معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة اتصل بنا الرئیسیة
  07 جمادى الثانية 1446
| 2024 December 08
متابعة سؤال سؤال و جواب ارسال السؤال  
 
زائر . المجيب: سماحة آیة الله السید محمد محسن الحسیني الطهراني
رمز المتابعه:22379/507تاریخ الإجابة: 18/09/30 12:00:00 ص الموضوع: حرية الاعتقاد والرأي والتأليف
السؤال السؤال: السلام عليكم.. أولاً عافاكم الله، كما أشكركم على ما تطرحونه على صفحة الانترنت من المباحث المتنوعة. ذكرتم في نهاية جلسة 603 من جلسات الأسفار بأن هناك بعض الأشخاص الذين شكّكوا في زيارة عاشوراء أو شكّكوا في قضية القلم والقرطاس، وقلتم بأن على هؤلاء أن لا يتكلّموا بهذا الكلام. ولكن من جهة أخرى تقولون بأنه لماذا تمّ الوقوف أمام طبع كتاب معرفة الإمام ونشره لمجرّد اشتماله على أن إطلاق لفظ الإمام على غير المعصوم حرام. أليس ظاهر كلامكم هذا التناقض؟ فإذا كان المطلوب عدم الوقوف في وجه كلام العالم، فلا ينبغي الاعتراض أيضاً على فلان مثلاً الذي داس على "السجدة" أثناء تباحثه مع العالم السنّي. والأمر الآخر هو أنّه ألا نعتقد نحن الشيعة بأن إمام الزمان عجل الله فرجه هو الذي يحفظ عقائد الشيعة (مثل مسألة المرأة الحامل التي ماتت وبسبب الاشتباه في الفتوى تركت في قبرها). فإذا حصل اشتباه في رأي أحد العلماء ألا يكون له أجر (وإذا أصاب فله أجران)؟ أرجو منكم أن توضحوا لنا هذا الأمر، مع الشكر الجزيل على جميع جهودكم.
الإجابة:

هو العالم

من العجيب أن تعتقدوا بوجود تناقض بين هذين المطلبين. فالتناقض هو إثبات أمر واحد ونفيه ضمن شروط وقيود واحدة لا في ظروف وشروط مختلفة. فمثلاً إذا قلت: أحتمل أن فلاناً قد أتى، ثم قلت أحتمل أنه لم يأت، فهذا تناقض. بينما إذا قلت: قبل ساعة كنت أحتمل أنه جاء، والآن لديّ يقين بأنّه لم يأت، فليس هذا من التناقض أصلاً؛ لأنّه: أولاً: في إحدى القضيتين طرح المطلب بصورة احتمال، وتمّ طرحه في الآخر بصورة يقين، وثانياً: زمان الاعتقاد بهذين الأمرين مختلف.
وأما المسألة التي تفضّلتم بها فيبدو أنّه ـ وللأسف ـ لم يتمّ توخّي الدقّة اللازمة في فهم المراد من الكلام؛ فقد كان كلامي على النحو التالي:
إذا كان الملاك والمعيار في رفض نشر كتاب ما أو الموافقة عليه هو عدم انطباق مطالبه على الأدلّة والمنهج العلمي المتعارف أو انطباقها عليهما، فلماذا منع كتاب المرحوم الوالد؟
وإذا كان الملاك هو عدم موافقة المطالب للجو السائد في المجتمع وفضائه الثقافي، فلماذا أجيز نشر كتاب ذلك الرجل الذي أنكر هذا الحديث الضروري والبديهي عند الشيعة والسنّة؟
أين التناقض في هذا الكلام؟ فالمطلب الذي طرحه المرحوم الوالد رضوان الله عليه في كتاب معرفة الإمام المجلد الثامن عشر، عرضه بشكل مبرهن عليه مرفقاً بالأدلّة ووفق ضوابط المتفاهم العرفي وضمن الموازين المتعارفة للكتابة والتأليف، لا أنّه عرض مطلباً منطلقاً فيه من خياله وحدسه وظنّه، أو مستنداً فيه إلى أدلّة بسيطة بحيث يمكن لأي شخص متوسط العلم أن يناقشها ويردّها.
وعليه فإذا لم يكن هناك أي ضابطة أو قانون للطبع والنشر فلن يبقى في هذا البلد حجر على حجر، بل سوف يجيز كل شخص لنفسه ـ مهما كان مستواه العلمي ـ أن يعمل على إفساد أذهان المجتمع ويدمّر روحية أهله. فليست المشكلة في كون المطالب جديدة أو غير متداولة في المجتمع فيما لو كانت مبتنية على المنطق ومستندة إلى الاستدلال العقلائي ومناهج البحث العامّة للكتابة والتأليف. فأنا نفسي أيضاً قمت ـ وعلى مدى سنوات من البحث والتحقيق في مباني التشيّع ـ بنشر مسائل وأبحاث تختلف عما هو متداول ورائج, وكانت هذه الأبحاث جديدة في طرحها؛ كرسالة طهارة الإنسان الذاتية، و عدم حجيّة الإجماع، و عدم جواز إقامة ذكرى الأربعين للأموات وغير ذلك، ولا مشكلة في ذلك حتى وإن ووجهتُ أحياناً بالاعتراض أو الإهانة من قبل البعض، وسوف أستمر في هذه المسيرة بحول الله وقوّته. وإذا كان من واجب الكتاب والمؤلّفين أن يراعوا الأجواء الفكرية للمجتمع ويلتزموا بها، فمن الذي سيوقظ المجتمع من سباته حينئذ؟ ولولا ذلك هل كان سيحدث كل هذا التحول والتغيّر والثورة مما شهده البلد؟
إنّ من يدوّن في كتابه ما لا دليل عليه, أو يستند إلى دليل واه يضحك الأطفال، وينكر الحديث الضروري للقلم والقرطاس وهو المتّفق عليه بين الشيعة والسنة.. هل يعلم هذا الكاتب ما هي الضربة التي أسداها بعمله هذا إلى الجسم الشيعي وإلى إمام الزمان؟ وهل يجوز للإنسان أن يقوم بهذا العمل لمجرّد أنّه وضع عمامة على رأسه ودرس في الحوزة لمدّة من الزمن؟ وهل وصلت حريّة الفكر والانفتاح الثقافي إلى هذا الحد من التفلّت والتحرر؟ أين تأليف المجلد الثامن عشر من معرفة الإمام للمرحوم الوالد روحي فداه ـ الذي ينبغي أن يقال فيه حقاً: لله درّ مصنّفه، والذي ينبغي أن يكون ثواب هذا المجلّد بالذات من يد ساقي الكوثر يوم القيامة ـ فأين هذا التأليف من مسألة إنكار القضية الفاضحة والجناية الوقحة للخليفة الثاني؟ فهل هذا معنى التناقض؟ عجيب! هل يعلم ذاك الرجل الذي وضع قدمه على تربة سيّد الشهداء عليه السلام لجذب قلوب الأعداء، أنه على أي حقيقة داس؟ إنّ تربة سيد الشهداء عليه السلام هي نفس تربة كربلاء التي نمشي عليها ونطؤها بأقدامنا، ولا إشكال في ذلك، ولكن إذا صار هذا التراب ـ بأمر من الشارع والأئمّة المعصومين عليهم السلام ـ مكان سجود الشيعة، ألا يختلف عن ذاك التراب الذي نطؤه بأقدامنا؟ فلماذا تقول: يحرم تنجيس تربة الإمام سيد الشهداء عليه السلام؟ ولماذا يقولون: إذا طرأت نجاسة عليها يجب أن تزال فوراً؟ فالتراب تراب لا فرق فيه. وإذا قام هذا الشخص بإنكار زيارة مسلّمة بين الشيعة لمجرّد دليل واه وهو التقيّة التي لا يمكن أن تكون مرتبطة بهذا المطلب أصلاً، ويعتبرها أمراً باطلاً، ألا يكون في ذلك أي ضير؟
إذن فالكلام هنا ليس في أنّ عالماً طرح مطلباً معيّناً بشكل مختلف عن الجوّ الثقافي للمجتمع وللشيعة، بل المسألة هي أنه ألا يجب على هذا الشخص أن يحتاط على الأقل في طرح مثل هذه المسألة التي تمسّ المعتقدات البديهيّة للشيعة، فهي ليست مجردّ مسألة خلافيّة وعاديّة، أليس من اللازم عليه أن يتريّث قبل عرضها وإعلانها؟! فيقوم أولاً بعرضها على العلماء والمطّلعين؟ فإذا لم يكن يرى أنّ هذا المقدار من المشاورة في هذا الموضوع مفيد فلا بد من القول بأنّه قد خرج في ذلك عن ممشى أهل البحث والتحقيق.
وأما بالنسبة إلى ما ذكرتموه حول إمام الزمان أرواحنا فداه، فهو مطلب صحيح ومتقن، وعلى هذا الأساس يلقي الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف توفيق الإجابة عن الشبهات ورفع المبهمات من الأمور وتوضيح المباني الأصيلة للشرع القويم في نفوس الأولياء الإلهيين والعلماء بالله؛ من قبيل العلامة الطهراني والعلامة الطباطبائي وسائر العلماء من أهل المعرفة، وهل الحفاظ على مباني وعقائد الشيعة إلا ذلك؟ وأما ما ذكرتموه من أنّ للعالم المخطئ أجراً وللمصيب أجران فلا ننكر ذلك، لكن من هو هذا العالم؟ ماذا يمكننا القول بالنسبة إلى علماء السوء وعلماء بلاط الخلفاء والحكّام الظالمين؟ فهل هؤلاء مأجورون أيضاً؟ نعم، العالم الذي يقوم بالتأليف والتحقيق تبعاً للأدلّة المقبولة متّبعاً سيرة العقلاء، وبعيداً عن جميع أشكال الميول النفسيّة والتحزّبات السياسية والمصالح الشخصيّة والفئوية، فإذا توصّل هذا العالم إلى مطلب معيّن فهو مأجور ومثاب عليه؛ سواء كان مطلبه صحيحاً أم لا. وفي غير هذه الصورة فحاشا وكلاّ، فالحكومة الإلهيّة أعلم من كلّ شخص بنواياه وخفايا قلبه وزوايا نفسه. وإن شاء الله تكونون من الموفقين.

    1

    جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

    © 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


    Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
    عربی فارسی انگلیسی