معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
اعتقادات و كلام أخلاق حکمة عرفان العلمي و الإجتماعي التاریخ القرآن و التفسير
المكتبة > محاضرات العلامة الطهراني > كتاب أنوار الملكوت > نور ملكوت القرآن > نور ملكوت القرآن ـ المجلس الخامس: أثر القرآن على المؤمن والكافر

_______________________________________________________________

هو العليم

سلسلة مباحث أنوار الملكوت
نور ملكوت القرآن

المجلس الخامس: أثر القرآن على المؤمن والكافر

(مواعظ شهر رمضان المبارك من عام 1390 )

من مصنّفات العلاّمة الراحل

آية الله الحاجّ السيّد محمّد الحسين الحسيني الطهراني قدس الله نفسه الزكيّة

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف                                          

بسم الله الرحمن الرحيم‏
و الصلاة على محمّد وآله الطاهرين‏
و لعنة الله على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين

قال تعالى:
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ ورَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنينَ ولا يَزيدُ الظَّالِمينَ إِلاَّ خَساراً}.[1]
هناك عدّة آيات في القرآن المجيد تدلّ على أنّ القرآن نورٌ ورحمةٌ وبركةٌ وشفاء ٌلقلوب المؤمنين بالخصوص، وأمّا بالنسبة إلى الأشخاص المنحرفين والمعتدين، فالقرآن باعثٌ على وقوعهم في مزيد من الوبال والخسران، وبالتالي لن يكون نوراً ورحمةً لهم.
وإليه الإشارة في الآية 2 من أوّل سورة البقرة (2): {الم * ذلِكَ الْكِتابُ لارَيْبَ فيهِ هُدىً لِلْمُتَّقين}.

    

القرآن فرقانٌ بين الحقّ والباطل

نعم, يلزم علينا أن نبحث حول هذا الموضوع: كيف يُمكن لكتاب أُرسل لجميع أفراد الإنسان إلى يوم القيامة أن يكون رحمةً للبعض ونقمةً للبعض الآخر؟! ومن خلال مطالعة القرآن والتعريف الذي يُقدّمه بنفسه عن نفسه، يتّضح لنا هذا المعنى بشكل جيّد، وهو أنّ القرآن كتاب لا يهتمّ بالشكليّات والأُمور المجازيّة بحيث يقبل بجميع الفئات والطبقات كيفما كان وضعهم وصفتهم ويُمضي أعمالهم، بل هو فرقانٌ وفيصلٌ بين الحقّ والباطل: {هُدىً لِلنَّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى‏ والْفُرْقان}.[2] ولأنّه مُميّزٌ بين الحقّ والباطل وفاصلٌ بين الحقيقة والمجاز وبين الواقع والاعتبار:{إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (يفصل بين الحقّ والباطل)* وما هُوَ بِالْهَزْل‏ (فيُستخدم في غير مواضع الجزم، ويُمتزَج فيه الحقّ والباطل)}.[3]
ولهذا فإنّه يتعرّض بشكلٍ صريحٍ لبيان الصراط المستقيم، وطريق الإنسانيّة والسلوك، وسبيل التوحيد، والخروج من هوى النفس, فالأفراد الذين أذعنوا لتعاليم القرآن وواجهوها بنفوس منشرحةٍ وصدور رحبةٍ وانقادوا لحقائقه، صار القرآن غذاءً لأرواحهم، بالشكل الذي يُمدّهم فيه بالطاقة على الدوام إلى أن يوصلهم إلى منزل السعادة. وأمّا الأفراد الذين استنكفوا عن القبول بأحكامه وتعاليمه ومعارفه ورفضوا تجاوز الأهواء الشخصيّة والاستظلال بظلّه، فإنّ شقاءهم وتعاستهم ـ نتيجة هذا الإعراض ـ ستتّضح وتظهر، ومكنونات أنفسهم ستبدو للعيان أوضح وأجلى، وإصرارهم على الظلم والاستكبار والتجرّي سيزداد، ممّا يعقبهم زيادة في الخسران.
إنّهم لم يسعوا أبداً نحو اقتفاء أثر النبيّ والهجرة من أنفسهم ليردوا بذلك دار الإسلام والتوحيد وفضاء المعرفة الواسع الفسيح:{وَإذَا قَرَأتَ الْقُرْءَانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وبَيْنَ الذين لا يُؤْمِنُونَ بِالأخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُورًا * وجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أكِنَّةً أن يَفْقَهُوُهُ وفي ءَاذَانِهِم ْوَقْرًا وإذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ في الْقُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أدبَارِهِمْ نُفُوراً}.[4]

    

القرآن رحمة للمؤمن ونقمة للكافر

عندما كان النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله يتلو القرآن كان يشير إلى فضاءٍ لطيفٍ واسعٍ ـ يصل في وُسعه حدود الإنسانيّة والاتّصال بالحقّ تعالى والفناء في ذاته ـ بحيث يصير غارقاً بدوره في ذلك العالم، لكن كيف يُمكن لأولئك الذين لم يتجاوزوا الأُمور الجزئيّة ولم يُعرضوا عن المال والجاه والهوى والشهوة والغرور أن يقتفوا أثره؟! ولذلك فإنّهم سيظلّون قابعين في ذلك المكان الضيّق للمادّة وعبادة المادّة.
لقد كان النبيّ الأكرم يُحلّق في فضاء القدس، تعرُج به آيات القرآن إلى عالم الأسماء والصفات الإلهيّة اللامتناهي، وتحلّق به همّته المتعالية بعيدا ًفي أعلى أجواء المعرفة والصفاء. فكيف سيُمكن لهذا المسكين الحبيس في بئر الهوى والهوس العالق في حبال الأباطيل والشيطنة، أو لتلك الذبابة قصيرة النظر والمـُنهكة أن تحلّق إلى ذلك المكان الفسيح؟! وهذا هو الحجاب الصلد والسدّ الحديديّ الذي سينشأ مائزاً بين العامل بالقرآن وتاركه، شاء المرء أم أبى.
وعليه فالمؤمنون في عروجٍ وارتقاءٍ دائمٍ، وأمّا الذين لا يؤمنون بالآخرة، أي: الذين لم يتجاوزوا الظاهر الذين {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وهُمْ عَنِ الأخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [5] فحصروا العيش واللذّة في الإطار الضيّق لأسوار الهوى والمادّة وأنفاقها المظلمة، فهم في حالة فقدانٍ دائمٍ لصفاتهم الإيجابيّة، فيستبدلون الثروات التي وهبهم الله إيّاها من عمرٍ وحياةٍ وعقلٍ بلذّاتٍ متغيّرةٍ, وينحدرون على الدوام في دركات النفس وجهنّم. فأيّ حجابٍ أشدّ من هذا؟ وأي سدٍّ أكثر إحكاماً منه؟إنّهم لا يُريدون من الرسول أن يصف الله بالوحدانيّة! وعندما يُوصف الله في القرآن المجيد بالواحد ويُعدّ متفرّداً في ذاته وصفاته وأفعاله، فإنّهم يولّون على أعقابهم مدبرين، ويُظهرون تنفّرهم من كلمات الحقّ هذه. ولأنّهم اتّخذوا لأنفسهم أرباباً من أبٍ وأُمٍّ وشريكٍ ورفيقٍ وزوجةٍ وابنٍ وحاكمٍ ومحكومٍ وثروةٍ وتجارةٍ وزراعةٍ, صارت هذه آلهتهم وأربابهم، فكيف سُيمكنهم أن يرفعوا أيديهم عنها ويُودعوها في وادي النسيان ليُسلموا قلوبهم وأرواحهم لله الواحد القهّار؟!
ولذلك فلن يرضخوا أبداً لتعاليم القرآن المبتنية على أساس الوحدة؛ لأنّها لا تنسجم مع الحياة الشيطانيّة, ولا تتلاءم مع الصروح التي يقوم بنيانها على عالم الخيال وعشق المجاز. فكتاب الحقّ هذا يدعوهم إلى الحقّ، وهم يُصرّون على الباطل, ويقولون علانيّةً: يا أيّها النبيّ! بدّل قرآناً كهذا، أو ائتنا بقرآنٍ غيره يُوافق أهواءنا، ويُمضي اعتداءاتنا، ويتركنا في استبدادنا أحراراً مطلقي العنان! ائتِ بقرآنٍ يعترف بمكانة وُجهائِنا وكبرائنا ويُقيم لهم وزناً، ولا يضع الغنيّ والفقير في صفٍّ واحدٍ! ائتِ بقرآنٍ يجعل الناس يهوون سجّدا ًعلى أعتاب قصورنا، ويُثبّت سيطرتنا عليهم, ويجعلها مستقرّة! ائتِ بقرآنٍ لا يدعونا إلى الصلاة والتضرّع، ولا يأمرنا بالصوم والجهاد، ولا يحثّنا على الإنفاق والإيثار، بل يدعونا إلى ركوب الشهوات، والتطاول على أعراض الناس، والاعتداء على حقّ ذوي الحقوق، والسطو على أتعاب الضعفاء والمساكين، ومعاقرة الخمر والكذب والقمار! وباختصار فإنّنا نريد أن تأتينا بقرآنٍ يكفل رغباتنا النفسيّة، لا أن يُكبّلنا عند القيام بإشباع رغباتنا النفسانيّة، أويضع الحواجز الرادعة أمام حرّيّتنا في ممارسة ما يحلو لنا!
{وَإذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الذين لا يَرْجُون َلِقَآئَنَا ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَذَا أو ْبَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِي إنْ أتَّبِعُ إلاّ مَا يُوحَي إليَّ إنِّي أخَافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَومٍ عَظِيمٍ * قُلْ لَّوْ شَآءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ ولا أدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ (لم أكن فيها مطّلعاً على هذا القرآن وعلى مثل هذه المعارف) أفَلا تَعْقِلُونَ}.[6]
يا أيّها النبيّ العزيز! قل في ردّك على هؤلاء الأشخاص الغافلين المحجوبين: إنّ هذا الكتاب كتاب توحيد جيء به لينقلكم ويعبر بكم إلى أُفق الإنسانيّة، لا أنّه كتاب شركٍ متضمّن لتعاليم البهيميّة. هو كتابٌ جاء من قِبل الله، لم آتِ به من عند نفسي أو أنشئه وفق رغبتي كي أُغيّر فيه وأُبدّله بحسب ما يُمليه عليّ رأيي وذوقي! إنّ قلبي كمرآة في مقابل أنوار الحقّ تعالى، وهو الذي يوحي إليه ما يشاء، ولو ارتكبت في ذلك مخالفة، لمسّني منه العذاب الأليم. قل: إنّ الذي دعاني إلى هذا القرآن هو إرادة الله وأمره, وإلاّ فإنّني قد عشت بينكم قبل ذلك لمدّة أربعين سنة كُنت أُكلّمكم وأتحدّث معكم فيها, فهل سمعتم عنّي طيلتها مثل هذه الكلام؟ لا، لم تسمعوه! فاعلموا إذن أنّ القرآن ليس من كلامي، بل هو وحي الله الذي نزل, وأُمرت بتلاوته عليكم وتفهيمه إيّاكم.
{فَلآ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ* ومَا لا تُبْصِرُونَ* إنَّهُ لَقُوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ومَا هُوَ بِقَوْل ِشَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ (وتعترفون بهذه الحقيقة) * ولا بِقَوْلِ كَاهِنٍ (ومرتبط بالجنّ ونفوس العالم السفلي) قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالمينَ * ولَوْ تَقَوَّل َعَلَيْنَا (هذا النبي) بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ *ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (لنا أو مخلّصين له من قبضتنا وحائلين دون حصول هذا الأمر) * وإنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِين‏}.[7]
فالنبي لم يأت بالقرآن من عنده أبداً لكي يُحدث فيه بعض التصرّفات أو يُغيّره ويُبدّله وِفق رغبة أتباعه! وعليه فقد امتنعت مجموعة من الناس عن التخلّي عن الهوى، ولم يكونوا مستعدّين للانقياد والتسليم للقرآن بسبب خضوعهم للغرائز الشيطانيّة والملكات التي ورثوها أو تربّوا عليها.وفي هذه الحالة سيزيدهم عرض القرآن عليهم إنكاراً على إنكارهم وتتمّ الحجّة عليهم وينكشف ـ بسبب إعراضهم وإنكارهم ـ بؤسُهم وتعاستهم, وهذا هو معنى زيادة الخسران. بَيدَ أنّ مجموعة أُخرى منهم ـ وفقاً لما تُمليه عليهم أرواحُهم الطاهرة النزيهة وغرائزهم الرحمانيّة وملكاتهم الحسنة الموروثة وتربيتهم الصالحة ـ سمَوا فوق كلّ إنّيّاتهم وشخصيّاتهم, و ضَحَّوا بكلّ شيء في سبيل الحقّ، وسلّموا وانقادوا لأوامر الله في قرآنه المجيد، وكانت الآيات الإلهيّة دائماً ما تترك بصماتها الإيجابيّة في أنفسهم وأرواحهم, فأُولئك سيضحى إيمانهم أقوى وأرواحهم أسعد. وهذا هو معنى الشفاء والرحمة المختصّين بالمؤمنين بالقرآن:{إنَّمَا المؤْمِنُونَ الذين إذَا ذُكِرَ اللهُ وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيَمَانًا وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.[8]
وقد ورد أنّه عندما كانت تنزل آية على المؤمنين كانوا يتساءلون فيما بينهم: كم زادت هذه الآية في إيمانكم؟ وما مدى تأثيرها المُنعِش على أرواحكم؟ {وَإذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّنْ يَقُولُ أيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَانًا فَأمَّا الذين ءَامَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيمَانًا وهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وأمَّا الذين في قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ ومَاتُوا وهُمْ كَافِرُونَ}.[9]
إنّ مثل القرآن كمثل الشمس الساطعة المتألّقة التي تُشرق وتنشر أشعّتها وحرارتها في الأجواء ويصل نورها وحرارتها الأرض, فيغترف منهما كلّ موجود ما يقوّي به ذاته وطينته. ففي الليل البهيم، لن تفوح من الورود والأزهار رائحتها الطبيعيّة، كما لن تُبرز النجاسات والأقذار المتعفّنة رائحتها الكريهة الخبيثة. أمّا حين تطلع الشمس من جديد وتلامس بنورها ودفئها الزهور الغافية، فستتفتّح البراعم في البساتين لتشحن الفضاء بعبقها الفوّاح، وستفوح أيضاً في الجانب الآخر رائحة النجاسات في المزابل؛ لتملأ الهواء القذر في المستنقعات والمزابل برائحتها الحادّة العفنة. إذن، لم يكن الذنب ذنب الشمس؛ إذ الإشعاع والتوهّج من لوازمها، بل يكمن الذنب في الذات الخبيثة لهذه الموجودات التي انطوت على الموادّ المتعفّنة, فلو لم تُشرق الشمس ولم تصل الحرارة والدف‏ء، لما كان هناك أثر لأيّ موجودٍ وسيكون الكلّ عندئذٍ بمنزلةٍ سواء، فلا ميزة للورد على الأقذار، ولا فرق بين روضة الأزهار وأُتون الحمّام!
لقد قسّم القرآن ـ حين نزوله ـ البشر إلى صنفين: أصحاب يمين وأصحاب شمال، سعداء وأشقياء، مؤمنين وكفّار، أصحاب الجنّة وأصحاب السعير، موحّدين ومشركين، عدول وفسّاق، مُتّقين ومنحرفين. وهذا هو معنى فصل القرآن وفرقانه الذي لا يُبقي مجالاً لأحد ليدّعي ادّعاءً فارغاً، أو ليضع المنحرفون والمتجاسرون أنفسَهم في مصافّ أولياء الله, ويعدّون أنفسهم نخبة العالم وصفوته. وقد أدرك كفّار قريش هذه الحقيقة بشكلٍ جيّد، ولهذا جرّدوا سيوفهم من أجل إطفاء نور الإسلام، وأشعلوا الحروب في بدرٍ وحنينَ والأحزاب وأُحد؛ لقتل المسلمين واجتثاث القرآن من جذوره، لكنّهم لم يتمكّنوا من ذلك ولم يُفلحوا في تحقيقه، ولم يُطفىء نور الله تعالى: {يُريدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِه ِوَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُون}.[10]
ولمـّا فتح الإسلام مكّة وبلغ الإسلام مِنَ العظمة بحيث لم يجرؤ أحد على معارضته أو الإعراض عن ذلك الدين المبين ـ وإلاّ لعرّض نفسه للخطر ومكانته للاهتزاز ـ أعلن مشركو قريش (أبو سفيان وأعوانه) إيمانهم، لكن لا عن طيب خاطرٍ، بل لأنّهم لو لم يفعلوا ذلك لحكموا على أنفسهم بالفناء والاضمحلال. وبعد رحيل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يعد في إمكانهم معارضة الإسلام في ظاهره؛ إذ إنّ الإسلام صار قويّاً إلى درجة أنّ معارضته كانت تعني طردهم ولعنهم، وبلغ الموقف حدّاً صار معه إظهارهم لمثل هذه الادّعاءات والكلمات يُساوي هلاكهم وإبادتهم الحتميّة. ولهذا تظاهروا بلباس الإسلام، وأمّا في الباطن فقد بقي الكفر والنفاق على حاله, ففي الظاهر صلاة وصوم وحجّ، لكن في الباطن ظلّ الشرك و الهوى وإنكار الله والمعاد مهيمناً على نفوسهم.
لقد كانوا في عهد الرسول في خصامٍ دائمٍ مع ظاهر القرآن، وبعد وفاته صلّى الله عليه وآله شمّروا عن سواعدهم للمواجهة مع باطن القرآن وحقيقته؛ إذ إنّ الذي عرضه عليهم الرسول لم يكن منحصراً بظاهر القرآن فقط، بل كان يشمل أيضاً معاني القرآن وحقيقته, ولمـّا أدركوا هذا الأمر لجؤوا للمعارضة. وبعد أن تُوفيّ صلّى الله عليه وآله وكان ظاهر الإسلام قد استوعبهم، قاموا بمعارضة القرآن وتأويله وكانوا يقولون: اقرؤوا القرآن، ولكن لا تُؤوّلوه، ولا تذكروا شأن نزول الآيات، ولا تتحدّثوا عن الخصوصيّات، واتركوا المعاني مبهمةً!

    

نفي التحريف عن القرآن

لقد قام أمير المؤمنين عليه السلام ـ امتثالاً للأوامر والوصيّة ـ بجمع القرآن محدّداً ومبيّناً لمعانيه وتأويلاته، ثمّ عرض عليهم ذلك القرآن، فقالوا له: يا علي، نحن بدورنا نمتلك قرآناً أيضاً، ولا حاجة لنا إلى قرآنك!
أفهل كان يختلف قرآن أمير المؤمنين عليه السلام من ناحية الظاهر عن قرآنهم؟ وهل أنقصوا من القرآن أو زادوا فيه أو قاموا بتحريفه لكي يمتاز عن قرآن أمير المؤمنين؟ لا، لم يكن الأمر كذلك؛ لأنّه ـ أوّلاً ـ بحسب الآية الكريمة: {وَإِنَّهُ لَكِتاب ٌعَزيزٌ * لا يَأْتيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزيلٌ مِنْ حَكيمٍ حَميدٍ}[11] ، ثانياً وِفقاً للآية المباركة: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}[12]، فإنّ القرآن المجيد لم يتعرّض لأيّ تحريف سواءً من جهة النقصان أم الزيادة. كما أنّ الأئمّة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أمضوا هذا القرآن وأمروا بعرض الروايات المتشابهة على كتاب الله, فلو كان هناك تحريف في الآيات القرآنيّة لكانت ساقطة عن الحجّيّة، وعندئذٍ لن يوجد أيّ معنى لعرض الروايات المتشابهة على القرآن المجيد؛ لأنّ القرآن لا يكون مستنداً تُقاس به الروايات إلاّ حينما يكون قد بُيّن كما أُنزل.
وعليه فالاختلاف حول تأويل الآيات ومعانيها التي حدّدها أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك القرآن الذي جمعه؛ فقد بيّن شأن نزول الآيات، فيكون المراد من الآيات الكريمة الواردة في سورة (هل أتى) ـ من قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً}[13] إلى قوله: {إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً (لأعمالكم) وَكانَ سَعْيُكُمْ (في طريق طاعة الحقّ) مَشْكُوراً}[14] ـ هو نزولها في شأن عليٍّ وفاطمة والحسنين وفِضّة، ووضّح معنى قوله تعالى: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاة ويُؤْتُونَ الزَّكاة وهُمْ راكِعُون}[15] ، وبيّن من هُم الذين يُزكّون ويتصدّقون في حال الصلاة وخصوصاً عند الركوع، كما حدّد المقصود من إكمال الدين وإتمام النعمة في الآية الكريمة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي}[16]، وبيّن بأنّ المراد من أُولي الأمر في الآية الشريفة: {أَطيعُوا اللَّهَ وأَطيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُم}[17] هم أئمّة أهل البيت، وهكذا الحال في سائر الآيات؛ إذ حدّد وذكر معانيها وتأويلها.
غير أنّ الذين غصبوا الخلافة لم يرغبوا في القبول بهذا المعنى؛ لأنّه على خلاف وتضادّ تامّ مع مسلكهم وممشاهم، ولهذا كانوا يُصرِحّون بأنّه لا ينبغي تأويل القرآن للناس وذكر حقائقه لهم؛ حتّى يبقوا متخبّطين في ضلالتهم وجهلهم، فيستطيع هؤلاء الوصول إلى أهدافهم والتسلّط عليهم. وعليه فقد منعوا الناس بقوّةٍ وحزم من تفسير القرآن وبيان سبب نزوله وإيضاح مصاديق آياته.

    

تحقيق في حقيقة المراد بالتحريف في بعض الروايات

والأخبار الواردة عن أهل البيت عليهم السلام في شأن تحريف القرآن ناظرة إلى هذا المعنى، كما في الرسالة المنقولة عن الشيخ الكلينيّ التي كتبها الإمام محمّد الباقر عليه ‏السلام إلى سعد الخير، قال عليه السلام:
«وَكَانَ مِنْ نَبْذِهِمُ الكِتَابَ أنْ أقَامُوا حُرُوفَهُ (وكلماته وعباراته وآياته وسوره وكلّ ما يرتبط بالقراءة) وحَرَّفُوا حُدُودَهُ (ومعانيه وأهدافه ومراميه ومفاهيمه) ، فَهُمْ يَرْوُونَهُ ولا يَرْعُونَهُ. والجُهَّالُ (من أصحاب الفكر السطحي القصيري النظر) يُعْجِبُهُم ْحِفْظُهُمْ لِلرِّوَايَةِ، والعُلَمَاءُ (وأُولو الألباب) يُحْزِنُهُمْ تَرْكُهُمْ لِلرِّعَايَةِ (وتجاهل المخالفين لمعانيه ومراميه) [18]» إلخ.
وتبيّن هذه الرواية بوضوح أنّ المقصود بالتحريف هو التحريف بالحدود لا التحريف بالحروف، والتحريف في الرعاية لا في الرواية.
وعليه فكان أولئك الكفّار الذين حاربوا نبيّ الإسلام في الجاهليّة على دعوة التوحيد والقرآن هم الذين تظاهروا بالإسلام وحاربوا أمير المؤمنين بعد رفضهم لتأويل القرآن ومعانيه.
وتُظهر تلك الفترة الحالكة لحكومة الشيخين وبني أُميّة وبني العبّاس بوضوح كيف أنّ جاهليّة ما قبل الإسلام قد خيَّمت من جديد على ذلك العصر، ولذا فقد انحصرت حكومة الإسلام ودولته بفترة حياة الرسول الأكرم والسنوات الخمس من الخلافة الظاهريّة لأمير المؤمنين عليه السلام وحسب! ولمـّا صارت الخلافة إلى عثمان وصُدّ عنها أمير المؤمنين بسبب دهاء عمر وخطّته المحكمة التي وضعها في الشورى، اطّلع أبو سفيان على هذا الأمر وقد كان في ذلك العهد أعمى، فسأل من كان حاضراً في مجلسه: هل عيّن عمر أيضاً بعد عثمان من يكون خليفته ووصيّه أم لا؟ قالوا: لا! فأومأ إليهم: هل يوجد أحد من غير بني أُميّة في هذا المجلس؟ قالوا: لا! فقال لهم: يا بني أُميّة! ما من إلهٍ ولا نبيٍّ ولا معاد! لقد لعب محمّد بالملك والحكم، وأمّا الآن فقد صارت الرئاسة إليكم، «تَلَقَّفُوهَا تَلَقُّفَ الْكُرَةِ!»[19]
لقد كان بنو أُميّة ـ الذين جاؤوا إلى الحكم ـ هم أُولئك المشركين أنفسهم، وكان معاوية هو نفسه الذي وقف في وجه رسول الله في معركة بدر وأُحد والأحزاب، لكنّه تستّر بعد ذلك بلباس الإسلام وعقد العزم في الباطن على مواجهته، فكان يقف في وجه الولاية قائلاً: لا تُفسِّروا القرآن! فإذا لم يتّضح معنى القرآن, فما الذي سيفهمه الناس ياتُرى؟! والإمام هو حقيقة القرآن ومعلّم القرآن، فما الذي سنجنيه من قرآنٍ بلا إمامٍ ولا معلّمٍ مدركٍ محيطٍ به؟! والقرآن بدون إمامٍ هادٍ لا قيمة له البتّة؛ إذ إن الدين قائم على أساس البصيرة والعمل، فكيف يمكن للإنسان أن يعمل بالقرآن من دون إمام؟ وهذا تماماً كوصفة دواء تأخذها من طبيب، فيُشخّص من خلالها كلّ واحد دواءً خاصّاً بحسب ذوقه وهواه، وهذا هو عين الهلاك والفَناء.
قال النبيّ صلّى الله عليه وآله:
«إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُا لثَّقَلَينِ (أمرين نفيسين وثمينين) : كِتَابَ اللهِ وعِتْرَتِي، ولَنْ‏يَفْتَرِقَا حتّى يَرِدَا عليّ الحَوْضَ».[20]
فالإمام والقرآن لا ينفكّان عن بعضهما من الأساس، ومَن قال: كَفَانَا كِتَابَ اللهِ، لم يرم ِإلا إلى نفي كتاب الله ونقضه، لا إلى الأخذ به؛ لأنّ كتاب الله بدون إمام ليس كتاب الله، بل كتاب آراء وأهواء وتأويلات شخصيّة. أَوَلم يكن الحجّاج بن يوسف الثقفيّ الذي سوّدت جناياته صفحات التاريخ يقرأ كتاب الله؟! أَوَلم يكن يُطبّقه على نفسه ويعتبر نفسه وليّاً للأمر؟! إنّ الإمام روح القرآن وحياته وحقيقته، والقرآن بلا إمام كالجسد بلا روح، وكالقربة اليابسة بلا ماء.
يقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:
«أنَا وعليّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وسَائِرُ النَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتَّى».[21]
ويقول أمير المؤمنين عليه ‏السلام:
«وَأنَا مِنْ رَسُول ِاللهِ صلّى اللهُ عليه وآلِهِ كَالصِّنْوِ مِنَ الصِّنْوِ والذِّرَاعِ مِنَ العَضُدِ».[22]
نعم، كان الذين حملوا لواء الخلاف عليه من عبدة الأصنام ومشركي الجاهليّة الذين ظهروا بهذا الشكل والمظهر، والذين رأوا أنّ حكومتهم ورئاستهم لن تتحقّق إلاّ في ظلّ الإسلام، وأنّ جرائمهم لن تتمّ إلاّ من خلال التلبّس بلباس الإسلام.
قال رسول صلّى الله عليه وآله:
«يَا عليّ! أنَا قَاتَلْتُهُمْ على التَّنْزِيلِ (وظاهر القرآن) وأنْتَ تُقَاتِلُهُمْ على التَّأوِيل (وحقيقة القرآن وباطنه)».[23]
وعليه فقد كانت في الواقع حروب أمير المؤمنين عليه السلام في الجمل وصفّين والنهروان امتداداً لحروب رسول الله وغزواته في بدرٍ وحُنين وأُحد والأحزاب؛ لأنّ قتال كلّ منهما كان لأجل الدعوة إلى القرآن والتوحيد، بينما كان قتال المعاندين لأجل مواجهة القرآن والتوحيد. وقد أعلن معاوية بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام جِهاراً من فوق المنبر أن: «أيّها الناس! إِنِّي واللَّهِ مَا قَاتَلْتُكُمْ لِتُصَلُّوا ولا لِتَصُومُوا ولا لِتَحِجُّوا ولا لِتُزَكُّوا، إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُون َذَلِكَ، ولَكِنِّي قَاتَلْتُكُمْ لأَتَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ ذَلِكَ».[24]


[1] ـ سورة الإسراء (17)، الآية 82.

[2] ـ سورة البقرة (2)، الآية 185.

[3] ـ سورة الطارق (86)، الآيتان 13 و14.

[4] ـ سورة الإسراء (17)، الآيتان 45 و46.

[5] ـ سورة الروم (30)، الآية 7.

[6] ـ سورة يونس (10)، الآيتان 15 و16.

[7] ـ سورة الحاقّة (69)، الآيات 38 إلى 48.

[8] ـ سورة الأنفال (8)، الآية 2.

[9] ـ سورة التوبة (9)، الآيتان 124 و125.

[10] ـ سورة الصفّ (61)، الآية 8.

[11] ـ سورة فصّلت (41)، ذيل الآية 41 والآية 42.

[12] ـ سورة الحجر (15)، الآية 9.

[13] ـ سورة الإنسان (76)،الآية 5.

[14] ـ سورة الإنسان (76)،الآية 22.

[15] ـ سورة المائدة (5)،الآية 55.

[16] ـ سورة المائدة (5)، جزء من الآية 3.

[17] ـ سورة النساء (4)، جزء من الآية 59.

[18] ـ الكافي، ج 8، ص 53.

[19] ـ بحار الأنوار، ج 31، ص 197.

[20] ـ غاية المرام، ص 211، وقد ورد بهذا المعنى 39 حديثاً عن العامّة و82 حديثاً عن الخاصّة.* * ـ [ينقل أحمد بن حنبل هذا الحديث عن زيد بن ثابت بطريقَين صحيحَين، الأوّل في بداية ص 182، والثاني في نهاية ص 189 من الجزء الخامس من مسنده، لكنّ عبارته وردت كالآتي: قَالَ النَبِّيُّ: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللهِ وأهْلَ بَيْتِي، وإنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حتى يَرِدَا عليّ الحَوْض. ويقول السيوطيّ في تفسير الدرّ المنثور ج 6، ص 7: وأخرج الترمذيّ وحسّنه وابن الأنباريّ في المصاحف عن زيدبن أرقم رضي الله عنه قال: قَال َرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ‏ وسَلَّمَ: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، أحَدُهُمَا أعْظَمُ مِنَ الآخَرِ: كِتَابُ اللهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إلى الأرْضِ، وعِتْرَتِي أهْلُ بَيْتِي، ولَنْ يَفْتَرِقَا حتى يَرِدَا عليّ الحَوْضَ؛ فَانْظُرُوا كَيْفَ تُخْلِفُونِي فِيهِمَا. ( المعلّق)]

[21] ـ ينابيع المودّة، ص 235، طبعة إسلامبول، وفيص 256 نقلاً عن كتاب مودّة القربى بصورتين، ويقول في ص 179 من نفس ينابيع المودّة، طبعة إسلامبول: أنَا وعليّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ والنَّاسُ مِنْ أشْجَارٍ شَتَّى. ويروي فيص 256، عن كتاب مودّة القربى: عن ابن عبّاس رضي الله عنه رفعه: خُلِقْتُ أنَا وعليّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ والنَّاسُ مِنْ أشْجَارٍ شَتَّى. وفي رواية عنه: خَلَقَ الأنْبِيَاءَ مِنْ أشْجَارٍ شَتَّى وخَلَقَنِي وعَلِيَّاً مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأنَا أصْلُهَا وعليّ فَرْعُهَا والحَسَنُ والحُسَيْنُ أثْمَارُهَا، وأشْيَاعُنَا أَوَرَاقُهَا. فَمَنْ تَعَلَّقَ بِهَا [بِغُصنٍ مِن أَغصانِها] نَجَا، ومَنْ زَاغَ عَنْهَا هَوَى.

[22] ـ نهج البلاغة، ج 3، ص 73، الرسالة 45.

[23] ـ وتوجد في هذا الشأن روايات مستفيضة تمّ نقلها في بحار الأنوار ج 8، ص 455 و456 عن كتب معتبرة، وأورده في غاية المرام عن طريق العامّة عن موفّق بن أحمد الخوارزميّ ص 33 تحت العنوان العاشر ضمن حديث طويل. ويقول العلّامة الأمينيّ في الغدير ج 7، هامش ص 131: وبهذا عرّف النبيّ صلّى الله عليه وآله مولانا أمير المؤمنين بقوله: إنَّ فِيكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ على تَأوِيلِ القُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ على تَنْزِيلِهِ! فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: أنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: لا ! قَال َعُمَرُ: أنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟قَالَ: لا! وَلَكِنْ خَاصِفَ النَّعْلِ، وكَانَ قَدْ أعْطَى عَلِيَّاً نَعْلَهُ يَخْصِفُهَا.أخرجه جمعٌ من الحفّاظ، وصحّحه الحاكم والذهبيّ والهيثميّ كما يأتي تفصيله؛ انتهى. [وقد وردت هذه الرواية في المجامع الحديثيّة بطرق وألفاظ مختلفة لكن المعنى فيها واحد: بحار الأنوار، ج 29، ص 441: أنا أُقاتِلُ على التنزِيلِ وعَلِيٌّ يُقاتِلُ عَلى التأويلِ. بحار الأنوار، ج 28، ص 45: تُقاتِلُ عَلَى التأوِيلِ كَمَا قاتَلتُ عَلَى التنزيلِ. بحار الأنوار، ج 32، ص 299: أنا أُقاتِلُ على التنزِيلِ وعَلِيٌّ يُقاتِلُ عَلى التأويلِ. بحار الأنوار، ج 36، ص 316: يُقاتِلُ بَعدي عَلَى التأوِيلِ كَمَا قاتَلتُ عَلَى التنزيلِ. بحار الأنوار، ج 39، ص 93: أَنا صَاحِبُ التنزيلِ وأنتَ صاحِبُ التأويلِ. (أنا أقاتل هؤلاء المشركين على أصل الاعتقاد بالقرآن، وأنت تُقاتلهم على الاعتقاد بأهدافه ومراميه!) ـــ المعلّق ـــ].

[24] ـ بحار الأنوار، ج 44، ص 48.

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی