معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > أعياد و مناسبات إسلامية > اهمية شهر شعبان وبعض خصائصه وأعماله

_______________________________________________________________

هو العليم

أهمية شهر شعبان
وبعض خصائصه وأعماله

شرح حديث عنوان البصري ـ مقطع من المحاضرة 218

ألقيت في الليلة الثانية من شهر شعبان من عام 1435 هجري قمري بمدينة قمّ المقدّسة

ألقاها:
سماحة آية اللـه السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني حفظه اللـه

 

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلَّى الله على سيِّدنا ونَبيِّنا أبي القاسم محمّد
وعلى آله الطيِّبين الطاهرين واللعنة على أعدائِهم أجمعين

    

شهر شعبان بوّابة للدخول إلى شهر رمضان المبارك

نحن الآن في شهر شعبان، وهو الشهر الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «شعبان شهري»؛[1] كما ورد ذلك في بعض الآثار والأحاديث المنقولة عنه صلى الله عليه وآله. ولهذا الشهر خصوصيّة، وهي أنَّ بهاء وعظمة الفيوضات الإلهيّة تكون مقترنة بنوع من النشاط والسرور والفرح والانبساط؛ وهو ما لم يكن موجودًا في شهر رجب، كما أنّه سيكون في شهر رمضان بشكل آخر؛ لأنّ شهر رمضان هو شهر الرحمة، حيث يستطيع الإنسان أن يلمس هذه المسألة بنفسه، كما يغلب على شهر رجب الجانب التوحيدي. وأمّا بالنسبة لشهر شعبان، ففي نفس الوقت الذي يكون الجانب الروحاني فيه شديدًا، فإنّه يكون مقرونًا بحالة من انبساط الروح وانشراح الصدر والبشاشة؛ ويكون شهر شعبان على هذا النحو لتعلّقه بنفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، حيث نُقل عن بعض العظماء أيضًا حصول هكذا حال لهم في شهر شعبان، إذ كانوا يشعرون بشكل كامل بتعلّق هذا الشهر بنفس رسول الله.
لذا، نجد أنّ جميع الأدعية والمناسبات الواردة في هذا الشهر تنحو نفس هذا المنحى؛ نظير ما نُشاهده في المناجاة الشعبانيّة على سبيل المثال، والتي هي مناجاة عجيبة للغاية؛ فهي ليست تلك المناجاة التي تأخذ الإنسان إلى جوٍّ من الحزن والغمّ، بل تُتيح للإنسان أن يُناجي ربّه ويعرض أحواله عليه و...، وفي نفس الوقت، يشعر بأنّ الأبواب قد فُتحت بوجهه وأنّه حصل على إذن الدخول، أن:
تعال وادخل! لماذا أنت جالس؟ تحرّك من مكانك الذي أنت فيه وتعال؛ فالأبواب مشرعة أمامك، لم كلّ هذا التأخير؟ لم كلّ هذا الكسل؟ لماذا لا تجلس على هذه المائدة وتتناول منها؟
ولهذا، من المهمّ جدًّا بالنسبة للإنسان أن يلتفت إلى أنَّ الله تعالى قد جعل شهر شعبان بوّابةً للورود إلى شهر رمضان؛ وهذا سرٌّ من الأسرار، حيث لم يأت شهر رمضان بعد شهر رجب مباشرة، بل يأتي أوّلاً شهر رجب ليترك آثاره التوحيديّة على الإنسان، ثمّ يحصل له انشراح صدر في هذا الشهر [شهر شعبان]، ومن ثمّ يتمّ الورود في تلك الرحمة الخاصة النازلة في شهر رمضان. إنَّ هذا الترتيب الذي جعله الله هنا يعكس الأطوار المختلفة لظهوره، وكيف أنَّه تعالى يجذب الإنسان ويسحبه من خلال هذه الأشكال المختلفة من الظهور، ويبدّل حاله وأفكاره ورغباته، ويزرع الشوق في نفسه، حيث أنّ الشوق والرغبة الشديدة والاشتياق للحركة نحو الله تعالى يزداد في شهر شعبان؛ وهذا من خصوصيّات هذا الشهر. ولذا، ترى العظماء يؤكِّدون بشكل كبير على المراقبة في هذا الشهر، وكانوا يقولون: عليكم بالمراقبة كثيرًا، إيّاكم وأن تُضيِّعوا شهر شعبان من أيديكم؛ فهو عبارة عن ظهور خاصّ.

    

أهمّية إحياء ليلة النصف من شعبان

ويبدو أنّه بوسعنا القول بأنَّ شهر شعبان هو مقدّمة لتلك الفائدة التي ستُجنى في شهر رمضان، لا سيّما وأنَّ ولادة بقية الله الحجّة بن الحسن الإمام المهدي أرواحنا لتراب مقدمه الفداء كانت في ليلة النصف منه، والتي يُعدّ إحياؤها من الأمور المؤكّدة، حيث لم أشاهد طوال عمري الذي قضّيته مع المرحوم الوالد رضوان الله عليه أنَّه كان ينام في تلك الليلة، وإذا ما أراد أن يأخذ قسطًا من الراحة، فقد كان ينام بمقدار نصف ساعة أو ساعة ليكون مستيقظًا طوال تلك الليلة. كما كان يوصي أصدقاءه بإحيائها، وكان يقرأ دعاء كميل في هذه الليلة بنفسه، حتّى إنّني كنت أستمع إلى صوت قراءته، حيث كان يحفظ هذا الدعاء عن ظهر قلب، وكان يداوم على قراءته في ليالي الجمعة بعد عودته من النجف، لكنّه توقّف عن ذلك بعد بضعة سنوات. ولا زلت أتذكّر، بل وكأنّي أسمع الآن صوته عند قراءته لدعاء كميل في مجلس يضمّ جمع من بعض الخواصّ من أصدقائه الذين كانوا يأتون من هنا وهناك للاجتماع في منزله. نعم، فكم كان صوته عذب عند القراءة، غير أنَّ ممّا يؤسف له هو عدم امتلاكنا لجهاز تسجيلٍ للصوت في ذلك الوقت لنقوم بتسجيل صوته.
وخلاصة الأمر، فإنَّه يمكن الحصول على الكثير في هذه الليلة، وقد سمعت من المرحوم العلاّمة ومن أساتذته بأنَّ هنالك الكثير من الأمور المهمّة في ليلة النصف من شعبان، وأهمّ ما فيها هو أنَّ ظهور الولاية الكليّة الإلهية للإمام الحيّ تحصل في مثل هذه الليلة؛ وبذلك تجري وتسري البركات على جميع العوالم بواسطة نفسه القدسيّة.
ولذا، من المناسب أن يقوم الإخوة بإحياء ليلة النصف من شعبان في منازلهم إمّا بشكل منفرد أو على شكل جماعات مكوّنة من شخصين أو ثلاثة أو أكثر، فلا بأس في ذلك. ونحن نترقّب منهم بأن يأتوننا بأخبار ما سيحصلون عليه؛ فلا يجدر بهم الذهاب خفية وعلى حدّ قولهم: لقد شرب كأس الخمر ومسح فمه وكأنَّ أمرًا لم يحصل!
عندما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأتي إلى المسجد في الصباح، كان يقول: «أيّكم يأتيني بالمبشّرات»؛ أي: إن حصلت لأحدكم واردة قلبية أو قضيّة معينة أو شهود أمرٍ ما أو انكشاف مطلب معيّن عند قيامه في الليل للتهجّد، فليبيّنه لنا.
وحاصل الأمر أنّ هذه الليلة هي ليلة غاية في الأهميّة، وعلى الإنسان اغتنامها وعدم تضييعها بالكلام العادي والأمور المتعارفة؛ فإن حصل حديث، فلا بأس بذلك، ولكن ليكن الحديث في إطار هذه المسائل؛ لأنّ الحديث العادي ـ كحصول هزّة أرضية في مكان ما أو حرب أو صلح في مكان آخر ـ لا يُفيدنا في شيء؛ فلقد سمعنا عن مثل هذه الأمور، وجرّبناها بأنفسنا، وقضينا فيها مدّة من العمر، ورأينا حاصل ذلك.. لا يا عزيزي! عليك أن تسلك ذلك الطريق الذي سلكه القاصدون للحقيقة، وأمّا تلك الأمور، فلا توصل الإنسان لأيّ مكان، كما لا حدّ ولا نهاية لها؛ وهي دائمًا تجري على هذا المنوال. فالذي يصرف وقته ـ من أمثالي ـ في تتبّع هذه الأمور يكون قد خُدِع، وأمّا إذا كان الإنسان يريد أن يكسب في عمره شيئًا، فعليه سلوك طريق آخر، حيث يكون من المناسب جدًّا في هذه الليلة قراءةُ أشعار العظماء، بل هذا هو الوقت المناسب لقراءتها؛ كأشعار حافظ الشيرازي ومولانا جلال الدين الرومي والفيض الكاشاني والحاج الميرزا حبيب وابن الفارض وأمثال ذلك؛ وحاصل الأمر، أنّ هذا هو المحيط المناسب لشمول عباد الله بتلك الرحمة الإلهيّة وتنزّلها عليهم.
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لطيّ ذلك الطريق الذي وفّق أولياءه وخواصّ باب رحمته لطيّه، وأن يُفيض علينا من رحمته ونعمه وفيوضاته الخاصّة، وأن يجعلنا من الشاكرين والعارفين بقدر نعمة الولاية التي منَّ الله علينا بها، وأن يُنيلنا من كلّ ما يكون موردًا لرضاه ببركة مواليد شهر شعبان المبارك، لاسيّما حضرة بقية الله في الأرض.
اللهمَّ صلِّ على محمّد وآلِ محمّد


[1] ـ مصباح المتهجّد، ص 825.

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی