معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1435 هـ ق > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1435ـ الجلسة 15: الارتباط اليقينيّ التامّ بالوليّ ضمان بلوغ الغاية

_______________________________________________________________

هو العليم

شرح حديث عنوان البصري المحاضرة 215

الارتباط اليقينيّ التامّ بالوليّ ضمان بلوغ الغاية

ألقيت في الليلة الثلاثين من شهر رمضان المبارك من عام 1435 هجري قمري

ألقاها:
سماحة آية اللـه السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني حفظه اللـه

 

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلَّى الله على سيِّدنا ونَبيِّنا أبي القاسم محمّد
(اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد)
وعلى آله الطيِّبين الطاهرين واللعنة على أعدائِهم أجمعين

وَأَنا يا سَيِّدِي عَائِذٌ بِفَضْلِكَ هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بِكَ ظَنّاً[1]

    

ضرورة اليقين والتنجّز في العلاقة مع الأولياء

تقدَّم في الليالي السابقة بأنَّ مسألة التنجُّز واليقين هي مسألة أساسية في حركة الإنسان إلى الله، وخروجه من عالم الشهوات ومن التوغِّل في الأمور الاعتباريّة. ولا يمكن المضيّ قدماً في هذا المسير بدون هذا التنجُّز واليقين، وقد أخبرت الأصدقاء بأنَّ ما كنت أشاهده في عهد المرحوم الوالد وأساتذته هو خير دليل على هذا ما أذكره. فقد كان هناك من يحضر مجالسه أو مجالس الماضين والعظماء لمجرّد ما لتلك المجالس من جاذبيّة، إذ كانوا يرونه رجلاً قديراً يختلف عن الآخرين، وربّما يمتلك ما لا يمتلكه الآخرون؛ ولكنَّهم لم يكونوا ليجعلوا من هذا المكان محطّاً لرحلهم؛ ففي نفس الوقت الذي كانوا يحضرون المجالس التي يقيمها المرحوم العلاّمة، كانوا يحضرون مجالس الآخرين كذلك؛ [فلسان حالهم يقول:] لنذهب ونرى ما الذي يجري وما الذي يُطرح في الأماكن الأخرى؛ ففي كلا المكانين يحصل التوسُّل بالمعصومين؛ فلنشترك في تلك المجالس أيضاً ولنتعرّف على المزيد من الناس؛ على أنَّا لن نترك هذا المكان، خصوصاً وأنَّ الآخرين هم من المسلمين الشيعة أيضاً، وهم من أهل الولاء ومن أصحاب التوسُّل. ولا شكّ وأنَّنا مبتلون بهذه الأمور كذلك، شئنا أم أبينا.
وبهذه الكيفيّة تجري الحياة اليوميّة لهذا النمط من الناس، ويمكن القول بأنَّ الصفات الخاصّة بأصحاب اليمين والتي ذكرها الله سبحانه بحقّهم تنطبق شيئاً ما على هذا الصنف من الناس. مع العلم بأنَّ درجات أصحاب اليمين متفاوتة، وهي من المقولات بالمشكّكة[2] . [وهكذا كان حال بعض الناس في زمان ما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله] فلقد كانوا يقتدون بالإمام علي في الصلاة، وفي نفس الوقت يذهبون للاقتداء بأبي بكر لكي يراهم الناس هناك؛ مع كونهم غير راغبين بالتخلِّي عن علي؛ وهذا هو واقع الأمر فهم لا يريدون التخلِّي عنه، وإلاّ لكان أمرهم مختلفًا؛ وهذا الأمر واضح للعيان.
إنَّ هذه الأمور التي أريد التحدّث بشأنها هذه الليلة هي أمور مهمّة جداً، وهي أمور أساسيّة وحياتيّة، فهكذا نمط من الناس موجود على مرّ العصور، وهو ليس مختصًّا بزمان دون آخر؛ فهذه هي طبيعة البشر، وهذا النمط من الناس موجود منذ أن خلق الله آدم عليه السلام؛ فمنذ ذلك الزمان وإلى الآن كان هناك تفاوت في الأذواق، واختلاف في طرائق التفكير والمسالك التي يسلكها الناس.
وكنَّا نشاهد وجود هكذا تفاوت، فلا تتصوَّروا عدم وجود مسائل كهذه في عهد المرحوم العلاّمة رضوان الله عليه؛ بل كانت الأمور في زمانه تجري بهذا الشكل الذي أذكره لكم الآن، وقد كنت أشاهد ذلك بنفسي؛ فكان المحيطون بالمرحوم العلاّمة جميعهم من تلامذته ومحبِّيه، غير أنَّ أنماط تفكيرهم ونظرهم للمسائل كانت متفاوتة، رغم أنهم كانوا جميعاً من مريديه.
وكان المرحوم العلّامة يلقي المحاضرات ويتحدّث في الجلسات كجلسة عصر الجمعة، وهي في نفسها من مجالس الذكر، حيث يتمّ فيها قراءة دعاء السمات أو أدعية أخرى؛ كما كان هناك مجلس ليلة الثلاثاء الذي كان يختلف عن بقيّة المجالس التي كانت تُعقد في ليالٍ أخرى، ففي الليالي الأخرى كان سماحته يقوم بتفسير القرآن ابتداءً من سورة الحمد وقد تجاوز سورة آل عمران في تفسيره. لقد بدأ مجالس التفسير هذه بعد عودته من النجف الأشرف وأتمّ تفسير سورتي البقرة وآل عمران، وكان يعتمد في هذه الدروس على تفسير الميزان.
وأمّا ما يخصّ مجالس ليالي الثلاثاء، فقد كانت لهجة الكلام تتبدّل فيها، وتُستعمل فيها تعابير أخرى، وكان الحديث يدور فيها عن المسائل الأخلاقية والأحاديث القدسيّة، كحديث يا عيسى... يا عيسى... الموجود في الجزء السابع عشر من كتاب بحار الأنوار ـ هذا بالنسبة للطبعة الرحليّة طبعاً، ولا أدري في أي جزء من الطبعة الحروفية[3] يكون ـ فقد كان يقوم بشرح هذه الأحاديث القدسيّة، وكان يهيمن على المجلس حال يختلف كثيراً عمّا يحصل في بقيّة المجالس بحيث كان يعيش كثير من الحاضرين حالة من النشوة والرِقّة والانشراح والرقة العرفانية والروحية عند انتهاء المجالس في تلك الليالي.

    

كيف نحفظ آثار الجلسات والأشهر المباركة؟

وكان المرحوم العلاّمة يؤكِّد على ألاّ يتكلّم الأخوة مع بعضهم البعض بشأن المواضيع [الساذجة] المختلفة بعد خروجهم من المجلس ولحين الوصول إلى المنزل، بل وعليهم ألاّ يمضوا ليلتهم تلك بالحديث والضحك كسائر الليالي الأخرى عند وصولهم المنزل، وأنّ عليهم الاهتمام في هذه الليالي بهذا الأمر أكثر منه في بقيّة الليالي وألاّ يكثروا من الكلام.
إنَّ ما أريد أن أقوله هنا هو: إنَّ هذه المواضيع ترتبط بليلتنا هذه، فهذه هي الليلة الأخيرة من ليالي شهر رمضان، فقد انتهى هذا الشهر ولا ندري هل سنُوفَّق لإدراك هذا الشهر الكريم في السنة القادمة أم لا؟ ولا ندري هل ستستمرّ حياتنا حتّى السنة القادمة أم سيحصل لنا أمر آخر؟ فذلك عائد إلى تقدير الله ومشيئته. ولكنَّ هذه النكتة مفيدة جداً من أجل استمراريّة هذا الأمر؛ فكما ذكرت البارحة فقد كان العظماء يأمرون جهد الإمكان بإدامة هذه المراقبة التي منَّ الله بها علينا في شهر رمضان الكريم عن طريق الصيام؛ وعلينا ألاّ نقول بأنَّه ما دام شهر رمضان قد انتهى، فلنقع إذاً على الطعام والشراب، ونبدأ بالذهاب إلى هذا المكان وذاك، ونتكلّم بما نشاء بحيث ينفلت زمام الأمور من أيدينا، فإن فعلنا ذلك، فسيؤدِّي هذا إلى التسريع بزوال تلك الآثار التي تمّ اكتسابها خلال هذا الشهر المبارك.
وكما قلت في الليلة الماضية فإنَّ آثار هذا الشهر الكريم مشهودة في وجوه الأصدقاء، فآثار الشهر المبارك ورحمة الله ونزول بركات وعنايات الله مشهودة من حيث لا يعلم من تتنزل عليه ذلك. فما دام الأمر كذلك، فرغم أنَّ حالي أنا ليس على ما يرام، إلاّ إنَّني أخاطب الله قائلاً: "أُحبّ الصالحين ولست منهم" عسى الله أن يرزقني الصلاح؛ فحتّى وإن كان هذا الحبّ مجازياً واعتبارياً، فنحن نحبّهم ونرجّحهم على الآخرين من أهل الدنيا، أولئك الساعين وراء الرئاسات الباطلة وأهل الكذب والمكر والخداع والمتقاتلين على الدنيا الذين نشاهدهم من حولنا؛ فهذا ما توصلنا إليه وفهمناه. فنحن نلمس تفاهة هذه الأمور ونجد حقيقتها بأنفسنا. فهذا ما فهمناه والباقي عليك يا رب؛ وإن كان مصدر ذلك الذي فهمناه هو أنت أيضاً، وإلاّ لما كنَّا سنفهم شيئاً ولكنَّا مثلهم.

    

بعض أحوال أهل الدنيا وأسبابها

صدِّقوني بأنَّهم يتلذَّذون في هذا التوغّل في المسائل الدنيويّة، وإلاّ لكانوا يتمنّون الموت؛ فمَثَلهم كمثل تلك الدودة التي لا تستطيع العيش إلاّ في المزابل والمستنقعات النَتِنة، فإن أردتَ أن تُخرجها إلى أرض مخضرّة فإنّها ستموت. فقد تعوَّد أولئك على العيش في المستنقعات وهم يأنسون بها؛ وقد تعلَّقت عقولهم وقلوبهم وأنفسهم بها. لا قدَّر الله لأحد أن يصل إلى هذا المستوى.
سأقوم بتشبيه المسألة بشكل آخر: افرض أنَّك أشعلت عود بخورٍ في غرفةٍ؛ فما إن يدخل الغرفة داخل إلاّ ويتنبّه إلى وجود رائحة البخور ويعلم بأنَّه قد تم إيقاد البخور في هذا المكان. والعكس صحيح، إلاّ أنَّنا سنأخذ الجانب الإيجابي من المسألة؛ فإن جلس هذا الرجل في الغرفة لمدة نصف ساعة أو ساعة، فسوف لن يتحسّس رائحة البخور بعد ذلك، لماذا؟ لأنَّ رائحة البخور قد ملأت جوّ الغرفة؛ فإن خرج هذا الإنسان من الغرفة لمدة عشرة دقائق، ربع ساعة أو عشرين دقيقة، ثم عاد إليها، فسيشعر عندها برائحة البخور ثانيةً.
فصدِّقوا بأنَّ الدنيا قد استولت على أولئك الغارقين فيها إلى الدرجة التي [أخرجتهم عن الطبيعة الإنسانيّة]. يحصل أحياناً أن أقرأ مقالاً في كتاب أو صحيفة أو أن أسمع خبراً، فأقول: أستجير بالله وأعوذ به، فهل يمكن أن يصل حال إنسان إلى تلك الدرجة من الانحطاط بحيث يكتب مثل هذا الكلام، أو أن يقوم بهكذا عمل؟ هل يمكن أن يصل المرء إلى هكذا درجة؟ ثم أعود وأقول: نعم يحصل ذلك، ولقد حصل بالفعل، وها هو يحصل في الوقت الحاضر! نعم، فهذا الأمر يحصل، بل ويفتخر ذلك الفاعل ويقول: أنا قمت بذلك العمل! أو أنا قلت هذا الكلام! أو أنا من كتب هذا المقال!
نحن نتعجّب من ذلك كثيراً ونقول: وهل يمكن للإنسان أن يتصوِّر بأنَّ أحداً يأتي [ليفتخر بكلّ ذلك]، ولماذا يحصل ذلك؟ [والجواب على ذلك هو:] إنَّ هذا الرجل قد ظلم نفسه، وأبعد نفسه عن المنبع الصافي، واستأنس بتلك الروائح النَتِنة إلى الحدِّ الذي نَتِنَ معه كلّ وجوده! فما الذي يمكن فعله له والحال هذه؟ فقد نَتِنَ وجوده بأكمله، وتجاوز أمره الاستئناس بشمّ الروائح النَتِنة؛ فمسألة شمّ تلك الروائح تشمل المرحلة السابقة لما وصل إليه الآن، بحيث لم تتحوّل تلك الصفة إلى أمر ذاتيّ له، بل كانت بالنسبة إليه عبارة عن غطاءٍ وأمر عرضيّ. لا قدَّر الله أن يحصل هذا الأمر لنا، ولا قدَّر الله أن يأتي ذلك اليوم الذي نكون فيه على هذه الحال وذلك بأن يستحسن الإنسان الكذب. نعم، من الممكن أن يحصل ذلك ويستحسن الإنسان الكذب ولا يرى فيه قبحاً. بل ويعُدَّ الخيانة أمانةً. ها أنتم تتعجَّبون عندما أقول هذا الكلام، وتقولون وكيف يمكن أن يحصل شيء كهذا! وهل من الممكن أن يحصل ذلك في يومٍ من الأيّام! لماذا يحصل لدينا هذا التعجّب؟
نحن لعدم وصولنا إلى هذا المستوى بحمد الله لا نستطيع أن نستوعب هذه المسألة في أذهاننا وأفكارنا. غير أنَّ لهذا الأمر وجوداً في الخارج، صدِّقوا ذلك! فترى الإنسان يقوم بتقديم الأدلة على أنَّ تصرفاً ما هو أمانة، في الوقت الذي يكون فيه ذلك التصرّف هو عبارة عن خيانة محضة. أو يستدلَّ على قضية كاذبة على أنَّها صدق، أو على المكر والخدعة على أنَّه صدق وصفاء وأمانة، بل ويأتي على ذلك بالأدلّة ويقول: يجب أن يكون الأمر على هذا! كيف يمكن أن يصل حال الإنسان إلى هكذا مستوى من التدنِّي؟!
كلَّ ذلك يعود إلى ضرورة عدم تلويث الماء عند المنبع، فعند خروج الماء من النبع، لا تمدَّ يدك وتقم بتحريك الطين والترسبات في القعر فيتّلوّث نتيجة لذلك الماء الخارج من النبع؛ فإن قمت بتعكيره، فسيبقى الماء ملوَّثاً إلى نهاية مسيره وسيفقد صفاءه، فإن نظرت إليه في أيَّة نقطة أثناء جريانه، فسوف ترى فيه الشوائب. وهكذا يكون الأمر بالنسبة لكافة الأعمال والتصرّفات التي تصدر عنَّا.
ولهذا السبب ترى العظماء يؤكِّدون على مسألة المراقبة في كلِّ خطوة تخطوها لترى: هل عملك الذي قمت به هو عمل صحيح أم خاطئ؟ وعليك ألاّ تتجاوز هذه الخطوة لتقول: لنتجاوز هذه القضيّة وسأقوم بإصلاح الأمر في الخطوة اللاحقة؛ لأنَّك إن لم تؤدِّ حق المطلب ولم تحرز رضا الله في هذا العمل، فسوف يحصل لنفسك الاستعداد لتكرار الخطأ في الخطوة اللاحقة. فالأمر يتعلّق بالنفس [وتلك هي طبيعة النفس].
أرأيتم كيف أن بعض الناس يقوم بلمس سلك الكهرباء ذي المائتين وعشرين فولتاً، ثمّ لا يتأثّر؟ أتعلمون سبب ذلك؟
إنّه كان قد تمرَّن على القيام بهذا العمل تدريجيّاً، فابتدأ من المستوى المنخفض كالواحد والاثنين والثلاثة إلى أن وصل إلى العشرين فولتاً مثلاً، حيث حصلت له صعقة طفيفة، ثم أخذ بتصعيد مقدار الفولتية إلى الثلاثين والأربعين وهكذا حتى تمكنَّ أخيراً من لمس السلك ذي المائتين والعشرين فولتاً دون أن يُصعق، فلو أنَّه قد لمس رجلاً آخر وهو على هذه الحال، لطار الآخر في الهواء، بينما لم يحصل له هو أيّ شيء، لأنَّ جسمه قد اعتادَّ هذا الأمر، فلا تصعقه الكهرباء والحال هذه.
[وهكذا يكون الحال مع الإنسان في حياته الدنيويّة] فالله يُسلِّط عليه من مثل هذه الصعقات في كلِّ لحظة: وَ كَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَ هُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ[4] كم هي آية عجيبة، فهي من الآيات الحاوية على نكات سلوكيّة مهمّة، وذلك كيف أنَّ الله يمتحن العبد بوضع أمور مهمة وأساسيّة وحياتيّة في طريقه وبأشكال مختلفة، فإن استغلّها فسيتقدّم خطوة إلى الأمام، وإلاّ فستكون بمثابة صعقة قد تغافل عنها وعبرها؛ فلأجل أن يستفيق من هذا الحال، فلا بدَّ من أن يتعرّض لصعقة مقدارها خمسين فولتاً؛ فلقد كنتَ تتنبّه وتعود إلى رشدك بالصعقة التي مقدارها عشرون أو ثلاثون فولتاً، أمّا الآن فلم تعد تلك الصعقة تجدي معه نفعاً، فلا بدَّ له من الصعقة بقوّة الخمسين فولتاً. فسيتعرّض إلى امتحان آخر أشدّ من السابق، فسيتعرّض لاختبار آخر؛ فيقول: يا للعجب! وما الذي سأفعله والحال هذه، فكيف سأقوم بتبرير هذه المسألة؟ وماذا سأقول للناس هذه المرّة؟ فإن قمتُ بتوضيح الأمر للناس، فسيتم التساؤل عن كلامي السابق الذي كنت قد أطلقته، فما الذي أفعله الآن؟ فيبدأ بالتفكير في إيجاد مخرج لذلك، فيتدّخل الشيطان ويقول له: عليك بإيجاد تبرير لهذه القضيّة كما فعلت مع السابقة، فستُحلّ المسألة بعون الله. فيقوم بتقليب الأمور والبحث عن تبريرٍ مؤدّاه بأنَّ المصلحة تقتضي بأن يقوم الإنسان بشيء من هذه الأفعال في بعض الأحيان، ويتغافل بذلك عن الموضوع هذه المرّة أيضاً، ويتجاوز الصعقة التي هي بقوّة الخمسين فولتاً. فما شاء الله! ها قد اكتسب قوّة تحمّل بمقدار الخمسين فولتاً. بعدها سيُعرّضه الله لصعقة أخرى بقوة مائة فولت وهكذا. حتّى يصل به الحال إلى أنَّ الصدمة الكهربائية ذات قوة مائتين وعشرين فولتاً لا تعود تؤثِّر به، بل وتعتبر من وسائل اللهو بالنسبة إليه؛ فيقوم بقطع رأس ابن رسول الله في كربلاء وبدون مبالاة؛ فهذا مثال لمن وصل إلى المقام الذي لا تنفع معه الصدمة ذات قوة مائتين وعشرين فولتاً. [فذلك لم يحصل له دفعة واحدة] بل تدرَّج فولتاً بعد الآخر.
كان أمير المؤمنين جالساً في مسجد الكوفة يوماً وأصحابه مجتمعون حوله، وكان الحديث يدور حول ضرورة أن يكون الإنسان يقظاً لكي يحظى بحسن العاقبة؛ فأعجب هذا الحديث رجلاً لا أتذكر اسمه جيداً، هل كان اسمه الحجاج؟ ـ لقد نسيت اسمه ـ وانفرجت له أسارير وجهه وابتهج به كثيراً. فقال له أمير المؤمنين: تمهّل ولا تقفز في الهواء فرحاً ـ لم يقل ذلك أمير المؤمنين، بل أنا الذي أقوله، قال له ـ ستدخل يوماً من باب الفيل هذا تحمل راية في جمع من أهل الكوفة متوجّهين لقتال ابن رسول الله ـ ابني الحسين ـ فقال: كيف يكون ذلك يا علي، وأخذ يقوم بحركات انفعالية؛ فقال له أمير المؤمنين: اصبر، فما زال أمامك الكثير من الوقت، فلا تقم بهذه الحركات. فقال: لا قدَّر الله أن يأتي ذلك اليوم. فقال أمير المؤمنين: بل سيأتي ذلك اليوم، فهو ليس صعباً على الله، ولكنَّ ذلك سوف لن يحصل في الوقت الحاضر، بل سأرحل عن هذه الدنيا، ثم يأتي الحسن [ليبقى] عدّة سنوات من بعدي، ثم يرحل الحسن ليأتي الحسين من بعده ـ أنا الذي أقول هذا الكلام، فلم يقله أمير المؤمنين ـ فما الذي سيحصل لك خلال هذه الفترة؟ وأين ستكون خلال هذه السنوات الطوال؟ وعلى من ستتردّد ومن ستُعاشر ومن سيكون أصدقاؤك؟ وهكذا ستمضي الأيّام حتّى يأتي ابن زياد وسيحصل عند ذلك التهديد والوعيد، سيهدّدك بمصادرة بيتك؛ فعندها سترتعد فرائصك. كلّ ذلك سيحصل لك في ذلك الزمان وليس الآن إذ أنت جالس إلى جنب علي.[5]
ـ [لماذا سيحصل لك ذلك؟]
ـ لأنَّك لم تُسلِّم زمام أمورك إلى من كان يجب عليك التسليم له؛ فأنت لم تذهب إلى الإمام الحسن أو الإمام الحسين؛ لم تذهب إلى من سيتولّى هدايتك وتربيتك، بل أطلقت لنفسك العنان؛ وربطتك علاقات مع هذا وذاك، ومع الحكومة والظلمة؛ فسيعمل كلّ ذلك على افتقادك التدريجي لهذا الحال الذي أنت عليه الآن، والذي جعلك تنفعل عندما أخبرتك بما سيحصل لك. نعم، ستفقد هذا الحال بشكل تدريجي وبدون أن تشعر أنت بما تفقده؛ سيكون هذا الفقدان بذلك الخفاء الذي لا يجعلك تشعر معه بما تخسره حينها. فرفع قوّة التيار الكهربائي يتم تدريجياً وفولتاً بعد آخر، فلا يرفع من العشرين إلى الخمسين مرّة واحدة، وإلاّ فسيرتعش البدن لذلك، بل يتم رفعه تدريجيّاً من التسعة عشر إلى العشرين، وبعد أسبوع من ذلك تُرفع إلى الواحد والعشرين؛ فالله طويل الأناة وسيتم كلّ ذلك بحيث لا يشعر به الإنسان. وبعد مضيّ ستّة أشهر تجد بأنَّ قوّة التيار قد أصبحت خمسين فولتاً، [فهذا الرفع] لا يتم بين ليلة وضحاها.
أتلاحظون الظُّفُر هذا، إنَّ هذا الظُفُر في حال نموٍّ مستمرّ؛ فإذا ما قلَّمت أظافرك الآن ـ وبالطبع لا تفعلوا ذلك الآن في المساء!! فهو مكروه، بل افعلوه غداً، فها هو شهر شوّال قادم علينا ـ فسترى بعد أسبوع بأنَّه قد استطال بمقدار ميليمتر أو ميليمترين، فهل تمّت هذه الاستطالة خلال ثانية أو دقيقة واحدة؟ لا، بل تمّت في مدّة أسبوع. فهل شعرت بها؟! [كلا، لا تشعر بها] إذ إنَّ الظُفر في حال نموّ مستمرّ.
[فأيّ ألمٍ سيحصل للإنسان] إن تمّ قلع هذا الظُفر؟! يُقال بأنَّه إذا ما أُريد تعذيب السجناء في البلدان الأخرى، فهم يعملون على قلع الظفر بواسطة الكمّاشة؛ وكنت قد سمعت بأنَّ هذا الأسلوب كان يُستخدم من قبل النظام السابق. [إنَّ هذا الألم ناشئ عن] التصاق الظفر باللحم الذي تحته، فهل يمكن أن يكون الأمر غير هذا؟! يحصل أحياناً أن يعلق الظفر في مكان ما ويُقلع، فأيّ ألم سيحصل من جرّاء ذلك؟! حينها يرتفع الصوت بالصراخ من شدّة ذلك الألم، كما سيحصل نزف للدم. كلّ ذلك بسبب انتزاع الظفر من اللحم. هذا في الوقت الذي يعبر فيه الظفر خلايا اللحم التي تحته في كلّ ثانية دون أن تكون شاعراً بهذا الأمر، أليس الأمر على ما أصف؟!
إنَّ هذا النموّ، والذي كان بمقدار المليمترين، قد حصل في ظرف أسبوع يا عزيزي! فنموّ الظفر لم يحصل من جهة حافّة الظفر، بل حصل من تلك الجهة المتّصلة بالإصبع؛ فجميع خلايا الظفر تتقدَّم إلى الأمام. فلو وضعت علامة على مكان من الظفر، لوجدتّ العلامة قد تحرّكت بمقدر مليمترين في مدة أسبوعين مثلًا؛ فيصبح معلوماً من هذا أنَّ الظفر يتحرّك فوق اللحم دون أن تشعر به.
وهكذا وبنفس هذا الأسلوب يتمّ سلب الإيمان من الإنسان واستبداله بشيء آخر؛ ولهذا السبب تجد العظماء يقولون: لا بدَّ من المراقبة. فحال الإنسان يتغيَّر تدريجًا، فلم يكن حاله في بادئ الأمر على هذا المنوال، بل كانت له طريقة تفكير وأجواء خاصّة به، غير أنَّ هذا الحال قد تبدَّل تدريجياً، بحيث أنَّ هذا السيّد نفسه لا يشعر كيف أنَّ لونه يتبدّل الآن. ولو كان الأمر مقتصراً على تبدّل اللون، لهان الأمر، فالذي يتبدّل الآن هو الباطن، والذات والجوهر والمادّة؛ فالذهب يتبدّل الآن إلى فحم ونحاس وبرونز وبدون أن يشعر الإنسان بذلك، إذ إنَّ هذا التغيِّر يحصل تدريجياً.
فما الذي يجب فعله؟ ما الذي يجب فعله والحال هذه؟ فقد وصل الحال بشريح القاضي إلى إصدار تلك الفتوى. ويبدو بأنَّ التصدِّي لمقام الإفتاء موجودٌ منذ القِدم والحمد لله. فإن أراد أحد ما استصدار فتوى بشأن قضية معيّنة، فسيُقال له: تفضل اجلس، سنقوم بترتيب الأمر خلال ساعتين! وإن جاء آخر لطلب فتوى، فسيُقال له: وكم هي المدّة التي تريد أن تكون فيها هذه الفتوى جاهزة؟ فإن قيل: أسبوعان؛ سيُقال له: ستكون جاهزة خلال يومين، فهذا ليس بالأمر المهمّ.
وهكذا قاموا بتحليل إراقة دم الإمام الحسين، مع كونه ابن النبيّ ومع كونه إماماً، و ... فمن جهة الأمّ، فأمه فاطمة، ومن جهة الأب فهو ابن عليّ وهو ابن رسول الله. [وتبريرهم لذلك] أنَّه ما دام قد قام في مقابل يزيد، فدمه حلال كائناً من يكون؛ فالميزان الذي يجري بموجبه الحكم في الإسلام هو المقرّرات لا النسب الشخصي. فالحسين لم يبايع خليفة المسلمين يزيد ولم يقبل خلافته، وهو يدعو الناس إلى نفسه ويكون بذلك قد أحدث صدعًا في نظام حكومة يزيد الإسلاميّة، وقد شقّ صف المسلمين وأحدث نفاقاً. فبناءً على هذا يكون الحكم في هذه القضية واضحاً للجميع وليس بحاجة إلى الرجوع إلى المحكمة من الأساس. أتلاحظون كيف يقومون [بقلب الأمور رأساً على عقب؟!].
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فهم يقومون بتهديد من يتخلّف عن الخروج معهم لقتال الإمام الحسين بأنهم سيهدمون سقف داره على رأسه. كما يقومون في الوقت ذاته بإغداق الأموال من ذهبٍ وفضةٍ وعقارٍ وغيره على من يخرج للقتال. فمع اجتماع كل تلك الظروف، فمن الممكن لذلك الرجل أن ينسى بأنَّه كان جالساً في مسجد الكوفة يوماً وأنّ أمير المؤمنين قد قال ما قال. [وإن لم يكن قد نسي، فهو يبرر الأمر لنفسه ويقول:] صحيح أنَّ علياً كان قد قال لي: ستفعل ذلك. ولكن كان عليه أن يعلم بأنَّه ما كان لابنه أن يقوم بما قام به؛ على أنَّني سأخرج معهم وأحمل الراية، وسأقف جانباً ولا أشارك في القتال؛ فالخروج لا يعني القتال بالضرورة. إذاً سأقف جانباً.
وإذا به يذهب ويهجم ويقتل؛ نعم يصل به الأمر إلى هذا الحدّ، غير أنَّ كلّ ذلك قد حصل تدريجياً. حتّى إذا ما حصل ما حصل وحلَّ عصر يوم عاشوراء، [تراه يقول:] يا للعجب! لقد حصل جميع ما قاله وتنبأ به أمير المؤمنين بحقّي. ولكنَّ كلّ ذلك قد حصل بعد فوات الأوان. فلماذا حصل كلّ ذلك؟ حصل ذلك بسبب فسح المجال لورود الظلمة ومغادرة النور تدريجياً، ولعدم المبادرة إلى غلق مصدر تلويث ماء النبع، ولعدم الحذر واليقظة منذ بداية الأمر.

    

تسليم النفس لتربية الأولياء حذاقة في مواجهة الدنيا والشيطان

بعد وفاة المرحوم السيِّد الحدّاد رضوان الله عليه، لم ينتشر خبر وفاته إلاّ بعد فترة من الزمن؛ فقد كانت وفاته في الثاني عشر من شهر رمضان المبارك، ولم نطّلع على خبر وفاته إلاّ في اليوم الأول من شهر محرّم، وذلك بسبب قطع الاتّصالات بين العراق وإيران في ذلك الوقت الذي كانت فيه الحرب مستعرة بين الطرفين فلا تصل مثل هذه الأخبار إلينا، ولم نتلقّ الخبر إلاّ بعد ما يُقارب الأربعة أشهر.
فاتّصل أحد الإخوة هاتفيّاً من إحدى المدن في ذلك الوقت [بالمرحوم العلاّمة]، وقد علمتُ الموضوع الذي كانا يتحدَّثان بشأنه من خلال الكلمات التي كانت تدور بينهما. فتكلّم ذلك الرجل ببعض الكلمات بحيث أنَّ المرحوم العلاّمة قد قاطعه قائلاً باللغة العربية: ما كلُّ ما يُعلَمُ يُقال. أي: توقف عن هذا الكلام، فلا يمكن التكلّم بهذا الحديث عن طريق الهاتف، وليس من الصحيح النطق بهذه الكلمات! وكان حديثه كالآتي: عندما سمعت بخبر ارتحال [المرحوم السيِّد الحدّاد] قرّرت الاتصال بكم في أوّل فرصة لأعرض عليكم حالي، لكي لا أترك للشيطان ولا ثانية واحدة من الوقت حتّى يقوم بالوسوسة وإلقاء الشكّ في نفسي أو القيام بعمل آخر؛ فما إن سمعت الخبر حتّى قلت: عليّ أن أتّصل بكم وأقول بأنَّ الأمر منحصر بكم وحدكم، وكما كان موقفي تجاه المرحوم السيِّد الحدّاد، فإنَّ موقفي تجاهكم الآن هو نفس ذلك الموقف بدون أيّة زيادة أو نقصان. ثم بدأ بالنطق ببعض الكلمات حيث قال له المرحوم العلاّمة: ما كلُّ ما يُعلَمُ يُقال.
أتلاحظون كم هو حاذق وذكي ومؤمن، فلم يكن يرغب بحصول فجوة وفاصلة، [ولم يقل:] ليمض بعض الوقت، فمن أين لي أن أعلم بحقيقة الأمر؟ [ولو كان قد فعل ذلك] فمن أين لنا أن نعلم ما الذي سيحصل عندها، لذا فهو يقول: ما إن حصل هذا الأمر، وما دمت أرى تلك المواصفات التي كان يتمتع بها أستاذي متحقّقة في هذا الرجل، فلا بدَّ أن أتّصل به فوراً وأُثبِّت موقفي لأقطع بذلك طرق نفوذ الشيطان. كان عمله هذا، عملاً جيداً جداً، ولقد جنى فائدته.
لقد كان رجلاً حاذقًا، وهذا هو معنى الحذاقة، وهو عدم تأخير الأمور، فعندما يحصل أمر ما، فلا بدَّ له من التصرّف بإزائه فوراً؛ وإن كان لازماً عليه التصريح بشيء، فعليه فعل ذلك فوراً وبدون ترديد. وليس عليه فعل ذلك الشيء الذي لا ينبغي له فعله؛ بل عليه فعل ما يجب عليه فعله. تلك مسائل تعمل على تهيئة الأرضية والاستعداد لدى الإنسان.

    

تدريجيّة التطوّر تحت تربية الأولياء

لذا يشعر الإنسان وبشكل تدريجي بأنَّ أمراً ما بدأ يتحقّق في نفسه وبدون أن يكون ملتفتًا للسبب؛ فيحصل لديه عشق ومحبّة مضاعفة بطريقه الذي يسلكه ومدرسته وهدفه من دون أن يعلم متّى حصل لديه ذلك، فذلك لا يحصل مرّة واحدة وذلك بأن يستيقظ الإنسان في الصباح فيجد بأنًّ تغيِّراً أساسيّاً قد حصل لديه بالنسبة إلى طريقه ومدرسته ومحيطه الذي يعيش فيه. كلا، فليس الأمر على هذه الشاكلة. بل يحصل التغيُّر بشكل تدريجيّ؛ فكلّ عمل يقوم به المرء يترك في نفسه أثراً، وهذا الأثر يكون باعثاً على القيام بعمل آخر؛ ثم يكون لهذا العمل تأثير آخر في نفسه وهو يبعث بدوره على القيام بعمل جديد وهكذا يستمرّ بالحركة والرُقيّ في دائرة أرفع ويقوم هذا العمل بمدِّ جذوره في قلبه وأحواله.
[فيرى الإنسان] بأنَّ رغبة جامحة كانت لديه فيما يتعلّق بأمر ما في السابق، غير أنَّ رغبته تلك قد انتفت في الوقت الحاضر وبدون أن يعلم السبب الكامن وراء ذلك.
إنَّ السبب في ذلك هو ازدياد عشقه لله، فهذه الزيادة في العشق هي التي عملت على إضعاف تلك الرغبة؛ غير أنَّه لا يستطيع تشخيص العلاقة بين هذين الأمرين، ولا يستطيع معرفة السبب الكامن وراء ذلك العزوف.
أو أن يوجد في الإنسان اهتمام مفرط بقضيّة معيّنة، في حين أنّه كان يتعامل معها ببرود قبل ذلك، بحيث لم يكن الأمر يتفاوت عنده بين أن تتحقّق تلك القضيّة أو لا؟ بينما تجده الآن يتابع هذه القضيّة باهتمام وبدون أن ينتظر ليسأل هل يتوجّب عليه القيام بها أم لا؟ فلا يرى في نفسه الحاجة لهكذا سؤال، فهو يجد في قلبه الرغبة للقيام بها. فإن افتقد صديقاً له، [فهو لا ينتظر حتّى يزوره ذلك الصديق]، بل تراه يبادر لزيارته. فما هو مصدر هذا الأمر؟
تلك مسألة مشابهة لقضيّة نموّ الظفر التي كنَّا نتحدَّث عنها، فهو ينمو وينمو ببطء؛ غير أنَّ الأمر هنا معاكس لما ذكرناه آنفاً، فهذا العشق ينشر جذوره في القلب والروح والنفس بشكل تدريجي حتّى يصل الأمر إلى أن يشمل جميع القلب، بحيث يصبح فيه القلب في حالٍ لا يستطيع معه أن يرتكب معصية أو ذنباً. وهذا هو الذي يجعل الأئمة ثمّ الأنبياء والأولياء من بعدهم يصلون إلى درجة لا يستطيعون معها ارتكاب المعاصي، فهؤلاء لا معنى للمعصية عندهم. وتجدر الإشارة إلى أنّ المعصية تختلف عن الخطأ والاشتباه، فمن الممكن أن يخطئ الولي في أمر ما [6]، ولا إشكال في ذلك، أما عدم الوقوع في الاشتباه فهو يختصّ بـ[الإمام].
وهناك من يقول: إنَّ عدم المعصية لا يُعدُّ من الفضل والكمال؛ فاعلم يا عزيزي أنَّهم لم يصلوا إلى هذه المرتبة إلاّ بمشقّة بالغة وجهد جهيد، وإلاّ لكانوا كأحدنا.

    

معنى عصمة أولياء الله وحدودها

[لا معنى للكذب عند الوليّ]، لا أنّه يجلس ويفكِّر فيجد أنَّ الكذب قبيح فيمتنع عنه، بل هو لا يتصوَّر إمكانيّة الكذب. أمّا بالنسبة لنا، فنحن نعلم ما الذي يعنيه الكذب وما هو معنى الصدق؛ ونعلم حُسن الصدق وقُبح الكذب؛ فنعمل على موازنة الأمر في أنفسنا ونصل إلى هذه النتيجة وهي: إنَّ الكذب لا يُرضي الله؛ فأقصى ما يمكن أن نتمتع به من التقوى هو ما يجعلنا نتّخذ قراراً بعدم الكذب. كما يوجد في الجانب الآخر نوع من الناس من الذين وصل بهم "الكمال" إلى الحدّ الذي لا يستطيعون معه قول الصدق!! نعم، يوجد من فيه الكفاية والحمد لله. فدرجة كمال هؤلاء قد وصلت إلى الحدّ الذي لا يستطيعون معه أن يتصوَّروا وجود شيء باسم الصدق، وكأنَّ طينتهم قد تخمَّرت بماء الكذب والخداع. فهؤلاء مخلوقات من نوع آخر.
أمّا نحن، فإنَّنا نعيش حالاً نقوم فيه بقياس الأمور على بعضها؛ وبالاستعانة بالله والأنفاس القدسيّة، وبالتوكّل على الله نعمل على ترجيح الصدق على الكذب وإن أدَّى ذلك إلى الإضرار بمصالحنا، فإن لازمنا التوفيق الإلهي، فإنَّنا سنفعل ذلك. على أنَّ هنالك درجة أعلى وهي إنَّ الإنسان يصل إلى درجةٍ لا يستطيع معها أن يفكِّر بالكذب، لكي يقوم بقياس الأمور على بعضها ويختار جانب الصدق أم الكذب. فهو يقول: وما هو الكذب؟ وما الذي يعنيه الغش؟ فالأمر الكذائي إمّا أن يكون حقاً من حقوقي، أو لا! وإمّا أن تكون الآراء التي يفرزها صندوق الانتخابات إلى جانبي أو لا! فما هو معنى الغش في هذا المجال؟ فهو لا يستطيع أن يُدرك معنى الغش من الأساس، ومن أيّة مقولة يكون الغش.
فيما يتعلّق بنا، فنحن نعلم ما الذي يعنيه الغش جيداً، بل ويتجاوز علمنا به علمنا بالمسائل الأخرى، غير أنَّ هنالك أشخاصًا لا يستطيعون أن يفهموا معنىً للغش والخيانة والكذب والظلم على الإطلاق. أولئك هم الذين أحاط النور والبهاء والحقيقة والعظمة بقلوبهم بحيث سخّرها تحت سيطرته ونفوذه، فلم يترك نافذة ولو بمقدار رأس الإبرة لنفوذ المعصية إليه. وتلك هي العصمة.
فالعصمة هي أن يصل الإنسان إلى مقام لا يفهم معه معنىً للغش، ولا يدري ما الشيء الذي يُطلق عليه اسم الكذب أبداً. نعم، كان يعرف ذلك سابقاً، ولكنَّه قد وصل الآن إلى هذا المقام الذي لا يفهم معه معنىً لهذه المسمَّيات. هكذا إنسان هو الذي يجب أن يتولّى زمام الأمور، وهذا هو الوليّ. نعم، على مثل هذا يُطلق اسم الوليّ. هل اتّضح لكم الأمر الآن؟!
فيجب علينا والحال هذه أن نتّجه ذلك الصوب، ونتقدّم بذلك الاتجاه، طالبين من الله أن يعطينا فهماً وبصيرة في جميع الأمور. نعم، قد يرتكب الإنسان بعض الأخطاء، [فلا يجب أن يكون ذلك عائقاً لحركته] لأنَّ الله يتجاوز عن الأخطاء ويغفرها بشرط ألاّ يُصرَّ الإنسان على خطئه؛ فإن قيل له: إنَّ عملك هذا خطأ، ورأى أنَّه قد أخطأ حقاً، وعمل على إصلاح خطئه، فلا ضير في هكذا خطأ، فهذا يحصل للجميع.

    

شعور الأولياء بالفقر إلى الله

هؤلاء هم الذين يقول الإمام السجّاد بشأنهم: مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بِكَ ظَنّاً. [فلسان حال هؤلاء يقول]: إلهي لا نملك شيئاً سوى حُسن ظنَّنا بك، فلا يوجد لدينا عمل أو تعامل حسن أو قول نرجو معه النجاة، بل كلّ ما لدينا هو حسنُ الظنِّ بك، وها هي أبصارنا شاخصة نحوك لا نحو غيرك.
لقد كنت أشاهد هذا الحال في تصرّفات العظماء من الأولياء حقاً؛ فعندما كنت أجلس مع المرحوم الحدّاد رضوان الله عليه لأستمع إلى حديثه، كنت أرى بأنَّه يعلم كلّ شيء، غير أنَّه كان لا يرى ذلك منه؛ فقد كان يتكلّم عن كلّ شيء من الممكن تصوّره، ويجيب عن كلّ سؤال تسأله، فلا يوجد لديه شيء مجهول وخافٍ عليه؛ ولا يوجد عمل لا يستطيع فعله، ولا موضوع لا يستطيع الخوض فيه، ولا نقطة من نقاط المعرفة لا يستطيع الكشف عنها؛ ولكنَّه ما إن يشعر بأنَّ الطرف المقابل أخذ بالتعجّب مما يسمع أو أنَّه يُعظِّم تلك الأمور، حتّى تراه يقول: الله هو كلّ شيء، ولا وجود لأحد سواه.
كنت جالساً لديه في أحد الأيام عندما كنت طفلاً لا يستطيع عقلي إدراك الأمور، فسألني قائلاً: ألديك حاجة تطلبها منِّي؟ فما الذي أفهمه وأنا في سنّ الطفولة، فقلت له: أريد من الله أن يجعلني مثلك. فضحك مقهقهاً وقال: مثلي أنا؟! قال: بل أعلى منِّي بكثير! كرّرها ثلاث مرات. أستطيع الآن أن أفهم بأنَّه لم يقل ذلك تواضعاً، وذلك لكوني صبيًّا في سنّ الرابعة عشر أو الخامسة عشر من العمر، وأراد أن يَسرَّني بقوله هذا، بل قاله بحكم واقع الحال. كان يقول: مثلي!؟ ومن أكون أنا حتّى تريد أن تصبح مثلي؟! انظر ما الذي يريده منّي؟!
كانت تلك دروسًا وعبرًا لنا، وهي دروس ليومنا هذا وليلتنا هذه ولغدنا وما بعده. وهو ما علينا أن نتعلّمه. أين نحن منهم؟ فلو قبلونا لإدارة إسطبل خيولهم، لكان ذلك شرفًا ومفخرة عظيمة لنا! ما أريد أن أقوله الآن هو: انظروا كيف استقرّت تلك الحقائق التوحيديّة والمعرفة بواقعيّتها في قلوب هؤلاء العرفاء والأولياء. فعندما يتكلّمون مع أحد، لا يكون كلامهم كلام مجاملة وتواضع وبهدف إدخال السرور في قلب الطرف المقابل، بل يتكلّمون بعين الواقع، فهو ينزعج ويقول: تريد أن تكون مثلي؟! اطلب ما هو أعلى، ما هذا الذي تقوله؟! قال: الله هو المانح، وما دام الله هو المانح، فما الفارق لديه إن أراد أن يعطي قليلاً أو كثيراً. فليطلب الإنسان الحدّ الأعلى إذاً.

    

حقيقة المقام الذي يعدنا به أولياء الله

كم يزيد هؤلاء من الأمل لدى الإنسان؛ فهم على العكس من الآخرين الذين يسدّون الطريق أمام الناس، ويحدّدون الله ويحبسونه في زنزانة انفراديّة ويغلقون باب الزنزانة عليه. فهؤلاء الأولياء يجعلون الله في متناول الأيدي ويُجلسونه إلى جنب الإنسان ويجعلوه أنيساً ومألوفاً؛ فهم يقولون: اطلب ما تريد! ألا نقرأ في قنوت صلاة عيد الفطر «اللّهُمّ إِنّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا سَأَلَكَ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الْمُخْلَصُوْن» أو الفقرة التي قبلها «وَأَنْ تُدْخِلَنِي فِي كُلّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمّداً وَآلَ مُحَمّدٍ» أيوجد في عالم الخلق من هو أعلى شأناً من النبي وآله. أو بعبارة أخرى هل جاء مثل هؤلاء الأربعة عشر في كلّ عالم الخلق والوجود منذ أن كان الله وما دام موجوداً؟ كلاّ، لم يخلق الله مثلهم ولم يشأ أن يخلق مثلهم. ففي جميع هذا العالم العظيم والمخلوقات غير المتناهية التي خلقها الله من عالم الملائكة وعالم الملكوت و و ... لم يخلق الله مثل هؤلاء الأربعة عشر.
يقول الله: ألم ترَ ربوبيَّتي؟ أولم تشرب من بحر رحمتي؟ أولم تُدرك رحمتي الواسعة؟ فتعال وتقدَّم إلى الأمام يا عبدي، ما الذي تريده؟ لماذا تجلس مكانك وتقول: لقد خصصت النبيّ وآله بتلك المكرمات وسوف لن ينالنا منها شيء؟ تعال، تقدَّم خطوة إلى الأمام، ألم أقل: « وَأَنْ تُدْخِلَنِي فِي كُلّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمّداً وَآلَ مُحَمّدٍ، وَأَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمّداً وَآلَ مُحَمّدٍ» يعني: اجعلني أبلغ كلّ مرتبة أبلغت إليها محمّد وآل محمّد وأتجلَّى في كلِّ تجلٍّ وأتحقّق بكلّ ظهورٍ أظهرت فيه النبيّ وآله!! وواقعًا يبقى الإنسان متحيِّراً [عندما يسمع ذلك ويقول:] وهل يمكن أن يحصل ذلك؟! وما الذي يعنيه هذا؟! نعم، يقول الله: أنا أجعلُكَ في نفس المكان الذي يتواجد فيه أمير المؤمنين، فما الذي تريده أكثر من هذا؟!
يقول الله: الإمام عليّ والإمام الحسن والإمام السجّاد هم الزهور الفريدة والنادرة في عالم الوجود، وسوف أُجلِسك إلى جنبهم، فهل يوجد مقام أعلى من هذا من الممكن أن تفكِّر في طلبه؟! ما عليك إلاّ أن تبدأ بالحركة وتتقدَّم خطوة إلى الأمام لترى عندها هل سأُعطيك هذا المقام أم لا؟!
[كما أنَّ معنى الفقرة «وَأَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمّداً وَآلَ مُحَمّدٍ» هو: إنَّني أطلب منك يا رب] أن تُبعدني وتطهرني من كلّ توغُّلٍ في الكثرات والأمور الاعتبارية والبعد عنك كما صنتَ النبيَّ وآله من التلوّث بها، وأوصلتهم إلى مقام العصمة. فهذا يعني: اجعلني يا ربّ معصوماً مثلهم، أليس أولياء الله من المعصومين؟! فلا يمكن لوليّ الله أن يرتكب ذنباً، فهو فانٍ في مقام عصمة الإمام. هذا فيما يتعلّق بمقام العصمة من الذنب والمعصية، أمّا مقام العصمة من الخطأ فذلك مقام يختص به الأئمة عليهم السلام كما أسلفت.
فما الذي يريده الإنسان أكثر من هذا؟ علينا أن نعرف قدر النعمة التي منَّ الله علينا بها وذلك بمنحنا مقام الخلافة الإلهيّة وهو مقام ظهور جميع الأسماء الجماليّة والجلاليّة بنحوٍ أتمّ في وجود ونفس الإنسان. يقول الله: سأعمل على إيصال هذه الوديعة التي أودعتها فيك إلى منصّة الظهور، فتصبح بذلك قريناً للإمام السجّاد عليه السلام، وقريناً للإمام الرضا عليه السلام؛ ومعنى القرين هو أنَّك ستكون إلى جنبهم وستكون تحت ولايتهم بالطبع. فموضوع الوساطة بين الله والخلق هو موضوع آخر، فالمعصومون الأربعة عشر هم الوسائط. غير أنَّ المعصوم يجعل الإنسان فانيًا فيه، وبذلك يذوب وجوده في الإمام، فلا يمكن له أن يُشاهد شيئاً غير الإمام الرضا عليه السلام لكي يرغب في الوصول إليه. فيكون الإمام الرضا عليه السلام قد استولى على جميع وجوده في هذه الحال. ولا يمكن له أن يرى أحداً غير الإمام السجّاد عليه السلام فالإمام السجّاد عليه السلام قد استولى على جميع وجوده؛ فلا يرغب والحال هذه في شيء آخر، بل ولا يمكن أن يخطر على قلبه شيء آخر لكي يطلب من الله أن يمنحه إيّاه. فعندما يرغب الإنسان بشيء ما، فلا بدَّ وأن يخطر ذلك على فكره لكي يرغب فيه ويتمنّاه. فعندما أشعر بالعطش، فأنا أقوم بتناول قدح الماء هذا، أمّا إن كنت مرتوياً من الماء، فإن وقع بصري على هذا القدح ألف مرة، فستكون نظرتي إليه كنظرتي إلى الجدار؛ وذلك لعدم شعوري بالعطش حتّى أفكّر بالماء.
حينها سيغرق الإنسان في بحر ولاية الإمام الرضا عليه السلام بحيث لا يخطر البحر على باله بعد ذلك. فكيف يمكن له أن يذكر البحر وهو غارق فيه. فسيكون لديه كلّ ما يمكن له أن يتمنّاه. فلا يبقى لديه والحال هذه أيّ هوىً أو تفكير أو أمنية أو مشتهىً حيث ستفنى جميع شراشر وجوده في ولاية المعصومين الأربعة عشر. فهل يمكن تصوّر مقام أسمى من هذا؟!
يقول الله: ها هو الباب مفتوح لك للوغول، وهذه هي هدية العيد التي سأعطيك في هذا اليوم، فما الذي تريده أكثر من هذا؟! هل تفكِّر في الجنّة وإجّاصها وبطيخها وحورها ـ للرجال ـ وغلمانها ـ للنساء؟! [يقول ذلك ممازاحًا] فكلّ هذه هي بمثابة ألعاب الأطفال وما شابه ذلك.
سيحلّ الإنسان في مقامٍ لا يستطيع معه التنزّل إلى الدرجات التي هي دون الظهورات والتجليّات الذاتية. وهذا ما يُسمى بجنّة الذات.
وهكذا يكون الوقت قد مضى وبحسب قول الشاعر:
مجلس تمام گشت و به آخر رسيد عمر
                             ما همچنان در اوّل وصف تو مانده‏ايم‏

يقول: لقد انقضى المجلس و بلغ العمر آخره، وها نحن نشعر بالعجز في أوّل ‏محاولة منَّا لوصفك.

على أيّة حال، فمعارف الأئمة لا متناهية؛ ومن أيّ جزء منها أردنا الشروع بالبحث، نحسُّ بعدم وجود نهاية له؛ وكلّ إنسان يستطيع الحديث عن هذه المطالب بمقدار إدراكه وسعته الوجوديّة؛ وما بيّناه كان بمقدار سعتنا وفهمنا للمواضيع. وعلينا أن نطلب من الله وبحسب مفاد الآية الشريفة (وَ قُلْ رَبِّ زِدْني‏ عِلْماً) [7]
أن يزيد في علمنا وفهمنا ومعرفتنا. وأن يكشف لنا في كلّ آن مرتبة من مراتب جماله وجلاله. إن شاء الله.
اللهمَّ صلِّ عَلى محمَّد وآلِ محمَّد


[1] ـ إحدى فقرات دعاء الإمام السجّاد عليه السلام المعروف باسم دعاء أبي حمزة الثمالي.

[2] ـ التشكيك اصطلاح منطقي وفلسفي يعني التفاوت والاختلاف في انطباق بعض المفاهيم على مصاديقها كالبياض؛ حيث تتفاوت مصاديقه شدّة وضعفًا، وفي مقابله التواطؤ ويعني التساوي في الانطباق، كانطباق مفهوم الحيوان على البقر والغنم (المترجم).

[3] ـ بحار الأنوار، ج 14 من ص 289 إلى ص 299 [المترجم]

[4] ـ سورة يوسف (12)، الآية 105.

[5] ـ يشير سماحة السيِّد إلى الحادثة المرويّة في كتاب الإرشاد للشيخ المفيد ج1، ص 329: ومن ذلك ما رواه الحسن بن محبوب ، عن ثابت الثمالي ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن سويد بن غفلة : أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين ، إني مررت بوادي القرى ، فرأيت خالد بن عرفطة قد مات بها فاستغفر له ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام . " مه ، إنه لم يمت ولا يموت حتى يقود جيش ضلالة صاحب لوائه حبيب بن حماز " فقام رجل من تحت المنبر فقال . يا أمير المؤمنين ، والله إني لك شيعة، وإني لك محب، قال : " ومن أنت؟ " قال : أنا حبيب بن حماز، قال: " إياك أن تحملها، ولتحملنّها فتدخل بها من هذا الباب " وأومأ بيده إلى باب الفيل. فلما مضى أمير المؤمنين عليه السلام وقضى الحسن بن علي من بعده، وكان من أمر الحسين بن علي عليهما السلام ومن ظهوره ما كان، بعث ابن زياد بعمر بن سعد إلى الحسين بن علي عليهما السلام وجعل خالد ابن عرفطة على مقدمته، وحبيب بن حماز صاحب رايته، فسار بها حتى دخل المسجد من باب الفيل. ووردت الرواية كذلك في كتاب بصائر الدرجات، ص 318؛ ومناقب بن شهر آشوب، ج2، ص 105؛وكشف اليقين، للعلاّمة الحلّي، ص 79؛ ومصادر أخرى باختلافات يسيرة. [المترجم]

[6] ـ سبق وأن بيَّن سماحة السيِّد هذا الموضوع في مجالس سابقة، فقال سماحته إنَّ الولي لا يمكن أن يخطأ في القضايا الأساسية والمصيرية والأوامر والنواهي والبرامج التي يعطيها للسالكين، بل يشمل مثل هذا الخطأ بعض مسائل الحياة اليومية. [المترجم]

[7] ـ سورة طه (20)، آخر الآية 114.

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی