معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1434 هـ ق > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1434 هـ ـ المحاضرة 10: اعرف قدر نفسك

_______________________________________________________________

هو العليم

شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1434 هـ

المحاضرة العاشرة:
اعرف قدر نفسك

ألقيت هذه المحاضرة في السادس عشر من شهر رمضان المبارك
لعام 1434 هـ

ألقاها:
سماحة آية اللـه السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني
حفظه اللـه

 

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلّى الله على سيّدنا و نبيّنا أبي القاسم محمّد
وعَلَى آله الطّيّبين الطّاهِرينَ واللّعنة عَلَى أعدائِهِم أجمَعينَ

عظُم يا سيّدي أملي وساء عملي فأعطني من عفوك بمقدار أملي ولا تؤاخذني بأسوء عملي؛ فإنٌّ کرَمَك يجلّ عن مجازات المذنبين وحلمك يكُبر عن مكافات المقصِّرين.[1]
بيّنا للأخلاّء في الليالي السابقة بأنَّ الإمام السجّاد عليه السلام يُريد هنا أن يُعلّمنا أمرًا عظيمًا؛ فهو يُريد أن يُعرِّف ويُبيِّن لنا أحد الأصول، بل يمكن القول بأنَّه الأصل الأهّم من أصول السلوك والعرفان وطيِّ الطريق إلى الله تعالى.

    

اعتراض الملائكة على السجود لآدم عليه السلام

فما الذي يتوجّب علينا فعله؟ وكيف يمكن معالجة هذا الأمر؟ فقد غرس الله وثبّتَ في وجودنا وفي مكنون فطرتنا الشوق للحركة باتّجاهه من أجل الوصول إلى ذاته المُقدَّسة، والورود في حريم أُنسه وقُدسه؛ فتلك حقيقة واقعة، إذ يختلف الإنسان عن باقي المخلوقات من الحيوانات والنباتات والجمادات وحتّى عن الملائكة؛ لأنّ الملائكة لا يمتلكون منزلة الإنسان، ولهذا السبب أُمروا بالسجود لآدم؛ فلو كانت منزلة الملائكة بنفس درجة ومنزلة الإنسان لما أُمروا بالسجود له؛ فلا معنى للسجود له في هكذا حالة؛ لأنّ أمر الله لا يُبنى على العبث، وليس مثل الأشاعرة الذين يقولون بأنَّه ما دام الأمر صادرًا من الله، فيجب تطبيقه على أيَّ حال؛ فلو كان الأمر كما يقولون، لماذا لم يأمر الله الملائكة بالسجود لشجرة التفاح أو الكُمَّثرى‏؟! ولماذا لم يأمرهم بالسجود للحصان أو الحمار أو الخروف؟! فما هو الفرق في ذلك إذا كان الملاك هو إطاعة الأمر الصادر من المولى بشكل مطلق؟! فإن كان مجرّد صدور الأمر من المولى مُصحِّحًا للمأمور به؛ فيجوز والحال هذه أن يأمر الله تعالى جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وبقيَّة الملائكة بالسجود للشجر والحجر والبحر والجبل وهذا الحمار الذي يمشي أو تلك البقرة التي تسير؛ كما يفعل عبدة البقر.
فلماذا أمر الله الملائكة بالسجود لآدم؟ وما هو السبب في ذلك؟ لقد بيَّن الله ذلك وفسَّره في الآيات القرآنية إذ قال تعالى في جوابه للملائكة عندما قالوا: {أَتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ}، حيث قال لهم: {إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ}[2]. [فلسان حال الملائكة يقول:] يا إلهنا ألا يكفي كلّ هذا الخلق الذي خلقته، فلقد خلقت ملائكةً صالحين لم ولن تصدر منهم أيَّة معصية، فما أحسنه من خلق! أفهل يُمكن أن يوجد أحسن من هذا؟! فلا تصدر منهم أيّة معصية، وهم عاكفون على العبادة بشكل دائم «فَمِنهُم رُكَّعٌ لا يَسجُدوُنَ وَمِنهُم سُجَّدٌ لا يَقوُمُونَ وَمِنهُم قُعُودٌ لا يَنتَصِبُونَ وَمِنهُم قِيامٌ لا يَقعُدوُنَ»[3] {لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ}[4]؛ فلا وجود للعصيان والتجاوز والانحراف في عالم الملائكة، فمن يكون أفضل من هكذا مخلوقات حتّى يخلق الله هذا الإنسان الذي ما إن وطئت قدمه الأرض حتّى بدأ بارتكاب المعاصي وتخطّي الأوامر الإلهيّة وإشعال نيران الحروب؟! ألم تكن تلك هي طبيعة الإنسان؟ فها هما آدم وحواء لم تطأ أقدامهما الأرض ولم ينفضوا عنهما غبار السفر بعد، حتّى قتل قابيلُ هابيلاً! ولم تكن تلك إلاّ البداية، إذ فعل اللاحقون ما فعلوا من تعذيبهم وقتلهم للأنبياء، حتّى قال رسول الله: «ما أوذي نبيٌّ مثلَما أوذيت»[5].. لقد قال ذلك مع أنّه كان جبلاً من الحلم والصبر والتحمُّل والرصانة والحياء.
فالملائكة يقولون: ها نحن نعبدك ونسجد لك يا ربّ وأنت القائل {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}،[6] وها نحن نفعل ذلك، فلماذا تخلق الإنسان إذن؟!
فإذا كان الملائكة يعلمون بذلك، فلماذا يتحدّثون بمثل هذا الكلام؟ إذ إنّهم مستقرّون في عالم الثوابت، ولم تتمّ عمليّة الخلق بعد!
في أحد الأيّام على عهد الشاه، كنت أحضر مجلسًا من المجالس العامّة الذي كان يحضره كذلك مجموعة من العلماء وأئمّة الجماعة في طهران، وكان سِنِّي في ذلك الوقت لا يتجاوز السادسة أو السابعة عشر عامًا، ولكنَّني أتذكّر جيدًا أنّه جرى الحديث حول مسألة كيف قال الملائكة لله تعالى: {أَتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ}؟ فإذا كان آدم لم يُخلق بعد، من أين حصل لهم العلم بذلك؟ كما أنّ أحدًا لم يُخبرهم به! فكان اعتراض الملائكة وإشكالهم على الله تعالى بأنّه سيخلق موجودًا سيعصي ويسفك الدماء ويفسق ويعتدي على الآخرين وينحرف عن الطريق السويّ؛ هذا مع وجود الملائكة المسبِّحين؛ فلماذا هذا الخلق الجديد مع وجود هذا العدد الكبير من الملائكة؟! فلقد جاء في بعض الروايات بأنّ الله تعالى أوكل بكلِّ قطرة مطر تنزل من السماء ملكًا يرافقها؛ هذا فيما يتعلق بالمطر فقط، فما بالك بالأمور الأخرى! وكأنّه لا عمل لله تعالى سوى خلق الملائكة!!! لكن من المعلوم أنَّ ذلك العالم هو عالم اللامكان، فالازدحام غير مُتصوَّرٌ في ذلك العالم، ولو يخلق الله أضعاف هذا العدد بآلاف المرّات ويجعل مع كل قطرة مطر ثلاثة ملائكة، لما حصل ازدحام أو مشكلة أو ما شابه ذلك.
فكان جواب أحد الشيوخ من مُفسِّري القرآن والذي كان يحضر ذلك المجلس أيضًا ـ وقد انتقل إلى رحمة الله ويبدو أنَّه كتب تفسيرًا للقرآن من جزئين أو ثلاثة أجزاء ـ هو: بما أنَّ الملائكة شاهدوا أناسًا قبل وجود آدم، فإنّهم علموا بأنَّ هذا الإنسان الجديد من نسل آدم سيكون نسخة من ذلك المخلوق؛ فكما أنَّ أولئك كانوا يفسدون في الأرض، فهذا الخلق الجديد الذي سيخلقه الله مرّة أخرى باسم آدم، ثمّ يُخرج منه حواء سيكون تقريبًا مثل أولئك المخلوقات. وعليه، فإنّ الملائكة لهم اطّلاع على حقيقة الأمر.

    

بيان حقيقة علم الملائكة عليهم السلام

أتلاحظون! هذا هو مقدار وميزان علمنا ومعرفتنا بعوالم الغيب! بأيِّ دليل تقول بأنَّ هذا الخلق سيكون مُشابهًا لذلك الخلق، بحيث إنَّ الملائكة لمّا رأوا تصرّف ذلك الأصل، علموا منه ما سيكون عليه حال هذه النسخة الجديدة؟ هذا من جهة، ومن جهة أخرى، هل إنَّ علم الملائكة هو من نوع العلم الحصولي والاكتسابي الذي يحصل من الخارج (المعلوم بالعرض) عن طريق انتقاش الصور في نفوسها فيصير معلوماً بالذات؟ فهل إنَّ الملائكة مثلنا نحن الذين لا نستطيع رؤية كتاب مفاتيح الجنان الموجود أمامنا ما لم نُبصره بأعيننا؟ وإلاّ فإنّنا نبحث عنه بشكل عشوائي، حتّى إذا ما فتحنا أعيننا تبيَّن لنا وجوده؛ فتنطبع بذلك صورة من هذا الكتاب ـ والذي يُعبّر عنه بحسب الاصطلاح بالمعلوم بالعرض ـ في الذهن بطريقة خاصّة ووفقًا لبعض المسائل المعيّنة المبحوث عنها في محلّها الخاصّ في ضمن مسألة العلم الذهني والحصولي. فالصورة الذهنيّة تتحوَّل إلى معلوم بالذات؛ وهي تلك الحقيقة التي تحصل في النفس بعد الاطّلاع على ذلك الأمر الخارجي (المُعبَّرٌ عنه بالمعلوم بالعَرَض)، والتي لم يكن لها وجود في النفس من قبل.
فأنت الآن لا تعلم من هو الشخص الجالس خلفك، وإذا ما أردت معرفة ذلك، فلا بدَّ لك من أن تُدير رأسك إلى الخلف لكي تراه؛ فقبل إدارة رأسك لم تكن لتعلم من هو الجالس خلفك، فالآن وقد أدرت رأسك ووقع بصرك عليه، عرفت من هو ذلك الشخص؛ وعليه، فإنّ هذا العلم هو علم زماني، وعلم حصولي، وعلم اكتسابي، وهو علم بالعَرَض يتقوّم بمعلوم بالعرض خارجي؛ فما لم ينكشف لك ذلك الخارج، لا يمكن أن يحصل لك علم واطّلاع؛ فهل إنَّ علم الملائكة بالأشياء على هذا النحو أيضًا؟! هل إنَّ للملائكة أعينٌ يفتحوها ليروا بواسطتها ما الذي يجري على الأرض؟ أم أنَّ الملائكة موجودون ويعيشون في عالمهم الذي هو عالم التجرّد وعالم الثوابت وعالم ما فوق الزمان؟ فذلك العالم له إشراف على عالم المادّة وعالم التغيِّر والتبدّل، فلا حاجة لهم إلى رؤية الأشياء لكي يحصل لهم العلم بها.
يحصل أن ترى في منامك بأنَّ أمرًا ما قد حصل، فمن هو الذي أراك ذلك الأمر في المنام؟ إذ إنَّك نائم لا تعلم شيئًا! فقد ترى في المنام بأنَّ الباب يُطرق، وعندما تفتح الباب تجد بأنَّ الطارق هو صديق لك قد جاء من إحدى المدن، فتُرحِّب به وتُدخله المنزل، وأنت لم تكن لتتوقّع مجيئه في مثل هذه الظروف ولو بنسبة الواحد بالألف؛ وعند الصباح يُطرق عليك الباب فتخرج لتجد أنَّ صديقك قد جاء لزيارتك؛ فمن هو الذي أخبرك بذلك؟ وجميعنا قد رأى في حياته مثل هذه المنامات. إنَّ اطّلاع الإنسان على هكذا أمور عن طريق المنام يعتبر الحدّ الأدنى من الاطّلاع، فكيف بالاطّلاع بواسطة المكاشفات أو الشهود؟! ولقد رأى الجميع مثل ذلك، كما رأيت أنا الكثير من ذلك، حيث نرى في المنام أنَّ أمرًا ما سيحصل بعد أسبوع، أو بعد شهر، ثمّ يحصل ذلك بالفعل... وثمّة هناك الكثير من الأصدقاء الذين أخبروني بأنَّهم علموا عن طريق المنام (أو عن طريق آخر) بأنَّ أمرًا ما سيحدث بعد شهر أو شهرين، فأقول لهم: «لا تُخبروا أحدًا بذلك، فليس معلومًا ما الذي سيحصل»، لكن من المعلوم ما الذي سيحصل، بل إنّ ذلك سيحصل بالفعل! فكيف علِم هذا الشخص بهذا الأمر والحال أنَّه لم يحصل بعد، بل سيحصل بعد شهر أو شهرين؟
فهل إنَّ الملائكة أعجز منَّا في هذا المجال؟ إنَّ هذا يعني بأنَّ ذلك الشخص لا يرى للملائكة من العلم والشهود والحضور ما يساوي العلم الحاصل للإنسان عن طريق المنام، فتراه يقول: بما أن الله خلق نظير هذه المخلوقات من قبل، فكانوا يقتتلون ويتنازعون فيما بينهم، فإنَّ هؤلاء سيكونون نسخة مطابقة لألئك، وبالتالي سيقعون ببعضهم ببعض، ويشرعون في الحروب مستخدمين أنواع الأسلحة من السيوف والرماح وما شابه ذلك، وسيسعون للفساد في الأرض؛ فتقول الملائكة: يا إلهي، يكفي كلّ هذا العدد الكبير من الناس الذين خلقتهم لحدّ الآن، وحسبك نحن معشر الملائكة!
فقد تمّ اكتشاف هياكل عظمية تعود إلى مخلوقات عاشت على الأرض قبل عدّة ملايين من السنين، كما تدلّ الروايات على وجود مخلوقات شبيهة بالإنسان ـ وليست إنسانًا ـ كانت تعيش في السابق على الأرض.
فبناءً على ما تقدَّم يكون كلام هذا الشخص غير صحيح؛ لأنّ الملائكة كانوا مطّلعين على آدم وعلى أعماله، وكذلك على الحوادث التي ستقع؛ ألا يوجد ما يدلُّ على ذلك في الروايات؟ لقد جاء في الروايات ـ من باب المثال ـ أنَّ جبرائيل أخذ رسول الله إلى كربلاء وأراه واقعة الطف.. ألا يوجد في الروايات أنَّ الملائكة عرضوا على الأنبياء ما سيجري على سيّد الشهداء في كربلاء؟ ألم يُذكر في الروايات بأنَّ الملائكة قد استعرضوا المصائب التي جَرَت على أهل البيت؟ إنَّ لدينا عدد كبير من الروايات في هذا المجال؛ فهل إنَّ الملائكة ـ والحال هذه ـ لا يعلمون بأنَّ هذا المخلوق الجديد سيُفسِد في الأرض؟ إنَّهم يعلمون ذلك حقًّا! لكن ومع أنَّ هذا الإنسان سيُفسِد في الأرض، فإنَّ الله يأمر الملائكة بالسجود لآدم أبي البشر وأصل ومنشأ هذا الإنسان والذي سيتفرّع عنه الجميع؛ وهذا هو الأمر الذي لم تتمكّن الملائكة من إدراكه.
[فلسان حال الملائكة يقول:] لماذا نسجد لهذا الإنسان الذي سيُفسِد في الأرض؟ غير أنَّه ما دُمتَ قد أمرتنا بذلك يا إلهنا، فإنَّنا سنُطيع الأمر، ولا نكون مثل ذلك الشيطان الذي تمرَّد وقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَني‏ مِنْ نارٍ وخَلَقْتَهُ مِنْ طينٍ}[7]؛ فالشيطان اعترض على الله وقال: كيف أسجد لآدم وأنا أفضل منه؟ فقد خلقتني من النار الحارقة والتي هي أفضل وألطف من ذلك الطين المتصلَّب الذي خلقت منه آدم ـ فالنار من وجهة النظر الماديّة أفضل من الطين ـ فكيف أسجد له؟ ولهذا لم يسجد لآدم.
أمّا الملائكة، فإنَّهم سجدوا، لكن مع ذلك بقيت تلك الشُّبهة في قلوبهم وهي: كيف يُمكننا السجود لمثل هذا المخلوق الذي يُفسِد في الأرض؟ إنَّ لهذا الاعتراض ما يمكن أن يُبرِّره، لكن لو كان للملائكة علم بتلك الوديعة الإلهيّة ـ والتي هي مقام جامعيّة الأسماء الإلهيّة مع مراعاة كون تلك الأسماء منزَّلة من الذات الإلهيّة والتي استحقَّ بواسطتها الإنسان أن يتخلَّع بخِلعة الخلافة الإلهيّة ـ فهل سيكون لاعتراضهم ما يُبرِّره؟ سيكون الجواب بالنفي طبعًا! ويتّضح من هذا بأنَّه لا علم للملائكة بهذا الأمر.
هل كان الملائكة سيعترضون لو علموا ما أودعه الله في هذا الإنسان من أمر هو فوق هذا الوجود الظاهري من عينٍ وأنفٍ وأُذنٍ ورأسٍ ورجلٍ ويدٍ، وكذلك كل ما يتعلَّق بعالم الظاهر والخواصّ النفسانيّة ـ إذ إنَّه لا قابليّة وقدرة للمادة بحدّ ذاتها، بل هي واقعة تحت هيمنة القوى الباطنيّة ـ والتي هي بأجمعها أدوات عالم الفساد والنزاع والاقتتال؟ وهل كانوا سيعترضون لو علموا بأنَّ مقام الخلافة الإلهيّة هو أعلى من مقام العلم...؟
فجبرائيل يمتلك بنفسه مقام العلم، وما من علم يُفاض على الأنبياء، إلاّ وجبرائيل واسطة فيضه، كما أنَّ جميع الأرزاق التي تنزل على الخلائق تحصل بواسطة حضرة إسرافيل، وجميع الوفيات والتغييرات والتحوّلات التي تطرأ على عالم الوجود بشكل عامّ تكون تحت هيمنة وإشراف حضرة عزرائيل. وبعبارة أُخرى، فإنَّ جميع الملائكة الذين يمتلكون مقام العلم أوالقدرة أوالقهاريّة أوالجلال أوالجمال هم منطوون في حضرات الملائكة المقرّبين؛ فإذا كان الأمر كذلك، فأيّ شيء يمتلكه الإنسان ولا تمتلكه الملائكة بحيث إنَّهم يُؤمرون بالسجود له؟
فإن أردت التحدّث عن علم الله، فجميع علوم العالم تتنزَّل بواسطة جبرائيل؛ فما من مخترعٍ إلاّ ويكون جبرائيل هو الذي قدحَ في عقله ذلك الاختراع، وما من مكتشفٍ يكتشف أمرًا إلاّ ويكون جبرائيل هو الذي كشف له ذلك الأمر، وما من عالمٍ رياضي يتمكّن من حلّ مسألةٍ رياضيّةٍ أوهندسيّةٍ إلاّ ويتمّ ذلك عن طريق اتّصال نفسه بنفس جبرائيل، وإلاّ فإنَّه سيكتب نتيجة جمع الواحد مع الواحد خمسة! فما لم تتّصل نفسه وعقله بنفس حضرة جبرائيل، فإنَّه لن يستطيع معرفة حاصل ضرب اثنين في اثنين، وسيقول إنَّ نتيجة الضرب هي اثنا عشر! فمتى يستطيع حل هذه المسائل والألغاز؟ إنَّه يستطيع ذلك متى ما حصل له ذلك الاتّصال.

    

الله تعالى هو مصدر علوم الإنسان

ألا ترون بأنَّه عندما لا يكون لديكم اتّصال، فمهما فكّرتم، فإنّ فكركم لا يقودكم إلى أيّة نتيجة، وينغلق ذهنكم مهما سعيتم؛ فتقولون: لقد تمكّنت من حلِّ هذه المسألة قبل شهر بنفسي، فلماذا لا أستطيع حلَّها الآن؟ يا للعجب! ثمّ ما إن يحصل الاتّصال، حتّى تكتشفون الحلّ! فماذا حصل؟ وما هي حقيقة المسألة؟ حيث يحصل أحيانًا أن يتوصّل الإنسان إلى حلّ مسألة لم يكن قد فكَّر فيها أو أنّه فكّر فيها لكن من دون نتيجة.. فكيف حصل هذا؟
يُقال بأنَّ أديسون ـ على الظاهر ـ قد سُئِل: ما هو الاختراع والاكتشاف؟ فقال: تسعة وتسعون بالمائة جهد ومحاولة، وواحد بالمائة إلهام؛ ولكنَّ الأمر بأجمعه يكمن في نفس الإلهام! فقلت: يا له من كلام جميل «الأمر بأجمعه يكمن في هذه الواحد بالمائة من الإلهام»! وقد نُقل نظير هذا الكلام عن آينشتاين، كما سمعتُ مثله عن باستور.
ولقد سمعت هكذا أمر عن المرحوم الدكتور حسابي ـ رحم الله كلّ من كانت نيَّته حسنة ـ، حيث كانت لديَّ معلومات عنه منذ وقت طويل، فقد كان رحمه الله رجلاً طيّبًا، وكان رجلاً مستقيمًا وخيِّرًا وذا نيَّة سليمة، وكان شخصًا فاضلاً وعالمًا كبيرًا.. لقد سمعت بنفسي أنّه عندما سُئل عمّا أوصله إلى تلك الفرضيّات ـ التي طرحها وباحثها مع أشخاص آخرين وتمكَّن من إثباتها ـ فإنّه قال: إنَّ ما أوصلني إلى ذلك هو الإلهام ولا غير! فقد كان يخطر بذهني أمرٌ ما، ثم أجد بأنَّ المشكلة الفلانيّة قد حُلَّت.
حسنًا، فقد كان هؤلاء من الذين استوعبوا الأمر بشكل جيّد! فالمسألة التي أنا بصدد الحديث عنها هي مسألة في غاية الدقّة، وهي مسألة واقعيّة حصل مثلها للعديد منَّا، وحتّى لي أنا؛ فقد ذكرت سابقًا بأنّه حصل لي العديد من الموارد من هذا القبيل؛ فلقد أمضيت ليلتي إلى الصباح أفكّر في معنى إحدى الكلمات البسيطة، ولم أستطع فهم معناها؛ وفي الصباح أراني فجأةً قد فهمت معنى تلك الكلمة! فمن الذي أقفل فهمي عن إدراك معناها؟! كما لو أنَّ شخصًا ما قد ضغط على زرٍّ وأقفل القابليّة على الفهم، وعند الصباح ضغط على زرّ آخر، فانفتح الفهم؛ فأيّ أمر يكون وراء ذلك؟
إنَّها يد الله! فكلّ شيء بيد الله، وما علينا إلاّ الاعتراف بذلك، لكن لماذا لا نُقِرّ بتلك الحقيقة؟ ولماذا ننسب ذلك إلى أنفسنا دائمًا؟ ولماذا نُوجِد المشاكل لأنفسنا بصورة مستمرّة؟ وما هو مصدر هذه الأنانيّة؟ ألا يجدر بنا أن نضع تلك الأنانيّة جانبًا ونُريح الله؟ [مزاح] فلقد ابتُلي الله بنا!!! يقول: يا عزيزي، أنا الذي أُفيض عليك العلم، وأنت تنسبه دائمًا إلى نفسك؛ فإن أغلقتُ عليك الفهم، تأخذ بالتلُّوي والتضجّر، وإن فتحته لك، تُصاب بالدوار؛ فما عليك إلاّ التخلِّي عن ذلك من الأوّل، ودعني وملائكتي نفعل ما علينا فعله، لكي يرتاح كلٌّ منّا! [هذا ما يُريده الله لنا]، أمّا نحن، فترانا نلفّ وندور وننسب الأمور إلى أنفسنا.
ولهذا، تقتضي العناية الإلهيّة أن تحصل لنا ابتلاءات بين الفينة والآخرى لكي نعود إلى أنفسنا ونعرف قدرنا ونكفَّ عن هذه العنجهيِّة الفارغة.
عندما يرى الإنسان بعض الأمور والحوادث يتفكّر في نفسه ويقول: لماذا لم يؤل الأمر في المسألة الفلانيّة إلى هذا الشكل؟ فلقد كان بالإمكان القيام بالعمل الفلاني بكلّ راحة وسهولة؟ فلماذا لم يتمّ ذلك؟ أو لماذا حصل عكس المُتوقّع في تلك القضيّة، مع وجود كل تلك المحاولات التي بُذلت من أجل تحقيق المطلوب؟ الأمر واضح جدًا، فذلك الذي يُريد لأمر ما أن يحصل هو الذي يسلب العقل والفهم والتدبير من الشخص ليبقى واضعًا إحدى يديه على الآخرى لا يدري ماذا يفعل، ثمّ يأتي التقدير والمشيئة الإلهيّة ويفعل ما يجب فعله؛ عندها يتنبَّه الإنسان ويقول: ما الذي حصل؟ من الأحسن لو أنّني بادرت بإنجاز هذا العمل قبل نصف ساعة، فكنت بذلك قد تقدّمت للأمام! [والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:] مَنْ الذي منعك من ذلك؟ إنَّ في هذه القضايا عِبرة لنا؛ فهذه الأمور هي التي تُرينا الطريق وتعمل على تنبيهنا وتحثّنا على أن نكون حذرين؛ فلو أنَّ الله قد ترك الطريق مفتوحًا أمام القضيّة الفلانيّة لكي تحدث، لما آلت الأمور إلى ما آلت إليه، ولأصبح الأمر بشكل آخر.
لقد أدرك العظماء وأهل المعرفة جوهر وكُنه هذه الأمور، وعلينا أن نسعى لإدراك كُنهها؛ ويمكن ملاحظة أمثلة من ذلك عند الغور في سيرة الأنبياء والأئمة.

    

ضرورة التسليم لمشيئة الله تعالى

في إحدى المرّات، حضرت صلاة الجمعة، وكان ذلك عندما كانت الحرب مُشتعلة بين إيران والعراق، فكانت الغلبة في الحرب للجانب الإيراني تارةً، وللجانب العراقي تارةً أُخرى، حتّى انتهت إلى النهاية التي شاهدها الجميع. ففي إحدى الجولات التي كانت الغلبة فيها لصالح العراق، حيث انكسر الجانب الإيراني وتحمَّل الكثير من الخسائر ـ لا أتذكّر في أيَّة معركة كان ذلك ـ رأيت أنَّ خطيب الجمعة ـ وهو شخص معروف ولقد توفّي في الوقت الحاضر ـ كان يُحاول تسلية الخواطر وتبرير تلك الهزيمة وكان يُعزي الأمر إلى التفاوت في أسلوب إدارة المعركة بين معركة وأُخرى.
إنَّها الخسارة يا هذا، فما معنى كلّ هذه التبريرات؟! حسنًا، يُمكن الظفر والتقدّم في المرّة القادمة! فلا داعي للقلق والانزعاج، ولا مشكلة في الأمر؛ لأنّ طبيعة الحرب هي هكذا؛ فقد ينتصر هذا الطرف أو قد ينتصر الطرف الآخر، لكنّه كان يسعى لإثبات بأنّها ليست هزيمة، بل هي خطوة في طريق تحقيق النصر. ويقول: «إنَّ الأمر كان على هذه الشاكلة في صدر الإسلام أيضًا، فلقد كان النصر يحالف المسلمين تارةً، والمشركين تارةً أُخرى، حتّى انتهى الأمر بانتصار الإسلام»!!
ولقد رأينا كيف تمّ النصر في نهاية المطاف!!!
لماذا علينا البحث عن هكذا تبريرات؟ لماذا لا نقول: إنَّ الأمر بيد الله، يُصرِّفه كيف يشاء؟ فتكون مشيئته بغلبة هذا الطرف أحيانًا، وغلبة ذلك الطرف في أحيان أُخرى؛ فلا حاجة لكلّ هذه التزويقات والتنميقات وغيرها!
ما هو دليلك على ما تقول؟ وأيّة آية في القرآن تُشير إلى حتميّة انتصار المسلمين على الكفار، كائنًا ما كانت الظروف المحيطة بالمسألة؟ إنَّ هذا الأمر غير صحيح، ولا وجود لما يدلُّ عليه! مَنْ قال بهذا؟ وهل كان النصر حليف الإمام الحسن أم حليف معاوية؟ مَنْ الذي وقَّع وثيقة الصلح؟ ومَنْ الذي وضع تلك الوثيقة تحت قدميه وقال: ما قاتلتكم لتصلّوا أو تصوموا ولكن قاتلتكم لأتأمَّر عليكم! وهل كان النصر حليف الإمام الحسين أم يزيد؟ والمقصود بالنصر هنا النصر بحسب الموازين الظاهريّة طبعًا، وليس النصر الواقعي والذي تكلَّمنا عنه في الليالي السابقة. وهل كانت الغلبة للإمام الرضا أم للمأمون؟ وهل كانت الغلبة لأمير المؤمنين أم لمعاوية؟ نعم، كان أمير المؤمنين هو المنتصر في معركة النهروان ومعركة الجمل، ولكنَّه خسِر معركة صفِّين بواسطة حيلة عمرو بن العاص وما تلاها من قضايا؛ فكيف تقول بأنَّ النصر سيكون حليف المسلمين في نهاية المطاف؟! كلاّ، لقد انتهت معركة صفِّين لصالح معاوية.
إذا كان معيارنا في النظر للأمور هو هذه المعادلات الظاهريّة والماديّة، فإنَّنا سنصل إلى طريق مسدود. [فأنت يا من تريد تبرير الهزيمة وتقول بأنَّ عاقبة الأمر ستؤول إلى النصر] ألم تنتهي هذه الحرب بالخسارة؟ فلقد رأينا ذلك بأعيننا، فكيف تستطيع تبرير ذلك؟

    

لاخسارة عند الإنسان المؤمن

لكن إذا آمنّا بأنَّه لن يحصل إلاّ ما أراده الله، وبأنّه على الإنسان أن يسير وفقًا لمرضاة الله، فإنَّنا سنكون غالبين في جميع الأحوال، وسنكون مرتاحي البال! فبناءً على هذه النظرة، من هو الغالب؟ أهو الإمام الحسين أم يزيد؟ لقد ارتقى الإمام الحسين إلى العرش، بل وتجاوز العرش، أمّا يزيد فذهب إلى قعر جهنّم؛ فمَنْ هو الغالب؟ أين هو قبر يزيد الآن؟ أيعرف أحد أين هو؟ وماذا عن قبر الحسين؟ لقد ملأ عالم الملك والملكوت.
وانظر إلى التفاوت بين قبر أمير المؤمنين وقبر معاوية! لقد ذهبت لرؤية قبر معاوية، فوجدت أنَّهم قاموا بإغلاق باب المكان الذي فيه القبر، خشية دخول الكلاب والقطط للمكان لإلقاء فضلاتها عليه.
هذا في الوقت الذي نرى فيه حفيده معاوية الصغير، ابن يزيد يصعد المنبر بعد شهرين من تولِّيه الخلافة ليقول: أيَّها الناس، إنَّ هذه الخلافة مغتصبة وهي حقٌّ لأهل بيت الرسالة، وهي الآن لعليّ بن الحسين، وقد كنت غاصبًا لها خلال هذين الشهرين، لكنّني من الآن فصاعداً سأخلع نفسي منها وأُعيدها إلى أهلها؛ فقاموا بقتله بدسِّ السّم إليه بعد خمسة عشر أو عشرين يومًا من ذلك؛[8] واذهبوا الآن لتروا بأنّ قبر معاوية هذا ـ والذي هو حفيد معاوية بن أبي سفيان ـ هو محلّ لتردّد الناس، وهو مكانٌ نورانيٌّ جدًا؛ وقد ذهبت لزيارته وصلَّيت ركعتين عند قبره، وقبَّلتُ باب ضريحه وقبره كذلك؛ لماذا؟ لأنَّه مُحِبٌّ لأهل البيت؛ ويجب تقبيل باب ضريح محبِّي أهل البيت. ويقع قبر معاوية الصغير خلف المسجد الأموي، وهو مكان صغير، ويقع إلى الأسفل منه قبر جدِّه معاوية الذي يغلقون بابه لئلاّ تلقي الحيوانات فضلاتها عليه.. انظروا إلى هذا التفاوت! فمَنْ هو الأسمى، ومَنْ هو الأدنى؟ مَنْ الذي فاز ومَنْ الذي خسِر؟ هل كان الإمام الحسين الفائز أم يزيد؟ وهل كانت زينب سلام الله عليها الفائزة أم ابن زياد؟ هذه هي رؤية أهل المعرفة! فوفقًا لرؤية أهل المعرفة لا وجود للهزيمة، بل هنالك فوز دائم.
در صراط مستقيم ای دل کسی گمراه نيست
                             در طريقت هرچه پيش سالک آيد خير اوست[9]
(يقول: لا يضلُّ شخصٌ في الصراط المستقيم يا قلبي؛ ففي الطريقة، كلّ ما يحصل للسالك يصبُّ في مصلحته وهو خيرٌ له)

فمعنى ذلك أنّه إذا خسرنا، أن نعدّ ذلك فوزًا لنا، وإذا فزنا (ظاهريّاً) فإنّنا سنكون قد فزنا بطبيعة الحال؛ أي أن يتساوى لديك الأمران، ولا يتغيَّر حالك في كلتا الحالتين، لا أن تكيل المدح وتُصدر البيانات وتفعل كذا وكذا عند النصر؛ أمّا عند الهزيمة، فتقوم بإغلاق الباب ولا تسمح لأحد بالدخول عليك! فما الذي يعنيه هكذا تصرّف؟ فهؤلاء المساكين قد تحمَّلوا المشاق، وقدَّموا القتلى والجرحى ... فلا ينبغي أن يكون الأمر بهذه الكيفيّة! أي أن يُظهِر الإنسان السرور ويبدأ بإصدار البيانات فقط عندما يكون منتصرًا!
فإذا صار الأمر على هذه الكيفيّة، فإنَّ الله وبالمقابل يتعامل مع الإنسان وفقًا لتصرّفه هذا؛ فليس بمقدورنا أن نفرض رأينا على الله، وإلاّ لتغيَّرت المعادلة وأصبحنا نحن الرّب وهو المربوب؛ وهذا ما لا يمكن أن يحصل؛ لأنّ الله لا يتنازل عن مقام الألوهيّة! فأنت ـ أيّها العبد ـ الذي ينبغي عليك أن تكون في محلّ الطاعة، وأن تغيِّر أفكارك واعتقاداتك وطريقة تعاملك مع الناس.
فكيف تقول: «سننتصر في هذه الحرب»؟ وما هو الأساس الذي استندت عليه في كلامك هذا؟ ولقد رأينا بأنفسنا عدم تحقّق ذلك! وبأيِّ دليل تقول بأنَّ عاقبة الأمر ستكون بالشكل الفلاني؟ ولقد شاهدنا بأنّ ذلك لم يحصل!
ولكنَّنا لو تحدّثنا بشكل صحيح منذ البداية، وفعلنا كما فعل أمير المؤمنين عند حركته صوب صِفِّين، [لما أوقعنا أنفسنا في هذا المحذور]؛ فهل قال أمير المؤمنين بأنَّنا سننتصر في هذه الحرب؟ كلاّ، لم يقل ذلك!

    

اللوح المحفوظ هو نفس الإمام

نعم، قال ذلك في معركة النهروان، حيث ذكر بأنّ الغلبة ستكون لنا في هذه المعركة، ولن يُقتل منكم عشرة ولن ينجو منهم عشرة؛ فهو إمام.. إمام حقيقي يا عزيزي! فعندما يقول الإمام الحقيقي سيُقتل عشرة، لا يمكن أن يُقتل أحد عشر شخصًا! فالإمام يختلف عنّي، نعم، يختلف عنّي بشيء قليل!!! لكن يبقى أنّ مقدار هذا القليل هو ما بين الأرض إلى العرش، بل إلى اللوح المحفوظ؛ فالإمام مُشرِف على اللوح المحفوظ، بل إنَّ اللوح المحفوظ هو نفس الإمام؛ فالإمام لا ينظر إلى اللوح المحفوظ، بل ينظر إلى نفسه ليرى حقائق عالم الوجود في نفسه؛ فالأمر ليس من قبيل النظر وانتظار وصول خبر عن طريق إحدى الوسائط.. الأمر ليس كذلك، بل كلّ ما يحصل في العالم موجود في نفس الإمام؛ فالإمام ينظر إلى نفسه ليُخبر عمّا يجري في العالم، أي أنّ كلّ ما هو موجود في نفس الإمام موجود في الخارج، وكلّ ما هو موجود في الخارج موجود في نفس الإمام.
[فلسان حال الإمام يقول:] إنَّ الصورة الحقيقيّة للأشياء ـ فحقيقة الشيء بصورته لا بمادّته الجنسيّة الخارجيّة ـ موجودة في نفسي، ولا تفاوت بينها وبين الموجودات الخارجيّة؛ وهذا التلازم لا يتغيّر ولا يتبدّل، فجميع ما يحصل في الخارج هو عين ما في نفسي؛ فلم يقل أمير المؤمنين بأنَّني سأهزم معاوية في حرب صفِّين، وأفتح الشام، وأرفع العلم فوق قصر معاوية.. لم يقل أمير المؤمنين ذلك، بل قال سنذهب من أجل هزيمة معاوية وإزاحته عن الشام؛ فهذا هو تكليفنا، وعلينا أن نتحرّك بموجبه.. بهذه الحدود لا أكثر.
وفي واقعة الحديبيّة، عندما وقَّع رسول الله وثيقة الصلح ولم يتمكّن من الذهاب إلى مكة وقَّرر العودة، جاء عمر مُعترضًا على رسول الله قائلاً: ألم تقُل بأنَّنا سنفتح مكة؟ فما هذا الذي نراه؟ فقال له رسول الله: إنَّني قلت بأنَّنا سنفتح مكة، ولكنَّني لم أقُل سنفتحها الآن. أتلاحظون؟! فقد سدَّ عليه الطريق؛ فلو كان الرسول قد قال سنفتح مكة في غزوتنا هذه، لكان لعمر امكانيّة الاعتراض. قال رسول الله: سنفتح مكّة في الغزوة التالية، وقد حصل ذلك، أمّا أن نأتي نحن لنضع أنفسنا مكان النبيّ والإمام ونقول سيحصل كذا؛ سيقول الله عندها أنا لا أسمح بذلك! مَنْ الذي أمرك بأن تقول ذلك؟ كان بإمكانك أن تتحرّز عن الكلام! فهل يتوجب عليَّ أن أُوظّف الملائكة لتغيير كل مسائل وقضايا وحوادث العالم لكي يتوافق ذلك مع تحقيق الوعد الذي أطلقته أنت؟ كلاّ! فمن جهتي، أنا مسرور بمقام ألوهيّتي ولن أتنازل عنه!!! ومن جهتك أنت، عليك مراعاة مقام العبوديّة! فلماذا تُعطي وعدًا جُزافًا؟ هذا هو ما يُطلق عليه تعدّي الحدود! فعلى الإنسان ألاّ يتجاوز الخطّ الأحمر والذي هو مقام العبوديّة، فالله تعالى لا يسمح بتجاوز الخطوط الحمراء.
فكان اعتراض الملائكة على الله هو: كيف نسجد لهذا الإنسان الذي سيُفسد في الأرض، والحال أنّنا من أهل الطاعة، والطاعة مقدَّمة على الفساد؟

    

سرّ اعتراض الملائكة على السجود لآدم عليه السلام

لو كان للملائكة علم بمكنون نفس آدم، لما اعترضوا على الأمر بالسجود له؛ ومن هنا يكون عدم علم الملائكة بما هو موجود في نفس آدم واضحًا؛ فما هو ذلك الشيء الموجود في نفس آدم؟ إنَّه ذلك الأمر الذي كان الملائكة يسجدون لله من أجله؛ هل تفطّنتم لدقّة الموضوع؟ فالأمر هنا عجيب جدًّا!
يقول المرحوم العلاّمة: في إحدى الليالي، كنّا في الكاظميّة، وكان حال الحاضرين مُلتهبًا، وكان واحد من أهل العلم ـ كان قد جاء من طهران ـ يحضر ذلك المجلس أيضًا، فجرَّ الحديث إلى مسائل الوحي وجبرائيل والقابليّة التي يتمتّع بها جبرائيل والتي تجعله يتفوّق على جميع بني آدم وجميع المخلوقات وحتّى بقيّة الملائكة، بالشكل الذي يكون فيه جميع العلم المُفاض عليهم وعلى جميع الأنبياء والأولياء وسائر الناس والمخلوقات عن طريق نفس جبرائيل؛ فيا لها من قابليّة يتمتّع بها! ويا له من مخلوق عجيب! فما هذه السعة الوجوديّة التي تشمل كل هذه الأمور؟
لقد كان ذلك الكلام كلامًا جيدًا، والموضوع من المواضيع التي تستحقّ أن يتمّ الحديث حولها؛ ففي الوقت الذي كانوا يتحدَّثون فيه وكان هذا الطرف يقول شيئًا وذاك يطرح ما يدور في ذهنه، كان السيِّد الحدّاد ـ رضوان الله عليه ـ مُطأطأً برأسه؛ وإذا به يرفع رأسه فجأة ـ وكان يبدر منه هكذا تصرّف في بعض الأحيان ـ كشخص قد سئِم القيل والقال الصادر من تلامذة صغار.
افرض نفسك وقد أُجبرت على الجلوس بين عشرة أو خمسة عشر من الأطفال بعمر الستّ سنوات لمدة ساعة أو ساعتين لتستمع إلى ما يدور بينهم من أحاديث الأطفال؛ فكم ستملُّ وتسأم من هذه الحالة؟
فرفع السيِّد رأسه فجأةً كشخص قد سئِم ممّا يدور حوله وقال: ماذا تقولون؟ وما هذا الكلام الذي تتفوَّهون به؟ لماذا لا تذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك؟ أنَّى لجبرائيل أن يفهم كلامًا واحدًا من كلامي؟ فخيَّم السكوت فجأةً على ذلك المجلس الذي كان غارقًا في الحديث عن جبرائيل؛ فهذا الكلام صادر عن وليّ إلهيّ، لا عنّي وعن أمثالي! إنَّه وليّ الله ولا ينطق بكلامٍ ما لم يكن ذلك الكلام مستندًا إلى أساسٍ رصين؛ فأيّ مقام هذا الذي لا يستطيع جبرائيل إدراكه؟ إنَّه مقام «لو دَنوتُ أنملةً لاحترقتُ»[10].
فمن المعلوم أنَّ ذلك الموضوع يتعلّق بذات الله، والذي هو ما فوق مقام العلم والقدرة والإرادة والمشيئة وما شاكل ذلك؛ ففي ذلك الصقع وذلك العالم، أمور لا تحيط بها الكلمات؛ أي إنَّ الكلمات لا قدرة لها على إعطاء وصفٍ لذلك المعنى والمفهوم. [فلسان حال وليّ الله يقول:] لقد نفذ صبري، فأيّ حديث هذا الذي تتحدّثون به؟ تتحدّثون عن مقامات جبرائيل وعلمه وقدرته وأمثال ذلك، ثمّ ماذا، ماذا بعد ذلك؟
إنَّ هضم هذا الموضوع بالنسبة لنا يعتبر أمرًا عسيرًا لا نستطيع فهمه، بل يفهمه ذلك الشخص الذي عبرَ مقام قاب قوسين أو أدنى ووصل إلى مقام الذات، وحصل له الفناء المحض في مقام الهوهويّة، ثم نزل إلى عالم البقاء. نعم، هو الذي يدري ما الذي يجري في نفوس الأئمّة والمعصومين عليهم السلام، وما هي العوالم التي انطوت في نفوسهم، وتحقَّقوا بها؛ وهو الأمر الذي لا تتمكّن حتّى الملائكة المقرّبون من إدراكه، بل ويستحيل عليها ذلك.
ألم يقل الإمام الصادق أو الإمام الباقر عليهما السلام: أمرنا صعب مستصعب لا يتحمّله ملكٌ مُقرَّب، ولا نبيٌ مُرسل، إلاّ مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، أو ما يقرُب من هذا المضمون [قام الأستاذ بتصحيح الحديث في المجلس التالي مع إيراد بعض التوضيحات][11]. فأمرنا هنا يعني حقيقتنا ويعني ولايتنا، فإدراك هذه الحقيقة والتي هي الواسطة والرابط بين الذات والخلق هو أمر صعب مُستصعب؛ إذ إنَّ مقام جبرائيل وميكائيل يقع في رتبة تالية لتلك الحقيقة، ومقام الإمام يقع في رتبة متقدِّمة عنها؛ فالإمام هو الواسطة بين الله والشيء الذي تتعلق به إرادته؛ فتلك الواسطة لتعلّق إرادة الله بعالم الأعيان تُسمّى بالولاية، وهي غير جبرائيل وميكائيل؛ إذ إنَّهم يقعون بأجمعهم تحت ولاية الإمام وإرادته، وهم بمثابة آلات وأدوات بيد الإمام ووسائل لإنجاز الأعمال؛ كما هو الحال عندما ترفعون القدح بأيديكم، فاليد لا تستطيع القيام بهذا العمل لولا إرادتكم؛ فكلّ شيء يكمن في هذه النفس، أمّا الأمور الأخرى فهي من آثار هذه النفس.
يقول الإمام في هذا الحديث: بأنَّ تلك الحقيقة لا يُدركها، لا نبيٌّ مُرسل، ولا ملكٌ مُقرّب، بل يُدركها المؤمن الذي امتحن الله قلبه للإيمان؛ وهو ذلك المؤمن الذي خرج من بوتقة الاختبار، وأنهى سلوكه، وأنجز برامجه، وأتقن مراقبته، واجتاز الامتحانات الواحد تلو الآخر بنجاح؛ فهكذا مؤمن يستطيع أن يُدرك ذلك المقام. وبالتالي، يكون هذا المؤمن أعلى درجة من الأنبياء! وهو ذلك العارف الكامل الذي يقول: أنَّى لجبرائيل أن يُدرك كلامًا واحدًا من كلامي!
وبهذا التوضيح يكون قد تم حلّ هذا اللغز، وتكون الحلقات قد رُبطت ببعضها البعض الآخر.
لكن هل يُمكن ـ والحال هذه ـ أن يشملنا هذا المفهوم؟ هيهات وكلاّ، فلنا ما نشتغل به من مأكولات وحلوى ويبقى ذلك المقام مقتصرًا عليهم.[12]
بناءً على هذا، فلِمنْ كان سجود الملائكة في واقع الحال؟ لقد كان سجودهم لله لا لآدم، أي أنَّ سجودهم كان لتلك الحقيقة المتنزَّلة من ذات الله؛ لأنّه لا يجوز السجود لغير الله.

    

اعرف قدر نفسك

يقول الإمام السجّاد عليه السلام في هذه الفقرة من الدعاء: إيّاك وأن تتنازل في دعائك وطلبك عن غير ذات الله، وعليك أن تعرف قدر نفسك! فأنت هكذا موجود، فلا تستبدل الماسة بالخزف والخرزة، فالدنيا عبارة عن حطام ليس إلاّ! انظر كم في هذه الدنيا من"خرمهره" أي الخرز[13]؛ أو "خر" أي الحمار و"مهره" أي الخرزة؛ فالعبارة على أيّة حال تحمل في طيّاتها كلمة الحمار؛ فلا بدّ من وجود الحمير، وإلاّ فإنَّ عجلة الحياة لا يمكن أن تدور!!!!!
فهذه الدنيا من أوّلها إلى آخرها عبارة عن حطام وخزف وطين ومستنقع؛ فاعرف قدرك أيَّها الإنسان واستنقذ نفسك منها. فترى كلّ حديث العرفاء يدور حول هذا المحور وهو: اعرف قدرك أيَّها الإنسان، فإذا ما عرفت قدرك فسوف تنتفض، ولكنَّك لا تعرف قدرك؛ لأنَّك لم تُخبر بذلك، بل صُوِّرت لك الأمور بشكل آخر وربطوك بهذه الدنيا وشغلوك بأمورها من جاه ومنصب، والحديث عمّنْ استقال من منصبه، ومنْ عُيِّن مكانه؛ فأخرج نفسك من هذا المستنقع واعرف ما الذي تخسره كل يوم؛ فهذه الأيّام تمرّ الواحدة تلو الأخرى، فها قد ذهب يوم السبت وجاء يوم الأحد مكانه، وذهب هذا الأسبوع وجاء الذي بعده؛ فمتى تستيقظ؟ فالعمر يمضي وينقضي؛ وها هم العرفاء يُنبِّهوك لكي تلتفت إلى هذه الحقيقة.
ففي هذه الفقرات، يُبيِّن الإمام السجّاد حقيقة العرفان بأجمعها؛ فهو يوضِّح لك بأنَّ الله قد أودع فيك مقام ذاته، لهذا فقد أمر الملائكة بالسجود لك. فأمر الله هذا ليس عبثيًّا، وإلاّ فلو كان الأمر مجرّد رغبة منه، لأمرهم بالسجود للجدار أو الحجر أو السجّادة؛ فمن المعلوم عدم وجود ما يُبرّر ذلك ولا وجود لما يسنده فلسفيًّا.
فالإمام السجّاد عليه السلام يُعلّمنا هنا ماذا علينا أن نفعل للوصول إلى هذا الهدف؟ ويدلّنا الإمام هنا على الطريق فيقول: لو كنت تريد تحقيق ذلك بواسطة عملك؛ فهيهات.. ساء عملي! فأنّى لهذا العمل السيء القدرةُ على إيصالك لذلك الهدف الأقصى وتلك الرتبة العُليا؟
ويبقى أنّ هنالك الكثير من التفاصيل التي يمكن التوغّل فيها، ولو أردنا الخوض في هذا البحث، فسيجرّنا هذا إلى مسألة وجوب ترك العمل! نعم، إذا وفقنا الله تعالى، سنسعى في الليالي القادمة إن شاء الله للتطرّق إلى جزء من هذا البحث، لكن من دون التوسّع فيه لكيلا يتشتّت الموضوع، بل سنتطرّق إلى الجزء الخاصّ بضرورة تخلّص السالك من أن يكون اهتمامه مُنصبًّا على العمل، وألاّ يحسب له حسابًا.
يقول الإمام هنا: ساء عملي.. وبما أنّ عملي سيّئ، فإنّ الأمر الذي يترتّب على ذلك هو أنّه ينبغي عليك أن لا تهتمّ بعملي هذا؛ لكن هل يعني هذا بأن نضع إحدى يدينا على الأُخرى ولا نعمل؟ فما دام عملنا هو عمل سيّئ، فلنُلق الحبل على الغارب إذًا! كلاّ، لا يكون الأمر بهذا الشكل، بل علينا أن نعمل، والله متكفّل بتبديله إلى عملٍ حسنٍ؛ وذلك مصداقًا للآية {فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ}[14].
ها نحن لم نفِ أيضاً بوعدنا كما حدث في الليالي السابقة؛ يقول حافظ: هزار وعدۀ خوبان يکی وفا نشد (يقول: لم يفِ الصالحون بواحد من ألف وعد وعدوه).. مع أنَّني لست أيضاً من الصالحين!
و لا يخفى بأنَّ كلّ ما قدّمناه هو عبارة عن بحث للموضوع من زواياه المختلفة؛ وهو مفيد بالطبع، إلاّ أنّ مرادنا كان هو التعرّض لآية {فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَنات} وبيان كيفيّة تبديل الأمر السيّئ بالحسنة؛ وهي مسألة مُعقّدة ولا بدَّ من توضيحها.
على أيّة حال، فكلّ ما يأتي فهو خيرٌ! فعندما أجلس هنا أترك الأمر لما يَرد؛ ولقد اقتضى الأمر أن يكون الحديث هذه الليلة بهذا الشكل، ولا يُفترض بنا مناقضة أنفسنا، فما دام هذا هو نهجنا، فلا معنى للسؤال لماذا حصل هذا، بل نقول شكرًا لك يا إلهي؛ فهذا الفيض الحاصل من اللقاء بالأصدقاء والبحث حول مضمون هذه الكلمات الثمينة والمعجزة، هو توفيق من الله؛ فما هي معجزة الإمام السجّاد برأيكم؟ هل هي بأن قام بهزّ الحبل فاهتزّت له المدينة وكاد أن يصبح عاليها سافلها؟ هل تلك هي المعجزة؟ لا يا عزيزي! إنَّ ذلك ليس من شأن الإمام السجّاد، بل ذلك من شأن مبتدئي طريق السلوك. إنَّ معجزة الإمام السجّاد هي دعاء أبي حمزة هذا، وهو الدعاء الذي يفتح أعيننا، لكي نعرف ماذا علينا أن نفعل، وهو الذي يُطلعنا على شراشر وجودنا؛ فهو يدعونا لئلاّ نُسلّم أنفسنا لكائن من كان، ولا نتبع كلّ ناعق و لا نُصغي لكلّ شائعة، ويدعونا إلى التحقّق بتلك المبادئ وتلك المفاهيم.
ألا يجدر بنا والحال هذه أن نشكُر الإمام السجّاد عليه السلام؟ ألا يجدر بنا أن نعرف قيمة وقدر هذه المنّة بحصول هذه الإفاضة وهذه البركات وهذه النعم النازلة على قلوبنا وعقولنا والمُبيِّنة لطريقنا، والتي حصلت لنا عن طريق هذه النفوس المُطهَّرة؟ {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزيدَنَّكُمْ}[15]
نأمل من الله تعالى أن يتفضّل علينا ـ إن شاء سبحانه ـ بالتوفّق لإدراك هذه المعاني وهذه الحقائق، وأن يوفّقنا للعمل بها والثبات عليها ببركة شهر رمضان المبارك.
اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد


[1] ـ فقرة من دعاء أبي حمزة الثمالي الشريف.

[2] ـ سورة البقرة (2)، جزء من الآية 30.

[3] ـ شرح المثنوي، للحاج هادي السبزواري، ج 1، ص 92.

[4] ـ سورة التحريم (66)، جزء من الآية 6.

[5] ـ بحار الأنوار، ج 39، ص 56.

[6] ـ سورة الذاريات (51)، الآية 56.

[7] ـ سورة الأعراف (7)، الآية 12.

[8] ـ ورد في (قاموس الرجال، الشيخ محمد تقي التستري، ج 10، ص 144 ـ 145): معاوية بن يزيد بن معاوية قال : هو أبو ليلى الملقب ب‍ "الراجع إلى الله" تخلّف ثلاثة أشهر أو أربعين يومًا. وعن حبيب السير: تخلّف أيّامًا قلائل، ثمّ صعد المنبر وخلع نفسه وقال: أيّها الناس قد نظرت في أموركم وأمري فإذا أنا لا أصلح لكم والخلافة لا تصلح لي، إذ كان غيري أحقّ بها، ويجب عليّ أن أخبركم به، هذا علي بن الحسين زين العابدين ليس يقدر طاعن على أن يطعن فيه، وإن أردتموه فأقيموه، على أنّي أعلم أنه لا يقبلها. وعن مجالس المؤمنين: أنّه مصداق (يخرج الحي من الميّت) وهو في بني أمية كمؤمن آل فرعون. وعن كامل البهائي: أنّه صعد المنبر ولعن أباه وجدّه وتبرّأ منهما ومن فعلهما، فقالت أمّه: "ليتك كنت حيضة في خرقة " فقال: "وددت ذلك يا أمّاه!" ثمّ سقي السمّ، وكان له معلّم شيعي، فدفنوه حيًّا. المترجم

[9] ـ غزليات الشيخ حافظ الشيرازي، الغزل 71.

[10] ـ مرصاد العباد، الصفحات 120 و121، 184، 378، 381؛ بحار الأنوار، ج 18، ص 382.

[11] ـ الأحاديث الواردة في هذا المجال هي: 1 قال علي عليه السلام: إنّ أمرنا صعبٌ مستصعب لا يحتمله إلاّ ملكٌ مُقرَّب، أو نبيٌ مُرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان. بحار الأنوار، ج 2، ص 183. 2 قال علي بن الحسين عليه السلام: إنّ علم العالم صعبٌ مستصعب لا يحتمله إلاّ نبيٌ مُرسل، أو ملكٌ مُقرَّب، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. بحار الأنوار، ج 2، ص 190. 3 قال الباقر عليه السلام: إنّ أمرنا صعبٌ مستصعب لا يقر بأمرنا إلاّ ملكٌ مُقرَّب، أو نبيٌ مُرسل، أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. بحار الأنوار، ج 2، ص 191. 4 قال الصادق عليه السلام: إنّ أمرنا صعبٌ مستصعب لا يحتمله إلاّ من كتب الله في قلبه الإيمان. بحار الأنوار، ج 2، ص 195. وقد نُقل هذا الحديث بألفاظ مختلفة وبطرق وأسانيد عديدة منها: الكافي، ج 1، ص 401؛ المستدرك، ج 12، ص 296؛ البحار، ج 2، ص 71 إلى 212؛ و ج 10، ص 102؛ و ج 22، ص 342.

[12] ـ يصدق علينا في هذا المقام القول: « خلَقَ اللهُ للخُطُوبِ رجالًا ورجالًا لقَصْعَةٍ وثَرِيدِ ». المترجم

[13] ـ كلمة "خرمهره" في الفارسيّة تعني الخرزة، وهي تتكون من مقطعين "خر" وتعني الحمار، و"مهره" وتعني الخرزة أو الجوزة أو الصامولة أو كل ما هو كروي الشكل. ويستفيد السيِّد ـ حفظه الله ـ من احتواء كلمة "خرمهره" على مقطع "خر" أي الحمار للإشارة إلى أنّ من يستبدل ذلك المقام الشامخ بزخرف الدنيا هو حمار بهيأة إنسان. المترجم

[14] ـ سورة الفرقان (25)، جزء من الاية 70.

[15] ـ سورة إبراهيم (14)، جزء من الآية 7.

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی