معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > أعياد و مناسبات إسلامية > عيد الغدير 1435 هـ: تمام الإيمان حبّ علي بالقلب واليد واللسان

_______________________________________________________________

هو العليم

عيد الغدير 1435 هـ ق:

تمام الإيمان حبّ علي بالقلب واليد واللسان

 

ألقيت هذه المحاضرة في عيد الغدير

الثامن عشر من شهر ذي الحجة لعام  1435 هـ ق

ألقاها:
سماحة آية اللـه السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني
حفظه اللـه

 

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على الذي روحه أصل الجود وعين الشاهد والمشهود
أبي الأكوان بفاعليته وأم الإمكان بقابليته
الرسول النبيّ الأميّ المكيّ المدنيّ التهاميّ القرشيّ صاحب لواء الحمد والمقام المحمود
أبي القاسم محمد الحميد المحمود [اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد]
وعلى آله الطيبين الطاهرين
و اللعنة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى يوم الدين

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا علي ما مثلك في الناس إلا كمثل سورة "قل هو الله أحد" في القرآن ؛ من قرأها مرّة فكأنّما قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرّتين فقد قرأ ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاثاً فكأنّما قرأ القرآن كلّه، وكذلك أنت يا علي فمن أحبّك بقلبه فقد أخذ ثلث الإيمان ومن أحبّك بقلبه ولسانه فقد أخذ ثلثي الإيمان، ومن أحبّك بقلبه ولسانه ويده فقد جمع الإيمان كلّه.[1]
صلّوا على محمّد وآل محمّد. [اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد].
عندما كنت جالساً قبل قليل، كنت أفكّر بالموضوع الذي ينبغي أن أتحدّث فيه مع الرفقاء اليوم، فالجميع بحمد الله من أهل القراءة والاطلاع ومن أهل البصيرة والمعرفة. ثمّ إنّ الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام ليس قليلاً، حتّى أنّ الإنسان في هذا اليوم ليحتار في أيّ جانب من جوانب أمير المؤمنين يتحدّث وفي أيّ أثرٍ من آثاره! بل يمكننا أن نقول: إنّ الكلام في مثل هذا اليوم يُعدّ أمراً صعباً جداً؛ وسبب ذلك هو الأبعاد الوسيعة التي تمتاز بها شخصية أمير المؤمنين عليه السلام، والخصائص التي يمتاز بها اليوم خصوصاً. فقلت لنفسي: فلنتحدّث عن هذه الرواية الشريفة المرويّة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله.

    

ضرورة الاتصاف بالصدق والاستفادة من تجارب الآخرين

أذكر أنّه ذات مرّة عندما تشرّف السيّد العلامة الطهراني بالمجيء من مشهد إلى قمّ، ذهبتُ بصحبته لزيارة المرحوم آية الله الحاج السيد مهدي الروحاني، وكان رحمه الله رجلاً جيّداً جداً، وكان من أقاربنا من جهة الأبّ، وكان رجلاً فاضلاً عالماً وكان منصفاً وصادقاً، وهذا هو المهمّ، فهناك الكثير من أهل العلم والفضل، ولكنّك لا تطمئن بأنّه صادقٌ في المطالب التي يبيّنها.
وفي الحقيقة، إنّ بيان هذه المسألة والتذكير في مثل هذا اليوم خصوصاً (حيث أنّ مجموعة من إخواننا المؤمنين والأخلاّء الروحانيين سيرتدون لباس طلاب العلوم الدينية والعمامة في هذا اليوم).
إنّ بعض الأشخاص قد نالوا نصيباً من العلم والفضل.. ذهبوا ودرسوا وتعلموا، ولكنّهم لم يحصلوا من هذا الدرس شيئاً سوى الأنانيّة والنفسانية ومواجهة الحقّ. وهذا الأمر يتكرّر عبر التاريخ، فقد كان الأمر كذلك في الأزمان السابقة، وفي زمان الأئمة عليهم السلام؛ فأولئك الذين كانوا يعملون في بلاط الخلفاء لم يكونوا بأجمعهم أمّيين لا يفقهون شيئاً، بل كان بينهم الفضلاء والعلماء وأهل الفتوى، وهؤلاء هم الذين حفظوا الأمر! يعني نفس هذا العلم وهذا الفضل وهذه الدراسة ونفس هذه الخطب البليغة والتأليفات الدقيقة، والأقلام الراقية.. هذه الأمور هي التي حفظت للظلم أركانه وقواعده! ففي نهاية الأمر، حفظ أركان الظلم يحتاج إلى وسائل وآلات، فجمع الناس حول الظالم وحشدهم في تيّار ظالم يتطلّب وجود أرضية مناسبة لذلك، ويحتاج إلى وسيلة وواسطة، فما هي هذه الوسيلة والواسطة؟ إنّها هذه الكلمات، وهؤلاء الخطباء، وتلك الأحاديث المتقنة، والكتابات المنمّقة، والتأليفات الجميلة، فهذه الأمور هي وسائل المحافظة على الظلم! لا بدّ من وجود هذه الأمور لكي يُقلب الحقّ باطلاٌ، والباطل حقّاً، ولكي يظهر الظلم عدلاً والعدل ظلماً وعدواناً؛ فهذا الأمر يحتاج إلى فنّ وليس بالأمر الهيّن.
عندما يطالع الإنسان مقالة أو تأليفاً معيناً، فإنّه بمجرّد أن يقرأ سطرين أو ثلاثة منها، ينكشف له غرض هذا الكاتب؛ هل هو يسعى للمغالطة أم أنّه يحاول أن يطوي طريق الحقّ والاستقامة؟! فبمجرّد أن يرى الإنسان أنّ هذا الكاتب منذ بداية الأمر يريد المغالطة، فإنّه يفهم المسألة حتّى النهاية، وذلك يظهر من السطر الثالث أو الرابع أو الخامس، فأهل الفنّ يستطيعون أن يحدّدوا الغرض الذي يسعى هذا الكاتب لتحقيقه، والهدف الذي يطلبه، وبذلك ينكشف أمره ويتّضح.
و على كلّ حالٍ، فكما أنّ نشر الحقائق يحتاج إلى وسائل وأدوات، فهو يحتاج إلى خطيب وعالم، ويتطلّب شخصاً صادقاً مستقيماً وشخصاً ذا نيّة صافية مجرّداً عن الأهواء، فكذلك استمرار خطّ الظلم والعدوان وإبقاؤه يتطلّب وسائل وأدوات؛ فهو يحتاج خطيباً بارعاً ومؤلّفاً قوياً. هل التفتّم إلى المسألة؟ فهذان الطرفان متماثلان، وكلاهما يحتاج إلى هذه الوسائل والأدوات.
حسناً... ذهب سماحة السيّد العلامة الطهراني رضوان الله عليه، وذهبت برفقته إلى منزل المرحوم آية الله السيد مهدي الروحاني، وكان هذا السيد رجلاً منصفاً جداً، وكان رحمه الله قد جاء قبل ذلك إلى زيارة السيّد الوالد رضوان الله عليه، ثمّ ذهبنا نحن بعد ذلك لزيارته. لم أكن حاضراً في المجلس الذي جاء فيه السيّد مهدي لزيارة المرحوم الوالد، ولكنّ السيّد الوالد رحمه الله نقل لي ما جرى فيه. قال: لقد جاء سماحة السيد مهدي إلى هنا ليسألني عن مسألة وحدة الوجود، قال لي (و كان عمره حوالي الخمسون عاماً):
يا سيّد محمد حسين، ما هي حقيقة مسألة وحدة الوجود هذه التي كثر الكلام والضوضاء حولها إلى هذا الحدّ؟! فبعض الأشخاص يردّونها وبعضهم يقبلون بها، فما هي حقيقة المسألة؟ لقد جئت إليك لأسمع منك أنت شخصياً، فأنت من ناحية من أهل الفلسفة، ومن ناحية ثانية من أهل الأصول والعلوم الأخرى، فأحبّ أن أسمع منك أنت، فكلامك في مثل هذه المسائل هو الكلام الفصل، كما أنّنا نثق بك ومتأكدون من صدقك وإخلاصك!
و هذا الأمر الأخير مهمّ، فالإنسان في بعض الأحيان قد يدافع عن شيء ما على أساس الحرفة والفنّ، ولكنه أمر لا يصحّ؛ لأنّ ذلك يصير صنماً له! بل ينبغي على الإنسان أن يدافع على أساس الحقّ. مثلاً يمكن أن ينكشف للإنسان أن المطلب الذي كان يدافع عنه سابقاً باطلٌ، وحينئذٍ يجب عليه أن يتراجع، ولا ينبغي له أن يصرّ عليه ويقول:
بما أنّني قلت هذا الكلام سابقاً فسوف أحافظ عليه وأثبت على كلامي
إنّ هذا الكلام غلط وباطل، بل هو كفرٌ وشرك!
يقول: حيث أنني قلت هذا الكلام سابقاً، فمن المعيب أن أتراجع عن كلامي الآن
أيّ عيب فيه ؟! بل الأمر بالعكس، إنّ ذلك واجبٌ لا بدّ منه !
لأنّني قلت هذا الكلام سابقاً، فلو تراجعت عنه الآن سيعيّرونني، وسيقولون: لقد تراجع عن كلامه، فأي قيمة لكلامه بعد الآن.
إنّ جميع هذه من وساوس الشيطان، وهي جميعاً كفرٌ ومواجهة للحقّ، وإبرازٌ للأنانية والنفس! كنت تعتقد بأن الموضوع يبدو بذاك الشكل وبيّنته على أساس ذلك، أمّا اليوم، فقد تبيّن لك أن المسألة بشكل آخر، فلا بأس بذلك، ولكن عليك أن تبيّن الأمر وتوضّحه قائلاً: لقد تبين لي اليوم أنّ المطلب بهذا الشكل. ثمّ افرض أنّه بعد أسبوع تبيّن لك أنّ الحقّ هو أمرٌ ثالثٌ ومخالفٌ لكلا الفهمين السابقين، فعليك حينئذٍ أن تبين المطلب بهذا الشكل الذي تبين لك مؤخراً؛ فنحن محكومون للزمان وتحرّكه...

    

فائدة عيد الغدير اليوم هو مبايعة إمام الزمان

في عيد الغدير، ينبغي أن نسمع هذا الكلام! فأمير المؤمنين عليه السلام قد نُصب من قبل النبيّ خليفة له قبل ألفٍ وأربعمائة سنة، وهذا أمر قد وقع ومضى، ولكن المهمّ هو ماذا ينبغي أن نفعل نحن اليوم ؟! لقد جاء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم في يوم الغدير وعرّف الناس على أمير المؤمنين عليه السلام، ولكن ما علاقة ذلك بنا نحن ؟ فنحن قد جئنا بعد ذلك بألفٍ وأربعمائة سنة، وهذه القضية قد وقعت قبل ألفٍ وأربعمائة سنة! لقد وقعت في ذلك الزمان، فما الذي يجب علينا أن نفعله اليوم؟ في هذا اليوم حيث السنة هي سنة 1435 هجرية قمرية.. في مثل هذا اليوم، ماذا يعني لنا عيد الغدير؟ ماذا يعني لنا نحن؟ هل يعني مجرّد الاحتفال فقط بأنّ النبي قبل ألف وأربعمائة سنة قد جاء ونصب أمير المؤمنين خليفة له؟! حسناً، فماذا أفعل أنا؟! لقد حصلت الكثير من القضايا قبل ألفٍ وأربعمائة سنة، وبعضها قد وقع قبل ألف وثلاثمائة سنة، كما أن حملة المغول قد حصلت ثمانمائة سنة تقريباً، ولكن ما شأني أنا بذلك؟! فقد حصلت حرب في ذلك الزمان وأريقت الدماء، وفي وقت آخر حصل زلزال عظيم، كما ولد الشخص الفلاني في اليوم الفلاني، وهكذا فقد وقعت في التاريخ آلاف القضايا! ومن هنا يبقى هذا السؤال يلح في طلب الإجابة: نحن في هذا اليوم قد اجتمعنا هنا، فلماذا اجتمعنا؟ أو بعبارة أخرى: لماذا أحضرونا اليوم إلى هنا (وهذه العبارة هي الصحيحة)؟ اليوم قد أحضرونا وأجلسونا في هذا المحفل، وأعطونا مكاناً هنا.. كلّ هذا من أجل أيّ شيءٍ كان ؟ هل حصل كل ذلك من أجل أنّ هذه القضية قد وقعت قبل ألف وأربعمائة سنة؟! حصلت فلتحصل، وما ربط ذلك بنا نحن، فنحن لم نولد قبل ألف وأربعمائة سنة، إذ بإمكان الله تعالى أن يخلقنا في ذلك الزمان، فليس لنا تقصير في ذلك، فنحن قد خلقنا في هذا الزمان وذلك ليس في يدنا!
فلماذا إذن ينبغي أن نأتي اليوم في عيد الغدير ونحتفل، ونكون مسرورين ؟ ولأيّ شيء ينبغي أن تتملكنا حالة من السرور والشغف والسعادة والابتهاج؟ اليوم لماذا؟ إنّ عيد الغدير اليوم هو من أجل البيعة مع إمام زماننا اليوم ! هذا هو معنى عيد الغدير. فنحن علينا أن نجدّد البيعة لإمام زماننا في عيد الغدير، فقد انقضت سنةٌ كاملةٌ! في هذا اليوم قام رسول الله ونصب لنا وليًّا علينا اسمه الحجّة بن الحسن، وكأنّه رفع يديه وقال: من كنتُ مولاه، فهذا ابني الحجّة بن الحسن مولاه. هذا هو معنى عيد الغدير في أيّامنا هذه، فإذا كان عيد غديرنا بهذا الشكل، فسوف يبقى حيًّا على الدوام، وسيبقى ثابتًا وباقيًا باستمرار.

    

العالم هو من يتواضع أمام العلم ويتراجع عند انكشاف الحق

كان قد جاء [السيد مهدي الروحاني] إلى المرحوم العلّامة وقال: اشرح لنا ما معنى "وحدة الوجود"؟ فهو لم يكن فيلسوفًا، ولم يكن قد درس الفلسفة، والإشكال عليه هو: لماذا لم يدرس الفلسفة؟! ألا ينبغي على الإنسان أن يدرس هذه الدروس؟!
فقال المرحوم العلّامة: لقد وضحنا له بأنّ الأمر بهذا الشكل، وعلى هذا النحو، وكذا.. وكذا..، فقال: هل هذه هي حقيقة المسألة؟ فقلتُ: بلى. فقال: إذن، فلا إشكال فيه، فلماذا كلّ هذه الجلبة؟! فتبسّم العلّامة، وقال: ونحن نقول أنّه لا إشكال في ذلك. فقال: هل هذه هي "وحدة الوجود" واقعًا؟ أم أنّك تشرحها لنا بحيث لا يكون فيها إشكال؟! وتريد أن تقنعنا و..؟! فقلتُ له: سيدنا الأمر كما شرحتُ لك، وهذه هي عقيدة العبد في "وحدة الوجود"، وقد شرحتُ لك عقيدتي ورأيي. فقال: بهذا النحو ليس هناك أي مشكلةٌ في الأمر. فقال العلّامة: نعم، وأنا أقول لا مشكلة في الأمر!
انظروا، هذا الرجل رجلٌ منصفٌ، ورجلٌ صادقٌ، وصاحبُ نيّةٍ حسنةٍ، وعنده صفاء.
بعدها كنتُ موجودًا في هذا المجلس الثاني، وهناك تطرّق الحديث لأمرٍ آخر، فقال: نعم.. نعم، كان لي الرأيُ الفلاني في هذه المسألة، وكنتُ أعتقد فيها بكذا، ولكن الآن تغيّر رأيّي فيها، وتراجعتُ عن كلامي.
هل تعرفون أحدًا يقول الآن كما قال ذلك السيّد: لقد تراجعتُ عن كلامي؟! كان رجلًا صافيًا جدًا، فلم يأتِ ويقول في نفسه: إذا تراجعتُ عن كلامي، فسيقولون: انظروا لقد تراجع عن كلامه! وهذه طعنة في شخصيتي، وأمثال ذلك. لا يا عزيزي، لم يقل ذلك، هذا هو الذي يقال له: عالمٌ دينيٌّ.
العالم الديني، هو الذي إذا رأى أنّ ما كان يعتقد به قد تغيّر، يقول: لقد تراجعتُ عن كلامي. فنحن لسنا أنبياء ولا أئمّة، بل نحن بشرٌ، وخلقنا الله بحيث نخطئ، ولذا نخطئ وعلينا أن نصلح خطأنا، وعندما نلتفت علينا أن نقول: لقد أخطأنا، وإذا لم نقل ذلك، فقد قمنا بفعلٍ حرامٍ، إذا لم نقل ذلك، فقد قمنا بفعلٍ محرّم.
ذهبنا بصحبة العلّامة ـ رضوان الله عليه ـ إليه، وكنتُ أرغب بنقل بعض خصائص هذا الرجل لكم، وهي مفيدةٌ بطبيعة الحال لكم، حيث يجب نقل صفات الأكابر والأعاظم، وفي نقلها الكثير من الأمور، والإنسان يستفيد منها، وفي نهاية المطاف، عليكم أن تعلموا أنّهم ليسوا سواسية، فنحن إذا كنّا نرى الكثير من الأعمال الخاطئة التي تصدر من بعضهم، فلا بدّ أن نعلم أنّه يوجد البعض الذين يسيرون في هذا الطريق، وعلى هذه الجادة، وهم محافظون ومنتبهون، وهم يراعون الدقّة في الاستفادة الكافية والوافية من أعمارهم.
كنّا جالسين هناك، ودار الحديث عن هذا الموضوع، فقال: سيّدنا، لقد رأيتُ روايةً، وأرجو من سماحتكم أن تفسروها لنا، قال المرحوم السيّد [مهدي]: لقد رأيتُ أنّ النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: «يا علي، مثلك في الناس كمثل سورة {قل هو الله أحد}»، لقد قرأ هذه الرواية هناك: «يَا عَلِيُّ مَا مَثَلُكَ فِي النَّاسِ إِلَّا كَمَثَلِ [سورة] قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِي الْقُرْآنِ مَنْ قَرَأَهَا مَرَّةً فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثاً فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ‏» (هذا وقد ورد لدينا في روايةٍ أخرى، وذلك في الوصايا التي أوصى بها النبيّ الأكرم ـ صلّى الله عليه وآله ـ السيّدة الزهراء عليه السلام، فكان من دستورها ومن أذكار الليل قبل النوم: قراءة سورة {قل هو الله أحد} ثلاث مرّات، وقال هناك بأنّها تعادل ختم القرآن بأكمله، ويوجد رواياتٌ أخرى أمثال هذه الرواية).
وهذا مثلك يا عليّ: «فَمَنْ أَحَبَّكَ بِلِسَانِهِ (ولم يأتِ بذلك على لسانه، لأنّه يراعي بعض المعطيات، ويأخذ بعض المسائل الأخرى بعين الاعتبار، ويلاحظ المصالح، فهناك بعض الأشخاص الذين يقبلون ببعض الأمور، ولكنّهم لا يذكرون ذلك بألسنتهم، فمع أنّهم يقبلون به، لكن لا يعلنون عن ذلك) فَقَدْ كَمَلَ لَهُ ثُلُثُ الْإِيمَانِ، وَمَنْ أَحَبَّكَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ (يعني: هو يُعلن عن ذلك، فهو يحدّث بفضائلك، ويُدافع عنك في المواطن المختلفة، ويردّ عنك بلسانه) فَقَدْ كَمَلَ ثُلُثَا الْإِيمَانِ، وَمَنْ أَحَبَّكَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَنَصَرَكَ بِيَدِهِ (يعني: في مقام العمل) فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَان ». وهي من الروايات العجيبة جدًا.
وفي ذلك اليوم، قام المرحوم العلّامة بعرض مجموعةٍ من التوضيحات، وقال عدّة مطالب، وإن شاء الله أذكرها للرفقاء خلال الحديث ولكن بنحوٍ مجملٍ، وقال سماحته: نعم، وقد بيّن للمرحوم السيّد الروحاني، السيّد مهدي الروحاني، بيّن له سندها، فقال: إنّها موجودةٌ في الكتاب الفلاني، وهي روايةٌ صحيحةٌ. (والظاهر أنّ البعض من أهل السنّة يروونها أيضاً، فقد رأيتها منقولةً في بعض كتب أهل السنّة).

    

المرتبة الأولى من الإيمان هي محبّة عليّ عليه السلام

وأمّا مجمل ما تفضّل به المرحوم العلّامة في ذلك المجلس، فكان كالتالي: للإيمان مراتب، ولاعتقاد الإنسان مراتبٌ مختلفة، والأفراد في آفاقٍ مختلفةٍ، ومقدار عقيدة الأفراد، واستعدادهم للثبات على الحقّ، والثبات على رضوان الله، له مراتبٌ مختلفةٌ أيضاً، وليس هناك من شخصين متطابقين من هذه الناحية، وليس هناك أفرادٌ من نوعٍ واحدٍ، بل كلّ فردٍ من الناس يقع في مرتبةٍ خاصّةٍ من الإيمان، فالشخص الذي يقبل أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فقط بهذه الخصائص، وهي أنّه خليفة النبيّ، فهذا النوع من الرؤية والنظرة مقبولةٌ عند العديد من الأفراد.
فأنتم الآن تصوّروا أنفسكم أنكم كنتم في زمان الغدير، وانظروا من هم الأفراد الذين كانوا موجودين في الغدير؟ كان هناك أفرادٌ ممّن رأى بعينيه أنّ النبيّ قد أمسك بيد أمير المؤمنين! فنحن الآن نعتقد بحصول هذه الحادثة من خلال الأخبار التي نُقلت في الكتب فقط، لكنّنا لم نكن موجودين هناك، بل نُقلت إلينا من صدرٍ إلى صدرٍ عن الآباء وعن الأعاظم، وهم بدورهم عن آبائهم وأجدادهم، إلى أن وصلت إلينا، وصرنا نتلقّاها كمسلّمة من مسلّمات التاريخ التي أثبتت، وكذلك إذا نظرنا إلى الكتب، نرى في الكتب القديمة.. في الكتب الراجعة إلى الأزمنة السابقة، قبل ثمانمائة سنة أو ألف سنة، نرى الأشعار التي ألقيت في ذلك الوقت..

    

التأييد الإلهي يبقى مع الإنسان ما دام على الجادة المستقيمة

فأشعار حسّان بن ثابت الأنصاري حول عيد الغدير موجودة الآن، حيث عندما نصب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أميرَ المؤمنين عليه السلام، قام حسان بن ثابت وقال له: لقد قلتُ في ذلك شعراً! فقال له رسول الله: اقرأ! فأنشد حسان قصيدته الرائعة تلك! ولكن النكتة الجميلة هنا هي أنّ النبي قال له: ما زال روح القدس ناصراً لك ما دمت ناصرنا أهل البيت[2]. هذه المسألة عجيبة جداً، وهذه المسائل من المسائل المفتاحيّة، حيث علينا أن نهتم بهذه المسألة وننتبه لها، لذا فإنّ حسّان بعد فترة ليست بالمديدة سلك طريق حكومة الخلفاء وصار يدافع عنهم، فهو قبل شهرين في أحداث الغدير قال شعراً في تنصيب أمير المؤمنين بالولاية والخلافة الإلهية. ثم بعد ذلك قام وقال شعراً في أبي بكر وأمثاله، يقول رسول الله: ما دمت ناصرنا أهل البيت فأنت مؤيَد ومحمي من قبل روح القدس، ويقوم بمساعدتك وتسديدك، يعني ليس هناك أي ضمانة لك بأنك قلت شعراً وصارت عندك حالة من الروحانية، فهذا لا يعطيك ضماناً إلى آخر حياتك، لذا يمكننا أن نقول بأنّ حسّان كان من ذلك القسم الأول، فقد كان يحبّ أمير المؤمنين بقلبه، وأما بلسانه فلا، فقد ذهب إلى حكومة أبي بكر، ولم يقدر أن يصمد، ولم يستطع أن يتجاوز هذه المشكلة، ولم يقدر أن يتجاوز هذا الامتحان، لم يتمكن من مقاومة ذلك الجو والفضاء الحاكم آنذاك والصمود في مقابلته، ولم يستطع أن يقول: قد نصب رسول الله علياً قبل شهرين من الآن، فإلى أين أنتم متجهون؟ ومن هذا الذي تنتخبونه الآن؟ لمن ستصوّتون؟! إنكم تخالفون كلام رسول الله، وتعملون خلاف ما صرح به رسول الله. هل التفتم ؟! لم يقدر أن يصمد، كان إيمانه بمقدار الثلث، قرأ قل هو الله أحد مرّة واحدة، لم يقرأها ثلاثاً. فهو يقبل بكون رسول الله قد نصب أمير المؤمنين يوم الغدير، لدرجة أنه قام وقال شعراً، وشعره كان ذا مغزى، فقد كان شعره وقصيدته جيدة جدّاً.. فقام وقال القصيدة، ولكن بهذا الحد وبهذا المقدار فقط! فلم يستطع أن يتقدم أكثر من ذلك الحد، لم يستطع أن يبذل أكثر من هذا المقدار، لم يستطع أن يتحمل المصاعب أكثر من ذلك.

    

الاستفادة من الاختبارات التي حصلت مع المسلمين الأوائل

فقول "يا علي" في ذلك الوقت كان فيه صعوبات ويتعقبه امتحان. هذا الامتحان لنا نحن جميعاً أيضاً، هذا الامتحان موجود، هذا الامتحان ليس لأولئك الأشخاص فقط [بل هو لنا نحن أيضاً]. عندما يقول الشخص "يا علي" فإن علياً سيقف مقابل أبي بكر، فما الذي ستفعله في هذه الحالة؟ فعندما تقول "يا علي" [عليك أن تصمد] لا أن تذهب إلى المنزل وتقول: ليس لي دخل بالموضوع. علي سيقف مقابل أبي بكر، علي سيقف مقابل عمر، وسيقف مقابل عثمان، وسيقف أمام معاوية، سوف يقف مقابل هؤلاء جميعاً! فأين ستقف أنت؟
هل تظن بأن المسألة ستنتهي بالمبايعة في يوم عيد الغدير، من الذي قال: "بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة"[3]؟ ها؟.. أليس الثاني هو من قال ذلك؟ الشخص الذي قال هذه الكلمات وبايع علياً هو نفسه الذي قام بتقطيع ابنة رسول الله أمام عين زوجها، هو نفسه، يا عزيزي! فالمسألة لا تتم بقولك : "أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة" وقولك: "بخ بخ لك يا علي"، المسألة لا تحل بذلك يا عزيزي! أنا يمكنني أن أقول أشياء كثيرة أحسن من ذلك الكلام، ويمكنني أن أتكلّم مثل "شريط المسجّل" ويمكنني أن أبدي ولائي بكلام أحسن من تلك العبارة، أقول:" يا علي مبارك عليك مبارك عليك، مبارك عليك هذا المنصب، جعلك الله مولى للجميع، جعلك الله مولى لكل مؤمن ومؤمنة"، فهو وإن جعله مولى لكل مؤمن ومؤمنة ولكن ماذا عنك أنت؟ لماذا تقول ذلك كذباً، لماذا تخادع وتراوغ وتكذب؟ نعم قد جعله أميراً للمؤمنين فما دخلك أنت بذلك؟ نعم قد جعل أمير المؤمنين مولى للجميع، ولكن ما هو دخلي أنا في هذا الموضوع؟ ما هو محلّي أنا في هذه القصّة؟ أنا أين موقعّيتي في هذه المسألة؟ هل عندك مورد أحسن من هذا المورد؟ هل عندك مِثال أحسن من هذا المثال؟ بحيث يقوم شخص ويتكلم بهذا الكلام عن أمير المؤمنين، ثم بعد ذلك بشهرين يقوم بتقطيع زوجة علي إلى أشلاء، ويسقط جنينها أيضاً، هل هناك أحسن من هذا المثال؟ أي مثال أفضل من هذا؟!
حسناً الآن نحن ما هو تكليفنا؟ هل تعتقدون بأن أولئك الأشخاص الذين كانوا مع عليّ في عيد الغدير كانت الكرات الحمراء عندهم أقل مما هي عندنا؟ ها؟!.. هل البلازما عندهم أقل منها عندنا؟ هل كان لون دمهم أفتح من لون دمنا نحن بعد مضي ألف وأربعمائة سنة؟ لا يا سيدي، من غير المعلوم بأن ارتباطهم الذي كانوا يدّعونه بأمير المؤمنين أكثر مما ندعيه نحن الآن، ذلك ليس معلوماً، إذ من الممكن أن حالتهم في ذلك اليوم كانت كذلك حقيقة؛ فقد جاء رسول الله ونصب أمير المؤمنين، وكان يتكلَم بكلامه الفصل، ثم أتى حسان ـ الذي قد شارك فيما بعد في حكومة أبي بكر ـ وأنشد شعراً بحق أمير المؤمنين. هذا ما قد حصل فهذه المسائل حقائق تاريخيّة، ولكن نفس هؤلاء قد انتهوا، انظر إلى هؤلاء عندما يأتيهم امتحان واحد، فكم يبقى منهم؟ يبقى منهم عدّة قليلة، أمثال سلمان وأبي ذر وعمّار والمقداد، أمّا البقية فقد ذهبوا كلّهم إلى مسجد المدينة ليصلّوا جماعة! كلّهم قد ذهبوا، فكما كان المسجد يكتظّ عندما كان النبي يصلّي قبل يومين بالمصلين، فكذلك الأمر عندما جاء شخص آخر مكان رسول الله حيث امتلأ المسجد، والأشخاص الذين كان يكتظّ بهم المسجد في حياة رسول الله هم أنفسهم هؤلاء الأشخاص؛ زيد وعمرو وفلان و... فلم يجلبوا المقتدِين والمأمونين من سطح القمر، أو يجمعوهم من هنا وهناك، أو من بلاد أخرى فيضعوهم على الجمال والأحصنة ويجلبوهم، بل هم أنفسهم الذين كانوا يصلّون خلف رسول الله في المدينة،؛ في الأمس كانوا يقفون خلف رسول الله واليوم وفقوا خلف رجل آخر، لماذا؟ لأنّ حدّنا ووسعنا بهذا المقدار فقط، يقيننا بهذا المقدار ليس أكثر، فما الذي يعنيه هذا؟ يعني أننا لا نفرّق بين رسول الله وبين أبي بكر! هذا ما يعنيه، كما كنّا نستمع لكلام رسول الله، اليوم نستمع لكلام أبي بكر، كما كان رسول الله سابقاً يأتي ويقول حيّ على الصلاة، ويأتي بلال ويؤذّن، فاليوم يأتينا شخص آخر غير بلال ويرتقي المئذنة ويؤذّن، ويأتي شخص آخر يأخذ مكان رسول الله ويتقدّم للصلاة، فنقف خلفه، ما الذي يعنيه ذلك؟ يعني أنّ أبا بكر ورسول الله بمستوى واحد عندنا.
لكن لو كنت قد وضعت عليًا ووقفت خلفه، ففي هذه الحالة نعم المسألة تختلف، فعلينا أن نلتفت لأنفسنا بعض الشيء، فالمسألة دقيقة جداً. ذلك الشخص الذي يقول لا فرق بين هذا وذاك، فهو يعمل على الدعوة لنفسه في الحقيقة والواقع، وعندما يأتي شخص ويقول لا فرق بين فلان وفلان وكلاهما واحد، فهو في الواقع يذيع معتقداته وينشرها.
مادح خورشيد مدّاح خود است
                             كو دو جشمم سالم ونامرمود است
[الذي يمدح الشمس فهو يمتدح نفسه في الحقيقة بأن عينيه سالمتان وليس فيهما رمد.]

فالشخص الذي يمدح الشمس يريد أن يقول: أنا أرى الشمس ولستُ بأعمى، فالشمس مكانتها معروفة، ولكن أنت من يتمدح الشمس وتعرّف عنها، وأنت من يبيّن مقدارها، وأنت من يعرّف حرارتها ونورها، ما الذي يعنيه هذا؟ يعني أنا شعرتُ بها بنفسي ورأيتها وأحسست بحرارتها، وأنا الآن أبيّن لكم ذلك، صحيح؟
إذاً فالذي يحبّ أمير المؤمنين بقلبه فقط، ولا يذكر ذلك على لسانه، هو مثل أولئك الأشخاص الذين بايعوا في يوم عيد الغدير أمير المؤمنين ثم بعد ذلك تبعوا أبا بكر، فهذا المقدار من الرواية ينطبق على أولئك. وكذلك ينطبق على الأشخاص الموجودين الآن الذين يعرفون أن الحق مع أمير المؤمنين ولكنهم يقولون: ليس كلّ شيء يُقال، نعم نعرف أنّه على حق، ولكن هناك بعض المصالح! فعندنا عائلة وعشيرة، وعندنا جيران! فلا يمكننا أن نقول كل شيء فكلّ شيء له حسابه.. نعرف بأن هذا المطلب مطلب حق؛ ولكن لا داعي لأن يتكلم الإنسان بكلّ حق، ويجري ذلك على لسانه، فلو تكلمنا بذلك فلن يبق شيء، ولا يبقى حجر على حجر، فلو كان كل شيء يقال؛ فمتى يكون وقت التقية إذاً؟ فمتى هو وقت التقيّة؟ فعندنا عشيرة، ونحن محاسبون على كل شيء. [فهم يقولون هذا الكلام] والحال أنهم يعرفون الحق ويرونه ويعتقدون به، فما هو حال هؤلاء؟ حالهم أنّهم عندهم ثلث الإيمان؛ لأنهم يعرفون الحق.
هنا [في الرواية] ذُكرت مسألة المحبّة؛ لأن الإنسان قد يعتقد بشخص معيّن ولكن لا يُكِنّ له المحبّة، فالمحبّة لا بد من أن تفتح الطريق بقدر معين للشخص، لذلك لم يقل رسول الله: يا علي من عرفك بقلبه.. بل قال: من أحبّك بقلبه.. فهذه أيضاً مسألة مهمّة، فالكفّار أيضاً كانوا يعرفون رسول الله {يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ}[4] فهل يمكن لأب أن لا يعرف ابنه؟! فهل يمكن لأم أن لا تعرف ابنها؟! فلا يوجد أوضح من هذا المثال! ففي مقام المعرفة، أعلى مرتبة من المعرفة هي معرفة الأب ابنه، والأم ولدها؛ فالولد متولّد من الأب والأم. لكن أولئك الذين كانوا يعرفون رسول الله لم يكونوا يحبونه، وهنا يريد رسول الله في الحقيقة أن يفتح لأولئك الناس طريقاً، فيقول لهم: إن كنتم تصدّقون بأمير المؤمنين بقلوبكم، وأنتم ثابتون على ذلك الشيء الذي صدّقّتم به ومحبّون له؛ ولكن ليس عندكم القدرة والجرأة على بيان ذلك؛ لأنكم تراعون المصالح، فالطريق مع ذلك مفتوح لكم، وليس مغلقاً كما هو مغلق أمام أولئك الكفّار الذين {يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ...} ؛ لذلك ترى الأشخاص الذين كانوا مع رسول الله في واقعة الغدير قد رجعوا واحداً بعد واحد، ولم يبقوا ثلاثة أو أربعة أشخاص إلى الأخير، فتقريباً في كل أسبوع كان يرجع منهم واحد أو اثنان، ويتوبون، ويقولون: يا علي سامحنا فقد خدعنا الشيطان، ولم ندافع عنك، ولكن بعد فوات الأوان. لذا بعد ثلاثين أو أربعين يوماً كان مع علي أربعون أو خمسون شخصاً، وقد عادوا إلى أمير المؤمنين كلّ بحسب مرتبته من الاستقامة، وبحسب مقدار إدراكه، وبحسب ما وفّقه الله إليه.. أتوا إليه وتبعوه، وتراجعوا عن ذلك المنهج وتابوا، وبالأخير كانوا مع أمير المؤمنين، نعم لم يكونوا كأولئك الأشخاص القلائل الذين كانوا معه في بداية الأمر، ولكنهم عادوا إليه أخيراً.

    

المرتبة الثانية هي نشر فضائله ومنهجه والدفاع عنه بلسانه

ثم يقول الرسول :" ومن أحبّك يا عليّ بقلبه ولسانه" أي هو يحبك بقلبه ويعلم من أنت ويعلم أنك حق، وأنت كلّ شيء، وأنك أسوة ومقتدى، وأنك أنت الإمام، وأنت من يستحق الإتباع، يعلم ذلك كله ويبينه بلسانه. فهو يبين هذا المقدار، ويتكلم بذلك هنا وهناك، ويدافع عنك وعن موقعيتك؛ فإن كان خطيباً ينشر ذلك بلسانه، وإن كان كاتباً يبيّن تلك المسائل بقلمه، لا أنّه ينجرّ بقلمه إلى الحديث عن مسائل أخرى ويترك الحديث عن هذه المسائل، بل عليه أن يتكلم في الوقت المناسب، في الوقت المناسب يقول ويتكلم عن هذه المسائل. ولكنه لا يتقدم أكثر من ذلك فإذا واجهته قضيّة ما، أو مسألة معيّنة لا يستطيع أن يتقدّم أكثر؛ فإن كان هناك موقع للإنفاق مثلاً.. فيقال له إن كنت تحب علياً فعليك أن تنفق مقداراً من مالك، ولكنه يقول: لا ليس ذلك ضروريًا بل حبّه باللسان كافٍ إنشاء الله، وإنشاء الله نكون مورداً لشفاعته، وندع الإنفاق إلى زمان لاحق. أو تواجهه مسألة مثلاً بحيث يجب أن يعمل عملاً أو مهمّة معينة، [فتراه يقول:] اليوم عندنا شغل قليلاً، فدع هذه المسائل لما بعد. فقط باللسان [يحب عليا]، أو أن يحصل لديه واقعة؛ مثل واقعة كربلاء، بحيث تجري فيها الدماء، أو مثل واقعة صفين تتلطخ فيها الأرجل بالدماء، أو واقعة أحد بحيث تسفك فيها الدماء، فهذه حرب، والمسألة ليست كلام وحسب، واعتقاد ومحبّة قلبيّة، عليك أن تتفضل الآن وتتقدم إلى الأمام، هذا هو وقتها، فالمسألة فيها إنفاق بالأموال والأنفس والأعراض، هناك الحرب الفلانية في البين فما الذي ستقوم به؟ عندما أذن ابن رسول الله بالخروج في ليلة عاشوراء عندما قال: "إن الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا" هل سنقوم ونستغلّ سواد الليل المظلم ونجمع خيمتنا بهدوء، و[نقول:] في أمان الله؟ فقد أحلّ بيعتنا، وهو قال لنا: اذهبوا، هو يريدنا أن نذهب، فلنذهب ونهتمّ بزوجتنا وأولادنا، فلأذهب وأهتمّ بصهري وابنتي، لنذهب ونهتمّ بمن خلفّناهم والذين اقترضوا منّا.. أما الأشخاص الذين أقرضونا فلا [نعيرهم اهتماماً]، فإن شاء الله غداً نستشهد، والإمام الحسين يصفّي كل حسابنا معهم [يضحك السيد] فنرتاح من مطالبة أصحاب الدَيْن، وأمّا إذا كان هناك أشخاص نطلبهم فنقول للإمام الحسين: لا يا ابن رسول الله، أجزنا أن نذهب إلى هؤلاء ونأخذ ما أقرضناهم إياه، ونستخير الله ونرى إن كانت نتيجة الخيرة "جيّدة" أو "جيدة جداً" أو "متوسطة" [يضحك السيد]...

    

تمام الإيمان هو نصرة الإمام باليد بعد القلب واللسان

هل التفتم؟ من هم هؤلاء القسم؟ كانوا هم القسم الثالث، "بيده" يعني عملاً، وفي مقام العمل إلى أي حدّ يتقدمون إلى الأمام، في مقام العمل لأي حدّ يصمدون؟ هل هم حاضرون أن يحبسوا لمدّة في السجن؟ هل هم حاضرون أن يتلقّوا عدداً من السياط؟
في الزمن السابق كان هناك مدرسة للبنات، وجاء شخص من طرف الوزارة إلى تلك المدرسة، وكانت مدرسة إسلاميّة، وكانوا يريدون أن يغيّروا صورة الحجاب ويغيّروا كيفيّته ـ والظاهر أن ذلك كان في أواخر عهد حكومة البهلوي السابقة ـ وكان مدير المدرسة شخصاً متدينًا جدًّا، ولا أعلم هل هو على قيد الحياة الآن أم لا، فإن كان حياً حفظه الله، وإن كان متوفّياً فعليه الرّحمة، لقد كان شخصًا جيداً، ومتدينًا، وكان لديه نفحة دينية جيدة. فجاء ذلك الشخص الذي من طرف الوزارة فجأة وصَفَع ذلك الرجل على أذنه، لكي يبعده، ولكن قام الرجل بمقاومته، وبالأخير لم يحصل ما أرادوه [الأشخاص القادمين من الوزارة] على كل حال، وانجرّت المسألة إلى أمرٍ آخر، ولم يحصل ما يريدونه، وكان ما يريدونه هو أن يرفعوا الحجاب من أصله وما شابه ذلك. فأذكر أننا كنّا في المنزل فأبدى أحد الأشخاص تأسّفه على ذلك الرجل قائلاً: إنّ عبد الله قد صُفع، ولُطم. فقال السيّد العلامة: ما الإشكال في ذلك، ما الإشكال في أن يصفع الإنسان أو يُلطم إن كان ذلك في سبيل الإسلام؟ إن كان في سبيل الإسلام فما الإشكال أن يأكل الإنسان صفعة ولطمة؟ ينبغي عليه أن يصمد في مواجهة الأمر، لا أنّه يقول: نحن نتحمل ونبقى مستقيمين إلى الحدّ الذي لا نُصفع فيه، فإن لم نُصفع فجيد جداً، ولكن إن وصل الأمر إلى حد الصفع، نقول: معذرةً تفضّلوا، نحن آسفون. القضيّة لا تُحل هكذا، من يريد أن يتّبع أمير المؤمنين فإن أمير المؤمنين قد لُطم، أمير المؤمنين قد لُفّ الحبل على عنقه، وقطّعوا زوجته أمامه وأسقطوا جنينها، نعم قطعوا زوجته أمامه قطعة قطعة، وأسقطوا ابنه، ربطوا الحبل على عنقه وأخذوا بتلابيبه وسحبوه إلى المسجد كالجمل المخشوش، حتّى أن معاوية أرسل إلى أمير المؤمنين رسالة يريد أن ينتقص منه ويذلّه ويستهزئ به، فقال له أمير المؤمنين[5]: أردت أن تعيبني ولكنك لا تعلم أنك تثبت لي ما هو فخر لي، وأنت تمدحني في الواقع، لقد تحملتُ وصبرتُ لدرجة أنّهم نقلوني إلى المسجد بهذه الكيفيّة، وأمّا أنت يا معاوية فما الذي فعلته؟ أخذت تأكل وتنام وبقيت منتظراً حتى يقتلوا عثمان ثم ادّعيت أنك تريد أن تقتصّ من قتلته، ما الذي فعلته أنت؟ أنا هذا ما فعلتُه، وهذه هي سابقتي، وهذه هي أفعالي، ولكن أنت ما الذي فعلتَه غير الأكل وتعبئة البطن؟ هل رأى الناس منك دفاعاً في سبيل الإسلام؟ وأيّ شيء رأوه منك؟!

    

ضرورة الانتقال بالقلب إلى ذاك العصر وتعرف على الواقع

بناء على هذا فسيكون معنى هذا الحديث هو.. علينا أن نقيس أنفسنا، فاليوم هو يوم عيد الغدير يوم مبايعة الولاية، حسنًا، اليوم الذي ينبغي على الإنسان أن يشعر فيه بأنّه في مثل تلك الأجواء، عليه أن ينتقل بروحه إلى ما قبل ألف وأربعمائة عام، لقد وفّقتُ في السنة الماضية لأن أكون في النجف في يوم عيد الغدير، فقد خرجتُ إلى الخارج ورأيت الناس وكانت أعدادهم كثيرة جدًّا، فقد أتوا من كل الأماكن، كانوا كثيرين لدرجة أنّك على بعد مائتين أو ثلاثمائة متر لا تقدر أن تتقدم باتجاه الحرم، فعندما أتيت رأيت أنه ليس من المناسب لحالي أن أتقّدم، فوقفت لمدة ربع ساعة تقريباً، وكنتُ أستمع لزيارة أمير المؤمنين يوم عيد الغدير، وهي زيارة مستحبّة وعلى الجميع أن يقرؤوها اليوم، وهي زيارة مفصّلة وعجيبة، تضع هذه الزيارة ملفّ الإنسان أمامه، جميعَ ملفّ الإنسان؛ وضعيته، حالته، ارتباطاته، وتبيّن جميع الحوادث التي جرت في زمان أمير المؤمنين وبعده، وماذا فعلوا فيه من ظلم، فهي تبيّن جميع ذلك، فهي زيارة عجيبة جدًّا، عندما كنتُ واقفًا هناك ذهبتُ فجأة إلى حادثة الغدير حقيقة، رأيت نفسي في حادثة الغدير، فرسول الله واقف هناك وهو ينصب أمير المؤمنين، كنتُ هناك أصلاً وواقعاً، رأيت نفسي [وتساءلت] أين أنا من هذه القضيّة؟ أين أنا من هذه المسألة؟ وإلى أيّ درجة أنا معتقد ومصدّق بكلام رسول الله؟ الآن عندما أخذ رسول الله بيد أمير المؤمنين.. هل أنا مصدّق بذلك بقلبي فقط؟ أم بلساني؟ أم عليّ أن أستقيم حتى في مقام العمل؟ يعني واقعاً تلك الأحداث وتلك التهاني وبخٍ بخٍ.. وتلك المدائح، وذاك التمجيد، مرّت عليّ كأنّها فيلم أمام ناظري، وعبرت من أمامي واحدة تلو الأخرى، ما الذي قاله فلان وماذا قال فلان، وكنت أرى ما هي الوضعيّة التي كان عليها الأشخاص عندما كان يخطب رسول الله، هل كانوا منصتين لرسول الله؟ هل كانوا ينظرون إلى وجهه فقط ويأنسون بالنظر إليه؟ إلى أي حدّ تعمّقوا وغاصوا في عمق رسول الله وفي عمق تلك المطالب [التي كان يذكرها]؟ وفي عمق تلك الأجواء؟ وما هو مدى اهتمامهم بتلك الحادثة؟ كيف نعرف ذلك؟ وما هو الدليل على حالتهم؟ الدليل هو ما حصل بعد شهرين؛ فإن الله بعد شهرين امتحنهم، لا تظننّ بأن الله يتركهم، {أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ}[6] إن الناس يظنّون بأن الأمر ينتهي بمجرّد الكلام، وبمجرد مرور يوم الغدير، [ظنهم ذلك خاطئ] فإن رسول الله سيرحل بعد شهرين ويأتي شخص آخر مكانه، والظروف ستتغيّر! تلك المحاضرات وتلك الحوادث والمطالب التي تحصل في أيّام الأولياء والعرفاء والعظماء لن تبقى إلى الأبد، مجالس ليالي الثلاثاء التي كان المرحوم العلّامة يقيمها لا تستمر إلى ما لانهاية، محاضراته في عصر الجمعة وأيام شهر رمضان المبارك لا تبقى دائماً، بل لها فترة معيّنة، [يأتي الأشخاص ويقولون:] سبحان الله ما أعجب هذه الرجل، ويا لنورانيّته، ويا لمحاضراته، دعونا نسجّل هذه المحاضرات لنبقيها عندنا. يا "عبد الله" احفظ هذه المطالب هنا في قلبك، احفظ هذه الكلمات في قلبك، فهذا الجهاز [المسجِّل] ليس إلّا بلاستيك وبعض الأسلاك والزجاج، ما الذي سجّلته في قلبك من محاضرات المرحوم العلامة، ومطالبه؟ وبأيّ مقدار قد عملت بها؟ عندما يأتي امتحان واحد، كما يأتي دائمًا، ونرى حينها ما الذي ستفعله، وقد أتى فعلاً!

    

الخوض في وقائع الأمور وعدم الاقتصار على الظاهر

أحد الأخطاء التي نقوم بها ـ وهذه المسألة لا بد أن نعرفها ـ هي أنه ينبغي أن لا نتخيّل بأن الاشتغال بهذه المسائل من إقامة المجالس والخطابة والمحاضرات وارتقاء المنبر لها مكانة وهي أمر مهم، فأنا الآن منذ مدّة وأنا أتكلّم معكم وأتحدّث إليكم؛ ولكن من يعرف ما الذي يجري في باطني؟ فهل أنا أنفّذ ذلك في مقام العمل؟ وما هو مقدار استفادتي من هذا الحديث؟ لا يعلم ذلك إلا الله! نعم بمقدار الحبّ القلبي فنعلم أنه عندي إن شاء الله [يبتسم السيد]، وذلك بتوفيق الله، ولكن في مقام اللسان والقلم فهل أعمل أم أراعي المصالح؟ فحينما أتحدث هل ألاحظ المصلحة الشخصية بنظر الاعتبار في حديثي، فأقول ما هو في صالحي وأُخفي الموارد التي تدينني، إذ سيُقال لي عندها: وها أنت على نفس الحال التي نحن عليها، فلماذا تطرح ذلك؟ لذا سأقوم باختيار تلك المطالب التي تصبّ في صالحي فقط؛ فعندما أتكلّم، لا أستخدم العبارات التي سوف يستغلّها الآخرون للاعتراض عليّ فيقولون: لقد أطنبت وأسهبت في كلامك من على المنبر حول هذا الموضوع، [وها أنت تنقضه]؛ لذا لا أقول كل شيء، بل أقوم بالانتقاء. وهذا يدلّ على أنني لست مشمولاً لمورد اللسان.
أما بالنسبة إلى مسألة اليد فينبغي أن ندع الكلام عنها؛ لأنَّ الوضع من السوء بحيث لا يسمح بالخوض في هذا الموضوع. لذا نكتفي بالجزء الأول ونقبل به ونقول إلهي نحن نعلم بأن أمير المؤمنين على الحق، فهذا أمر نؤمن به، كما أنَّنا نُحب أن نكون من أتباعه؛ لكن نطلب منك أن تساعدنا كي يكون لنا نصيب من الجزأين الآخرين، وبالخصوص الجزء الثالث. وإلا فهناك الكثير من المدّعين والذين يسعون وراء هذه الأمور، والحال أنهم ليسوا من أهلها، والذين يقومون بتأليف الكتب في هذا المجال دون أن يكونوا مؤمنين بما يكتبون! يتحدثون عن العرفان والحال أنهم أكثر نفاقاً من أيّ منافق آخر، يكتبون عن أولياء الله وهم أكذب الناس؛ إذ إنَّ الأمر لا يتطلب شيئاً، فهو كتشغيل المسجل فقط.

    

عدم اتباع الإنسان لصلاح ظاهره فقط

يقول الإمام الصادق عليه السلام في الرواية: تَجِدُ الرَّجُلَ لَا يُخْطِئُ بِلَامٍ ولَا وَاوٍ خَطِيباً مِصْقَعاً، ولَقَلْبُهُ أشَدُّ ظُلْمَةً مِنَ اللَّيْلِ المُظْلِمِ؛ وتَجِدُ الرَّجُلَ لَا يَسْتَطِيعُ يُعَبِّرُ عَمَّا في قَلْبِهِ بِلِسَانِهِ، وقَلْبُهُ يَزْهَرُ كَمَا يَزْهَرُ المِصْبَاحُ[7].
يقول الإمام تجد الرجل خطيباً متكلِّماً بليغاً [إلاّ أنَّ قلبه أشدُّ ظُلمة من الليل]، فالخطابة واعتلاء المنبر هي فنٌّ من الفنون، ولا دلالة لها على الإيمان وصدق النيّة والتقوى. فلقد كان هنالك من الخطباء في الأزمنة السابقة ممن يكون لخطبهم تأثير ساحر على الناس؛ فسحر الكلام له موضوعية بحد ذاته، فإن استمعت إلى أحدهم فستقول: هذا الشخص هو أول مؤمن بالاعتقاد بمباني أولياء الله، فانظر كيف يتكلّم! كلا يا عزيزي هو منافق؛ فهو لا يعتقد بالأولياء لا يقبل بالعظماء لا يؤمن بأهل البيت لا يقبل بأمير المؤمنين، غير أنَّك إن استمعت إلى حديثه فستقول: أيّ شخص هذا! فمثله كمثل حسّان بن ثابت عندما كان يلقي الشعر، على أنَّ حاله المعنوي كان بحيث أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال له: لقد نفث الروح الأمين على لسانك وساعدك.
يقول الإمام الصادق عليه السلام أو الإمام الباقر: تَجِدُ الرَّجُلَ لَا يُخْطِئُ بِلَامٍ ولَا وَاوٍ خَطِيباً مِصْقَعاً؛ فهو متمكِّن من الخطابة إلى الحدّ الذي لا يقوم فيه بتكرار كلمة واحدة لمرتين من بداية خطبته وحتّى نهايتها؛ فمعنى المصقع هو الشخص البليغ والمتمكِّن والرصين في خطابته، إلاّ أنَّ قلبه أشدُّ ظلمةً من الليل المظلم. أرأيتم ظلمة الليل عندما يكون القمر في المحاق، يعني ليلة الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين من الشهر القمري، ففي منتصف الليل لا يستطيع الإنسان أن يرى ما بعد مترٍ واحدٍ؛ فكم الظلمة شديدة! هكذا تكون ظلمة قلب ذلك الشخص.
فأيّ مثال أوضح من هذا يستطيع الإمام الصادق أن يذكره لنا. قلب ذلك الشخص أشدُّ ظلمةً من الليل المظلم، أي لا توجد أيّة نافذة في قلبه لكي يتمكَّن النور من النفوذ منها. وعندما يتكلّم هذا الشخص تقول عنه: كم هو مؤمن بهذه المبادئ، بل هو أحد أركان هذه المدرسة!!
فهذا فنّ كبقية الفنون، ومهارة كبقية المهارات؛ كما هو الحال في مهنة الحدادة والنجارة. فمهنة النجار هي النجارة، فهو قد يقوم بصنع سرير بمقتضى مهنته أو قد يقوم بصنع آلة محرّمة. أو مثل ذلك الشخص الذي يمتلك صوتاً جميلاً، فهو إمّا أن يستغلّ صوته الجميل في المسائل الدينية ونشر معالم الدين وإحياء شعائر أهل البيت، فيكون قد قام بعمل مستحب، بل قد يكون واجباً ومتضمّناً لرضا الله، وإما أن يستغلّ الصوت الجميل في المعصية ومجالس اللهو واللعب. فالصوت هو نفس الصوت، فلا تكون مشاركته في المجالس الدينية دليلاً على حسن سريرته، بل انظر إلى ما يجري في باطنه، فيوجد الكثيرون ممن يتمتّعون بصوت جميل، ولكن هل يُستغلّ هذا الصوت في مجالس أهل البيت أم في مجالس اللغو واللهو؟! فهذا مهنة وفنٌّ من الفنون وهو تخصّص من التخصصات. وهكذا يكون الأمر في الأمور الأخرى. فارتقاء المنبر والخطابة هو واحد من هذه الفنون والمهن، ولا يختلف عن غيره في شيء.

    

لا علاقة لظاهر الإنسان بالكشف عن باطنه

يقول الإمام الصادق عليه السلام : وتَجِدُ الرَّجُلَ لَا يَسْتَطِيعُ يُعَبِّرُ عَمَّا في قَلْبِهِ بِلِسَانِهِ، وقَلْبُهُ يَزْهَرُ كَمَا يَزْهَرُ المِصْبَاحُ. كم هو عجيب هذا الأمر! فقد يكون ذلك الشخص شخصاً غير متعلِّماً ولا يستطيع أن يُفصح عمّا في قلبه، غير أنَّ قلبه يُضيء كما يُضيء المصباح.
رحمة الله على الحاج هادي الأبهري.. نقل لي أحد أقارب المرحوم آية الله الحاج السيِّد هادي الميلاني رحمة الله عليه والمقرّبين منه ــ لقد كان المرحوم الميلاني رجلاً عظيماً جداً ولقد كان مجرّداً عن الأهواء النفسانيّة ورجلاّ لطيفاً، وكانت هنالك علاقة تربط المرحوم العلاّمة به، وقد شارك في مراسم تشييعه حين كنَّا متواجدين في مدينة مشهد، وقال المرحوم العلاّمة بعد ما ذهب لعيادته في أواخر أيام مرضه: رأيت بأنَّ حالة انقطاع جيدة قد حصلت له في أواخر أيامه ــ قال لي ذلك الرجل: لقد كان المرحوم الميلاني يستشير الحاج هادي الأبهري ــ وكان بينهما عقد أخوّة كما هو مستحب أن يقوم المؤمنون في إيجاد عقد أخوَّة في مثل هذا اليوم ــ في بعض الإشكالات والشبهات التي كانت تحصل له، في الوقت الذي كان فيه الحاج هادي الأبهري أميّاً، فكان يتعرّف على قيمة النقود الورقية من خلال لونها لا من الأرقام المكتوبة عليها، فقد كانت معلوماته عند هذا المستوى؛ كما لم يكن يعرف كيفية توقيع السندات والمعاملات، فكان يحمل معه ختماً يقوم بتحبيره واستخدامه في التوقيع. ولقد رأيت بنفسي كيف كان يقوم باستخراج الختم من الكيس الموضوع فيه لكي يستخدمه لغرض التوقيع.
لقد كان ذلك المرجع الكبير يستشير الحاج هادي الأبهري في الموارد التي كانت تحصل له فيها شبهة ولا يتمكّن من إيجاد حلّ لها، وكان يعمل بموجب ما يُشير به الحاج هادي. ولقد حصل ذلك في موارد متعدّدة اختبره فيها، ولم يكن ذلك في مورد وموردين، بل في موارد كثيرة. وعندما سُئِل الحاج هادي من أين تعرف ذلك.. (هذا هو قلبه يزهر كما يزهر المصباح)! أجاب الحاج هادي: عندما يُعرض عليَّ موضوع معين أرى في أحد طرفيه نوراً ـ فلكل أمر جانبان وهما افعل أو لا تفعل ـ فعندما أرى أن هذا الجانب نور وذاك الجانب مظلم أحكم به. وكان ذاك المرجع يُرتّب الأثر على قوله.. حسنًا، فما هو السبب في ذلك؟ سببُه أنّه يمتلك صدق النيّة.
بينما نرى أحدَهم يصعد المنبر ويتحدّث لمدّة ساعة كاملة عن علي عليه السلام، غير أنّ قلبه يكون مثل الليلة الظلماء؛ فلا يصدر عنه إلاّ الكدورة والظلمة! فمثل هذا الشخص [الحاج هادي الأبهري] لا يقدر حتّى على الكلام، ولو أنّه تحدّث بشي، فإنّ حديثه يكون مليئًا بالأغلاط! لكنه يقول: أنا أرى هذا الجزء فيه نور، وذلك الجزء فيه ظلمة؛ وبناءً على ذلك أقول لك: قم بهذا العمل! هذه هي حقيقة المسألة.
حسنًا، كان من المقرّر أن أتحدّث عن أمور أخرى كان يدور بخلدي أن أذكرها للرفقاء، لكن يبدو أنّه لا إذن لي في الاستمرار بالحديث؛ لأنّ الإنذارات ترد عليّ الآن الواحدة تلو الأخرى. ولهذا، سأنهي الكلام، فالجميع ـ ولله الحمد ـ من أهل الدراية والإلمام بالمطالب ومن أهل الخياطة[8] ـ نعم، يُحكى أنّ ناصر الدين شاه كان في صدد البحث عن أحد الأشياء، فاستدعى جميع الخيّاطين، فجاء معهم أحد صانعي السروج، فقيل له: ما هو سبب مجيئك أنت؟ فقال: أنا أيضًا من أهل الخياطة!! ـ، وقد سمعتم بأجمعكم ولله الحمد بهذه المطالب وشاهدتموها عند العظماء ـ نظير المرحوم العلاّمة رضوان الله عليه وأمثاله ـ وتعرّفتم عليها من خلال كلامهم وكتبهم!

    

الثبات على الاستقامة هو تمسّك بالولاية

لماذا يا تُرى ألّف المرحوم العلاّمة كتاب معرفة الإمام في ثمانية عشر مجلّدًا؟ لقد ألّفه من أجل عصرنا هذا يا عزيزي! ولكي نفتح أعيننا وأذهاننا في هذا العصر، ولكي لا نقضي أيّامنا كيفما كان، وحتّى لا نكون ـ لا قدّر الله تعالى ـ من ضمن أولئك الذين كانوا يرتشفون من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، ثمّ يذهبون بعد ذلك للجلوس على مائدة معاوية، ويلتحقون ببلاط الشام. أو مثل بعض الأشخاص الذين كانوا يأتون وينعمون بصحبة أمير المؤمنين، ثمّ بعد أن تحصل لهم بعض الإشكالات والصعوبات والمسائل، يلجؤون إلى بلاط معاوية بالشام؛ فيصيرون بذلك سببًا في تأييد جبهة المخالفين لعليّ عليه السلام، حيث كان معاوية يأتي ويقول: انظروا، هؤلاء هم أصحاب عليّ قد تخلّوا عنه وأتوا إلى هنا! فقد كان معاوية يُحضر مثل هؤلاء الأشخاص إلى المسجد الأموي، ويعرضهم أمام الناس.. تعالوا وانظروا إلى هؤلاء! فهل كان هؤلاء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام؟
فذلك الشخص الذي يأتي ويرتشف من ولاية أمير المؤمنين، لكنّه لا يزال يحضر بعض المجالس ـ التي من المقطوع به أنّها محلّ سخطه وغضبه عليه السلام ـ هو شخص كاذب! وأقسم بالله العظيم أنّ ذلك الشخص الذي يأتي وينهل من الولاية، لكنّه في نفس الوقت يُعاشر بعض الأشخاص ـ الذين يقطع بأنّهم ينتمون للجبهة المعارضة لجبهة الولاية ـ هو يكذب على الولاية ويخونها! فهل يكفي أن نقول: «الحمد لله الذي جعلنا من المتمسّكين...» وينتهي الأمر؟! فمتى تمسّكت أنت [بهذه الولاية]؟! فأنت قد أشهرت سيفك في وجه عليّ عليه السلام، فكيف لك أن تقول بأنّك تمسّكت [بولايته]؟! فأين عملك هذا من التولي؟! وحينما تحضر ذاك المجلس المخالف للولاية، فأنت في الحقيقة تُشهر سيفك في وجه عليّ، على الرغم من ادّعائك بأنّك موالي! وعندما ترافق الذي يقفون في وجه الولاية، فإنّك تكون بذلك قد رفعت سيفك مقابل علي عليه السلاظم! بل إنّك ستكون قد هويت بالسيف على مفرق رأسه في ليلة التاسع عشر! فأنت هو نفس ذلك الشخص، ولو ادّعيت بأنّك من أتباع علي! فعلى من يُطلق اسم الموالي؟ على الذي وضع قدمه في موضع قدم عليّ عليه السلام.
فهذا اليوم هو اليوم الذي علينا أن نرى فيه ـ كما ذكرنا سابقًا ـ من هو "عليّ الزمان"، ومن هو "حسين الزمان"! فأمير المؤمنين هو الذي رفع الرسولُ يدَه في يوم الغدير وخاطب الناس قائلاً: بايعوا عليًّا هذا، وليس كلّ من تسمّى باسم علي! وعليّ في هذا العصر هو إمام الزمان؛ فإذا كنّا نعتقد بوجود شخص باسم "حسين الزمان"، فهو شخص واحد لا أكثر، وإذا كان لدينا "علي الزمان"، فهو شخص واحد وحسب، وإذا كان لدينا "الإمام السجّاد" في هذا العصر، فهو شخص واحد فقط، وإذا كان عندنا "الإمام الصادق" في هذا العصر، فهو شخص واحد لا غير؛ وهو حضرة بقيّة الله. وعليه، فاليوم هو يوم عيد مبايعتنا لإمام الزمان، فنحن نبايعه عليه السلام.. نقول: الحمد لله الذي جعلنا من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين والأئمة المعصومين عليهم السلام؛ فمن هم الأئمّة المعصومون؟ إنّه إمام الزمان!

    

معنى التمسك بالولاية ومعنى الانتظار

عندما نقول: «الحمد لله الذي جعلنا من المتمسّكين»، علينا أن نعلم ما هو المراد من التمسّك، ولا ننسى ذلك؛ فالتمسّك هو بمعنى التشبّث ونشب الأظافر.. هل رأيتم سابقًا غريقًا في البحر؟ فحينما يلقون إليه بحبل، تراه فجأةً ينشب أظافره في ذلك الحبل ويتشبّث به؛ فهذا هو المراد بالتمسّك، وأمّا ذلك الذي ـ من باب المثال ـ يضع ستارًا لكي... فلا يُقال له أنّه تمسّك؛ فالمتمسّك بالشيء هو الذي ينشب أظافره فيه؛ ممّا يعني أنّه يرى نفسه على حافة الموت، وأنّه يغرق، وأنّه معرّض للهلاك؛ وفجأةً، يرى حبلاً قد ألقي إليه أو يدًا امتدّت إليه؛ فهذا الذي يُقال له تمسّك! ولهذا، علينا أن نفهم المراد من التمسّك، ونرجو من الله تعالى في هذا اليوم أن يقسم لنا هذا المعنى من التمسّك، ويُوفّقنا فيه للتمسّك بأذيال ولاية إمام الزمان عليه السلام؛ لأنّ كلّ شيء هو من الله تعالى.
فاليوم هو اليوم الذي ينبغي علينا فيه تجديد الولاية والبيعة مع الولاية؛ أي أن نقول: مهما يكن الذي فعلناه لحدّ الآن، فقد صار في حكم الماضي؛ فلنشرع مجدّدًا منذ هذه السنة، ولنجعل من هذا اليوم (يوم عيد الغدير) أوّل يوم من سنتنا هذه، ولنر ما الذي يريده إمامنا منّا: أي متى نتحدّث، ومتى نلتزم الصمت؛ فلا ينبغي الحديث في كلّ موضع مهما كان، وما هو المكان الذي يحوز على رضا الإمام لنمشي فيه! فعلينا أن نقدّم رضاه عليه السلام على رضانا الشخصي، وأن نجعل أنفسنا في تلك الأجواء التي كانت في ذلك الزمان؛ فإذا صار الأمر بهذا النحو، حينئذٍ، سنكون من المنتظرين لظهور الحقّ بواسطة المهدي الموعود ابن علي عليه السلام؛ وسنكون من السائرين في ذلك الطريق، وسنضع أنفسنا ـ نحن أيضًا ـ في قلب حادثة الغدير والفضاء المحيط بها.
فالتوفيق الذي منّ به الله تعالى في هذا اليوم على بعض الأصدقاء والأخلاّء الإيمانيّين والروحانيّين يتمثّل في أنّهم يريدون اليوم أن يسلكوا هذا النهج بقدم راسخ وباستقامة أكبر؛ فمسألة التعمّم لا تقتصر فقط على وضع العمامة؛ لأنّ هذه الطقوس والعادات لها نظير أيضًا في الكنائس عند أولئك الذين يريدون أن يصبحوا قساوسة؛ وحينئذٍ، ما هو الفارق بيننا وبين القساوسة والحاخامات؟! وهل يقتصر ذلك على مجرّد اللباس، أم لا؟! فهذا اليوم بالنسبة إلينا هو اليوم الذي نريد أن نحقّق فيه ما كان ينبغي على الناس في ذلك الزمان أن يفعلوه ولم يفعلوه. واليوم هو اليوم الذي ينبغي علينا فيه ـ من خلال هذا التبديل للباس والملامح ـ أن نضع أنفسنا في نفس ذلك المسار الذي جاء الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ووضع فيه أمير المؤمنين عليه السلام؛ وهو عبارة عن تبليغ الرسالة الإلهيّة وإبلاغ ما فيه صلاح الناس وخيرهم؛ وهذه هي المسألة التي ينبغي علينا أن نجعلها محطّ أنظارنا! ولنعلم أنّه لو صدر منّا فعل أو تصرّف أو كلام أو عمل ولو لدقيقة واحدة أدّى لا سمح الله للخدش ـ وانتبهوا فهذه المسألة حسّاسة جدًّا ـ في معتقدات الإنسان والمهمّة التي كلّف الله تعالى بها الإمام من أجل تبليغها للناس، فإنّنا سنُسأل عن ذلك في يوم القيامة. ولنعلم أيضًا أنّه إذا صدرت منّا كلمة أو خطوة واحدة كانت سببًا في تصحيح سلوك الناس ومعتقداتهم ودينهم، فإنّ ثواب تلك الكلمة والخطوة لا نهاية له؛ ولهذا قال الرسول الأكرم لأمير المؤمنين: يا علي، لئن يهدي الله على يديك نسمة خير لك ممّا طلعت عليه الشمس؛[9] أي: إذا اهتدى شخص على يديك، وصار واعيًا بما يفعله، وغيّر مساره، وبدّل معتقداته، وعدل عن الطريق الذي كان يسلكه ـ حيث كان إلى اليوم يقوم بالعمل الفلاني، فاكتشف أنّه كان مخطئًا، وأنّ عليه القيام بعمل آخر ـ، فإنّ فائدة ذلك بالنسبة إليك أكثر ممّا طلعت عليه الشمس؛ أي لا حدّ لها! ولا حدّ لثواب ذلك بالنسبة إليك.
فهاتان المسألتان تحظيان بأهمّية بالغة جدًّا، وعلينا أن نجعلهما محطًّا لأنظارنا..
الحمد لله الذي جعلنا من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين عليه السلام والأئمّة المعصومين عليهم السلام، اللهمّ إنّا نرغب إليك في دولة كريمة تُعزّ بها الإسلام وأهلَه وتُذلّ بها النفاق وأهلَه وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة في سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة، اللهمّ كن لوليّك الحجّة بن الحسن صلواتك عليه وآله في هذه الساعة وفي كلّ ساعة وليًّا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليلاً وعينًا حتّى تُسكنه أرضَك طوعًا وتُمتّعه فيه طويلاً.
لأجل التعجيل في الظهور الباطني والظاهري لحضرة بقيّة الله والتشّرف بزيارته ولقائه عليه السلام، عطّروا أفواهكم بالصلاة على محمّد وآل محمّد..
اللهم صلّ على محمّد وآل ومحمّد.


[1] ـ روي هذا الحديث بطرق كثيرة عن الخاصة والعامة بألفاظ متشابهة. راجع "معرفة الإمام" ج 7 ص 15، وأمالي الصدوق ص 87، وبحار الأنوار ج 39 ص 288، وتفسير البرهان ج 4 ص 521 و522، ومناقب ابن المغازلي الشافعي ص 74، وكذا جاء في ينابيع المودة للقندوزي ج 1 ص 376.

[2] ـ قال في سفينة البحار ج2، ص252: قول النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلم: لا تزال يا حسّان مؤيّدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك. وفي (تنقيح المقال): ودعا له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم فقال: لا تزال مؤيّدا بروح القدس ما دمت‏ ناصرنا.

[3] ـ التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري، ص112.

[4] ـ سورة البقرة، الآية 146.

[5] ـ إشارة إلى ما ورد في نهج البلاغة، ج 3، ص 35؛ حيث ورد في كتاب من علي إلى معاوية: "وقلت إني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع، ولعمر الله لقد أردت أن تذم فمدحت، وأن تفضح فافتضحت. وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكاً في دينه ولا مرتاباً بيقينه.. إلخ"

[6] ـ سورة العنكبوت، الآية:2

[7] ـ أُصول الكافي، ج 2، ص 422.

[8] ـ المراد من أهل الخياطة هنا بحسب العرف الإيراني، هم: أهل الفنّ والاختصاص. المترجم

[9] ـ عليُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم إِلَى الْيَمَنِ وقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ لَا تُقَاتِلَنَّ أَحَداً حَتَّى تَدْعُوَهُ وايْمُ اللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وغَرَبَتْ ولَكَ وَلَاؤُهُ يَا عَلِيُّ. (الكافي، ج 5، ص 28). المترجم

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی