معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > الأبحاث العلمية و الإجتماعية > ولاية‌ الفقيه‌ في‌ حكومة‌ الإسلام > ولاية‌ الفقيه‌ في‌ حكومة‌ الإسلام المجلد الثالث
کتاب ولایة الفقیه فی حکومة الاسلام / المجلد الثالث / القسم الثامن: وظیفة الولی الفقیه، الاسلام و المحافظة علی حقوق الاقلیات

رواية‌ قتادة‌ في‌ تفسير: وَاجْعَل‌ لِّي‌ مِن‌ لَّدُنكَ سُلْطَـ'نًا نَصِيرًا

 يقول‌ ابن‌ كثير في‌ تفسير هذه‌ الآية‌؛ قال‌ قتادة‌:

 إنَّ نَبي‌َّ اللَهِ صلَّی اللَهُ علیهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ، عَلِمَ أنْ لاَطاقَةَ لَهُ بِهَذا الاَمْرِ إلاَّ بِسُلْطانٍ؛ فَسَأَلَ سُلْطاناً نَصيراً لِكِتابِ اللَهِ وَلِحُدودِ اللَهِ وَلِفَرائِضِ اللَهِ وَلإقامَةِ دينِ اللَهِ. فَإنَّ السُّلْطانَ رَحْمَةٌ مِنَ اللَهِ؛ جَعَلَهُ بَينَ أظْهُرِ عِبادِهِ. وَلَوْلا ذَلِكَ لاَغارَ بَعْضُهُمْ عَلَیبَعْضٍ، فَلاَكَلَ شَديدُهُمْ ضَعيفَهُمْ.

 أي‌ قد علم‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ أن‌ لا طاقة‌ له‌ علی‌ تنفيذ أمر النبوّة‌ وإبلاغ‌ الرسالة‌ إلاّ بسلطان‌ وقدرة‌ من‌ الله‌، ومن‌ خلال‌ حكومة‌ ونظام‌ يحصل‌ علیهما من‌ الله‌ عزّ وجلّ ( السلطان‌ بمعني‌ القدرة‌، لابمعني‌ الملك‌ والتسلّط‌ ). وَاجْعَل‌ لّـِي‌ مِن‌ لَّدُنكَ سُلْطَـ'نًا نَّصِيرًا، يعني‌ قُدْرَةً وأُبَّهَةً. أي‌ السلطان‌ الذي‌ ينصرني‌ ويعينني‌ في‌ هذا الطريق‌ الذي‌ يمكن‌ نشر دين‌الله‌ من‌ خلاله‌.

 كان‌ النبي‌ّ علی‌ يقين‌ قاطع‌ من‌ إتيان‌ السلطة‌ والقدرة‌ من‌ الله‌، ولذا طلب‌ منه‌ تعإلی‌ سلطاناً نصيراً. أي‌ سلطاناً يكون‌ منصوراً لايُهزَم‌، وقوّة‌ لاتتراجع‌، وإرادة‌ واهتماماً وولاية‌ تكون‌ بارزة‌ وقاهرة‌ للكفّار والمعاندين‌، لتطبيق‌ كتاب‌ الله‌ في‌ الواقع‌ الخارجي‌ّ.

 فلو لم‌يكن‌ هذا السلطان‌ موجوداً لما أمكن‌ تنفيذ الحدود الإلهيّة‌، وقد طلب‌ النبي‌ّ هذا السلطان‌ لاجل‌ فرائض‌ الله‌، ولاجل‌ إقامة‌ دين‌الله‌، لانَّ القدرة‌ الإلهيّة‌ والسلطان‌ الممنوح‌ من‌ الله‌ والذي‌ يسمح‌ للإنسان‌ بتأسيس‌ الحكومة‌ هو رحمة‌ من‌ الله‌، إذ أنزل‌ هذا السلطان‌ بين‌ الناس‌ لكي‌ يطبّق‌ النبي‌ّ الاحكام‌ الإلهيّة‌ التي‌ هي‌ حقّ بينهم‌. ولو لم‌ يتحقّق‌ ذلك‌ لاغار بعض‌ الناس‌ علی‌ بعض‌، ولاكل‌ قويّهم‌ ضعيفهم‌، وأغنياؤهم‌ فقراءهم‌.

 ثمّ يقول‌ بعد ذلك‌:

 وَاختارَ ابنُ جَرير قَوْلَ الحَسَنِ وَقُتادَةِ وَهُوَ الاَرْجَحُ؛ لاِ نَّهُ لاَبُدَّ مَعَ الحَقِّ مِنْ قَهْرٍ لِمَنْ عاداهُ وَناوَأَهُ.

 وَلِهَذَا يَقُولُ تَعَإلَی‌: لَقَدْ أَرْسَـلْنَا رُسُـلَنَا بِالْبَيّـِنَـ'تِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَـ'بَ وَالْمِيـزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْـطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيِهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَـ'فِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَـمَ اللَهُ مَـن‌ يَنْصُـرُهُ و وَرُسُـلَهُ و بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَهَ قَـوِيٌّ عَزِيـزٌ. [1]

 يقول‌ الله‌ تعالی‌: لقد أرسلنا أنبياءنا بالبيّنات‌ ( المعجزات‌ والبراهين‌ والحجج‌ القاطعة‌ والادلّة‌ الساطعة‌ ) إلی‌ الناس‌، وأنزلنا معهم‌ الكتاب‌ والميزان‌ لكي‌ يقوم‌ الناس‌ بالقسط‌، ويعملوا بالعدالة‌ فيما بينهم‌، فلايستبيحوا ظلم‌ بعضهم‌ البعض‌، ولا يأكلوا حقوق‌ بعضهم‌، ولايعتدوا علی‌ أعراض‌ وأموال‌ بعضهم‌. والخلاصة‌، لكي‌ يتحقّق‌ قيام‌ معنوي‌ّ وقيام‌ مادّي‌ّ بالقسط‌ والعدل‌ من‌ جميع‌ الجهات‌ بين‌ الناس‌، ويتعامل‌ الناس‌ فيما بينهم‌ علی‌ أساس‌ العدل‌.

 ثمّ يقول‌ بعد ذلك‌: وأنزلنا الحديد فيه‌ بأس‌ شديد، كما أنَّ فيه‌ منافع‌ للناس‌ أيضاً. ولاجل‌ أن‌ يمتحن‌ الله‌ ويميّز الذين‌ ينصرونه‌ تحت‌ راية‌ النبي‌ّ بهذا الحديد.

 من‌ فوائد نزول‌ الحديد ( أي‌ إيجاده‌ والسماح‌ بالتعامل‌ به‌ ) بين‌ الناس‌ هي‌ قيام‌ الناس‌ بالحقّ، بأن‌ يصنعوا السيوف‌ والرماح‌ والسهام‌ ويحملونها وينهضوا لنصرة‌ ومساعدة‌ الانبياء، ويقاتلوا تحت‌ رايتهم‌ ضدّ المعاندين‌ ليقضوا علی‌ المعتدين‌ ويجتثّوا الغدد السرطانيّة‌ التي‌ تصيب‌ كلّ المجتمع‌. فهذه‌ فائدة‌ الحديد.

 ولم‌ نرسل‌ من‌ نبي‌ّ إلاّ وأرسلنا معه‌ ربّيّون‌، أي‌ أشخاصاً طاهرين‌ وأنقياء وإلهيّين‌ ومتربّين‌ علی‌ يديه‌، ومربّين‌ للبشر، يجاهدون‌ في‌ ركابه‌ ويقاتلون‌ الكفّار. هذا كلّه‌ من‌ فوائد الحديد.

 والحديد يعني‌ الحكومة‌، يعني‌ ولاية‌ الفقيه‌، فإذا أرسل‌ الله‌ نبيّاً إذَن‌ دون‌ أن‌ يكون‌ لديه‌ حديد، فإنَّه‌ يكون‌ قد أرسل‌ نبيّاً من‌ دون‌ ضمانة‌ للتنفيذ، إلاّ أن‌ يقوم‌ بتأسيس‌ الحكومة‌، والحكومة‌ تعني‌ الحديد.

 ثمّ يقول‌ ابن‌ كثير:

 وفِي‌ الحَدِيثِ: إنَّ اللَهَ لَيَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لاَ يَزَعُ بِالقُرْآنِ ] وَزَعَ يَزَعُ وَيَزِعَ وَزْعاً فُلاناً وَبِفُلانٍ: كَفَّهُ وَمَنَعَهُ [ أي‌ لَيَمْنَعُ بِالسُّلْطَانِ عَنِ ارْتِكابِ الفَواحِشِ وَالآثَامِ ما لا يَمْتَنِعُ كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ بِالقُرْآنِ وَما فيهِ مِنَ الوَعيدِ الاَكيدِ وَالتَّهْديدِ الشَّديدِ، وَهَذا هُوَ الوَاقِعُ. [2]

 أي‌ ما يوجب‌ في‌ القرآن‌ ( من‌ آيات‌ جهنّم‌ والعذاب‌ والقيامة‌ وعاقبة‌ الاعمال‌ ) ما لم‌ يكن‌ هناك‌ سلطان‌، ولم‌ تُطبَّق‌ تلك‌ الآيات‌ بين‌ الناس‌، فإنَّ الناس‌ لم‌يصلوا بأنفسهم‌ إلی‌ تلك‌ الدرجة‌ من‌ العقل‌ والدراية‌ لكي‌ يلتفتوا إلی‌ القرآن‌ ويعملوا به‌ ليصلوا إلی‌ الحقيقة‌ والواقع‌. فهم‌ يحتاجون‌ إلی‌ السلطان‌ ليؤدِّب‌ من‌ يرتكب‌ مخالفة‌ أو جناية‌، وفقاً لآيات‌ القرآن‌ ويُقيم‌ علیه‌ الحدّ الإلهي‌ّ.

 فضمان‌ تطبيق‌ القرآن‌ هو ولاية‌ القرآن‌، وضمان‌ تطبيق‌ القرآن‌ هو هو نبوّة‌ القرآن‌، وضمان‌ تطبيق‌ القرآن‌ هو إمامة‌ القرآن‌. فحقيقة‌ روح‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ تلك‌ التي‌ هي‌ سلطنته‌، وحقيقة‌ روح‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، وفي‌ كلّ زمان‌ حجّة‌ ذلك‌ العصر إلی‌ صاحب‌ الزمان‌ عجّل‌ الله‌ تعإلی‌ فرجه‌، وولاية‌ الفقيه‌ في‌ ظلّ ولاية‌ صاحب‌ الزمان‌ علیه‌ السلام‌ لمن‌ يتمكّن‌ من‌ تطبيق‌ القرآن‌ بين‌ الناس‌، وإلاّ لالقي‌ الناسُ ـلو تركوا وأنفسهم‌ـ القرآنَ جانباً ولم‌ يعملوا به‌، وكان‌ الكثير من‌ الناس‌ لايأبهون‌ بالقرآن‌.

 بل‌ إنَّ أكثر الناس‌ إن‌ لم‌ يكن‌ ثمّة‌ رادع‌ ومانع‌ وخوف‌ وتهديد خارجي‌ّ ولايتي‌ّ للفقيه‌ لا يأبهون‌ بالقرآن‌! وإنَّما يكون‌ القرآن‌ عزيزاً ومحترماً بين‌ الناس‌ عندما يمتلك‌ ضمانة‌ التطبيق‌. وضمان‌ تنفيذه‌ هو الولي‌ّ الفقيه‌ الذي‌ عُبِّر عنه‌ في‌ هذه‌ الرواية‌ ب السلطان‌.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ  وَآالِ مُحَمَّد

 

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

بِسْـمِ اللَهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِـيـمِ

وصلَّی اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ الآنَ إلَی‌ قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العلی‌ِّ العَظِيمِ

 

آية‌: الَّذِينَ إِن‌ مَّكَّنَّـ'هُمْ فِي‌ الاْرْضِ أَقَامُوا الصَّلَو'ةَ وَءَاتَوُا الزَّكَو'ةَ

وظيفة‌ الولي‌ّ الفقيه‌ الجهاد والامر بالمعروف‌ والنهي‌ عن‌ المنكر

 إنَّ الحكومات‌ العادلة‌ التي‌ أُقيمت‌ وتُقام‌ بين‌ الاُمم‌ والشعوب‌ المختلفة‌ في‌ العالم‌ إنَّما تكون‌ علی‌ أساس‌ حفظ‌ سنن‌ تلك‌ الاُمم‌ والشعوب‌، والحفاظ‌ علیهم‌ طبيعيّاً ومادّيّاً. أي‌ أنَّ أفضل‌ حكومة‌ عندهم‌ تلك‌ التي‌ تضمن‌ الامن‌ الداخلي‌ّ، وتحفظ‌ الحدود من‌ اعتداء الاجانب‌ والاعداء، وتعمل‌ علی‌ إعمار البلاد، وسلامة‌ الشعب‌، وتحافظ‌ علی‌ العادات‌ والتقإلید الخاصّة‌ لتلك‌ الاُمّة‌؛ ولا تتخطّي‌ أي‌ّ من‌ تلك‌ الحكومات‌ هذه‌ الاُمور الاربعة‌.

 وأمّا حكومة‌ الإسلام‌ التي‌ يتولاّها الولي‌ّ الفقيه‌ فهي‌ لاتتولّي‌ الاُمور العمرانيّة‌ والامن‌ الداخلي‌ّ وحفظ‌ الحدود والعادات‌ والتقإلید الاجتماعيّة‌ فحسب‌، بل‌ هي‌ مسؤولة‌ عن‌ توجيه‌ الناس‌ إلی‌ الصلاة‌، أي‌ عن‌ إقامة‌ الصلاة‌، وإيتاء الزكاة‌، أي‌ جمع‌ الزكوات‌ وإيصالها إلی‌ مستحقّيها، ومن‌ الامر بالمعروف‌، أي‌ عن‌ إلجاء الناس‌ إلی‌ كلّ ما هو معروفاً عند الله‌ ورسوله‌ علی‌ ضوء الآيات‌ القرآنيّة‌، وإبعاد الناس‌ ومنعهم‌ عن‌ كلّ ما هو منكر في‌ القرآن‌ الكريم‌ وسنّة‌ الرسول‌. فهذا من‌ وظائف‌ حكومة‌ الإسلام‌. ولايمكن‌ للحكومة‌ الإسلاميّة‌ أن‌ تستقرّ إلاّ إذا اهتمّ الحاكم‌ بهذه‌ الاُمور، وسعي‌ لتحقيق‌ هذا المعني‌ في‌ الاُمّة‌ الإسلاميّة‌.

 جاء في‌ سورة‌ الحجّ قوله‌ تعإلی‌: الَّذِينَ إِن‌ مَّكَّنَّـ'هُمْ فِي‌ الاْرْضِ أَقَامُوا الصَّلَو'ةَ وَءَاتَوُا الزَّكَو'ةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَـ'قِبَةُ الاْمُورِ. [3]

 إنَّ الذين‌ يحملون‌ لواء الحكومة‌ الإسلاميّة‌ وأُذِنَ لهم‌ بالحرب‌ والدفاع‌ والمحافظة‌ علی‌ مقدّسات‌ وبيضة‌ الإسلام‌، هم‌ الذين‌ إذا ما مكّنّاهم‌ في‌ الارض‌ وآتيناهم‌ القدرة‌ فسيقومون‌ بهذه‌ الاُمور الاربعة‌:

 الاوّل‌: إقامة‌ الصلاة‌؛ فلا يكفي‌ كونهم‌ من‌ المصلّين‌، بل‌ علیهم‌ إقامة‌ الصلاة‌ في‌ البلاد الإسلاميّة‌، فعلیهم‌ الاهتمام‌ ببناء المساجد، وأن‌ لايتوانوا في‌ ذلك‌، كأن‌ يقولون‌: دعوا المساجد الآن‌، وعلیكم‌ ببناء المدارس‌!

 بناء المدرسة‌ شي‌ء مطلوب‌ في‌ مكانه‌، ولكنَّ المسجد هو القاعدة‌ الاُولي‌، وعلی‌ جميع‌ أفراد المجتمع‌ أن‌ يجتمعوا في‌ المساجد وإملائها بحشود المصلّين‌، كما يجب‌ أن‌ تبني‌ في‌ كلّ محلّة‌ مسجد كبير تقام‌ فيه‌ الصلوات‌ الخمس‌ في‌ المسجد الجامع‌. وأساساً، لا معني‌ لتأسيس‌ ولاية‌ الفقيه‌ من‌ دون‌ إقامة‌ صلاة‌ الجماعة‌ من‌ قبل‌ شخص‌ الولي‌ّ الفقيه‌.

 اهتمّ جميع‌ الخلفاء الذين‌ جاءوا بعد النبي‌ّ اهتماماً بالغاً بإقامة‌ الصلاة‌ في‌ أوقاتها. وحتّي‌ خلفاء الجور فقد كانوا يتركون‌ أهمّ أعمالهم‌ ويذهبون‌ إلی‌ المسجد الجامع‌ عند حلول‌ وقت‌ الصلاة‌، فيقيمون‌ الصلاة‌ ثمّ يعودون‌ إلی‌ وظائفهم‌.

 فإقامة‌ الصلاة‌ في‌ المجتمع‌ الإسلامي‌ّ وحثّ الناس‌ إلیها وضروريّاتها من‌ أوّليّات‌ حكومة‌ الولي‌ّ الفقيه‌.

 والثاني‌: ءَاتَوُا الزَّكَو'ةَ؛ فيجمعون‌ الزكاة‌ ويؤدّونها إلی‌ المستحقّين‌ من‌ المساكين‌ والفقراء وأصحاب‌ الديون‌ العاجزين‌ عن‌ أدائها لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَـ'كِينِ وَالْعَـ'مِلِينَ علیهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَفِي‌ الرِّقَابِ وَالْغَـ'رِمِينَ [4]، وإيصالها بشكل‌ عامّ إلی‌ الاصناف‌ الثمانية‌ التي‌ ذُكرت‌ في‌ القرآن‌.

 والثالث‌: الامر بالمعروف‌؛ بشكل‌ ينتشر فيه‌ المعروف‌ علی‌ جميع‌ المستويات‌ العامّة‌ في‌ البلاد.

 والرابع‌: النهي‌ عن‌ المنكر؛ إلی‌ أن‌ لا يبقي‌ له‌ أثر.

 فجميع‌ هذه‌ الاُمور من‌ الوظائف‌ الاساسيّة‌ للولي‌ّ الفقيه‌.

 إِنَّ اللَهَ يُدَ ' فِعُ عَنِ الَّذِينَ ءَامَنُو´ا إِنَّ اللَهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ* أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَـ'تَلُونَ بِأَ نَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَهَ علی‌' نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن‌ دِيَـ'رِهِم‌ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلآ أَن‌ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَهِ النَّاسَ بَعْضَهُم‌ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَ ' مِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَ ' تٌ وَمَسَـ'جِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَهُ مَن‌ يَنصُرُهُ و´ إِنَّ اللَهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. [5]

 فالله‌ تعإلی‌ يدافع‌ عن‌ الذين‌ آمنوا من‌ مكر وخداع‌ العدوّ وما يتعرّضون‌ له‌ من‌ تعذيب‌ وظلم‌، ومِن‌ كلّ مَن‌ يحمل‌ نوايا سوء وخيانة‌ تجاههم‌ ويقصد التظلم‌ والتعدّي‌ علی‌ هذا الحريم‌ المقدّس‌ للعترة‌ الإلهيّة‌ المبنيّة‌ علی‌ أساس‌ التقوي‌ والصدق‌ والعصمة‌ والعدالة‌ والإيمان‌ والإيقان‌، والله‌ تعإلی‌ لايحبّ كلّ خوّان‌ كفور.

 ولقد أُذِنَ للذين‌ يقاتلون‌ المشركين‌ والكفّار ويعتدون‌ علیهم‌ ويهاجمونهم‌ بحمل‌ السلاح‌ ومقاتلة‌ المعتدين‌ والدفاع‌ عن‌ حقّهم‌ ( ضدّ الظلم‌ الذي‌ قد حلّ بهم‌ ).

 أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَـ'تَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، أي‌ بسبب‌ كونهم‌ أ نَّهُمْ صاروا مَظْلومينَ مَقْهورينَ؛ فيجب‌ أن‌ يحملوا السلاح‌ ويدافعوا عن‌ حقّهم‌، ويجب‌ الوقوف‌ ضدّ كلّ خوّان‌ و كفور ممّن‌ لا يبإلی‌ بالإسلام‌ ويحارب‌ المؤمنين‌ ويهتك‌ حقوقهم‌ ويظلمهم‌ ومقابلته‌ بالمثل‌، كما من‌ الواجب‌ واللازم‌ علیهم‌ أن‌ يشكّلوا محوراً علی‌ أساس‌ الحكومة‌ واستقرار الولاية‌ ليتمكّنوا من‌ الدفاع‌ والهجوم‌ علی‌ ذلك‌ الاساس‌، وأنَّ الله‌ علی‌ نصرهم‌ لقدير.

 إنَّ هؤلاء وإن‌ كانوا قليلين‌ إلی‌ درجة‌ يمكن‌ إحصاؤهم‌ في‌ مدّة‌ قصيرة‌، لكنّهم‌ علی‌ الحقّ وتعلّقت‌ نيّاتهم‌ وإراداتهم‌ بالثبات‌ والواقعيّة‌، والله‌ زاد تلك‌ الإرادة‌ والنوايا قوّة‌ ورشداً ونصرهم‌، وهو علی‌ نصرهم‌ لقدير.

 فعلی‌ هذه‌ الجماعة‌ إذَن‌ وبمقتضي‌ الإذن‌ الإلهي‌ّ أن‌ تذهب‌ وتدافع‌ عن‌ حقّها، لتشكّلها من‌ أُناس‌ قد أخرجهم‌ العدوّ بلا حقّ من‌ بيوتهم‌ وأرضهم‌ وبلادهم‌ وديارهم‌، وأبعدهم‌ عن‌ مكّة‌ من‌ دون‌ أي‌ّ ذنب‌. وكان‌ ذنبهم‌ الوحيد أ نَّهم‌ قالوا: رَبُّنَا اللَهُ. وبما أ نَّهم‌ عصوا وتمرّدوا علی‌ عبادة‌ الآلهة‌ المتعدّدة‌، وتخلّوا عن‌ طاعة‌ أرباب‌ الدنيا والشرك‌ بالله‌ وإطاعة‌ الكبراء، وأقرّوا بإطاعة‌ الله‌ عزّ وجلّ وحده‌، فقد صاروا عرضة‌ للظلم‌ وقهر العدوّ، وكان‌ هذا أكبر ذنب‌ لهم‌ ليخرجوهم‌ من‌ بيوتهم‌ وبلادهم‌ ويضطرّونهم‌ للّجوء إلی‌ الصحاري‌ والهجرة‌ إلی‌ المدينة‌ علی‌ شكل‌ أقلّيّة‌.

 وليس‌ إذْن‌ القتال‌ الذي‌ نعطيه‌ لهؤلاء الناس‌ ليحفظوا به‌ أرواحهم‌ فحسب‌، بل‌ لحفظ‌ ناموس‌ الإسلام‌، وشرف‌ القرآن‌، وشرف‌ مسجد وروح‌ رسول‌الله‌.

 لا نَّه‌ إن‌ لم‌ يأذن‌ الله‌ ولم‌ يدفع‌ الناس‌ بعضهم‌ ببعض‌ ( أي‌ المؤمنين‌ بالكفّار ) فستزول‌ وتدمّر جميع‌ المعابد الموجّهة‌ لعالَم‌ المعني‌ والروحانيّة‌ بأي‌ّ صورة‌ وكيفيّة‌ كانت‌ ( سواء كانت‌ بشكل‌ صومعة‌ أم‌ كنيسة‌ ودير أم‌ مساجد يذكر فيها اسم‌ الله‌ كثيراً ) ولا يبقي‌ في‌ العالم‌ ثمّة‌ مسجد أو كنيسة‌.

 فإنَّما يُعطي‌ الإذن‌ بالقتال‌ للحكومة‌ الإسلاميّة‌ لحفظ‌ وإقامة‌ المساجد، وسينصرها الله‌ تعإلی‌ يقيناً، والله‌ يتعهّد نصرة‌ مَن‌ ينصره‌؛ والله‌ قوي‌ّ عزيز، أي‌ أ نَّه‌ صـاحب‌ قدرة‌ وعزّة‌ معـاً، ولا يحلّ فيه‌ فتـور أو انكسار أو ثلمة‌.

 والذين‌ أُذِنَ لهم‌ بالذهاب‌ وقتال‌ الظالمين‌ لحفظ‌ بيضة‌ الإسلام‌ والحكومة‌ التي‌ أسّسها الولي‌ّ الفقيه‌ هم‌ أُناس‌: إِن‌ مَّكَّنَّـ'هُمْ فِي‌ الاْرْضِ أَقَامُوا الصَّلَو'ةَ. فقد جاءت‌ هذه‌ الآية‌ كتفسير وبيان‌ لاُولئك‌ الافراد، وقد ذكرتهم‌ بهذه‌ الصفات‌ الاربعة‌: فإنَّهم‌ إن‌ تمكّنوا في‌ الارض‌ واستلموا الحكم‌، لايتّجهون‌ إلی‌ العمران‌ الظاهري‌ّ ـالذي‌ هو جهة‌ مشتركة‌ بين‌ جميع‌ ملل‌ الشرك‌ والكفر والإسلام‌ـ فقط‌، لانَّ هذا الجانب‌ مشترك‌ ولايوجب‌ مزيّة‌ للإسلام‌ علی‌ سائر الاديان‌. وإنَّما يعتقدون‌ أنَّ ما يوجب‌ لمزيّة‌ حكومة‌ الإسلام‌ علی‌ سائر الاديان‌ والذي‌ يجعل‌ الإسلام‌ إسلاماً هو: أنَّ علی‌ الولي‌ّ الفقيه‌ إقامة‌ الصلاة‌ وإيتاء الزكاة‌ والامر بالمعروف‌ والنهي‌ عن‌ المنكر في‌ جميع‌ بلاد الإسلام‌ علی‌ سعتها وتراميها.

إنَّ إرسال‌ الانبياء لإخراج‌ الناس‌ من‌ نير الظالمين‌

 وردت‌ رواية‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ تُبيِّن‌ علّة‌ بعثة‌ الانبياء وعلّة‌ بعثة‌ خصوص‌ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌.

 كانت‌ بعثة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ لاجل‌ دعوة‌ الناس‌ إلی‌ الله‌ فقط‌، وإخراجهم‌ من‌ العهود الجاهليّة‌ وطاعة‌ العتاة‌ والعصاة‌ من‌ أهل‌ الظلم‌ والجور، والخروج‌ بهم‌ من‌ طاعة‌ أرباب‌ الانواع‌ الذين‌ يستعبدون‌ الناس‌ ويستغلّونهم‌ في‌ الارض‌ ويدعونهم‌ إلی‌ عبوديّتهم‌. فلقد بُعث‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ ليمسك‌ بعنان‌ الناس‌ الذين‌ كانوا في‌ حالة‌ طاعة‌ للعباد، ويعيدهم‌ إلی‌ إطاعة‌ الله‌ مع‌ جميع‌ ما يستلزمه‌ ذلك‌ من‌ لوازم‌ وآثار.

 وكلام‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ الخطبة‌ التي‌ ذكرها عندما كان‌ متوجّهاً إلی‌ صفّين‌ في‌ منطقة‌ ذي‌ قار، هو:

 أَمَّا بَعْدُ: فَإنَّ اللَهَ تَبارَكَ وَتَعَإلَی‌ بَعَثَ مُحَمَّداً صلَّیاللَهُ علیهِ وَآلِهِ بِالحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ عِبَادِهِ إلَی‌ عِبَادَتِهِ؛ وَمِنْ عُهُودِ عِبَادِهِ إلَی‌ عُهُودِهِ؛ وِمِنْ طَاعَةِ عِبَادِهِ إلَی‌ طَاعَتِهِ؛ وَمِنْ وِلاَيَةِ عِبَادِهِ إلَی‌ وِلاَيَتِهِ؛ بَشِيراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إلَی‌ اللَهِ بِإذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً. [6]

 لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ عِبَادِهِ إلَی‌ عِبَادَتِهِ. « اللام‌ » هنا للتعلیل‌، فعلّة‌ بعثة‌ محمّد صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ بالحقّ هي‌ أن‌ يخرج‌ الله‌ عباده‌ من‌ عبادة‌ عباده‌ إلی‌ عبادته‌؛ فكلّ من‌ يحني‌ رأسه‌ لغير الحقّ فقد عظّم‌ الشرك‌ وعبادة‌ الاصنام‌ والثنويّة‌ والوثنيّة‌. وكلّ من‌ أطاع‌ عبداً أو شخصاً أو رئيساً أو ملكاً حاكماً غير الله‌ فقد توجّه‌ بقلبه‌ إلی‌ عالم‌ الاعتبار والوهم‌ والشرك‌ والثنويّة‌ والظلم‌؛ و إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ.[7]

 فمن‌ عَبَدَ أحدَ عباد الله‌ وتوجّه‌ بقلبه‌ إلیه‌ فقد خرج‌ من‌ عالم‌ التوحيد. لقد جاء النبي‌ّ ليخرج‌ القلوب‌ من‌ عبادة‌ عباد الله‌ ويسوقها إلی‌ عبادة‌ الله‌ ويأمرها بذلك‌ ( العبادة‌ في‌ مرحلة‌ الطاعة‌ وفي‌ مرحلة‌ العمل‌ معاً ). ولذا يقول‌ علیه‌ السلام‌ بعد ذلك‌: وَمِنْ عُهُودِ عِبَادِهِ إلَی‌ عُهُودِهِ؛ ليخرجها من‌ عهود الناس‌ ويدخلها في‌ عهود الله‌. أي‌ يحلّل‌ الناس‌ من‌ جميع‌ التعهّدات‌ والاتفاقيّات‌ التي‌ عقدها عباد الله‌ مع‌ غير الله‌، التي‌ أسرتهم‌ عبيداً أو جعلتهم‌ خدماً أو غلماناً لهم‌، ويعدّونهم‌ آمرين‌ ومسيطرين‌ علیهم‌، ويعدّون‌ أنفسهم‌ مأمورين‌ وأذلإ ومساكين‌؛ ولإزالة‌ الآلهة‌ الكاذبة‌ وإحلال‌ الإله‌ الحقيقي‌ّ والواقعي‌ّ مكانهم‌.

 ألم‌ يكونوا يقولون‌ للشاه‌ الظالم‌ والجبّار في‌ زمان‌ الطاغوت‌: الربّ المعظَّم‌، فقد كانوا في‌ المحاكم‌ العسكريّة‌ التي‌ يشكّلونها يشرعون‌ عملهم‌ بعبارة‌: باسم‌ الربّ المعظَّم‌ وملك‌ الملوك‌! ومن‌ العجيب‌ أن‌ يدور في‌ هذه‌ الايّام‌ الكلام‌ باسم‌ ملك‌ الملوك‌ والربّ المعظَّم‌ بعد مضي‌ ألف‌ وأربعمائة‌ سنة‌، ومع‌ وجود تعإلیم‌ كهذه‌ عن‌ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌، وتلك‌ التوجيهات‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ وجميع‌ هذه‌ الخطب‌ والتنبيهات‌. فهذا أمر عجيب‌ جدّاً، إذ ما إن‌ يغفل‌ الإنسان‌ عن‌ الله‌ شيئاً ما، حتّي‌ يرجع‌ إلی‌ عناوين‌ الفرعونيّة‌ والنمروديّة‌ والشيطانيّة‌ تلك‌.

 هذه‌ هي‌ المسائل‌ التي‌ ظهرت‌ للناس‌ بالشكل‌ الاعلی‌ والاتمّ، مع‌ أنَّ هؤلاء المساكين‌ الذين‌ فتحوا أبواب‌ المدنيّة‌ الكبير للشعوب‌ قد ذهبوا وأسيادهم‌ جميعاً إلی‌ جهنّم‌ وأصبح‌ مفاد الآية‌ القرآنيّة‌: ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [8] بيّناً واضحاً.

 كانت‌ جميع‌ الجهود التي‌ بذلها النبي‌ّ وأولياء الله‌ والمجاهدون‌ في‌ سبيل‌الله‌ وخطب‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ من‌ أجل‌ أن‌ يقولوا للإنسان‌: أيّها الإنسان‌! لماذا خرجت‌ عن‌ الطاعة‌ والعهد والميثاق‌ الذي‌ أمضيته‌ وخضعت‌ أمام‌ هؤلاء الاعتباريّين‌ الذين‌ يتوهّمون‌ أنفسهم‌ آلهة‌، ويحسبون‌ أنفسهم‌ آمرين‌ وناهين‌، ويسحقون‌ البلاد تحت‌ أقدامهم‌.

 اعلم‌ أنَّ هؤلاء جميعاً مساكين‌ وضعفاء وأشقياء ومبتلون‌، فهم‌ ليسوا حتّي‌ مثلك‌ من‌ هذه‌ الناحية‌، بل‌ أدني‌ منك‌ بألف‌ درجة‌، لا نَّك‌ تمتلك‌ في‌ بعض‌ الاوقات‌ توفيق‌ قوله‌ يا الله‌، بينما أُغلقت‌ قلوب‌ أُولئك‌ المساكين‌ إلی‌ درجة‌ أ نَّهم‌ لايستطيعون‌ قول‌ كلمة‌ يا الله‌ ولو لمرّة‌ واحدة‌؛ فما الداعي‌ لاتّباعهم‌ إذَن‌؟

 لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ عِبَادِهِ إلَی‌ عِبَادَتِهِ؛ وَمِنْ عُهُودِ عِبَادِهِ إلَی‌ عُهُودِهِ؛ وَمِنْ طَاعَةِ عِبَادِهِ إلَی‌ طَاعَتِهِ.

 فالله‌ تعإلی‌ أرسل‌ النبي‌ّ ليخرج‌ جميع‌ عباده‌ ( لا أُولئك‌ الذين‌ هم‌ في‌ مكّة‌ والمدينة‌ فحسب‌، وإنَّما كلّ من‌ يصدق‌ علیه‌ عنوان‌ العبد في‌ جميع‌ أنحاء العالم‌، وكلّ إنسان‌ في‌ الشرق‌ والغرب‌ يطلق‌ علیه‌ اسم‌ العبد ويعتبر من‌ عباد الله‌ ) ليخرجهم‌ من‌ طاعة‌ العباد الآخرين‌ وإدخالهم‌ في‌ طاعة‌ الله‌ تعإلی‌.

 وَمِنْ وِلاَيَةِ عِبَادِهِ إلَی‌ وِلاَيَتِهِ. ومن‌ ولاية‌ عباده‌ ( أي‌ من‌ تحت‌ إشرافهم‌ وسيطرتهم‌ وقدرتهم‌ وقربهم‌ المعنوي‌ّ وهيمنتهم‌ وحراستهم‌ وتصرّفهم‌ وإرادتهم‌ ) ليخرجوهم‌ من‌ ولاية‌ عباد مثلهم‌ ويقولوا لهم‌ أن‌ لاولي‌ّ للإنسان‌ غيرالله‌: هُنَالِكَ الْوَلَـ'يَةُ لِلَّهِ [9]. إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ [10]. اللَهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم‌ مِّنَ الظُّلُمَـ'تِ إلَی‌ النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُو´ا أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّـ'غُوتُ [11]. فالذين‌ كفروا أولياؤهم‌ الطاغوت‌ يخرجونهم‌ من‌ النور إلی‌ الظلمات‌ باستمرار. ولازم‌ الظلمة‌ التعفّن‌ والقذارة‌ والخباثة‌، أمّا لازم‌ النور فالبهجة‌ والفرح‌ والسرور والبصيرة‌.

 وسيمتلك‌ العباد الذين‌ يخرجون‌ من‌ الظلمات‌ إلی‌ النور ويدخلون‌ تحت‌ ولاية‌ الله‌ سعة‌ الصدر والإرادة‌ القويّة‌ ولنيّة‌ واختيار ثابتين‌ لاتتزلزل‌ فيه‌ قلوبهم‌ حتّي‌ لو اضطرب‌ جميع‌ العالم‌ وتغيّر.

 فوظيفة‌ النبي‌ّ إذَن‌ هي‌ أن‌ يربّي‌ من‌ الناس‌ أشخاصاً كهؤلاء. فتأسيس‌ حكومة‌ النبي‌ّ وبعثته‌ كانتا لإدخال‌ الناس‌ جميعاً في‌ عبادة‌ الله‌ وإخراجهم‌ من‌ عبادة‌ سائر العباد إلی‌ عبادة‌ الله‌، ومن‌ عهود سائر العباد إلی‌ عهد الله‌، ومن‌ طاعة‌ سائر العباد إلی‌ طاعة‌ الله‌، ومن‌ ولاية‌ سائر العباد إلی‌ ولاية‌ الله‌.

 عندما صارت‌ وظيفة‌ النبي‌ّ هكذا، فستكون‌ وظيفة‌ الذين‌ تسلّطوا علی‌ المسلمين‌، بعنوان‌ الرئاسة‌ والإمارة‌ والحكومة‌ وساروا علی‌ أساس‌ ولاية‌ النبي‌ّ، كذلك‌.

 فالاكتفاء بالعمران‌ الظاهري‌ّ وإنقاذ الناس‌ من‌ الازمات‌ المعيشيّة‌ لايكفي‌ وحده‌ لحلّ مشاكلهم‌، فيعيش‌ جميع‌ أبناء المجتمع‌ في‌ مستوي‌ واحد من‌ الطمأنينة‌ الفكريّة‌؛ وعلی‌ الولي‌ّ الفقيه‌ أن‌ يهتمّ بدعوة‌ الناس‌ إلی‌الله‌ جماعة‌ وأفراداً، فيقود الجميع‌ باطنيّاً إلی‌ الله‌ سواء في‌ تجمّعات‌ وأنظمة‌ المساجد أو فرداً فرداً، ويعرّفهم‌ بالله‌ ويجعلهم‌ من‌ الملتزمين‌ بالمواثيق‌ الإلهيّة‌. وباختصار، يكون‌ لهم‌ قائداً وموجّهاً في‌ طريق‌ الله‌ فرداً فرداً. وهذه‌ وظيفة‌ إلهيّة‌ قد عيّنها وأقرّها الله‌ لهم‌.

 وهذا هو معني‌ العدالة‌ الوارد في‌ كثير من‌ آيات‌ القرآن‌ الذي‌ يعني‌: أنَّ النبي‌ّ قد جاء ليعمل‌ بين‌ الناس‌ بالعدل‌. فالعدالة‌ تعني‌ إعطاء كلّ ذي‌ حقّ حقّه‌، وحقّ حياة‌ الشخص‌ المسلم‌ هو أن‌ يجد الطريق‌ إلی‌ ربّه‌، وألاّ يغلق‌ طريقه‌ بمرور الايّام‌، وأن‌ ترفع‌ الموانع‌ المعيقة‌ لتقدّمه‌ وتكامله‌، وتهيّأ له‌ وسائل‌ وشرائط‌ الوصول‌ إلی‌ الكمال‌ الفردي‌ّ ليصل‌ إلی‌ الكمال‌ المطلوب‌ ( وليس‌ في‌ الاُمور الاجتماعيّة‌ والسياسيّة‌ فحسب‌، بل‌ في‌ حركته‌ الفرديّة‌ نحو الله‌ أيضاً ).

 فيكون‌ الولي‌ّ الفقيه‌ قد أدّي‌ واجبه‌ ومسؤوليّته‌ تجاه‌ الاُمّة‌ عندما يحقّق‌ هذا المعني‌، وإلاّ فسوف‌ يُحاسب‌ أمام‌ الله‌ سبحانه‌ بسبب‌ تقصيره‌ في‌ إقامة‌ العدالة‌.

مفاد آية‌: وَأُمِرْتُ لاِعْدِلَ بَيْنَكُمْ

 قال‌ الله‌ تعإلی‌ في‌ الآية‌ التي‌ ذكرت‌ في‌ البحث‌ الماضي‌: فَلِذَ ' لِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِـعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ اللَهُ مِن‌ كِتَـ'بٍ وَأُمِرْتُ لاِعْدِلَ بَيْنَكُمْ.[12]

 العدل‌ معناه‌ أن‌ يصل‌ جميع‌ أفراد المجتمع‌ إلی‌ حقوقهم‌، فيجب‌ أن‌ يصل‌ جميع‌ الملسمين‌ إلی‌ حقوقهم‌. والمسلم‌ هو الشخص‌ الذي‌ أسلم‌ وهاجر إلی‌ بلاد الإسلام‌ وكان‌ يعيش‌ في‌ دائرة‌ وحكومة‌ وولاية‌ الإسلام‌، فهكذا إنسان‌ هو من‌ أبناء البلاد الإسلاميّة‌، وعلی‌ الولي‌ّ الفقيه‌ أن‌ يتعامل‌ معه‌ علی‌ أساس‌ العدالة‌.

 لا يوجد في‌ القوانين‌ الوضعيّة‌ الحإلیة‌ والمعروفة‌ باسم‌ قوانين‌ حقوق‌ البشر وأمثال‌ ذلك‌، لا يوجد أي‌ّ قانون‌ يجعل‌ لعنوان‌ المذهب‌ أصالة‌ ومركزيّة‌، وكتّاب‌ تلك‌ القوانين‌ يطلقون‌ قوانينهم‌ لتشمل‌ جميع‌ أفراد البشر بشكل‌ متساو بما يمكن‌ لاي‌ّ إنسان‌ من‌ أي‌ّ جنس‌ كان‌ أن‌ يتزوّج‌ من‌ أي‌ّ جنس‌ أراد، بغضّ النظر عن‌ الدين‌ والمذهب‌.

 ولا فرق‌ في‌ هذا الحقّ بين‌ الرجل‌ والمرأة‌، فلكلّ منهما أن‌ يتزوّج‌ بمن‌ يرغب‌ من‌ جنسه‌ أو من‌ الاجناس‌ الاُخري‌.

 وفي‌ الواقع‌ لا يمكن‌ تسمية‌ هذا تساوياً في‌ الحقوق‌، لا نَّه‌ إذا عملنا علی‌ أساس‌ التساوي‌، فإنَّ الظلم‌ سيكون‌ في‌ بعض‌ الموارد.

 فمثلاً، لو أردنا أن‌ نأمر شابّاً بطلاً وشيخاً فانياً وطفلاً في‌ العاشرة‌ من‌ العمر بأن‌ يرفع‌ كلّ منهم‌ جسماً وزنه‌ مائة‌ كيلوغرام‌ عن‌ الارض‌ بشكل‌ متساوٍ، فالتعامل‌ معهم‌ هنا بالتساوي‌ يكون‌ ظلماً محظاً بالنسبة‌ لهم‌؛ أمّا لو قمنا بهذا الحكم‌ تجاه‌ ثلاثة‌ من‌ الشباب‌ المتساوين‌ أو المتقاربين‌ من‌ ناحية‌ القدرة‌، فسيكون‌ ذلك‌ الحكم‌ علی‌ أساس‌ العدل‌.

 وكذلك‌ فالحكم‌ بتساوي‌ الحقوق‌ بين‌ الاشخاص‌ المختلفين‌ من‌ ناحية‌ حظور الذهن‌ والتمكّن‌ والاستعداد هو عين‌ الظلم‌. وعلیه‌، فنفس‌ كلام‌ أُولئك‌ الذين‌ يقولون‌ إنَّ المساواة‌ عين‌ العدل‌ في‌ أي‌ّ موضع‌ كانت‌ هو الظلم‌ بعينه‌، لانَّ العدل‌ عبارة‌ عن‌ إعطاء كلّ شخص‌ حقّه‌ علی‌ أساس‌ الاستعداد والقدرة‌ والسعة‌ الوجوديّة‌ لذلك‌ الشخص‌، لا فرض‌ الحكم‌ بشكل‌ متساوٍ علی‌ الجميع‌.

 فالتساوي‌ بهذا المعني‌ الذي‌ يذكرونه‌ هو عين‌ الظلم‌. ولايوجد ـأساساًـ في‌ عالم‌ الطبيعة‌ والتكوين‌ تساوٍ بهذا النحو ( بأن‌ يوجد بين‌ الموجودات‌ الخارجيّة‌ موجود مساوٍ لجميع‌ الموجودات‌ في‌ الحقوق‌ من‌ جميع‌ الجهات‌ ).

 فلو وضعنا لقمة‌ من‌ الطعام‌ الدسم‌ والحلو في‌ فم‌ الطفل‌ الرضيع‌ ـالذي‌ يحتاج‌ في‌ تغذيته‌ علی‌ حليب‌ الاُمّ ( لا نَّه‌ لا يمتلك‌ أسناناً لمضغ‌ الطعام‌ ) ـ فإنَّ تلك‌ اللقمة‌ ستقتله‌ فوراً من‌ دون‌ شكّ؛ كما أ نَّه‌ لو أعطينا طعاماً عاديّاً للمريض‌ الراقد في‌ المستشفي‌ والذي‌ قد منعه‌ الطبيب‌ من‌ تناول‌ الاطعمة‌ العاديّة‌ والمتعارفة‌، فإنَّه‌ سوف‌ يموت‌ علی‌ الفور؛ بينما لاإشكال‌ في‌ إعطاء تلك‌ الاطعمة‌ الثقيلة‌ للكبير الذي‌ يستطيع‌ أن‌ يهضمها.

 وعلیه‌، فالمساواة‌ في‌ إعطاء الطعام‌ في‌ جميع‌ الموارد، وفي‌ الامر والنهي‌، وفي‌ تحمّل‌ المشاكل‌؛ وكذلك‌ المساواة‌ في‌ الفهم‌ والعلم‌ بالنسبة‌ لجميع‌ الموارد والمصاديق‌ هو ظلم‌ محض‌. وهي‌ من‌ المسائل‌ غيرالمعقولة‌ بلحاظ‌ الوجدان‌ والعقل‌ والشرع‌.

عدم‌ تساوي‌ الحقوق‌ بين‌ المسلمين‌ وأهل‌ الذمّة‌ في‌ دولة‌ الإسلام

 وفي‌ النظام‌ الإسلامي‌ّ، يمتلك‌ الذين‌ آمنوا بالنبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ واعتقدوا بشكل‌ كامل‌ بالقرآن‌ والإسلام‌ قلبيّاً أحكاماً خاصّة‌، إذ إنَّهم‌ قد التزموا بأن‌ يحملوا علی‌ كواهلهم‌ عب‌ء دولة‌ الإسلام‌ الثقيل‌، وأن‌ يضحّوا ويجاهدوا في‌ سبيل‌ حفظ‌ النظام‌، فهم‌ جزء من‌ جسم‌ حكومة‌ الإسلام‌، وقد وضع‌ لهم‌ الإسلام‌ سلسلة‌ من‌ الاحكام‌ الخاصّة‌ بهم‌ تتميّز عن‌ غيرها بالشدّة‌.

 وأمّا غير المسلمين‌ ( إلیهود والنصاري‌ والمجوس‌ ) الذين‌ لايؤمنون‌ أصلاً برسول‌الله‌ وبدين‌ الإسلام‌ والقرآن‌، ولكنّهم‌ لجأوا إلی‌ البلد الإسلامي‌ّ لتمضية‌ حياتهم‌، وانضمّوا بصفة‌ أهل‌ ذمّة‌ تحت‌ لواء ذلك‌ الدين‌ الذي‌ لايرتضون‌ أساسه‌، ولهم‌ أحكام‌ وقوانين‌ خاصّة‌ بهم‌، فمثل‌ هؤلاء لايمكن‌ المساواة‌ بينهم‌ وبين‌ المسلمين‌ في‌ المسؤوليّة‌ في‌ جميع‌ الاحكام‌ السياسيّة‌ والاجتماعيّة‌.

 يقوم‌ نظام‌ الإسلام‌ علی‌ أساس‌ الفكر والعمل‌، ويبني‌ حكومته‌ علی‌ هذا الاساس‌. وعلیه‌، فينقسم‌ القاطنون‌ في‌ البلاد الإسلاميّة‌ إلی‌ طائفتين‌ مختلفتين‌:

 الطائفة‌ الاُولي‌: الناس‌ المعتقدون‌ بالنظام‌ الإسلامي‌ّ ويُعِدُّون‌ أنفسهم‌ لاي‌ّ نوع‌ من‌ الجهاد البدني‌ّ أو المإلی‌ّ والمادّي‌ّ أو النفسي‌ّ من‌ أجل‌ استقلال‌ هذا النظام‌. وهم‌ المسلمون‌ الذين‌ هاجروا إلی‌ هذه‌ البلاد وصاروا من‌ أبناء البلاد الإسلاميّة‌ ( بناء علی‌ هذا، فالذين‌ اختاروا الإسلام‌ لكنّهم‌ لم‌يهاجروا من‌ بلاد الكفر إلی‌ بلاد الإسلام‌ لا يُعَدُّون‌ من‌ أبناء البلاد الإسلاميّة‌ )، وتلك‌ الجماعة‌ من‌ الناس‌ المؤمنين‌ والملتزمين‌ الذين‌ يعيشون‌ في‌ دار الإسلام‌ ( سواء كانوا قد ولدوا هناك‌ أم‌ في‌ بلاد الكفر ومن‌ ثمّ هاجروا إلی‌ مقرّ الحكومة‌ الإسلاميّة‌ ) متساوون‌ مع‌ جميع‌ المسلمين‌ في‌ الحقوق‌، وتربطهم‌ رابطة‌ الولاء.

 ويضع‌ الإسلام‌ علی‌ عاتق‌ هذه‌ المجموعة‌ من‌ السكّان‌ جميع‌ المسؤوليّات‌ الصعبة‌ اللازم‌ علاجها من‌ أجل‌ استقرار وثبات‌ النظام‌، لا نَّهم‌ آمنوا وأقرّوا بحقّانيّة‌ النظام‌، ومستعدّون‌ للبذل‌ والعطاء علماً وعملاً من‌ أجل‌ استقراره‌ وحفظه‌.

 ولذا، فالنظام‌ الإسلامي‌ّ يطبّق‌ جميع‌ بنود القانون‌ علیهم‌ ويلزمهم‌ بإطاعة‌ كلّ التشريعات‌ الدينيّة‌ والاخلاقيّة‌ والسياسيّة‌ والمدنيّة‌ للدولة‌، وبكلّ شكل‌ من‌ أشكال‌ التضحية‌ في‌ سبيلها، كما يمنحهم‌ حقّ الاشتراك‌ في‌ جميع‌ الشؤون‌ الولايتيّة‌ والسياسيّة‌ للناس‌ القائمة‌ علی‌ أساس‌ الصلات‌ والتعهّدات‌ الواقعيّة‌، كمجالات‌ مجلس‌ الشوري‌، والمديريّات‌ الاجتماعيّة‌، والقضاء، والحكومة‌، والجهاد، وبالسير طولاً في‌ نهج‌ وسياسة‌ الحكومة‌ الإسلاميّة‌ ونهجها الفكري‌ّ مع‌ ولاية‌ الفقيه‌ في‌ رفع‌ لواء الإسلام‌ وإقامة‌ أحكام‌ القرآن‌.

لا يوجد مبدأ كالإسلام في‌ محافظته‌ علی‌ حقوق‌ الاقلّيّات‌

 والطائفة‌ الثانية‌: أهل‌ الذمّة‌؛ كإلیهود والمسيحيّين‌ والزرادشتيّين‌ الذين‌ كان‌ لهم‌ كتاب‌ ويعتقدون‌ بالله‌، لكنّهم‌ لا يرتضون‌ النظام‌ الإسلامي‌ّ، وارتضوا البقاء تحت‌ لواء وراية‌ الإسلام‌ مع‌ إطاعة‌ قوانينه‌ ( سواء ممّن‌ ولدوا في‌ البلاد الإسلاميّة‌ أم‌ ممّن‌ جاؤوا من‌ خارج‌ البلاد الإسلاميّة‌ وطلبوا العيش‌ في‌ ذمّة‌ الإسلام‌ وتحت‌ ظلّ رايته‌ ).

 فالإسلام‌ يتعهّد لهذه‌ الجماعة‌ من‌ الطوائف‌ غير المسلمة‌ بحفظ‌ أرواحهم‌ وأموالهم‌ وأعراضهم‌ ودينهم‌ وثقافتهم‌ وآدابهم‌، مع‌ تطبيق‌ القوانين‌ الداخليّة‌ للبلاد علیهم‌، ويثبّت‌ لهم‌ بعض‌ الحقوق‌، والسماح‌ بحرّيّة‌ المشاركة‌ في‌ جميع‌ الشؤون‌ التجاريّة‌ والزراعيّة‌ والصناعيّة‌ والخدماتيّة‌ في‌ الدولة‌، ما عدا المراكز الولايتيّة‌ والرئاسيّة‌؛ كما يمنحهم‌ ـكالمسلمين‌ـ حرّيّة‌ العمل‌ ضمن‌ أجواء الحضارة‌ والمدنيّة‌.

 ويمنعهم‌ كذلك‌ من‌ التجارات‌ المحرّمة‌ والممنوعة‌ شرعاً التي‌ قد حرّمت‌ علی‌ المسلمين‌. كما يعفيهم‌ من‌ وظيفة‌ الدفاع‌ عن‌ حياض‌ الدولة‌ والجهاد وحماية‌ الحدود التي‌ هي‌ من‌ الوظائف‌ الصعبة‌، إذ تختصّ هذه‌ الوظيفة‌ في‌ عهدة‌ المسلمين‌.

 وتترك‌ لهم‌ الحرّيّة‌ في‌ الاحكام‌ العباديّة‌، مع‌ مراعاة‌ عدم‌بناء الكنائس‌ والبِيَع‌، ويجعل‌ لهم‌ في‌ أحكام‌ الديات‌ والقصاص‌ والجروح‌ والقتل‌ وسائر موارد الضرب‌ والتعدّي‌ حقوقاً تناسبهم‌ وعلاقتهم‌ مع‌ المسلمين‌.

 وهو لا يهدر دماءهم‌ ولا يجعلها بلا قيمة‌، وقد جعل‌ ديتهم‌ مساوية‌ لعشر دية‌ المسلم‌ تقريباً، لا نَّهم‌ يعتقدون‌ بالتوحيد دون‌ النبوّة‌ وخاتميّة‌ النبي‌ّ، بخلاف‌ المشركين‌ الذين‌ لا قيمة‌ لهم‌ أصلاً، وقد عدّ دماءهم‌ مهدورة‌.

 وعلیه‌، فوجود فوارق‌ بين‌ هاتين‌ الطبقتين‌ من‌ الناس‌ الذين‌ يعيشون‌ في‌ البلاد الإسلاميّة‌، وتقسيمهما إلی‌ مسلم‌ وذمّي‌ّ من‌ الضروريّات‌؛ والاعتراض‌ علی‌ هذا الاختلاف‌ والتمييز في‌ الحكم‌ بين‌ طبقتين‌ من‌ سكّان‌ المجتمع‌ الإسلامي‌ّ اعتراض‌ بعيد عن‌ الموضوعيّة‌، وحاكٍ عن‌ عدم‌الإنصاف‌، لانَّ السائد في‌ جميع‌ الدول‌ والمذاهب‌ الحإلیة‌ في‌ العالم‌ هو أ نَّه‌ إذا ما قامت‌ حكومة‌ لاحدهم‌ فإنَّه‌ أوّل‌ ما يبادر به‌ هو القضاء علی‌ معارضيه‌ بشكل‌ كامل‌.

 وحتّي‌ في‌ الدول‌ الوطنيّة‌، التي‌ يقال‌ إنّها تتعامل‌ مع‌ الناس‌ بشكل‌ حرّ، فهي‌ وإن‌ كانت‌ تعدهم‌ في‌ بداية‌ الامر بالمساواة‌ في‌ الحقوق‌ وأمثال‌ ذلك‌ من‌ الوعود المعسولة‌، لكن‌ ما أن‌ تستلم‌ السلطة‌ حتّي‌ تقضي‌ علی‌ معارضيها بمختلف‌ المبرّرات‌. بل‌ إنَّه‌ لم‌ يُرَ أنَّ حكومة‌ قامت‌ في‌ الدنيا ولم‌تقضِ علی‌ معارضيها ( في‌ العقيدة‌ وفي‌ الاقتناع‌ بذلك‌ المذهب‌ والحزب‌، لاالمعارضين‌ في‌ الحكومة‌ والثورة‌ والمؤامرة‌ )، بل‌ إنَّها تقضي‌ علی‌ أصل‌ وجودهم‌ أو علی‌ فكرهم‌.

 وقضيّة‌ التمييز العنصري‌ّ في‌ أمريكا بين‌ السود والبيض‌ أمر مشهور، ومع‌ أ نَّه‌ قد أُقِرَّ قانون‌ المساواة‌ بين‌ السود والبيض‌ في‌ المجلس‌، لكنّ القضيّة‌ لم‌تحلّ لحدّ الآن‌، وهي‌ ليست‌ قابلة‌ للحلّ أيضاً، وفي‌ كلّ يوم‌ تُسفك‌ دماء جديدة‌، ولا يزال‌ هؤلاء المساكين‌ يتعرّضون‌ يوميّاً لقهر وظلم‌ وإساءة‌ البيض‌.

 يقول‌ سيّد قطب‌ في‌ كتاب‌ «العدالة‌ الاجتماعيّة‌ في‌ الإسلام‌» ما مفاده‌: إنَّ الشيوعيّين‌ يقومون‌ بالقضاء دفعة‌ واحدة‌ علی‌ المسلمين‌ في‌ معسكراتهم‌ بتقليل‌ عددهم‌ من‌ اثنين‌ وأربعين‌ مليوناً إلی‌ ستّة‌ وعشرين‌ مليوناً خلال‌ ربع‌ قرن‌ فقط‌، ويحرمونهم‌ من‌ أخذ بطاقات‌ التموين‌ والاُمور التي‌ هي‌ من‌ أهمّ ضروريّات‌ الحياة‌؛ قائلين‌ لهم‌: إذا أردتم‌ الطعام‌ واحتجتم‌ إلیه‌ فاطلبوا ذلك‌ من‌ الله‌، فلا طعام‌ لكم‌ عند الدولة‌.

 بينما انظروا إلی‌ النهج‌ والقانون‌ العظيم‌ الذي‌ يحمي‌ به‌ الإسلام‌ أهل‌ الكتاب‌، إذ يقول‌ لهم‌: بما أ نَّكم‌ تقولون‌ وتعتقدون‌ بالله‌ فاعتقادكم‌ هذا بالتوحيد له‌ قيمة‌؛ وعلیه‌، فلا نعتبركم‌ مثل‌ المشركين‌ والمادّيّين‌ وعبدة‌ الاصنام‌، بل‌ نعطيكم‌ حقّ الحياة‌، وبإمكانكم‌ العيش‌ في‌ بلاد الإسلام‌ وفي‌ ذمّته‌ وكنفه‌.

 ولكن‌، بما أ نَّكم‌ لا تشاركون‌ في‌ تلك‌ الاعمال‌ التي‌ يقوم‌ بها المسلمون‌ بالتضحية‌ بأرواحهم‌ انطلاقاً من‌ عقيدتهم‌ لتثبيت‌ نظام‌ الإسلام‌ ( لا نَّكم‌ لستم‌ مسلمين‌ ولستم‌ مقتنعين‌ بنظام‌ الإسلام‌ ) فنحن‌ لانتوقّع‌ منكم‌ تلك‌ الخدمات‌؛ ولذا، فقد رُفِعَت‌ عنكم‌ أُمور الحرب‌ وحفظ‌ الحدود والجهاد وما شاكلها. وبما أ نَّكم‌ تعيشون‌ في‌ كنف‌ حكومة‌ الإسلام‌ فعلیكم‌ أن‌ تدفعوا الجزية‌ التي‌ تصرف‌ بدورها في‌ إعمار البلاد وإصلاح‌ المدن‌ وتنظيمها وأمثال‌ ذلك‌. وهذا أيضاً لاجلكم‌ ولحفظ‌ أرواحكم‌ وأموالكم‌ وأعراضكم‌ في‌ كنف‌ دولة‌ الإسلام‌. فلا يسمح‌ الإسلام‌ بسرقة‌ بيوتكم‌، وإذا حصل‌ ذلك‌ فإنَّ دولة‌ الإسلام‌ تقبض‌ علی‌ اللصّ وتحاكمه‌ وتعيد إلیكم‌ الاموال‌ المسروقة‌، وفي‌ حال‌ سرقة‌ أمتعتكم‌ من‌ أحد المسلمين‌ فستقوم‌ الدولة‌ بقطع‌ إصبعه‌، نعم‌ سيكون‌ ذلك‌ وإن‌ كان‌ السارق‌ مسلماً وأنتم‌ غيرمسلمين‌.

 فالإسلام‌ يعمل‌ علی‌ مداراتكم‌ في‌ جميع‌ هذه‌ الاُمور المدنيّة‌، ولقد ترككم‌ أحراراً في‌ عباداتكم‌ الفرديّة‌ أيضاً، وأنتم‌ تعيشون‌ بكامل‌ الراحة‌، لكن‌ لم‌يجوِّز لكم‌ تناول‌ الشراب‌ ولعب‌ القمار وأكل‌ لحم‌ الخنزير، كما لايمكنكم‌ بناء الكنائس‌ والبِيَع‌ ( لانَّ أساس‌ إقامة‌ الحكومة‌ الإسلاميّة‌ لهداية‌ الناس‌ إلی‌ التوحيد، لا لدعوتهم‌ إلی‌ مراكز الفساد والفحشاء والشرك‌ والوثنيّة‌ والثنويّة‌ والعداء للإسلام‌ ) وأنَّ دية‌ دمائكم‌ أيضاً قد جُعلت‌ أقلّ من‌ دية‌ المسلمين‌.

 أجل‌؛ فلو قتل‌ أحدكم‌ شخصاً آخر منكم‌ فإنَّه‌ يُعامل‌ بالقانون‌ السائد بينكم‌، أمّا لو قتل‌ مسلم‌ أحداً منكم‌ فدية‌ دم‌ المقتول‌ التي‌ يجب‌ أن‌ يعطيها المسلم‌ تساوي‌ تقريباً عُشر دية‌ المسلم‌، ويرجع‌ ذلك‌ لعظمة‌ الإسلام‌ الذي‌ تعيشون‌ في‌ دولته‌.

 وقد رأينا بأنفسنا في‌ هذا العهد والتأريخ‌ أنَّ إلیهود والمسيحيّين‌ والزرادشتيّين‌ يعيشون‌ في‌ ذمّة‌ الإسلام‌ براحة‌ بال‌ واطمئنان‌ علی‌ الرغم‌ من‌ جميع‌ الحروب‌ التي‌ وقعت‌ بين‌ المسلمين‌ والكفّار. وقد اعترف‌ جميع‌ المؤرّخين‌ ومنهم‌ المستشرقين‌ أيضاً أنَّ ما قامت‌ به‌ حكومة‌ الإسلام‌ تجاه‌ الاقلّيّات‌ ليس‌ له‌ سابقة‌ في‌ أيّة‌ حكومة‌. فلو أراد الإنسان‌ والحالة‌ هذه‌ أن‌ يساوي‌ بين‌ إلیهود أو المسيحيّين‌ أو الزرادشتيّين‌ الذين‌ هم‌ في‌ ذمة‌ الإسلام‌ وبين‌ المسلمين‌ لكان‌ هذا ظلماً، والظلم‌ خطأ وقبيح‌.

 وإن‌ كنّا نقول‌ بأ نَّهم‌ من‌ أبناء هذه‌ البلاد فهذا لا يعني‌ أنَّهم‌ يشاركون‌ المسلمين‌ في‌ هذه‌ الحقوق‌.

 فلا يحقّ للمسيحي‌ّ وإلیهودي‌ّ بالزواج‌ من‌ المرأة‌ المسلمة‌. وعلی‌ كلّ من‌ يعيش‌ في‌ بلاد الإسلام‌ وفي‌ ذمّة‌ الإسلام‌ أن‌ يحمل‌ بطاقة‌ هويّة‌ مميّزة‌ تُظهر أ نَّه‌ مثلاً مسيحي‌ّ، لا أن‌ تكون‌ هويّته‌ مثل‌ هويّة‌ المسلمين‌ الذين‌ يعيشون‌ في‌ البلد.

 فمن‌ الممكن‌ للمسيحي‌ّ أن‌ يُسمّي‌ نفسه‌ إسماعيل‌ أو إبراهيم‌ أو ببعض‌ الاسماء المشتركة‌، أو الشهرة‌ المشتركة‌ مع‌ المسلمين‌ بنحو لايُعرف‌ فيه‌ أصلاً كونه‌ مسلماً أو غير مسلم‌. ومن‌ الممكن‌ أن‌ يدخل‌ في‌ دوائر الدولة‌، وحتّي‌ أن‌ يشغل‌ مراكز حسّاسة‌ مثل‌ رئاسة‌ الوزراء، كما حصل‌ ذلك‌ في‌ زمان‌ الطاغوت‌. وكم‌ منعوا من‌ أُمور؟! وكم‌ أعاقوا من‌ أُخري‌؟! والسبب‌ في‌ ذلك‌ كلّه‌ أ نَّهم‌ كانوا يقولون‌ إنَّ كلّ من‌ يعيش‌ في‌ إيران‌ فهو من‌ أبناء هذا البلد. أي‌ يبتني‌ الاصل‌ علی‌ العيش‌ في‌ هذه‌ المنطقة‌، فإلیهودي‌ّ والمسلم‌ والنصراني‌ّ والمشرك‌ سواء! فليكن‌ المواطن‌ كما يريد، فمن‌ يدخل‌ ضمن‌ هذه‌ الحدود ويعيش‌ في‌ هذا البلد فهو إيراني‌ّ؛ مع‌ أنَّ هذا منافٍ للنظرة‌ الإسلاميّة‌ مائة‌ في‌ المائة‌.

 يعتبر الإسلام‌ العقيدة‌ الإسلاميّة‌ هي‌ الحدود، لكنّه‌ يقول‌: كلّ من‌ أسلم‌ وهاجر إلی‌ البلاد الإسلاميّة‌ وعاش‌ هناك‌ فهو من‌ أبناء البلد الإسلامي‌ّ. بينما لايُعَدُّ الذين‌ هم‌ خارج‌ البلاد الإسلاميّة‌ من‌ أبناء البلد الإسلامي‌ّ وإن‌ كانوا مسلمين‌. ويكون‌ الذين‌ يعيشون‌ ضمن‌ البلد الإسلامي‌ّ دون‌ أن‌ يقتنعوا بالإسلام‌ في‌ ذمّة‌ الإسلام‌، وتختلف‌ حقوقهم‌ عن‌ حقوق‌ المسلمين‌، فينبغي‌ أن‌ تكون‌ لديهم‌ بطاقة‌ هويّة‌ ليعرفهم‌ الناس‌ والدولة‌، وعلیهم‌ أن‌ يدفعوا الجزية‌ للدولة‌ الإسلاميّة‌. وعلی‌ الحكم‌ الإسلامي‌ّ في‌ المقابل‌ أيضاً أن‌ يساعدهم‌ ويدعوهم‌ إلی‌ الإسلام‌ ويستميل‌ قلوبهم‌ إلیه‌ ليقبلوا الإسلام‌ شيئاً فشيئاً.

 وإنَّما غالب‌ الذين‌ صاروا مسلمين‌ قد تمّ انتقالهم‌ هذا عن‌ طريق‌ التوعية‌ والإرشاد التدريجـي‌ّ، ومن‌ خلال‌ محافظـة‌ الدولة‌ علیهم‌ واهتمامها بهم‌.

حدود الإسلام هي‌ العقيدة‌، وتراب‌ المسلم‌ محترم‌

 فحدود الإسلام‌ هي‌ حدوده‌ الشرعيّة‌ والاعتقاد به‌ فقط‌. ولذا، فهذه‌ الحدود التي‌ عيّنها الرؤساء غير الملتزمين‌ بالإسلام‌ للبلاد غيرصحيحة‌ وجعلیة‌ واعتباريّة‌.

 فحدود الإسلام‌ حيث‌ تقوم‌ حكومة‌ الإسلام‌، وحيثما تقوم‌ حكومة‌ الإسلام‌ فهناك‌ تكون‌ حدود الإسلام‌؛ وعندئذٍ، يُعدّ ذلك‌ التراب‌ محترماً ببركة‌ تلك‌ الحكومة‌.

 وعلیه‌، فحدود الإسلام‌ هي‌ العقيدة‌، والمسلم‌ الذي‌ يكون‌ في‌ غرب‌ العالم‌ يشترك‌ في‌ العقيدة‌ مع‌ المسلم‌ الذي‌ يعيش‌ في‌ شرق‌ العالم‌، فهما ضمن‌ حدود الإسلام‌ المشتركة‌ واقعاً، وذاك‌ التراب‌ الذي‌ يعيش‌ فيه‌ ذلك‌ المسلم‌ يكون‌ محترماً ببركة‌ هذه‌ العقيدة‌.

 من‌ مسؤوليّات‌ الولي‌ّ الفقيه‌ أن‌ يتولّي‌ المحافظة‌ علی‌ الحدود الترابيّة‌ للبلاد أيضاً. وأن‌ لايسمح‌ للدولة‌ المعتدية‌ والمهاجمة‌ بأن‌ تأخذ منه‌ شبراً واحداً، لانَّ الدولة‌ المعتدية‌ والمهاجمة‌ لا تخرج‌ عن‌ إحدي‌ هاتين‌ الصورتين‌:

 فإمّا أن‌ تكون‌ من‌ الدول‌ الإسلاميّة‌، فيكون‌ مجيئها واحتلالها لارض‌ المسلمين‌ وإخراجهم‌ من‌ بيوتهم‌ وتخريب‌ وضعهم‌ الحياتي‌ّ تعدّياً، ويجب‌ إرجاع‌ المعتدي‌ إلی‌ حدّه‌، حتّي‌ لو كان‌ مسلماً، إذ لا يجوز الاعتداء علی‌ المسلم‌، ولذا لو كان‌ المعتدي‌ مسلماً وقد اعتدي‌ علی‌ حدود الإسلام‌، فإنَّ دفاعه‌ من‌ أهمّ الضروريّات‌ [13].

 وأمّا أن‌ تكون‌ تلك‌ الدولة‌ المعتدية‌ كافرة‌؛ وعندئذٍ، فوجوب‌ القيام‌ بوجهها وإخراجها من‌ بلاد المسلمين‌ من‌ ضروريّات‌ الإسلام‌.

 وعلیه‌، فيشتبه‌ أُولئك‌ الذين‌ يقولون‌ إنَّ الحدود هي‌ حدود العقيدة‌ فقط‌، ولايجب‌ الاهتمام‌ بالحدود الترابيّة‌ للإسلام‌، لانَّ الحدود الترابيّة‌ محترمة‌ ببركة‌ العقيدة‌، وعلی‌ المسلم‌ ألاّ يسمح‌ بضياع‌ أرضه‌ حتّي‌ لو كلّفه‌ ذلك‌ بذل‌ نفسه‌، لانَّ راية‌ الإسلام‌ إنَّما تخفق‌ في‌ أرضه‌، ودخول‌ الكفر في‌ بلاد الإسلام‌ هو دخول‌ في‌ حريم‌ الإسلام‌ ودخول‌ في‌ بيته‌ الشخصي‌ّ.

 وإن‌ قلنا: إنَّ الاعتبار للحدود فقط‌ ولا اعتبار للعقيدة‌ ( كما يري‌ ذلك‌ غالب‌ دول‌ العالم‌ في‌ هذه‌ الايّام‌ من‌ أنَّ كلّ شخص‌ يعيش‌ في‌ حدود ترابيّة‌ معيّنة‌ يعتبر من‌ أهل‌ تلك‌ البلاد مهما كانت‌ عقيدته‌ ) فهذا أيضاً غيرصحيح‌. وهذا مناف‌ ومخالف‌ لمنهج‌ الإسلام‌.

 فالإسلام‌ يقول‌: إنَّ عنوان‌ التراب‌ لا قيمة‌ له‌، والقيمة‌ للعقيدة‌ وهي‌ التي‌ تمنح‌ القيمة‌ للتراب‌ بالتبع‌، ووفقاً لهذه‌ الفلسفة‌ فالمساواة‌ بين‌ جميع‌ أُولئك‌ الذين‌ يعيشون‌ في‌ حدود الحكومة‌ الإسلاميّة‌ ومعاملتهم‌ بمستوي‌ واحد من‌ ناحية‌ الحقوق‌ المعنويّة‌ والسياسيّة‌ ( من‌ جهة‌ كونهم‌ يعيشون‌ في‌ ذلك‌ التراب‌ ) ظلم‌.

 فلا يمكن‌ أن‌ تحسب‌ نفس‌ الحقوق‌ ونفس‌ الاحكام‌ من‌ جميع‌ الجهات‌ للمسلم‌ الذي‌ آمن‌ بالإسلام‌، والذي‌ يضحّي‌ في‌ سبيله‌ بروحه‌ وماله‌ وعرضه‌، فيقوم‌ بحفظ‌ الحدود والجهاد والتضحيات‌ والفداء من‌ أجل‌ إعلاء كلمة‌ الإسلام‌، والذي‌ يعشق‌ الإسلام‌ والحكومة‌ الإسلاميّة‌ ويسعي‌ بماله‌ وروحه‌ من‌ أجل‌ تقدّم‌ دولة‌ الإسلام‌، ولابناء الاقلّيّات‌ إلیهوديّة‌ أو المسيحيّة‌ أو الزرادشتيّة‌ الذين‌ لا يعتقدون‌ بأي‌ّ من‌ هذه‌ المعاني‌، بل‌ تراهم‌ يسعون‌ قلبيّاً لهزيمة‌ الإسلام‌ لتستلم‌ السلطة‌ إلیهوديّة‌ أو النصرانيّة‌ أو الزرادشتيّة‌. ( وكثيراً ما يقومون‌ بأعمال‌ في‌ سبيل‌ ذلك‌ في‌ الخفاء ).

 وعلیه‌، فيلزم‌ علی‌ الحاكم‌ الإسلامي‌ّ الذي‌ هو الولي‌ّ الفقيه‌ أن‌ يحفظ‌ الحدود المميّزة‌ بين‌ المسلمين‌ وأهل‌ الذمّة‌، ويعطي‌ حقّ كلٍّ منهم‌ لصاحبه‌ وفقاً لقانون‌ القرآن‌ وسنّة‌ رسول‌ الله‌ التي‌ وردت‌ في‌ الكتب‌ الفقهيّة‌ بشكل‌ مبسوط‌، وألاّ يسمح‌ باختلاط‌ الحقوق‌ وتداخلها، وألاّ يكون‌ ثمّة‌ تساوٍ في‌ الحقوق‌ أيضاً ( بالبيان‌ الذي‌ مرَّ ).

 وَالعَدْلُ إعْطاءُ كُلِّ ذي‌ حَقٍّ حَقَّهُ، لاَ إعْطاءُ الحَقِّ الواحِدِ المُساوي‌ لِجَميعِ الاَفْرادِ عَلَی السَّواءِ.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ  وَآلِ مُحَمَّد

 

ارجاعات


[1] ـ الآية‌ 25، من‌ السورة‌ 57: الحديد.

[2] ـ «تفسير ابن‌ كثير» ج‌ 4، ص‌ 342، ذيل‌ الآية‌ 80، من‌ السورة‌ 17: الإسراء، طبعة‌ دار الفكر، بيروت‌.

[3] ـ الآية‌ 41، من‌ السورة‌ 22: الحجّ.

[4] ـ قسم‌ من‌ الآية‌ 60، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌.

[5] ـ الآيات‌ 38 إلی‌ 40، من‌ السورة‌ 22: الحجّ.

[6] ـ «روضة‌ الكافي‌» ص‌ 386، حديث‌ 586، تصحيح‌ وتعلیق‌ علی‌ أكبر الغفاري‌ّ، طبعة‌ الحيدري‌ّ.

[7] ـ ذيل‌ الآية‌ 13، من‌ السورة‌ 31: لقمان‌.

[8] ـ ذيل‌ الآية‌ 73، من‌ السورة‌ 22: الحجّ.

[9] ـ صدر الآية‌ 44، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[10] ـ قسم‌ من‌ الآية‌ 139، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[11] ـ صدر الآية‌ 257، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[12] ـ صدر الآية‌ 15، من‌ السورة‌ 42: الشوري‌.

[13] ـ في‌ صباح‌ يوم‌ الجمعة‌ 16 رجب‌ سنة‌ 1405 ه، قال‌ الدكتور السيّد عبدالباقي‌ المدرّس‌، ابن‌ المرحوم‌ آية‌ الله‌ السيّد حسن‌ المدرّس‌ رضوان‌ الله‌ علیه‌ من‌ إذاعة‌ إيران‌ ما يلي‌: عندما سافر المرحوم‌ المدرّس‌ في‌ تلك‌ السنوات‌ إلی‌ خارج‌ البلاد ـذهب‌ إلی‌ البلاد العثمانيّة‌ـ قال‌ للسلطان‌ العثماني‌ّ: إنّنا ندافع‌ عن‌ حدودنا ضدّ أي‌ٍّ كان‌، سواء كان‌ يضع‌ علی‌ رأسه‌ عمامة‌ أم‌ قبّعة‌ أو غير ذلك‌، فإنّنا نطلق‌ علیه‌ النار، وعندها نأتي‌ إلی‌ جثّته‌ ونري‌، إن‌ كان‌ مسلماً فإنّنا نصلّي‌ علیه‌ وندفنه‌.

 (نقلاً عن‌ «المذكّرات‌» الخطّيّة‌ للمؤلّف‌، رقم‌ 17، ص‌ 63 ).

      
  
الفهرس
  الدرس‌ الخامس‌ والعشرون‌:لا تحلّ الفتيا لمن‌ لا يستفتي‌ من‌ الله‌ بصفاء سرّه‌
  رواية‌: اطْلُبُوا العِلْمَ وَلَو بِالصِينِ، وعلم‌ معرفة‌ النفس‌
  يجب‌ أن‌ يكون‌ المرجع‌ في‌ الفتوي‌ أعلم‌ الاُمّة‌
  كلام‌ العلاّمة‌ الحلّي‌ّ: لَوْلاَ زِيَارَةُ الحُسَيْنِ وَتَصْنِيفُ الاَلْفَينِ ...
  البحث‌ حول‌ سند الرواية‌ الواردة‌ في‌ «مصباح‌ الشريعة‌»
  كلمات‌ الاعلام‌ حول‌ كتاب‌ «مصباح‌ الشريعة‌»
  ردّ المجلسي‌ّ كتاب‌ «مصباح‌ الشريعة‌» وردّ النوري‌ّ علیه‌
  الدرس‌ السادس‌ والعشرون‌: البحث‌ حول‌ هويّة‌ كتاب‌ «مصباح‌ الشريعة‌ ومفتاح‌ الحقيقة‌»
  طوائف‌ آراء العلماء حول‌ «مصباح‌ الشريعة‌»
  كلام‌ الشيخ‌ علی‌ أكبر النهاوندي‌ّ والسيّد جلال‌ الدين‌ المحدِّث‌
  تحقيق‌ لعالم‌ معاصر حول‌ تدوين‌ «المصباح‌» أواخر القرن‌ الثاني‌
  ردّ صاحب‌ «المستدرك‌» علی‌ صاحب‌ «رياض‌ العلماء»
  الشواهد الدالّة‌ علی‌ أنَّ «المصباح‌» ليس‌ من‌ كتابة‌ الإمام‌ الصادق‌
  «المصباح‌» ك «تحف‌ العقول‌» و«إرشاد القلوب‌» في‌ التلقّي‌ بالقبول‌
  يعتبر العلاّمة‌ النوري‌ّ قدّس‌ سرّه‌ «المصباح‌» لفضيل‌ بن‌ عياض‌
  الدرس‌ السابع‌ والعشرون‌:يشترط‌ في‌ الفتوي‌ صفاء القلب‌ إضافة‌ إلی‌ الاجتهاد
  تقع‌ روايات‌ المعصومين‌ في‌ مراحل‌ متفاوتة‌ من‌ ناحية‌ عمق‌ الدلالة‌
  في‌ أخبار الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ جواهر مثقلة‌ بالاسرار للخواصّ
  وحدة‌ الوجود من‌ أرقي‌ أسرار آل‌ محمّد علیهم‌ السلام‌
  خطبة‌ «نهج‌ البلاغة‌»: وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا فِي‌َّ بِرَسُولِ اللَهِ...
  أبيات‌ مشهورة‌ للإمام‌ زين‌ العابدين‌ في‌ لزوم‌ كتمان‌ السرّ
  كان‌ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ يبيّنون‌ الاسرار لخواصّ أصحابهم‌
  إمكان‌ كون‌ كتاب‌ «مصباح‌ الشريعة‌» من‌ تإلیف‌ فضيل‌ بن‌ عياض‌
  كان‌ فُضيل‌ من‌ أعاظم‌ الصوفيّين‌ الحقيقيّين‌ ووثّقه‌ النجاشي‌ّ والشيخ‌
  يشترط‌ في‌ الإفتاء إلیقين‌ ونور الباطن‌ إضافة‌ إلی‌ الاجتهاد الظاهري‌ّ
  يجب‌ أن‌ تكون‌ الفتوي‌ معاينة‌
  الدرس‌ الثامن‌ والعشرون‌:ولاية‌ عدول‌ المؤمنين‌ وبيان‌ حقيقة‌ ولاية‌ الفقيه‌
  معني‌ حقيقة‌ الولاية‌ وولاية‌ الحيوانات‌ والبهائم‌ علی‌ أبنائها
  ولاية‌ عدول‌ المؤمنين‌، وولاية‌ فسّاقهم‌ عند عدم‌ وجود العدول‌
  معني‌ الولاية‌ إنشاء الحكم‌ في‌ الموارد الجزئيّة‌
  أهمّيّة‌ هذه‌ الولاية‌، الرَّادُّ علیهِ، الرَّادُّ علینَا
  بيان‌ الائمّة‌ للاحكام‌ علی‌ أساس‌ الولاية‌ الكلّيّة‌ والإحاطة‌ النفسانيّة‌
  مفاد: مَا مِنْ شَي‌ءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الجَنَّةِ وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ...
  يشترط‌ في‌ الفقيه‌ إضافة‌ إلی‌ أعلميّته‌ أقوائيّته‌ في‌ أداء الاُمور
  بيان‌ ومفاد: زَادَهُ و بَسْطَةً فِي‌ الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ
  الدرس‌ التاسع‌ والعشرون‌: مع‌ الاعلميّة‌، يشترط‌ في‌ ولاية‌ الفقيه‌ الإسلام والتشيّع‌
  يحرم‌ نكث‌ البيعة‌ بعد مبايعة‌ الولي‌ّ الحقّ
  علّة‌ امتناع‌ أمير المؤمنين‌ عن‌ قبول‌ مبايعة‌ الناس‌ له‌ بعد مقتل‌ عثمان‌
  الخطبة‌ 129 في‌ «نهج‌ البلاغة‌» حول‌ شرائط‌ الحاكم‌ في‌ الإسلام
  دلابة‌ آية‌: وَلَن‌ يَجْعَلَ اللَهُ لِلْكَـفِرِينَ عَلَی الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً
  وفقاً للآية‌ القرآنيّة‌: لا حكومة‌ للكافر علی‌ المؤمن‌
  طبقاً للآية‌.. انتفاء دخول‌ ممثّلي‌ أهل‌ الذمّة‌ في‌ مجلس‌ الشوري‌
  بيان‌ آية‌ الله‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ قدّس‌ سرّه‌ حول‌ حقيقة‌ التشيّع‌
  الدرس‌ الثلاثون‌:من‌ شروط‌ ولاية‌ الفقيه‌: الهجرة‌ إلی‌ دار الإسلام
  تفسير الطبرسي‌ّ لآية‌: إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَـهَدُوا...
  تفسير البعض‌ للولاية‌ في‌ هذه‌ الآية‌ بمعني‌ الإرث‌
  كلام‌ هارون‌ مع‌ الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر علیه‌ السلام‌ حول‌ إرث‌ العمّ
  اعتبر البعض‌ الولاية‌ في‌ هذه‌ الآية‌ بمعني‌ نفوذ الامان‌
  بقاء لزوم‌ الهجرة‌ إلی‌ دار الإسلام إلی‌ يوم‌ القيامة‌
  حرمة‌ التعرّب‌ بعد الهجرة‌
  لاَ تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ حَتَّي‌ تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ
  وجوب‌ الهجرة‌ علی‌ جميع‌ المسلمين‌ في‌ العالم‌ إلی‌ دار الإسلام
  حرمة‌ ولاية‌ المسلم‌ الذي‌ لم‌ يقطع‌ علاقته‌ ببلاد الكفر بالكامل‌
  الدرس‌ الحادي‌ والثلاثون‌:من‌ شروط‌ ولاية‌ الفقيه‌: الذكورة‌
  شأن‌ نزول‌ آية‌: الرِّجَالُ قَوّ مُونَ عَلَیالصالحات‌ النِّسَآءِ، طبقاً لنقل‌ المفسّرين‌
  عمومات‌ حكم‌ القصاص‌ وتخصيصها في‌ مورد حبيبة‌ زوجة‌ سعد
  رواية‌ البيهقي‌ّ عن‌ أسماء بنت‌ يزيد ورسالة‌ نساء المدينة‌ للنبي‌ّ
  أَنَّ حُسْنَ تَبَعُّلِ إحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبَهَا مَرضَاتَهُ ...
  رواية‌ أبی بكرة‌: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً
  الدرس‌ الثاني‌ والثلاثون‌:من‌ شؤون‌ ولاية‌ الفقيه‌: عدم‌ جواز عضويّة‌ النساء في‌ مجلس‌ الشوري‌
  وَاكْفُفْ علیهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إيَّاهُنَّ؛ فَإنَّ شِدَّةَ...
  الدخول‌ في‌ مجلس‌ الشوري‌ من‌ شؤون‌ الولاية‌، لا مصداقاً للوكالة‌
  دلالة‌: فَالصَّـ لِحَـ تُ قَـ نِتَـ تٌ حَـ فِظَـ تٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَهُ
  اعتراض‌ عامّة‌ المسلمين‌ علی‌ عائشة‌ في‌ خروجها بادّعاء الصلح‌
  كون‌ مجلس‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور رجالاً لا يدفع‌ إشكال‌ عضويّة‌ النساء...
  من‌ شروط‌ ولاية‌ الفقيه‌: العقل‌ والبلوغ‌
  الدرس‌ الثالث‌ والثلاثون‌:يعيّن‌ أهل‌ الحلّ والعقد الولي‌ّ الفقيه‌، لا برأي‌ أكثريّة‌ عامّة‌ الناس‌
  دلالة‌: فَسْئَلُو´ا أَهْلَ الذِّكْرِ... وآية‌: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي‌ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ...
  يتحرّك‌ أكثريّة‌ الناس‌ وفقاً لمنطق‌ الانفعال‌ لا العقل‌
  الآيات‌ الدالّة‌ علی‌ أنَّ عامّة‌ الناس‌ يفرّون‌ من‌ الحقّ
  انتخاب‌ العوامّ تبع‌ للمزاجيّة‌ والتفكير السطحي‌ّ والنظرة‌ الساذجة‌
  الإشکال‌ الوارد علی‌ مؤيّدي‌ فكرة‌ انتخاب‌ الاكثريّة‌ من‌ العامّة‌
  الشوري‌ في‌ الإسلام لاهل‌ الحلّ والعقد، وليس‌ لاكثريّة‌ العامّة‌
  دلالة‌ آية‌: وَشَاوِرْهُمْ فِي‌ الاْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَیاللَهِ
  مفاد ومعني‌ الاخذ بالمجمع‌ علیه‌ وترك‌ الشاذّ النادر
  مشورة‌ النبي‌ّ مقدّمة‌ لاخذه‌ الرأي‌ النهائي‌ّ
  الدرس‌ الرابع‌ والثلاثون‌:اعتماد ولاية‌ الفقيه‌ علی‌ القدرتين‌ العقليّة‌ والخارجيّة‌
  إثبات‌ ولاية‌ الفقيه‌ بواسطة‌ نفس‌ الطرق‌ العقلائيّة‌
  دلالة‌ عهد الإمام لمالك‌ علی‌ انحصار تعيين‌ القاضي‌ بنظر الحاكم‌
  العلم‌ الوجداني‌ّ لكلّ شخص‌ هو الذي‌ يقوده‌ إلی‌ ولاية‌ الفقيه‌
  أرسطو هو مؤسّس‌ مبدأ تفكيك‌ القوي‌ الثلاث‌
  اقتراح‌ النائيني‌ّ في‌ تفكيك‌ القوي‌ علی‌ فرض‌ وجود الحكومة‌ الجائرة‌
  نهج‌ البلاغة‌: وَالإمَامَة نِظَاماً لِلاُمَّةِ وَالطَّاعَةَ تَعظِيماً لِلإمَامَة
  تفسير آية‌: وَاجْعَل‌ لِّي‌ مِن‌ لَّدُنكَ سُلْطَـ نًا نَصِيرًا
  رواية‌ قتادة‌ في‌ تفسير: وَاجْعَل‌ لِّي‌ مِن‌ لَّدُنكَ سُلْطَـ نًا نَصِيرًا
  الدرس‌ الخامس‌ والثلاثون‌:وظيفة‌ الولي‌ّ الفقيه‌: إقامة‌ العدل‌ والصلاة‌ والزكاة‌ و...
  آية‌: الَّذِينَ إِن‌ مَّكَّنَّـ هُمْ فِي‌ الاْرْضِ أَقَامُوا الصَّلَو ةَ وَءَاتَوُا الزَّكَو ةَ
  وظيفة‌ الولي‌ّ الفقيه‌ الجهاد والامر بالمعروف‌ والنهي‌ عن‌ المنكر
  إنَّ إرسال‌ الانبياء لإخراج‌ الناس‌ من‌ نير الظالمين‌
  مفاد آية‌: وَأُمِرْتُ لاِعْدِلَ بَيْنَكُمْ
  عدم‌ تساوي‌ الحقوق‌ بين‌ المسلمين‌ وأهل‌ الذمّة‌ في‌ دولة‌ الإسلام
  لا يوجد مبدأ كالإسلام في‌ محافظته‌ علی‌ حقوق‌ الاقلّيّات‌
  حدود الإسلام هي‌ العقيدة‌، وتراب‌ المسلم‌ محترم‌
  الدرس‌ السادس‌ والثلاثون‌:الجهاد واجب‌ كفائي‌ّ في‌ كلّ عصر وبإشراف‌ ولاية‌ الفقيه‌
  يجب‌ استعمال‌ المصطلحات‌ الإسلاميّة‌ في‌ بلاد الإسلام
  الجهاد واجب‌ كفائي‌ّ في‌ كلّ زمان‌ إلی‌ يوم‌ القيامة‌
  الآيات‌ القرآنيّة‌ الدالّة‌ علی‌ إطلاق‌ وجوب‌ الجهاد
  كلام‌ الشيخ‌ في‌ وجوب‌ الجهاد مرّة‌ واحدة‌ في‌ السنة‌ علی‌ الاقلّ
  المرابطة‌ في‌ رتبة‌ متأخّرة‌ عن‌ الجهاد، وهي‌ من‌ 3 إلی‌4 0 يوماً
  الخَيْرُ كُلُّهُ في‌ السَّيْفِ وَتَحْتَ ظِلِّ السَّيْفِ
  الآيات‌ الواردة‌ حول‌ لزوم‌ الجهاد في‌ سبيل‌ الله‌ وعظمته‌
  الروايات‌ الدالّة‌ علی‌ شرط‌ الولاية‌ في‌ مشروعيّة‌ الجهاد

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی