معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات العلامة الطهراني > سلسلة محاضرات تفسير آية النور > تفسير آية النور - المحاضرة السابعة

_______________________________________________________________

هو العليم

تفسـير آيــة

{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}

المحاضرة السابعة

موعظة ليلة الثلاثاء
في
6 شعبان 1396 هجريّة قمريّة

حضرة العلامة آية الله الحاجّ السيّد محمّد الحُسين الحسينيّ الطهرانيّ

قدّس الله نفسه الزكيّة

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف                                            

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[1]

كان كلامنا في معنى النور, وقد ذُكر في الأسبوع الماضي أنّ جميع آيات الله هي نور, وأنّ جميع الموجودات آيات لله.
والآيات على قسمين: الآيات الآفاقيّة والآيات الأنفسيّة.
أما الآيات الآفاقيّة: فهي الموجودات الخارجيّة, والتي منها ذهنُ الإنسان وتفكيره, وهذه الآيات لا تقدر على إظهار جميع جهات الله على النحو الذي يجب أن تُظهرها, بل كلّ واحدة منها تكشفُ وتفصحُ على قدر سعتها الخاصّة بها.
وأمّا الآيات الأنفسيّة: فهي نفس الإنسان, وهي آية من آيات الله تعالى، فهل تستطيع النفس أن تُظهرَ ذات الله تعالى وتبيّنها؟ يعني إذا اتصل الإنسان بباطنه, فهل يمكن له أنْ يصل على النحو الذي ينبغي أنْ يكون, فيصلَ إلى مقام لقاء الله من كلّ الجهات؟ ويدركَ جميع صفات الله الكلّية وأسمائه, ويفنى في ذات الله أم لا؟ وهذا المطلب يشكّل بحثاً مستقلاً في حدّ ذاته.

    

تميّز الإنسان وتفرّده عن سائر المخلوقات

وبيان هذا المطلب بشكل مختصر هو أنّ خلقة الإنسان تختلفُ عن خلقة سائر الموجودات, فالإنسان لديه خصوصيّة وميزة خاصّة, وهو يختلف عن سائر الموجودات. يذكرُ القرآن المجيد في بعض الموارد خصوصيّة الإنسان؛ فيقول في آية: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}[2] وهو يعني ـ على نحو الإجمال ـ أنّ الإنسان أعلى من {مَّا فِي الأَرْضِ}, لأنّ هؤلاء خُلقوا ببركة الإنسان ولأجله. وفي آية أخرى:{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً}[3] وعليه, فخلق السموات والأرضين, ونزول الأمر بينهن, من أجل أن يتعرّف الإنسان على قدرة الله المطلقة وعلمه المطلق, بل جميع تلك المخلوقات هي من أجل معرفة الإنسان, فالإنسان أعلى منها لأنّها خُلقت من أجله, وخلقت لمعرفة الإنسان وعلمه, فهذه آية.
وهناك آية أخرى في سورة إبراهيم هي: {وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}[4] أي إنّ الشمس والقمر والليل والنهار جميعهاً مسخرة للإنسان, فالإنسان أرقى وأشرف منها باعتبار أنّها مسخرات له.
ومن الآيات الموجودة في القرآن الكريم قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ}[5] وكذلك قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}[6] ويستفاد من هذه الآية: أنّ كلّ موجود في السموات من الملائكة والنفوس العليا والموجودات المجردة, وكذا كلّ موجود في الأرض من أرواح الجنّ والجمادات والنباتات والحيوانات مسخّرة جميعها للإنسان, فالإنسان أشرف منها حيث خُلقت لأجله, وسُخِّرت له وجعلت بأمر الله تحتَ انقياده, هذه طائفة من الآيات.
وقد وردَ في سورة السجدة: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ}[7], فما هي روحُك؟ ذلك الشيء الذي تتحقّق حقيقةُ كلّ شيءٍ به, فروح الإنسان ذلك الشيء الذي تكون حقيقة الإنسان قائمة به.. حقيقة ذات الوجود، وقدْ نفخ في الإنسان من تلك الروح؛ أي من روحه, وليس هناك شيء من الموجودات يقول الله في حقّه: إنّي نفخت فيه من روحي, ولم يردْ شيء من ذلك حتّى بالنسبة للملائكة, وهو مختصّ بالإنسان الذي نفخ فيه من روحه.
كذلك يبين عمليّة خلق الإنسان في سلسلة تكامل النطفة, حيث تحوّلت في رحم الأم من نطفة إلى علقة ثمّ إلى مضغة, وهكذا... لتطوي دورة نموّها, يقول تعالى: {ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[8], فقد أثنى الله على نفسه في خلقه الإنسان.
كذلك عندما خلق السموات والأرض, يقول: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}[9] أو {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}[10] هذه الآيات تبيّن كيف يثني الله تعالى على نفسه في خلقه للإنسان, حيث يقول: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[11] وذلك الخلق الآخر عجيب جداً.
وفي آية أخرى يقول تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[12], فما معنى {أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؟ يعني: إنّ ماهيّة الإنسان كانت أعلى وأفضل من جميع المواهب وأرقى من جميع الموجودات والموادّ والماهيّات التي خلقناها, وهي أحسن تقويماً منها.

    

السبب في كون الإنسان أفضل من الملائكة

كذلك ورد في سورة البقرة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}[13].
يمكننا أن نستفيد من هذه الآيات أنّ الإنسان أشرف من الملائكة. فالإنسان أشرف من جميع الملائكة واقعاً, حتّى من جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل, فهم الملائكة المقربون وحملة العرش, لكنّ مقام الإنسان أعلى منهم.
كيف يمكن الاستدلال على ذلك؟ إنّما يكون من ثلاث جهات:

    

الجهة الأولى: أن الإنسان هو خليفة الله المطلق

قال الله للملائكة: يا ملائكتي! أريد أن أجعل في الأرض خليفة لنفسي؛ وعنوان الخليفة يعني: ذلك الشخص الذي ينوب عنّي من جميع الجهات, لأنّه لم يقل: إني أجعل على الأرض خليفة من جهة واحدة, أو من عدّة أوجه؛ بل إنّ الإنسان خليفتي بنحو مطلق دون أن يذكر أيّ تقييد للخلافة. فمثلاً لو أراد ملك أن يسافر وقال: فلان خليفتي, فهذا يعني أنّه خليفته في جميع الأمور, ومن جميع الجهات. والله يريد أن يجعل في الأرض خليفة, يعني: الموجود الذي هو مرآة لجميع مظاهر الله تعالى؛ أي الموجود الذي يُظهر الله من جهة العلم.. من جهة القدرة غير المتناهية.. من جهة الحكمة.. من جهة جميع الأسماء والصفات الجزئيّة والكليّة.. تلك المرآة العظمى.. التي هي الآية الكبرى, فأنا أريد أن أخلق موجوداً بهذه الخصوصيات.
ودلالة عنوان لفظ الخليفة عامّة على نحو الإطلاق, تفيد أنّ الإنسان موجودٌ يستطيعُ أن يحاكي الله بتمام معنى الكلمة, ويكون مرآةً لجميع أسمائه وصفاته, هذا من جهة.

    

الجهة الثانية: اعتراف الملائكة بقصورهم وجهلهم أمام علم آدم بالأسماء

ثمّ قالت الملائكة لله تعالى: إلهنا! أنت تريد أن تجعلَ على الأرض من يفسد فيها ويسفك الدماء؟! والحال أنّ الإنسان هو الشخص الذي يفسدُ ويسفك الدماء في الأرض, ونحن الطيّبون, الذين نسبّحُ بحمدك ونقدّس لك.. وننزّهك ونبرّئُك من جميع صفات النقص, وما دمنا موجودين, وحاملين لهذه الصفات ونسبّحك ونقدّسك بشكل دائم, فما هي الحاجة إلى أنْ تجعلَ في الأرض موجوداً مفسداً يسفك الدماء ليكون هو خليفتك؟!
وفي مقام الجواب قال الله لهم: أنا أعلم شيئاً لا تعلمونه أنتم, أي هناك سرٌّ كامن في هذا الخليفة.. وهناك أمرٌ عجيب داخل الإنسان.. سرّ داخل آدم.. وأنا الوحيد من يعلم حقيقة هذا الشيء، وسوف أضعُ فيه شيئاً لا يتحمّله عقلكم ولا يناله علمكم، وأنتم أقلّ من أنْ يقدرَ طائرُ أفكاركم العالية على التحليق لنيل ذلك السرّ الذي أريد أن أجعله في الإنسان, والذي بواسطته أجعله خليفتي.
ثمّ بعد ذلك علّم الله آدم الأسماء؛ والأسماء هي: حقائق جميع الموجودات بشكلٍ مباشر. فعلّم آدم الأسماء التي تمثّل بجميع ظهوراتها مظهرَ جمال الله؛ يعني: جعلَ سعةَ آدم حاوية على جميع أسماء الله وصفاته, وطوى في آدم جميع أسمائه وصفاته.
{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ} وبعد أن عرضهم على الملائكة قال: أخبروني بأسماء هؤلاء!
ما معنى ذلك؟ يعني: أنبئوني عن أسماء ما علّمته لآدم, لا حقائق الأسماء!! بل أسامي هذه الأسماء.. يعني أنبئوني عن العلامة التي تحاكي هذه الأسماء وتدلّ عليها بما هي حقائق منطويةٌ في ذات آدم.. فأنبئوني عن اسم هذا الاسم! فما علّمته لآدم هو حقائق الأسماء, ولكن أخبروني عن أسماء هذه الحقائق فقط, فقالوا: نحن أيضاً لا نعلم اسم الأسماء, {لاَ عِلْمَ لَنَا.. إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ.. إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} فكلّ واحد من الملائكة عنده علمه الخاصّ والمحدود, ولديه دراية خاصّة, فلا يستطيع أن يتجاوز ذلك المقام المعلوم له, وكلّ مَلَك لا يستطيع أن يتجاوز حدّه الوجوديّ, فذلك المقدار من العلم الذي أعطاه الله لجميع الملائكة وحتى للملائكة المقربين مقتصرٌ على تلك الجهة فقط, وليس لديهم أكثر من ذلك, فحتّى أسماء الأسماء لا نعرفها ولا علم لنا بها.
فقال الله لآدم: {أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ}.
وحينما أراد آدم أن يعلّم الملائكة الأسماء, قالوا: {لاَ عِلْمَ لَنَا}, لا نقدر على ذلك, لا سعة لنا, إلهي أنت علام الغيوب, أنت تعرف من الذي تعلّمه هذه الأسماء, وبما أنّك علّمتها لآدم, فيتضح أنّ لآدم سعة ومقاماً أعلى وأشرف منّا؛ أمّا نحن فليس لدينا إلاّ ذاك العلم المحدود الذي تفضّلت به علينا.
حسناً, وماذا يستفاد أيضاً من ذلك؟ يستفاد أنّ الملائكة لم يستطيعوا تحمّل الأسماء, كما ولم يستطيعوا أنْ يعرفوا اسم الاسم, أي لمْ يجدوا سبيلاً إلى حقائق الموجودات, والتي هي بأجمعها أسماء الله الكليّة التي علّمها لآدم وطواها في وجوده.
إذاً, استطاع آدم أنْ يعلمَ, لكن الملائكة لم يعلموا.. لذا فقد اعترفوا بقصورهم وجهلهم, وهذا الإنسان المسفِك للدماء والمفسد في الأرض.. هذا الإنسان لديه استعداد, وعنده نفس وفطرة, وحتّى مع كونه لا يدري هو بذلك ويعلم ذلك من نفسه إلاّ أنّه رفيع المستوى, فهو جوهرة ثمينة، والله هو الذي يعلمُ ثمنها.
من هنا يستفاد بشكل واضح ـ وهذا كان الدليل الثاني الذي استفدناه من الآية ـ بأنّ الملائكة قد اعترفوا بقصورهم أمام ذلك العلم الكائن عند آدم.

    

الجهة الثالثة: سجود الملائكة لآدم عليه السلام

لقد أمرَ الله جميع الملائكة أنْ يسجدوا لآدم, {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كلّهم}. وذلك لمّا قال: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ}؛ فـ"الملائكة" جمع محلّى بالألف واللام ويفيد العموم.
ما معنى جميع الملائكة؟ الملائكة الجزئيّة.. الملائكة الكلّية.. الملك الصغير.. الكبير.. المقرّب؟ بل جميعهم؛ جبرائيل وإسرافيل وميكائيل.. جميع هذه الملائكة؛ {اسْجُدُواْ لآدَمَ} فلو لم يكن آدم أشرف منهم, فلماذا لا يسجدُ آدم لهم؟! بل يجب على هؤلاء أنْ يسجدوا لآدم.
فلدى آدم خصوصيّة تفيد أشرفيّته على الملائكة, ولأجل هذا كلّف الملائكة بالسجود لآدم, فسجد جميعهم إلاّ إبليس؛ وإبليس لم يكن ملك بل {كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}[14].
حسناً, جميعهم سجدوا؛ يعني: أدركوا أنّ مقام آدم أعلى منهم وأرفع وسجدوا.
هذه الجهة الثالثة التي استفدناها من الآية, وبهذا يتبين أنّ الإنسان أفضل من الملائكة.
وهنا علينا أنْ نتدبّر في هذا المطلب, حيث أنّ السجود لغير الله غير جائز, فلماذا أمر الله الملائكة أنْ {اسْجُدُواْ لآدَمَ}؟ ذلك لأنّ في حقيقة آدم سرٌّ من ذات الله, والسجود لحقيقة آدم سجود لله؛ وذلك مقام الفناء في ذات الله الذي يستطيع الإنسان أن يحصل عليه ولا يبقى أيّ حجاب بينه وبين الله؛ وعلى هذا الأساس جعل الله سرّه ـ الذي هو حقيقة روحه ـ في آدم بعنوان وديعة, ولذلك كلّف الملائكة بالسجود له.
هذه آيات أردنا أنْ نستفيد منها أنّ الإنسان أشرف من جميع الموجودات. وبالتأكيد يمكن أن يستفاد ذلك من آيات أخرى. والروايات في هذا المورد كثيرة. والآن إذا أردنا أن نستمرّ ببحث ذلك سوف يفوتنا أصل المطلب, فنحن نريد فقط أن نثبت إجمالاً أنّ الآيات القرآنية تدلّ على أنّ نفس الإنسان وذاته, أي حقيقة وجود الإنسان الذي أوجده الله العليّ الأعلى فيها ذات ماهيّة كبيرة وواسعة إلى الحدّ الذي تعترفُ معه الملائكة المقرّبون بصغرهم وقصورهم في مقابله.

    

أبيات الحكيم السبزواري حول عظمة مقام الإنسان

وكم هو رائعٌ ما قالَه الحكيمُ السبزواريّ فيما يتعلّق بذلك, فقدْ قال:
اختــران پرتـوِ مشــكات دل أنـور ما
                             دل ما مَظهر كلّ، كلّ همگي مَظهر ما
[15]
نه همين اهل زمين را همه باب‌اللهيم
                             نُـه فلـك در دَوَرانند به گِردِ سر ما
[15]

بَرِ ما پير خِرد، طفل دبيرستـان اسـت
                             فلسـفي مقتَـبِسي از دل دانشـور ما
[16]

أو ما يقوله في مكان آخر:
فـلك، دور زنــد بر مِحــــوَر دل
                             وجــود هـر دو عالـم، مظــهر دل
[17]
هر آن نقشي كه از لوح، از قلم رفـت
                             نوشـته دسـت حـقّ، بـر دفتــر دل
[18]
جمله عالم چون تن وانسـان دل است
                             هر چه مي‌جوئي ز انسان حاصل است
[19]
هر دو عالم جسـم وجانش آدم است
                             زان كه آدم اصـل جملـه عالـَم است
[20]
هســـت انـســان مــدار آســمـان
                             نيســت بـي انســـان، مـدار آسمـان
[21]

هسـت انســان مركــز دورِ جـهـان
                             نيســت بـي انســان مـدار آســمان

هر دو عالـَم گشـته اسـت اجـزاي او
                             برتـر از كــــون و مـكان، مـأواي او

لا مكـان انــدر مـكان كـــرده مكان
                             بـي نشـان گشـته مقـيّد در نشـــان

واقعاً يجيد الشاعر في قوله هذا:

صـد هزاران بحــر، در قطـره نهـان
                             ذرّه‌اي گشـــته جـهان انـدر جــهان

ايـن ابــد عيــن ازل آمـــد يـقيــن

رائع ما يقوله: إّن مقام الإنسان مع حقارته وصغره ودناءته, الذي كان ذرّة لا ترى بالعين, طُويت فيه جميع العوالم والملك والملكوت والظاهر والباطن, يبيّنه بشكل جيد.

    

كلام الفلاسفة والحكماء حول عظمة النفس

هنا نذكر لكم مسائل ومطالب من كلمات الفلاسفة والعظماء حول عظمة النفس, وهذه المطالب دقيقة جدّاً, التفتوا جيّداً! لاحظوا ما يقوله العلماء الكبار حول النفس.
المرحوم الحكيم السبزواري في بعض تعليقاته ضمن أشعار المنظومة, يقول:
"والحقّ أنّ وجود النفس ذو مراتب وأنّها الأصل المحفوظ فيها وأنّ كلّ فعل لأيّة قوة تنتسب في الحقيقة فعلها بلا مجاز وجداني وهذا ذوق أرباب العرفان".
فيذكر ذلك ثمّ يعقّبه بمطلبٍ عن ابن العربي, ومراده من هذا التذييل هو:
"والحق أنّ نفس الإنسان لها مراتب, وجميع القوى الموجودة في الإنسان متحدة مع النفس, والنفس هي عين القوى, وكل فعل يصدر من الإنسان فهو ناشئ من القوى, والقوى هي متحدة مع النفس, فهذا الفعل يمكن للإنسان أنّ ينسبه للنفس, فيقول: النفس فعلت هذا العمل, فعلت ذلك العمل, بلا مجاز, مع أنّ الفعل فعل خارجي ولكنّه فعل النفس, وتلك النفس متحدة مع هذا الفعل, يعني هي مع هذا الفعل شيء واحد, وهذا ما يكشف عن اتساع النفس وقدرتها".
بعد ذلك يقول:
"هذا ذوق أرباب العرفان".
بعد ذلك يذكر مطلباً عن الشيخ محي الدين ابن العربي في الفتوحات فيقول:
"النفس الناطقة هي النفس العاقلة, المفكرة, المتخيلة, الحافظة, المصوّرة, المغذية, المنمية, الجاذبة, الدافعة, الهاضمة, الماسكة, السامعة, الباصرة, الطاعمة, المستنشقة, اللامسة, وهذه النفس التي تدرك الأمور, جميع هذه القوى الموجودة في الإنسان, هي عين النفس".
بعد ذلك يقول: "إنّ الاختلاف الموجود بين هذه القوى واختلاف الأسماء فيها وكون هذه الأسماء مختلفة فيما بينها, لا يستوجب خروج حقيقتها عن النفس, ولا إضافة شيء خارج عن النفس, بل إنّ عين النفس اتحدت مع هذه القوى وظهرت بهذه الصور, فهذه القوى جميعها متحدة مع النفس".
هذا الكلام لمحي الدين بن العربي. وبعد ذلك يقول المرحوم السبزواري مرة أخرى: "فعلى هذا, هذه القوى الموجودة في الإنسان والتي هي أنوارٌ مختلفة, جميعها فانية في نور النفس, النفس الناطقة".
في حين نرى الحكماء يقولون إنّ النفس مجردة صرفاً, وهي ليست مادة أبداً, ولا تشوبها شائبة التقيّد والتعيّن, وقد بيّنوا هذا المطلب لكي لا يخطر على الأذهان: أنّ النفس جسم أو جسمانيّة.
مثل بعض العوام والمقلدين الذين إذا قال لهم بعضهم: إنّ النفس متّحدة مع القوى, حيث يتصوّرون أنّ النفس جسم؛ لأنّ القوى تصدّر الأفعال الخارجيّة, فيقولون إنّ النفس جسم, كلا.. فقد أرادوا من قولهم إنّ النفس مجرّدة: المرتبة العليا من النفس, وهي النفس التي يتجلّى منها إشراقاتٌ تظهرُ منها قوى الإنسان. فنفس الإنسان متّحدة فيما بينها؛ كان هذا كلام السبزواري.
أمّا صدر المتألهين, فيقول في الأسفار: ليس لنفس الإنسان الناطقة مقام ودرجة معلومة, وليس لها في الوجود حدّ خاصّ, على خلاف سائر الموجودات؛ فسائر الموجودات: إمّا موجودات طبيعيّة وإمّا موجودات نفسيّة وإمّا موجودات عقليّة, فموجودات عالم المادّة, وموجودات عالم البرزخ, موجودات عالم الوهم, عالم العقل, كلّ واحد منها له مقام معلوم ودرجة مشخّصة, لكن نفس الإنسان ليست هكذا, لها مقامات ودرجات متفاوتة, فقد عبرتْ مقاماتٍ عديدة قبل هذا العالم, كذلك هي تطوي عوالم متعدّدة بعد هذا العالم, فلنفس الإنسان في كلّ مقام, عالم خاصّ وصورة خاصّة, يعني تارة تستطيع نفس الإنسان أنْ تصعد إلى أعلى علّيّين ـ مثلاً ـ وتارة تهبط إلى أسفل السافلين؛ من عالم العقل.. عالم النفس.. عالم الطبع.. تطوي جميع هذه العوالم ولا حدّ للنفس لكي نعيّنه لها. فالمرحوم الملاّ صدرا يكشف عن كلام عجيب جدّاً, وأصل هذه العبارة موجود في الأسفار[22].
أمّا في كتاب "المبدأ والمعاد" للملاّ صدرا في الأصل الرابع, من الأصول التي يبيّنها في "المقالة الثانية" التي هي في المعاد الجسماني, هكذا يبيّن لنا الأصل الرابع ـ وهو يوضح المطلب السابق المذكور في الأسفار بشكل جيّد ـ فيقول أنّ الوحدة الشخصيّة, التي نطلقها على الموجودات وننعته بأنّه واحد شخصيّ, هذه الوحدة الشخصيّة ليست على وتيرة واحدة وسياق واحد في كلّ الأشياء, ولا على درجة واحدة؛ فالوحدة الشخصيّة في الموجودات الجوهريّة المجرّدة تختلف عن الوحدة الشخصيّة في الجواهر الماديّة وتتّخذ حكماً آخر, فلو أخذنا جسماً واحداً معيّناً شخصياً, أو أجساماً خارجيّة مثلاً, فإنّه من المحال أنْ تجتمع فيه أوصافٌ متعدّدة, أو تعرض عليه أعراض متعدّدة أو متقابلة, كأنْ يكون مثلاً: جسمٌ خارجيّ أسود وفي نفس الوقت الذي هو أسود يكون أبيض أيضاً! أو يكون سعيداً وشقيّاً في آنٍ واحد, متلذّذاً ومتألّماً في آن واحد, أو يكون في الأعلى وفي الأسفل في آن واحد, في الدنيا وفي الآخرة في آن واحد.. فليس للأجسام الخارجيّة أنْ تتّصفَ بأوصافٍ متضادّة, لماذا؟ يقول:
"وذلك لضيقِ حوصلةِ ذاته وقصرِ ردائِهِ الوجوديّ عن الجمعِ بينَ الأمورِ المتخالفة".
أي: إنّ أصل ذاته ضيّقة وقصيرة, ووجوده ضيّق, وهذه الأجسام الخارجيّة كلّما أرادت أن تحوز هذه الصفات المتضادة والأعراض المتقابلة والمتضادة, لا تستطيع.
إلاّ أنّها بخلاف وجود الجوهر الناطقيّ الكائن في الإنسان, فالجوهر الناطقيّ الإنسانيّ عجيب جدّاً! فخلقة نفس الإنسان عجيبة! مع أنّ الإنسان واحد, ووحدته وحدة شخصية؛ وحضرة السيد الفلاني هو شخص واحد, أليس كذلك؟ السيد الفلاني.. كم شخصٌ هو؟ واحد. نعم عنده وحدة شخصيّة! لا وحدة نوعيّة وجنسيّة, فهو واحد؛ إلاّ أنّه مع كونه واحداً, مستجمعٌ للتجسّم والتجرّد، هو جسمٌ ومجرّد.. سعيد وشقيّ, ففي وقتٍ واحدٍ يكون في أعلى عليين, وذلك بمجرّد أنْ يتصوّر أمراً قدسياً وروحانياً, فإنّ روحه حينئذٍ تصعدُ إلى الأعلى, ثمّ في ذلك الوقت يهبط إلى أسفل السافلين, وذلك عندما يتصوّر أمراً شهوانياً. وفي بعض الأوقات يصبح ملكاً مقرباً وفي بعض الأوقات يصبح شيطاناً مريداً؛ فيتسافل ويهبطُ من تحت العرش إلى أن يحطّ في أسفل السافلين. فهو واحد وهو موجودٌ واحد, أليس هذا الإنسان عجيباً؟
بعد ذلك يذكر المرحوم "الملاّ صدرا" دليلاً, فيقول:
"إدراك كلّ شيء هو بأن يُنال حقيقة ذلك الشيء المُدرَك بما هو مُدرَك، بل بالاتّحاد معه".
أي: إنّ الشخص الذي يُدرك شيئاً لا بدّ وأنْ ينال ذلك الشيء؛ وعليه فمن يدرك الملَك أو يدرك الشيطان.. يدرك أعلى العليين أو أسفل السافلين.., لا بدّ وأنْ ينال شيئاً من ذلك الأمر المدرك.
إذاً؛ ومعنى أنّه ينال: أنّه لابدّ وأنْ تكون عنده سعة وجوديّة ليستطيع أنْ يدرك, وإلاّ فالإنسان لا يستطيع أن يدرك ذلك الشيء! فليست المسألة مجرّد إدراك وفهم, بل لا بدّ من الاتّحاد الوجوديّ, النفس عندما تدرك شيئاً وتحصلُ لديها معرفةٌ بذلك الشيء, لا بدّ وأن تتّحدَ مع ذلك الشيء. فالنفس التي تدرك الملك, يجب أن تتّحد مع الملك؛ والتي تدرك الشيطان؛ لا بد وأن تكون متّحدة معه؛ والتي تدرك موجودات العالم العلويّ, لا بدّ وأن تتّحدَ معها.. أو تدرك موجودات عالم السفليّ, تتحد معه. هذا قول طائفة من العرفاء وأكثر المشائيين والمحقّقين.
بعد ذلك يقول: "صرّح بذلك الشيخ أبو نصر في مواضع من كتبه".
واعترف بهذا الأمر ابن سينا في كتابه المسمّى بالمبدأ والمعاد, كما صرّح في موضعٍ من كتاب الشفاء بهذا المعنى, وذلك ضمن الفصل السادس من المقالة التاسعة, في الإلهيّات, حيثُ يقول ابن سينا أنّ النفس تترقى دائماً, تترقى, إلى أن تنعكس في النفس هيئة الوجود.. تنعكس جميع هيئة الوجود. فالنفس.. "ينقلب عالماً معقولاً مقبولاً موازياً للعالم الموجود كله..." تصبح النفس عالماً معقولاً, جميع العوالم هي عوالم معقولة، والتي هي مشابهة وموازية للعالم المحسوس, وعلى هذا الأساس يصبح لنفس الإنسان جامعيّة وسعة.
ثمّ يتابع ويقول: "...مشاهداً لما هو الحسنُ المطلقُ والخيرُ المطلقُ والجمالُ الحقُّ ومتحدةٌ به ومنتقشة بمثاله وهيئآته ومنخرطة في سلوكه وسائرةٌ من جوهره" أي إنّ النفس تشاهد الحسن المطلق, أي ذلك الموجود الذي لديه الحسن المطلق؛ أيُّ موجود لديه الحسن المطلق؟‍ ذاتُ الله المقدسة؛ النفس تشاهد دائماً ذات الله, بما أنّه عنده الحسن المطلق؛ يعني: ذلك الحسن الذي أظلّ على جميع العالم وأشرق عليه, وبحسنه خلق جميع الموجودات, وزيّن بجماله جمال جميع الموجودات؛ تكون النفس مشاهدة للذات التي لها هكذا حسنٌ, ومشاهدة للخير المطلق والجمال المطلق, وتتحد معه, وتنتقش بمثاله, يعني: مثاله ينتقش في نفس الإنسان, أي: يدخل في ذلك السلك؛ فهو له قوّة نفس. عجيب كيف يبيّن سعة النفس بهذا الشكل! لمن هذا الكلام؟ هذا كلام ابن سينا.
وبعد ذلك يذكر أبو علي ابن سينا ما يؤيّد المطلب الذي طرحناه سابقاً, وهو: أنّ النفس تدرك جميع المدركات, تدركها بتمام المعنى, وتفهم الأمور بشكل كامل, وهي فاعلة لجميع الأفعال التي يمكن أن تصدر من الإنسان؛ فكلّ ما يقوم الإنسان بفعله, وكلّ المدركات التي يدركها, فإنّ النفس هي التي تقوم به وتدركه, وهي التي تتنزّل في بعض الأحيان إلى مرتبة الحواسّ, وتفعل بعض الأعمال بواسطة الآلات والأعضاء, وفي بعض الأوقات, تصعدُ وتترقّى إلى الأعلى لتتّصلَ بالعقل المستفاد والعقل الفعّال, كلّ ذلك في آن واحد.
أحياناً يكون الإنسان جالساً ومشغولاً بأعضائه وآلاته الحسيّة.. يحرّك ورقة بيده أو يكتب بالقلم.. وفي الوقت نفسه, يسحبُ نفْسه إلى الأعلى, فيحلّق في عالم التجرّد, ويصبحُ متّصلاً بعالم العقل الفعّال, فيتمكّن ـ بإرادة واحدة ـ أن يحيي ألف ميّت, ويشفي ألف مريض.. كلّ ذلك في آن واحد.
نعم، فهو في الوقت الذي يقوم بالكتابة واستخدام أعضائه البدنيّة, فإنّه يقوم بعملِ العقل الفعّال, ويتّصل بالعقل المستفاد في آن واحد.. لماذا؟
يجيب أبو علي سينا :"لسعة وجودها وبسط جوهريّتها وانتشار نورها في الأكناف والأطراف، بل بتطوّر ذاتها بالشؤون والأطوار وتجليها على الأعضاء والأرواح وتحلّيها بحلية الأجسام والأشباح مع كونها من سنخ الأنوار ومعدن الأسرار".
لأنّ جوهر هذه النفس, منبسط جداً, منفتح جداً, نور هذه النفس منتشر جداً, مستولٍ على الأطراف والأكناف والجوانب, بل إنّ ذات الإنسان ونفس الإنسان تتجلّى بالشؤون المختلفة والأطوار المتفاوتة, وتتجلّى بأعضاء الإنسان, تتجلّى بالأرواح وتتحلّى بحلية الأجسام؛ بل إنّ الأنفس بذاتها تأتي وتصبح جسماً, توجد في البدن وتعمل مع البدن؛ والأشباح تحصل في الذهن, وهذه الصور الذهنية التي نحصل عليها (والتي تأتي إلى ذهننا) إنّما هي بواسطة تلك النفس؛ فنفس ذلك الجوهر المجرّد يأتي ويصبح ذهناً, يأتي ويصبح خارجاً, يأتي ويصبح بدناً, يأتي ويعمل.
بعد ذلك يقول المرحوم ملا صدرا الذي ينقل هذه العبارة عن ابن سينا: "فمن هذا الأصل تبيّن وتحقّق ما ادعيناه من كون شيء واحد تارة محتاجاً في وجوده إلى عوارض ماديّة ولواحق جسميّة؛ وذلك لضعف وجوده ونقص تجوهره، وتارة ينفرد بذاته ويتخلّص بوجوده وذلك لاستكمال ذاته وتقوّي إنّيته".
وذلك لكي يثبت هذا المطلب الذي ذكرناه.. وهو عين ذلك المطلب الذي ادّعيناه؛ من أنّ الشيء الواحد الذي هو النفس, تارة: يكون في وجود نفسه, يريد أن يوجد بلباس ماديٍّ, فيحتاج إلى عوارض المادّة واللواحق الجسميّة, لأنّ المادّة ضعيفة وهذه النفس تريد الآن أن تصبح في لباس المادّة والحال إنّ تجوهر المادّة ضعيف, فالنفس تأتي بنفسها إلى هذا المقام الضعيف, فتلبس المادّة, وبعض الأوقات تذهب إلى العوالم العليا؛ لأنّ موجودات العالم الأعلى قويّة, وهناك لا يحتاجون إلى مادّة, وهناك يكون استكمال ذاتها, وهناك تكون علّتها وحقيقتها مترقّية جداً؛ وتذهب إلى هناك بدون مادّة, وهذه النفس الواحدة بذاتها في آنٍ واحد, هي موجودة هنا وموجودة هناك أيضاً, هي جسم ومادّة وهي أيضاً مجرّدة, فهي موجودة في عالم الطبع وأيضاً هي في عالم الأشباح وعالم العقول؛ هذا بسبب سعتها الوجوديّة.

    

جميع العوالم منطوية في وجود الإنسان

فعلى هذا يستفاد من هذا المطلب ـ إجمالاً ـ أنّ نفس الإنسان عجيبة جداً, الآن نحن لا نعرف نفسنا ولا عندنا خبر عن ذاتنا, وهذا ليس دليلاً على أنّ حدّ نفس الإنسان هو ذلك الحدّ الذي توصّلنا إليه من حدّ أنفسنا. افرضوا أنّ طفلاً قد مات أبوه ووصلت له ملايين الثروات, هذا الطفل مالك لهذه الثروة لكنّه لا يعلم بها؛ ومن الممكن أن يبيع جميع هذه الثروات بقبضة من "الحمّص المملّح" لكنّه في الواقع هو مالك.
الإنسان له وجود, وله سعة, وله إحاطة, والله العليّ الأعلى طوى ووضع في وجوده عجائب لا يعلمها إلا الله؛ فلا يوجد موجود له سعة كسعة الإنسان, وهذا الموجود هو الذي يستطيع أن يفنى في ذات الله، وهو مرآة تعكس جميع صفات الله وأسمائه؛ هذه المرآة غير تلك المرآة الآفاقيّة؛ تلك المرايا والآيات الآفاقيّة التي شرحناها في الأسبوع الماضي (المحاضرة السابقة), وقلنا بأنّ كلّ واحدة منها تحكي الله من جهة خاصّة, إلا أنّ الإنسان يحاكي الله من جميع الجهات, وجميع العوالم التي خلقها الله العليّ الأعلى؛ بدءً من عالم الملكوت الأعلى والملكوت الأسفل ومن عالم الملك وعالم الناسوت والجبروت وصولاً إلى عالم اللاهوت.. جميعها منطوية في وجود الإنسان. عجيب هذا الإنسان! ما أجمل ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام, قال:
دواؤك فيك وما تشعر
                             وداؤك منك ولا تبصر

"دواؤك": هو أن تصل إلى ذلك المقام, موجود فيك, لكنّك لا تشعر بهذه الحقيقة, ولا اطّلاع لك عليه؛ وكذلك ألمُك وداؤك فهو منك, ألا تفهم وتلتفت؟! يعني أنت ما زلت بعيداً عن هذه الحقيقة, والحال أنّك أنت السبب.
وأنت الكتاب المبين الذي
                             بأحرفه يظهر المضمر

أي أنت كتاب الله المبين الجليّ الذي بجميع أحرفه تظهر تلك الخفايا والسرائر والأسرار الخفيّة.
أتزعم أنّك جرم صغير
                             وفيك انطوى العالم الأكبر

فأنت تتصوّر أنّك جرم صغير؟! أنّك بدن صغير؟! والحال أنّ العالم الأكبر قد انطوى فيك ووضعه الله العليّ الأعلى فيك؛ جعلك الله الآية الكبرى.
الآية الأكبر, آية الله الكبرى, ما معنى الأكبر؟ على وزن أفضل, هو من أفعل التفضيل, يعني: أكبر, أي إنّ أكبر آيةِ من آيات الله هي الإنسان؛ أكبر آية! فهل هناك أكبر من هذه الآية عندنا؟ لا شيء.
ما أجمل وأجود ما قاله المرحوم الحاج الميرزا حبيب الله الخراساني من أنّه: إذا استطاع الإنسان أنْ يعثر على قلبه ويجده, فالملك موجود في قلب هذا الإنسان, فيه الملكوت, فيه المخفيّات, فيه العرش, جميع دفاتر الله مثبتة فيه, اللوح المحفوظ موجود هنا, كلّ ما هو كائن موجود هنا, إذا استطاع الإنسان أنْ يصل إلى قلبه! والقلب يعني هنا الشيء ما يعبّر عنه بمقام الباطن الذي منه يصل الإنسان إلى أسماء الله وصفاته الكليّة.
هناك طريق ومسير من هذا المأتم والعزاء إلى ذلك الحفل والضيافة. ومعنى المأتم: دار العزاء, وهي ظلمة عالم الطبيعة هذا, وأيضاً معنى الضيافة هو محلّ البهجة والسعادة والتنعّم الذي جعله الله العليّ الأعلى للإنسان في العوالم الأخرويّة.

رهي باشد از اين ماتم بدان سور
                             نمى دانم كه نزديك است يا دور[23]
بود دل منزل حق, ليك ما را
                             بود تا دل حجابى سخت مستور[24]
برو ويرانه كن دل را كه جون دل
                             شود ويرانه, كردد بيت معمور[25]
طواف و ســير گِرد خانـــة دل
                             بوَد حجّى كه مقبول است و مشكور[26]
گناهى جز خودى نَبوَد چو خـود را
                             رهاكــردى بود ذنبِ تـو مغفـــور[27]

بخوان از دفتر دل، هر چه خواهـى
                             كه دل را خوانده ايزد، لوح مستور[28]
در اين دفتر شود اسـرار حقّ ثبـت
                             كه خوانندش به مصحف رَقِّ منشور[29]
در اين مصحف‌كه إنسان است نامش
                             بخــوان از ســورة دل، آيـــة نور[30]
دل است آن وادي ايمن‌كه‌ گويــد
                             أنا الحـق، حقّ در او، از آتش طور؟[31]

فأنا الحقّ أظهر في القلب, وقد ورد في الحديث القدسيّ الذي يرويه الشيعة والسّنة عن حضرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال:
لا يسعني أرضي ولا سمائي ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن[32] .
أي لا يمكن لسماواتي أن تسعني, وليس لأراضيّ أنْ تستوعب وجودي, إلاّ أنّ قلب عبدي المؤمن بي هو محلّ لي, ماذا يعني ذلك؟ هل الله محدود؟! هل يأتي ويتنزّل؟ فليس الله بمحدود؛ كذلك القلب ـ والذي هو حقيقة الإنسان ـ ليس بمحدود أيضاً, ووجوده مجرّد غير محدود, إلاّ أنّ وجوده ليس مستقلاً ولا حقيقيّاً, وإنّما هو وجود ظلّيّ وتبعيّ.
فذات وجود الله أحديّة, وواحديّة بالوحدة الحقّة الحقيقيّة, وأمّا وحدة القلب فهي وحدة حقّة ظليّة, والحال أنّه من ناحية القلب هو عينه, فهو ظلّه وهو ذو الظلّ, وهنا مسائل وخفايا كثيرة جدّاً, ينبغي أن تجري فيها أبحاث جيدّة جدّاً, فهذه الآية المباركة التي تقول:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً}[33] يجب أنْ نبحثها بحثاً مفصّلاً, ونذكر تفسيرها, والآن حيث أنّنا أردنا ذلك, فلنا أن نسأل:
أيّ قسم أراد أنْ يبيّنه الله العليّ الأعلى من وجوده؟ وبيان كيفيّة انتسابه إلى ذات الله؟ فالقلب ليس له حجمٌ ولا كميّة محدودة, وهذا خلاصة مطلب الملاّ صدرا, وهو مراد محيي الدين, حيث بيّن هؤلاء أنّه ليس للقلب مراتب, بخلاف سائر الموجودات؛ حيث أنّ لكلٍّ من عالم الطبع والنفس والعقل مراتب وتعيّنات ما عدا القلب, أي النفس الإنسانيّة الناطقة التي ليس لها مرتبة معيّنة ولا درجة محدودة, بل لها نشآت سابقة ولاحقة ولها في كلّ عالم صورة ومقام خاصّ.. عجيبٌ جدّاً!

    

التقرب بالنوافل بوابة الحب الإلهي

فقد جاء في الرواية:
لا يزالُ العبدُ يتقرّبُ إِليّ بالنوافِلِ حتّى أُحبّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به وبصرَه الذي يبصرُ به ولسانَه الذي ينطقُ به ويدَه التي يبطشُ بها؛ إنْ دعاني أَجبتَه وإنْ سألني أعطيته [34].
إذا أرادَ الإنسان أن يبلغَ هذا المقام, كيفَ يمكنه ذلك؟ وكيف يبلغه؟ وكيف يقدّم قلبه؟ الله يقول: عبدي الحقيقي هو الذي يظلّ مواظباً على طاعتي ومداوماً على ما يوافقُ رضاي؛ فالنافلة تعني: العمل الحسن, العمل المرضيّ لله, فيظلّ الإنسان يواظبُ على هذه الأعمال, ويستمرّ في قيامه بها, ويستمرّ ويستمرّ, حتّى يحبّه الله, وحينما يصير الإنسان محبوباً لله, فإنّه يتخلّى عن وجوده بشكلٍ تدريجي, ليضعَ هواه ورغبته في طريق الله.
با دو كعبه در ره توحيد نتوان رفت راست
                             يا رضاى دوست بايد, يا هواى خويشتن[35]

فإنْ يقوّي الإنسان رضا محبوبه, ويتخلّى عنْ هواه الشخصيّ ويجعله في ما يحبّه الله.. "حتّى أحبّهُ" يعني: أنا أحبّ هذا العبد, وحينما أحبّه, ويكون قد أصبحَ محبوباً لي.. يقول الله: أُصبحُ سمعَه الذي يسمع به, فليس له سمعٌ مختصّ به, وإنّما هو سمعي أنا, وأصير عينه التي يبصر بها, وأكون لسانه الذي يتكلّم به, وأنا يده التي أعطي من خلالها وأمنع بواسطتها, فإنْ دعاني أجبته, وإنْ سألني شيئاً فإنّي أستجيب له وأعطيه.
متى يبلغ العبد مرحلة الفناء؟ يعني: متى يبلغ مرحلةً يدرك فيها حقيقة نفسه وقلبه, يعني: متى يترقّى ويترفّع عن هذا المستوى المادّي.. ويتجاوز الشيطان المَريد.. وينسلخ عنْ أسفل السافلين.. فيرتفع ويرقى عالياً.. فيعلو ويعلو.. حتّى يصلَ إلى مقام الملائكة.. في أعلى علّيين, ثمّ يتابع مسيره إلى الأعلى.. فيذهب وينمحي في الأسماء والصفات.. ثمّ يتابع إلى الأعلى وينمحي وجوده في الذات.. ويبلغ رتبة: "حتّى أحبّهُ" حيثُ لا اثنينيّة هناك. فهناك مقام عالٍ جدّاً, وهو المقام المختصّ بالإنسان الذي يمثّل الآية الإلهيّة الكبرى, وليس لأيّ موجودٍ من الموجودات أنْ يردَ ذلك المقام, فالنبيّ تمكّنَ من الورود, إلاّ أنّ جبرائيل لم يستطع أنْ يتقدّم, وقال: يا رسول الله! لو تقدّمتُ أنملة لاحترقت.

اگر يك سر موى برتر پَرَم
                             نور تجلّى بسوزد پرم [36]

فلم يستطع جبرائيل من التقدّم, لكنّ النبيّ وردَ ودخلَ, وأمير المؤمنين وصل إلى هذا المقام, وكذلك الأئمّة قد وردوا, وكلّ من يلحقُ بهم ويتّبعهم من الأمّة ويكون من الصدّيقين والمخلَصين, سوف يلحقُ بهم؛ وهذا هو مقام الإنسان.
وصلَ بحثنا هذه الليلة إلى أنّه لا يمكنُ للإنسان أنْ يعرفَ ذاتَ الله من جميع الجهات بواسطة الموجودات الآفاقيّة ـ وذلك على غرار ما تقدّم في بحث الأسبوع الماضي ـ وأمّا من الناحية النفسيّة, أي بواسطة آية النفس؛ فبإمكان الإنسان أنْ يدركَ ويترقّى إلى حيثُ لا يوجد هناك إلاّ الله؛ حيثُ هناك الله الأحد.
روتْ لي أَحاديثَ الغرامِ صبابةٌ
                             بإسنادها عنْ جيرةِ العَلَمِ الفردِ

جميل جدّاً, متى يبلغ الإنسان تلك الرتبة؟ يقول: أحاديث الغرام, والغرام هو العشق الشديد المحرق, الذي يشتدّ على قلب الإنسان ويوجب له تحريك القلب وارتجاجه واهتزازه, وهذا ما يقال له: الغرام والصبابة.
يقول: إنّ انشدادي وتمايلي الذي ظهرَ فيّ قدْ روى لي أحاديث الغرام والعشق, وذلك نقلاً عن سلسلة سنده المتّصل بذاته, فالصبابةُ هي التي روتْ لي, وذلك بإسنادها عن جيرةِ العَلَمِ الفرد, أي عن الجيران القاطنين هناك فوق رأس الجبل الفرد, يسكنون هناك وحدهم لا أحد معهم, وهم ينقلون لي خبر ذلك المكان.
وحدّثني مرُّ النسيم عن الصّبا
                             عن الدّوحِ عن وادي الغضا عن ربى نجدِ
عن الدمع عن عيني القريح عن الجوى
                             عن الحُزن عن قلبي الجريح عن الوجد
بأن ّ غرامي والهوى قد تحالفا
                             على تَلَفي حتّى أُوَسَّدَ في لحدي


بذاته, فمرور النسيم حدّثني عن من؟ عن رياح الصبا التي تهبّ وتعلو من المشرق, ثمّ رياح الصبا تحكي عن من؟ عنْ ذاك الفضاء المظلّل الواسع فوق وادي الغضا فوق نجد.. حيثُ هناك محلُّ الصالحين وهم مستقرّون فيه.. ثمّ هو بدوره يحدّثني بنقله عن دموع عيوني.. ثمّ الدموع تنقل عن من؟ عن العين المجروحة والمدميّة.. وهي تحكي عن من؟ عن تلك الحرارة واللوعة اللاهبة في عيني.. وهي تنقل عن من؟ عن الغصّة الموجودة في قلبي.. والغصّة تحكي عن القلب المدميّ المجروح.. وقلبي المجروح يحكي عن حال فراقي ووحدتي.. فكلّ أولئك يحكون وينقلون لي أنّ الغرام [ والهوى قد اتفقا على هلاكي حتى أموت وأوسّد في قبري]...


[1] ـ سوره النّور (24) صدر آية 35.

[2] ـ سورة البقرة الآية 29.

[3] ـ سورة الطلاق الآية 12.

[4] ـ سورة إبراهيم الآية 33.

[5] ـ سورة الحج الآية 65.

[6] ـ سورة لقمان الآية 20.

[7] ـ سورة السجدة مقطع من الآية 9.

[8] ـ سورة المؤمنون مقطع من الآية 14.

[9] ـ سورة الملك مقطع من الآية 1.

[10] ـ سورة الفرقان مقطع من الآية 1.

[11] ـ سورة المؤمنون مقطع من الآية 14.

[12] ـ سورة التين الآية 4.

[13] ـ سورة البقرة الآيات 30 إلى 34.

[14] ـ سورة الكهف مقطع من الآية 50.

[15] ـ ضوء النجوم من مشكاة قلبنا المنوّر, فقلبنا مظهر العالم الأعلى وكلّ العوالم مظهرٌ لقلبنا.

[16] ـ نحن لسنا باب الله لأهل الأرض فقط, وإنّما التسعة أفلاك تدور حول رؤوسنا.

[17] ـ العقل عندنا لا يعادل أكثر من الطفل الذي يذهب إلى المدرسة, فالحكيم يقيس من قلبنا المنوّر بالعلم والمطالب الحكميّة.

[18] ـ الفلك يدور حول محور القلب, ووجود العوالم الدنيويّة والأخرويّة مظهر للقلب.

[19] ـ كلّ نفس وكلّ صورة ثابتة في اللوح والقلم, فهي صورة قد كتبها الله على دفتر القلب. والمراد هو أنّ قلب الإنسان الكامل واسطة لتشكّل وتصوير هذه العوالم.

[20] ـ كلّ العوالم مثل الجسم، والإنسان مثل القلب, لأنّ تمام العوالم قد خلقت للإنسان فهي حقيقته, لذلك فكلّ شيء تطلبه يحصل من الإنسان نفسه. وذلك إشارة إلى ما قاله أمير المؤمنين: دواؤك فيك وما تبصر وداؤك منك وما تشعر وتزعم أنّك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر

[21] ـ عالم الدنيا مثل الجسم وحقيقتها الإنسان, لأنّ الإنسان أصل كلّ خلقة العالم.

[22] ـ فالإنسان مدار السموات, لا أنّ السموات تدور بدون الإنسان من تلقاء نفسها فإنّ الله قد خلق السماء لأجل الإنسان, وهو إشارة إلى الحديث القدسيّ: لولاك لما خلقت الأفلاك.

[23] ـ الأسفار الأربعة 8: 343. دار إحياء التراث العربي.

[24] ـ هناك طريق يقع بين هذا العالم ـ والذي هو عبارة عن مأتمٍ وعزاء ـ إلى تلك الضيافة وذلك الحفل ـ أي العوالم العليا والملكوت والآخرة ـ, ولا أعلم هل هو قريب أم بعيد!

[25] ـ إنّ القلب هو بيت الله تعالى, لكنّنا محجوبون مبعدون بسبب وجود حجاب غليظ وساتر كبير, أي هناك حجاب وثيق بيننا وبين قلبنا.

[26] ـ اذهب ودمّر هذا القلب, حتّى يصبح بيتاً معموراً.

[27] ـ وحينئذٍ يكون الطواف والدوران حول بيت القلب كالحجّ المقبول والمشكور.

[28] ـ لم يكن لديك ذنب سوى وجودك ( أنانيّتك وإنّيتك), فإنْ تترك نفسك يصير ذنبك مغفوراً.

[29] ـ ـ اقرأ من دفتر القلب كلّ ما تريد, فقد سمّى الله القلب باللوح المستور, أي إنّ قلب الإنسان هو اللوح المستور فيما لو اتّصل بالمقام الأعلى.

[30] ـ قد ثبّتّ أسرار الله وسجّلت في دفتر القلب, كما وإنّه قد سمّي في القرآن بـ الرقّ المنشور.

[31] ـ فاقرأ آية النور من سورة القلب, اقرأها من هذا المصحف الذي اسمه الإنسان, إشارة إلى قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض.

[32] ـ فالقلب هو الوادي الأيمن الذي يسمّى أنا الحقّ, فالحق كائنٌ فيه, وهو الذي يقول الله تعالى في حقّه: أنا الحقّ من نار طور سيناء.

[33] ـ عوالي اللئالي, ابن أبي جمهور الأحسائي، الجزء الرابع، صفحة 7. وكذلك في شجرة طوبى 1: 15,

[34] ـ سورة الفرقان 25 الآية 45.

[35] ـ المحاسن, أحمد بن محمّد بن خالد البرقي 1: 291 ـ دار الكتب الإسلامية. وكتاب المؤمن, الحسين بن سعيد صفحة 32 ـ مدرسة الإمام المهدي عج. والكافي 2: 352 وعلل الشرائع 1: 12 وكفاية الأثر للخزاز القمي صفحة 144 والوسائل 4: 72 وغيرها.

[36] ـ يعني: لا يمكن أن يتقدّم الإنسان في طريق التوحيد ولديه كعبتان؛ فإمّا رضى الحبيب وإمّا هوى النفس فهما لا يجتمعان.

[37] ـ هذا إشارة إلى كلام جبرائيل للنبيّ في حادثة الإسراء والمعراج: "لو تقدّمت أنملة لاحترقت" وذلك لتجلّي الذات الإلهيّة, فتجلّي الذات يحرق أجنحتي.

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی