي طريقه متراً بمتر

فلا ينبغي علينا أن نقول: دع هذا العمل للغد، فإذا قلنا «غداً»، فقد خسرنا هذه الليلة. وإذا جاء الغد، فلا نقل بأنّنا سنؤجّل العمل لبعد الغد؛ لأنّنا سنكون قد خسرنا الغد وأضعناه من أيدينا، وكلّ ما خسرناه وأضعناه من أيدينا لا يرجع أبداً. فبعد الغد له حسابه الخاصّ، وظروفه الخاصّة به، أليس كذلك؟! فهذه المسألة مهمّة جدّاً. إنّ القطار الذي يتحرّك من نقطة ليصل إلى نقطة أخرى ينبغي عليه أن يطوي خطّ السكّة الحديديّة بأجمعه، ولا يُمكنه أن يصل إلى نقطة واحدة ثمّ فجأةً يقفز وينزل بعد مسافة كيلو متر واحد. فعندما يتحرّك القطار، ينبغي على تلك العجلات أن تطوي متراً بمتر إلى أن يصل القطار إلى المحطّة اللاحقة. ثمّ إذا وصل إلى المحطّة اللاحقة، عليه أن يطوي الطريق متراً بمتر ـ إمّا بسرعة أو ببطء ـ إلى أن يصل إلى المحطة التي بعدها. إنّ حركة السالك إلى الله تُماثل حركة القطار الذي ينبغي عليه أن يطوي الطريق متراً بمتر، وأمّا ذلك المتر الذي تجاوزه ولم يطوه، فإنّ مكانه سيبقى خالياً.
عندما كان المرحوم العلاّمة رضوان الله عليه في طهران... لا أدري هل بقي هناك وقت أم لا؟ حسناً، فقط أذكر هذه القضيّة وأنهي... [يقول السيّد مخاطباً أحد الجالسين أمامه] لقد وصلني إنذار رسمي، فلا يمكنني فعل أيّ شيء!!!
عندما كان المرحوم العلاّمة رضوان الله عليه في طهران جالساً في المستشفى هناك... رحمة الله عليه، فلو لم يكن هؤلاء العظماء موجودين، ما الذي كنّا سنفعله.. أتساءل بجدّ: ما الذي كنّا سنفعله؟ لقد بقي في المستشفى لمدّة أسبوعين بسبب المرض الذي ألمّ به في عينه، فقال لي أحدَ الأيّام: يا فلان، إنّك لا تعلم ما هي الأمور المخبّأة من وراء هذه الأمراض والابتلاءات، وما هي الأسرار والرموز المجعولة فيها. إنّهم يقولون لي الآن ـ كأنّ هذه المسألة قد حدثت له في ذلك اليومين أو الثلاثة أيّام من وجوده في المستشفى ـ إنّك عالق الآن بسبب القضيّة الكذائيّة التي حصلت قبل خمسين سنة ـ أو أربعين سنة فأنا غير متأكّد.. المهمّ عندما كان ساكناً في طهران ـ بينك وبين الشخص الفلاني في ذلك الزمان.. هذا ما قالوه الآن لي.. وذلك الشخص قد رحل عن الدنيا، فما العمل الآن؟! والحال أنّ الحقّ آنذاك كان معي، فتعال وحلّ معي هذه المسألة؟!

    

اللـه تعالى يتعامل مع الناس على أساس رحمته وجوده لا على أساس عدله، والسالك كذلك

مع أنّ الحقّ كان معك، لكنّه ما كان ينبغي لك أن تُعمل ذلك الحقّ، بل كان يجب عليك أن تُراعي حال ذلك الشخص.. مثلما يُقال من أنّ الكذب حرام، ولكنّ قولَ الصدق أيضاً ليس بواجب[11]. فهل يجب على الإنسان أن يُعمل حقّه دائماً؟! صحيح أنّ الحقّ معه، لكن في كثير من الأحيان عليه أن يتجاوز ويغضّ الطرف ويعفو، ولو كان الحقّ معه. فإذا كان الحقّ معه، فهل يتشاجر مع الطرف الآخر لأجل هذا الحقّ؟ لا، على المرء أن يغضّ الطرف. ويبقى أنّ هذا المقام يختلف عن مقام التنبيه والتكليف وغير ذلك من الأمور التي تحتوي على جنبة تربويّة، ففي هذه الحالة، على الإنسان أن يُعمل الحقّ وبشكل صريح أيضاً حينما يكون المقام هو مقام التكليف. وأمّا في غير ذلك، إذا قال الإنسان: إنّ الحقّ معي في هذه المسألة... حسن جدّاً، إنّ الحقّ معك، ولكن ألا يوجد عندنا ما هو أعلى من الحقّ؟!
فلو كان من المقرّر أن يتعامل الله تعالى معنا على أساس الحقّ، فما الذي كان سيحصل لنا؟! لو كان الأمر كذلك، لكان مكاننا جميعاً واضح ومعروف!!! فالله تعالى لا يتعامل معنا على أساس العدل والحقّ، بل يتعامل معنا بالرفق والإغماض والعفو «وسعت رحمتُه كلّ شيء»[12] و«غلبت رحمته كلّ شيء»،[13] فرحمته تعالى غالبة على غضبه.. ألم يقل أمير المؤمنين عليه السلام «اللهمّ عاملنا بفضلك ولا تعاملنا بعدلك»؟ أي: اللهمّ عاملنا بفضلك وعفوك وجودك، وأمّا إذا أردت أن تُعاملنا بعدلك، "فقط على مى ماند وحوضش"،[14] ولن يبقى منّا أحد أبداً.

    

الحساب يظلّ ملازماً للإنسان ولو وصل إلى أعلى درجات القُرب

وقد قال المرحوم العلاّمة هذا الكلام عندما كان يبلغ من العمر خمس أو ستّ وستّين سنةً تقريباً، أي بعد أن طوى طريقه ووصل إلى تلك المنزلة التي كان ينبغي عليه أن يصل إليها، ووصل إلى تلك النقطة التي كان ينشدها، وبعد مرور مدّة على إعطائه البرامج لتلامذته و.... ومع كلّ ذلك، فإنّه لازال في معرض الحساب.. مع أنّ الحقّ كان معك في تلك المسألة ـ هذا والحقّ معه فكيف إن لم يكن الحقّ معه ـ لكن لماذا أعملت حقّك؟ لماذا جعلت ذلك المؤمن يمتعض ويستاء منك؟! لقد كنت تستطيع أن تتعامل معه بطريقة أخرى، وكنت تستطيع أن تُفهمه المسألة بطريقة أخرى، فلم يكن ضروريّاً أن تذكر له ذلك في العلن، وتُحرجه أمام عدد من البنّائين ـ فقد كان ذلك الشخص مهندساً معماريّاً ـ، فقد كان بإمكانك أن تتركه يُدبّر الأمر بطريقة معيّنة من دون أن يطّلع على ذلك [أحد]. فالإنسان يستطيع أن يوجد له حلولاً كثيرة، وليس من الضروري أن يأتي ويقول كلّ شيء، كما أنّه يستطيع في بعض الحالات أن يهيّء الأجواء والظروف، بحيث يوصل إلى الطرف المقابل المسألةَ التي يريدها، ويُفهمه إيّاها من دون أن يشعر الطرف المقابل بأنّك قد اطّلعت على الموضوع؛ لأنّه حينما يشعر بأنّ هناك من اطّلع عليه، فإنّه سيُصاب بالخجل والإحراج. فلماذا تسببّت في إزعاجه؟ لهذا، عليك الآن أن تُخرج ذلك من قلبه، لكنّه رحل عن هذه الدنيا، فما العمل إذن؟ أمّا ما الذي فعله [المرحوم العلاّمة] مع ذلك الشخص فيما بعد، فلم يُطلعنا عليه، غير أنّ أولياء الله يعرفون ماذا يفعلون وكيف يتصرّفون.. وخلاصة القول أنّه أرضاه؛ لأنّه قال لنا بعد مرور مدّة من الزمان بأنّ فلاناً قد رضي. فقلت: الحمد لله [يضحك السيد]، فالمسألة إذن قد انتهت على خير!!! فهؤلاء [أي الأولياء] يقدرون على أداء مثل هذه الأعمال.. هل هذا واضح؟ هذه هي حقيقة المسألة!
نرجو من الله أن يوفقّنا دائماً في الأمور التي توجب تأييدنا وتسديدنا في طريقه وطريق أوليائه.

اللهم صلّ على محمد وآل محمد.


[1] ـ مصطلح أصله فرنسي Decollement بمعنى الانتزاع أو التمزّق. المترجم

[2] ـ مثل فارسي معناه: أنّ الجِلد سينتهي به المقام في الأخير عند الدبّاغ، أي أنّ كلّ إنسان سيلقى نتيجة أعماله في آخر المطاف، وقد أورده السيّد حفظه الله تعالى كنايةً عن الانتقام. المترجم.

[3] ـ سورة الزمر (39)، مقطع من الآية 53.

[4] ـ كناية عمّا يناله السالك من تجلّيات جماليّة (بجميع انواعها) أثناء ارتباطه بمدرسة السير والسلوك. المترجم

[5] ـ في اللغة الفارسيّة، يوجد تقارب كبير في التلفّظ بين حرف "القاف" وحرف "الغين"، وقد استفاد السيّد حفظه الله تعالى من هذا الأمر للإشارة إلى أنّ القُرب في هذا المثال هو في حقيقته غُرب وغربة، وليس قرباً.

[6] ـ يقول: في الشباب تكون المحافظة على الطهارة من عمل الأنبياء... وإلاّ فإنّ كلّ مجوسي يُصبح زاهداً عند الشيخوخة. المترجم

[7] ـ مثل فارسي معناه: علينا أن نرى إلى أيّ حدّ ستنجح في هذا العمل.

[8] ـ المراد منها البشارة بظهور الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف. المترجم

[9] ـ أي على الصوفي أن يكون ابن وقته وساعته التي هو فيها. المترجم

[10] ـ بمعنى: سيماء عاشوراء.

[11] ـ المعنى أنه يحرم على الإنسان قول الكذب، ولكنه ليس مضطرّاً لقول الصدق دائماً، بل يستطيع أن يسكت ولا يقول شيئاً. المترجم

[12] ـ إشارة إلى الآية الكريمة: {وَرَحْمَتي‏ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ} (الأعراف (7)، مقطع من الآية 156). المترجم

[13] ـ قد يكون السيّد حفظه الله يُريد أن يشير هنا إلى الدعاء القائل "يا من سبقت رحمته غضبه". المترجم

[14] ـ مثل فارسي ترجمته: فلن يبقى إلاّ عليّ وحوضه، أي لن يبقى منّا أيّ أحد! وقصّة هذا المثل جاءت بالشكل الآتي: يُحكى أنّه في يوم من الأيّام، كان أحد الخطباء يُحدّث الناس من على المنبر حول يوم القيامة وحوض الكوثر وصاحبه علي عليه السلام، وحول الذين يُمكنهم الاقتراب من الحوض والذين لا يُمكنهم الاقتراب منه، فبدأ يُعدّد الأشخاص الذين لا يحقّ لهم الاقتراب من حوض الكوثر، نظير العاقّ لوالديه وشارب الخمر والمرابي والعاصي و...، واستمرّ يُعدّد لوقت طويل جدّاً. وفجأةً قام أحد الأشخاص من بين الناس وقال له ممتعضاً: يا شيخ، لو كان ما تقوله صحيحاً، فلن يبقى في ذلك اليوم إلاّ علي وحوضه!!! المترجم

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی